منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 24 - 04 - 2025, 11:27 AM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,317,127

إقامة ابنها الميت


إقامة ابنها الميت

18 وَكَبِرَ الْوَلَدُ. وَفِي ذَاتِ يَوْمٍ خَرَجَ إِلَى أَبِيهِ إِلَى الْحَصَّادِينَ، 19 وَقَالَ لأَبِيهِ: «رَأْسِي، رَأْسِي». فَقَالَ لِلْغُلاَمِ: «احْمِلْهُ إِلَى أُمِّهِ». 20 فَحَمَلَهُ وَأَتَى بِهِ إِلَى أُمِّهِ، فَجَلَسَ عَلَى رُكْبَتَيْهَا إِلَى الظُّهْرِ وَمَاتَ. 21 فَصَعِدَتْ وَأَضْجَعَتْهُ عَلَى سَرِيرِ رَجُلِ اللهِ، وَأَغْلَقَتْ عَلَيْهِ وَخَرَجَتْ. 22 وَنَادَتْ رَجُلَهَا وَقَالَتْ: «أَرْسِلْ لِي وَاحِدًا مِنَ الْغِلْمَانِ وَإِحْدَى الأُتُنِ فَأَجْرِيَ إِلَى رَجُلِ اللهِ وَأَرْجعَ». 23 فَقَالَ: «لِمَاذَا تَذْهَبِينَ إِلَيْهِ الْيَوْمَ؟ لاَ رَأْسُ شَهْرٍ وَلاَ سَبْتٌ». فَقَالَتْ: «سَلاَمٌ». 24 وَشَدَّتْ عَلَى الأَتَانِ، وَقَالَتْ لِغُلاَمِهَا: «سُقْ وَسِرْ وَلاَ تَتَعَوَّقْ لأَجْلِي فِي الرُّكُوبِ إِنْ لَمْ أَقُلْ لَكَ». 25 وَانْطَلَقَتْ حَتَّى جَاءَتْ إِلَى رَجُلِ اللهِ إِلَى جَبَلِ الْكَرْمَلِ. فَلَمَّا رَآهَا رَجُلُ اللهِ مِنْ بَعِيدٍ قَالَ لِجِيحْزِي غُلاَمِهِ: «هُوَذَا تِلْكَ الشُّونَمِيَّةُ. 26 اُرْكُضِ الآنَ لِلِقَائِهَا وَقُلْ لَهَا: أَسَلاَمٌ لَكِ؟ أَسَلاَمٌ لِزَوْجِكِ؟ أَسَلاَمٌ لِلْوَلَدِ؟» فَقَالَتْ: «سَلاَمٌ». 27 فَلَمَّا جَاءَتْ إِلَى رَجُلِ اللهِ إِلَى الْجَبَلِ أَمْسَكَتْ رِجْلَيْهِ. فَتَقَدَّمَ جِيحْزِي لِيَدْفَعَهَا، فَقَالَ رَجُلُ اللهِ: «دَعْهَا لأَنَّ نَفْسَهَا مُرَّةٌ فِيهَا وَالرَّبُّ كَتَمَ الأَمْرَ عَنِّي وَلَمْ يُخْبِرْنِي». 28 فَقَالَتْ: «هَلْ طَلَبْتُ ابْنًا مِنْ سَيِّدِي؟ أَلَمْ أَقُلْ لاَ تَخْدَعْنِي؟» 29 فَقَالَ لِجِيحْزِي: «أُشْدُدْ حَقَوَيْكَ وَخُذْ عُكَّازِي بِيَدِكَ وَانْطَلِقْ، وَإِذَا صَادَفْتَ أَحَدًا فَلاَ تُبَارِكْهُ، وَإِنْ بَارَكَكَ أَحَدٌ فَلاَ تُجِبْهُ. وَضَعْ عُكَّازِي عَلَى وَجْهِ الصَّبِيِّ». 30 فَقَالَتْ أُمُّ الصَّبِيِّ: «حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ، وَحَيَّةٌ هِيَ نَفْسُكَ، إِنِّي لاَ أَتْرُكُكَ». فَقَامَ وَتَبِعَهَا. 31 وَجَازَ جِيحْزِي قُدَّامَهُمَا وَوَضَعَ الْعُكَّازَ عَلَى وَجْهِ الصَّبِيِّ، فَلَمْ يَكُنْ صَوْتٌ وَلاَ مُصْغٍ. فَرَجَعَ لِلِقَائِهِ وَأَخْبَرَهُ قَائِلًا: «لَمْ يَنْتَبِهِ الصَّبِيُّ». 32 وَدَخَلَ أَلِيشَعُ الْبَيْتَ وَإِذَا بِالصَّبِيِّ مَيْتٌ وَمُضْطَجعٌ عَلَى سَرِيرِهِ. 33 فَدَخَلَ وَأَغْلَقَ الْبَابَ عَلَى نَفْسَيْهِمَا كِلَيْهِمَا، وَصَلَّى إِلَى الرَّبِّ. 34 ثُمَّ صَعِدَ وَاضْطَجَعَ فَوْقَ الصَّبِيِّ وَوَضَعَ فَمَهُ عَلَى فَمِهِ، وَعَيْنَيْهِ عَلَى عَيْنَيْهِ، وَيَدَيْهِ عَلَى يَدَيْهِ، وَتَمَدَّدَ عَلَيْهِ فَسَخُنَ جَسَدُ الْوَلَدِ. 35 ثُمَّ عَادَ وَتَمَشَّى فِي الْبَيْتِ تَارَةً إِلَى هُنَا وَتَارَةً إِلَى هُنَاكَ، وَصَعِدَ وَتَمَدَّدَ عَلَيْهِ فَعَطَسَ الصَّبِيُّ سَبْعَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ فَتَحَ الصَّبِيُّ عَيْنَيْهِ. 36 فَدَعَا جِيحْزِي وَقَالَ: «اُدْعُ هذِهِ الشُّونَمِيَّةَ» فَدَعَاهَا. وَلَمَّا دَخَلَتْ إِلَيْهِ قَالَ: «احْمِلِي ابْنَكِ». 37 فَأَتَتْ وَسَقَطَتْ عَلَى رِجْلَيْهِ وَسَجَدَتْ إِلَى الأَرْضِ، ثُمَّ حَمَلَتِ ابْنَهَا وَخَرَجَتْ.

