|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
* هذا هو جوهر المسيحيَّة: الإعلان عن شخص ربّنا يسوع - الحب الباذل - وقبوله فردوسًا للنفس، لهذا نادى قائلًا: "إن عطش أحد فليأتِ إليَّ ويشرب"، "من يرد فليأت ومن يعطش فليأخذ ماء حياة مجانًا". وهكذا إذ تحتاج النفس إلى معرفة الطريق، تسلك وسط تيّارات العالم الجارفة وشهوات الجسد المضلِّلة، ترى حبيبها يقدّم نفسه سلّمًا تصعد به إلى السماء موطنها النهائي، فيناجيها: "أنا هو الطريق والحق" (يو 14: 6). وإذ تحتاج إلى قوت يسندها، به تنمو وتحيا، ترى في حبيبها كل الشبع ومصدر حياتها، يتوق أن تقبل أن تأكله وتحيا به، إذ يؤكِّد لها: "أنا هو خبز الحياة؛ من يُقبل إليَّ فلا يجوع؛ ومن يؤمن بي فلا يعطش أبدًا" (يو 6: 35). وإذ شعر بمباهج العالم وملذّاته وهمومه وأثقاله، وشهوات الجسد وانفعالاته، وحرب الشيطان وخداعاته، يعلن لها: "أنا هو القيامة والحياة؛ من آمن بي ولو مات فسيحيا" (يو 11: 25). وإذ تشعر بالعوز إلى قائد يسندها ويرعاها، يكشف لها: "أنا هو الراعي الصالح، والراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف" (يو 20: 11). وإذ تحس بفراغ في داخلها، تود صديقًا باذلًا غير مغرض، رقيقًا، طويل الأناة، وعريسًا يصغي إلى أسرارها، تناجيه ويناجيها، يقدّم لها نفسه صديقًا للخطاة والعشّارين، وعريسًا لمن يؤمنون به. هذا هو الفردوس الذي لا ينضب، ويفيض بغير حدود، يعطي شبعًا قدر ما نقبل، يترجّى الكل أن يقبلوه مستعطّفًا: "أنا واقف على الباب أقرع؛ إن فتح لي أحد أدخل وأتعشّى معه"، وإن لم يفتح لي، ألح مرّة ومرّات لعلّ قلبه يلين ويفتح لي، لأنّي أحبّه! جاء متجسّدًا، حتى يعيد إلى النفس سعادتها ويملأ جوانبها، وينزع القلق منها. يا نفسي المسكينة، ماذا تطلبين؟! إن أردت الحكمة تجدين يسوع مصدر الحكمة وينبوعها، بل هو الحكمة ذاته! وإن طلبت القوّة والقدرة، فهو القدير! إن بحثتِ عن اللذّة والسرور، فهو ينبوع الفرح الحقيقي! إن اشتقتِ إلى السكر، فمحبّته تسكر النفس! إن جُعتِ إلى الخبز، فهو خبز الحياة! وإن شغفتِ بالغني، فهو خالق الكل! وإن أردتِ الراحة، تجدين فيه وحده راحتك...! اقبليه فليس لك غيره من يشبعكِ. القديس أغسطينوس |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|