20 - 09 - 2014, 05:05 PM | رقم المشاركة : ( 6261 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
تأسيس السر الله الخالق أسس السر في بدء الخلق في الفردوس " فَخَلَقَ اللهُ الإنسان عَلَى صُورَتِهِ. عَلَى صُورَةِ اللهِ خَلَقَهُ. ذَكَرا وأنثى خَلَقَهُمْ، وَبَارَكَهُمُ اللهُ وَقَالَ لَهُمْ:اثْمِرُوا وَاكْثُرُوا وَامْلاوا الأرض وَاخْضِعُوهَا " ( تك 1: 27 ) الزواج في المفهوم المسيحي: الزواج مؤسسة إلهية منذ فجر الخليقة وليس مجرد عقد اتفاق بين شخصين كما يقول البعض. في الزواج المسيحي عندما يتقدم الزوجان للآب السماوي ويقدّمان له في المسيح حياتهما كلها، عندما يجتمع اثنان باسم يسوع المسيح ويكون المسيح بينهما، يُطعّم الحب البشري بالحب الإلهي ويتحقق الاتحاد الأصيل فيصير الاثنان واحداً في المسيح الذي يجمعهما بالروح القدس.نحن نؤمن أن الزواج المسيحي سرّ مقدس يقام في الكنيسة حيث يأتي الحبيبان ويقدّمان لله حبهما بيسوع المسيح. فيبارك الله زواجهما ويجمعهما ويجعلهما جسداً واحداً.العلامة التي تميّز الزواج المسيحي هي هذه البركة التي يسعى إليها الزوجان اللذان يرضيان بالعيش معاً قبل تقديم حبهما عبر الكنيسة والحصول نعمته عبر السر المقدس. فالزواج المسيحي ليس مجرد عقد يتم بين شخصين. إنه مؤسسة إلهية يدخل الله فيها شريكاً، وهي أبدية لا تزول. فالموت نفسه لا يفرّق بين الزوجين المسيحيين.من هنا موقف المسيحية من الزواج غير الكنسي بأنه عقد وليس ارتباطاً مقدساً لأن لا بركة إلهية قدسته .ولكي تحل بركة الله على العروسين، يجب أن يكون المسيح حالاً في قلبيهما، كما يجب عليهما أن يعيا معنى المحبة الكاملة التي علمها يسوع للبشر قولاً وفعلاً والتي ستجمعهما. " ليس لحب أعظم من هذا أن يضع أحد نفسه لأجل أحبائه" (يوحنا13:15). تختصر هذه الكلمات القليلة سر الفداء بأسره، لأنه سر الحب، النابع من محبة الله للبشر، وبهذا تختصر علاقة المسيح بالكنيسة. يكرر الرسول بولس هذه الصورة في رسالته إلى أهل أفسس (الإصحاح الخامس) عند حديثه عن الزواج، فيشبّه علاقة الرجل بالمرأة، أي الزوجين، بعلاقة المسيح بالكنيسة: "أيها الرجال أحبوا نسائكم كما أحب المسيح الكنيسة وأسلم نفسه لأجلها، لكي يقدسها مطهراً إياها" (أفسس5: 25-26). هدف الحب هذا هو القداسة، فالزواج يشكل أحد دربي القداسة والدرب الآخر البتولية، لأن الحب هو الركيزة الأساسية فيهما. لذلك وبحسب مفهوم لكتاب المقدس، إذا أردنا أن نتعلم معنى الحب، وبخاصة الحب الزوجي، علينا أن ننظر إلى حب المسيح للكنيسة ونتعلّم منه كيف يكون الحب الأعظم. عندما أحب المسيح الناس مات من أجلهم على الصليب ولم ينظر إلى ضعفاتهم وعيوبهم. هكذا في الزواج، يعلن الواحد أن الآخر مبتغاه بكل عيوبه، وانه مستعد أن يبذل نفسه لأجل من يحب " لذلك اقبلوا بعضكم بعضاً كما أن المسيح قبلنا لمجد الله " (رومية7:15). على هذا الأساس يضع الكاهن اكليلي الشهادة على رأسي العروسين.الحب هو حركة الخروج من الأنانية والفردية نحو الوحدة التي لا تذيب الأشخاص ولكن تؤكدهم (كاتحاد الألوهة والبشرية في شخص يسوع المسيح).الزواج في جوهره محاولة لتحقيق هذه الوحدة حيث الاثنان يصيران ليس فقط روحاً واحداً بل جسداً واحداً. هذا كان في البدء عندما خلق الله الإنسان ذكراً وأنثى على مثاله عمله. الله أرادهما واحداً عندما خلقهما. †أيها الرب إلهنا بالمجد والكرامةكللهما |
||||
20 - 09 - 2014, 05:14 PM | رقم المشاركة : ( 6262 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
سرّ الزواج مقدّمــة موضوع الزواج والعيلة هو قصّة الحياة والحُبّ. وحكاية الخلق حيث تولد وتتعاقب فصول الحياة البشريّة وتتّسع لتشمل العيلة البيتيّة والمجتمع والكنيسة. عمر الزواج في التاريخ من عمر الإنسان. يتضمّن الزواج أبعاد الإنسان في محاور وجوده وتكامله. في تربيته وكرامته، في سعادته وخلاصه وطقوسه؛ اختلفت حوله المفاهيم والنظريّات، باختلاف الأديان والحضارات على مدى التاريخ. تعرّضت الحياة الزوجيّة، ولا زالت، لهزّات العادات اللاأخلاقيّة والعشوائيّة ومنها: مشاعيّة الزواج، والطلاق الكيفيّ، وعبادة الشهوة الجسديّة وغرائز الإمتاع. ما يعنينا من الحديث: الزواج بالمفهوم المسيحيّ وطرحه. ينطلق مفهوم الزواج بالمسيحيّة من ثلاثة نداءات: 1- كينونة الإنسان الطبيعيّة. 2- إرادة اللـه وتصميمه في تركيبة الإنسان وهويّته ومهامه. 3- الأسرة حيث يُحقِّق الإنسان كينونته ومهامه، ويُجيب على نداء الأبوّة والأمومة وغايات الزواج. عرّفنا الوحي الإلهيّ على اللـه ثالوثًا متساويًا، هو في ذاته محبّة، حوار، خلق، شراكة، جماعة أشخاص وعلاقة؛ على مثاله خلق الإنسان عائلة مؤلّفة من أبّ وأمّ وولد، في جدليّة وجود بين الأنا والأنت في النحن. صمّم اللـهُ الإنسان على الحُبّ والانشداد والانجذاب نحو الآخر. صمّم الإنسان على الوحدة والديمومة وأعلن هذه الحقيقة في قصّة الخلق: إنّها شرعة الزواج في الآيات الخمس الواردة في الكتاب المقدّس، «لا يحسن أن يكون الإنسان وحده، فأصنع له عونًا بـإزائه» «أنموا واكثروا واملأوا الأرض وأَخضعوها» «يترك الرجل أباه وأمّه ...» «يصيران جسدًا واحدًا» «ما جمعه اللـه لا يفرّقه إنسان».هذا يعني: تكاملوا، الواحد بالآخر وازدهروا وتفتّحوا بالحُبّ والحياة والوحدة. توالدوا وتكاثروا واشتركوا في الخلق معي. كمِّلوا بناء الخليقة وتطويرها، نظّموها وأنسنوها. نستخلص ممّا تقدّم أنّ طبيعة الإنسان ثنائيّة ومتساوية، علائقيّة في الطبيعة، منفتحة بقصد اللـه على الحُبّ والحياة. والحُبّ والحياة يهدفان إلى الأبوّة والأمومة. والأبوّة والأمومة مصوّبان على الولد. إنّ وجود الإنسان هو نداء إلى آخر وعبور من الأنا إلى الأنت برمج السيّد المسيح بتعليمه وأعماله، دورة الحياة في الأبوّة والأمومة على حبّة القمح المأسويّة، الّتي يجب أنّ تموت عن البخل والأنانيّة، لكي تقوم وتتكاثر للحصاد. برمج الحياة على الآخر، لوهب الحياة وخدمتها، ومن هنا حتميّة الزواج والعيلة. أولاً، الزواج في المفهوم المسيحيّ وطرحه لقد أسّس الخالق شركة الزواج في الحُبّ والحياة ووضع لها الشرائع والنواميس، لاستمرار النوع البشريّ وتقدّم الشخص ونموّه وبناء المجتمع.لذلك ينطلق مفهوم الزواج المسيحيّ من المعتقد اللاهوتيّ والوحي، فهو مؤسّسة إلهيّة وإنسانيّة معًا. واختلاف الجنسين هو أصل الحياة في المجتمع القائم على الحُبّ. وجاء الزواج عيد المشاركة واللقاء بين إرادة اللـه وإرادة البشر، عرس الوصال والجواب على نداء الكينونة وتصميم اللـه. إنّها إرادة اللـه تتجلّى في قصّة الخلق. لقد اختبر آدم العزلة والحُرمان من الطفولة والوالدين والعيلة والأصدقاء؛ وطلب العون على الوحشة والعزلة وتحمّل مسؤوليّات الحياة ودعواتها، الصديقة والرفيقة. جاءت حوّاء فهتف لها هتاف الغبطة والفرح «هوذا لحم من لحمي وعظم من عظامي» (تك1:4 )هتفت له نشيد الحُبّ والسعادة «قد رزقت رجلاً من عند الربّ». فالإنسان هو عطيّة اللـه للإنسان والهديّة، وباتّحادهما معًا يكتشفان إزدهارهما، وتكاملهما، ويشتركان في وظيفة اللـه الخالق، في مسؤوليّة الأبوّة والأمومة، وإعطاء الحياة وخدمتها، احتضانها وتربيتها.الإنسان، في كينونته، يختبر ذاته، حالة انشداد وتوق وانجذاب وانتساب إلى آخر. فالضلع يتوق إلى اكتماله ويلتصق الواحد بالآخر ويصيران جسدًا واحدًا. هي التعبير عن الشراكة والقرابة. بالعيلة يلجُ الإنسان إلى الوجود وتكمن عناصر المهمّة: «انموا واكثروا واملأوا الأرض وأخضعوها». وهذا ما اقتضى الزواج، وبناء العائلة كمرجعيّة ونموذج لمسيرة الإيمان والحياة، لأنّها: 1- بيئة الحياة والحُبّ، بيئة التنشئة على الحُبّ والحياة. 2- الكنيسة البيتيّة: مدرسة الصلاة ، جماعة العيدوالمشاركة والحوار،جماعة عيش الإيمان والرجاء والمحبّة والتربية عليها والشهادة لها، والتلمذة على كلمة اللـه. إنّها سرّ الأخ وجماعة الأخوة والغفران ومصدر كلّ الفضائل. إنّها عبور من قطب الأنا اللامتناهي إلى قطب اللامتناهي الإنسانيّ: الأسرة، الكنيسة، الوطن والإنسانيّة. من هنا توجّه قداسة البابا يوحنّا بولس الثاني إلى العيال بالقول «اجعلوا من الإنجيل قاعدةً لحياتكم العائليّة ومن حياتكم فصلاً من الإنجيل». 3- إنجيل السلام والفرح، وشهادة القيامة والرجاء وأيقونة الثالوث. 4- إعادة لحالة الفردوس، حالة الوفاق بين الرجل والمرأة، والانسجام والسلام، حالة الخَلق والحُبّ. 5- هيكل لقاء الأجيال وشبكة العلاقات الإنسانيّة المتكاملة والمتفاعلة وخميرة الرجاء، شهادة الحُبّ والربيع القادم بلا خريف. ثانيًا، مميّزات الزواج المسيحيّ للزواج، في المسيحيّة، مضمون ومصطلحات حصريّة. فالزواج، في كلّ الأديان والحضارات، يُعتبر عقدًا. أمّا في المسيحيّة فالزواج وعدٌ وعقد، عهد وسرّ، نعمة وخدمة ودعوة. لقد تزوّج السيّد المسيح البشريّة بالتجسّد، ولأجلها ترك أباه، تبنّى البشريّة وتعهّدها وعاهدها على الخلاص والشراكة في حياته، لكي يكون معها شخصًا واحدًا. والحُبّ الزوجيّ، هو علامة هذا الحُبّ والعهد والأمانة وصورة لوحدة الثالوث، وتعبيرٌ عن ترقية الحُبّ الشاهد لوحدة الجنسين الإنسانيّة. ب- الزواج سرّ لأنّ غايته مشاركة اللـه في الخلق. فالإنسان يعطي الحياة الطبيعيّة واللـه ينفحها بالروح. هو عطيّة الأبوّة والأمومة والحياة، وعهد مع اللـه مصدر كلّ أبوّة. ج- ما يميّز الزواج المسيحيّ- السرّ هو: - أَنّ اللـه يحُبّ بقلوب البشر، وبقدر ما يؤنسن الأزواجُ حُبَّ اللـه، يدخل حُبُّ اللـه في تاريخ الناس، ويتجلّى ويُعلَن. - بالزواج، يدخل الأزواج في سرّ اللـه ويُشاركونه في الخلق بالتكليف والزمالة. هم معاونو اللـه الخالق والمُخلِّص في عطيّة المحبّة والحياة. - بالزواج يتجلّى حضور اللـه الواحد والثالوث الّذي يواصل عهد الحُبُّ والحياة مع العروسين. - بالزواج يشهد الأزواج لأبوّة اللـه وأمومته بأبوّتهم وأمومتهم، ويصيران رمزًا لعلاقة المسيح بالكنيسة وعهدَ حُبّه المختوم بدمه معها، وتعبيرًا عن أمانته لها واتّحاده به. كلمة "النَعَم" ومفاعيلها بكلمة «النَعَم» يتمّ السرّ، ويباركه اللـه بواسطة الكاهن ويتحوّل العروسان في وحدة حياة وحُبّ وتطلُّع ووحدة مسؤوليّة وعمل إلى الابد. يتجسَّد الوعد والسرّ والعهد وتصير الكلمة سرًّا وحياةً ونعمة. هي عمليّة التحوّل الباطنيّ. أنّ نعمة السرّ تُكمِّل هكذا الحُبّ البشريّ القائم بين الزوجين، وتُرسِّخ وحدتهما، وتقدّسهما في طريق الحياة الأبديّة. تتجسّد نِعَم سرّ الزواج في: المُساعدة على الحُبِّ والطهارة والصفاء، فيصير على مثال حُبّ المسيح للكنيسة، وتتحوّل الأسرة إلى كنيسة بيتيّة وإعلان لحقيقة حضور اللـه في العالم وامتداد حضوره الّذي يُحوِّل الكون وكلّ ما فيه إلى أيقونة لله، وكما حوَّل السيِّد المسيح الماء خمرًا في عرس قانا، يُحوِّل حُبّ الأزواج إلى نفحة طيِّبة، إلى حُبٍّ ناضج ونبيل، يحمل لهم السعادة ضمن تقلّبات الزمن والأزمات. إنّها الضمانة لمصلحة الأزواج وخيرهم، خير الطفل وديمومة السرّ والأمانة.لذلك، رأى آباء الكنيسة، بلسان يوحنّا الذهبيّ الفمّ، «عندما يتّحد الرجل والمرأة في الزواج لا يبدوان بعدُ كشيءٍ أرضيّ، بل هما صورة اللـه نفسه». أيّ يعكسان طبيعة اللـه عن طريق الحُبّ والصبر، الأمانة والصفح. إنّ للحُبّ ميزة خاصّة بحيث لا يعود الحبيبان كائنين اثنين، بل يصيران كائنًا واحدًا ... إنّهما ليسا فقط متّحدَين، بل هما واحد ... الحُبّ يُغيِّر جوهر الأشياء. وبفمّ ترتليانوس: «إنّني لعاجز عن وصف السعادة في زواج تبنيه الكنيسة، وتُثبِّته الذبيحة، وتختمه البركة، وتُبشِّر به الملائكة، ويُصادق عليه الآب السماويّ». ثالثًا، غـايـات الزواج تتمحور غايات الزواج وتختصر بما يلي: الوحدة والأمانة، الخُصب وعدم الانحلال ويعبّر عنها في: 1. تحقيق الحُبّ البشريّ الطبيعيّ، وتقديسه وتكريسه بإرادة اللـه ونعمته. فالحُبّ يجعل من الزوجين كائنًا واحدًا، بحضور اللـه وبركته ورضاه وشهادة حيّة لحُبّ المسيح. 2. التكامل الإنسانيّ الشخصانيّ، بين الرجل والمرأة. فالإنسان كائن ثنائيّ، علائقيّ طبعًا. مبرمج رجلاً وأنثى معًا؛ وهما ككلّ نصفين، يكمّل الواحد الآخر، فلا يعيش الواحد إلاّ لكي يعطي آخر، يرتبط بآخر، يشارك آخر، لكي يصير الآخر ويتحوّل بكلّيته إلى آخر، يصير له القوت يغذّيه، الفكر لعقله والحبّ لقلبه، يتقبّل الآخر بكليّته، حتّى لا يبقى شيء غريب عنه، يصير نصف كيانه في كل حالات الحياة، فيترك أباه وأمّه ويلزم شريكه في عيلة. 3. إنجاب البنين وتربيتهم، «انموا واكثروا»: هي إرادة اللـه تلتحم مع إرادة الإنسان والحياة، ليتكاثر الجنس ويستمرّ فعل الخلق في الكون. من مهامّ الوالدين: توفير العطف والأمان، العناية والحماية، التربية والثقافة.إن تقبُّل الأولاد وتربيتهم هما من أهداف الاسرة الرئيسيّة، ينطلقان من منطق العطاء المتبادل المفتوح على الإنجاب والتجسّد.