30 - 06 - 2014, 03:28 PM | رقم المشاركة : ( 61 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب حتمية التجسد الإلهي
هل السيد المسيح هو الله أو ابن الله أو ابن الإنسان؟ ج: السيد المسيح هو الله المتأنس، أي انه هو الله الكامل في لاهوته وهو أيضًا الإنسان الكامل في ناسوته (إنسانيته) فمن جهة اللاهوت هو الله وهو ابن الله، ومن جهة الناسوت هو ابن الإنسان. فلو نظرنا إلى السيد المسيح من جهة جوهره الإلهي أو طبيعته الإلهية أو كيانه الإلهي فهو الله، وإذا نظرنا إلى السيد المسيح من جهة أقنوميته وانه مولود من الآب فهو ابن الله . والمثال الدارج هنا هو عندما يتعرض إنسان إلى مشكلة أو مسألة رياضيات فانه يحلها بعقله، ويستطيع أن يقول أنني عالجت هذه المشكلة أو عالجت هذه المشكلة بعقلي الفذ، والإنسان وعقله إنسان واحد، وهكذا أقنوم اللوغوس عقل الله الناطق هو ابن الله وفي ذات الوقت هو الله، والمثال الآخر هو شعاع الشمس المولود من قرص الشمس، فهو من جوهر الشمس لأنه لا توجد شمس بدون شعاع، وعندما تشرق الشمس بأشعتها نستطيع أن نقول أن الشمس أشرقت أو شعاع الشمس أشرق علينا والشمس والشعاع شمس واحدة وليس اثنتين، وهكذا ما تعرضنا له من قبل في موضوع التثليث والتوحيد. وإذا نظرنا إلى السيد المسيح من جهة ناسوته فهو ابن الإنسان كما دعى نفسه ذلك مرارًا وتكرارًا ليؤكد حقيقة ناسوته. |
||||
30 - 06 - 2014, 03:32 PM | رقم المشاركة : ( 62 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب حتمية التجسد الإلهي
هل عقيدة التجسد مستوحاة من العبادات الوثنية كما قالوا عن فرعون انه ابن امون أو ابن رع، والاسكندر الأكبر ابن آمون، وقالوا عن بوذا انه ابن الله؟ ج: أ- معظم الديانات الوثنية القديمة كانت تؤمن بتجسد ابن الإله الذي تعبده.. فمن أين جاءت هذه الفكرة المتكررة؟ إنها جاءت في الوعد الإلهي بخلاص البشرية وإن نسل المرأة يسحق رأس الحية، فبعد الطوفان تفرق بنو نوح شرقًا وغربًا وهم يحملون هذه الوعود، وعندما انحرف نسلهم وعبدوا الطبيعة، وسجدوا للمخلوق دون الخالق ظهرت هذه الوعود في عباداتهم المختلفة بصور مختلفة مع تكرار ذات الفكرة. كما إن في الإنسان دافع فطري يدفعه إلى تلبية رغباته واحتياجاته حتى لو كان الإنسان يجهل هذه الاحتياجات على وجه التحديد، ولكن شعوره بالاحتياج للخلاص من واقعه الأليم ومستقبله المظلم جعله يتصوَّر تجسد ابن الإله. ب - الهدف من دعوة الملك بأنه ابن الإله هو الدعوة لتثبيت ملكه وإضفاء صفة الألوهية عليه ليخضع الشعب له ويهابه، وليس من أجل خلاص الإنسان. أما الهدف من التجسد هو خلاص الإنسان وإسعاده.. إذًا هناك فرقًا كبيرًا بين تجسد الآلهة في العبادات الوثنية التي تعتمد على الصراع وتنازع السلطة، وبين عقيدة التجسد المسيحي التي تعتمد أساسًا على عظم محبة الله للإنسان. ج - الذين يتهمون المسيحية بمثل هذه التهم الباطلة لا يقدمون الحجة ولا الدليل على اتهاماتهم ولا يقدمون أي مقارنة علمية بين اعتقادات هؤلاء