09 - 09 - 2014, 01:41 PM | رقم المشاركة : ( 5901 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
لِماذا أَعتَرِفُ اليَوم، ما دُمْتُ سَأُكَرِّرُ الخَطايا نَفسَها غَدًا؟ إِذا وَقَعْتَ في الوَحْلِ وَاتَّسَخْتَ، أَلا تَذهَبُ وَتَغْتَسِلُ، أَمْ أَنَّكَ تَبقى بِدُونِ اغْتِسالٍ، بِحُجَّةِ احتِمالِ وُقُوعِكَ في الوَحلِ في اليَومِ التّالي؟! الأحرى بِكَ أَنْ تَنهَضَ وَتَغْتَسِلَ على الفَورِ لِتَعُودَ نَظِيفًا، وَتَنْتَبِهَ لِنَفْسِكَ في المَرَّةِ القادِمَةِ أَكْثَرَ، لِئَلاّ تَسْقُطَ في الوَحل. فَإِذا وَقَعْتَ بَعدَ بِضْعَةِ أَيّامٍ، فَانْهَضْ مِن جَدِيدٍ وَاغْتَسِلْ. يقولُ القدّيسُ يوحنّا الذَّهَبِيُّ الفَم: "هَلْ أَخطَأْتَ؟ لا تَيْأَسْ. فَإِذا أَخْطَأْتَ كُلَّ يَومٍ، تُبْ كُلَّ يَومٍ... إِذا دَنَّسْتَ نَفسَكَ اليَومَ بِالخَطِيئَةِ، نَظِّفْها عَلى الفَورِ بِالتَّوبة". بِهذِهِ الطَّريقَةِ، تُحافِظُ على نَظافَتِكَ مُعظَمَ الوَقت، لا العَكس. حتّى إِذا جاءَ المَسِيحُ بَغْتَةً يَجِدُكَ في حالَةِ النَّظافَة، لا في حالَةِ الاتِّساخ. |
||||
09 - 09 - 2014, 01:42 PM | رقم المشاركة : ( 5902 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
يَكفي أن أَعتَرِفَ أَمامَ الله، فَلا حاجَةَ بِي لِلذَّهابِ إلى الكاهن. أَن تَضَعَ نَفْسَكَ في مَوقِفِ الاعتِرافِ أَمامَ كاهِنٍ، يُعطِيكَ فُرصَةً للتَّواضُع. يُحَطِّمُ كِبرِياءَك. الخَجَلُ يَحْمِيكَ مِنِ ارْتِكابِ الخَطايا مُجَدَّدًا. عِندَما تَخْطَأُ، تَخْطَأُ أَمامَ اللهِ وَلا تَخْجَلُ، لأَنَّكَ لا تَراهُ. فَعِنْدَما تَعتَرِفُ أَمامَهُ فَقَطْ، تَفْعَلُ ذلِكَ بِسُهُولَةٍ لأَنَّكَ لا تَراه. فَكَأَنَّكَ، عَمَلِيًّا، تُكَلِّمُ نَفْسَكَ. ثُمَّ إِنَّ الرَّبَّ هُوَ الَّذي رَتَّبَ شَرطُونِيَّةَ الكاهنِ لِيَخْدِمَ الأَسرارَ الإلهِيَّةَ، وَمِنها سِرُّ الاعتِراف. وَهُوَ القائل: "مَنْ غَفَرْتُمْ خَطاياهُم تُغْفَرْ لَهُم، وَمَنْ أَمْسَكْتُمْ خَطاياهُمْ أُمْسِكَتْ" (يو 23:20). |
||||
09 - 09 - 2014, 01:50 PM | رقم المشاركة : ( 5903 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
التّوبة الحقيقيّة تجلب التّقديس لا شيءَ أعظمُ سموّاً ممّا يسمّى "التّوبة والإعتراف". هذا السرّ هو هِبةُ محبَّةِ الله للإنسان. بهذه الطريقة الكاملة يتحرَّر الإنسان من الشرّ. نذهب، نعترف، نشعر بمصالحةٍ مع الله، يأتي الفرح إلى داخلنا، يرحل الذنب. ليس طريق مسدود في الأرثوذكسيَّة. لا يوجد طريق مسدود، لأنَّ المعرِّف الذي أُعْطِيَتْ له نعمةُ الغفران حاضرٌ. عظيمٌ هو الأبُ الروحي!. هذا الشيء كان عندي منذ الصغر –وما زال حتى الآن. عندما كنت أقعُ في الخطايا، كنت أعترفُ بها وكانت تزولُ عنِّي كلُّها. كنت أطيرُ من فرحي. أنا خاطئ، ضعيف، ألتجئ إلى شفقة الله، أَخْلُصُ، أهدأُ، وأنسى خطاياي بكاملها. كلّ يوم أفكّر بأنَّني أُخطئ، لكنَّني أرغب في أن أجعلَ كلّ ما يحصُلُ لي صلاةً وأن لا أُغلِقَهُ في داخلي. الخطيئة تجعلُ الإنسانَ كثيرَ الإرتباكِ نفسيّا ً. هذا الإرتباكُ لا شيءَ يزيلُهُ. فقط بنور المسيح يزول الإرتباك. المسيح هو الذي يقوم بالمبادرة الأولى. «تعالوا إليَّ يا جميع المتعبين...». (متى ١١:۲٨). ونحن البشر نتقبَّلُ هذا النور برغبتنا الصالحة، التي نعبِّرُ عنها بمحبَّتنا للمسيح، بالصّلاة وبالأسرار. كي تتوبَ النفسُ، يجب أن تستيقظ، وبهذه اليقظة، تصيرُ أعجوبة التّوبة. هنا توجد رغبة الإنسان. لكنَّ الإستيقاظ لا يَعْتمدُ فقط على الإنسان. الإنسان لا يقدر وحده. الله يتدخَّل وعندها تأتي النعمة الإلهيَّة. بدون النعمةِ لا يستطيعُ الإنسان أن يتوبَ. محبَّة الله تفعل كلّ شيء. من الممكن أن يستخدمَ طرقاً ما –مرضاً أو شيئاً آخر، حسْبَ الحالة- لِيجلُبَ الإنسان إلى التّوبة. إذاً، التّوبةُ تُنجَزُ بواسطةِ النعمةِ الإلهيَّة. ببساطةٍ وبلطفٍ، نحن نفعلُ حركةً ما تُجاه الله ومن هناك فصاعداً تأتي النعمة. من الممكن أن تقولوا لي: «إذاً بالنعمة يصيرُ كلّ شيء». هذه هي نقطةٌ دقيقةٌ. وهنا يصير ذاك الذي أقولُه تحديداً. لا نستطيعُ أن نحبَّ الله، إذا ما أحبَّنا الله. يقول الرسول بولس هذا بكلام جميلٍ جداً: «وأمّا الآن إذْ عَرفْتم الله، بل بالحري عُرِفْتم من الله.....». (غلاطية ٤:۹). ويحصُلُ الشيءُ ذاتُهُ مع التّوبة. لا نستطيعُ أن نتوبَ، ِإن لم يُعطنا الربُّ التّوبة. وهذا الأمر يصلح في كلّ شيء. يعني يصلح المكتوب: «لأنَّكم بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئاً ». (يوحنا ە١:ە ). إذا لم توجد شروط مسبقة كي يدخل المسيح عميقاً في داخلنا، لا تأتي توبةٌ. الشروط المسبقة هي التّواضع، المحبَّة، الصّلاة، السَّجدات والتّعب من أجل المسيح (الجهاد). إِن لم يكن الشعور صافياً، إِن لم يوجد بساطةٌ، وإِن كان للنفس مصلحةٌ، لا تأتي النعمةٌ الإلهيَّة. عندها نذهب للإعتراف ولكن لا نشعر بارتياح.التّوبة هي شيءٌ دقيقٌ جداً. التّوبة الحقيقيّة ستجلب التّقديس. التّوبة تقدِّسنا. |
||||
09 - 09 - 2014, 01:51 PM | رقم المشاركة : ( 5904 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
عندما يعترف الإنسان، تحرِّره النعمة من الجروحات النفسيَّة لا يتحمَّلُ الإنسانُ المسؤوليّة فقط لأخطائِهِ. الأخطاء، الآثام، والأهواء ليست هي فقط مسالك حياة شخصيَّة للمعترف. كلّ إنسانٍ قد أخذ بداخله مسالك حياة والدَيْهِ، وخصوصاً مسالك الأمّ، يعني كيف كانت تعيشُ أمُّهُ خلالَ حملِها له، إذا كانت تنزعج، ماذا كانت تفعل، إذا كان يتعب جهازها العصبي، إذا كان لها فرحٌ، إذا كان لها حزنٌ، إذا كان لها كآبة. آيه، جهازها العصبي كلّه، أثَّر على جهاز جنينها العصبي. عندها، عندما يولدُ الطفلُ ويكبُرُ، يأخُذ بداخله مسالكَ حياة أمِّهِ، أي مسالكَ شخصٍ آخر. تتكوَّن حالةٌ ما في نفس الإنسان بسبب والِدَيْه، التي ترافقُهُ في حياته كلِّها. هذه الحالة تترك آثاراً في داخله، وأشياءَ كثيرة تحصل في حياته نتيجةَ هذه الحالة. تصرّفاتُهُ لها علاقة مباشرة بحالة والديه. يكبر، يتعلَّم، ولكن لا يُصحَّح. هنا يوجد قسمٌ كبيرٌ من المسؤوليَّة لحالة الإنسان الروحيَّة. بل يوجد سرٌ واحدٌ. توجد هناك طريقة كي يتحرَّر الإنسان من هذا الشرّ. هذه الطريقة هي الإعتراف الشّامل، الذي يصير بنعمة الله. أي من الممكِنِ أن يقول لك الأب الروحي: – كم كنت أريد أن نكون في مكانٍ هادئٍ، أن لا يكونَ عندي إنشغالاتٌ وأن تُخبرَني