وهذهِ وردت في رؤيا يوحنا هكذا:
الرؤيـا(19–11): ورأيتُ السماء قد إنفتحت وإذا بفرس أبيض والراكب عليه يسمـى الاميـن الـصادق وهو يقضي ويحارب بالعدل (12) وعينـاه كلهيـب النار وعلى رأسِـــه أكاليــل كثيرة وله إسم مكتوب لا يعرفه أحد الا هـو (13) وعلـيـهِ ثَـوبُُ مصـبـوغُُ بألـدم وإسـمـه كـلـمـةُ الله (14) وتتبعه جيـوش السماء على خيلٍ بيض لابسين بزاَ أبيض نقياَ (15) ومـن فـيـهِ يخرجُ سـيفُ صارمُ ذو حـدين ليضرب به الامم وهو سيرعاهـم بعصـاََ من حديـد ويـدوس معصرة سـخط وغضب الله القدير. (16) وعلى ثـوبه وعلى فخذه إسم مكتوب ملك المـلوك ورب الارباب.
أي بعد البوق السابع والاخير سيأتي الرب في مجدهِ مع جيوش ملائكتِة ومع قديسيهِ الذين إستشهدوا من اجلهِ وسيراه كل البشر المتواجدين على الارض يطوف بصليبِهِ وموكبِهِ في كبد السماء حول الارض يومها تماماَ كما كانوا يرون الشمس تطوف حول الارض من وقتِ مطلعها إلى مغيبها. ثم ستقوم القيامة الاولى للذين رقدوا في المسيح أولاَ, ويُخطف المؤمنين الاحياء الباقين على قيد الحياة في حينهِ وهولاء لن يروا الموت بل تتحول اجسادهم إلى اجساد سماوية اسوةََ بالذي حصل للسيد الرب يسوع المسيح.
أي عندما يأتي الرب في مجدهِ, وفي ملكوتهِ مع قديسيه وملائكتهِ في آخر الزمان عندما ينفخ في البوق الأخير, فستقوم القيامة الاولى, أي يقوم الاموات الشهداء في المسيح اولاَ, ثُمَّ تتغير أجساد المؤمنين المختومين الذين على ختمتهم الملائكة جباههم بختم الله الحي إلى أجساد سماوية اسوةََ بالرب, ثُمَّ يخطفون إلى السماء ليلاقوا الرب في الجو وليكونوا معه, وأما باقي البشر من الغير مؤمنين, او من المؤمنين الفاترين سيبقون على الارض, وسيكون بعضاََ من هولاء قائمين في نَوَاحِي قَيْصَرِيَّةِ فِيلِبُّسَ أي بانياس الحالية.
ثُم وكما في رؤيا يوحنا ستصب جامات الغضب السبعة على البشر الباقين على الارض من اتباع الكذاب والغير مؤمنين, والمؤمنين الفاترين الذين لم يُخطفوا, وتدك مدن الامم كافة, والسيد المسيح قد أخص بكلامهِ أعلاه القائمين في تلكَ البقعة (قيصرية فيلبس) في تلك اللحظات الرهيبة, عندما يموت هولاء بعد أن يروهُ آتياَ في مجدهِ أولاَ ولكنهم سيثتنونَ من القيامة الاولى ومن الاختطاف ويموتوا في إحدى مراحل صبِ جامات الغضب الإلاهي السبعة, وهولاء ستقوم أجسادهم في وقت القيامة الثانية اي وقت الدينونة العامة ليُدانوا بحسبِ أعمالهم فيهلكوا جميعاَ ومن دون إستثناء لاحد, او بحسبِ إيمانهم إِنْ كانوا قد آمنوا بفداء الرب قبل فواتِ الأوآن فيخلصوا.
