رأس مارمرقس في بيوت أعيان الإسكندرية
ج- رأس مارمرقس في بيوت أعيان الإسكندرية:
في خلال القرن الحادي عشر، وأيضًا حتى القرن الرابع عشر، وتنقلت رأس القديس مارمرقس في كثير من بيوت أعيان الأقباط بالإسكندرية. وربما كان ذلك محاولة لإخفائها عن أعين الحكام الذين كانوا يفتشون عنها سعيا وراء المال يأخذونه من الأقباط أو يبيعونها به للروم الملكيين فكانت بيوت الأعيان -لأنها غير معروفة- أضمن من الكنيسة أو مكان أقامة البطريرك في إخفاء الرأس.
وفى سيرة البابا خرستوذولوا 66 (1077 م) خبر طويل عن نتقل رأس مارمرقس في بيوت أعيان الإسكندرية في النصف الثاني من القرن الحادي عشر. ويقول لنا موهوب بن منصور مدون هذه السيرة [كان رأس القديس مرقس الإنجيلي في دار أبو يحيى زكريا..فلما مرض واشتد وجعه جاء إلى والدي عشرة من النصارى.. وقالوا له: الشيخ أبو يحيى زكريا قد اشتد وجعه. ونخاف أن يموت فيقبض على دراه، وما نأمن على رأس القديس التي هي عنده. فمضى معهم إلى الرجل ووجدوه ينازع. فأخذوا الصندوق الذين فيه الرأس وحملوه إلى دار جبريل بن قزمان لأن داره كانت قريبة إلى دار أبو يحيى.
فلما كان بالليل حملوه إلى دار والدي (أي والد موهوب بن منصور بن فرج الإسكندراني) وقالوا له خفنا أن نجعله حيث نقلناه لقربه دار أبو يحيى فاجعله عندك فوقف والدي في الدهليز وحلف أنه لا يدخل داره خوفا من السلطان لأنه كان قد لقى قبل ذلك مصادرة وغرامة وأمورًا صعبة.
فأخذ سرور بن مطروح ومضى به إلى داره. فقال له القس سيمون الذي صار الآن أسقفا على تنيس أنا أنقله من عندك إلى عندي وأخدمه أنا وأخي ومضوا وأخذوه..
ثم وصل الأمر بالقبض على والدي والجماعة الذين كانوا معه.. فأحضرهم الوالي وقال لهم أريد رأس مرقس وعشرة آلاف دينار كانت معها، وهذا كتاب السلطان قد وصلني بمطالبتكم بذلك..لأن ابن بشير كتب إليه بأن الروم يدفعون له فيه عشرة آلاف دينار. فقال له والدي: ما رايته ولا أخذته. وهوذا أنا بين يديك، وعلم والدي والجماعة أن هذا ناله بسبب أنه لم يأخذه ورده من باب داره. فأقام معتقلا سبعة وثلاثين يومًا]
وتنتهي قصة موهوب بن منصور بالإفراج عن والده بعد رؤيا ظهر فيها مارمرقس ووعده فيها بالأفراح عنه بعد ثلاثة أيام. وفعلًا أفرج عنه بعد دفع ست مئة دينار للوالي ووصل إلى الإسكندرية وأخذ رأس مارمرقس في داره كأن لم يصبه شيء.
ومن هذه القصة يثبت أن رأس مارمرقس تنقلت في حوالي خمسة أو ستة بيوت في فترة شهور قليلة.
و تتابع الرأس تجوالها في بيوت الأعياد. فيقول أنبا يوساب أسقف فوة في تاريخه [أما رأس مرقس القديس فكانت عند قوم فخافوا في نفوسهم، فأخرجوها من مكانها وأودعوها مكانا آخر.. وخافوا على رأس مرقس فجعلوها بين حائطين وبنوا عليها.. وبعد انتهاء الحرب نقلوه إلى مكانه..وجعلوا قدامه القناديل كالعادة. وكانت العجائب لا تنقطع من قبل رأس القديس.
وورد في سيرة البابا مرقس الثالث 73 (1166-1189 م.) [وبعد تكريس البابا مرقس بن زرعة ثالث سبعى البطاركة دخل المدينة، وأتى إلى الدار التي فيها رأس مرقس، وبات هناك إلى الغد. وأخذ مفاتيح الصندوق وفتحه، وأخذ الرأس في حجره وهو جالس بالقراءة والتسبيح].
ويروى تاريخ البطاركة أن رأس القديس كانت في دار أولاد السكري خلال القرنين الثالث عشر والرابع عشر للميلاد.
ففي سيرة البابا كيرلس الثالث بن القلق 75 (1235-1243 م.) [أنه ركب وخرج إلى دار ابن السكرى التي فيها رأس مرقس الإنجيلي.. ووضع هذا الرأس في حجره وكساه كسوه جديدة على جارى العادة].
ويطابق هذا قول ابن كبر (1334 م.) ونقلت الرأس إلى دار بالإسكندرية تعرف بدار أولاد السكري وهى بها إلى يومنا هذا.