اليهود كانوا ينتظرونه بصفات العز والجلال ولم يخطر ببالهم أنهم يعثرون به وأن أكثرهم يسقطون لعدم أيمانهم ولا يعودون يقومون فبينما هم يتوقعون مسيحا مجيدا له جبروت كداود وجلال كسليمان ,فها إنسان فقير ظهر بينهم يدعوهم إلى التوبة والخضوع له والأمتثال بقدوته الوديعة ,ففى أفكارهم شىء عال ولكن أمامهم منظر وضيع لا صورة ولا جمال له فى أعينهم فصار لهم حجر أمتحان وصخرة عثرة وصدمة ,فقد ظهر مسيحهم على حالة وهيئة يمكنهم أن يصدموه فيها بأرجلهم ويدوسوا عليه وقد عمل هكذا كثيرين فى أسرائيل ,وأما البقية التقية مثل سمعان وغيره من المذكورين فكانوا متضعين ومتذللين بسبب خطاياهم وإنحطاط أمتهم ,فهؤلاء تحيروا أيضا من هيئة فاديهم ولكن مع ذلك كان فيهم إيمان وبصيرة وميزوا حقيقة شخصه وقبلوه فصار لقيامتهم, وكانوا يشعرون بالحالة السيئة كمن وقع فى الجب أو البحر فأحتاجوا يد المعونة والمسند لأرجلهم فناسبهم الحجر كل المناسبة فلما قبلوه أستطاعوا أن يقولوا مع المزمور 40: 1- 3 1 اِنْتِظَاراً انْتَظَرْتُ الرَّبَّ فَمَالَ إِلَيَّ وَسَمِعَ صُرَاخِي 2وَأَصْعَدَنِي مِنْ جُبِّ الْهَلاَكِ مِنْ طِينِ الْحَمْأَةِ وَأَقَامَ عَلَى صَخْرَةٍ رِجْلَيَّ. ثَبَّتَ خُطُواتِي 3وَجَعَلَ فِي فَمِي تَرْنِيمَةً جَدِيدَةً تَسْبِيحَةً لإِلَهِنَا. كَثِيرُونَ يَرُونَ وَيَخَافُونَ وَيَتَوَكَّلُونَ عَلَى الرَّبِّ. وأما غير التائبين الواثقين ببر أنفسهم فلم يروا أنهم فى الضنك فإنتظروا منظرا حسنا حسب الجسد يناسب مشربهم الفاسد ولم يجدوا فى المسيح سوى صخرة عثرة وعلامة تقاوم ,وأشتهر صيت المسيح وكان كعلامة تظهر للجميع ,فألتزموا أن يجزموا فى شأنه أهو فادى إسرائيل ومخلصهم أم لا فقاوموه وأخيرا حكموا بأنه مضل وصلبوه ولم يزل الأمر هكذا إلى الآن ,فأنه ليس أحد من اليهود أو من الأمم يقبله قبولا حقيقيا أن لم يتذلل بسبب خطاياه ويشعر بأحتياجه الشديد إليه كفادى ومخلص ,قد رفعه الله كعلامة ويدعو الجميع أن ينظروا إليه كما رفع موسى الحية النحاسية فى البرية ,نعم الواثق ببر نفسه يعثربالمسيح دائما ويسقط وأى سقوط ,ونجد أيضا أن سمعان قال للعذراء وأنت أيضا يجوز فى نفسك سيف لتعلن أفكار من قلوب كثيرة ,قال هذا خصوصا للعذراء مريم ومعناه أنها هى نفسها تتألم بما هى مزمعة أن تشاهد المسيح ,فأجتياز سيف فى نفسها كلام مجازى يشير إلى الألم الحاد الحاصل لها عند معاينتها رفض المسيح وموته ,ولو تأملنا فيما جرى للتلاميذ لما أنقلبت أفكارهم ووقعوا فى حيرة وحزن بعد موت سيدهم ,ولكن لتعلن أفكار فى قلوب كثيرة يعنى تلك الحوادث التى آلمت مريم العذراء أظهرت افكار القلوب ونتذكر قول رب المجد فى يوحنا 16: 20- 22 20اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ سَتَبْكُونَ وَتَنُوحُونَ وَالْعَالَمُ يَفْرَحُ. أَنْتُمْ سَتَحْزَنُونَ، وَلَكِنَّ حُزْنَكُمْ يَتَحَوَّلُ إِلَى فَرَحٍ. 21اَلْمَرْأَةُ وَهِيَ تَلِدُ تَحْزَنُ لأَنَّ سَاعَتَهَا قَدْ جَاءَتْ، وَلَكِنْ مَتَى وَلَدَتِ الطِّفْلَ لاَ تَعُودُ تَذْكُرُ الشِّدَّةَ لِسَبَبِ الْفَرَحِ، لأَنَّهُ قَدْ وُلِدَ إِنْسَانٌ فِي الْعَالَمِ. 22فَأَنْتُمْ كَذَلِكَ، عِنْدَكُمُ الآنَ حُزْنٌ. وَلَكِنِّي سَأَرَاكُمْ أَيْضاً فَتَفْرَحُ قُلُوبُكُمْ، وَلاَ يَنْزِعُ أَحَدٌ فَرَحَكُمْ مِنْكُمْ,ظهرت أفكار العالم فإنهم فرحوا ظانين أنهم قد نزعوا حياة المسيح عن الأرض وأما أحباؤه فأظهروا أفكارهم بالحزن الشديد ,نعم قد أخطأوا إذ ظنوا أنه يمكث معهم إلى الأبد فى الحالة التى كان عليها ,ولكنهم أحبوه وبرهنوا محبتهم بالبكاء والنوح بينما العالم كان يفرح ,عادوا فحصلوا على الفرح الدائم بمشاهدتهم ربهم فى حالة القيامة من بين الأموات حيث الموت لا يعنيه أبدا ,وقد أبطل أيضا للمؤمنين به ,تبارك أسمك وتعالى إلى الأبد يا رب .