30 - 07 - 2015, 03:23 PM | رقم المشاركة : ( 8651 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
مأساة سقوط الإنسان الإنسان قي جنة عدن:لابد لنا ونحن نعالج قضية الصليب أن ندرس أولا قصة الإنسان ذلك لأن بين الإنسان و الصليب علاقة متينة وصلة قوية واضحة وضع الله العظيم الحكيم تصميما رائعا جميلا للجنة الأولى التي عاش فيها الإنسان و نفذ بقدرته و محبته هذا التصميم ونحن نقرأ وصفا موجزا لهذه الجثة سجله كاتب سفر التكوين في هذه الكلمات وغرس الرب الإله جنة في عدن شرقا وأنبت الرب الإله من الأرض كل شجرة شهية للنظر وجيدة للأكل وشجرة الحياة في وسط الجنة وشجرة معرفة الخير والشر وكان نهر يخرج من عدن ليسق الجنة تك 8:2 /10 هكذا رتب الله بيت الإنسان نعد أن أضاء له السماء بالنجوم اللوامع وفرش له الأرض بالبسط السندسية الخضراء وأوجد الحياة النباتية و الحيوانية لغذاء ومتعة هذا المخلوق العتيد والآن نسطتيع أن نتخيل اللحظة الحاسمة ساعة أن جبل الرب الإله آدم ترابا من الأرض ونفخ في أنفه نسمة الحياة فصار آدم نفسا حية ويخطر ببالنا السؤال في أية صورة عمل الله الإنسان ويجيبنا كاتب سفر التكوين بالقول { وقال الله نعمل الإنسان هلى صورتنا كشبهنا فخلق الله الإنسان على صورة الله خلقه} تك1 26و27 ومعنى هذا في عبارة واضحة أن الإنسان قد خلق على صورة المسيح الذي هو صورة الله غير المنظور كولوسي15:1 كما يقول يوحنا في غرة إنجيله في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله كل شيء به وبغيره لم يكن شيء بما كان يو 1:1و3 وكما يؤكد بولس قائلا :فإنه فيه خلق الكل ما في السموات وما على الأرض ما يرى وما لا يرى سواء كان عروشا أم رياسات أم سلاطين الكل به وله قد خلق كولوسي 16:1 هكذا خلق الله آدم الأول كاملا طاهرا جميلا حرا في إرادته وكل نظرية أخرى تحط من قدر الإنسان وتنزل من قدر الله الخالق المنان الكامل الذي لا يخلق إلا الكمال والجمال و ها هوذا الإنسان قد وقف بين يدي إلهه يؤدي التحية الواجبة على المخلق من نحو خالقه الطيب الكريم. وثيقة حقوق الإنسان:ويبقى آدم وحده ردحا من الزمن لا نعرف بالتحقيق مداه مخلوق حر يتمتع بحرية الإرادة والاختيار ويعطيه الله وصيته الوحيدة كاختبار لحريته قائلا: من جميع شجر الجنة تأكل أكلا و أما شجرة معرفة الخير و الشر فلا تأكل منها لأنك يوم تأكل منها موتا تموت تك.16:2 شجرة واحدة محرمة ووصية واحدة حازمة ونهاية واحدة محتومة إذا استخدم الإنسان الحر إرادته لمخالفة إرادة الله يوم تأكل منها موتا تموت. وتمر الأيام على آدم وهو في الجنة الفحياء وبين الأشجار الخضراء والزهور الحمراء والبيضاء والصفراء يتمتع بالأرض والسماء والماء والهواء ويعيش في رحاب الجنة مع رهط من الحيوانات وهنا يقول الخالق القادر على كل شيء ليس جيدا أن يكون آدم وحده فأصنع له معينا نظيره وقد يسأل سائل لماذا لم يخلق الله المرأة يوم خلق الرجل؟ ونع أننا لا نجد إجابة حاسمة لهذا السؤال إلا نستطيع القول: إن الله أراد أن يكون آدم في شوق إلى مجيء هذا المخلوق حتى إذا جاء أكرمه وأحبه وأحس معه بهجة الحياة والصورة المرسومة في سفر التكوين ترينا آدم يبحث بين حيوانات الأرض عن مخلوق يرتاح إليه ويتحدث نعه وفي موكب الحيوانات التي مرت عليه ليعطى لكل حيوان اسمه ولم يجد له معينا نظيره. فهل أحس آدم بالوحدة في الجنة الجميلة؟ ربما ويرينا السجل المقدس أن الله قد أحس بما شعر به هذا المخلوق الطيب الوديع فأوقع الرب الإله سباتا على آدم فنام فأخذ واحدة من أضلاعه وملئ مكانها لحما وبنى الرب الإله الضلع التي أخذها من آدم امرأة وفي صبح مشرق بهيج فتح آدم عينه ليرى إلهه وهو يحضر له مخلوق نظيره يحس بأحاسيسه ويشعر بمشاعره ويضحك لضحكاته ويتحدث إليه بلغته التي يفهمها ودعا آدم هذه المخلوقة الجميلة امرأة قائلا: لأنها من امرؤ أخذت وسار موكب الأيام والسعادة ترفرف في أرجاء جنة الإنسان. وقفت الإنسانية ممثلة في آدم وحواء أمام الله تتلقى الوثيقة الأولى التي نطق بها الله و رسم فيها حقوق الإنسان و نحن نقرأ مولد هذه الوثيقة في هذه الكلمات: فخلق الله الإنسان على صورته على صورة الله خلقه ذكرا وأنثى خلقهم وباركهم الله و قال لهم أثمروا وأكثروا واملأوا الأرض و أخضعوها و تسلطوا على سمك البحر و على طير السماء وعلى كل حيوان يدب على الأرض و قال الله لقد أغطيتكم كل بقل يبذر بذرا لكم يكون طعاما و كان كذلك تكوين 27:1و30 و هكذا تلقت الإنسانية جمعاء ممثلة في أبيها آدم و أمها حواء أول تأمين ضد العوز و الخوف و الاستعباد فلا جوع ولا شقاء بل بركة وإثمار وسيادة وهناء مقيم. |
||||
30 - 07 - 2015, 03:26 PM | رقم المشاركة : ( 8652 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
لم يكن لدى حواء كلمة الله وكان ثباتها في طاعة هذه الكلمة يعني الحياة والسعادة والهناء الدائم وكان عصيانها يحمل في طياته الموت والشقاء والعذاب الأليم وكان هدف الشيطان أن يدخل الشك في قلب حواء في صدق كلمة الله وهذا هو عمله على مر العصور والدهور فتكلم بواسطة الحية قائلا أحقا قال الله لا تأكلا من كل شجر الجنة؟ سؤال كاذب ماكر خداع يحمل كل عناصر الخيانة والغدر فقطعا كانت تعلم الحية ماذا قال الله وكانت ترى حواء وهي تنتقل بين أشجار الجنة وتأكل ما تريد من أثمار لكنها أرادت بسؤالها هذا أن توجد مجالا للحديث مع حواء لتغرر بها فتأكل من ثمر الشجرة المحرمة وتعصي وصية الله وانزلقت المرأة إلى الفخ الذي أحكم الشيطان وضعه وأجابت الحية قائلة من ثمر شجر الجنة تأكل وأما من ثمر الشجرة التي في وسط الجنة فقال الله لا تأكلا منه ولا تمساه لئلا تموتا إذا لم يقل الله لا تأكلا من كل شجر الجنة وإذا سرا رائعا يكمن في ثمر هذه الشجرة المحرمة؟ ومن أجل هذا السر منعهما الله أن يأكلا منه وهذا أمر يدعو إلى الشك والتفكير وإذ بدأ عقل حواء يفكر هتفت الحية قائلة لن تموتا أو بعبارة أخرى لا تصدق الله يا حواء فليست كلمته هي الفيصل وهكذا غرس الشيطان بذور الشك في صدق كلمة الله في قلب حواء و هذه أولى خطوات الانحدار؟؟ |
||||
30 - 07 - 2015, 03:27 PM | رقم المشاركة : ( 8653 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
في لغة ماكرة ناعمة همست الحية في أذن حواء بالعبارة لن تموتا ومع أن هذه الكلمة تحوي كل معاني الشك في صدق الله فهي كذلك تحمل في طياتها كل عناصر الشك في دينونة الله فكأن الحية تقول في عبارة أخرى، ليس هناك موت، ولا عقاب، ولا دينونة !! و إلى اليوم مازال الشيطان يبذر ذات البذور في قلوب البشر، مشككا إياهم في حقيقة دينونة الله، ليستهينوا بالشر، ويستخفوا بالعصيان، وإذ دخل الشك في قلب حواء صارت قريبة من السقوط و الانهيار. |