عن حياتِك منذ البداية، من الوقت الذي بدأتَ تشعرُ بذاتِك كلّ الأحداث التي تتذكَّرُها وكيف كنتَ تواجِهُها، ليس فقط المحزنة بل والمفرحة منها، ليس فقط الخطايا بل ما هو جيِّدٌ. والنجاح والفشل. كلاهما. وكلّ ما تكوِّنُهُ حياتُك. مراتٍ كثيرةٍ قد قمتُ بهذا الإعتراف الشّامل ورأيتُ عجائبَ من خلاله. في الوقت الذي تقولُها أنت للمعرِّف، تأتي النعمةُ الإلهيَّة وتحرِّرك من كلّ مسالك الحياة السيِّئة والقروح والجروحات والذنوب، لأن في الوقت الذي تقولُها، يدعو المعرِّف بحرارة للربّ لِتَحَرُّرِكَ. أي لتكون حراً. أتتني منذ زمنٍ سيِّدةٌ قد اعترفت لي بهكذا نوعٍ من الإعتراف ولاقت إفادة كبيرة. تحسَّنت حالتها النفسيَّة لأنَّ شيئاً كان يعذِّبُها. هذه السيِّدة، أرسلت إليَّ صديقتها وذهبنا خارجاً في الهواء الطلقِ لجوار الصخرة في منطقة كاليسيا. جلسنا هناك وبدأت تلك السيِّدة تكلِّمني. قلت لها: – قولي لي كلّ ما تشعرين به. إن سألتك أنا عن شيء، أجيبي. وإن لم أسألك، أكملي الكلام، حسب ما تشعرين به. كنت أتابع كلّ ما كانت تقوله لي، ليس فقط بإنتباهٍ بسيط، بل «كنت أرى» داخل عالمها النفسي تأثير الصلاة. كنت أتابع هذا التأثير في أعماق نفسها و«كنت أرى» كيف كانت النعمةُ تلِجُ إلى أعماقها، كما كنت أنا أتأمَّلُها. لأن عند الأب الروحي توجد نعمةٌ، وتوجد كذلك عند الكاهن. أتدركون هذا؟ يعني عند اعتراف الإنسان، يصلِّي الكاهنُ من أجله. وفي الوقت نفسه، تأتي النعمة وتحرِّره من الجروحات النفسيَّة، التي كانت لسنوات طويلة تعذِّبُه دون أن يعرفَ سببها. آه، إني أصدِّق هذا كثيراً!. تستطيع أن تتحدّث للمعرّف مثلما تشعر، لكن هذا ليس بالقدر المهمّ، بل بالمقدار الذي يتأمَّله الكاهن المعرِّف داخل نفسك وهو يصلِّي، ويرى كيف حالُك، ناقلاً إليك النعمةَ الإلهيَّة. قد بُرهِن أنّ هذا التأمّل هو إشعاعاتٌ روحيَّةٌ تريحُكَ وتعالجك. لا تعتقدوا أنّ هذه الإشعاعات طبيعيَّة. بل هي حقيقيَّة. ماذا حدث مع المسيح؟ كشف أمر يد النازفة الدمّ عند لمسها له وقال: «قد لمسني واحد لأنّي علمت أنّ قوةً قد خرجت منّي». (لوقا ٨: ٤٦). سوف تقول: «أجل، لكنَّه كان الله!». المسيح، بالتّأكيد، كان هو الله. تُرى ألم يفعل الرسُل العملَ ذاته؟ الآباء الروحيّون والمعرِّفون كلُّهم، أُعطِيَتْ لهم هذه النعمة، وعندما يصلّون يطلقونها كما المولِّدات. مثلاً، نريد أن نشعلَ «سخّانة» هنا الآن (بواسطة الكهرباء)، ونضع الشريط من طرفها فقط، لكن لا يتمُّ الإحتكاك، لأنّ الشريط من الطرف الآخر ليس داخل «البريز-Prize». وفي الّلحظة التي يدخل فيها الشريط، يتمُّ الإحتكاك، فتأتي الكهرُباء بواسطة هذا المولّد. هذه هي –روحانيات ديانتِنا.حديثُنا عن شريط ولكنَّه بالفعل هو «التحليل الإلهي النفسيّ». |
||||
09 - 09 - 2014, 01:52 PM | رقم المشاركة : ( 5905 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الله يغفر كلّ الخطايا بالإعتراف أن لا نعود إلى الوراء إلى الخطايا التي قد اعترفنا بها. تذكُّر الخطايا يشكّل سوءاً. هل طلبنا السماح؟ إنتهى. الله يغفر الخطايا كلَّها بالإعتراف. يجب ألاّ نرجِعَ إلى الوراء وأن ننغلقَ باليأس. أن نكون عبيداً متواضعين أمام الله. أن نشعر بالفرح وبعرفان الجميل لغفران خطايانا. ليس صحيّاً أن يبالغَ أحدٌ بحُزنِهِ لخطاياه وأن يثورَ ضدَّ ذاتِهِ الشرّيرة وصولاً حتى اليأس. اليأس وفقدان الأمل هما الأسوأ. هما فخٌ ينصُبُه الشيطان، كي يجعلَ الإنسانَ خاسراً حماسَهُ للروحانيّات وأن يحمِلَهُ إلى اليأس، إلى الكسل، وإلى اللامبالاة. عندها، لا يقدرُ الإنسان أن يفعلَ شيئاً ويُصبِح لا نفع له. يقول: «إنَّني خاطئ، بائسٌ، أنا هذا.....، أنا ذاك.....، لم أفعل هذا.....، لم أفعل ذاك..... . في ذلك الوقت، كان عليَّ أن أفعل، الآن لا شيء..... . خسرتُ سنواتي، إنِّي لستُ مستحقاً». يتكوّن عنده شعور بالإحباط، التدنّي الذاتي غير المثمر، كل هذا بالنسبة له بؤسٌ. أتعلمون كم ثقيلٌ هو هذا الشيء؟ إنَّه تواضعٌ كاذبٌ غاش. هذا كلُّه مؤشّراتُ إنسانٍ يائسٍ يسيطر عليه الشيطان. يصل الإنسان إلى حدٍّ لا يريد فيه حتى ولا أن يتناول القربان المقدّس، يعتقد أنَّه غيرُ مستحقٍ لأي شيء. يحاول أن يستخِفَّ بطاقته وبذاتهِ، فيصير غير نافعٍ. هذا هو الفخّ الذي ينصِبُهُ الشيطان، كي يفقُدَ الإنسان أملهُ في محبَّة الله. هذه هي أمورٌ مخيفةٌ، معاكسة تُجاهَ روحِ الله. وأنا أفكّر بأنَّني أخطئ. لا أسيرُ (بالجهاد) جيّداً، ولكن كلّ ما يُزعجني، أجعلُهُ صلاةً، لا أُقفِلُ عليه في داخلي، أذهب إلى الأب الروحي، أعترف له به، وانتهى! أن لا نعودَ إلى الوراء ونقولَ لماذا لم نجعلَ من اليأس صلاة. الذي له معنى هو ماذا سنفعل الآن، منذ هذه اللحظة وبعدَها. كما يقول الرسول بولس: «إذْ أنا أنسى ما هو وراء وأمتدّ إلى ما هو قدّام». (فيليبي ۳:١۳). كان روحُ الجبنِ يذهب إلى الرسول بولس ليقطعَ له محاولتَهُ المتَّجهة نحو المسيح، لكنَّه تمنطق بالشّجاعة وقال: «..... فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيَّ ». (غلاطية ٢:۲٠). والقول الآخر: «من سيفصلنا عن محبَّة المسيح. أشدةٌ أم ضيقٌ أم اضطهادٌ أم جوعٌ أم عريٌ أم خطرٌ أم سيفٌ. كما هو مكتوب إنَّنا من أجلك نُماتُ كلّ النهار. قد حُسبنا مثل غنم للذبح». (رومية ٨: 35- ۳٦). ويقول داود النبيّ: «لا أموت بل أحيا وأحدّث بأعمال الربّ ». (مزمور ١١٧ : ١٧ ). جِدوا اللّذةَ في الكتابات المقدَّسة. تذكَّروا ذلك القول الجميل: «أنا أحبّ الذين يحبّونني، والذين يبكّرون إليّ يجدونني ». (أمثال ٨ :١٧). |
||||
09 - 09 - 2014, 01:53 PM | رقم المشاركة : ( 5906 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
