15 - 09 - 2015, 06:34 PM | رقم المشاركة : ( 9321 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
تكلم كلمة الله وليس مشاعرك
وَنَحْنُ لَمْ نَأْخُذْ رُوحَ الْعَالَمِ، بَلِ الرُّوحَ الَّذِي مِنَ اللهِ، لِنَعْرِفَ الأَشْيَاءَ الْمَوْهُوبَةَ لَنَا مِنَ اللهِ، الَّتِي نَتَكَلَّمُ بِهَا أَيْضًا، لاَ بِأَقْوَال تُعَلِّمُهَا حِكْمَةٌ إِنْسَانِيَّةٌ، بَلْ بِمَا يُعَلِّمُهُ الرُّوحُ الْقُدُسُ، قَارِنِينَ الرُّوحِيَّاتِ بِالرُّوحِيَّاتِ. 1كورنثوس 12/2-13 كإبن لله، يجب عليك أن تتكلم دائماً كلمة الله بغض النظر وبعيداً عن الظروف الواقعية. تعلم أن تتكلم إيمانك وليس مشاعرك. فالتحدي الذي يواجه المؤمنين عندما يواجهون مواقف صعبة هو أن يعرفوا ماذا يقولون في مثل هذا الموقف. حتى عندما يعلمون ما يقوله الكتاب المقدس عن موقفهم المحدد، يبدون كما لو أنهم مُرهقين من الموقف لأنهم لا يركزون على الكلمة. لذلك بدلاً من أن يتكلمون إيمانهم يتكلمون مواقفهم فمثلاً، يوجد بعض الناس الذي قد يقولون: " إني مريض من الأسبوع الماضي" أو لقد كنت ضعيفاً للغاية لمدة ثلاثة أيام مضت" ثم هناك أولئك الناس الذين يخرجون من المستوى الأول فيقولون: " لقد كنت أشعر بالمرض الأسبوع الماضي" أو " لقد أمضيت فترة طويلة بدون نقود" المشكلة تكاد تكون واحدة في هذين الصنفين من الناس وهي: أنهم أخذوا على عاتقهم مسئولية تكلم ما يختبرونه، بدلاً من تكلم كلمة الله لا يقول الله مطلقاً أنه عليك أن تصف اختباراتك أو أن تحكي ما تشعر. فقد قال بالفعل أن الأشياء التي تراها بحواسك هي وقتية، هذا يعني أنها قابلة للتغيير(2كورنثوس 4/17) لذلك لا تتكلم عنها، بل تكلم ما تقوله الكلمة عنك في وسط هذه المشكلة قد تكون شاعراً بأعراض مرض في جسدك، لكن لا تتكلم الأعراض، أعلن صحتك. قل: " لدي حياة الله في داخلي، وهي تنبض في كل كياني، من قمة رأسي حتى أطراف قدمي" قد يكون حسابك في البنك فارغ أو عليك ديون، هذا لا يجعلك ضعيفاً أو فقيراً بدلاً من أن تتكلم الفقر، أعلن أن كل الأشياء هي ملكك أعلن أنك نسل إبراهيم، لذلك الثروة الغزيرة هي وضعك الحالي - الآن لقد أتى الروح القدس ليسكن فيك، ليعلمك لغة المملكة ويعطيك الكلمات الصحيحة التي تتكلمها أرفض أن تتحدث مشاعرك، تكلم كلمة الله وما يتوافق مع كينونتك في المسيح فقط صلاة أبي الحبيب، كلمتك تعطيني الصورة الحقيقة عن من أنا وما أملكه في المسيح يسوع، لذلك أختار أن أتكلم كلمتك وليس ما تقوله مشاعري، أشكرك من أجل أنك كشفت لي من خلال كلمتك ميراثي ومواردي الأبدية في المسيح يسوع، أنا أتكلم إقرار إيماني المبني على كلمتك. في إسم يسوع. آمين |
||||
15 - 09 - 2015, 06:36 PM | رقم المشاركة : ( 9322 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
إسمح للكلمة بأن تسودك
لأَنَّ كَلِمَةَ اللهِ حَيَّةٌ وَفَعَّالَةٌ وَأَمْضَى مِنْ كُلِّ سَيْفٍ ذِي حَدَّيْن وَخَارِقَةٌ إِلَى مَفْرَقِ النَّفْسِ وَالرُّوحِ وَالْمَفَاصِلِ وَالْمِخَاخِ، وَمُمَيِّزَةٌ أَفْكَارَ الْقَلْبِ وَنِيَّاتِهِ. عبرانيين 12/4 إن كلمة الله لديها القدرة أن تؤثر لا على روحك أو عقلك وحسب، بل على جسدك المادي أيضاً. إن لاحظت الشاهد السابق سترى أن كلمة الله تصل حتى المفاصل ونخاع العظام! هذا يعني أنه بينما تحفظ كلمة الله بداخلك فهي تخترق ذهنك أولاً ثم روحك. وبينما تتأمل فيها باستمرار تخترق جسدك المادي وتؤثر في كل خلية في كيانك إن كلمة الله تعمل في روحك بنفس الطريقة التي يعمل بها الطعام في جسدك فكما أن الطعام يُهضم ويُمتص حتى يصبح جزءاً منك، فإن كلمة الله التي تقبلها تخترق روحك وتصبح في داخلك . يقول الكتاب المقدس " اهْتَمَّ بِهذَا. كُنْ فِيهِ، لِكَيْ يَكُونَ تَقَدُّمُكَ ظَاهِرًا فِي كُلِّ شَيْءٍ."1 تيموثاوس 15/4 ما هو الشيء الذي يجب أن تهتم فيه ؟ كلمة الله فالآية تقول أن تعطي نفسك بالكامل للكلمة. إنها طريقة أخرى تسمح لكلمة الله أن تسيطر عليك عليك مسئولية أن تخضع نفسك للكلمة وتسمح لها بأن تغمر كيانك. تأمل في كلمة الله استمع لها وتأمل فيها حتى تفكر بالطريقة الكتابية . خذ قراراً صائباً اليوم ودع كلمة الله تسود عليك. كن عاملاً بالكلمة وليس سامعاً وحسب. حدد وقتاً تستمع فيه لكلمة الله وتدرس الآيات بشراهة. ليكن لديك وقتاً مخصصاً للتأمل في الكلمة وترديدها حتى تتشربها في أعماقك الداخلية. عندما يحاول المرض أن يأتي أو الفشل أو أي شيء آخر ستتصداه الكلمة المزروعة في داخلك، فلن يكون للشيطان مكاناً في حياتك .ستعيش منتصراً كل يوم صلاة أبي الحبيب أنني أشكرك من أجل قوة كلمتك وقدرتها على التأثير في روحي ونفسي وجسدي. إن كلمتك تغمر كل كياني من قمة رأسي حتى أخمض قدمي ! إنني أعيش في قوة وصحة وانتصار كل يوم من خلال الكلمة في إسم يسوع |
||||
15 - 09 - 2015, 06:36 PM | رقم المشاركة : ( 9323 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
إسمح للكلمة بأن تسودك لأَنَّ كَلِمَةَ اللهِ حَيَّةٌ وَفَعَّالَةٌ وَأَمْضَى مِنْ كُلِّ سَيْفٍ ذِي حَدَّيْن وَخَارِقَةٌ إِلَى مَفْرَقِ النَّفْسِ وَالرُّوحِ وَالْمَفَاصِلِ وَالْمِخَاخِ، وَمُمَيِّزَةٌ أَفْكَارَ الْقَلْبِ وَنِيَّاتِهِ. عبرانيين 12/4 إن كلمة الله لديها القدرة أن تؤثر لا على روحك أو عقلك وحسب، بل على جسدك المادي أيضاً. إن لاحظت الشاهد السابق سترى أن كلمة الله تصل حتى المفاصل ونخاع العظام! هذا يعني أنه بينما تحفظ كلمة الله بداخلك فهي تخترق ذهنك أولاً ثم روحك. وبينما تتأمل فيها باستمرار تخترق جسدك المادي وتؤثر في كل خلية في كيانك إن كلمة الله تعمل في روحك بنفس الطريقة التي يعمل بها الطعام في جسدك فكما أن الطعام يُهضم ويُمتص حتى يصبح جزءاً منك، فإن كلمة الله التي تقبلها تخترق روحك وتصبح في داخلك . يقول الكتاب المقدس " اهْتَمَّ بِهذَا. كُنْ فِيهِ، لِكَيْ يَكُونَ تَقَدُّمُكَ ظَاهِرًا فِي كُلِّ شَيْءٍ."1 تيموثاوس 15/4 ما هو الشيء الذي يجب أن تهتم فيه ؟ كلمة الله فالآية تقول أن تعطي نفسك بالكامل للكلمة. إنها طريقة أخرى تسمح لكلمة الله أن تسيطر عليك عليك مسئولية أن تخضع نفسك للكلمة وتسمح لها بأن تغمر كيانك. تأمل في كلمة الله استمع لها وتأمل فيها حتى تفكر بالطريقة الكتابية . خذ قراراً صائباً اليوم ودع كلمة الله تسود عليك. كن عاملاً بالكلمة وليس سامعاً وحسب. حدد وقتاً تستمع فيه لكلمة الله وتدرس الآيات بشراهة. ليكن لديك وقتاً مخصصاً للتأمل في الكلمة وترديدها حتى تتشربها في أعماقك الداخلية. عندما يحاول المرض أن يأتي أو الفشل أو أي شيء آخر ستتصداه الكلمة المزروعة في داخلك، فلن يكون للشيطان مكاناً في حياتك .ستعيش منتصراً كل يوم صلاة أبي الحبيب أنني أشكرك من أجل قوة كلمتك وقدرتها على التأثير في روحي ونفسي وجسدي. إن كلمتك تغمر كل كياني من قمة رأسي حتى أخمض قدمي ! إنني أعيش في قوة وصحة وانتصار كل يوم من خلال الكلمة في إسم يسوع |
||||
16 - 09 - 2015, 02:24 PM | رقم المشاركة : ( 9324 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
شجرة الإيمان الشهداء القديسين دول .. رووا شجرة الإيمان بدمهم .. الولاه الوثنيين انبهروا من قوة ايمان المسيحيين .. في السجون بيرنموا..ويسبحوا .. دايما فرحانين .. محدش فيهم تذمر .. أو اشتكي .. أحد الجنود الوثنيين .. سأل احد المسيحيين المحكوم عليه بالالقاء للوحوش المفترسه .. : إنت إزاي فرحان كده .. ومش خايف .. وبترنم وتشكر وتسجد وتصلي .. انتو بصراحة.. هتجننوني !! .. قاله : إحنا المسيحيين .. بالإيمان والثقه .. شايفين اللي انت مش شايفه .. إنت شايف السجن و الضلمه .. والتعذيبات .. وبتتخيل الوحوش الجعانه !! .. وهي بتهجم علينا .. لكن إحنا شايفين إلهنا معانا .. مالي عنينا بنوره .. مالي قلوبنا بأفراحه .. مالي عقلنا بوعوده .. مالي أشواقنا بملكوت السموات.. سأله الجندي باستغراب : يعني إيه ملكوت السموات .. ؟؟ قاله : الملكوت .. هو وجودنا في محضر الهنا القدوس .. هنكون لابسين ثياب بيضاء .. وماسكين سعف النخل .. وسط كل الغالبين .. اللي غلبوا الخطيه .. والكراهية .. والطمع .. والخوف .. وعاشوا في حب المسيح اللي أحبنا إلي المنتهي .. وبذل ذاته من أجلنا - و هنعيش الابديه اللي مش هتنتهي .. في فرح دائم أمام عرش الله .. ساجدين مهللين .. الجندي الروماني الشرس ده .. قاله .. : أنا مش عارف إزاي كده .. أنا حبيتك انت والهك .. - بعد ايام قليله كان شهيد المسيح يقف بفرح .. استعدادا لتقديم ذاته كذبيحة حب للمسيح تحت أنياب الوحوش .. فوجئ بأن ذلك الجندي الروماني .. يقف معه في نفس طابور الاستشهاد .. بعد أن أعلن عن إيمانه بالملك المسيح .. + يارب يسوع المسيح .. احفظنا في ايمانك الحقيقي العملي .. واعطنا ان نشهد لك ..بطهارتنا..رغم انتشار الشر .. نشهد لك بأمانتنا .. رغم الغش والخداع .. نشهد لك بمحبتنا.. رغم البغضة والعداوة .. وذلك بنعمة عمل روحك القدوس فينا . أمين . |
||||
16 - 09 - 2015, 05:13 PM | رقم المشاركة : ( 9325 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
«إِنْ كَانَتْ شَرِكَةٌ مَا فِي ٱلرُّوح»
«إِنْ كَانَتْ شَرِكَةٌ مَا فِي ٱلرُّوح» (فيلبي 2: 1) في بدء الخليقة قال الله: «لَيْسَ جَيِّدًا أَنْ يَكُونَ آدَمُ وَحْدَهُ، فَأَصْنَعَ لَهُ مُعِينًا نَظِيرَهُ» (تكوين 2: 18). ومن هنا نتعلم ان حياة الشركة كانت وستبقى ضرورة للإنسان في كل جيل وعسر. وقد تأكد بالاختبارات ان الإنسان لا يبلغ النضوج ما لم يعش مع الآخرين في تعاون مستمر. وان خير التعاون ما كان مؤسساً على المحبة. لأنه لا شيء يجمع الأفراد ويزكي تعاونهم ويعزز تقاربهم مثل المحبة. قال أحدهم: قد تتجمع حبات الرمل اذا ما بللت وضغطت حتى لتبدو انها متماسكة ولكن ما أن تجف حتى تفقد تماسكها وتتناثر هنا وهناك. بعكس ذرات الحديد إذا ما تجمعت حول قطعة ممغنطة فانها تتلاحم بجاذب المغناطيس ويدوم تلاحمها. * هكذا الحال مع الناس، فاذا تقاربوا بفعل عوامل خارجية لا يستمر تقاربهم طويلاً. لأن العوامل الخارجية سرعان ما تستهلكها المآرب الشخصية فينفرط العقد. أما التقارب الذي يحصل بجاذب المحبة الصحيحة فيثبت. وخصوصاً متى كانت دوافع التقارب ولاء مشتركاً لشخص ما. * هكذا حدث عند مغارة عدلام، حين أتى أتباع داود من كل أطراف المملكة. كان بعضهم خشنى الطباع، وبعض آخر متضايقا، وبعض آخر مثقلاً بالديون، وبعض آخر مرّ النفس. ولكن شخصية داود الفذة جمعتهم في ولاء عجيب. ونجم عن تماسكهم بالولاء سقوط مؤامرة شاول لأن جيشه لم يستطع التغلب على تلك الغيرة المتأججة في صدورهم. فإن كان الالتفاف حول إنسان يؤدي الى هذه النتيجة، فكم بالحري الالتفاف حول شخص الرب يسوع يؤدي الى نتيجة أعظم؟! * هذا ما نستطيع التأكد منه، حين نلقي نظرة على عائلة مسيحية بالحق. فقبل دخول المسيح حياتهم، ربما كان الآب والأم والأولاد مرتبطين برباط الدم. ولكن رباط الدم لا يستطيع رفع العائلة الى المستوى الذي فيه يحب الإنسان قريبه كنفسه. ولكن ما أن دخل المسيح القلوب حتى غيرها وأوجد في العيلة عمقاً في المحبة. فأصبح اسم الرب تسبيحة في أفواههم، ومحبة الإخوة رغبة في قلوبهم وخدمة الناس مستطابة في أيديهم. انها ثورة جديدة سكبها المسيح في العيلة فصار كل فرد فيها انساناً جديداً صانعاً سلاماً. وهذا الالتفاف حول يسوع أكثر روعة في الكنيسة التي اقتناها الرب بدمه. لأنه حين تتلاقى قلوب المسيحيين حول رئيس إيمانهم ومكمله، تتحول العواطف الى مودة أخوية، وتتعمق المودة الى قلب المحبة، فتتأصل النفوس في المسيح. وعندئذ يعرف المسيحي ما هو العرض والطول والعمق والعلو لمحبة المسيح الفائقة ويمتلئ الى كل ملء الله. * جميل هو التعاطف الانساني، الذي يجذبنا حول أمور مشتركة. ولكن هذا التعاطف لا يستطيع أن يوحد لنا شركة كتلك التي توحدنا في محبة المسيح، وتحصرنا في الولاء لملكوت المسيح فتصبح سيرتنا في السمويات. * أيها الأحباء حين نتأمل العبارات التي تليت علينا من الرسالة الى فيلبي