يأتي الطفل تعبير الحُبّ والاتّحاد، زهرة الحُبّ والثمر، وإكليل الأزواج المتبادل. هو عطاء الخالق للمخلوق، دعوته أن يكون شخصًا على مقدار الموهبة الممنوحة. ومن حقّه الإحاطة والعناية ، وهو حالة عدم الاكتمال، حالة الاكتساب والصيرورة، ينـزع إلى النمو والبلوغ، هو ربيع الحياة واستباق الآتي. بالطفل تبلغ حياة الأهل والأسرة معناها الإنسانيّ وتتحقّق الأبوّة والأمومة وتُثمر. ولا غرابة أن يجعله السيّد المسيح، قبلة الملكوت. « دعوا الأَطفال يأتون إليّ»، «إن لم ترجعوا». ومن هنا واجب الاهتمام به والإصغاء إلى حاجاته وتربيته وتثقيفه لينمو بالقامة والنعمة والحكمة عند اللـه والناس. فأمم الأرض تنجب لمدينة الأرض، والكنيسة تربّي لمدينة الأرض والملكوت معًا. يحتاج الطفل إلى الحُبّ والأمانة والمشاركة بين الزوجين ليتكوّن ويولد، ويبقى يحتاج إلى هذه العناصر لينمو ويتربّى وينضج. أحشاء الأمّ تؤمّن للجنين المسكن والملبس والغذاء، وعلى أحشاء العيلة متابعة مشروع الحياة، ليتدرّج الطفل في بلوغ نضجه الشخصيّ والدخول في سرّ الملكوت : ملكوت الحقّ والحياة، ملكوت القداسة والنعمة، ملكوت العدالة والمحبّة، ملكوت السلام والأخوّة، هو شوق البشريّة الدائم وهدف الخليقةمهمّ أن ننجب الأولاد للحياة، والأهمّ أن نؤمّن لهم حقوق الحياة: التربية والثقافة على الحُبّ، والانتماء إلى العيلة والوطن والكنيسة. نؤمّن لهم الحاجات الجسديّة والفكريّة والروحيّة. من واجب الوالدين الالتزام في تكوين شخصيّة أولادهم ومفاهيمهم وتوفير المناخ لنضوجهم وسعادتهم وخلاصهم. 4. المساعدة المتبادلة، «لا يحسن أن يبقى الإنسان وحده، قال اللـه بل اجعل له عونًا وشبيهًا به»؛ خلق له المعين: الرفيقة، الحبيبة والزوجة، الصديقة والشريكة، هي العون على الوحشة والعزلة وتحمّل مسؤوليات الحياة والهموم والمهام واحتمال صعوبات الحياة وضغوطاتها، قساوة المرض وعجز الشيخوخة. إنّها رفيقة الجهاد، وأخت السلاح وشريكة الحياة والحليفة. إنّها نصف كيانه، يصير معها شخصًا واحدًا في لقاء الجسد والأفكار والقلوب. في شراكة الحُبّ والحقوق والحظوظ، يؤمّن لها ما تحتاج ويلزمها لتكون ذاتها وتمضي في تحقيق ذاتها حتّى النهاية، معًا يحقّقان دعوة صورة اللـه وأهداف الحياة. فالحُبّ والحياة شراكة، السعادة والمسؤوليّة شراكة مع آخر وانتماء وانتساب إلى آخر، حوار ولقاء مع آخر. وليس لسلطة في الأرض إلغاء قرار اللـه وتجاوز إرادته. تتجسّد هذه المساعدة والمعونة في وحدة الحياة والمصير، في السعة والضيق. ** مادّة سرّ الزواج: إنّ مادّة سرّ الزواج هي الزوجان الراضيان بتولية كلّ منهما للآخر على جسده. ** صورة سرّ الزواج: هي الكلمة الّتي تُحقِّق السرّ وتُكرِّس وتُقَدِّس وتُبارك الحُبّ، وتُعانق كلمة اللـه، وكلمة اللـه فعلٌ خالِق. هي نَعَم الرضى السريّة الفعّالة، كلمة الحُبِّ المُعلَن باللفظ الصريح أو العلامة، تتضمَّن معنى سرّ عهد المسيح مع البشريّة، بها يتحوَّل الزوجان إلى علامةٍ للوحدة والحُبّ بين اللـه والنوع البشريّ، بين المسيح والكنيسة. ** خادم السرّ: خادم السرّ هو عبارة عن مُباشرة عمل السرّ باسم المسيح، أيّ إنّه قائم مقامه؛ فالزواج هو السرّ الوحيد الّذي لا يمنحه الكاهن، بل العروسان الواحد للآخر. الكاهن هو شاهد من قبل الكنيسة. رابعًا، مقوّمات سرّ الزواج الجوهريّة وركائزه: الحُبّ ،الرضى، الأمانة، ديمومة الزواج، وحدة الزواج، العفّة في الزواج. خامسًا، أزمات العائلة في العالم المعاصر ومخاطرها تتعرّض العائلة المعاصرة لكثير من الافات والتحدّيات والمحن وأهمّها: 1. الطلاق: وهو جحود وكفر برفيق العمر وشريك الحياة وإِعلان إفلاس العهود والعلاقات على ما تخلّف من الويلات والتبعات على الزوجين والمجتمع والأولاد. يجعل الطلاق الأولاد يتامى والاهل على قيد الحياة، إنّه جرح العيال، والحُبّ هو الدواء مع الصلاة والنعمة واستئصال الأنانيّة والبخل. والعار أن لا يعرف الإنسان قيمة الآخر إِلاّ بعد فقده. 2. الخيانة: هي تشيئ الآخر والانفصال والغربة عن الذات والآخر.هي محاولة تغييب الآخر وتهميشه، وتسجيل المكاسب للذات على حسابه، نتاجها الهزيمة والفشل في الأرض والسماء. هي طعن بقدس أقداس الشخص الّذي نستبدله وكأنّه انتهى. هي سحق الأنت وتدميره وتهشيمه، وتحسيسه أنّه لم يعد يستحقّ أن نكون له، فنقطع العلاقة والارتباط. وإذا كانت التكاليف بهذا الحجم والفعل جريمة، فما هي الفوائد والمحاصيل؟ 3. تعدّد الزوجات: هو نحر لكرامة الإنسان وقيمته وقداسته واغتصاب حقوقه. 4. الحُبّ المدعو حرًّا: هو مشاعيّة الإنسان وفوضى الغرائز وسيادة الأنا، الّتي تلغي الآخر وتستعمله وتستغلّه. فالشهوة قوة عمياء يقودها الجنون. 5. تجارة الأرحام والتعقيم المفتعل: وهي مؤامرة على الحياة في قدس أقداسها. 6. اعتماد الوسائل الاصطناعيّة لمنع الولادة: هي ثأر البخل من الحياة. أمّا الحلّ فهو التوفيق بين الحُبّ والتناسل الواعي. 7. الإِجهاض: هو الاستقواء على عجز الطفولة الّتي حالفها اللـه. وعدوانيّة مجرمة على الحياة والرحمة في الارحام وتعدٍّ على اللـه في صورته.إنّها تهديد مباشر للحياة في الاشخاص والحضارة جمعاء، وترويج وتسويق لحضارة الموت. لقد صوّر العلماء الجنين وهو يتحرّك في بطن أمّه، وضبطوا ردّات فعله الجنونيّة وهو يهرب من المقصّ الّذي يُلاحقُه بقصد تمزيقه والقضاء عليه. وهذا ما حدا ببعض الأطبّاء إلى التوقّف عن إجراء عمليّات الإجهاض. 8. الانحرافات الجنسيّة واللواط والسحاق وسفاح القربى (علاقة جنسيّة بين الأقارب) والدعارة والخلاعة: إنّها نحر الحُبّ وتعقيمه وتخريب الطبيعة البشريّة ونواميسها في الذات والمهمّة. 9. انتشار حضارة النفعيّة والإنتاج والإمتاع: حيث يستخدم الأَشخاص كما الأشياء على حساب الحرّيّة في عطاء الذات للآخرين. 10-صرعات زواج الرفقة وزواج الاختبار: زواج آخر الأسبوع وتجارة الأجساد في أسواق العَرض والطلب…: ويبقى السؤال العنيد هل هذا ما تبتغيه المرأة، وجوابها على التحدّي والتهميش والاستغلال والإغراء المشبوه. وهي المُطالبة بالحقوق والكرامة؟ 11. البطالة والعوز: هما من المخاطر الّتي تؤزّم الحياة الزوجيّة وترهقها وتُشغل عنها. فضلاً عن تزايد الجبهات على الإيمان والالتزام بالقيم في المطارح والقطاعات. إنّ هذه الآفات الهاجمة على الإنسان وإنسانيّته سببها: ابتعاد العائلة عن المسيح مصدر حياتها وحُبّها والاساس. ومن هنا وجوب العودة إليه لتصحيح النظرة إلى الآخر، وسرّ الشخص، للتنبّه إلى مستوى القيم الاخلاقيّة والحفاظ على التوافق بين إرادة اللـه ورغبات الطبيعة البشريّة وتطلّعاتها. ففي أحضان العائلة يتجلّى الحُبّ وتخدم الحياة. تعاش القيم والفضائل وتتجسّد مجانيّة العطاء بالضيافة واللقاء والحوار، بالخدمة والتضامن، بالأخوّة والسلام وتتسم العلاقات بالاحترام والعدالة، ويبنى مجتمع أكثر إنسانيّة، وينمو أنسان أكثر إتّزانًا وتوازنًا في أبعاده ووظائفه. 12. الاختبارات على الأجنّة والاستنساخ وتحديد النسل: إنّها مؤامرة على الحياة وتعدٍّ عليها وتحدٍّ لها. وعلى العيلة الدفاع عنها والعناية بها وإنصافها. سادسًا، ملاحظات حول مسبّبات الفشل في الحياة الزوجيّة وتعزيز النجاح 1- محورة الحياة على الأنا وعدم العبور من الأنا إلى الأنت ومن الأنا والأنت إلى النحن. 2- عدم العبور من حالة العذوبيّة والمُراهقة إلى حالة النُضج و الأبوّة والأمومة بالمسؤوليّة والمُشاركة وحسّ الآخر والاهتمام به والإصغاء إليه والتعاطف معه. 3- تشييئ الآخر واستعماله كوسيلة للذّة الذاتيّة على حساب كرامته وحرّيّته كشخص كامل الحقوق والصفات، وعدم العبور من الغريزة إلى الحُبّ. 4- البُخل بالأشياء وبالذات. 5- السماح بالتدخّلات الخارجيّة في سرّ العيلة والخصوصيّات، والإصغاء إليها والمهادنة في قرار العيلة الداخليّ. 6- الإهمال والكَسَل في المسؤوليّات وعدم الاهتمام في تأمين المهام داخل البيت وخارجه. 7- الإهمال بالشكل والنظافة في الذات والثياب والبيت. ما يعزّز الألفة العائليّة وحمايتها من الأخطار، أ- وجوب تجديد العهود في ذكرى الزواج بخلوة صلاة وتقييم وتحديد مكامن النجاح والفشل وأخذ المقاصد والمقرّرات المطلوبة. ب- ممارسة الأسرار بانتظام والصلاة العائليّة اليوميّة ولو للحظات وتعيين مرشد صديق يُرجع إليه عند الحاجة. ج- تكريس وتخصيص وقت يوميّ لتلاقي الأزواج والحوار والتشاور وتبادل الآراء والإصغاء معًا لتساؤلات الأولاد والعيش معهم. سابعًا، طقوس الزواج لقد تبنّى الزواج المسيحيّ كلَّ الطقوس والمراسيم والرموز الّتي واكبت احتفال الإِكليل، في الحضارات القديمة، وضمّنها أبعادًا روحيّة مسيحيّة جديدة: - النقاب أو الطرحة. - ضمّ اليدين على الإنجيل المقدّس، يرمز إلى التضامن والتعاون. - تبادل الخواتم أو المحابس. - تكليل العروسين. - الشرب من كأس الخمر المشتركة. - الخميرة. - القبلة المتبادلة. - توقيع السجل. - رعاية الإشبينين. - صلاة المشاركين. وكلّها تشير إلى الرضى المتبادل والعهد القائم والاتّحاد السرّيّ. وللمزيد من الإيضاح، نركّز على ما يلي: 1. الخواتم: ترمز الخواتم بشكلها المستدير إلى الكمال ويدلّ استعمالها في الإصبع على العلاقة والارتباط، على الانتماء إلى حالة معيّنة أو الالتزام بمسؤوليّة أو بشخص من قِبَل العهد أو النذر. ترمز إلى العطاء التّام نفسًا وجسدًا مدى الحياة، وعلامة الحُبّ والأمانة والقداسة. 2. الأكاليل: كانت الاكاليل تصنع من زهور المواسم أو أغصان الشجر والمعادن وتوضع على الرأس، إشارة إلى سموّ الشخص أو للتكريس أو التدليل على الأنتصار. وقد صار مرادفًا للملكيّة. مع المسيحيّة صارت الاكاليل رمزًا لانتصار العروسين بعد انتظار. إنّه تكليل وتتويج لكلّ من العروسين ملكًا على قلب الآخر ومملكة العيلة الجديد بالمجد والكرامة. كما أنه تذكير بتسليط اللـه للإنسان على الخليقة «أخضعوا الأرض»، ورمز إلى المكافأة على صيانة النفس بالعفّة والمسؤوليّة عن العيلة. 3. النقاب أو الطرحة: هو قطعة قماش شفّاف تحجب وجه المرأة المتزوّجة، علامة لتحرّرها وكونها لم تعد برسم الزواج. وصارت، في ما بعد، عنصر زينة من عناصر بدلة العروس. 4. الخميرة: تحملها الحماة للكنّة عند دخولها إلى البيت، فتلصقها على العتبة. وهي رمز اندماج العروس في البيت الجديد كاندماج واتّحاد الخميرة في العجين.فالخميرة تحوّل العجين إليها وتتحوّل إليه، كما تعبّر في التقاليد والعادات المشرقيّة عن الرغبة في الخصب وإنجاب البنين. 5. الإشبينان: هما الذاكرة الحيّة، تُسجِّل حدث العهد والزواج وترعاه، هما يمثّلان الجماعة بحضورهما ويشهدان رسميًّا على الارتباط وكلمة النَعَم الجوهريّة. كليـــل مُبـــارك بالسَعدِ والبنين |
||||
20 - 09 - 2014, 05:14 PM | رقم المشاركة : ( 6263 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
ملاحظات حول سر الزيجة 1- لا يعمل الإكليل خارج الكنيسة لابد أن يكون أمام المذبح الأرثوذكسى. 2- لا يناسب طقس سر الزيجة أيام الصوم. 3- يعقد سر الزيجة قبل القداس. 4- لابد من فترة كافية بين الخطوبة والسر لا تقل عن أربعين يوم. 5- فى الكنيسة لا يعطى العروسان ظهرهم للهيكل يقفوا بزاوية. 6- بالنسبة لارتباط الكهنوت بالأسرة الجديدة يعمل لهم تبريك منازل. ومتابعة لأخبار الأسرة نوصي العروسين بعد الإكليل على خمس أشياء: 1- يصليا معاً مرة فى اليوم على الأقل. 2- يقرأوا الإنجيل مرة فى اليوم على الأقل. 3- التناول مرة فى الأسبوع على الأقل. 4- حضور إجتماع تعليمى فى الكنيسة مرة فى الأسبوع على الأقل. 5- والإعتراف مرة فى الشهر على يد أب إعتراف واحد للأثنين. يفضل أن يكون أب الإعتراف واحد للأثنين وهو أب الكنيسة المسئول عن المنطقة. وينصح بقراءة الإصحاح "21 من سفر الرؤيا " فى الفترة الأولى من الزواج لأنه بيتكلم عن العرس الحقيقى: العُرس السماوى. |
||||
20 - 09 - 2014, 05:23 PM | رقم المشاركة : ( 6264 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الزواج عند القديس يوحنا الذهبي الفم لاهوت الزواج اتضح سابقاً أن الفريد والمميز في فكر أبينا فم الذهب هو نظرته للنسك بمنظار اسختولوجي، عندها يغدو النسك فناً ليس رهبانياً بالحصر وإنما فضيلة اجتماعية. لهذا فأية دراسة حول الزواج في كتابات أبينا القديس ستقدّم الكثير والمفيد لمجتمعنا المعاصر وإذا كانت النظرة إلى النسك كفنّ اجتماعي تبدو "غريبة" في مجتمعنا، فهذا يعود بالتحديد إلى أنَّ هذا المجتمع متأثر غالباً باللاهوت الغربي ومعتقداته. بعد دراسة الزواج عند الأب القديس سوف نتابع عرض الأبعاد الاسختولوجيّة لمفهومه للعائلة، أي في التربية أيضاً وفي العمل وفي الدولة وعلاقة المؤمن بها وسائر الأطر الاجتماعيّة الأخرى. في نصوص وكتابات الآباء الشرقيين الأرثوذكسيين، وفي العمق الاسختولوجي ينتقل مركز الأهميّة من "العزوبية" إلى "النسك" في حالات البتوليّة، أي إلى الطريق الضيق المؤدّي إلى الحياة. هذا ما نراه مثلاً عند قديسين كـ أثناسيوس الكبير وغريغوريوس النيصصي ويوحنا الذهبي الفم. هكذا وبفضل هذه النظرة الاسختولوجيّة تصبح النهاية الواحدة للطريق الضيق وغايتها المشتركة بتعدد الأساليب فيها. في هذا تمايزت المسيحيّة منذ فجر نشأتها عن الغنوسية. وانطلاقاً من هذا الأساس السليم نجد أنه عبر تاريخ أدبنا المسيحي شدّد آباؤنا على مزايا الرهبنة وفضائلها كما شدّدوا على مزايا الزواج. فالزواج والبتولية هما وجهان لطريق واحد، الطريق الضيّقة المؤدية إلى الحياة. وكلاهما يحققان عفة الروح. لدينا مثال هو طرفا ثابور في تجلي المسيح. لقد كان موسى الذي تزوج وإيليا الذي تبتّل، حول المسيح في المجد ذاته. فلم يمنع الزواج ما حققته البتولية. في كنيستنا الشرقية سُمِحَ دائماً للاكليروس بالزواج، على عكس الكنيسة الغربية، وهذا دليل على أن هذه الطريقة ليست أدنى بل هي الوجه الآخر. في المجتمع المسكوني الأول طُرحتْ مسألة الاكليروس المتزوج، والذي دافع عن ذلك كان الراهب المتشدد "παφνουτιος". إن مباركة المسيح، كما يقول طقس الزواج في الكنيسة الأرثوذكسية، للزواج في عرس قانا الجليل هو بركة دائمة. على