ما هي مدارس النقد والتشكيك في الكتاب المقدس؟
ج: هناك عدَّة مدارس لنقد الكتاب المقدس منها مدرسة واحدة مفيدة وهي:
مدرسة النقد الأدنى: وهي مدرسة تعترف بوحي الكتاب المقدس، وتهتم بدراسة المخطوطات ومدى تطابقها مع الأصل، وتهتم أيضًا بتحديد عمر المخطوطات، وتدرس اللغات القديمة التي كُتِبت بها الأسفار المقدسة، وقد قدمت هذه المدرسة النقدية الكثير من العلم النافع.لقد وضع الدارسون أنفسهم في مستوى أدنى من مستوى الكتاب، وأخذوا يدرسونه باحترام وإجلال وإكبار مؤكدين أن كل كلمة وردت فيه جاءت بوحي من الروح القدس.
أما عن مدارس النقد والتشكيك في وحي الكتاب المقدس وصحته فهناك ثلاث مدارس رئيسية وهي:
أولًا: مدرسة الإلحاديّين
أدعى أصحابها بأن الله من صنع الإنسان، وأن الدين أفيون الشعوب، والكتاب المقدس مؤلف أدبي يحوى مجموعة أساطير، فاليهود نسبوا الأساطير والبطولات لإلههم والمسيحيون نسبوا المعجزات لمسيحهم حتى أنهم ألَّهوه، ويلخص "فويرباخ" الفيلسوف الملحد عقيدتهم بقوله "الإنسان الشقي يبحث عن السعادة المنشودة، وإذا لم يجدها في ذاته ولا على الأرض
يتوهم أنه وجدها في شخص غريب عن الدنيا اختلقته مخيلته ويسميه الله" (56)
والرد على هذه المدرسة سهل، لأن الحجارة تتكلم والآثار تشهد للكتاب المقدس، والتاريخ يطابق ما جاء في الكتاب المقدس في أصغر التفاصيل، والنبوات التي احتواها العهد القديم وهو في أيدي اليهود، تحققت في العهد الجديد وهو في أيدي المسيحيين،أضف إلى هذا شهادة العقل والمنطق للكتاب المقدس وهو ما سبق وتعرضنا له في الدرس السادس.
ثانيًا: مدرسة النقد الكتابي
يضع أصحابها أنفسهم في موضع أعلى من مستوى الكتاب المقدس، وأخذوا ينقدونه باسم العلم والبحث بلا خوف ولا وجل، وسموا أنفسهم بأصحاب النقد العالي، ومعظمهم من جامعات اللاهوت بألمانيا وإنجلترا، ولهذه المدرسة رائدان أولهما "جان استروك" وهو طبيب فرنسي شرير وفاسد الذهن ادعى في سنة 1753م أن سفر التكوين مأخوذ من وثيقتين مختلفتين، لأنه ورد فيه اسمان لله هما "ايلوهيم" و"يهوه" ولم يدرك أنه لو كان الكاتب استمد معلوماته من وثيقتين مختلفتين لوفق بينهم حتى لا يظهر غشه.
أما الرائد الثاني لمدرسة النقد الأعلى هذه وليست مدرسة النقد الأعلى فهو "ايخهورن" الأستاذ الألماني الذي كان يجهل الكتاب المقدس كما شهد بهذا أحد زملائه، وهو الذي بلور أفكار "جان استروك" إلى فكرة النقد الأعلى “Higher Criticism” فدعوه "أبو النقد" وقال أن التوراة مأخوذة من 4-6 نسخ مختلفة من أسفار موسى الخمسة، وهي النسخة اليهودية “ J ” اختصار Jehouah(نسبة إلى يهوه) والنسخة الأيلوهية “ E ” اختصار Elohim(نسبة إلى ايلوهيم) والنسخة السامرية من النسختين السابقتين JE، والنسخة التثنوية“ D ” اختصار Deuteronomy(نسبة إلى سفر التثنية) والنسخة القدسية “ H ” ا ختصار Holiness(كُتِبت في القدس في زمن حزقيال النبي) والنسخة الكهنوتية “P” اختصار Priesily وعندما مزجت هذه النسخ جميعها معًا ظهرت التوراة بصورتها الحالية قبل سنة 300 ق.م.
(Rene Pache; In the Inspiration and Authority of Scripture, P251
(أورده يوسف رياض في كتابه وحى الكتاب المقدس ص128-129)
أما تلاميذ ستروك وايخهون فقد انتشروا في العالم واقتحموا الكليات اللاهوتية، ونشروا المؤلفات العديدة التي تطعن في الكتاب المقدس، والتي استفاد منها غير المؤمنين في هجومهم على الكتاب الخالد، ووصل الحد بالناقد الألماني "فيلهوش" أنه نسب أسفار موسى الخمسة إلى 22 كاتبًا.
