رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
في المجمع منذ بداية خدمة الرب «كان يسوع يطوف كل الجليل يعلّم في مجامعهم» (مت4: 23). لم يكن يكتفي بمكان واحد أو مكانين، بل في كل الجليل يكرز ببشارة الملكوت. وكان لدى كل فرد الفرصة ليسمعه. ماذا وجد الرب في هذه الأماكن؟ الشرعية، الأصول، المظهر الخارجي، وقبل كل شيء الشقاء الإنساني. في البداية كان المسيح ”ممجَّدًا من الجميع“ (لو4: 5)، لكن سرعان ما ظهر التناقض. بالرغم من العداوة والجفاوة التي قابلها الرب كثيرًا، كان لا يكل ولا يمل من دخول المجامع والتعليم فيها. وقال ذلك في نهاية حياته على الأرض: «أنا علّمت كل حين في المجمع» (يو18: 20). كانت أعماله تؤيد تعاليمه (مت9: 35). وبالرغم من وجود أمور معيبة - في نظر الله - في هذه المجامع، إلا أنه دخلها لإظهار نعمته، ولأن وجوده دائمًا سبب بركة للجميع. وفي كفرناحوم، يوم السبت، دخل الرب المجمع وكان يعلم كمن له سلطان وليس كالكتبة. وكان هناك رجل به روح نجس، صرخ قائلاً: ”آه“، ليعبِّر عن استيائه من وجود صاحب كل سلطان على الشياطين ”أتيت لتهلكنا؟“. وانتهره يسوع وخرج الروح النجس من الرجل محيرًا الجميع (مر1: 21-28). «ثم دخل أيضًا إلى المجمع» (مر3: 1)، ووجد رجلاً يده يابسة «فصاروا يراقبونه هل يشفيه في السبت، لكي يشتكوا عليه». لم يشفق أحد على الرجل المسكين، ولكن توترت الأعصاب لانتهاز الفرصة ليشتكوا على الرب الذي كان سيجعل من يد غير نافعة أداةً فعالة. وقام الرجل في الوسط كما أمره الرب وسأل يسوع بكل صراحة: «هل يحل في السبت فعل الخير أو فعل الشر؟ تخليص نفس أو قتل؟ فسكتوا». وعبّر مرقس، في كلمات قليلة، عن حزن الرب إزاء هذه القساوة «فنظر حوله إليهم بغضب، حزينًا على غلاظة قلوبهم». أثارت قساوة هؤلاء الخبثاء، الغضب الإلهي الذي سيسمى في يوم الدينونة ”غضب الخروف“ (رؤ6: 16). ومَدّ الرجل يده وبرأت، وتشاور الفريسيون مع الهيرودسيين ليهلكوه إذ كانوا يريدون البقاء على مبدإ الناموس، رافضين كل الرفض مبدأ النعمة. وعاد يسوع للناصرة حيث كان قد تربى «ودخل المجمع حسب عادته يوم السبت وقام ليقرأ» (لو4: 16). في البداية تعجَّب الجميع «من كلمات النعمة الخارجة من فمه»، وبعد ذلك (إلا إذا كان لوقا قد جمع في مكان واحد بين موقفين مختلفين) عندما تكلم الرب عن ذات النعمة التي امتدت في الماضي لتشمل أناسًا من الأمم «امتلأ غضبًا جميع الذين في المجمع حين سمعوا هذا»، وحاولوا دفعه من الجبل الذي كانت مدينتهم مبنية عليه «أما هو فجاز في وسطهم ومضى». كان من الممكن أن يترك نفسه ليُلقى من فوق الجبل دون الخوف من أدنى خطر يلحق به (مز91: 12)، لكنه مضى بكل هدوء، حاجبًا مجده الإلهي. ولم يستطع أن يصنع هناك معجزة واحدة ”لعدم إيمانهم“. ومع ذلك وفي نعمته الغنية «وضع يديه على كل واحد منهم (من السقماء بأمراض مختلفة) وشفاهم». وفي مجمع كفرناحوم ألقى يسوع عظة كبيرة عن خبز الحياة (يو6)، فهو نفسه هذا الخبز الحي النازل من السماء الواهب والضامن الحياة، الخبز الذي هو جسده ودمه اللذان يبذلهما لأجل حياة العالم. فماذا كان رد الفعل؟ «من هذا الوقت رجع كثيرون من تلاميذه إلى الوراء ولم يعودوا يمشون معه». سأل الرب بحزن الاثني عشر: «أ لعلكم أنتم أيضًا تريدون أن تمضوا؟ فأجابه سمعان بطرس: يا رب إلى من نذهب؟ كلام الحياة الأبدية عندك. ونحن قد آمنا وعرفنا أنك أنت المسيح ابن الله الحي». كانت إجابة بطرس فيما يبدو تحمل شعاعًا من الرضا بالذات. لذا أجابه يسوع: «أ ليس إني أنا اخترتكم»، وكان في خلفية هذا الاختيار تتراءى صورة يهوذا الإسخريوطي، الذي كان مزمعًا أن يسلمه. «وكان يعلّم في أحد المجامع في السبت. وإذا امرأة كان بها روح ضعف ثماني عشر سنة وكانت منحنية ولم تقدر أن تنتصب البتة» (لو13: 10- 11). لم تطلب المرأة شيئًا، ولم تبكِ أمامه، بل يُحتمل جدًا أنها لم ترَه من كثرة انحنائها. «فلما رآها يسوع، دعاها، ووضع عليه يديه، ففي الحال استقامت ومجّدت الله». أبصر قلب الرب هذه المرأة من بين جمع كثير غير مكترث البتة بها، بل ومليء بكل عداوة، حتى إن رئيس المجمع «اغتاظ لأن يسوع أبرأ في السبت»، وكشف الرب رياءه أمام الجمع: «هذه هي ابنة إبراهيم قد ربطها الشيطان ثماني عشر سنة. أما كان ينبغي أن تحل من هذا الرباط في يوم السبت؟». كم يوجد من مؤمنين اليوم مقيدين بقيود العادات والتقاليد وبروح الناموس، غير متمتعين بالحرية التي في المسيح، ولكن الرب ما زال قادرًا إلى اليوم على فك قيودهم وتحريرهم. «أخجل جميع الذين كانوا يعاندونه، وفرح كل الجمع». أما هو «اجتاز... يسافر نحو أورشليم» (ع 22). |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|