منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 02 - 12 - 2023, 04:24 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,583

يقول العلامة أوريجينوس:
بين كأس الذهب والإناء الخزفي
["بابل كأس ذهب بيد الرب تُسكر كل الأرض،
من خمرها شربت الشعوب،
من أجل ذلك جنَّت الشعوب (اختل عقلها)، سقطت بابل بغتة وتحطمت".
نبوخذنصر، الذي كان يريد أن يغوي الناس ويجذبهم من خلال كأس بابل المُضِل والمخادع، لم يضع المشروب الذي أعده في أوانٍ خزفية (2 كو 4: 7)، ولا حتى في أوانٍ أخرى أفضل في النوع كالحديد أو النحاس أو حتى ما هو أفضل مثل الأواني الفضية؛ لكنه اختار إناءً من ذهب ليُعد فيه مشروبه، حتى يجتذب بريق الذهب عيون الناس، فيركزون كل اهتمامهم وأنظارهم على جمال الإناء الخارجي دون أن يلتفتوا إلى ما في داخله. بهذا يمسكون بالكأس ويشربونها وهم غير عالمين.
ماذا يعني كأس نبوخذنصر؟
ماذا يُقصد بكأس الذهب المذكورة هنا؟
إن نظرت إلى الجمال الخارجي الذي يغلف الكلمات القاتلة التي للعقائد الفاسدة، وإلى بلاغة لسانهم وفصاحة كلماتهم وفن ترتيب الكلمات وتنسيقها، عندئذ تدرك أن كل واحدٍ من هؤلاء الشعراء والفلاسفة قد أعد كأس ذهبٍ، يوجد في هذه الكأس سموم الزنا، وسموم الكلمات القبيحة، وسموم العقائد التي تقتل نفس الإنسان.
أما مسيحنا ففعل العكس: فإنه إذ يعرف أن كأس الشيطان مصنوعة من الذهب، لم يشأ أن يجعل الإنسان الذي يدخل في الإيمان يظن أن كأس السيد المسيح مشابهة للكأس التي تركها (أي كأس الشيطان التي تركها الإنسان حينما آمن بالرب)، ولم يشأ أن يصنع كأسه من الذهب حتى لا يقع المؤمنون في حيرة حينما يرون أن كأس الرب وكأس الشيطان مصنوعتان من نفس المادة، فمن أجل ذلك حرص السيد المسيح على أن يكون لنا هذا الكنز في أوانٍ خزفية (2 كو 4: 7).
"بابل كأس ذهب بيد الرب".
بابل ليست كأس ذهب إلى الأبد، بل يأتي يوم تسقط من يديْ الرب حيث يقوم هو بنفسه بتوقيع العقاب عليها.
"تُسكر كل الأرض"، كأس الذهب هذا، أي بابل، تُسكر كل الأرض.
كيف تسكر كل الأرض؟ ستفهم ذلك حينما تدرك أن كل الناس أصبحوا سكارى: لقد سكرنا من الغضب، ومن الحزن، ومن الحب الفاني، ومن الشهوات الشريرة، ومن كل ما هو باطل. فكم من مشروبات أعدتها لنا بابل؟ وكم من كأس ذهبٍ أسرتنا بها؟
"بابل كأس ذهبٍ بيد الرب تُسكر كل الأرض".
إن أردت أن تعرف كيف أصبحت كل الأرض سكرى بفعل كأس بابل أنظر إلى الخطاة الذين يملأون الأرض كلها. قد تقول لي إن الأبرار لم يسكروا من كأس الخطاة، فكيف يقول الكتاب أن كل الأرض تسكر من كأس بابل؟ لا تظن أن الكتاب لا يقول الصدق حينما يقول ذلك، لأن الأبرار في الواقع ليسوا أرضًا (ترابًا)، وبالتالي فإن كل الأرض فقط، أي الخطاة وحدهم، هم الذين يسكرون. أما الأبرار، فبالرغم من وجودهم على الأرض إلا أن مكانهم في السماء. بالتالي لا يليق أن يُقال للإنسان البار: أنت تراب (أرض) وإلى التراب تعود"، بل سيقول له الرب - طالما أن ذلك الإنسان يلبس صورة السماوي (1 كو 15: 49): "أنت سماء وإلى السماء تعود". لذلك فإن كأس بابل لن يُسكر إلا الذين ما زالوا "أرضًا".