تتبين لنا خمس روابط للشركة حسب انجيل المسيج. أولاً الوعظ: قال الرسول: «فَإِنْ كَانَ وَعْظٌ مَا فِي الْمَسِيح» (فيلبي2: 1). هذه الرابطة يجب أن نعززها بالطاعة لأمر المسيح القائل: «مَنْ لَهُ أُذُنَانِ لِلسَّمْعِ فَلْيَسْمَعْ» (متّى 11: 15). قال صموئيل النبي: «الاسْتِمَاعُ أَفْضَلُ مِنَ الذَّبِيحَةِ، وَالإِصْغَاءُ أَفْضَلُ مِنْ شَحْمِ الْكِبَاشِ» (١صموئيل 15: 22). والحق في أننا في حاجة مستمرة الى الوعظ لزيادة إيماننا، وتشدد رجائنا وتزكية محبتنا. والمناسبة تقول لكل واحد منا: لعلك مررت بأوقات كنت فيها حاقداً على إنسان أو مغتاظاً من إنسان. ولكن صوت الله كان تكلم في داخلك وتأثيراً رقيقاً كان يمتلك مشاعرك، وحنينا كان يشدك الى أخيك الذي حقدت عليه، أو قريبك الذي اغتظت منه. * هذه أصداء عظة المسيح عندما قال: «فَإِنْ قَدَّمْتَ قُرْبَانَكَ إِلَى الْمَذْبَحِ، وَهُنَاكَ تَذَكَّرْتَ أَنَّ لأَخِيكَ شَيْئًا عَلَيْكَ، فَاتْرُكْ هُنَاكَ قُرْبَانَكَ قُدَّامَ الْمَذْبَحِ، وَاذْهَبْ أَوَّلاً اصْطَلِحْ مَعَ أَخِيكَ» (متّى 5: 23-24 ). ولعل أصداء هذه العظة نفسها، جعلتك تعدل عن توجيه اللوم الى أخيك. أو حملتك على أن لا ترسل خطابا قاسي اللهجة الى قريبك. ربما كنت الى وقت قريب تبحث عن أنسب وسيلة للانتقام من أعدائك الذين أساءوا فهمك وأساءوا اليك ولكن عظة المسيح القائلة: «لاَ تُقَاوِمُوا الشَّرَّ، بَلْ مَنْ لَطَمَكَ عَلَى خَدِّكَ الأَيْمَنِ فَحَوِّلْ لَهُ الآخَرَ أَيْضًا» (متّى 5: 39)، أقنعتك ليس بالرجوع عن فكرة الانتقام وحسب. بل أيضا بمبادلة الأعداء المحبة ومبادلة اللاعنين بالبركة، ومقابلة المبغضين بالإحسان ومعاملة المسيئين بالصلاة من أجلهم. هكذا تلقى بولس من المسيح فكتب لنا وصيته القائلة: «إِنْ جَاعَ عَدُوُّكَ فَأَطْعِمْهُ. وَإِنْ عَطِشَ فَاسْقِهِ. لأَنَّكَ إِنْ فَعَلْتَ هذَا تَجْمَعْ جَمْرَ نَارٍ عَلَى رَأْسِه. لاَ يَغْلِبَنَّكَ الشَّرُّ بَلِ اغْلِبِ الشَّرَّ بِالْخَيْر» (رومية 12: 20-21 ). * ثانياً تسلية المحبة: فقد قال الرسول: «إِنْ كَانَتْ تَسْلِيَةٌ مَا لِلْمَحَبَّة» (فيلبي 2: 1). واكرم بها من تسلية تدخل العزاء الى القلب المكتئب، وتجبر الخاطر المنكسر! يوجد أناس خارت قواهم وصغرت نفوسهم، والوفاء المسيحي يلزمنا أن نقدم لهم تسلية المحبة. أن نقدم لهم كلمات المسيح المشجعة، مشفوعة بالابتسامة الرقيقة التي تنم عن المودة. جاء في التقليد ان حكيما سأل ايليا النبي مَن مِن الجمهور المتحرك في المدينة يحظى بأعظم مكافأة من الله؟ فأشار إيليا الى عاملين كانا يسيران وسط الجمهور فرحين مبتسمين. فركض الحكيم وسأل العاملين ما هي الصفات العالية التي يتصفان بها؟ فقالا لسنا سوى عاملين فقيرين. وكل ما يقال عنا اننا مبتسمي الوجه. وكلما التقينا بحزين ننضم اليه ونرافقه ونواسيه لينسى حزنه. واذا عرفنا عن شخصين متخاصمين نذهب اليهما ونلاطفهما ونصالحهما. هذا كل ما نفعله. تشبهوا بهذين العاملين في التخفيف من أكدار الناس، والعمل على إشاعة السلام بينهم متذكرين قول الرب يسوع طوبى لصانعي السلام لأنهم أبناء الله يدعون. * ثالثاً شركة الروح: قال الرسول: «إِنْ كَانَتْ شَرِكَةٌ مَا فِي الرُّوحِ» (فيلبي 2: 1). في الكنيسة تجمعنا الشركة حول الرب يسوع، الذي ارتبط معنا بروابط الاخاء كما هو مكتوب: «لأَنَّ الْمُقَدِّسَ وَالْمُقَدَّسِينَ جَمِيعَهُمْ مِنْ وَاحِدٍ، فَلِهذَا السَّبَبِ لاَ يَسْتَحِي أَنْ يَدْعُوَهُمْ إِخْوَةً، أُخَبِّرُ بِاسْمِكَ إِخْوَتِي، وَفِي وَسَطِ الْكَنِيسَةِ أُسَبِّحُكَ» (عبرانيين 2: 11-12 ). كل مسيحي حقيقي متمتع برفقة الروح القدس لان الروح المبارك ماكث فيه. يزوده بالمواهب الروحية ويعزيه في أثناء أحزانه. ويقويه أمام تجاربه ويرشده الى جميع الحق. * يخبرنا لوقا في سفر الاعمال ان جميع الذين آمنوا كانوا في قلب واحد ونفس واحدة. وكانوا يجتمعون باسم الرب الواحد ويترنمون ويصلون معا. بعكس ما نرى عند الكثيرين في أيامنا الذين لا يذهبون الى الكنيسة يوم الأحد. وحجتهم انهم يصلون في البيت أو كما قال لي رب عائلة يكفي ان نستمع الى البرامج الدينية المذاعة بالراديو. هؤلاء يحرمون أنفسهم بركة الشركة مع الإخوة في الروح. ويحرمون أنفسهم من امتياز القول: « فَرِحْتُ بِالْقَائِلِينَ لِي: إِلَى بَيْتِ الرَّبِّ نَذْهَبُ» (مزمور 122: 1). انهم يتجاهلون القول النبوي: « هُوَذَا مَا أَحْسَنَ وَمَا أَجْمَلَ أَنْ يَسْكُنَ (يجتمع) الإِخْوَةُ مَعًا!... لأَنَّهُ هُنَاكَ أَمَرَ الرَّبُّ بِالْبَرَكَة» (مزمور 133: 1-3). * رابعاً أحشاء ورأفة: الأحشاء مركز الرأفة ورقة القلب التي تحمل الرحمة. كتب أحد المؤمنين العبارات التالية وألصقها على مرآته ليراها كل صباح: لن أعبر هذا اليوم سوى مرة واحدة فأي خدمة يمكنني أن أسديها يجب أن أقوم بها. وأي رحمة أستطيع أن أدرك بها انسانا يجب أن أعملها. هذا شعار جميل جدير بأن نحمله فنعمل لتوزيع الرحمة حولنا. ونجتهد لانهاض الساقط الذي لم ينهضه أحد. ونسعى لمواساة المكتئب الذي لم يواسيه أحد. ونتقدم لمساندة المستضعف الذي لم يسنده أحد ونسرع الى التخفيف عن البائس الذي لم يخفف عنه أحد. * قال أحد الأتقياء: نتعلم من سفر الرؤيا اننا لسنا فقط إخوة الآخرين في الخطية، بل نحن أيضا إخوتهم في الفداء. وقال التلميذ الذي كان يسوع يحبه: «أَنَا يُوحَنَّا أَخُوكُمْ وَشَرِيكُكُمْ فِي الضِّيقَةِ وَفِي مَلَكُوتِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ..» (رؤيا 1: 9) ففي هذه الشركة المثلثة تتمثل الحياة المسيحية، كما عرفتها الكنيسة الأولى. وهذه الشركة المثلثة مبنية على كلمات المسيح الثلاث التالية «فِي الْعَالَمِ سَيَكُونُ لَكُمْ ضِيقٌ» (يوحنا 16: 33)، «لأَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ سُرَّ أَنْ يُعْطِيَكُمُ الْمَلَكُوتَ» (لوقا 12: 32)، «بِصَبْرِكُمُ اقْتَنُوا أَنْفُسَكُمْ» (لوقا 21: 19). * خامساً الفكر الواحد: قال الرسول : «افْتَكِرُوا فِكْرًا وَاحِدًا وَلَكُمْ مَحَبَّةٌ وَاحِدَةٌ» (فيلبي 2: 2). وفي رسالته الى أفسس، قال: «احْفَظُوا وَحْدَانِيَّةَ الرُّوحِ» (أفسس 4: 3). ويقينا ان أعمق ما في الشركة المسيحية، ان يكون فيها الفكر الواحد، الذي دعا اليه الرسول الكريم وهو التشبه بالرب يسوع. ان نتشبه به في وداعته وتواضعه، وفقا لدعوته حين قال : «اِحْمِلُوا نِيرِي عَلَيْكُمْ وَتَعَلَّمُوا مِنِّي، لأَنِّي وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ الْقَلْبِ، فَتَجِدُوا رَاحَةً لِنُفُوسِكُمْ» (متّى 11: 29). هذه هي الطريقة المثلى لكي نملكه على حياتنا ونجعله متقدما في كل شيء. متذكرين شيئا واحدا، «لاَ شَيْئًا بِتَحَزُّبٍ أَوْ بِعُجْبٍ، بَلْ بِتَوَاضُعٍ، حَاسِبِينَ بَعْضُكُمُ الْبَعْضَ أَفْضَلَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ» (فيلبي 2: 3). تلك هي دعوتنا في نكران الذات وحمل نير المسيح الى أن ننتهي الى وضع النفس. وبوضع النفس تزداد محبة المسيح فينا المحبة التي لا تطلب ما لنفسها. وعندئذ نرى في الآخرين شيئا من المسيح فنحبهم كنفسنا. أيها الأحباء قد يكون بيننا من لم يتمتع بعد بهذه الامتيازات المجيدة، لأنه لم يمارس شركة المحبة في عمقها محباً ومحبوباً. ولكن لا تسريب عليه فالفرصة ما زالت سانحة وكل ما يطلب اليه ان يتجاوب مع النعمة الإلهية المخلصة بالإيمان. كما هو مكتوب: « لأَنَّكُمْ بِالنِّعْمَةِ أَنْتُمْ مُخَلَّصُونَ وَذلِكَ لَيْسَ مِنْكُمْ . هُوَ عَطِيَّةُ الله» (أفسس 2: 8) * * * أشكرك أحبك كثيراً... الرب يسوع يحبك ... بركة الرب لكل قارئ .. آمين . وكل يوم وأنت في ملء بركة إنجيل المسيح... آمين يسوع يحبك |
||||
16 - 09 - 2015, 05:22 PM | رقم المشاركة : ( 9326 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الثالوث القدوس ووحدانية الله عند اباء ما قبل نيقية، الاب متي المسكين
الثالوث القدوس ووحدانية الله عند اباء ما قبل نيقية، الاب متي المسكين 3 – الاصطلاحان الحارسان لمفهوم الوحدة الإلهية أولاً: “في الله” ثانياً: “من الله” لقد أنشأ لقب “ابن الله” و“كلمة الله” للمسيح حتمية الدخول في معرفة الصلة الكيانية بين هذه الألقاب وبين طبيعة الله وذاته. والكتاب المقدَّس لم يترك هذا الموضوع دون أن يشير إليه في مواضع عديدة جدًّا، باصطلاحين يترددان دائماً، وهما: “في الله”، “من الله”. أمَّا الاصطلاح الأول فيوضِّح في بساطة أن الرب بالرغم من ظهوره واستعلانه “كخارج من عند الآب” إلاَّ أنه قائم في وحدة الله غير منقسم أو منفصل عن هذه الوحدة ولا ممتد أو خارج عنها، بل قائم كبسيط في البسيط دون أي تركيب أو انقسام عددي في الله الواحد، لأن هذه هي صفة جوهر الله (فجوهر الله بسيط غير مركب من اجزاء). وهذا المعنى العميق الرائع يوضِّحه القديس أثناسيوس في بساطة واختصار إعجازي هكذا: [الابن والكلمة من الله وفي الله، كلٌّ منهما يتضمَّن الآخر، فإذا لم يكن هو “ابن” فهو ليس “كلمة”، وإذا لم يكن “كلمة” فهو ليس “ابناً”.]([1]) [فكيان الابن لأنه “من الآب” لذلك فهو “في الآب”.]([2]) لذلك وبهذين الاصطلاحين “من الله” و“في الله” استطاع الآباء أن يوازنوا بين “لاهوت المسيح” و“وحدانية الله”، وخاصة في دفاعهم ضد الوثنيين، لرفع أي التباس من جهة تعدد الآلهة بسبب القيام الذاتي للآب والابن معاً في الثالوث. وإليك دفاع أثيناغوراس في هذا الشأن: [لا يسخر أحد من القول بأن الله له ابن، لأنه ليست لنا مثل تلك الأفكار التي لدى شعرائكم، في الميثولوجيات، التي لا تجعل الآلهة أفضل من البشر في شيء، ولكن “ابن الله” هو “كلمة الآب”، وهو كخالق إنما يجمع بين الفكر والقوة. فالآب والابن واحد، فالابن كائن “في الآب” والآب كائن “في الابن”، في الوحدانية والقوة بالروح. فابن الله هو فكر وكلمة الآب.]([3]) وهكذا حينما بلغ الآباء في دفاعهم إلى يقين لاهوت الابن، عادوا في الحال ليحموا وحدانية الله من أي شائبة مادية تجنح بالفكر إلى التقسيم والتفريق في اللاهوت. ومن الناحية المقابلة ليتحفَّظوا من خطر الفكر الوثني الذي يحاول الفصل بين الابن والروح من الآب ليصنع من الثالوث تعدُّد آلهة. ولهذا استخدم الآباء كلاًّ من الاصطلاحين “في الله” و“من الله” بالتتابع، للحفاظ على تساوي اللاهوت في الثالوث من جهة، ومن جهة أخرى للتأكيد على وحدانية الله المطلقة ذاتاً وكياناً. أولاً: في الله: من واقع إعلان الكتاب المقدَّس الذي ينبغي أن يُقبل دون أي مناقشة، أن الابن والروح القدس هما “في الله الواحد”، والله الواحد فيهما، لا مجرَّد الوجود الكياني بل الوجود الحي الفعَّال، لتكميل صفات الذات الإلهية الواحدة: أبوَّة وبنوَّة وروحانية، ثلاث صفات جوهرية مشخَّصة. ويوضِّح الرب نفسه أن “الابن في الآب والآب في الابن” (انظر: يو 11:14)، «والآب الحال (الساكن) فيَّ» (يو 10:14)، «الابن الوحيد الذي هو في حضن الآب.» (يو 18:1) هذه الآيات تعبِّر عن نوع وجود “الابن في الآب”، فهو ليس وجوداً مجرَّداً بل وجوداً مشخَّصاً حيًّا فعَّالاً متبادل العلاقات الكاملة الذاتية التي تقوم بين البنوَّة والأبوَّة، لتكمُل الأبوَّة في البنوَّة وتكمُل البنوَّة في الأبوَّة، وتنتهي إلى كمال “الذات الإلهية” من حيث كونها مصدر كل “أبوَّة” في السماء والأرض «الذي منه تسمَّى كل أُبوَّة (عشيرة) في السموات وعلى الأرض.» (أف 15:3) ولكي يزيد الكتاب توضيحاً لمدى شدة وعمق العلاقة القائمة بين الآب والابن في الروح القدس، أعطى المثل على مستوى إدراكنا، من إحساسنا ومشاعرنا: «الروح يفحص كل شيء حتى أعماق الله لأن مَنْ مِنَ الناس يعرف أمور الإنسان إلاَّ روح الإنسان الذي فيه. هكذا أيضاً أمور الله لا يعرفها إلاَّ روح الله.» (1كو 10:2و11) هذا الوجود المتبادل في الأقانيم (الثالوث) مع بقائهم في غير انفصال، أي في وحدة ذاتية كاملة، يعبَّر عنه في اللاهوت باصطلاح “الاحتواء”، وهي كلمة مشتقة من الأصل التي تفيد “التحرُّك والاحتواء” معاً. ويقابلها في الإنجليزية Coinherence، وتفيد أن الأقانيم تحتوي أو “ترتاح” في بعضها البعض، وهنا كلمة “الارتياح” تفيد نفس الكلام الذي سبق وقلناه أن وجود الأقانيم في بعضها ليس كمجرد تواجد بل هو “إرتياح” أي انسجام مطلق، وهذا الانسجام المطلق هو التساوي المطلق، ومن هنا تبرز معنى “الوحدة” ومعنى الانقسام أو الانفصال في الأقانيم بالرغم من تمايز كل منها في عمله. فالتعبير هنا ليس فلسفة بل واقع لاهوتي حي. فالثالوث متواجد معاً ودائماً في كل من الأقانيم بدون انقسام أو انفصال. وقد استخدم القديس أثناسيوس هذا الاصطلاح ضد الأريوسيين كتقليد كنسي وصل إليه بالتسليم([4])، وقد سبقه في استخدام هذا الاصطلاح ديونيسيوس بابا روما: [لأنه يتحتَّم أن يكون “الكلمة” الإلهي متحداً مع إله الكون كما يتحتَّم أن يرتاح الروح القدس ويسكن في الله.]