منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 04 - 05 - 2014, 03:27 PM   رقم المشاركة : ( 51 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,942

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب ابو كريفا العهد الجديد: كيف كُتِبَت؟ ولماذا رفضتها الكنيسة؟

أنجيل متى المنحول | أنجيل مولد مريم وميلاد المخلَّص

كتاب ابو كريفا العهد الجديد: كيف كُتِبَت؟ ولماذا رفضتها الكنيسة؟
وهو بالطبع غير إنجيل متى الموجود لدينا الآن (إنجيل متى الأصلي).
إنجيل متى المزيف: وهو رسائل مزورة يزعم كاتبه أنها كانت بين القديس جيروم وأسقفين إيطاليين، مع الادعاء زورًا بأن جيروم قد ترجمها إلى اللاتينية من الأصل العبري. ولا يوجد هذا الإنجيل المزيف إلا في اللاتينية ويبدو أنه لم يكن له وجود قبل القرن الخامس. ويعتمد هذا الكتاب المنحول على إنجيل يعقوب التمهيدي المنحول كثيرًا مع إضافات من مصدر غير معروف (الأرجح غنوسي )، كما يأخذ معجزات أخرى من إنجيل الطفولة لتوما الإسرائيلي المنحول والخاصة بالرحلة إلى مصر، مع التنويه في بعض هذه المعجزات بأنها كانت إتمامًا لنبوات العهد القديم، فمثلًا في ( أصحاح 18 ) كان سجود التنانين للطفل يسوع إتمامًا لما قاله داود: "سبحي الرب من الأرض أيتها التنانين وكل اللجج" ( مز 148: 7 )، وفي ( أصحاح 19 ) عندما سجدت له الأسود والنمور ودلتهم على الطريق في البرية، وذلك "بحناء رؤوسها وهز ذيولها والسجود له باحترام عظيم" على أنه إتمام للنبوة: "يسكن الذئب مع الخروف ويربض النمر مع الجدي.. والأسد كالبقر يأكل تبنًا" (اش 11: 6و7). وفي هذا الكتاب المنحول يذكر لأول مرة كيف أن الثور والحمار سجدا للطفل يسوع في المزود، وقد استغل الفن المسيحي ذلك كثيرًا. كما أن به الكثير من المعجزات المذكورة في إنجيل الطفولة. وقد تأثر به الكثيرين من كتب وفناني العصور الوسطى.
  رد مع اقتباس
قديم 04 - 05 - 2014, 03:29 PM   رقم المشاركة : ( 52 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,942

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب ابو كريفا العهد الجديد: كيف كُتِبَت؟ ولماذا رفضتها الكنيسة؟

نص إنجيل متى الغير قانوني

تمهيد
أنا يعقوب، ابن يوسف النجار، ممتلئًا مخافة الله، كتبت كلّ ما رأيته بعينَي زمن مولد الطوباوية مريم وميلاد المخلَّص، شاكرا الله لأنه منحي معرفة قصص مجيئه، ولأنه أراني تمام النبوّات الُمعطاة لأسباط إسرائيل الاثني عشر.
الإصحاح الأول
يواقيم المستقيم وزوجته حنه بدون ذرية
كان في إسرائيل رجل اسمه يواقيم، من سبط يهوذا، كان يرعى أغنامه، خائفًا الله في بساطة قلبه واستقامته، وليس له من همًّ آخر سوى همَّ قطعانه، التي كان يستخدم منتجاتها لإطعام الذين كانوا يخافون الله، مقدَّمًا قرابين مضاعفة في خوف الربّ، ومغيثًا المعوزين وكان يضع ثلاث حصص من خرافه، وأرزاقه وكلّ الأشياء التي يملكها؛ ويعطي واحدة للأرمل، واليتامى، والغرباء والفقراء؛ والأخرى للمنذورين لخدمة الله، ويحتفظ بالثالثة لنفسه وكل بيته. وقد ضاعف الله قطعيه بحيث لم يكن هناك أحد يمكن أن يًقارن به في كلّ بلاد إسرائيل. وبدأ يسلك هكذا منذ الخامسة عشرة من عمره. وعندما بلغ العشرين من عمره، اتخذ امرأةً حنة، ابنة يساكر، التي كانت من نفس سبطه، من سبط يهوذا، من نسل داود؛ وبعدها سكن عشرين عامًا معها، لم يُرزَق منها أولادًا.
الإصحاح الثاني
الملاك يبشّر حنة ويواقيم
كتاب ابو كريفا العهد الجديد: كيف كُتِبَت؟ ولماذا رفضتها الكنيسة؟

وحدث أن يواقيم قَدمَ في أيام العيد بين الذين يحملون قرابين للربّ، يقدَّم تقدماته في حضرة الربّ. لكن كاتبًا من الهيكل، اسمه راؤبين، اقترب منه وقال له: "لا يليق أن تقف بين الذين يقدمون ذبائح لله، لأن الله لم يباركك، ولم يمنحك نسلًا في إسرائيل". فأنسحب يواقيم من الهيكل باكيًا، مهانًا في حضور الشعب، ولم يَعُدْ إلى بيته؛ لكنه مضى نحو قطعانه أخذًا معه رعاته إلى الجبال، إلى بلاد بعيدة؛ ولم تسمع عنه زوجته حنه أي خبر لمدة خمسة أشهر. وكانت تبكي في صلواتها، وتقول: "أيها الربّ الكلي القدرة، يا إله إسرائيل، لمَاذا لم ترزقني ولدًا، ولمَاذا أخذت زوجي مني؟ "أنني لا أعرف أن كان ميتًا، ولا أدري كيف أعمل لدفنه". وداخلت بيتها، وأخذت تبكي بمرارة، وسجدت لتصلّي، موجَّهةً توسُّلاتها إلى الربّ. وفيما هي تنهض من صلاتها وترفع عينَيها إلى الله، رأت عشًَّا للعصافير في شجرة غار، فقالت وهي نائحة: "أيها الربّ الإله الكلي القدرة، أنت الذي أعطيت المخلوقات كلّها نسلًا، البهائم والحيات، والأسماك والطيور، والذي يجعلها تسر بصغارها، أحمدك، لأنك شئت أن أكون وحدي مستثناة من أفضال جودك؛ فأنت تعرف، يا ربّي، سرَّ قلبي؛ لقد نذرت، منذ بدء رحلتي، أنك لو رزقتني أبنًا أو ابنةً. لكنت كرسته لك في هيكلك المقدَّس". وعندما قالت ذلك، ظهر ملاك الربّ فجأة أمام وجهها، قائلًا لها: "لا تخافي، يا حنة لأن نسلك في مجلس الله، وستتعجب جميع الأجيال حتى الانقضاء لذلك الذي سيولد منك". وعندما قال ذلك اختفي من أمام ناظريها. ودخلت حنة غرفتها، مرتجفةً مذعورةً لأنها شاهدت رؤيا كهذه، وسمعت كلامًا كهذا، وارتمت فوق سريرها كميتة، وخلال النهار كلّه والليل كلّه، كانت تصلي بخوف عظيم. ثم نادت إليها خادمتها، وقالت لها: "لقد رأيتني حزينة لعُقْري وترمُّلي، ولم تريدي أن تأتي إليّ". فأجابت خادمتها هامسةً: "إذا كان الله قد أغلق رحمك، وإذا كان قد أبعد عنك زوجك، فماذا يمكنني أن أفعل من أجلك؟" فرفعت حنة صوتها، وقد سمعت ذلك، وبكت وهي تطلق صيحات ألم.
الإصحاح الثالث
ظهور الملاك ليواقيم
وفي نفس الوقت، ظهر شاب وسط الجبال ليواقيم وهو يرعى قطعيه وقال له: "لماذا لا تعد إلى زوجتك؟" فقال يواقيم: "كانت لي خلال عشرين عامًا؛ أنما الآن، بما أن الله لم يشأ أن أُرزق منها أولادًا، طُردت من الهيكل بحقارة، فلماذاَ أعود إلى إليها؟" لكنني سوف أُوزَّع، بيد خدامي، على الفقراء، والأرامل، واليتامى وكهنة الله الأرزاق التي تعود إليهم". وعندما قال ذلك، أجابه الشاب: "أنا ملاك الله، وقد ظهرت لزوجتك التي كانت تبكي وتصلي، وعزَّيتها، لأنك تركتها مثٌقلة بحزن شديد. إعلَمْ في خصوص امرأتك، أنها ستحيل بابنة ستكون في هيكل الله، وسيسكن الروح القدس فيها، وتكون بركتها أعظم من كلّ النساء القديسات؛ بحيث لا يستطيع احد أن يقول أن مثيلة لها كانت قبلها، أو أنه ستوجد مثيلة لها بعدها على مدى الأجيال؛ وسيكون ابنها مباركًا، وهي نفسها ستكون مباركة، وستكون أُم البركة الأبدية. لذلك أنزَلْ من الجبل وعُدْ إلى زوجتك، واحمدا معًا الله العليّ القدير".
فسجد يواقيم للملاك وقال له: "أن وجدت نعمة في عينيك، فاسترحْ قليلًا تحت خيمتي، وباركْني، أنا خادمك". فقال له الملاك: "لا تَقُلْ: أنا خادمك، بل أنا رفيقك؛ فأننا خدام ربًّ واحد؛ لأن طعامي غير مرئي، وشرابي لا يمكن أن يراه البشر الفانون. إذًا، لا يجب أن تسألني الدخول تحت خيمتك؛ بل ما كنت تريد إعطائي إياه، قدَّمْه محرقةً لله". فحينئذ أخذ يواقيم حملًا بلا عيب، وقال للملاك: "ما كنت لأجرؤ على تقديم محرقتي لو لم يُعطني أمرك حق ممارسة الكهنوت المقدس؟" فقال له الملاك: "ما كنت لأدعوك إلى أن تُضَحَّي، لو لم أعرف إرادة الله". والحال هذه حدث أن يواقيم حين قدَّم ذبيحة، فصعد ملاك الربّ إلى السماوات مع رائحة الضحية ودخانها.
حينئذ سجد يواقيم ووجهه إلى الأرض، وظل هكذا من الساعة السادسة حتى المساء. وارتعب خدامه وأُجراؤه، وقد جاؤوا ولن يعلموا ما هو سبب ما يرونه، ودنَوا منه، ظانين أنه مات، وأنهضوه من على الأرض بمشقة. وعندما روى لهم ما رآه، استولى عليهم ذعر شديد وإعجاب، وحثّوه على أن ينُجز ما أمره به الملاك دون تأخير، وأن يعود سريعًا لامرأته. وحين كان يواقيم يفكر في ذهنه عما إذا كان عليه العودة أم لا، فاجأه النوم. وإذا بملاك الربّ، الذي ظهر له بالأمس، ظهر له وهو نائم، قائلًا: "أنا الملاك المعين من الله حارسًا؛ أنزَلْ دون خوف وعُدْ إلى لحنة، لأن أعمال الرحمة التي أتممتها، أنت وامرأتك، قُدَّمَتْ في حضرة العلي، وأُعطي لك نسل لم يناله لا الأنبياء ولا القديسون ولن ينالوه أبدًا". ولما استيقظ يواقيم من نومه، نادى إليه حراس قطعانه، وروى لهم ما رآه. فسجدوا للربّ، وقالوا له: "أنظر لا تستخف أكثر بما قاله ملاك الله؛ بل أنهًض، ولنرحَلْ، ولنمض في سير بطئ ونحن نرعى القطعان".
ولما ساروا ثلاثين يومًا، ظهر ملاك الربّ لحنة، التي كانت تتضرّع، وقال لها: "أذهبي إلى الباب المدعو المذهّب، وتوجَّهي لاستقبال زوجك، لأنه سيأتي إليك اليوم". فنهضت سريعًا، وانطلقت مع خادماتها، ووقفت قرب ذلك الباب وهي تبكي؛ وعندما انتظرت طويلًا، وكانت على وشك الإغماء من ذلك الانتظار الطويل، إذا بها وهي ترفع عينَيها، تُبصر يواقيم الذي كان آتيا مع قطعانه. فركضت حنة ترتمي على عنقه، شاكرةً الله، وقائلةً: "كنت أرملةً، وها أنني لن أعود عاقرًا، وها أنني سأحبل". وحلَّ فرح عظيم بين الأهل كلّهم والذين يعرفونهما، وكانت ارض إسرائيل بأسرها في حبور بسبب ذلك النبأ.
الإصحاح الرابع
ولادة مريم وتقديمها للهيكل
ومن ثمَّ، حبلت حنة، وبعد تسعة أشهر تامة، أنجبت ابنةً أسمتها مريم. وحين فطمتها في العام الثالث، مضيا معًا، يواقيم وامرأته حنة، إلى هيكل الربّ، وقدَّما قرابين، وقدَّما ابنتهما مريم للهيكل، لتكون مقبولة بين العذارى اللواتي يمضين النهار والليل يسبحوّن الربّ. ولما وُضعت في هيكل الربّ، صعدت راكضةً الدرجات الخمس عشرة، من دون أن تنظر إلى الوراء ومن دون أن تسأل عن أبوَيها، كما يفعل الأطفال عادةً. فامتلأوا كلّهم دهشةً لهذا المشهد، واستولت الدهشة على كهنة الهيكل.
الإصحاح الخامس
تسبحة حنة
حينئذ امتلأت حنة من الروح القدس وقالت: "الربّ إله الجنود، تذكَّر كلامه، وافتقد شعبه في مدينته المقدسة، ليُذلَّ الأُمم التي كانت تقاومنا ويهدي قلوبها إليه. فتح أُذنَيه لصوتنا وأبعد عنا سرور أعدائنا. المرأة العاقر أصبحت أمًّا، وأنجبت الفرح لإسرائيل وسرورها. وها أنني أستطيع تقديم قرابين للربّ، وكان أعدائي يريدون منعي من ذلك. الربّ صرعهم أمامي، ووهبني فرحًا أبديًا".
الإصحاح السادس
مريم موضع إعجاب الجميع في الهيكل
كانت مريم موضع إعجاب للشعب كلّه، فحين كانت في الثالثة من عمرها، كانت تمشي بوقار، وتكرَّس نفسها لتسحبه الربّ بغيرة وهمة إلى حد أن الجميع كانوا مذهولين إعجابًا ودهشةً: فلم تكن تبدو كطفلةً، بل تظهر كشخصية ناضجة عمرها ثلاثون عامًا، من فرط تفرُّغها للصلاة بعناية ومثابرة. وكان وجهها يسطع كالثلج، بحيث ينظر إلى وجهها بصعوبة. وكانت تدأب على عمل أشغال الصوف، وكلّ ما كانت لا تستطيع فهمه نساء مسنَّات، كانت تشرحه، وهي لا تزال في نعومة أظفارها. وكانت قد فرضت على نفسها نظامًا هو الدأب على التضرع منذ الصباح حتى الساعة الثالثة وتكريس نفسها للعمل اليدوي منذ الساعة الثالثة حتى التاسعة. ومنذ الساعة التاسعة، لم تتوقَّف عن الصلاة إلى أن يظهر ملاك الربّ؛ حينئذ كانت تتلقى طعامها من يده، لتتقدَّم في صورة أفضل في محبة الله. ومن العذارى الأُخريات كلّهن الأكبر سنًا منها واللواتي كانت تتهذَّب وإياهن في خدمة الله، لم تكن توجد مَنْ هي أدقُّ في السهر، أعلم بحكمة شريعة الله، أكثر امتلاءً تواضعًا، أمهر في أنشاد مزامير داود، أكثر امتلاءً محبةً لطيفةً، أنقى عفَّةً، أكمل في فضيلة. لأنها كانت وفيَّة، مستقرة، مثابرة، وكانت تفيد في كلّ يوم مواهب من كلّ نوع.
لم يسمعها أحد أبدًا تقول سوءًا، ولم يراها أحد أبدًا تغضب، كلّ أحاديثها كانت مملوءة لطافةً، وكانت الحقيقة تظهر من فمها. كانت منشغلةً دومًا بالصلاة وتأمُّل شريعة الله، وكانت تنشر اهتمامها على رفيقاتها، متخوَّفة من أن تخطئ إحداهن بالكلام، أو ترفع صوتها ضاحكةً، أو تنتفخ كبرياءَ، أو تكون لها مسالك سيئة تجاه أبيها وأُمها. وكانت تسبح الله بلا انقطاع، ولئلا يتمكَّن مَنْ يحيّويها من أن يحرفوها عن تسبيح الله، كانت تجبيهم: "الشكر لله!" ومنها جاءت العادة التي اتَّبعها الناس الوَرعون بالإجابة على مَنْ يحيّونهم: "الشكر لله!" كانت تتناول كلّ يوم الطعام الذي كانت تتلقاه من يد الملاك، وتوزع على الفقراء الغذاء الذي كان يسلَّمها إياه كهنة الهيكل. وكان الملائكة يُرَون غالبًا جدًا يتحدثون معها، وكانوا يطيعونها بأعظم احترام. وإذا لمسها شخص بعاهة ما، كان يرتدُّ متعافيًا على الفور.
الإصحاح السابع
بتولية مريم وعارضتها للزواج
حينئذ قدَّم الكاهن أبيثار هدايا هائلة رؤساء الكهنة ليزوَّجوا ابنه من مريم. ولكن مريم عارضت ذلك قائلةً: "لا أُريد أن أعرف رجلًا، ولا أن يعرفني رجل". وكان الكهنة وأهلها كلّهم يقولون لها: "أن الله مكَّرم بالأبناء كما كان دائمًا شعب إسرائيل". فتُجيب مريم: "أن الله مكَّرم أولًا بالعفَّة. فقبل هابيل، لم يكن هناك أي بار بين الناس، وكان مَرْضيًا عند الله لقربانه، فقتله بخبث مَنْ لم يرض الله عنه. إلا أنه تلقى إكلَيلين، إكليل التضحية وإكليل العذريَّة، لأن جسده لبث منزهًا من العيب. ولاحقًا، رُفعَ إيليا، حين كان في هذا العالم، لأنه حفظ جسده في العذريَّة. لقد تعلَّمت في هيكل الربّ، منذ طفولتي، أن عذراء يمكن أن تكون مَرْضيَّة عند الله. واتَّخذت في قلبي قرارًا بأن لا أعرف رجلًا".
الإصحاح الثامن
اجتماع الكهنة والشعب واختيار يوسف
وحدث أن مريم بلغت الرابعة عشرة من عمرها، وكانت تلك مناسبة للفريسيين ليقولوا، حسب العادة، أنه لا يمكن لامرأة البقاء مصلَّيةً في الهيكل. وتقرَّر إرسال مناد إلى كل أسباط إسرائيل، للاجتماع في اليوم الثالث. وعندما اجتمع الشعب كلّه، نهض أبيثار، رئيس الكهنة، وصعد أعلى الدرجات، حتى يستطيع أن يراه ويسمعه الشعب كله. وبعدما أمر بالصمت، قال: "اسمعوني، يا أبناء إسرائيل، ولتفتَحْ آذانكم لكلامي. فمنذ أن بُني هذا الهيكل على يد سليمان، ضمَّ عددًا كبيرًا من العذارى الرائعات، بنات ملوك، وأنبياء وكهنة؛ وعندما بلغن العمر المناسب، اتخذن أزواجًا، وكنَّ مرْضيات عند الله بإتباع تقليد اللواتي سبقنهن. ولكن مريم أوجدت طريقة جديدة لمرضاة الربّ، لأنها وعدت الله بالاستمرار في العذريَّة، ويبدو لي، استنادًا إلى طلباتنا وأجوبة الله، أننا نستطيع أن نعرف إلى مَنْ يجب أن يُعهد لحمايتها".
وراق هذا الخطاب للجمع، واقترع الكهنة على أسماء أسباط إسرائيل الاثني عشر، فحلَّت القرعة على سبط يهوذا، فقال رئيس الكهنة في اليوم التالي: "على مَنْ لا زوجه له يأتي وليحملْ عصاه في يده". وحصل أن يوسف جاء مع الشبان وعصاه معه. وعندما سلَّم الجميع رئيس الكهنة العصي التي تزوَّدوا بها، قدَّم تضحيةً لله، وسأل الربّ، فقال له الربّ: "أحمل العصي كلّها إلى قدس الأقداس، ولتَبْق هناك، ومُرْ كلّ الذين حملوها بأن يعودوا لأخذها صباح الغد، لتعيدها إليهم، وسوف تخرج من رأس أحد الأقلام حمامة تطير نحو السماء، وإلى الذي تميَّز هذه العلامة عصاه يجب أن تُسلَّم مريم لحمايتها".
وفي الغد، جاؤوا جمعيًا، ودخل رئيس الكهنة قدس الأقدس، وقد قدَّم قربان البخور، وجلب العصي. وعندما وزَّعها كلّها، وعددها ثلاثة آلاف، ولم يخرج من أيًّ منها حمامة، ارتدى رئيس الكهنة أبيثار الثوب الكهنوتيّ والأثني عشر جرسًا، ودخل قدس الأقداس وقدًّم التضحية. وفيما كان يصلي، ظهر له الملاك، قائلًا: "ها هي هذه العصي الصغيرة جدًا الذي لم تُعرْها أي انتباه؛ فحين تأخذها وتعطيها ستجد فيها العلامة التي ذكرتها لك". وكانت تلك العصي ليوسف، وكان شيخًا ذا مظهر بائس، ولم يُرد المطالبة بعصاه، حتى لا يضطر أن يأخذ مريم، وبينما كان واقفًا بتواضع خلف كلّ الآخرين، صاح به الكاهن أبيثار بصوت عال: "تعال، وتسلَّم عصاك، فأنت منتظَر". فأقترب يوسف، مرتعبًا، لأن رئيس الكهنة ناداه بصوت عال جدًا. وعندما مدَّ يده لتسلُّم عصاه، خرجت من طرف ذلك العصي على الفور حمامةٌ أبيض من الثلج وذات جمال خارق، طارت طويلًا تحت قباب الهيكل، وتوجّهت نحو السماوات.
حينئذ هنّأ الشعب كلّه الشيخ، قائلًا: "لقد أصبحت محظوظًا في سنَّك الطاعنة، واختارك الله وأشار إليك لتُعهد مريم إليك". وقال له الكهنة: "خذها، فقد أختارك الله وحدك من كل أسباط بني إسرائيل". فقال لهم يوسف بارتباك، مبديًا لهم احترامًا عظيمًا: "أنا شيخ؛ ولدي أولاد؛ فلمَاذا تسلموني هذه الشابَّة التي هي اصغر من أحفادي؟" عندها قال له رئيس الكهنة أبيثار: "تذكَّرْ يا يوسف، كيف هلك داثان وأَبيرون، لأنهما احتقرا إرادة الله؛ سيحدث لك الأمر نفسه إذا ثرتَ ضد ما يأمرك الله به". فأجاب يوسف: "أنني لا أقاوم إرادة الله، أُريد أن أعرف مَنْ من أبنائي عليه اتخاذها زوجة، فلتُعطَ بعض العذارى، رفيقاتها، تمكث معهن في انتظار ذلك". حينئذ قال رئيس الكهنة أبيثار: "سوف نمنحها رفقة بعض العذارى ليقُمْنَ مقام تعزية لها، إلى أن يحلَّ اليوم المحدَّد لتتقبَّلها. فهي لا تستطيع الاتحاد بالزواج مع آخر".
حينئذ أخذ يوسف مريم مع خمس عذارى أُخريات، ليكنَّ في بيته مع مريم. وكانت أسماء تلك العذارى رفقة، صفُّورة، سوسان، ابيجه ورَاحيل، وأعطاهن الكهنة حريرًا، وكتانًا. واقترعن في ما بيهنَّ على أيَّ عمل يُخَصَّص لكلًّ منهن. وحدث أن القرعة عيَّنت مريم لتحيك الأُرجوان، لتصنع حجاب هيكل الربّ، فقالت العذارى الأُخريات لها: "كيف، طالما أنت أصغر من الأُخريات، استحقت نيل الأُرجوان؟" وأخذن، وقد قلن ذلك، كما بتهكّم، يدعونها ملكة العذارى. وحين كنَّ يتحدَّثن هكذا في ما بينهن، ظهر ملاك الربّ في وسطهن وقال: "ما تقُلْن لن يكون هزءًا، بل سيتحقَّق بالضبط تمامًا". فارتعبن من وجود الملاك وكلامه، وأخذن يتوسَّلْن مريم لتسامحهنّ وتصلّي من أجلهنّ.
الإصحاح التاسع
بشارة الملاك للعذراء بميلاد ابن الله
وفي اليوم الثاني، كانت مريم واقفة قرب النبع، لتملأ جرتّها، ظهر لها ملاك الربّ، قائلاّ: "أنت مباركة، يا مريم، لأن الله أعدَّ له مسكنًا في رحمك. لأنه هوذا النور يأتي من السماء ويسكن فيك وليسطع بك في العالم كله". وفي اليوم الثالث، كانت تحيك الأُرجوان بأصابعها، وقف أمامها شاب يستحيل وصف بهائه. فلما رأته مريم خافت وارتعشت بشدة، فقال لها: "سلام لك يا مريم، يا ممتلئة نعمة، الرب معك، مباركة أنت في النساء ومباركة هي ثمرة رحمك". وحينما سمعت تلك الكلمات ارتعشت وكانت خائفة للغاية. فقال لها ملاك الرب "لا تخافي يا مريم لأنك وجدت نعمة عند الله. وها أنت ستحبلين وتلدين ملكًا يمتدُّ سلطانه ليس فقط فوق الأرض كلّها، بل أيضًا في السماوات، ويحكم إلى أبد الآبدين آمين".
الإصحاح العاشر
مريم وجدت حبلى من الروح القدس
وفيما كان ذلك يحدث، كان يوسف في كفر ناحوم، منشغلًا بأعمال مهنته، فقد كان نجارًا، ومكث هناك تسعة أشهر. وعند عودته إلى بيته، وجد أن مريم كانت حبلى، فارتعدت أطرافه كلّها، وصاح وقال، مملوءا قلقًا: "يا ربّ، يا ربّ، تقبَّل روحي، فمن الأفضل لي أن أموت من أن أعيش". فقالت له العذارى اللواتي كنَّ مع مريم: "نعلم أن ما من رجل لمسها، ونعلم أنها لبثت بلا عيب في العفَّة والعذريّة، لأن الله صانها وأمضت وقتها كلّه في التضرُّع. أن ملاك الربّ يتحادث كلّ يوم وإياها، وكل يوم تتلقى طعامها من ملاك الربّ. فكيف يمكنها إذًا ارتكاب خطيئة ما؟ فإذا أردت أن نقول لك ما نعتقد، فما من أحد جعلها حبلى، أن لم يكن ملاك الربّ". فقال يوسف: "لماذا تردنَ خداعي بإقناعي بأن ملاك الربّ جعلها حبلى؟ ألا يمكن أن يكون أحد قد تظاهر بأنه ملاك الربّ، بهدف خداعها؟ وكان يبكي وهو يقول ذلك: "كيف أذهب إلى هيكل الله، كيف أجرؤ النظر إلى كهنة الله؟ ماذا أفعل في هذه الحال؟" وكان يفكَّر بالاختباء وردَّ مريم؟
الإصحاح الحادي عشر
ملاك الرب يظهر ليوسف ويطمئنه
وقرَّر يوسف الهرب خلال الليل، ليذهب ويختبئ في الأماكن المنعزلة، فظهر له في تلك الليلة ملاك الربّ خلال نومه وقال له: "يا يوسف، يا ابن داود، لا تخف أن تأخذ مريم زوجةً لكَ، فما تحمله في أحشائها هو من عمل الروح القدس. سوف تلد ابنًا ويُدعى يسوع، لأنه يُخلص شعبه من خطاياهم". فشكر يوسف الله. وقام، وتحدّث إلى مريم وإلى العذارى اللواتي كنَّ معها، وروى رؤياه، ووضع عزاءه في مريم قائلًا: "لقد أخطأت، لأنني شكًكت فيك".
الإصحاح الثاني عشر
امتحان يوسف ومريم
ثم حدث أن الخبر شاع أن مريم كانت حبلى. فأمسك خدام الهيكل يوسف واقتادوه إلى رئيس الكهنة، الذي بدأ مع الكهنة، تعنيفه، قائلًا: "لمَ غررت بعذراء بهذه العظمة، أطعمها ملائكة الله كحمامة في هيكل الله، ولم تُردْ أبدًا رؤية رجل وكانت على معرفة بصورة مذهلة بشريعة الله؟ "لو لم تغتصبها، لبقيت عذراء حتى الآن". وكان يوسف يقسم بأنه لم يمسَّها. فقال له رئيس الكهنة أبيثار: حي هو الربّ! سوف نسقيك ماء امتحان الله، فتظهر خطيئتك على الفور".
حينئذ اجمتع شعب إسرائيل كلّه بعدد كبير جدًا. واقتيدت مريم إلى هيكل الربّ. وكان الكهنة والمقرَّبون منها وأهلها يبكون ويقولون: "اعترفي للكهنة بخطيئتك، أنت التي كانت كحمامة في هيكل الربّ وكنت تتلقَّين طعامك من يد الملائكة". ونُودي يوسف للصعود إلى جوار الهيكل، وأُعطي ليشرب ماء امتحان الربّ؛ وحين كان يشربه رجل مذنب، كانت تظهر على وجهه علامة ما، عندما يدور سبع مرات حول مذبح الربّ. وحين شرب يوسف بثقة ودار حول المذبح، لم يظهر على وجهه أي أثر لخطيئة. حينئذ برَّأه كلّ الكهنة وخدام الهيكل وكل الحاضرين، قائلين: "أنت مبارك، لأنك لم توجَدْ مذنبًا".
ثم نادوا مريم، وقالوا لها: "وأنت، أي عذر يمكنك إعطاؤه أو أي علامة أكبر يمكنها أن تظهر فيك، طالما أن حمل بطنك كشف إثمك؟ وطالما أن يوسف تبرَّر، نطلب منك أن تعترفي مَنْ هو الذي غرَّر بك. فمن الأفضل أن يضمن اعترافك حياتك من أن يظهر غضب الله بعلامة ما على وجهك ويجعل عارك معلومًا". عندها أجابت مريم من دون ارتعاب: "إذا كان في دنس أو إذا كانت فيَّ شهوة نجسة، فليعاقبني الله في حضور الشعب كلّه، لأكون مثال عقاب الكذب". واقتربت بثقة من هيكل الربّ، وشربت ماء الامتحان، ودارت سبع مرات حول الهيكل، ولم يبدُ فيها أي دنس.
وفيما كان الشعب كلّه مصعوقًا بالذهول والمفاجأة وهو يرى حبلها وأن أي علامة لم تظهر على وجهها، بدأت تشيع أخبار مختلفة في صفوف الشعب. كان البعض يمتدحون قداستها، وآخرون يدينونها ويظهرون سيئي النية حيالها. عندها قالت مريم بصوت عال، بحيث يسمعها الجميع، وقد رأت أن شكوك الشعب كلّه لم تكن مبدَّدة كلّيًا: "حي هو الربّ إله الجنود، الذي أقف في حضرته! أشهد بأنني لم أعرف أبدًا ولا يجب أن اعرف رجلًا، فمنذ طفولتي، اتخذت في نفسي القرار الحازم، ونذرت لإلهي أن أكرَّس عذريتي للذي خلقني، وأضع فيه ثقتي لئلا أعيش إلا من أجله ومن أجل أن يصونني من كلّ إثم، ما حييت".
الإصحاح الثالث عشر
الاكتتاب وميلاد المسيح
وحدث، بعد وقت قليل، أن قرارًا صدر عن أُغسطوس قيصر، يأمر كلّ فرد بالعودة إلى موطنه. وكان كيرينيوس، حاكم سوريا، أول مَنْ نشر هذا القرار. وبناءً عليه اضطُرَّ يوسف إلى التوجه مع مريم إلى بيت لحم، فقد كان أصلهما منها، وكانت مريم من سبط يهوذا ومن بيت داود وموطنه. وعندما كان يوسف ومريم على الطريق المؤدية إلى بيت لحم، قالت مريم ليوسف: "أرى شعبَين أمامي، واحد يبكي والآخر يستسلم للفرح". فأجابها يوسف: "ابْقي جالسةً ولازمي دابَّتك ولا تتلفَّظي بكلام عديم الجدوى". حينئذ ظهر أمامهما طفل بهيّ، تكسوه ثياب رائعة، وقال ليوسف: "لمَ وصفت ما كانت تقوله مريم عن هذين الشعبين أنه كلام عديم الجدوى؟ فقد رأت الشعب اليهودي يبكي، لأنه ابتعد عن إلهه، والشعب الوثني يغتبط لأنه اقترب من الربّ، تبعًا لما وُعد به آباؤنا، إبراهيم وإسحق ويعقوب. فقد حلَّ زمان انتشار بركة نسل إبراهيم في الأمم كلّها".
وحين قال الملاك ذلك، أمر يوسف بإيقاف الدابَّة التي كانت مريم عليها، لأن زمن الوضع حلّ. وقال لمريم أن تنزل عن دابَّتها وتدخل مغارة جوفية حيث لم يدخل النور أبدًا وحيث لم يكن هناك ضوء أبدًا، لأن العتمة مكثت هناك في استمرار. وعند دخول مريم، سطعت المغارة كلّها ببهاء باهر كما لو أن الشمس كانت هناك، وكانت الساعة السادسة من النهار، وطالما بقيت مريم في تلك المغارة، لبثت، ليلًا ونهارًا وبلا انقطاع، مستضيئةً بذلك النور الإلهي. ووضعت مريم أبنًا أحاط به الملائكة منذ ولادته وسجدوا له قائلين: "المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وللناس سرورًا عظيمًا!"
وكان يوسف قد ذهب يبحث عن قابلة، وحين عاد إلى المغارة، كانت مريم مع الطفل الذي ولدته. فقال يوسف لمريم: "جئتك بقابلتَين، زيليمي وسالومي، اللتين تنتظران عند مدخل المغارة ولا يستطيعان الدخول بسبب هذا النور الحاد للغاية". فابتسمت مريم، وقد سمعت ذلك. وقال لها يوسف: "لا تبتسمي، بل حاذري، خوف أن تحتاجي إلى بعض أودية". وأعطى إحدى القابلتَين الأمر بالدخول. وعندما اقتربت زيليمي من مريم، قالت لها: "اسمحي لي بأن ألمسك". وعندما سمحت لها مريم بذلك، صاحت القابلة بصوت عال: "يا ربّ، يا ربّ، ارحمني، فلم يخطر لي أبدًا ولا سمعت شيئًا مشابهًا؛ أن ثدييها مملوءان حلبيًا ولديها طفل ذكر، على رغم أنها عذراء. ما من سفك دم وُجد عند الولادة وما من ألم عند الوضع. عذراء حبلت، عذراء وضعت، وعذراء تبقى".
وقالت القابلة الأخرى، المسمَّاة سالومي، وقد سمعت كلام زيليمي: "ما أسمعه، لن أُصدَّقه، ما لم أتأكد منه". وقالت سالومي وهي تقترب من مريم: "اسمحي لي بأن ألمس وأن أتحقَّق مما إذا كانت زيليمي قد قالت صوابًا". وإذ سمحت لها مريم بذلك، لمستها سالومي، فيبست يدها على الفور. وأخذت، شاعرةً بألم عظيم، تبكي بمرارة شديدة وتصيح، وتقول: "يا ربّ، تعلم أنني خشيتك دومًا، واعتنيت دومًا بالفقراء من دون تفكير بأجر؛ أنني لم أتلق شيئًا من الأرملة واليتيم ولم أدفع عني أبدًا المعوَز من دون نجدته، وها أنني أصبحت بائسة بسبب شكي، لأنني تجرأت على الشك في عذرائك".
وحين كانت تتكلّم هكذا، ظهر لها شاب عظيم البهاء، وقال لها: "اقتربي من الطفل، واسجدي له والمسيه بيدك، فيشفيك، لأنه مخلَّص العالم وكلّ الذين يضعون رجاءهم فيه". فاقتربت سالومي من الطفل على الفور، ولمست طرف أقمطته التي كان ملفوفًا بها ساجدةً له، وعلى الفور شفيت يدها. وأخذت ترفع صوتها، خارجةً، وتروي المعجزات التي رأتها وما عانت، وكيف شقيت؛ وآمن كثيرون بكلامها. ورعاة غنم كانوا يؤكدون أنهم رأَوا في الليل ملائكةً يرنّمون نشيدًا: "سبَّحوا إله السماء ومجَّدوه لأن مخلَّص الكلّ وُلد، المسيح الذي سيستعيد مملكة إسرائيل".
ولمع نجمٌ عظيمٌ فوق المغارة منذ المساء حتى الصباح، ولم يُرَ أبدًا مثيل في العظمة منذ بداية العالم. وكان الأنبياء الموجودون في أوُرشليم، يقولون أن ذلك النجم كان يشير إلى ميلاد المسيح الذي سيتمَّم الخلاص الموعود به، ليس فقط لإسرائيل، بل كذلك للأمم كلّها.
الإصحاح الرابع عشر
سجود الثور والحمار
كتاب ابو كريفا العهد الجديد: كيف كُتِبَت؟ ولماذا رفضتها الكنيسة؟

