رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
وحيّ من جهة بابل إذ تحدث النبي عن السيد المسيح وأمجاد عصره خشى أن يفهم البعض أن هذا الأمر يتم في عهده أو في المستقبل القريب لذلك تنبأ عن بابل وما سيحل بالشعب خلال السبي البابلي ثم العودة من السبي. قبل مجيء السيد المسيح تظهر مملكة بابل بكل عنفوانها لتتحطم، ويأتي المسيا ليملك ولا يكون لملكه نهاية. يتكرر الأمر بالنسبة لمجيئه الأخير حيث تظهر مملكة الدجال كمملكة بابل تُقاوم الكنيسة وتسود العالم لكنها تنهار ليأتي رب المجد على السحاب. بابل وغيرها من الأمم العنيفة إنما تُمثل المقاومة لله ولكنيسته... وقد جاء الوحي هنا يعلن أن كل القوى المُعادية لله ومسيحه وشعبه لن تدوم بل تنهار. وحي من جهة بابل: "وَحْيٌ مِنْ جِهَةِ بَابِلَ رَآهُ إِشَعْيَاءُ بْنُ آمُوصَ:" [1]. أراد النبي تأكيد أنه هو كاتب النبوة، تمتع بها من جهة بابل. أما تأكيده أنه هو الذي رآها فذلك لسببين: أ. إن كان إشعياء قد تنبأ بخصوص يهوذا وأورشليم لكنه يتحدث هنا عن مصير الأمم المجاورة مؤكدًا أن الله إله القديسين هو بعينه إله جميع الأمم. ب. لم يكن لبابل حسبان في ذلك الوقت، فكان يصعب على السامع أو القارئ أن يُصدق ما يقال عنها من هذه النبوات. جاءت كلمة "وحي" بالعبرية massâh وقد تُرجمت في الترجوم والفولجاتا والنسخة السريانية بمعنى "حمل" أو "ثقل burden"، ربما لأن النبي نفسه بسبب رقته كان يشعر بثقل شديد مرارة من جهة ما سيحل بهذه الأمم من متاعب وتأديبات إلهيه. فإن كانت هذه التأديبات عن استحقاق وستؤول في النهاية للخير لكن النبي كرجل الله لا يقف شامتًا بل متألمًا. بهذا الروح عاشت الكنيسة الأولى تؤدب لكن في حب وترفق لا تغلق باب التوبة أمام الخطاة حتى بالنسبة لمنكري الإيمان. وقد حسبت أمثال نوفاتيوس هراطقة من أجل قسوتهم على الخطاة. وكما يقول القديس أمبروسيوسفي رده عليه: [بهذا حكموا على فساد تعليمهم، إذ بإنكارهم سلطان الحل أنكروا سلطانهم للربط أيضًا... ماذا أقول أيضًا عن عجرفتهم المتزايدة؟ فإن إرادتهم تُناقض إرادة روح الرب الذي يميل إلى الرحمة لا إلى القسوة... إنهم يفعلون ما لا يريده. لأنه هو الديان ومن حقه أن يعاقب، نجده برحمته يعفو...! يجب أن نعرف أن الله إله رحمة، يميل إلى العفو لا إلى القسوة. لذلك قيل: "أُريد رحمة لا ذبيحة" (هو 6: 6)، فكيف يقبل الله تقدماتكم يا من تنكرون الرحمة، وقد قيل عن الله إنه لا يشاء موت الخاطئ مثل أن يرجع (حز 18: 32)؟]. يظن بعض الدارسين أن ما ورد عن بابل في الأصحاحين (13، 14) ليس من وضع إشعياء النبي، وحجتهم في ذلك: أ. أن بابل كانت مرتبطة بصداقة مع يهوذا (إش 39)، فكيف يعلن عن نبوة قاسية ضدها؟! ب. كانت بابل خاضعة لآشور في ضعف. ج. يبدو من الحديث أن إسرائيل كان مسبيًا لبابل أثناء إعلان النبوة. يُرد على ذلك بأن النبي كان يتحدث عن المستقبل بروح النبوة، فيُشير إلى تأديب إسرائيل بواسطة آشور ثم موقف بابل فيما بعد عندما تحطم آشور وتصير مملكة عظمى، وسبي الشعب ثم عودته، وأخيرًا مجيء المخلص عمانوئيل في ملء الزمان. يتكلم النبي عن المستقبل كحاضر يعيشه، وهذا أمر طبيعي اعتاده الأنبياء لتأكيد أن ما يعلنون عنه يتم تحقيقه بدقة. هذا ولا نتجاهل أن النبي الذي قدم تفاصيل دقيقة عن شخص السيد المسيح وحياته وعمله الخلاصي وسِمات عصره يستطيع أن يتنبأ عن قيام دولة بابل وسبي الشعب بواسطتها الأمر الذي تم بعد حوالي 100 عام من إعلان النبوة. وقد ردد إرميا النبي فيما بعد -أثناء العصر البابلي- ذات صرخات إشعياء . أخيرًا فإن حديث النبي عن الرجوع من السبي (إش 11) وتهديده بالسبي البابلي (إش 39) يدل على أن موضوع السبي البابلي لم يكن بعيدًا عن ذهن إشعياء النبي. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
لنفهم هنا الأشجار العقيمة تنمو على مياه بابل هذه الأشجار التي ترتوي بمياه بابل |
وحيّ من جهَة موآب |
يا تراب الأرض يا جدي وجدّ الناس طرا |
مُد لي يديك نخيط جراح الأيام معاً |
من وحيّ يوئيل 2 |