منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 29 - 01 - 2022, 01:53 PM   رقم المشاركة : ( 65911 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,301,792

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة








التسمية


سمّي الجبل الذي حاول اليهود إلقاء يسوع عَنه بجبل القفزة بناء على تقليد قديم يعود إلى العهد الصليبي. ويُقال أنَّ أهل النَّاصِرة حاولوا أن يلقوا بيسوع من فوقه، بعد عظته في المجمع، ولكنه مرَّ من بينهـم ومضى (لوقا 4: 16– 30).

فالاعتقاد انه قفز منه، واستناداً على ذلك، أطلق الصليبيون على الجبل اسم لاتيني Saltus Domini أي " قفزة الرّب".
وفي الإنكليزية Mount of the Precipice أي جبل "الهاوية" أو "الإلقاء في الهاوية" وعرف الجبل أيضا باسم "جبل القديم" "הרקדו×‍×™×‌" وذلك للعثور على مغارة قديمة عثر فيها على مكتشفات ما قبل التاريخ.

 
قديم 29 - 01 - 2022, 01:54 PM   رقم المشاركة : ( 65912 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,301,792

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة








الموقع


يقع جبل القفزة إلى الجنوب من النَّاصِرة على بعد 2 كم.
وهو جبل صخري يرتفع نحو 397 متراً من سطح البحر و280 م عن مرج بن عامر (مرج يزرعيل).
ويبلغ مساحة قمة الجبل نحو 360 م 2 دائري.
ويُشرف على جبل الطور ووادي الأُردُنّ وجبال الأُردُنّ ومرج بن عامر وجبال السامرة وجبال الكرمل.(لوقا 4: 16– 30)
 
قديم 29 - 01 - 2022, 01:56 PM   رقم المشاركة : ( 65913 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,301,792

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة







التاريخ: أشار الرهبان الفرنسيسكان عام 1926 إلى مغارة في الجبل تدعى مغارة النساك أو مغارة مريم أو مغارة القفزة الواقعة في وادي الحاج. وكان الفرنسيسكان ينظمون مسيرة إلى جبل القفزة للعبادة مرة في السنة في يوم الاثنين الواقع بعد الأحد الثالث من الصوم ذكرا لنية الإلقاء بيسوع من الجبل. وتوقفت هذه المسيرة السنوية عام 1970.

ثم استعيدت فيما بعد سنة 2000 منتهية بالصلاة على قمة الجبل. في القرن العشرين كان يستخدم الجبل كمحجر. وأمَّا الآن يخترق الجبل شارع يمر داخل نفق ويربط بين العفولة ومرج ابن عامر وصولا إلى النَّاصِرة مباشرة. وفي عام 2009 هبط قداسة البابا بندكتس السادس عشر على جبل القفزة لدى زيارته التاريخية إلى الأرض المقدسة وأقام قداسًا على مدرج تمّ إنشاؤه للمناسبة، ويتسع إلى 7000 مقعد حجري و36000 مقعد عادي. وبلغ عدد المُصلين نحو 40000 نسمة لدى زيارة البابا، وهو أكبر تجمع مسيحي في تاريخ الأرض المقدسة المقدس. (لوقا 4: 16– 30)
 
قديم 29 - 01 - 2022, 01:57 PM   رقم المشاركة : ( 65914 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,301,792

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة







مغارة جبل القفرة: عرفت هذه المغارة من خلال زيارة الحجاج لها في طريقهم إلى النَّاصِرة في زيارة خاصة للمغارة وذلك لارتباطها بذكرى "القفزة" التي ورد ذكرها في إنجيل لوقا (4: 21 -30). تقع المغارة في أسفل الجبل في الجهة الغربية بقرب جدول ماء ينزل من الجبل. وتبلغ مساحة المغارة 2X 1.63م.

قام القنصل الفرنسي نوفيل (Neuville) والبروفيسور شتكلس (Stekelis)في عام 1926بالتنقيب في الجبل فعثروا في المغارة على بقايا كنيسة بيزنطية لإكرام القديسة مريم العذراء وفيها أرضيّة فسيفسائية وقطع فخارية كالصحون والأباريق. وفي الكنيسة هناك حنية وكان جدرانها مغطاة برسومات القدِّيسين ولم يبق منها شيء على مر ّ العصور. وهناك صوامع كثيرة منتشرة حول المغارة. وقد ورد ذكر هذه الكنيسة في كتاب "ذكريات بيوت الله ". وبالقرب من المغارة بئران محفورتان في الصخر. ويبدو أن هذه الكنيسة هُدمت قبل وصول الصليبيين. وفي عام 808 كان يعيش في الموقع ثمانية رهبان.

عُثر في جبل القفزة عام 1935 على مغارة وجدت فيها بقايا قديمة أهمها: آثار لمواقد نار وقطع فخارية وطبقات من الرماد وعظام حيوانات قارضة مثل الأيل المتشعب القرنين، والأيل الأحمر، والثور البري، والوعول والخنازير والخيول البَّرية. وكانت هذه المغارة تستخدم مأوى للصيادين والرعاة لفترات موسمية فقط.

