23 - 10 - 2014, 05:06 PM | رقم المشاركة : ( 6641 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
بشارة العذراء بشارة العذراء عيلة مار شربل البشارة لمريم تحقق وعد الله بالخلاص الذي قطعه لأبوينا الأولين: "أضع عداوة بينك (الحية ممثلة الشيطان والخطيئة) وبين المرأة (مريم العذراء حواء الجديدة)، بين نسلك ونسلها (الشيطان والمسيح)، هي تسحق رأسك وأنت تترصدين عقبه (تك 3/15) وهذا الوعد أبرمه الله عهداً مع إبراهيم ونسله.البشرى لمريم هي لها ولشعبها وللعالم أجمع: منها سيولد المخلص المسيح المنتظر. إنها بشارة لخطيبة ارتبطت بعهد الزواج ولم تنتقل بعد إلى بيت عريسها يوسف الذي من سلالة داود الملك، لكن الله أرادها أماً بتولاً للكلمة ابن الله المتجسد، يسوع المسيح، بقوة حلول الروح القدس، وأماً روحية بالنعمة للجنس البشري المفتدى بدم ابنها الإلهي، وأماً للكنيسة التي هي المسيح الكلي: المسيح الرأس وجسده المؤلف من جماعة المفتدين. في البشارة لمريم تتجلى كرامة العائلة وقداستها ودعوتها. وعليه نتأمل في العائلة المسيحية على ضوء النص المجمعي العاشر في "دليل التفكير" للمجمع البطريركي الماروني. 1- البشارة : عهد جديد وشعب جديد أ - مع البشارة لمريم يبدأ عهد جديد هو دخول كلمة الله في صميم العائلة البشرية، متخذاً طبيعة إنسانية من مريم العذراء، وفي تاريخ الجنس البشري مفتدياً إياه من عبودية الخطيئة والشر، وفي كل ثقافة بشرية موجهاً إياها إلى كلّ حق وخير وجمال.في البشارة يتجلى سرّ يسوع المسيح : إنه ابن الله، الذي "أصوله منذ القديم منذ أيام الأزل" (ميخا 5/1)، وهو "كلمة الآب" (يو1/1-2)، وابن مريم بالجسد في الزمن. حقيقة مزدوجة أعلنها يوحنا الرسول: "والكلمة صار بشراً، وسكن بيننا، ورأينا مجده، مجد ابن وحيد آتٍ من الآب، ملآن نعمة وحقا" (يو1/14)، وكتب عنها بولس الرسول: "لما بلغ ملء الزمان، أرسل الله ابنه مولوداً من امرأة، مولوداً في حكم الشريعة، لكي يفتدي الذين هم في حكم الشريعة، حتى ننال البنوة" (غلاطية 4/4-5). اللوحة الإنجيلية هي أساس إعلان يوحنا وبولس: فالملاك جبرائيل يؤكد لمريم أنها "تحمل وتلد ابناً وتسميه يسوع، وهو ابن الله المولود منها بحلول الروح القدس" (لو1/13و35)، وانه "من سلالة داود الملك ويملك على الجنس البشري إلى الأبد" (لو1/33)، ملوكية خلاص وفداء، "النعمة والحق". ب - ومع البشارة لمريم يبدأ شعب جديد هو الكنيسة المؤلفة من جماعة الذين قبلوا الكلمة الإلهي، يسوع المسيح، النور الحقيقي الذي ينير كل إنسان آت إلى العالم، وآمنوا باسمه، فأعطاهم سلطاناً أن يصيروا أبناء الله، هم الذين، لا من دم ولا من رغبة جسد، ولا من مشيئة رجل، بل من الله ولدوا" (يو1/9،12،13). هذه الكنيسة هي "مملكة داود" الجديدة التي وعد بها الله على لسان ناتان في ما قاله لداود الملك: "أقيم من يخلفك من نسلك الذي يخرج من صلبك وأنا أثبّت عرشه ملكه للأبد. أنا أكون له أباً وهو يكون لي ابناً"(2صموئيل7/12-14)، وعلى لسان أشعيا النبي: "الشعب السالك في الظلمة أبصر نوراً عظيماً... لأنه ولد لنا ولد وأعطيَ لنا ابن، فصارت الرئاسة على كتفه... لسلام لا انقضاء له على عرش داود ومملكته، ليقرّها ويوطدها بالحق والبر من الآن وللأبد" (اشعيا9/1و5و6). يسوع المسيح ابن الله المتجسد هو الملك الجديد الأبدي، والكنيسة مملكته الثابتة الى الأبد التي "لن تقوى عليها أبواب الجحيم" (متى 16/18)، أي قوى الشر والموت. والكنيسة هي "بيت يعقوب" الجديد أي شعب الله الجديد. فالله قديماً سمى يعقوب "إسرائيل"، شعب الله القديم، الذي بدأ رحلته في مصر بسبب يوسف ابن يعقوب الذي أصبح حارس كنوز فرعون ملك مصر، وكان قد باعه إخوته حسداً. الكنيسة بعنصريها : الإلهي، فيسوع المسيح ابن الله منذ الأزل وابن مريم في الزمن الذي هو رأسها، والبشري، وجماعة المفتدين الذين يؤلفون جسده، هي زرع ملكوت الله وبدايته الذي يكتمل في مجد السماء، في نهاية الأزمنة عندما يأتي المسيح بالمجد (الدستور العقائدي في الكنيسة 5و48؛ التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية، 768). مريم أم الإله الفادي هي أيضاً أم الأعضاء الذين هو رأسهم، بسبب مساهمتها بحبها في ولادتهم الجديدة (الدستور العقائدي في الكنيسة، 53)، وهي بالتالي أم الكنيسة (البابا بولس السادس خطاب 21 ت2 1964). ج- البشارة لمريم هي بشرى للكنيسة وللبشرية جمعاء : بأنها ستكون أم الإله المتجسد، المسيح التاريخي، وأم أعضاء جسده السري الذي هو الكنيسة، المسيح الكلي. لهذا السبب حياها جبرائيل بسلام الفرح والتغبيط: "السلام عليك! افرحي! ولا تخافي! لأنك نلتِ حظوة عند الله" (لو1/28 و30) هذه الحظوة هي للبشرية بأسرها لأنها تحظى بعهد الفداء الشامل، ومريم بشرف الأمومة للإله وللكنيسة، بعد أن ملأها الله نعمة، تفيض منها وبواسطتها على البشرية جمعاء، بوصفها شريكة في التّجسد والفداء. ولهذا السبب لم يسمّها الملاك باسمها عندما حياها بل سماها "ممتلئة نعمة" وتكشف هذه التسمية سرّ مريم: - إنها بريئة من دنس الخطيئة الأصلية، ذلك أن النعمة الإلهية ملأتها منذ اللحظة الأولى لوجودها، فلم تعرف الخطيئة، لا الأصلية ولا الفعلية. - إنها بتول وأم، وظلت بتولاً قبل الميلاد وفيه وبعده، بفعل قدرة الله التي استقرت عليها بحلول الروح القدس، هذا ما شرحه لها الملاك بعد أن قال لها "الرب معك" مؤكداً واقعاً حاضراً فيها، لا مجرد دعاء. وبذلك هي مثال الأمومة والأبوة الروحية للذين واللواتي يكرسون بتوليتهم لله وللكنيسة بنذر العفة سواء في الحياة الرهبانية أم في العالم. - إنها مثال الكنيسة، الأم والبتول (الدستور العقائدي في الكنيسة، 63)، وقدوة لها في الإيمان والمحبة، بفضل اتحادها الكامل بإرادة الآب، وبعمل فداء الابن، والهامات الروح القدس (التعليم المسيحي، 967). - إنها أيقونة الكنيسة النهيوية، إذ تكشف ما ستصير الكنيسة في الوطن السماوي، في نهاية رحلتها على وجه الأرض (المرجع نفسه، 976). - إنها مثال لكل مسؤول يحمل سلطة كنسية أم عائلية أم مدنية، فيدرك أن "لا سلطة إلاّ من الله" (روم13/1)، وان صاحب السلطة هو خادم الله لدى الجماعة، يلتزم العمل بموجب ما يوحيه الله له للخير العام :"أنا أمة الرّب، فليكن لي حسب قولك" (لو1/38). 2- العائلة المسيحية البشارة لمريم التي يدخل من خلالها ابن الله وفادي الإنسان عائلة يوسف ومريم، مولوداً بالجسد بقوة الروح القدس، تكشف كرامة الأسرة البشرية وطهارة الحب الزوجي وقدسية العائلة، لحضور الله الثالوث فيها: "محبة الآب القديرة تظللك، والروح القدس يحل عليك، والمولود منك قدوس وابن الله يدعى" (لو1/35). الأسرة النابعة من سرّ الزواج، هي حقاً "كنيسة بيتية"."دليل التفكير" الذي يختصر مواضيع المجمع البطريركي الأربعة والعشرين يخصص العائلة بالنص العاشر ويتناولها في أربعة وجوه. أ - العائلة والحياة البشرية : إنها حرمها ومقدسها. فكل حياة بشرية هبة من الله، وتحمل طابعاً مقدساً. وهي من اللحظة الأولى لتكوينها في أحشاء الأم كائن بشري كامل الحقوق وصاحب فرادة في شخصيته ودعوته ورسالته، إذا لم يوضع حدّ لتطوره الطبيعي البيولوجي، وإذا حظي بتربية بيتية وكنسية واجتماعية سليمة. لوحة البشارة خير دليل ونموذج لهذا الواقع. الأسرة هي مدرسة ثقافة الحياة التي تشجب وتدين كل تعدٍ على الحياة البشرية سواء بوسائل منع الحمل أو الحبوب المجهضة أم بالإجهاض، وكلّ تعدٍ عليها وعلى كرامتها وحقوقها وسلامتها الروحية والجسدية والمعنوية، بعد ولادتها. ب - العائلة وتربية الضمير المسؤول: إنها المربي الأول للإنسان في ضميره الخلقي المسؤول، بحيث يربى على حسن التمييز بين الخير والشر، الحق والباطل. الضمير كالغرسة. إذا استقامت تربيته كانت أخلاقه سليمة في كبره، لأن من شبّ على أمر شاب عليه. هكذا الغرسة إذا زرعت مستقيمة نمت كذلك وإلاّ استمرت على انحرافها. ج - العائلة والنمو الروحي والاجتماعي والرعوي والوطني، لأن فيها يحاك أول نسيج لعلاقات الإنسان بالله والمجتمع والكنيسة والوطن، وفيها يعاش أول اختبار لتقاسم الخبرات معهم. هذا النمو مرتبط بالطاعة للوالدين اللذين يربيان على "النمو بالقامة والنعمة والحكمة قدام الله والناس" كما جرى ليسوع في عائلة الناصرة (لو 2/51-52). د - العائلة والتنشئة الروحية والإيمانية، لأنها المدرسة الأولى للإيمان، حيث نقبل بشرى الإنجيل وتعلن، ولأنها المعبد الأول للصلاة، ولأنها الكنيسة الأولى حيث يدخل الإنسان في شركة مع الله ومع الناس. إنّ الكنيسة الرعائية تبدأ في البيت، حيث تلتئم الأسرة للصلاة، وتبلغ إليه لتجسّد تعليمها ونعمتها في أفراد الأسرة، ومن خلالهم في المجتمع. يستعرض "دليل التفكير" واقع العائلة اليوم في ما تواجه من صعوبات اقتصادية واجتماعية وخلقية. ثم يطرح سلسلة من الأسئلة حول مسؤولية الكنيسة والمجتمع والدولة تجاه العائلة، لكي تتمكن من المحافظة على قيامها ورسالتها، ومن البقاء في الوطن خميرة صالحة في عجينه. الخاتمة : نصلي معاً ومع كل عائلة زر يا رب بحبك عائلتنا المجتمعة أمامك، واجعلها كنيسة مصغّرة بيتية، تشهد لك. أبعد عنها كل خلاف. رسّخها في الإيمان والرجاء والمحبة. احمها من المصائب. قوّها في الشدائد. وحّدها برباط المحبة والسلام. وأعطها قوة روحك فنكون حجارة حية في بناء كنيستك. لك المجد إلى الأبد. آمين |
||||
23 - 10 - 2014, 05:09 PM | رقم المشاركة : ( 6642 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