([5]) وقد سبق ديونيسيوس في توضيح هذا المعنى أثيناغوراس: [نؤمن بالله الآب والله الابن وبالروح القدس، ونعلن قوتهم في الوحدانية وتمايزهم في الترتيب، فالابن في الآب والآب في الابن بالروح القدس العامل في الوحدة والقوة.]([6]) وهكذا نرى أن الآباء منذ البدء كانوا مهتمين جدًّا بالتأكيد على هذا الاصطلاح أو على ما يفيد معناه لإثبات الوحدانية في الثالوث بحسب ما جاء في الكتاب المقدَّس. بل وحرصوا جدًّا أن تكون الخاتمة التي يختمون بها عظاتهم وتآليفهم، أي الذُكصا، تحتوي على هذا المعنى أي التمايز الأقنومي في وحدة الإله الواحد. فنسمع كليمندس الإسكندري في خاتمة كتابه عن المعلِّم هكذا: [وإلى الواحد الوحيد، الآب والابن، والابن والآب، الابن قائدنا ومعلِّمنا، مع الروح القدس أيضاً واحداً في الكل والكل في الواحد … له المجد إلخ.]([7]) وهكذا كانت الإسكندرية منذ البدء صاحبة هذا التقليد بالتسليم الرسولي. وقد كان هذا الاصطلاح الراسخ في اللاهوت الآبائي، أي ارتفاق الثالوث وتساويه المطلق في الله الواحد، هو القوة العظمى التي كانت كسلاح في يد أثناسيوس في دفاعه ضد الأريوسية. وإليك نموذجاً رائعاً لدفاعه. [لأنه حيثما ذُكر الآب ذُكر ضمناً كلمته والروح القدس الذي هو في الابن، وإذا ذُكر الابن فإن الآب في الابن والروح القدس ليس خارج الكلمة، لأن من الآب نعمة واحدة تتم بالابن في الروح القدس. وهناك طبيعة إلهية واحدة وإله واحد «على الكل وبالكل وفي الكل» (أف 6:4).]([8]) [وإن كانت توجد في الثالوث المقدس المساواة وهذا الاتحاد فمن الذي يستطيع أن يفصل الابن عن الآب أو يفصل الروح القدس عن الابن أو عن الآب نفسه؟]([9]) [لنتأمَّل في تقليد الكنيسة الجامعة وتعاليمها وإيمانها منذ البدء التي أعطاها الرب وكرز بها الرسل وحفظها الآباء. على هذه تأسَّست الكنيسة، ومَنْ يسقط منها لا يُعتبر مسيحياً. إن هناك ثالوثاً مقدَّساً وكاملاً ومعتَرفاً به أنه الله الآب والابن والروح القدس، لا يتكوَّن من واحد يخلق وآخر يبدع بل الكل يخلقون، وهو متماثل (متساوي)، وفي الطبيعة غير قابل للتجزئة، ونشاطه واحد. الآب يعمل كل الأشياء بالكلمة في الروح القدس وهكذا تُحفظ الوحدة في الثالوث المقدَّس، وهكذا يُنادى بإله واحد في الكنيسة «الذي على الكل، وبالكل، وفي الكل» (هنا الكل يعني الثالوث) “فعلى” الكل كآب، “وبالكل” أي بالكلمة “وفي” الكل أي في الروح القدس، هو ثالوث ليس فقط بالاسم وبالكلام بل بالحق والفعل، لأنه كما أن الآب واحد وإله على الكل هكذا أيضاً كلمته واحد وإله على الكل. والروح القدس ليس بدون وجود فعلي بل هو كائن وله وجود فعلي.]([10]) [لأن كل ما للآب هو للابن أيضاً. إذن فتلك التي تُمنح من الابن في الروح القدس هي مواهب الآب، وعندما يكون الروح القدس فينا يكون أيضاً فينا الكلمة الذي يمنح الروح القدس والآب الذي هو في الكلمة. وهذا يتفق مع ما قيل «إليه نأتي أنا والآب وعنده نصنع منزلاً» (قارن: يو 23:14). لأنه حيث وُجد النور وُجد أيضاً شعاعه، وحيث وُجد الشعاع وُجد أيضاً نشاطه، ووجِدَت نعمته الخالقة.]([11]) ثانياً: من الله: وهذا الاصطلاح الإنجيلي والمتكرِّر في كل أسفار العهد الجديد، اتخذه الآباء في شرح علاقة الابن والروح القدس بالآب، أي أنهما “من الآب”، للحفاظ على وحدة الأصل أو السلطان أو الملوكية في الثالوث. ومن ذلك تكوَّنت عقيدة Monarchia عند الآباء لحراسة مفهوم “وحدانية الله” ضد أي انحراف في مفهوم الثالوث ناحية الوثنية وتعدُّد الآلهة أو تعدُّد الأصول في الفلسفة. فكما يقول أثناسيوس سابقاً: [حيثما ذُكر الآب ذُكر ضمناً كلمته والروح القدس]، وهذا يُعتبر مفتاح فهم الثالوث وفهم لغة الكتاب المقدَّس من جهة الآب والابن والروح القدس. فمثلاً نقرأ أن الآب هو “الإله وحده”، ثم يذكر بعد ذلك اسم الرب يسوع المسيح «وهذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته» (يو 3:17) حيث يقع هنا اسم يسوع المسيح موقع التكميل للتوضيح حسب عادة الكتاب المقدَّس في تفسير المعاني الصعبة. فالآب هو الإله الحقيقي الوحيد مع ابنه يسوع المسيح الذي أرسله لإعلان أبوَّته ووحدانيته والحق الإلهي الذي فيه. وفي هذا يقول أثناسيوس: [فإن كان الآب يسمَّى “الإله الحقيقي الوحيد” فهذا قيل ليس بغرض نفي حقيقة المسيح الذي قال عن نفسه: “أنا الحق”، ولكن بقصد إقصاء (الآلهة) التي ليست هي “الحق” عن الآب وكلمته اللذين هما الحق. ومن أجل هذا فإن الرب أضاف حالاً: «ويسوع المسيح الذي أرسلته» … وهكذا بإضافة نفسه إلى الآب أوضح أنه من جوهر الآب، وأعطانا أن نعرف أنه من الآب الحقيقي كابن حقيقي، ويوحنا نفسه كما تعلَّم (من الوحي في الإنجيل) هكذا كان يعلِّم (بالروح) في رسالته «ونحن في الحق في ابنه يسوع المسيح. هذا هو الإله الحق والحياة الأبدية» (1يو 20:5).] ولهذا يشرح الآباء العلاقة السرية بين لاهوت الابن ولاهوت الآب أنه: [نور من نور، إله حق من إله حق]. فهنا ذِكرُ الواحد يشمل الآخر بالضرورة الحتمية. لأنه ليس منه فقط بل وفيه! وهذا في نفس الوقت لا ينفي التميُّز كما يقول هيبوليتس: [حينما أقول أن الابن متميِّز عن الآب، فأنا لا أتكلَّم عن إلهين ولكن كنور من نور وكنهر من نبع وكشعاع من الشمس.]([12]) كما ويتضح هذا مرَّة أخرى في رسالة بولس الرسول الأُولى إلى تيموثاوس حينما يصف الله الآب هكذا: «وملك الدهور الذي لا يفنى ولا يُرى الإله الحكيم وحده له الكرامة والمجد» (1تي 17:1)، هنا يقول الكتاب إن الله هو «الإله الحكيم وحده» ولكن معروف أن المسيح الكلمة هو «حكمة الله»، فالله لا يمكن أن ينفصل عن حكمته. فإن كان الله يُدعى «الحكيم وحده»، فهو واحد مع حكمته أي هو والمسيح الكلمة الإله الواحد الحكيم. وعلى هذا الأساس من مفهوم الـ Monarchia، سجل الآباء مطلع قانون الإيمان الرسولي النيقاوي الذي لم يكن إلاَّ تسجيلاً لتقليد الرسل، هكذا: [نؤمن بإله واحد الله الآب ضابط الكل … خالق السماء والأرض ما يُرى وما لا يُرى، نؤمن برب واحد يسوع المسيح ابن الله الوحيد المولود من الآب، نعم نؤمن بالروح القدس الرب المحيي المنبثق من الآب.] هنا الله الآب أُعطى صفة “الإله الواحد”، ثم ذُكر الابن والروح القدس في صميم الإله الواحد (منه وفيه) كمكمِّلين للثالوث المتساوي، فالإله يشمل الآب والابن والروح القدس. هذا التفسير قديم جدًّا في الكنيسة، وهو تقليد محفوظ، ونقرأه لترتليان: [إنه من الخطأ أن نتصوَّر أن العدد والترتيب في (ذكر) الثالوث هو انقسام في وحدانيته أو أن الوحدة تنفي الثالوث.]([13]) [إن تنازل الثالوث ابتداءً من الآب باتصال وثيق على درجات يتفق مع ألـ Monarchia أي وحدة الأصل وفي نفس الوقت يحمي التدبير.]([14]) ويوضِّح البابا ديونيسيوس الإسكندري هذه الحقيقة في اختصار شديد هكذا: [نحن نمتد بالوحدة غير المنقسمة إلى الثالوث، ثم نركِّز على الثالوث غير المفترق لنبلغ الوحدة.]([15]) ومن هذا يتضح أنه يستحيل أن نعبد أحد الأقانيم الإلهية دون أن نعبد الكل معاً، وحينما نصلِّي إلى الآب فنحن نتقدَّم إلى حضرته السرية الفائقة في شخص ابنه وفي الروح القدس، كما تعوَّدنا دائماً أن نبدأ الصلاة أو نختمها في اسم الثالوث المتحد. وهكذا وجدنا أن مبدأ “وحدة الأصل مونأرخيا Monarchia” بدأ كعقيدة أرثوذكسية للحفاظ على حقيقة الوحدة في الثالوث. وسارت كتقليد مبكِّر جدًّا في الكنيسة، ولكن سرعان ما اختطفها الهراطقة من فم آباء الكنيسة ليستخدموها ضد العقيدة والإيمان كله. كما يقول ترتليان: [إن الشيطان الذي ينافس ويناقض الحق بكل الطرق جعل نفسه بطلاً على أساس عقيدة أن الله واحد حتى يصنع أكبر هرطقة من كلمة “واحد”.]([16]) لقد تصَّوروا أن عقيدة لاهوت المسيح لا يمكن توافقها مع الإيمان بوحدة الله، أي أنها تتعارض مع الإيمان “بالله الواحد”. وهكذا تجمع كثير من الهراطقة الذين كانوا مختلفين في كل شيء ليتفقوا ويتحدوا في شيء واحد ضد الثالوث، وهو المناداة بوحدة الله ضد لاهوت المسيح. وفي هذا يقول ترتليان أيضاً: [هؤلاء السذج، إن لم نَقُلْ – قصيرو البصر والجهلاء – الذين يكوِّنون السواد الأعظم من المؤمنين الذين بواسطة قانون الإيمان الرسولي عادوا من عبادة آلهة العالم الوثني إلى عبادة الله الحقيقي غير عالمين أن الإيمان بوحدانية الله إنما هو على أساس تدبيره المتعدِّد (أي الثلاثي: الخلقة، الفداء، التقديس). ولكن هؤلاء بسبب قصورهم يظهرون كخائفين من هذا التدبير الإلهي عينه، ويقولون عنَّا إننا نعبد ثلاثة آلهة، أمَّا هم ففي نظر أنفسهم يعبدون إلهاً واحداً ولذلك يقولون إنهم متمسِّكون بشدة بالمونأرخيا = الوحدانية.]([17]) ومن ضمن الذين وقعوا في هذه المونأرخيا (الوحدانية) الصورية زفرينوس بابا روما، على أساس تخوُّفه من عبادة ثلاثة آلهة، ولذلك يقول عنههيبوليتس: [رجل جاهل غير مدرَّب على فهم اصطلاحات الكنيسة.]([18]) ويعود أوريجانوس يصف هذه الهرطقة هكذا: [هذه البدعة التي أقلقت إيمان الكثيرين الذين يفتخرون بتعبُّدهم لله (الواحد) لأنهم كانوا قلقين وحذرين من عبادة إلهين.]([19]) وهكذا أطلقت الكنيسة على هؤلاء الذين انحرفوا بمفهوم المونأرخيا (الوحدة) اسم المونأرخيين (الموحِّدين). وظلت الكنيسة على مدى القرن الثالث توضِّح إيمانها بلاهوت المسيح على أساس وحدانية الله. أمَّا هؤلاء المونأرخيون فنصفهم الأول كان ينكر لاهوت المسيح جملة وتفصيلاً، والنصف الآخر كان يعتبر المسيح مجرَّد قوة أو صفة مُنحت له من الله؛ وذلك لكي يدافعوا عن وحدانية الله. أمَّا النصف الأول فلم يعطوا المسيح شخصية إلهية مستقلة، وهم براكسياس ونوئيتوس وكالليستس (بابا روما) وبيرللوس (أسقف بوسطرة ببلاد العرب)، وعلى رأسهم سابيليوس الذي يُظن أنه ليبي الأصل([20]) وكان متضلِّعاً في اللاتينية. أمَّا النصف الثاني فهو ألوجي وثيئودوتس وأرتمون وعلى رأسهم بولس الساموساطي. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ([1]) Athanas., Orat. IV. 24. ([2]) Ibid., III. 3. ([3]) Newman, op. cit., p. 172. ([4]) Athanas., Or., C., Ar., II, 33, 41, III, 1-6. ([5]) Deonysios of Rome, De Decretis, ch. 26; Beth. Bax., op. cit., p. 226. ([6]) Athenagoras, Leg., 12, Leg. 10. ([7]) Clement of Alex., Instruct. ([8]) Athanas. to Serap., I:14. ([9]) Ibid., I.20. ([10]) Ibid. I.28 ([11]) Athamas., to Serap., I.30. ([12]) Newman op. cit., 178. ([13]) Newman op. cit., p. 176. ([14]) Ibid. ([15]) Athanas., ap. Dion. adv. Prax. 1 cited by Beth. Bax. p. 96. ([16]) Tertulian, adv, Prax., 1, cited by Beth. Back., p. 96. ([17]) Tertullian, adv. Prax., 3, cited by Beth. Back., p. 97. ([18]) Beth. Back., op. cit., p. 97. ([19]) Ibid., Origen, on John 2:2. ([20]) Cross, Dict., of Chr. Church., p. 1197. |
||||
16 - 09 - 2015, 05:22 PM | رقم المشاركة : ( 9327 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
لاهوت الروح القدس عند اباء ما قبل نيقية