بعد إجراء الحفريات الجديدة في سنة 1954 اكَّد عالم الأثار الأب بغاتِّي أن جبل القفزة هو ليس المكان الذي تمَّ فيه الحدث الإنجيلي حيث حاول اليهود إلقائه من جرف الجبل كما ورد في الإنجيل "َقاموا ودَفَعوه إلى خارِجِ الـمَدينة وساقوه إلى حَرْفِ الـجَبَلِ الَّذي كانَت مَدينتُهم مَبنِيَّةً علَيه لِيُلقوُه عَنه" ( لوقا 4: 29) حيث أن النَّاصِرة كانت مدينة مبنيَّة على تله صغيرة إلى الشمال من كنيسة البشارة بالقرب من الكنيسة المارونية الواقعة في البلدة القديمة وهناك يحيي التقليد محاولة اليهود طرح يسوع من جرف الجبل.

وبين الأعوام 1965 – 1969 أكمل المركز الوطني للأبحاث تحت إشراف عالم الآثار فندر مارش (B. Vandermeersch) الحفريات فعثر عام 1969 على هيكل عظمي لطفل مـــــــــن عصر الموستيـري (Mousterian) أي العــــــــصر الحــــجري القـــــــــــــــــــديم المتوسط (80،000 -60،000 ق.م). كما عُثر على 13 هيكلاً عظمياً بشريا كاملا، ستة أشخاص كبار وسبعة أطفال، وكان من بين هؤلاء المدفونين جثة رجل راقد في حُجرة مستلقياً على جانبه الأيمن، وقدماه مضمومتان ومثنيّتان باتجاه الصدر كما هو الوضع في الرحم.

عاش إنسان جبل القفزة في المغارة قبل 50000 سنة وهو معاصر لإنسان نياندرتال. Neanderthal, أو الإنسان البدائي هو الذي استوطن أوروبا وأجزاء من غرب آسيا وآسيا الوسطى. وتعود آثار نياندرتال البيئية التي وجدت في أوروبا لحوالي 350,000 سنة مضت. ويقول علماء الآثار بان هذا الإنسان كمثل إنسان عتليت وإنسان جبل الكرمل هو الحلقة الناقصة في تطور الإنسان من أفريقيا إلى أوروبا.

استخدمت هذه المغارة في القرن السادس الميلادي من قبل الرهبان البيزنطيين. وفي مغارة أخرى عثر على مذبح. كما عثر في قمة الجبل عثر على مجموعة من القبور والصهاريج وقطعة فسيفساء بمساحة 6 X10 م

وقد اكتشف علماء الآثار مؤخرا 71 قطعة من المُغْرَة الحمراء red ochre -وهو شكل من أشكال أكسيد الحديد الذي ينتج الصباغ عند تسخينها -على العظام في كهف. والمُغْرَة (من اليونانية ل½*د‡دپدŒد‚ وتعني شاحب) ‏ حجر يستخرج منه صبغ أحمر بني مصفر. وتقول عالمة الآثار Hovers Erella من الجامعة العبرية في القدس: "هناك علاقة واضحة بين مغرة حمراء وعملية الدفن، ويبدو أنها قد تمَّ استخدامها كجزء من طقوس دينية". والمُغْرَة رمز الدم، ومن هذا المنطلق، فان استخدام الرموز تعود إلى 100000 وليس فقط 50000 كما كان يعتقد بعض العلماء.
 
قديم 29 - 01 - 2022, 02:00 PM   رقم المشاركة : ( 65915 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,301,792

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




جاء يسوع إلى النَّاصِرة حيث تربَّى وترعرع، ومع أن الجميع انجذبوا نحوه في بداية حديثه، وكانت عيونهم شاخصة إليه يشهدون له ويتعجَّبون من كلمات النعمة الخارجة من فمه، لكنهم سرعان ما تبدلت مشاعرهم نحوه حينما أعلن لهم حقيقة أنفسهم وتعثَّروا فيه لأنهم حسبوه ابن يوسف.

وطلبوا منه أن يُريهم آيات تثبت صحة كلامه أنه المسيح المنتظر، كما فعل أهل كفرناحوم، ولكن الرب رفض طلبهم.

وأراهم في تاريخ الأمم شخصيات أظهرت إيمانًا أفضل منهم، مثل نعمان السوري الذي ذكرت قصته مع النبي اليشاع (2 ملوك 5: 1-14)، وأرملة صرفت صيدا الذي جاء الحديث عنها مع النبي إيليا (1 ملوك 17: 8-24) فرفضوه وأرادوا أن يقتلوه مُلقين إياه من فوق الجبل، ولكن يسوع مرَّ في وسطهم ومضى ليس خوفًا منهم، وإنما لأنَّ ساعة تسليمه لنفسه لم تكن قد أتت بعد.
 
