03 - 09 - 2014, 03:19 PM | رقم المشاركة : ( 5741 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
المسيح يعلن أنه ابن الله راجع لو49:2+ مر11:1 (هذا إعلان الآب عن ابنه)+ يو16:2+ يو43:5+ يو37:10+ يو2:14،3+ مت63:26،64+ يو22:5،23+ يو40:6+ يو35:9-37) الكلمة اللوغوس يقصد بالكلمة العقل الإلهي المنفذ لمشيئة الله والمعبر عن مقاصد الله تعبيراً صادقاً كاملاً (عب3:11). ولقد كانت كلمة اللوغوس معروفة عند اليهود واليونانيين وتشير للحكمة العاملة منذ الأزل لدى الله وأنها ترشد النفوس للحق وتحييها. وكما أننا نعرف الإنسان من كلامه، هكذا عرفنا الله عن طريق كلمته اللوغوس. واللوغوس هو نطق الله العاقل أو عقل الله الناطق. واللوجوس كلمة يونانية متعددة المعاني مشتقة من الفعل LeƔw بمعنى ينطق، والمقصود به النطق العاقل ومنها أخذت الكلمة الإنجليزية LOGIC ومعناها المنطق وليس معناها النطق العادي الذي هو PRONOUNCIATION بمعنى التلفظ أو طريقة التلفظ. لذلك قيل عن الأقنوم الثاني عقل الله أو حكمة الله (1كو24:1) أو نطق الله أو معرفة الله وإذا فهمنا هذا فهل يصح أن يقال أن المسيح مخلوق فكيف خلق الله عقله، وهل يعقل أن الله كان لفترة من الوقت بدون عقل أو بدون حكمة. وبأي حكمة وبأي عقل خلق لنفسه عقلاً وحكمة. لذلك فعقل الله أو كلمته هو أزلي كما أن الله أزلي. والله موجود بذاته وموجود بكلمته وعقله أي بأقنومه الثاني. وبعقل الله خلقت جميع المخلوقات. وبهذا نفهم أن ولادة الابن هي ولادة أزلية، ولادة طبيعية أي من طبعه كما أن من طبع النار أن يتولد منها حرارة كذلك من طبع الله أن تتولد منه قوة خالقة وحكمة أزلية. هي ولادة من جوهره فكل ما للآب هو للابن فهو مساوٍ للآب في الجوهر أو هو من نفس الجوهر. وإن كان قد نُسِبَ للابن بعض نواحي الضعف البشري كالتعب والألم والجوع والعطش والموت فهذه أمور تدخل في موضوع التجسد ولا علاقة لها بالطبيعة الإلهية إلا من حيث أتحاد اللاهوت بالجسد الذي يتألم. والابن سُمّى لوجوس بمعنى نطق الله، فما يظهر من حكمة الإنسان يظهر فيما ينطق به. والمسيح أظهر لنا كل ما للآب لذلك قال من رآني فقد رأى الآب (يو9:14). وواضح أنه لا إنفصال بين النطق وبين العقل. |
||||
03 - 09 - 2014, 03:20 PM | رقم المشاركة : ( 5742 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الأقانيم فيها تمايز فالآب ليس هو الابن، والابن ليس هو الروح القدس.. وهكذا كل اقنوم له شخصيته وعمله ولكن دون إنفصال "وفي الإنجليزية يترجم أقنوم PERSON " ولكي نفهم التمايز بين الأقانيم مع الوحدة القائمة بينهم. فأنا أحيا بروحي وأشعر بحواسي وأعيش بجسدي وهذا يتم بلا إنفصال بين الجسد والروح والحواس. ولكن العقل والروح والحواس والجسد كل له عمل مستقل عن الآخر ولكن بدون إنفصال. فحينما توجد مشكلة أمامي كإنسان، أفكر في حلها بعقلي وأحاول بيدي ولكن بدون روح فأنا ميت. وبنفس المفهوم فهناك تمايز في الأقانيم لكنهم مرتبطين معاً في وحدة. وعلى الرغم من الصفات الإلهية المشتركة والوحدة بين الأقانيم إلا أن هناك أعمالاً معينة تنسب للآب وأعمالاً تنسب للابن وأعمالاً تنسب للروح القدس. الفرق بين بنوة المسيح لله وبنوتنا لله كل المؤمنون يعتبرون أولاد لله يو12:1+ غل26:3، 6:4،7+ 1يو29:2) ولكن ولادة المسيح وبنوته للآب هي من طبيعته الإلهية والأقنومية، أما بنوتنا لله فهي بالانتساب، وبالنعمة، وباستحقاقات صليب المسيح والشركة معه نحن العبيد البطالون أعطتنا النعمة مجاناً أن يطلق علينا أولاد الله إذا قبلنا الإيمان بالمسيح وعمل فينا الروح القدس لنصنع البر. نحن نصير أبناء باتحادنا بالمسيح الابن في المعمودية، حين نموت معه ونقوم متحدين به (رو3:6-5) |
