هل تناسب المسيحية كل الناس في كل العصور
لكن: هل تناسب المسيحية كل الناس في كل العصور وكل الشعوب؟ هل تناسب المتعلّم والجاهل؟ هل يستطيع جميع الناس في كل مكان أن يستوعبوا مبادئها؟
الحقيقة أنه حيثما يكون المسيح فهو السيد، يطالب الناس بالتضحية فيضحّون. إن دعوته خالية من التعصّب، تقود الناس إلى كل عمل صالح وعظيم، مهما تضمَّن من تضحية. قال نابليون:
طبيعة المسيح مملوءة بالأسرار، لكنها أسرار تقابل احتياجات الناس. ولو رفضْتَ المسيح لصار العالم لغزاً لا يُفهم، ولو آمنت به لوضح لك تاريخ جنسنا البشري بدرجة كافية.
ومنذ وقت المسيح لم يقدّم أحد - رغم كل ما بلغه الفكر الإنساني من تقدّم - فكراً واحداً أخلاقياً جديداً للعالم! ولا عجب فإن رسالة المسيح تتميَّز بثلاثة أشياء عظيمة، هي:
التوبة والثقة والمحبة، وهذه الثلاثة تجعل الرسالة مناسبة لكل عصر ومكان وعمر. ولقد جذبت المسيحية الملايين من أفضل مفكري الجنس البشري، ولم يمنع تقدّمُها تيارَ تقدّم البشرية وقد ظل شخص مؤسسها العامل المستمر في انتشارها وتقدمها. وكان ولاء أتباعه له وتعبّدهم لشخصه هما العامل القوي في وحدتهم رغم كل الظروف واختلاف الآراء. ولا عجب أن يقول دافيد ستراوس: سيبقى المسيح أعلى نموذج للديانة يمكن أن يصل إليه فكرنا، ولا يمكن أن يصل إنسان إلى التقوى بدون وجود المسيح في قلبه.
ويقول وليم تشاننج: إن حكماء التاريخ وأبطاله يخفت ضوؤهم شيئاً فشيئاً، وبمرور الزمن يتصاغر الحيّز الذي يشغلونه من التاريخ. أما يسوع المسيح فليس لمرور الزمن من أثر على اسمه أو أفعاله أو أقواله .
وقال عنه أرنست رينان: يسوع هو أعظم عبقري ديني عاش على الأرض. جماله خالد ومُلْكه لن ينتهي. إنه فريد من كل جهة، ولا يمكن مقارنته بشيء .. وكل التاريخ غير قابل للفهم بدون المسيح .
وقال رام: أن يقول النجار الجليلي إنه نور العالم، وأن يبقى هذا القول معتَرفاً به بعد هذه القرون الكثيرة، أمرٌ لا يمكن تفسيره إلا على أساس ألوهيت