قديم 29 - 01 - 2022, 02:01 PM   رقم المشاركة : ( 65916 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,301,792

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




لخصت رواية رفض أهل النَّاصِرة ليسوع تاريخ عمله مع اليهود "إلى خاصته جاء وخاصته لم تقبله" (يوحنا 1: 14). وكما لم تقبله خاصته في مجمع النَّاصِرة لم يُقبل في هيكل أورشليم (يوحنا 2: 18 -21). بل اتخذت كلماته شهادة ضده عند محاكمته. أمَّا في النَّاصِرة فأخرجوه من المجمع وحاولوا قتله.

لا يكفي امتيازات أهل النَّاصِرة من مواطنتهم وجوارهم ليسوع فقط ليعرفوه حق المعرفة، إنما لا بدَّ من الإيمان به. فموقف أهل النَّاصِرة مع يسوع هو موقفنا بالحقيقة معه في أيامنا الحاضرة. فكثيرون لا يقبلون المسيح في أوساطهم ربا ونبياً. وكثيرون يعتبرونه بشرا سويا فقط. وتعود الأسباب إلى حسد وجهل وكبرياء وعمى وكل ذلك يعود إلى مصدر رئيسي واحد هو "عدم إيمان". حكاية أهل النَّاصِرة مع يسوع هي حكايتنا معه في أيامنا الحاضرة. ونحن أيضاً مثل أهل النَّاصِرة، نعتبر أنفسنا رفاقه، نعتبر أنفسنا من تلاميذه، ونعتقد بأننا نعرفه جيداً وقريبين منه... لكننا في أوقات أخرى، نحن أيضاً، لا نتخذ من دينه إلا الاسم أو لا نعيش من إنجيله شيئا في الحياة. وربما لا نستقبله، كما فعل أهل النَّاصِرة، أو لا نستقبل كلامه كما يجب، خاصة عندما يكون كلامًا أو تعليمًا صعبًا ويتطلب نكران الذات وجهداً. كلُّ واحد منّا، يجب أن يُقرر، إمّا القبول بيسوع وتعليمه ووصاياه، وإمَّا رفض كل ذلك.

وإنسان اليوم مضطرب وضائع. وهو بحاجة إلى معرفة الحق. ومعرفة المسيح هي معرفة الحق (لوقا 4: 22) فإن أردنا عالم اليوم أن يعرف الحق، علينا أن نُريه الحق الذي فينا ووسطنا من خلال أقوالنا وأعمالنا.
وعالم اليوم بحاجة إلى شهادة حياة قبل شهادة تعليم، وفي هذا الصدد يقول القديس يوحنا ذهبي الفم "فمن لا يقدر أن يعلِّم نفسه ويحاول أن يصلح من شأن الآخرين يجد الكثيرون يسخرون منه. بالحري مثل هذا لا يكون له القدرة على التعليم مطلقًا، لأن أعماله تنطق بعكس أقواله"

 
قديم 29 - 01 - 2022, 02:03 PM   رقم المشاركة : ( 65917 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,301,792

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة





أيها الآب السماوي، نسألك باسم يسوع،
أعطنا النعمة أن نتحرَّر من كبريائنا

وحسدنا فنومن بيسوع نبياً

ورباً وإلها وليس فقط إنسانا، جاء من أجلنا،

نحن الفقراء، الفقراء إلى الحُب، الفقراء إلى السلام،
الفقراء إلى تَفَهِّم الناس لنا وقبلونا كما نحن.
تعال يا رب، تعال وغيِّر قلبنا. ت
عال وقوي إيماننا، بعون أمنا العذراء آمين.
 
قديم 29 - 01 - 2022, 02:06 PM   رقم المشاركة : ( 65918 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,301,792

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




الاتضاع



* في إحدى المرات سأل أحد الأخوة القديس الأنبا باخوميوس أب الشركة قائلًا: "قل لنا عن منظر من المناظر التي تراها لنستفيد منه".
فأجابه القديس: إن من كان مثلي خاطئًا لا يُعطي مناظر. ولكن إن شئت أن ترى منظرًا بهيًا يفيدك بالحق، فإني أدلك عليه وهو: إذا رأيت إنسانًا متواضعًا بقلبه طاهرًا، فهذا أعظم من سائر المناظر. لأنك بواسطته تشاهد الله الذي لا يُرى. فعن أفضل من هذا المنظر لا تسأل (يقصد أنه يرى في هذا الإنسان صورة الله المتواضع).






* قال القديس أوغسطينوس:
أنت تريد أن تحصل على كل شيء. اطلب ذلك عن طريق الاتضاع:
لما قالت المرأة الكنعانية "نعم يا رب، ولكن الكلاب تأكل من الفتات الساقط من مائدة أسيادها" سمعت قوله "يا امرأة عظيم هو إيمانك" (مت15: 27-28).
وأيضًا لما قال قائد المائة "لست مستحقًا أن تدخل تحت سقف بيتي" قال الرب "الحق لم أجد ولا في إسرائيل إيمانًا عظيمًا مثل هذا" (لو7: 6-9).



فلنتمسك بالاتضاع: إن لم يكن لنا حتى الآن، فلنتعلمه. وإن كان لنا فلا نفقده.