||||
03 - 09 - 2014, 03:21 PM | رقم المشاركة : ( 5743 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
إعلان الأناجيل عن ولادة المسيح نظر الإنجيلي يوحنا الحبيب اللاهوتي إلى المسيح في أزليته وقبل تجسده. بينما أن متى ولوقا تحدثا عن ولادته بالجسد، بينما أن مرقس بدأ بيوحنا المعمدان كسابق للمسيح. ويوحنا بدأ بأزلية السيد المسيح لأن هدف إنجيله أن نؤمن بأن المسيح هو ابن الله (يو31:20). بدأ يوحنا إنجيله وهو يرى المسيح ليس في طبيعة البشر بل في طبيعة الله، وليس منفرداً عن الله بل قائماً مع الله في صلة ذاتية كلية وأزلية. ليس إلهاً ثانياً بل واحداً مع الله الآب. رأى المسيح وهو اللوغوس أي عقل الله الناطق ونطق الله العاقل. فهو الألف والياء، أليس هو كلمة الله أي كل الحروف وكل تشكيلات الأسماء والكلمات والمعاني والأفعال والتعبيرات التي خرجت وتخرج عن الله لتعبر عن الله وعن مشيئته وتعلنه لنا نحن البشر. هنا يوحنا رأى الابن الكلمة قبل الزمن، وقبل كل خليقة ، فالزمن والخليقة هما من أفعاله، فهو الذي صنع كل شئ، الخليقة المنظورة وغير المنظورة. والكنيسة تقرأ الآيات (يو1:1-18) كل صباح في إنجيل باكر لتقدس اليوم كله بهذا البدء الأزلي وبنفس المفهوم تصلي الكنيسة هذه الآيات في صلاة مرور أسبوع على ميلاد طفل لتقدس حياته. هي إعلان أن الله هو بدايتي وحياتي فأحذر أن يكون لي حياة أخرى سواه فتكون نهايتي حزينة. وهذه الآيات (يو1:1-18) لخصها بولس الرسول بقوله "الله ظهر في الجسد" (1تي16:3) فبينما كان متى ولوقا مهتمين بإظهار تجسد المسيح وأنه ابن آدم وإبراهيم بالجسد أراد يوحنا أن يظهر أن المسيح كان موجوداً قبل أن يتجسد من العذراء مريم، وأنه كان كائناً قبل أن يتجسد، كان كائناً مع الآب، مولوداً منه منذ الأزل. ويوحنا اللاهوتي عبَّر عن طبيعة المسيح الإلهية على قدر ما يمكن للغة الإنسانية أن تُعبِّر عن تلك الطبيعة التي هي فوق إدراك البشر. وسنبدأ بولادة المسيح الأزلية (يو1:1-18) ثم يلي ذلك ولادة المسيح بالجسد من العذراء مريم (مت1:1-23:2+ لو1:1-38:3) |
||||
03 - 09 - 2014, 03:22 PM | رقم المشاركة : ( 5744 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
والكلمة صار جسدًا ( يو 1 : 14 ) إنّ ما تعانيه الكنائس الشرقيّة من تخويف وترهيب وتهديد وقتل وتهجير من مناطق وبلدان إنثقفت حضاراتهم بمسيحيّتهم واغتنت شعوبهم من حضورهم وإرثهم وإيمانهم، لهو دعوة الى إعادة التفكير والتأمل بحدث تجسّد ابن الله الوحيد. فإذا كان التجسّد قد تحقق بقصد فداء البشريّة، فإنّ آلام المسيحيّين وعذاباتهم وشهادة الدّم التي يؤدنها، تحمل في عمقها وجوهرها الرجاء بالخلاص. ولكننا نتساءل اليوم كيف يمكننا في ظلّ الأوضاع الانسانية والاقتصادية وخاصة الأوضاع السياسية والدينية، ان نتكلم على سر التجسد وما يعنيه لنا وللبشرية جمعاء، وهل يمكننا أن نبشر ونشهد ونعلن للناس بطريقة بسيطة وعميقة معنى سر تجسد السيد المسيح ، ومعنى الخلاص الذي حققه في عالم فقد كل رجاء بالخلاص؟! أنّ ابن الله الوحيد بتجسّده قد لبس جسدنا. يعني ذلك انّ كلمة الله اتّخذ طبيعتنا الانسانيّة بجميع اجزائها الجوهريّة والمتمّمة ليشفيها كلّها. هذا الايمان بالتجسد الحقيقي لابن الله الأزلي، هو العلامة المميزة للايمان المسيحي، لأنه في هذه الجسدانية حقق خلاصنا. اذا كان الله ، كما تقول الرسالة الى العبرانيين ، قد أرسل في ملء الزمن ابنه الوحيد لخلاص البشر(عب1 : 1- )، فان تجسد كلمة الله في التاريخ وفي الانسانية والجسدانية، هو تتويج وتحقيق نهائي