رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
المسيح الممجّد كفيل رجائنا (1: 20- 22) إن هذه القدرة الإلهيّة تبدو ناشطة فينا ومن أجلنا. وهي تبدو فاعلة وحيّة في شخص الربّ الذي إليه ننتمي وبه نرتبط. وقد أعلنت لنا في واقع سّر المسيح. وما إن يشاهد بولس هذا السّر حتى يحلّ محلّ التوسّل والدعاء مديحٌ يلامس اعتراف الإيمان، بل يوسّعه وينشده ويعظّمه. وتتلاحق كلمات القدّيس بولس وتتوسّع بقدر تأمّله في السّر. وهو يعطينا في أربع عبارات البواعث الأخيرة التي تؤسّس صلاته وتسند رجاءه. أ- المسيح القائم من الموت (آ 20 أ) إن قدرة الله عملت حين أقامت المسيح. هذه هي العبارة المركزيّة في اعتراف الإيمان المسيحي. "الله الذي أقام الربّ، يقيمنا نحن أيضاً بقدرته" (1 كور 6: 14). نحن "نؤمن أن يسوع مات ثم قام" (1 تس 4: 14). إنطلق الرسول من هنا فصوّر انتصار المسيح وسلطانه. ب- المسبح الممجّد (آ 20 ب- 21) وقد تجلّت قدرة الله هذه في تمجيد المسيح الذي يصوّر بكلمات مز 110 الذي يرد مراراً في هذا المعنى في مواعظ الدفاع في الجماعات المسيحية الأولى (روم 8: 36؛ كو 3: 1). ولمّا تمجّد المسيح شارك الله في سلطانه: إنه "عن يمين الله": هذه عبارة تقليدية تدلّ على مشاركة في السلطان والقدرة. وتتوضّح هذه السيادة من زاويتين: على مستوى المكان الذي منه تمارس. على مستوى الاتساع الذي لا حدود له. فالمسيح هو "في السماوات". عبارة استعملها بولس في 1: 3 فدلّ على التسامي الإلهي. وبما أنه القائم من الموت، فهو يسوس العالم. إنه لم يلجأ إلى عزلة مجيدة تخفي انتصاره عن الناس. وإذ أراد بولس أن يبرز هذا التسامي الفاعل والناشط، زاد أنه (أي: يسوع) تمجّد فوق كل القوى السماويّة التي يتكلّم عنها قرّاؤه في حلقات اجتماعهم. ولقد حاول بعضهم أن يجعل المسيح بين هذه القوى. أما الرسول فأكّد تسامي المسيح المطلق عليها. ظنّ الناس في ذلك الوقت أن لهذا القوى منطقة عمل. أنها ارتبطت بموضع تنطلق منه لكي تمارس نشاطها. أما بولس فيرى أن الربّ هو فوقها كلها، وأن لا حدود لتأثيره ونشاطه، فكرّر ما قال في كو 2: 10: "إنه رأس كل رئاسة وسلطان". وشدّد بولس أيضاً على أزليّة هذا السلطان: إنه يسري "ليس في هذا الدهر فقط، بل في الآتي أيضاً". إذ استعاد بولس التمييز اليهوديّ التقليديّ بين هذا العالم والعالم الآتي، عرف أن هذا التمييز ليس فقط زمنياً، بل نوعياً: نحن أمام تجلّ للعالم نجده الآن في مبدأه، في شخص المسيح وفي عطيّة الروح (عب 6: 5: "ذاقوا الموهبة السماوية وأشركوا في الروح القدس"). ج- "أخضع كل شيء" (آ 22 أ) وظهرت قدرة الله أيضاً في سلطان المسيح الفاعل في الكون. استعمل بولس مز 8: 7 الذي يطبّق عادة على الانتصار الإسكاتولوجيّ (عب 2: 8 ي). أما هنا فنحن أمام انتصار حاليّ: فهذه القوى ليست فقط أدنى منه، بل هي خاضعة له. هذا طرحٌ توسّع فيه بولس في كو 2: 15 ي وسيعود إليه في أف 6: 12. د- الله "جعله رأس الكنيسة، فوق كل شيء" (آ 22 ب) وحين شدّد بولس على هذا التأكيد الأخير، ظهرت الكنيسة في المستوى الأول كواقع اسكاتولوجيّ. والطريقة التي بها أدخله (أي: يسوع) بدت مميّزة: "وهو الذي جعله" بعد انتظار طويل. هذا هو هدف وخاتمة كل التأكيدات السابقة، وما يؤسّس في النهاية رجاءنا. هذه هي ذروة قصد الله الخلاصي. إن فاعليّة قدرة الله تمارَس ملء الممارسة حين تجعل المسيح رأس الكنيسة. المسيح هو رأس "فوق كل شيء" (رج عب 2: 18؛ كو 2: 10؛ أف 1: 15- 16). وهكذا يستبعد بولس سائر القوى التي لا تأثير خلاصياً لها في الكنيسة. فالمسيح هو وحده الذي يعطي قدرة الخلاص. إذا كان المسيح رأس الكنيسة ورأس القوى، فهو ليس كذلك بالصفة نفسها والطريقة عينها. إن سموّه على القوى يختلف عن سموّه على الكنيسة. فالقوى خاضعة مستعبدة. وقد جُعلت تحت قدمَي المسيح خلال انتصاره. أما الكنيسة فهي واحدة معه وإن خضعت له. وهو يمارس عليها سلطة التقديس والحبّ لا سلطة القسر والإكراه. ومن أجل هذه الكنيسة التي هو رأسها أعلن المسيح قدرة الله وأظهر نتيجة هذه القدرة في العالم. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|