* قال أنبا ابراكسيوس:
إن شجرة الاتضاع التي ترتفع إلى العلاء هي التواضع.
وقال أيضًا: تشبه بالعشار، فلا تدان مع الفريسي.
* وقال الأنبا أنطونيوس:
أحب الاتضاع، فهو يغطي جميع الخطايا.






* وقال الأنبا برصنوفيوس:
اقتنِ الاتضاع، فإنه يكسر جميع فخاخ العدو.






* وقال الأنبا باخوميوس:
اسلك طريق الاتضاع، لأن الله لا يرد المتواضع خائبًا. لكنه يُسقط المتكبر، وتكون سقطته شنيعة.
احذر من تكبر القلب، لأنه أشنع الرذائل كلها.
* وقال أيضًا: كن متواضعًا لتكون فرحًا. لأن الفرح يتمشى مع الاتضاع. كن متضعًا ليحرسك الرب ويقويك. فإنه يقول إنه ينظر إلى المتواضعين. كن وديعًا، لكي يملأك الرب حكمة ومعرفة وفهمًا. لأنه مكتوب أنه يهدي الودعاء بالحكم، ويعلم المتواضعين طرقه.






* وقال أنبا يوحنا القصير:
يجب قبل كل شيء أن نقوم بالتواضع. لأن هذه هي الوصية الأولى التي قال ربنا عنها "طوبى للمساكين بالروح، لأن لهم ملكوت السموات" (مت5: 3).






* وقال الشيخ الروحاني:
تسربل يا أخي بالتواضع في كل وقت، لأنه يُلبس نفسك المسيح معطيه.






* وقال مار اسحق:
حِب الاتضاع في كل تدابيرك، لتخلص من الفخاخ التي لا تُدرك، الموجودة في كل حين خارج السبل التي يسلك فيها المتضعون.
* وقال أيضًا: لا تلتمس أن تُكرم وأنت مملوء من الداخل جراحات. ابغض الكرامة فتكرم. ولا تحبها لئلا تُهان.
من عدا وراء الكرامة هربت منه. ومن هرب منها بمعرفة قصدته، وأنذرت كافة الناس باتضاعه.
* وقال أيضًا: تواضع في علوك، ولا تتعاظم في حقارتك.. ضع ذاتك، وصغّر قدرك عند جميع الناس. فتعلو على الرؤساء في هذا العالم.
كن أميًا في حكمتك. ولا تتظاهر بالحكمة وأنت أمي.
* وقال كذلك: أيها الإنسان الشقي: إن أردت أن تجد الحياة، تمسك بالإيمان والتواضع، لكي تجد بهما رحمة ومعونة وصوتًا من الله في قلبك.. وإن أردت أن تقتني هذين.. تمسك من مبدأ أمرك بالبساطة. واسلك قدام الله بسذاجة وليس بمعرفة.






* وقال الشيخ الروحاني:
يقول النبي: الويل للحكيم في عيني نفسه.. فكن مثل عبد عند مواليه، وليس مثل أخ عند أخوته..
كن الأول في الأعمال التي يترفع عن عملها غيرك. وكن آخر من يرتب الأمور ويدبرها.
ألبس التواضع في كل حين، وهو يجعلك مسكنًا لله.
* وقال أيضًا: كما ينبغي للشاب الصوم والنسك، هكذا ينبغي للشيوخ الاتضاع والتنازل. لأجل أنه دائمًا يلصق بهم الظن والمجد الباطل. وإلى جهاد النفس يحتاجون، أكثر من جهاد الجسد.
* وقال أيضًا: الكنز المخفي في الأرض لا ينقص، ولا يُخاف عليه من السارقين. وكنز المعرفة داخل القلب، ما تسلبه أفكار المجد الباطل.






وقال مار إفرآم:
كما أن الجسد يحتاج إلى ثوب، سواء كان الجو دافئًا أو باردًا.. كذلك النفس على الدوام تحتاج إلى رداء الاتضاع.
قنية نفيسة هي تواضع العقل.. اختر أن تمشي عاريًا حافيًا، من أن تتعرى منه. فإن الذين يحبون التواضع، يسترهم الرب.
* وقال أيضًا: إذا شاهدت نفسك مكللًا بالفضائل وعاليًا فيها، فحينئذ تحتاج بالأكثر إلى تواضع العقل، لكي تضع أساسًا سليمًا لعملك، ويثبت البناء مصانًا غير متزعزع.
* لا تعظّم شأن نفسك، لأنه ربما توافيك محنة فتوبخ الظانين فيك حسنًا، حب التواضع فإنه سور لا يُنقب قدام العدو، وصخرة صادمة تكسر حيل الشيطان.






* قال القديس مقاريوس الكبير:
الصوم بدون صلاة واتضاع، يشبه نسرًا مكسور الجناحين.






