قالوا عن ديوسقوروس إنه فرعوني عنيد ولكننا نقول:إن هناك فارقا واسعا بين عناد وعناد.فثمت عناد في الحق,فهو عناد مقدس لأنه من أجل الله,ومن أجل الفضيلة,ولذلك فهو عناد فضيلة مقدسة...
لكن ثمت عنادا آخر من أجل الذات...إن صاحبه يصر علي أقواله,ويدافع عن تصرفاته علي الرغم من أنه يعلم أنه علي ضلال,يبصره الناس بالحق,فلا يتراجع ولا ينثني...إن صاحب هذا النوع من العناد شرير متكبر...وكبرياؤه واضحة في أنه لا يشاء أن يتعرف بخطئه علي الرغم من اقتناعه الباطني بضلاله وفساد رأيه...وقد يبرر لنفسه هذا العناد الشرير بأنه ذو مركز أو منصب أو مكانة اجتماعية لا تسمح له بأن يتراجع أو يتنازل عن مقاله أو موقفه...وقد لا يكون لهذا الإنسان مكانة كما يتوهم,لكنه تحت شعوره بقيمة ذاته,وبسبب غروره,يضحي بالحق والحقيقة وبحكم الله وبرأي الناس في سبيل توكيد ذاته...فلا يتراجع ولا ينثني...وهذا شر مستطير فقد قالوا بالصواب إن الرجوع إلي الحق فضيلة) وقال الوحي الإلهي:إن الطاعة خير من الذبيحة,والإصغاء أفضل من شحم الكباش.لأن التمرد كخطيئة العرافة,والعناد كالوثن والترافيم (.1صموئيل15:23,22).وقال الرب عن بني إسرائيل:فلم يسمعوا,ولم يميلوا مسامعهم بل سلكوا كل واحد في عناد قلبه الشرير... (أرميا11:8),(7:24),(9:14),(16:12),(18:12),(23:17 ),(3:17).
القديس ديوسقوروس,فقد كان عناده لا من أجل نفسه,بل من أجل الحق...من أجل العقيدة...لقد كان من الأنسب لراحة جسده أن يميل مع الريح,وأن لا يقاوم,أو علي الأقل أن لا يعارض...فيجنب نفسه المتاعب...ولكنه كان يجد في أعماقه نداء...صوتا قويا يكلمه في هيبة وجلال...أن يشهد للحق,وأن لا يتنازل عن مقالة الحق,وأن يكون صوت الصارخ في البرية:أعدوا طريق الرب,مهدوا سبله.