عيد بشارة العذراء مريم هو عيد للسيد ولوالدة الإله إنه عيد للسيد لأن المسيح هو مَن حُبل به في رحم العذراء وهو عيد لوالدة الإله لأنه يشير إلى الشخص الذي ساعد في حمل كلمة الله وتجسده أي مريم العذراء الكلية القداسة وهاهو ذا الملاك يزور العذراء بأمر من الله مبشراً اياها بأن أوان تجسد كلمة الله منها قد آن وأنها سوف تكون أمّه (أنظر لوقا 26:1-56). رئيس الملائكة نادى العذراء مريم بالممتلئة نعمة قائلاً: "أَلسَّلامُ عَلَيْكِ، يَا مَمْلُوءَةً نِعْمَة، أَلرَّبُّ مَعَكِ مباركة أنتِ في النساء" هذه هي تحية الملاك جبرائيل للعذراء ، فكلمة سلام تشير للفرح وأن الله ملأها من كل نعمة وما أعظم هذه النعمة أن يتحد في بطنها لاهوت المسيح مع ناسوته، إتحاد الإنسان بالله، والجسد بالكلمة ولا يتكلّمُ الملاكُ هنا عن أن الرب سيكون معها في وقتٍ لاحقٍ، بل يقول عن حالةٍ حاضرةٍ وهي أن الربَّ معها الآن ﴿ الرب معكِ ﴾ ولم يكتفِ بهذا القول، بل لم يستطع أن يضبط لسانه عن مديحها فقال لها: ﴿ مُبارَكَةٌ أنْتِ في النِّساءِ ﴾ وذلك تعظيماً منه للقديسة مريم التي فاقت على كثيرين في طهارتها وقداستها فصارت مبارَكةً في النساء. ليس لأن غيرها من النساء لم يتقدّسن، بل لأنها فاقت في القداسة عليهِنَّ واستحقت وحدها أن تكون أُمّاً للخالق فتحمل كلمة الله في أحشائها و تقدم له جسدها و دمها . ﴿ فَٱضْطَربَتْ مَرْيَمُ لِكَلامِهِ، وأَخَذَتْ تُفَكِّرُ مَا عَسَى أَنْ يَكُونَ هذَا السَّلام ! ﴾ وهنا نرى القديسة مريم تَحتارُ من كلام الملاك وتضطرب، وهذا هو شعور كل القديسين الذي يبلغون كمال القداسة ويخشون من المديح الذي يقدّمه الآخرون لهم خشية أن يُغَرِّر بهم الشرير فيفقدون نعمة التواضع بالكبرياء فرآها الملاكُ وقد رغبت في صَدِّ أذنيها عن سماع هذا الإطراء. فاستدرك نفسَه، لأنه يعرف شعور القديسين، وقال لها: ﴿ لا تَخافي يا مَرْيَمُ لأَنَّكِ قدْ وَجَدْتِ نِعْمَةً عِندَ الله ﴾ لا تخافي من كلامي، وإنما أنا أعجز عن ضبط لساني لمعرفتي بحالِكِ وما أنتِ عليه من قداسةٍ وأنا آتٍ إليكِ بهذا الخبر: ﴿ وها أَنْتِ سَتَحْبَلينَ وتَلِدينَ ابناً وتُسَمّينَهُ يَسوعَ. هذا يكونُ عَظيماً وابْنُ العَلِيِّ يُدْعَى ويُعْطيهِ الرَّبُّ الإِلَهُ كُرْسِيَّ داوُدَ أَبيهِ. ويَمْلِكُ على بَيْتِ يَعقوبَ إلى الأبَدِ ولا يَكونُ لِمُلْكِهِ نِهايَةٌ ﴾ هذا الخبر الذي أتى به الملاك ليس بسيطاً وهو عسر الفَهم، إذ يقول أنها 1) سوف تحبل، 2) ستلد ابناً. ثم يعطي صفات هذا الابن المولود منها: أوَّلُها أنّه سيكون عظيماً ويسمّيه الناس ابن العليّ، أي ابن الله، لأن أصله إلهيٌّ رغم أنه منظورٌ كإنسانٍ. فهو ابن الله، بمعنى أنه يحمل الجوهر الإلهيّ. ثم يُكمل في رسم عظمته على الناس فيصوِّر لها أنه سيملك على شعب الله، على المؤمنين. كما يقول المزمور: "أمّا الله فهو ملكنا قبل الدهور، صَنَعَ الخلاص في وسط الأرض" (مزامير 12:75). أمام هذا الكلام قامت مريم تختبر صحة رسالة الملاك ومصدرها فقالت له: ﴿ كيف يكون هذا وأنا لست أعرف رجلاً؟ ﴾ أو بمعنى آخر: إن كنتَ رسول الله إليَّ، ألا يعلم الله ببتوليتي وأنني رغم إقامتي مع رجل فإنني لا أقيم معه علاقة جسدية، وأنا لا أعرف الرجال. فكيف سيكون حَبَلٌ مِن غير رجل؟ لأنه من المستحيل أن يُغّيِّرَ الله مقصد البتول مريم التي نذرت عذريتها، وهو الذي أعطى الناس ملء الحرية ويحترم حريتهم إلى أبعد الحدود. هنا أجابها الملاك، وهو يفهم ما تقول وكأنه يطمئنها، لأنه يعرف علاقتها بالله وعذريتها وحياتها المقدّسة وكل شيء، ويؤكد لها أن ما يقوله لا يعني أنّ الذي ستحبل به وتلده سيكون من إنسانٍ بل بالروح القدس لهذا قال: ﴿ الرُّوحُ القُدُسُ يَحِلُّ عَليكِ وقُوَّةُ العَلِيِّ تُظَلِّلُكِ ﴾ أي أنا أتكلّم عن حَبَلٍ من غير رجلٍ، "فلِذلِكَ أيضاً القُدُّوسُ المَوْلودُ مِنْكِ يُدْعَى ابنَ اللهِ". لأن الآتي ليدخل أحشاءك هو القدوس السماوي، والحبل ليس من إنسانٍ، لهذا ﴿ فالمَولودُ مِنْكِ يُدْعَى ابنَ اللهِ ﴾ أمام هذا الأعلان أحنت مريم العذراء رأسها بالطاعة لتقول : ﴿ هوذا أنا أمة الرب ليكن لى كقولك ﴾ ( لو 1 : 38 ). وهنا نجد أنه بالطاعة وحدها استطاعت أمنا مريم أن تخضع منطقها البشري لمنطق ارادة الله لقد تم الحبل بالمسيح في رحم مريم بصمت وسريّة وليس بجلبة وضجيج. ولم يكن أحد لا من الناس ولا الملائكة ليفهم هذه الأمور العظيمة التي كانت تجري. لقد تنبأ النبي العظيم داود بهذا الحدث قائلاً: "ينزل مثل المطر على الجزاز ومثل الغيوث الذارفة على الأرض" (مزمور 6:71). تماماً كما أن المطر الذي ينحدر على الزجاج لا يسبب أي صوت وأي فساد، الشيء نفسه تمّ خلال البشارة والحبَل. لم يسبب المسيح بالحبل به أي تشويش وفساد لعذرية العذراء مريم. لهذا السبب بقيت العذراء مريم عذراء قبل الولادة وفي الولادة وبعدها. هذه هي النجمات الثلاث التي يضعها رسّامو الأيقونات دائماً على جبين العذراء مريم وعلى كتفيها. كما عبر عن ذلك أحد القديسين بقوله : خروجك من أمك خروج النور من الزجاج لا عيب فيهِ ولا فساد إن الحمل بالمسيح وحمله في الرحم وولادته هي كلها بلا جهد ولا ألم ولا لذة. إذاً المسيح حُبل به، وحُمل في الرحم كطفل ووُلد من دون لذة، من دون كدح ومن دون ألم. لقد حُبل به من غير زرع لسببين أساسيين: الأول ليحمل طبيعة البشر الصافية والثاني ليولد من دون فساد وبطريقة لا ألم فيها. و هاهي العذراء تعطي مستودعها و دمها للمسيح و لكنه يعطيها ايضا بركته و يملؤها بفيض النعمة فالمسيح مع كونه محمولاً في الرحم لم ينقطع عن كونه في الوقت نفسه جالساً على عرش الآب متحداً بهِ وبالروح القدس ::: تأمّل ::: ( لو 1 : 26-38) إفتح قلبك واختار في سكون تلك الليلة الأخيرة من العهد القديم، قُرِعَ باب مريم وهي في صمتها المصلّي، وبكلّ هدوءِ ولطافة كلّمها الله بملاكه جبرائيل، مبادراً إليها بسلامٍ مقدّس لم يعتد على سماعه أيٌّ من البشر: " افرحي يا من اختارها الله و ملأها من كلِّ نعمة , الرب معكِ يا مباركة بين كلَّ نساء الأرض " فاضطربت مريم لتلك الكلمات، فطمأنها الملاك وهدّأ من خوفها وأدخلها في لقاء حميم مع الآب مخاطباً إيّاها باسمها : "لا تخافي يا مريم" فإنّ العلّيّ يعرفك حقّ المعرفة كما يعرف مكنونات و طهر قلبك لذا قد " نلت حظوة في عينيه " . ثمّ أطلعها على الدعوة الخلاصيّة الكاملة التي اختارها لها: أمومتها ليسوع. وقبل أن يفصح عن هويّة الذي "سيولد منها"، ردّد أمامها ما تعرفه عن الوعد والإَله المُنْتَظَرْ، رجاء شعب العهد القديم المُنَتظِرِ الخلاص، مؤكّداً على وفائه له وعلاقته به. بعدها كشف لها عن سرّه: "إنّ المولود منك هو قدّوس وابن العليّ يُدعى" وذلك بحلول الروح القدس في حشاها الطاهر... عندها أتت ال"نعم" الكاملة لبدءِ مسيرة تجديد خلاصيّة على مدى السنين والأجيال. بذلك أصبحت مريم شريكة الخالق بإيجاد بشريّة جديدة مخلّصة بفعل إيمانها وقبولها لإرادته واستسلامها له بكلّ حرّية ورضا. كما اصغت مريم، بإرادتها الحُرّة فلنصغِ نحن أيضاً إلى الله يهمس برقّة في أعماق قلوبنا لدعوةٍ ملؤها الحبّ والإحترام لشخصنا. فلا تجزع أن تأخذ وقتك للإختيار كما حصل مع مريم في حوارها مع الملاك، وبما أنّ الله يحترم مُرادك، فإنّه لا يريدك أن تنجرف بالعاطفة، بل أن تُحَكّم عقلك وتكون طيّع الإرادة؛ يريدك أن تختار الأفضل بإيمان ذكيّ وحبّ كبير وبهجة مقدّسة. أكرّر وأقول بأنّه يحترم مسلكك ويصبر، معطياً إيّاك الوقت الكافي كي تصل إلى ال"نعم" التي يدعوك إليها بحسب شخصك و وزناتك: إنّه طويل الأناة و كثير الحبّ , إنّه يستطيع الإنتظار . كما حصل مع مريم، هكذا معك أيضاً.الروح القدس ينحت في حياتك وجه المسيح كي يجدّدك فلا تكن حجراً عنيداً يصعب تهذيبه. انت تضطرب أحياناً وتتساءل عن أمور لا تفهمها في حياتك، وربّما تشعر بالإنزعاج حين تُدْعى، عن غير رغبةٍ منك، إلى تغيير مسلكيّتك واختيار طريق لا تتوقّعه... عندها لا تخف القبول بإيمان وغبطة، لأنّ الله يكون قد التفت إليك واختارك لمشروع يخصّك ثمّ اصبر فإنّ كلّ شىءٍ سيبقى جلياً، وما يحمله إليك القدّوس ليس هو إلاّ الخير لصالحك كُلَّ الأَشْيَاءِ تَعْمَلُ مَعًالِلْخَيْرِلِلَّذِينَيُحِبُّونَاللهَ |
||||
23 - 10 - 2014, 05:11 PM | رقم المشاركة : ( 6643 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
أحد بشارة العذراء رسالة القدّيس بولس إلى أهل غلاطية ٣، ١٥ - ٢٢ أَيُّهَا الإِخْوَة، كَبَشَرٍ أَقُول: إِنَّ الوَصِيَّة، وإِنْ كَانَتْ مِنْ إِنْسَان، إِذَا أُقِرَّتْ، لا أَحَدَ يُبْطِلُهَا أَو يَزِيدُ عَلَيْهَا. فالوُعُودُ قِيْلَتْ لإِبْراهِيمَ وَلِنَسْلِهِ. ومَا قِيْلَتْ: «ولأَنْسَالِهِ»، كأَنَّهُ لِكَثِيرِين، بَلْ «وَلِنَسْلِكَ»، كَأَنَّهُ لِوَاحِد، وهُوَ الـمَسِيح! فأَقُولُ هـذَا: إِنَّ وَصِيَّةً سَبَقَ اللهُ فأَقَرَّهَا، لا تُلْغِيهَا شَرِيعَةٌ جَاءَتْ بَعْدَ أَرْبَعِ مِئَةٍ وثَلاثِينَ سَنَة، فَتُبْطِلُ الوَعْد. وإِذَا كَانَ الـمِيرَاثُ مِنَ الشَّرِيعَة، فَهُوَ لَمْ يَعُدْ مِنَ الوَعْد؛ والـحَالُ أَنَّ اللهَ بِوَعْدٍ أَنْعَمَ بِالـمِيرَاثِ على إِبرَاهِيم. إِذًا فَلِمَاذَا الشَّرِيعَة؟ إِنَّهَا أُضِيفَتْ بَسَبَبِ الْمَعَاصِي، حَتَّى مَجيءِ النَّسْلِ الَّذي جُعِلَ الوَعْدُ لَهُ. وقَدْ أَعْلَنَهَا مَلائِكَةٌ على يَدِ وَسِيطٍ، هُوَ مُوسى. غيرَ أَنَّ الوَاحِدَ لا وَسيطَ لَهُ، واللهُ واحِد! إِذًا فَهَلْ تَكُونُ الشَّرِيعَةُ ضِدَّ وُعُودِ الله؟ حاشَا! فَلَو أُعْطِيَتْ شَرِيعَةٌ قَادِرَةٌ أَنْ تُحْيي، لَكَانَ التَّبْرِيرُ حَقًّا بِالشَّرِيعَة. ولـكِنَّ الكِتَابَ حَبَسَ الكُلَّ تَحْتَ الـخَطِيئَة، لِكَيْمَا بالإِيْمَانِ بيَسُوعَ الـمَسِيحِ يُعْطَى الوَعْدُ للَّذِينَ يُؤْمِنُون. إنجيل القدّيس لوقا ١، ٢٦ - ٣٨ وفي الشَّهْرِ السَّادِس، أُرْسِلَ المَلاكُ جِبْرَائِيلُ مِنْ عِنْدِ اللهِ إِلى مَدِينَةٍ في الجَلِيلِ ٱسْمُهَا النَّاصِرَة، إِلى عَذْرَاءَ مَخْطُوبَةٍ لِرَجُلٍ مِنْ بَيْتِ دَاودَ ٱسْمُهُ يُوسُف، وٱسْمُ العَذْرَاءِ مَرْيَم. ولَمَّا دَخَلَ المَلاكُ إِلَيْهَا قَال: «أَلسَّلامُ عَلَيْكِ، يَا مَمْلُوءَةً نِعْمَة، أَلرَّبُّ مَعَكِ!». فَٱضْطَربَتْ مَرْيَمُ لِكَلامِهِ، وأَخَذَتْ تُفَكِّرُ مَا عَسَى أَنْ يَكُونَ هذَا السَّلام! فقَالَ لَهَا المَلاك: «لا تَخَافِي، يَا مَرْيَم، لأَنَّكِ وَجَدْتِ نِعْمَةً عِنْدَ الله. وهَا أَنْتِ تَحْمِلينَ، وتَلِدِينَ ٱبْنًا، وتُسَمِّينَهُ يَسُوع. وهُوَ يَكُونُ عَظِيمًا، وٱبْنَ العَليِّ يُدْعَى، ويُعْطِيهِ الرَّبُّ الإِلهُ عَرْشَ دَاوُدَ أَبِيه، فَيَمْلِكُ عَلى بَيْتِ يَعْقُوبَ إِلى الأَبَد، ولا يَكُونُ لِمُلْكِهِ نِهَايَة!». فَقالَتْ مَرْيَمُ لِلمَلاك: «كَيْفَ يَكُونُ هذَا، وأَنَا لا أَعْرِفُ رَجُلاً؟». فأَجَابَ المَلاكُ وقالَ لَهَا: «أَلرُّوحُ القُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ، وقُدْرَةُ العَلِيِّ تُظَلِّلُكِ، ولِذلِكَ فٱلقُدُّوسُ ٱلمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ٱبْنَ ٱلله! وهَا إِنَّ إِلِيصَابَاتَ نَسِيبَتَكِ، قَدْ حَمَلَتْ هيَ أَيْضًا بٱبْنٍ في شَيْخُوخَتِها. وهذَا هُوَ الشَّهْرُ السَّادِسُ لِتِلْكَ الَّتي تُدْعَى عَاقِرًا، لأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى ٱللهِ أَمْرٌ مُسْتَحِيل!». فقَالَتْ مَرْيَم: «هَا أَنا أَمَةُ الرَّبّ، فَلْيَكُنْ لِي بِحَسَبِ قَوْلِكَ!». وٱنْصَرَفَ مِنْ عِنْدِها المَلاك. الاثنين من أسبوع بشارة العذراء رسالة القدّيس بولس إلى أهل غلاطية ٣، ١ - ٦أَيُّها الغَلاطِيُّونَ الأَغْبِيَاء، مَنْ سَحَرَكُم، أَنْتُمُ الَّذين رُسِمَ أَمَامَ عُيُونِكُم يَسُوعُ الـمَسيحُ مَصْلُوبًا؟ أُريدُ أَنْ أَعْرِفَ مِنْكُمْ هـذَا الأَمرَ فَقَط: أَمِنْ أَعْمَالِ الشَّرِيعَةِ نِلْتُمُ الرُّوح، أَمْ مِنْ سَمَاعِ الإِيْمَان؟ أَهـكَذَا أَنْتُم أَغْبِيَاء؟ أَبَعْدَمَا بَدَأْتُمْ بِالرُّوح، تُكَمِّلُونَ الآنَ بِالـجَسَد؟ هَلِ ٱحْتَمَلْتُم كُلَّ تِلْكَ الآلامِ عَبَثًا؟ هذَا إِنْ كانَ عَبَثًا! فالَّذي يَمْنَحُكُمُ الرُّوح، ويَعمَلُ فيكُمُ الأَعْمَالَ القَدِيرَة، أَمِنْ أَعْمَالِ الشَّرِيعَةِ يَفْعَلُ ذَلِكَ، أَمْ مِنْ سَمَاعِ الإِيْمَان؟ هـكَذَا إِبرَاهِيم: «آمَنَ بِالله، فَحُسِبَ لَهُ ذَلِكَ بِرًّا». إنجيل القدّيس لوقا ١١، ٢٧ - ٣٢ وَفيمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ بِهذَا، رَفَعَتِ ٱمْرَأَةٌ مِنَ الجَمْعِ صَوْتَها، وَقَالَتْ لَهُ: «طُوبَى لِلْبَطْنِ الَّذي حَمَلَكَ، وَلِلثَّدْيَينِ اللَّذَينِ رَضِعْتَهُمَا!». أَمَّا يَسُوعُ فَقَال: «بَلِ ٱلطُّوبَى لِلَّذينَ يَسْمَعُونَ كَلِمَةَ اللهِ وَيَحْفَظُونَها!». وفيمَا كانَ الجُمُوعُ مُحْتَشِدِين، بَدَأَ يَسُوعُ يَقُول: «إِنَّ هذَا الجِيلَ جِيلٌ شِرِّير. إِنَّهُ يَطْلُبُ آيَة، وَلَنْ يُعْطَى آيَةً إِلاَّ آيَةَ يُونَان. فكَمَا كَانَ يُونانُ آيَةً لأَهْلِ نِينَوى، كَذلِكَ سَيَكُونُ ٱبْنُ الإِنْسَانِ لِهذَا ٱلجِيل. مَلِكَةُ الجَنُوبِ سَتَقُومُ في الدَّيْنُونَةِ مَعَ رِجَالِ هذا الجِيلِ وَتَدِينُهُم، لأَنَّها جَاءَتْ مِنْ أَقَاصِي الأَرْضِ لِتَسْمَعَ حِكْمَةَ سُلَيْمَان، وَهَا هُنَا أَعْظَمُ مِنْ سُلَيْمَان. رِجَالُ نِينَوى سَيَقُومُونَ في الدَّيْنُونَةِ مَعَ هذا الجِيلِ وَيَدِينُونَهُ، لأَنَّهُم تَابُوا بِإِنْذَارِ يُونَان، وَهَا هُنَا أَعْظَمُ مِنْ يُونَان. الثلاثاء من أسبوع بشارة العذراء رسالة القدّيس بولس الأولى إلى أهل غلاطية ٣، ٧ - ١٤ فَٱعْلَمُوا إِذًا أَنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنَ الإيْمَانِ هُمْ أَبْنَاءُ إِبرَاهِيم. وَبِمَا أَنَّ الكِتَابَ سَبَقَ فرَأَى أَنَّ اللهَ سيُبَرِّرُ الأُمَمَ بالإِيْمَان، سَبَقَ فبَشَّرَ إِبْراهِيمَ قائِلاً: «فِيكَ تَتَبَارَكُ جَمِيعُ الأُمَم». إِذًا فالَّذِينَ هُمْ مِنَ الإِيْمَانِ يتَبَارَكُونَ مَعَ إِبْرَاهِيمَ الـمُؤْمِن. فجَميعُ الَّذِينَ هُمْ مِنْ أَعْمَالِ الشَّرِيعَةِ هُم تَحْتَ اللَّعْنَة، لأَنَّهُ مَكْتُوب: «مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ لا يَثْبُتُ عَلى العَمَلِ بكُلِّ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ في الشَّرِيعَة!». ووَاضِحٌ أَنَّهُ مَا مِنْ أَحَدٍ يُبَرَّرُ بِالشَّرِيعَةِ أَمَامَ الله، لأَنَّ «البَارَّ بالإِيْمَانِ يَحْيَا». ولَيْسَتِ الشَّرِيعَةُ مِنَ الإِيْمَان، بَلْ إِنَّ «مَنْ يَعْمَلُ بِأَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ يَحْيَا بِهَا». فَالـمَسِيحُ ٱفْتَدَانَا مِنْ لَعْنَةِ الشَّرِيعَة، إِذْ صَارَ لَعْنَةً مِنْ أَجْلِنَا، لأَنَّهُ مَكْتُوب: «مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ عُلِّقَ عَلى خَشَبَة!». وذَلِكَ لِكَيْ تَصِيرَ بَرَكَةُ إِبْرَاهيمَ إِلى الأُمَمِ في الـمَسِيحِ يَسُوع، فَنَنَالَ بِالإِيْمَانِ الرُّوحَ الـمَوعُودَ بِهِ. إنجيل القدّيس متّى ١١، ٢٥ - ٣٠ في ذلِكَ الوَقْتِ أَجَابَ يَسُوعُ وقَال: «أَعْتَرِفُ لَكَ، يَا أَبَتِ، رَبَّ السَّمَاءِ والأَرْض، لأَنَّكَ أَخْفَيْتَ هذِهِ الأُمُورَ عَنِ الحُكَمَاءِ والفُهَمَاء، وأَظْهَرْتَها لِلأَطْفَال! نَعَمْ، أَيُّها الآب، لأَنَّكَ هكَذَا ٱرْتَضَيْت! لَقَدْ سَلَّمَنِي أَبي كُلَّ شَيء، فَمَا مِنْ أَحَدٍ يَعْرِفُ ٱلٱبْنَ إِلاَّ الآب، ومَا مِنْ أَحَدٍ يَعْرِفُ الآبَ إِلاَّ ٱلٱبْن، ومَنْ يُرِيدُ ٱلٱبْنُ أَنْ يُظْهِرَهُ لَهُ. تَعَالَوا إِليَّ يَا جَمِيعَ المُتْعَبِينَ والمُثْقَلِينَ بِالأَحْمَال، وأَنَا أُريْحُكُم. إِحْمِلُوا نِيْري عَلَيْكُم، وكُونُوا لي تَلاميذ، لأَنِّي وَدِيعٌ ومُتَواضِعُ القَلْب، فَتَجِدُوا رَاحَةً لِنُفُوسِكُم. أَجَل، إِنَّ نِيْري لَيِّن، وحِمْلي خَفِيف!». الأربعاء من أسبوع بشارة العذراء رسالة القدّيس بولس إلى أهل غلاطية ٣، ٢٣ - ٢٩ فَقَبْلَ أَنْ يَأْتيَ الإِيْمَان، كُنَّا مُحْتَجَزِينَ مَحبُوسِينَ تَحْتَ الشَّرِيعَة، إِلى أَنْ يُعْلَنَ الإِيْمَانُ الـمُنْتَظَر. إِذًا فَالشَّرِيعَةُ كَانَتْ لَنَا مُؤَدِّبًا يَقُودُنَا إِلى الـمَسِيح، لِكَيْ نُبَرَّرَ بِالإِيْمَان. فَلَمَّا أَتَى الإِيْمَان، لَمْ نَعُدْ تَحْتَ مُؤَدِّب؛ لأَنَّكُم جَمِيعًا أَبْنَاءُ اللهِ بَالإِيْمَان، في الـمَسِيحِ يَسُوع. فأَنْتُم جَمِيعَ الَّذِينَ ٱعْتَمَدْتُم في الـمَسِيحِ قَدْ لَبِسْتُمُ ٱلـمَسِيح. فلا يَهُودِيٌّ بَعْدُ ولا يُونَانِيّ، لا عَبْدٌ ولا حُرّ، لاَ ذَكَرٌ ولا أُنْثَى، فإِنَّكُم جَمِيعًا وَاحِدٌ في الـمَسِيحِ يَسُوع. فَإِنْ كُنْتُم لِلمَسِيح، فأَنْتُم إِذًا نَسْلُ إِبْراهِيم، ووَارِثُونَ بِحَسَبِ الوَعْد. إنجيل القدّيس متى١٣، ٥٤ - ٥٨ وأَتَى إِلى النَّاصِرَةَِ بَلْدَتِهِ، فَأَخَذَ يُعَلِّمُ في مَجْمَعِهِم حَتَّى بُهِتُوا وقَالُوا: «مِنْ أَيْنَ لَهُ هذِهِ الحِكْمَةُ وهذِهِ الأَعْمَالُ القَدِيْرَة؟ أَلَيْسَ هذَا ٱبْنَ النَّجَّار؟ أَلا تُدْعَى أُمُّهُ مَرْيَم، وإِخْوَتُهُ يَعْقُوبَ ويُوسِي، وسِمْعَانَ ويَهُوذَا؟ أَلَيْسَتْ جَمِيْعُ أَخَوَاتِهِ عِنْدَنَا؟ فَمِنْ أَيْنَ لَهُ كُلُّ هذَا؟». وكَانُوا يَشُكُّونَ فِيه. أَمَّا يَسُوعُ فَقَالَ لَهُم: «لا يَكُونُ نَبِيٌّ بِلا كَرَامَةٍ إِلاَّ في بَلْدَتِهِ وفي بَيْتِهِ». ولَمْ يَصْنَعْ هُنَاكَ أَعْمَالاً قَدِيْرَةً كَثِيْرَةً لِعَدَمِ إِيْمَانِهِم بِهِ. الخميس من أسبوع بشارة العذراء رسالة القدّيس بولس إلى أهل غلاطية ٤ ،١ - ٧ وأَقُول: إِنَّ الوَارِثَ، مَا دَامَ قَاصِرًا، لا يَخْتَلِفُ عنِ العَبْدِ بِشَيء، معَ أَنَّهُ سَيِّدٌ على كُلِّ شَيء. لـكِنَّهُ يَبقَى تَحْتَ الأَوْصِيَاءِ وَالوُكَلاء، إِلى الوَقْتِ الَّذي حَدَّدَهُ الأَب. وهـكَذَا نَحْنُ أَيْضًا: لَمَّا كُنَّا قَاصِرِين، كُنَّا مُسْتَعْبَدِينَ تَحْتَ أَركَانِ العَالَم. ولـكِنْ، لَمَّا بَلَغَ مِلْءُ الزَّمَان، أَرْسَلَ اللهُ ٱبْنَهُ مَولُودًا مِنِ ٱمْرَأَة، مَولُودًا في حُكْمِ الشَّرِيعَة، لِكَي يَفْتَدِيَ الَّذِينَ هُم في حُكْمِ الشَّريعَة، حتَّى نَنَالَ التَّبَنِّي. والدَّليلُ على أَنَّكُم أَبْنَاء، هُوَ أَنَّ اللهَ أَرْسَلَ إِلى قُلُوبِنَا رُوحَ ٱبْنِهِ صَارِخًا: «أَبَّا، أَيُّهَا الآب!». فأَنْتَ إِذًا لَمْ تَعُدْ عَبْدًا، بَلْ أَنْتَ ٱبْنٌ، وإِذَا كُنْتَ ٱبْنًا، فأَنْتَ أَيْضًا وَارِثٌ بِنِعْمَةِ الله. إنجيل القدّيس متى ١٢، ٤٦ - ٥٠ وفيمَا يَسُوعُ يُكَلِّمُ الجُمُوع، إِذَا أُمُّهُ وإِخْوَتُهُ قَدْ وَقَفُوا في الخَارِجِ يَطْلُبُونَ أَنْ يُكَلِّمُوه. فقَالَ لَهُ أَحَدُهُم: «هَا إِنَّ أُمَّكَ وإِخْوَتَكَ واقِفُونَ في الخَارِجِ يَطْلُبُونَ أَنْ يُكَلِّمُوك». فَأَجَابَ يَسُوعُ وقالَ لِمُكَلِّمِهِ: «مَنْ أُمِّي ومَنْ إِخْوَتي؟». وأَشَارَ بِيَدِهِ إِلى تَلاميذِهِ وقَال: «هؤُلاءِ هُمْ أُمِّي وإِخْوَتي! لأَنَّ مَنْ يَعْمَلُ مَشِيئَةَ أَبي الَّذي في السَّمَاواتِ هُوَ أَخي وأُخْتِي وأُمِّي!» الجمعة من أسبوع بشارة العذراء رسالة القدّيس بولس إلى أهل غلاطية ٤، ٨ - ١٢ ولـكِنَّكُم، حِينَ كُنْتُم لا تَعْرِفُونَ الله، عَبَدْتُمْ مَنْ لَيْسُوا بِطَبِيعَتِهِم آلِهَة. أَمَّا الآن، وقَدْ عَرَفْتُمُ الله، بَلْ بالأَحْرَى عَرَفَكُمُ الله، فَكَيْفَ تَرْجِعُونَ إِلى الأَركَانِ الـهَزِيلَةِ والـحَقِيرَة، الَّتي تُرِيدُونَ مِنْ جَدِيدٍ أَنْ تَعْبُدُوهَا؟ إِنَّكُم تُرَاقِبُونَ الأَيَّامَ والشُّهُورَ والفُصُولَ والسِّنِين! أَخْشَى أَنْ أَكُونَ قَدْ تَعِبْتُ عَبَثًا مِنْ أَجلِكُم! أَسْأَلُكُم، أَيُّهَا الإِخْوَة: كُونُوا مِثْلِي، لأَنِّي أَنَا مِثْلُكُم. إِنَّكُم مَا أَسَأْتُمْ إِلَيَّ في شَيء! إنجيل القدّيس يوحنّا ٦، ٤٠ - ٤٤ أَجَل، هذِهِ مَشِيئَةُ أَبِي، أَنَّ كُلَّ مَنْ يُشَاهِدُ الٱبْنَ ويُؤْمِنُ بِهِ، يَنَالُ حَيَاةً أَبَدِيَّة، وأَنَا أُقِيمُهُ في اليَومِ الأَخِير». فَأَخَذَ اليَهُودُ يَتَذَمَّرُونَ عَلى يَسُوع، لأَنَّهُ قَال: «أَنَا هُوَ الْخُبْزُ الَّذي نَزَلَ مِنَ السَّمَاء». وكَانُوا يَقُولُون: «أَلَيْسَ هذَا يَسُوعَ بْنَ يُوسُف، ونَحْنُ نَعْرِفُ أَبَاهُ وأُمَّهُ؟ فَكَيْفَ يَقُولُ الآن: إِنِّي نَزَلْتُ مِنَ السَّمَاء؟». أَجَابَ يَسُوعُ وقَالَ لَهُم: «لا تَتَذَمَّرُوا في ما بَيْنَكُم. لا أَحَدَ يَقْدِرُ أَنْ يَأْتِيَ إِليَّ، مَا لَمْ يَجْتَذِبْهُ الآبُ الَّذي أَرْسَلَنِي، وأَنَا أُقِيمُهُ في اليَومِ الأَخِير. السبت من أسبوع بشارة العذراء رسالة القدّيس بولس إلى أهل غلاطية ٤، ١٣ - ٢٠ وأَنْتُم تَعْلَمُونَ أَنِّي بِسَبَبِ عِلَّةٍ في جَسَدي بَشَّرْتُكُم لِلمَرَّةِ الأُولى. ومَعَ أَنَّ العِلَّةَ في جَسَدِي كَانَتْ مِحْنَةً لَكُم، فإِنَّكُم لَمْ تَحْتَقِرُونِي بِسَبَبِهَا ولَمْ تَشْمَئِزُّوا مِنِّي، بَلْ تَقَبَّلْتُمُونِي كَأَنِّي مَلاكٌ مِنَ الله، كَأَنِّي الـمَسِيحُ يَسُوع! إِذًا فأَيْنَ ٱغْتِبَاطُكُمُ الآن؟ وإِنِّي لأَشْهَدُ لَكُم أَنَّكُم لَوِ ٱسْتَطَعْتُم لَقَلَعْتُم عُيُونَكُم وَأَعْطَيْتُمُونِي إِيَّاهَا! فهَلْ صِرْتُ لَكُم عَدُوًّا، لأَنِّي كُنْتُ صَادِقًا مَعَكُم؟ إِنَّهُم يَغَارُونَ عَلَيْكُم لا لِخَيْرِكُم، بَلْ يُريدُونَ أَنْ يَصُدُّوكُم عَنِّي، لِكَي تَغَارُوا عَلَيْهِم! إِنَّهُ لَحَسَنٌ أَنْ تَغَارُوا على الـخَير، في كُلِّ حِين، لا في حُضُوري عِنْدَكُم فَقَط. يَا أَوْلادِيَ الَّذِينَ أَتَمَخَّضُ بِكُم ثَانِيَةً حتَّى يُصَوَّرَ الـمَسِيحُ فيكُم! كُنْتُ أَوَدُّ أَنْ أَكُونَ الآنَ حَاضِرًا عِنْدَكُم، وأُغَيِّرَ لَهْجَتِي، لأَنِّي مُحْتَارٌ في أَمْرِكُم! إنجيل القدّيس لوقا ١٠، ٢١ - ٢٤ وفي تِلْكَ السَّاعَةِ ٱبْتَهَجَ يَسُوعُ بِالرُّوحِ القُدُس، فَقَال: «أَعْتَرِفُ لَكَ، يَا أَبَتِ، رَبَّ السَّمَاءِ وَالأَرْض، لأَنَّكَ أَخْفَيْتَ هذِهِ الأُمُورَ عَنِ الحُكَمَاءِ وَالفُهَمَاء، وَأَظْهَرْتَها لِلأَطْفَال. نَعَم، أَيُّهَا الآب، لأَنَّكَ هكذَا ٱرْتَضَيْت. لَقَدْ سَلَّمَنِي أَبي كُلَّ شَيء، فَمَا مِنْ أَحَدٍ يَعْرِفُ مَنْ هُوَ ٱلٱبْنُ إِلاَّ ٱلآب، وَلا مَنْ هُوَ ٱلآبُ إِلاَّ ٱلٱبْن، وَمَنْ يُريدُ ٱلٱبْنُ أَنْ يُظْهِرَهُ لَهُ». ثُمَّ ٱلتَفَتَ إِلى تَلامِيذِهِ، وقَالَ لَهُم عَلى ٱنْفِرَاد: «طُوبَى لِلْعُيونِ الَّتِي تَنْظُرُ مَا أَنْتُم تَنْظُرُون! فَإِنِّي أَقُولُ لَكُم: إِنَّ أَنْبِياءَ وَمُلُوكًا كَثِيرِينَ أَرادُوا أَنْ يَرَوا مَا أَنْتُم تَنْظُرُون، فَلَمْ يَرَوا، وَأَنْ يَسْمَعُوا مَا تَسْمَعُون، فَلَمْ يَسْمَعُوا». |
||||
24 - 10 - 2014, 03:46 PM | رقم المشاركة : ( 6644 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الغني و الجاهل القديس باسيليوس الكبير نقلها إلى العربية المطران أبيفانيوس زائد وكلمهم بمثل قائلاً: "رجل غني غلّت أرضه كثيراً" (لوقا 16:12). لقد غلّت الأرض كثيراً لرجل لم يشأ أن يعمل شيئاً صالحاً من غلته ليظهِرَ لنا طولَ أناة الربّ غير المحدودة. فنعمة من الله كهذه تجلب قصاصاً عظيماً للأشرار. ا لربّ أرسل المطر إلى الأرض، والرب أرسل حرارة الشمس للبذور. إن الأهراء ضاقت من وفرة الغلة، لكنها لم تملأ قلب البخيل الذي كان يكدس الجديد مع القديم، إذ لم يبقَ عنده محل للغلّة فقال: ماذا أصنع؟ فمَن لا يشفق على إنسان موجود في حالة ضيقة كهذه؟ لقد جعلَتْه الغلّة في حالة يرثى لها، فأمسى مستحِقّاً الشفقة. لقد أنبتت له الأرضُ التنهدات والأحزان، وقدّمت له الاهتمامات والصعوبات المخيفة. إن الطمّاع ينقبض حينما يخطر في باله أنه يسبّب سروراً للآخرين. الخيرات تتدفّق من المخازن، ونفسه ترتعد خشيةَ أن تسقِط شيئاً من الحبوب خارجاً، فيستفيد منها الآخرون. إن مَرَض الغني الطمّاع كمَرَض الشَرَه الذي يؤثِر التمزّق من النهم والشراهة، على أن يشاطره المحتاجون فضلات الطعام. تشبّه أيها الإنسان بالأرض، واعطِ ثمراً مثلها، حتى لا تكون أسوأ من المخلوقات الجامدة. لقد انبتت الأرض البذور، لا لأجل منفعتها بل لتغذيك بثمارها، وتنفعك. فاثمرْ أنت بالإحسان ليعود عليك بالنفع، لأن الشكر على عمل الخير يعود للمعطي. إنّ ما تعطيه للمحتاج يكون خاصتك ويُرَدّ إليك مع الفائدة. إنّ حبة الحنطة المُلقاة على الأرض تعطي الأضعاف لملقيها، هكذا الخبز المُعطى للجياع يعطي أضعاف أضعافه للمعطين. فليكن قصدك في الابتداء الزرع السماوي حسب كلمة الله: "ازرعوا لكم بالعدل" (هوشع 12:1) "الصيت أفضل من الغنى الكثير" (أمثال 22:1) إن كنت تحب المال، وتحسب وجوده عندك شرفاً لك، فاعلم أنّ الأفضل أن تكون أباً للألوف، من أن تكون ألوف الدنانير في صندوقك. المال يبقى على الأرض هنا، أمّا مجد الأعمال الصالحة فيبقى لك حينما تقدَّم هذه الأعمال للسيد، ويحيط بك الكثيرون يوم الدينونة داعين إياك محسناً ومنعماً ومحباً للبشر، ويقبلك السيد، ويثني عليك الملائكة، ويغبّطك البشر مهما كثروا، منذ بدء العالم. المجد الأبدي والإكليل الحقيقي والملكوت السماوي يكونون جائزةً لك لحسن تصرفك بالمقتنيات الفانية. فاجعلْ ثروتَك لقضاء حاجات كثيرة مبيناً الأفضل منها للإنفاق على المحتاجين، فيقالُ لك "بدَّدَ وأعطى المساكين فبِرُّه يدوم إلى الأبد" (مزمور 9:111) لا ترفع الأسعار منتظراً الغلاء بل في أيام الضيق افتح أبواب أهرائك لأنّ : "الذي يحتكر الحنطة يلعنه الشعب" (أمثال 26:11). لا تنتظر لأجل الذهب، ولا الغنى لأجل الكسب. لا تجمع المال من ويلات الشعب، ولا تجلب غضب الربّ عليك لأجل أطماعك. وزِّع على المحتاجين اليوم ما قد يفسد غداً. ضعْ نصب عينيك الغني المُدان الذي خزن الحاضر واضطرب لأجل المنتظَر، وهو لا يعلم، أيعيش إلى الغد أم لا. قد أخطأ اليوم، وفي الغد ظهرت قساوتُه قبل أن يتقدّم منه أيّ سائل. وهكذا استحقّ الدينونة لطمعه قبل أن يجمع الثمر. إنّ الذي تُطلَب منه نفسه قريباً يفكر في ذاته: أهدم أهرائي وأبني أكبر منها. حسناً تفعل، لأنّ أهراء الباطل قائمة لكي تُهدم لأنك تهدم بيديك ما بنيتَه رديئاً. أكسر عنابرَ القمح التي لم ينصرف منها أحدٌ عنها مسروراً. إهدم البناء المحفوظ بالطمع! إفتح للشمس الحنطة المكسوة بالعفن! إفتح لدى الجميع المأوى المظلم لإله المال. أهدم أهرائي وأبني أكبر: وإذا ملأتَ الأكبر فما الذي تعمله بعد؟ هل تهدمها مرة ثانية لتبني أكبر منها أيضاً؟ إن شئتَ أن يكون لديك أهراء كثيرة، فهي بيوت الفقراء: "فأكنز لك كنوزاً في السماء حيث لا يفسد سوس ولا آكلة ولا ينقب سارقون ويسرقون" (متى 20:6). ربما اعترضتَ قائلاً: أنني سأعطي الفقراء بعد إملائي الأهراء الثانية. إنك أعددت لنفسك سنوات كثيرة فاحذر من أن يكون غداً آخرَ أجَلك. إنك بوعدك هذا تظهِر الخداعَ لا الصلاح. إنّك تَعِد بما لا تنوي وفاءَه، فما الذي يمنعك عن العطاء الآن؟ ألأنّ عدو الفقراء قليل، وأهراؤك ناقصة، أم لأنّ الجائزة لم تعدّ والوصية مبهمة؟ إن الجائع هزيل، والعريان يرتجف، والمدين سجين، وأنت تؤجّل عمل الرحمة إلى الغد، ناسياً كلام الحكيم المملوء من روح الله: "لا تقلْ لصاحبك اذهب وعُدْ فأعطيك في غد إذا كان الشيء عندك"(أمثال 28:3). كم من الشكر يجب أن تقدّم للمنعم العظيم الذي لم يحوجك لكي تقف عند أبواب غيرك، بل الآخرون يأتون إليك، ولكنك أنت تحاول ألاّ تشاهد المحتاجين حتى يفلت الإحسان من يدك؟ فأنت فقير في الحقيقة بالمحبة، بمحبة البشر، بالإيمان بالله، بالرجاء الأبدي. وما دمتَ تجهل الخيرات الروحية، فما الذي تقدمه لنفسك من الغذاء الجسدي؟ يا نفسي إنّ لكِ خيرات كثيرة موضوعة، كلي واشربي وتنعمي يومياً. لو كانت نفسك ملأى بالأعمال الصالحة لكانت لك الخيرات الكثيرة. ولكن، إن جعلت بطنك ربّاً لك فاسمع ما يدعوك به السيد ذاته: يا جاهل، في هذه الليلة تطلب نفسك منك، فهذا الذي أعددته لمَن يكون؟ إنّ الخسارة بسبب هذا الجهل أشد وطأة من العذاب الأبدي! قد تعترض وتقول: لمن أُسيء إذا تصرّفتُ كما أريد بما يخصّني؟ ما الذي يخصّك، ألم تخرج عرياناً من جوف أمك؟ ألم تعدْ إلى الأرض عرياناً، فأنّى لك ما لديك؟ فإن قلت أنه جاءك بطريق الصدفة، فإنك تنكر جميل الوهّاب. وإن اعترفت بأنه من الله، فأَرِنا الأسباب التي بها حصلت عليه. ترى، هل الله غير عادل بتوزيعه علينا لوازم المعيشة؟ لماذا أنت غني والآخر فقير؟ أليس لتحصل على الجائزة من أجل حسن تدبيرك، وليحصل هو كذلك عليها لحسن اصطباره، أم أنت احتكرت كل شيء لتشبِع طمعك، وأنت تظنّ أنك لم تُهِن الآخرين، ولم تغتصب حقوق الكثيرين؟ إنّ الخبز الذي تحتكره هو للجائع، والثياب المحفوظة في صناديقك هي للعريان، والأحذية العتيقة التي عندك هي للحافي، والفضة المخزونة عندك هي للمحتاجين. فاهتمّ ليكون ما يخصك فداء عنك، لتستحق الخيرات السماوية، بنعمة من يدعوك إلى ملكوته السماوي الذي له المجد والملك إلى دهر الداهرين. آمين |
||||
24 - 10 - 2014, 03:49 PM | رقم المشاركة : ( 6645 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
مثل المدعوِّين إلى عرس ابن الملك نصُّ الإنجيل مَثَلُ ملَكوتِ السَماواتِ كمَثَلِ مَلِكٍ أَقامَ وَليمةً في عُرْسِ ابنِهِ . فأَرسَلَ خَدَمَهُ لِيَدعُوَ المدعوِّينَ إلى العُرسِ . فأَبَوا أَنْ يأْتُوا . فأَرسَلَ خَدَمَاً آخرينَ وأَوعَزَ إِليهم أَنْ قولوا للمدعوِّينَ : " ها قد أَعْدَدْتُ وليمَتِي , فذُبِحَتْ ثيراني والسِّمانُ مِنْ ماشيَتي . وأُعِدَّ كُلُّ شيءٍ , فتعالَوا إلى العُرس " . ولَكِنَّهُم لَمْ يُبالوا , فمِنهُم مَنْ ذَهَبَ إلى حَقلِهِ، ومِنهُم مَنْ ذهَبَ إلى تِجارتِهِ . وأَمسَكَ الآخرونَ خَدَمَهُ فشَتَمُوهُم وقَتَلُوهُم . فغَضِبَ المَلِكُ وأَرسَلَ جُنُودَهُ , فأَهلَكَ هؤلاءِ القَتَلَةَ وأَحرَقَ مَدينَتَهُم . ثُمَّ قالَ لِخَدَمِهِ : " الوَليمَةُ مُعَدَّةٌ , ولكنَّ المدعوِّينَ غيرُ مستحقِّين . فاذهَبوا إلى مفارِقِ الطُرُقِ وادْعوا إلى العُرسِ كُلَّ مَنْ تَجِدُونَهُ ." فَخَرَجَ أُولئِكَ الخَدَمُ إلى الطُرُقِ , فجَمَعُوا كُلَّ مَنْ وَجَدوا مِنْ أَشرارٍ وأَخيار , فامْتَلأتْ رَدْهَةُ العُرسِ بالجالسينَ للطعام . ودَخَلَ المَلِكُ لِيَنظُرَ الجالسينَ للطعام . فرأَى هُناكَ رَجُلاً لَمْ يَكُنْ لابِساً لِباسَ العُرس . فقالَ لَهُ : " يا صَديقي , كيفَ دَخَلتَ إلى هُنا , وليسَ عَليكَ لِباسُ العُرسِ ؟ " فلَمْ يُجِبْ بشيء . فقالَ المَلِكُ لِلخَدَم : " شُدُّوا يَدَيْهِ ورِجْلَيهِ , وأَلقوهُ في الظُلمَةِ البرَّانيَّةِ . فهُناكَ البُكاءُ وصَريفُ الأَسنان . فإنَّ المدعوِّينَ كثيرون . أمَّا المختارونَ فقليلون." ( متى 22/2-14 ). الفكرة الأساسيَّة الواردة في هذا المثل إنّ الفكرة الأساسيَّة الواردة في هذا المثل هي أنَّ الله دعا الناس إلى عُرس ابنه الأوحد يسوع المسيح فادي البشريَّة, أيْ إلى الإيمان به وإلى ممارسة الفضائل المسيحيَّة. وأوَّل من وجِّهت إليهم الدعوة بوساطة الأنبياء القديسين هم اليهود, ولكنَّهُم رفضوها ولم يؤمنوا بيسوع المسيح. فأعرَضَ الله عنهم ووجَّه الدعوة إلى غيرهم. إنَّ الذين تلقَّوا الدعوة إلى الإيمان بابن الله وسلوك الحياة الفاضلة يولِّفون اليومَ أربع فئات هي: فئة اللاّمبالين بالدين, وفئة المُلحدين, وفئة المُستهترين بالدين, وفئة الخطأة التائِبين. وإليكُم إيضاح هذه الفكرة. عُرس يسوع المسيح تجسَّد ابن الله يسوع المسيح وأصبح إنساناً وخطَبَ الكنيسة وأرادها عروسَةً له. فأقام له الله الآب عُرساً عظيماً ودعا الناس إلى العُرس. إنَّ الدعوة إلى العُرس هي الدعوَةُ إلى الإيمان بيسوع المسيح فادي البشر, وإلى سلوك الحياة الفاضلة. إنَّ أوَّل مَنْ وُجِّهَت إليهم الدعوة هم اليهود. ولكنَّهُم رفضوها وتشدَّدوا في رفضِها لأسباب بشريَّة محضة. فنبذهم الله, ووجَّه الدعوة إلى غيرهم من الناس. فهل لبَّى المدعوون الجُدُد دعوة الله وآمنوا بيسوع المسيح الإيمان الحيّ وعاشوا عيشة التقوى والفضيلة؟ إنَّ المثل يذكر لنا أنَّ المدعوِّين جُدُد أربعُ فئات. وإليكم كلمة على كُلٍّ منها، كما نراها اليوم في زمننا الحاضر: 1- فئة اللاّمبالين بالدِين إنَّ هذه الفئة من المدعوِّين تتَّصف باللاّمبالاة بشؤون الدين: " ومِنهُمْ مَنْ ذَهَبَ إلى حقلِهِ وتِجارتِه ". إنَّهم المسيحيَّون بالاسم فقط. إنَّ الله يدعوهم إلى الإيمان الحيّ وممارسة الفضيلة, ويوجِّه إليهم الدعوة بوساطة الكنيسة. ولكنَّهم لا يعبأون بالدعوة, بل ينصرفون إلى أعمالهم الخاصَّة انصرافاً كُليَّاً, ذلك لأنَّ الدين لا قيمةَ لَهُ في رأيهم, بل مضيعةٌ للوقت, والوقتُ قد جُعِل للعمل والتجارة وربح المال . إنَّ نتيجة لا مبالاة هؤلاء المسيحيين بدعوة الله لهم أنَّ باب الملكوت يُغلِقُ في وجوهِهم، فيبقون خارجاً. 2- فئة المُلحدين تتألَّف هذه الفئة من المسيحيين الذين أنكروا إيمانهم واعتنقوا مذهب الإلحاد لأسبابٍ بشريَّة محضة: " وأَمسَكَ الآخَرونَ خَدَمَ الملك فشَتَموهُمْ وقَتَلوهُمْ . " إنَّهم لا يقفون من الدين موقف اللاّمبالين, بل موقف الأعداء, فيُحاربون الدين ويعتبرونه عدوَّهم اللَّدود ويشنُّون الحرب عليه بجميع الوسائل, ومن أبرزها اضطهادُ المؤمنين, وسنُّ قوانين شديدة تمنع انتشاره, وإصدارُ منشورات دعاويَّة لا دينيَّة, والحدُّ من نشاط المؤسَّسات الدينيَّة, وعرقلةُ معيشة مَنْ بقي متعلِّقاً بأهداب الدين. ولكنَّ المثل يقول إنَّ الملك يُجابه عداوة هؤلاء المُتمرّدين بحزمٍ وقوَّة, فيرسل جيوشه ويسحقهم. إنّ الملك يمثّل الله. فسيكون انتصار الله على هؤلاء المُلحدين كاملاً ونهائيَّاً عندما يعود المسيح الديَّان إلى العالم ليُحاسِبَهُم حساباً شديداً على ما أتَوه من إلحاد ونِفاق وأعمالٍ شريرة وعداوةٍ لله خالقهم. 3- فئة المستهترين بالدين يُمثِّل هذه الفئة, في مثل المدعوِّين إلى العُرْس, رجُلٌ واحد: " رأَى المَلِكُ هُناكَ رجلاً لَمْ يكُنْ لابساً لباسَ العُرس ." لقد كان في الشارع يهيم على وجهه, فقيراً جائِعاً قذِراً. فدُعي إلى العُرس, وقُدِّمتْ إليه قَبْلَ أن يَدخُل القاعة ثيابُ العُرسِ الجميلة, فأعرض عنها باستهتار ووقاحة, ودخل بثيابه الوسِخة, وفي ظنِّه أنَّه يحِقُّ له أن يجلس إلى المائدة مهما كان عليه من قذارة الثياب وعدم الاحترام لمقام الملك صاحب الدعوة. إنَّ هذا الرجل يمثِّل جماعة المسيحيين الخطأة الذين يعيشون في حال الخطيئة المستمرَّة ولا يقدِّرون مقام الله حقَّ قدره, ولا يحترمونه, ولا يهابونَهُ, ولا يحفظون للربِّ يسوع أيَّة مكانة في قلوبهم وتفكيرهم واهتمامهم, ولا يعبأون بواجب العيش في حال النعمة المُقدِّسة, بل يقضون حياتهم في قذارة الخطيئة, ويرفضون أن يلبسوا بالتوبة ثوب البرارة الجميل. إنَّ نتيجة استهتارهم بواجبات الدين أنَّهم يُطردون من قاعة العُرس المُستنيرة ليُلقَوا مُقيَّدين بسلاسل ظلام الهلاك الأبدي: " شدّوا يَدَيْه ورجلَيْه واطرحوهُ في الظُلمة البرّانيَّة فهُناكَ البُكاءُ وصَريفُ الأَسنان ." فلا يكفي أن ينتسب المسيحي إلى الكنيسة انتساباً خارجيّاً، بل يجب أن يعيش في حال النعمة لكي يحصل على الخلاص الأبدي. 4- فئة الخطأة التائِبين تتألَّف هذه الفئة الرابعة من العاطلين عن العمل والمتسوِّلين والمتسكِّعين في الشوارع والأزقَّة. لقد فوجئوا بالدعوة إلى العُرس, فلبُّوا الدعوة, وأتوا إلى قاعة القصر وقلوبهم ترقص فرحاً, ودخلوها بسكونٍ ورهبة, ولبسوا حُلل العُرْس التي قُدِّمت إليهم وجلسوا إلى مائدة الملك: " فامتلأَتْ رَدْهَةُ العُرسِ بالجالسينَ للطعام ." إنَّ هؤلاء المدعوِّين يمثِّلون جماعة المسيحيين الخطأة الذين يدعوهم الله إلى أن ينتقلوا من جوّ الخطيئة إلى جوّ النعمة. لقد اختبروا في ذواتهم, بسبب الخطايا التي ارتكبوها, نتائج الضَعف البشري الأليمة ومعاناة الميل الداخلي القائم فيهم إلى الشرِّ والإثم. فعندما وصلت إليهم دعوة الله إلى التوبة لبُّوا هذه الدعوة على الفور, وتابوا من ذنوبهم, ولبسوا الحُلَّة الجميلة, حُلَّة النعمة المقدِّسة, واشتركوا في عُرس ابن الملك, فشعروا بالفرح العميق يغمر نفوسهم. إنَّ كلًّ مسيحيٍّ مدعوٌّ إلى فرح هذا العُرس الأبدي. فعليه أن يُلبّيَ دعوة الله بإيمانٍ وحُبٍّ صادق ولا يشوِّه بالخطيئة الحُلَّة الجميلة التي لبسها يوم المعموديَّة, بل يحافظ على جمالها طَوال حياته على الأرض, ليتَّكئ إلى مأدبة عرس ابن الملك في الملكوت السماوي. التطبيق العملي 1- لقد دعاك الله إلى فرح الإيمان بابنه يسوع المسيح وإلى التمتُّع ببهجة الفضيلة المسيحيَّة والنعمة الإلهيَّة. فلا تبدِّدْ من قلبك هذا الفرح الروحي بارتكاب الخطيئة ولا تشوِّه بها جمال الفضيلة وحلَّة النعمة المقدِّسة التي تزيِّن نفسك. 2- تذكَّر أنَّ المسيحي الذي يؤمن بيسوع ويحبُّه حُبَّاً صادقاً لا يستسلم إلى اللاّمبالاة ولا إلى الإلحاد ولا إلى الاستهتار, بل يعيش معه بإيمانٍ وحُبٍّ عميق. وإذا حدَث له أن يسقط في الخطيئة فسرعان ما يعود إليه تائِباً ليتمتَّع بفرح التوبة الصادقة. 3- المسيحي الحقّ يتوق دوماً إلى التمتُّع بفرح عُرس ابن الملك. فحافظْ على فضيلة الرجاء هذه في قلبك. |
||||
24 - 10 - 2014, 03:51 PM | رقم المشاركة : ( 6646 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
تشبيه التلاميذ بملح الأرض نصُّ الإنجيل قالَ يسوع لتلامِيذِهِ : " أَنتُم مِلحُ الأرض . كُلُّ امرئ يُمَلَّح بالنار , وكُلُّ ذبيحَةٍ تُمَلَّحُ بالمِلح . المِلحُ طيِّبٌ . فإِذا صارَ بِلا مُلوحَةٍ , فبأَيِّ شيءٍ يُمَلِّحونَهُ ؟ فليَكُنْ فيكُم مِلحٌ وليُسالِمْ بعضُكُم بعضاً ." ( متى 5/13. ومرقس 9/49-50 ) الفكرة الأساسيَّة الواردة في هذا التشبيه إنَّ الفكرة الأساسيَّة الواردة في هذا التشبيه هي أنَّ المسيحي لا يشبه ملح الأرض فحسب, بل هو ملح الأرض. والملح على أربعة أنواع: ملح العِقاب الشديد, وملح التقشُّف والتوبة وتحمُّل مشقَّات الحياة, وملح التعليم القويم والسيرة الحميدة, وملح السلام بين الناس. ف بأيِّ نوعٍ من هذه الأنواع الأربعة يوصف به المسيحي ملحُ الأرض؟ وإليكم إيضاح هذا السؤال. النوع الأوَّل ملح العِقاب والعذاب قال يسوع: " كُلُّ امرئ يُمَلَّح بالنار " أيْ كلُّ مسيحيٍّ شريرّ يقاوِم إرادة الله عن تعمُّدٍ وتصميم يَهلِك ويُعذَّب بالنار. وقد أشار بهذه النار إلى نار جهنَّم التي تحدَّث عنها عندما قال: " إذا أَوقَعَتْكَ يدُكَ في الخطيئةِ فاقطعْها , لأنَّه خيرٌ لكَ أَنْ تدخُلَ الحياةَ ولكَ يدٌ واحدةٌ مِنْ أَنْ يكونَ لكَ يدانِ وتذهبَ إلى جَهنَّم , إلى نارٍ لا تُطفأ ." ( مرقس 9/43 ) 1- المواصفات الثلاث لنار جهنَّم إنَّها نارٌ شاملة: فكما أنَّ اللَّحم يُلفُّ بالملح من كلِّ جوانبه, ولا يبقى جزءٌ منه إلاًّ ويرشُّ عليه الملح, هكذا يُلَفُّ الهالكُ بنار جهنَّم. إنَّها نارٌ هائلة: إنَّ ألم النارِ الأرضيَّة ألمٌ شديدٌ جدَّاً. وأمَّا ألم نار جهنَّم فأشدُّ هولاً من ألم نار الأرض. إنًَّها نارٌ أبديَّة: إنَّ الملح يحفظ اللَّحم سالماً, وكذلك نار جهنَّم تحفظ الهالك سالماً. قال يسوع: " لا يموتُ دُودهُم ولا تُطفأُ النار " أيْ لا يهدأ وخز ضمير الهالك ولا يُطفأ حقدُهُ على الله, بل يدوم مدى الأبديَّة. ونحن نتساءل في هذه المناسبة ما إذا كان عذاب جهنم عذاباً ظالماً. 2- ليس عذاب جهنَّم عذاباً ظالماً ليس عذاب جهنَّم عذاباً ظالماً. فإنَّ الهالك رفض في حياته الأرضيَّة, بعنادٍ دائم وحقدٍ عميقٍ مستمرّ, محبَّةَ الله ودعوتَه الأبويَّة إلى التوبة وتغيير السيرة, واستسلم إلى الخطيئة عن قصدٍ وتصميم وتمرُّد على إرادة خالقه, وأهانه بمعرفةٍ وكبرياء وتحدٍّ, عل الرَّغم مِمَّا وجّه إليه اللهُ من دعواتٍ متواصلة وملحَّة إلى سلوك الحياة الفاضلة والإيمان الحيّ. فرفض كُلَّ دعوةٍ, ومات ولم يتُب من ذنوبه. أمّا في الحياة الأخرى فلا يلين ولا يندم, بل يبقى مقاوماً لله متمسّكاً بعناده وتمرُّده وحقده الأسود على الله, مع ما يقاسيه من عذاب هائل وعِقاب مروِّع. فالهالك المُعاند والحقود يعاقب نفسَهُ بنفسِهِ لأنَّه يعرف أنَّ العِقاب الذي ينالُهُ إنّما هو تحقيق العدل الذي فرضه على ذاته. النوع الثاني ملح التقشُّف والتوبة وتحمُّل مشقَّات الحياة قال يسوع: " كلُّ ذبيحةٍ تُملَّحُ بالملح " أيْ انَّ الذبيحة المقدَّمة لله يجب أن تُملَّح خشيةَ أن تفسُد أو يتلَف بعضُ أجزائها, فيرفضها الله لِما فيها من فسادٍ أو تلَف. هكذا كلُّ مسيحيٍّ يجب أن يكون ذبيحةً لله, وأن يُملَّح هو أيضاً على الأرض بملح التقشُّف والتوبة وتحمُّل شدائد الحياة تكفيراً عن خطاياه. فإنَّ هذا الملح المؤلم يمنع عنه الفساد والتلَف الروحي, ويحفظه سالماً, فتكون حياته المقدَّمة لله ذبيحةً نقيَّة لا قذارة فيها ولا تفتُّت ولا قباحة الخطيئة. فإنَّه خيرٌ للمسيحي أن يكون على الأرض ذبيحة عدل الله الحنون من أن يكون, وهو في جهنَّم, ذبيحة عدل الله الرهيب. ذلك لأنَّ ألم الحياة موقَّت ويُكفِّر عن الخطايا, أمَّا ألم نار جهنَّم فهو أبديّ لا يزول ولا يُكفِّر عن الخطايا. النوع الثالث ملح التعليم القويم والسيرة الحميدة قال يسوع: " المِلْح طيِّب. " بهذا القول تكلَّم يسوع على ملح التعليم القويم والسيرة الحميدة. 