* وقال مار اسحق:
إذا سلكت في عمل الفضيلة حسنًا، ولم تحس مذاقة معونتها، فلا تعجب من ذلك. لأنه إن لم يتضع الإنسان، لن يأخذ مكافأة عمله. المكافأة ليست تُعطى للعمل، بل بالاتضاع. والذي فقد الاتضاع، فقد ضيّع تعبه وعمله.
وقال أيضًا: إن عبرت على جميع منازل الفضيلة، فإنك لن تصادف راحة من تعبك، ولا انعتاقًا من حيل أعدائك، إلى أن تصل إلى منزل الاتضاع.




* قال القديس الأنبا أنطونيوس:
"إن نسينا خطايانا، يذكرها لنا الله. وإن ذكرنا خطايانا، لا يذكرها لنا الله".
لذلك احذر من أن تنسى خطاياك، لئلا تنتفخ وتظن في نفسك الظنون، أو تصير بارًا في عيني نفسك.
وإن حوربت بالبر الذاتي والكرامة، فقل لنفسك: أنا لا استحق شيئًا بسبب خطاياي..
وإن كان الله من فرط محبته ورحمته قد ستر خطاياي على الناس، لكنني أعرفها جيدًا ولا أنساها، لئلا أتكبر باطلًا.




* قال القديس أيسوذورس:
إن شرف التواضع عظيم، وسقوط المتعاظم فظيع جدًا. وأنا أشير عليكم أن تلزموا التواضع، فلن تسقطوا أبدًا.




* وقال القديس أوغسطينوس:
اتضع في إلهك المتضع، لكيما ترتفع في إلهك الممجد.




احذر من التواضع الزائف



ليس التواضع مجرد كلمة، إنما هو حياة لها قواعدها الروحية، ولها ارتباط بعدد كبير من الفضائل تكون سببًا للاتضاع أو يكون الاتضاع سببًا لها.. وعلينا أن نتأمل كل هذا، ونعرف الوسائل التي توصلنا إلى التواضع ونمارسها.
وأولًا نعرف التواضع الحقيقي، ونبعد عن التواضع الزائف:
فكثيرون يستخدمون ألفاظ التواضع، وهم بعيدون كل البعد عن روح الاتضاع. وقد يقولون إنهم خطاة ضعفاء، ولا يحتملون إطلاقًا أن يقال لهم مثل هذا. وقد ينحنون برؤوسهم أمام غيرهم. وقلوبهم لا تنحني أبدًا ولا أفكارهم.









عجبت ذات مرة حينما قرأت افتتاحية إحدى المجلات القبطية. وكان الكاتب يتحدث عن تواضع السيد المسيح أثناء عماده، وكيف أنه أنحنى أمام المعمدان الذي هو اقل منه بما لا يقال. وذلك لكي يكمل كل بر.
وإذا بالكاتب يختم مقاله بعبارة "أعطنا يا رب نحن أيضًا أن ننحني أمام من هم أقل منا، لكي نكمل كل بر! مادام هو في أعماقه يعتقد أنهم أقل منه، فهل يُحسب انحناؤه اتضاعًا!!
بينما القلب مرتفع عليهم من الداخل ينظر إليهم في استصغار..؟!






وهناك قصة رواها يوحنا كاسيان عن القديس سرابيون الكبير:
وكيف أن أحد الرهبان الجائلين قد زاره. فلما دعاه القديس إلى أن يبدأ الصلاة أو التأمل في الكتاب، قال إنه غير مستحق. ولما دعاه إلى الجلوس على الحصير بدلًا من جلوسه على التراب، قال أيضًا إنه غير مستحق. ثم نصحه القديس أن يثبت في قلايته، ولا يجول هنا وهناك، حينئذ لم يحتمل، وأحمر وجهه مثل السبع. فقال له القديس سيرابيون.
"ليس التواضع يا ابني، أن تلوم نفسك ملامة باطلة..! إنما التواضع هو في احتمالك الملامة التي تأتيك من الآخرين".
ولعل حكمة القديس تظهر في أن البعض قد يصف نفسه بأوصاف متضعة، هو لا يعتقدها في نفسه، أو أنه يصف نفسه بالخطية والضعف، لكي يقول الناس عنه إنه متواضع، فيكسب بذلك مدح الآخرين!! ولو قيلت عنه هذه الصفات لغضب. ولو عرف أن الناس سيصدقون ما يقول عن نفسه من عيب، ما كان يقول ذلك مطلقًا.
أما أنت فليكن لك التواضع الحقيقي باقتناع داخلي صادق أنك كذلك: فيك ما تصف به نفسك من نقص.






قال مار اسحق محذرًا من اتخاذ ألفاظ الاتضاع وسيلة للكبرياء:
"إن حقّرت نفسك لكي تكرم، الرب يفضحك..".
"وإن أنت امتهنت ذاتك لأجل الحق، فإن الرب يتقدم إلى براياه فيمدحونك، ويفتحون قدامك باب مجده الذي يتكلم به منذ الأزل، ويمجدونك كالباري لأنك بالحقيقية تكون على صورته ومثاله".