عند المسيح يوجد كلّ ما هو جميلٌ وصحيّ إنْ أحببنا المسيح، يهونُ ويسهُلُ كلّ شيء. أنا لم أصل إلى تطبيقه بعد. أحاول الآن أن أحبَّه. عند المسيح يوجد كلّ ما هو جميلٌ وصحيّ. النفس الصحيّة تعيش نِعَمَ الروحِ القدس، التي هي: «محبّة، فرح، سلام، طول أناة، لطف، صلاح، إيمان، وداعة، تعفّف». (غلاطية ە:٢٢– ٢۳). إنسان الله يعيش أيضاً كلّ ما يقوله الرسول بولس في نشيد المحبَّة: «المحبَّة تتأنّى وترفق.....لا تظنُّ السوءَ.....تحتمل كلّ شيء وتصدّق كلّ شيء.....المحبَّة لا تسقط أبداً» . (كورنثوس الأولى ١۳:٤– ٨). هل عندكم هذه المحبَّة كلُّها؟ إذن تكون لكم السعادة، المسيح، الفردوس. وبنيتُكُم الجسدية أيضاً تعمل بإعجابٍ دون خلل. نعمة الله تغيِّرُ الإنسان وتبدِّلُهُ نفسيّاً وجسديّاً. عندها ترحلُ كلّ الأمراض. فلا التهاب في المصران الغليظ، ولا في الغدّة ولا في المعدة ولا شيء. تعملُ كلُّها بشكل طبيعي. إنَّ المشْيَ لَرائع وكذلك العملُ، والحركة، وأن تتمتَّع بالصحّة. لكن، أن تتمتَّع أولاً بالصحّة النفسيّة. الأساس هو الصحّة النفسيّة وتتبعها الجسديّة. الأمراض كلُّها تقريباً تأتي مسبقاً من نقصِ الثقة بالله وهذا يصنعُ القلق. إلغاءُ الإحساس الدّيني يولِّدُ هذا القلق. إِن لم يكن عندكم عشقٌ للمسيح، إِن لم تنشغلوا بعوامل مقدّسة، بالتّأكيد ستُملأون بالكآبة وبالشرّ. لكن، ماذا يحصَلُ في العالم؟ إستمعوا لي لأقولَ لكم مثلاً. ذهبت فتاةٌ لعيادةِ طبيب ووصف لها «هورمونات». قلت لها: – يا إبنتي، لا تأخذيها! أنا لست طبيباً، ولا أريد أن تفعلي هذا على مسؤوليَّتي، لكن أفهم إنَّه يجب عليك أن لا تأخذيها. من المستحسن أن تذهبي على الأقلّ لعيادةِ طبيب غدد Endocrinologue»». مشكلتكِ هي أكثرُ إختصاصاً بطبيب غدد. هي من الزعل المفرط. – بالفعل، لقد مررْتُ بزعلٍ مفرط. – ايه، هذا هو! كوني بسلام، إهدأي، إعترفي، تناولي القربان المقدّس وستتسوّى حالتُكِ كلُّها. ذهبت على الأثر لعيادةِ طبيب غدد وأخبرته بما كان يحصُلُ معها. قال لها الطبيب باستغراب Pa, Pa, Pa .................. – توقَّفي عن أخذ هذه الأدوية! إرميها! ستؤذيك كثيراً. وبعد هذه المقابلة إتَّصلت بي هاتفيّاً: – كلّ ما قلتَهُ أنت لي، قالهُ لِيَ الطبيب. أتَرَوْنَ، ماذا يحصُلُ؟ بالإعتراف والمناولة المقدَّسة قد شفِيَ أناسٌ كثيرون. عندما يخلو أحدٌ من المسيح، تأتيه آلاف التجارب وتملأه حسداً، كرهاً، ضجراً، كآبة، ردَّةَ فعلٍ، فكراً دنيوياً وأفراحاً دنيويّة. حاولوا أن تملأوا نفوسَكُم بالمسيح، كي لا تكونَ فارغةً. نفوسُنا تشبه حوضاً مملوءاً ماءً. إن رمَيْتَ الماءَ نحو الأزهار، أي الفضائل التي هي طريق الخير، ستعيش الفرح الحقيقي وتوقف نموّ المساوىء، أي الأشواك. لكن، إن رميتَ الماءَ نحو الأشواك، فستنمو هذه، وتخنقُكَ وستذبُلُ كلّ الأزهار. إرموا الأشواك كلّها في الهواء، وهكذا ستعيشون الفرح، بنعمة الله. «أستطيع كلّ شيء في المسيح الذي يقوّيني. (فيليبي ٤:١٣). لا تقولوا إنَّكم ستنجزون شيئاً. لا تتصوّروا هذا أبداً. قال الربّ: «من دوني لا تستطيعون أن تفعلوا شيئاً». ولا يصير هذا بغير معونة الربّ. يجب ألاّ يثق الإنسان أبداً بقواه بل برحمة ورأفة الله. الإنسان سيقوم بمحاولة صغيرة، والمسيح سوف يكلِّلُها. إنَّه لضلالٌ أن تصدِّقوا بأنَّكم فُزتم لوحدكم بشيء. بقدرِ ما يتقدّم الإنسان ويقترب من المسيح، بقدرِ ما يتكاثر شعورُهُ بأنَّه غيرُ كامل. في وقت يقول الفرّيسي: «أنا! أنا صالحٌ، أفعل هذا، وأفعل ذاك، وذلك.....»، إنَّه لَفي ضلال. |
||||
09 - 09 - 2014, 01:54 PM | رقم المشاركة : ( 5907 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الصّلاة، – عبادة الله – تحوّل الكآبة وتجعل منها فرحاً يحصلُ اليومَ مرّاتٍ كثيرةً بأنَّ الإنسان يشعُرُ بشدّةٍ، بيأسٍ، بضعفٍ، بكسلٍ، بضجرٍ وبكلّ التّجارب الشيطانيّة. أن يكون الإنسان في ضيقٍ، في بكاءٍ، في إكتئابٍ، أن لا يعطي أهميّةً لعائلتِهِ، أن يبذِّرَ كومة من الأموال ثمنَ أدوية لمحلّلين نفسانيّين. يصف الناس هذه الحالات «بعدم الإستقرار والأمان». ديانتنا تؤمن بأنَّ هذه الحالات هي تجارُب شيطانيّة. الألم قوّةٌ نفسيّةٌ وضعها الله في داخلنا، بهدف فعل الخير، المحبَّة، الفرح، والصّلاة. عكس ذلك، يصل الشيطان إلى هدفه فيتناول هذه القوّة النفسيّة من بطّارية نفسنا ويستخدمها للشرّ، مسبّباً لها كآبةً، حاملاً النفسَ إلى الكسل والضجر. يعذّب الإنسان، يعتقلُهُ ويمرضُهُ نفسيّاً. يوجد سرٌ واحدٌ. أن تحوّلوا الطاقة الشيطانيّة إلى طاقة خيّرة. إنَّه صعب وبحاجةٍ إلى إستعدادٍ ما. الإستعداد هو التّواضع. وبالتّواضع تنتزعون النعمة الإلهيّة. أعطوا أنفسكم إلى محبَّة الله، إلى عبادته، إلى الصّلاة. ولكن إن فعلتم هذا كلَّه، دون أن تمتلكوا التّواضع، فما حقَّقتم شيئاً. كلّ الأحاسيس الشرّيرة، عدم الإستقرار، اليأس، الإحباط، التي تذهب للسَّيطرة على النفس، تختفي بالتّواضع. المتكبّر، الأناني يرفض أن تقطع له إرادتَهُ، أن تفضَحَهُ وأن توجِّه إليه الإرشادات. ينزعجُ، يعصِّبُ، يثورُ، ينفعلُ وتتسلَّط عليه الكآبة. هذه الحالة تُشفى بالنعمة. على النفس أن تغيّر إتّجاهها صوبَ محبَّة الله. الشفاءُ سوف يصير بأن تحبَّ النفسُ الله بشغف. كثيرون من قدّيسينا حوّلوا الكآبة إلى فرحٍ بالمحبَّة تجاه المسيح. أي كانوا يتناولون هذه القوّة النفسيّة، يسلِّمونَها إلى الله، ويبدِّلونَها فرحاً وتهليلاً، في حين كان الشيطان يريدُ تدميرَها. الصّلاة، عبادة الله تحوّل وتقْلُبُ الكآبةَ شيئاً فشيئأً إلى فرحٍ، لأنَّ نعمةَ الله تعملُ فعلَها. هنا بحاجةٍ، أن تكون لك القوّة، لِتنتزِعَ نعمةَ الله التي ستساعدك على أن تتَّحدَ به، ويُحتاج كذلك إلى فنّ. عندما تسلّم نفسك إلى الله وتصبحُ واحداً معه، ستنسى الروح الشرّيرة التي كانت تشدُّكَ من الخلف، وبتجاهُلِكَ لها سترحل هذه الروح. ومن بعد، بقدرِ ما تتفرَّغ لروحِ الله، بقدرِ ما تتوقَّف عن النظرِ إلى الخلف، لترى الروح التي كانت تشدُّك. عندما تجذبُكَ النعمة، تتّحدُ مع الله. وعندما تتَّحد مع الله وتسلّم نفسك إليه، ترحل كلّ الأشياء الأخرى، تنساها وتخلُص. الفنّ الكبير، إذن، السرّ الكبير، لتتحرّر من الكآبة وكلّ الأشياء السلبية هو أن تسلّم نفسك لمحبَّة الله. شيءٌ واحدٌ يقدرُ أن يساعدَ المكتئب هو العمل، الإهتمام للحياة. الحديقة، النّباتات، الأزهار، الأشجار، المصْيَف، السير والمشي في الهواء الطلق، هذه الأشياء كلّها ترفعُ الإنسان من الكسل وتخلقُ له إهتماماتٍ أخرى. تفعلُ وتؤثّرُ كالأدوية. الإنشغال بالفنّ، بالموسيقى إلخ.....تعملُ عملاً جيّداً. أمّا إلى جانب ذلك، فأُعطي المعنى الأكبر للإهتمام بالكنيسة، لمطالعة الكتاب المقدَّس، وللخِدَم الكنسيّة. مطالعاً ومتلقِّناً أقوالَ الله، يُشفى أحدٌ دون فهمِهِ السّبب. لأقُصَّ عليكم قصَّةَ فتاةٍ، أتت إليّ أنا الحقير( في الربّ ). كانت تعاني من كآبة مخيفة. لم يُشفِها أيُّ دواءٍ، تركَتْ كلّ شيء. تركَتْ عملَها، بيتَها، وإنشغالاتِها. أمّا أنا فقلت لها ما أعرِفُهُ. قلت لها عن محبَّة المسيح، التي تعتقلُ النَّفسَ، لأنَّ نعمةَ الله تملأُ النَّفسَ وتبدّلها. أفهَمتُها أنَّ هذه القوّة هي شيطانيّةٌ تأخذ النَّفس وتحوّلُ قوَّتَها إلى كآبةٍ، ترميها إلى أسفل، تعذِّبُها وتصيّرها غير مفيدة. نصحتها بأن تنشغلَ بإنشغالاتٍ عدّة، بالموسيقى مثلاً، التي كانت تعْجبُها أولاً إلخ. |
