إن الله خلق فينا حب الاستطلاع والميل إلى الحل والتركيب كوسيلة للتعرف على الحياة التي حولنا .. وهذه الميول تكون على أشدها عند الطفل الحديث العهد بدنياه ، فيندفع بطريقة فطرية لا شعورية للتعرُف على ما حوله، فيقلد الغير فيما يعملون، ويُجرب ويستكشف ويسأل من حوله من الكبار، وكل ذلك بهدف الشعور بالأمن والطمأنينة في عالم جديد لم يعهده من قبل
أول ما يعلمه الطفل في دنياه هو الأشياء المادية المحسوسة، فيلمسها ويفحصها ويفكها إن أمكن له ذلك، أو يقسمها إلى أجزاء ليتعرف عليها .. أو قد يقذف بها في الأرض بهدف التعرف على ما قد يحدث لها
وبذلك، فالطفل في أثناء تجاربه مع ما حوله من المحسوسات قد يتلفها أو يخربها، وهو بذلك لا يقصد التخريب ولكنه يقصد التجريب.. وهذا التعرُف يشكل شخصيته وينميها، وهو يجد لذة وسعادة من اكتشافاته . وهذا في الواقع ضروري لنمو شخصية الطفل، وليس ميولاً شريرة كما قد يظن البعض
كثيراً ما يعاقب الآباء والمربُون الأطفال على عبثهم أو تخربيهم لما حولهم، مما يجعل الطفل يشعر بالدهشة لعقابه على نشاطه، وينهي به الأمر إلى الشعور بأنه يعيش في عالم ظالم، يعاقبه على الأعمال التي يسمد منها اللذة وربطه بالعالم الخارجي الذي يحيط به . فيؤدي العقاب إلى حذر الطفل عند ممارسته دوافع ونزعات حب الاستطلاع، مما يؤدي به إلى الرعونة والتستر، فيُتلف ما يفحصه أو يكسره بأسرع مما كان قد يحدث لو أنه فحصه وهو ليس خائفاً.. كما أنه يلجأ إلى الكذب إذا سُؤل عما عبث به
لذلك يجب على الآباء إعطاء طفلهم فرصا للتعرف على ما حوله تحت إشرافهم، بحيث لا يضر الطفل بنفسه، أو يتلف ما يحرص الأهل على حمايته. هذا، كما يجب أن يمد الطفل باللعب التي يمكنه أن يقوم بحلها وتركيبها، ولا نغضب إذا أتلفها