St-Takla.org Image: Saint Mary and St. Joseph the Carpenter holding two pairs of pigeons to present to the Temple, by Fahmy Eshak
صورة في موقع الأنبا تكلا: القديسة مريم العذراء مع القديس يوسف النجار ومعهم فرخي حمام لتقديمه إلى الهيكل، رسم الفنان فهمي سكر
وفي اليوم الثالث لولادة الربّ، خرجت الطوباية مريم من المغارة، ودخلت الزريبة، ووضعت الطفل في المذود، فسجد له الثور والحمار. حينئذ تمَّ ما أنبأ به إشعياء النبي: "الثور يعرف قانيه، والحمار معلف صاحبه". وكان هذان الحيوانان، وهو في وسطهما، يسجدان له بلا انقطاع. حينئذ تمَّ أيضًا ما قاله النبي: "سوف تُعرف في وسط حيوانين". ولبث يوسف ومريم ثلاثة أيام في ذلك الموضع مع الطفل.
الإصحاح الخامس عشر
التقدمة إلى الهيكل
وفي اليوم السادس، دخلت الطوباوية مريم بيت لحم مع يوسف، حيث أمضوا اليوم السابع وفي اليوم الثامن ختنوا الصبي ودعوا اسمه يسوع كما دعي من الملاك قبل أن تحبل به في الرحم والآن بعد أن اكتملت أيام تطهير مريم حسب شريعة موسى، أتت بالطفل إلى هيكل الربّ، وقدَّما باسمة زوج فراخ يمام وفرخَي حمام.
وكان في الهيكل رجل بارٌّ وكامل، اسمه سمعان، عمره مئة وأثني عشر عامًا. وقد تلقى من الربّ الوعد بأنه لن يذوق الموت حتى يكون قد رأى المسيح، ابن الله، حسب الجسد وعندما رأى الطفل، صاح بصوت عال، قائلًا: "الله زار شعبه، والربّ أتمَّ وعده". وسارع في القدوم، وسجد للطفل، وسجد له ثانيةً، وقد حمد تحت ردائه، وكان يقبَّل باطن قدمَيه، قائلًا: "يا ربّ، أطلقْ الآن عبدك بسلام، حسب قولك، لأن عينَي رأتا خلاصك الذي أعددته أمام وجه جميع الشعوب، نورًا رؤيا للأمم، ومجدًا لشعبك إسرائيل".
وكانت في هيكل الربّ أيضًا امرأة، اسمها حنة، ابنة فنوئيل، من سبط أَشير، عاشت سبعة أعوام مع زوجها، وكانت أرملة منذ أٍربعة وثمانين؛ ولم تبتعد أبدًا من هيكل الله، متفرَّغة بلا انقطاع للصوم والتضرُّع. وإذ اقتربت، كانت تسجد للطفل، قائلةً: "أن فيه خلاص العالم".
الإصحاح السادس عشر
النجم يُرشد المجوس
وجاء مجوس من الشرق إلى أُورشليم، وقد أنقضى عامان، حاملين قرابين ثمينة، وكانوا يبحثون بين اليهود بتعجُّل، سائلين: "أين الملك الذي وُلد لنا؟ لأننا رأينا نجمة في الشرق، وأتينا لنسجد له". وأرعب هذا النبأ الشعب كلّه، وأرسل هيرودس يستشير الكتبة، والفريسيين والعلماء ليستعلم منهم أين أعلن النبي أن المسيح يجب أن يولد. فأجابوا: "في بيت لحم، مكتوب: وأنت، يا بيت لحم، ارض يهوذا، لست الصغرى في مقاطعات يهوذا، فمنك يخرج القائد الذي يحكم شعبي إسرائيل". حينئذ نادى الملك هيرودس المجوس، واستعلم منهم متى ظهر لهم النجم، وأرسلهم إلى بيت لحم، قائلًا: "أذهبوا، واستعلموا بعناية عن هذا الطفل، وعندما تجدونه، تعالَوا وقولوا لي ذلك، لأذهب وأسجد له".
واستأنف المجوس إذًا طريقهم، وظهر لهم النجم، وكما كان مرشدًا لهم، تقدَّمهم إلى أن بلغوا الموضع حيث الطفل. وامتلأ المجوس بفرح عظيم، وقد رأَوا النجم. وإذ دخلوا البيت، وجدوا الطفل يسوع راقدًا في ذراعي مريم. عندها فتحوا خزائنهم، وقدَّموا هدايا ثمينة لمريم ويوسف. وكلٌّ منهم قدَّم للطفل تقدمات خاصة، فقرب واحد ذاهبًا، والآخر بخورًا، والآخر مرًّا. وحين كانوا يريدون العودة إلى الملك هيرودس، حُذَّروا في الحلم من العودة إليه. فسجدوا للطفل بفرح بالغ، وعادوا إلى بلادهم عبر درب أخرى.
الإصحاح السابع عشر
قتل أطفال بيت لحم
وعندما رأى الملك هيرودس أن المجوس سخروا منه، اشتعل قلبه غضبًا، وأرسل مبعوثين على الطرق كلّها، عازمًا القبض عليهم وإهلاكهم، وبما أنه لم يستطع مصادفتهم، أرسل إلى بيت لحم، وقتل كلّ الأطفال من عمر عامَين وما دون، حسب الوقت الذي تحقق به من المجوس. وقبل أن يحدث ذلك بيوم، حُذر يوسف عبر ملاك الربّ، الذي قال له: "خُذْ مريم والطفل وأنطلقْ عبر الصحراء واذهب إلى مصر". وفعل يوسف ما أمره به الملاك.
الإصحاح الثامن عشر
التنانين تسجد ليسوع
وعندما وصلوا إلى قرب المغارة وأرادوا أن يستريحوا فيها، نزلت مريم عن دابَّتها، وكانت تحمل يسوع في ذراعَيها. وكان مع يوسف ثلاثة صبية، ومع مريم صبيَّة، كانوا يسلكون الطريق نفسها. وإذا بعدد كبير من التنانين تخرج فجأة من المغارة، ولدى رؤيتها أطلق الصبية صيحات عظيمة. عندها وقف يسوع أمام التنانين، وقد نزل من ذراعي أُمه؛ فسجدت له، وحين سجدت له، انسحبت. وتمَّ ما قاله النبي: "سبحي الرب من الأرض يا أيتها التنانين". وكان الطفل يمشي أمامها، وأمرها بألا تفعل أي سوء بالبشر. لكن مريم ويوسف كانا في ذعر عظيم، خائفَين أن تؤذي التنانين الطفل. فقال يسوع: "لا تنظرا إليَّ باعتبار أنني لست سوى طفل، أنني رجل كامل، وينبغي أن تلين حيوانات الغابات كلّها أمامي".
الإصحاح التاسع عشر
سجود الأُسود والفهود
وكانت الأُسود والفهود تسجد له أيضًا، وكانت ترافقه في الصحراء. وحيثما كانت مريم ويوسف يمضيان، كانت تتقدَّمهما، داَّلةً إياهما إلى الطريق، وكانت تسجد ليسوع، خافضةً رؤوسها. وأول مرة رأت مريم الأّسود والحيوانات المتوحَّشة آتية إليها، أُصيبت بذعر عظيمَ، فقال لها يسوع، ناظرًا إليها بمظهر مرح: "لا تخشي شيئًا، يا أُمي، فليس من اجل إخافتك، بل من أجل تكريمك تأتي نحوك". وإذ قال ذلك، بذَّد كلّ خوف من قلبهما. وكانت الأُسود تسير معهم ومع الثيران، والحمير والدوابَّ الأخرى التي كانت ضرورية لهم، ولم تكن ترتكب أي سوء، وكانت تظل كذلك، ملأى وداعة، وسط الأغنام والخراف التي جلبها يوسف ومريم معهما من اليهودية. وكانوا يسيرون وسط الذئاب، ولم يكونوا يشعرون بأي ذعر، ولم يعاني أحد من أي سوء. حينئذ تمَّ ما قاله النبي: "الذئاب تأكل مع الحملان، والأسد والثور يأكلان تبنا معًا". وكان معهم ثوران وعربة، تُحمَل فيها الحاجيات الضرورية فوجهتهم الأسود في طريق.
الإصحاح العشرون
النخلة تنحني لمريم وانبثاق نبع ماء
وحدث في اليوم الثالث من المسير، تعبت مريم في الصحراء بسبب حرارة الشمس الشديدة جدًا. فقالت ليوسف، وقد رأت نخلة: "دعني أرتاح قليلًا في ظل هذه النخلة". فسارع يوسف إلى اقتيادها إلى جوار النخلة، وأنزلها عن دابَّتها، وألقت مريم نظرها على رأس النخلة، وقد جلست وإذ رأته ممتلئًا ثمرًا، قالت ليوسف: "أريد، إن كان ذلك ممكنًا، في الحصول على بعض ثمار تلك النخلة". فقال لها يوسف: "استغرب كيف يمكنك الكلام هكذا، فأنت ترين كم سعف هذه النخلة عاليًا. أما أنا، فقلق جدًا بسبب الماء، لأن جلودنا جفت الآن وليس لدينا شيء لنسرب منه نحن وأبقارنا". عندها قال الطفل يسوع الذي كان في ذراعَي العذراء مريم، أُمه، للنخلة: "أيتها النخلة، إحني أغصانك، وأطعمي أُمي من ثمارك". فأحنت النخلة على الفور، لصوته، رأسها حتى قدمَي مريم، وجمعوا منها الثمار التي كانت تحملها، وأكلوا منها كلّهم. وظلّت النخلة منحنيةً، منتظرةً أمر الذي لصوته انخفضت، لتنهض. عندها قال لها يسوع: "أنهضي، أيتها النخلة، وكوني رفيقة أشجاري التي في فردوس أبي. وليتفجَّرْ من جذورك نبع مخبؤ في الأرض وليزودَّنا بالماء الضروري لإرواء عطشنا". وعلى الفور نهضت الشجرة، وبدأت تتفجَّر من بين جذورها ينابيع ماء صاف جدًا ومنعش جدًا وذي لطافة شديدة. وكلّهم، إذ رأَوا تلك الينابيع، امتلأوا فرحًا، وارتووَا مسبَّحين الله، وأسكنت الحيوانات أيضًا عطشها.
الإصحاح الواحد والعشرون
غصن النصر ينقل إلى الفردوس
وفي الغد، رحلوا، وفي اللحظة التي استأنفوا فيها طريقهم، التفت يسوع نحو النخلة، وقال: "لقد قلت لك ذلك، أيتها النخلة، أنني آمر بأن يٌنقَل أحد أغصانك بواسطة ملائكتي وأن يُزرع في فردوس أبى.
وليكون لك امتياز، أريد أن يٌقال لكل الذين ينتصرون في القتال من أجل الإيمان: "لقد استحققتم غصن النصر". وفيما كان يتكلّم هكذا، إذا بملاك الربّ ظهر، واقفًا على النخلة، وأخذ واحدًا من أغصانها، وطار عبر وسط السماء، ممسكًا بذلك الغصن بيده، ولبث الحضور، وقد رأَوا ذلك، كما مصعوقين ذهولًا. عندها كلَّمهم يسوع، قائلًا: "لماذاَ يستسلم قلبكم للخوف؟ ألا تعلمون أن هذه النخلة التي أمرت بنقلها إلى الفردوس ستكون لكلّ القديسين في دار النعيم، كالتي أُعدَّت لكم في هذه الصحراء؟".
الإصحاح الثاني والعشرون
يسوع يطمئن يوسف
وفيما كانوا يسيرون، قال له يوسف: "يا ربّ، أن علينا معاناة حرارة قصوى؛ أرجوك، سنسلك طريق البحر لنتمكَّن من الراحة بعبورنا المدن التي على الساحل". فقال له يسوع: "لا تخف من شيء، يا يوسف؛ سوف تقوم في يوم بما لا يستطيع آخرون إتمامه إلا في ثلاثين يومًا". وفيما كان لا يزال يتكلم "لمحوا جبال مصر ومدنها، فدخلوا ملؤهم الفرح، مدينةَّ تُدعى سوتين. وبما أنهم لم يكونوا يعرفون أحدًا يمكنهم التماس الضيافة لديه، دخلوا هيكلًا كان سكان تلك المدينة يدعونه الكابيتول، وحيث كانت تُقَدَّم كلّ يوم، ذبائح إكرامًا للأوثان الثلاثمائة والخمسة والستين.
الإصحاح الثالث والعشرون
سقوط الأوثان على وجهها
وحدت عندما دخلت القديسة مريم الهيكل، مع الصبي الصغير، سقطت الأوثان كلّها على وجهها أرضًا، ولبثت مدمَّرة ومحطَّمة. وهكذا تمَّ ما قاله النبي اشعياء: "هوذا الرب راكب على سحابة سريعة وقادم إلى مصر فترتجف أوثان مصر".
الإصحاح الرابع والعشرون
العودة إلى بلاد يهوذا
وعندما علم ذلك أفروديسيوس، حاكم تلك المدينة، قَدمَ إلى الهيكل مع كلّ جنده وكلّ ضباطه. وحين رأى كهنة الهيكل أفروديسيوس مقتربًا مع كلّ جنده، ظنوا بأنه قادم للانتقام منهم، لأن صور الآلهة انقلبت. وحين دخل الهيكل ورأى كلّ التماثيل منقلبةً على وجهها ومحطَّمة، اقترب من مريم، وسجد للطفل الذي كانت تحمله بين ذراعَيها. وعندما سجد له، وجَّه الكلام إلى كلّ جنوده ورفاقه، وقال: "لو لم يكن هذا الطفل إلهًا، لما كانت آلهتنا قد سقطت على وجهها في حضرته، ولما سجدت أمامه؛ أنها تعترف به هكذا ربًا لها. وإذا لم نصنع ما رأيناه صُنعَ لآلهتنا، نجازف بالتعرُّض لسخطه وغضبه، ونقع كلّنا في خطر الموت، كما حدث للملك فرعون الذي احتقر تحذيرات الربّ". وبعد وقت قليل، قال الملاك ليوسف: "عُد إلى بلاد يهوذا، لأن الذين كانوا يبحثون عن الطفل ليُهلكوه ماتوا".
الإصحاح الخامس والعشرون
إحياء سمكة مجففة
وأتمَّ يسوع عامه الثالث. وفيما رأى أطفالًا يلعبون، أخذ يلعب معهم؛ وإذ تناول سمكة مجفَّفة مُشبَعة ملحًا، وضعها في حوض ملئ بالماء، وأمرها بأن تختلج، فبدأت السمكة تختلج. وقال يسوع للسمكة، مخاطبًا إياها ثانيةً: "اطرحي الملح الذي فيك وتحركي في الماء". فحصل الأمر هكذا. وإذ رأى الجيران ماذا يحدث، انبأوا به الأرملة التي كانت تسكن مريم في بيتها. وحين علمت بهذه الأمور، طردتهم على عجل من بيتها.
الإصحاح السادس والعشرون
موت ابن إبليس
وحدث أن يسوع بعد عودته من مصر، حين كان في الجليل، في بداية عامه الرابع، كان يلعب يوم سبت، مع أطفال، عند ضفة الأردن. وإذ جلس يسوع، صنع سبع أحواض صغيرة بالطمي وصنع لكلًّ واحد منها ممرات صغيرة، كان ماء النهر يأتيها بحسب أمره ويعود ثانية. عندئذ أقفل أحد الأطفال، وهو ابن للشيطان، تدفعه الغيرة، المخرج الذي كان يمرُّ الماء عبره ودمَّر ما صنعه يسوع. فقال له يسوع: "الويل لك! يا ابن الموت، يا ابن إبليس. تجرؤ على تدمير العمل الذي صنعته!" وعلى الفور مات الذي فعل ذلك. حينئذ رفع أهل الميت الصوت بضوضاء ضد مريم ويوسف، قائلين: "أن ابنكما لعن ابننا وقد مات". وعندما سمع يوسف ومريم ذلك، أتيا على الفور نحو يسوع بسبب شكاوى الأهل وجمهور اليهود الذين كانوا يتجمَّعون. لكن يوسف قال سرًا لمريم: "لا أجرؤ على مخاطبته، أنما حذَّريه أنت وقولي: لماذا أثرت ضدنا حقد الشعب، ولماذا نحن معرَّضون لغضب الناس المزعج؟" وعندما جاءت أُمه إليه، رجته، قائلةً: "يا سيَّدي، ماذا فعل الذي مات لتنتهي حياته هكذا؟" لكنه أجاب: "كان مستحقًا الموت لأنه دمَّر الأعمال التي صنعتها". وكانت أُمه ترجوه، قائلةً: "لا تتألَّم، يا سيَّدي، لأن الشعب يحتجُّ علينا". أما هو، فضرب بقدمه اليمنى خاصرتَي الميت، رافضًا أن يُحزنَ أُمه، وقال له: "أنهَضْ، يا ابن الإثم، أنتَ لا تستأهل دخول راحة أبى، لأنك دمَّرت الأعمال التي صنعتها". حينئذ نهض الذي كان ميتًا ومضى. لكن يسوع، بموجب قدرته، كان يُجرى المياه إلى البحيرات الصغيرة عبر الممرات التي صنعها.
الإصحاح السابع والعشرون
يسوع يخلق عصافير من الطين
وحدث، بعدما رأى الشعب كلّ هذه الأمور، أن يسوع أخذ طينًا من الأحواض التي صنعها وصنع منه أثنى عشر عصفورًا. وكان يوم سبت عندما فعل يسوع ذلك، وكان معه أطفال كثرين. وعندما رأى أحد أطفال اليهود ماذا كان يفعل، قال ليوسف: "يا يوسف، ألا ترى الطفل يسوع يفعل يوم السبت ما لا يحل فعله؟ فقد صنع أثنى عشر عصفورًا من الطين". ولما سمع يوسف ذلك وبخ يوسف يسوع، قائلًا: "لماذا تفعل يوم السبت ما لا َيحل فعله؟" ولما سمع يسوع يوسف، صفَّق بيدَيه وقال لعصافيره: "طيري". فبدأت بالطيران بناء على أمره لها. وقال للعصافير، في حضور جمهور كبير كان يراه ويسمعه: "هيّا وطيري في الأرض والعالم بأسره، وعيشي!" فصُعق الحضور كلّهم، وقد رأوا آيات كهذه، إعجابًا وذهولًا. وكان البعض يمتدحونه ويعجبون به؛ وآخرون يلومونه. وذهب البعض إلى ورؤساء الفريسيين، وبلغَّوهم أن يسوع، ابن يوسف، كان يفعل، في حضور شعب إسرائيل كلّه، معجزات كبرى وآيات. وبُلَّغ ذلك في أسباط إسرائيل الأثنى عشر.
الإصحاح الثامن والعشرون
ابن حنان الكاهن يدمر سدود المياه
ودمَّر ابن حنان، كاهن الهيكل، الذي كان قرب يوسف، حاملًا عودًا بيده، في حضور الشعب كلّه، وبحركة غضب عظيمة جدًا، السدود التي صنعها يسوع بيدَيه، وأسال الماء الذي جذبه يسوع من مجرى الأردن. كما أقفل ثم دمَّر القناة التي كان الماء يأتي عبرها. وعندما رأى يسوع ذلك، قال للطفل الذي دمَّر ما فعله: "يا أكثر بذرة شريرة للشر، يا ابن الموت، يا خادم الشيطان، حقًا سوف تكون ثمرة بذارك بلا نشاط، وجذورك بلا عافية، وسوف تكون بذورك جافة، لا تعطى ثمارًا". وعلى الفور، وفي حضور الشعب كلّه، ذبل الطفل ومات.
الإصحاح التاسع والعشرون
يسوع يعيد الروح إلى طفل
ثم خاف يوسف، ولازم يسوع، وكان يذهب معه إلى بيته، وأمه معهما. وإذا فجأةً بطفل، خادم إثم، مسرعًا للقائهما، ارتمى على كتف يسوع، راغبًا في شتمه وإيذاءه إذا استطاع ذلك. لكن يسوع قال له: "لن تعود سليمًا معافى من الطريق التي تعبرها. وعلى الفور ركض الطفل قليلًا ومات. وأطلق أهل الميت، وقد رأَوا ما حدث، صيحات، قائلين: "من أين وُلد هذا الطفل؟ من الواضح أن كلّ كلمة يقولها لا مفرَّ منها، وغالبًا ما تتمّ قبل أن يتلفّظ بها". وجاء أهل الطفل الميت نحو يوسف وقالوا له: "أخرجْ يسوع من هذا الموضع، فلا يمكنه أن يسكن معنا في هذه القرية. أو علَّمْه أن يبارك لا يلعن". وجاء يوسف إذًا نحو يسوع وحذَّره، قائلًا: "لمَ تفعل أُمورًا كهذه؟ أن قومًا كثيرين يتذمَّرون منك ويحقدون علينا، بسببك، ونحن نعاني، بسببك، إزعاجات الناس". فقال يسوع مجيبًا يوسف: "ما من ابن عاقل سوى الذي ربّاه أبوه تبعًا لعلم هذا الزمن، ولعنة أبيه لا تؤذى أحدًا، سوى الذين يرتكبون الإثم". عندها تألَّب الجميع على يسوع، وشكَوه إلى يوسف. وعندما رأى يوسف ذلك، تملَّكه خوف عظيمة، خائفًا أن يثور شعب إسرائيل ويستخدم العنف. وفي الوقت نفسه، أمسك يسوع الطفل الميت بأُذنه ورفعه عن الأرض في حضور الشعب كلّه، الذي رأى يسوع يتحدَّث إليه كما أبّ إلى ابنه. فعادت روح الطفل إليه، ورجع إلى الحياة وكلّهم صُعقوا دهشةً.
الإصحاح الثلاثون
يسوع قبل الشريعة
وسمع معلَّم بين اليهود، اسمه زكّا يسوع يتلفَّظ بتلك الكلمات وإذ رأى الأمور التي كان يفعلها حزن وبدأ يتكلّم بجرأة، من دون تعقُل ومن دون تحفُّظ في حق يوسف، وكان يقول له: "ألا تريد أن تعهد إلى بابنك ليتهذَّب في العلم الإنساني ومخافة الله؟ لكنني أعلم أنكَ ومريم لديكما من المحبة له أكثر من الاعتبار لرأى قدامى الشعب. كان ينبغي إجلالنا أكثر، نحن كهنة كنيسة إسرائيل كلّها، لتكون له مع الأطفال محبة متبادلة ويتهذَّب بيننا في العقيدة اليهودية". فأجابه يوسف: "ومَنْ يستطيع الإمساك بهذا الطفل وتهذيبه؟ إذا كنت تستطيع الإمساك به وتهذيبه، فلن نحول أبدًا دون أن تعلَّمه ما يدرسه الجميع". وإذ سمع يسوع ما قاله زكّا، أجابه وقال: "على الذين هم مهذَّبون بحسب نظام البشر أن يتقيَّدوا بمباديء الشريعة التي تحدَّثت عنها الآن وكلّ ما أشرت إليه، لكنني غريب عن شرائعكم، فليس لي قريب بشرى. أنتَ الذي تقرأ الشريعة وتعرفها، تظل في الشريعة؛ أما أنا، فقد كنتُ قبل الشريعة. أنما على رغم اعتقادك بأن لا مثيل لكَ في العلم، سوف تتهذّب على يدي، فما من أحد آخر يستطيع أن يعلَّم، اللهم إلا الأمور التي تحدّثت عنها فقط. وحده مَنْ هو أهلّ لإعطاء هذا التهذيب يستطيع أن يقوم به. حين أُرَبَّى على الأرض، أُوقف كلّ إشارةً إلى أصلك. أنتَ تجهل متى وُلدْتَ؛ أنا وحدي أعرف متى وُلدْتَ وما هي مدة حياتك على الأرض". عندها صعقت المفاجأة كلّ الذين سمعوا هذه الكلمات وصاحوا، قائلين: "اُوه! أُوه! هوذا سرً عظيم وباهر حقًا. أننا لم نسمع أبدًا شيئًا مماثلًا. ما من شيء مشابه قاله آخر، لا الإيمان، ولا الفريسيون، ولا النحويون؛ أنه كلام خارق. أننا نعلم من أين وُلدَ هذا الطفل، ولا يكاد لا يبلغ الخامسة من العمر، فكيف يتلفَّظ بكلمات كهذه؟" وأجاب الفريسيون: "أننا لم نسمع أبدًا طفلًا بهذا الصَّغر يتلفَّظ بكلمات كهذه". فقال يسوع، مجيبًا إياهم: "أنتم مندهشون لأن طفلًا يقول أشياء كهذه. لمَ إذًا لا تؤمنون بي لما قلته لكم؟ ولأنني قلت لكم أنني أعلم متى وُلْدتم، أنتم مندهشون كلكم. أنني سأقول لكم أشياء أوسع لتزيد مفاجأتكم. لقد رأيت إبراهيم، الذي تقولون أنه أبوكم، وكلَّمتُه، ورآني". وكل المستمعين صمتوا، وما من أحد منهم كان يجرؤ على المبادرة إلى الكلام. وقال لهم يسوع: "كنت بينكم مع أطفال، ولم تعرفوني. وكلَّمتكم كما قومًا عاقلين ولم تدُركوا صوتي، لأنكم دوني، وقليلو الإيمان". هشون لأن طفلًا يقول أشياء كهذه. مر، فكيف يتلفَّظ بكلمات كهذه؟" وأجاب الفريسيون: "اننا لم نسمع أبدًا".
الإصحاح الواحد والثلاثون
دهشة المعلّم لاوي
وقال زكّا، أستاذ الشريعة، ليوسف ومريم: "أعطياني هذا الطفل، وسوف أعهد به إلى المعلّم لاوي، الذي يدرسه الأحرف ويهذَّبه". عندها ملاطفَين يسوع، قاده يوسف ومريم إلى المدرسة حيث كان العجوز لاوي يعلَّم الأحرف, وحين دخل يسوع، لزم الصمت. وكان المعلَّم لاوي يشير إلى يسوع بحرف، وبادئًا بالحرف أَلف، كان يقول له: "أَجبْ". لكن يسوع لا يُدلي بأي جواب. عندها تناول لاوي عودًا، غاضبًا، وضربه على رأسه. فقال يسوع: "لمَ تضربني؟ إعلَمْ، في الحقيقة، أن المضروب يعلَّم مَنْ يضربه أكثر مما يتعلَّم منه. أنني أستطيع تعليمك الأشياء التي تعرضها بنفسك، لكن كلّ الذين يقولون ويسمعون هم عميان؛ أنهم كالفولاذ الطنّأن أو كصنج مُهْتَزًّ لا يُدركان ما معنى الصوت الصادر عنهما". وقال يسوع لزكّا: "كلّ حرف، من الألف حتى الطيت، يتميَّز بترتيبه. قُلْ أولًا ما هي الطيت، فأقول لكَ ما هي الألف". وقال لهم يسوع أيضًا: "أيها الخبثاء، كيف يستطيع الذين لا يعرفون ها هي الطيت؟ قولوا أولًا ما هي الألف، فأصدّقكم عندئذ حين تقولون بيْت". وبدأ يسوع يسأل عن اسم الأحرف المختلفة وقال: "ليقُلْ معلَّم الشريعة ما هو الحرف الأول، ولمَ يحتوي مثلَّثات عدة".
وعندما سمعه لاوي يتكلَّم هكذا، صعقته الدهشة. وقال للحضور كلّهم: "أَعلى هذا الطفل أن يعيش على الأرض؟ أنه يستحق أن يُعَلَّق على صليب عظيم، لأنه يستطيع إطفاء نار السماء. اعتقد بأنه كان قبل الكارثة الكبرى، وأنه كان مولودًا قبل الطوفان. ما هو البطن الذي حمله والأُم التي ولدته؟ أو ما هو الثديان اللذان أرضعاه؟ أنني أهرب أمامه، لأنني لا أستطيع الصمود أمام الكلمة التي تخرج من فمه؛ لكن قلبي يصعقه الذهول وأنا أسمع كلامًا كهذا. لا أطنُّ بأن أي إنسان يستطيع فهم كلمته إلا إذا كان الله معه".
الإصحاح الثاني والثلاثون
شفاء طفل قطعت أصابعه
وعندما كان يسوع في الثانية عشرة من عمره، كان أحد أطفال القرية حيث كان يقيم مع أبَويه ينشر حطبًا، وحين كان ينشره، قطع أصابع قدمه اليمنى كلّها. وإذ هرع الجيران حشدًا نحوه، جاء يسوع؛ ودهن قدمه، فشفي المريض على الفور، ولم يبقَ أي أثر على قدمه. وقال له يسوع: "أنهَضْ وأنشُرْ حطبًا، واذكرني". وإذ رأى الحشد المعجزة التي صنعها يسوع، سجد له وهو يقول: "أننا نؤمن حقًا بأنه المسيح".
الإصحاح الثالث والثلاثون
يسوع يجمع قطع الجَّرة المكسورة
وإذ أرسلت الطوباوية مريم خادمتها لتملأ جرَّة ماء، وبما أن حشدًا من النساء كان قرب النبع، انكسرت الجرَّة وسط هياج الحشد. عندها توجَّه يسوع إلى النبع؛ وملأ رداءه ماءً وحمله إلى أمه. ومن ثمَّ، متناولًا قطَعَ الجرَّة، وجمعها معًا ولحمها بكلمته بحيث لم يكن يُرى أي أثر كسر. عندها قبَّلت الطوباوية مريم يسوع وهي تقول: "مباركٌ الله الذي أعطانا ابنًا كهذا!".
الإصحاح الرابع والثلاثون
معجزة القمح
وذات يوم قصد حقلًا وحمل إليه قليلًا من القمح الذي أخذه من مخزن أُمه، وبذره. ونبت القمح ونما، وتكاثر جدًا. وحدث أن يسوع حصده بعد ذلك، وجنى منه ثلاثة أكر، ووهب منه الكثير.
الإصحاح الخامس والثلاثون
سجود الأُسود ليسوع
ثمة طريق تخرج من أريحا وتمضي إلى نهر الأُردن، وكان يسكنها أبناء إسرائيل، وهناك يُقال أن تابوت العهد وُضع. وكان يسوع في الثامنة من عمره، وقد خرج من أريحا ومضى نحو الأُردن. وكانت إلى جانب الطريق مغارة قرب الأُردن حيث كانت لبؤة تُرضع صغارها، وما أحد يستطيع سلوك تلك الطريق من دون خطر. وإذ قَدمَ يسوع من أريحا عالمًا بأن اللبؤة وضعت صغارها في تلك المغارة، دخلها على مرأى من الجميع. وحين رأت الأُسود يسوع، ركضت إليه وسجدت له. وكان يسوع جالسًا في المغارة، والأشبال تتدحرج عند قدمَيه، لاعبةً ومداعبةً إياه. وكان الشعب الواقف بعيدًا، غير مُبْصر يسوع، يقول: "لو لم يكن قد ارتكب أخطاء عظمية، هو أو أبواه، لما أُسلم للأُسود. وحين كان الشعب منشغلًا بهذه الأفكار ويتملَّكه الألم، إذا بيسوع يخرج فجأةً من المغارة، والأُسود تتقدَّمه، والأشبال الصغيرة تلعب عن قدمَيه. وكان أبوا يسوع. خافضَي الرأس، يقفان بعيدًا، مراقبَين ما كان يحدث؛ وكان الشعب يقف كذلك بعيدًا بسبب الأُسود ولم يكن يجرؤ على الانضمام إليهما. عندها بدأ يسوع يقول للشعب: "كم الحيوانات المفترسة أفضل منكم! أنها تعرف سيَّدها وتمجَّده، وأنتم تتنكَّرون له، أنتم البشر المخلوقون على صورة الله ومثاله! أن الحيوانات تتعرَّف إليّ وتلين؛ والبشر يرونني ولا يعرفونني".
الإصحاح السادس والثلاثون
انفصال ماء الأردن ليسوع
ثم جاز يسوع الأُردن مع الأُسود في حضور الشعب كلّه، فأنفصل ماء الأُردن عن يمينه وعن يساره. وعندها قال يسوع للأُسود، بحيث كانت كلماته مسموعة من الجميع: "أذهبي بسلام ولا تؤذي أحدًا؛ أنما لا يؤذينَّك أي أنسأن حتى تكوني قد عُدْت إلى الموضع الذي خرجت منه". وعادت الأُسود إلى مأواها، مسبَّحة إياه ليس بصيحاتها فقط، بل أيضًا بوقفة أجسادها، ورجع يسوع نحو أُمه.
الإصحاح الثالث والثلاثون
معجزة تمدد الخشب
وكان يوسف نجارًا وكان يشتغل الخشب، صانعًا أنيارًا للثيران ومحاريث وأدوات خاصة بزراعة الأرضي، وأسرَّةً خشبيَّةً؛ وحدث أن شابًا طلب منه يومًا سريرًا طوله ستة أذرُع. فأمر يوسف صبيًا بقطع خشب بمنشار حديدي بحسب القياس الذي أُرسل إليه. فلم يتقيَّد هذا الأخير بالتوصية التي أُعطيت له، بل صنع أحد الخشبتَين أقصر من الأخرى. وبدأ يوسف يضطرب ويفكَّر بما عليه أن يفعله في هذا الصدد. وحين رآه يسوع يتصبَّب عرقًا على أثر قلقه، تحدَّث إليه لتعزيته وقال له: "تعال، لنأخُذْ طرفَي قطعَتي الخشب ولنضعْهما إلى جانب بعضهما بعضًا، ولنسحَبْهما نحونا؛ فنسطيع هكذا جعلهما متساويتَين". فأطاع يوسف هذه النصيحة، لأنه كان يعلم أن يسوع كان يستطيع أن يفعل كلّ ما يريد. وتناول قطعتَي الخشب من طرف وركَّزهما إلى جدار، وأطال يسوع قطعة الخشب الأقصر، جاذبًا إياهما من الجهة الأخرى، وجعلها مساويةً للأطول. وقال ليوسف: "أذهَبْ واعمَلْ واصنَعْ ما وعدت بانجازه". فصنع يوسف ما وعد به.
الإصحاح الثامن والثلاثون
موت المعلَّم الذي ضرب يسوع
وسأل الشعب يوسف ومريم إرسال يسوع ليدرس الأحرف في المدرسة. فلم يرفضا القيام بذلك، وتبعًا لنصيحة الشيوخ، قاداه إلى معلَّم، ليهذَّبه في العلم الإنساني، وعندها بدأ المعلَّم تعليمه بطريقة متصلَّفة، قائلًا له: "قُل ألْفا". فقال يسوع: "قُلْ لي أولًا ما هي بيْتا، فأقول لك من بعد ما هي ألْفا". فضرب المعلَّم يسوع، غاضبًا، وما أن ضربه حتى مات.
وعاد يسوع إلى البيت إلى أُمه. ونادى يوسف مريم مرتعشًا وقال لها: "اعلمي أن نفسي حزينة حتى الموت بسبب هذا الطفل. فمن الممكن أن يضرب أحدهم هذا الطفل بخبث ويموت". فقالت مريم، مجيبةً يوسف: "يا رجل الله لا تصدَّقْ أن ذلك لا يمكن أن يحدث. صدَّقْ بالأحرى بثقة أن الذي أرسله بين البشر يصونه من كلّ خبث، ويحفظه باسمه في منأى من الشر".
الإصحاح التاسع والثلاثون
سجود معلَّم آخر ليسوع
ثم سأل اليهود مريم ويوسف اصطحاب الطفل بملاطفاتها إلى معلَّم آخر ليتهذَّب. فقاده يوسف ومريم ثانيةً إلي المدرسة، خائفَين من الشعب، ووقاحة الأمراء، وتهديدات الكهنة، عالمَين أنه لا يستطيع أن يتعلّم شيئًا من أنسأن طالما أنه أخذ عن الله وحده العلم الكامل. وعندما دخل يسوع المدرسة، يقوده الروح القدس، تناول الكتاب من يد المعلَّم الذي كان يدرَّس الشريعة، وأمام الشعب كلّه الذي كان يراه ويسمعه، وأخذ يقرأ، لا ما كان مكتوبًا في الكتاب، بل كان يتكلّم بروح الله الحي كان سيلًا من الماء من نبع جار وكان النبع كان يظل مملوءًا أبدًا. وكان يعلَّم الشعب هكذا عظمة الله الحي، فخرَّ المعلَّم أرضًا وسجد له. وكانت جماعة الشعب الحاضرة والتي كانت تسمعه يتكلّم هكذا، مذهولة. وعندما علم يوسف بذلك، جاء راكضًا نحو يسوع، خائفًا أن يموت المعلّم. وإذ رآه المعلَّم قال له: "لم تُعطني تلميذًا بل معلَّمًا، فمَنْ يستطيع الصمود أمام كلامه؟" عندها تمَّ ما قاله صاحب المزامير: "أن نهر الله امتلأ ماءً. لقد هيَّأت طعامهم، فكذا هي تهيئته".
الإصحاح الأربعون
قيامة يوسف الغني
ثم مضى يوسف مع مريم ويسوع ليقصدوا كفر ناحوم، المدينة البحرية، مبتعدين هكذا بسبب خبث الناس الذين كانوا أعداءه. وحين كان يسوع يسكن في كفر ناحوم، كان في المدينة رجل اسمه يوسف كان غنيًا جدًا. لكنه رزح تحت وطأة مرض، وكان ممدَّدا ميتًا على سريره. فقال يسوع ليوسف، وقد سمع في المدينة قومًا يبكون ويُطلقون صيحات عظيمة على أثر الحزن الذي كان يسبَّبه لهم ذلك الموت: "لمَ لا تُنجد بعطفك مَنْ يحمل اسمك نفسه". فأجاب يوسف: "أي قدرة لي وأي إمكانيات أملك لأُقدم له خدمةً كهذه؟ "
وقال يسوع: "خُذ الكفن الذي فوق رأسك، وامض، وضعْه على وجه الميت، وقُلْ له: ليمجَّدك المسيح! وعلى الفور يشفي، وينهض من فوق سريره". وإذ سمع يوسف هذه الكلمات، ومضى راكضاُ ينفَّذ أوامر يسوع، ودخل منزل الميت، ووضع على وجهه الكفن الذي كان يضعه عل رأسه، وقال للميت الذي كان يرقد على سريره: "ليمجَّدْكَ يسوع!" وعلى الفور نهض الميت من فوق سريره. وكان يبحث عمَّنْ كان يسوع.
الإصحاح الحادي والأربعون
شفاء يعقوب ابن يوسف
وخرجوا من كفر ناحوم ليذهبوا إلى مدينة تُدعى بيت لحم، وكان يوسف في بيته مع مريم، ويسوع كان معهما. وذات يوم نادى يوسف إليه ابنه البكر، يعقوب، وأرسله إلى بستان الخضار لجمع خضار من أجل صنع حساء. وتبع يسوع أخاه يعقوب إلى البستان، ولم يكن يوسف ومريم يعلمان بذلك. وفيما كان يعقوب يجمع خضارًا، خرجت أفعى من جحرها ولسعت يد يعقوب، فأخذ يصرخ على أثر الألم العظيم الذي كان يشعر به. وكان يقول بصوت ملؤه المرارة، وهو على وشك الغشيان: "وا أسفاه! وا أسفاه! أن أفعى خبيثة جدًا جرحتني في يدي". فهرع يسوع الذي في جهة أخرى نحو يعقوب، وقد سمع شكواه، وأمسك بيده، ولم يفعل شيئًا آخر سوى أنه نفخ في يد يعقوب وأنعشها. وعلى الفور شفي يعقوب، وماتت الأفعى. وكان يوسف ومريم يجهلان ما حصل، لذا ركضا إلى البستان، وقد سمعا صوت يعقوب وبأمر من يسوع، فوجدا الأفعى ميتة ويعقوب معافي تمامًا.
الإصحاح الثاني والأربعون
يسوع الأوّل إلى المائدة
وعندما كان يوسف يأتي لتناول وجباته مع أبنائه يعقوب، ويوسف، ويوحنا، وسمعان وابنتَيه، كان يسوع ومريم أُمه يجتمعان مع أُختها مريم، ابنة كليوباس، التي أعطاها الربّ الإله لأبيها كليوباس ولحنة، أُمها، لأنهما قدَّما للربّ مريم، أُم يسوع. ومريم دُعيت باسم مريم نفسه لتقوم مقام تعزية لأبويها. وعندما كانوا يجمتعمون، كان يسوع يقدَّسهم ويباركهم، وكان يبدأ أولًا الأكل والشرب. ولم يكن أيٌ منهم يجرؤ على الأكل، والشرب، والجلوس إلى المائدة، وكسر الخبز، إلى أن يكون قد فعل أولًا هذه الأمور، مقدَّسًا إياهم. وإذا كان غائبًا صدفةً، كانوا ينتظرون إلى أن يكون قد فعل ذلك. وحين لا يريد المشاركة في الطعام، لم يكن يوسف، ومريم، وإخوته أبناء يوسف يشاركون فيه. وكان إخوته وحياته أمام أعينهم كمشاعل، يراقبونه ويخشَونه. وحين كان يسوع ينام، سواء نهارًا، وسواء خلال الليل، كان نور الله يسطع عليه. له كلّ تسبيح ومجد إلى أبد إلى الآبدين! آمين، آمين.