تواضع الله



أكلمكم اليوم عن أعظم مثل للتواضع، أو هو المثل الحقيقي للتواضع. وأعني به تواضع الله تبارك اسمه. وكيف ذلك؟
إن الله هو الوحيد الذي يمكن أن يتواضع بحق.
لأنه هو الوحيد العالي جدًا، الذي يتنازل من علوه..
أما الإنسان الذي هو تراب ورماد (تك18: 27)، والذي كان عدمًا قبل أن يكون ترابًا. الإنسان الذي كله خطية وإثم، ما هو معنى التواضع بالنسبة إليه؟ ليس هو في علو لكي ينزل منه، وليس في كمال حتى يخفيه.. إنما التواضع بالنسبة إليه، هو أن يعرف أصله ويعرف ضعفه، ويعرف خطيته. وكما قال أحد الآباء:
تواضع الإنسان هو أن يعرف نفسه..
أما الله فهو الكامل في عظمته، الكامل في قداسته وفي قدرته، غير المحدود في كماله.. فهو الوحيد الذي تليق به صفة التواضع. فكيف إذن ظهر تواضع الله، على قدر ما نفهم تواضعه؟ ونقصد تواضع الله بصفة عامة، وتواضع كل أقنوم على حده:






* كان الله متواضعًا في خلقه للكائنات. فلم يشأ أن ينفرد وحده بصفة الوجود، فمنح الوجود لغيره..
كان وحده منذ الأزل.. ولم يرد -في تواضعه- أن يظل وحده. فأشرك معه في الوجود ما لم يكن..
كثير من الناس -إن وُجد أحد منهم في عظمة أو في منصب- يجمع كل السلطة في يده، ولا يُشرك معه أحدًا في عمل أو تصرف..! أما الله، فلم يفعل هكذا، ولم يشأ أن ينفرد. ومنح العدم وجودًا. ومنح البعض منه حياة، بل أيضًا منحه قوة وسلطة!!






* ومنح البعض من مخلوقاته طبيعة سامية جدًا.
مثال ذلك الملائكة "المقتدرون قوة" كما وصفهم المرتل في المزمور (مز 103: 20). بل أن واحدًا منهم -سطانائيل- الذي صار شيطانًا فيما بعد، قال عنه الرب في سفر حزقيال النبي"أَنْتَ خَاتِمُ الْكَمَالِ، مَلآنٌ حِكْمَةً وَكَامِلُ الْجَمَالِ.. أَنْتَ الْكَارُوبُ الْمُنْبَسِطُ الْمُظَلِّلُ.. أَنْتَ كَامِلٌ فِي طُرُقِكَ مِنْ يَوْمَ خُلِقْتَ حَتَّى وُجِدَ فِيكَ إِثْمٌ" (حز28: 12-15).




* ومن تواضع الله أن الكائنات التي تمردت عليه، لا يزال يبقيها حتى الآن، ويسمح أن يكون لها سلطان وقدرة!!
خذوا مثالًا ذلك الشيطان: تمرد على الله، وأراد أن يصير مثل العليّ (أش14:14). وأسقط معه عددًا كبيرًا من القوات السمائية، قيل إنهم ملائكته (رؤ12: 7). وكان بإمكان الله أن يفنيه. ولكن من تواضع الله أنه لم يقض على هذا العدو المقاوم، بل استبقاه. وترك له سلطانًا، كما قيل عن الأشرار "هذه ساعتكم وسلطان الظلام" (لو22: 53). والأكثر من هذا إنه صارت له قوة أن يصنع آيات وعجائب، كما قيل عن ضد المسيح في أيام الارتداد الأخير إن "مجيئه بعمل الشيطان بكل قوة وبآيات وعجائب كاذبة، وبكل خديعة الإثم في الهالكين" (2 تس2: 9، 10).
وكلما أتأمل كيف أن في العالم أناسًا يشتمون الله، ويجدفون عليه ليل نهار، وأناسًا ينكرون وجود الله، ولا يعترفون به، وأناسًا يعصون الله ويحرضون على عصيانه.. ومع ذلك يحتمل الله كل هذا السبّ والتجديف والعصيان، دون أن يفني مقاوميه.. أدرك في أعماقي مقدار التواضع العجيب الذي يتصف به الله..




* ومن تواضع الله، أنه يبعد عن مظاهر العظمة التي تجلب المديح وتبهر الناس. مثال ذلك ندرة استخدامه للمعجزات!
بإمكان الله أن يبهر الناس كل يوم وكل ساعة وكل لحظة بالمعجزات والآيات والعجائب، وبالرؤى والاستعلانات والظهورات المقدسة.. فيجعلهم يلهجون بمجده، ويسجدون أمام قدرته، وعلى الأقل يعترفون بوجوده. ولكنه مع ذلك لم يفعل! ويقتصر إجراء المعجزات على الضرورات النادرة..! إنه يريد أن يجذب الناس إليه بالحب والاقتناع وليس بالعجائب والمعجزات والعظمة..