لهذا الخلاص. لم تعد كلمة الله، التي تعود الشعب سماعها وتردادها طوال فترة تاريخ الخلاص، مجرد كلمة، بل أصبحت بفعل التجسد "العمانوئيل " أي "ألله معنا ". فيسوع المسيح هو كلمة الله الوحيدة، والاعلان الكامل عن هوية الله الحقيقية، لأنه صورة الله غير المنظور. هذا هو معنى التجسد : انه حضور الله الدائم بين البشر. انه سر لقاء الله بالانسان، وسر خلاص الانسان المحقق في شخص يسوع المسيح ابن الله المتجسد والمائت والقائم من بين الأموات. ان ايمان الكنيسة بهذه الحقيقة الخلاصية عرضها على مر التاريخ للاضطهاد الدائم، والشهادة حتى الموت. ولم تكن الاضطهادات التي عانت منها الكنيسة خارجية فقط، بل لقد ظهرت الكثير من المذاهب[1] والبدع والهرطقات[2] منذ بداية الكنيسة، حاولت أن تجزّىء المسيح بين انسانية والوهية، منكرة بذلك ناسوت المسيح الحقيقي كالغنوصية والظاهرية[3]. لم تستطع هذه المذاهب والبدع وغيرها من الحركات الدينية المنشقة عن سلطة الكنيسة من أن تفهم كيف اتحدت الالوهية بالانسانية دون أن تنقص من الله شيئا، ودون أن تغير في جوهره وكيانه، ودون أن تذوب الانسانية بالالوهية. هذه الحقيقة الايمانية اضطرت الكنيسة أن تدافع عنها وتوضحها في المجامع المسكونية التي عقدتها في القرون الأولى في وجه هذه الهرطقات التي كانت تزورها وتحرف فيها[4]. حدد المجمع المسكوني الرابع، المنعقد في مدينة خلقيدونية سنة 451 عقيدة التجسد. وقد أكد أباء المجمع بأن الله اتحد بالجسد البشري اتحادًا حقيقيًّا في صلب الطبيعة، وبأن هذا الاتحاد بين الأُلوهية والبشرية هو اتحاد من نوع خاص بحيث لا تسيطر فيه طبيعة على طبيعة ولا تغيرها. فالطبيعة البشرية لم تذب بالطبيعة الالهية، انما بقيت طبيعة بشرية، والطبيعة الالهية بقيت الهية. ومع ذلك فالاتحاد بين الطبيعتين هو اتحاد في تمام الكمال. لقد صار الله انسانًا حقا وبقي الهًا حقًا. الله اللامتناهي تنازل وأخلى ذاته متخذا صورة الانسان." فمع أنه في صورة الله لم يعد مساواته لله غنيمة ، بل تجرد من ذاته متخذا صورة العبد، وصار على مثال البشر، وظهر في هيئة انسان، فوضع نفسه وأطاع حتى الموت، موت الصليب "( فل 2: 6-8 ). فمع أنه في البدء كان غنيًّا، لأنه هو الله، وهو البداية والنهاية، صار بعد ذلك فقيرًا من أجلنا نحن خليقته وصنع يديه، حين صار انسانًا وشابهنا في كل شيء ما عدا الخطيئة. لقد أصبح اله الكلي القدرة، بفعل تجسده، خاضعًا لضعف بشريتنا ومحدوديتها وخاضعًا لحدود التاريخ والزمن والناموس مع أنه اله التاريخ وسيد الكون. ولكن تجسد الله لا يعني انحداره الى الخطيئة، كما وأنه لا يعني عودة الى التراب والموت. انه تجسد غايته خلاص الانسان والبشرية من ظلمة الموت والخطيئة. انه تجسد في سبيل تأليه البشرية وارتقائها الى عالم الازلية والخلود، بعد أن كانت قد طردت من الفردوس السماوي بسبب معصيتها وسقطتها وتمردها على مشيئة الله ووصاياه. لقد استعبدت الخطيئة الانسان لدرجة أن أصبح من المستحيل عليه التحرر من نير عبوديتها ومن الموت المرتبص به. لذلك كان التجسد الوسيلة الوحيدة القادرة على اصلاح الشر الذي سببته الخطيئة للبشرية وللخليقة كلها. ووحده التجسد قادر على مصالحة الانسانية الخاطئة مع الله الخالق، ومنحها السعادة الحقة والسلام الحقيقي والحياة الطوبانية، حياة القداسة والتأليه. تجسد ابن الله وذاق الموت لكي ينال البشر الحياة الروحية في الله الآب. صار الله انسانًا ليصير الانسان بدوره الهًا، فأصبحنا بذلك شركاء في الطبيعة الالهية . يسوع المسيح، كلمة الله الأزلي، هو هذا الاله الانسان الذي قاد البشرية، بتجسده وموته وقيامته في عودتها الى أحضان