التعديل الأخير تم بواسطة Mary Naeem ; 04 - 05 - 2014 الساعة 03:37 PM
  رد مع اقتباس
قديم 05 - 05 - 2014, 04:29 PM   رقم المشاركة : ( 53 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,942

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب ابو كريفا العهد الجديد: كيف كُتِبَت؟ ولماذا رفضتها الكنيسة؟

إنجيل الطفولة العربي

وهو كتاب عربي كتبه مجموعة من المؤلفين. وقد نشر أولًا باللغة العربية مع ترجمة لاتينية في 1697م، ولكن أصله السرياني واضح من ذكر عصر الإسكندر الأكبر في الإصحاح الثاني، ومن معرفة الكاتب بالعلوم الشرقية، ومن معرفة الصبي يسوع وهو في مصر بالفلك والطبيعيات. ويرجع انتشار استخدام هذا الإنجيل المنحول عند العرب والمصريين قديمًا إلى أن أهم المعجزات المذكورة فيه يفترض أنها حدثت في أثناء وجوده في مصر. ويقول هذا الإنجيل المنحول (أصحاح 7) أن المجوس قاموا برحلتهم إلى بيت لحم بناء على نبوة لزرادشت عن ولادة المسيا.

كتاب ابو كريفا العهد الجديد: كيف كُتِبَت؟ ولماذا رفضتها الكنيسة؟
ويتكون هذا الكتاب، إنجيل الطفولة العربي، من ثلاثة أجزاء:
(1) ميلاد الطفل يسوع وهو مبني على إنجيلي متى ولوقا القانونيين إلى جانب إنجيل يعقوب التمهيدي.
(2) معجزات يفترض أنها حدثت أثناء الرحلة إلى مصر، وهي مبنية على تقاليد محلية قديمة، تقوم العذراء فيها بالدور الرئيسي.
(3) معجزات للطفل يسوع، مبنية على إنجيل الطفولة لتوما الإسرائيلي.
كما يتضمَّن القسم الأوسط منه قصص من عدة أساطير شرقية مثيرة ويرى الكثير من العلماء أن لغته الأساسية هي السريانية وترجم منه إلى العربية في ثلاث روايات. الشخصية الرئيسية فيه هي السيدة مريم لا يسوع، وكان هذا الكتاب واسع الانتشار في شبه الجزيرة العربية وكانت قصصه منتشرة بين المسيحيين العرب بشكل واضح ومؤثر جدا لدرجة أنه تم نقل القصص المروية منه كروايات ليس لطفولة المسيح فحسب بل أن ما ذكر فيه عن معجزات لطفولة المسيح صارت هي معجزات المسيح الرئيسية عند البعض، مثل خلق طير من طين وغيرها.
  رد مع اقتباس
قديم 05 - 05 - 2014, 04:32 PM   رقم المشاركة : ( 54 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,942

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب ابو كريفا العهد الجديد: كيف كُتِبَت؟ ولماذا رفضتها الكنيسة؟

نص إنجيل الطفولة العربي المنحول

"باسم الآب، والابن، والروح القدس، الإله الواحد.
نبدأ بمعونة الله العليّ القدير ومساعدته، كتابة معجزات مخلَّصنا، وربنا يسوع المسيح، المدعو إنجيل الطفولة، في سلام الرب. آمين.
(1) يسوع تكلَّم في المزود:
نجد في كتاب رئيس الكهنة يوسف في زمن يسوع المسيح (ويدعوه البعض قيافا)، حيث يقول أن يسوع تكلَّم حين كان موضوعًا في مزوده وقال لأٌمه السيدة مريم: أنا الذي ولدته، أنا يسوع، ابن الله، الكلمة، كما أعلن لك الملاك جبرائيل، وأن أبي أرسلني لخلاص العالم.
(2) زمن السيدة مريم يحلّ:
في السنة 304 من تاريخ الإسكندر، أصدر أغسطس أمرًا بأن يتم تسجيل كلّ واحد في مدينة مولده. فقام يوسف إذًا واخذ السيدة مريم خطيبته، وأتى إلى أُورشليم، وأتى إلى بيت لحم ليسجل مع عائلته قي المكان الذي وُلد فيه، وعندما وصلا إلى قرب مغارة، قالت السيدة مريم ليوسف أن زمن ولادتها حلَّ وأنها لا تستطيع الذهاب حتى المدينة. "وقالت، لنذهب إلى هذه المغارة". وكانت الشمس في لحظة الغياب. فأسرع يوسف في طلب امرأة لتكون بالقرب منها، والتقى بامرأة إسرائيلية عجوز كانت آتية من أُورشليم، فقال لها تعالي يا عزيزتي المرأة: "أُدخلي هذه المغارة حيث تجدين امرأة في لحظة وضعها".
3 - المغارة ساطعة بنور فائق:
وبعد غياب الشمس، وصل يوسف مع المرأة العجوز إلى المغارة ودخلا. فإذا بالمغارة ممتلئة بأنوار أكثر جمالا من نور المصابيح والشموع وأكثر روعة من نور الشمس. وكان الطفل، ملفوفًا بأقمطة وراقدًا في مذود، يرضع من ثدي السيدة مريم أمه. وظل الاثنان مصعوقَين دهشةً لمرأى ذلك النور، وسئلت العجوز السيدة مريم: "أأنت أٌم هذا الطفل؟" وإذ أجابت السيدة مريم بالإيجاب، قالت لها العجوز: "أنت لا تشبهين بنات حواء"، وردَّت السيدة مريم: "كما أن ليس هناك أحد بين بني البشر شبيهًا بابني، كذلك أُمه لا نظير لها يبن كل النساء". وعندئذ قالت المرأة العجوز: "يا سيَّدتي، أتيت لأتلقى عطية تدوم إلى الأبد". فأجابتها سيدتنا السيدة مريم: "ضعي يديك على الطفل". وعندما فعلت المرأة العجوز ذلك، شفيت على الفور، وحين خرجت، كانت تقول: "منذ هذه اللحظة، سأكون أمَةَ هذا الطفل، وسأنذرَ نفسي لخدمته كلّ أيام حياتي".
4 - الاحتفال بمجد الله:
كتاب ابو كريفا العهد الجديد: كيف كُتِبَت؟ ولماذا رفضتها الكنيسة؟