لاهوت الروح القدس عند اباء ما قبل نيقية بقيت صحة تعاليم الرسل واضحة في ما يختص بشخص الروح القدس ضمن الكيان أو الجوهر اللاهوتي للثالوث في تسليم قانون التعميد، «عمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس». وقد اكتشفت قوانين التعميد المبكِّرة جدًّا في تقليد القرون الأُولى وهي تحمل طابع الإيمان والتعليم بوحدة الثالوث([1]). كليمندس الروماني: وبجوار قوانين التعميد المحلية في الكنائس تصلنا من الرسالة الأُولى إلى كورنثوس للقديس كليمندس الروماني – وهو تلميذ الرسل – صورة أصيلة مطابقة لتعليم الرسل من جهة “انسكاب” الروح القدس، ومن جهة “شخص” الروح القدس، ومن جهة “الجوهر الإلهي” للروح القدس: [لقد وُهبتم جميعاً سلاماً عميقاً وفيراً وشوقاً غير محدود نحو عمل الصلاة بينما انسكب الروح القدس عليكم بفيض]. [أي عالم يمكنه أن يختفى هارباً من وجه الله؟! إذ يقول الكتاب: «أين أذهب من روحك، ومن وجهك أين أهرب؟! إن صعدتُ إلى السموات فأنت هناك، وإن فرشتُ في الهاوية فها أنت» (مز 139: 7و8). أين يمكن لإنسان أن يهرب ممن يحتضن كل شيء؟!] [حي هو الله، وحي هو يسوع المسيح وحي هو الروح القدس وحي هو إيمان ورجاء المختارين.] (الرسالة الأُولى لكليمندس الروماني 2و28و58) كذلك فإن تعاليم كليمندس تأتي في كمال انطباقها على علاقة الروح القدس بقانون الأسفار المقدَّسة (انظر: الرسالة الأُولى لكليمندس الروماني 45و8و13و16و22و42). برناباس: ونقابل في رسالة برناباس بصورة مميِّزة استمرار التعليق على الإلهام الموجود في الأسفار (9-10) كذلك موضوع انسكاب الروح القدس على الكنيسة كلها (1). إغناطيوس الأنطاكي: في رسائله المختصرة نجده يسمِّي الروح القدس واحداً مع الآب والابن مع تمييز خاص لشخصه (ماغنيزيا: 13)، كذلك موضوع انبثاقه من الآب(فيلادلفيا: 7)، وإرساله بواسطة الابن (أفسس: 17)، وعمله في الحمل الإلهي الإعجازي للعذراء (أفسس: 18)، وفي تقديس (مسحة) أعضاء المسيح (أفسس: 9، سميرنا: 13)، كما نجد في حالة استشهاده ذكره للروح القدس في تمجيده لله، كذلك نجد عين الأمر في استشهاد القديس بوليكارب (استشهاد القديس بوليكارب 14-22) (استشهاد القديس إغناطيوس 71). الأسقف “راعي هرماس”: ولكن من بين كل ما وصلنا من كتابات عصر ما بعد الرسل للآباء الرسوليين، فإنه يندرج ما خلفه لنا “راعي هرماس” تحت أكثر الكتابات خصوبة في الإشارات للروح القدس. أنه أحياناً يشير إلى أرواح كثيرة مرسلة بواسطة الروح القدس منوط بها تعليم وإنارة بصيرة الناس، ونحن نجد إشارة إلى مثل هذا المعنى في رسالة يوحنا الأُولى: «أيها الأحباءُ، لا تصدِّقوا كل روحٍ، بل امتحنوا الأرواح: هل هي مِنَ الله؟ لأن أنبياءَ كذبةً كثيرينَ قد خرجوا إلى العالم. بهذا تعرفون روح الله: كل روحٍ يعترف بيسوع المسيح أنه قد جاء في الجسد فهو مِنَ الله … مِنْ هذا نعرف روح الحقِّ وروح الضلال.» (1يو 4: 1-6) كذلك نجد إشارة إلى هذا المعنى أيضاً في سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي: «يوحنا إلى السبع الكنائس التي في أسِيَّا. نعمة لكم وسلام من الكائن والذي كان والذي يأتي ومن السبعة الأرواح التي أمام عرشه.» (رؤ 4:1) وراعي هرماس يؤمن بشدة أن روح النبوَّة لا يزال مستمراً في عمله في الكنيسة، ويشير إلى أنه حائز لهذه العطية الخاصة بالإلهام. ثيؤفيلس الأنطاكي: تُعتبر الكنيسة مدينة لهذا المدافع الشهيد بأول تسجيل للإصطلاح اللاهوتي الشهير “الثالوث”، في ما يختص باللاهوت في ذاته! [إن الثلاثة أيام السابقة قبل أن يصير النور هي مثال للثالوث، الله وكلمته وحكمته] وهنا يذكر الثالوث بوضوح مشيراً إلى الشخصين الواضحين: “الكلمة” و“الحكمة”، باعتبار الحكمة هي الروح القدس حسب التقليد القديم الموروث. ويستمر هذا الكاتب الرسولي الملهم في توضيح تحديد الأشخاص في الثالوث إنما في وحدة مطلقة. أثيناغوراس: أثيناغوراس رأى في الروح القدس عملاً غريباً على المفهوم التقليدي وهو اضطلاعه بوظيفة رباط الوحدة في اللاهوت([2]). (وهذا الاتجاه رفضته الكنيسة بالرغم من أخذ القديس أغسطينوس به). والذي رفضه بشدة ووضوح هو القديس أثناسيوس في حديثه الثالث ضد الأريوسية: [وإن الروح القدس لا يوحِّد الكلمة بالآب، لأن الكلمة لا يشترك في الروح القدس حتى يصير في الآب، ولا الابن يستقبل أو يستلم الروح القدس بل بالحري يعطيه بنفسه للجميع، فالروح لا يوحِّد الكلمة بالآب … فالابن هو في الآب لأنه كلمته وشعاعه.]([3]) كذلك فإن أثيناغوراس صاحب الفضل في توضيح جديد لعقيدة الانبثاق الجوهري للروح القدس من الله فهو يقول: [إنه منه ينبثق وإليه يعود كشعاع الشمس أو كالنور المنبعث من النار.]([4]) أمَّا خارج الكنيسة، أي لدى مجموعات الهراطقة، فكانت هناك قوتان تتصارعان معاً بشدة ضد الكنيسة: جماعة المونتانيين وجماعة الغنوسيين. أمَّا جماعة الغنوسيين، فأخذوا شيئاً ما بما تقوله الكنيسة من جهة الروح القدس، وإنما بصورة مشوَّهة وعلى اتساع تحليلي، وكان زعيمها الأول “سيمون” وهو ساحر سفر الأعمال، وكان قبل عماده يُدعى من جميع الشعب «قوة الله العظيمة» (أع 10:8)، لِما كان يأتيه من معجزات. وكان قد تلقَّى بعض تعاليم الرسل في ما يختص بأن القوة الإلهية إنما تتصل مباشرة باسم الروح القدس كما هو مدوَّن بوضوح في سفر الأعمال (أع 9:8-19)، ولكنه عاد من بعد عماده (من أيدي الرسل) وعزله عن الكنيسة، فادَّعى أن شريكته هيلانة هي “الباراكليت” وأن القوة التي تنبثق من الله هي قوَّة مؤنَّثة. وجاءت جماعة “أوفيت Ophite” وقالت صراحة إن هذه القوة المؤنَّثة هي الروح القدس، وهي تتميَّز عن فكر الله، يقصدون بذلك “كلمته”([5])، وأن الكلمة مولود منها، وهي التي كلَّمته على الأردن. أمَّا في نظام باسيليدس، فقد اعتبروا الروح القدس روحاً خادماً، وليس متحداً جوهرياً بالابن أو مساوياً له، وهكذا صارت بلبلة في الفكر خارج المحيط الكنسي. أمَّا في نظام فالانتين، فقالوا بانبثاق الروح القدس ولكن ليس بصورة مباشرة من الله([6])، وإنه مساوي للمسيح؛ ولكنهم تبنُّوا كل الهرطقات التي ظلَّت متداولة حتى القرن الرابع والتي فنَّدها القديس أثناسيوس([7]). أمَّا جماعة المونتانيين، فيُشك أنهم أخذوا بشيء من عقيدة الروح القدس في الكنيسة، لأن العالم الألماني نياندر([8]) قد أشار إلى أن موقف “مونتانس” و“ماكسيملا” في ما يختص بالروح القدس عندهم كان من وجهة نظر العهد القديم أكثر منه في العهد الجديد، وأنه لم يكن للفكر المونتاني تأثير كبير على الكنيسة، وسرعان ما انحل تحت ضغط الاضطهاد. أمَّا جماعة اليهود المتنصرين، الذين ظلوا متمسكين بتقاليدهم العتيقة ورفضوا التقليد الرسولي من جهة الإيمان بالثالوث الأقدس، وهم في هذا الموضوع جماعة الناصريين Nazarenes، أخذوا برأي الغنوسيين فقالوا إن الروح القدس هو أيضاً قوة مؤنَّثة وأنها هي التي ولدت المسيح على الأُردن وأن الباراكليت هو أم المسيح([9]). والعجيب أن هذا الفكر أخذت به أيضاً جماعة هراطقة الإيبونيم اليهودية المتنصِّرة بزعامة كيرنثوس المبتدع، وقال إن الروح القدس قوة مؤنَّثة، وهكذا ظلَّت هذه السفاهة العقلية التحليلية الشيطانية عالقة بالكنيسة حتى القرن السابع – (وكان بعض أئمة هؤلاء الهراطقة قاطنين شبه الجزيرة العربية واليمن. لذلك فقد سمع بها القرآن وسُئل فيها فجحدها وقال فيها إن الله لم يلد ولم يولد ولم يكن له صاحبة، والقرآن على ضوء هذه الهرطقات محقٌ في ما قال). وجماعة هراطقة المونوأرخيين (أي وحدة الرأس أو الصدر)، وهي قريبة من جماعة الإيبونيم يهودية متنصِّرة، وكان على رأسها ثيئودوتس المبتدع فكانت أصلاً مشغولة بجحد لاهوت المسيح وإنكار الثالوث، وزعماؤهم براكسياس ونوئيتوس وبيرللوس (بلاد العرب) وسابيليوس، فهؤلاء جميعاً جحدوا الثالوث القائم على أقانيم متميِّزة، وقد تزعَّم براكسياس – حسب شرح ترتليان (براكسياس: 9) – فكرة أن الروح القدس هو أصل وجود الآب والابن. بل في روما ذاتها قام كاليستوس بابا روما، وألغى شخصية الروح القدس المتميِّزة في الثالوث، وأعطى اسم الروح القدس ليعبِّر عن جوهر الله الذي قد يسمَّى الآب أو يسمَّى الابن أو يسمَّى الكلمة([10]). ومن هنا نشأت أيضاً بدعة السابلية التي امتدت وأعطت الروح القدس شخصية. ولكن كان عندهم الروح القدس قادراً أن يظهر نفسه في أي من الأقانيم الأخرى فهو إمَّا يظهر كآب أو كابن أو كالروح القدس([11]). بولس الساموساطي المبتدع: وهذا المبتدع يعتبر الروح القدس ليس استعلاناً لشخص أو أقنوم وإنما “خاصية”… وبولس الساموساطي لم ينكر انبثاق وإرسال الروح القدس، وإنما حلله إلى مجرَّد تأثير، وإنما تأثير غير مشخَّص أو غير شخصي. فالروح القدس عند بولس الساموساطي ليس أقنوماً بل مجرَّد نعمة نزلت على الرسل([12]). وكان حذراً في الدخول إلى التفاصيل الخاصة بعقيدة الكنيسة في هذا الموضوع، ففلت من جهة هذا الأمر من ملاحظة المجمع المقدَّس الذي حكم عليه في تعاليمه الأخرى وجرَّم إيمانه وقطعه. تعاليم الكنيسـة الأرثوذكســية في تلك الحقبة، أي أواخر القرن الثاني حتى منتصف القرن الثالث: إيرينيئوس: وهو يمثل معاً تعاليم مدرسة آسيا الصغرى المنحدرة من القديس يوحنا الرسول، بجوار تعاليم جنوب شرق بلاد الغال (فرنسا الآن). وهو يُعتبر من أوائل معلّمي هذه الفترة الزمنية، وهو يجحد بشدة في كل أقواله أخطاء فالنتينوس المبتدع الذي خلط بين إرسالية الروح القدس المحدَّدة زمنياً بيوم الخمسين وبين انبثاق الروح القدس من الله أزلياً، أي خلط بين عمل الروح القدس في البشرية وعلاقة الروح القدس جوهرياً بالله([13]). ولكن إيرينيئوس يرفض أحد التعبيرات عن الاصطلاح بالانبثاق emisso = probol»([22]). إذ تراءى له أن هذا التعبير يحمل ضمناً نوعاً ما من الانفصال في جوهر الله الواحد، ولذلك فإنه فضَّل أن يترك كيفية “الانبثاق” الإلهي بدون شرح([14])، مكتفياً بتوضيح ذلك بالتصوير، فيقول عن الابن وعن الروح القدس أنهما يدا الله، الأول ابن progenies أمَّا الروح القدس فهو الصورة figuraties للآب، الابن هو “كلمة” الله والروح القدس هو “حكمة” الآب([15])، ليس من خارج الله ولكن من داخله([16]). (يُلاحَظ هنا أن إيرينيئوس لا يتبع الخط الفكري الآبائي القديم الذي يشدِّد أن الكلمة هو حكمة الله). ويستشهد إيرينيئوس بما جاء في إشعياء أصحاح 57 آية 15و16 (الترجمة السبعينية) هكذا: “لأنه هكذا قال العلي الساكن في الأعالي إلى الأبد، القدوس في الأقداس اسمه، العلي المستريح في القديسين المعطي صبراً للمنسحقين وحياة لمنكسري القلوب، لأني لن أنتقم إلى الأبد ولا أغضب عليكم دائماً لأن روحي التي تنبثق مني تحيي كل نفس.” (إش 15و16:57 سبعينية) وإيرينيئوس يعطي تصوراً للعلاقة بين الروح القدس والابن هكذا: [إننا بالروح القدس نرتفع إلى الابن، وبالابن نصعد إلى الآب.]([17]) وبذلك فإن عطية الروح القدس لنا هي إحدى نتائج التجسُّد. والذي ليس له الروح القدس فليست له شركة في حياة يسوع المسيح([18]). كذلك فإن إيرينيئوس يرى أن نفخ المسيح في تلاميذه وإعطاءهم الروح القدس (يو 22:20) هو برهان على لاهوت المسيح([19]). وبخصوص وظيفة الروح القدس التعليمية كالأقنوم الثالث، فعقيدة إيرينيئوس سليمة وكاملة فهي واضحة في إلهام الأنبياء والرسل([20]). غير أن إيرينيئوس يعود في مواضع أخرى ليثبت أن إلهام الأنبياء كان من عمل الكلمة سواء في العهد القديم أو الجديد([21]). كذلك فإن الروح القدس هو الذي يضطلع بعمل استنارة لذهن الكنيسة بصورة مستمرة([22])، ويؤكِّد أنه في حضن الكنيسة فقط يمكن أن يستمتع المسيحي بنور الروح القدس، وأن الروح القدس ينطلق عمله في سري المعمودية والإفخارستيا([23]). ترتليان (160-240م): صوت مدوي يظهر مبكِّراً من شمال إفريقيا في نهاية القرن الثاني، يمثِّل تعبيراً حراً ومستقلاً، هو صوت ترتليان، وذلك في معرض كتاباته ضد الموحدين Monarchians وكان يمثلهم آنئذ براكسياس. وترتليان يُحسب كواضع لأساس التعليم الجامعي بخصوص الانبثاق. ولكن نجد في كتاباته ما يفيد تعبير الكنيسة الرومانية الآن: أن انبثاق الروح القدس هو من الآب والابن([24]). كما نجد في مواضع أخرى بكل وضوح تعبيره الآخر وهو الأرثوذكسي السليم أن: [الروح القدس منبثق من الآب في الابن: Spiritum non aliunde pute quam a Patre per Filium.]