وَكَبِرَ الْوَلَدُ. وَفِي ذَاتِ يَوْمٍ خَرَجَ إِلَى أَبِيهِ إِلَى الْحَصَّادِينَ. [18]
لا تزال تمتاز أرض شونم بالخصوبة. واضح هنا أن هذا الرجل كان غنيًا، لديه كثير من الخدم والحصادين.
وَقَالَ لأَبِيهِ: رَأْسِي، رَأْسِي.
فَقَالَ لِلْغُلاَمِ: احْمِلْهُ إِلَى أُمِّهِ. [19]
فَحَمَلَهُ وَأَتَى بِهِ إِلَى أُمِّهِ،
فَجَلَسَ عَلَى رُكْبَتَيْهَا إِلَى الظُّهْرِ وَمَاتَ. [20]
لم يكن موت ابن الشونمية علامة غضب الله عليها، وإنما لكي يتمجد الله في نبيِّه أليشع. كطلب النبي وهبها الله الابن، وبطلبته يردُّه إليها بعد موته. الله هو واهب الحياة، ومقيم الأموات.
v أراد الرب أن ينتصر عبدُه المختار، ويعظم اسمه بالعجائب التي تُصنَع.
أرسل الموتَ، فقطف الثمرة المحبوبة التي نمت، والكرمة العاقر التي تحمله لبست الحِداد.
وهبه وأخذه ليُظهِرَ قدرته العظيمة، لأن حياة العالم كله وموته موضوعان في يديه.
القديس مار يعقوب السروجي