واعتقاد المسيحية في التجسد، معتمدين في هذا على جهل من يسمعونهم أو يقرأون لهم، ولا يدرون مثلًا أن البوذية لا تعترف بالله أصلًا. د - وجود النبؤات في العهد القديم التي يرجع تاريخها إلى أكثر من ألف عام قبل الميلاد وتخبرنا عن تجسد الرب الإله من عذراء في بيت لحم في زمن محدد، وتحقق هذه النبؤات في العهد الجديد تثبت صحة هذه العقيدة الإلهية. ه - الذين نشروا المسيحية من التلاميذ والرسل كانوا من اليهود الذين اقتصرت ثقافتهم غالبًا على العهد القديم فقط، فصياد السمك البسيط من أين له أن يعرف عقائد التجسد عند اليونان أو الهنود أو غيرهما؟ .. حقًا لو كان الذين نشروا المسيحية من الوثنيين لربما كان لهم الحجة في الربط بين عقائد المسيحية والوثنية. و - عاش التلاميذ والرسل في أرض فلسطين، ولم يجولوا شرقًا أو غربًا أو جنوبًا أو شمالًا ليعرفوا عقائد المجوس والهنود وقدماء المصريين وأهل بابل حتى يقتبسوا منهم عقائدهم . ولو كانت المسيحية قد انبثقت من بلاد وثنية مثل مصر والهند وبابل ربما كان لهم حجة فيما يقولون. وقد ناقش الأستاذ عباس محمود العقاد هذه الأفكار التي يطرحها البعض ورد عليها قائلًا " وقد تعب أصحاب المقارنات والمقابلات كثيرًا في اصطياد المشابهات من هنا ومن هناك ولم يكلفوا أنفسهم جهدًا قط فيما هو أولى بالجهد والاجتهاد. وهو استخدم المقارنات والمقابلات لإثبات سابقة واحدة مطابقة لما يفرضونه من نشأة المسيحية، فمتى حدث في تاريخ الأديان أن أشتاتًا مبعثرة من الشعائر والمراسم تُلفِق نفسها وتخرج في صورة مذهب مستقل دون أن يعرف أحد كيف تلفقت وكيف انفصلت كل منها عن عبادتها الأولى؟ ومن هو صاحب الرغبة وصاحب المصلحة في هذه الدعوة؟ وأي شاهد على وجوده في تواريخ الدعاة المعاصرين لسنة الميلاد؟ وكيف برزها هذا العامل التاريخي الديني الخطير على حين فجأة قبل أن ينقضي جيل واحد؟ ولماذا كان يخفي مصادر الشعائر والمراسم الأولى ولا يعلنها إلاَّ منسوبة للسيد المسيح" (1). |
||||
30 - 06 - 2014, 03:34 PM | رقم المشاركة : ( 63 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب حتمية التجسد الإلهي
السيد المسيح هو الله، والله كامل في كل شئ، فكيف يقول عنه الإنجيل انه كان ينمو في القامة والحكمة والنعمة؟ ج: بحسب الناسوت كان السيد المسيح ينمو في القامة والحكمة والنعمة، وبحسب اللاهوت هو الكامل في كل شيء، فعندما نقرأ أن الرب يسوع كان ينمو في القامة والحكمة والنعمة أو أنه جاع أو تعب أو بكى أو تألم أو مات... إلخ فإن الإنجيل هنا يشير للناسوت، وعندما نقرأ عن الرب يسوع انه الخالق وهو الحياة والقيامة وغافر الخطايا.. إلخ فإن الإنجيل هنا يشير لللاهوت، وفي كلتا الحالتين لا ينفي الإنجيل الإتحاد بين الطبيعتين، ولا يفصل بين اللاهوت والناسوت، وكل ما يخص الناسوت أو اللاهوت فانه ينسب لله المتأنس. وكانت الحكمة تظهر في شخص الرب يسوع بحسب سنه الجسدي، فيقول القديس أثناسيوس الرسولي "إن ناسوت المسيح ازداد حكمة من الكلمة (اللاهوت) وقتًا