* الله أيضًا في تواضعه، يسمح لأقل الناس أن يخاطبه!
عجيب أن يجد "التراب والرماد" فرصته ليتحدث مع الله، الله الذي تقف أمامه الملائكة ورؤساء الملائكة والشاروبيم والساروفيم، وكل الجمع غير المحصى الذي للقوات السمائية، بكل توقير وخشية..
قد يجد الإنسان صعوبة في كثير من الأحيان، أن يتحدث مع تراب مثله، إن كان ذلك التراب له منصب عالٍ أو مركز كبير! أما الله فيمكنك أن تكلمه وأن تتفاهم معه. بل من الجائز أن تكلمه، وقد كسرت وصاياه منذ دقائق أو لحظات!




وفي تواضع الله، سمح أن يتحدث حتى مع أشر الخطاة!
تنازل وتكلم مع قايين، أول قاتل على وجه الأرض. ولما قال له قايين"إنك قد طردتني اليوم عن وجه الأرض.. فيكون كل من وجدني يقتلني"، أجابه في عدل وعطف "كل من قتل قايين، فسبعة أضعاف ينتقم منه" (تك4: 14، 15).




وتنازل الله، فأرسل ملاكًا يتكلم مع بلعام.. وذلك الإنسان المضل الذي أعثر الشعب وألقى معثرة أمامه وجعله يخطئ (رؤ2: 14).

سمح الله بتواضعه أن ينطلق الروح القدس على فمه بنبوءات تُعد من أشهر النبوءات عن التجسد (عد24: 17).. حتى أن هذا المضل قال عن نفسه "وحي بلعام بن بعور، وحي الرجل المفتوح العينين، وحي الذي يسمع أقوال الله، الذي يرى رؤى الله، مطروحًا وهو مكشوف العينين" (عد24: 3، 4) وقال إنه "يعرف معرفة العلي" (عد 24: 16)!






والله في تواضعه، يأخذ موقف من يستشير أنبيائه:



فعندما رأى أن "صراخ سادوم وعمورة قد كثر، وخطيئتهم قد عظمت جدًا" (تك 18: 20)، وأراد أن يهلكهم، قال "هل أخفي عن إبراهيم ما أنا فاعله؟!" (تك18: 17). ومن هو إبراهيم هذا الذي تريد أن تخبره قبل أن تُجري مشيئتك؟ أليس هو حفنة من تراب ورماد؟ كلا، يقول الرب، بل "إبراهيم يكون أمة كبيرة وقوية، وتتبارك به جميع أمم الأرض" (تك18: 18).
ويعرض الرب على إبراهيم، ويعطيه الفرصة والحرية أن يجادله، وأن يقول له "عسى أن يكون خمسون بارًا في المدينة.. حاشا لك أن تفعل هذا الأمر، أن تبيد البار مع الأثيم، فيكون البار كالأثيم! حاشا لك. أديان الأرض كلها لا يصنع عدلًا؟!" (تك18: 24-25). وتستمر المناقشة، ويقبل الرب الحوار، بل يقبل بتواضعه الجرأة في الحوار!






ويتكرر الأمر مع موسى النبي عندما أراد الرب أن يفني ذلك الشعب، الذي صنع عجلًا من ذهب وعبده (خر 32).
كان الرب قد قرر إفناء ذلك الشعب الخائن. ولكنه نادى موسى أولًا. وقال له فسد شعبك الذي أصعدته من أرض مصر. زاغوا سريعًا عن الطريق الذي أوصيتهم به. صنعوا عجلًا مسبوكًا وسجدوا له، وذبحوا له، وقالوا هذه آلهتك يا إسرائيل التي أصعدتك من أرض مصر.. فالآن اتركني ليحمى غضبي عليهم وأفنيهم.." (خر 32: 7-10).
عجيب هو تواضع الرب في قوله لعبده موسى "أتركني..".
من هو هذا موسى يا رب الذي تطلب إليه أن يتركك لتنفذ مشيئتك؟! على أن موسى هذا لم يتركه ليغضب ويُفنى. بل قال له "والآن إن غفرت خطيتهم. وإلا فامحني من كتابك الذي كتبت" (خر32: 32)!! وسمع الرب لموسى، ولم يفنهم.
يذكرني هذا الموقف بقصة الرب مع يعقوب وهو يصارعه: إذ قال الرب ليعقوب "أطلقني، فإنه قد طلع الفجر" فقال يعقوب "لا أطلقك حتى تباركني" (تك32: 26).






ونلاحظ في تواضع الرب مع إبراهيم وموسى نقطة هامة وهي:
* إن الله سمح لهما في حوارهما معه بألفاظ تبدو شديدة.
إبراهيم يقول للرب "حاشا لك أن تفعل مثل هذا الأمر.. أديان الأرض كلها لا يصنع عدلًا؟! (تك 18). وموسى يقول للرب "ارجع يا رب عن حمو غضبك واندم على الشر" لماذا يتكلم المصريون قائلين: أخرجهم بخبث، ليقتلهم في الجبال، ويفنيهم عن وجه الأرض!" (خر32: 12).
* إن الرب في تواضعه يسمح لنا أن نناقشه، بل يطلب منا ذلك بقوله: "هلم نتحاجج، يقول الرب" (أش1: 18).
هناك أناس لا يقبلون أن يناقشهم أحد فيما يصدرونه من أوامر ومن قرارات. يعتبرون ذلك كبرياء ممن يناقشهم، وتجاوزًا لحدوده. وإقلالًا من كرامتهم وهيبتهم. أما الله فإنه في تواضعه يقبل الحوار والنقاش:






