منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 05 - 04 - 2024, 10:34 AM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,270,059

كان بولس قاسيًا مع الشريعة





الشريعة القديمة وشريعة المسيح

أُعطيَت الوصايا على جبل سيناء وسط البروق والرعود، وأضيفت الفرائض العديدة والفتاوى، وفي النهاية مع المعلِّمين في زمن بولس صارت الوصايا 613 وصيَّة. هذا ما ندعوه الشريعة والقوانين التي تُفرَض على الإنسان، والويل لمن يقع في وصيَّة واحدة، فكأنَّه وقع في جميع الوصايا، وما فادته بشيء هذه الممارسةُ ولا تلك.

بهذه الشريعة تعلَّق الرسول بحيث استطاع أن يقول، لو هو قال: »حياتي هي الشريعة«. ومن أجل هذه الشريعة أراد أن »يقاتل« المسيح ويلاحقه من مدينة إلى مدينة، من أورشليم إلى دمشق، ليُخفي أثر أَتْباعه.

ولكن تقولون: هذه الشريعة قديمة بعد أن ارتبطت بالعالم اليهوديّ القديم. فما لنا ولها؟ ولكنَّ الشريعة حاضرة اليوم في عالمنا وهي تفرض نفسها بالقوَّة، لا على المستوى الدنيويّ فقط بل على المستوى الدينيّ. والويل لمن يعارض أو يرفض ممارستها. وأعطي مثلاً قديمًا عن رجل خالف شريعة السبت: كان ذاك الفقير يجمع حطبًا. يا للخطيئة الكبيرة! أخرجته الجماعة من المخيَّم ورجمته (عد 15: 32). وكذا نقول عن الزانية التي يجب أن تُرجم، بل إنَّ الذي يعلِّم تعليمًا يختلف بعض الاختلاف عن تعليم المعلِّمين الرسميّ يُحرم من عيشه، من امرأته، ويُرسَل إلى المنفى. فالشريعة سيِّدة وهي تقول اليوم كما في الماضي: »ماذا نأكل وماذا لا نأكل. نأكل البقر والضأن والمعز والغزال، ولا نأكل الجمل والأرنب والدب وغيرها من الحيوانات« (لا 14: 3ي). وهكذا صار الإنسان مقيَّدًا بشرائع تنسى أنَّ كلَّ ما خلقه الله هو حسن. وجاءت عبارات ردَّدها بولس بلسان بعض الضعفاء: »لا تلمس، لا تذق، لا تمسك« (كو 2: 21). قال الرسول مبيِّنًا أنَّ كلَّ هذا أمرٌ نسبيّ: »كلُّ هذه الأشياء تزول بالاستعمال (آ22).

في البداية كان بولس قاسيًا مع الشريعة، رافضًا لها حين تأتي من خارج الإنسان، لا من داخله. فقال فيها مثلاً: »ما عرفتُ الخطيئة إلاَّ بالشريعة. فلولا قولها لي: ''لا تشتهِ!'' لما عرفتُ الشهوة« (رو 7: 7). وأضاف: »الخطيئة وجدت... فرصة لتثير فيَّ الشهوة، لأنَّ الخطيئة بلا شريعة ميتة« (آ8). أجل، الخطيئة اتَّخذت من الوصيَّة، (من الشريعة)، سبيلاً فخدعَتْني بها وقتلتني« (آ11).

فالشريعة في ممارستها الخارجيَّة تفصل الإنسان عن أخيه الإنسان، وتجعل حاجزًا بين جماعة وجماعة. في هذا الإطار نقرأ ما كتب بولس إلى أهل رومة، ونرى كيف ينطبق علينا الآن، لا في الشرق فقط، بل في العالم الغربيّ مع الأطعمة الطاهرة والأطعمة النجسة. قال: »من الناس من يرى أن يأكل من كلِّ شيء. ومنهم من هو ضعيف فلا يأكل إلاَّ البقول. فعلى من يأكل من كلِّ شيء أن لا يحتقر من لا يأكل مثله. وعلى من لا يأكل كلَّ شيء أن لا يدين من يأكل من كلِّ شيء« (رو 14: 2-3). خاف ابنُ الشريعة اليهوديَّة العائش وسط عالم وثنيّ أن لا يكون اللحم »طاهرًا« بحسب الشريعة، فتحاشى أن يأكل. وما الذي يجعل الطعام طاهرًا سوى الله الذي خلقه حسنًا، لا الإنسان الذي يفرض عاداته الآتية منذ أعماق التاريخ لأسباب لا تمتُّ إلى الدين بصلة. وخاف ابن التيّارات الدينيَّة من الخمر واللحم وحتّى من حياة الزواج. ولا نقول اليوم شيئًا عن ابن الديانات الهنديَّة. قال الرسول: إن أكلتم لا تزدادون شيئًا. وإن لم تأكلوا لن تنقصوا شيئًا (1 كو 8: 8). وجاءت الآية الرائعة: »ليس ملكوت الله أكلاً وشربًا، بل برٌّ وسلام وفرح في الروح القدس« (رو 14: 3). وجاء التنبيه الرائع المبنيّ على المحبَّة: »لا تجعل من طعامك سببًا لهلاك من مات المسيح من أجله« (آ15).