بعد وقت، وقد كان له جسد بشري، واختبر في حياته كل أحوال البشر، فكان طفلًا فصبيًا فشابًا فرجلًا "وكون ظهور الحكمة تدريجيًا هذا يؤكد حقيقة الناسوت، وانه شابهنا في كل شيء ماخلا الخطية وحدها، وكون ظهور الحكمة فهذا يظهر عظم اتضاعه وتنازله ومحبته ومشاركته لنا في كل شيء. وإن كان الإنسان يحصل على الحكمة من الخارج بالتعلُّم والدرس والفحص والتأمل، لكن بالنسبة للسيد المسيح فكانت الحكمة ذاتية نابعة من الداخل لأن فيه مذخَّر كل كنوز الحكمة، ودائمًا وأبدًا ستظل حكمة الإنسان ناقصة تشوبها بعض الأخطاء ولكن حكمة الرب يسوع فإنها كاملة وخالية من كل نقص أو خطأ أو فساد أو شر، فيقول القديس كيرلس الكبير "على الرغم من انه قيل عن يسوع انه كان ينمو في القامة وفي الحكمة وفي النعمة (لو 2: 52) فان هذا يخص التدبير (التجسد) لأن كلمة الله سمح لبشريته أن تنمو حسب خواصها وحسب قوانينها وعاداتها، ولكنه أراد شيئًا فشيئًا أن يعطي مجد ألوهيته إلى جسده كلما تقدم في العمر حتى لا يكون مرعبًا للناس إذا بدر منه عدم الاحتياج المطلق إلى أي شئ، ومع هذا تكلموا عنه {كيف عرف هذا الإنسان الكتب وهو لم يتعلم} (يو 7: 15) فالنمو يحدث للجسد، كما أن التقدم في النعمة والحكمة تتلائم مع مقاييس الطبيعة البشرية. وهنا يلزمنا أن نؤكد أن الله الكلمة المولود من الآب هو نفسه كل الكمال لا ينقصه النمو أو الحكمة أو النعمة، بل إنه يُعطي للمخلوقات الحكمة والنعمة وكل ما هو صالح" (1). "وهكذا أيضًا مكتوب عنه {وكان الصبي ينمو ويتقوى مملوءًا من الحكمة والنعمة} (لو 2: 52) هو كامل كإله، ومن ملئه نحن أخذنا لأنه يمنح العطايا الروحية للقديسين، فهو نفسه الحكمة ومعطي النعمة. فكيف ينمو الصبي وكيف يمتلئ من الحكمة والنعمة؟ هذه هي التعبيرات المختلفة التي تتحدث عن إله متأنس وتصفه بصفات إنسانية بسبب الإتحاد الكامل . كما انه يوصف أيضًا فانه معطي النعمة والحكمة كإله" (2). وقال أيضًا "إذا كنت تعلم أن الكلمة قد صار جسدًا بالتمام ووُلِد إنسانًا، كما يقول الكتاب المقدس، فلماذا لا تُنسَب إليه أنه يقبل أيضًا ما يناسب الإنسان، فيما عدا الخطية؟ والواقع أنه حيث إن الجسد خاضع للتقدم فيمكن أن يقال انه (الكلمة) يتقدم بما انه قد صار فيه (في الجسد) وقد اختص بنفسه أيضًا الآلام غير الأثيمة. فالجسد في الحقيقة لم يكن جسدًا لشخص آخر، لكنه جسد الكلمة ذاته، وكما نقول انه (الكلمة) تألم بالجسد مع إن الجسد وحده هو الذي تألم ولو انه لم يتألم كإله، لكن الجسد المتألم كان جسده خاصة، كذلك أيضًا يمكن أن يقال انه (الكلمة) يتقدم مع انه لا يقبل لأي تقدم بصفته الله، لكن يقال انه يتقدم بسبب تقدم جسده فيه" (1) |
||||
30 - 06 - 2014, 03:40 PM | رقم المشاركة : ( 64 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب حتمية التجسد الإلهي