عكس الآباء والكتّاب الغربيون مثل كبريانوس وأمبروسيوس وايرونيموس وأفغوسطينوس حيث ظهر الميل الشديد إلى البتولية مع الانتقاص من قيمة الزواج بشكل ملاحظ وشديد. من هذه المصادر المتطرّفة الأخيرة، وللأسف، تنهل أغلب الدراسات الغربية الانثروبولوجية اليوم، وكنتيجة حتميّة، لذلك يلغى فيها التوازن الأخلاقي الموجود بين الزواج والبتولية، الذي نراه عند آبائنا الشرقيين، وهكذا يتحورّ المفهوم المسيحي الحقيقي وتفسد روح الكتاب عينه كما يخان الفهم الآبائي الصحيح. هدف الزواج: الكمال الروحي: من الواضح بأن الزواج لا يشكل حجة للكسل والتهاون في سبيل الهدف المشترك لكل المسيحيين أو هروباً من الجهاد المطلوب من الجميع، رغم ذلك بسبب التمييز "الدنيوي الفاسد" و "العالمي" يقطع الزواج عن هدفه الاسختولوجي فينقل هدفه، للأسف، من ملكوت الله إلى "المجتمع"، لهذا السبب، وفي مثل هذه الحالة، يتحوّل الزواج إلى "عائق" في طريق الكمال الروحي الواحد لكلّ المسيحيين. القاعدة الأساسية في فكر أبينا القديس هي أنّ "الحكمة" في الزواج هي بالذات "الفلسفة المسيحية" التي في الرهبنة. إن كان الزواج شكلاً جاء بعد السقوط، فأن تفوّق الرهبنة لا يعود إلى نسبها الفردوسي الذي قبل السقوط، وإنمّا في كون الرهبنة طريقاً أسهل وأسرع للعودة بالأحرى، للصعود إلى ملكوت الله. التمييز يجب ألا يتوضع بين الزواج والبتولية، ولكن في درجة الحياة الروحية أينما كانت في الشكلين. ما يميّز إنساناً عن آخر هو الخلق وليس الزواج أو عدمه. على الرغم من كل ذلك، فإن هذه النظرة الاسختولوجية غابت عن إدراك العديد من الباحثين، الذين اتهموا أبانا باطلاً وأعادوا إليه مسؤولية مفاهيم خاطئة. زعم هؤلاء أن أبانا القديس ينظر إلى الزواج كما إلى شيء "أدنى" خلقياً من الرهبنة. وأضافوا على ذلك ظنونهم أن هذه النظرة الدنيا للزواج تعود لتأثير الغنوسية على فكر القديس فم الذهب من جهة، وإلى ترمّل أمّه المبّكر والطويل من جهة أخرى، أضف لذلك مثلاّ تجارب صديقه ثيودورس، وأيضاً ميله الشخصي للرهبنة، وبالنهاية وختاماً طبعه القاسي المتشائم. إن إعادة أصول الزواج إلى حياة الفردوس قبل السقوط يدّل على أنه كان من أجل غاية تلك الحياة أي الكمال الروحي. الكتاب يوضح أن الله بعد أن خلق الإنسان نظر إلى آدم وقال: "لا يحسن أن يكون الإنسان لوحده، فأصنع له عوناً بإزائه" (تك2: 18)، وهناك أمر الله آدم وحواء: "أكثرا وأنميا وأملأا الأرض" أيّ أسلوب مُدخَل بعد السقوط، هو الزواج، بلا شكّ حسن وخير وهو من حكمة الله وتدبيره، وله بالنهاية هدف تربوي روحي وغايته شفاء الإنسان الساقط ومداواته، ذلك لأن كل هذه التدابير هي من "العناية الإلهية المحبة للبشر"، وتقصد بالنهاية اسختولوجيا إلى تحقيق "التدبير" الإلهي للإنسان، أي تألهه وخلاصه. في العهد القديم كان الزواج دائماً غاية دينية، فلم يكن اختيار المرأة يتم بحسب الرغبات، بل حسب مصلحة الجماعة. المصلحة الدينية فوق المصلحة الفردية. لأن الزواج ينخرط في مسألة الخلاص عموماً وليس مسألة فردية. قصص الزواج التي يوردها طقس السرّ، توضح بعض الأمثلة. مرات عديدة تُختار الزوجة دون أن يعرفها مسبقاً الرجل. يكفي له أن يعرف أنه يحيا معه ما تريده له جماعته. يعقوب تزوج كما أمرته أمه من قبيلتها وبني دينها ودفع ثمن ذلك الكثير. غاية الزواج إذن هي أبعد من حدود اجتماعية، إنه مسألة خلاصية في سبيل الكمال الروحي. الشهوة- الجنس: بعد السقوط غدا الزواج "أمراً مفيداً جداً وضرورياً" بعد أن كان غير ضروري في البداية، كما يشرح فم الذهب، وقبل السقوط، كانت المحبة للآخر والتعايش المتوافق مع القريب هما الجوّ العام السائد، أمّا بعد السقوط، عندما دخلت الخطيئة، فقد هوى الإنسان من علاقاته الشخصية المحبّة للآخر إلى مستوى الفرديّة والأنانية، وانطوى من الشخص إلى الفرد، هكذا كأناني انطوى على حبّ ذاته بدل حبّ الآخر. فتمزّقت روابط الوحدة وتضعضعت أواصر المحبة. عندها أسرع الرّب المحب للبشر وأدخل الشهوة ليحافظ على التلاحم والوحدة بين البشر، وهكذا أعاد روابط الوحدة بين الذين سبق وتفرّقوا. فالجدّان الأولان، قبل السقوط، كانت أواصر المحبة بينهما قوّية لدرجة أنهما كانا كـ"واحد"، هكذا ظهر الله في الفردوس بحسب النص الكتابي"يكلمّ الاثنين كأنه يكلمّ واحداً"، عناية الله المُحبة أوجدت تلك الحياة المشتركة الأولى ذات أواصر محبة قوية جداً، حتى أنه لم يكن لدى المرأة حبّ أعظم من حبها لشريكها، ولم يكن للرجل حبّ أعظم من حبّه لشريكته. ولكن عندما غلب حبّ الذات وسيطرت الأنانية، صارت الشهوة عاملاً إيجابياً، بالذات لأنه ينظر إليها كواسطة تُعيد إصلاح تلك الوحدة القديمة. هذه الوحدة يحققها الزواج بالفعل عندما يُلغى منه كلّ ما هو خاص وذاتي وأناني ولا يعد ما "لي" وما "لك". بالتالي ضمن النظرة الاسختولوجيّة، الشهوة هي حسنة كدواء هادف وشاف يؤول إلى رباط للمحبة وبالتالي يساعد ويقود في درب الكمال الروحي. فمن ناحية أخرى مفهوم "المثال" كلّه يتلخّص في المحبة. إن المحبة في الزواج تأتي من الطهارة. كما أن الزنى هو دليل نقص المحبة. إن المحبة الزوجية ستقود حتماً إلى العفة في الزواج وإلى بلوغ ما تحققه البتولية. وبعد السقوط أصبح الزواج بلسماً يداوي "ضعف الجسد" ويصير بالتالي واسطة "للعفة" والجهل. بالتالي من الواضح أن "الزواج كريم". التركيز على المقصد الاسختولوجي في كل نظرة مسيحية من جهة. ومفهوم الحياة الروحية الأخلاقية للمسيحي "كتداوي"، يعطيان لفم الذهب ولكنيستنا الشرقية المستقيمة الرأي والحياة عامة، الإمكانية أن يحثا على الرهبنة وفي الحين ذاته أن يباركا الزواج، الذهبي الفم يسمح "تنازلا" بالزواج الثاني أيضاً، وذلك ضمن نفس النظرة السابقة "كتداوي" كسماح يداوي الانحرافات والزنى وليس كوصيّة. الزيجات التي يسمح بولس الرسول، وأيضاً بعده أباء منهم فم الذهب، هي "تنازلات" مقبولة دون أن تعني أنها مُثل "ممدوحة"، لا دينونة فيها من ناحية "لكن ليست جديرة بالمدح والثناء" من ناحية أخرى. "والتنازل إلى هذا المقدار ليس إلا دلالة على وجود ضعف شديد يفرضه". على كلّ قديسنا يفسّر "التقديس"، الذي بدونه لا يستطيع أحد أن يرى الرّب، "بالنسك والجهاد الروحي". لهذا نراه ينصح أن كان أحد غير متزوج فليحاول أن يبقى بتولاً أو أن يتزوج. وإن كان متزوجاً فليحاول ألاّ يزني البتة. فالقداسة بالنسبة لفم الذهب ليست حصراً في الحياة الزوجية ولا في الحياة الرهبانية، إنما هي ثمرة الجهاد الروحي الممكن عند المتزوجين والرهبان على السواء. إن كانت القداسة تفسّر بالجهاد الروحي والنسك فإن المقارنة بين المتبتلين والمتزوجين يجب ألاَّ تنحصر في العذرية والعفة فقط وإنما أن تشمل مجمل الفضائل الأخرى كلها. النظرة الاسختولوجية والحقيقية لا تقدّر الإنسان ولا تكرّمه حصراً بسبب الحياة التي يختارها، أتزوّجا كانت أم ترهبّا، وإنما مقياسها الذي لا يخطئ هو "مستوى الحياة الروحية"، أي الحياة بحسب الفضائل المسيحيّة، القداسة الحاصلة بالنسك. براهين: لهذا السبب الزواج ليس على الإطلاق مانعاً للفضائل المسيحية. وليبرهن على صحة رأيه هذا يلجأ إلى رجال الكتاب المقدس أمثال "أنوخ" ،"أكيلا" و "برسكيللا" الذين لمعوا في الفضائل المسيحية وهم متزوجون. الحفاظ على الجنس البشري: بالطبع، بعد السقوط، وإدخال الموت، الزواج يخدم استمرار النسل البشري. اقليمس الاسكندري وآباء كثيرون آخرون يربطون هدف الزواج بواقع الموت والإنجاب. الولادة، عند بعض الآباء مثل اقليمس السابق ذكره، هي "خلق"، أي بالتالي هي من صورة الله التي بالإنسان. آباء مدافعون مثل ايوستينوس وأثيناغوراس يحدّدون الهدف الأول للزواج والشهوة الجسدية بالإنجاب، الذي يرونه كمحلّ لمشكلة الموت. الإيمان بأن هدف الزواج هو إنجاب الأولاد نجده ونصادفه عند أغلب آباء اللاتين (الذين كتبوا بالغة اللاتينية وليس اليونانية) مثل أمبرسيوس وأفغوسطينوس. لكن أبانا فم الذهب له في هذا الموضوع موقف مميّز ومتمايز فضلاً عن نظرته العميقة الاسختولوجيّة لكل الحياة المسيحية. كنه الزواج وهدفه الأساسي مرتبط بموضوع السقوط ليس من حيث الإنجاب والحفاظ على النسل بقدر ما هو بالحقيقة واسطة كمال خلقي ونمو روحي للبشر. فهو دواء ليس للموت وإنما للسقوط الروحي. الأب القديس يقول أن الإنجاب يعود لقوة الله ومشيئته بالذات ولكلمته "أكثروا وانموا". رأيه هذا يسنده إلى الكتاب المقدس عينه الذي يذكر متزوجين لم ينجبوا ولم يصيروا آباء، بينما ولادات كثيرة، كما هي ولادة اسحق، تمت فقط بقوة الكلمة الإلهية وليس بقدرة الجسد. لو لم يخطئ الإنسان في الفردوس ما كان سيصعب على الله أن يكثر البشر بأسلوب ما، وهذا ما تؤكده ولادة آدم وحواء. فلا البتولية تهدّد استمرار الجنس البشري ولا الزواج يضمنه. فلو أنَ الخطيئة لم تدخل "ما كان سيصعب على الله أن يجد الطريقة، التي كان سيتكاثر بها الجنس البشري". تعدد الزوجات: في العهد القديم كان هناك تعدد زوجات بسبب الحاجة إلى عائلة قوية، ولأن الخصوبة كانت الغاية. (قضاة 8، 30؛ ملوك 10: 1). وهناك زواج مع إماء. ولكن هناك دائماً تعلّق بامرأة واحدة (اسحق، يوسف...). وكتاب نشيد الأنشاد وإن كان يتكلم عن النفس البشرية والله إلا أنه يوضح التعابير التي كانت مستخدمة في ذلك الزمان ومفاهيم الزواج فيه، حتى صار مفهوم الزوجة الواحدة هو السائد في العهد الجديد. الزواج والشهوة أُدخلا بعد السقوط حصراً لأسباب روحيّة ونسكيّة، أي للحياة بالمسيح وللكمال الروحي للبشر. إيمانه هذا يبرهنه ليس فقط من الحياة الإنسانيّة الأولى الفردوسيّة، وإنما من قيامة المسيح، التي هي وحي للحالة الاسختولوجيّة المرجوّة. و يرى قديسنا أنه قبل قيامة المسيح ساد الخوف من الموت وتسلط هذا الأخير على حياة البشر، عندها كان الإنجاب أشهى ما لدى البشر لأنّه كان استمرار حياتهم "وعزاءهم ضد الموت" والجميع بنو رجاءهم على ذلك، بأن يتركوا "ورثة" و"ذكرى" و "باقي" لهم. بالإنجاب تستمر حياتهم. وانطلاقاً من هذا الاعتقاد توصّلوا إلى السماح بتعدّد الزوجات. لأن الناس لم يكونوا قد آمنوا فعلاً بحياة القيامة، ولم تكن لديهم بعد فكرة أكيدة وواضحة عنها، وهذا ما تؤكده حوادث جرت مع أناس لمعوا بالفضائل، كأيوب مثلاً. أمّا الآن فبعد أن لمعت شمس القيامة، صار هذا الرّجاء "غير ضروري". قديسنا يضيف أيضاً أنّه بعد أن امتلأت الأرض اليوم بالبشر، أصبحت الحاجة الآن أن نشتهي "الولادة الروحية" أكثر من "الإنجاب الطبيعي"، وبالنهاية يقول أنَ "علة الزواج واحدة وهي أن نتجنب الزنى". أي الزواج هو دواء بالأساس لشهوة الجسد. في نصوص أخرى نراه يقول أنَ الزواج أُدخل لكي "نتعقل ونتعفف" ولكي نصير آباء، لكنه يختم بقوله "أمّا العلة الأولى والسبب الأساسي بين السابقين هو أن نتعقل ونتعفف". هكذا إن كان من الحياة البشريّة الأولى أو من قيامة المسيح يعَالج الزواج كموضوع روحي، كتداوي وواسطة للكمال الروحي. بالطبع هذا الموقف لا يشكّل إنقاصاً من أهمية العائلة والأولاد، بالطبع إذا كان فكر القديس بحسب العهد الجديد لا يشدد على الإنجاب كغاية في الزواج، وإنما كثمرة، ذلك لا يعني أن الإنجاب غير مطلوب. لأن الكمال الروحي سيتم عبر(Ατόκων- εκκια) البيت- الكنيسة الصغيرة. الزواج هو "سر المحبة" كما يسميه فم الذهب. والمحبة في العائلة تكتمل أكثر عند محبة الزوجين. لكن من الواضح أنّه عندما لا يساهم إنجاب الأولاد في تشديد أواصر المحبة والوحدة ولا تكون خلقاً روحياً وليس فقط إنجاباً طبيعياً، عندها تستحق الرثاء لا المدح. ومن جهة أخرى، عندما شدّد قديسنا على أنّ الإنجاب ليس هدفاً أوّلاً للزواج، أراد بذلك أن يخلص البتوليّة من عيب العقر. أوّل ما نستخلصه إذن من تعاليم القديس الذهبي الفم أن الزواج هو علاج للشفاء الروحي وواسطة للكمال والقداسة وهدفه المحبة أوّلاً والتعقل والتعفف. وإن كان يتكلم بالأكثر عن فائدة الزواج كواسطة للتعقل وتجنب للزنى فهذا لا يعود إلى أنّ ذلك هو الهدف الأوّل والغاية الأساسية، وإنما نزولاً إلى حاجات سامعيه. القديس فم الذهب يبقى أبداً أميناً على وصية بولس الرسول (1كور 7: 5)، حيث يتضح أن هدف العفة هو المحبة. الاستنتاج الثاني هو أنّ الإنجاب ليس الهدف الأساسي في الزواج وإنما هو واسطة للكمال الروحي. القديس يطلب الإنجاب لكن دون أن يحتل المكانة الأولى في أهداف الزواج. هذه النظرة العميقة تعود إلى حجر الأساس في تعليم قدّيسنا، وهو أنّه لا ينطلق في نظرته للإنسان من فلسفة فيزيولوجية وإنما من الإيمان بأن الإنسان هو كائن سيسكن السماء، وعندها يغدو الزواج "سراً". هذه النظرة السامية للزواج هي ردّ مباشر على الغنوسية من جهة، وعلى المفكرين واللاهوتيين الغربيين من جهة أخرى. فالزواج هو عناية إلهية من ضمن التدبير الإلهي المحب للبشر. إنَّ كلِّ مواقف الأب السلمية والفريدة بوضوحها وجمالها هي السبب الذي جعل نصوصه الحجر الأساس الأوّل لأغلب الدراسات والمواضيع المختصة بالزواج، الجميع لا ينهلون منه عظاته وحسب، وإنمّا يعتمدون بالأساس على كلماته. هذا ما قام به مثلاً "مايندورف". الزواج والبتولية: هناك مفارقة في البتولية المسيحية، فبينما العهد القديم يرى أنه ليس حسناً أن يبقى الإنسان وحده نرى يسوع يتكلم عمن سيخصون أنفسهم من أجل ملكوت الله (متى19، 11-12) وبولس يشجع على الاقتداء به (1كو 7: 8؛ 25: 28). دعوة العهد الجديد للبتولية ليست احتقاراً للزواج، بل لجعل الحياة من الآن في ملء سر العرس السماوي. وبولس بالذات منذ شعوره أن صور، هذا