وهكذا انفصل الجار عن جاره في أمور عديدة من أكل وشرب ولبس. هي عادات بها تستطيع الجارة أن تحكم على جارتها وتعرف سريرتها. وأين السبت؟ شريعة قديمة استخرجناها من الكتب المقدَّسة وطبَّقناها خطأ، وهكذا حمينا نفوسنا وحطَّمنا الآخرين. وما نقوله عن الأفراد نقوله عن الجماعات. تحدَّث بولس عن الحاجز الذي يفصل اليهوديّ عن اليونانيّ، من يعيش بحسب الشريعة الموسويَّة عن ذاك الذي »لا شريعة له« كما يقولون. ولكن بولس يعلن حالاً: من قال لك إنَّه بلا شريعة. الفطرة، الضمير... تلك هي شريعة. الضمير صوتُ الله في داخلنا. هو يقول لنا في أعماقنا ما يجب أن نعمل وما ينبغي أن نتجنَّب. وباسم هؤلاء وأولئك قال الرسول: »صرتُ لأهل الشريعة من أهل الشريعة، وإن كنتُ لا أخضع للشريعة، لأربح أهل الشريعة، وصرتُ للذين بلا شريعة كالذي بلا شريعة لأربح الذين هم بلا شريعة، مع أنَّ لي شريعة من الله بخضوعي لشريعة المسيح« (1 كو 9: 20-21).

نحن الأقوياء نفرض على الضعفاء إرادتنا! نحن الأكثريَّة نحطِّم الأقليَّة. ما الذي يجري اليوم في عصرنا؟ ذاك ما حصل للمؤمنين في رومة: الأكثريَّة آتية من عالم اليونان، ففرضت عاداتها على الآتين من العالم اليهوديّ. وبَّخهم بولس على ذلك وأعطى من نفسه مثالاً: »صرتُ للضعفاء ضعيفًا لأربح الضعفاء. وصرتُ للناس كلِّهم كلَّ شيء لأخلِّص بعضهم بكلِّ وسيلة« (آ22).

المبدأ: أن أربح الناس. وهم يربحونني في عمق شخصيَّتي. المبدأ أن يجتمع الناس في الخدمة بعضهم لبعض. تخيَّلوا ذاك الرجل الجريح الذي تحدَّث عنه يسوع في أحد أمثاله الإنجيليَّة (لو 10: 25-35). هو يمشي على يمين الطريق، لأنَّه يهوديّ. ولباسه مميَّز عن لباس الآخرين، ولاسيَّما الغرباء عن الدين. مرَّ بقربه كاهن يهوديّ، ففضَّل أن ينتقل إلى الجهة الثانية من الطريق. ما الذي منعه من الاقتراب إليه؟ الشريعة، الدم على هذا الجريح. قال: إن لمستُه تنجَّست ومُنعتُ من الخدمة في الهيكل. أمّا السامريّ، ابن نابلس الحاليَّة في فلسطين، الذي كان يسير على شمال الطريق ويلبس لباسًا يميِّزه عن لباس اليهود، فنسيَ كلَّ هذه الأمور ولو اعتبرها البعض من أساس الدين مع أنَّها جُعلت هنا لإذلال الأقلِّيَّة ولإظاهر قوَّة الأكثريَّة، بما معناه: إلهنا أقوى من إلهكم وكأنَّ هناك إلهين أو أكثر. أجل نسيَ هذا السامريّ شريعة النجاسة وتذكَّر شريعة واحدة: المحبَّة. في هذا المجال قال الربُّ يسوع لأناس قلوبهم قاسية: »أيحلُّ في السبت عمل الخير أم عمل الشرّ؟ إنقاذ نفس أم إهلاكها؟« (مر 3: 4). ساد الصمت، فبدا يسوع حزينًا. هل صار الإنسان في خدمة السبت؟ هل صار الإنسان عبدًا للشريعة؟