"من خمرها شربت الشعوب، من أجل ذلك جنت الشعوب".
الذين يشربون الخمر العادي، عندما يشربون منه أكثر من حاجتهم ويكثرون من شربه بدون عقل نرى فيهم صورة إنسانٍ سكرانٍ مختل الجسد ذو أرجل متراخية ورأس مثقلة، ولسان ثمل، ينطق بكلمات غير مفهومة، تخرج من خلال شفتين مضمومتين. بذلك يمكننا أن ندرك كيف أن الذين شربوا من خمر بابل جنوا واختل عقلهم، صارت خطواتهم غير ثابتة، وبسبب عقولهم الواهية وأفكارهم المترددة يعيشون دائمًا في قلقٍ واضطرابٍ ويملأ الشك حياتهم باستمرار. يقول الكتاب عن مثل هؤلاء الناس: "لذلك أخذتهم الرعدة" (مز 48: 6).
دعونا نتوقف قليلًا عند بعض الكلمات الغامضة: لماذا قيل عن قايين الخاطئ إنه حينما خرج من لدن الرب، سكن في أرض نود شرقي عدن (تك 4: 16)؟ إن كلمة "نود" تترجم في اليونانية "اختلال أو رعدة". الإنسان الذي يترك الله، والذي لا توجد عنده القدرة على التفكير في الرب يكون موجودًا في أرض نود، أي يعيش في القلق واضطراب قلبه الرديء وفي اختلال الفكر والعقل.
"سقطت بابل بغتة وتحطمت"
متى سقطت بابل بغتة؟"
أعتقد أن المقصود بتلك الكلمات هو أن نهاية العالم تجيء بغتة، ستكون مثل أيام الطوفان حين كان الناس يأكلون ويشربون ويتزوجون ويزوجون إلى اليوم الذي دخل فيه نوح الفلك، ولم يعلموا حتى جاء الطوفان وأخذ الجميع" (مت 24: 37-38)، وكما حدث في أيام لوط (لو 17: 28). نفس الشيء يحدث في نهاية العالم، لن تجيء بالتدريج وإنما بغتة. وفي رأيي أن هذا أيضًا يتشابه مع ما جاء في سفر يشوع عن مدينة أريحا التي سقطت "بغتة" بمجرد حدوث صوت الأبواق، يحدث نفس الشيء أيضًا مع مدينة بابل في نهاية العالم تسقط بغتة وتتحطم. هذا إذا اعتبرنا أن العبارة السابقة تتحدث عن وقت انتهاء العالم؛ أما إذا تأملنا ماذا حدث في وقت السيد المسيح، ونظرنا إلى عمله العجيب، كيف أنه أفسد جميع التعاليم الوثنية المتعلقة بالأصنام وعبادتها، لكي يحمي المؤمنين من ثقل الخطية، عندئذ ستدرك أن في ذلك الوقت سقطت بابل بغتة وتحطمت.
ليفحص كل واحدٍ منا نفسه ليرى هل سقطت بابل من داخل قلبه أم لا. إذا كانت مدينة الاضطراب (بابل) لم تسقط بعد من قلبه، هذا دليل على أن السيد المسيح لم يأتِ بعد إلى هذا القلب، لأنه بمجرد دخوله إلى القلب تنهار بابل وتتحطم في الحال. فمن أجل ذلك حينما تصلون، اجتهدوا أن تطلبوا مجيء السيد المسيح في قلوبكم حتى يحطم بابل ويسقط كل شرها وخبثها ومكرها، ويقيم على أنقاضها أورشليم مدينة الله المقدسة، يقيمها في داخل قلوبنا].


العلامة أوريجينوس
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
هب لي كأسك الخزفي، فلا يخدعني بريق الذهب
آرميا النبي | الإناء الفخاري قبل حرقه والإناء الخزفي
تقابل فيلُبُّسَ مع الخصـي
الجسـد
انائك الخزفي


الساعة الآن 03:34 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024