1- ملح التعليم القويم والسيرة الحميدة إنَّ التعليم القويم الذي يقوم به المعلِّم الصالح يقود إخوته المسيحيين إلى معرفة الله الحقَّة. وهذه المعرفة تؤثِّر فيهم وتجعل إيمانهم صحيحاً وأخلاقهم كريمة وسيرتهم حسنة. ولذلك فإنَّ الكنيسة تُعنى العناية الفائقة بإعداد المعلّمين الصالحين لهذه المَهمَّة السامية لتبقى الوديعة الإيمانيَّة والخُلُقيَّة التي تسلَّمتْها من الربِّ يسوع سالمةً في نفوس المؤمنين لا يتسرَّب إليها الغلط أو التحريف أو الفساد الخُلُقي. 2- استسلام بعض المعلِّمين إلى البدعة يعرف يسوع أنَّ الإنسان يميل إلى الشرّ والضلال وتشويه كلام الله. ولذلك أضاف هذا القول: "ولكِنْ إذا صَار المِلحُ بِلا مُلوحة ٍ, فكيفَ تُعادُ إليه مُلوحَتُهُ ؟" لقد أراد يسوع بذلك أن يقول: إذا استسلم المعلِّم إلى البدعة والتحريف, أو إلى الزهو والكبرياء والتعالي, فمن يردُّه عن ضلاله وشرِّه؟ والويل لـه إذا لم يرجع إلى الحقيقة الموحاة, أو لم يحارب ما فيه من ميولٍ شرِّيرة. إنَّه لا يصلح لتثقيف المؤمنين ولا لخدمة الكنيسة, بل يُطرد منها لأنَّه عنصر فاسد ومُفسِد. قال عنه يسوع: " لا يَصْلُحُ إلاَّ لأَنْ يُرمى في الخارجِ فيَدوسَهُ الناسُ ." ( متى 5/13 ) النوع الرابع ملح السلام نقرأ في الإنجيل أنَّه لمَّا تسرَّبت في بعض الأيّام إلى أذهان الرسل أفكار الكبرياء واختلَّ بينهم الإتِّحاد, ذكَّرهم يسوع بواجب السيطرة على أسباب التفرقة وواجب حفظ الوفاق والسلام بينهم, فأشار إلى قوّة الملح التي تربط بعضهم ببعض برباط السلام. قال لهم: " فليَكُنْ فيكُمْ مِلْحٌ , وليُسالِمْ بعضُكُم بعضاً ." بهذا القول بيَّن لنا أنَّ الملحَ رمزُ السلام في الكنيسة, وأنَّ الكنيسة بحاجةٍ إلى هذا الملح, ملح السلام, لتبقى الوحدة قائمة فيها ولا يتنافر أعضاؤها أو يتبعثروا. لذلك يجب أن يسود السلام أوّلاً بين رعاة الكنيسة أنفسهم ليعتنوا معاً بنشر الحقيقة الموحاة في العالم ويقوموا بهذا العمل المشترك بتفاهمٍ واتِّحاد القلوبِ. ثمّ يجب أن يسود السلام بين المؤمنين في الطاعة لرؤسائهم, والمَحَبَّة المتبادلة, وممارسة فضيلتَيْ الوداعة والتواضع, فتبقى الكنيسة موحَّدة تعيش في سلام المسيح. المسيحي ملح الأرض قال يسوع لتلاميذه: " أَنتُمْ مِلْحُ الأَرض ." إنَّ الملح طيِّب إذا أُستُعمل في الأطعمة بكميَّة معتدلة, ووُضِع بعيداً عن الأمكنة الرطبة التي تُفسدُهُ. لذلك يجب على المسيحي لكي يبقى ملح الأرض أن يحافظ على هاتَيْن الصفتَيْن اللتين يتَّصف بهما الملح. وفي الواقع الذي يعيشه المسيحي: 1- يجب عليه أن يُعامل إخوته المسيحيين وجميع الناس برفقٍ وتفهُّمٍ وحنان ليتَّصف تصرُّفه معهم بطيبة المِلح المستعمل باعتدال في الطعام. 2- وأن يتحاشى ارتياد الأماكن الفاسدة خشيةَ أن يتسرَّب الفساد إلى قلبه, فيفسد كالمِلح المعرَّض للرطوبة, وينقلب ضرراً روحيَّاً على مَنْ يختلط بهم, ويكون سبب خِصامٍ واضطرابٍ بين الجماعة المسيحيَّة, وانحلالٍ لإيمانها وأخلاقها. التطبيق العملي أنت ملح الأرض. فكِّر في أربعة أنواع، الملح فلا تكُنْ ملح النار الأبديَّة بسلوكِكَ السيِّئ, بل كُنْ ملحَ التقشُّف والتوبة وتحمُّل مشقَّات الحياة, وملحَ الإيمان القويم والأخلاق الصالحة, وملحَ السلام بين الناس، فتكونَ ملحاً طيِّباً في الكنيسة. |
||||
24 - 10 - 2014, 03:53 PM | رقم المشاركة : ( 6647 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
مثل الابنَيْن نصُّ الإنجيل كانَ لِرَجُلٍ إِبنانِ . فدَنا مِنَ الأَوَّلِ وقالَ لَهُ : " يا بُنَيَّ , اِذهَبِ اليومَ واَعمَلْ في الكَرْم ." فأَجابَهُ : " لا أُريد ." ولَكِنَّهُ نَدِمَ بعدَ ذلِكَ فذَهب . ودَنا مِنَ الآخرِ وقالَ لـهُ مِثْلَ ذلِكَ . فأَجابَ : " ها إِنِّي ذاهِبٌ يا سيِّد ." ولكنَّهُ لَمْ يذهَبْ. قال يسوع : " فأيُّهما عَمِلَ بمشيئةِ أَبيهِ ؟ " قالوا: " الأَوَّلُ ." قالَ لهُم: " الحقَّ أَقولُ لكُم إنَّ العشَّارينَ والخاطِئاتِ يسبِقونَكم إلى ملكوتِ الله."(متى 21/28-32 ). الفكرة الأساسيَّة الواردة في هذا المثل إنَّ الفكرة الأساسيَّة الواردة في هذا المثل هي أنَّ المسيحي الصادق لا يرفض لله أمراً, بل يُطيعه طاعة الابن المُحِب لأبيهِ الحبيب. ولا يستسلم إلى الرياء فيتظاهر بالطاعة من دون أن ينفِّذ إرادة الله. إنَّه يُطيع الله طاعةً فوريَّة مستمرَّة وكاملة بالقول والعمل, ومن دون أيِّ تردُّد. وإليكم إيضاح هذه الفكرة. سلوكُ الابن الأوَّل عصيانٌ وندامة إنَّ الابن الأوَّل الذي رفض الطاعة ثمَّ ندِم وذهب إلى الكرْم شابٌّ عاصٍ, بل متمرِّد, يميل إلى المقاومة, حتى إلى مقاومة سُلطة أبيه. إنَّه لا يعرف قيمة الطاعة البَنَويَّة ولا يُقدِّر جمالها. فظهرت لنا نفسُهُ صخرةً قاسية وقشرةً يابسة. ومع ذلك فإنَّنا لا نلبث أن نكتشف تحت هذه الصخرة الصمَّاء ماءً صافياً, وتحت هذه القشرة اليابسة نَواةً لذيذة الطعم. إنَّ ميله إلى العصيان قد سبق تفكيره وطغى عليه. ولكنَّه لمَّا هدأت نفسه ورجع إلى ذاته شعر بأنَّه قد أساء التصرُّف مع أبيه فندِم على سلوكه المتمرِّد وأطاع أباه ونفَّذ إرادته. سلوك بعض المسيحيين العُصاة إنَّ هذا المثل يُشير إلى بعض المسيحيين العُصاة الذين يُشبهون هذا الابن العاصي الذي رفض الطاعة ثمَّ نَدِمَ على عصيانه فنفَّذَ إرادة أبيه. إنَّهم مارقون عن الدين, يأنفون الصلاة, ويكرهون العبادة, وينشرون الشكوك والعثرات بين الناس, ويعيشون في جوٍّ مشحونٍ بالخطايا والعادات السيِّئة. ومع هذا, فإنَّ ضمائرهم تبقى حيّة, ونفوسهم لا تزال حسَّاسة لشؤون الدين. ففي أثناء الضيق يصمدون أمام المحنة, ويظهرون أمناء لدينهم, فيدافعون عن الإيمان والكنيسة والقِيَم الروحيَّة. ولا نستغرب أن يأتي يومٌ يندمون فيه على سلوكهم الماضي الأثيم ويحيَون حياة التقوى والفضيلة والطاعة لله في كلِّ شيء. وكلُّ ذلك يعود إلى تأثير نعمة الله فيهم وميول قلوبهم المستقيمة. سلوكُ الابن الثاني رياءٌ وعصيان لمَّا رأى الأب أنَّ ابنه الأوَّل رفض الطاعة, توجَّه إلى ابنه الثاني, وطلب منه أنْ يذهب إلى الكرْم ويعمل فيه فأجابه: "ها إنِّي ذاهبٌ, يا سيِّد." ولم يذهبْ. لقد تظاهر بأنَّه ابنٌ مطيع. ولم يكتفِ بأن يقول: "ها إنِّي ذاهب" بل أضاف إلى قولـه كلمة "يا سيِّد" ليدلَّ بها على عِظَمِ احترامه لسلطة أبيه. إنَّه شابٌّ مراءٍ كذَّاب يتظاهر بما ليس فيه, ويعصي أمر والده. سلوك رؤساء اليهود المراؤون العُصاة لقد وصف هذا المثل سلوكَ رؤساء اليهود المرائين الذين تصرّفوا كما تصرَّف الابن الثاني المرائي. كانت تقواهم في ظاهر سلوكهم فقط, ولم يكن لها أيُّ أساسٍ ثابت في قلوبهم. لقد عرفوا إرادة الله فتظاهروا بأنَّهم يطيعونه طاعةً كاملة, فأقاموا الصلوات في المجامع, وقدَّموا الضحايا في الهيكل, واحتفلوا بالأعياد احتفالاتٍ عظيمة. ولكنَّ هذه الأعمال كانت مظاهر خارجيَّة فقط تنقصها القيمة الجوهريَّة وهي طاعة قلوبهم, وتوبة ضمائرهم, وعملهم بإخلاص لأجل مجد الله, من دون مراعاة أيَّة مصلحةٍ شخصيَّة. لذلك سَخِرَ يسوع بمظاهر تقواهم الفارغة وقال لهم: " إِنَّ العشَّارينَ والخاطئاتِ يسبِقونَكُم إِلى ملكوتِ الله ."سلوك بعض المسيحيين المرائين يتصرَّف بعض المسيحيين المرائين كما تصرَّف الفرِّيسيُّون. إنَّ دينهم مجموعة أقوالٍ ونظريَّات لا غير. إنَّهم أوراق شجر من دون ثمر, وكلامهم فارغ من دون عمل. فما نفع مقاصدهم الصالحة إذا لم ينفِّذوها؟ وأفكارهم المُثلى إذا لم يحقِّقوها؟ وبرامجهم الواسعة إذا أبقوها حبراً على ورق؟ وخطبهم الحماسيَّة إذا أفرغوها من كُلِّ تأثيرٍ روحيٍّ فعَّال في النفوس؟ إنَّ التقوى الحقَّة لا تكتفي بالكلام, بل تقرن القول بالعمل. قال يسوع فيهم: " ليسَ مَنْ يقولُ لي : يا ربّ , يا ربّ , يدخل ملكوتُ السماواتِ , بل مَنْ يعمَلُ بمشيئةِ أَبي الذي في السماوات." (متى 7/22 ) إنَّ المسيحيين الذين يكتفون بالأقوال فقط من دون أن يقوموا بالأعمال الصالحة طاعةً لله يسمعون من يسوع في يوم الدينونة هذا الحُكم الشديد:" إِنِّي ما عرَفتُكُم قطّ . إِليكُم عنِّي أيُّها الأَثَمَة. "(متى 7/23 ). سلوكُ الابن الثالث طاعةٌ مثاليَّة بالقول والعمل إنَّ المثل لا يذكر إلاَّ اِبنَيْن. وهذان الابنان لم يكونا مثالِيَيْن في سلوكهما, لأنَّ الابن الأوَّل رفض الطاعة في بادئ الأمر, والابن الثاني كذب على والده ولم يُطِعْ أمره. هناك ابن ثالث لم يذكره المثل, ولكنَّه ابنٌ حيٌّ, يقول ويعمل, ويعمل كما يقول: إنَّه يسوع المسيح, ابن الله الأزلي. إنَّه لم يقل قطّ لأبيه السماوي: "كلا" بل قال دوماً لأبيه: "نعم", وقرن باستمرار القول بالعمل. لقد قال: "نعم" لأبيه السماوي لمَّا تجسَّد. وكانت تفاصيل حياته كلِّها سلسلة "نعم". قال قَبْلَ أن يُقدِم على آلامه: " لا تكُنْ مشيئتي , بل مشيئتُك ." وقرن القول بالعمل, فقدَّم ذاته ذبيحةً طاهرة على الصليب طاعةً لإرادة أبيه السماوي, في سبيل فداء البشريَّة وأنقاذِها من اللّعنة الأبديّة . الابن الثالث هو المثال الأسمى للمسيحيين إنَّ السلوك المسيحي الصحيح هو سلوك الابن الثالث الذي خضعت إرادته لإرادة أبيه السماوي, وأطاعه طاعة كاملة لا عن ضغطٍ ولا عن ضَعفٍ, بل عن حُبٍّ سامٍ لا حدود له. فالمسيحيُّون الصالحون لا يقولون لله بعنادٍ وعصيان: "كلا" ثمَّ يشعرون بخطئهم كالابن الأوَّل فيتوبون وينتقلون من التمرُّد والعصيان إلى الطاعة والعمل, ويقولون لله: "نعم" ويعملون وَفْقَ إرادته تعالى. ولا يقولون: "نعم" بسرعة ورياء كالابن الثاني- ولا يعملون بما يقولون, فينزعون عن قولهم كُلَّ قيمةٍ وصدقٍ وحقيقة. بل يتصرَّفون كالابن الثالث فيقولون لله "نعم" ويعملون بمشيئته في طاعةٍ كاملة. فالابن الثالث, وهو يسوع المسيح, ابنُ الله المتجسّد, هو المثال الأعلى لكُلِّ مسيحي, لأنَّه قال وعَمِل, فقَرَن القول بالعمل, وكانت حياته دوماً "نعم" لإرادة أبيه السماوي. التطبيق العملي 1- العصيان والرياء رذيلتان يكرههما الله كراهيَّةً شديدة. فأطِعِ الله بصدقِ ومحبَّة في كلِّ ما يأمرك به. ولا تظنَّ أنَّ من عصى الله أو كذب عليه تعالى تمتَّع خيراً بثمار عصيانه أو كَذِبِه. فالمسيحي الحقّ يتشبَّه بيسوع المسيح الذي أطاع أباه دوماً بقوله وعمله. 2- إنَّ في طاعة الله صعوبةً كبيرة عندما تُداهِمُك التجربة من الشيطان أو من إغراء العالم. فلا تتَّكلْ على قوَّتك الخاصَّة لأنَّك تبقى دوماً ضعيفاً أمام مظاهر الخطيئة الجذَّابة. فألجأ إلى الصلاة واطلبْ نعمة القوَّة من الله لتكون دوماً طائِعاً. 3- إنَّ في طاعة الله صعوبة أخرى عندما يدعوك إلى أن تقوم برسالةٍ معيَّنة في سبيل إخوتك المسيحيين أو في سبيل الكنيسة. إِقتدِ بيسوع الذي لم يتردَّد قط في تنفيذ رسالته الخلاصيَّة حُبَّاً لإخوته البشر ورغبةً في نشر الكنيسة المقدَّسة في العالم |