الله. مات المسيح من اجلنا بعدما أخذ على نفسه حقارتنا وفقرنا لكي يمنحنا كل غناه. وبسبب موته جعل المصالحة بين البشرية والله ممكنة . يسوع هو الطريق الذي يقود الى الآب، والنور الذي ينير حياتنا لتكون مقدسة لا عيب فيها. ان الله كشف لنا في يسوع المسيح سر محبته، وقدس كل ما هو بشري. فالخلاص الذي حققه بتجسده ليس خلاصًا روحيًّا للنفس البشرية فحسب انما هو خلاص الانسان في كل كيانه الروحي والجسدي. في يسوع المسيح صار لنا الخلاص والفداء التام ." مريضة، كانت طبيعتنا تطلب الشفاء، وساقطة، أن تقال عثرتها، وميتة، أن تبعث حية. كنا فقدنا امتلاك الخير، فكان لا بد من اعادته الينا. وكنا غارقين في الظلمات فكان لا بد من رفعنا الى النور، وكنا أسرى ننتظر مخلصًا، وسجناء ننتظر عونًا ، وعبيدًا ننتظر محررًا. هل كانت هذه الدواعي بدون أهمية ؟ ألم تكن تستحق أن تحرك عطف الله الى حد أن تنزله حتى طبيعتنا البشرية فيعودها، اذ أن البشرية كانت في حالة جد بائسة وجد تعسة؟" ( غريغوريوس النيصي، خطاب 15 ، 3 ) . هذه هي الحقيقة التي نحن مدعوون الى أن نعلنها ونشهد لها في حياتنا وفي تصرفاتنا، فيسوع الناصري هو المسيح ابن الله، وكلمته المتجسد لخلاص العالم من الألم والشر والخطيئة والموت . 1- من هذه المذهب؛ المونوفيزيّة وهو يُنسب الى أوطيخا الذي يقول بوحدة طبيعة المخلّص وينكر التساوي في الجوهر بين جسد المسيح وجسد الانسان. 2- من ابرز هذه الهرطقات نذكر الاريوسيّة والنسطوريّة. كانت الاريوسيّة تُعلّم ان الكلمة ليس ازليًّا كالآب، انما أوجده الآب مباشرة قبل الزمن. ليس الابن من جوهر الآب، لكنّه اصبح انسانًا كاملاً بمعنى انّ الانسان في المسيح اتخذ الكلمة مكان النفس البشريّة. فيسوع لم يكن له نفس بشريّة. امّا النسطوريّة فتؤمن بانّ المسيح مكوّن من شخصين، شخص الهي هو الكلمة، وشخص بشري هو المسيح. لم يكن هناك اتحاد بين طبيعة بشريّة واقنوم الهي، بل مجرّد صلة بين شخص بشري واللاهوت. 3- بدعة قديمة أنكرت واقع التجسّد ولم تنسب الى المسيح إلا الظواهر البشريّة. 4- المجامع المسكونيّة هي المجامع التي عُقدت للحفاظ على ايمان الكنيسة ورفض كل تعليم يُناقض جوهر هذا الايمان. والمجامع المسكونيّة هي سبعة؛ نيقيا الأوّل 325، القسطنطينيّة الأوّل 381، أفسس 431، خلقيدونيا 451، القسطنطينيّة الثاني 553، القسطنطينيّة الثالث 681 ونيقيا الثاني 787. الخوري سيمون جبرايل |
||||
03 - 09 - 2014, 03:24 PM | رقم المشاركة : ( 5745 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
المسيح يقود التاريخ البشري نحو الانسنة والسلام "قال لوقا البشير: في تلك الايام، صدر أمر من اغوسطس قيصر بإحصاء كل المعمورة. جرى هذا الإحصاء الاول، عندما كان كيرينيوس والياً على سوريا. وكان الجميع يذهبون، كل واحد الى مدينته، ليكتتبوا فيها. وصعد يوسف من الجليل، من مدينة الناصرة، الى اليهودية، الى مدينة داود تدعى بيت لحم، لانه كان من بيت داود، وعشيرته، ليكتتب مع مريم خطيبته، وهي حامل. وفيما كانا هناك، تمت أيامها لتلد، فولدت ابنها البكر، وقمتطه، واضجعته في مذود، لانه لم يكن لهما موضع في فاعة الضيوف.