وجاء الرعاة وعندما أشعلوا النار، وكانوا مبتهجين بدرجة عظيمة، ظهر لهم جنود السموات، يسبحون ويمجدون الله العلي، وعندما كان الرعاة يسبحون مثلهم صارت المغارة في ذلك الوقت مثل هيكل في العالم العلوي، حيث كان الملوك السماويون والأرضيون يحتفلون بمجد الله ومدائحه لأجل ميلاد الربّ يسوع المسيح. ولما رأت المرأة العجوز الإسرائيلية هذه الآيات الباهرة حمدت الله، قائلةً: "أشكرك، يا إله إسرائيل، لأن عينَي رأتا ميلاد مخلَّص العالم".
5 - زمن الختان:
وعندما حل زمن الختان، أي اليوم الثامن، وهو الفترة التي يجب أن يُختَن فيها الوليد، بحسب الناموس، ختناه في المغارة، وأخذت المرأة العجوز الإسرائيلية قطعة الجلد (أو بحسب آخرين، حبل الوليد)، ووضعتها في إناء من المرمر ملئ زيت نادرين عتيق. وكان لها ابن يتاجر بالعطور، فأعطته ذلك الإناء، وهي تقول: "لا تبيع هذا الإناء المليء من عطر نادرين، حتى لو عرضوا عليك فيه ثلاثمائة دينار". هذا هو الإناء الذي اشترته السيدة مريم الخاطئة وسكبته على رأس ربنا يسوع المسيح وقدمَيه، ماسحةً إياهما بشعرها. وبعد عشرة أيام من ميلاده، حملا الطفل إلى أُورشليم وعند مرور أربعين يوم على ميلاده، حملاه إلى الهيكل ووضعاه أمام الرب، وقدموا عنه الذبائح التي أمرت بها شريعة موسى، حيث قيل: "كل طفل ذكر يفتح رحم يُدعى قدوس الله".
6 - سمعان الشيخ والطفل:
ورأى سمعان الشيخ الطفل يسوع ساطعًا ضياءً مثل عمود نور وعندما كانت السيدة مريم أمه العذراء تحمله بين ذراعَيها وتشعر بفرح شديد، كان جمع من الملائكة يشكَّل دائرة حوله، مسبَّحًا بحمده ومرافقًا له، كما يقف حراس الدنيا إلى جوار الملك. واقترب سمعان بسرعة من سمعان من السيدة مريم باسطًا ذراعيه أمامها وهو يقول للربّ يسوع، مقتربًا بمسارعة من السيدة مريم وباسطًا يدَيه نحوها: "الآن يا ربّ، تطلق عبدك، حسب قولك، بسلام، لأن عيني رأتا خلاصك الذي أعددته لكل الشعوب نورا لكل الأمم ومجدا لشعبك إسرائيل". وكانت حنة النبيَّة حاضرةً أيضًا، فشكرت الله، ودعت السيدة مريم بالمباركة.
7 - قدوم المجوس:
وحدث عندما ولد الربّ يسوع في بيت لحم اليهودية، في زمن الملك هيردوس، جاء مجوس من المشرق إلى أُورشليم، كما تنبَّأ بذلك زرادشت، وكانوا يحملون معهم هدايا، ذهبًا ولبانًا ومرًّا، وسجدوا للطفل وقدموا له هداياهم. ثم أخذت السيدة مريم إحدى قطع القماش التي كان ملفوفًا بها الطفل وأعطتها المجوس الذين تقبَّلوها عطيَّةَّ لا متناهية القيمة. وفي تلك الساعة بالذات، ظهر لهم ملاك في هيئة نجم سبق أن أهداهم، فمضَوا مستنيرين بنوره إلى أن عادوا إلى وطنهم.
8 - "هذا هو الحق":
وجاء إليهم الملوك والأمراء إلى التحلُّق وسألوهم عما رأَوه وعما فعلوه، وكيف ذهبوا وكيف عادوا، وماذا احضروا معهم. فأراهم المجوس قطعة القماش التي أعطتهم إياها السيدة مريم؛ ثم أحيَوا احتفالًا، وأشعلوا نارًا بحسب عادتهم، وسجدوا لقطعة القماش تلك، ورمَوا بقطعة القماش تلك في النيران، فأحاطت بها النيران. وإذ خمدت النار، سحبوا منها قطعة القماش كاملةً ورأَوا أن النيران لم تترك عليها أي أثر. وعندئذ اخذوا يقبَّلونها ويضعونها على رؤوسهم وعيونهم، قائلين: "هذا هو الحق بالتأكيد! ما هو إذًا ثمن هذا الشيء الذي لم تستطع النار التهامه، ولا إتلافه؟" وإذ التقطوه، وضعوه بإجلال عظيم في خزائنهم.
9 - هروب العائلة إلى مصر:
وجمع هيرودس الكهنة والعلماء، وقد لاحظ أن المجوس لم يعودوا إليه، وقال لهم: "أعلموني أين يجب أن يولد المسيح". وعندما أجابوه بان ذلك في بيت لحم، مدينة اليهودية، بدأ هيرودس يدبَّر قي فكره قتل الربّ يسوع. عندما ظهر ملاك ليوسف في نومه، وقال له: "قُمْ، خُذ الطفل وأٌمه، واهرُبْ إلى مصر". وعند صياح الديك، قام يوسف ومضى.
10 - سقوط الأوثان:
وفيما كان يفكّر في الطريق التي يجب أن يسلك فيها، حلَّ النهار، بعد أن سلك طريق قليلة جدًا. وكان يقترب من مدينة كبيرة كان بها وثن تقدم له الأوثان الأخرى والآلهة المصرية عطايا ونذور، وكان يقف أمام هذا الوثن كاهن يخدمه حيث كان شيطان مارد غالبا ما يكلمه من هذا الوثن، ويخبره عن سكان مصر وأراضيهم. وكان لهذا الكاهن ابنا في الثالثة من عمره يسيطر عليه عدد كبير من الشياطين؛ وكان يتنبَّأ ويعلن أشياء كثيرة، وحين كانت الشياطين تسيطر عليه، كان يمزَّق ثيابه، ويركض عاريًا تمامًا في المدينة، راشقًا الناس بالحجارة. وكان مأوى تلك المدينة قرب ذلك الوثن؛ وعندما وصل يوسف والسيدة مريم وحلا في ذلك المأوى، استولى الذعر على السكان، وتحلَّق الأمراء وكهنة الأوثان كلّهم حول ذلك الوثن، سائلينه: "من أين هذا الذعر العام، وما هو سبب هذا الهلع الذي استولى على بلادنا؟" فأجاب الوثن: "هذا الرعب حمله إله مجهول هو الإله الحقيقي، وليس احد سواه يليق به التكريم الإلهي، فهو ابن الله الحق. وعند اقترابه زلزلت هذا الأرض، وصدمت وارتعبت، ونحن نشعر بخوف عظيم بسبب سلطانه". وفي تلك اللحظة سقط ذلك الوثن وتحطَّم وكذلك الأوثان الأخرى التي كانت في البلاد، ودفع سقوطها سكان مصر كلّهم إلى الهلع.
11 - شفاء شخص به مس شيطاني:
لكن ابن الكاهن، حين هاجمه الشر الذي كان عرضةً له، دخل مأوى، وكان يشتم يوسف والسيدة مريم، والآخرون كلّهم هربوا؛ وفيما كانت السيدة مريم تغسل أقمطة الربّ يسوع، وتعلَّقها على عصا طويلة، أخذ شخص به مس شيطاني أحد تلك الأقطمة ووضعه على رأسه، فشوهدت غربان وحيتان تبتعد. وشفي الطفل حالًا بقدرة الرب يسوع المسيح، وأخذ يُنشد تسابيح للربّ الذي خلَّصه ويقدَّم إلف حمد لله. وحين رأى أبوه انه شفي، صاح وهو ملئ بالإعجاب: "يا بُنَيَّ، ماذا حدث لك، وكيف شفيت؟" فأجاب الابن: "حين كانت الشياطين تعذَّبني، دخلت مأوى، فوجدت هناك امرأة عظمية البهاء كانت مع طفل، وكانت تعلَّق على عصا طويلة أقطمة غسلتها؛ فأخذت واحدًا منها ووضعته على رأسي فهربت الشياطين على الفور وتركتني". فامتلأ الأب فرحًا وصاح: "يا بُنَيَّ، قد يكون هذا الطفل ابن الله الحي الذي خلق السماء والأرض، وما أن مرَّ قربنا، حتى تحطَّم الوثن، وسقطت تماثيل كلّ آلهتنا، ودمَّرتها قوة تفوق قوتها".
12 – خوف يوسف ومريم من المصريين:
وهكذا تمت النبوّة القائلة: "من مصر دعوت ابني". ولما علم يوسف والسيدة مريم أن ذلك الوثن انقلب وتحطَّم، استولى عليهما خوف وهلع، وقالا لبعضهما البعض: "حين كنا في ارض إسرائيل، أراد هيرودس إهلاك يسوع، ولذا أمر بقتل كلّ أطفال بيت لحم وجوارها، ونخشى أن يُحرقنا المصريون أحياءَ تمامًا، لأنهم علموا أن ذلك الوثن سقط.
13 - ارتعب اللصوص وهروبهم:
ثم رحلا وصلا إلى قرب مأوى لصوص كانوا يجرَّدون المسافرين الذين كانوا يمرّون قربهم من ثيابهم وحوائجهم ويجرّونهم بعد أن يوثقوهم بالقيود. فسمع هؤلاء اللصوص ضجة عظيمة شبيهة بالتي لموكب ملك خارج من عاصمته على صوت الآلات الموسيقية، يحرسه جيش عظيم ومركبات كثيرة، وعندئذ تركوا هناك في ذعرهم كلّ غنيمتهم وسارعوا في الهروب. وعندما نهض الأسرى، وحطموا قيود بعضهم البعض وهمُّوا بالابتعاد، بع أن استعادوا أمتعتهم، وعندما رأوا يوسف والسيدة مريم يقتربان، سألوهما: "أين هو الملك الذي أرعب موكبه، بجَلْجَلَته، اللصوص حتى هربوا ونجونا؟" فأجاب يوسف: "انه يتبعنا".
14 - شفاء امرأة شيطانية:
تم أتيا إلى مدينة أخرى كان فيها امرأة بها مس شيطاني، عندما كانت تذهب لاستقاء الماء خلال الليل، تسيطر عليها الروح العاصية والنجسة. ولم تكن تستطيع احتمال أي لباس، ولا السكن في أي منزل، وفي كلّ المرات التي كانوا يوثقونها بقيود أو بسلاسل، كانت تحطَّمها وتهرب عارية إلى الأماكن القفر؛ وكانت تقف على الطرق وقرب القبور، وتلاحق مَنْ تصادفهم بالحجارة، حتى كانت سبب حزن شديد لأهلها مبعث. ورأتها السيدة مريم، فأدركتها الرحمة، وعلى الفور فارق الشيطان تلك المرأة، وهرب في هيئة شاب، وهو يقول: "الويل لي بسببك، يا مريم، وبسبب ابنك!" وحين تخلّصت تلك المرأة مما كان يسبَّب عذاباتها، نظرت حولها، وخجلت من عريها، وذهبت نحو أهلها، هاربةً من مرأى الناس، وبعدما ارتدت ثيابها، روت لأبيها وأهلها ما حدث لها، وكانوا في عداد السكان الأرقى في المدينة، فاستضافوا عندهم يوسف والسيدة مريم، مبدين لهما احترامًا عظميًا.
15 - شفاء بكماء:
وفي الغد، انطلق يوسف والسيدة مريم، وفي المساء وصلا إلى مدينة أخرى حيث كان يُحتفَل بعرس؛ ولكن، بسبب مكائد الشيطان الملعون وتعازيم بعض السَّحرة، كانت الزوجة قد صارت بكماء، حتى أنها لم تعد تستطيع فتح فمها. وحين دخلت السيدة مريم حاملةً في ذراعَيها ابنها، الربّ يسوع، لمحتها تلك المرأة التي فقدت النطق وعلى الفور بسطت يدَيها نحو يسوع، وحملته في ذراعيها وضمَّته إلى صدرها وأشبعته ملاطفةً. وعلى الفور تحطَّم الوثاق الذي كان يلجم لسانها وانفتحت أُذناها، وبدأت تمجَّد الله الذي شفاها وتشكره. وكان هناك تلك الليلة فرح عظيم بين سكان تلك المدينة، لأنهم كانوا يعتقدون بأن الله وملائكته نزلوا بينهم.
16 - طرد الروح الملعونة:
وأمضى يوسف والسيدة مريم ثلاثة أيام في ذلك الموضع، حيث احتُرمهما الناس كثيرًا وعاملوهما بعظمة. وإذ كانا مزوَّدين بمؤونة لسفرهما، رحلا وذهبا إلى مدينة أخرى، ولما كانت مزدهرة وآهلة، أرادا قضاء الليل فيها. وكان في تلك المدينة امرأة نبيلة، وعندما كانت تنزل ذات يوم إلى النهر لتغتسل، أنقضت عليها الروح الملعونة، وظهرت لها في هيئة حيَّة، والتفَّت حول بطنها، وكانت كلّ ليلة تتمدَّد عليها. وعندما رأت تلك المرأة، وهي على هذا الحال، السيدة مريم والربّ يسوع الذي كانت تحمله إلى صدرها، توسلت إلى العذراء القديسة أن تسمح لها بحمل ذلك الطفل وتقبيله. فوافقت السيدة مريم على ذلك، وما أن لمست تلك المرأة الطفل، حتى فارقها الشيطان وهرب، ومنذ ذلك الوقت لم تراه تلك المرأة ثانيةً. وسبَّح كلّ الجيران الربّ وكافأتهم تلك المرأة بسخاء كبير.
17 - شفاء برصاء:
وفي الغد، أخذت تلك المرأة نفسها ماءً عَطرًا لغسل الطفل يسوع، وبعد غسله، احتفظت بذلك الماء. وكانت هناك صبيَّة جسدها مكسو برصًا أبيض؛ فاغتسلت بذلك الماء، وشفيت حالًا. وكان الشعب يقول: "لا شك في أن يوسف والسيدة مريم وهذا الطفل هم آلهة، فلا يمكن أن يكونوا بشرًا عاديين". وحينما تهيَّأ للرحيل، اقتربت منهما تلك الفتاة، التي شفيت من البرص، ورجتهما أن يسمحا لها بمرافقتهما.
18 - شفاء طفل أبرص:
ووافقا على ذلك فذهبت معهما ووصلوا إلى مدينة حيث قصر أمير جبّار، ولم يكن ذلك القصر بعيدًا عن مأوى. فقصدوه، وعندما اقتربت الصبيَّة من زوجة الأمير، وجدتها حزينةً وتزرف الدموع؛ وعندما سألتها عن سبب كآبتها. أجابتها هذه الأخيرة: "لا تدهشي لرؤيتي مستسلمةً للأسى؛ فأنا فريسة مصيبة عظيمة لا أجرؤ على روايتها لأي إنسان". وردَّت الصبيَّة سريعًا: "إذا اعترفت لي بما هو مصابك، فربما تجدين له عندي الدواء". فقالت لها امرأة الأمير: "لا تبوحي بهذا السر لأحد. لقد تزوجت أميرًا يمتد سلطانه، مثل سلطان ملك على أقطار واسعة، وبعدما عشت معه طويلًا، لم يُرزَق مني بأي نسل. وأخيرًا حبلت، لكنني وضعتُ طفلًا أبرصَ؛ وبعدما رآه، لم يشأ الاعتراف به من صُلبه، وقال لي: "أُقتلي هذا الطفل أو أعطه لمرضعة تربَّية في موضع بعيد حتى لا يسمع به أبدًا. واستردي مالك، لأنني لن أراك ثانية أبدًا". لهذا استسلم للألم نائحة على المصبية التي أصابتني، وأبكي زوجي وطفلي". فأجابتها الصبية: "ألَمْ أقل لك أن عندي حقًا الدواء الذي وعدتك به؟" أنا أيضًا أُصبت بالبرص، لكنني شفيت بفضل من الله، الذي هو يسوع، ابن السيدة مريم". وعندما سألتها المرأة أين هو ذلك الإله الذي تتحدَّثين عنه، أجابت الصبيَّة: "انه في هذا المنزل بالذات حيث نحن. فردَّت الأميرة سريعًا: وكيف يمكن أن يحدث ذلك، أين هو؟". فأجابتها الصبيَّة: "ها هما يوسف والسيدة مريم، والطفل الذي معهما هو يسوع، وهو الذي شفاني من آلامي. فقالت المرأة وبأي وسيلة، استطاع شفاءك؟" ألَنْ تقولي لي ذلك؟" فأجابت الصبيَّة: "لقد أخذت من أُمه ماءً أغتسل به وسكبته على جسدي فاختفي برصي". وهنا نهضت زوجة الأمير واستقبلت يوسف والسيدة مريم في بيتها، وأعَدَّت لهما وليمة رائعة دُعي إليها جمع غفير. وفي الغد، أخذت ماءً عطرًا لتغسل الربّ يسوع، وغسلت بالماء نفسه ابنها الذي حملته معها، وعلى الفور شفي ابنها من برصه. وعندئذ أخذت تُنشد تسابيح الله، وتحمده قائلة: "طوبى للأُم التي ولدتك، يا يسوع! أن الماء الذي رش به جسدك يشفي البشر الذين هم من أبناء جنسك". وقدمت للسيدة مريم هدايا نفيسة وصرفتها معاملةً إياها بإجلال عظيم.
19 - زوال سحر عن زوج:
ثم جاءا إلى مدينة أخرى كان عليهما قضاء الليل فيها. وذهبا إلى عند رجل كان متزوَّجًا منذ حين، لكنه، لم يكن يستطيع التمتُّع بامرأته بسبب إصابته برقُية مؤذية؛ لكنّهما حين أمضيا الليل بالقرب منه، زال السحر. وحين طلع النهار، تمنطقا لاستئناف المسير، لكن الزوج منعهما من ذلك وأعد لهما وليمة كبرى.
20 - مأساة ثلاث نساء:
وفي الغد رحلا، وفيما كانا يقتربان من مدينة أخرى، رأيا ثلاث نساء يبتعدن عن قبر وهن يذرفن دموعاُ غزيرة. ولما لمحتهن السيدة مريم قالت للصبية التي كانت ترافقهما: "إسأليهن من هن وما هو المصاب الذي حل بهن". لكنهن لم يقدمن جوابًا على السؤال الذي طرحته عليهن الصبية، بل أخذن يسألنهم من جهتهن، قائلات: "من أنتم، وإلى أين تذهبون؟ فالنهار يميل والليل يتقدَّم". فأجابت الصبيَّة: "نحن مسافرون ونبحث عن مأوى نقضي فيه الليل". فرددن سريعًا: "رافقونا وامضوا الليل عندنا". وتبعوا أولئك النساء، ودخلوا منزلًا جديدًا، مزينًا ومجهزًا بأثاث مختلف. وكان ذلك في موسم الشتاء، ولما دخلت الصبية غرفة أولئك النساء، وجدتهن لا يزلن يبكين وينحن، وكان إلى جانبهن بغل، مكسو بغطاء حريري، وموضوع أمامه عَلَف، وكن يُطعمنه ويقبَّلنه. عندها قالت الصبية: "آه يا معلَّمتي، كم هو جميل هذا البغل"، فأجبن باكيات: "هذا البغل الذي ترينه هو أخونا، وولد من أمنا نفسها. لقد ترك لنا أبونا ثروات طائلة ولم يكن لنا سوى هذا الأخ الوحيد الذي كنا نسعى إلى تأمين زواج مناسب له. لكن هناك نساء تسيطر عليهن روح الحسد رمَينه بسحر، بغير علمنا، وذات ليلة، قبل بزوغ النهار بقليل، وأبواب منزلنا مُقفلة، وجدنا أخانا وقد تحول إلى بغل وكما ترينه الآن. فلبثنا مستسلمات للحزن، إذ لم يعد لدينا أبونا ليعزَّينا؛ واستشرنا كلّ العلماء في العالم وكلّ الرُّقاة وكلّ السَّحرة ولجأنا إلى الجميع، ولم يستطع واحد منهم أن يفعل شيئًا من أجلنا. لذا، في كلّ المرات التي يعتصر الحزن قلوبنا، ننهض ونمضي مع أُمنا هذه، إلى قبر أبينا، وبعد أن نبكى هناك، نعود".
21 - عودة الشباب إلى طبيعته:
وعندما سمعت الصبيَّة هذه الأمور قالت: "تشجَّعن وتوقفن عن البكاء، فدواء آلامكن قريب، وهو معكن وفي وسط مسكنكن؛ لقد كنت برصاء، لكنني بعدما رأيت هذه المرأة وهذا الطفل الصغير الذي معها والذي يُسَمى يسوع، وبعدها سكبتُ على جسدي الماء الذي غسلته أُمه به، شفيت. إنني أعلم أيضًا انه يستطيع وضع حد لمصابكن؛ إنهضن، واقتربن من السيدة مريم، وبعد مرافقتها إلى عندكن، بحن لها بالسر الذي أفصحتن لي عنه، متوسَّلات إليها الرأفة بكن". وعندما سمعت أولئك النساء كلمات الصبيَّة هذه، سارعن إلى الذهاب إلى جوار السيدة مريم واصطحبنها إلى عندهن وقلن لها باكيات: "يا سيدة مريم، معلَّمتنا، ارحمي خادماتك، فعائلتنا محرومة من ربَّها وليس لدينا أب أو أخ أو من يخرج أمامنا. هذا البغل الذي ترينه هو أخونا، وقد حوّلته نساء، برُقاها المؤذية، إلى هذا الحال. نرجوك إذًا أن ترأفي بنا". وعندئذ رفعت السيدة مريم الطفل يسوع، وقد أدركتها الرحمة، ووضعته على ظهر البغل وكانت تبكي، كما النساء، قالت: "واأسفاه! يا بُنَيَّ إشف هذا البغل بتأثير من سلطانك العظيم واجعَلْ هذا الرجل يستعيد العقل الذي حُرمَه". وما كادت هذه الكلمات تخرج من فم السيدة مريم حتى استردَّ البغل على الفور الشكل البشري وظهر بقسمات شاب جميل، ولم يبقَ أي تشوُّه. وهو، وأُمه وأُختاه سجدوا للسيدة مريم، ورافعين الطفل فوق رؤوسهم، قبَّلوه قائلين: "طوبى لأمك، يا يسوع، ملَّخص العالم! طوبى للعيون التي تتمتَّع بسعادة حضورك".
22 - عرس وفرح:
وقالت الأُختان لأُمها: "أن أخانا استردَّ شكله الأول، بفضل تدخٌّل الربّ يسوع والمشورة
الطيبة لهذه الصبيَّة التي نصحتنا باللجوء إلى السيدة مريم وابنها. والآن، بما أن أخانا ليس متزوَّجًا، نرى أن من المناسب أن يتزوَّج هذه الصبيَّة". وعندما قدَّمن هذا الطلب ووافقت عليه، أعددن لهذا العرس عدَّة رائعة، وتحوَّل الألم فرحًا وحلَّ الضحك مكان البكاء، ولم يفعلن سوى الابتهاج والغناء في شدَّة رضاهن، متحلَّيات بثياب بديعة وحليّ ثمينة. وكن في الوقت نفسه يسبَّحن الله، قائلات: "يا يسوع، يا ابن الله، الذي حوَّل حزننا رضىً ونحيبنا صيحات حبور!" ومكث يوسف والسيدة مريم عشرة أيام في ذلك الموضع؛ ثم رحلا مفعمَين بآيات احترام كلّ تلك العائلة، التي بعدما ودَّعتها، عادت باكيةً، والصبيَّة خصوصًا ذرفت دعومًا.
23 - لصّا اليمين والشمال:
ثم وصلا إلى قرب صحراء، وإذ قيل لهما أن لصوصًا يعيثون فيها فسادًا، استعدًا لعبورها خلال الليل. وإذ بهما يلمحان فجأة لصَّين نائمين وقربهما مجموعة من اللصوص الآخرين كانوا رفاق هذَين الرجلَين، وكانوا أيضًا غارقين في النوم. وكان اسم هذَين اللصَّين تيطوس ودوماخوس. وعندئذ، قال الأول للآخر: "أرجوك أن تدع هذَين المسافرَين يذهبان في سلام، خوفًا من أن يلمحهما رفاقنا". وإذ رفض دوماخوس ذلك له تيطوس: "إقبَلْ مني أربعين دراخمة وخُذْ حزامي رهنًا". وقدَّمه له في الوقت نفسه، راجيًا إياه ألا ينادي وألا يُطلق الإنذار. وقالت السيدة مريم لهذا اللص؛ وقد رأته مستعدًا جدًا لتأدية خدمة لهما: "ليحمك الله بيمينه ويمنحك مغفرة خطاياك". وقال الربّ يسوع للسيدة مريم: "بعد ثلاثين عامًا، يا أُمي، سيصلبني اليهود في أُورشليم، وهذان اللصان سيُعلقان على خشبة إلى جانبَيَّ، تيطوس إلى يميني ودوماخوس إلى شمالي، وذلك اليوم سيتقدَّمني تيطوس إلى الفردوس". وعندما تكلَّم هكذا، أجابته أُمه: "ليبعد الله عنك مصابًا كهذا يا بُنَي" ورحلا من ثمَّ تجاه مدينة مليئة بالأوثان، وعندما كانا يقتربان منها، استحالت كومة رمل.
24 - تفجُّر نبع في المطرية:
ثم أتيا شجرة جمَّيز تًدعى اليوم مَطَريَّة، ففجَّر الربّ يسوع في ذلك الموضع نبعًا غسلت فيه السيدة مريم قميصها. والبلسم الذي ينُتجه ذلك البلد آت من العَرَق الذي سال من أطراف يسوع.
25 - لقاء فرعون:
وعندئذ قصدًا ممفيس، وبعدما لقيا فرعون، مكثا ثلاثة أعوام في مصر، وصنع الربّ يسوع هناك كثيرًا من الآيات، غير المدوَّنة في انجيل الطفولة ولا في الإنجيل الكامل.
26 - العودة إلى اليهودية:
وبعد ثلاثة أعوام غادرا مصر، وعادا إلى اليهودية، وعندما أصبحا قريبَين منها خشي يوسف دخولها، لأنه علم للتو أن هيرودس مات وخلفه ابنه أرخيلاوس؛ لكن ملاك الله ظهر له وقال: "يا يوسف، إمض إلى مدينة الناصرة وأقمْ فيها مسكنك".
27 - أمراض بيت لحم:
وعندما وصلا إلى بيت لحم، ظهرت هناك أمراض خطيرة وصعبة الشفاء، كانت تضرب عيون الأطفال ويموت بها كثيرون. وكان لامرأة ابن على وشك الموت بذلك المرض، فحملته إلى السيدة مريم، فوجدتها تحمي (تغسل) الربّ يسوع. فقالت هذه المرأة: "أيتها السيدة مريم، أُنظري ابني الذي يتألم بمرارة". ولما سمعتها السيدة مريم قالت لها: "خُذي قليلًا من هذا الماء الذي غسلت به ابني واسكبيه على ابنك". وصنعت المرأة كما نصحتها السيدة مريم، فنام ابنها، بعدما اضطرب جدًا، وعندما استيقظ، وجد نفسه متعافيًا تمامًا. وذهبت المرأة إلى السيدة مريم وهي ممتلئة فرحًا فقالت لها: "أُحمدي الله لشفائه ابنك".
28 - شفاء طفل ثان:
وكان لهذه المرأة جارة ابنها مصاب بالمرض نفسه وكانت عيناه مغلقتَين تقريبًا؛ وكان يصرخ ويبكى ليل نهار. فقالت لها التي شفي ابنها: "لمَ لا تحملي ابنك إلى السيدة مريم كما حملت إليها ابني عندما كان على وشك الموت، وشفي بهذا الماء الذي استحمَّ به يسوع؟" فذهبت هذه المرأة الثانية أيضًا تأخذ من هذا الماء، وبمجرد أن سكبت منه على ابنها شفي حالا. وجاءت بابنها في صحة تامة إلى السيدة مريم، التي نصحتها بحمد الله وعدم رواية ما حدث له لأحد.
29 - عقوبة الغيرة:
وكان في المدينة نفسها امرأتان متزوَّجان من رجل واحد، ولكلًّ واحدة ابن مريض. وكان اسم واحدة مريم وابنها كَليوباس هذه المرأة قامت وحملت طفلها إلى السيدة مريم، أُم يسوع، وقدَّمت لها عباءة جميلة جدًا، وهي تقول لها: "يا سيدة مريم، أقبلي مني هذا العباءة، وفي المقابل، أعطني أحد أقمطتك". ووافقت السيدة مريم على ذلك وصنعت أُم كليوباس من هذا القماط قيمصًا ألبسته ابنها. فألفي نفسه معافي ومات طفل غريمتها في اليوم نفسه، ونشأت من ذلك اختلافات كبيرة بين هاتَين المرأتَين؛ وكانتا تقومان، كلًّ بدورها، خلال أسبوع، بالأعمال المنزلية، وعندما جاء دور مريم، أم كليوباس، كانت منشغلة بتحمية الفرن للخَبز، وإذ احتاجت إلى طحين، خرجت، تاركة طفلها قرب الفرن. وإذ رأت غريمتها أن الطفل كان وحيدًا، حملته وألقته في الفرن المشتعل وهربت. ولما عادت مريم، كانت دهشتها عظيمة حين رأت طفلها في وسط الفرن حيث كان يضحك، لأن الفرن برد فجأةً، كما لو أنه لم يُحَمَّ أبدأً، وارتابت بان غريمتها رمته هناك. فسحبته منه وحملته إلى العذراء مريم، وروت لها ما حدث. فقالت لها السيدة مريم: "اصمتي، لأنني أخشى عليك إنْ أذعت هذه الأمور". ثم راحت الغريمة تستقي من البئر، وإذ رأت كليوباس يلعب قربها، ولم يكن في الجوار أي مخلوق بشري، حملته وألقته في البئر. ورأى رجال قدموا للتزود بالماء، الطفل جالسًا من دون أي أذى، على صفحة الماء، ولما نزلوا حبالًا، سحبوه ملأهم إعجاب بهذا الطفل إلى حد أنهم أدَّوا له الإكرام نفسه كما لإله. وحملته أُمه باكيةً إلى السيدة مريم وقالت لها: "يا معلَّمتي، أُنظري ما فعلت غريمتي بابني، وكيف أوقعته في البئر. آه! سوف تنتهي من دون شك إلى تسبب موته". فأجابتها: "أن الله يجازي الشر الذي أٌلحق بك". وبعد أيام قليلة، ذهبت الغريمة تستقى من البئر ماءً فأعاق الحبل قدمَيها، بحيث سقطت في البئر، وعندما هُرعوا لنجدتها، وجدوا أنها حطَّمت رأسها. وماتت بطريقة مشؤومة، وتمَّ فيها قول الحكيم: "حفروا بئرًا ورمَوا التراب إلى فوق، لكنهم وقعوا في الحفرة التي حفرها".
