منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 25 - 04 - 2025, 04:01 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,317,115

قدرة الله ونعمة محبته إلى نفوسنا المضطّربة


"فانفتحت أعينهما وعرفاه فإذا هو قد توارى عنهما" نرى أنه عندما كان يسوع يظهر نفسه لتلاميذه كان يختتم نهاية ظهوره بكسر الخبز وهذا ما بدا ظاهراً في الأناجيل وخاصة في ظهوره لتلميذيّ عمّاوس حيث أخذ الخبز وباركه وأعطاهما عند ذلك عرفاه. ان تكثير الخبز الذي يرمز إلى الإفخارستيا في إنجيل يوحنا (يو6) حيث أخذ يسوع الأرغفة الخمسة والسمكتين وشكر ووّزعهما على الشعب. وعلى شاطئ بحيرة طبريّة طلب يسوع إلى تلاميذه قائلاً:"هاتوا من ذلك السمك الذي أصبتموه الآن"(يو21/10)، ثمّ أخذ يسوع الخبز وناولهم وفعل مثل ذلك في السمك"(يو21/13). كل هذه الأمثلة الثلاثة تحمل جميعها مضموناً إفخارستياً الذي هو إحتفال بعطيّة الله الخلاصيّة للإنسان. لذلك تحتفل الكنيسة بهذا السّر بما تحقّق في التاريخ بقيامة يسوع من الموت. فالإفخارستيا هي المكان الذي تتمّ فيه معرفة يسوع المسيح، ليس اللاهوت ولا الفلسفة ما يكشف عبر النظريات عنه، يسوع هو نفسه يكشف عن ذاته على المائدة المقدّسة.

لهذه المائدة مكانة هامّة في العهد الجديد إذ تعني الملكوت والشراكة في حياة الوليمة، ولا يريد المسيح ان يبقى أحد خارج العرس وبعيداً عن هذه المائده. هذه الإفخارستيا تكّون الكنيسة وتعطي القوة للعيش في الجماعة وعدم وجود المسيح يبدّد المجتمعين ويحبط حياتهم ويفقدون كل مبادرة أخويّة إلى بعضهم البعض. فالإفخارستيا هي من أهم الأسرار التي تجعلنا نتّحد بالمسيح ونتحّول إليه ونشهد لقيامته فينا.

كانت الإفخارستيا في الكنيسة الأولى سّر الغفران والشفاء وهذا ما تحمله إلينا اليوم. فيسوع الذي شفى المرضى وغفر للخطاة أثناء حياته العلنيّة هو حاضر في الإفخارستيا بقوّة القائم من الموت. ففي الإفخارستيا نتّحد به من خلال التناول المقدّس حيث يأتي ويسكن في قلوبنا ويحوّلنا إليه فنصبح واحداً معه كما الكرمة والأغصان(يو15)، ويتمّ التعبير عن إيماننا من خلال هذه الصلاة:"أيها الرب يسوع المسيح لا يكن لي تناول جسدك ودمك دينونة لي وهلاكاً بل تعطّف واجعلها حماية لنفسي وعلاجاً لجسدي". كما كان الفصح عبور الشعب من العبودية إلى الحريّة هكذا الإفخارستيا هي العبور من عبودية القلق إلى يقين حرّ في الإيمان في حياة المسيح المستترة، والخروج من عبودّيات التكرار اليومي إلى حريّة يوم الرب وجدّته. فالذبيحة هي عملية إتحاد بالآخرين من خلال البعدين:البُعد الإلهي والبُعد الإنساني في أن معاً بمعنى أننا عندما نجتمع للإشتراك في الذبيحة الإلهيّة نعيش إختباراً مشتركاً للتحرّر من العبوديات المختلفة التي يرمز إليها العبور من مصر إلى أرض الميعاد، هذا العبور معاً يجعل من الجماعة المتضامنة شعب الله في حلّه وترحاله. ان رواية القديس يوحنا للعشاء الأخير تتضمن غسل الأرجل 13/1-17)، هي تعبّر عن روح الخدمة وما يتحقّق في الذبيحة هو ممارسة عمليّة حيث تتمّ الذبيحة ضمن المحبّة الأخويّة. فالقديس متى يؤكّد كملة يسوع:"إذا قدّمت قربانك وعلمت أن لأخيك ديناً، فاترك قربانك واذهب أولاً فصالح أخاك"(متى 5/23-24). لذا لا يمكن أن تكون هناك إفخارستيا إذا لم يكن هناك غفران ومصالحة. يسوع بعد قيامته من الموت جمع في شخصه الماضي والحاضر والمستقبل أي لم يعد هناك زمان ولا مكان وهذا ما يحدث في عيش الإفخارستيا الذي يجعلنا نتحرّر من الماضي ويجعلنا نعيش الحاضر ويوجهّنا نحو المستقبل.