([25]) كما يقول إن الروح القدس يأخذ دائماً من الابن، كما أن الابن يأخذ دائماً من الآب، وهكذا فإن الثلاثة متحدون معاً في حياة إلهية واحدة: [الآب في الابن والابن في البراكليت ثلاثة متحدون …] [Ita connexus patris in Filio et Filii in paracleto tres officit cohaerentes alterum ex altero]([36]) أمَّا في ما يختص بعمل الروح القدس، فيتكلَّم ترتليان عن يقين كجزء لا يتجزَّأ من الإيمان، إن الروح القدس أُرسل ليملأ مكان صعود المسيح، وذلك لكي يقدِّس الكنيسة. ففي المعمودية ينزل الروح القدس من السماء ويقدِّس الماء معطياً للماء قوة التقديس([26]). ثم إن حضور الروح القدس يُستدعى بالإضافة إلى تقديسه الماء ليحل بوضع الأيادي الذي يتبع طقس العماد([27]). كبريانوس († 258م): يُعتبر كبريانوس أكبر تلاميذ ترتليان. وهو يذكر موضوع أقنوم الروح القدس عبوراً([28])، ولكنه يؤكِّد وحدة الأقانيم الثلاثة: الآب والابن والروح القدس، أي توحيد الله هكذا: “De unitate Patris et Filii et spiritus sancti plebs adunata” [إن أفضل ذبيحة لدى الله هي سلامنا وتوافقنا الأخوي، (وظهور) وحدة الآب والابن والروح القدس في تآلف الشعب (المسيحي).]([29]) ولكن يركِّز كبريانوس كثيراً على علاقة الروح القدس بالكنيسة كجسد وكأفراد في الجسد، أمَّا ما يتبع هذا من نمو أو فقدان في النعمة فهذا يرجع في عقيدة كبريانوس، إلى سلوك الفرد. وعن الروح القدس يقول: Totus infunditur se qualiter sumiturكله يُفاض بقدر ما يُقبل([30]). ولكن لكي تكون المعمودية ذات مفعول يتحتَّم أن تُجرى بواسطة إنسان يكون هو نفسه يملك الروح القدس([31]). والكنيسة الجامعة باعتبارها عروس المسيح الوحيدة هي وحدها التي لها القوة على ميلاد (تجديد) أولاد الله([32])، لأنها هي وحدها التي تملك ينابيع المياه الحية (يقصد التعاليم المحيية السليمة)([33]). ويتبع كبريانوس خط ترتليان في تأكيده أن وضع الأيادي بعد المعمودية يكمل بالضرورة طقس المعمودية لإعطاء الروح القدس([34]). كذلك فإن كبريانوس يتبع خط ترتليان في كون الروح القدس هو مصدر الإلهام للأنبياء والرسل وكتابة الأسفار جميعاً([35]). هيبوليتس([36]) (160-258م): وإذ كان هيبوليتس أسقفاً على بورتس رومانو (ربما بعد رعاية إيرينيئوس لها فترة من الزمن)([37])، قيل إنه كان أول أساقفة روما ثم ضخَّموا الأسقفية – إن كانت هي أسقفية روما – فقالوا بابا روما!! وقد فرح مؤرِّخو اللاتين بهذا الإلتباس في النساخة وقالوا إنه فعلاً بابا روما لأنهم اكتشفوا أخيراً جدًّا أن كتاباته في تقليد الرسل عن الليتورجيا يطابق ليتورجية روما، ثم إذ لم يجدوا ما يبرهنون به على صحة تزييف نسبته لروما قالوا إن بورتس رومانو كانت قرية بجوار روما؛ وللأسف أثبتت السجلات أنه لم توجد قط أسقفية بجوار روما بهذا الاسم ولا وُجِدَ بابا لروما بهذا الاسم، ولمَّا اكتشفوا في آثار روما كرسيًّا حجرياً وتمثالاً لا يحمل اسم هيبوليتس وبدون ذكر أي لقب بابوي عليه ولكن وجد على ظهر الكرسي مؤلَّفات هيبوليتس اعتبروا هذا دليلاً على صدق امتلاكهم لشخصية هيبوليتس، وقالوا بلاتينيَّتهُ ونسبته لروما. والحقيقة إن هذا العالم إسكندري الجنس وكان أسقفاً على عدن كل أيام حياته. وبسبب صراعه ضد بابا روما، وتصحيحه لهراطقة اثنين من هؤلاء الباباوات وبما أنه كان أيضاً أسقفاً على مدينة تحت الولاية الرومانية، اعتبروه رومانياً. وكان صراعه هذا ضد هرطقة البابا زفرينوس (199-217م) والبابا كالليستوس (217-222م)، كما قاوم انحراف البابا فابيانوس. وإن تسمية مؤلَّفات هيبوليتس الليتورجية باسم “نظام الإسكندرية في الرسامات القبطية” منذ أقدم العصور لهو دليل كافٍ لتدعيم علاقة هيبوليتس بالإسكندرية وليس بروما. أمَّا كل ما يعرفه تاريخ العقيدة والإيمان عن علاقة هيبوليتس بروما فهو مهاجمة هيبوليتس لهرطقة زفرينوس وكالليستوس وفابيانوس باباوات روما، حيث كانت روما في ذلك الوقت هي مرتع ومهد هرطقة المونوأرخيزم([38])، أي “منكري الثالوث” كما كتب أيضاً هيبوليتس ضد نوئيتس Noetus. ولكن كتابات هيبوليتس عن الروح القدس جاءت قليلة، ولكنه أكَّد على لاهوت الروح القدس بوضوح حيث يقول: [إنه يستحيل أن نمجِّد الله دون أن نتجه مباشرة إلى الاعتراف بكل أقنوم في الثالوث الأقدس. بواسطة هذا الثالوث يتمجَّد الآب]. [ونحن عن طريق تجسُّد الكلمة صرنا نعبد ونكرِّم (proskunoàmen) الروح القدس، كذلك فإنه يستحيل علينا أن نكوِّن فكرة عن الوحدة أو الوحدانية في الله إلاَّ بالإيمان بالآب والابن والروح القدس (كونهم في اتحاد مطلق).]([39]) وهيبوليتس يدحض فكرة خضوع الروح القدس للمسيح بقوله: [إن الآب أخضع كل شيء للابن المتجسِّد ما خلا الآب والروح القدس.]([40]) ويهتم هيبوليتس بتحديد الصفة أو الوظيفة الخاصة للروح القدس في التدبير الإلهي بالإنارة أو الاستنارة هكذا: لأن الآب هو الذي يأمر، والابن هو الذي يطيع، والروح القدس يوحِّد. لأن الآب أراد، والابن صنع، والروح أنار.]([41]) كما يقول هيبوليتس أيضاً إن الأنبياء يظهرون دائماً مؤيَّدين بروح النبوَّة ومكرَّمين من جهة الابن الكلمة ذاته([42])، وإن إلهامهم ينبع من قوة الآب: ديونيسيوس الروماني (269م): في احتجاجه ضد الذين انحرفوا نحو فصل الثلاثة أقانيم وضد مبادئ سابيليوس، أوضح ديونيسيوس الروماني عقيدته عن الروح القدس بالنسبة لعلاقته بأقنومي الآب والابن في الثالوث قائلاً إنه ينبغي أن لا نقسم الوحدة الإلهية القائمة في الثالوث إلى ثلاثة أقانيم منفصلة. كنيسة الإسكندرية: والآن نأتي إلى تعليم مدرسة الإسكندرية في ما يتعلَّق بالروح القدس: كليمندس الإسكندري: بالرغم من أن الكثير من مؤلفات كليمندس الإسكندري قد فُقدت، من بينها كتابان عن كل ما يتعلَّق بالتعاليم الخاصة بالروح القدس عن شخصه ومواهبه: الأول “عن النبوَّات”، والثاني “عن النفس”؛ غير أنه قد تبقَّى لنا أجزاء هامة قام بفحصها ونشرها العالِم كوتيلييه Cotelier، والتي يُظن أنها تتبع أحد هذين الكتابين المفقودين([42])، وتدور حول معنى الانبثاق بالنسبة للروح القدس: [مبارك الإنسان الذي عرف عطية الآب من خلال انبثاق الروح كلي القدس.[43] [مبارك الإنسان الذي عرف وتقبَّل الروح القدس الذي هو عطية الآب الذي منحه على هيأة حمامة، الروح الذي بلا شائبة عديم الغضب والمرارة، الكامل المنطلق من – قلب – (أعماق) الآب. ليدبر الدهور ويعلن غير المنظور، فهو الروح القدس الحق الآتي من الآب الذي هو قدرته وإرادته، المستعلن لتكميل ملء مجده. أمَّا الذين ينالونه فإنهم ينطبعون بطابع الحق بكمال النعمة.]([44]) وفي بقية أعمال كليمندس الإسكندري يعلن بوضوح لاهوت الروح القدس([45])، حيث ينتهي كتاب المعلِّم بدعاء النعمة لتمجيد الآب والابن مع الروح القدس، وهو يفرِّق بين وحدانية الروح القدس وبين تعدُّد مواهبه. كذلك فإن كليمندس يعتبر أن حضور الروح القدس في المؤمنين يشكِّل نوعاً جديداً من الطبيعة البشرية. كذلك فإنه يصف مواهب الروح القدس الإلهية أنها هي العطر الذكي المكوَّن من الروائح السمائية التي يمنحها المسيح لأحبائه([46]). وكليمندس يقرن أحياناً بين الكلمة والروح حينما يتكلَّم عن إلهام الأنبياء([47]). كذلك فإن كليمندس يؤكِّد على دور الروح القدس في إنارة الكنيسة بصورة مستمرة وكذلك الأفراد فيها([48]). كما يضيف أن كل مَنْ يؤمن “بالكلمة” فإن نفسه تتحد بالروح القدس([49]). والإنسان العارف بالله بالحقيقة true gnostic هو المؤمن حقـًّا والتلميذ بالفعل للروح القدس([50])، وهو بهذا يتمكَّن أن يسبر أعماق الكتاب المقدَّس ويطَّلع على أعماق المعنى المخفي فيها بالإضافة طبعاً إلى اتِّباعه التقليد في ما يخص قانون الإيمان([51]). وكليمندس يشير إلى عمل الروح القدس في سلوك الكنيسة من نحو الماديات، ويربط بين أعمال الروح القدس وبين سر المعمودية فيقول: [نحن المعمَّدين إذ قد تخلَّصنا من خطايانا التي كانت بمثابة ضباب يحجب نور الروح الإلهي، أصبحنا نملك عيناً روحية محرَّرة غير منطمسة ممتلئة نوراً، بها نحدِّق في الإلهيات، وصرنا منفتحين على خفايا الأسرار، والروح القدس ينسكب علينا من السماء.]([52]) ويشرح كليمندس التدرُّج من درجة الموعوظين التي فيها تقود التعاليم المبدئية إلى الإيمان، والإيمان حينما تلحق به المعمودية يتهيَّأ لقبول تعاليم الروح القدس. أمَّا في ما يختص بالإفخارستيا وعلاقتها بالروح القدس فهو يشير إلى هذه العلاقة ولكن يذكر أيضاً الكلمة، ولا يتضح تماماً ما إذا كان التقديس يتم بالروح القدس أو بالكلمة. أوريجــانوس: كان أوريجانوس من بعد ترتليان أول مَنْ قام بمحاولة دراسة موضوع الروح القدس دراسة علمية. وقد علَّم أوريجانوس بأن الروح القدس مساوٍ في الكرامة والمجد للآب والابن([53]). وأول مَنْ أكَّد بيقين أن الروح القدس منبثق من الآب انبثاقاً أزلياً، حاله كحال الابن([54]). وأن الروح القدس صالح صلاحاً كلياً ومطلقاً([55]). وأن عمل الروح القدس المميَّز غير عمل الآب والابن، فهو يختص بنفوس المؤمنين([56]). وأنه بالرغم من أن عطاياه متعدِّدة فجوهره واحد غير منقسم([57]). وأن الروح القدس العامل في الأنبياء في العهد القديم هو هو نفسه العامل في العهد الجديد في القديسين، غير أنه بعد الصعود صارت إرساليته ممتدة وشاملة ومتسعة([58]). والمؤمنون باشتراكهم في الروح القدس يصيرون روحيين وقديسين، والذي يشترك في الروح القدس يشترك في الثالوث، لأن الثالوث غير مفترق لأنه ليس هيولياً أي مادياً([59]). والقدرة على استخلاص المعاني الروحية العميقة بالإلهام يرجع إلى كون الكتب المقدَّسة مكتوبة بإلهام الروح القدس([60]). بل وإن كل حرف هو بمقتضى الحال يكشف عن أثر الحكمة الإلهية([61]). وللأسف فإنه بعد كل هذه التعبيرات عن لاهوت الروح القدس فإن كلاًّ من جيروم وإبيفانيوس يتهمان أوريجانوس بأنه قال إن الروح القدس مخلوق([62])، بل والقديس باسيليوس كاد أن يصادق هو أيضاً على هذه التهمة بالنسبة لأوريجانوس([63]). وفي كتابات ديونيسيوس بابا الإسكندرية إلى سميِّه بابا روما توجد أقوال واضحة وتمنع أي مماحكة لأريوس الذي قال إنه يقتبس من ديونيسيوس الإسكندري – وقد أوردها القديس أثناسيوس في دفاعه عن البابا ديونيسيوس لإثبات صحة إيمانه. [إن كل اسم من الأسماء الآب والابن والروح القدس غير منفصل قط عن ما يليه … لذلك حينما يُذكر الروح القدس فإني في الحال أتذكَّر انبثاقه من الآب بواسطة الابن فإن طبيعة الآب ليست غريبة عن الابن ولا يمكن أن يفترق الابن عن الآب والروح القدس فيهما (في أيديهما).]([64]) ولا تخلو هذه الحقبة – نهاية القرن الثالث – من شاهد قوي لتقليد الكنيسة اللاهوتي بالنسبة لدرجة الروح القدس ولاهوته معاً، وهو ميثوديوسMethodius أسقف صور، الذي قال صراحة إن الروح القدس مساوي للآب في الجوهر ([65]). ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــ – عن كتاب حقبة مضيئة في تاريخ الكنيسة، القديس اثناسيوس الرسولي، للاب متي المسكين. ([1]) Hahn, Bibliothek der Symbole, pp. 42,66; Geb. hardt, Patr., ap. opp. fasc. 1,2, p. 15 sq. ([2]) Athanas., Discourse III against Arian, ch. XXV, p. 407. ([3]) Athenagoras, Wisd. vii. 25; Legat. 10, 24; cited by D.C.B., p. 115. ([4]) Iren., I., 23, 30. ([5]) Iren., I. 2,4,5. ([6]) Athanasius ad. Serap., 1:10. ([7]) Neand., Ch. H., ii. 207; Epiph., Hear. 48, II sq. ([8]) Origen, in Joann., II, 6. ([9]) Hypolytus, IX. 12. ([10]) Athanas., Or. C. Ar., iv. 25. ([11]) Leontius, de sect 3; cited by D.C.B., p. 117. ([12]) Irenaeus, ad. Haer. ii, 19. 9. ([13]) Ibid., ii, 13, 5, 6. ([14]) Ibid., ii, 28.6. ([15]) Ibid., IV. 7. 4. ([16]) Ibid., IV. 7. 8. ([17]) Ibid., V. 12. ([18]) Ibid., V. 36. ([19]) Fragment, 36. ([20]) Syr. Fragment., D.C.B., p. 117. ([21]) Ibid., III, 24. 