30 - شفاء برتلماوس:
وكان لامرأة أخرى من المدينة نفسها طفلان، مريضان كلاهما، واحد مات والآخر على وشك الموت؛ فأخذته على وشك الموت؛ فأخذته أمه بين ذراعَيها وحملته إلى السيدة مريم ذارفة سيلًا من الدموع، وقالت لها: "يا معلَّمتي، تعالي لنجدتي وأشفقي عليَّ؛ كان لي ابنان، وقد فقدت أحدهما وأُعاين الآخر لحظة موته. أُنظري كيف ألتمس رحمة الربّ". وأخذت تصرخ: "يا ربّ، ملؤك الرأفة والرحمة؛ لقد رزقتني ابنَين، واستدعيت أحدهما إليك، فاتُرك لي الآخر على الأقل". فأشفقت عليها السيدة مريم، شاهدةً على ألمها الشديد، وقالت لها: "ضعي طفلك في سرير ابني وغطَّيه بثيابه". وحين وُضع الطفل في السرير إلى جانب يسوع، انفتحت ثانيةً عيناه المطبقتان بالموت، وطلب خبزًا، مناديًا أُمه بصوت عال، وحين زُوَّد منه، أكله. عندها قالت أُمه: "يا سيدة مريم، أعرف أن فضيلة الله تسكنك، إلى حد أن ابنك يشفي الأطفال بمجرد أن يلمسوه". والطفل الذي شفي هكذا هو برتلماوس نفسه المحكي عنه في الإنجيل".
31 - شفاء برصاء:
وكان في الموضع نفسه امرأة برصاء قصدت السيدة مريم، أُم يسوع، وقالت لها: "يا معلَّمتي، أشفقي عليّ". فأجابتها السيدة مريم: "أي عون تطلبين؟ أَذهبٌ أم فضة، أم تريدين الشفاء من برصك؟"، وردّت هذه المرأة سريعًا: "ماذا تستطيعين أن تفعلي من أجلي؟" فقالت لها السيدة مريم: "انتظري قليلًا حتى أكون قد غسلت طفلي ووضعته في سريره". وانتظرت المرأة، وبعدما أرقدته، ناولت السيدة مريم المرأة وعاءً مليئا بالماء الذي غسلت به طفلها، وقالت لها: "خذي قليلًا من هذا، واسكبيه على جسدك". وما أن فعلت المريضة ذلك، حتى وجدت نفسها متعافية، فحمدت الله.
32 - شفاء أميرة:
ثم مضت، بعدما لبثت ثلاثة أيام قرب السيدة مريم، وأتت إلى مدينة كان يقنطها أمير تزوَّج ابنة أمير أخر؛ لكنه عندما رأى امرأته، لمح بين عينَيها آثار البرص، في شكل نجمة، فأعلن أن زواجهما كان باطلًا وغير شرعي. وإذ رأت هذه المرأة الأميرة مستسلمة لليأس، سألتها عن سبب دموعها، فأجابتها الأميرة: "لا تسأليني، فمصابي عظيم إلى درجة لا أستطيع معها البوح به لأحد". وألحت المرأة للإطلاع عليه، قائلةً أنها قد تعرف دواءً ما يوصف له. عندها رأت آثار البرص الظاهرة بين عينَي الأميرة: "أنا أيضًا، قالت، أُصبت بهذا المرض نفسه وقصدت بيت لحم في عمل. وهناك دخلت مغارة حيث رأيت امرأة اسمها السيدة مريم، ولها طفل يّدعى يسوع. فأشفقت عليَّ، إذ رأتني مصابة بالبرص، وأعطتني من الماء الذي غسلت به جسد ابنها. فسكبتُ هذا الماء على جسدي وشفيتُ على الفور". وعندئذ قالت لها الأميرة: "قومي وتعالي معي واريني السيدة مريم". ومضَت إليها حاملةً هدايا نفيسة. وعندما رأتها السيدة مريم، قالت: "لتحلَّ عليك رحمة الربّ يسوع". وأعطتها قليلًا من الماء الذي غسلت فيه طفلها. وبمجرد أن سكبت الأميرة منه عليها، حتى وجدت نفسها متعافية، فحمدت الربّ، كما حمد الرب أيضًا كلّ الحاضرين. وإذ علم الأمير أن امرأته شفيت، استقبلها لديه، وحمد الله محتفلًا بعرس ثان.
33 - صبيَّة يعذَّبها الشيطان:
وكان في المكان نفسه صبيَّة يعذَّبها الشيطان؛ فقد كانت الروح الشريرة تظهر لها في شكل تنين عظيم يريد افتراسها؛ وكان قد امتصَّ كلّ دمها بحيث كانت تشبه جثّة. وفي كلّ المرات التي كان ينقضُّ عليها، كانت تصرخ، وتقول، ضامَّةً يديَها فوق رأسها: "الويل، الويل لي، فما من أحد يمكنه إنقاذي من هذا التنين المريع". وكان أبوها وأُمها وكلّ الذين يحيطون بها، وهم شهود على شقائها، يستسلمون للحزن ويذرفون دموعًا، خصوصًا عندما كانوا يرَونها تبكي وتصيح: "يا أخوتي وأصدقائي، أليس هناك أحد ينقذني من هذا الوحش؟"، وإذ سمعت ابنة الأمير التي شفيت من البرص، صوت هذه الشقيَّة، صعدت إلى سطح قصرها ورأتها، يداها مضمومتان فوق رأسها، ذارفةً دعومًا غزيرة، وكان كلّ الذين يحيطون بها في أسىً عظيم. فسألت عما إذا كانت أُم الشخص الذي به مس شيطاني لا تزال حيَّة. وحين أُجبيت بأن أباها وأُمها كانا كلامها على قيد الحياة، قالت: "استدعوا أُمها إلى". وحين جاءت، سألتها: "أهي ابنتك الشخص الذي به مس شيطاني على هذه الصورة؟"، وإذ أجابت الأٌم بنعم، ذارفةً دعومًا، قالت ابنة الأمير: "لا تبوحي بما سوف أسرُّ به إليك؛ كنت برصاء لكن السيدة مريم، أُم يسوع المسيح، شفتني. إذا أردت أن تكون لابنتك السعادة نفسها، فقوديها إلى بيت لحم، وتوسَّلي بإيمان مساعدة السيدة مريم، واعتقد بأنك ستعودين مملوءةً فرحًا لأن ابنتك ستعود متعافية". فنهضت الأُم على الفور، ومضت، وقصدت السيدة مريم، وعرضت لها الحال التي كانت فيها ابنتها. وبعدما سمعتها، أعطتها قليلًا من الماء الذي غسلت فيه ابنها يسوع، وقالت لها أن تسكبه على جسد التي بها مس شيطاني. ثم أعطتها قطعةً من أقطمة الطفل يسوع، وقالت لها: "خذي هذا وأريه لعدوَّك، في كلّ المرات التي ترينه فيها". وثمَّ صرفها في سلام.
34 - هرب الشيطان:
وعندما عادتا إلى مدينتهما بعد مغادرتهما السيدة مريم، وعندما حلّ الوقت الذي كان فيه الشيطان معتادًا على تعذبيها، ظهر لها في شكل تنين عظيم؛ فاستولى الذعر على الصبيَّة، لمنظره، لكن أُمها قالت لها: "لا تخشي شيئًا، يا ابنتي، دعيه يقترب أكثر منك وأريه قطعة القماش هذه التي أعطتنا إياها السيدة مريم، وسوف نرى ماذا يمكنه أن يفعل". وحين أصبحت الروح الشريرة، التي اتخذت شكل ذلك التنين قريبة جدًا، وضعت المريضة، وهي ترتجف بشدة من الخوف، قطعة القماش على رأسها وبسطتها، وفجأة خرجت منها ألسنة لهب كانت تثب نحو رأس التنين ونحو عينَيه، وسُمع صوت يصرخ: "ماذا يوجد بيني وبينك، يا يسوع، ابن السيدة مريم؟ أين أجد ملاذًا ضدك؟"، وهرب الشيطان برعب، تاركًا تلك الصبيَّة، ومنذ ذالك الوقت لم يعد يظهر لها أبدًا. وهكذا وجدت نفسها وقد شفيت، وحمدت الله معترفة بالجميل، وهكذا أيضًا كلّ الذين كانوا حاضرين عند حدوث هذه الأُعجوبة.
35 - شفاء يهوذا الإسخريوطي:
وكان في تلك المدينة نفسها امرأة أخرى يعذب الشيطان ابنها. وكان اسمه يهوذا، وفي كلّ المرات التي كانت الروح الشريرة تسيطر عليه، كان يسعى إلى عضَّ من هم قربه، ولما كان وحده، كان يعضُّ يدَيه وأطرافه. ولما سمعت أٌم هذا الشقي بالسيدة مريم وابنها يسوع، نهضت، وحملت ابنها إلى السيدة مريم، ممسكةً إياه في ذراعَيها. وأثناء ذلك كان يعقوب ويوسف قد قادا الطفل إلى الخارج ليلعب مع الآخرين، وكانا جالسَين خارج المنزل ويسوع معهما. فاقترب يهوذا أيضًا وجلس إلى يمين يسوع، وحين بدأ الشيطان يثيره كالعادة، سعى إلى عضَّ يسوع، ولما لم يكن يستطيع الوصول إليه، كان يوجَّه إليه ضربات في جنبه الأيمن، بحيث أخذ يسوع يبكي. لكن الشيطان خرج من ذلك الطفل في تلك اللحظة، في هيئة كلب. وذلك الطفل كان يهوذا الإسخريوطي، الذي خان يسوع، والجنب الذي ضربه شقَّه اليهود بطعنة حربة.
36 - يسوع يحرَّك الصور:
وعندما أتمَّ يسوع عامه السابع، كان يلعب يومًا مع أطفال آخرين من عمره، وكانوا يتسلُّون، ويصنعون من التراب المبلول صور حيوانات متنوَّعة، ذئابًا، وحميرًا، وطيورًا، وكان كلُّ واحدًا متباهيًا بعمله، ويجتهد لرفعه فوق مستوى عمل رفاقه. عندها قال يسوع: "أنني آمر الصور التي صنعتها بالسير، فتمشي". ولما سأله الأطفال عما أن كان هو ابن الخالق، أمر الربّ يسوع الصور بالسير فتقدّمت على الفور. وحين كان يأمرها بالعودة، كانت تعود. وقد صنع صور طيور وعصافير دوريّ كانت تطير حين يأمرها بالطيران وتتوقّف حين يقول لها أن تتوقَّف، وحين كان يقّدم لها شرابًا وطعامًا، كانت تأكل وتشرب. وحين غادر الأطفال، وروَوا لأهلهم ما رأوا، قال لهم هؤلاء: "ابتعدوا من الآن فصاعدًا عن مجلسه، فهو ساحر، وكفوا عن اللعب معه".
37 - معجزة صبغ الأقمشة:
وذات يوم والربّ يسوع يلعب ويركض مع الأطفال الآخرين، مرَّ أمام دكان صبّاغ اسمه سالم؛ وكان في ذلك الدكان أقمشة ملك لعدد كبير من سكان المدينة، وكان سالم يستعد لصبغها بألوان متنوّعة. ولما دخل يسوع ذلك الدكان، تناول كلّ تلك ورماها في حوض ممتلئ بالنيلة (صبغة زرقاء). ولما رأى سالم الأقمشة تالفةً اخذ يصرخ، ويُطلق صيحات ويوبَّخ يسوع، قائلًا: "ماذا فعلت، يا ابن السيدة مريم؟ لقد آذيتني أنا ومواطنيّ؛ فقد كان كلّ واحد يطلب لونًا مختلفًا، وأنت جئت بغتةً، وأتلفت كلّ شئ". فأجاب الربّ يسوع: "أي قطعة قماش تريد تغيير لونها، أغيَّره". وراح على الفور يسحب الأقمشة من حوض النيلة، وكان كلّ منها مصبوغًا باللون الذي يرغب فيه الصبَّاغ. فعظَّم اليهود، شهود هذه المعجزة، قدرة الله.
38 - يسوع يساعد يوسف:
وكان يوسف يجوب المدينة كلّها، مصطحبًا معه الربّ يسوع، وكانوا يدعونه لصنع أبواب، أو غرابيل، أو خزائن، وكان الربّ يسوع معه في كلّ مكان. وفي كلّ المرات التي كان يجب أن يكون العمل الذي يقوم به يوسف أطول أو أقصر، أو أعرض أو أضيق، كان الربّ يسوع يبسط يده، فيغدو الشيء على الفور كما اشتهاه يوسف، بحيث انه لم يكن يحتاج إلى تهذيب شيء بيده.
39 - عرش الملك:
كان يوسف ماهرًا في مهنته. وذات يوم، استدعاه ملك أُورشليم وقال له: "أُريد، يا يوسف، أن تصنع لي عرشًا بحسب قياس الموضع الذي اعتدت الجلوس فيه". فأطاع يوسف، وبدأ العمل على الفور، ثم أمضى عامَين في القصر لصنع ذلك العرش. وعندما وضع العرش في المكان الذي يجب أن يكون فيه، تبيَّن نقص طولَين في القياس المحدَّد من كل جهة. عندها غضب الملك على يوسف، الذي لم يستطع الأكل ونام صائمًا، خائفًا حنق الملك. ولما سأله الربّ يسوع عن سبب خشيته، أجاب: "أن العمل الذي اشتغلت عليه عامَين كاملَين ضاع". فأجابه الربّ يسوع: "كٌفَّ عن خوفك ولا تيأس؛ خُذ هذه الجهة من العرش وأنا الأخرى، لنجذبه إلى القياس الصحيح". ولما فعل يوسف ما أمره به يسوع، وشدَّ كلَّ واحد بقوته من جهته، أطاع العرش وارتدى بالضبط القياس المطلوب. فأُصيب الحاضرون بالذهول، وقد رأوا هذه المعجزة، وباركوا الله. وكان ذلك العرش مصنوعًا من خشب كان موجودًا في عهد سليمان، ابن داود، وكان لافتًا بعقَدة الممثَّلة أشكالًا وصورًا متنوّعة.
40 - الأطفال الكباش:
وفي يوم آخر، مضى الربّ يسوع إلى الساحة، ولما رأى الأطفال مجتعمين ليلعبوا، انضمّ إليهم، لكن هؤلاء أختبأوا، لما لمحوه، فقصد الربّ يسوع باب منزل وسأل منزل نساء كن واقفات عند المدخل أين هم أولئك الأطفال. ولما أجبنه بأنه لا يوجد واحد منهم في المنزل، قال الربّ يسوع لهن: "ماذا ترين تحت هذا العَقْد؟" فأجبن بأن تلك كباش في الثالثة من العمر، فصاح الربّ يسوع: "أُخرجي يا كباش، وتعالي نحو راعيك". وخرج الأطفال على الفور، متحولين كباشًا، وكانوا يقفزون حوله، وعندما رأت النساء ذلك استولى عليهن الرعب. وسجدن للربّ يسوع قائلات: "يا يسوع! يا ابن السيدة مريم، يا ربنا، أنت حقًا راعي إسرائيل الصالح؛ أشفقْ على خادماتك اللواتي هن في حضرتك واللواتي لا يرتبن، يا ربّ أتيت لتشفي، لا لتُهلك". وإذ أجاب الرب يسوع بعد ذلك بان أبناء إسرائيل هم بين الشعوب مثل إثيوبيين، قالت النساء: "يا ربّ، أنت تعرف كلّ الأمور، ولا يفوت علمك اللامتناهي شئ؛ أننا نسألك ونأمل برحمتك، أن تشاء حقًا ردَّ هؤلاء الأطفال إلى شكلهم القديم". وعندما قال الربّ يسوع: "تعالَوا، يا أطفال، لنذهب ونعلب". استعادت تلك الكباش شكل الأطفال على الفور في حضور النساء.
41 - يسوع يتَّوج ملكًا:
وفي شهر آذار، جمع يسوع الأطفال وصفَّهم باعتباره ملكهم: وقد بسطوا ثيابهم أرضًا ليُجلسوه عليها، ووضعوا على رأسه إكليلًا من الزهور، واصطفوا إلى يمينه وشماله كالأتباعٌ الذين يرافقون ملكًا. وعندما مرَّ أحدهم من هناك، كان الأطفال يوقفونه بالقوّة، ويقولون له: "تعال واسجُدْ للملك، لتفوز بسفر سعيد".
42 - الطفل والحيَّة:
وفي أثناء ذلك وصل رجالٌ يحملون طفلًا على محَفَّة. وكان ذلك الطفل في الجبل مع رفاقه ليحضر حطب، ولما عثر على عشَّ حجال (طائر) دسَّ فيه ليسحب منه البيض، لكن لسعته حيَّةً كانت مختبئة في وسط العشَّ، فنادى أصحابه لنجدته. لكنهم حين وصلوا وجدوه ممدَّدًا على الأرض شبه ميت؛ وعند ذلك جاء قومٌ من عائلته، ونقلوه إلى المدينة، ولما وصلوا إلى الموضع الذي كان الربّ يسوع جالسًا فيه على العرش مثل ملك، كان الأطفال الآخرون يحيطون به بمثابة بلاطه، وهؤلاء ذهبوا لاستقبال الذين يحملون الطفل الذي لسعته الحية وقالوا لهم: "تعالوا وحيّوا الملك". ولما لم يشاؤوا الاقتراب بسبب الحزن الذي كانوا يعانونه، قادهم الأطفال بالقوة. وحين مثلوا أمام الربّ يسوع، سألهم لماذا يحملون ذلك الطفل؛ فأجابوا بأن حيَّةً لسعته، فقال الربّ يسوع للأطفال: "هيّا بنا ولنقتّلْ تلك الحيَّة". وكان أهل الطفل الذي كان على وشك الموت، يتوسلون الأطفال الآخرين أن يدَعوهم يذهبون، لكن هؤلاء أجابوا: "أَلم تسمعوا ما قاله الملك: هيّا بنا ولنقتُل الحيَّة، وعليكم الامتثال لأوامره؟". وعلى الرغم من معارضتهم، أعادوا المحَفَّة على أعقابها. وعندما وصلوا إلى قرب العشَّ، قال الربّ يسوع للأطفال: "ألا تختبئ الحيَّة هنا؟" ولما أجابوه هم بنعم، خرجت الحيَّة على الفور، وقد ناداها الربّ يسوع، وخضعت له. فقال الربّ: "أذهبي وامتصَّي السمّ كلّه الذي نفثتيه في عروق هذا الطفل". وعندئذ استعادت الحيَّة وهي تزحف السمَّ كلّه الذي تقيَّأته، وانشقَّت على الفور بعد ذلك وماتت، وقد لعنها الربّ. ولمس الربّ يسوع الطفل بيده، فشُفي. ولما أخذ يبكي، قال الربّ يسوع: "لا تبك، فستكون تلميذي". وكان ذلك الطفل سمعان الكنعاني المذكور في الإنجيل.
43 - شفاء يعقوب:
وفي يوم آخر، كان يوسف قد أرسل ابنه يعقوب ليجمع الحطب، وانضمَّ إليه الربّ يسوع لمساعدته، ولما وصلا إلى الموضع الذي كان فيه الحطب، أخذ يعقوب يلتقط منه، وإذا بأفعى تلسعه، فبدأ يصرخ ويبكي. ولما رآه الربّ يسوع في هذه الحال دنا منه، ونفخ فوق الموضع الذي لُسعَ فيه، فشفي يعقوب حالًا.
44 - قيامة زينون:
وذات يوم، كان الربّ يسوع مع يلعب مع أطفال على سطح، فترك أحد هؤلاء نفسه يسقط ومات على الفور. ولما وصل أهل الميت قالوا للربّ يسوع: "أنت هو الذي دفع ابننا من أعلى السطح". ولما انكر ذلك، ردَّدوا بصوت أعلى: "ابننا مات وها هو الذي قتله". فأجاب الربّ يسوع: "لا تتهموني بجريمة لا تستطيعون تقديم أي إثبات عليها؛ إنما لنسأل هذا الطفل ليَقُلْ ما حقيقة الأمر". ونزل الربّ يسوع ووقف قرب رأس الميت وقال بصوت عال: "يا زينون، يا زينون، مَنْ دفعك من أعلى السطح؟" فأجاب الميت: "يا ربّ، لستَ أنتَ سبب سقوطي، بل هو فلان مَنْ أسقطني". وإذ أوصى الربّ الحاضرين بالانتباه إلى هذه الكلمات، حمد كلّ الذين كانوا حاضرين الله على هذه المعجزة.
45 - الماء في معطف يسوع:
وأمرت السيدة مريم ذات يوم الربّ يسوع بالذهاب للاستقاء من بئر. وعندما أدى هذا العمل، ورفع على رأسه الجرَّة وهي مملؤة، انكسرت. ومن ثم فقد بسط الربّ يسوع معطفه وحمل الماء الذي جمعه فيه إلى أمه، فصُعقَت إعجابًا، وكانت تحفظ في قلبها كلّ ما تراه.
46 - تيبُّس ابن حنون:
وفي يوم آخر، كان الربّ يسوع يلعب عند حافَّة الماء مع أطفال آخرين، وقد شقُّوا قنوات ليُجروا فيها الماء، وقد كونوا بركًا صغيرة، وصنع الربّ يسوع من التراب اثني عشر عصفورًا ووضعها حول بركته، ثلاثة من كلّ جهة. وكان اليوم سبت، فجاء بغتة ابن حنون، اليهودي، وقال لهم وقد رآهم مشغولين هكذا: "كيف يمكنكم أن تصنعوا صورًا من الوحل يوم سبت؟" وأخذ يخرَّب عملهم. وإذ بسط الطفل يسوع يدَيه فوق الطيور التي صنعها، طارت مزغردةً. وعندما اقترب ابن حنون، اليهودي، من البركة التي حفرها يسوع، ليخربها، اختفي الماء، فقال له الربّ يسوع: "أنتَ ترى كيف جفَّ هذا الماء؛ سيحدث هذا الأمر نفسه بحياتك". وعلى الفور يبس الطفل.
47 - سقوط طفل:
وفي يوم آخر، وبينما الربّ يسوع يدخل مساءً مسكن يوسف، أصابه طفلٌ كان يركضٌ نحوه بصدمة عنيفة إلى درجة أن الربّ يسوع وقع تقريبًا، فقال لذلك الطفل: "كما دفعتني، أُسقُطْ ولا تنهض". وفي الحال سقط الطفل أرضًا ومات.
48 - عند المعلَّم زكّا:
وكان في أُورشليم رجل، اسمه زكّا، كان يعلَّم الأطفال النشء. وكان يقول ليوسف: "لمَاذا يا يوسف، لا تُرسل إليَّ يسوع ليتعلَّم الحروف؟" ووافق يوسف على هذا الأمر، واتفق مع السيدة مريم على ذلك. وعندئذ قادا الطفل إلى المعلَّم، ولما رآه هذا الأخير، كتب الألف باء وقال له أن ينطق أَلف. وحين فعل ذلك، طلب منه أن يقول بيْت. فقال له الربّ يسوع: "قُلْ لي أولًا ما معنى حرف أَلف، وعندها انطق بيْت". وكان المعلم يتهيّأ لتأديبه، لكن الربّ يسوع أخذ يشرح له معنى حرفي أَلفَ وبيْت وما هي الحروف ذات الشكل المستقيم، والحروف المائلة، والحروف الصوتية، والحروف المزدوجة، والحروف التي ترافقها نقاط، وأخيرًا، الحروف التي تفتقر إليها، ولمَاذا يتقدَّم هذا الحرف آخر، وأخيرا قال أشياء كثيرة لم يسمع بها المعلَّم أبدًا ولم يقرأها في أي كتاب. وقال الربّ يسوع للمعلَّم: "انتبه إلى ما سأقوله لك". وأخذ يتلو بوضوح وجلاء أَلَف، بيْت، جيْميل، دالتْ، حتى نهاية الألف باء. وأعجب المعلَّم بذلك، وقال: "اعتقد أن هذا الطفل وُلد قبل نوح". وأضاف، ملتفتًا نحو يوسف: "لقد جئتني بطفل لأُعملَّه، في حين أنه يعلم أكثر من كلّ الأحبار". وقال للسيدة مريم: "أن ابنك لا يحتاج إلى تعليمنا على الإطلاق".
49 - عند معلَّم أعلم:
ثم قاداه إلى معلَّم أكثر علمًا، وبمجرد أن لمحه، حتى سأله: "قل أَلف". وعندما قال أَلف، أمره المعلَّم بأن ينطق بيْت. فأجابه الربّ يسوع: "قُلْ لي ماذا يعني الحرف أَلف، وعندها أنطق بيْت". فرفع المعلَّم يده، غاضبًا ليضربه، فيبست يده على الفور، ومات. عندها قال يوسف للسيدة مريم: "من الآن فصاعدًا لا يجب أن نترك الطفل يخرج من البيت، فأي شخص يعارضه يسقط ميتًا.
50 - محاورة الأحبار والشيوخ والعلماء:
وعندما بلغ الثانية عشرة، ذهبا به إلى أُورشليم وقت العيد، ولما انتهي العيد، عادا؛ لكن الربّ يسوع بقي في الهيكل، بين أحبار أبناء إسرائيل وشيوخهم وعلمائهم، الذين كان يسألهم في نقاط علمية مختلفة، وبدوره، يجيبهم، وقد سألهم: "ابن مَنْ هو المسيح؟" فأجابوا: "انه ابن داود". وأجاب يسوع: "لماذا إذًا يدعوه داود بالروح القدس ربَّه، قائلا: قال الربّ لربّي: اجلس عن يميني حتى أضع أعداءك تحت قدميك". عندئذ سأله أحد رؤساء الأحبار، قائلا: "هل قرأت الكتب المقدسة؟" فأجاب الربّ يسوع: "لقد قرأت الكتب وما تحتويه"، وكان يشرح لهم الكتاب المقدس، والشريعة، والوصايا، والقوانين، والأسرار التي تحتويها كتب الأنبياء، والتي لا يستطيع عقل أي مخلوق فهمها. وقال رئيس الكهنة: "لم أرَ أبدًا ولا سمعت تعليمًا كهذا؛ ماذا تفكرون بما سيكون عليه هذا الطفل؟".
51 - في علم الكواكب:
وكان هناك فيلسوف، عالم فلك، سأل الربّ يسوع عما إذا كان قد درس علوم الكواكب. وعرض يسوع مُجيبًا إياه عدد الأفلاك والأجسام السماوية، وطبيعتها وتعارضاتها، وشكلها الثلاثي، والرباعي والسداسي، وسيرها وحركتها العكسية، وحساب الأعياد ودرس التأثيرات وأمورًا في البشر وأمورًا أخرى لم يسبْرها عقل أي إنسان.
52 - في الجسد والنفس:
وكان هناك أيضًا في ما بينهم فيلسوف عالم جداَ في الطب والعلوم الطبيعيّة، وعندما سأل الربّ يسوع عما إذا كان قد درس الطب، عرض له الرب يسوع الفيزياء وما وراء الطبيعة، والفيزياء العليا والفيزياء السفلى، وخاصيَّات الجسم والسوائل ومفاعيلها، وعدد الأطراف والعظام، والإفرازات البولية، والشرايين والأعصاب، والأمزجة المختلفة، الحار والجاف، البارد والرطب، وما هي تأثيراتها؛ وما هي أفعال النفس في الجسد، وأحاسيسها وخاصيَّاتها، وخصائص الكلام، والغضب، والرغبة، والتجمُّع والتبعثر وأمورًا أخرى لم يستطع فكر أي مخلوق شرحها. عندها نهض ذلك الفيلسوف وسجد للربّ يسوع قائلًا: "يا ربّ، من الآن فصاعدًا سأكون تلميذك وخادمك".
53 - العودة إلى الناصرة:
وبينما كانوا يتحدَثون هكذا، جاءت السيدة مريم بغتة مع يوسف، وكانت أيام تبحث عن يسوع منذ ثلاثة؛ ولما رأته جالسًا بين الأحبار، سائلا إياهم ومجيبًا إياهم بالتتالي، قالت له: "يا بُنَيَّ، لمَ تصرفت هكذا معنا؟ أن أباك وأنا بحثتا عنك، وغيابك سبَّب لنا الكثير من الألم". فأجاب: "لماذا كنتما تبحثان عني؟" ألا تعلمان أنه ينبغي أن أبقى في بيت أبي؟" لكنهما لم يفهما الكلمات التي وجَّهها إليهما. عندئذ سأل الأحبار السيدة مريم إذا كان هو ابنها، ولما أجابتهم بنعم، صاحوا: "أيتها المحظوظة السيدة مريم، التي ولدت طفلًا كهذا". وعاد معهما إلى الناصرة، وكان خاضعًا لهما في كلّ الأمور. وكانت أُمه تحتفظ بكل كلماته في قلبها. وكان الربّ يسوع ينمو في القامة، والحكمة والنعمةً أمام الله وأمام الناس.
54 - كشف الرسالة:
ومنذ ذلك اليوم بدأ يحجب معجزاته وخفاياه وأسراه والاهتمام بالناموس، إلى أن أتم عامه الثلاثين، وعندما أعلن أبوه رسالته علانية من أعلى السماء على ضفاف الأُردن: "هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت". عندما ظهر الروح القدس في شكل حمامة بيضاء.
55 - "أعطانا الوجود والحياة":
هذا هو الذي نعبده بأتضاع، لأنه الوجود والحياة، وأخرجنا من أحشاء أُمهاتنا؛ واتخذ من أجلنا جسد الإنسان، وافتدانا وغمرنا برحمته الأبدية، ومنحنا وجوده بنعمته ومحبته. له المجد، والعزَّة، والمديح والسيادة إلى أبد الآبدين. آمين.
خاتمة إنجيل الطفولة كاملًا، بعون الله الأسمى، وفقًا لما نجد.
  رد مع اقتباس
قديم 05 - 05 - 2014, 04:33 PM   رقم المشاركة : ( 55 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,942