(Wilmington; Wilmigton’s Guide to the Bible, P 813أورده يوسف رياض في كتابه وحى الكتاب المقدس بحاشية ص 130)
وقد صار لمدرسة النقد الكتابي هذه أربع مذاهب وهي:
1-المذهب الطبيعي: (1761-1851م)
نسب أصحاب هذا المذهب المعجزات التي ذكرها الكتاب المقدس للطبيعة، فمثلًا أرجعوا شق البحر الأحمر إلى عوامل المد والجذر، أو إلى هبوب ريح شرقية شديدة في مكان منسوب المياه فيه كان ضحلًا فجففت المياه حتى عبر بنو إسرائيل، وتغافلوا غرق فرعون ومركباته وفرسانه في هذه المياه كما تغافلوا ان المياه عادت إلى وضعها الأول بعد أن عبر آخر واحد في بني إسرائيل، وارجعوا قوة الشفاء التي كان ينالها أول مريض ينزل إلى بركة سلوام بعد تحريك الملاك للمياه، بأن هذه المياه تشمل عناصر معدنية مترسبة، ومتى تحرك الماء فإنها تذوب وتمنح الشفاء، وتغافلوا كيفية حدوث الشفاء الفوري، ولماذا تشفي إنسانًا واحدًا فقط؟
2-المذهب الأسطوري: (1808-1834م)
اعتقد أصحاب هذا المذهب بأن ما جاء في الكتاب المقدس هو من وحي الخيال، وإنها أساطير وليست حقائق، حتى أن دافيد شتراوس أستاذ اللاهوت الألماني وهو من أهم مؤسسي هذا المذهب قال في كتابه "حياة يسوع" أن أحداث الإنجيل أسطورة ألفها آباء الكنيسة في القرن الثاني، وأغفل اعتقاد المسيحيين في القرن الأول الميلادي، واستشهاد الآلاف الكثيرة مع جميع الرسل باستثناء يوحنا الحبيب من أجل تمسكهم بعقيدتهم في المسيح إلهنا.
3-المذهب الاتجاهي: (1792-1860م)
مؤسسه هو أستاذ اللاهوت الألماني فرديناند كريستيان الذي صوَّر المسيحية على إنها جمعت متضادين أحدهما يمثله بطرس رسول الختان وهو صورة من اليهودية المتطورة، والآخر يمثله بولس رسول الأمم وهو يمثل الانفتاح على الأمم، وكل اتجاه له مبادئه المخالفة للاتجاه الآخر وتغافل فرديناند شهادة بطرس الرسول لبولس الرسول "واحسبوا أناة ربنا خلاصًا. كما كتب إليكم أخونا بولس أيضًا بحسب الحكمة المعطاة له كما في الرسائل كلها أيضًا متكلمًا فيها عن هذه الأمور التي فيها أشياء عسرة الفهم يحرَفها غير العلماء وغير الثابتين كباقي الكتب أيضًا لهلاك أنفسهم" (2بط15:3-16) وتغافل أيضًا اجتماع الكنيسة كلها واتفاقها الواحد في مجمع أورشليم سنة 51م.
4-المذهب النقدي:
أعتقد أصحاب هذا المذهب بأن الأحداث التي ذكرتها الأناجيل عن السيد المسيح مبالغ فيها، وتبع هذا المذهب عدد كبير من النقاد، وأهم كتبهم "البحث عن يسوع التاريخي" لصاحبه البرت سوايزر، وجراهام سكروجي اللذان أودعا في كتابهما هذا معظم الشكوك التي نادى بها هذا المذهب.
ومع مرور السنين ضعفت جميع هذه المذاهب، ولا سيما بسبب تقدم الدراسات الكتابية والاكتشافات الأثرية التي كذَّبت إدعاءاتهم، فيقول "وليم اولبرايت " أحد عظماء علم الحفريات "لاشك أن علم الآثار القديمة قد أكد صحة تاريخ العهد القديم. لقد انهدمت الشكوك التي قامت خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر في الكتاب المقدس، فقد أثبتت الاكتشافات -الواحد بعد الآخر- دقة التفاصيل الكثيرة التي تؤكد قيمة الكتاب المقدس كمرجع تاريخي (W. F. Albright, The archaeological of Palestine, Pelican, Booksأورده جوش مكدويل في كتابه برهان يتطلب قرار ص 89)
ويقول "ميلر باروز " من جامعة بيل "لقد محقت الاكتشافات الأثرية نظريات النقد الحديث، فقد أثبتت مرارًا كثيرة أن هذه النظريات ترتكز على افتراضات باطلة ونظريات تاريخية مصطنعة وغير صحيحة، وهذا أمر جدير بكل اعتبار"(57)
ثالثًا: مدرسة المدَّعين التحريف
وهؤلاء لم يأتوا بأفكار نقدية جديدة ولكنهم نقلوا أفكار مدرسة النقد الأعلى بمذاهبها المختلفة، ولذلك فإن المتزعمين هذه المدرسة من أمثال أحمد ديدات وغيره ليسوا أصحاب فكر جديد إنما هم أكبر غشاشين من مدرسة النقد الأعمى. أنهم يسرقون الأفكار ويعبرون عنها بأسلوب خالٍ من الوقار والاحترام للرب يسوع وتلاميذه الأطهار.
مدارس النقد بالكتاب المقدس
تحقيق المخطوطات دراسة اللغات
مدارس النقد الأدنى مدرسة الإلحاديين مدرسة النقد الأعلى مدرسة المُدَّعين التحريف 1- الله من صُنع الإنسان 2- الدين أفيون الشعوب
3- الكتاب المقدس مؤلَّف أدبي أسطوري
* جان أستروك طبيب فرنسي شرير 1753 سفر التكوين
* مأخوذ من وثيقتين (إيلوهيم - يهوه)
* إيخهوف الأستاذ الألماني - بلورفكر أستروك * أصول أسفار موسى الخمسة (المُعتقد الأعلى - النسخة الإيلوهية - السامرية - التثنوية - القدسية)
عاشوا أفكار مدرسة النقد المذهب الطبيعي
(1761-1851)
- نسبوا المعجزات للطبيعة
- شقّ البحر مرجعه المد والجذر
س1: كيف غرق فرعون؟
س2: لماذا لم يرجع الماء إلى أصله إلا بعد عبور بني إسرائيل
- شفاء بركة سلوام يرجع للعناصر الطبيعية
س1: كيف يتم الشفاء الفوري