بموت الصبي لم يتمجد الله فحسب، ولا نال أليشع كرامة في الرب فحسب، وإنما تزكَّت المرأة الشونمية، فظهر إيمانها بالله القادر أن يقيم من الأموات. عند موت ابنها لم تطلب تعزية من رجلها وأهل بيتها. ولا تسلَّل اليأسُ إلى قلبها، كما لم تفكر في تكفينه ودفنه، إنما حملته إلى سرير النبي، ووثقت في عمل الله خلاله.
v تدبير الله سام جدًا، ولا يوجد خطأ في أعماله الحكيمة.
كل (أعماله) تُذهل المميّزين، ولا تُدرَك إلا بمحبة الإيمان.
حتى عندما يأخذ الرب شيئًا من إنسانٍ، فكأنه ينال بالنسبة لمن يعرف أن يتأمل فيه.
عندما وهب ابنًا للعاقر كان ذلك موهبة، وحين أخذه أيضًا كان يتعامل بنعمته نفسها.
أراد أن يُعظِّم موهبته ويزيِّنها، لتصير محبوبة ونامية جدًا لدى آخذيها.
وهب ولدًا للمرأة العاقر ولكن فقدته، ثم عاد وأعطاها من الميت حيًا لكي تفرح به.
ضاعف هذه الموهبة المحبوبة التي أعطاها، ليكثر جمالها، ويُمدَح بها النبي العظيم.
وهبه القوة أن يُعطي أبناء للعواقر، وأضاف له أيضًا أن يُعِيدَ الموتى من الموت.
بنبوتِّه جعل البطن العاقر والهاوية يثمران، وأظهر قدرته بالحضنَين اللذين كانا مُقفريْن.
ولكي ينتصر جبروته (الله) في العالم كله، أمات الرب حينئذ ابن الشونمية.
نظر الله إلى إيمانها كم كان عظيمًا، وكانت تطلب منه دون ارتياب أن يُحيي الميتَ.
لهذا أخذ (الله) هذا المحبوبَ الذي سُلب، لتهتم أمه وتطلب حياة الموتى من المختار.
عرف بأنها لن تترك ذلك القديس حتى يقيمه، لهذا أخذه منها بالموت.
حكيم القلب أرسل الموتَ إلى العاقر، وجرَّد مسكنها الذي عرف الأمان بحبيبها (ابنها).
القديس مار يعقوب السروجي
v إننا نقتنع أن الموت ليس جزاء عقوبة، فالقديسون أيضًا يجتازونه، لا بل ورب القديسين نفسه يسوع المسيح، الذي هو حياتهم والقيامة من الأموات (اجتازه).

قوانين الرسل القديسين
فَصَعِدَتْ وَأَضْجَعَتْهُ عَلَى سَرِيرِ رَجُلِ الله

وَأَغْلَقَتْ عَلَيْهِ وَخَرَجَتْ. [21]
تصرُّف المرآة الحكيم يكشف عن الصلاة المقبولة لدى الله، حين نُلقِي بأمورنا بين يديه دون أن نسأل شيئًا معينًا، إنما نقبل إرادته المقدسة ومشيئته الحكيمة.
يرى القديس مار يعقوب السروجي أن المرأة الشونمية تطلعت إلى أليشع كرمزٍ للسيد المسيح، الأسد الخارج من سبط يهوذا، يزأر فيقتل الموت ويميته! لهذا دخلت بابنها إلى العلية كما إلى كنيسة المسيح، ووضعته على سرير النبي، وكأنها دخلت به إلى قبر المسيح. فالمعركة هي بين الأسد واهب الحياة والموت الذي لا يقدر أن يقف أمام واهب القيامة.
v مات حبيبها ولم تفتح قبرًا يدخل فيه، بل وضعته في العلية التي تُنبع الحياة.
عرفتْ من يحل في ذلك البيت، وكانت واثقة أنه سيأتي حالاً، وسيشرق الحياة.
وضعت الصبي في بيت أليشع، وأغلقت عليه، ليأتي النبي ويطرد الموت من خدره.
وضعت الجثمان على سرير الرجل الإلهي، ليأتي ويسحق الموت الذي سحق مضجعه.
أدخلت الميت إلى عرين الأسد، وأغلقت الباب، ليزأر على الموت ويطرده بسرعة.
القديس مار يعقوب السروجي


