رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
12 وَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: «اصْعَدْ إِلَى جَبَلِ عَبَارِيمَ هذَا وَانْظُرِ الأَرْضَ الَّتِي أَعْطَيْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ. 13 وَمَتَى نَظَرْتَهَا، تُضَمُّ إِلَى قَوْمِكَ أَنْتَ أَيْضًا كَمَا ضُمَّ هَارُونُ أَخُوكَ. 14 لأَنَّكُمَا فِي بَرِّيَّةِ صِينَ، عِنْدَ مُخَاصَمَةِ الْجَمَاعَةِ، عَصَيْتُمَا قَوْلِي أَنْ تُقَدِّسَانِي بِالْمَاءِ أَمَامَ أَعْيُنِهِمْ». ذلِكَ مَاءُ مَرِيبَةِ قَادَشَ فِي بَرِّيَّةِ صِينَ. 15 فَكَلَّمَ مُوسَى الرَّبِّ قَائِلًا: 16 «لِيُوَكِّلِ الرَّبُّ إِلهُ أَرْوَاحِ جَمِيعِ الْبَشَرِ رَجُلًا عَلَى الْجَمَاعَةِ، 17 يَخْرُجُ أَمَامَهُمْ وَيَدْخُلُ أَمَامَهُمْ وَيُخْرِجُهُمْ وَيُدْخِلُهُمْ، لِكَيْلاَ تَكُونَ جَمَاعَةُ الرَّبِّ كَالْغَنَمِ الَّتِي لاَ رَاعِيَ لَهَا». 18 فَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: «خُذْ يَشُوعَ بْنَ نُونَ، رَجُلًا فِيهِ رُوحٌ، وَضَعْ يَدَكَ عَلَيْهِ، 19 وَأَوْقِفْهُ قُدَّامَ أَلِعَازَارَ الْكَاهِنِ وَقُدَّامَ كُلِّ الْجَمَاعَةِ، وَأَوْصِهِ أَمَامَ أَعْيُنِهِمْ. 20 وَاجْعَلْ مِنْ هَيْبَتِكَ عَلَيْهِ لِكَيْ يَسْمَعَ لَهُ كُلُّ جَمَاعَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، 21 فَيَقِفَ أَمَامَ أَلِعَازَارَ الْكَاهِنِ فَيَسْأَلُ لَهُ بِقَضَاءِ الأُورِيمِ أَمَامَ الرَّبِّ. حَسَبَ قَوْلِهِ يَخْرُجُونَ، وَحَسَبَ قَوْلِهِ يَدْخُلُونَ، هُوَ وَكُلُّ بَنِي إِسْرَائِيلَ مَعَهُ، كُلُّ الْجَمَاعَةِ». 22 فَفَعَلَ مُوسَى كَمَا أَمَرَهُ الرَّبُّ. أَخَذَ يَشُوعَ وَأَوْقَفَهُ قُدَّامَ أَلِعَازَارَ الْكَاهِنِ وَقُدَّامَ كُلِّ الْجَمَاعَةِ، 23 وَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَيْهِ وَأَوْصَاهُ كَمَا تَكَلَّمَ الرَّبُّ عَنْ يَدِ مُوسَى. شخصيّة موسى النبي تزداد بهاءًا ومجدًا مع كل يوم يعيشه في الخدمة حتى اللحظات الأخيرة التي فيها أسلم روحه في يدي الله. بين أيدينا دعوة من الله موجهة لهذا النبي العظيم ليصعد على جبال عباريم يلقي نظرة على أرض الموعد من بعيد ويُضَم إلى آبائه... وهنا تلألأت نفس هذا الجبار بتصرفه الحكيم المملوء روحانيّة والبعيد كل البعد عن روح الأنانية أو العجرفة... كانت كلمات الرب لموسى: "اصعد إلى جبل عباريم، وانظر الأرض التي أعطيت بني إسرائيل، ومتى نظرتها تُضَم إلى قومك أنت أيضًا كما ضُم هرون أخوك" [12، 13]. كانت دعوته أن يصعد إلى جبل عباريم، كما سبق فصعد هرون أخوه إلى جبل هور