||||
24 - 10 - 2014, 03:55 PM | رقم المشاركة : ( 6648 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
التشبيه بالصِبْيَة الجالسين في الساحة العامَّة نصُّ الإنجيل قالَ يسوع : " بِمَنْ أُشبِّهُ رِجالَ هذا الجيل ومَنْ يُشبِهون يُشبِهونَ صِبْيَةً جالسينَ في الساحةِ العامَّة, يصيحُ بعضُهُم ببعضٍ ويقولون: " زمَّرنا لكُمْ فلَم ترقُصُوا. ندَبْنا لكُم فلَم تَبكوا." جاءَ يوحنَّا المَعمدان لا يأْكُلُ خُبزاً ولا يشرَبُ خمراً, فقلتُم : " إِنَّ بِهِ شيطاناً ." وجاءَ ابنُ الإِنسانِ يأْكُلُ ويشرَبُ , فقلتُم : " هوذا إِنسانٌ أَكُولٌ , شِرِّيبٌ للخمر, صَديقٌ للعشَّارينَ والخَطأَة ." ولكنَّ الحكمةَ قد برَّرها جميعُ بَنيها ." ( لوقا 7/31-35 ) الفكرة الأساسيَّة الواردة في هذا التشبيه إنَّ الفكرة الأساسيَّة الواردة في هذا التشبيه هي أنَّ في الكنيسة بعض المسيحيين المتكبِّرين الذين يعتبرون أنفسهم على مثال رؤساء اليهود المتكبِّرين- أتقى الناس وأقدسَهم, فيصدرون الأحكام القاسية على إخوانهم المسيحيين. إنَّ الله لا يبالي بأحكامهم, بل يُعرض عنهم وينبذهم, ويساند المؤمنين الأتقياء الذين يقبلون نعمة الله بتواضعٍ ويعيشون عيشة التوبة. فتظهر حكمة الله التي تؤازرهم أنَّها حكمةٌ صائبة وعادلة. وإليكم إيضاح هذه الفكرة. إيمان الشعب وتوبة الخطأة 1- أخذ يوحنَّا المعمدان يعظ الناس ويدعوهم إلى التوبة وقبول المعموديَّة في نهر الأردن, وإلى الاستعداد لمجيء المسيح المخلِّص. وكانت أقواله متأَجِّجَةً كالنار الملتهبة. فسمع الشعب صوته, ورأوا فيه حماسة إيليَّا النَّبي وتقواه, فآمنوا بكلامه, وتابوا إلى الله, وقَبِلوا المعموديَّة, وخضعوا لإرادته تعالى وتدبيره الإلهي لأجل خلاصهم الأبدي. 2- وشاهد الخطأةُ قداسةَ يسوع, واطَّلعوا على فضائله ورأوا سعيه إلى هدايتهم, وعرفوا أنَّه لم يكن يأكل ويشرب معهم إلاَّ ليحدِّثَهم عن الله, وعن ضرورة التوبة, وعن جمال الحياة الفاضلة, فتابوا إلى الله وندموا على خطاياهم وأصلحوا سلوكهم, وساروا سيرةً حسنة, وقاموا بالأعمال الصالحة. عِناد رؤساء اليهود وكبرياؤهم 1- ورأى رؤساء اليهود يوحنَّا المعمدان يعيش عيشة الصوم المتواصل والتقشُّف الشديد. فقالوا: " إِنَّ بِهِ شيطاناً. " لقد ادَّعوا أنَّ الشيطان يُقوِّي جسمه الهزيل ويتَّخذه وسيلةً ليخدع الناس ويمنعهم من القيام بالعبادات التي يفرضها الله عليهم في الهيكل, فلم يؤمنوا به ولم يتوبوا ولم يعتمدوا منه في نهر الأردن. 2- ورأوا يسوع أيضاً, وهو يأكل ويشرب كسائر الناس, فاتَّهموه بأنَّه يختلط بالخطأة وبالجُباة السارقين, ويجلس معهم إلى مائدة الطعام والشراب, ويستسلم إلى الشراهة على مثالهم. فلم يؤمنوا به ولم يتوبوا. 3- لقد اتَّصف موقفهم بالعناد والكبرياء وعدم تبصّر الأمور بحكمة, فرفضوا رفضاً قاطعاً الإيمان بيوحنَّا المعمدان وبيسوع المسيح, وألصقوا بكلَيْهما تُهمة الخطيئة وعدم المحافظة على الشريعة الموسويَّة, فتشبَّهوا بالصِبية العنيدين الجالسين في الساحة العامَّة الذين يرفضون الرقص في زمن الفرح, والبكاء في زمن الحُزن. حكمة الله الصائبة والعادلة لقد تطلَّع الله بحكمته الإلهيَّة من علوِّ السماء إلى كبرياء رؤساء اليهود المُعاندين, وإلى تواضع الخطأة التائبين. فنبذ الرؤساء وشجب عِنادَهُم, وحطَّهم عن كراسيهم, وكسر شموخهم. وبخلاف ذلك عطف على الخطأة التائبين وقَبِلَ ندامتهم, ورفعهم إلى درجة أبناء الله. فظهرت حكمة الله للجميع أنَّها حكمة صائبة وعادلة: " إنَّ حكمةَ اللهِ قد برَّرها جميعُ بنيها." ( لوقا 7/35 ) موقف بعض المسيحيين المتكبِّرين 1- يقف بعض المسيحيين المتكبِّرين اليومَ من الكنيسة ومن أبنائها الأوفياء موقفَ الرفض والانتقاد المرّ, كما وقف رؤساء اليهود من يوحنَّا المعمدان ومن يسوع مخلِّص العالم موقفَ الرفض والانتقاد. إنَّهم يتطلَّعون إلى رعاة الكنائس من الأساقفة والكهنة فيصفونهم بأنَّهم من فئة الذين قد استسلموا إلى الخمول وعدم الإنتاج المُفيد. ويتطلَّعون إلى الخطباء فيتَّهمونهم بأنَّ نفوسهم قد امتلأت بالكبرياء والرغبة في السيطرة على الآخرين. ويراقبون إخوانهم المسيحيين العلمانيين الأتقياء فينعتونهم بأنَّهم أصحابُ نفوسٍ ضعيفة, لا تعرف الجرأة ولا الإقدام على القيام بالمشاريع الإنسانيَّة. 2- إنَّ حكمة الله التي اختارت رُعاة الكنائس والخطباء والوعَّاظ والمُرسَلين والمؤمنين العلمانيين الأتقياء ليكونوا نور العالم وهداية الضالِّين, تنبذ موقف هؤلاء المسيحيين المتكبِّرين, وترفض أحكامهم الخاطئة, وتساند سلوك المسيحيين الفاضلين بالنعم الإلهيَّة, ليواصلوا سيرهم في طريق الخير والصلاح. وبهذه المساندة الفعَّالة تظهر حكمة الله لأبنائها البررة أنَّها حكمة صائبة وعادلة. 3- فعلى المسيحيين الأتقياء أن ينظروا إلى ما عاناه قَبْلَهم يوحنَّا المعمدان ويسوع نفسُهُ من نقد رؤساء اليهود, ويواصلوا أعمالهم البارَّة غير عابئين بانتقادات المسيحيين المتكبِّرين, مستندين إلى مؤازرة حكمة الله التي لا تخيِّب رجاءهم أبداً. التطبيق العملي 1- لا تُبالِ بالانتقادات المُرَّة التي يوجِّهُها إليك أصحاب النفوس الفاترة المشحونة بالكبرياء, بل تابعْ نشاطك الديني متوكِّلاً على نعمة الله, وشاطِرْ إخوانك في أفراحهم وأحزانهم وآمالهم فتنعم برضى حكمة الله الصائبة والعادلة. 2- ولا تتشبَّهْ بالمسيحيين المتكبِّرين الذين يعتبرون أنفسهم أتقى الناس وأقربهم إلى الله, فينتقدون إخوانهم المسيحيين انتقاداً مُرَّاً، وما انتقادهم إلاَّ مظهر من مظاهر كبريائهم وحسدهم ورغبتهم في تدمير نفوس مَنْ يسلكون السلوك القويم. |
||||
24 - 10 - 2014, 03:57 PM | رقم المشاركة : ( 6649 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
مثل المدعوِّين إلى مأدبة العشاء نصُّ الإنجيل صنعَ رَجُلٌ عشاءً فاخِراً, ودَعا إليهِ كثيراً مِنَ الناس. ثُمَّ أَرسَلَ خادِمَهُ ساعَةَ العشاءِ يقولُ للمدعوِّين: " تعالَوا , فقد أُعِدَّ العشاء." فجعلوا كُلُّهُم يعتذِرون الواحِدُ بَعْدَ الآخَر . قالَ لهُ الأَوَّلُ : " قد اشتريتُ حقلاً فلا بُدَّ لي مِنْ أَنْ أَذهبَ وأَراه , فأَسألُكَ أَنْ تَعذِرَني ." وقالَ آخر : " قد اشتريتُ خمسةَ فدادينِ بقر, وأَنا ذاهِبٌ لأُجرِّبَها , فأَسألُكَ أَن تعذِرني ." وقالَ آخر : " قد تزوَّجتُ فلا أَستطيعُ المجيء ." فرجع الخادِمُ وأَخبرَ سيِّدَهُ بذلك . فغضِبَ ربُّ البيتِ وقالَ لِخادِمِهِ : " اُخرُجْ على عَجلٍ إلى ساحاتِ المدينة وشوارعِها وأْتِ إلى هُنا بالفُقراءِ والكُسحانِ والعُميانِ والعُرجان ." فقال الخادِم: " سيِّدي قدْ أُجرِيَ ما أَمرتَ بِهِ , ولا يزالُ هُناك محلٌّ فارِغ ." فقالَ السيِّدٌ للخادِم : " أُخرُجْ إلى الطُرُقِ والأَماكِنِ المسيَّجةِ , وأَرغِمْ مَنْ فيها على الدخول، حتى يمتلئَ بيتي . فإِنِّي أَقولُ لكُم : لنْ يذوقَ عشائي أَحدٌ مِنْ أُولئك المدعوِّين ." ( لوقا 14/16-24 ). الفكرة الأساسيَّة الواردة في هذا المثل إنَّ الفكرة الأساسيَّة الواردة في هذا المثل هي أنَّ الله قد دعا رؤساء اليهود بوساطة كُلٍّ من أنبيائه الأُمناء إلى سلوك الحياة الفاضلة, ولكنَّهم رفضوا دعوته, فأعرض عنهم ونبذهم, ووجَّه دعوته إلى أفراد الشعب المسكين المُهمل. فهؤلاء لبُّوا دعوة الله وجلسوا إلى مائِدته في الملكوت السماوي. إنَّ هذه الدعوة الموجَّهة قديماً إلى اليهود, يوجِّهُها الله إلى مسيحيي أيَّامِنا فيدعوهم إلى الإيمان الحيّ وإلى سلوك الحياة الفاضلة. فبعضهم يرفض الدعوة وبعضهم يقبلها. وإليكم إيضاح هذه الفكرة. أولاً- المسيحيُّون الذين يرفضون اليومَ دعوة الله لهم إنَّ المسيحيين الذين يرفضون اليومَ دعوة الله لهم ثلاث فئات وهي : 1- فئة المسيحيين الذين يعيشون حياة الترف يعيش هؤلاء المسيحيُّون عيشة الترف ولا يشعرون بحاجةٍ إلى الدين ولا إلى متطلَّباته الخُلُقيَّة فيرفضون الدعوة ويقولون ما قاله المدعوّ الأوَّل: " لقد اشتريت حقلاً في الريف ولا بُدَّ لي من أن أذهب وأنظره, فأسألك أن تعذرني عن تلبية الدعوة. " إنَّ هؤلاء المسيحيين أناسٌ قد غمرتهم الدنيا بخيراتها, فهم ينعمون بها إلى أبعد الحدود, ويتمتَّعون بهذا الامتلاء الخارجي ولا يشعرون بفراغهم الداخلي. فما حياتهم إلاّ سلسلة استقبالات وزيارات ونزهات ومآدب وسهرات بهيجة, وهي تلهيهم عن الدعوة إلى الصلاة والعبادة والقيام بواجباتهم الدينيَّة. إنَّ مظاهر هذا الغِنى المادِّي قد خنقت فيهم الشعور الداخلي بفقرهم الروحي. 