586 - كلنا يمر في تجارب ومتاعب وآلام ومرض وحزن وعناء . لم يوجد بشر ولن يوجد إن لم يمر في المقطرة والمعصرة . المسيح نفسه في قلب الصحراء ، وحده واجه اقسى التجارب . الرمل تحت قدميه يحرق ، الجوع داخل جوفه ِ يمزق ، الشيطان امام وجهه يهاجم ، وهو وحده في الخلاء يقاوم . اقسى ما تعانيه في التجارب هو الشعور انك تعبر اللهيب وحدك . حين ترتفع السنة النار حولك وتعلو فوقك وتتلفت بين السنتها فلا ترى احد بجوارك . لا احد يرى المك او يسمع صراخك . وتزداد قسوة التجربة ويحمّى الاتون سبعة اضعاف . حين ترقد في سرير المرض وتغرق في لون الحجرة الابيض . حين تحاول تحريك يدك فلا تتحرك او تحاول تقليب جسدك فلا ينقلب . ما ان تتجول بعينيك فترى آلات ٍ واجهزة ٍ وربطا ً ومحاليل وادوية . وتخترق بنظراتك الجو الساكن والادوات المتراكمة فترى ممرضة ً تُلقي ابتسامة . هي تجري بسرعة وخفة تلمسك في عجل ٍ لتتركك الى مريض ٍ آخر يحتاج اليها . الوحدة ُ تزيد المرض وتهدد الحياة . كذلك في كل تجربة ، الوحدة تضاعف آلام التجربة . الفشل يهوي بالانسان الى اسفل ، والوحدة في الفشل تُبقيه في الهاوية . الحزن لفقد الرفيق يكتم الانفاس ، والوحدة في الحزن تمزق القلوب . الظلم والاضطهاد يلقي المظلوم في اعماق السجون والوحدة تبني الاسوار حوله ، لكن المؤمن بالمسيح العارف الله دائما ً قي صحبة الله والمسيح . لا يعرف الوحدة ابدا ً ، دائما ً في شركة ٍ واتصال ورفقة ٍ رائعة . وسط النار يتمشى الله معه ، وسط العواصف يأتي ماشيا ً على الموج . فوق سرير المرض يرى المسيح ينحني ويحنو عليه . في سواد الحزن والموت يلمح وجهه . في هاوية الفشل يجد الرب ويده ترفعه ، خلف قضبان الظلم يصاحبه ويرافقه ، فتخف التجربة ، تخمد النار ، تخرج من قلب الصحراء الى الْخِصْبِ . يقول داود النبي : " دَخَلْنَا فِي النَّارِ وَالْمَاءِ، ثُمَّ أَخْرَجْتَنَا إِلَى الْخِصْبِ " ( مزمور 66 : 12 ) لا تحسد من لا يعبر التجارب ، التجارب تقوي الانسان وتثبته . النجاح والرقي والرفعة لا تتحقق بالايدي الناعمة بل بالايدي الخشنة المجربة . ربان السفينة الكفء من يمر بالعديد من العواصف والزوابع . طوبى لك إن مررت في تجارب متنوعة . افرح كما يقول يعقوب الرسول ، فالصبر وانت ترى المسيح بجوارك وسط التجارب يقودك الى الكمال .