الدهر تنطوي وتسير نحو نهايتها (1كور7، 31)، يتمنى على الذين لهم نساء أن يحيوا كالذين لا نساء لهم (1كور7: 29). الرجل والمرأة: ترتيب، محبة مخلِّصة وطاعة مخلِّصة: موضوع العلاقات بين كلّ من الزوجين له أهمية في موضوع هدف الزواج وغايته. المثال الأول للحياة الزوجية وطبيعتها ليس إلا ذلك المعطى من بولس الرسول، أي علاقة المسيح بالكنيسة. بالطبع من البديهي أن تكون هذه العلاقة ذات مفهوم اسختولوجي، أي أنها علاقة خلاصية، أي علاقة المحبة المخلّصة بالطاعة المخلّصة. حيث كلّ من المحبة والطاعة تصيران الواحدة هديّة وثمنا للأخرى، ولكليهما الهدف نفسه والغاية المنشودة عينها. إنها بكلام آخر علاقة الجسم بالرأس. فإن كان يتوجب على المرأة الطاعة فهذا لا يعني أن حقوق الرجل أولاً هي الرئاسة والسيادة، وإنما، بالجوهر، واجبه هو المحبة. فالطاعة إذن لا تتماشى ولا تترافق مع الرئاسة وإنما مع المحبة. الرئاسة في النهاية هي مكافأة المحبة، فمن يُحمّل بالأحمال الأثقل، أي بالمحبة تُهدى له الرئاسة. إن نظرة الذهبي الفم الاسختولوجية تعكس العثرة الاجتماعية العامة، عثرة رسالة العرس، أي أفسس (5، 22-23)، فالقديس هنا يشدّد على أن الثقل الملقى في هذا المقطع، ثقل الواجبات، ليس هو طاعة المرأة وإنما المحبة التي يصفها بولس ويحمّلها على عاتق الرجل. هكذا يقول أبونا القديس، يطلب بولس من الرجل محبة كمحبة المسيح لكنيسته، أي أن يعتني ، أن يحبّ، أن يهتم وأن يضحي بنفسه من أجل امرأته. هذه المحبة يمكن أن نفهمها كتصوّر في الفضيلة. بكلام آخر، إن طاعة المرأة تزيد من محبة رجلها لها وتجعل تضحيته، هذه التي يصفها بولس، ممكنة. أو بشكل عكسي إن محبة الرجل، هذه السابق وصفها، تجعل طاعة المرأة خفيفة وجميلة. فالطاعة هي الدواء اللازم لمنع الرّياء الذي يمكن أن يهدّد محبة الرجل هذه. أمّا المحبة فهي المضاد الذي يمنع التسلط الذي يمكن أن يهدّد الطاعة. فأبونا القديس، كما يعبّر عن أخلاقياتنا المسيحية اسخاتولوجياً، يفترض طاعة المرأة لرجلها وطاعة الرجل لله ومحبة الرجل لامرأته، فإن وحدة الزوجين تتم بوساطة المحبة في الطاعة وبالطاعة في المحبة. واعترافاً برئاسة الرجل بأنها العناية، وبالمحبة المخلصة، يقبل قديسنا مع بولس الرسول أن تنعكس الرئاسة إذا انعكست أسبابها وامتيازاتها. بما أن الطاعة دخلت بعد السقوط وبعد اضطراب العلاقة بين الزوجين وبعد تزعزع أواصر المحبة ودخول الخطيئة ولم تكن منذ البداية، إذن له هدف اسختولوجي. هكذا بما أن المرأة هي أوّل من عصى وضلّ، لهذا منذ ذلك الوقت هي من يخضع ويسمع. أضف إلى ذلك أنه بعد السقوط، وبعد غياب المحبة الكافية، صار التساوي سبباً للاختلاف والتعارك، لهذا أُدخلت الطاعة اسختولوجياً. وجوهرياً، أن الرئاسة لا ترتبط بالجنس المحدّد أي بالرجل، ولكن بذلك الذي لا يضل ويطيع الله ويحفظ الإيمان، بينما العبودية كدواء جاءت بعد السقوط، فإنه من الممكن أن تخلّص المرأة الرجل كما يذكر بولس ذاته (1كو7، 16): وما أدرَاكِ أيتّها المرأة "لربّما تخلّصين الرجل"، أي يتبادل هنا الجنسان الرئاسة. لهذا إن زنى الرجل المتزوج يدان أكثر من زنى غير المتزوج وندعوه فجوراً لأن هذا الأمر لا يشكل فقط تدنيساً للجسد، وإنما استغلالاً لجسد لا نملكه وإنما هو ملك للآخر أي بشكل آخر سرقة واقتناص واختلاس. هذا الفجور هو أبشع من الزنى العادي لأنه لا يلغي فقط العفة وإنما أيضاً يقتل المحبة. إذ أن شرط وجود المحبة هو تقديم الطاعة والعكس بالعكس، شرط تقديم الطاعة تواجد المحبة. هذا لا يعني أنه في حال غياب أحد الشرطين أن تتزعزع العلاقة وتنفك الروابط، لأن كلا المحبة والطاعة يربطهما القديس اسختولوجياً، ليس فقط بالعلاقة المتبادلة بين الزوجين وغير الأكيدة بشكل عام، إنما بالعلاقة اسختولوجيا مع الله والأكيدة دائماً. هكذا في حال اضطراب هذه العلاقة المتبادلة ينصح الأب بأن تُقَّدم المحبة أو الطاعة من الطرفين لله. هكذا نظرة الأب العميقة اسختولوجية، وهي لا تشرح لنا فقط معنى الرئاسة والطاعة، وإنما أيضاً تربط كليهما برابط أقوى من الروابط الاجتماعية ضمن الأطر الحياتية الحقوقية والواجبية، برابط هو بالرّب. يرفض كل فكر عالمي يقدّم كرامة للرجل وبنفس الوقت يحقر المرأة. هذه الأفكار التي لا تنبع من الكتاب ومن فكرته الاسختولوجية وهذا هو الموجود في مجتمعاتنا حتى المتطورة منها، التمييز والفصل، أما التعليم الكتابي فهو أسلوب وحده. إن الفكر الكتابي هو حلّ عملي وفعلي للمشاكل العصرية حول حقوق وواجبات كل من الزوجين وكل المشاكل الراهنة الاجتماعية بما يختص بحقوق المرأة وعلاقة الجنسين. الذهبي الفم يشير إلى أن النساء يحملن بعض النواقص لكنه يصنفها في صنفين: فالنوعية الأولى تحتوي النواقص الاخلاقية، فمثلاً الزينة الزائدة، الخوف، وغير ذلك. ولكن هذه النواقص ليست في طبيعة المرأة، وإنما تدخل إليها من التربية. ودليل ذلك أن هذه النواقص تتبدل من امرأة إلى أخرى، وأحياناً من المرأة إلى الرجل. فبرهان ذلك أنه يوجد رجال يخافون أو يحملون تلك النواقص السابق ذكرها. بينما نرى نساء يتمتعن بالرجولة والوعي والبساطة، في هذه النواقص يلعب دوراً كبيراً إعجاب الرجال بها. والعكس ليس حالة نادرة حين نرى نساء سبقن الرجال في البساطة وشدّة الإيمان وشجاعة التقوى والمحبة الخالصة نحو المسيح. لا يفتأ الذهبي الفم عن التشديد والتكرار لشروحاته، بأيّ نساء كنّ متصبرات في الجهاد الروحي والفضائل الكتابية والمسيحية. ويردّد الكثيرات منهن: سارة ورفقة وراحيل وسيفورة وحنة اللواتي صرن بإيمانهن وفضائلهن معلمات فعلاً للرجال. على كلٍّ، ينّوه الذهبي الفم أن بولس الرسول ذاته يعرف هذه الحالات ويعترف بها، وذلك عندما يذكر بريسكلاّ قبل رجلها أكيلا، وذلك لتقدّمها عليه بالتقوى والفضيلة. إذن النساء متساويات فعلاً، ويمتلكن نفس القوى من الناحية الأخلاقية، ويستطعن على وجه السواء أن يسابقن الرجال في التضحية والتكريس للجهادات الروحية وأن ينجحن بذلك. وفي الصف الثاني، أي النوعية الثانية، يصف كل النواقص الطبيعية كما هي، مثلاً الضعف الجسدي بمقارنة المرأة بالرجل. لكن نواقص كهذا هي امتيازات طبيعية جسدية لا قيمة للفرق بها اسخاتولوجياً أو أخلاقياً. وهذه الامتيازات التي يعطيها العالمَ المعلمن أهمية، هي بالواقع لا أهمية لها. فالقوة الجسدية حين توجد أو حين تغيب لا تزيد الإنسان كرامة ولا تنقصه منها. فعندما يجري الكلام عند آبائنا القديسين يجري الكلام بالأخص على طباع نسائية وعلى رجولة. وهذه الطباع ذات المعنى الأخلاقي تأتي من التربية وليس من الطبيعة. لهذا يشدّد فم الذهب أن بولس استطاع أن يقول: لا عبد ولا حرّ، لا رجل أيضاً ولا امرأة. لهذا يتابع أبونا ويقول: فلا الطبيعة ولا الضعف الجسدي يمنعان التقوى أو التقدّم بسرعة في طريق الكمال. فالمطلوب إذن أن نطرح عنا الطباع النسائية لتشتعل فينا الرغبة والهمّة، اليقظة والرجولة. فعندما نفسّر القوة بالرجولة عندها تسقط التميزيات العالمية التي بحسبها تصير المرأة أدنى من الرجل. لكن الواقع أن هذا الطبع النسائي سمّي هكذا لأن الناس يربونه بالعموم في بناتهم. ونلاحظ أن هذه الاهتمامات المعاكسة للرجولة بشكل عام عند النساء. لكن هذا كما ذكرنا لا يعود إلى طبيعتهنّ ودليل ذلك أن مثل هذه التمييزات تلغى في الكنيسة لأن التربية هنا تختلف عن التربية العالمية. هذا الطبع هو طبع يختص بالنفس وليس بالجسد. طقس الزواج: قديماً لا توجد نصوص واضحة تشير إلى ذلك. لكن الإسرائيلي كان يعرف أن الله يقودهُ في اختياره زوجته (تكوين 24، 42-52)، وأن الله في العهد حدد شرعيَّة وناموس وقوانين هذا الزواج. كتاب طوبيا، بعد السبي، يعطي روحانية أسمى عن الأسرة المهيَّئة بيد الله (3: 16), بولس الرسول يعطي للزواج درجة سامية جداً حين يربطه مع علاقة المسيح بالكنيسة. والزواج في الكنيسة لا يعني أبداً مباركة ما هو طبيعي، لكن يعني إطلاق هذه الوحدة الجدّيدة في درب الملكوت. إن سر الزواج كغيره من الأسرار لا يعمل في الإنسان بشكل عفوي، وإنما يشترط قبوله المعبَّر عنه بمساهمته في طلب نعمة السر. سرّ الزواج يشدد على وجه الشهادة. الدورة حول المائدة وترانيمها "أيها الشهداء القديسون..." كلها موازية لما يتم بسرّ الكهنوت. والرابط بين السرّين هو سرّ المحبة كشهادة. المحب دائماً شهيد. المحبة دائماً تربح. إن وضع الإكليل يؤكد عن نظرة الكنيسة للعروسين كشهيّدين تكللهما. |
||||
20 - 09 - 2014, 05:25 PM | رقم المشاركة : ( 6265 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
طقس صلاة الإكليل (لاهوت طقسي)
يقول الكاهن: أليسون ايماس... ابانا الذى.... صلاة الشكر. والحانها بالفرايحى فى نهايتها يرتل الشمامسة لحن تى شورى، بينما يضع الكاهن خمس أيادى بخور فى الشورية ويصلى سر بخور البولس ويرفع البخور يده بالصليب على رأس العروسين بالبركة. ملحوظة: لحن تى شورى خاص بالسيدة العذراء ويرتل فى هذه المناسبة لتذكير العروس بأن تسلك فى طريق أمها الطاهرة مريم وتلد للكنيسة بنينا وبنات هم أخوة المسيح يسلكون مثله ويتشبهون به. يقول أحد الشمامسة فصل البولس (أف 5: 2 الخ 6: 1 – 3). "والنساء فليخضعن لرجالهن كما للرب لأن الرجل هو رأس المراة... أيها الرجال أحبوا نساءكم كما أحب المسيح أيضا الكنيسة.. لكى يحضرها لنفسه كنيسة مجيدة لا دنس فيها ولا غضن (تجاعيد) أو شئ من مثل ذلك بل تكون مقدسة وبلا عيب (الى على مثالها يجب أن تكون العروس) هذا السر (سر الزواج) عظيم..... فليحب كل واحد امراته هكذا كنفسه وأما المرأة فلتهب رجلها (تحترمه وتوقره وتطيعه)". "أيها الأولاد أطيعوا والديكم فى الرب لأن هذا حق. أكرم أباك وأمك التى هى أول وصية بوعد".... الطلبات ابتداء من هذه الطلبات يبدأ قداس الاكليل الذى يجب أن يستمع اليه الكل فى وقار وخشوع رافعين أعين قلوبهم الى الله بحشمة وورع وهدوء. ونحن نتساءل: هل يحل الروح القدس ليبارك العروسين وسط معرض للأزياء الخارجة عن الحشمة أو وسط أصوات موزعى الحلوى والذين تطغى أصواتهم على صوت الكاهن المصلى، أو وسط الذين يتهافتون على أخذها، أو وسط هرجلة المصورين الذين يجرون فى كل مكان لالتقاط الصور لكل حركة للعروسين وأربائهم، ويزاحمون الكاهن المصلى فى هذا الحيز الضيق أمام الهيكل؟! ليتنا نعلم أن "الهنا اله سلام ونظام وليس إله تشويش" (1 كو 14: 32). يقف الكاهن رافعا الصليب ويصلى هذه الطلبات يطلب فيها البركة والنعمة من الله للعروسين كما بارك فى القديم آدم وزوجته وابراهيم وزوجته واسحاق وزوجته ويعقوب وزوجته ويوسف وزوجته، كما بارك الزواج بحضوره فى عرس قانا الجليل. عدد هذه الطلبات 12 طلبة، وفى نهاية كل طلبة يرد الشعب مرد "يارب ارحم" القصير فى ميناه العميق فى معناه. ثم يقول الشمامسة "أيها المسيح كلمة الأب... أعطنا هذا المملوء من كل فرح". مرد الشمامسة يطلب السلام والفرح للأسرة الجديدة من رب السلام. + يصلى الكاهن أوشية السلام والآباء والاجتماعات الكبار يطلب فيها السلام للكنيسة عامة والنعمة والقوة لآباء الكنيسة ومعلميها ومديريها وحراس الايمان بها ثم من أجل الاجتماعات فى الكنيسة والبيت، أن يبدد مشورة العداء عنا ويجعل بيوتنا وهذا البيت الجديد بيوت صلاة بيوت طهارة بيوت بركة، بحلول الله فيها حسب وعده المبارك "حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمى فهناك أكون فى وسطهم" (مت 18: 20) ووعده المبارك "أن أحبنى أحد يحفظ كلامى ويحبه أبى واليه نأتى وعنده نصنع منزلا" (يو 14: 23). يصلى الجميع قانون الايمان حتى يتذكر العروسان أن زواجهما مبنى على الايمان المقدس للكنيسة الجامعة الرسولية الأرثوذكسية فيحفظانه قولا وعملا ويسلمانه لأولادهما كوديعة غالية ثمينة. الطلبة الأولى: ..... "وليدخلا الى ناموس الفرح وليكونا فى تعاليم صادقة، هب لهما ثمرة صالحة من البطن...... ساعدهما فى كل عمل صالح". الطلبة الثانية: ...... "بارك اتحاد عبديك اللذين اتصلا ببعضهما بعضا حسب ارادتك باركها كما باركت ابراهيم وسارة ارفعهما مثل اسحاق ورفقة. أكثرهما كما أكثرت يعقوب وزرعه. مجدهما كما مجدت يوسف هب لهما حياة الطهارة... أنعم عليهما بالرخاء والحكمة وبركات الخلاص". الصلاة الثالثة: ... "اطلع على عبديك.ثبت اتصالهما. أحرس مضجعهما نقيا. استرهما مع بيتهما بيمينك غير المغلوبة. نجهما من كل حسد. احفظهما باتفاق واحد وسلام. هب لهما فرحا وسرورا".... الخ. يرتل الشمامسة مرد: "لا تنسى عهدك".. فان كان الله لا ينسى عهوده معنا فيجب علينا وعلى العروسين الا ننسى عهودنا مع ربنا، عهد جحد الشيطان والتمسك بالمسيح فى المعمودية عهد الافخارستيا المختوم بختم دم المسيح، نحافظ على هذه العهود وتنفيذها حتى ننال بركات وعود الله المذخرة لنا فيها. يقول الكاهن صلاة خضوع، أى يخضع العروسان برأسيهما ويضع من كل شر وليعيشا بوداعة وهدوء واحتمال وخضوع بلا لوم ولا عثرة أنر أعين قلبيهما ليصنعا ارادتك كل حين... الخ. مرد الشمامسة: يطلب لهما البركة من الثالوث القدوس. مسح العروسين بالزيت: يصلى الكاهن طلبة على قارورة الزيت، يرشم الزيت بالصليب فى كل مرة. ويرد الشمامسة: آمين فى كل مرة. بعد الصلاة يدهن العريس أولا: بالزيت على مثال الصليب ثم يدهن العروس، بينما يرتل الشمامسة بلحن الشعانين قائلين: ليبطل هذا الدهن مقاومة الأرواح النجسة بيسوع المسيح ملك المجد. ولدهن العروسين بالزيت فوائد كثيرة: 1- فهو زيت للتقديس والبركة حسب قول المزمور "مسحت بالدهن رأسى" (مز 23: 5). 