لذلك لا شيئ يعوّض عن هذا العمل الإفخارستي أي عن حضور الذبيحة الإلهيّة في حياتنا التي هي تاريخ الخلاص مع الإنسان منذ القديم حتى اليوم. فكم من المسيحيين يختارون من الحياة المسيحيّة ما يناسب أهواءهم وتفكيرهم. هناك أناس لديهم (فتلة روحيّة) فيتذرّعون بأنهم لا حاجة لهم بأن يعترفوا للكاهن فيعترفون وحدهم لله. وهناك أناس لا يأتون إلى الكنيسة إلا إذا كانت الكنيسة خالية من المؤمنين لأن زحمة الناس تمنعهم من لقائهم بالله. ان كل هؤلاء أضحوا بحاجة ماسّة إلى نعمة الله لكي يصحّح تفكيرهم ويشفي إيمانهم وينمحهم إدراك نعمته.

فكلنا معرّضون بأن يكون لدينا كل المعلومات والبراهين الثابتة والكافية عن الله لكننّا قد نفتقد إلى معرفة سّره وهوّيته. هذا يمكن بأن نعيشه في الكثير من الأحيان ويعيشه أصحاب البدع والهرطقات الذين لا يعترفون بالأسرار وخاصة الإفخارستيا إذ أنهم يملكون كل المعلومات التاريخية عن الله للمجادلة لا للعيش لكنهم بعيدون كل البعد عن إدراك سرّه وهويته. وهذا ما عاشه كل من تلميذيّ عمّاوس اللذين كانا يدركان كل ما كان يتعلّق بيسوع الناصري، لكنهم لم يعرفاه إلاّ عند كسر الخبز. لذلك نحن مدعوون لأن ندرك أن الإفخارستيا أي (الذبيحة الإلهية) يجب أن تكون لنا بمثابة خطّ أحمر في حياتنا لا يمكن تجاوزه لأنه لا يمكن بأن يستعاض عنه.

فمن خلال إنجيل تلميذيّ عمّاوس نحن مدعوون لأن نؤمن بأن خيبات الأمل والإحباط والفشل يظلّ لنا بمثابة القناة التي تتسرّب فيها قدرة الله ونعمة محبته إلى نفوسنا المضطّربة. ان معرفتنا لله تبقى معرفة ناقصة ومبهمة إن لم تنطلق من الكتاب المقدّس، والإفخارستيا هي المكان الوحيد الذي تتمّ فيه معرفة الله وخلاصه حيث تحدث فيها كل التحّولات. يقول القديس بيو:"ان المسيحي الذي يدرك عظمة الذبيحة الإلهية في حياته لا يمكنه إلاّ أن يقسم حياته إلى قسمين: القسم الأول من حياته يصرفه في حضوره وعيش هذا السّر، والقسم الثاني يظلّ يشكر الله على عظمة هذا السّر الممنوح للانسان". يوم نشعر أن الرب بعيد وغائب عن عيوننا نحن مدعوون لأن نؤمن أنه يكون أقرب إلينا ممّا يمكننا تصوّره، هو يظهر في وسطنا ويسير معنا. فالعلّة تكمن في قصَر نظرنا عن رؤيته:"أما كان قلبنا يشتعل في صدرنا حين حدّثنا في الطريق ؟" ففي زمن الأزمات والمحن التي تعصف بنا اليوم ومهما اهتزّت قلوبنا وساورتنا الشكّوك والمخاوف ومهما ضعفنا وتردّدنا، نحن مدعوون لأن نؤمن بأن الله حاضر في وسطنا ويقود مسيرة حياتنا ويفتح قلوبنا للآية للإيمان به.
رد مع اقتباس
 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
محبة ونعمة الله ستغتني نفوسنا
بين الجهاد ونعمة الله
هاجر ونعمة الله
فلتسكن محبة ونعمة الله في قلوبنا
فبعمل قدرة الرب ومن فضل محبته يمنح،


الساعة الآن 04:27 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025