كما ذكرنا سابقًا، فقد وهب الرب لنا حياته لنحيا بها مرتين، بالسر من خلال سر الجسد والدم، وفعليًا بتقديم ذاته كحمل بلا عيب ليموت على الصليب لأجلنا ويقام لأجل تبريرنا. وبذلك تم القصد الالهي واستعلن السر المكتوم من قبل الدهور لفداء الإنسان ورده، ثم جمع أبناء الله المتفرقين إلى واحد، ليحقق ما اعلنه الوحي بلسان يوحنا الرسول بتعليقه على نبوة قيافا رئيس الكهنة عن موت المسيح: ” إنه خير لنا أن يموت إنسان واحد عن الشعب ولا تهلك الأمة كلها. ولم يقل هذا من نفسه بل إذ كانا رئيسًا للكهنة في تلك السنة تنبأ أن يسوع مزمع أن يموت عن الأمة. وليس عن الأمة فقط بل ليجمع أبناء الله المتفرقين إلى واحد” (يو50:11ـ51).
فالصليب ثم القيامة كانا هما المظهر والاعلان النهائي لتحقيق مشيئة الآب بأن ينجمع الكل في المسيح يسوع، ففي سر الجسد والدم نلنا سرًا شركة الاتحاد بالمسيح، وفي الصليب وشركة آلامه التي نؤمن ونعترف بها، بل ونكملها في أجسادنا كل يوم، لنتأهل لشركة مجده أيضًا، فشركتنا في سر موت المسيح وقيامته تهبنا قوة الحياة والوحدة الكاملة، بعضنا مع بعض، من خلال شركة الجسد الواحد، وتكمل اتحادنا بالله مصدر حياتنا على مثال وحدة الآب والابن. لذلك صار من المهم لنا أن نطلب كل حين دائمًا، وبإلحاح، هذه الشركة ونصلي من أجلها لاسيما بعد أن نلنا عربون الحياة الأبدية بقيامة المسيح من الأموات.