الله كان يعلم أن الشيطان سيسقط وسيُسقِط الإنسان.. فلماذا خلقه؟ وعندما سقط لما لم يخلصه كما خلص الإنسان؟ ج: الله بسابق علمه يعلم كل شيء، فالمستقبل القريب والبعيد مكشوف أمامه مثل الماضي والحاضر، ولكن حكمته اللامتناهية رأت أن يخلق الملاك الذي سيسقط وسيُسقِط وراءه ملائكة وبشر، وهو يعلم أيضًا أنه قادر أن يحوّل الشر إلى خير، فعندما خلق الله الملائكة خلقهم ووهبهم حرية الإرادة، وعندما تمرد الشيطان وتكبر وأراد أن يرفع كرسيه فوق كرسي العلي " كيف سقطت من السماء يا زهرة بنت الصبح. كيف قُطعِت إلى الأرض يا قاهر الأمم. وأنت قلتَ في قلبك أصعد إلى السموات. أرفع كرسي فوق كواكب الله.. أصير مثل العلي.. لكنك انحدرت إلى الهاوية إلى أسافل الجب" (أش 14: 12-15) فانه سقط بكامل إرادته، وبدون غواية أحد، وحتى الملائكة الذين انصاعوا إلى مشورته ذهبوا وراءه بكامل إرادتهم، ومرت فترة الاختبار على الملائكة وسقط من سقط وثبت في محبة الله من ثبت . والذين سقطوا لا توبة لهم ولا خلاص لأسباب كثيرة نذكر منها الآتي: أ - لم يسقط الشيطان بغواية آخر، بينما سقط الإنسان بغواية الشيطان. ب - كان الشيطان قريبًا من الحضرة الإلهية والعرش الإلهي أكثر كثيرًا من الإنسان. ج - خلق الله الملائكة من طبيعة نارية (عب 1: 7) وطبيعة نورانية ولا يوجد ما هو أقوى من النار والنور، بينما خلق الله الإنسان من تراب الأرض. د - كل من الملائكة الساقطين حمل خطية نفسه دون أية تبعية أو تأثير على الآخرين. أما آدم فعندما سقط فقد سقطت فيه البشرية جمعاء. ه - كانت خطية الشيطان تحدي ومقاومة لسلطان الله إذ أراد إبليس أن يجعل كرسيه فوق عرش الله، أما خطية الإنسان فهي فقط عصيان لأمر الله بغواية عدو الخير. |
||||
30 - 06 - 2014, 03:41 PM | رقم المشاركة : ( 65 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب حتمية التجسد الإلهي
لماذا لم يتجسد الله عقب سقوط آدم مباشرة؟ ج : عندما ولدت حواء قايين مولودها الأول ظنت انه هو المخلص وقالت "اقتنيت رجل من عند الرب" (تك 4: 1) ولكنه كان أبعد ما يكون عن الخلاص، وعندما ولدت شيث ظنت أيضًا انه هو المخلص ولم يكن هو، وطال الانتظار والترقب ولجأت البشرية للطبيعة الخلابة بأنهارها وجبالها وشمسها وقمرها تلتمس منها الشفاء، ولكن كيف يهب الجماد الإنسان الحي الشفاء؟.. إن الطبيعة التي سحرت الإنسان عجزت عن شفائه من مرض الخطية القاتل، وفشل الإنسان فشلًا زريعًا، فلا حكمة قدماء المصريين ولا فلسفات اليونان، ولا قوة الرومان استطاعت أن تخلص الإنسان من ورطة الخطية. أما الله فقد تعهد الإنسان بالآباء والأنبياء والناموس حتى جاء ملء الزمان فأرسل ابنه مولودًا من العذراء مريم.. ملء الزمان الذي بدأت فيه الدولة اليهودية في الانهيار التام على أيدي النسور الرومانية.. ملء الزمان حيث ظهرت الإمبراطورية الرومانية القوية التي ربطت العالم كله بلغة واحدة رسمية هي اللغة اليونانية، وشبكة طرق امتدت من كل مكان إلى روما حتى قيل أن كل الطرق تؤدي إلى روما، وعلى هذه الطرق سار رسل الحمل ينشرون الكرازة في كل مكان.. ملء الزمان حيث بلغ احتياج الإنسان للمخلص إلى أقصاه، وعلى حد تعبير