وَنَادَتْ رَجُلَهَا وَقَالَتْ:
أَرْسِلْ لِي وَاحِدًا مِنَ الْغِلْمَانِ وَإِحْدَى الأُتُنِ،
فَأَجْرِيَ إِلَى رَجُلِ الله وَأَرْجِعَ. [22]
وضعت ابنها على سرير النبي في العلية، وأغلقت عليه، كي لا يشعر رجلها وأهل بيتها والعاملون فيه بالأمر، فيرتبك الكل بسبب موته. كما أن تصرُّفها هكذا يكشف عن إيمانها بأن رجل الله بطلبته وهبها هذا الطفل وهي عاقر، حين كانت كمن في حالة موت تعجز تمامًا عن الحبل بطفلٍ. ذاك الذي بطلبته وهبها هذه الهدية، قادر أيضًا بطلبته أن يُقِيمَ الميت باسم الرب الحي.
من شونم إلى الكرمل مسافة نحو ست ساعات. وكان نادرًا ما تمشي سيدة من الطبقة النبيلة، إنما غالبًا ما تركب حمارًا أو خيلاً، وكان يجري وراءها خادم ومعه سوط أو عصا ليحث الحمار على السرعة. ربما أشار إلى ذلك سليمان في (سفر الجامعة 10: 7) بقوله: "قد رأيت عبيدًا على الخيل، ورؤساء ماشين على الأرض كعبيدٍ"
فَقَالَ: لِمَاذَا تَذْهَبِينَ إِلَيْهِ الْيَوْمَ؟
لاَ رَأْسُ شَهْرٍ وَلاَ سَبْتٌ.
فَقَالَتْ: سَلاَمٌ. [23]
في أيام الأعياد لا يقوم المؤمنون بأعمالهم اليومية، بل يُكرِّسونها للعبادة والخدمة، لذا يذهبون إلى بيت الرب ويقابلون أناس الله لممارسة أي عمل روحي (خر 20: 9-12؛ عا 8: 5).
واضح أنه بالرغم من انتشار عبادة الأوثان، كانت توجد بقية تمارس عبادة الرب وتحتفل بالأعياد، خاصة مع الأنبياء.
لم تتحدث مع رجلها، ربما لأنها كانت في عجلةٍ تود أن تُسرِعَ إلى رجل الله. ولعلها خشت أن يعوقها عن الذهاب إلى رجل الله، ما دام الابن قد مات.
ربما اعتاد الأنبياء في رأس الشهر وفي أيام السبوت أن يقيموا اجتماعات للشعب للتعليم. يصف عاموس النبي الطامعين هكذا: "قائلين متى يمضي رأس الشهر لنبيع قمحًا، والسبت لنعرض حنطة" (عا 8: 5)؛ أي يُفضِّلون أعمالهم اليومية عن حفظ الأيام المقدسة أو الاستماع لكلمة الله وتعاليم الأنبياء.
إن كانت المرأة الشونمية قد آمنت بيقين أن أليشع قادر بالرب أن يقيم ابنها، فقد اخفت الأمر عن رجلها حتى يبعث ابنها حيًا. لعلها أدركت أن رجلها يعاني من ضعف إيمان، فلم ترد أن تُرْبِكَه، أو خشت أن ينطق بكلمة تذمرٍ.
v وضعت الميت وسلكت طريقها إلى أليشع، ليأتي ويرد سبيًا أخذه الموت منها.
مضت لتدعو الطبيب الذي يعرف أن يحيي ميتًا، ليأتي ويشفي الصبي الميت ويقوم حيًّا.
بإيمانها أدركت كيف أن قوته قادرة، وطلبت منه ما يسهل عليه فعله مثل الجبار.
توجهت وصعدت إلى جبله لتأتي به، فينزل ويُصعد الميت من حفرة الموتى.
أخفت الذكية السرّ عن زوجها لئلا يتذمر، إلى أن يحيا الصبي، ثم تكشفه له.
القديس مار يعقوب السروجي
وَشَدَّتْ عَلَى الأَتَانِ،