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب ابو كريفا العهد الجديد: كيف كُتِبَت؟ ولماذا رفضتها الكنيسة؟

إنجيل مولد مريم

كتاب ابو كريفا العهد الجديد: كيف كُتِبَت؟ ولماذا رفضتها الكنيسة؟
كُتب هذا الكتاب المنحول (1) المُسمى بإنجيل ميلاد مريم أولًا باللاتينية، حوالي سنة 800م، وأن كان البعض يرى أن استخدامه بدأ في القرن السادس، كما كان البعض يظن، ولمدة طويلة، أن كاتبه هو القديس جيروم في القرن الخامس. ويوجد منه، الآن، حوالي ثلاثمائة وثلاثين مخطوطًا، ويعتمد في رواياته على نفس الأفكار والخطوط الموجودة في الجزء الأول من الكتاب الأبوكريفي المُسمى بإنجيل متى المنحول، وأن كان يختلف عنه في الأسلوب وزيادة عدد المعجزات، وهذا يدل على أن كاتب هذا يختلف عن كاتب ذاك، فيقول هذا الكتاب إن مريم العذراء غادرت الهيكل وهي في الرابعة عشرة من عمرها، بينما يقول إنجيل متى المنحول، الذي يدعي أنه ابن مريم، إنها غادرت الهيكل في الثانية عشرة من عمرها بعد أن عاشت فيه تسع سنين.
ويركز هذا الكتاب كثيرًا على زيارة الملائكة للعذراء القديسة مريم يوميًا أثناء مدة إقامتها في الهيكل. وكانت روايات هذا الكتاب منتشرة بغزارة بين المسيحيين العرب في شبه الجزيرة العربية وأثرت كثيرا على الكتب والتفاسير الدينية، كما كان لهذا الكتاب تأثيرًا كبيرًا في أوربا، خاصة، في الأدب والفن في العصور الوسطى فأخذ منه كاتب كتاب "الأسطورة الذهبية"، الذي أنتشر بغزارة في القرن الثالث عشر في أوربا قبل اختراع الطباعة، أفكاره عن هذه الفترة من حياة العذراء، ويبدوا أن بعض رواياته عن ميلاد العذراء، والمذكورة أيضا في إنجيل متى المنحول، ترجع لتقاليد أقدم حيث نجد الرواية السائدة في الكنائس الروسية والقبطية والسريانية، لميلاد وطفولة العذراء متشابهة كثيرًا مع رواياته ومثيلاتها في الكتاب المُسمى بإنجيل متى المنحول، وأن كانت تخلوا من المبالغات التي وردت في هذين الكتابين، وتتميز روايات هذا الكتاب بخلوها من تأثير الهرطقات التي توجد في معظم الكتب الأبوكريفية، ولكن ذلك لا ينفي أنه كتاب أبوكريفي منحول.
  رد مع اقتباس
قديم 05 - 05 - 2014, 04:34 PM   رقم المشاركة : ( 56 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,942