من انجيل القديس لوقا 1/ 1-20 ولما انصرف الملائكة عنهم الى السماء، قال الرعاة بعضهم لبعض: "هيا بنا، الى بيت لحم، لنرى هذا الامر الذي حدث، وقد أعلمنا به الرب". وجاؤوا مسرعين، فوجدوا مريم ويوسف والطفل مضجعاً في المذود. ولما رأوه اخبروا بالكلام الذي قيل لهم في شأن هذا الصبي. وجميع الذين سمعوا، تعجبوا مما قاله لهم الرعاة. أما مريم فكانت تحفظ هذه الامور كلها، وتتأملها في قلبها. ثم عاد الرعاة وهم يمجدون الله ويسبحونه على كل ما سمعوا ورأوا، حسبما قيل لهم". لوحة الميلاد تكشف ان الله يقود مجرى التاريخ. فالبشرية في مسيرة خلاص شخصي وجماعي يشمل جميع الوقائع الزمنية. الكنيسة تحمل " انجيل هذه البشرى السارة، وتشهد له في حياة ابنائها وبناتها ومؤسساتها. وتتحقق نبؤة اشعيا، السابقة للميلاد هي ايضاً بسبعماية سنة: " يؤتيكم الرب نفسه اية: ها ان العذراء تحبل فتلد ابناً وتدعو اسمه عمانوئيل" ( اشعيا 7/14). فيستعمل لوقا عن قصد لفظة " خطيبة يوسف حبلى" ( لو2/5)، على الرغم من المساكنة الزوجية حسب الاصول القانونية منذ ستة أشهر. هذه للدلالة على ان مريم هي عروسة الروح القدس، " قوة العلي التي ظللتها" ( لو1/35)، لا يوسف، وانها العذراء الام، وان يوسف زوجها الشرعي هو ابو يسوع بالشريعة لا بالطبيعة. ولدت البتول " ابنها البكر". لفظة " بكر" تعني المولود الاول الذي لا يعقبه اخوة، بل الذي ينبغي ان " يقدم للرب فدية وولاء للرب الذي حرر شعبه" ( خروج13/1-16). وسيقدم هذا البكر نفسه للاب على الصليب ذبيحة فداء عن البشرية جمعاء. ومعه " كبكر بين اخوة كثيرين" ( روم8/29) يبدأ شعب الله الجديد خلقاً جديداً يدشن الازمنة الجديدة للعهد المسيحاني. انه " بكر الآب" اي " ابن الله الوحيد" ( يو1/18؛ 1 يو4/9)، الذي صار ابن البتول بالجسد البشري، "ليكون، وهو صورة الله الذي لا يرى، بكر جميع الخلائق"، ( كولسي1/15)، و"ليكون، وهو الذي كان قبل الكل وبه كل شيىء كوّن، رأس الكنيسة والاول والبكر القائم من بين الاموات" ( كولسي 1/17-18). لقد بدت علامات الخلاص والفداء في البتول الام التي تلد بدون وجع المخاض، هي التي سافرت طيلة خمسة ايام من الناصرة الى بيت لحم ( 150 كلم)، وهي التي، وحدها وبدون مساعدة من احد، " ولدت ابنها البكر ولفته بالقماتات ووضعته في مذود"، فتكللت بمجدين: البتولية والامومة الالهية. كما ظهرت شروط الفداء في فقر المولود الالهي ووداعته، وقد وُضع في مذود للبهائم، هو " الذي سيخلي ذاته أخذأً صورة عبد، ويطيع حتى الموت على الصليب" ( فيليبي2/7-9). 2. مسيرة خلاص البشرية بلغت البشرى الى الرعاة، وهم رمز الناس المهمشين والفقراء والمستضعفين والاخيرين في الفئات الاجتماعية والرحل وغير المستقرين، سواء على الصعيد المادي ام الروحي ام الخلقي ام الاجتماعي. هؤلاء الذين قال عنهم الفادي الالهي يوم اعلن رسالته في مجمع الناصرة: " روح الرب عليّ مسحني وارسلني لابشر المساكين" ( لو3/18). وقد أظهر تضامنه الحسي والمعنوي والاجتماعي معهم بولادته في مذود لعدم وجود موضع له حيث نزل والداه ( انظر لوقا 2/7). لهؤلاء قال الملاك: " ابشركم بفرح عظيم" هو ميلاد من يأتي ليحمل لهم التحرير والخلاص. كانت البشرى لشعب زمانه المنتظر بشوق هذا التحرير الخلاصي، وهي " للعالم كله" ولكل شعب يلتقي في اي زمان هذا النداء ويسعى الى عيشه. لفظة " ابشركم" تعني " انقل اليكم خبراً مفرحاً. هذا ما تعنيه لفظة " انجيل" ومنها " الانجلة"، لا بالمعنى السلبي الذي تأخذه اليوم لفظة " تبشير"، اي " اقتناص" الناس لدين او مذهب لغايات سياسية او مصالح بشرية واجتماعية. رسالة الكنيسة هي " الانجلة" اعني نقل بشرى الخلاص لجميع الناس، والشهادة لهذا الخلاص في نشاطاتها ومؤسساتها الروحية والثقافية والاجتماعية والانسانية، والحكم الادبي على اداء بشري زمني، بما فيه الاداء السياسي في ما يتعلق بالخلاص لجميع الناس في مختلف مضامينه، دون ان تتدخل الكنيسة في " تقنيات " هذا الاداء او تتلون باي لون سياسي حزبي او فئوي. نسمع اليوم من يقول: " على الكنيسة الاّ تتعاطى الشأن السياسي". هؤلاء يخلطونه من جهة بين المبادىء التي