وَقَالَتْ لِغُلاَمِهَا:
سُقْ وَسِرْ وَلاَ تَتَعَوَّقْ لأَجْلِي فِي الرُّكُوبِ إِنْ لَمْ أَقُلْ لَكَ. [24]
طلبت من الغلام أن يُسرع وهو يسوق الأتان دون أي اعتبار أنها تنزعج لسرعة الأتان.
وَانْطَلَقَتْ حَتَّى جَاءَتْ إِلَى رَجُلِ الله إِلَى جَبَلِ الْكَرْمَلِ.
فَلَمَّا رَآهَا رَجُلُ الله مِنْ بَعِيدٍ، قَالَ لِجِيحَزِي غُلاَمِهِ:
هُوَذَا تِلْكَ الشُّونَمِيَّةُ. [25]
اُرْكُضِ الآنَ لِلِقَائِهَا، وَقُلْ لَهَا:
أَسَلاَمٌ لَكِ؟ أَسَلاَمٌ لِزَوْجِكِ؟ أَسَلاَمٌ لِلْوَلَدِ؟
فَقَالَتْ: سَلاَمٌ. [26]
قولها لجيحزي "سلام"، يحمل معنى أنها في عجلة، والأمر خطير ليس لديها الوقت للكلام، بل تود اللقاء مع النبي سريعًا.
تكشف هذه الأسئلة الثلاثة عما في قلب أليشع النبي، ألا وهو سلام كل إنسانٍ!
بالرغم من أن أليشع هو الذي أرسل تلميذه جيحزي ليلتقي بها ويسألها، غير أنها أرادت أن تتحدث مع النبي مباشرة، فهو وحده يشاركها مشاعرها، وله القدرة بالله أن يُقدِّم لها المستحيلات.
كان الشرقيون يمارسون تحيات جرى العرف عليها. فمتى سألت إنسانًا عن صحة شخص تعرف أنه مريض؛ يجيب: "بخير، شكرًا لله"، حتى وإن أكمل الحديث، قائلاً بأنه قد انتقل.
أحد الأمثلة التي قدَّمها العلامة ترتليان[33] لتأكيد وحدة العهد القديم مع العهد الجديد هو أن وصية أليشع هنا تحمل رمزًا وتناغمًا مع وصية السيد المسيح لرسله عند إرساله لهم في الخدمة (لو 10: 4-9).


فَلَمَّا جَاءَتْ إِلَى رَجُلِ الله إِلَى الْجَبَلِ أَمْسَكَتْ رِجْلَيْهِ.
فَتَقَدَّمَ جِيحَزِي لِيَدْفَعَهَا.
فَقَالَ رَجُلُ الله: دَعْهَا لأَنَّ نَفْسَهَا مُرَّةٌ فِيهَا،
وَالرَّبُّ كَتَمَ الأَمْرَ عَنِّي، وَلَمْ يُخْبِرْنِي. [27]
ما كان يشغل جيحزي هو ألا تمسك المرأة رِجْلَي النبي، أما ما كان يشغل النبي فهو التطلُّع إلى مرارة نفسها وتقديم الخدمة، دون الاهتمام بالمظهر الخارجي.
بقوله: "والرب كتم الأمر عني، ولم يخبرني" واضح أن إخفاء الأمر عنه أمر استثنائي، وكأن الله اعتاد أن يكشف له كل شيءٍ، لكنه لحكمة إلهية لم يخبره بما في نفس المرأة.
"أمسكت رجليه": يحمل هذا التصرُّف نوعًا من التواضع مع تكريم النبي (مت 28: 9).
يُعَلِّق القديس إكليمنضس الروماني[34] على تصرُّف جيحزي هذا بأنه هكذا كان طابع الحياة بالنسبة لأليشع، حيث لا يُسمَح لامرأة غريبة أن يكون لديها دالة أن تمسك بقدميه.
v النبي أليشع وهو كائن بشري لم يسمح لتلميذه أن يرد اقتراب المرأة، قائلاً: "دعها لأن نفسها مرة"، ليشير فقط إلى أنه بسببٍ صالحٍ ومن حقها إذ هي في ضيقة. بالأولى الله لن يخذلك عندما تقترب وأنت مُر النفس، ولهذا طوَّب المسيح الحزانى، وأما الطائشين فأعطاهم الويل.
القديس يوحنا الذهبي الفم
v يُنتج الحزن الصراخ إلى الله، والتضرُّع بشدة العزم والهمَّة، ويجلب إليه استجابة الله وإغاثته. لأن أليشع النبي عندما رأى المرأة الشونمية تقترب إليه بغمٍ وحزنٍ شديدٍ، لم يترك خادمه يطردها، بل سمح لها بالدخول إليه، وقضَى أمرها [17]، ليُعرِّفنا أن الله لا يطرد الصارخين إليه في حزنهم.