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب ابو كريفا العهد الجديد: كيف كُتِبَت؟ ولماذا رفضتها الكنيسة؟

نص إنجيل مولد مريم المنحول

الإصحاح الأول
يواقيم وحنة
نشأت الطوباوية والمعظَّمة مريم الدائمة البتوليّة، من سلالة داود الملكية ومن عائلته، وُلدت في مدينة الناصرة، وتربت في أُورشليم، في هيكل الربّ. وكان والدها يُسَمَّي يواقيم وأُمها، حنة. وكانت عائلة أبيها من الجليل ومن مدينة الناصرة؛ ولكن عائلة أُمها كانت من بيت لحم. وكانت حياتهما بسيطة وبارَّة أمام الربّ؛ ورعة ولا عيب فيها أمام الناس، ولأنهما قسما دخلهما كلّه ثلاثة أقسام، كانا يُنفقان الأول على الهيكل، والثاني، يوزَّعانه على الغرباء والفقراء، ويحتفظان بالثالث لحاجاتهما وحاجات عائلتهما. وهكذا مضى نحو عشرين عامًا وهما يعيشان في بيتهما، عزيزين عند الله والناس، في زواج عفيف من دون أن يُرزقا أولادًا. وقد نذرا، إذا وهبهما الله نسلًا، أن يكرساه لخدمة الربّ، وعلى هذه النية اعتادا التوجُّه إلى هيكل الربّ في كل عيد من العام.
الإصحاح الثاني
التوجه بيواقيم
وحدث عندما اقترب عيد التكريس أن يواقيم صعد إلى أُورشليم مع بعض الأفراد من سبطه،. وكان إيساشار(Issachar)، في ذلك الوقت، رئيسًا للكهنة. وعندما رأى يواقيم حاملًا تقدمته بين رفاقه الآخرين، أبعده واحتقر هباته، سائلًا إياه كيف يجرؤ، وهو الذي لم ينجب نسل، على الظهور أمام مَنْ ليسوا كذلك، وقائلًا أن هباته لا يمكنها أن تكون مَرْضيَّة عند الله، طالما أن الله قضى بأنه غير جدير بان يُرزَق أولادًا؛ والتوراة تُثبت: ملعون مَنْ لم يلد ذكرًا في إسرائيل؛ وقال أن ما على يواقيم إلا أن يبدأ أولًا بالاغتسال من وصمة تلك اللعنة بان يُرزق ولدًا، وانه يستطيع من ثمّ المثول أمام الربّ مع تقدماته. فاعتزل يواقيم إلى جوار الرعاة الذين كانوا مع قطعانه في مراعيه، يملأه الارتباك لهذا التجريح المهين؛ لأنه لم يُرد العودة إلى بيته، خوفًا من أن يُذله أفراد سبطه الذين كانوا معه بالتجريح نفسه الذي سمعه من فم الكاهن.
الإصحاح الثالث
بشارة يواقيم
والحال هذه بعدما مرَّ بعض الوقت، ظهر له ملاك الربّ بنور عظيم، ذات يوم كان وحده. وإذ أقلقته هذه الرؤيا، سكّن الملاك خوفه، قائلًا له: "لا تَخَفْ، يا يواقيم، ولا تقلق في حضوري؛ فأنا ملاك الربّ، وقد أرسلني إليك لأُبشّرك بان صلواتك استُجبت، وان صَدَقاتك صعدت حتى عرشه. فقد رأى خجلك، وسمع التجريح بالعقم الذي وُجَّه إليك ظلمًا. والحال هذه، أن الله يعاقب الخطيئة لا الطبيعة؛ لذا عندما يجعل أحدًا ما عاقرًا، فليس ذلك إلا لتبيان آياته من بَعْدُ وإظهار أن الطفل المولود هبة من الله، وليس ثمرة شهوة فاسدة. أفلم تكن سارة، أُم قومك الأولى، عاقرًا حتى الثمانين من عمرها؟ ومع ذلك ولدت في آخر عهد الشيخوخة إسحق الموعود ببركة الأُمم كلّها. كذلك راحيل، المرَضيَّة جدًا عند الربّ والمحبوبة للغاية من الرجل القديس يعقوب، ألم تكن عاقرًا زمنًا طويلًا، ومع ذلك ولدت يوسف، الذي أصبح سيَّد مصر ومحرَّر أُمم عدة مشرفة على الموت جوعًا. وبين زعمائكم، مَنْ كان أقوى من شمشون، أو أقدس من صموئيل؟ ومع ذلك ألم يكن للاثنين أُمَّان عاقران؟ فإذا كان العقل لا يقنعك بكلامي، فصدق قوة الأمثلة التي تُثبت أن حالات الحمل المؤجلَّة طويلًا والولادات من عاقر ليست إلا أروع في العادة. هكذا ستلد امرأتك حنة ابنةً، وستسميَّها مريم، وستكرَّسها للربّ منذ طفولتها، كما نذرت ذلك، وستكون مملوءة بالروح القدس، حتى من أحشاء أُمها. أنها لن تأكل ولن تشرب شيئًا نجسًا؛ ولن تكون لها أي علاقة بعامة الشعب في الخارج؛ بل ستبقى في هيكل الربّ، خوفًا من إمكان الارتياب أو قول شيء ما مجحف في حقها. لذا، مع تقدمها في العمر، وكما أنها بنفسها ستولَد من أُم عاقر، كذلك ستلد هذه العذراء التي لا نظير لها ابن العلّي، الذي سيُدعى يسوع، ويكون مخلَّص الأُمم كلّها تبعًا لأصل هذا الاسم. وها هي العلامة التي تحصل عليها عن الأمور التي أُبشَّرك بها. حين تصل إلى الباب الذهبي الموجود في أُورشليم، ستجد هناك حنة زوجتك، التي ستأتي لاستقبالك، والتي سيكون لها من الفرح برؤيتك مقدار ما كان لها من القلق لغيابك". وبعد هذه الكلمات، ابتعد عنه الملاك.
الإصحاح الرابع
بشارة حنة

كتاب ابو كريفا العهد الجديد: كيف كُتِبَت؟ ولماذا رفضتها الكنيسة؟
ثم ظهر لحنة، زوجة يواقيم، وقال لها: "لا تخافي، يا حنة، ولا تخافي، يا حنة، ولا تظني بان ما ترينه شبح. فأنا الملاك نفسه الذي حمل إلى حضرة الله صلواتك وصَدَقاتك، والآن أنا مُرسل إليك لأبشَّرك بولادة ابنة لك، ستُدعى مريم، وتكون مباركة بين كلّ النساء. وستكون ممتلئة بنعمة الربّ بعد ولادتها على الفور؛ وستبقى ثلاثة أعوام في البيت الأبوي لتفُطَم؛ وبعد ذلك لن تخرج من الهيكل، حيث تُصرَف لخدمة الربّ حتى سن الرشد، خادمةً الله ليل نهار بصيامات وتضرُّعات؛ وسوف تمتنع عن كل ما هو نجس، ولا تعرف رجلًا أبدًا، أنما وحدها من دون مثيل، من دون عيب، من دون فساد، هذه العذراء، من دون علاقة برجل، ستلد الربّ، مخلَّص العالم بنعمته، باسمه وبعمله. انهضي إذًا، واذهبي إلى أُورشليم، وعندما تصلين إلى الباب الذهبي، المُسمَّى هكذا لأنه مُذَهَّب، تحصلين على علامة عودة زوجك الذي تُقلقك حاله الصحية. وحين تحدث إذًا هذه الأمور، اعلمي أن الأمور التي أُبشَّرك بها ستتم بالتأكيد".
الإصحاح الخامس
ولادة مريم
وامتثلا إذًا لأمر الملاك هما الاثنان، فصعدا إلى أُورشليم، منطلقَين من المكان الذي كانا فيه. وعندما وصلا إلى الموضع المعيَّن بنبوءة الملاك، وجدا نفسهما هناك الواحد قبالة الآخر. عندها سبَّحا كما يتوجب عليهما الربّ الذي يرفع المتَّضعين، فرحَين معًا برؤية بعضهما بعضًا ثانيةً ومطمئنَّين بيقين النَّسل الموعود. لذا عادا إلى بيتهما، وقد سجدا للربّ، حيث انتظرا بثقة وفرح الوعد الإلهي. وحبلت حنة إذًا، ووضعت ابنةً، وتبعًا لأمر الملاك، دعاهًا أبواها باسم مريم.
الإصحاح السادس
العذراء في الهيكل
وعندما انقضى أجَل الثلاثة أعوام وتمَّ زمن فطامها، رافقا إلى هيكل الربّ تلك العذراء مع تقدمات. والحال هذه، كان حول الهيكل عشرة درجة ينبغي صعودها، وفقًا لمزامير الدرجات الخمسة عشر. فبما أن الهيكل كان مبنيًا على جبل، كان ينبغي صعود درجات للذهاب إلى مذبح المحرقة الذي كان خارجًا. وقد وضع الأبوان إذًا الصغيرة الطوباوية العذراء مريم على الدرجة الأولى. وفيما كانا يخلعان ثياب السفر ويرتديان أجمل منها وأنظف تبعًا للعادة، صعدت عذراء الربّ الدرجات كلّها واحدةً واحدةً من دون أن تُعطي اليد لاقتيادها أو عضدها، بحيث أن بذلك وحده كان من الممكن الاعتقاد بأنها بلغت عمرًا ممتازًا. فقد كان الربّ يصنع أُمورًا عظيمة منذ طفولة عذرائه، ويُري مسبقًا بهذه الآية ماذا سيكون جلال الروائع الآتية. وإذ احتفلا بالذبيحة إذًا بحسب الشريعة، ووفَيا بنذرهما، أرسلاها إلى داخل الهيكل لتربى هناك مع العذارى الأُُخريات، وعادا إلى بيتهما.
الإصحاح السابع
القبول بنذر مريم
والحال هذه، كنت عذراء الربّ وهي تتقدَّم في العمر، تتقدَّم في الفضيلة، وفقًا لتعبير صاحب المزامير، "أبوها وأُمها تخلَّيا عنها، لكن الله اعتنى بها". فكلّ الأيام كان يزورها الملائكة، وكلّ الأيام كانت تتمتَّع بالرؤيا الإلهية التي كانت تحفظها من كل الشرور وتُسبغ عليها كل الخيرات. لذا بلغت الرابع عشر من دون أن يتمكَّن ليس فقط الأشرار من اكتشاف شيء يستحق اللوم فيها، بل وكل الخيَّرين الذين كانوا يعرفونها كانوا يجدون حياتها وطريقة تصرُّفها جديرتَين بالإعجاب. عندها أذاع رئيس الكهنة علانيةً أن العذارى اللواتي يُرَبَّين بعناية في الهيكل واللواتي بلغن هذا العمر مكتملًا العودة غلى بيوتهن للزواج تبعًا لعادة الأُمة ونضج العمر. وإذ أطاعت الأُخريات هدا الأمر مسارعات، كانت عذراء الربّ، مريم، الوحيدة التي أجابت بأنها لا تستطيع التصرُّف على هذا النحو، وقالت: "أن أبوَيها لم ينذراها فقط لخدمة الربّ، بل أنها أيضًا كرَّست للربّ عذريتها التي لم تكن تريد أبدًا انتهاكها بالعيش مع رجل". واستولى على رئيس الكهنة قلق عظيم، فلم يكن يعتقد بان من الواجب مخالفة نذرها (وهو ما سيكون ضد التوارة، التي تقول: "أُنذروا وأدُّوا" )، ولا أن من الواجب المجازفة بإدخال عادة غير جارية لدى الأُمة؛ فأمر بان يكون رؤساء أُورشليم والمواضع المجاورة موجودين في الاحتفال المقبل، من اجل ان يُعرَف عبر المجلس ماذا يجب أن يُفعَل في حال استشارة الله في ذلك. وانشغل الجميع إذًا بالتضرُّع، مَثَلَ رئيس الكهنة تبعًا للعادة لاستشارة الله. وسمع الجميع على الفور صوتًا خرج من وسيط الوحي ومن مكان الاستعطاف، قائلًا أن من الواجب، تبعًا لنبوءة إشعياء، البحث عن احد ما ينبغي أن يُعهَد بهذه العذراء إليه وتُزَفَّ إليه. فمن المعروف أن إشعياء قال: "ستخرج عذراء من أصل يَسّى، ومن هذا الأصل ترتفع زهرة يحلُّ عليها روح الربّ، روح الحكمة والفطنة، روح المشورة والقوة، روح العلم والورع، وستكون مملوءة بروح مخافة الربّ". وأمر رئيس الكهنة إذًا، استنادًا إلى هذه النبوءة بان يحمل كلٌّ من البالغين وغير المتزوَّجين من بيت داود ومن عائلته قلمًا إلى المذبح، فسوف يُعهد بالعذراء وتُزَوَّج مَنْ قلمه، بعد أن يُحمَل، يُنبت زهرةً، وعلى رأسه يحلُّ روح الربّ في هيئة حمامة.
الإصحاح الثامن
الحمامة على رأس يوسف
وكان بين أعضاء بيت داود وعائلته، رجل كبير السن، اسمه يوسف، وفيما كان الجميع يحملون قلمهم تبعًا للأمر الُمعطى، هو وحده خبّأ قلمه. لذا ظنّ رئيس الكهنة بأن من الواجب استشارة الله مجدَّدًا، إذ لم يظهر شئٌ موافقٌ الصوتَ الإلهي، فأجاب الربّ بأن مَنْ يجب أن يتزوج العذراء كان الوحيد من كل الذين اختيروا الذي لم يجمل قلمه. واكتُشف يوسف إذًا. فحين حمل قلمه، وحلَّت على رأسه حمامة، آتية من السماء، غدا واضحًا للجميع أن العذراء يجب أن تُزَوَّج منه. وإذ احتفل بالخطوبة تبعًا المألوفة، عاد إلى مدينة بيت لحم، لترتيب بيته وتجهيز الأمور الضرورية للعرس. لكن عذراء الربّ، مريم، مع سبع عذارى أُخريات من عمرها ومفطومات معها، تلقَّتهنًّ من الكاهن، رجعت إلى الجليل إل بيت أبوَيها.
الإصحاح التاسع
السلام الملائكي والبشارة
والحال هذه، في تلك الأيام، أي في أول زمن وصولها إلى الجليل، أرسل إليها الله الملاك جبرائيل ليبشَّرها بأنها ستحبل بالربّ ويشرح لها طريقة الحمل ونظامه. وإذ دخل نحوها، ملأ الغرفة التي كانت تمكث فيها بنور عظيم، وقال لها، مسلَّمًا عليها باحترام عظيم:
"السلام عليك، يا مريم، يا عذراء الربّ، المَرْضيّة جدًا عند الله، الممتلئة نعمةً؛ الربّ معك؛ مباركة أنت فوق كلّ النساء، مباركة فوق كل الرجال المولودين حتى الآن". والعذراء التي كانت تعرف جيدًا وجوه الملائكة، والتي كانت معتادةً النور السماوي، لم ترتعبْ لرؤية ملاك، ولا دهشت لسطوع النور، لكن خطابه وحده أقلقها، وتساءلت عما يمكن أن يكون هذا السلام الخارق جدًا، وما يعنيه أو أي خاتمة ينبغي أن تكون له. فقال لها الملاك، مُلهَمًا إلهيًا، ومواجهًا هذه الفكرة: "لا تخافي يا مريم، كما لو أنني أُخفي بهذا السلام أمرًا ما مناقضًا لعفّتك. فعلى رغم انك عذراء، سوف تحبلين بلا خطيئة وتلدين ابنًا. وسيكون هذا عظيمًا، لأنه سيسود من البحر حتى البحر، ومن النهر حتى أطراف الأرض. وسوف يُدعى ابن العلّي، لأنه بولادته مُتَّضعًا على الأرض سيملك عظيمًا في السماء. وسيعطيه الربّ الإله كرسيَّ داود أبيه، ولن يكون لملكه انقضاء. انه هو نفسه ملك الملوك وربّ الأرباب، وسيدوم عرشه إلى أبد الآبدين". وصدَّقت العذراء كلمات الملاك هذه. لكنها أجابت، راغبةً في معرفة الطريقة: "كيف يمكن لذلك أن يحصل، فكما أنني لن اعرف رجلًا، وفقًا لنذري، كيف أستطيع أن ألد من دون التوقف عن أن أكون عذراء؟" فقال لها الملاك ردًا على ذلك: "لا تظني، يا مريم، بان عليك أن تحبلي بطريقة بشرية. فسوف تحبلين مع بقائك عذراء، من دون علاقة بأي رجل؛ وعذراءَ، تُرضعين. فالروح القدس سيحلُّ فجأةً فيك، وقوة العليّ تظلَّلك ضد كل احتدامات الدنس. فقد وجدت حظوةً أمام الربّ، لأنك آثرت العفّة. لذا مَنْ يولد منك سيكون وحده قدوسًا، لأنه وحده يكون محمولًا ومولودًا بلا خطيئة، وسيُدعي ابن الله". عندها قالت مريم، باسطةً يدَيها ورافعةً عينَيها: "ها هي أمَة الربّ (لأنني لست أهلًا لاسم مولاة): ليكن لي بحسب كلمتك". (لوقا: 38،1.) (سيكون طويلًا للغاية وحتى مُضجرًا آن ننتقل هنا كل ما سبق أو تلي ولادة الربّ. لذا، متجاوزين ما هو مطَّول في الإنجيل، لنُنْه بما ليس بهذا التفصيل فيه.)
الإصحاح العاشر
حلم يوسف
كان يوسف إذًا آتيًا من اليهودية في الجليل، ينوي أن يتَّخذ امرأة له العذراء التي كان مخطوبًا لها. فقد انقضت ثلاثة اشهر، وكان الرابع يقترب منذ الزمن الذي احتفل فيه بالخطوبة. إلا أن بطن الخطيبة وقد تضخّم شيئًا فشيئًا، بدأ يظهر أنها كانت حبلى، وما كان ممكنًا أن يخفي ذلك على يوسف. فإذا دخل إلى قرب العذراء بحرية أكبر باعتباره زوجها، وتكلم بإلفة اكبر معها، لمح أنها كانت حبلى. لهذا بدأ عقله يضطرب ويرتاب، لأنه لم يكن يعلم ما عليه أن يفعل. فمن جهة، لم يُرد الوشاية بها، لأنه كان بارًا، ومن جهة أخرى، التشنيع بها بطنَّ الزَّنا، لأنه كان ورعًا. لهذا كان يفكَّر بفسخ زواجه سرًا وردَّها خفيةً. وإذ كانت تساوره هذه الأفكار، إذا بملاك الربّ يظهر له في الحلم، قائلًا: "يا يوسف، يا ابن داود، لا تحمل أي خشية، ولا تحتفظ بأي ظنَّ زنا ضد العذراء، ولا تفكَّر بشئ مجحف في حقها، ولا تتردّد في اتخاذها امرأة. فالمولود منها، ويعذَّب الآن عقلك، هو صنع، لا رجل، بل روح القدس. فوحدها بين كلّ العذارى، ستلد ابن الله، وستدعوه باسم يسوع، أي المخلَّص، فهو الذي سيخلَّص شعبه من خطاياهم". واتخذ يوسف إذًا العذراء امرأة، ممتثلًا لأمر الملاك؛ إلا انه لم يعرفها، بل حافظ معها على تعفُّف كامل. وكان الشهر التاسع منذ الحبل يقترب، حين مضي يوسف إلى مدينة بيت لحم حيث أصله، آخذًا امرأته والأشياء الأخرى التي كانت ضروريةً له. والحال هذه، حدث، حين وصلوا إلى هناك، وقد تم زمن الوضع، أنها ولدت ابنها البكر، كما علَّم ذلك الإنجيليون القديسون، ربنّا يسوع المسيح، الذي، وهو الله مع الآب، والابن والروح القدس، يحيا ويملك إلى أبد الآبدين.
  رد مع اقتباس
قديم 05 - 05 - 2014, 04:35 PM   رقم المشاركة : ( 57 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,942

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب ابو كريفا العهد الجديد: كيف كُتِبَت؟ ولماذا رفضتها الكنيسة؟

إنجيل بطرس المنحول

كتاب ابو كريفا العهد الجديد: كيف كُتِبَت؟ ولماذا رفضتها الكنيسة؟
هذا الكتاب الأبوكريفي لم يعرف عنه أحد شيء خارج ما ذكره عنه آباء الكنيسة ابتداء من نهاية القرن الثاني وإلى نهاية القرن الرابع وبداية الخامس، حتى عثرت عليه بعثة آثار فرنسية في مقبرة قديمة يفترض أنها لراهب في أخميم والتي كانت تدعى قديما بنابوليس panopolis، سنة 1886م، ووُضع في متحف القاهرة، ونُشر سنة 1892م في ذكرى البعثة الأثرية الفرنسية. وترجع المخطوطة التي وجدت لهذا الكتاب لما بين القرن الحادي عشر والقرن الثامن وهي باللغة اليونانية. ويروي هذا الكتاب روايات عن المحاكمة والصلب والقيامة والصعود، ويتفق في الكثير من روايته مع ما جاء الإنجيل القانوني بأوجهه الأربعة وأن كان في المضمون أكثر منه النص الحرفي. ويبدوا واضحًا أن كاتبه أعتمد بدرجة كبيرة على ما سمعه في الكنائس وليس على قراءة الإنجيل المكتوب، ولكنه أضاف إضافات كثيرة تدل على أنه تأثر كثيرا بالفكر الدوسيتي الغنوسي، بل وتبرر بعض المواقف التي نشأت بعد انتشار المسيحية بعشرات السنين، مثل التساؤل حول ظهور المسيح للتلاميذ فقط، فيقول أن الجنود الرومان وشيوخ اليهود الذين كانوا يحرسون القبر مع الجنود الرومان رأوا الملائكة التي نزلت من السماء ورأوا المسيح وهو قائم من الأموات وخارج من القبر. بل ويصور المسيح لحظة القيامة بصورة دوسيتية خيالية فيقول: "رأوا ثانيه ثلاثة رجال خارجين من القبر واثنين منهم يساندان واحدًا وتبعهم صليب. ووصلت رؤوس الاثنين السماء ولكن رأس ذلك المُنقاد منهم باليد تجتاز السموات!!". وهي صورة خيالية تدل على فكر دوسيتي غنوسي.
وقد درس آباء الكنيسة هذا الكتاب الذي كان موجودًا فقط في كنيسة مدينة روسوس السورية في شمال غرب أنطاكية وقد وبخ القديس سيرابيون أسقف إنطاكية شعب هذه الكنيسة لاستخدامهم له وحرم قراءته. وفيما يلي الآباء الذين تكلموا عنه:
(1) سيرابيون أسقف أنطاكية (190-203 م.)؛ والذي يقول عنه المؤرخ الكنسي يوسابيوس القيصري أنه كتب العديد من المؤلفات منها: "ومؤلف (λογος) أخر ألفه عما يسمى بإنجيل بطرس. وقد كتب هذا المؤلف الأخير لتفنيد الأباطيل التي يتضمنها (ذلك الإنجيل) نظرا لأن البعض في جماعة روسوس قد انجرفوا في تعاليم هرطوقية (ετεροδοξους - heterodox) بسببه. ويحسن اقتباس بعض فقرات موجزة من مؤلفه لأظهر آراءه عن الكتاب. وقد كتب ما يلي:
لأننا أيها الأخوة نقبل كلا من بطرس وسائر الرسل كالمسيح، ولكننا نرفض بشدة الكتابات المنسوبة إليهم زورًا، عالمين أن مثل هذه لم تسلم إلينا. لما زرتكم كنت اعتقد أنكم متمسكون بالإيمان الصحيح. وإذ كنت لم أقرأ بعد الإنجيل الذي أبرزوه تحت اسم بطرس قلت: أن كان هذا هو المصدر الوحيد للنزاع بينكم فليقرأ. أما الآن وقد علمت مما قيل لي أن أفكارهم قد انحرفت إلى بدعة ما، فإنني سأسرع في الحضور إليكم ثانية، فإنني سأسرع في الحضور إليكم ثانية. لذلك توقعوا مجيئي أيها الأخوة. ولكنكم سوف ترون مما كتب لكم أيها الأخوة أننا قد عرفنا طبيعة بدعة مركيانوس (Μαρκιανος - Marcianus)، وأنه ناقض نفسه بنفسه إذ لم يفهم ما قاله. لأننا إذ حصلنا على هذا الإنجيل من أشخاص آخرين درسوه دراسة وافية، أي من خلفاء أول من استعملوه، الذين نسميهم دوكاتي (Δοκητας - docetics)، (لأن معظم أرائهم تتصل بتعليم هذه العقيدة)، فقد استطعنا قراءته ووجدنا فيه أشياء كثيرة تتفق مع تعاليم المخلص الصحيحة، غير أنه أضيف لتلك التعاليم إضافات أشرنا إليكم عنها فيما بعد" (ك6 ف12).
(2) أوريجانوس (253م)؛ والذي يقول عن أخوة المسيح: "وللتقليل من شأن ما يظهر أنه قريب بدرجة كبيرة من أقاربه يقولون: أليست أمه تدعى مريم، وأخوته يعقوب ويوسي وسمعان ويهوذا؟ أليس كل أخواته معنا؟ ويفترضون لذلك أنه ابن يوسف ومريم، ولكن البعض اعتمادا على ما جاء في الإنجيل المنسوب لبطرس يقولون أن أخوة يسوع كانوا أبناء ليوسف من زوجة سابقة تزوجها قبل مريم" (On Matthew 10.17, commentary on Matthew 13.55).
(3) ويقول عنه المؤرخ الكنسي يوسابيوس القيصري: "أننا نرى أنفسنا مضطرين لتقديم هذه القائمة لنتمكن من معرفة كل من هذه الأسفار (أي الأسفار القانونية) وتلك التي يتحدث عنها الهراطقة تحت اسم الرسل، التي تشتمل مثلا أناجيل بطرس وتوما ومتياس وخلافهم، وأعمال أندراوس ويوحنا وسائر الرسل. هذه لم يحسب واحد من كتاب الكنيسة أنها تستحق الإشارة إليها في كتاباتهم. وعلاوة على هذا فأن أسلوب الكتابة يختلف عن أسلوب الرسل، ثم أن تيار التفكير في محتوياتها والقصد منها يختلفان كل الاختلاف عن التعاليم المستقيمة الحقيقية. مما يبين بكل وضوح أنها من مصنفات الهراطقة. ولهذا فلا يصح وضعها حتى ضمن الأسفار المرفوضة، بل يجب نبذها كلها ككتابات سخيفة ماجنة". (ك3ف25:6و7)
  رد مع اقتباس
قديم 05 - 05 - 2014, 04:36 PM   رقم المشاركة : ( 58 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,942