تعلنها الكنيسة والتقنيات التي يمارسها السياسيون؛ ومن جهة ثانية لا يريدون تطبيق المبادىء على ممارستهم، فينحرفون عن الخير العام وكرامة الانسان وحقوقه، وعن العدالة الاجتماعية والوفاق، وعن كرامة شعب ومصلحة وطن ودولة. فلا بد من التعاون المخلص بين السلطة السياسية والكنيسة. انها بشرى-انجلة دائمة: " اليوم ولد لكم المخلص" (لو2/11). انه يوم الله الذي يصبح يوم الانسان، اليوم الخلاصي والنهيوي: بداية العهد المسيحاني الذي انتهت معه مسيرة التحضير الطويلة في العهد القديم، وبداية الزمن الاخير والحاسم لخلاص جميع الناس. اليوم، دخل في التاريخ عالمُ الله النهائي، لا بالمفهوم السياسي والقومي، بل بمفهوم الخلاص المسيحاني. فالله وحده الرب، ولا اله سواه: " انا الاول وانا الاخر، ولا اله غيري ( اشعيا44/6). توجهوا اليّ فتخلصوا يا جميع اقاصي الارض" ( اشعيا45/22). ويجيب الشعب بصلاة المزمور: " أنصرنا يا اله خلاصنا اكراماً لمجد اسمك، وانقذنا واغفر خطايانا من اجل اسمك" (مو79/9). وعندما سأله الرسل في آخر لحظة، قبيل صعوده الى السماء: " أفي هذا الزمن تعيد المُلك الى اسرائيل"؟ ( اعمال1/6)، صحح نظرتهم وامالهم، وحدثهم عن مملكته الروحية وقوتها: " الروح القدس ينزل عليكم، فتنالون قوة وتكونون لي شهوداً حتى اقاصي الارض" ( اعمال1/8). مملكته ذات سلطان كهنوتي وخلاصي. فالمولود، كما اعلنه الملاك، هو " المسيح الرب", لفظة" مسيح" تعني ذاك الذي مُسح كاهناً ونبياً وملكاً، واصبح ينبوع المسحة الكهنوتية والنبوية والملوكية لشعب الله الجديد، الذي قبل بدوره هذه المسحة بالمعمودية، باب الاسرار كلها. الكنيسة تعمل بسلطان هذه المسحة المثلثة، وتشهد لمفاعيلها. لفظة " الرب" تشمل الالوهة وسلطان المسيح الخلاصي. ففي المفهوم البيبلي، لقب " الرب" المتصل بالله يعني دائماً وفي ان الالوهة والعمل الخلاصي. اما الكنيسة فهي " اداة الخلاص الشامل"، بفضل حضور الله فيها وعمله بواسطتها. 3. مسؤولية المخلصين عندما دخل البكر الى العالم، سجدت له جميع ملائكة الله" (عبرانيين1/6). وفي الارض سجد له يوسف، وسجدت مريم لمن ولدت، وسجد رعاة بيت لحم، وسيسجد المجوس من المشرق. هكذا تلتقي ليتورجيا السماء وليتورجيا الارض. ويلتقي الله والبشر، والرب والرعاة، في من هو اله حق وانسان حق. بهذا يتمجد الله في السماء ويحلّ السلام في الارض. 4. لوحة الميلاد انجيل الانسنة والسلام " يسوع ابن يوسف من الناصرة " (يو1/45) هكذا أحصي السيد المسيح مخلص العالم في اول احصاء للعالم المعروف. انه ينتمي الى الجنس البشري, انساناً بين الناس ، مواطناً في هذا العالم ، خاضعاً للشريعة ، لكنه مخلص العالم. . اوريجانس يفسّر المعنى اللاهوتي لاحصاء يسوع المسيح : " أحصي مع الجميع ، فاستطاع ان يقدس الجميع . مع كل الارض اكتُتب في الاحصاء ، فقدّم للارض الشركة معه . كتب كل اناس الارض في كتاب الاحياء ، بحيث ان من يؤمن به يُحصى في السماء مع القديسين حول من له المجد والسلطان الى دهر الدهور " (حارس الفادي ،9). انشد الملائكة ليلة ميلاده : " المجد لله في العلى ، وعلى الارض السلام ، والرجاء الصالح لبني البشر ". المجد لله : " مجد الله الانسان الحي " يقول القديس ايريناوس . ابن الله المتجسد هو هذا الانسان الحي ، وقد "صار بكراً لاخوة كثيرين " ، على ما كتب القديس بولس الى اهل روما ، " لكي يكونوا على مثال صورة هذا الابن " (روم 8/29). وهكذا يكون كل انسان " مجد الله الحي ". هذه هي الانسنة الجديدة . " لقد نفذ المسيح ، فادي العالم ، الى سرّ الانسان ودخل قلبه " ( فقرة 8). وتابع من تعليم المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني " ان المسيح آدم الجديد ، باظهاره سرّ الآب ومحبته ، كشف بجلاء الانسان للانسان عينه وابان له سمو دعوته. ان سرّ الانسان لا يتضح الاّ في سرّ الكلمة المتأنس. ذاك الذي هو صورة الآب غير المنظور ( كولسي1/15) هو عينه الانسان الكامل الذي اعاد الى ابناء آدم الشبه الالهي الذي شوهته منذ ذاك الحين الخطيئة الاولى . ولما كان قد اتخذ الطبيعة البشرية دون ان يذيبها فيه ، فقد رفعها بذات الفعل الى مقام عظيم.