نار الأسعار

[Mary Naeem]

نار الأسعار



بدأت أسعار الخضر والفواكه والحاجات الأساسية الارتفاع فى الأسواق الشعبية استعداداً لشائعة رفع أسعار الطاقة! وإذا كان هذا هو السلوك ودعم الطاقة لم يتم إلغاؤه أو ترشيده بعد، فما بالنا بحالة الأسعار الخاصة بالسلع أو الخدمات إذا صدرت القرارات المنتظرة؟ أسعار الطاقة هى مكون رئيسى فى التكلفة الأساسية لأى سلعة أو خدمة من الخدمات فى مصر. وما زلت أحذر من غضبة سائقى السرفيس والتوك توك وسيارات بنك ناصر، كل هؤلاء يتحكم فيهم سعر البنزين والجاز. أما سيارات النقل الضخمة فهى وسيلة النقل الأساسية لنقل الخضر والفواكه والبقالة والعصائر والألبان وكل الأساسيات التى يعتمد عليها البيت المصرى فى حياته اليومية. تخيلوا أن كلفة النقل ارتفعت بنسبة 30٪ ماذا يمكن أن يحدث، ومن سيتحمل ارتفاع هذه الكلفة؟ الإجابة المنطقية أن أصحاب سيارات النقل سوف يرفعون تعريفة وقيمة نقل البضائع بنسبة 30٪ على الأقل على صاحب البضاعة الذى سوف يحمّلها بدوره على أصحاب المتاجر، ثم يدفعها فى النهاية المستهلك الغلبان! إن أخطر ملفات مصر هو الاقتصاد، وأخطر ما فى اقتصاد مصر هو تركيبة الموازنة العامة التى تنقسم إلى 4 أجزاء: أجور ومرتبات، ثم فوائد الدين العام، ثم الاستثمارات، ثم الدعم. وأخطر ما فى الدعم هو دعم الطاقة، وأخطر ما فى دعم الطاقة هو السولار والمازوت. السولار والمازوت يتحكمان فى طاقة الصناعة المصرية التى تعتمد على البيع المحلى والتصدير للعالم. إذا ارتفع مكون الكلفة بسبب أسعار الطاقة فإن المنتج المحلى سوف يواجه منافسة مخيفة أمام الصناعة الصينية الرخيصة الثمن، المنافسة فى الجودة. أما بالنسبة للمنتج المصرى القابل للتصدير فإنه ملتزم بعقود طويلة الأمد، محددة الأسعار بشكل مسبق فإن المصدر المصرى سوف يكون أمام خيارين؛ إما التوقف عن التصدير ودفع غرامة التوقف، أو التصدير بخسارة مؤكدة! إن ملف الطاقة الذى يعتبر أحد أهم ملفات الدعم الذى يعتبر عنصر الاستقرار الأهم فى المرحلة القريبة المقبلة، يجب أن يكون موضع تدقيق علمى وحوار مجتمعى عميق قبل التسرع فى تنفيذه دون الاستعداد الجيد له. إن الوطن لا يحتاج لهزات جديدة، والناس أصيبت بإنهاك شديد من كثرة الارتجاجات الاحتجاجية، والعقل المصرى أُصيب بالتهاب سياسى حاد من كثرة الصراخ الهستيرى وعمليات الجدل العقيم البعيد عن الحوار العلمى الموضوعى. باختصار: «الناس تعبانة»، ولا أحد قادر على تحمل هزات جديدة وحادة.


الوطن