رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
شمشون نجده في هذه الصفحة الجميلة من العهد القديم، اذ تخبرنا بقصة مثيرة وجذابة، حول الولادة العجائبية لشمشون (المرتبط اسمه بالاله شمش-شمس). فبعد أن يسلم الرب بني اسرائيل الى أيدي الفلسطيين أربعين سنة اثر اقترافهم الشر، يترآءى ملاك الرب لامرأة منوح العاقر دون أن أي ذكر لاسمها ولا لاسم أبيها (دلالة على البعد السري لخبر شمشون)، ليزف لها وعدا صادما: “ستحبلين وتلدين ابنا”. على أن تمتنع عن الخمر والمسكر واللحوم النجسة (حسب العقلية اليهودية). نركز هنا لا على فرح التغلب على العقم فحسب، بل أيضا على طلب التخلي. ولا غرابة أن الأمر يتعلق بالأكل والشرب. فالخمور في حد ذاتها ليست سيئة، ولا لحوم الخنزير. ولكن المهم هنا هو ضرورة أن يعرف الانسان أحيانا كيف يحرم نفسه من شيء ما حتى لو كان مشروعا، ليس لأسباب جمالية أو صحية ولا لنرجسية السيطرة المفرطة على الجسد للتباهي بها. انما هذا الاختيار؛ اختيار التخلي في بعض الأحيان حتى عن شيء مشروع هو نوع من الرياضة الروحية، وطريقة رائعة للحصول على التحرر من الرغبات تهدف الى مجد الله. وشمشون هو أحد المنذورين للرب، والنذير هو الشخص الذي أخذ طوعا نذر التكريس لله. وهذا يتطلب منه عدم شرب الخمر والمسكر أو قص شعره. وطالما كان شمشون مخلصا لهذا العهد، فان الله سوف يملأه بالقوة، ولن يكون هناك أي شيء يمكن أن يتغلب عليه. فنقرأ في الفصول المتعاقبة كيف يمزق أسدا صغيرا بيديه، ويقتل ألف رجل دفعة واحدة بفك حمار، ويرفع أبواب مدينة غزة حاملا اياها على كتفيه الى قمة جبل. القصة لا تنقل اعمالا سحرية كما ظن البعض اذ حسبوا أن قوة شمشون مصدرها شعره الطويل. شعره هو علامة للتكريس ليس الا. أما قوته فهي من تكريسه لله، ومن عهده معه، ذلك هو المصدر الحقيقي لقوته. فكلما كان أمينا لله ومخلصا له كلما كان قويا والعكس بالعكس. قصة شمشون هي رمز لشعب اسرائيل، اذا كان الشعب أمينا لله فلا قوة تقدر أن تقهرهم، وان وقعوا في الخيانة فيتحولون الى لقمة سائغة للأعداء. العبرة التي نستخلصها من قصة شمشون: ان أردنا أن نخدم الله بكل القلب، فلا بد أن نفهم أنه سيكون هناك عدو يسعى دائما لمنعنا من خدمة الله، ويحاول تدمير حياتنا حتى لا نتمكن من الحصول على القوة الروحية الهائلة التي يحصل عليها التلميذ المخلص في حياته. هذه القوة هي التي تساعدنا على قهر الخطيئة والتغلب على الظلمة. وطالما كنا مخلصين في عهدنا مع الرب وحافظنا على ذهننا نقيا، فلن نقهر تماما كما كان شمشون. بل سيكون لدينا قوة سماوية في حياتنا للتغلب على كل شر وكل اغراء. وحتى لو اشتد الصراع، سيقوينا الله بقوة جديدة للاستمرار، طالما لا نستسلم للعدو. “بل إن الرب ينظر الى كل الأرض ليظهر قوته للذين لهم قلب صادق نحوه” (2 أخبار 16/ 9). |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|