لانه هو ابن الله الذي بتجسده قد انضمّ نوعاً ما الى كل انسان . لقد اشتغل بيدي انسان ، وفكرّ بعقل انسان ، وعمل بارادة انسان ، وأحب بقلب انسان.لقد ولد من عذراء وصار حقاً واحداً منا مشابهاً لنا في كل شيء ما عدا الخطيئة "(الكنيسة في عالم اليوم،22). انه الانسان الجديد، فادي الانسان . " السلام على الارض" : عندما يستعيد الانسان انسانيته ، أي صورة الله فيه ، يعيش بسلام مع الخلق اجمع . "فالسلام مع الله سلام مع الخليقة كلها. و" المسيح سلامنا" (افسس 2/14). لقد " بشر بالسلام الاباعد والاقارب " ( افسس 2/17)، و " حقق السلام بدم صليبه " ( كولسي 1/20). السلام عطية من الله ، وقد ائتمننا عليها . لكن السلام هو " ثمرة العدالة " ( اشعيا 32/17)، وهو " انماء الانسان والمجتمع الذي اصبح الاسم الجديد للسلام " ( البابا بولس السادس : ترقي الشعوب،87).. " الرجاء للبشر " : اعطى ابن الله المتجسد معنى لحياة الانسان ووجوده . الرعاة جاؤوا مسرعين ورأوا مريم ويوسف والطفل في المذود . ولما رأوا آمنوا بما قيل لهم من الملائكة ، واخبروا بما قيل لهم عن الطفل ، ورجعوا مهللين فرحين يمجدون الله ويسبحونه على كل ما سمعوا ورأوا (لو1/16-20). ما ينقص الناس بالاكثر ، بل ما يحتاجون اليه ، ليس فقط الوسيلة للعيش ، بل الاسباب للعيش . ينقصهم الرجاء ، والرجاء هو ان نؤمن ان للحياة معنى . التزامنا، في الالف الثالث ، ان نعطي الناس اسباباً للعيش . ثانيا، الخطة الراعوية مع ميلاد الرب يسوع تنتهي الخطة الراعوية من التأمل معاً في موضوع " كنيسة الرجاء"، وهو مضمون النص الاول من نصوص المجمع البطريركي الماروني. وقد بلغنا الى "آفاق الرجاء" (الفقرات29-30). الرجاء، في خطتنا الراعوية، هو التزامنا جميعاً ككنيسة في متابعة المسيرة المجمعية بتقبل التعليم وتطبيق التوصيات، بالاتكال على الروح القدس الذي يقود الكنيسة الى كل حق وخير وجمال. ان العمل الكنسي المشترك يتطلب تضحيات جمّة، منها التخلي عن الانانيات بكل اشكالها، وتبني الموقف الذي اوصى به الرب يسوع: " الكبير فيكم فليكن خادم الجميع، ومن فقد نفسه من اجلي، حفظها لحياة الابد". بعد التأمل معاً في كنيسة الرجاء طيلة زمن الميلاد، يدعونا النص المجمعي ان نقول لابن الله المتجسد في مغارة بيت لحم، ما قاله له تلاميذا عماوس، يوم قيامته: " إبقَ معنا يا رب" (لو24/29). لكنه هو يقول لنا: ابقوا انتم معي، "لانكم بدوني لا تقدرون ان تفعلوا شيئاً" ( لو15/5). هذه هي دعوة المستقبل التي تعيدنا الى عمق هويتنا، وتجدد حاضرنا، وتحقق حضورنا الفاعل في عالم اليوم. صلاة ليلة الميلاد، تدفنُ الحربُ، ليلة الميلاد، ينبتُ الحب.ُّ عندما نكسو عرياناًً ثوبَ حبّ، نكون في الميلاد. عندما نكفكفُ الدموعَ في العيون، نكون في الميلاد. عندما نفرشُ القلوبَ بالرجاء، نكون في الميلاد. |
||||
03 - 09 - 2014, 03:26 PM | رقم المشاركة : ( 5746 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