وأنت أيها الأخ المسيحي عند حزنك لا تيأس، بل اُصرخ إلى الرب.
الأب أنسيمُس الأورشليمي
حديث القديس مار يعقوب السروجي يُلهِبُ القلب اشتياقًا نحو الالتصاق بالرب، فإن الرب يود أن يهب محبيه بصيرة مفتوحة، فلا يُخفي عنهم شيئًا، وإن أخفى أمرًا ما يكون ذلك لبنيان الشخص ومجده. كان أليشع مثل مُعَلِّمِه إيليا النبي يدرك حتى الأسرار السمائية، ليس من أمرٍ يُخفَى عنه إلا بسماح إلهي للبنيان.

لو لم يخفِ الله عن أليشع موت الصبي، لمنع أليشع موته، وكان الرب يستجيب طلبته. أخفى الأمر حتى يتمَّ موتُ الصبي، ويدخل النبي في معركة مع الموت، فينهزم الموت أمامه، ويتمجد الله في نبيِّه أليشع.
v لماذا إذًا يا تُرَى أخفى الرب موت الصبي عن أليشع، ولم يشعر به عندما مات؟
لو شعر، لكان قد منع الموت عنه، وبدعائه كان يزجره، فلا يقترب منه.
شعوره بالصبي وطرد الأذى منه ليس عظيمًا كما أقامه وأعطاه لأمه.
القديس مار يعقوب السروجي
فَقَالَتْ: هَلْ طَلَبْتُ ابْنًا مِنْ سَيِّدِي؟