2- هو مسحة الطهارة وعدم الفساد وسلاح قوى ضد كل أفكارك الشهوات الردية. قوة وخلاص وغلبة على كل أفعال الشيطان. 3- صحة وشفاء وتجديد لنفسيهما وجسديهما وروحيهما. 4- هو زيت البهجة والفرح حسب قول المزمور "أحببت البر وأبغضت الاثم من أجل ذلك مسحك الله الهك بدهن الابتهاج" (مز 45: 7). والابتهاج هنا بمناسبة الزواج المقدس، والزيت كان يستخدم فى العهد القديم لمسح الملوك والعروسان هنا ملكين. صلاة بركة بعد دهن الزيت. .... "أستر على عبديك. أحرس اتصالهما. احفظ مضجعهما نقيا. حصنهما بملائكتك الأطهار... أنعم علينا أن نكون فى أماكن راحة قديسيك فى ملكوت السموات". تتويج العروسين: يمسك الكاهن الأكاليل (أو يمسكها له أحد الشمامسة) ويصلى عليها هذه الطلبة وفى كل مرة يرشم الأكاليل بالصليب ويرد الشمامسة: آمين. "يا الله القدوس الذى كلل قديسيه بأكاليل لا تذيل وصالح السمائيين مع الأرضيين ووحدهما. أنت أيضا الآن يا سيدنا بارك هذه الأكاليل التى هيأناها لتضعها على عبديك لتكون لهما أكاليل مجد وكرامة. آمين". أكليل بركة وخلاص. آمين... الخ. ثم يضع الكاهن الأكاليل على رأس العروسين، العريس أولا ثم العروس، وهو يقول: "ضع يا رب على عبديك أكاليل النعمة غير المغلوبة. آمين". "أكاليل مجد مرتفع غير فان آمين". وهو يقصد الأكليل السمائى الذى يعطى للتائبين والغالبين فى جهادهم الروحى، أما أكاليل العروسين التى يضعها على رأسيهما هى مجرد رمز لهذا الأكليل السمائى، اكاليل المجد المرتفع الغير الفانى. يقرب القسيس رأس العروسين الى بعضيهما كرمز للأقتران الجسدى والفكرى ثم يرشم عليهما ثلاثة رشومات بالصليب هكذا: 1- "كللهما بالمجد والكرامة أيها الاب آمين". 2- "باركهما أيها الابن الوحيد آمين". 3- "قدسهما أيها الروح القدس آمين". بهذه الرشومات الثلاثة يحل الروح القدس على العروسين ويبارك زواجهما ويوحدهما فى جسد واحد وقلب واحد. يتلو الكاهن قطعة طويلة على هيئة عظة للعروسين عن خلقة آدم وحواء، فالله خلقها من ضلعه لكى تكون مساوية له، لم يخلقها من رجله لئلا يدوسها ويحتقرها ولم يخلقها من رأسه لئلا تتعالى عليه، بل خلقها من ضلعه لكى تكون مساوية له، والضلع بجوار القلب لكى يكون هو حنونا عليها. الدبل: بعد وضع الاكاليل على العروسين وحلول الروح القدس عليهما ليوحدهما، يضع الكاهن الدبل فى اصبعى العروسين كعلامة ظاهرة على اتحادهما واقترانهما، ويكون ذلك كالاتى: + يضع الكاهن دبلة العريس فى بنصر يده اليسرى ويمكن أن تكمل العروس تلبيسها له. + ثم يضع دبلة العروس فى بنصر يدها اليسرى ويمكن للعريس أن يكمل تلبيسها لها. يقول الكاهن: "والآن قد حضرتما فى هذه الساعة المباركة قدام هيكل رب الصباؤوت ومذبحه المقدس، وجمعتكم هذه الزيجة المباركة... فجب عليكما أن يعرف بعضكما حق بعض، ويخضع كل منكما لصاحبه". يسلم الكاهن العروس لعريسها بأن يأخذ يدها اليمنى ويسلمها له فى يده اليمنى، ثم يغطى يديها بلفافة بيضاء نظيفة. "يجب عليك أيها الابن المبارك المؤيد بنعمة الروح القدس أن تتسلم زوجتك فى هذه الساعة المباركة بنية خالصة ونفس طاهرة وقلب سليم، وتجتهد فيما يعود لصالحها وتكون حنون عليها وتسرع الى ما يسر قلبها" ...الخ. يوصى الكاهن العروس قائلا: "وانت أيتها الابنة المباركة العروس السعيدة".... فيجب عليك أن تكرميه وتهابيه ولا تخالفى رأيه، بل زيدى فى طاعته على ما أوصى به اضعافا... صلاة بركة للاثنين: يركع العروسان أمام الهيكل ويضعان يديهما اليمنى على الكتاب المقدس الموجود على منضدة صغيرة أمامهما وهما مغطيتان باللفافة البيضاء منذ ساعة التسليم وتكون رأساهما متقاربتين رمز الارتباط والاقتران. يصلى الجميع "أبانا الذى فى السموات" ثم يقولون قانون ختام الصلوات، بينما الكاهن يصلى التحليل للعروسين ثم البركة. يختمها بقوله "بخرستوس بينوتى". و"أبانا الذى فى السموات". يعطى التسريح: "امضوا بسلام. سلام الرب فليكن معكم". يتقدم الشمامسة العروسين بالزفة ولحن شيرى ماريا الى باب الكنيسة حيث يقفان لتقبل التهانى من المدعوين. ثم ينصرف الجميع بسلام |
||||
20 - 09 - 2014, 05:26 PM | رقم المشاركة : ( 6266 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الأب سيمون الزند
الموضوع : "سرّ الزواج" لن اتكلم عن النواحي القانونية لهذا السرّ، نحن نعود للنواحي القانونية عندما نهدم، واليوم نحن بصدد لاهوت سرّ الزواج وروحانيته، لسنا بصدد الهدم لكن بصدد البنيان. عندما نقول سرّ لا نقصد بالشيء الذي نريده ان يبقى خفياً وغير معلن لكننا نقصد شيء معناه يتخطانا. شيء اكبر من قدرتنا على استيعابه. مثل نور الشمعة الذي نراه ونحصر باعيننا كمية الضوء لكننا نغمض عينينا عند رؤية ضوء كبير جداً، لأنه اصبح هناك ضوء اكثر من قدرتنا على الأستيعاب ونحن ندخل لنغرف لا لنسيطر على السرّ.. سرّ الزواج : نعود إلى الوراء، إلى قصة الخلق. المعموديّة والتثبيت اسرار اسسهم الرب يسوع، لكن سرّ الزواج سرّ اسسه الله الآب لأنه من وقت الخلق وُضِع مشروع وهيكلية الزواج، ومع يسوع رفعه الى مستوى سرّ وكمّله. ماذا يقول الكتاب المقدس : سفر التكوين فصل 1، التراتبية بالخلق، عمل الربّ اولاً إطار زينه بمخلوقاته، وعلى قمة الهرم وضع الإنسان. كان الربّ كل يوم ينظر ويرى ان هذا حسن ولما صنع الإنسان رأى انه حسنٌ جداً، لأنه وضع وسكب صورته بالإنسان. ذكراً وانثى صنعهم ليلتقوا ويكتمل الإنسان وتَكمُل صورة الله. الربّ خلق الإنسان ليس عن حاجة، خلقه عن حبّ لأن جوهره محبة. خلقنا بفعل حب ولأنه كذلك فعلى صورة من هو الحب يدعونا إلى الحب. يدعونا ان نُحب فتتجسد صورة العائلة الثالوثية. هنا نعي اول مشكلة، فكم بعيالنا تتجسد صورة العائلة الثالوثية. (مثل الطفل الذي يرفض صورة الآب السماوي بسبب صورة ابية الذي على الأرض). كم تُجسد العائلة صورة العائلة الثالوثية، وهذه اول مسؤولية. بارك الله هذا الإنسان، ذكراً وانثى وقال لهما انجبا واكثرا واملآ الأرض. البركة تسبق فعل المشاركة بالخلق. باركهما وقال لهما انميا واكثرا، وهذا يعني بركة من فوق توجه علاقة الإنسان وتضعها بالإطار الصحيح. مشروع رائع.. إلى ان اتى المخرب، اتت الحيّة واغرت حواء، اتى المشكك والكذاب وابو الكذب، عمله هو زرع الشك والغيرة والشهوة. من عواقب الخطية، الشك الذي يأتي من المشكك. الخطيّة افسدت المشروع لكنها لم تعطّله، فمشروع الله لا يتعطل. فرغم الخطية ظل الزواج احلى صورة يعبر عن علاقة الله بالشعب. الأنبياء يتكلمون عن علاقة الله مع شعبه فيقولون هذا هو الأمين وهي (اي الشعب) التي تخون مع البعلين (اي الألهة) . فمثلاً هوشع كتب معاناته الشخصية مع زوجته الخائنة وربطها بمعاناة شعبه، شعبه كان يخون العهد وزوجته ايضاً، وكتب عن مكان اللقاء الأول وسرّ اللقاء الأول. المكان الذي يتم فيه اللقاء الأول يكون له سحره. مثلاً بعلاقتنا مع الله كل مرّة تتهدد العلاقة نعود الى مكان الحب الأول نعود الى صحرائنا الداخلية. نأخذ مثل رابعة العدوية المتصوفة التى خرجت تفتش على الأبرة في الخارج.. لماذا نبحث في الخارج والله في الداخل. كانت صورة الزواج، علاقة الله بشعبه، هي التحضير لمجيء الربّ يسوع ولتبنّي سر الزواج من قبل الربّ يسوع، عندما يقول ان الزوجين يكونا علامة منظورة لحب الله الغير منظور، تجسيد لحبي للكنيسة وامانتي وحب وامانة الكنيسة لي. الأمانة عمل صعب اذا رفض الزوجين ان يكون المسيح هو ثالثهما. لكنه ينجح اذا كان المسيح هو الثالث وهو القاسم المشترك. تأسيس الزواج بالعهد الجديد : سرّ الزواج ليس مستنداً على نص تأسيسي بالعهد الجديد، لم يؤسَّس بالعهد الجديد لكنه رُفِعَ الى مستوى السرّ بالرسالة الى اهل افسس: افسس 5، 22-32 "ايتها النساء اخضعن لأزواجكن... ايها الرجال احبوا نساءكم مثلما احب المسيح الكنيسة وضحى بنفسه من اجلها.." هذه يعني اذا احبها فهو سيُصلب من اجلها، ولا يجب ان ننسى الآية المفتاح لقراءة هذا النص (الآية 21) "ليخضع بعضكم لبعض بمخافة المسيح". هذا يعني الوصية موجهة الى الأثنين، الرجال والنساء، والخضوع متبادل. ومثل المسيح والكنيسة، احبها وبذل نفسه من اجلها. الحب الحقيقي وعلامة الحب المسيحي هو الصليب، لا نؤخذ بالعواطف، الحب الحقيقي هو الذي يُعمَّد ويتكرس بصليب الرب يسوع. هذا معنى الصليب. يسوع اراد ان يعبّر عن اقصى درجات الحبّ اختار علامة الصليب. ليس لأنه صُلِبَ عليه بل لأنه هو الصليب، هو علامة حب وليس علامة قصاص.. ترك لنا هذه العلامة لنعرفه.. هو احب هكذا، فتح يديه على الصليب، هذه هي نوعيّة الحب المسيحي، الحب الزوجي. هناك شاعر فرنسي اسمه Jacques Prevert كتب عن الحبّ: Tu dis que tu aimes les fleurs et tu les coupes Tu dis que tu aimes les poissons et tu les manges Tu dis que tu aimes les oiseaux et tu les mets en cage Quand tu me dis je t 'aime, moi j' ai peur. والترجمة تقول: "تقول انك تحب الزهور وتقطفها تقول انك تحب الأسماك وتأكلها تقول انك تحب العصافير وتحبسها في قفص، عندما تقول لي أحبك انا أخاف". ماذا يُخبيء لي حبّك، اتقطفني ام تحبسني بقفص ام تأكلني، ام ماذا؟. ليس هذا هو الزواج المسيحي. نحن نستعمل احياناً تعابير القفص الزوجي، خطأ، القفص ليس مفهوم الزواج. علامة الحب هو الصليب، لا نخاف لأننا نضع نوعية حب معينة وهي: ثلاث صفات للحب المسيحي : 1) حب استثنائي : Exclusif يعني لما انا اختار شريكي او شريكتي، اختارها دون سواها واختارها إلى الأبد، ومدى العمر ولا اختار كل سنة احد دون سواها، أختاره او أختارها دون سواها والى الأبد. 2) الحب الفدائي : Sacrificiel هنا اسحب الرباط الجوهري بين سرّ الزواج وسرّ الافخارستيا، لمّا انا اقدس كل يوم احمل القربان الخفي معي، شريكي قرباني، احمل شريكي معي الى المذبح، ثم بعدها احمل الثمرة، الأولاد الى المذبح، واقول يا رب انا اقدم ذاتي ليعيشوا. وإذا شريكي فعل مثلي ترتقي نوعية الحب في الكنيسة، هكذا يقول بولس، الشريك المسيحي يقدس الشريك الغير مسيحي هكذا يقدسوا بعضهم . و نحن نعرف ان الرب اذا لم يلبي بداعي الحب يلبي بداعي اللجاجة. لكن لم يعد هناك ايمان ولا رغبة لانتظار حتى يغيّر الربّ، الرب يعمل في البشر لكن الحرية معطاة للإنسان.... 3) الحب المجاني : دعاوى فسخ الزواج بسبب زواج صفقات... نوعية تعاطي سيئة باسم الحب. ان صفات الحب تقابلها عطية الآب الرب ونعمته تسندهم. نِعَم الرب تلازم السرّ وهي ثلاثة. الخصوبة - الشفاء - التحويل. الأول ، الخصوبة : ما معناه، الغاية من الزواج انجاب البنين. قديماً كانت الغاية من الزواج انجاب البنين. والذين لم يُرزقوا باطفال. هل انهم لم يحققوا الغاية؟.. وبدأت حركة روحانية الزواج بالمجمع الفاتيكاني الثاني، فصارت الغاية: نمو الزوجين بالحب اولاً، ثم الثانية انجاب البنين. لا نعني بالخصوبة خصوبة الجسد فقط فعمل الإنجاب يقوم به الحيوان ايضاً. فقيمة الإنسان اولاً ان يعيش كإنسان بالقيم الإنسانية وثم حسب الروح ولادة ثانية ليصير من ابناء الله. والمحروم من الخصوبة الأولى يشارك بالتربية والولادة الروحية، مثل الكاهن الذي هو أب روحي لكثيرين. الثاني، نعمة الشفاء : خاطيء + خاطيء = خاطئان وليس زوجين مثاليين، التقيا فأُضيفت الأخطاء على بعضها والحسنات على بعضها. التقيا باخطائهما وهم بحاجة لشفاء. كل ما اقتربا يعودا ويبتعدا ليعملا مسافة تؤمن اللقاء بدون ان تؤثر على الأستقلالية والفردية وهنا دواء "يبرُد" كل ما يؤذي الآخر من الكبرياء والحقد والأنانية. بنعمة الشفاء يُصفّى الحب من كل رواسب الخطيّة. الثالث، نعمة التحويل : اي ان انتقل من الأنا للنحن. ربنا يُعطي لكل واحد منّا ورقة يكتب عليها مشروع حياته.. ولما يلتقي الأثنين ينزع كل واحد من ورقته كم فكرة ليصيرا مشروعاً واحداً والذين التقيا وتزوجا تُلغى الأنا من حياتهما ولا يعودان يتكلمان بالأنا فصاروا نحن. هذا العبور من الأنا لنحن يتطلب موتاً، فالكوب المليان لا يسع شيئاً آخر، عليّ ان أُفرغ منه، اخلع من ذاتي ليسع الآخر. وهذا لا يصير الاّ بنعمة تحويل من قِبَل الربّ. شروط وصفات الحب تُعطى بسرّ الزواج. والشرط ليكون الزواج حقيقي هو : تبادل الرضى بين الأثنين. باللاهوت الشرقي الكاهن يعطي سرّ الزواج، البركة، وباللاهوت الغربي اللاتيني، الزوجين هما الذان يعطوا بعضهم هذا السرّ والكاهن شاهد. وليس من موقف مشترك حتى الآن. ولكن لا زواج صحيح بدون تبادل الرضى. واي غلط بالإسم يكون الزواج باطل. حتى بحال ابدال الكاهن المكلّف يصير الزواج باطل. الخلاصة : بالزواج المسيحي الغاية هي ان نصل الى الربّ، صار الزواج مع يسوع طريق قداسة. قبل كان يُقال ان القداسة تكون فقط بالترهب ومار بولس قال هذا ايضاً لكن بفكرة ان مجيء الرب قريب. اليوم الزواج بمفهوم الكنيسة هو طريق قداسة. فيصبح الآخر طريقك الى الله. وعليك تأدية الحساب اذا وصلت بدون الشريك، اين الأمانة التي تسلمتها بسرّ الزواج. يبقى ان نقول انه اذا كان الزواج طريق توصل الى الرب، فهذا ليس ممكناً اذا اغلق الأثنان على انفسهم واكتفيا ببعضهما البعض لأنهم اذا اغلقوا يموتوا. هذا مثل قصة القفص الذهبي قصة ان الآخر يكمل النصف الأول، شرط اي نصف، اذا كان المقصود نصف كأس ونصف كأس ونقول للرب املأ كأسنا فمن حبك نشرب ونسقي كل واحد يسألنا شهادة عن حبنا لأن العالم منتظر شهادة عن الحب ويظل حبنا يتجدد فنظل سكرانين بالحب إلى ان يفرقنا الموت. آمين |
||||
20 - 09 - 2014, 05:28 PM | رقم المشاركة : ( 6267 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الزواج المسيحي