||||
30 - 07 - 2015, 03:27 PM | رقم المشاركة : ( 8654 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
تركزت عينا حواء في ثمر الشجرة المحرمة، واستطردت الحية تقول بصوتها الخادع : ((الله عالم أنكما يوم تأكلان منه تنفتح أعينكما وتكونان كالله عارفين الخير والشر)) كيف انسابت هذه الكلمات إلى أذني حواء ؟ أي صورة رسمتها في ذهنها لله ؟ هنا بجدر بنا أن نقف قليلا , فلا شك أن حواء قالت لنفسها : إذا كان ثمر هذه الشجرة سيجعلنا كالله , فلماذا حرمنا الله من أكله ؟ ألعله لا يحبنا بالكفاية ؟ ألعله لا يريد لنا الرفعة والمجد والجلال ؟ وبدأت بذور الشك في محبة الله تغمر هذا القلب النسائي الضعيف , واجتمعت عليه كل عناصر الإغراء والغواية من شك في صدق كلمة الله إلى شك في حقيقة دينونة الله , إلى شك في محبة الله , وعندما تملكت هذه الشكوك قلب حواء بدأ صوت التحذير الإلهي يضعف في ذهنها , وصوت الإغراء الشيطاني يقوى في أرجاء نفسها ! ثم تأتي نهاية المأساة , فينتصر الشيطان على الإنسان , وتنظر حواء إلى الشجرة فترى ((أن الشجرة جيدة للأكل ,وأنها بهجة للعيون ,وأن الشجرة شهية للنظر , ثم نقرأ عن الخاتمة المخيفة ((فأخذت من ثمرها وأكلت وأعطت رجلها أيضا معها فأكل)) وهكذا سقطت حواء أم الإنسانية , وسقط معها آدم أبو البشر أجمعين !! |
||||
30 - 07 - 2015, 03:28 PM | رقم المشاركة : ( 8655 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
نتائج سقوط الإنسان عصت العائلة البشرية الأولى صوت الله , وأطاعت صوت الشيطان , وأسدل الستار على عصر برارة الإنسان, بل أسدل على هنائه , وسعادته , وبدأت الدراما الإنسانية تأخذ مكانها على مسرح الأرض الجدباء. الإحساس بالعريوهنا يليق بنا أن نتتبع النتائج الرهيبة لسقوط الإنسان , فتعال معي لنسر في كهوف هذه المأساة الإنسانية الكبرى , ونرى ما جرته من شقاء على البشرية جمعاء !! فتح الإنسان عينيه بعد أن عصى إلهه ليرى نفسه عاريا , والإحساس بالعري هو أكبر دليل على ضياع الشعور بالبراءة , فالطفل الصغير دون سن المسئولية لا يشعر بالعري لأن إدراكه لمعنى الشر لم يكمل بعد , أما الإحساس بالعري , فيعني أن العين لم تعد بسيطة كما كانت , وأن العقل بدأ يفكر أفكاراً رديئة الإحساس بالخوفولما أ حس الإنسان بعريه حاول أن يستر نفسه، لكن بماذا؟ بأوراق تين لا بد أن تجف و أن تكشف ما ورائها من عورات. ومحاولة ستر الجسد العاري، تقابلها محاولة أخرى أعمق و أخطر شأناً هي محاولة كبت الشعور بالذنب, وتغطيته إما بالنسيان، أو بالاعتذار، أو بالتهوين، أو بعدم المبالاة، أو بالانغماس في المشاغل والملذات للهروب من مواجهة الله، وكل هذه أوراق تين لا تستطيع أن تستر ذنب الإنسان. و جاء الرب الإله !! فهل استقبله آدم ليحييه التحية الواجبة على المخلوق نحو خالقه ؟ وهل أسرع إليه كعادته كل يوم ليتحدث معه حديث الشركة القلبية الحبية ؟! لقد طغى عنصر جديد على حياة هذا المخلوق بعد أن عصى وصية الله، هو عنصر الإحساس بالخوف، والخوف والخطيئة صنوان لا يفترقان. الإحساس بالعداءجاء الرب الإله، فلما سمع آدم وامرأته صوته عند هبوب ريح النهار أحسا بالخوف، واختبئا في وسط شجر الجنة. قالت لهما الحية أنهما سيصيران كالله، وها هما ينزلان درجة في سلم الانحدار، فيملأهما الخوف من مواجهة الله، و يسرعان للاختباء وسط الأشجار، تماما، كما يفعل الكثيرون اليوم، حين يختبئون وراء أشجار المذاهب الدينية، أو وراء أشجار المظاهر الكنسية، أو وراء أشجار العلم و الأدب وحسن اللياقة... أشجار كلها إلى ذبول. وألقى الله أول سؤال سمعه إنسان عاش على هذه الأرض ((آدم...أين أنت ؟)) وأجاب آدم ((سمعت صوتك فخشيت لأني عريان فاختبأت)) وكشف الإنسان في إجابته عن حقيقة إحساسه من نحو الله , إحساس الخوف بدل إحساس الحب ,وإحساس العداء والهرب بدل إحساس القرب !! ومع الإحساس بالعداء لله , شعر الإنسان بالعداء لأخيه الإنسان , ونرى ذلك في محاولة آدم إلقاء التبعة على حواء , وذكر شخصيتها دون أي لقب يدل على الحب والوفاء فقد قال لله ((المرأة التي أعطيتني)) , ولم يقل شريكة حياتي أو أليفة وحدتي ومنذ ذلك اليوم والعداء مستحكم بين الناس , نراه في الحروب , والخصام , وسفك الدماء !! وكل هذه المشاعر والأحاسيس ملأت كيان الإنسان بعد السقوط وسأل الله آدم ((من أعلمك أنك عريان , هل أكلت من الشجرة التي أوصيتك أن لا تأكل منها)) ويقينا أن الله كان يعرف أن آدم قد أكل من الشجرة لكنه سأله ليعطيه فرصة للاعتراف بخطيته , ولكننا بدلا من أن نسمع اعترافا وشعوراًً بالندم , نسمع إجابة جريئة متبجحة تخرج من فم الإنسان إذ يقول ((المرأة التي جعلتها معي هي أعطتني من الشجرة فأكلت)) , وكأنه بهذه الإجابة يضع مسئولية سقوطه على الله , لا على طاعته للشيطان وسماعه لصوت الإغراء الآتي من حواء !! وسأل حواء : ما هذا الذي فعلت ؟ ومرة ثانية , يتنصل الإنسان من المسئولية ,. فتجيب المرأة وهي نصف البشرية الثاني : ((الحية غرتني فأكلت)) ولا يسأل الله ((الحية)) , لأنه يعرفها يعرف أن الشيطان قد استخدمها , وأنه يتحداه بإسقاطه للإنسان !! وهنا يجلس الله في مجلس القضاء , ويتخذ العدل مجراه ويبدأ الله في إصدار عقوباته على المذنبين ويصدر الله العقوبة الأولى على الحية قائلا ((لأنك فعلت هذا ملعونة أنت من جميع البهائم ومن جميع وحوش البرية على بطنك تسعين وترابا تأكلين كل أيام حياتك وأضع عداوة بينك وبين المرأة وبين نسلك ونسلها هو يسحق رأسك وأنت تسحقين عقبه)) ثم يصدر العقوبة على المرأة قائلا ((تكثيراً – أكثر أتعاب حبلك بالوجع تلدين أولاداً والى رجلك يكون اشتياقك وهو يسود عليك)). ويأتي دور آدم ويصدر الله ضده هذا القصاص ((لأنك سمعت لقول امرأتك وأكلت من الشجرة التي أوصيتك قائلا لا تأكل منها ملعونة الأرض بسببك بالتعب تأكل منها كل أيام حياتك وشوكا وحسكا تنبت لك وتأكل عشب الحقل بعرق وجهك تأكل خبزاً حتى تعود إلى الأرض التي أخذت منها لأنك تراب والى التراب تعود)) 3 : 14-19 وفي عقوبة آدم تتجسد خطيئة الإنسان , وتظهر مسئوليته في طاعته بمحض حريته لصوت الشيطان لقد وضع الله الإنسان في هذا الامتحان , ليعلمه أنه وكيله الذي أقامه على مخلوقاته التي وضعها تحت إمرته , وأنه لابد أن يعطي حسابا لله إذا أساء تصرفه في وكالته , والشخص الذي يفقد الإحساس بوكالته لله , يفقد حتما فهمه لحقيقة أصله ونهايته , ويكون قلبه مرتعا لكل أنواع الشر , ومن المستحيل أن يخلق الله محلوقا عاقلا دون أن يرسم له حدود حياته التي لا يجب أن يتعداها , والمخلوق العاقل ينبغي أن يشعر دائما بمسئوليته أمام خالقه , وبضرورة الطاعة لوصيته أما آدم فلم يطع الله , بل سمع لقول امرأته , وفضلها عن إلهه , ولذا كان هو المسئول الأكبر في مأساة السقوط , وبسببه جاءت اللعنة للأرض , وجاء للبشر التعب والكد , وانبتت الأرض الملعونة الشوك والحسك , وصار الإنسان التعس المسكين عبداً لبطنه يأكل لقمة العيش بعرق الجبين إلى متى ؟ ((إلى أن تعود إلى الأرض التي أخذت منها لأنك تراب والى تراب تعود)) وهكذا نفذ الله كلمته ((لأنك يوم تأكل منها موتاً تموت)) , وشرعت قوى الموت تشتغل في الإنسان , من الناحيتين الروحية والجسدية , حتى إذا انتهى يوم حياته عاد إلى التراب ثم جاءت الخطوة الأخيرة ((فطرد الرب الإنسان وأقام شرقي جنة عدن الكر وبيم ولهيب سيف متقلب لحراسة شجرة الحياة)) وخرج الإنسان الطريد إلى أرض الأشواك , التي صارت مسرحاً للدراما الكبرى التي صنعها الإنسان وتفشت الخطية في كل مكان وطأته أقدام الإنسان !! وكان أول إنسان ولد من حواء هو ((قابين)) القاتل الأول الذي لوث الأرض بدماء هابيل أخيه لقد كان آدم نائبا وممثلا لجميع الجنس البشري الذي كان في صلبه يوم تعدى وصية الله , فبعد طرده من الجنة ولد نسلا ساقطاً نظيره في حالة الفساد الروحي والأدبي , وتحت حكم الموت والدينونة التي استحقها بعصيانه على الله , وقد ورث هذا النسل عن أبويه الأولين حياة العداوة لله , والتمرد على شرائعه ووصاياه , وهذا ما يقرره بولس الرسول في كلماته ((من أجل ذلك كأنما بإنسان واحد دخلت الخطية إلى العالم وبالخطية الموت وهكذا اجتاز الموت إلى جميع الناس إذ أخطأ الجميع)) رو 12:5 , وما يؤكده داود في قوله ((هاأنذا بالإثم صورت وبالخطية حبلت بي أمي)) مز 5:51 , وهكذا كان أول مولود للإنسان الساقط , ولداً قاتلا نجسا ثم ظهر في العالم الموجود وقتئذ مبدأ تعدد الزوجات عندما ((اتخذ لامك لنفسه امرأتين)) تك 19:4 , مع أن الله يوم خلق الإنسان , خلق امرأة واحدة لرجل واحد , وسجل كاتب سفر التكوين كلماته ((لذلك يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته ويكونان جسداً واحداً)) تك 24:2 ومع هذا كله ابتدع الإنسان الموسيقى العالمية , ليغرق في غمرة أصواتها متاعبه , وينسى همومه , وينسى معها أبديته ومطاليب إلهه , فبزغ على مسرح التاريخ ((يوبال الذي كان أباً لكل ضارب بالعود والمزمار))21:4. ثم شرع الإنسان في إنشاء صناعاته الخفيفة والثقيلة ونبغ في هذا ((توبال قايين الضارب كل آلة من نحاس وحديد)) تك 22:4 وانغمس الإنسان في الموسيقى , والرقص , والطرب , والغناء و وانحدر في دنياه الجديدة إلى الحضيض صار الحب سلعة تباع , والشرف كلمة ساذجة بلا معنى , والسيف هو القانون الوحيد , واخترق الإنسان أيسر السبل لسد أرخص غرائز الحياة , فمن اتجار بالرقيق الأبيض , إلى سطو , إلى سرقة , إلى أي شيء وكل شيء لا تقره شريعة السماء وغرقت مدينة الإنسان الطريد في اللهو , والعمل الشاق فلم تعد تستطيع أن تتبين ما تعاني من أمراض لقد سد الشيطان فم البشرية بالمخدر , حتى لم يعد في مقدورها أن تتحدث فتشكو ما تحسه من مرارة أرهقها السهر , والعمل والشراب , فلم تعد قادرة على الشكوى مما هي فيه من محنة وعلى مر التاريخ ظهر المستغلون , والمستبدون , والمحتكرون , وأصحاب الأهواء , وانتشرت الخطيئة في جميع أركان الأرض , تجدها في كل عاصمة , وكل مدينة , كما تجدها في القرى الصغيرة حتى لو تخفت هذه القرى بين صخور الجبال , بل تجدها في أكثر بلاد الدنيا صرامة , وعبادة , وتصوفاً , ومع الخطيئة تجد كل صنوف الألم , والحرمان , والعذاب |
||||
30 - 07 - 2015, 03:29 PM | رقم المشاركة : ( 8656 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
كيف سقط الإنسان؟ فجأة يبرز في وسط هذا المشهد الجميل الرائع الشيطان مستخدما الحية في إسقاط الإنسان فمن هو الشيطان؟وما أصله؟ وهل خلق الله ذلك المخلوق الرجيم؟ أو خلقه ملاكا رحيما حكيما ثم انحدر ذلك الملاك وسقط عن طريق التصلف والكبرياء؟ إن حرقيال وأشعياء يشتركان معا في كشف النقاب عن أصل هذا المخلوق العجيب ففي سفر حزقيال نقرأ هذه الكلمات وكان إلى كلام الرب قائلا: يا ابن آدم ارفع مرثاة على ملك صور وقل لع: هكذا قال السيد الرب أنت خاتم الكمال ملآن حكمة وكامل الجمال كنت في عدن جنة الله كل حجر كريم ستارتك عقيق أحمر ز ياقوت أصفر وعقيق أبيض وزبرجد وجزع ويشب وياقوت أزرق وبهرمان وزمرد وذهب أنشأوا فيك صنعة صيغة الفصوص وترصيعها يوم خلقت أنت الكروب المنبسط المظلل وأقمتك على جبل الله المقدس كنت بين حجارة النر تمشيت أنت كامل في طرقك من يوم خلقت حتى وجد فيك إثم حزقيال11:28و15 ومع أن الحديث موجه إلى ملك صور لكن الأوصاف التي يتضمنها الحديث لا يمكن أن تنطبق على إنسان بشري ساقط وكل ما في الأمر أن ملك صور اختير كرمز للشيطان لأنه كان يؤله نفسه كما فعل الشيطان تماما والشخص الموصوف هنا خاتم الكمال ملآن حكمة وكامل الجمال كان يسكن عدن جنة الله وهي قطعا غير عدن الجنة التي أسسها الله للإنسان وكان الكروب المنبسط المظلل وقد أقامه الله على الجبل المقدس وتمشي بين حجارة النار وكان مخلوقا كاملا في طرقه من يوم خلق حتى وجد فيه إثم فمن يكون هذا المخلوق الذي كان بهيا وكاملا سوى الشيطان وما هو سر سقوط الشائن الرهيب؟ يجيبنا إشعيا بالقول كيف سقطت من السماء يا زهرة بنت الصبح؟ كيف قطعت إلى الأرض يا قاهر الأمم؟ وأنت قلت في قلبك أصعد إلى السموات أرفع كرسي فوق كواكب الله وأجلس على جبل الاجتماع في أقاصي الشمال أصعد فوق مرتفعات السحاب أصير مثل العلي اش14:12:14 فالسر في سقوط الشيطان هو التصلف والكبرياء هو أنه أراد أن يرفع كرسيه فوق كواكب الله وأن يصير مثل العلى لكنه هوى من مركزه الرفيع لأن قبل الكسر الكبرياء وقبل السقوط تشامخ الروح أم 18:16 وقد يسأل سائل: لماذا لم يبد الله الشيطان من الوجود حين سقط حتى لا يكون سببا في سقوط الإنسان؟ و إجابة هذا السؤال تتلخص في أن الله قد سمح في حكمته أن يبقي الشيطان ليظهر للبلأ الأعظم شروره فلا يترك مجالا للشك عند الملائكة من جهة عدالته إذ أنه لو أباد الله الشيطان مباشرة بعد عصيانه لجاز أن يشك الملائكة في عدالة الله لكن الله ترك الشيطان ليرى الملائكة و الناس خداعه المخيف وشره الفظيع و الشقاء المجسم الذي جلبه على الخليقة بتمرده على خالقه حتى إذا حان يوم عقابه الأبدي تجلت عدالة الله في وضوح و جلاء وفوق ذلك يمكننا أن نستعير أيضا الكلمات التي وجهها الله لفرعون كإجابة على سؤالنا بخصوص بقاء الشيطان إذ قال الله لفرعون إني لهذا بعينه أقمتك لكي أظهر فيك قوتي ولكي ينادي باسمي في كل الأرض رو17:9 أجل لقد أبقى الله الشيطان ليظهر فيه قوته ويستخدمه في إعلاء مجده الذي لا يزول والذي يهمنا هنا هو أن نسجل ما هو سبب الخطيئة في العالم لم يكن هو الله المحب الطيب القدوس بل كان الشيطان الطاغي المتكبر النجس بعد ما هوى مركزه السامي إلى درك العصيان وقد قال رب المجد في وصفه الشيطان ذلك كان قتالا للناس حين البدء ولم يثبت به الحق لأنه ليس فيه حق متى تكلم بالكذب فإنما يتكلم مما له لأنه كذاب أبو كذاب يو 44:8 والآن لندخل إلى جنة عدن لنرى كيف جرب الشيطان الإنسان وكيف قاده إلى السقوط؟؟ يصور لنا كاتب سفر التكوين منظر التجربة التي أسقطت الإنسان في هذا التعبير وكانت الحية أحيل حيوانات البرية التي عملها الرب الإله ويقينا أن الشيطان قد استخدم الحية في خداعه الغريب حتى صارت رمزا دائما لشخصيته الأثيمة وهذا ما يؤكده لتا يوحنا في رؤياه قائلا فطرح التنين العظيم الحية القديمة المدعو إبليس والشيطان الذي يضل العالم كله طرح إلى الأرض وطرحت معه ملائكته رؤ12:9 فالحية التي تقدمت لتجربة حواء كانت تحمل صوت الشيطان إلى قلب الإنسان وما أخدع هذا الصوت الناعم الجميل الذي قال عنه بولس الرسول محذرا ولكني أخاف كما خدعت الحية حواء بمكرها هكذا تفسد أذهانكم عن البساطة التي في المسيح 2كو13:11 فكيف تكلم الشيطان بواسطة الحية إلى حواء؟ وما هي السموم التي حملنها كلماته إلى الإنسان وهو في برارته ونقاوته؟. 1-كان صوت الشيطان هو صوت الشك في كلمة الله: لم يكن لدى حواء كلمة الله وكان ثباتها في طاعة هذه الكلمة يعني الحياة والسعادة والهناء الدائم وكان عصيانها يحمل في طياته الموت والشقاء والعذاب الأليم وكان هدف الشيطان أن يدخل الشك في قلب حواء في صدق كلمة الله وهذا هو عمله على مر العصور والدهور فتكلم بواسطة الحية قائلا أحقا قال الله لا تأكلا من كل شجر الجنة؟ سؤال كاذب ماكر خداع يحمل كل عناصر الخيانة والغدر فقطعا كانت تعلم الحية ماذا قال الله وكانت ترى حواء وهي تنتقل بين أشجار الجنة وتأكل ما تريد من أثمار لكنها أرادت بسؤالها هذا أن توجد مجالا للحديث مع حواء لتغرر بها فتأكل من ثمر الشجرة المحرمة وتعصي وصية الله وانزلقت المرأة إلى الفخ الذي أحكم الشيطان وضعه وأجابت الحية قائلة من ثمر شجر الجنة تأكل وأما من ثمر الشجرة التي في وسط الجنة فقال الله لا تأكلا منه ولا تمساه لئلا تموتا إذا لم يقل الله لا تأكلا من كل شجر الجنة وإذا سرا رائعا يكمن في ثمر هذه الشجرة المحرمة؟ ومن أجل هذا السر منعهما الله أن يأكلا منه وهذا أمر يدعو إلى الشك والتفكير وإذ بدأ عقل حواء يفكر هتفت الحية قائلة لن تموتا أو بعبارة أخرى لا تصدق الله يا حواء فليست كلمته هي الفيصل وهكذا غرس الشيطان بذور الشك في صدق كلمة الله في قلب حواء و هذه أولى خطوات الانحدار؟؟ 2- كان صوت الشيطان هو صوت الشك في دينونة الله: في لغة ماكرة ناعمة همست الحية في أذن حواء بالعبارة لن تموتا ومع أن هذه الكلمة تحوي كل معاني الشك في صدق الله فهي كذلك تحمل في طياتها كل عناصر الشك في دينونة الله فكأن الحية تقول في عبارة أخرى، ليس هناك موت، ولا عقاب، ولا دينونة !! و إلى اليوم مازال الشيطان يبذر ذات البذور في قلوب البشر، مشككا إياهم في حقيقة دينونة الله، ليستهينوا بالشر، ويستخفوا بالعصيان، وإذ دخل الشك في قلب حواء صارت قريبة من السقوط و الانهيار. 3- كان صوت الشيطان هو صوت الشك في محبة الله تركزت عينا حواء في ثمر الشجرة المحرمة، واستطردت الحية تقول بصوتها الخادع : ((الله عالم أنكما يوم تأكلان منه تنفتح أعينكما وتكونان كالله عارفين الخير والشر)) كيف انسابت هذه الكلمات إلى أذني حواء ؟ أي صورة رسمتها في ذهنها لله ؟ هنا بجدر بنا أن نقف قليلا , فلا شك أن حواء قالت لنفسها : إذا كان ثمر هذه الشجرة سيجعلنا كالله , فلماذا حرمنا الله من أكله ؟ ألعله لا يحبنا بالكفاية ؟ ألعله لا يريد لنا الرفعة والمجد والجلال ؟ وبدأت بذور الشك في محبة الله تغمر هذا القلب النسائي الضعيف , واجتمعت عليه كل عناصر الإغراء والغواية من شك في صدق كلمة الله إلى شك في حقيقة دينونة الله , إلى شك في محبة الله , وعندما تملكت هذه الشكوك قلب حواء بدأ صوت التحذير الإلهي يضعف في ذهنها , وصوت الإغراء الشيطاني يقوى في أرجاء نفسها ! ثم تأتي نهاية المأساة , فينتصر الشيطان على الإنسان , وتنظر حواء إلى الشجرة فترى ((أن الشجرة جيدة للأكل ,وأنها بهجة للعيون ,وأن الشجرة شهية للنظر , ثم نقرأ عن الخاتمة المخيفة ((فأخذت من ثمرها وأكلت وأعطت رجلها أيضا معها فأكل)) وهكذا سقطت حواء أم الإنسانية , وسقط معها آدم أبو البشر أجمعين !! نتائج سقوط الإنسان عصت العائلة البشرية الأولى صوت الله , وأطاعت صوت الشيطان , وأسدل الستار على عصر برارة الإنسان, بل أسدل على هنائه , وسعادته , وبدأت الدراما الإنسانية تأخذ مكانها على مسرح الأرض الجدباء. وهنا يليق بنا أن نتتبع النتائج الرهيبة لسقوط الإنسان , فتعال معي لنسر في كهوف هذه المأساة الإنسانية الكبرى , ونرى ما جرته من شقاء على البشرية جمعاء !! الإحساس بالعري فتح الإنسان عينيه بعد أن عصى إلهه ليرى نفسه عاريا , والإحساس بالعري هو أكبر دليل على ضياع الشعور بالبراءة , فالطفل الصغير دون سن المسئولية لا يشعر بالعري لأن إدراكه لمعنى الشر لم يكمل بعد , أما الإحساس بالعري , فيعني أن العين لم تعد بسيطة كما كانت , وأن العقل بدأ يفكر أفكاراً رديئة ولما أ حس الإنسان بعريه حاول أن يستر نفسه، لكن بماذا؟ بأوراق تين لا بد أن تجف و أن تكشف ما ورائها من عورات. ومحاولة ستر الجسد العاري، تقابلها محاولة أخرى أعمق و أخطر شأناً هي محاولة كبت الشعور بالذنب, وتغطيته إما بالنسيان، أو بالاعتذار، أو بالتهوين، أو بعدم المبالاة، أو بالانغماس في المشاغل والملذات للهروب من مواجهة الله، وكل هذه أوراق تين لا تستطيع أن تستر ذنب الإنسان. و جاء الرب الإله !! فهل استقبله آدم ليحييه التحية الواجبة على المخلوق نحو خالقه ؟ وهل أسرع إليه كعادته كل يوم ليتحدث معه حديث الشركة القلبية الحبية ؟! الإحساس بالخوف لقد طغى عنصر جديد على حياة هذا المخلوق بعد أن عصى وصية الله، هو عنصر الإحساس بالخوف، والخوف والخطيئة صنوان لا يفترقان. جاء الرب الإله، فلما سمع آدم وامرأته صوته عند هبوب ريح النهار أحسا بالخوف، واختبئا في وسط شجر الجنة. قالت لهما الحية أنهما سيصيران كالله، وها هما ينزلان درجة في سلم الانحدار، فيملأهما الخوف من مواجهة الله، و يسرعان للاختباء وسط الأشجار، تماما، كما يفعل الكثيرون اليوم، حين يختبئون وراء أشجار المذاهب الدينية، أو وراء أشجار المظاهر الكنسية، أو وراء أشجار العلم و الأدب وحسن اللياقة... أشجار كلها إلى ذبول. الإحساس بالعداء وألقى الله أول سؤال سمعه إنسان عاش على هذه الأرض ((آدم...أين أنت ؟)) وأجاب آدم ((سمعت صوتك فخشيت لأني عريان فاختبأت)) وكشف الإنسان في إجابته عن حقيقة إحساسه من نحو الله , إحساس الخوف بدل إحساس الحب ,وإحساس العداء والهرب بدل إحساس القرب !! ومع الإحساس بالعداء لله , شعر الإنسان بالعداء لأخيه الإنسان , ونرى ذلك في محاولة آدم إلقاء التبعة على حواء , وذكر شخصيتها دون أي لقب يدل على الحب والوفاء فقد قال لله ((المرأة التي أعطيتني)) , ولم يقل شريكة حياتي أو أليفة وحدتي ومنذ ذلك اليوم والعداء مستحكم بين الناس , نراه في الحروب , والخصام , وسفك الدماء !! وكل هذه المشاعر والأحاسيس ملأت كيان الإنسان بعد السقوط وسأل الله آدم ((من أعلمك أنك عريان , هل أكلت من الشجرة التي أوصيتك أن لا تأكل منها)) ويقينا أن الله كان يعرف أن آدم قد أكل من الشجرة لكنه سأله ليعطيه فرصة للاعتراف بخطيته , ولكننا بدلا من أن نسمع اعترافا وشعوراًً بالندم , نسمع إجابة جريئة متبجحة تخرج من فم الإنسان إذ يقول ((المرأة التي جعلتها معي هي أعطتني من الشجرة فأكلت)) , وكأنه بهذه الإجابة يضع مسئولية سقوطه على الله , لا على طاعته للشيطان وسماعه لصوت الإغراء الآتي من حواء !! وسأل حواء : ما هذا الذي فعلت ؟ ومرة ثانية , يتنصل الإنسان من المسئولية ,. فتجيب المرأة وهي نصف البشرية الثاني : ((الحية غرتني فأكلت)) ولا يسأل الله ((الحية)) , لأنه يعرفها يعرف أن الشيطان قد استخدمها , وأنه يتحداه بإسقاطه للإنسان !! وهنا يجلس الله في مجلس القضاء , ويتخذ العدل مجراه ويبدأ الله في إصدار عقوباته على المذنبين ويصدر الله العقوبة الأولى على الحية قائلا ((لأنك فعلت هذا ملعونة أنت من جميع البهائم ومن جميع وحوش البرية على بطنك تسعين وترابا تأكلين كل أيام حياتك وأضع عداوة بينك وبين المرأة وبين نسلك ونسلها هو يسحق رأسك وأنت تسحقين عقبه)) ثم يصدر العقوبة على المرأة قائلا ((تكثيراً – أكثر أتعاب حبلك بالوجع تلدين أولاداً والى رجلك يكون اشتياقك وهو يسود عليك)). ويأتي دور آدم ويصدر الله ضده هذا القصاص ((لأنك سمعت لقول امرأتك وأكلت من الشجرة التي أوصيتك قائلا لا تأكل منها ملعونة الأرض بسببك بالتعب تأكل منها كل أيام حياتك وشوكا وحسكا تنبت لك وتأكل عشب الحقل بعرق وجهك تأكل خبزاً حتى تعود إلى الأرض التي أخذت منها لأنك تراب والى التراب تعود)) 3 : 14-19 وفي عقوبة آدم تتجسد خطيئة الإنسان , وتظهر مسئوليته في طاعته بمحض حريته لصوت الشيطان لقد وضع الله الإنسان في هذا الامتحان , ليعلمه أنه وكيله الذي أقامه على مخلوقاته التي وضعها تحت إمرته , وأنه لابد أن يعطي حسابا لله إذا أساء تصرفه في وكالته , والشخص الذي يفقد الإحساس بوكالته لله , يفقد حتما فهمه لحقيقة أصله ونهايته , ويكون قلبه مرتعا لكل أنواع الشر , ومن المستحيل أن يخلق الله محلوقا عاقلا دون أن يرسم له حدود حياته التي لا يجب أن يتعداها , والمخلوق العاقل ينبغي أن يشعر دائما بمسئوليته أمام خالقه , وبضرورة الطاعة لوصيته أما آدم فلم يطع الله , بل سمع لقول امرأته , وفضلها عن إلهه , ولذا كان هو المسئول الأكبر في مأساة السقوط , وبسببه جاءت اللعنة للأرض , وجاء للبشر التعب والكد , وانبتت الأرض الملعونة الشوك والحسك , وصار الإنسان التعس المسكين عبداً لبطنه يأكل لقمة العيش بعرق الجبين إلى متى ؟ ((إلى أن تعود إلى الأرض التي أخذت منها لأنك تراب والى تراب تعود)) وهكذا نفذ الله كلمته ((لأنك يوم تأكل منها موتاً تموت)) , وشرعت قوى الموت تشتغل في الإنسان , من الناحيتين الروحية والجسدية , حتى إذا انتهى يوم حياته عاد إلى التراب ثم جاءت الخطوة الأخيرة ((فطرد الرب الإنسان وأقام شرقي جنة عدن الكر وبيم ولهيب سيف متقلب لحراسة شجرة الحياة)) وخرج الإنسان الطريد إلى أرض الأشواك , التي صارت مسرحاً للدراما الكبرى التي صنعها الإنسان وتفشت الخطية في كل مكان وطأته أقدام الإنسان !! وكان أول إنسان ولد من حواء هو ((قابين)) القاتل الأول الذي لوث الأرض بدماء هابيل أخيه لقد كان آدم نائبا وممثلا لجميع الجنس البشري الذي كان في صلبه يوم تعدى وصية الله , فبعد طرده من الجنة ولد نسلا ساقطاً نظيره في حالة الفساد الروحي والأدبي , وتحت حكم الموت والدينونة التي استحقها بعصيانه على الله , وقد ورث هذا النسل عن أبويه الأولين حياة العداوة لله , والتمرد على شرائعه ووصاياه , وهذا ما يقرره بولس الرسول في كلماته ((من أجل ذلك كأنما بإنسان واحد دخلت الخطية إلى العالم وبالخطية الموت وهكذا اجتاز الموت إلى جميع الناس إذ أخطأ الجميع)) رو 12:5 , وما يؤكده داود في قوله ((هاأنذا بالإثم صورت وبالخطية حبلت بي أمي)) مز 5:51 , وهكذا كان أول مولود للإنسان الساقط , ولداً قاتلا نجسا ثم ظهر في العالم الموجود وقتئذ مبدأ تعدد الزوجات عندما ((اتخذ لامك لنفسه امرأتين)) تك 19:4 , مع أن الله يوم خلق الإنسان , خلق امرأة واحدة لرجل واحد , وسجل كاتب سفر التكوين كلماته ((لذلك يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته ويكونان جسداً واحداً)) تك 24:2 ومع هذا كله ابتدع الإنسان الموسيقى العالمية , ليغرق في غمرة أصواتها متاعبه , وينسى همومه , وينسى معها أبديته ومطاليب إلهه , فبزغ على مسرح التاريخ ((يوبال الذي كان أباً لكل ضارب بالعود والمزمار))21:4. ثم شرع الإنسان في إنشاء صناعاته الخفيفة والثقيلة ونبغ في هذا ((توبال قايين الضارب كل آلة من نحاس وحديد)) تك 22:4 وانغمس الإنسان في الموسيقى , والرقص , والطرب , والغناء و وانحدر في دنياه الجديدة إلى الحضيض صار الحب سلعة تباع , والشرف كلمة ساذجة بلا معنى , والسيف هو القانون الوحيد , واخترق الإنسان أيسر السبل لسد أرخص غرائز الحياة , فمن اتجار بالرقيق الأبيض , إلى سطو , إلى سرقة , إلى أي شيء وكل شيء لا تقره شريعة السماء وغرقت مدينة الإنسان الطريد في اللهو , والعمل الشاق فلم تعد تستطيع أن تتبين ما تعاني من أمراض لقد سد الشيطان فم البشرية بالمخدر , حتى لم يعد في مقدورها أن تتحدث فتشكو ما تحسه من مرارة أرهقها السهر , والعمل والشراب , فلم تعد قادرة على الشكوى مما هي فيه من محنة وعلى مر التاريخ ظهر المستغلون , والمستبدون , والمحتكرون , وأصحاب الأهواء , وانتشرت الخطيئة في جميع أركان الأرض , تجدها في كل عاصمة , وكل مدينة , كما تجدها في القرى الصغيرة حتى لو تخفت هذه القرى بين صخور الجبال , بل تجدها في أكثر بلاد الدنيا صرامة , وعبادة , وتصوفاً , ومع الخطيئة تجد كل صنوف الألم , والحرمان , والعذاب |