أيوب الصديق يقول للرب "لا تستذنبني. فهمني لماذا تخاصمني؟ أحسن عندك أن تظلم، أن ترذل عمل يديك؟!" (أي10: 2، 3).
وإرميا النبي يقول له "أبرّ أنت يا رب من أن أخاصمك، . ولكني أكلمك من جهة أحكامك: لماذا تنجح طريق الأشرار؟ اطمأن كل الغادرين غدرًا!" (أر12: 1).
وداود النبي يعاتبه قائلًا "لماذا يا رب تقف بعيدًا؟ لماذا تختفي في أزمنة الضيق؟!" (مز10: 1).
والرب يسمع كل هذا، بتواضعه وسعة صدر، ولا يغضب.






* ومن تواضع الرب إنه يرفع شأن أولاده. وقد يعطيهم ألقابه.
يقول لعبده موسى "أنظر. قد جعلتك إلهًا لفرعون (أي سيدًا له). وهرون أخوك يكون نبيك" (خر7: 1). ولما اعتذر موسى عن إرساليته، بحجة أنه ثقيل الفم واللسان، منحه هرون أخاه، وقال له "تكلّمه وتضع الكلمات في فمه، وأنا أكون مع فمك ومع فمه.. هو يكلم الشعب عنك، وهو يكون لك فمًا، وأنت تكون له إلهًا (أي توحي إليه) (خر4: 15-17).






وعندما أراد الله أن يكون لموسى سبعون شيخًا يساعدونه، قال له: "اجمع إليّ سبعين رجلًا من شيوخ إسرائيل الذين تعلم أنهم شيوخ الشعب وعرفاؤه.. فأنزل أنا وأتكلم معك.. وآخذ من الروح الذي عليك، وأضع عليهم" (عد11: 16، 17).. وفعل الله هكذا (عد11: 25). كان يمكنه أن يمنحهم الروح مباشرة. ولكنه أخذ من الروح الذي على موسى ووضع على السبعين. فلما حلّ عليهم الروح تنبأوا (عد 11: 25). من تواضع الله، أراد أن يشعر أولئك الشيوخ أنهم من أتباع موسى، قد أخذوا من الروح الذي عليه..
وبنفس الوضع رفع الرب من شأن يوسف الصديق، وجعله أبًا لفرعون، وسيدًا لكل بيته، (تك45: 8).






* والشريعة التي هي شريعة الله، تسمى شريعة موسى.
وهكذا فإن داود الملك قال قبل وفاته لابنه سليمان، "أحفظ شعائر الرب إلهك.. كما هو مكتوب في شريعة موسى، لكي تفلح في كل ما تفعل.." (1مل2: 3). وسميت أيضًا "شريعة موسى" في سفر نحميا (نح8: 1). وفي سفر دانيال النبي (دا9: 11). إنها شريعة الله. ولكن من تواضعه سميت شريعة موسى.






وأسفار الأنبياء أيضًا سميت بأسمائهم، مع أنها كتب الله.
ولكن الله -من تواضعه- سمح أن تُطلق عليها أسماؤهم. فيقال سفر صموئيل النبي، وسفر إشعياء، وإرميا، وحزقيال، ودانيال، وملاخي.
وربنا يسوع المسيح يقول للكتبة والفريسيين "إن موسى -من أجل قساوة قلوبكم- أذن لكم بالطلاق" (مت19: 8).. مع أن الإذن صدر من الله.. ولكن لا مانع أن يُنسب إلى موسى، تواضعًا من الله، ورغبة منه في أن يرفع من شأن أولاده..






وبعد، يعوزنا في الحديث عن تواضع الله، أن نتحدث عن تواضع أقنوم الابن، وأقنوم الروح القدس.



 
قديم 29 - 01 - 2022, 02:09 PM   رقم المشاركة : ( 65919 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,301,792

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة





* في إحدى المرات سأل أحد الأخوة القديس الأنبا باخوميوس أب الشركة قائلًا: "قل لنا عن منظر من المناظر التي تراها لنستفيد منه".
فأجابه القديس: إن من كان مثلي خاطئًا لا يُعطي مناظر. ولكن إن شئت أن ترى منظرًا بهيًا يفيدك بالحق، فإني أدلك عليه وهو: إذا رأيت إنسانًا متواضعًا بقلبه طاهرًا، فهذا أعظم من سائر المناظر. لأنك بواسطته تشاهد الله الذي لا يُرى. فعن أفضل من هذا المنظر لا تسأل (يقصد أنه يرى في هذا الإنسان صورة الله المتواضع).

 
قديم 29 - 01 - 2022, 02:10 PM   رقم المشاركة : ( 65920 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,301,792

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

القديس أوغسطينوس




أنت تريد أن تحصل على كل شيء.
اطلب ذلك عن طريق الاتضاع
 
موضوع مغلق

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:01 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025