الأرشمندريت أفرام كرياكوس "فيصيران كلاهما جسداً واحداً" (أف ٥:٣۱) (تك ٢:٢٤) عجب كيف يتكلّم راهب عن الزواج وهو لم يختبره؟ لكنه ليس بالعجب الكبير إذ إن أفضل كتاب عن البتولية ألّفه إنسان متزوّج هو القديس غريغوريوس النيصصي. عنوان الكتاب "فنّ البتولية". ليس بالعجب الكبير أن يتكلّم راهب عن الزواج المسيحي لأن البتولية الحقّة ليست بعيدة عن الزواج الحق. المواضيع كثيرة في هذا المجال والاسئلة كثيرة ايضاً مع الجدل. لنقتصر في حديثنا اليوم على النقاط الرئيسيّة التي تهمّنا. فلنبدأ من البداية أي من قصة الخلق: "فأوقع الرب الإله سباتاً على آدم فنام فاستلّ إحدى أضلاعه وسدّ مكانها بلحم. وبنى الربّ الإله الضلع التي أخذها من آدم امرأةً فأتى بها آدم. فقال آدم ها هذه المرّة عظمٌ من عظامي ولحمٌ من لحمي هذه تسمّى امراة لأنّها من امرئٍ أُخذت. ولذلك يترك الرجل أباه وأمّه ويلزم امرأته فيصيران كلاهما جسداً واحداً." (تك ٢:٢۱-٢٤) وبعدها يُضيف "فخلق الله الانسان على صورته. على صورة الله خلقه ذكراً وأنثى خلقهم" (تك ۱:٢٧) ممّا يشير أنه منذ البدء منذ الخلق هناك تدبير إلهي يتضمّن وجود إثنين الذكر والأنثى، الرجل والمرأة. ويشير في الوقت نفسه الى واحد فيصيران جسداً واحداً "وليكن لكلّ واحد امرأته وليكن لكلّ واحدة رجلها" (۱كور٧:٢). يقول القدّيس يوحنا الذهبي الفم في هذا الموضوع: "سمح الله للرجل في البدء أن يتزوّج أخته، لا أخته بل ابنته، لا ابنته بل لحماً من لحمه الخاص. تفرّع الجنس البشري من إنسان واحد هو آدم وبعدها لم يسمح بالزواج من أخواتنا وبناتنا حتى لا تنحصر المحبّة". الرباط الوثيق بين الرجل والمرأة إذاً هناك رباط وثيق ين الرجل والمرأة منذ البداية. الإلفة بين الرجل والمرأة تفوق كلّ إلفة والمحبّة قويّة لذلك جُبِلَت المرأة من الرجل. "هذه الآن عظم من عظامي ولحم من لحمي. هذه تُسمّى امرأة لأنها من امرىءٍ أُخِذَت ولذلك...." (تك ٢:٢٣) إذا انتقلنا الى العهد الجديد نسمع بولس الرسول يقول "ليس عبد ولا حرّ ليس ذكر وأنثى لأنكم جميعاً واحدٌ في المسيح يسوع" (غلا ٣:٢٨) يشير هذا الكلام لا إلى اثنين بل إلى "واحد في المسيح" كما يوحي بالمساواة بين الرجل والمرأة وعدم التفريق بينهما. هل هناك من تناقض مع سفر التكوين ۱:٢٧؟ أم هنالك كشف للعلاقة المتكاملة والمميّزة في المسيح؟ يرفع بولس الرسول العلاقة بين الرجل والمرأة الى المستوى الروحي الثنائي: يُصبحا واحداً في المسيح. الجسد الواحد هو جسد المسيح. اتحاد المرأة بالرجل علامة لاتحادهما الروحي في المسيح. لأن المسيحيين وإن كانوا في الجسد إلاّ أنّهم لا يتصرّفون بحسب الجسد. ماذا نستنتج من كل هذا؟ أوّلاً: ان العلاقة الحقة بين الرجل والمرأة ليست مجرّد علاقة حسديّة. هي في النهاية علاقة روحيّة لانها اتحاد سرّي بالمسيح: يجمعهما المسيح في جسد واحد هو جسده ضمن تدبير الله منذ البدء وترتيبه، هذا التدبير الذي كشف واضحاً في المسيح. كيف يصبح الإثنان واحداً؟ ماذا يجعل الإثنين ان يصيرا واحداً أو ثلاثة او أكثر؟ هي المحبّة المتبادلة، المحبّة المبذولة المضحيّة، المسيح الذي هو المحبّة المصلوبة. ثانياً: الشهوة الجنسيّة عابرة. طبعاً هي واردة. خاصة في البدء جُعل الميل الجنسي حتى لا يبقى الانسان وحيداً، متفرّداً أنانيّاً وأيضاً من أجل الإنجاب لا من أجل التمتّع فقط. من هنا تفهمون كيف أن الراهب الذي اقترن بالمسيح (سريّاً) يبقى بتولاً حافظاً على أمانته للمسيح تماماً كما أن الزوج ( الرجل والمرأة) يتحد بالمسيح ويبقى اميناً له. طبعاً ما يعزّز صلة الزوج بالمسيح هو الصلاة وقراءة الكتاب المقدس والمناولة وعمل الرّحمة. في الطاعة والمحبّة نأتي الآن إلى نقطة مثارة دائماً في العلاقات بين الرجل والمرأة. يقول الرسول بولس "أيها النساء اخضعن لرجالكنَّ كما للرب لأن الرجل هو رأس المرأة كما أن المسيح أيضاً راس الكنيسة" (أف ٥:٢٢-٢٣). ثم يضيف "أيها الرجال أحبّوا نسائكم كما أحبّ المسيح أيضاّ الكنيسة وبذل نفسه من أجلها" (أف ٥:٢٥). قبل شرح العلاقات المتبادلة بين الرجل والمرأة من خلال كلام بولس لا بدّ أوّلاً ان نشير أنه في عصره لم تكن المرأة مساوية للرجل في الحقوق، لا في العالم اليوناني ولا في العالم الروماني ولا في العالم اليهودي. هذا الوضع التاريخي يمكن ان يبرّر التعبير القاسي" الذي جاء على لسان الرسول. لكن هذا الأخير كان يبغي لا العلاقة البشرية فحسب بل العلاقة الروحية لأنه يضيف "كما للربّ" ولأنه يقارن دائماً العلاقات المتبادلة بين الرجل والمرأة بعلاقة الكنيسة والمسيح. في هذه العلاقة الاخيرة، الطاعة تقابل المحبة والمحبّة تقابل الطاعة. هذا القانون يسري على المرأة كما على الرجل. أي إن أطاعت المرأة الرجل تنال محبّته وإن أحبّ الرجل امرأته يستدعي طاعتها والعكس بالعكس أيضاً. هذا القانون يسري على العلاقات البشرية عامةً يعبّر عنه بولس هنا بطاعة المرأة للرجل وبمحبّة الرجل للمرأة. هذا التعبير جاء هكذا ربّما بداعي العوامل التاريخيّة او بداعي التدبير الإلهي منذ البدء. على كلٍّ، تظهر في المسيحيّة المساواة بين الرجل والمرأة أمام الله والوحدة بينهما في المسيح وذلك على الرغم من وظائفها المختلفة والترتيب القائم في الأسرة حيث يصعب وجود رأسين. الخلاصة الزواج المسيحي مدرسة للمحبّة. هو أيضاً تمرين على الطاعة المتبادلة بين الرجل والمرأة ولكن في البدء وفي النهاية الطاعة والمحبة هما للمسيح. الإكليل إكليل العروسين هو إكليل المجد. هو في الوقت نفسه إكليل الشهادة للمسيح. لذلك نرتل في خدمة الإكليل "أيها الرب إلهنا بالمجد والكرامة كلّلهما" ثلاثاً. كما نرتّل ترتيلة الشهداء :أيها الشهداء القديسين الذين جاهدوا حسناً فتكللوا...." هذا عند دورة العروسين الذين يمسك بيدهما الكاهن الممثل المسيح ماسكاً بيده الأخرى الإنجيل الذي به يرشدهما الى الخلاص. |
||||
20 - 09 - 2014, 05:29 PM | رقم المشاركة : ( 6268 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الزواج في تاريخ الخلاص
الأرشمندريت توما بيطار عظة في يوم الجمعة 3 / 8 / 2007، حول متى 22: 22 – 33 باسم الآب والابن والروح القدس الإله الواحد آمين. الصدّوقيون، يا إخوة، كانوا حزباً دينياً وهو حزب رؤساء الكهنة. كانوا يقولون بعدم القيامة وبأنّه ليس هناك روح. وكانوا في صراع خفيّ مع أحزاب دينية أخرى كالفرّيسيّين. هنا، في هذا الإنجيل الكريم، يطرحون موضوع الزواج. ماذا يَحدُث في القيامة؟ الذين يكونون متزوجين على الأرض ماذا يحدث لهم إذ ذاك؟... أَيبقون في وضع الزواج أم يحدث لهم شيء آخر؟ كانت عند اليهود عادة، وكانت هذه العادة تُعرَف باللافيرات. بحسب هذه العادة، إذا مات رجل ولم يكن له ولد، فإنّ أخاه يأخذ امرأته ويقيم نسلاً لأخيه. فالولد الأول الذي ينجبه يكون لأخيه، على اسم أخيه، لكي يبقى لأخيه ذِكر في إسرائيل. والأولاد الباقون كانوا، في العادة، للأخ الذي تزوّج ثانية. هذه كانت علامة من علامات تَوق إسرائيل إلى القيامة، وفي آن معاً إشارة إلى أنّ الغرض الأساسي من الزواج هو الإنجاب. الإنجاب فيه شيء من الخلود. الإنسان مخلَّد بالإنجاب. في الأساس، الربّ الإله خلق حوّاء مُعينةً لآدم. فكرة العون فكرة تفيد حاجة الإنسان لأن يكون له شريك مكمِّل له في حياته. لهذا يترك الرجل أباه وأمّه ويلتصق بامرأته ويصيران كلاهما جسداً واحداً. لم يخلق الربّ الإله في البدء آدم وحوّاء معاً. خلق في البدء آدم، على ما ورد في النصّ. وحوّاء كانت كامنة فيه. ثمّ، بعد ذلك، أخذ ضلعاً من أضلاعه وبَرَأ الضلع امرأة. فلمّا عاينها آدم عرفها، وكأنّها كانت حركة فيه. كانت منه في الأساس. ولكن السؤال بقي: لماذا لم يخلق الربّ الإله آدم وحوّاء معاً منذ البدء؟ هل هذا لأنّ المجتمع كان مجتمعاً ذكورياً وكانت الأهمية الأولى للذكور؟ قد يفكّر الإنسان على هذا النحو، ولكن نحن لا نتعاطى الكتاب المقدّس ككلمة البشر فقط. ربما كان هذا وارداً. ولا شكّ أنّ ذكوريّة المجتمع العبري أثّرَت في تكوينه إلى حدّ بعيد. ولكن يبقى أنّ هناك معنى إلهياً خاصاً مميَّزاً لا يمكننا أن نُغفله. الله يريد شيئاً محدَّداً من موضوع خلْق الإنسان واحداً أولاً في آدم ومن ثمّ إخراج حوّاء منه. نحن عندما نستعيد النصوص، نرى أنّ آدم وحوّاء لم ينجبا إلاّ بعد السقوط. قبل السقوط لم يكن هناك إنجاب. هل هذا يعني أنّ الإنجاب أمر ينتمي إلى السقوط؟ ليس بالضرورة. الله كان قد أعطى آدم وحوّاء القدرة على الإنجاب، وكانت هذه القدرة كامنة فيهما، ولكن لم تتفعّل هذه القدرة إلاّ بعد السقوط. هذا، في الحقيقة، لأنّ آدم وحوّاء في الفردوس كانا مشمولَين بنعمة الله، كانا مُكمَلَّين بنعمة الله. فلما خرجا من كنف الله، لما دخلا في العصيان، إذ ذاك، انحرَما من نعمة الله، وإذ ذاك، بدأ تاريخ جديد لآدم وحوّاء هو تاريخ السقوط. ولكنْ هذا السقوط كان يذهب باتجاه معيَّن. الله لم يكن ليسمح بالسقوط لو لم يكن في قصده أن يكمِّل الإنسان بطريقة أخرى. هذا بالضبط هو ما حرَّك طاقة آدم وحوّاء على الإنجاب. الحقيقة الحقيقة أنّ الغاية الأساسية من الإنجاب ليست التكاثر. التكاثر لا يمكنه أن يكون غاشِماً، أي بلا معنى، بلا هدف. ما هو هدف التكاثر؟ إن لم يكن هناك هدف للتكاثر، فلا معنى له ولا قيمة. التكاثر كان القصد منه مجيء الربّ يسوع المسيح. إذاً، كل البشرية كانت تشترك، في الحقيقة، في الإعداد لمجيء الربّ يسوع. إذاً، موضوع الإنجاب تحرَّك بقصد تحقيق الكمال الذي كان الإنسان قد فقده في الفردوس. ولكنْ، هذه المرّة، من خلال إنجاب والدة الإله، وتالياً من خلال تجسّد ابن الله. إذاً، القصد من الإنجاب هو يسوع. الموضوع هو يسوع، وليس الموضوع مجرّد التكاثر. أما موضوع أن يكون الرجل والمرأة كل واحد منهما عوناً للآخر، فلا شكّ أنّه استمرّ في التاريخ. ولكنْ هذا أيضاً كان له هدف، والهدف كان أن يستعيد الإنسان عون الله، أن يكتمل الإنسان في عِشرة الله. لأنّنا إن اكتفينا بالقول إنّ الرجل والمرأة يعينان أحدهما الآخر، فكأننا نقول إنّ الله إنما أرادهما أن يكونا على نوع من الأنانية المزدوجة. ليس هذا هو الحال أبداً. الغاية ليست لا المرأة ولا الرجل، لا الرجل يعين المرأة ولا المرأة تعين الرجل. في نهاية المطاف ما هو أبعد من ذلك، القصد هو يسوع، القصد هو الله، القصد هو أن نبلغ إلى الله. لهذا يقول المزمور بوضوح: "معونتي من عند الربّ الذي صنع السماء والأرض". معونتي من عند الربّ. الله في النهاية هو الذي يعين، هو الذي يكمِّل الإنسان. لكن يعينه على ماذا؟ يعينه على كل شيء، يعينه على الموت، يعينه على الوحدة، يعينه على التعب، يعينه على المعنى. الإنسان من دون الله لا معنى له. الإنسان يصير إنساناً بالتصاقه بالله، باكتماله بالله. هكذا يكون عونُ الإنسان، في نهاية المطاف، من الله. أما عون الرجل والمرأة فيكون في هذا الإطار، بمعنى أنّ الإثنين يتعاونان حتى يبلغا معاً وجه ربِّهما. لهذا كثيراً ما ذَكر معلِّمونا أنّ الغاية من الزواج المسيحي هي، طبعاً حين يحدُث، أن يمسك الرجل بيد المرأة والمرأة بيد الرجل وأن ينطلقا معاً إلى وجه ربّهما. الغاية يسوع، وليست هناك غاية أخرى. إن لم يكن يسوع هو الغاية لا يكون الزواج قد حقَّق الغاية الكيانية التاريخية منه. نحن لسنا حيوانات. الحيوانات تتكاثر. تتكاثر بالطبيعة. بالنسبة للإنسان، لا يتكاثر، كما قلت، على نحو غاشم من دون معنى. الغاية، إذاً، هي يسوع. هنا طبعاً ينطرح السؤال: لماذا يسوع لم يتزوّج؟ يسوع لم يتزوّج لأنّه كان إنساناً كاملاً. كما كان آدم واحداً في الأساس، ثمّ خرجت حواء منه، هنا نجد في يسوع الإنسان الكامل حاملاً للرجولة وللأنوثة معاً. لهذا خطأ، مثلاً، أن نتصوّر أنّ يسوع كان يمكن أن يتزوّج. هذا خطأ كبير، وأنّه كان يمكن أن يُنجب. يسوع، كإنسان كامل، لم يكن بحاجة لأن يتزوّج ولا كان بحاجة لأن يُنجب، لأنّ الإنسان اكتمل في يسوع، اكتمل في الربّ يسوع. ومنذ يسوع، إلى اليوم، حصل ما هو أسمى من الزواج، زواج الرجل بالمرأة والمرأة بالرجل. ما هو أسمى من ذلك صار بالضبط أن يكون الإنسان بتولاً. والدة الإله هي البتول في نهاية المطاف. الربّ يسوع المسيح هو البتول. الرهبانية التي نشأت من بعد الربّ يسوع ما كان يمكن لها أن تنشأ قبل ذلك. قبل ذلك كان الموضوع الزواج. كان الموضوع هو التحضير لمجيء المسيح. لهذا السبب كان عدم الزواج وعدم الإنجاب غير مقبول عند اليهود. عدم الإنجاب كان يعتبر بمثابة لعنة. عدم الزواج كان يُعتبر شيئاً غريباً جداً، في مرحلة ما قبل الربّ يسوع المسيح. أما بعد الربّ يسوع فالأمور تغيَّرت. إذا كان القصد هو مجيء الربّ يسوع فقد جاء الربّ يسوع. وبمجيء الربّ يسوع اتّخذ التاريخ الخلاصي منحى آخر، منحى مختلفاً. القصد، كما قلنا، هو الله. لهذا بتنا نتحدّث اليوم عن زواج آخر، عن زواج المسيح بالكنيسة، عن الزواج السرّي الذي يتمّ في نفس الإنسان، بينه وبين الله. الموضوع صار في هذا المستوى. طبعاً هذا لا يعني أبداً أنّ الزواج قد التغى. كلاّ لم يُلتَغَ أبداً، ولا يمكن أن يُلتغى إلاّ في المجيء الثاني للربّ يسوع. هناك، في الملكوت، لا يزوِّجون ولا يتزوَّجون. هذا سيحدث فيما بعد، حيث لن يكون هناك زواج بعد. ولكن طالما نحن هنا على الأرض، فنحن لا زلنا في إطار المساهمة في نشر كلمة الله، في نشر البشارة الإلهية. لذلك الغرض من الزواج بعد الربّ يسوع، والزواج مبارَك جداً، الغرض هو العائلة المسيحيّة، هو التنشئة على الإيمان بالربّ يسوع المسيح. الموضوع هو يسوع في كل الأحوال. ولكن حتى المتزوِّجون عليهم أن يسلكوا في البتولية، لا بمعنى أن يتوقّفوا عن الزواج، كلاّ أبداً. ولكنْ البتولية تعني، أولاً وأخيراً، أن يكون الله هو الذي يسكن في حياة الزوجَين. لفظة "بتول" معناها بيت إيل، بيت الله. والزواج مع الربّ يسوع صار زواجاً بتولياً، بمعنى أنّ سعي الإثنين، الرجل والمرأة، هو لأن يكون الربّ يسوع المسيح المقيم في حياتهما بكل معنى الكلمة. ولهذا يصومان ولهذا يصلِّيان ولهذا يسلكان في العفّة في أوقات معيّنة. موضوع العلاقة بين الرجل والمرأة لم يعد، كما كان قبل الربّ يسوع، للإنجاب وحسب. أحياناً البشر لا ينجبون، وليس هذا نقيصة بالنسبة لزواج الرجل والمرأة المسيحيَّين. طالما الربّ يسوع المسيح هو القصد في سعيهما، وقصدهما أن يسكن الربّ يسوع المسيح في حياتهما، فإنّ زواجهما يكون مخصِباً بكل معنى الكلمة. الإخصاب الحقيقي، بعد الربّ يسوع، صار إخصاباً في الروح ولم يَعُد في الجسد وحسب. في الجسد قد يكون الجسد مِطواعاً وقد يتمكّن الإنسان من الإنجاب، وقد لا يتمكّن من الإنجاب. ليس هذا هو الموضوع. الخصب الحقيقي هو خصب الحبّ الإلهي الذي ينبغي أن يسود بين الرجل والمرأة. وطبعاً هذا يجعل العائلة المسيحيّة بمثابة كنيسة بمعنى الكلمة. هنا تنمو محبّة الله، محبّة الزوجَين لله. وطبعاً لم يعد الزواج ضرورياً كما كان ضرورياً في الفترة التي سبقت مجيء الربّ يسوع المسيح. الآن صار بإمكان الإنسان أن يمتنع عن الزواج لكي يتفرّغ بالكامل لمحبّة الله، لرضى الله. المرأة في العالم، كما قال الرسول بولس، تسعى إلى إرضاء زوجها. أما الإنسان العفيف فيسعى إلى إرضاء الله، همُّه الأساسي هو إرضاء الله. طبعاً في الحالتَين، في حالة الزواج وفي حالة عدم الزواج، الغرض هو إرضاء الله. ولكن عندما يتفرّغ الإنسان بالكامل لحياة البتولية، فإنّه، إذ ذاك، تكون له فرصة أن يعطي نفسه بالكامل لله، أن يحقِّق نفسه بالكامل كإنسان على صورة الإنسان الكامل الذي هو الربّ يسوع المسيح. إذاً، كل موضوع الزواج نَما وتغيَّر عبر التاريخ. نحن لم نعد ننظر إلى موضوع الزواج اليوم كما كان اليهود ينظرون أو كما ينظر الذين لا يعرفون المسيح اليوم. لهذا مهمّ جداً أن ندرك، بعد المسيح، أنّ زواج المسيحي من غير المسيحي هو زواج غير موافق وغير مساعد على الخلاص لأنّه يصعب جداً على الزوجَين أن يعيشا للمسيح إذا لم يكن لهما فكر واحد وإيمان واحد وقصد واحد في هذا الاتجاه وعبادة واحدة. لهذا، الموضوع فيما يختص بالرجل والمرأة ليس فقط أن يؤسِّسا وحدة إجتماعية وحسب. ليس الموضوع أن يعيشا وفقاً لسُنّة الطبيعة. نحن مع الربّ يسوع دخلنا في سنّة الروح، روح الربّ القدّوس. لماذا أُعطي الروح القدس إذا لم نكن نحن لندخل في سنّة الروح، ما المنفعة؟ إذاً، نحن لا نتزوّج بعد لأسباب إجتماعية أو لأسباب عاطفية. أنا لا أقول أبداً إنّ الأحاسيس والمشاعر والعواطف لا تؤخذ في الحسبان. هذه أمور إنسانية. ولكنْ هذه الأمور الإنسانية ينبغي إخضاعها للروح، ينبغي إخضاعها لإيمان الإنسان، لإيمان الإنسان بالربّ يسوع. الموضوع الأساسي هو يسوع. إنْ عشنا فللربّ نعيش وإن متنا فللربّ نموت. كل موضوع الزواج بات مطروحاً باعتبار يسوع لا باعتبار التناغم والتكافؤ والتكافل بين الزوج والزوجة. هذه كلّها أمور تأتي في الدرجة الثانية أو الثالثة أو الرابعة من الأهمية. هذه أمور ثانوية. الموضوع الأساسي هو يسوع، الموضوع الأساسي هو موضوع إيماني، هو موضوع روحي، هو موضوع أن يقتني الإنسان روح الله، أن يمتلئ الإنسان من روح الله، أن يحقِّق الإنسان هذا الزواج في المستوى الروحي بالدرجة الأولى. لهذا كل موضوع الزواج بات يُطرَح عندنا بطريقة جديدة، بطريقة مختلفة، بطريقة روحية. لم يعد الموضوع وفق سنّة الطبيعة. صرنا نعيش في زمن جديد، في زمن الروح، في زمن الملكوت، في زمن يسوع المسيح. لهذا السبب علينا أن نحسب أنّ كل ما يربطنا بأيّ أمر من الأمور، بأيّ موضوع من الموضوعات في حياتنا كبشر، ينبغي أن يكون يسوع. ما نفعله لا نفعله لأنّه ذو قيمة بحدّ ذاته. ما نفعله نفعله لأجل يسوع. إن أكلتم أو شربتم أو لبستم أو فعلتم أي شيء آخر، فهذا كله ينبغي أن يكون لأجل مجد الله. الموضوع هو يسوع. هذا هو وجدان الإنسان المؤمن، الإنسان الذي جعل حياته متمحورة في يسوع المسيح، في الحياة الجديدة في الإيمان الجديد. فإنْ كان لنا مثل هذا الفهم، فإنّنا نكون، إذ ذاك، قد أخذنا على عاتقنا أن نحيا وأن نموت لأجل يسوع ولأجل أن يصير كل واحد منا هيكلاً للربّ يسوع. أنتم هيكل الروح القدس. ملكوت السموات في داخلكم. هذا هو الموضوع، اطلبوا أولاً ملكوت السماوات وبِرَّه وكل ما عدا ذلك يُزاد لكم آمين |
||||
20 - 09 - 2014, 05:30 PM | رقم المشاركة : ( 6269 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
سر الزواج المقدس
البطريرك غريغوريوس الثالث لحام الجزيل الاحترام الزواج: عقد طبيعي بين رجل وامرأة. المسيح رفعه الى سرّ مقدّس بين المعتمدين. الخطبة: هي مرحلة استعداديّة للزواج، يتعرّف فيها الخطيبان الواحد على الآخر. يلتقي الكاهن بالخطيبين مرارًا لكي يشرح لهما سموّ الزواج المقدس وواجباته وروحانيّاته. المحابس والخواتم: رمز قديم للعهد بين الرجل والمرأة. في الشرع الكنسيّ، ليست الخطبة نصف زواج كما تقول العامّة. وبركة الكاهن في الخطبة بركة روحيّة وليس لها أي مفعول قانونيّ. تبادل الرضى: وفيه يتبادل الزوجان الرضى أمام الكاهن والشهود (الأشابين) والجماعة الكنسيّة الحاضرة. رتبة صلوات الإكليل: تشتمل على الطلبات لأجل الزوجين والآيات المقدّسة من سفر التكوين وتلاوة الإنجيل المقدس، والتبريكات والتوجيهات الروحيّة التي يجب أن تسيّر حياة الزوجين. الاكليل: يقول بولس الرّسول: الرجل إكليل المرأة والمرأة إكليل الرجل. والاكليل رمز للنضوج الروحيّ الذي وصل اليه الزوجان. لقد أصبحا أهلاً للحياة وللدعوة الروحيّة في الزواج. ولذا يكلّلان أمام الجماعة الكنسيّة كلّها. الإكليل رمز للسلطة الملكيّة. فالإنسان ملك على الخليقة. وإلى هذا يشير بولس الرسول في الرسالة الى العبرانيين (2،7) عندما يتكلم عن الإنسان ملك الخليقة قائلاً: بالمجد والكرامة كلّله وعلى أعمال يديه سلّطه"، وهي آية من المزمور 8: 5-7. وقد أصبحت النشيد الشعبيّ المشهور في حفلة الإكليل: "أيها الربُّ إلهنا، بالمجد والكرامة كلّلهما وعلى أعمال يديك سلّطهما". سرّ الزواج وسرّ الكنيسة: يشرح لنا القديس بولس في رسالته إلى الأفسسيّين، واجبات الحياة الزوجيّة وسموّ دعوة الزوجين. ويعطي المثل الأسمى لعلاقة الرجل والمرأة من خلال سرّ المسيح والكنيسة: "أيها الرجال أحبّوا نساءكم كما أحبّ المسيح أيضًا الكنيسة وبذل نفسه لأجلها" (5: 25). الكأس المشتركة: إن صلوات حفلة الإكليل موزّعة على غرار رتبة القدّاس الإلهي. وكانت تقام قديمًا في أثناء الاحتفال بليترجيّا القداس. وقد بقيت الكأس المشتركة إشارة الى هذه العادة القديمة، والى المناولة التي كانت تُعطى للعروسين. واليوم ترمز الكأس، بعد بركة الخمر دون تكريسه، الى الشِركة الكاملة بين العروسين. وتعطى أيضًا للأشابين. زيّاح العروسين: إنها "زفّة" كنسيّة تعني فرح الجماعة وابتهاجها، وخاصّة تكريس العروسين لله في سرّالزواج المقدّس. وكما كانت الذبائح قديمًا تزيّح حول هيكل التقدمة قبل نحرها، هكذا يزيّح العروسان لأنهما تكرّسا للربّ، الواحد للآخر، في السرّ المقدس. وعلى رأسيهما أكاليل الرسل والشهداء. سرّ الزواج يعني تأسيس أسرة مسيحيّة جديدة وكنيسة بيتيّة جديدة. "أيها الربّ إلهنا، بالمجد والكرامة كلّلهما، وعلى أعمال يديك سلّطهما". |
||||
20 - 09 - 2014, 05:34 PM | رقم المشاركة : ( 6270 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
سر الزواج الأب منير سقّال مقدمـة " … أنا لحبيبي وأَشْواقُه إليَّ ، هلُمَّ يا حبيبي ، لِنَخرُجْ إلى الحقول ولنبِت في القرى ، فلنُبكِر إلى الكروم وننظُرَ هل أَفَرخَ الكرم وهل تفتحت زهوره وهل نَوَّرَ الرُمان ، وهناك اَبذُلُ لَكَ حبُيِّ … اجعلني كخاتمٍ على قلبك ، كخاتمٍ على ذراعِكَ ، فإن الحب قويٌ كالموت والهوى قاسٍ كمثوى الأموات ، سهامه سهام نار ولهيبُ الرب المياه الغزيرةُ لا تستطيعُ أن تُطفِئَ الحب والأنهارُ لا تغمُرُه ، وَلَو بذل الإنسانُ كلَ مالِ بيته في سبيل الحب لاحتُقِرَ احتقاراً … " ( نشيد الأناشيد 7/11 – 13، 8/6 – 7 ) هكذا يتخاطب كلّ حبيبين في كل الأجيال وكل الأقطار ، وهذا التخاطب صورة لتخاطب الله والبشرية . وكما قال القديس يوحنا أن الله " محبة " ( 1 يو 4/8 ) ، لهذا السبب هو جماعة : آب وابن وروح قدس . فالله عائلة : " في البدء كان الكلمة ( الابن ) والكلمة كان لدى الله ( الآب ) والكلمة هو الله " مع الآب ، في وحدة الروح القدس الذي هو حبهما المشترك ( يو 1/1 ) . هذا الإله المحبة ، هذا الإله العائلة صنع الإنسان على صورته كمثاله ، صنعه لا فرداً متوحداً ، بل جماعة متآلفة ، فكان حقاً على صورة الإله الحقيقي ، الإله المحبة . لهذا السبب صنعه ذكراً وأنثى متشابهين ومتغايرين ومتجاذبين – روحاً وجسداً – بدينامية حب يجعلهما واحداً ، فينبثق منهما ثالث ، الولد ، الذي هو عنوان وحدتهما وتجسيد حبهما : إنه أنت كلياً ، إنه أنا كلياً ، إنه كلانا معاً في وحدة الجسد . بين الحياة بصيغة المفرد والحياة بصيغة المثنى ، وبين المثنى والجمع ، فرق شاسع حمل أحد المفكرين على القول : " أبعد من المثنى ، لا تجد سوى الجماهير " ، ذلك أن الانتقال من العزلة إلى الجماعة يتطلب جهداً كبيراً للعبور من خطر الأنانية إلى ضياء العطاء والغيرية . هذا المنطلق البشري أمسكت به الكنيسة منذ نشأتها وحاولت رفعه إلى مستوى الروح ، بعيداً عن مجرد الاعتبارات الجسدية والنفسية والاجتماعية ، فإذاً اللقاء بين الرجل والمرأة انعكاس لاتحاد المسيح بالكنيسة ، على ما قال بولس الرسول ، وسر عظيم من أسرار الكنيسة السبع ، لا يقل قداسة وأهمية عن غيره من الأسرار . الزواج الطبيعي يحرم مجمع ترانت ( 1545 – 1563 ) ، من يقول أن الزواج لم يؤسسه المسيح بل هو اختراع بشريّ . يجب فهم هذا القول أولاً بالنسبة إلى زواج الخليقة " في البدء حيث كل شيء كان بالكلمة وبدونه لم يكن شيء " ( يو 1/1 – 3 ) . ثم يجب فهمه بالنسبة إلى زواج الفداء . فمن جنب آدم الجديد ولدت عروسته ، الكنيسة ، مع دم وماء الأسرار ، بما فيها الزواج . لكن هذا الزواج الذي رواه ماء العماد ودم الآلام ليس سوى الزواج " الطبيعي " ، هذه الحقيقة الأولى كما أسسها الله لما خلق الإنسان ذكراً وأنثى . لا نرى مطلقاً السيد المسيح يؤسس الزواج "المسيحي". ولا يتكلم مطلقاً على الزواج المسيحي . لما سأله اليهود عن الزواج ، وجّه جوابه لليهود فعاد بهم إلى الزواج الطبيعي إلى تصميم الله الأول ، الله الذي خلق كلّ زواج . وإنه لما أكد بقوله : " ما جمعه الله لا يفرقه إنسان " ، كان يتحدث عن الزواج الطبيعي الأول ، أي عن تصميم الله الأول والشامل . لذا يعلن لاوون الثالث عشر : منذ البدء كان الزواج صورة لتجسد الكلمة … لذا أعلن سلفانا ، زخيا الثالث وهونوريوس الثالث ، من دون أي تهور وبكل حق، إن سر الزواج موجود بين المؤمنين وغير المؤمنين . كان المسيحيون الأولون يتزوّجون كسائر الناس ، أي كاليهود وكالوثنيين المحيطين بهم : يتبعون الطقوس الزوجية ذاتها ، لا خط مسيحي مميّز ، لا حضور كاهن أو أسقف ، لا حفلة دينية خاصة . ومع ذلك كان الزواج المسيحي آنذاك يعتبر " سراً " لم يكونوا يعرفون بعد ما هو السر . فوجب انتظار علم اللاهوت المدرسي لتعداد وترتيب البستان اللاهوتي . لكنّ الحياة المسيحية لا تنتظر الترتيبات الرسمية لكي تنمي كل الثروة التي زرعها الرب في كنيسته . في الكنيسة المضطهدة ، كان الحس الجماعي في الجماعات المتسترة يقوى بسبب مشاركة الأخطار . فكان الأسقف يعرف كل شعبه وكانت المحبة الرعوية شديدة ومتبادلة . وكان الأسقف أو أحد كهنته يدعى إلى أعراس المؤمنين ، كما دعي يسوع إلى قانا ، وكان مجيئه لا يشكل خطراً إذ لم يكن يرتدي أي لباس خاص يدل على "شخصه " ، وكان يقاسمهم الفرح المشترك إلى حين ويدلي بإمضائه ، مع سائر الشهود ، على عقد الزواج . وإذا سمحت الحالة الأمنية ، غالباً ما كان يُطلب إليه أن يبارك الزوجين بعد بركة رب العائلة ، فكان يرتجل صلاة أو يضع يديه على العروسين من دون أن يتفوه بشيء . وكان لهذا العمل طابع خاص ، لكنه لم يكن بركة زواج . لكن عند نهاية عصور الاضطهاد ، حوالي القرن الرابع ، أصبح هذا العمل عادياً . وهكذا فزواج المعمدين " الكنسي " منذ عصور ، سيتحول إلى ليتورجيا ويصبح كنسياً ( يبارك في حفلة كنسيّة ) ، ظهرت تدريجياً عبارات التبريك وقداسات زواج ، وابتداء من القرن السابع ، يأخذ مكاناً في الكتب الطقسية الرسمية في المناطق المسيحية . رغم ذلك ، وحتى ذلك الوقت ، لم تكن الكنيسة تصنع الزواجات لكنها تستقبل الزواج الطبيعي العادي وتباركه ، والرضى المتبادل كان الرابط الوحيد والحق المدني وحده كان يشرّع له ، وبقي الحال على هذا المنوال طوال الألف المسيحي الأول . سنة 318 أولى الإمبراطور قسطنطين ، الأسقف قيمة عامة : بوسع المؤمنين رفع شكواهم وخلافاتهم إلى الأسقف أو إلى الإدارة الملكية . وهكذا راحت السلطة الأسقفية تطبق القوانين المدنية وتحكم في الأمور الزواجية باسم السلطة الزمنية وبموجب الشريعة ، شريعة الإمبراطور ، فكانت النتيجة مع الوقت ، محو سلطة الإمبراطور وربط التشريع والحكم في قضايا الزواج بالكنيسة . ومنذ القرنين الحادي عشر والثاني عشر ، لم يعد للمعمدين زواج " مقبول " إلا " أمام الكنيسة " . وفرض مجمع ترانت صيغته القانونية تحت طائلة البطلان ، منذ القرن السادس عشر فقط … قرنان كانا ضروريين ( 11 و 12 ) لكي تنضج الفكرة بأن الزواج سر : وبأنه يرمز إلى الحب الذي يربط المسيح بالكنيسة ويمنحه . مذاك أصبح السر أكثر من تبادل رضى " ليس الزواج الرضى ذاته ، بل وحدة الحياة والتطلع إلى المستقبل الذي دشّنه الرضى " ( القديس توما ) . " السر هو وحدة الحياة والحب العميقة " ، كما يقول المجمع الفاتيكاني الثاني في " فرح ورجاء " : حب مدهش دائم ، منظور ومعروض على الناس كعلامة يومية للمسيح … سر الله هناك ألم واحد وهو أن يكون المرء وحيداً . والإله الذي يعيش وحيداً منذ الأزل هو منذ الأزل أيضاً التعاسة بعينها. أنانية " قادرة ووحيدة " كأنانية الغني في الإنجيل الذي ينوء تحت ثقل " حاصلاته " . شخص كهذا لا يمكن أن يكون الله لأن الله هو السعادة بالذات . لا سعادة إلا إذا أَحببنا واُحببنا ؛ إذن " الله محبة " . هو محبة بالضرورة ومنذ الأزل . فمنذ الأزل هو عائلة حب . وبما أن كل شيء به كوّن ، فكيف نريد أن يخلق الأشياء إن لم يكن على صورته ومثاله ؟ نستنتج أن كلّ شيء خلق عن حب ، كلّ شيء خلق عائلة . في نص الخلق يكوّن الرجل والمرأة معاً بذار البشرية مثالها كما أرداها الله . في مساء كلّ يوم من الخلق ، كان الله يقول " هذا حسن " ، أما في اليوم السادس لما أخذ الإنسان من التراب ، فقال : " ليس حسناً … ليس حسناً أن يبقى الرجل وحده ، سأصنع له عوناً يناسبه . " إذ لو بقي وحده ، وحيداً ، لما استطاع أن يحقق دعوته ، دعوة صورة الله : لكي يكون حبّا ، يجب أن يكون هو أيضاً " أشخاصاً عديدين " . إنه بحاجة إلى رفيق ، كما يقول النص الأصلي . لكي يشبه الله الذي هو محبة ، الله الثالوث ، يجب أن يتكوّن الإنسان ، الإنسان الأصلي ، من شخصين متشابهين ومتباينين ، متساويين ومتجهين الواحد نحو الآخر جسداً ونفساً ، بدافع حب قوي ، بحيث لا يصبحان سوى واحد وبحيث يولد وينمو من اتحادهما " الشخص الثالث " ، الولد ، عنصر وحدتهما المنظورة . هكذا يكون الزوجان سرّ الله الذي لا يكشفه تماماً سوى الإيمان وحده ، والذي تحتفل به كنيسة يسوع المسيح كما هو . ولأن الله الثالوث حبّ ، فقد قطع عهداً مع البشرية … " عهد " كلمة تعني لكم شيئاً ، أنتم من تحملون في إصبعكم خاتم الزواج ؟ " أتزوجك إلى الأبد ، يقول الرب ، أتزوجك في الحب والحنان ، أتزوجك في الأمانة ، فتعرفين الله " ( هو 2/ 21 – 22 ) . فلنفهم ما يلي : تزوّج الابن البشرية لمّا تجسد . ترك أباه وأخذ الطبيعة البشرية . وها هو الله الابن والإنسان يسوع الناصري " في جسد واحد " ، هذا الجسد المولود من مريم العذراء . فالله كله في يسوع الذي يكوّن مع الآب والروح إلهاً واحداً . وفيه ، هو الإنسان ، الإنسان كلّه ، إذ بإمكانه أن يجمعنا كلّنا فيه ، في جسد واحد . هكذا تجري فينا حياة الله كلها بيسوع المسيح . حياتنا كلها ، وقد تطهّرت وتغيّرت تمر بيسوع المسيح إلى الله . بين الزوجين ، كل شيء مشترك . والحال أن الله تزوج البشرية . وهذا هو العرس الحقيقي : عرس الله والبشرية في تجسد الابن . الزواج المثالي هو هذا . زواج نهائي ، زواج أغنى حب ، لأجل عروسه ، قدّم الابن ذاته إلى الموت ، ولأجلها وهب ذاته في المناولة … فالرب يطلب بواسطة كنيسته ، أن يعطي الرجل والمرأة ذاتيهما الواحد للآخر في الحب ، مدى الحياة إذ يقبلان هذا الشرف وهذه النعمة فيعيشان عهد المسيح ويشهدان له ، يحملانه " سراً " أي علامة حسية يراها الجميع . ما ينتظره الرجل من المرأة ، وما تنتظره المرأة من الرجل هو السعادة التي لا تحد ، الحياة الأبدية ، الله . لا أكثر ولا أقل . هذا الحلم المجنون يجعل العطاء الكامل ممكناً يوم الزواج . لكن هذا العطاء مستحيل ، إلا إذا وجد الزوجان في حياة شريكهما كل غنى الله ، في قلبيهما ، كل هذا الحب الحنون والرؤوف ، حب المسيح . سر الزواج هو هذا اللقاء الإلهي . في تدبير الخالق " خلق الله الإنسان ذكراً وأنثى خلقهم " ( تك 1/27 ) . ليس في الله جنس ، لكن الله محبة ، علاقة محبة بين الأقانيم الثلاثة . فلما خلق الإنسان على صورته ، وصنعه ذكراً وأنثى ، فلكي يكون جديراً مثله بالمحبة . فالحب هو الأول ، لا التوالد . بكلام آخر : لم يخلق الله الإنسان ذكراً وأنثى ليكون هناك ، أولاً ، بنون وبنات ، بل ليكون حبّ بينهما ، ومن ذلك الحب يكون بنون وبنات . هذا هو الفرق بين الجنس الإنساني والجنس الحيواني ، فالجنس الحيواني للتناسل لا غير . أما الجنس الإنساني فللحب أولاً ، للعلاقة ، للتخاطب ثم للتناسل ، لهذا السبب لا يتم التزاوج الحيواني إلا في فترات الخصب ، للتناسل ، أما التزواج الإنساني فلقد يتمّ خارج فترات الخصب ، لا للتناسل ، بل للعلاقة الودية . لكن جاءت الخطيئة . كان الاثنان قبلاً عريانين الواحد أمام الآخر من دون أن يخجلا ( تك 2/25) . بعد ذلك " عرفا أنهما عريانان " ( 3/7 ) . التناغم في العلاقات الشخصية تشوّش حتى على الصعيد الجنسي . أجمل ما فيه قدرته على الحب فسدت بالخطيئة تحوّل الحب إلى شهوة جنسية . هنا ، ليست اللذة هي التي استقرت بطريقة تعسفيّة ، فهي عطية الله ، بل استعباد الشهوة واللذة " شهوة الجسد " ( 1 يو 2/16 ) . في فوضى العواطف والحواس هذه يتجذر عدم الثقة بالنسبة إلى الجنس والخجل من أعمال الجنس ( اختبأت لأني عريان ) وكأن هناك تنافراً بين العلاقات الجنسية والقرب من الله ( حز 19/15 ) ، هذه العقدة الغريزية التي لم ننتقدها بعد سوف تطبع الكنيسة أكثر مما تطبعها " صورة الله " . في الجنس الإنساني نزعة استهلاكية ، الغريزة ، ونزعة اتحادية تتجاوز الغريزة ، وكثيراً ما تطغى الأولى على الثانية ، في هذه الازدواجية الإليمة كل معاناة الجنس الإنساني . في هذا المعنى يقول طاغور : " أحاول أن أمسك الجمال ، لكنه يفلت مني تاركاً بين يدي جسداً فحسب . فأتراجع خائباً تعباً ، أين للجسد أن يلمس الزهرة التي لا تطالها إلا الروح ؟ " وعليه فلا بدّ من التوفيق بين النزعتين ، لأن " الغريزة دون الحب إباحية ، والحب دون الغريزة حب طوباوي " ( جان لاكروا ) … لكن هذا لا يعني أن الزواج قد مُني بالفشل . إنه لا يزال موضوع بركة من الرب ، وتحقيقاً ممكناً للحب البشري ، حب جريح ، لكنه حب قد باركه المسيح في عرس قانا الجليل ، ورفعه إلى مستوى أسرار البيعة ، فجعله أداة حقيقية للاتحاد به ، وقناة للنعم ، تماماً كما هي الحال في سائر الأسرار . تصميم الله التزام مدى الحياة . يعود بنا يسوع إلى الزواج الأصلي الذي نجده في أوّل سفر التكوين ، هذا كلّ شيء : زواج بين رجل واحد وامرأة مدى الحياة . " ولذلك يترك الرجل أباه وأمه ، ويلزم امرأته ، فيصيران جسداً واحداً " ( تك 2/24 ، 1 كو 6/16 ) . يكونان جسداً واحداً ، وكما يقول ملاخيا : " ليسا بعد اثنين ، بل كائن واحد حيّ في جسد تنعشه نسمة حياة " ( 2/ 14 – 15 ) . رجل واحد لامرأة واحدة ، إذاً ، الأمانة والاستقرار فإن " من حاز امرأة واحدة فهي له رأس الغنى ، وعون بازائه ، وعمود يستريح إليه " ( سيراخ 36/26 ) . بالطبع ليست هذه المقاييس طبيعيّة ، هذا الزواج الواحد والدائم ، الذي يساوي بين الأثنين ويوحّد بينهما ، لم يتّبعه الإنسان في البدء ، ليست قصة الخلق تاريخاً بل مشروعاً ، إنها غاية نُهيَويّة وضعها الله لكي يتجّه نحوها الزوجان تدريجياً . إذا كان لدينا أي وهم حول الموضوع ، فجرح الزواج الأول يعيدنا بسرعة إلى الواقع … ومع ذلك فالكتاب المقدس يمدح الحب الزوجي الذي هو " صورة ومثال " حبّ الثالوث . أنعجب بعد إذا كان هذا الحب صعباً ؟ صعب ولكنه ممكن . فاللازمة في كلام الله هي هذه : " ما جمعه الله لا يفرقه إنسان " . وأمام الصعوبة اللازبة ، المخرج الوحيد المضيء هو مخرج إلهي ، " مسيحيّ " ، مخرج المسامحة والمصالحة ، " كما أحب المسيح كنيسته " ( افسس 5/25 ) . فحب المسيح هذا قاده إلى الصليب الذي نحن نصبناه له ، فتقبّله راضياً . كُفرُنا له ، قابله بالمحبة ، خيانتنا له ، قابلها بالأمانة ، فبرهن بذلك أن الحب الصحيح يصمد في وجه الصعوبات و الأعاصير . معظم المشاكل الزوجية تنجم عن الاعتقاد بأن الزواج نقطة وصول ونهاية ، لا نقطة انطلاق وبداية " تزوّجنا ، خلص " ، لا ، بل " تزوجنا فلنشمّر عن سواعدنا لبناء العمارة " . الزواج حجر رخام ، والقرينان نحّاتان عليهما أن يحّولاه يوماً بعد يوم ، بالصبر والتعاون ، إلى تمثال جميل . قال أحدهم : " الزواج كتاب ضخم ، موضوعه جدّي ، إنما مقدمته قصيدة غزل " . فإذا ما اصطدمت بصعوبة الكتاب وطول فصوله ، عد واقرأ المقدمة ، والأفضل من ذلك هو أن تنقل المقدمة على ورقة طائرة ، ثم تضعها علامة في الكتاب ، حتى ترافقك من صفحة إلى صفحة ومن فصل إلى فصل . ما جمعه الله لا يفرقه بشر . سأل الفريسيون المسيح ، مجربّين : " هل يحل للرجل أن يطلق امرأته لكل علّة ؟ " أجاب يسوع " … من طلّق امرأته – إلا في حالة الزنى – وتزوج أخرى ، فقد زنى " ( متى 19/3 – 9 ) . " وإن طلقت امرأة رجلها ، وتزوجت آخر ، فقد زنت " ( مر 10/12 ) . أجل " من طلّق امرأته وتزوج أخرى ، فقد زنى . ومن تزوج امرأة طلّقها زوجها ، فقد زنى " ( لو 16/18 ) … أتى المسيح إلى العالم ليجدّده . فكان أول مظاهر التجديد إعادة الزواج إلى أصالته ، أي الاحادية وعدم الانفصام . فما يهم يسوع هو المشروع الإلهي بخصوص الإنسان ، فالطلاق تفشيل للمشروع الإلهي ، وإفساد للعهد القائم بين شخصين قد أصبحا جسداً واحداً . ولكن ما معنى الاستثناء " إلا في حالة الزنى ؟ هل يعني ذلك فعل الزنى ؟ أم شيئاً آخر ؟ نلاحظ أولاً أن هذا الاستثناء لم يرد إلا في إنجيل متى . وذلك لأن القضية – في البيئة اليهودية – كانت قضية الساعة عند العلماء ، وكانت تثير الكثير من النقاش والجدل ، في معرفة ما إذا كان مثل هذا الزواج صحيحاً أم لا . فجزم المسيح ، مشيراً إلى أنه زواج باطل ينبغي إما فسخه وإما تصحيحه . ما هي إذاً " حالة الزنى " هذه التي تجيز الطلاق ؟ هل هي خطيئة الزنى ؟ الخيانة الزوجية ؟ إن الكلمة التي استعملها القديس متى في إنجيله تعني في ما تعنيه " الزواج غير الشرعي لمانع ما " ، عن حسن نية أو سوء نية . فمثل هذا الزواج يكون باطلاً بالأساس ، وهو يضع الزوجين في " حالة زنى " ، أأدركوا ذلك أم لم يدركوه ، وعندئذ ينبغي الطلاق أو تصحيح الزواج إن كان الزوجان مدركين للأمر وعندهما رغبة في ذلك . وهناك استثناء آخر ، يجيزه القديس بولس ، ولقد سميّ بـ " الانعام البولسي " ، " أما الباقون فأقول لهم أنا لا الرب ، إن كان أخ ( مسيحي ) له امرأة غير مؤمنة … وامرأة لها رجل غير مؤمن … وغير المؤمن لا يرتضي المساكنة ، بل يفارق فليفارق . فليس الأخ أو الأخت مستعبداً ( مرتبطاً ) في مثل هذه الأحوال " ( 1 كو 7/12 – 15 ) . كما وتجيز الكنيسة فسخ الزواج إن هو " غير مكتمل " . هذه هي الحالات القابلة لفسخ الزواج ، ففي ما عدا ذلك ، وما عدا التبيّن أن الزواج باطل من أساسه ، فلا فسخ للزواج ، بل هجر إذا اقتضى الأمر … لذلك فالزواج السر لا ينفصم : فهو بالنسبة إلى الأزواج المسيحيين ، اتحاد المسيح بكنيسته . لا يسمح للرجل بأن ينفصل عن زوجته تماماً كما لا يسمح للمسيح بأن يتحرر من تجسده فينفصل عن البشرية ويخون العهد ، عهد الحب الذي يربطه بكنيسته ، والحال أن المسيح لن يترك كنيسته أبداً . كل زواج مسيحي معمّد ومطعّم إلهياً على هذا الحب المتين ، حب المسيح وكنيسته ، لا خليقة أخرى يمكنها أن تحل رباط الحب هذا الذي يربط بين المسيح وكنيسته . أنموا وأكثروا ( تك 1/28 ) ، يقول المجمع : " في طبيعة الزواج والحب الزوجي إنجاب البنين وتربيتهم ، وهذان يتوجان الزواج والحب ، كما تتوّج القمة الجبل " ( ك ع ، 48/1 ) ، ويقول البابا بولس السادس : " في طبيعة العمل الزوجي ، الذي يوّحد بين الزوجين ، أن يجعلهما جديرين بايلاد حياة جديدة ، وذلك بمقتضى نواميس مطبوعة في كيان الرجل بالذات وكيان المرأة " ( الحياة البشرية ، 8 ) . الحب خصب ، بطبيعته ، في الزواج كان ( البنون ) أو خارج الزواج ( أعمال المحبة والإحسان ) . لذا فإن الولد ليس غريباً عن القيم الزواجية ، لا بل هو مكمّل لها ، إذ هو يجعل العلاقات الشخصية ، في الزواج ، على صورة العلاقات في الثالوث الأقدس . وعليه ، فإن الكنيسة لا تعترف بصحة زواج من كان في نيتهما صراحة رفض قاطع للولد . إذ لا يحق للزوجين أن يقصيا بصراحة الولد عن مجمل " مشروعهما " الحياتي . خاتمة كل هذا يهدف إلى استجلاء روحانية بيتيّة ، حيث تبان طريق خاصة يكبر في مسيرتها حب الزوجين لله وإيمانهما به ورجاؤهما بمواعيده ، فيشهدان من خلال هذه الخبرة أمام أولادهما والآخرين والعالم . هذه الشهادة تتغذى من ممارسة سائر الأسرار الشقيقة السابقة واللاحقة لسر الزواج التي هي أيضاً من أجل حياة مسيحية أفضل والتزام للمسيح والكنيسة والعائلة حتى الممات . " … وعلى المتزوجين والوالدين المسيحيين ، في سبيلهم الخاص ، أن يتعاونوا معاً بحب دائم على حفظ النعمة طوال العمر ، وأن يعّلموا الأولاد الذين أعطاهم الله إياهم في حبهم ، التعليم المسيحي والفضائل الإنجيلية . وبذلك يعطون الجميع مثلاً في الحب الثابت السخي ويبنون على المحبة مجتمعاً أخوياً ، ويصبحون شهوداً وشركاء في خصب أمنا الكنيسة ، دلالة واشتراكاً في الحب الذي أحب المسيح به عروسه باذلاً نفسه عنها . " ( ك 5/41 ) |
||||