||||
09 - 09 - 2014, 01:56 PM | رقم المشاركة : ( 5908 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الحض على التوبة القديس أفرام السرياني تعالوا يا أحبائى هلموا يا آبائى وإخوتى يا رعية الآب المنتخبة يا جند المسيح الموسومين تعالوا فاسمعوا قولاً يخص نفوسكم، هلموا فلنتجر ما دام الموسم واقفاً، تعالوا فلنجد حياة أبدية هلموا فلنتبع خلاص نفوسنا. املئوا أعينكم دموعاً ففى الحين تنفتح أعين ذهنكم ؛ تعالوا كلنا أجمع الأغنياء والفقراء ؛ الرؤساء والمرؤوسين ؛ الشيوخ مع الشبان ؛ الأبناء والبنات ؛ وكل البنين المريدين أن ينجوا من العذاب الخالد ويصيروا لملكوت السموات وارثين. فلنتضرع مع داود النبى إلى الرب الرحوم المتعطف على الناس قائلين: ” اكشف حجاب عينى فأتأمل من ناموسك عجائب ؛ أنر عينى لئلا أتضجع للوفاة “. ولنهتف كما هتف الأعمى: ” يا ابن الإله ارحمنى “. فإن منعنا قوم وانتهرونا لنصمت ؛ فلنصرخ نحوه أكثر ولا نضجر من الصراخ إلى أن يفتح يسوع المعطى النور أعين قلوبنا، تقدموا إلى المسيح اقتربوا منه واستضيئوا فلا تخزى وجوهكم واتخذوا فكراً سديداً وشوقاً إلى الملك والفردوس. تَهاونوا بأمور هذا الدهر ؛ اجتهدوا فى هذه الساعة الحادية عشر ؛ حاضروا لئلا يغلق الباب دونكم ؛ فقد قرب المساء الذى يأتى فيه المعطى الأجر بمجد جزيل ليعطى كل أحد نظير أعماله. ولنتبن يا إخوتى ما دام لنا وقت ؛ فقد سمعتم ماذا يقول المسيح: ” إن فرحاً يصير فى السماء بخاطئ واحد يتوب “. أيها الخاطئ لم تتوانى لم تيئس ؟ إن كان يصير فى السماء فرح إذا تبت فممن تخاف ؟ إن الملائكة يفرحون وأنت تتوانى، رئيس الملائكة هو الكارز بالتوبة وأنت تَهرب، الثالوث الطاهر والذى لا يوسع والمسجود له يستدعيك وأنت تتنهد. لا يحل لنا اهتمام العالم لئلا تمررنا النار الخالدة والدود الذى لا يرقد، فلنبكى ههنا قليلاً لئلا نبكى هناك إذا عُذِبنا بكاءً أبدياً، احذروا آلا يتوانى أحدكم فإن ورود المسيح يصير بغتة كبرق خلب ؛ أما ترهبون ؟ إن فى تلك الساعة ينال كل أحد نظير أعماله، كل أحد يحمل وسقه، كل أحد يحصد ما زرع، كلنا نقف عراة أمام عرش المسيح ، وكل واحد منا يعطى القاضى جواباً. فى تلك الساعة لا يقدر أحداً أن يغيث أحداً، لا الأخ أخاه، ولا الوالدين أبنائهم، ولا الأولاد آبائهم، ولا الأصدقاء خلانِهم، ولا رجل قرينته، لكن كل واحد يقف بخوف ورعب منتظراً أن يسمع القضية من اللـه. فلِمَ نضجع فيما بعد ولا نستعد ؟ لماذا لا نَهتم بحجج الاعتذار ما دام لنا وقت ؟ ولِمَ نتهاون بالكتب المقدسة وبكلمات المسيح ؟ هل تظنون أن أقواله وأقوال القديسين لا تديننا فى ذلك اليوم بحضرة المقام المرهب إن لم نعمل ونحفظ كل ما أوصتنا. قد سمعتم ماذا يقول الرب للتلاميذ: ” من يسمع منكم يسمع منى ومن يخالفكم إياى يخالف ولأبى “. وفى فصل آخر يقول أيضاً: ” من يخالفنى ولا يسمع أقوالى أنا لا أدينه لكن له من يدينه القول الذى قلته ذاك يدينه فى اليوم الأخير “. ترى أى قول مزمع أن يديننا فى ذلك اليوم الأخير ! هو إنجيله المقدس وباقى كتب الأنبياء والرسل المقدسة. فلهذا اطلب إليكم يا إخوتى ألا تتهاونوا بالمكتوبات، إن السماء والأرض تزولان وأما أقوال المسيح فلا تتغير. هلموا يا إخوتى قبل مجىء ذلك اليوم الرهيب، فلنلقى أنفسنا فى لجة رأفات اللـه فهو الإله ؛ فيتقدم ويأمر ويستدعينا كلنا قائلاً: ” تعالوا إلىَّ يا كافة المتعبين والثقيلى الأحمال وأنا أريحكم “. فالمحب للناس، والمحتمل البشر يستدعى فى كل وقت الجميع. المتحنن والمتمهل الذى يريد أن جميع الناس يخلصون لم يأمر باستدعاء المختصين به فقط بل يستدعى ٍالكل. ” تعالوا إلىَّ كلكم “. وإن كنت موسراً أو مقفراً فإن المقبل إلىَّ لا أخرجه خارجاً. من هو المقبل إلىَّ ؟ الذى عنده وصاياى ويقبلها ويحفظها، الذى يسمع قولى ويؤمن بمن أرسلنى. مغبوط من يسمع قوله ويحفظه، وشقى من يخالفه، فإن ذلك القول يدينه فى اليوم الأخير، كما كتب مرهوب هو الوقوع فى يد اللـه الحى. تب أيها الأخ ولا تجبن، تب أيها الخاطئ واثقاً وناظراً إلى تعطف المسيح الذى لا يحصى القائل: “ما جئت لأدعو صديقين فقط بل خطاة إلى التوبة “. تب لئلا تخجل أمام المقام المرهب حيث تقف بخوف حيث ألوف وربوات ملائكة ورؤساء ملائكة حين تصير الأشياء المكتومة ظاهرة. حين تفتح الكتب، حين يفرز البعض من بعض كما يفرز الغنم عن الجداء، بالحقيقة أنَها ساعة مرهبة ومجزعة، لأن الحاكم عادل مرهوب مذهل. من ذا لا يخلف ! من لا يجزع من تلك الساعة ! لأن القاضى قوى الاقتدار، ومجلس القضاء غير مستشفع، وأعمالنا تكون منتصبة أمام أعيننا، ونَهر النار قبالة الموقف، وتسبيح الملائكة مع الصديقين بلا صمت، ونحيب الخطاة غير محتمل، والدموع غير نافعة، حينئذ تنفتح الكنوز والصديقون يتمتعون. مغبوطون الذين عطشوا وجاعوا فإنَهم هناك سيشبعون، وويل للشباعى فإنَهم هناك يجوعون ويعطشون، والطوبى للذين افتقروا وبكوا فإنَهم هناك يضحكون ويُعَزون. وويل للذين يضحكون الآن فإنَهم هناك ينوحون ويبكون بلا فتور، والطوبى للذين رحموا فإنَهم هناك سيرحمون، والويل للذين لا رحمه لهم. لقد سمعتم كيف يطوب المجاهدين ؛ وكيف يعطى الويل للمتوانيين ؛ فإذ لنا مثل هذه كلها فلنحرص أن نخلص، ولا نبصر إلى المتوانيين والمتنعمين فإنَهم كالحشيش يجفون سريعاً. لا نحب هذا الدهر فأنه يعرقل الذين يحبونه، يطرب مقدار ساعة ويرسل الإنسان إلى ذات العذاب عارياً. اسمع وأصغ إلى الكتب الإلهية، فلا تتعرقل ولا تنخدع من هذا العالم الخبيث، اسمع هذا يقول يوحنا المتكلم فى اللاهوت ” لا تحبوا العالم ولا شيئاً مما فيه فإن سائر الأشياء التى فى العالم هى شهوة الجسد وشهوة العيون والعالم يعبر ومن يعمل مشيئة اللـه يبقى إلى الأبد “. اسمع الرب يقول: “ماذا ينفع الإنسان إن ربح العالم كله وخسر نفسه”. أصغَ باهتمام إلى كلامه فإن القول الذى قال وعلم به ذاك يديننا فى اليوم الأخير، أترى الرب كاذباً حاشا لأنه هو الحق فإن كنت تعرف بمبالغه أنه هو الحق وأن أقواله غير كاذبة فلِمَ تتوانى يا شقى ؟ ماذا تتوقع ؟ ماذا تفتكر ؟ من يعتذر عنك ؟ أما عرفت أن كل أحد يعطى عن نفسه للـه جواباً ؟ أما عرفت أن كل أحد يحصد ما زرع ؟ وكل أحد يحمل أثقاله ؟. فإذ لك وقت فبدد ثقل خطاياك فإن الإله العطوف على الناس يستدعيك قائلاً: ” تعالوا يا معشر الموقرين “. فإذ يأمر الكل بِهذا فلا ييئس أحد، ولا يجترئ أحد أن يقول: ” أننى ما أخطأت “. فإن من يقول أننى ما أخطأت فذلك أعمى ومكفوف وأشقى كافة الناس لأن يوحنا الإنجيلى يقول: “إن قلنا أن لا خطيئة لنا نكذب ولا نعمل الحق ونخادع أنفسنا ونجعل اللـه كاذباً “. لأن ليس أحد نقياً من خطية. فماذا إذاً، إن الحاجة ماسة إلى الدموع لنغسل خطايانا قائلين مرتلين مع داود النبى ” اغسلني فأبيض أكثر من الثلج “. وأيضاً ” أحم فى كل ليلة سريرى وأبل فراشى بعبراتى “. وذلك إنما أخطأ ليلة واحدة فبكى كل ليلة، فلذلك أستوضح مغبوطاً لأن النبى سبق فأبصر بمبالغة القائل: الطوبى للذين ينوحون. لا تشتهى شيئاً من أشياء هذا العالم الزائل، أبغض الثياب الناعمة والزينات والوشاءَ أمقت تلوينات الأصباغ، التصفف، التزين، التبختر، الأغانى الشيطانية، والمعازف، والصفارات، وتصفيقات الأيدى، والأصوات الغير مرتبة الوحشية. أولاً تعلم يا شقى أن هذه كلها بذور الشيطان هذه كلها يعملها أمم العالم الذين لا رجاء خلاص لهم، فلا نماثلن الأمم لئلا ندان معهم. قد سمعتم الرسول يقول: هذا أقوله واستشهد بالرب ألا تسلكوا أيضاً كما تسلك الأمم باغترار عقلهم المظلم ذهنهم. فإذ قد تركنا أعمال الأمم فلا نعود إلى الأشياء التى وراء أى التى قد سلفت ونعملها أيضاً ؛ قد جحدت دفعة الشيطان وملائكته ووافقت المسيح بحضرة شهود كثيرين. فانظر لمن قد وافقت وعاهدت ولا تستهون به ؛ واعرف هذا أن فى تلك الساعة كتب ملائكة أقوالك ومعاهداتك وخضوعك وخباؤها فى السموات إلى يوم الدينونة الرهيب. فمن أجل هذا لا تخشىَ ولا تفرق إذ فى يوم الدينونة يُحضِر الملائكة كتاب الوثيقة التى عليك وكلمات فمك أمام المقام المرهب حيث يقف الملائكة مرتعدين، وحينئذ تسمع الصوت المويِّل: ” أيها العبد الخبيث من فمك أدينك بالحقيقة “. أنك تتنهد حينئذ تنهداً مراً، وتبكى فى تلك الساعة ولن ينفعك شىءٌ ارحم نفسك ولا تبغض مهجتك. افتح عينيك وابصر كيف أن قوماً كثيرين يجاهدون ؛ كيف يحرصون أن يخلصوا ؛ كيف يكلفون ذواتِهم فى كل عمل صالح. كيف يحفظون ذاتَهم من الحسد، من القرف، من البغض، من الضحك، من الزنا، من التنعم، من الخصومة ؛ كيف قد احبوا الطريق الضيق صائمين ساهرين ملازمين الشقاء وباكين، كيف قد أعدوا مصابيحهم بَهية. كيف يسبح فمهم كل حين ويمجد الختن الذى لا يموت وعيونَهم متأملة جماله ونفوسهم مبتهجة. تأمل وانظر أنه قد قرب ولا يبطئ ؛ لأنه يجىء ليفرح الذين يُحبونه، يأتى ليعزى الذين ناحوا وبكوا لا على المائت ولا على خسران المال الوقتى بل من أجل الخطية السهل افتعالها ؛ ومن أجل الملكوت الذى لا نَهاية له. ومن أجل نعيم الفردوس المطرب الذى أُخرجنا منه لما خالفنا وصية اللـه حيث يعود إليه أيضاً النائحون والباكون. يجىء ليكلل الذين جاهدوا بمفترض الجهاد الذين احبوا الطريقة الضيقة الضاغطة، يأتى ليرحم الرحومين. يجىء ليطوب الذين تمسكنوا من أجله، يأتى ليشبع الذين جاعوا من أجله وعطشوا من الخيرات، يجىء لينير مكتومات الظلمة ويظهر آراء القلوب. ولِمَ لا أقول قولاً وجيزاً يجىء ليعطى كل أحد نظير أعماله، يجىء لا من الأرض كما جاء فى المرة الأولى لكن من السموات بقوة ومجد كثير. حينئذ تُضرب الأبواق فتتزعزع قوات السماء، وترتعد الأرض كلها كالبحر من قِبَل مجده، ويجرى أمامه نَهر نار ينظف الأرض من المآثم. حينئذ يصير بغتة صوت ها الختن يجئ ؛ ها السرور المنتظر يوافى، وها فخر الصديقين، شمس العدل مقبل هل ملك المتملكين وارد الذى لا انقضاء لملكه، ها القاضى العادل آتى الآن اخرجوا لاستقباله سريعاً. وحينئذٍ يوافى الذين لهم مصابيح مضيئة وحلتهم منيرة فيسمعون صوت الختن قائلاً: ” تعالوا يا مباركى أبى رثوا الملك المعد لكم من قبل إنشاء العالم “. فلما يصير هذا الصراخ مسموعاً من الكل يخرج إلى استقباله الذين لهم مصابيح مضيئة بَهية بدالة جزيلة مبتهجين واثقين أن مصابيحهم لا تنطفئ. حينئذ إذا رأيت ذاتك فى غم عظيم، فى خيبة رديئة وشدة غير محتملة، وإذا عاينت مصباحك انطفأ تقول بخزى وخجل: ” يا إخوتى أقرضونى زيتاً قليلاً فقد انطفأ مصباحى “. فيجيبونك قائلين: ” لعله لا يكفينا وإياك لكن أذهب إلى الذين يبيعون وأشترى لك “. فتمضى بخزى وتوجع وتنهد مر باكياً فلا تجد ألبته زيتاً تشتريه لأنه قد أنحل موسم الحياة وكل حياتَهم ترتعد كالبحر. قد انصرف الفقراء الجالسون حول أبواب الكنائس الذين يبيعون الزيت هناك، فتضيق بك الأمور من كل جهة وتتحير باكياً منتحباً قائلاً: أمضى أقرع باب المسيح لكن من يعرف إن كان يفتح لى. فإذا جئت تقرع يجاوبك الختن من داخل: ” حقاً أقول لك لستُ أعرفك أنصرف عنى يا عامل الإثم ما رَحمت فلا تُرحم، ما سمعت صوت الفقراء ولا أنا اسمع صوتك. كنت تسمع كتبى المقدسة وتضحك ؛ فلهذا لا اسمح لك أن تدخل، نبذت أوامر أنبيائى ورسلى ؛ فلهذا القول الذى قلته ذاك يدينك فى هذا اليوم الأخير انصرف عنى. لم تقبل الباب الضيق ؛ خضبت بشرتك وقتلت نفسك ؛ وكيف تريد أن تدخل ههنا وتدنس مملكتى ؛ دنست بشرتك وأوعبت فمك قرفاً وسلباً وعملت مشيئات الشيطان وطرحت مشيئتى ؛ وأبغضت قريبك والآن تتضرع أن تدخل إلى حيث لم تُرسِل شيئاً حيث ليس لك شيئاً موضوع. لا دموع، ولا بكاء، ولا صوم، ولا سهر، ولا تسبيح، ولا بتولية، ولا صبر، ولا صدقة، ولا شيئاً من هذه تقدمت وأرسلتها إلى هنا، فماذا تطلب ؟ هذا مسكن إنما يسكنه الذين تمسكنوا من أجلى، هذه المملكة للرحومين، هذا الفرح للنائحين، هذا السرور للنادمين والتائبين، هذه النياحة للصائمين والساهرين، هذه الحياة لليتامى والأرامل. ههنا يفرح الذين جاعوا وعطشوا فرحاً مؤبداً، فأنت قد أخذت خيراتك فى حياتك أنصرف عنى إلى النار الأبدية “. هذه تسمعها واقفاً خازياً ؛ ومطرقاً إلى أسفل ؛ وفى حين وقوفك يأتى إلى أذنك صوت الفرح والابتهاج وتعرف صوت كل واحد من رفقائك، فحينئذٍ تتنهد تنهداً مراً قائلاً: ” ويلى أنا الشقى كيف عدمت هذا المجد وتميزت عن رفقتى ؛ كنتُ معهم طول أيام حياتى والآن انفصلت عنهم، بالحقيقة أصابنى هذا عن استحقاق. كان أولئك يمسكون عن الأغذية وغيرها وأنا كنت أبادر إلى الأغذية والأعشية، كان أولئك يرتلون وأنا صامت، كان أولئك يصلون وأنا أتنزه، كان أولئك يضعون ذاتَهم وأنا أتكبر، كان أولئك يستهونون بذاتِهم وأنا أتزين، كانوا يبكون وأنا أضحك. فلهذا الآن أولئك يبتهجون وأنا أنتحب أولئك يسرون وأنا أبكى، يتملك أولئك مع المسيح إلى الدهور التى لا تنتهى وأنا أُرْسَّل مع معاند المسيح إلى النار الخالدة، الويل لى أنا الشقى. ما هو الذى أنا أدخل به ؟ كم خيرات قد عدمتها لكى ما أعمل مشيئة الشيطان زمناً يسيراً. الآن علمت أن كل أحد يأخذ نظير أعماله، الآن علمت أن العالم غرر بى واعتقلنى، وها كم من خيرات عدمتها نفسى وكم شرور جلبتها على ذاتى “. هذه ونظائرها تقولها منتحباً لكنك لا تنتفع بِها لأن هناك لا منفعة من التوبة والندامة. فمن أجل هذا تُناشدنا وتُوصينا الكتب المقدسة كتب الرسل والأنبياء والقديسين أن الحظوظ الصالحة التى أعدها اللـه للذين أحبوه ما رأتْها عين ولا سمعتها أذن ولا خطرت على بال إنسان. فقد سمعت أيضاً الرب يقول: لا تخافوا من الذين يقتلون الجسد. وفى فصل آخر يقول أيضاً: الطوبى للمطرودين من أجلى. ولهذا يقول الرسول: لا تنخدعوا فإن اللـه لا ينخدع، الشىء الذى يزرعه الإنسان إياه يحصد فمن يزرع فى الجسد يحصد بلاءً ومن يزرع فى الروح يحصد من الروح حياة خالدة، لأن الذين يزرعون بالدموع يحصدون بالابتهاج. أصغوا يا إخوتى وتذكروا المكتوب فقد قال:خرج الزارع ليزرع زرعه. فمن هو الذى خرج وزرع ؟ هو ربنا يسوع المسيح سيد المنزل الخطير. ماذا زرع ؟ قول البشارة، وصاياه المقدسة. أين زرعها ؟ وفى أية أرض ؟ فى قلوب الناس، فى كافة أقاصى الأرض. لكن الكل لم يسمعوا الإنجيل، ولا كلهم يعملون فلاحات لكي ما وقع زرع الرب يعمل ثمراً ؛ لكنهم فى أرض بور، وذات شوك وخديعة. يقبلون قول الإنجيل، وإذ هم متصرفون فى أمور العالم وثروته ولذاته يختنقون ولا يعطون ثمراً. فأنتم يا أحبائى قوموا قلوبكم ومهدوها لقبول بشارة الإنجيل، ولا يخنق قلوبكم اهتمام العالم الكثير، فلنسعى من أجل الحاجة لا من أجل التنعم، ولنرضى بالقوت الكافى. إن لازمتم التنعم والاستكثار فسيكون تعبكم كثيراً وجريكم لا يقف أصلاً وغمكم لا ينتهى وعيشكم كثير الاهتمام. يا إخوتى إن الحاجة إلى شيء واحد كما قال الرب، وهذه الأشياء يجب أن نصنعها فى جزء من همنا من أجل اضطرار الجسد، وتلك الفضائل يجب أن نصنعها بلا فتور من أجل خلاص النفس لأن ليس شيء أعلى قدراً من النفس. فمن أجلها يا إخوتى فلنحاضر ونَهتم ونستعد كل يوم ولا نفنِ كل زماننا فى الاهتمام بالجسد، لكن إذا جاع الجسم وطلب طعاماً فتذكر أنت أن النفس أيضاً لها حاجتها. وكما أن الجسد إن لم يستعمل خبزاً لا يستطيع أن يعيش كذلك النفس إن لم تتغذى بالحكمة الروحانية فهى مائتة ؛ لأن الإنسان مركب من نفس وجسد. فلذلك قال المخلص: أنه ليس بالخبز يعيش الإنسان فقط. فأنت إذاً كقهرمان نجيب أعطِ النفس أغذية النفس وأمنح الجسد أغذية الجسد ؛ ولا تطعم جسدك وحده وتترك نفسك مقفرة مائتة بالجوع، ولا تدع نفسك تموت لكن غذيها بالأقوال، بالمزامير، بالتسابيح، بالترانيم الروحانية، بقراءَة الكتب الإلهية، بالأصوام، بالأسهار، بالعبرات، بالرجاء، والدراسة فى الخيرات المستأنفة. هذه ونظائرها هى طعام النفس وحياتَها. أحذروا يا إخوتى أن يوجد أحدكم غير مثمر، من يزرع للجسد تمتع العالم، تنعماً ؛ الأعشية والأغذية ؛ من جسده يحصد بكاءً. ومن يزرع للروح صلاة، وسهراً، وصوماً من الروح يحصد حياةً أبديةً. تأملوا وأبصروا إن المتنعمين لا يمدحهم أحداً أصلاً، ولا المتنزهين، ولا الضاحكين لأن هذه تصنعها الأمم. أما الشريعة التى لنا فهى هذه: ” مغبوطون المساكين بالروح، الطوبى للنائحين، الطوبى للرحومين، الطوبى للمطرودين، الطوبى للمعيرين، الطوبى للأنقياء القلب، الطوبى للمتمسكين بالحِمية. الطوبى للذين حفظوا المعمودية طاهرة، الطوبى للذين يزهدون فى هذا العالم من أجل المسيح، مغبوطة أجسام البتوليين، الطوبى للذين لهم نساء وكأن ليس لهم، الطوبى للمتيقظين والمصلين. الطوبى للذين يقدمون نظرهم للوارد ليدين الأحياء والأموات، الطوبى للذين يبكون فى صلواتَهم “. هذه الفرائض المستقيمة هى أمانتهم الإلهية، أى كتاب يطوب الذين يصفرون، ويعزفون، أو الذين يضحكون، أو الذين يتنعمون، أو السكيرين، والمعربدين، أو الذين يرقصون، والمحبين للعالم. هذه الأشياء التى فى العالم لم تأمرنا بِها شريعتنا، ولم تُشِر إليها ؛ هذه لم يُعَلم بِها ربنا. لكن يويل من يستعملها قائلاً: الويل للضاحكين الآن لأنَهم سيبكون وينوحون، الويل للشباعى لأنَهم سيجوعون، الويل لكم أيها الأغنياء. ويقول أيضاً النبى: الويل للذين يقولون إن الردىء جيد والجيد ردىء، والجاعلين النور ظلمة والظلمة نوراً، الجاعلين الحلو مراً والمر حلواً، الويل للذين يذكون المنافق من أجل الهدايا وينتزعون حق الصديق. الويل للذين يقومون بالغداة ويطلبون المسكر ويلبسون فيه إلى المساء فإن الخمر تحرقهم، لأنَهم بالمعازف والدفوف والصفارات يشربون النبيذ، ولا يشاهدون أعمال اللـه، ولا يتأملون صنائع يديه وهذه ونظائرها للمحبين العالم ؛ والناس الوادين للجسد لا المحبين للمسيح. أتشاء أن تسمع أوصاف يسيرة من التى المحبين للمسيح، والسالكين فى الطريق الضيق، اسمع الرسول قائلاً: ” فى كل شيء نُظهر ذواتنا كما يليق بخدام المسيح بصبر كثير، بغموم، بشدائد، بضيقات، بجراحات، بحبوس، باضطرابات، بأتعاب، بأسهار ؛ بأصوام، وتوابعها “. والرب يقول أيضاً: قوموا وصلوا لئلا تدخلوا فى تجربة. ماذا يجب أن نعمل يا إخوتى ؟ ها قد سمعتم كيف يطوب السالكين فى الطريق الضيق، وكيف يوَّيل للسائرين فى الطريق العريض الواسع المؤدي إلى الهلاك. فلنتعب زماناً يسيراً لنملك إلى الأبد وليكن بإزاء أعيننا كل حين الوارد ليدين الأحياء والأموات ونتذكر دائماً الحياة الخالدة، والملكوت الذى لا موت فيه، والتصرف مع الملائكة، والعيشة مع المسيح. فلنتذكر أن ليس فى العالم شىء سوى دموع، وتعييراً، ومثالب، وتوانِ، وأتعاب، وأمراض، وشيخوخة، وخطايا، وموت. فلا تحب العالم، أحذر لئلا يطربك العالم، ويعرقلك، ويرسلك عارياً إلى ذلك الدهر، تذكر القائل: صلوا بلا فتور. لا تسر بزهزهة العالم، ليكن المزمور كل وقت فى فمك فإن الرب نفسه يعظ به، ويعزى نفوسنا، ومهما أجترمناه وهفونا به ما دام لنا أوان التوبة فلنداوه بالعبرات. وقت التوبة قليل وملكوت السموات لا نَهاية له، ونحن نطوب القديسين ونتوق إلى إكليلهم، ولا نشاء أن نشابه جهادهم. هل تظنون أنَهم كُللوا بغير أتعاب وأحزان كما نشاء نحن ! أتشاء أن تسمع أى نياحة كانت للقديسين فى هذا العالم، بعضهم ضُربت أعناقهم، آخرون ذاقوا تجربة استهزاء، وسياط، وقيود، وحبوس. رجموا، ونشروا، وماتوا بقتل السيف، طافوا بجلود غنم، وبجلود المعزى، معوزين، مغمومين، مذلين، قوم لم يستحقهم العالم، تائهين فى البرارى، والجبال، والمغائر، ومثاقب الأرض. ها قد سمعتم