أَلَمْ أَقُلْ: لاَ تَخْدَعْنِي؟ [28]
مرارة نفسها بموت هذا الابن الوحيد، عطية الله لها، أكثر من مرارتها حين كانت فارغة لا نسل لها.
لم يعلن الله لأليشع غاية زيارتها له، ولا تحدثت معه في هذا الأمر، إنما أشارت إلى طلبها بسؤالها: "هل طلبت ابنًا من سيدي؟ ألم أقل: لا تخدعني؟" ربما ظن أليشع من هذين السؤالين أن الابن يعاني من مرض خطير. لكن بهذه العبارة المُختصَرة أدرك النبي أن الولد قد مات.
فَقَالَ لِجِيحَزِي:
أُشْدُدْ حَقَوَيْكَ وَخُذْ عُكَّازِي بِيَدِكَ وَانْطَلِقْ،
وَإِذَا صَادَفْتَ أَحَدًا، فَلاَ تُبَارِكْهُ،
وَإِنْ بَارَكَكَ أَحَدٌ، فَلاَ تُجِبْهُ.
وَضَعْ عُكَّازِي عَلَى وَجْهِ الصَّبِيِّ. [29]
كانت وصية أليشع النبي لتلميذه جيحزي، أن يسرع ليعمل ما هو للرب، وطلب منه ألا يبارك أحدًا في الطريق، ولا يرد على من يباركه. فيليق بالخادم أن يُقدِّس كل وقته للشهادة لإنجيل المسيح ما استطاع.
طلب أليشع النبي أن يستخدم تلميذه العكاز، ولعله شعر بأن عكازه يحمل قوة كما حملت عصا موسى ورداء إيليا. لكن الله لم يرد أن يستعملها.
v يستخدم (الرهبان العصا) متشبهين بأليشع النبي (2 مل 4 : 29)، أما مفهومها الروحي فهو أنه لا يليق بالراهب أن يسير غير مُسلَّح بين كلاب الخطايا التي تنبح والوحوش الروحية في الشر غير المنظورة، هذه التي أراد داود الطوباوي أن يتخلَّص منها، قائلاً: [لا تُسَلِّمْ يا رب للوحش النفس التي اتكلتْ عليك] (مز 74 : 19). عندما تهاجمه يلزمه أن يضربها بعلامة الصليب ويطردها بعيدًا. وعندما تثور بعنف ضده يُبدِّدها بمصالحته الدائمة باحتماله آلام الرب وإتباعه مثال حياة الإماتة
القديس يوحنا كاسيان
يرى القديس أغسطينوس أن أليشع أعطى خادمه عصا، وطلب منه أن يذهب إلى الابن الميت، لكن العصا لم تستطع أن تهبه الحياة. هذه العصا هي الناموس الذي بعث به الرب عن طريق خدامه، لكن الصبي لن يقوم إلا بمجيء ربنا يسوع نفسه[39]. انطلاق جيحزي ومعه عصا أليشع يشير إلى عمل الناموس العاجز عن الإقامة من الأموات، وانطلاق أليشع يشير إلى عمل السيد المسيح واهب النعمة، والقادر وحده على الإقامة من الأموات.

v أُرسل الناموس ولم يحيا، ومع هذا إذ أرسل عصاه بواسطة الخادم، والذي تبعه بنفسه، ووهبه الحياة... الناموس بواسطة خادمه والرحمة بواسطته هو نفسه.
الناموس كما لو كان في العصا التي أرسلها أليشع لإقامة ابن الأرملة، وقد فشلت في إقامته. "لأنه لو أُعطي ناموس قادر أن يحيي، لكان بالحقيقة البرّ بالناموس" (غل 3: 21)، أما الرحمة فكما لو كانت في أليشع نفسه الذي يحمل رمز المسيح، بإعطائه الحياة للموتى. ارتبط هذا المعنى بالسرّ العظيم الذي للعهد الجديد.
القديس أغسطينوس
ويُعلِّق القديس أمبروسيوس على هذه الوصيَّة بأن السيِّد لم يمنعنا من تحيَّة السلام، إنما من تقديمها في الطريق، بمعنى ألا تكون مُعطِّلة للعمل، وذلك كما أمر أليشع النبي خادمه [29] لكي يُسرع ويتمِّم الأمر، [المُراد بهذا الأمر لا منع السلام، بل إزالة العقبات. السلام عادة جميلة، لكن إتمام الأعمال الإلهيَّة أجمل، وهي تستلزم السرعة، تأخيرها غالبًا ما يجلب عدم الرضا.]

v لاحظوا أنه لم يُقل فقط: "لا تُسلِّموا على أحدٍ"، وإنما بقوله "في الطريق" (لو 10: 4) لا تحمل عدم الاهتمام بالشخص.
عندما أرسل أليشع خادمه ليضع عصاه على جسم الصبي الميت، أمره أيضًا ألا يُسَلَّم على أحد يلتقي به [29]. أمره أن يُسرِعَ في الذهاب، ليُتمِّم رسالة الكرازة بالقيامة، لئلا ينحرف عن عمله بالدخول في حوارٍ مع أحدٍ في الطريق.
لم ينزع الغيرة في تقديم التحية، إنما يطلب إزالة العقبة في ممارسة التقوى.
متى أعطيت وصايا إلهية تتنازل إلى حين عن قليل من الالتزامات البشرية.
القديس أمبروسيوس
v المرأة المُحِبَّة قالت لرجل الروح هذه الأمور، وبطلبها أجبرته ليعمل حسب إرادتها.