1. ([22]) Ibid., IV, 7. 2; IV, 9, 1; IV, 20. 4; cited by D.C.B., p. 117. ([23]) Ibid., III. 24. 1. ([24]) Ibid., III, 17, 82 & fragment 38, cited by Neander, Hist. of Dogma, 1. 231. ([25]) Tert., Against prax, 8. ([26]) Ibid., 4. ([27]) Ibid., 25. ([28]) Tert., De Baptismo., 8. ([29]) Cyprian, De Domin orat. 23. ([30]) Ibid., 34. ([31]) Cyprian, Epist. 69; 14. ([32]) Ibid., 79: 9. ([33]) Ibid., 75: 14. ([34]) Ibid., 73: 11. ([35]) Ibid., 73: 9. ([36]) Westcott, Study of The Gospels, pp. 429. ([37])وهو تلميذ إيرينيئوس، والمسمَّى في المخطوطات القبطية “أبوليدس”، شرقي المولد، إسكندري الجنس وقد نسب خطأ إلى روما وأُعطي خطأ لقب بابا روما في المخطوطات القبطية. وذلك الالتباس أصله كلمة “بورتس رومانو” وترجمتها الحرفية المرفأ الروماني، وهو مرفأ عدن الآن، وكانت المرفأ الروماني الهام في مدخل البحر الأحمر. وقد قرأها النساخ الأقباط بورتس = الأول (خطأ)، رومانو = الروماني، فقرأوها “الأول” في أساقفة روما، ثم بابا روما ومع أن كلمة بورتس هي مرفأ وليس بروتو = الأول وسيصدر الكاتب نبذة تاريخية مفصَّلة ومدعَّمة بالحقائق التاريخية عن هيبوليتس كأسقف عدن وأصالته كعالم قبطي إسكندري. ([38]) انظر كتاب مخطوط مصباح الظلمة في إيضاح الخدمة لابن كبر في ذكر كتاب اعتراف الآباء. ([39]) Rev. Henry Barcly Swete, D. C. B., p. 118. ([40]) Contra (Noetus 12-14), cited by D.C.B., p. 118. ([41]) Ibid., 8. ([42]) Ibid., 14 ([43]) Hypolytus, De Antichr. 2, cited by D.C.B., p. 118. ([44]) Ibid., Contra Noetus, ii, 12. [45] D.C.B., p. 119 ([46]) D.C.B., p. 119. ([47]) Clement of Alex., Paedagog., iii. 12. ([48]) Paedagog., 11. 8. ([49]) Westcott., Study of the Gospels, p. 435. ([50]) Clement., Strom., V. 13. ([51]) Ibid., II. 1-13. ([52]) Strom., V. 24; Paed., 1. 6. ([53]) Strom., VI. 15. ([54]) Paedag., 1. 6. ([55]) Paedag., ch. 2; ch. 47; cited by H.B. Swete, D.C.B., p. 119. ([56]) Origen, Princ., 1; praef. ([57]) Ibid., II. 2; ch. 1. ([58]) Ibid., I. 2; ch. 3. ([59]) Ibid., I. 3; ch. 5. ([60]) Ibid., I. 1; ch. 3. ([61]) Ibid., II. 7; ch. 1, 2 ([62]) Hieron., epp. ad. Avit., ad. Pamm., et Ocean; Epiph., Haer. IXIV. 8. ([63]) Basil., De Sp. sanct, 29. ([64]) Athanas., De sent Dionys., 17.. ([65])Migne, Patr. Gr., XVIII 210, 351; cited by D.C.B., p. 120 |
||||
16 - 09 - 2015, 05:25 PM | رقم المشاركة : ( 9328 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الثالوث القدوس ما قبل نيقية.. ثيئوفيلوس الانطاكي، هيبوليتس الروماني، اكليمندس السكندري
الثالوث القدوس ما قبل نيقية ثيئوفيلس الأنطاكي حوالي 180م: يقول المؤرخ الكنسي يوسابيوس القيصري أنه كان الأسقف السادس لأنطاكية بعد القديس بطرس[1]، وقد كتب سلسلة من الكتب وصل لنا منها ” إلى أوتوليكوس ” في ثلاثة كتب. وفي كتبه هذه نجد تعبيرات عبرت عن فكر المسيحيين في القرن الثاني حيث وصف الإنجيليين ب ” حاملي الله – Theophoritoi ” والموحي إليهم مثل أنبياء العهد القديم يقول عن ميلاد الإبن الازلي و لاهوته: بما أن كلمة الله كان في أحشائه، فلقد أولده مع حكمته ( دائماً ما اطلق اباء ما قبل نيقيه لقب الحكمه علي الروح القدس و هو المقصود هنا ) قبل خلق الكون. و لقد استعان بهذه الكلمه لخلق كل شئ. هذا الكلمه هو المبدأ لانه سيد الكون و جميع المخلوقات التي صنعها الله[2] هذا الكلمه هو ابن الله إنه ليس إبناً بالمعني الذي اطلقه الشعراء و مؤرخو الاساطير علي ابناء الالهه الذين ولدوا بواسطة العلاقه الجنسيه، و لكن ما تصفه لنا الحقيقه عن الكلمه الموجود في قلب الله. قبل أن يكون اي شئ فهذا الكلمه كان مستشاره و عقله و فكره[3]. حكمة الله و كلمته التي هي دائماً فيه و معه[4] إن الله صنع العالم بواسطة كلمته و حكمته[5]. ثم يقول أن الله ” عنده كلمته التي فيه, ولده وأخرجه هو وحكمته قبل كل الأشياء[6] “. – وكان أول من ظهرت كلمة ثالوث ” Trias – Triavs ” في كتاباته حيث يقول : ” وبنفس الطريقة أيضا فالثلاثة أيام التي كانت قبل الأنوار هي رموز للثالوث، الله وكلمته وحكمته[7] “. وواضح هنا أن تعبير الثالوث كان معروفاً ومقبولاً في الكنيسة في زمنه، ولا يبدو من السياق أنه هو أول من وضعه. لانه لا يشعر عند إستعمال هذا اللفظ أنه اتي بشئ جديد فلا يقف عنده و لا يلفت النظر إليه بل يستعمله كلفظ معروف شائع مفهوم[8]. ويصف الله بأنه ” غير منطوق به “, ” وغير موصوف “, و” غير ممكن رؤيته بأعين الجسد “, و” غير ممكن اختراقه “, و” غير محوي “, و” غير مولود “, و” غير متغير “, و” أزلي “, و” غير المدرك “. ” لأنه أن قلت انه نور فأني اسمي فقط عمله. وان قلت انه اللوجوس فأْني اسمي فقط ملكوته. وان دعوته العقل فأنا أتكلم فقط عن حكمته, وأن أنا قلت انه روح فانا أتكلم عن نسمته. وان دعوته الحكمة فانا أتكلم عن ذريته. وأن دعوته القدرة فانا أتكلم عن سلطانه. وان أنا دعوته القوة فانا أتكلم عن أفعاله. وأن دعوته العناية الإلهية فأنا أتكلم عن صلاحه. وأن دعوته الملكوت فأنا إنما أشير إلى مجده. وان أنا دعوته الرب فأنا أتكلم عنه كديان. وان دعوته دياناً فأنا أتكلم عنه باعتباره عادلاً. وان دعوته أباً فانا أتكلم عن أن كل الأشياء قد أتت منه ” (1: 3). هناك إله واحد خالق السموات و الارض لا بداية له ولا نهايه حي قيوم لا يتغير. و هو آب لانه سبق كل شئ و خلق كل شئ. و كان الكلمه عند اللهو كان كائناً فيه، فولد الله الكلمه قبل كل شئ و صنع به كل شئ[9]. و نطق الانبياء بالروح القدس فكانوا قديسيين عادلين. و بحكمته تكلموا عن خلق العالم و عن كل شئ[10]. العلامة هيبوليتس الروماني: صار اسقفاً لروما عام 212م وكان فيلسوف يحمل فكراً قوياً وشخصية لا تتراجع في مواقفه المتمسكة بالحق، وقد كتب الكثير من الكتابات في اللغة اليونانية، وقد استشهد في اضطهاد مكسيمينوس ضد الكنيسة. عن ميلاد يسوع الازلي من الآب يقول : لقد ظهر آخر إلى جانب الآب. ولكن عندما أقول ” آخر” لا أعني أن هناك إلهَيْن، ولكن أعني فقط أنه مثل النور من النور، والماء من الينبوع، والشعاع من الشمس[11] . الآب يحمل الكلمه في ذاته بطريقة غير منظورة للعالم المخلوق، و عندما نطق للمرة الاولي ولد الكلمه كما النور من النور. و قد ارسله إلي العالم كعقله الخاص لكي يكون سيد العالم[12]. ليس هناك سوي قوة واحده و هي من الكل الذي تأتي منه هذه القوه، اعني الكلمه. و هذا الكلمه هو العقل الذي دخل إلي العالم و ظهر كإبن لله. إنه إذن صانع كل شئ[13]. و يتحدث عن وحدانية الابن في الآب قائلاً : الكلمة (اللوغوس) وحده هو الذي من الله (الآب) نفسه. لهذا أيضًا هو إله، لكونه من نفس جوهر الله (الآب). على العكس من ذلك، خُلِقَ العالم من العدم، لذا فهو ليس إله[14]. و يقول عن لاهوت المسيح : ينزل المعمَّد إلى حميم التجديد بعد أن يقر بإيمانه ويجحد الشيطان ويلتصق بالمسيح وينكر العدو ويعترف بأن المسيح هو الله، وحينئذ يخلع عنه العبودية ويلبس التبني … ويخرج من المعمودية مضيئاً كالشمس مشعاً بالبر ويعود ابناً لله ووريثاً مع المسيح الله.[15] و أيضاً : و عندما تعتقون من الآلام، و من العذابات، و من كل انواع الشر، تصبحون مؤلهين. و المسيح، الإله الكامل، الذي قرر أن يغسل خطيئة البشر، و يجدد الإنسان القديم، فعلي مثاله، و إقتداء بصلاحه هو الصالح، تصبحون مشابهين له و مُكرمين منه، و ذلك لان الله لا ينقص منه شئ و هو يرفعكم إلي الألوهة من أجل مجده و عظمته[16]. و يكمل في موضع آخر : قال دانيال النبي : إن ملكه لن ينقضي و حكمه يدوم إلي الأبد. و هكذا برهن الآب، و هو يُخضع له كل شئ علي الارض و تحت الارض، بأنه رأس كل خليقه، هو مولود الآب الاول[17]. انه يستحيل ان نمجد الله دون ان نتجه مباشره إلي الاعتراف بكل إقنوم في الثالوث المقدس[18]. بواسطة هذا الثالوث يتمجد الآب[19]. و نحن عن طريق تجسد الكلمه صرنا نعبد و نكرم الروح القدس، كذلك فإنه يستحيل علينا ان نكون فكره عن الوحده او الوحدانيه في الله إلا بالإيمان بالآب و الإبن و الروح القدس[20]. إن الآب اخضع كل شئ للإبن المتجسد ما خلا الآب و الروح القدس[21]. لان الآب اراد، و الإبن صنع، و الروح انار[22]. كما يقول هيبوليتس ايضاً إن الانبياء يظهرون دائماً مؤيدين بروح النبوة و مكرمين من جهة الإبن الكلمه ذاته ، و إن إلهامهم ينبع من قوة الآب[23]. هل بالإمكان القبول بتعدد الالهه؟ جميعهم (يقصد الهراطقه) يصمتون قصراً خصوصاً عندما نعرف ان المطلق يسعي دائماً إلي الوحده[24]. أكليمندس الإسكندري (150 – 215م): مدير مدرسة الأسكندرية اللاهوتية وخليفة خلفاء الرسل وتلميذهم، والذي مثله مثل الآباء في عصره، يشرح لنا لاهوت المسيح وتجسده وكونه ابن الله وكلمته وصورة جوهره، كما يشرح لنا علاقة الآب بالابن، الكلمة، وولادة الكلمة، الابن، من الآب والتي يصورها بولادة النور من النور والكلمة من العقل مثل سائر الآباء في عصره. ويلخص لنا القمص تادرس يعقوب جوهر تعليمه هذا كما يلي: [الله (الآب) غير مُدرَك بعقولنا البشرية، وبالتالي لا يمكن أن يكون موضوع معرفة. لكن الابن هو الحكمة والمعرفة والحق وما يماثل ذلك يمكن وصفه وتعريفهالابن هو إعلان عقلي للآب[25]، هو ختم مجد الآب، يُعلِّمنا الحق[26]. هو صورة الله[27]، وفكره[28]، ووجهه[29]. هو النور الذي به نعاين الله[30]. يعلن عن طبيعة الآب[31]، يُدعى قوّة الله[32] وذراعه[33]. و يقول: يُقصَد بلقب ” الآب ” أن ” الابن ” أيضًا كائن على الدوام بدون بداية[34]. و يكمل ايضاً: إن الكلمة نفسه -الذي هو ابن الله – واحد مع الآب بمقتضى مساواته له في الجوهر، وهو أبدي وغير مخلوق[35]. و ايضاً: (الابن الكلمة) هو الله وهو الخالق. كما قيل: ” كل شيء به كان، وبغيره لم يكن شيء مما كان” (يو1: 3)[36]. وفيما يلي بعض فقرات من أقواله عن لاهوت المسيح وتجسده: ” كان يوجد إذا كلمة يحوي أبدية لا بداية لها، كما هو الكلمة نفسه أيضاً، الذي هو ابن الله، الذي لكونه مساوي للآب وواحد معه في الجوهر، هو أبدي وغير مخلوق “[37]. ” المخلص الرحيم، الكلمة الإلهي الذي أعلن اللاهوت بالحقيقة، والذي صار مساوياً لرب الكون لأنه ابنه، والكلمة كان في الله، الذي لم يؤمن به الكل عندما بُشر به أولاً، ولا كان معروفا للكل، عندما اتخذ صورة الإنسان واتخذ لنفسه جسدا وقام بدراما الخلاص “[38]. ” عندما يقول [يوحنا] الذي كان من البدء (1يو1: 1) فهو يلمس الأجيال التي لا بداية لها للابن المساوي للآب. فقد ” كان ” هو نفسه، أي الابن، لكونه واحد مع الآب بحسب المساواة في الجوهر، أبديا وغير مخلوق. وكون الابن موجود دائماً واضح في قوله: ” في البدء كان الكلمة ” (يو1: 1) “[39]. ” لأن كليهما واحد (أي الآب والابن) – أي الله. لأنه قال: ” في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله “[40]. ” [كان يسوع المسيح] محتقرا في المظهر، ولكن في الحقيقة هو المعبود، والفادي، والمخلص، والهادي، والكلمة الإلهي، وهو بوضوح تام إله حق وموضوع في نفس مستوى الآب لأنه ابنه “[41]. ” هذه هي الترنيمة الجديدة، إعلان الكلمة الذي كان في البدء وقبل البدء، المخلص، الموجود من قبل وقد ظهر في الأيام الأخيرة، والذي فيه (في الآب) بالحقيقة، ظهر لأنه الكلمة الذي ” كان عند الله ” والذي كل شيء به خُلق، ظهر كمعلمنا، الكلمة الذي في البدء منحنا حياة كالخالق عندما صورنا علمنا أن نعيش جيداً عندما ظهر كمعلمنا، وسيمنحنا بعد ذلك الحياة التي لا تنتهي كإله “[42]. الخلق هو عمل اللوغوس اداة الآب و صورته. إنه المثال الكوني، الالف و الياء، الذي خلق كل شئ[43] في الدرجه الاولي يؤكد اكليمندس رداً علي الهراطقه، ان الإبن، الاقنوم الثاني من الثالوث، هو فوق كل خليقه، و هو الحكمه و المعرفه و الحقيقه[44]. انه اللوغوس الذي يتنبأ و الذي يُحَاكِم و الذي يُدرك كل شئ[45]. إن المفهوم المسيحي يشدد دائماً علي الوحده بين الإبن و الآب، وحدة الإرادة و القدرة في الخلق، و وحدة التخطيط و التحقيق في عمل الخلاص[46]. فالإبن يظهر لنا كمبدأ سام متلازم مع عمل الآب، و كقوة مُنَظِمه بالتوافق مع إرادته ايضاً لانه يتأمل مبادئ العقل الإلهي. زيادة علي ذلك، فإن الإبن هو قوة الآب[47]. إن الإبن هو الساهر و الموجه للإنسان مع الإقنوم الثالث، الروح القدس[48]. الكلمه يشفي جميع امراض الخليقه، النفسيه و الجسديه، و يغفر الخطايا كما يغفرها الآب السماوي[49]. الآب لم يكن بإمكانه ان يكون بدون ان يكون له إبن[50]. و هذا بحسب تعليم كيرلس عامود الدين ان اسم الإبن يشير إلي الآب الذي ولده ولا يمكن ان يكون لله إسم آب دون أن يكون له إبن من طبيعته . فاللغوس عند اكليمندس هو المُرَبي و السيد و ملك اسرائيل و قبل ان يصبح إنساناً كان الإله الذي لا تسمية له فهو الله و اللوغوس و المُرَبي[51]. إنه اللوغوس الكوني المنتشر علي وجه الارض بواسطة عمله الالهي المنور، و بواسطة معرفته و توجيهه لكل شئ، مُظهراً ممعرفة الله اينما كان، و مُربياً البشرية كلها[52]. يُقصَد بلقب “الآب” أن “الابن” أيضًا كائن على الدوام بدون بداية.