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب ابو كريفا العهد الجديد: كيف كُتِبَت؟ ولماذا رفضتها الكنيسة؟

أخطاء إنجيل بطرس الرسول الأبوكريفي

ونظرا لأن الكتاب كتب بيد كاتب هرطوقي ولأنه بني ما كتبه بالدرجة الأول على ما جاء في الأناجيل الأربعة القانونية، ولكن بشكل سماعي دون أن يقرأ الأناجيل ذاتها، لذا سقط في العديد من الأخطاء؛ فهو يقول:
(1) أن هيرودس كان هو القاضي هو الذي سلم يسوع لليهود ليصلب، وينفي عن بيلاطس ذلك. وهو هنا يحاول تبرئة الرومان نهائيا من صلب المسيح.
(2) زعم أن بيلاطس، مع شيوخ اليهود، رفض أن يغسل يديه، وأنه قام وترك الأمر لهيرودس.
(3) قال أن يوسف الرامي كان صديقا لبيلاطس.
(4) وأنه التمس جسد يسوع قبل الصلب.
(5) وأن بيلاطس أرسل يلتمس جسد يسوع من هيردوس.
(6) أن الجنود دفعوا يسوع ودعوه بابن الله.
(7) وأنهم أجلسوه على كرسي القضاء سخرية منه.
(8) وأنهم قالوا لنكرم ابن الله بهذه الكرامة.
كتاب ابو كريفا العهد الجديد: كيف كُتِبَت؟ ولماذا رفضتها الكنيسة؟

(9) وأن يسوع كان هادئا أثناء عملية صلبه وأنه لم يشعر بآلام الصليب، وهذا بسبب فكره الدوسيتي الغنوسي الذي يقول أن المسيح لم يتخذ جسدا حقيقيا بل أنه ظهر على الأرض في شكل وهيئة جسد ولذا فعندما كان يمشي لم يكن يترك أثارا لقدميه، وأنه لا يمكن أن يشعر بأي الم لأنه ليس له جسد مادي بل جسد سمائي.
(10) قال أن أحد اللصين قال أن المسيح هو مخلص البشر.
(11) وزعم بأنهم وضعوا ملابس يسوع أمامه.
(12) وأن هذا اللص لام الجموع ووبخهم.
(13) قوله أنهم أمروا أن لا تكسر رجليه حتى يموت بعذابات كثيرة.
(14) قوله أنهم ذهبوا إلى مكان الصلب بمشاعل.
(15) الزعم بأن المسيح صرخ قائلا "قوتي قوتي لماذا تركتني؟" وهذا يعبر عن فكره الغنوسي القائل بأن المسيح الإله ترك يسوع الذي حل فيه وقت الصلب. وهذا يتناقض مع فكره القائل أن لم يشعر بآلام الصليب!!!
(16) زعمه بأن يسوع مات بعد هذه الصرخة مباشرة.
(17) قوله أنهم سحبوا المسامير من يدي الرب.
(18) قوله أن الأرض تزلزلت بعد لمس جسد الرب للأرض.
(19) وأن اليهود فرحوا عندما أشرقت الشمس ثانية.
(20) وقال أن يوسف الرامي رأى كل ما صنعه يسوع من خير.
(21) وأن يوسف غسل الجسد.
(22) وقال "ثم أدرك اليهود والشيوخ والكهنة مدى الشر العظيم الذي فعلوه لأنفسهم وبدءوا ينوحون ويقولون: الويل على خطايانا، فقد اقتربت الدينونة ونهاية أُورشليم".
(23) وزعم بأن اليهود كانوا يبحثون عن التلاميذ كفاعلي شر وكراغبي إشعال النار في الهيكل.
(24) وأن التلاميذ كانوا صائمين وجلسوا ينوحون ويبكون ليلًا ونهارًا حتى السبت.
(25) وزعم أن شيوخ اليهود أدركوا بر المسيح بعد موته "انظروا كم كان هو بارًا"!!
(26) ذكره لاسم قائد المائة "بيترونيوس".
(27) زعمه أن شيوخ اليهود كانوا يحرسون قبر الرب مع الجنود الرومان.
(28) وأن القبر ختم بسبعة أختام.
(29) وأنهم، الجنود وشيوخ اليهود، نصبوا خيمة أمام القبر.
(30) وان جمهور كبير من اليهود جاء لرؤية الحجر الذي وضع على باب القبر.
(31) وأن الجنود كانوا يحرسون القبر في ورديات أثنين أثنين.
(32) وأن صوت عظيم رن من السماء قبل قيامة المسيح مباشرة.
(33) وأن ملاكين نزلا من السماء أمام أعين الجنود وشيوخ اليهود.
(34) كما جاءت كل رواية القيامة فيه مختلفة عما جاءت في الأناجيل القانونية الأربعة، وركز على رؤية الجنود وشيوخ اليهود للرب القائم من الأموات ولم يذكر، في هذا الجزء الموجود لدينا منه أي ظهور للتلاميذ، وربما يكون قد ذكر ذلك في الجزء المفقود منه خاصة وأنه انتهى عند ذهاب بطرس ورفاقه للعيد.
(35) كما زعم أن القيامة والصعود تما في يوم واحد، أو على الأقل لم يفصل ما بين القيامة والصعود كحادثين منفصلين بينهما أربعين يومًا.
(36) وقال أن الملاك قال أن يسوع قام وذهب هناك حيث أُرسل، أي إلى السماء.
ويرى العلماء أنه يرجع إلى بداية القرن الثاني (ما بين 100 إلى 125م). ويبدأ الجزء الموجود منه بغسل أيدي بيلاطس وهو يبرئ نفسه من دم المسيح ويشتمل على محاكمة المسيح وصلبه وموته وقيامته وينتهي بعد القيامة بحديث يدل على إن له بقية مفقودة والعبارة الأخيرة منه مبتورة.
  رد مع اقتباس
قديم 05 - 05 - 2014, 04:36 PM   رقم المشاركة : ( 59 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,942

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب ابو كريفا العهد الجديد: كيف كُتِبَت؟ ولماذا رفضتها الكنيسة؟

نص إنجيل بطرس الغير قانوني

"1:1 ولكن لم يغسل أحد من اليهود يديه، لا هيرودس ولا أيًا من قضائه، وعندما رفضوا أن يغسلوا أيديهم قام بيلاطس 2 ثم أمر هيرودس الملك أن يأُخذ الرب وقال لهم: ما أمرتكم أن تفعلوه افعلوه.
3:2 وكان يقف هناك يوسف صديق بيلاطس وصديق الرب، ولمعرفته أنهم كانوا على وشك أن يصلبوه، جاء إلى بيلاطس وألتمس جسد الرب ليدفنه، 4 فأرسل بيلاطس إلى هيرودس وألتمس جسده 5 فقال هيرودس: أخي بيلاطس حتى إذا لم يلتمس الجسد أحد سوف ندفنه، خاصة وأن السبت بدأ يحل لأنه مكتوب في الناموس لا تغرب الشمس على جثه إنسان ميت. وأسلمه للشعب في اليوم الذي قبل الخبز غير المختمر (الفطير)، عيدهم.
6:3 وأخذوا الرب ودفعوه بسرعة وقالوا: لنسوق ابن الله الآن إذ صار لنا الآن سلطان عليه. 7 وألبسوه ثوب أرجوان وأجلسوه على كرسي للقضاء وقالوا لحكم بعدل يا ملك إسرائيل وأحضر واحدًا منهم إكليلا من الشوك ووضعه على رأس الرب. 9 وآخرين من الواقفين بصقوا على وجهه، وآخرين لطموه على خديه وآخرين ضربوه بقصبة والبعض سخروا منه قائلين: "فنكرم ابن الله بمثل هذه الكرامة".
10:4 وجاءوا بلصين وصلبوا الرب في الوسط بينهما، أما هو فعقد سلامه كما لو أنه لم يشعر بألم 11 وعندما نصبوا (رفعوا) الصليب كتبوا عليه العنوان: هذا هو ملك إسرائيل 12 ونزعوا عنه ملابسه أمامه واقتسموها بينهم واقترعوا عليها. 13 ولكن أحد اللصين وبخهم قائلًا: أننا نتعذب بسبب الأعمال الشريرة التي صنعناها، ولكن هذا الرجل، الذي صار مخلصًا للبشر، ماذا صنع من شر؟ 14 وكانوا حانقين عليه وأمروا أن لا تكسر رجليه حتى يموت بعذابات كثيرة.
15:5 ولما صار منتصف النهار غطت الظلمة كل اليهودية وكانوا قلقين ومضطربين لئلا تغرب الشمس وهو ما يزال حيًا، لأنه مكتوب لهم: لا تغرب الشمس على أحد تحت حكم الموت، 16 وقال واحد منهم: أعطوه ليشرب خل مع مر، فمزجوهما وأعطوهما له ليشرب. 17 وأتموا كل شيء وأكملوا مكيال خطاياهم على رؤوسهم، 18 وذهب إلى هناك كثيرون بالمشاعل فقد ظنوا أنه كان ليلًا، فذهبوا للنوم أو تعثروا. 19 ونادى الرب وصرخ: قوتي يا قوتي، أنت تركتني، ولما قال هذا كف. وفي تلك الساعة أنشق حجاب الهيكل في أُورشليم إلى أثنين.

كتاب ابو كريفا العهد الجديد: كيف كُتِبَت؟ ولماذا رفضتها الكنيسة؟
21:6 ثم سحبوا المسامير من يدي الرب وأنزلوه على الأرض فتزلزلت كل الأرض وحدث خوف عظيم، ثم أشرقت الشمس ووجدوا أنها الساعة التاسعة. 23 فأبتهج اليهود وأعطوا جسده ليوسف ليدفنه حيث أنه رأى كل ما صنع (يسوع) من خير. 24 وأخذ الرب وغسّله ولفه بكتان ووضعه في قبره الذي كان يُدعى بستان يوسف.
25:7 ثم أدرك اليهود والشيوخ والكهنة مدى الشر العظيم الذي فعلوه لأنفسهم وبدءوا ينوحون ويقولون: الويل على خطايانا، فقد اقتربت الدينونة ونهاية أُورشليم. 26 وحزنت أنا ورفقائي ولأننا جرحنا في قلوبنا أخفينا أنفسنا إذ كانوا يبحثون عنا كفاعلي شر وكراغبي إشعال النار في الهيكل. 27 وبسبب كل هذه الأشياء كنا صائمين وجلسنا ننوح ونبكى ليلًا ونهارًا حتى السبت.
28:8 ولكن الكتبة والفريسيين والشيوخ اجتمعوا معًا الواحد مع الآخر عندما سمعوا أن كل الشعب كان ينوح ويقرع صدوره ويقول: إذا كان بموته قد حدثت كل هذه العلامات العظيمة، انظروا كم كان هو بارًا. 29 وكان الشيوخ خائفين وذهبوا إلى بيلاطس وتوسلوا إليه وقالوا: 30 أعطنا جنود لنحرس قبره لمده ثلاثة أيام لئلا يأتي تلاميذه ويسرقونه ويظن الشعب أنه قام من الأموات ويفعلوا بنا شرًا. 31 فأعطاهم بيلاطس بيترونيوس قائد المئة مع جنود لحراسه القبر. وجاء معهم إلى القبر شيوخ وكتبه. 30 ودحرج كل الذين كانوا هناك معًا حجرًا عظيمًا ووضعوه على مدخل القبر مع قائد المئة والجنود. 33 وختموه بسبعه أختام ونصبوا خيمه وحرسوه.
34:9 وباكرًا في الصباح عندما كان السبت ينسحب جاء جمهور من أُورشليم وتخومها ليروا القبر الذي خُتم. 35 ثم في الليلة التي كان ينسحب فيها يوم الرب عندما كان الجنود يقومون بحراستهم اثنان اثنان في كل ساعة رن صوت عظيم في السماء. 36 ورأوا السموات مفتوحة ونزل رجلان من هناك بنور عظيم واقتربوا من القبر. 37 وبدأ الحجر الذي وضع على باب القبر يتدحرج من ذاته وجاء على جانب وفُتح القبر ودخل الشابان.
38:10 وعندما رأى أولئك الجنود ذلك أيقظوا قائد المئة والشيوخ. لأنهم كانوا هناك للمساعدة في الحراسة. 39 وبينما كانوا يعلنون الأمور التي رأوها رأوا ثانيه ثلاثة رجال خارجين من القبر واثنين منهم يساندان واحدًا وتبعهم صليب. 40 ووصلت رؤوس الاثنين السماء ولكن رأس ذلك المُنقاد منهم باليد تجتاز السموات. 41 وسمعوا صوت من السماء يقول: لقد بشرت الراقدين. 42 وسُمعت إجابة من الصليب: نعم.
43:11 لذلك أستشار هؤلاء الرجال أحدهما الآخر عما إذا كانوا يذهبون ليخبروا بيلاطس بهذه الأمور. 44 وبينما كانوا يفكرون في ذلك شوهدت السماء تُفتح ثانيه ونزل رجل ودخل القبر. 45 وعندما رأى قائد المئة والذين كانوا معه ذلك أسرعوا ليلًا إلى بيلاطس تاركين القبر الذي كانوا يحرسونه وأخبروا بيلاطس بكل شيء رأوه، وكانوا مضطربين بدرجة عظيمة وقالوا: حقًا كان ابن الله. فأجاب بيلاطس وقال: أنا برئ من دم ابن الله، أنتم الذين قررتم هذا. 47 فاقتربوا منه متوسلين إليه وطالبوه أن يأمر قائد المئة والجنود أن لا يخبروا أحد بما رأوه. 48 لأنهم قالوا: أنه من الأفضل لنا أن نكون مذنبين بالإثم العظيم أمام الله ولا نقع في أيدي شعب اليهود فنرجم. 49 فأمر بيلاطس قائد المئة والجنود أن لا يقولوا شيئًا.
50:12 وباكر في صباح يوم الرب ذهبت مريم المجدلية وهى تلميذه للرب. خوفًا من اليهود لأنهم كانوا متقدين بالغضب، ولأنها لم تفعل عند قبر الرب ما كانت النساء تريد أن يعملنه للموتى الذين يحبونهم وأخذت معها صديقاتها وجئن إلى القبر حيث وضع، 52 وخفن أن يراهن اليهود وقالوا: على الرغم من أننا لم نستطع أن نبكى وننوح في اليوم الذي صلب فيه، فلنفعل ذلك الآن على قبره. 53 ولكن من سيدحرج لنا الحجر الذي وُضع على باب القبر، إذ يجب أن ندخل ونجلس بجانبه ونفعل ما يجب؟ 54 لأن الحجر كان عظيمًا. ونخشى أن يرانا أحد. وإذا لم نستطع أن نفعل ذلك، دعونا على الأقل، نضع على بابه ما أحضرناه لذكراه ولنبك وننوح حتى نعود إلى البيت ثانيه.
55:13 فذهبن ووجدن القبر مفتوحًا واقتربن ووقفن ورأين هناك شابًا جالسًا في وسط القبر جميلًا ولابسًا رداء أبيض لامعًا فقال لهن 56 من أين أتيتن؟ من تطلبن؟ أتطلبن الذي صلب، لقد قام وذهب. وإذا لم تصدقن قفن في ذلك المكان وانظرن الموضع الذي كان يرقد فيه، لأنه ليس هو هنا. لأنه قام وذهب هناك حيث أُرسل. 57 ثم هربت النسوة خائفات.
58:14 وكان اليوم الأخير للفطير وذهب الكثيرون عائدين إلى منازلهم حيث أن العيد انتهى. 59 ولكن نحن، الأثنا عشر تلميذًا للرب نحنا وبكينا وكل واحد حزن لما حدث وعاد لمنزله. 60 ولكن أنا سمعان بطرس وأخي أندراوس أخذنا شباكنا وذهبنا إلى البحر وكان معنا لاوي ابن حلفي الذي الرب.. "دعاه من دار الجباية (؟)..".
وينتهي هنا الكتاب الذي وضعنا نصه هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت بصوره مبتورة تدل على أن جزأ قد ضاع منه.
وهذا الكتاب، المدعو "إنجيل بطرس"، كما نرى، يتفق مع روايات الأناجيل القانونية، الحقيقة، في معظم تفاصيل المحاكمة والصلب ويثبت بدون شك أن كل ما كُتب في القرنين الأول والثاني سواء في داخل الكنيسة وعلى رأسها تلاميذ المسيح ورسله أو حتى في دوائر الهراطقة يؤكد صحة وحقيقة وتاريخية الإيمان المسيحي وصحة الأناجيل الأربعة وأنه حتى الهراطقة اعتمدوا عليها في كتابة كتبهم المزيفة.
  رد مع اقتباس
قديم 05 - 05 - 2014, 04:37 PM   رقم المشاركة : ( 60 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,942

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب ابو كريفا العهد الجديد: كيف كُتِبَت؟ ولماذا رفضتها الكنيسة؟

إنجيل نيقوديموس المنحول

كتاب ابو كريفا العهد الجديد: كيف كُتِبَت؟ ولماذا رفضتها الكنيسة؟
يرجع نص هذا العمل المنحول (1) إلى القرن الخامس الميلادي وأن كان هو مُستمَدّ من كتابات وتقاليد سابقة. نجده في أصله اليوناني، والسرياني، والأرمني، والقبطي، والعربي واللاتيني. ويرى تشندورف، مكتشف المخطوطة السينائية، اعتمادًا على إشارات في وردت في كتبات يوستينوس وترتليانوس، أنه يرجع إلى القرن الثاني وهو زمن يكفي لانتشار الأسطورة. وهو يُعتبَر دفاعًا ضد اتهامات الحكم الروماني أيام ماكسيميليان دازا (311-312م). ويزعم هذا الكتاب المنحول، أن مسيحي اسمه حنانياس، اكتشف قصة وضعها نيقوديموس بالعبرية، تتناول محاكمة يسوع أمام بيلاطس، وترجمها إلى اليونانية عام 425م. هذه القصة تروي محاكمة وموت يسوع ودفنه بصورة متلاحقة، كما تروي رواية لنقاش حدث في المجلس الأعلى اليهودي موضوعه القيامة، كما تروي وصف لنزول يسوع إلى الجحيم على لسان شاهَدين. ويتكون النص من قسمين القسم الأول من النص مصدره على ما يبدو أعمال بيلاطس، التي ذكرها آباء الكنيسة. ثم يقدم رواية لنزول المسيح إلى الجحيم. وكان هذا الكتاب المنحول هو الملهم الأساسي لدانتي الريجيري في كتابته الملحمة الإلهية المكونة من ثلاثة أجزاء الفردوس والمطهر والجحيم.
ويبدو واضحا، كما تلخص لنا دائرة المعارف الكتابية خلاصة ما جاء في هذا الكتاب المنحول، أن الكاتب "كان مسيحيًا يهوديًا وقد كتب لهذه الفئة من الناس، المسيحيين من أصل يهودي، "وكان متلهفًا على إثبات ما سجله بشهادات من أفواه أعداء يسوع، وبخاصة رجال الدولة الذين كان لهم دور في الأحداث السابقة واللاحقة لموت المسيح. فبيلاطس بشكل خاص كان في جانب يسوع - وهو ما لابد أن يدهش له قراء الأناجيل القانونية - كما جاء كثيرون ممن صنع معهم معجزات الشفاء، ليشهدوا في جانب يسوع - وهذه خطوة طبيعية يذهب إليها أي كاتب متأخر متصورًا ما يمكن أن يجرى في محاكمة رسمية. ورغم إلمام الكاتب بالعادات اليهودية، فإنه أخطأ كثيرًا في معلوماته الطبوغرافية عن فلسطين. فمثلًا يقول إن يسوع صلب في نفس البستان الذي ألقي عليه القبض فيه (أصحاح 9)، ويذكر أن جبل مملك أو ملك في الجليل (بينما هو في جنوبي أُورشليم) ويخلط بينه وبين جبل الصعود.
والجزء الثاني من الإنجيل - وهو نزول المسيح إلى العالم السفلي - هو رواية لتقليد قديم لم يذكر في الأناجيل القانونية، مبني على ما جاء في (1بط3: 19): "ذهب فكرز للأرواح التي في السجن"، ويروي قديسان ممن قاموا في قيامته، كيف كانا محبوسين في الهادس (مكان الأرواح) عندما ظهر الغالب (المسيح)عند مدخله، فتكسرت الأبواب النحاسية، وأطلق سراح المسجونين، وأخذ يسوع معه إلى الفردوس نفوس آدم وإشعياء ويوحنا المعمدان وغيرهم من الرجال الذين ماتوا قبله..
وأقل من ذلك أهمية ما ظهر من إضافات ملفقة في العصور المتأخرة، وألحقت بإنجيل نيقوديموس، مثل خطاب بيلاطس للإمبراطور طيباريوس، وتقرير بيلاطس الرسمي.، وموت بيلاطس - الذي حكم على يسوع - أشنع ميتة، إذ قتل نفسه بيديه. ويطلق الكاتب لخياله العنان في حديثه عن يوسف الرامي.
ودراسة كل هذه الوثائق التي ذكرت آنفًا، تبرر ما يقوله مؤلفو "موسوعة ما قبل نيقيه" من أنها بينما تقدم لنا "لمحات غريبة عن حالة الضمير المسيحي وأساليب التفكير في القرون الأولى من العصر المسيحي، فإن الانطباع الدائم الذي تتركه في أذهاننا هو الإدراك الصادق لسمو وبساطة وجلال الأسفار القانونية بدرجة لا تدانى".
  رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
من الهيكل فى العهد القديم نشأت الكنيسة فى العهد الجديد
ما هي الأناجيل الباطنية (الابوكريفية) ولماذا رفضتها الكنيسة؟
كتاب مفتاح العهد الجديد - البابا تواضروس الثاني
الكتب الأبوكريفية المنحولة: متى كتبت؟ ولماذا رفضتها الكنيسة؟
كتاب العهد الجديد بالخلفيات التوضيحية


الساعة الآن 08:47 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024