||||
30 - 07 - 2015, 03:29 PM | رقم المشاركة : ( 8657 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
فهل هذا هو تدبير الله للإنسان؟
هل خلق الله الإنسان , لهذا الاستهتار , وهذا التدهور , وهذا الانغماس في الشر ؟ هل خلقه لهذه الحياة البائسة , اليائسة , الباكية , المليئة بالأشواك ؟ هل خلقه ليحيا مكافحاً في الأرض إلى بضع سنين ثم يكون مثواه الأخير التراب ؟ فقد كان البرنامج الإلهي للإنسان يحوي كل عناصر البركة , والسعادة , والهناء والبقاء , ظهر في أول وثيقة قدمها الله للإنسان ساعة أوجده في جنة عدن أعود مؤكداً : يقيناً لا !!لكن الشيطان دخل في معركة مع الله , وأفسد ذلك المخلوق الساذج , الطاهر , البريء , وانتزعه من الجنة ليكون تحت سيطرته في العالم الذي دفعه الله إلى يديه , وقاده إلى الموت لأنه سلطان الموت فهل يرضى الله أن يترك خليقته فريسة سائغة بين براثن الشيطان ؟ هل يرضى بأن يلاشى الشيطان برنامجه الرائع الجميل الذي رتبه للإنسان ؟ إذن كيف يستطيع الله أن يعيد الإنسان إلى المركز الذي أراده له في برنامجه العظيم ؟ كيف يستطيع أن يغفر للإنسان بعد أن عصاه ؟ أن يهبه الحياة بعد أن أوقع عليه عقوبة الموت ؟ أن يرجعه إلى الفردوس المردود , بعد أن ضاع فردوسه المفقود ؟ كيف يستطيع أن يشتريه لنفسه من جديد , بعد أن رضى باختياره أن يبيع نفسه للشيطان ؟ كيف يمكن أن يهبه طبيعة جديدة بعد أن فسدت طبيعته الأولى ؟ وأن يعيد شركته معه بعد أن الخطية بينه وبينه؟! وأن يريه في صورة مجسمة شناعة تعديه ؟ إن عدالة الله تطالبه بتنفيذ القصاص الرهيب ! ورحمة الله تناديه بأن يرحم خلقه وهو أرحم الراحمين ! فكيف يوفق الله بين عدله ورحمته ؟ كيف يوفق بين قداسته ومحبته ؟ كيف ينقذ الإنسان الساقط الذي تمرد على وصيته ؟ هنا فقط تظهر ضرورة الصليب , وهنا لابد أن يأتي المسيح ويصلب وهنا نستطيع أن نفهم كلمات الرسول الجليل ((نحن نكرز بالمسيح مصلوباً لليهود عثرة ولليونانيين جهالة وأما للمدعوين يهوداً ويونانيين فبالمسيح قوة الله وحكمة الله)) 1 كورنثوس 23:1 و 24. |
||||
30 - 07 - 2015, 03:31 PM | رقم المشاركة : ( 8658 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
ضرورة الصليب خرج آدم من جنة عدن يهيم على وجهه في أرض ملعونة تنبت له الشوك والحسك , ومعه امرأة قضى عليها أن تضع أولادها بالوجع والألم , وصار العدد العديد من الحيوانات متوحشاً ضارياً من جراء اللعنة التي غمرت الأرض. وتلفت أبو البشر صوب جنة عدن بعد طرده منها فرأى أن الرب قد أقام الكروبيم ولهيب سيف متقلب لحراسة طريق شجرة الحياة وقد يسأل المرء : لماذا أقام الله الكروبيم ولهيب سيف متقلب في طريق آدم حتى لا يأكل من شجرة الحياة ؟ وفي اعتقادي أن هذا الإجراء كان رحمة كبرى للإنسان من جانب الله , فلو أن الإنسان أكل من شجرة الحياة وعاش إلى الأبد , لكانت حياته كتلة من الفساد الذي ليس له حدود , والشقاء الذي ليس له نهاية وفي ذات الوقت كان هذا السيف دليلا واضحاً على أن طريق الحياة هو طريق الموت , وعلى أن أحداً لن يستطيع أن يأكل من شجرة الحياة إلا بعد أن يأتي الشخص الذي يحتمل هذا السيف , والذي تتم فيه النبوة القائلة ((استيقظ يا سيف على راعى وعلى رجل رفقتي)) زك 7:13 أصيح آدم إنسانا طريداً , انقطعت شركته مع الله , وقد اسلم قياد حياته للشيطان , وباع نفسه له , وصار عبداً للخطية يأكل لقمة العيش بعرق الجبين , ويعيش في حياة الخوف والفزع وعدم الاستقرار كيف يعيد الله هذا المخلوق إلى رحابه ؟ وكيف يعطيه امتياز الشركة معه والاتصال به بعد أن صارت الخطية فاصلا بينه وبين إلهه ؟ وكيف يشتري هذا المخلوق البائس الذي رضى بملء حريته أن يبيع نفيه للشيطان ؟ وكيف يتبرر هذا المخلوق المذنب عند الله ؟ كيف يتم هذا كله , والله هو الإله القدوس , العادل , البار الذي يكره الخطية ويمقتها , ولا يستطيع بطبيعته الطاهرة أن يحتملها وهو في ذات الوقت الغفور الرحيم , المحب الكريم , الجواد الطيب القلب ؟ هل يستطيع الله أن يغفر خطية الخاطئ دون أن ينال الخاطئ قصاصها! فأين عدالته ؟ وهل يرضى الله بعقاب خليقته الساقطة على أوزارها ! فأين رحمته ؟ هنا تظهر ضرورة الصليب , الذي فيه بانت الحكمة الأزلية التي نفذت كل مقاصد الله , أجل ! قد بانت الحكمة وزادت النعمة والتقت الرحمة بالعدل في المسيح فهلم بنا إلى مقادس الكلمة المقدسة , طالبين من إلهنا الغني , أن يكشف عن عيوننا لنرى ضرورة الصليب المجيد |
||||
30 - 07 - 2015, 03:32 PM | رقم المشاركة : ( 8659 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الصليب ضرورة لأنه وفق بين عدل الله ورحمته يتساءل الكثيرون مراراً عن الضرورة القصوى التي جعلت كل آلام المسيح أمرا مقضياً , فمن قائل ((ألم تكن مجرد كلمة من الله بكافية أن تغفر كل الخطايا ؟)) إلى سائل ((أليس الله هو الغفور الرحيم فلماذا يطلب ذبيحة كقارية حتى يغفر خطايا البشر ؟)) إلى متسائل ((كيف يكون الله محبة ثم يرضى بعذاب المسيح البريء على الصليب ؟)) وليس في مقدور أحد أن يجيب عن هذه الأسئلة إلا إذا عرف صفات الله جل وعلا , فمن هو ذلك الشخص الذي رأى الله حتى يخبرنا تماماً عن صفاته ؟ لقد أراد موسى أن يرى الله وقال له ((أرني مجدك)) , لكن الله أجابه قائلاً ((لا تقدر أن ترى وجهي لأن الإنسان لا يراني ويعيش)) خر 18:33و20 إذن كيف يستطيع الإنسان أن يعرف الله , وأن يدرك صفاته جلت قدرته ؟ إن السبيل الوحيد هو أن يعلن الله عن ذاته للناس بوحي من السماء هو أن يقول للناس من هو وما هي صفاته !! وبغير هذا السبيل يكون الحديث عن الله مجرد تكهن لا أساس له من الصحة , وهذه هي الحقيقة التي قررها الرسول يوحنا في غرة إنجيله قائلا ((الله لم يره أحد قط الابن الوحيد الذي هو حضن الآب هو خبر)) يو 18:1 وإذن ففي مقدورنا , أن نعرف صفات الله بواسطة التعاليم التي علم بها المسيح له المجد وسجلها البشيرون في كتاباتهم فما هي صفات الله الواضحة في تعاليم السيد له المجد ؟ إن الصورة المجسمة لهذه الصفات تتمثل في صفتين ((الرحمة)) و ((العدالة)) ففي إنجيل متى نجد رحمة الله ظاهرة في هذه الكلمات ((يشرق شمسه على الأشرار والصالحين ويمطر على الأبرار والظالمين)) مت 45:5 , بينما نجد عدالة الله واضحة في هذه العبارات ((فان كانت عينك اليمنى تعثرك فاقلعها وألقها عنك لأنه خير لك أن يهلك أحد أعضائك ولا يلقى جسدك كله في جهنم)) مت 29:5 , وبينما تتجلى رحمة الله في دعوة المسيح للمتعبين لنوال الراحة في قوله ((تعالوا إليّ يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم)) مت 28:11 , نرى عدالة الله بارزة في الكلمات ((فكما يجمع الزوان ويحرق بالنار هكذا يكون في انقضاء هذا العالم , يرسل ابن الإنسان ملائكته فيجمعون من ملكوته جميع المعاثر وفاعلي الإثم ويطرحونهم في أتون النار هناك يكون البكاء وصرير الأسنان)) 40:13-42 وإذ ندخل إلى مقاديس إنجيل مرقس , نرى انه بينما يذخر هذا الإنجيل بأعمال الرحمة , تبدو فيه العدالة بصورة مجسمة في قول المسيح له المجد ((من جدف على الروح القدس فليس له مغفرة إلى الأبد بل هو مستوجب دينونة أبدية)) مرقس 49:3 وعلى هذه الوتيرة نجد هذين الخطين جنباً إلى جنب , في كل الأناجيل , الخط القرمزي المميز لرحمة الله ومحبته , والخط الناري المميز لعدالة الله وقداسته ويبدو هذا جليا في إنجيل لوقا فبينما نقرأ هناك عن قصة الابن الضال التي تمثل حنان الآب وغفرانه , وقصة الفريسي والعشار التي تصور رحمة الله على الخاطئ التائب , وقصة الخروف الضال التي ترينا بحث الله عن الخاطئ الهارب , كذلك نقرأ عن عقاب الله لمن يهملون التوبة والالتجاء إلى رحمته , إذ نقرأ في هذا الإنجيل إجابة السيد له المجد للقوم الذين جاءوا يخبرونه عن الجليليين الذين خلط ببلاطس دمهم بذبائحهم في قوله ((أتظنون أن هؤلاء الجليليين كانوا خطاة أكثر من كل الجليليين لأنهم كابدوا مثل هذا كلا أقول لكم بل إن لم تتوبوا فجميعكم كذلك تهلكون))لوقا 2:13و3 , وفي مرة ثانية يتكلم المسيح لتلاميذه عن عدالة الله ويظهرها في هذا الحديث ((وأية مدينة دخلتموها ولم يقبلوكم فاخرجوا إلى شوارعها وقولوا حتى الغبار الذي لصق بنا من مدينتكم ننفضه لكم ولكن اعلموا هذا انه قد اقترب منكم ملكوت الله , وأقول لكم انه يكون لسدوم قي ذلك اليوم حالة أكثر احتمالا مما لتلك المدينة)) لو 10:10-12 ويتجلى التعليم عن رحمة الله وعدالته في إنجيل يوحنا , المعروف بأنه إنجيل المحبة فبينما ترن موسيقى رحمة الله ومحبته في الكلمات ((لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد)) يو 16:3 تتجسم عدالة الله في الكلمات ((الذي لا يؤمن بالابن لن يرى حياة بل يمكث عليه غضب الله)) يو 36:3 وهذا التعليم نفسه يظهر واضحاً في رسالة يوحنا الأولى , ففي الإصحاح الرابع يقول يوحنا ((الرب محبة ومن يثبت في المحبة يثبت في الله والله فيه)) 1 يو 16:4 وفي الإصحاح الأول يقول ((الله نور وليس فيه ظلمة البتة)) إن قلنا أن لنا شركة معه وسلكنا في الظلمة نكذب ولسنا نعمل الحق)) 1 يو 5:1 و6 فما معنى عبارة ((الله نور)) إن النور ليس فقط ضد الظلام , لكنه لا يمكن أن يعيش مع الظلام فحيثما يوجد النور يهرب الظلام , فإذا كانت محبة الله ترغب في أن تغفر للخاطئ , لكن ((الله نور)) لا يستطيع أن يحيا مع الخطية أو يحتملها , فالله والخطية لا يمكن أن يوجدا معاً كما يقول حبقوق ((عيناك أطهر من أن تنظرا الشر ولا تستطيع النظر إلى الجور)) حب 13:1 والذين يسلكون في الظلمة لا يمكن أن يكون لهم شركة مع الله , ومن الآية يتوضح لنا السلوك في الظلمة هو حالة الذين يكذبون ولا يعملون الحق , وهؤلاء لا صلة لهم بالله !! وعلى هذا فالصورة التي يجب أن نرسمها لله في أذهاننا هي : أن الله الرحيم هو أيضا اله عادل ,وأن الله المحب هو أيضا اله قدوس يكره الخطية ! وإذا تركزت هذه الصورة في أذهاننا , فأننا لن نعود إلى سؤالنا القديم ((ألم تكن مجرد كلمة من الله بكافية لأن تغفر كل الخطايا)) إذ أننا سندرك على الفور أن صفات الله الأدبية الكاملة , لا يمكن أن تسمح بغفران الخطية دون أن تنال قصاصها , وقد أعلن الله عن عقاب الخطية في الكلمات ((ها كل النفوس هي لي نفس الأب كنفس الابن كلاهما لي النفس التي تخطيء هي تموت)) حز 4:18 , فالخطية اذاً ليست من السهولة حتى يمكن غفرانها بكلمة دون أن تنال القصاص وعلى هذا فأن الصليب يبدو ضرورة حتمية للتوفيق بين عدل الله ورحمته !! وقف أحد خدام الله في ميدان من ميادين لندن , يتأمل تمثال العدل المقام فوق دار محكمة كبرى في ذلك الميدان , وهو تمثال لامرأة معصوبة العينين , تمسك بيدها اليمنى بسيف ذي حدين , وتقبض بيدها اليسرى على ميزان , وهي تمثل العدالة التي لا تحابى بالوجوه , وإنما تحكم بحسب ميزان القانون وعلى مسافة ليست ببعيدة , رأى ذلك الخادم الجليل صليباً مرتفعاً فوق قبة كنيسة ضخمة !!وقف مبهوتاً بين المنظرين , وأشار بيده إلى تمثال العدل وقال:هنا عدالة الله التي تنفذ القانون بغير محاباة !!! هنا الكروبيم ولهيب سيف متقلب لحراسة طريق شجرة الحياة ثم أشار إلى الصليب المرتفع وهتف مردداً : وهنا الرحمة المتجسدة التي فتحت الطريق إلى الفردوس المردود , بعد أن أضاع الإنسان فردوسه المفقود أجل إن الصليب ضرورة لازمة لإظهار رحمة الله , وعدالة الله , فالمسيح عندما مات على الصليب كان بديلا للإنسان الذي تعدى وصية الله , وفيه تلائم العدل والرحمة وظهر بر الله كما يقرر ذلك بولس الرسول وهو يشرح فلسفة الصليب قائلا : ((وأما الآن فقد ظهر بر الله بر الله بالإيمان بيسوع المسيح إلى كل وعلى كل الذين يؤمنون لأنه لا فرق إذ الجميع أخطأوا وأعوزهم مجد الله متبررين مجانا بنعمته بالفداء الذي بيسوع المسيح الذي قدمه الله كفارة بالإيمان بدمه لإظهار بره من أجل الصفح عن الخطايا السالفة بإمهال الله)) رو 21:3و22-25 فالصليب في نظر بولس كان هو الوسيلة التي بها تعانقت الرحمة مع العدل إذ عليه مات ((الإنسان الثاني يسوع المسيح)) نائبا عن البشرية الساقطة , وكما سقطت البشرية في آدم الأول إلى العالم وبالخطية الموت وهكذا اجتاز الموت إلى جميع الناس إذ أخطأ الجميع)) رو 12:5 كذلك أعطيت الإنسانية فرصة لنوال الحياة عن طريق ((الموت)) الذي احتمله المسيح لأجلها , وهذا ما يقرره بولس في الرسالة إلى رومية أيضا قائلا ((لأنه إن كان بخطية واحد مات الكثيرون فبالأولى كثيراً نعمة الله والعطية بالنعمة التي بالإنسان الواحد يسوع المسيح قد ازدادت للكثيرين)) رو 16:5 فآدم ممثل البشرية الأول جلب الموت للبشرية , فجاء يسوع المسيح ((الممثل الثاني للبشر)) وحمل هذا الموت في جسده على الصليب , وهكذا حرر كل من يؤمن به من هذا القصاص الرهيب , وهذا ما يؤكده لنا بولس الرسول في كلماته ((الذي حمل هو نفسه خطايانا في جسده على الخشبة لكي نموت عن الخطايا فنحيا للبر الذي بجلدته شفيتم)) 1 بط 24:2 , وبهذه الكيفية ارتاحت رحمة الله وسكنت أحشاء رأفته , بينما أخذ العدل الإلهي حقه كاملا في يسوع المسيح الذي رضى طائعاً مختاراً أن يفدي الإنسان الأثيم , وتمت الكلمة المكتوبة ((الرحمة والحق التقيا البر والسلام تلائما)) مز 10:85 |