[53] عندما كتب يوحنا الحكيم: “الذي كان من البدء” (1يو1:1)، كان يقصد الولادة بدون بداية للابن المتساوي مع الآب. إنها إذن إشارة إلى أزلية بدون بداية، كما أن الكلمة نفسه -الابن- أزلي وغير مخلوق، واحد مع الآب ومساوي له في الجوهر. فكينونة الابن دائمة “في البدء كان الكلمة” (يو1: 1).[54] أي أن الابن سرمدي، ميلاده من الآب بلا بداية فهو واحد جوهريًا مع الآب، مادام الآب فيه وهو في الآب.[55] إن الكلمة نفسه -الذي هو ابن الله- واحد مع الآب بمقتضى مساواته له في الجوهر، وهو أبدي وغير مخلوق.[56] (الابن الكلمة) هو الله وهو الخالق. كما قيل “كل شيء به كان وبغيره لم يكن شيء مما كان” (يو1: 3).[57] و يتحدث عن الروح القدس قائلاً: مبارك الانسان الذي عرف عطي الآب من خلال إنبثاق الروح كلي القدس[58] . – مبارك الانسان الذي عرف و تقبل الروح القدس الذي هو عطية الآب الذي منحه علي هيأة حمامه، الروح الذي بلا شائبه عديم الغضب و المراره، الكامل المنطلق من قلب ( اعماق ) الآب ليدبر الدهور و يعلن غير المنظور، فهو الروح القدس الحق الآتي من الآب الذي هو قدرته و إرادته، المستعلن لتكميل ملء مجده. اما الذين ينالونه فإنهم ينطبعون بطابع الحق بكمال النعمة[59]. – الروح القدس هو متحد بالآب و الإبن، و علينا ان نؤدي له واجب الطاعه و الخضوع كما لهما[60]. – إنه الإقنوم الثالث من الثالوث، إنه موجود في كل مكان[61]. [1]يوسابيوس 4 :20. [2]الي اتوليكوس 2 ،10 [3]الي اتوليكوس 2 ،32 [4]الي اوتوليكوس 2 ،10 [5]الي اوتوليكوس 1، 7 [6]دراسات في آباء الكنيسة ص 108. [7]To Autolycus 2 :15. [8] كنيسة مدينة الله انطاكيه العظمي. للمؤرخ الانطاكي اسد رستم، ج1 ص 75 [9]ad. Antol., ii, 10. [10]ibid. 9 [11]ANF, Vol. V p. 227 [12]ضد نويسيوس 10، 11 [13]ضد نويسيوس 10 ، 11 [14]ANF, Vol. V p. 151 [15]Homily on the Theophania, 10. [16]دحض جميع الهرطقات، 1، 10، 32 : 34 [17]تفسير نبوءة دانيال، 4:11 [18]الروح القدس الرب المحيي ، الاب متي المسكين ، ص 231 [19]مرجع سابق [20]contra noetus 12 – 14 [21]ibid , 6 [22]ibid , 14 [23]de antichr . 2 [24]ضد نويسيوس 10، 11 [25] Strom 4: 156. [26]Ibid 7: 58. [27]Ibid 5: 94. [28]Ibid 5: 16. [29] Paed 1: 57. [30] Prot 84 [31]Strom. 5: 34. [32]Ibid 7: 7. [33]Prot. 120. [34]ANF, Vol. II , p. 574. [35]ANF, Vol. II, p. 574. [36]ANF, Vol. II, p. 234. [37]Fragments, Part I, section III [38]Exhortations, Chap 10 [39]fragment in Eusebius History, Bk 6 Ch 14; Jurgens, p. 188. [40]The Instructor, B. 1, ch 8. [41] Exhortation to the Greeks, 10:110:1. [42] Exhortation To The Heathen, ch 2. [43]الخطاب إلي اليونانيين 10 ،strom, 4, 25 [44]strom, 4, 25 [45]strom, 5, 7 [46]strom, 7, 2 [47]المُرَبي، 1، 3، 12 [48]المُرَبي، 1، 3، 12 [49]المثرَبي، 1، 1، 3 [50]strom, 5, 1 [51]موسوعة عظماء المسيحيه للاب جورج رحمه، ج6 ص 93 [52]ستروم 7، 3 ، المُرَبي، 10 [53] ANF, Vol. II , p. 574. [54]fragment in Eusebius History, Bk 6 Ch 14; Jurgens, p. 188. [55]الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والعقائد-الله-القمص تادرس يعقوب. [56] ANF, Vol. II, p. 574. [57] ANF, Vol. II, p. 234. [58]lightfoot , on clement, p. 119 [59]ibid, 119 [60]المربي 1: 1، 6 [61]المربي، 1: 1، 6 |
||||
16 - 09 - 2015, 05:28 PM | رقم المشاركة : ( 9329 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
المعمودية علي إسم الثالوث القدوس قبل مجمع نيقية
المعمودية علي إسم الثالوث القدوس قبل مجمع نيقية في رسالته إلي كنيسة كورنثوس يذكر بولس الرسول إن المعموديه تتم بإسم وعمل وشركة الثالوث فيقول: أم لستم تعلمون أن الظالمين لا يرثون ملكوت الله: لا تضلوا، لا زناة ولا عبدة أوثان ولا فاسقون ولا مأبونون ولا مضاجعو ذكور ولا سارقون ولا طمَّاعون ولا سكِّيرون ولا شتَّامون ولا خطَّافون يرثون ملكوت الله. وهكذا كان أُناس منكم؛ لكن اغتسلتم بل تقدَّستم بل تبرَّرتم باسم الرب يسوع وبروح إلهنا. ق. بولس يقدِّم اعترافاً للمعمودية باسم الثالوث مبكِّراً جداً: “اغتسلتم بل تقدَّستم بل تبرَّرتم باسم الرب يسوع وبروح إلهنا“(1كو 11:6). هنا ثلاثة مفاعيل: اغتسل، تقدَّس، تبرَّر لثلاثة أسماء: باسم الرب يسوع، وروح، إلهنا. الاغتسال بالإيمان باسم الرب يسوع. التقديس في الروح القدس. التبرير أمام الله الآب. وقد علَّق عليها العلامة ثيؤدوريت بقوله([2]): [لأنه باستدعاء الثالوث الأقدس، تتقدَّس طبيعة المياه، وتُمنح مغفرة الخطايا]. والديداخي (التي تعود إلي عام 100- 150م) تصف ممارسة المعمودية هكذا: [بعدما تتلون كل محفوظات الطقس (أي طريق الحياة والموت): عمِّد باسم الآب والابن والروح القدس في مياه جارية (مياه حيَّة)، فإذا لم تكن هناك مياه جارية ففي مياه أخرى. وإذا لم يكن بمياه باردة فبمياه دافئة. فإذا لم يكن هذا ولا ذاك، فاسكب المياه ثلاثاً على رأس المعمَّد باسم الآب والابن والروح القدس، وقبل المعمودية ليت المعمَّد والمعمِّد يصومان أولاً، والمعمَّد عليه أن يصوم يوماً أو اثنين قبل العماد.]([3]). وفي موضع آخر توصي الديداخي في أن يتم العماد “باسم الرب” (5:9) (أي باسم المسيح) ومن هذا يظهر أن الصيغتين (أي باسم الثالوث أو باسم الرب يسوع) كانتا مستعملتين وكان لهما مغزى واحد ومفعول واحد. ربما لخص القديس أغناطيوس الأنطاكي (98- 117م) الاعتراف بالإيمان بقوله: [اثبتوا إذن على تعليم الرب والرسل، لكي تنجحوا فيما تعملون بالجسد والروح في الإيمان والمحبة في الابن والآب والروح القدس[4].] وجاء في رسائل القديس كبريانوس (القرن الثاني):[أتؤمن بالله الآب والابن المسيح والروح القدس؟ أتؤمن بالحياة الأبدية وغفران الخطايا خلال الكنيسة المقدسة؟ أؤمن[5].] و يقول القديس يوستينوس (160م) : [ونحن أيضاً نصلِّي ونصوم معهم. ثمَّ نقودهم إلى موضع به ماء وهناك يولدون من جديد بحسب الطريقة عينها التي وُلدنا نحن أيضاً بها ميلاداً جديداً، وذلك بأن ينالوا غسل الماء باسم الله الآب الضابط الكل ومخلِّصنا يسوع المسيح والروح القدس … ، الذي يكون قد تاب عن خطاياه، باسم الله الآب الضابط الكل. فالذي يقود المعمَّد إلى جرن المعمودية ينادى عليه بهذا الاسم … وهذا الاغتسال يُدعى استنارة لأن الذين يتعلَّمون هذه الأمور يستنيرون في معرفتهم. وبعد ذلك فالذي استنار يُعمَّد أيضاً باسم يسوع المسيح الذي صُلب على عهد بيلاطس البنطي، وباسم الروح القدس الناطق في الأنبياء بكل ما يختص بيسوع.]([6]) و يقول هيبوليتس الروماني (بدايات القرن الثالث) : ويجيب (طالب العماد) على أسئلة الإيمان قبل تغطيسه في الماء ثلاث مرَّات. وبعده يُعطى مسحة زيت البهجة أو الشكر بواسطة الكاهن، ويلتحق بالجماعة حيث يضع الأسقف عليه يده بصلاة ويدهنه بالزيت المقدَّس باسم الله الآب القادر على كل شيء والمسيح يسوع والروح القدس[7]، وأخيراً يختمه على جبهته ويعطيه قبلة السلام[8]. و يقول في قوانينه[9] : وقبل أن ينزل الماء بوجهه الملتفت نحو الشرق يقف بجوار الماء ويقول، بعد أن يكون قد مُسح بزيت إخراج الأرواح الشريرة: أومن وأنحني لك ولكل قواتك أيها الآب والابن والروح القدس. 123 – ثمَّ ينزل بعد ذلك إلى الماء ويضع الكاهن يده فوق رأسه ويسأله.124 – هل تؤمن بالله الآب القادر على كل شيء؟125 – يجيب الطالب المرشَّح نعم أومن، وبعدها يغطِّسه في الماء. ثمَّ يسحب الكاهن يده من على رأسه ويسأله مرَّة أخرى:126 -هل تؤمن بيسوع المسيح ابن الله الذي ولدته مريم العذراء وحملت به بالروح القدس،127 – الذي جاء ليخلِّص البشرية،128 – الذي صُلب من أجلنا في عهد بيلاطس البنطي، الذي مات وقام من بين الأموات في اليوم الثالث وصعد إلى السموات وجلس عن يمين الله الآب، والذي سيأتي ليدين الأحياء والأموات؟129 – يجيب أومن، فيغطس ثانياً في الماء، ثمَّ يسأله الكاهن مرَّة ثالثة:130 – هل تؤمن بالروح القدس،131 – المعزِّي المنسكب علينا من عند الآب والابن؟132 – يجيب: أومن. ثمَّ يُغطَّس في الماء للمرَّة الثالثة.133 – وكل مرَّة يقول المعمِّد: أعمِّدك باسم الآب والابن والروح القدس (المساوي). و يقول العلامه ترتليان (القرن الثالث): [ونحن تحت الماء نتطهَّر بحضور الملاك وهكذا نتهيَّأ للروح القدس. هذا أيضاً له مثال سابق، فيوحنا المعمدان كان هو الملاك السابق للرب يعد له الطريق، هكذا أيضاً الملاك الشاهد للمعمودية يجعل الطريق مستقيماً أمام الروح القدس المزمع أن يحل علينا عند تطهير خطايانا ويختمنا بالإيمان باسم الآب والابن والروح القدس. لأن من فم ثلاثة شهود تقوم كل كلمة (مت 16:18). حيث في بركة سر المعمودية يكون هؤلاء الثلاثة شهوداً لإيماننا ويكونون مثل موثّقين لخلاصنا. وهذا كاف جداً لرجائنا وبالأكثر بعد ضمان إثبات إيماننا وإعطاء وعد خلاصنا أمام هؤلاء الشهود الثلاثة: الآب والابن والروح القدس. ويلزم أيضاً ذكر الكنيسة لأنه حيث يكون هؤلاء الثلاثة تكون الكنيسة.]([10]) [وبعد أن نصعد من جرن المعمودية ندهن دهناً كاملاً بالمسحة المقدَّسة، وهذا الترتيب الطقسي قديم حينما كان يُمسح طالب الكهنوت بدهن القرن كما مُسح هارون أيضاً بواسطة موسى. ولذلك دُعي يسوع مسيح الرب لأنه مُسح بالروح بواسطة الله الآب، كما كُتب في سفر الأعمال: «لأنه بالحقيقة اجتمع على فتاك القدوس يسوع الذي مسحته» (أع 27:4).هكذا أيضاً في ما يختص بنا، فإن المسحة تتم جسدياً ولكنها تثمر روحياً كالمعمودية نفسها، لأنها تُجرى جسدياً عندما نُغطَّى في الماء بالجسد ولكن ثمرها روحي إذ نخلص من خطايانا.]([11]) [وبعد المسحة توضع اليد على المعمَّد بصلاة ودعاء الروح القدس … لأنه ليس عسيراً على الله أن يستخدم يد الإنسان وهو أصلاً صنعة يديه … لأنه فوق أجسادنا التي اغتسلت من الخطية وتقدَّست يُرسل الأب روحه القدوس … وقد نزل على الرب يسوع بشبه حمامة. وكذلك في الفلك … وهكذا على أجسادنا حينما نخرج من جرن المعمودية بعد ترك خطايانا القديمة تنحدر حمامة الروح القدس.]