وحزن بولس لوضع مماثل حصل في أنطاكية. مدينة كبيرة فيها من كلِّ الأشكال والألوان. والمؤمنون يكوِّنون جماعة واحدة. ما أحلاهم! ولكن أتت الشريعة اليهوديَّة ففصلت بينهم، كما يفصل بيننا اليوم عددٌ من الفرائض. كانوا كلُّهم يشاركون في المائدة الواحدة، مائدة المحبَّة. بولس الرسول يوجِّه إنجيله إلى الأمم، إلى اليونان وغيرهم. وبطرس إلى أهل الختان مع بعض التنازل لأنَّه فهم أنَّ التطهير لا يقوم على ممارسات خارجيَّة. قال متحدِّثًا عن اليهود والأمم الوثنيَّة: »فما فرَّق بيننا وبينهم في شيء، فهو طهَّر قلوبهم بالإيمان« (أع 15: 9). ثمَّ أضاف: »نحن نؤمن أنَّنا نخلُص بنعمة الربِّ يسوع كما هم يخلصون« (آ11).

باسم الله نحن معًا. نجلس إلى مائدة واحدة. ولكن باسم »الشريعة« يفترق الواحد عن الآخر. فالمختون لا يكون مع اللامختون. فإذا كان هذا المختون لا يعيش حسب وصايا الله، أما يكون وكأنَّه لم يُختَن ولم يُحسَب منتميًا إلى »شعب الله«، إلى »المؤمنين«؟ ما الذي حصل في أنطاكية؟ »جاء قوم من عند يعقوب« (غل 2: 12)، وهو المعروف بدفاعه عن الشريعة، فاعتزل بطرسُ الجماعة. ترك الأممَ وحدَهم وكأنَّهم مؤمنون من الدرجة الثانية. أذلَّهم ساعة كان يجب أن يرفعهم. أمّا بولس فما استطاع أن يقبل بهذا الوضع. فهذا الحاجز الموجود بين فئة وفئة، بين مذهب ومذهب، بين دين ودين، أزاله يسوع. قال الرسول إلى أهل أفسس: »جعلَ اليهودَ والأمم شعبًا واحدًا، هدم الحاجز الذي يفصل بينهما، أي العداوة، وألغى بجسده شريعة موسى بأحكامها ووصاياها ليخلق في شخصه من هاتين الجماعتين إنسانًا واحدًا جديدًا، بعدما أحلَّ السلام بينهما« (أف 2: 14-15).

فصلت الشريعةُ بين بعيد وقريب، بين غريب وأهل البيت، بين الأبناء والكلاب. وهنا تأتي العداوة. قال الرسول: »المسيح قضى على العداوة« (آ16) بشَّر بالسلام البعيدين والقريبين، ابن (وابنة) هذا الدين وذاك، بين ابن (وابنة) هذا المذهب وذاك؟ فكيف يجسر المؤمن، في الخطِّ البولسيّ، أن يحسب الآخرين »غرباء أو ضيوفًا مع أنَّهم من القدّيسين وأهل بيت الله« (آ19)؟ في العمق الإيمانيّ، نحن كلُّنا ضيوف لدى الله، وهو يستقبلنا كما نحن، سواء شابهنا الابن الضالّ الآتي من البعيد (لو 15: 13) أو الابن الأكبر الذي اعتبر نفسه »مع والده في كلِّ حين« (آ31) مع أنَّ قلبه لم يكن مع أبيه، بل مع »أصحابه« (آ29) حول جديٍ يفرحون به.

هل الشريعة تجمع الناس؟ ولكن أيُّ شريعة؟ يكفي أنَّ نمرَّ في بلاد الهند لنعرفَ كيف تتلوَّن الشريعة بلون المنطقة التي تقيم فيها. منهم من لا يأكل شيئًا من تحت الأرض (البطاطا مثلاً). وآخرون يأكلون ما يتعلَّق بالأغصان. منهم من يحترم هذه الخليقة وآخر يبتعد عن تلك لأنَّها نجسة. وفي الشرق القديم هناك المانويّون مثلاً الذين انطلقوا من اليهوديَّة والمسيحيَّة والبوذيَّة، خافوا أن يمشوا على العشب، كما تورَّعوا أن يقطفوا من البقول الكميَّة الكبيرة. وربَّما راح أبو العلاء المعرّي في خطِّهم فقال: »سرْ إن استطعت في الهواء رويدًا«.