||||
30 - 07 - 2015, 03:36 PM | رقم المشاركة : ( 8660 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الصليب ضرورة لأنه أظهر للإنسان فظاعة خطيته تحدث كارليل مرة مع أحد أصدقائه المسيحين فقال ((لو كان الله يقدر الخطية حق قدرها لكسر قلبه)) , فأجابه المسيحي ((وهذا ما وقع بالفعل على الصليب حين خرج من قلب المسيح دم وماء لما طعن بالحرية بعد موته دليلا على أنه قضى مكسور القلب جريح الفؤاد)) , أجل , إن الصليب كان ضرورة ليظهر للإنسان فظاعة خطيته ! ولقد كان بولس الرسول يعتز بتدينه وبره الذاتي إلى أن أشرق عليه نور الصليب فردد كلماته التي يظهر فيها تقديره لفظاعة خطيته قائلا ((صادقة هي الكلمة ومستحقة كل قبول أن المسيح يسوع جاء إلى العالم ليخلص الخطاة الذين أولهم أنا)) 1 تي 15:1 وقصة الصلب ترينا مقدار فظاعة خطية الإنسان , فعندما أخذ رؤساء الكهنة والشيوخ يسوع إلى دار الولاية لكي يحاكم أمام بيلاطس , ليحكم عليه بالموت إذ لم يكن لليهود في عهد الحاكم الروماني أن ينفذوا حكم الإعدام في أحد إلا بعد الرجوع للسلطة الرومانية , تحقق الوالي الروماني براءة ((يسوع)) , وأراد كرجل سياسي أن ينقذ المسيح , وفي ذات الوقت أن يحتفظ برضاء الجماهير , وكان معتاداً في العيد أن يطلق للجميع أسيراً واحداً من أرادوه , وكان لهم حينئذ أسير مشهور يسمى ((باراباس)) وذاك كان قد طرح في السجن لأجل فتنة حدثت في المدينة وقتل , فوقف بيلاطس ليسأل الجماهير الصاخبة ((من تريدون أن أطلق لكم باراباس أم يسوع الذي يدعى المسيح ظ)) مت 17:27 ووقفت البشرية لتحكم لنفسها أو عليها , ولكنها ظهرت على حقيقتها الشريرة الساقطة !!! كان أمامها باراباس , اللص , مدبر الفتن والمؤامرات , القاتل الذي لوث يديه بالدماء ! ويسوع الذي جال يصنع خيراً ويشفي جميع المتسلط عليهم إبليس !! باراباس في كفة ويسوع في كفة قاتل وملك نجس وقدوس لص ونبي يجري المعجزات !! فأيهما تختار البشرية ؟!؟ إن شبيه الشيء منجذب إليه , ولذا فان البشرية قد نادت يوم الصليب ((أطلق لنا باراباس)) وهكذا ظهر قلبها النجس , الشرير , المخادع , المنجذب إلى سفك الدماء بطلب صلب المسيح , وإطلاق القاتل باراباس أجل عند الجلجلثة ظهرت فظاعة الخطية , وسجلت الإنسانية على نفسها هذه الفظاعة يوم كتبت على صليب المسيح بلغاتها الثلاث : اليونانية لغة العلم والفلسفة , واللاتينية لغة الحكومة الرومانية , والعبرانية لغة الديانة اليهودية ((هذا هو ملك اليهود)) لوقا 38:23 أجل اختارت البشرية الفساد وصلبت رب المجد , واختارت سفاك الدماء وصلبت رب الفداء , واختارت اللص , وصلبت السيد القدوس فيالفظاعة خطيتها ! قال خادم جليل من خدام الله وهو يشرح كيف ظهرت فظاعة الخطية في صليب المسيح : ((رأيت المريض المعذب يصرخ من الألم وسألت : ما سبب هذا ؟ فقالوا الخطية ! ورأيت الدماء الغزيرة تسفك في الحروب , وسألت : ما سبب هذا ؟ فقالوا الخطية , ورأيت الفقر الرهيب الذي يذل البشر , وسألت : ما سبب هذا , فقالوا الخطية ولكني لما رأيت يسوع البار والناس الأدنياء يبصقون على وجهه الكريم , والجنود الأردياء يكللون رأسه الملكي بإكليل الشوك , وعبد دنيء لرئيس الكهنة يصفعه على وجهه النبيل , ثم رأيته بعد ذلك وجنود الحكومة الرومانية يسمرونه في الصليب , ويرفعونه على رابية الجلجثة حتى تمزقت أعصابه صرخت ما سبب هذا ؟ فقالوا : الخطية وهنا فقط رأيت فظاعة الخطية في حياة البشر)) حدثنا أحد رجال الله بقصة عن شاب هندي و تربى في بيت مسيحي و ترك بلاده قاصداً بلاد الغرب في طلب العلم , وهناك حاد عن جادة الحق , ووقع في حبائل الشرور والآثام , وتلوثت حياته بالنجاسات والأوحال , ولما أتم دراسته , عاد إلى بلاده , فاستقبلته والدته بصدر رحب وثغر بسام , ورأى نفسه يعود إلى المذبح العائلي , ويسمع أصوات الترنيم , لأنه أحس أنه في واد وأمه في واد , فأراد أن يستعيد ذلك الشعور المريح , ثم خطر بباله أن يعترف لأمه بذنبه , ليعرف تأثير خطاياه في نفسها, وكانت الأم سيدة تقية نقية , أقرب إلى الملائكة منها إلى البشر , فتقدم إليها في غرفتها وهي جالسة وشرع في سرد قصته المحزنة , واعترف لها بما اقترف من آثام , فلما سمعت تلك الأم القديسة اعتراف ابنها , هالها ما سمعت , فقامت من مقعدها , واستمعت له وهو يفوه باعترافه , ولما بلغ نهايته , رآها وقد ارتعشت كورقة ذابلة أسقطتها الرياح , مستندة بيديها إلى الجدار الذي كان خلفها , فاتحة يديها على شكل صليب , فصعق الفتى من هول هذا المنظر لأن أمه تمثلت له كأنها صلبت على الجدار من أجله , بسبب شناعة آثامه وقال : لم أعرف فظاعة خطاياي إلا بعد أن رأيت أمي تتمثل أمامي كأنها مصلوبة على صليب وعزمت من ذلك اليوم على التوبة الصادقة عن خطاياي يذكر لنا أشعياء اختباره في الإصحاح السادس من سفره قائلا ((في سنة وفاة عزيا الملك رأيت السيد جالسا على كرسي عال ومرتفع وأذياله تملأ الهيكل السرافيم واقفون فوقه لكل واحد ستة أجنحة باثنين يغطي وجهه وباثنين يغطي رجليه وباثنين يطير وهذا نادى ذاك وقال قدوس قدوس رب الجنود مجده ملء كل الأرض فاهتزت أساسات العتب من صوت الصارخ وامتلأ البيت دخاناً فقلت ويل لي إني هلكت لأني إنسان نجس الشفتين وأنا ساكن بين شعب نجس الشفتين لأن عيني قد رأتا الملك رب الجنود)) اش 1:6 -5 فإذا كان أشعياء قد رأى نجاسة شفتيه , ونجاسة شعبه عندما رأى السيد جالساً على كرسيه , والسرافيم حوله ينادي كل واحد الآخر بقداسته , فأي إحساس يملأ قلب الإنسان وهو يرى السيد , لا على كرسيه , بل على الصليب , معلقاً بين الأرض والسماء لأجل سواد خطية الإنسان ؟! يقينا , أن المرء يشعر في نور الصليب بفظاعة خطاياه |
||||