([12]) و جاء في كتاب الدسقوليه : [ولأجل المعمودية أيها الأسقف أو القسيس فقد أمرناكم من البدء ونقول لكم أيضاً هكذا تُعمِّد مثل وصية الرب لكم أن «اذهبوا وعلِّموا جميع الأُمم وعمِّدوهم باسم الآب والابن والروح القدس وعلِّموهم حفظ كل شيء أوصيتكم به» – أعني الآب الذي أرسل المسيح الذي جاء والبارقليط الذي شهد[13].] و يؤكّد ايريناوس أنّ معرفة الله لدى المسيحيين تبدأ بالمعمودية التي ينالونها على اسم الآب والابن والروح القدس. يقول في ” الكرازة الرسولية”:إليكم ما يؤكده لنا الإيمان، كما سلّمنا إياه الكهنة، تلاميذ الرسل. انه يذكّرنا أوّلاً أننا نلنا المعمودية لمغفرة الخطايا باسم الله الآب، وباسم يسوع المسيح ابن الله الذي تجسّد ومات وقام، وفي روح الله القدوس… عندما نولد من جديد بالمعمودية التي تُعطى لنا باسم هذه الاقانيم الثلاثة، نغتني في هذه الولادة الجديدة من الخيرات التي في الله الآب بواسطة ابنه، مع الروح القدس. فالذين يعتمدون ينالون روح الله، الذي يعطيهم للكلمة، أي للابن، والابن يأخذهم ويقدّمهم للآب، والآب يمنحهم عدم الفساد. وهكذا بدون الروح، علينا رؤية كلمة الله، وبدون الابن لا يستطيع أحد الوصول إلى الآب. فان معرفة الآب هي الابن، ومعرفة ابن الله نحصل عليها بواسطة الروح القدس. ولكن الابن هو الذكي من شأنه توزيع الروح، حسب مسرّة الآب، على الذين يريدهم الآب، وعلى النحو الذي يريد[14]” وفي ميلانو أيضًا كان الاعتراف بالإيمان يتم هكذا، إذ يقول القديس أمبروسيوس: [عند ذلك تُسأل: أتؤمن بالله الآب ضابط الكل؟ تقول “أومن”، عندئذ تغطس أي تدفن. ومرة ثانية تُسأل: “أتؤمن بربنا يسوع المسيح وبصليبه؟” تقول: “أومن”، وعندئذ تغطس وهكذا تُدفن مع المسيح، لأن كل من يُدفن مع المسيح يقوم من الموت معه. وفي المرة الثالثة تُسأل: “أتؤمن بالروح القدس؟” تقول: “أومن”، ومرة ثالثة تغطس. وهكذا تغطس ثلاث مرات ويمحو اعترافك المثلث كل خطاياك السابقة[15].] [1] هذا الموضوع مأخوذ بتصرف و إضافات عن كتاب المعموديه الإصول الأولي للمسيحيه، للاب متي المسكين. ([2]) Theodoret, PG. 86, 268, cited by Joseph H. Crehan, SJ, Early Christion Baptism and Creed. p. 15 [3]) Didache, 7 [4]Epis. ad Mag. 6. [5] Epist. 69:7. ([6])Apol., I, 61. [7]هذا هو ترتيب المعمودية بحسب كتاب هيبوليتس الأصلي المدعو “التقليد الرسولي”، وقد نشره وحقَّقه العالِم جريجوري دكس(Gregory Dix, The Treatise on the Apostolic Tradition of st. Hippolytus of Rome, 1968.). وفي عصر لاحق صيغت محتويات هذا الكتاب صياغة جديدة عُرفت باسم “قوانين هيبوليتس”. [8] Ibid., 22, 1,2. [9]Achelis, Die Canones Hippolyti, Leipzig, 1891, cited by Whitaker, op. cit., pp. 78-81 R.-G. Coquin, Les Canons d’Hippolyte, PO31,2 (1966), pp. 340-427 ([10]) De Baptismo., C. 6. ([11]) Ibid., C. 7. ([12]) Ibid., C. 8. (13) الدسقوليه تعليم الرسل ، د/ وليم سليمان قلاده، فصل 36 : 10 [14] الكرازة الرسولية، فقرات 3 و 4 [15] PL 16:423. |
||||
16 - 09 - 2015, 05:33 PM | رقم المشاركة : ( 9330 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
عن الثالوث القدوس .. شرح ابائي مُختصر
عن الثالوث القدوس .. شرح ابائي مُختصر طبيعة الله أنه روح بسيط، بسيط بمعني أنهُ ليسَ مُركباً أو مكوناً من اجزاء لأن الله مُنذ الازل وهو ثالوث لم يتغير ولم يتحول من مفرد الي جمع، وهو من الأصل ليس جمع بالمفهوم البشري لإن الله لا ينطبق عليه المعلومات والمفاهيم البشرية للأشياء، “بمعني اني مينفعش اجمع الله او أقول انه واحد بالعدد [واحد] في الوقت اللي هو فيه كائن في الكل و بيحتوي الكل” .. . بيقول القديس يوحنا الدمشقي : [ و نقول ان لكل من الثلاثة اقنومه الكامل , لئلا نوهم بانهم طبيعة واحدة كاملة مركبة من ثلاثة غير كامل , و نقول ايضا ان في الاقانيم الثلاثة الكاملين جوهرا بسيطا واحدا فائق الكمال و قبل الكمال . لان كل مجموعة من غير كاملين تكون حتما مركبة , و لا يمكن ايجاد مركب من ثلاثة اقانيم . لذلك فنحن لا نتكلم عن نوعهم انه من اقانيم بل انه في ثلاثة اقانيم . و قد سميناها ناقصة تلك الاشياء التي لا تحتفظ بنوع الصنع المصنوع منها . فالحجر و الخشب و الحديد كل منها كامل بذاته في طبيعته الخاصة . اما بالنظر الي البيت المصنوع منها فكل منها ناقص . لان كل منها ليس في ذاته بيتا و عليه اننا نقول بان الاقانيم كاملون لئلا نفكر بتركيب في الطبيعة الالهية . فالتركيب بدء التقسيم . و نقول ايضا ان كلا من الاقانيم الثلاثة هو في الاخر , لئلا نصير الي كثرة و جمهرة من الالهة . لذلك نقر بعدم تركيب الاقانيم الثلاثة و بعدم اختلاطهم , و لذلك ايضا نعترف بتساوي الاقانيم في الجوهر و بأن كل واحد منهم هو في الاخر و بأنها هي هي مشيئتهم و فعلهم و قوتهم و سلطتهم و حركتهم – اذا صح التعبير , و بأنهم اله واحد غير منقسم . فأن الله واحد حقا و هو الله و كلمته و روحه …](1)ويستخدم الاباء تعبير الاحتواء المتبادل للتعبير عن العلاقات الداخلية في طبيعة الله الثالوثية، و يعني ان الاقانيم الالهية هي في احتواء دائم متبادل فيما بينها او بمعني اخر كل اقنوم هو بكامله وكماله ساكن في الإقنوم الآخر ولذلك نري كل اقنوم فيه كل الله وليس جزء من الله وهذا ما قصده المسيح من قوله انا في الآب و الآب فيَّ .. يقول القديس كيرلس السكندري : [فالطبيعة الإلهية هي طبيعة بسيطة غير مركبة , ولا مثيل لها , تتسع لخصائص الأقانيم و تمايز الأشخاص و الأسماء , و تُعرف في ثالوث متحد إتحاداً طبيعياً و في تطابق لا يتغير من كل جهة فيها , تجعل الله واحد و هو بالأسم و الفعل هكذا , حتى أنه يكون لكل أقنوم من الأقانيم الثلاثة كمال الطبيعة , مع ما لكل منهم من خصائص , أي لكل منهم أقنومه الخاص . لأن كل أقنوم يظل على ما هو عليه , لكن بوحدته حسب الطبيعة – مع الأقنومين الآخرين يكون له الطبيعة ذاتها . لأن الآب يوجد في الإبن و الإبن في الروح القدس , و بالمثل الإبن و الروح يوجدان في الآب , الواحد في الآخر ….](2) ، و يقول ايضاً القديس يوحنا الدمشقي : [ ان اللاهوت لا يمكن ان ينقسم الي اقسام , و هو علي نحو ما يصير في ثلاثة شموس متواجدة بعضها في بعض و هي لا تنفصل , فيكون مزيج النور واحد و الاضائة واحدة . اذا عندما ننظر الي اللاهوت , علي انه العلة الاولي , و الرئاسة الواحدة , و الواحد , و حركة اللاهوت و مشيئته الواحدة – اذا صح القول – , و قوة الجوهر و فعل سيادته ذاتها , فالذي يتصور في ذهننا هو الواحد . ] (3) . و ايضاً نؤمن بإن كل عمل يصدر عن احد الاقانيم كتخصيص هو صادر من الله بكامله و كماله، فيقول القديس العلامه ديديموس الضرير : [ كل من يتصل بالروح القدس، ففي نفس اللحظة هو يتقابل مع الآب والابن. وكل من يشترك في مجد الآب، فأن هذا المجد في الواقع هو ممنوح له من الابن بالروح القدس . ](4) . و يقول ايضاً القديس اثناسيوس الرسولي : [الثالوث المبارك لا يتجزأ ، وهو واحد في ذاته، لأنه حينما ذ ُكر الآب ذُكر الإبن الكلمة والروح القدس الذي في الإبن ، وإذا ذُكر الإبن فان الآب في الإبن ، والروح القدس ليس خارج الكلمة لأن الآب نعمة واحدة تتم بالإبن في الروح القدس ، وهناك طبيعة إلهية واحدة ](5) و عن الاسماء التي تطلق علي الاقانيم الآب والإبن فليس المقصود بها التعبير عن ما هو الله في ذاته لان الله لا يمكن ان يصفهُ أي إسم، لكن المقصود هو التعبير عن ما هو الله من نحونا نحن بمعني ما هو الله بحسب التدبير (التدبير هو مشيئة الله وعمله تجاه البشر)، ولنعرف ان الإبن هو من نفس جوهر الآب لان كل مولود ابن هو من جوهر الذي ولده، ولنعرف أيضاً أنهُ بسببب الإبن سنعطي البنوه لله لانه تجسد وأخذ ما لنا ليعطينا ما له، و ايضاً لنعرف انهم واحد لان كلمة الابن مرتبطةٌ دائماً بكلمة الآب مثلما ترتبط كلمة المخلوق بالخالق .. يقول القديس كيرلس الكبير : [ فحينما نتكلم عن الآب ، فإننا نثير في أذهان السامعين فكرة الإبن ، أي مجرد فكرة وجود كائن مولود ، والعكس صحيح ، فحينما نذكر الكائن المولود فإننا نجلب إلى الأذهان ذاك الذي يلد ، نفس الشئ ينطبق على الإتجاهات ، فحينما نتكلم عن إتجاه ما ، نتذكر الإتجاه الآخر ، أي حينما نقول اليمين يذهب فكرنا إلى وجود يسار …] .(6) ، و يقول القديس امبرسيوس : [ من يذكر اسم واحد من الاقانيم فقد ذكر الثالوث , فإذا ذكرت اسم المسيح فأنت ضمناً تشير الي الله الآب الذي به الإبن قد مُسحَ , و الإبن نفسه الذي مُسحَ , و الروح القدس الذي تمت به المسحه … و إذا تكلمت عن الروح فأنت تذكر الله الآب الذي منه ينبثق الروح , و تذكر ايضاً اإبن لانه روح الإبن ](7) ، و يقول القديس اثناسيوس : [ الابن هو الله بكامله و كماله ] .. و يكمل قائلاً : [فالآب و الابن و الروح القدس هم واحد بلا انقسام و هم ازلياً في تواجد ( احتواء ) متبادل كل منهم في الآخر بكونهم الثالوث القدوس المبارك و لكنهم لاهوت واحد و رئاسه واحده ] .. ويقول ايضاً : [ فكل اقنوم هو الله بأكمله , و كل اقنوم هو كل ما هو الله منذ الازل ] (8) فإننا عندما نعبر عن اقانيم اللاهوت بالثالوث هذا لا يعني العدد ثلاثة ولا الحد بالرقم ثلاثة ولكن يعني التمايز بين الاقانيم وإنهم ليسوا إقنوماً واحداً بل ثلاثة اقانيم قائمين منذ الازل في وحدة الالوهية. و يقول القديس غريغوريوس النيزنزي : [ ولكن الحكم الواحد الناتج من تساوي الطبيعة وتناسق الإرادة ووحدة العمل والتقارب للالتقاء عند المصدر نتيجة للوحدة، وكل هذا غير ممكن في حالة الطبيعة المخلوقة. والنتيجة أنه رغم وجود تمايز عددي فليس هناك انقسام في الجوهر. ] (9) ، و يقول القديس باسيليوس الكبير : [ أما أولئك الذين يجلبون الدمار على أنفسهم، فيريدون استخدام طريقة العدّ ضد الإيمان. ومع أن الأشياء لا تتغير إذا حسبت عدديًا كلا بعد الآخر في تسلسل عددي لكن يا سادتي الحكماء إن الذي هو فوق الادراك هو فوق الحساب والاعداد أيضًا. وقدر العبرانيون هذا وبحكمة ووقار كتبوا اسم الله الذي لا ينطق بطريقة خاصة وهكذا عملوا على الاعلان عن مجده الفائق فوق كل الكائنات. إذا شئت أن تستخدم الاعداد فأنت حر، ولكن لا تشوه الإيمان بل احترمه ما هو فوق بالصمت، أو أن شئت أن تقول عددًا صحيحًا فالله واحد هو الآب الواحد والابن الواحد والروح القدس الواحد. ونحن نعلن عن كل أقنوم على حدة وإن كان يجب علينا استخدام الاعداد فاننا لا نسمح لانفسنا بأن تحملنا قواعد الحساب إلى تعدد الالهة في الوثنية.] (10) [ لذلك نحن نقول إنه يوجد إله واحد وليس إلهان أو ثلاثة. لأنه من الخطأ القول بوجود ثلاثة آلهة لأن هذا ما وقعت فيه هرطقة الآريوسيين الكفرة، عديمة التقوى، بما فيها من تجاديف، وبهذا فإنها تقسّم ألوهية الثالوث، بينما فى قول الرب: ” اذهبوا عمّدوا جميع الأمم باسم الآب والابن والروح القدس” يُوضِّح أن الثالوث هو قوة واحدة. نحن نعترف بالآب والابن والروح، وبذلك نفهم كمال ملء الألوهية وكمال وحدة القوة، فى ثالوث كامل. ] القديس امبرسيوس (11) ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــ 1 – .المائة مقالة في الايمان الارثوذكسي . ص 70 2 – حوار حول الثالوث , الجزء السادس ( الحوار السابع ), مؤسسة القديس أنطونيوس المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائية , نصوص آبائية – 169 – , صفحة 28 3 – يوحنا الدمشقي . احد اباء القرن الثامن. المائة مقالة في الايمان الارثوذكسي . ص 72 – 73 4 – القديس ديديموس الضرير . احد اباء القرن الثالث . كتابه عن الروح القدس فقره 17 5 – القديس اثناسيوس الرسولي . احد اباء القرن الثالث . الرسائل إلى سرابيون 1 : 14 6 – حوار حول الثالوث ج1 – المركز الأرثوذكسي للدراسات الأبائية ص 71 ، 72 7 – – الروح القدس – للقديس امبرسيوس اسقف ميلان . 1 : 12 : 14 .. npnf , second series , vol . x . p 99 .. الروح القدس كتابياً و ابائياً للراهب هرمينا البراموسي . ص 28 8 – الايمان بالثالوث الفكر الاهوتي الكتابي للكنيسه الجامعه في القرون الاولي . توماس . ف . تورانس .. ص 114 , 115 9 – العظات اللاهوتيه . العظة 29 الفقرة 2 10 – الروح القدس . ترجمة د / جورج حبيب باباوي . مراجعة و تقديم نيافة الانبا يؤانس اسقف الغربيه المتنيح . اصدار مطرانية الغربيه . الفصل الثامن عشر . ص 135 11 – شرح الايمان المسيحي . ترجمة د / نصحي عبد الشهيد . إصدار المركز الارثوذكسي للدراسات الابائيه . الكتاب الاول . فقرة 10 |
||||