الشرائع عديدة. فلا بدَّ من البحث عن شريعة واحدة تجمع البشريَّة كلَّها. هنا قال الرسول: »لو تكلَّمتُ بلغات الناس والملائكة ولم تكن فيَّ المحبَّة، فما أنا إلاَّ نحاس يطنُّ أو صنج يرنّ. ولو وُهبتُ النبوءة وكنتُ عارفًا كلَّ سرٍّ وعلم، ولي الإيمان الكامل لأنقل الجبال، ولم تكن فيَّ المحبَّة، فما أنا بشيء« (1 كو 13: 1-2). ويتابع: »لو فرَّقت أموالي... لو... بدون محبَّة، هذا لا ينفعني« (آ3). ونقول: كلُّنا عندنا محبَّة. أنا أحبُّ جميع الناس. أنا أحبُّ البشريَّة لأنَّنا كلُّنا من إنسان واحد. أمّا بولس فلا يكتفي بهذا الكلام العامّ، بل يقول لنا كيف تكون هذه المحبَّة، وكيف نمارسها. ما تحدَّث عن الطقوس ولا عن الممارسات الدينيَّة. ما تحدَّث عن عادات فرضَتْ نفسَها علينا فحسبناها الدين مع أنَّ الدين برّاء منها. »تنازل« بولس إلى الحياة اليوميَّة: المحبَّة هي الصبر والرفق. المحبَّة هي الصفح والأمانة والرجاء. حيث المحبَّة لا وجود للحسد ولا للتفاخر ولا للكبرياء. المُحبُّ لا يحتدّ، لا يغضب، لا يظنُّ السوء. المحبّ لا يتصرَّف سيِّئًا من أجل منفعته، بل يطلب ما هو لغيره.

والوصايا عديدة. حتّى الوصايا العشر بمتفرِّعاتها. لهذا جاء من يسأل يسوع عن »الوصيَّة العظمى« (مت 22: 34ي)، الوصيَّة التي تلخِّص الوصايا بحيث لا يُتعب المؤمن قلبَه فيحفظ لائحة طويلة من الفرائض. وجواب يسوع جاء بسيطًا: المحبَّة. وفي هذا الخطّ سار بولس الرسول. حمل إليه أهل الشرق »وصايا«، وكذلك أهل رومة. ماذا نفعل في الحياة اليوميَّة؟ قال: »فالوصايا التي تقول: لا تزنِ، لا تقتل، لا تسرق، لا تشتهِ وسواها من الوصايا، تتلخَّص في هذه الوصيَّة: أحببْ قريبك مثلما تحبُّ نفسك. فمن أحبَّ قريبه لا يسيء إلى أحد. فالمحبَّة تمام الشريعة« (رو 13: 9-10). والمحبَّة تكون صادقة (رو 12: 9) تدعونا إلى الاتِّفاق، إلى الفرح مع الفرحين، إلى البكاء مع الباكين، إلى التواضع والوداعة (آ15).

كيف نقرأ بولس اليوم؟ تارة يقول عن الشريعة إنَّها حرَّكت الشهوة فيَّ، وطورًا يقول: »الشريعة مقدَّسة، والوصيَّة مقدَّسة وعادلة وصالحة« (رو 7: 12). فكرُ بولس أوسع من أن نقرأه بسرعة كما يفعل العديد في شرقنا العربيّ، فهو يرفع الإنسان فوق الإنسان، ويدعوه إلى لقاء إخوته وأخواته لا على أمور مادِّيَّة نفعيَّة، بل على مستوى الله، لأنَّ الله محبَّة: »فمن ثبت في المحبَّة ثبت في الله والله ثبتَ فيه« (1 يو 4: 16). فكيف أثبتُ في الله وحدي؟ هذا مستحيل على مثال ما قال أحد الأبطال في الكتب المقدَّسة: أو نموتُ معًا أو نحيا معًا.
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
‏لستُ قاسيًا
الشريعة بين بولس ومتّى
أتى قاصدًا صلب مردخاي على الخشبة
ترنيمة يا سيدي كم كان قاسيًا
لا تكن قاسيًا مع نفسك


الساعة الآن 11:10 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024