وهناك تنيَّح بسلام وفرح بعد أن خلع ثياب الكهنوت ليرتديها ابنه ألِعازار [عد 20]، هكذا يرتفع موسى النبي على جبل عباريم أي جبل العبور وهناك يرى مواعيد الله تتحقق فيرقد بسلام وفرح. وكما قلنا عن هرون أنه لم ينزل إلى الهاوية كقورح وجماعته بل صعد إلى جبل هور، هكذا صعد أيضًا موسى. فالموت بالنسبة له ارتفاع صعود وليس نزول وخسارة! وللعلامة أوريجينوس تعليق جميل: [انظر أولًا كيف أن الرجل الكامل والسيد لا يموت في وادي أو في سهل لا على تل بل على الجبل، أي على مكان مرتفع يصعب الوصول إليه. لأن نهاية حياته كانت لها المرتفعات كمسوح. هذا وهناك ينظر بعينيه أرض الموعد، يتمعن في كل شيء من مكان مرتفع بعيد. حقًا ينبغي للرجل الذي يريد أن يبلغ منتهى الكمال ألاَّ يظل جاهلًا (الأرض) بل يتعرف على كل الأشياء، يراها ويسمعها. عندما يدخل إلى عالم الروح ونقاوة الفكر يعود إلى الأمور التي تعرف عليها وهي في شكلها المادي أثناء وجوده في الجسد فيستمع إلى دروس الحكمة ويمكث في مدرستها ويدرك أسبابها ودواعيها بسرعة. أي منفعة أخرى له مثل أن يرى قبل رحيله من هذا العالم الأراضي والأماكن التي ليس له أن يتغلب على صعابها (إذ هو يستريح من التعب) دون أن يحصل على مزاياها (لأنه يتركها)!]. حقًا ما قد جاهد من أجله عشرات السنوات لينعم به هو وشعبه الآن يراه من بعيد لتستريح نفسه فيه! إنه يرى أرض الموعد من بعيد ويُضَم إلى قومه كهرون، فهو لا يراها لتبكيته وإنما لتفرح نفسه في داخله من أجل دخول شعبه إليها لهذا يُضَم إلى قومه أي إلى صفوف آباء هذه الجماعة، فيستريح مع الآباء دون أن ينفصل عن الجماعة. لقد ذكَّر الرب موسى بحرمانه هو وأخيه من دخول الأرض بسبب ما حدث عند ماء مريبة (أصحاح 20) لا لتبكيته وإنما ليزداد موسى تزكية أمام الله، فإنه لا يشفع عن نفسه ولا عن أخيه في هذا الأمر بل يهتم بالجماعة فيصرخ من أجل اختيار القائد المناسب الذي يراه "إله أرواح جميع البشر" مناسبًا! يا لهُ من حب عجيب حينما ينسى القائد الروحي -حتى النسمات الأخيرة- كل ما يخصه شخصيًا لأجل بناء الجماعة وسلامها ونموها! ولعل الله سمح بتأكيد ضعف موسى حتى اللحظات الأخيرة ليعلن عجز الناموس عن التقديس، إذ يقول الرسول "قد ملك الموت من آدم إلى موسى" (رو 5: 14)، "دخلت الخطيّة إلى العالم، وبالخطيّة الموت، وهكذا اجتاز الموت إلى جميع الناس إذ أخطأ الجميع" (رو 5: 12)... صارت الحاجة إلى آخر غير موسى قادر لا أن يرى الأرض من بعيد بل يدخل بشعبه إليها. لقد أعلن الناموس عن السمويات لكن من بعيد خلال الظلّ أما يشوع الحقيقي، فقد أجلسنا في السمويات. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|