الأستاذ عباس العقاد "كما عجزت جميع الفلسفات عن أن تشبع الفكر أو تغذي الروح، وأفلست عن الوصول بالإنسان إلى المبادئ والقيم التي تنادي بها، وما استطاع فلاسفة الرواقية والابيقورية أن يقودوا إلى حياة الكمال والطهر والنقاء" (1).. ملء الزمان حيث تُرجِمت التوراة من اللغة العبرية إلى اللغة اليونانية بما تحويه من كنوز النبؤات والرموز للمسيا المنتظر، وانتشار هذه الأفكار الإلهية التي هيأت ذهن العالم لقبول المخلص.. ملء الزمان حيث جاءت للعالم مريم العذراء أطهر نساء العالمين، ويوسف البار، ويوحنا المعمدان.. إلخ. |
||||
30 - 06 - 2014, 03:41 PM | رقم المشاركة : ( 66 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب حتمية التجسد الإلهي
هل معنى تسمية التجسد بسرّ التجسد انه أمر مبهم لا يُفهَم ولا يجوز الحديث عنه؟ ج: كلا، ولكن المقصود من تسمية التجسد بسرّ التجسد هو الإشارة إلى انه أمر يفوق الإدراك، فالعقل البشري لا يقدر أن يدرك كيف يتحد اللاهوت الغير محوي وغير المحدود بالناسوت المحدود؟ كيف يتحد المطلق مع الجسد البشري؟ كيف يتحد القوي بالضعيف؟ كيف يتحد الخالق بالمخلوق؟.. انه أمر لا يمكن إدراكه ولا يمكن إخضاعه لحكم العقل، ولذلك فهو أمر مخفي عن العقول ولا مناص من قبوله عن طريق الإيمان، وكثيرًا ما وصف الآباء هذا السر بأنه فائق الوصف، وسري، ولا ينطق به، ولكن ليس بقصد أن ينهونا عن معرفة حقيقة هذا السر العظيم، ولكن بقصد أن ينهونا عن إخضاعه للفحص العقلي. ومع هذا فان هذا السر العظيم ليس ضد العقل، فان صاحب هذه الأسرار هو خالق العقول ومانحها الحكمة، وهو الذي يكشف لأحبائه البسطاء هذه الأمور الفائقة "سرُّ الرب لخائفيه. وعهده لتعليمهم" (مز 25: 14) وعندما دعى الإنجيل التجسد بسر التقوى "عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد" (1تي 3: 16) كشف لنا عن استحالة حياة التقوى بدون التجسد. أما "إن كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة" (2 كو 5: 17). ويقول القمص تادرس يعقوب عن دعوة هذه الأمور بالأسرار "ماذا تعني كلمة "سرّ"؟ هل تعني أن العقائد المسيحية ليست بسيطة؟ أو أن العقل البشري لا يقدر أن يتقبَّلها؟ هل من حاجة إلى الإيمان بسرّ الثالوث القدوس، ولماذا لا نؤمن بالله ونعبده في بساطة دون بحث عن طبيعته؟ 1- "سرُّ" في المسيحية لا يعني أن يتقبَّل المؤمن عقائد غامضة دون فهم، أو أن هذه العقائد غير مقبولة عقليًا، فعندما نتحدث عن الأسرار الإلهية الخاصة بجوهر الله وطبيعته وأعماله، إنما نعني أن الله يعلن لنا عن هذه الأمور بكوننا كائنات عاقلة، واهبًا إيانا الاستنارة الإلهية التي تكشف لنا عن المعرفة الإلهية التي هي بحق فائقة السمو. تبقى عقولنا عاجزة عن استيعاب هذه الأسرار طبيعيًا دون تدخل نعمة الله وإعلانه، فالسر لا يضاد العقل الإنساني لكنه بدون معونة الله يبقى فائقًا بعيد الإدراك. خلقنا الله كائنات عاقلة لا كائنات بهيمية، وهو يعلن لنا عن ذاته وعن أعماله لا ليلغي عقولنا، وإنما ليسمو بها . فتقبله طبيعتنا البشرية وتتعرف على أسراره "أُعطي لكم أن تعرفوا سرّ ملكوت الله" ( مر 4: 11). 