فقالَ له: إِيَّاكَ أَن تُخبِرَ أَحَدًا بِشَيء، بَلِ اذهَبْ إلى الكاهن فَأَرِهِ
نَفسَك، ثُمَّ قَرِّبْ عن بُرئِكَ ما أَمَرَ بِه موسى، شَهادةً لَدَيهم
"شَهادةً " فتشير إلى أقوال الشُّهود أمام جهة قضائيَّة يُدلى بها على أحد الأشخاص (مرقس 6: 11) أو أمامه (مرقس 13: 9). اختبر الأبْرَص أولاً قوة المسيح، ثم بعد ذلك استطاع أن يتمِّم مطالب الشَّريعة، وفي هذا الصَّدد قال بولس الرَّسول: "الَّذي لم تَستَطِعْهُ الشَّريعة، والجَسَدُ قد أَعيْاها، حَقَّقَه اللهُ بإِرسالِ ابِنه في جَسَدٍ يُشْبِهُ جَسَدنا الخاطِئ، كَفَّارةً لِلخَطِيئَة. فَحَكَمَ على الخَطيئَةِ في الجَسَد لِيَتِمَّ فِينا ما تَقتَضيهِ الشَّريعةُ مِنَ البِرّ" (رومة 8: 3-4). تتناول هذه الشِّهادة في آن واحد قدرة يسوع وطاعته للشَّريعة. ويبدو أن هذه الشِّهادة تكون للتأييد أو الاتهام وفقًا لقبولها أم لا. لكن هناك صعوبة في التَّوفيق بين فكرة الشِّهادة وفكرة الأمر بالسُّكوت (مرقس 1: 44) ومما يُلفت النَّظر في إنجيل مرقس هو التَّنازع القائم بين الوجه السِّري لشخص يسوع وبين نشاطه؛ فمن ناحية يرفض يسوع الظُّهور بمظهر المسيح، لكنه يُظهره، في أقواله وأعماله وسلطانه وقدرته من ناحية أخرى.