الطبيعة وخورُس المُسَبِّحين
يستعرض ابن سيراخ في هذا الأصحاح بعض المخلوقات التي تُمَجِّد الخالق ثم يختمه بالإجابة على السؤال: كيف نُسَبِّح الخالق؟ أو كيف ننضم إلى خورُس المُسَبِّحين؟
سبق أن استعرض ابن سيراخ الحديث عن الحكمة الإلهية: مصدرها، وعلاقتها بمخافة الربّ، وبالوصية الإلهية، ودورها في حياة المجتمع والأسرة والمؤمن، يمتد عملها في الفكر والطاقات الداخلية للإنسان كما في الكلام والصمت وفي السلوك، سواء في العبادة أو التعامل مع البشر بكل فئاتهم، وفي أخذ القرار اللائق للبنيان. الآن يستعرض الحكمة مُبرِزًا عمل الخالق في خليقته، وأيضًا دورها في بعض أسلاف إسرائيل منذ خلقة الإنسان الأول حتى عصر ابن سيراخ.
الشمس تُمَجِّد الخالق
1 الْجَلَدُ الطَّاهِرُ فَخْرُ الْعَلاَءِ، وَمَنْظَرُ السَّمَاءِ مَرْأَى الْمَجْدِ. 2 الشَّمْسُ عِنْدَ خُرُوجِهَا تُبَشِّرُ بِمَرْآهَا. هِيَ آلَةٌ عَجِيبَةٌ صُنْعُ الْعَلِيِّ. 3 عِنْدَ هَاجِرَتِهَا تُيَبِّسُ الْبُقْعَةَ؛ فَمَنْ يَقُومُ أَمَامَ حَرِّهَا؟ الشَّمْسُ كَنَافِخٍ فِي الأَتُّونِ، لِمَا يُصْنَعُ فِي النَّارِ. 4 تُحْرِقُ الْجِبَالَ ثَلاَثَةَ أَضْعَافٍ، وَتَبْعَثُ أَبْخِرَةً نَارِيَّةً، وَتَلْمَعُ بِأَشِعَّةٍ تَجْهَرُ الْعُيُونَ. 5 عَظِيمٌ الرَّبُّ صَانِعُهَا، الَّذِي بِأَمْرِهِ تُسْرِعُ فِي سَيْرِهَا.
اهتم الكتّاب اليهود وعلماء الفلك في بعض الأمم مثل الفراعنة واليونانيون أن يشرحوا بطرقٍ متنوعة الظواهر الخاصة بالأجرام السماوية والجو، أما ابن سيراخ فما كان يشغله كيف شهدت هذه الظواهر لحكمة الخالق الفائقة. في اختصار شديد يبرز سيراخ دور الشمس في الخليقة.
أ. ظهورها يشع بالبهجة [1-2]، سرّ بهجتها حاجة الأرض بالنباتات والحيوانات والإنسان إليها.
ب. تسطع على الأرض فتُجَفِّفها [3].
ج. تسطع على الجبال فتجعلها كأتون النار، وعلى المياه فتبعث أبخرة [4]؛ لا تستطيع العين أن تركز عليها فتظلم بينما بدونها لا نستطيع أن نرى ما هو حولنا.
د. تبدو كأنها متحركة من شروقها إلى غروبها.
يبدأ ابن سيراخ بالحديث عنها وهي تظهر في الأفق، وكأنها تسكن هناك، وتجري من المشارق إلى المغارب. يراها في شروقها، وكأن الله يرسلها إلى البشرية ليُعلِن عن بدء يومٍ جديدٍ. تدعو المؤمن للحركة المستمرة والعمل حتى يوم غروبه عن العالم الزمني. ورد تعليم مُشابه عن الشمس: "جعل للشمس مسكنًا فيها، وهي مثل العريس الخارج من خدره. يبتهج مثل الجبار للسباق في الطريق. من أقصى السماوات خروجها، ومدارها إلى أقاصيها، ولا شيء يختفي من حرّها (مز 19: 4-7).