الخطية نجاسة واضحة وإن كان الخطاة يلوثون أعضائهم بين جدران صامتة لا تتكلم، وفي ظلام الليل بعيداً عن عيون الناس، إلاَّ أنَّ جباههم التي تلوّثت بالخطية تتكلم وتخبر بكل ما يفعلونه في الخفاء، لأنَّ الحياة النجسة من الداخل، تظهرها لغة الشفاه وحركة العيون من الخارج " لُغَتَكَ تُظْهِرُكَ! " (مت73:26)، وكما يقول الكتاب: " فَلَيْسَ مَكْتُومٌ لَنْ يُسْتَعْلَنَ وَلاَ خَفِيٌّ لَنْ يُعْرَفَ " (لو2:12).
وليس الله والناس هم الذين يرون أنّ الخطية نجاسة، بل حتى النفس تراها أيضاً هكذا، ولنا في حياة داوود النبيّ مثل يؤكد ذلك، إذ بعدما استيقظ من سقطته وتأمل في ثوبه فرآه ملطخاً بأوزار الخطية، صرخ لوقته مشمئزاً من نفسه، ونادي الرب قائلاً: " طَهِّرْنِي بِالزُوّفَا فَأَطْهُرَ، اغْسِلْنِي فَأَبْيَضَّ أَكْثَرَ مِنَ الثَّلْجِ " (مز50).
وهكذا فعل إشعياء النبيَّ، عندما ظهرت أمامه صورة حياته القذرة، بإزاء قداسة الله، إذ صرخ قائلاً: " وَيْلٌ لِي! إِنِّي هَلَكْتُ لأَنِّي إِنْسَانٌ نَجِسُ الشَّفَتَيْنِ " (إش5:6).