وألآن بعد أن رأينا, كيفية تسلسل احداث النهاية, عند مقدم المسيح في مجيئِهِ الثاني, أي في عودة الرب إلى أرضنا في مجدهِ, بصحبة أجواقِ ملائكتِهِ, نقول أن كلام المسيح:
" إِنَّ بَعْضاً مِنَ الْوَاقِفِينَ هُنَا لَنْ يَذُوقُوا الْمَوْتَ، قَبْلَ أَنْ يَرَوْا ابْنَ الإِنْسَانِ آتِياً فِي مَلَكُوتِهِ"
لا يمكن أن ينطبق على أيّ من تلاميذه, فلو فرضنا جدلاَ بأَنَّ الرب "عاد في مجدهِ أثناء حياة بعضِ من تلاميذهِ, فستقوم القيامة الأولى لشهدائِهِ اولاَ, ثُمَّ ستتغير اجساد تلاميذه إلى أجساد سماوية ويتم إختطافهم من دون أن يروا الموت الجسدي, فمن هذا نعلم بأنَّ كلام الرب قد يُفهم منهُ, أو قد إعتقد حتى التلاميذ أنفسهم بأنَّ بعضاَ منهم قد يكون المقصود بهذهِ ألآية, إلا أنهم بإعتبارهم من المؤمنين الذين سيُختمون وقت النهاية, فسيشملهم التغيير والإختطاف, ولن يروا الموت الجسدي حتى إِن كانوا أحياءََ أثناء عودة الرب في مجيئِهِ الثاني في مجدهِ.
وهنا أورد لمحة جغرافية وتاريخية عن قيصرية فيلبس, أي المكان الذي دار فيهِ الحديث.
قيصرية فيلبس
هي بانياس الحديثة المبنية عند سفح جبل الشيخ على بعد 20 ميلاً شمالي بحر الجليل و45 ميلاً إلى الجنوب الغرب من دمشق. وكانت آخر المدن التي زارها المسيح إلى جهة الشمال في فلسطين [متى(16-13) ومرقس(8-27)] , ويظن البعض أنها بعل جاد القديمة (يش(11-17)). وهي جميلة الموقع جداً على هضبة مثلثة ارتفاعها 1150 قدماً من سطح البحر يفصلها عن جبل حرمون وادي خشبة فيها مياه غزيرة وحقول خصيبة وغابات تحيط بها ولا يضاهيها في جمال الموقع مدينة في فلسطين. وهناك حصن يدعى قلعة بانياس تكلِل التل المقابل للقرية. وكانت المدينة القديمة محاطة بسور عليه أبراج ضخمة وخندق من جهة الشرق. وإلى الشمال منها مغارة رأس النبع وإلى غربي هذا النبع معبد يدعى الخضر.
تاريخها: كان اسمها القديم بعل جاد أي إله الحظ. ثم صار عند اليونان بانيون أخذا من اسم إله من آلهتهم يدعونه " بان " ومنه اطل اسم بانياس على كل تلك الناحية. وهنا هزم انتيخوس الكبير جيش البطالسة في سنة 198 ق.م. فبنى فيها معبداً من الرخام الأبيض على اسم الإمبراطور. وكان يدعى اوغسطس في هذا الهيكل ابن الإله وفي هذا المكان أعلن بطرس إقراره العظيم بأن يسوع هو ابن الله الحي (متى 16: 16). ثم انتقلت إلى فيلبس رئيس الربع وسميت قيصرية فيلبس تمييزاً لها عن القيصرية الكبيرة التي على شاطئ البحر. ثم سماها هيرودس اغريباس، نيرونياس إكراماً للإمبراطور نيرون. وبعد ذلك صارت مركز أسقفية ولا تزال فيها آثارها.
أقام الصليبيون في بانياس فترة طويلة وأقاموا فيها موقعا ً استخدموه كنقطة محصنة للدفاع عن المملكة اللاتينية ضد هجمات المسلمين القادمة من الشمال لكن بانياس عادت بعد هزيمة الصليبين إلى الحكم العربي وانحسرت مكانتها الدينية.