أرسل جيحزي، وأعطاه عصا كما قلنا، وأمر الخادم بأن يسكت ولا يتكلم في الطريق.
قال له: لو التقى بك رجل في الطريق، لا تُبَاركه، ولو باركك لا تردّ عليه.
هذا ما قاله أيضًا ربنا لتلاميذه: لا يُسَلِّموا أبدًا على أحدٍ في الطريق.
العبارتان إذًا قيلتا بروح واحدٍ، لأن ربنا وهب الأنبياء روحًا منه.
القديس مار يعقوب السروجي
فَقَالَتْ أُمُّ الصَّبِيِّ: حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ، وَحَيَّةٌ هِيَ نَفْسُكَ، إِنِّي لاَ أَتْرُكُكَ.

فَقَامَ وَتَبِعَهَا. [30]
استخدمت المرأة نفس لغة النبي، فقولها له: "حي هو الرب، وحية هي نفسك" نفس الكلمات التي نطق بها النبي عندما رفض أن يترك إيليا (2 مل 2: 2، 4، 6).


وَجَازَ جِيحَزِي قُدَّامَهُمَا، وَوَضَعَ الْعُكَّازَ عَلَى وَجْهِ الصَّبِيِّ،
فَلَمْ يَكُنْ صَوْتٌ وَلاَ مُصْغٍ.
فَرَجَعَ لِلِقَائِهِ وَأَخْبَرَهُ، قَائِلاً: لَمْ يَنْتَبِهِ الصَّبِيُّ. [31]
لم يكن ممكنًا لعصا أليشع أن تُقيمَ الصبي، إذ تُشْبِه الناموس. فإن كلاهما –العصا والناموس– غير قادرين أن يُخلِّصا البشرية بدون كلمة الله المتجسد.
تُشير عصا أليشع النبي إلى تابوت العهد أو الحضرة الإلهية، كما إلى صليب ربنا يسوع المسيح. أمام تابوت العهد انشق نهر الأردن وعبر الكهنة مع الشعب إلى أرض الموعد. بينما حين حمله الكهنة الأشرار مثل ابني عالي الكاهن، انهزم الشعب واستولى الوثنيون على تابوت العهد. هكذا بالنسبة لاسم المسيح أو لصليب المسيح. فباسم المسيح وبقوة صليبه صنع التلاميذ آيات وعجائب، بينما عندما استخدم أبناء سكاوا اسم يسوع لطرد الشياطين هاجمتهم الشياطين وغلبتهم (أع 19: 14). هكذا لم ينتفع جيحزي شيئًا بعصا أليشع، لم يكن الضعف في العصا، إنما في حاملها الذي كان فارغًا من نعمة الله.
v أخذ العصا واجتاز أمامه كما أمره، فوصل إلى الميت، ووضع العصا عليه كما قال له.
لم يتحرَّك الموتُ ويهرب من التلميذ، ولم يترك الجثة وينتقل، لأنها كانت مغلقة.
لم تكن للعصا الضعيفة القوة لتحيي الميت، بل كان حاملها فارغًا ومجردًا من الأعجوبة.
تابوت العهد الذي شطَر البحر، وحطَّم السور، وصنع القوات على يديّ يشوع الكاهن العظيم.
من جهة ثانية سُبيَ سبيًا، وقُتل شعبه، وأُذل مع المسبيين.
لم ينتصر بأيدي كهنة طماعين حملوه، وهكذا لم تشتهر العصا بيديّ جيحزي.
حمل الضعيف عصا قوية ولم يصنع بها آية، كالتابوت الذي لم ينتصر بالطماعين الذين حملوه.
القديس مار يعقوب السروجي
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
إقامة لعازر: هلم خارجًا. فخرج الميت
كى تصنع من ابنها رجل
لكل بنت لسه فى بيت ابوها ..
ابنها البكر
فقط بالفيديو..مؤثر لحظة معرفة ام الشهيد ابانوب مقتل ابنها و تنهار أمام جثة ابنها


الساعة الآن 09:38 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025