2- فئة المسيحيين الذين يتهالكون على ربح المال إنَّ هؤلاء المسيحيين ينصرفون إلى العمل من دون هوادة رغبةً منهم في الربح الكثير وتكديس الأموال، فيرفضون الدعوة ويقولون ما قاله المدعوّ الثاني: " لقد اشتريت خمسة فدادين بقر, وأنا ذاهبٌ لأجرِّبها. فأسألك أن تعذرني عن تلبية الدعوة" إنَّ العمل في عُرفهم مجلبةٌ للمال الوافر. فيُقبلون عليه بِنَهم, ولا يتركون لأنفُسهم وقتاً لدخول الكنيسة وإقامة الصلاة, حتى في أيام الأحد والعيد. إنَّ إغراء الربح يسيطر عليهم وينزع عن ذهنهم ذكر الله وفكرة الأبديَّة وواجب العبادة وحلاوة الدعوة إلى قبول الملكوت. إنَّهم عبيد العمل وعبَّاد المال. 3- فئة المسيحيين الذين يستسلمون إلى الملذَّات الجسديَّة هؤلاء المسيحيُّون لا ينظرون إلى الحياة إلاَّ من زاوية واحدة وهي التمتٌّع بملذَّات الجسد فيرفضون الدعوة ويقولون ما قاله المدعوّ الثالث: " لقد تزوَّجت, فلا أستطيع أن أجيء ولا أن ألبِّي الدعوة. " لا شكَّ في أنَّ الزواج سرُّ مقدَّس يؤازر المتزوِّجين على سلوك حياة التقوى والفضيلة, ويقودهم على الرَّغم من صعوبات الحياة اليوميَّة إلى الخلاص الأبدي. ولكنَّ هؤلاء المسيحيين الرافضين دعوة الله إلى الأخلاق الصالحة يشوِّهون الزواج بتصرُّفاتهم المَعيبة أو يقيمون علاقاتٍ جسديَّة فاسدة خارج نظام الزواج المسيحي, فيعيشون في الخطيئة ولا يشعرون بقذارة الوحل الذي يتخبَّطون فيه. إنَّ هؤلاء المسيحيين الرافضين دعوة الله لهم لن يذوقوا عشاء الرب في السماء. ثانياً- المسيحيُّون الذين يقبلون اليومَ دعوة الله لهم إنَّ المسيحيين الذين يقبلون اليومَ دعوة الله لهم فئتان: الفقراء والمشرَّدون.فمن هم هؤلاء الفقراء والمشرّدون ؟ 1- الفقراء هم المسيحيُّون الخطأة إنَّ الفقراء في العالم هم المحرومون من خيرات الدنيا. والفقراء في هذا المثل هم المسيحيُّون الخطأة المحرومون من النعمة الإلهيَّة. إنَّ الله يريد برحمته الواسعة أن لا يبقى هؤلاء الخطأة في حالة فقرهم الروحي فيدعوهم إلى التوبة, وهدفُه أن يُغنيَهُم بنعمته الإلهيَّة. فعندما تصل إليهم دعوة الله لا يتمسَّكون بخطاياهم, بل يشعرون بوضعهم الروحيّ البائس, فيندمون على سوء سلوكهم ويتوبون من خطاياهم وينعمون بغِنى نعمة الله. وهذا ما عبَّر عنه المثل عندما قال: " إنَّ الفقراء الذين دُعوا إلى العشاء لبُّوا الدعوة فدخلوا القاعة واتكأوا إلى مائِدة ربِّ البيت. " فالدعوةُ تعبيرٌ عن كرَم الله الذي لا يُهمل الخطأة ولا يتخلَّى عنهم مهما عظُمَت قباحة خطاياهم وتنوَّعت. وقد لمَّح المثل إلى هذه القباحة وهذا التنوُّع فوصفهم بأنَّهم " كُسحان وعُميان وعُرجان. " إنَّهم يلبُّون الدعوة إلى التوبة لأنَّهم يُدركون أنَّ نعمة الله تزيل عنهم عاهاتهم, وتسمو بمستواهم الروحي, وتجعلهم أهلاً لأن يجلسوا بعد الحياة الأرضيَّة إلى مائِدة الله الغنيّة ويتمتَّعوا بالسعادة الأبديَّة في الملكوت السماوي. 2- المشرَّدون هم المسيحيُّون الجُهَّال إنَّ المشرَّدين هم الذين لا مأوى لهم ولا مكان يرتاحون إليه. وقد وصفهم المثل بأنَّهم يعيشون في العراء, وعلى الطرق, وفي الأماكن المسيَّجة البعيدة, حيث لا سقف يحميهم من مطر الشتاء, ولا غطاء يمنع عنهم حرارة أشعَّة شمس الصيف. فهؤلاء المشرَّدون هم المسيحيُّون الجُهَّال. إنَّ هؤلاء المسيحيين الذين لم ينعموا قط في حياتهم بتربيةٍ مسيحيَّةٍ يعيشون كالوثنيين بعيدين عن الله والربِّ يسوع والكنيسة, ويقضون حياةً روحيَّة بائسة. إنَّهم لا يعرفون عن يسوع المسيح إلاَّ الإسم فقط, ويجهلون كلَّ الجهل التعاليم السماويَّة التي جاء بها إلى الناس, ولا ينعمون بحماية الكنيسة, ولا يشعرون بضرورة الالتجاء إليها لتُنقذهم من فقرهم الروحي البعيد المدى. فعندما يأتي إليهم الكهنة والمُرسلون ويطلعونهم على بؤسهم الديني ويدعونهم إلى معرفة قواعد إيمانهم وإلى العيش في كنف الكنيسة ليخلصوا وينعموا بملكوت الله, يستغربون هذه الدعوة ويقاومونها في بادئ الأمر. قال السيّد لخادمه : " أُخرُجْ إِلى الطُرُقِ والأَماكِنِ المُسيَّجةِ وأَرغِمْ مَنْ فيها على الدخولِ حتى يمتَلِئَ بيتي ." ولكنَّهم لا يلبثون أن يشعروا ببؤسهم الروحي فيقبلون ما يُقدَّم لهم من تعليم دينيٍّ مسيحي, ويغيِّرون سيرة حياتهم, ويعيشون عيشةً فاضِلة تؤهِّلهم إلى أن يتّكئوا بعد هذه الحياة إلى المائدة السماويَّة. ونحن نرى اليومَ، في بعض الأحيان، هذا الواقع الديني لدى بعض المسيحيين الجُهَّال الذين كانوا بعيدين عن الله والمسيح والكنيسة, ثمَّ اهتدوا إلى الحياة الفاضلة. التطبيق العملي لا تكتفِ بأن تكون مسيحيَّاً بالاسم. فالاسم لا يُفيدك شيئاً لتجلس إلى مأدبة ملكوت الله, بل عِشْ حياةً صالحة بحفظ الوصايا, وتتميم الواجبات الدينيَّة, وخدمة الآخرين, تَنَلْ مكاناً مرموقاً مع المتَّكئين إلى المائدة السماويَّة. فإنَّك قد خُلقت للسماءِ لا للأرض, وللسعادة الدائمة لا للشقاء الأبدي. |
||||
24 - 10 - 2014, 03:59 PM | رقم المشاركة : ( 6650 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
يسوع المسيح راعي الشعوب كلّها
نصُّ الإنجيل قالَ يسوع : " أَنا الراعي الصالح . الراعي الصالح يبذِلُ نفسَهُ في سبيلِ الخِراف . وأَمَّا الأجيرُ , وهو ليسَ براعٍ وليستِ الخِرافُ لهُ , فإِذا رأَى الذئبَ مُقبلاً , تَرَكَ الخِرافَ وهَرَب . فيخطَفُ الذئبُ الخِرافَ ويُبَدِّدُها , وذَلِكَ لأنَّهُ أَجيرُ لا يُبالي بالخِراف . أَنا الراعي الصالح . أَعرِفُ خِرافي , وخِرافي تعرِفُني , كما أَنَّ أَبي يعرِفُني وأَنا أَعرِفُ أَبي . وأَبذِلُ نفسي في سبيلِ الخِراف . ولي خِرافٌ أُخرى ليستْ مِنْ هذهِ الحظيرَةِ , فتِلكَ أَيضاً لا بُدَّ لي مِنْ أَنْ أَقودَها, وستُصغي إلى صوتي , فتكونُ هناكَ رعيَّةٌ واحِدَةٌ وراعٍ واحد ."(يوحنا 10/4-16 ). الفكرة الأساسيَّة الواردة في هذا التشبيه إنَّ الفكرة الأساسيَّة الواردة في هذا التشبيه هي أنَّ يسوع المسيح, الراعي الصالح, ليس راعي شعبٍ واحدٍ معيَّن, بل راعي شعوب الأرضِ كُلِّها. فهو يعتني بها جميعاً, ويعرف اسم كلِّ فردٍ منها, ويقودها في طريق الخلاص. فقد بذل ذاته لأجلها على الصليب, وهو يوفِّر لها كُلَّ إمكانيَّات الحياة السعيدة في صداقة الله على هذه الأرض وفي نعيم السماء مدى الأبديَّة. وإليكم إيضاح هذه الفكرة. مَهمَّة رئيس الشعب إنَّ تشبيه رئيس الشعب بالراعي تشبيه شائع في كتب الأنبياء. لقد شبَّه الأنبياءُ رئيسَ الشعبِ بالراعي لأنَّ موسى, رئيس الشعب الأوَّل والأكبر, كان راعياً قبل أن يدعوه الله إلى إنقاذِ شعبه من عبوديَّة فرعون، وإنَّ داؤد الملك كان هو الآخر راعياً قبل أن يُنَصِّبه الله ملكاً على شعبه، وإنَّ معظم أفراد الشعب كانوا رُعاةً في البريَّة قبل أنْ يُمارسوا المِهَن الصناعيَّة ومهنة الزراعة. وقد بقيَ هذا التشبيهُ عالِقاً في أذهانهم حتى بعد أن تركوا البادية وتبنَّوا حضارة المدن وعاشوا فيها, ومارسوا المِهَن المتنوِّعة. وهذا ما حمل يسوع على أن يشبّه نفسه بالراعي الصالح, مع أنَّه كان يتنقَّل بين المدن والقرى البعيدة عن مراعي قطعان الغنم. ولمَّا ورد هذا التشبيه في الكتاب المقدَّس عدَّة مرَّات, فقد ألِفَتْهُ الشعوب المسيحيَّة, وأخذت تُسمِّي رؤساءها الروحيين والمدنيين رُعاةً لها. يسوع الراعي الصالح قالَ يسوع عن نفسه: " أَنا الراعي الصالح ." إنَّه الراعي الصالح: 1- فهو يعرف خرافه, ويدعو كُلَّ واحدٍ منها باسمه. إنَّه يعرف جميع المسيحيين معرفةً شخصيَّةً وفرديَّة. يعرف اسم كلِّ مسيحيٍّ, ويهتمُّ بكلِّ واحدٍ من المسيحيين, فلا ينسى أحداً, ولا يُهمل أحداً, ولا يتوانى عن خدمة أحد. 2- وهو يقود خِرافَهُ في طريقِ الخلاص. فلا يكتفي بأن يعرف أسماء كلِّ المسيحيين, بل يمشي قُدَّامهم: " فإذا أَخرَجَ خِرافَهُ جميعاً سارَ قُدَّامها , وهي تتبَعُهُ لأنَّها تعرِفُ صوتَهُ ." (يوحنا 10/4) إنَّ طريق الخلاص ليس طريقاً رحْباً وسهلاً, بل طريقٌ ضيِّق وصاعد وشاقّ, وهو الذي يصِلُ بالمؤمنين الذين يتبعون يسوع إلى قِمَّة جبل الجلجلة حيث يرتفع الصليب. ومن جبل الجلجلة يقودهم يسوع إلى مجد القيامة وإلى سعادة الصعود إلى السماء. 3- إنَّ يسوع لم يكتفِ بأن يعرِفَ خِرافَه ويمشي قُدَّامها, بل بذل حياتَهُ على الصليب في سبيل سعادتها. قال يسوع: " أبذِلُ نفسي في سبيلِ الخِراف ."( يوحنَّا10/15 ) فما أسعدنا بهذا الراعي الصالح الذي يقودنا برعايته إلى سعادة الملكوت الأبدي يسوع راعي الشعوب كلّها لن يبقى يسوع راعيَ عددٍ محدود مِنَ المسيحيينَ المُنتشرينَ في العالم, بل سيكون راعيَ جميع الشعوب. فإنَّ جميعها ستُصغي إلى صوته وستؤمن به وتكون رعيَّةً واحدة تحت قيادة راعٍ واحد. ولا بُدَّ من أن تتحقَّق نبوءة يسوع. (يوحنا 10/16) الرعاة الروحيُّون والمدنيُّون قبل أن يصعد يسوع إلى السماء سلَّم رعيَّته إلى رُعاةٍ يمثِّلونه على الأرض, ويتكلَّمون باسمه, ويقودون أفراد الرعيَّة قيادةً أمينة في طريق السماء. هؤلاء الرعاة هم الرعاة الروحيُّون. إنَّهم الرسل، ومن بعدهم رؤساء الكنيسة الذين يهتمُّون بنفوس أبناء الرعيَّة باسم يسوع. ومن أبرز رعاة الكنيسة وأقربهم إلى الشعب المسيحي الكاهن, راعي الكنيسة المحليَّة. إنَّه خوري الرعيّة ويحمل لقب "الراعي" لأنَّه قد عُهِدَ إليه في الاهتمام المباشر بأبناء رعيَّته من النواحي الدينيَّة والخُلُقيَّة والتربويَّة وحتى الاجتماعيَّة. وهذا الاهتمام الموكول إليه هو خدمةٌ سامية ذات مسؤوليَّةٍ رفيعة عِنْدَ الله وفي الكنيسة, وسيؤدِّي عنها الحساب يومَ الدينونة. هذا وإنَّ للشعوب المسيحيَّة, كسائر شعوب العالم, رعاةً مدنيين يتولَّون سياسة أمورهم المدنيَّة, وعليهم تقع مسؤولية كبيرة أمام الله والشعب. فعليهم أن يكونوا رُعاةً مُخْلصين يعملون كلَّ ما في وسعهم لإسعاد شعوبهم وتوفير السلام والرفاهيَّة لبلادهم. التطبيق العملي 1- يسوع هو الراعي الصالح, فمن تَبِعَهُ لا يمشي في الظلام, بل يكون له نور الحياة. فاتبعْ يسوع دوماً بالمحافظة على وصاياه وتوجيهاته الروحيَّة السامية التي تقودك في طريق النور والحقِّ والحياة. 2- يسوع يعرِفُ اسمك ويعرف رغبات قلبك. فعندما تشعر بحاجةٍ تختلجُ في فؤادِكَ, توجَّهْ إليه واعرضْها عليه, فإنَّه واقفٌ أمامكَ ليسمع ما تقوله لـه, ومستعدٌّ كلَّ الاستعداد لأنْ يلبِّي كلَّ رغبةٍ في نفسك تؤدِّي بك إلى السعادة. |
||||