2- يتهم البعض المسيحية بأنها تفتقر إلى البساطة، بمعنى آخر يتهمونها بالتعقيد، لأنها تؤمن بثلاثة أقانيم في جوهر إلهي واحد. إنهم يتطلعون إلى هذه العقيدة كما لو كانت سرًّا يمكن أن يُفهَم على أنه نوع من تعدد الآلهة، لهذا يدَّعون أنه لا حاجة لقبولها. لكننا نلاحظ أن أغلب الديانات التي ترفض هذه العقيدة وفي نفس الوقت تؤمن بإله واحد مطلق، هي نفسها تؤمن بأسرار إلهية كثيرة لا يستطيع العقل أن يستوعبها في ذاته، فتتحدث عن يدي الله ووجهه وعرشه.. إلخ بالرغم من إيمان الكل بأن الله لا جسم له، لكنه روح بسيط ولا يمكن لعرشه أن يحد" (1). |
||||
30 - 06 - 2014, 03:42 PM | رقم المشاركة : ( 67 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب حتمية التجسد الإلهي
كيف يدعو الإنجيل السيد المسيح وسيطًا بين الله والإنسان، وهو الله ذاته؟ ج : يجيب على هذا التساؤل البابا كيرلس الكبير قائلًا "نحن نرى أن الابن واحد من أثنين، إذ فيه التقت الطبيعتان الإلهية والإنسانية واتحدتا في واحد بشكل غير موصوف ولا يعبر عنه، وبكل تأكيد نحن لا نعني أن الكلمة الإلهية قد تحوَّل إلى الطبيعة الجسدية الأرضية ولا الجسد تحوَّل إلى الكلمة. والذي يتبنى أحد هذين الموقفين المتطرفين لابد أن يكون مختل العقل. فكل منها تبقى في خصوصيتها ولكنهما تعدان في وحدة تامة لا تنفصل. فهو نفسه إنسان وإله. وحينما نقول الله فنحن لا نلغي الإنسانية بعد الإتحاد، وحينما نقول إنسان فنحن لا ننفي صفات اللاهوت.. وهو الابن الوحيد والكلمة كمولود من الآب، وهو البكر بين أخوة كثيرين (رو 8: 29). لأنه صار إنسانًا، ولقب بـ"الابن الوحيد" الذي هو لقب خاص باللوغوس يُطلَق أيضًا على اللوغوس متحدًا بالجسد، ونفس الأمر مع لقب "البكر" فهذا اللقب لم يكن لقبه قبل التجسد ولكنه صار لقبًا بعد التجسد، وهو وسيط بهذا المعنى: انه جمع ووحَّد في شخصه أمورًا متباعدة فيما بينها، وهي اللاهوت والناسوت، الله والإنسان، وربطهما بوساطته بالله الآب لأنه واحد مع الآب في الطبيعة مع البشر لأنه خرج من بينهم، وحاضر في وسطهم، وذلك لأنه ليس غريبًا عنا فيما يخص إنسانيته، وهو عمانوئيل الذي شابهنا في كل شيء ما خلا الخطية" (1). |
||||
30 - 06 - 2014, 03:43 PM | رقم المشاركة : ( 68 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب حتمية التجسد الإلهي
من صفات الفادي أن يكون غير محدود، والذي مات على الصليب هو الناسوت المحدود، فكيف يقدر المحدود أن يرفع خطايا غير محدودة؟ ج: الناسوت الذي تألم ومات لم يكن ناسوتًا مجردًا . والذي صُلِب لم يكن إنسانًا عاديًا، ولكنه كان متحدًا باللاهوت الغير محدود، فالدم المسفوك مع انه دم الناسوت لكنه دُعِيَ دم الله بسبب إتحاد الناسوت باللاهوت "كنيسة الله التي اقتناها بدمه" (أع 20: 28) ولهذا فهو دم غير محدود.. لقد استوفى العدل الإلهي حقه بالكامل من شخص الفادي الغير محدود، فبعد الإتحاد لا يجوز التفرقة بين اللاهوت والناسوت كما رأينا من قبل، حتى أن الإنجيل ينسب للناسوت ما يخص اللاهوت من عدم المحدودية "ليس أحد صعد إلى السماء إلاَّ الذي نزل من السماءابن الإنسان الذي هو في السماء" (يو 3: 13). |