جزءاً من كثير من نعم القديسين ونياحهم فى هذا العالم وكأنَهم فى سرور احتملوا جميع هذه ونظائرها إذ كانوا يقدمون نظرهم إلى الخيرات المحفوظة فى السموات التى لم تراها عين ولم تسمع بِها أذن ولم تختر على قلب إنسان التى أعدها اللـه للذين يحبونه. إن أخذت اسم اللـه تطرد الشياطين، تحرك يدك للعمل ليرتل لسانك، ويصلى عقلك إن شئت أن تنجو من العذاب، لا تقرف أحداً قط، الويل لمن لا شريعة له لأنه إذا استضاء الكل يُظلم هو، الويل للمفترى فإن لسانه سيعقد، فكيف يعتذر لدى الحاكم لا يستطيع ذلك. الويل للمتكبر فإن ثروته تَهرب والنار تقبله، الويل للوانى فإنه سيطلب الزمان الذى أضاعه بؤساً وإذا طلبه لا يجده، الويل لمحب الزنا فإنه قد وسخ الحلة العروسية، وسيخرج بخزى من العرس الملكى. الويل للثلاب ومعه المستكبر فإنَهما سيرتبان مع القتلة ويعذبان مع الزناة، الويل لمن يتنعم زماناً قليلاً فإنه سَيُطلب كالخروف للذبح، الويل للمرائى فإن الراعى يجحده والذئب يخطفه. الطوبى لمن سلك الطريقة الضيقة ؛ فإنه سيدخل إلى السماء لابس الإكليل، الطوبى لمن سيرته عالية وعقله متضع فإنه تشبه بالمسيح فسيجلس معه، مغبوط من قد صنع بالفقراء إحساناً كبيراً فإنه إذا حُوكِمَ سيجد كثيرين ينتصرون له، الطوبى لمن يكلف ذاته فى كل شىء فإن المقتسرين يخطفون ملكوت السموات. فلنكلف ذاتنا يا أحبائى فى كل عمل صالح ؛ ولنعز ذاتنا ولنعظها ؛ لينير الواحد نفس الآخر كما أنكم تعملون ذلك فى كل وقت. ولكن حديثنا عن الدينونة وعن اعتذارنا إن كنتم تعملون عملاً، أو كنتم تسلكون، أو على الغذاء، أو على مضاجعكم، أو فى عمل آخر اهتموا فى كل وقت من أجل الدينونة وبإتيان الحاكم العادل. وتذكروا فى قلوبكم هذا، وليقل بعضكم لبعض. ترى كيف تلك الظلمة البرانية ؟ ترى كيف هى النار التى لا تطفأ، والدود الذى لا يرقد ؟ ترى كيف هو صرير الأسنان ؟. ” هذه فليخاطب بِها بعضكم بعضاً كل حين ليلاً ونَهاراً “. وأين يجرى النهر النارى، وينظف الأرض من آثامها ؟ كيف تدرج السماء كالدرج ؟ وكيف تنشر النجوم كورق التينة ؟ كيف تفنى الشمس والقمر ؟ كيف تنشق السموات بأمر السيد ؟ كيف يبرز القاضى من السماء وينحدر ؟ كيف تضطرب قوات السموات وتحاضر ؟ كيف يستعد العرس الرهيب ؟ كيف يتزلزل القرار منتظراً وطئ القاضى عليه ؟ كيف تتكاثر أصوات الأبواق ؟ كيف تنفتح القبور ؟ كيف تنقض الأجداث ؟ كيف ينهض الراقدون منذ الدهر كمن يقوم من نوم ؟ كيف تتحاضر النفوس إلى الأبدان ؟ كيف يتبادر القديسون إلى الاستقبال؟ كيف يؤهل المستعدون إلى الدخول؟كيف تغلق دون المتوانيين. هذه إذا دُرِست تفيد عادة حسنة، هذه إذا أهتم بِها ليلاً ونَهاراً تقنى أمراً نفيساً لأن من يتذكر الموت دائماً لا يخطئ كثيراً. لا نحاضر طول حياتنا من أجل البطن، ومن أجل الملابس فهذه إنما يصنعها الأمم الذين ليس لهم أمل فى الحياة الأبدية. فلا نماثلهم بل نسمع الرب يقول: اطلبوا أولاً ملكوت السموات وبره وهذه كلها تزاد لكم. فلنطلب يا إخوتى ذلك الملكوت الذى لا نَهاية له، ولا انقضاء ؛ فلنطلب ذلك الفرح المؤدى إلى الدهور التى لا تنتهى، لنبتهل يا أحبائى بوجع قلب، وبدموع، وتنهد، ألا نخيب من سماع ذلك الصوت المغبوط ولنمتنع من التنعم هنا لنستفيد هناك فرح الفردوس ونعيمه، ولنبكِ هنا قليلاً لنضحك هناك، ولنجع لنشبع هناك، ولندخل من الباب الضيق والطريق الصعب لنتخطر هناك فى الطريق العريض الواسع. وأقول أيضاً: احذروا أن يعرقلكم العالم ويلعب بكم ويرسلكم إلى ذلك الدهر عراه أشقياء فإنه قد عرقل كثيرين ولعب بكثيرين، وكثيرون أعمتهم خديعة هذا العالم فنحن يا إخوتى فلنصغ إلى ذاتنا ولنسمع الرب قائلاً: ” تعالوا ورائى “. فلنترك كل شيء ونتبعه وحده ولننبذ كل فرح هذا العالم فإنه سيخزى كل من يحبه فلنسرع نحن أن نتخذ الحياة الأبدية ومجاورة الملائكة والتصرف مع المسيح. فإن له المجد والاقتدار مع الآب والابن والروح القدس إلى أبد الدهور. آمين. |
||||
09 - 09 - 2014, 01:58 PM | رقم المشاركة : ( 5909 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
في توبة أهل نينوى
القدّيس يوحنا الذهبي الفم حين أنظرُ تلكَ الأيام التي مرَّت بدونِ تعليم، وأنظر نفسيَ مضطرّاً إلى السّكوتِ بسبب المرض، أشعرُ بالضيقِ والانزعاج، كمثلِ رياضيٍّ على أتمِّ الاستعداد، يُحرمُ من الدّخول إلى الملعب ليشارك في المباريات. كنت أراكم جائعين للغذاء العقلي، وأنا عاجزٌ عن العطاء. كنت أرى الوقتَ وقتَ تجارةٍ، ونفسي غيرَ قادرةٍ أن تبرمَ معكم ولا صكاً واحداً. كنت أرى الصَّيدَ وفيراً، والصَّيّادَ همَّتُه على الصَّيدِ ضعيفةٌ. لكنني في معاناتي الشديدة لأجلَ هذا، كنت أعتبرُ أن أضيفَ على حالي الآلام فأستطيع أن أعاود الكنيسة وأشارككم القداس التالي، أفضلَ من ملازمتي الفراش فأنفصلُ عنكم ثانيةً ، منهكَ القوى ليومين أو ثلاثة. لهذا آتيكم اليوم، بنعمةِ الرَّب ومعرضاً عن الأحاديثِ اليوميّة، لكي أؤَدّي واجبي تجاهكم. هلمّوا إذاً لنجذب قاربَنا في بحرِ توبةِ أهلِ نينوى. لكلِّ فئةٍ من النّاسِ ما يفيدها من الكلام، أمّا علاج التوبة فأظنُّه مفيدٌ للجميع. وحيث ما من أحدٍ معتقٌ من الخطيئة، بالتّالي لا أحدٌ بغنى عن التّوبة. ولطالبيها، يبدو من الضروري ذكرُ مثالِ الّذينَ خلصوا بالتّوبة، لعلّه (المثال) يدخلُهم بنفس الوسيلة إلى الصّحّة. لنرَ من شابهوا الوحوش يدركون رتبة الملائكة. لنرَ الذين دمّروا المدينةَ بأعمالهم يعيدونَ بناءها بطريقةِ فلسفتهم (حياتهم). لنرَ أعداءَ اللّه يصيرون أصدقاءَه، والّذين كان السَّيدُ متَّهِماً لهم قبلاً، يقتنونه فيما بعد محامياً عنهم. لنرَ المحكومَ عليهم يسعون لدى القاضي بعد صدور القرار، فيُسقطون الحكم. لنرَ اللّه كاذباً لأجلِ محبّتهِ للبشر. سمعنا قبلاً كيف أنّه حالما نادى النَّبيُّ اضطربتِ المدينة. وكما يضطّرب البحرُ من ريحٍ عاتية، هكذا كانَ وقعُ سقوط صوتِ يونان، فسبّبَ لشعبِ نينوى جزعاً ورعدة. سمعنا أنَّ المدينة لدى استقبالها النّبأ لم تسقط في اليأس، بل نشطت إلى التّوبة، وبينما لم يكن لها دالّةٌ للخلاص شرعت في عبادةِ اللّه ومصالحته. يا ترى ماذا فعلت من أجلِ المصالحة؟ قد قيلت في ذلك شذرات، أما أنا فعليَّ أن أعطيكم القولَ كلَّه: لأنَّهم “نادوا بالصّيام، ولبسوا المسحَ من صغيرهم إلى كبيرهم.” يا للعجب الغريب، المخيف للإنسان، والذي تتوق إليه الملائكة! تأملْ، لخاطري، هذه الرّبوات الكثيرة من أولئك الرّجال مع النساء والأولاد يلبسون المسوحَ حادّينَ لأجلِ الشَّيءِ نفسه. كلُّ المهن تتعطّل وكلُّ عملٍ بشري، لا أحدٌ في أيِّ مكان يقومُ ولو بعملٍ واحد. حزنُ الجميع مع ضجيجٍ وصراخ يرتفع إلى السَّماء. تأمَّلْ زوال التّمايز بين الأسياد والعبيد، بين الرّؤساء والمرؤوسين. هوذا الملك حاضرٌ في وسطِ الجموع بمظهرٍ مماثلٍ لها يرتِّبُ الخدمةَ العباديّة للّه وكأنّها تنظيمٌ عسكري. يقول الكتاب: “وصل الكلام للملك فنهضَ عن عرشه، خلع بزّته، التحفَ المسوحَ، وجلسَ على الرَّماد”. يا للملكِ الحكيم. الملك بنفسهِ أوّلَ من أعلنَ التوبة، وذلك ليجعلَ مدينته بحالةٍ أفضل. لأنّه من ذا الّذي يرى الملكَ نفسَه مجاهداً لأجلِ الخلاص ويتراخى من بعدُ؟ جراحاتُ التاج تشفيها المسوح، خطايا العرش يمسحها بجلوسه على الرَّماد، مرض الكبرياء يعالجه بتذلّلِ المظهر، وبالصِّيام يداوي جراحاتِ التَّنعّم. ولدى سلوكه في ذلك عمليّاً كان ينهضُ الجميعَ بندائه، فيسلكوا النَّهجَ ذاته. لأنَّ الكتابَ يقول: “ونودِيَ من الملك: النّاس والبهائم والبقرُ والغنم لا تذوقنَّ شيئاً، لا ترعى، ولا تشربْ ماء.” هذا تشريعٌ فريدٌ لملك. يوصي المرضى بالصِّيامِ كما لو كانَ طبيباً.لا بل إنَّ المشرِّعَ الّذي قضى حياته بالمتع يقلِّدُ التعاليمَ الرَّسوليّة حولَ الصِّيامِ الموقَّر، ويأمرُ أن تشاركَ النّاسَ في هذا الصيام الحيواناتُ العجم، حتى، بواسطةِ الطبيعةِ عادمةِ الخطيئة، يُميلَ اللَّهَ إلى مراحمٍ عظمى. يقول الكتاب: “ولبسوا المسوحَ، البشرُ والبهائم”. يا للتّرتيبِ السّماوي! ياله من طابورٍ مرعبٍ للشيطان! كان الشّيطان يقف منتحباً لدى رؤيته كاملَ جيشِهِ يتحوَّلُ نحو اللّه ويحاربُ الشّياطين. في هذهِ المعركة أولادٌ ونساءٌ ورضَّعٌ مع الرّجالِ يحاربون، حتّى طبيعةُ البهائم صارت مشاركةً في صفوف الحرب. فرأى الشّيطان منظراً جديداً. فالحيوانات الأهلية تدفع عن الناسِ ضريبةَ البر، وتصومُ من أجلِ خلاصِ مالكيها “الناسَ والبهائم والبقرُ والغنم لا تذوقنَّ شيئاً ولا ترعى”. نحّى الملكُ شاراتِ السلطة جانباً، وأخذ دورَ الكهنةِ فانتصبَ متكلّماً متفلسفاً، ومؤدّباً أهلَ نينوى. يقولُ لهم: يا أصدقائي، مخيفةٌ هي الأسواءُ المحيطةُ بنا. بينما أخضعنا المسكونةَ كلَّها، كأشرارٍ نُسحَقُ بالحكمِ الإلهي. بينما نحن متملّكين على جميعِ النّاس، كآخِرِ الجميع حُكِمَ علينا بالموتِ بطريقةٍ غريبة. بينما طوَّبَنا الآخَرونَ جميعُهم، سنظهرُ أكثرَهم بؤساً صائرين للجميعِ أسطورةَ حياةٍ ورواية. فمجدنا السّابق لم يقدر أن يتجاهل سيّئاتنا. يا أهلَ نينوى، ربحنا حروباً كثيرة فلنجاهدِ الآن بشجاعةٍ أكبر لأجلِ خلاصنا. من قبلُ فَعَلنا كلَّ شيء لنصيرَ أسياداً للآخرين، أمّا الآن فجهادنا هو ألاّ نَبيدَ مع نسائنا وأولادنا في طرفةِ عين. لصدِّ حربٍ غريبة فلنحاربْ بطريقةٍ غريبة: لنرشقِ السَّماءَ بالتّسابيح، لنقذفْها بالتراتيلِ بدلَ الرِّماح، لنرشقِ اللّهَ بمقلاعِ الصلاة، لنطفئْ غضبَه بدموعنا المستمرّة، لنمزّقْ فيلقَ أعمالنا الشّرّيرة، لِنَسُدْ على حصونِ الشَّر، ولنحاربْ بأسلحةِ الفضيلة: درعُ البِر لا يجتازه سهم، ترسُ الإيمانِ لا تكسره صاعقة، خوذةُ الرّجاءِ لا يطيقُ اللّه سحقها، لا يمزِّقُ الغضبُ العلويُّ قميصَ العفّة، ولا يقوى تهديدٌ بالخراب على هدمِ حائطِ الاعتراف. حكمُ الدّمار يتلاشى كالدّخان أمام توبةٍ جدِّيّة. هكذا يا أصدقائي، إذا حاربنا بمثلِ هذه الأسلحة، كما غزونا السّماء، نغزو الأرض. تشجّعوا يا أهلَ نينوى، تشجّعوا فمن يقاتلُنا ملكٌ محبٌّ للبشر: يطرحُ أعداءه غير آبهٍ بتوسّل، لكنّه متى تحوَّلَ غضبُهُ يصبحُ محسناً لأعدائه. بمثلِ هذهِ الأقوال العزائيّة حفّزَ الملكُ الشَّعبَ إلى التّوبة، بينما نفّذَ الشَّعبُ ما أمرَ به ملكُهم باستعدادٍ تام، إذ يقول الكتاب “لبسوا المسوحَ، البشَرُ والبهائم، وصرخوا بشدّةٍ نحو اللَّه”. لم تكن جاهزيَّةُ الكلام مصحوبةً بفكرٍ بالهواء، لم يكن نطقُ اللّسان مترافقاً بذهنٍ سارح، ولَفظُ الصّوتِ ما كان يصاحبه عقلٌ جائل، بل الكلُّ معاً كان يعبد اللَّه. أرخى اللّيلُ سدائله فزادَ الخوفَ، طردَ النّومَ، والأهمُّ أنّهُ علَّى التَّسبيح. أمّا النهار، فبدوره، أظهرَ السَّماءَ كئيبةً تضربها بروقٌ لا تتوقف ورعود، الّذي كان يدفعُ الجميعَ في حالِ رعبٍ تفوقُ الحسبان فصرخوا صراخاً عظيماً. الأرضُ تأرجحت فسبَّبَتْ للنَّاسِ اضطراباً شديداً. تراكضَ الأطفالُ جميعُهم إلى حُجُرِ أمّهاتهم خوفاً، وبكوا في أحضانهنَّ ما خلقَ لكلِّ من رآهم نحيباً يتعذّرُ وصفُه ونوح. قطعانُ الأبقارِ والأغنام والحيوانات الأخرى، التي قُطِعتْ عن الماء والكلأ،كانت تحرِّكُ الحزنَ في القلوبِ الماسيّةِ بأصواتٍ مختلفةٍ أطلقتها. وبينما التّهديد والخوف مهيمنان، لم يكن يحتمل (الملك) أن يفقدَ الرَّجاء الحسن، أنَّه يقول: “فمن يعرف. ألعلَّ اللَّهَ يندمُ ويرجعُ عن سخطِ غضبهِ، فلا نهلك.” |
||||
09 - 09 - 2014, 02:02 PM | رقم المشاركة : ( 5910 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
العهد القديم والخطيئة العبارات التي يستعملها العهد القديم عندما يحكي عن البشرية مستقاة من العلاقة البشرية: تقصير، تمرد، ظلم، إهانة... يعرف الخاطئ إنه فعل الشرّ في عيني الرب. يحكينا عن الخطيئة الأصليّة خطيئة الإنسان الأول وهي تمرد على حكم الله. ليس فقط التمرّد خارجياً، إنما ينبع من موقف داخلي في الإنسان الذي يدّعي انّه يحل محل الله. يرفض كل تبعيّة لله. الإنسان لا يريد صورة الله. الصداقة التي اراد الله أن يجعلها بينه وبين الإنسان رفضها الإنسان. هذه هي الخطيئة الأصلية. أفسدت علاقة الإنسان مع ذاته، والطبيعة، واغلقت الباب بين السماء والأرض، بين ذات الإنسان والله. والمبادرة من الله كانت لأعادة فتح الباب. وفي العهد القديم يحكى عن خطيئة الشعب رغم ان الله غمر الاسرائليين بانعامه واعتق الشعب من عبوديّة مصر وكان دائماً إلى جانب الشعب وأراد أن يكون إلههم وهم أبناءه. أراد أن يسير معهم وكانت خطيئة الشعب رفض الاستسلام في يدي الله. كل الأنبياء كانوا ينادون بالتوبة وبالبعد عن الأمور التي تفصل عن الله، الأمور التي هي احتقار لمشيئة الرب. يتضح لنا من العهد القديم ان الخطيئة كانت تطال الله في قلبه، هي الإهانة الكبرى. لذا ان ربنا ليس إله فلاسفة إلهاً لا مبالياً وبعيداً؛ انّه إله محبّة، شعر بخطيئة الإنسان التي افسدت مشروع الخلق. أراد أن يُعيد المحبّة وكان الدواء ان أرسل انبياءه وابنه. التوبة واعمال الرحمة تشكّل كلّها الطريق إلى الله. |
||||