||||
30 - 06 - 2014, 03:44 PM | رقم المشاركة : ( 69 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب حتمية التجسد الإلهي
هل التجسد يعني أن الناسوت حدَّ وحيز اللاهوت، فلم يعد للاهوت تواجد خارج نطاق الناسوت المحدود؟ وكيف حدَّ بطن العذراء الله الغير محدود؟ ج : التجسد لا يعني تحيز اللاهوت في الجسد لأن اللاهوت مالئ الكل لا يخلو منه مكان ولا زمان، وبينما كان الله في بطن العذراء لم يخلُ مكان من لاهوته.. عندما ظهر لبني إسرائيل على الجبل فصارت أصوات رعود وبروق علامة على حضوره، ومع هذا فانه لم يخلُ منه مكان في الكون كله، وعندما ظهر لموسى في العليقة وتحدث معه لم يخلُ منه العالم ولم تخلُ منه السموات، إنما ظهر الله على الجبل وفي العليقة بصورة مرئية وهو كائن في كل مكان بصورة أخرى. هكذا الله في تجسده ظهر في الناسوت متحدًا به والناسوت له حيز وحدود ومكان يوجد فيه، فلو كان في المزود أو في جبل قسقام أو في بيت زكا فلن نجد الرب يسوع بناسوته في أي مكان آخر، بينما بلاهوته يملًا الكل. فليس معنى التجسد أن اللاهوت الغير محدود صار محدودًا في الناسوت، وجاء تعبير الإنجيل دقيقًا أن " الله ظهر في الجسد" (1 تي 3: 16) دون أن يحد أو يحيز هذا الجسد المقدَّس اللاهوت، ولا يمكن أن نُخضِع اللاهوت للمقاييس البشرية المادية، ولكن لكيما نقرب المعنى نضرب بعض الأمثلة التي تساعدنا على فهم هذه الأمور الفائقة:
وجميع التشبيهات السابقة مع الفارق فالشمس يمكن أن تشرق في ملايين الحجرات، ويمكننا أن نملأ ملايين الزجاجات من ماء البحر، وملايين من البشر تمتلأ رئتيهم من الهواء.. إلخ ولكن شخص الرب يسوع هو واحد وحيد فريد ليس له مثيل ولا نظير ولن يكون له قط، فالرب الإله تجسَّد مرة واحدة لم ولن تتكرر قط. قال القديس أثناسيوس "فلا يتوهمن أحد انه (اللاهوت) أصبح محصورًا في الجسد، أو أن كل مكان آخر أصبح خاليًا منه بسبب حلوله في الجسد أو أن العالم أصبح محرومًا من عنايته وتدبيره طالما كان يحرك الجسد، ولكن ما يدعو إلى الغرابة والدهشة انه وهو "الكلمة" الذي لا يحويه مكان، فإنه هو نفسه يحوي كل الأشياء وهكذا حتى مع حلوله في جسد بشري واهبًا إياه الحياة، فقد كان يمنح الحياة للكون في نفس الوقت بلا تناقض . أما كلمة الله في طبيعة تأنسه، فلم يكن كذلك، إذ لم يكن محصورًا في جسده، لكنه كان بالأحرى يستخدم الجسد، ولذا فانه لم يكن حالًا فيه فحسب، بل كان حالًا فعلًا في كل شيء.. وهذا هو وجه الغرابة انه بينما كان يتصرف كإنسان، كان كلمة الله يُحيي كل الأشياء وكابن كان قائمًا مع أبيه" (تجسد الكلمة 17: 1، 2، 4، 5). وقال القديس يعقوب السروجي "خرج الكلمة من الآب وأتى وحلَّ في الصبية.. وكان في الصبية وفي نفس الوقت كان في أبيه.. فلم ينقسم عن أبيه، بل هو في حضن الآب منذ الأزل. قبلت العروش الرسالة المكتوبة، وحلَّ هناك كالمحدود وهو غير محدود.. من يستطيع أن يفحصك أيها غير المحوي؟ .. أتيت من مكان إلى مكان آخر ظاهر، وأنت في الموضعين لم تتركهما.. بالفعل ممتلئ منك المكان الذي أرسلك ويحبك، وخبرك ظاهر في المكان الذي قبلك ويكرّمك.. جعلت لك جسمًا لتظهر به في كل الأرض، ولم تترك مكانك الأصلي في السماء " (1). |
||||
30 - 06 - 2014, 03:45 PM | رقم المشاركة : ( 70 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب حتمية التجسد الإلهي
كيف يحل الله القدوس في بطن امرأة وسط الدم والنجاسة؟ ج : هل أحشاء المرأة ودمها يعتبر نجاسة؟ ولو كان دم المرأة يعتبر نجاسة فكيف يخلقها الله بهذا التركيب النجس؟ وهل يمكن أن يخلق الله القدوس شيئًا نجسًا؟ النجاسة تأتي من الخطية، والروح القدس حلَّ على العذراء مريم وطهر وقدس ونقى مستودعها من الخطية الجديَّة، ولذلك فالجسد الذي اتخذه الرب يسوع هو جسد مقدَّس بلا خطية، ويقول القديس كيرلس الأورشليمي "لا يوجد في الهيكل البشري شيء دنس ما لم يدنسه الإنسان نفسه بالزنى والنجاسة، فالذي خلق آدم خلق حواء، ويد الله هي التي خلقت الذكر والأنثى، والأعضاء التي خُلِقت منذ البدء ليست نجسة على الإطلاق.. فلنتذكر ما قاله بولس الرسول {أم لستم تعلمون أن جسدكم هو هيكل الروح القدس الذي فيكم} (1 كو 6: 19)" (مقالة 12 للموعوظين) (1). وإن كنا نؤمن بأن الله أمسك بالطين وشكَّله على صورة آدم ونفخ فيه نسمة حياة، ثم أخذ من آدم ضلعًا وصوَّر منه حواء، وجاء في سورة الحجر "وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ" وفسر الجلالين الحمأ المسنون بالطين الأسود، فهل نقبل أن الله يلمس الطين الأسود، ولا نقبل حلوله في أحشاء العذراء القديسة الطاهرة مريم التي اصطفاها على نساء العالمين؟ ونسأل الذين يرفضون حلول الله في الحشا البتول: هل تؤمنون أن الله موجود في كل مكان؟ وبلا شك أنتم تؤمنون بهذا، فهل الله الكائن في كل مكان له تواجد في أكوام القمامة والقاذورات وبلاعات المجاري وحظائر الخنازير وأماكن الفجور؟ فإن قلتم لا نؤمن بهذا إذًا فالإله الذي تؤمنون به هو إله محدود في أماكن معينة دون الأخرى، أما إذا قلتم نعم نؤمن بهذا لأن الله العظيم يؤثر ولا يتأثر.. فهل تقبلون أن الله يوجد في أماكن الفجور ولا تقبلون حلوله في أحشاء البتول؟ ويعتقد الأخوة المسلمين بأن القرآن هو كلمة الله الأزلية القائم بذات جوهر الله، ولا يقبل الانفكاك أو الانفصال عن الله، ومع هذا فانه جاء في الحديث عن عائشة "كان النبي يتكئ في حضني وأنا حائض ثم يقرأ القرآن" (البخاري 1: 44) فكيف يقبلون تلاوة النبي كلام الله القائم بذات جوهر الله في حضن عائشة وهي حائض، ويستنكرون حلوله في أحشاء العذراء القديسة مريم التي حلَّ عليها الروح القدس وطهرها وقدسها ونقاها؟ |
||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|