تأمل ميلادي للمتروبوليت باسيليوس منصور يا سيّد السلام، كيف أحدّثك في عيد ميلادك وكيف أتوجه إليك في مجيئك. هل أستطيع أن أنظر إليك في تواضعك الأقصى إن نفسي في اضطراب عظيم يفوق جيشان البحر. فهل تسمع من لا يسمع ذاته، هل تميل مسمعك الى الصوت الأقوى إننا نعرف أنك تسكن في القلوب الوديعة والمتخشعة التي اعلنت لنبيّك أنك لا ترذلها. أتيت لتعطينا سلامك فهل استطعنا أن نفهم سنيه الأولى؟ إن العالم لا يجعلنا نسمع مقولتنا إليك لأنك تسمع للمنصتين إليك في صمت ومهابة بعواطف صادقة ومشاعر نقيّة وأنت آتٍ في سكون وهدوء الهواء العليل عند كلِّ صباح الى مساكنك لتهدء عاصفة إضطراب آلامنا لعلنا في هدوء حضورك نستطيع أن ندرك ما لا يدرك بكل آلات العالم والدنيا. لقد صرت مثلنا يوم إمتلأت كؤوس يأسنا ومرارتنا وما بخلت علينا بكل نعمتك نحن الجاحدين محبتك والذين قست قلوبنا أمام رأفتك وغلظت رقابنا أمام لطفك ووداعتك. أتيت لتلقي سلاماً ولكنَّ السلام طار من نفوسنا ومن بيئاتنا وبدلاً من أن نبحث عنه عندك تهنا في توجهاتنا وطالما نحن في درب غير دربك ونطلب أن نجد المفقود في ظلال نورٍ غير نورك باطلاً نتعب ونكدُّ. يا سيّد السلام علمنا كيف نقتني المقدرة على الإستجابة لصوتك لا تترك لنا الحريَّة أن نختار بينك وبين غيرك. أنت تعرف أن عقولنا ما تجاوزت مرحلة الطفولة وبعضنا لم تولد عقولهم بعد. هل تخاطب أنت البصر أم البصيرة، والبصيرة الفاقدة العقل قلب أعمى، عميت قلوبنا عن معرفتك فتعال الى هياكلك التي اخترتها لك في قلوبنا واطرد منها التجار والصيارفة وباعة الحمام الذين تاجروا بما وهبتني إياه ولم يشفقوا عليَّ أنا المسكين اليائس في غيابك. بعثر مال الصيارفة الذين به استبدوا بي وتمكنوا بفكري. لقد حوّلوا سلامي الى خداع حتى بت بلا جناحين لأطير كالحمام. والى من أطير أو أهرب أو التجيء إلا إليك أنت الآتي لتطلبني كخروف ضلَّ عن باقي القطيع. وماذا أقول في أيامنا هذه قد ضلَّ القطيع كله لأنّه يظن أنك ساكن في العلو أعلى من سحاب السماء ونجومها ولا يعرفون أنك تسكن في قلوبنا. ألم تنبهنا الى ذلك إذ قلت ملكوت الله في داخلكم ولكنهم لن يسمعوا لأنك ما أتيت على لعب الأطفال، أحصنة وطائرات ودبابات وسياط قاهرة بل أتيت متنكباً جناح الرحمة والعطف واللين واللطف والمحبة، أتيت لتعطي كلَّ شيء، يا سيِّدي ألم يقل لك أحد قبل أن تأتي الى العالم أن الذي يأتي الى العالم ويعطي كلَّ شيء يفرح به الناس ولكنهم لا يسمعون له كلهم، ألم يخبرك أحد عن الظلام الذي سرّ به الناس أكثر من نورك لأن نورك يفضح أعمالهم. بكل تأكيد كنت تعرف أن سلامك اقوى من نارهم وأن سيفك أكثر رأفةً من حنان العالم، وأن نارك التي اشتهيت إضطرامها أبرد واكثر سلاماً من هوائهم العليل. ماذا أقول لك، سامحني، على أن أقول علمني كيف أسمع ما تقوله لي. أنت المسامح الناس عن هفوات ألسنتهم. سامحني إن كنت تجرأت وتأملت بمجيئك ووصفت قمم سلامك وتجرأت عليك بالأسئلة يا من جعلتنا نتجرأ عليك لأجل خلاصنا. سامحني إن كلمتك بصيغة الأمر أنا الذي خطيئتي أمامي في كل حين. قال لنا قديسك أنك أتيت لنتبادل الأدوار. نعم هكذا يفعل المحبون دائماً لا يقتنعون بأن محبوبهم يفعل السوء أو فيه سوء لأن المحبة تلقي بالمحبين على الرجاء. لقد جربتنا في فردوسك ولكن لعلنا بعدغربتنا ومرارتنا في هذه الدار نعود الى رشدنا لنرى رؤية لا سقوط فيها ولا موت ونطمئن في دار لا غربة بعدها لأنك أنت الوطن الذي نجد فيه مجداً وسلاماً ومسرّة. |
||||
03 - 09 - 2014, 03:29 PM | رقم المشاركة : ( 5747 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
حدث الميلاد " ولد اليوم لكم المخلص الذي هو المسيح الرب، في مدينة داود" ( لو2/11). الاله، ابن الله، صار انساناً في زمان ومكان واسرة محددين. انه الحدث التاريخي الاساسي الذي يلي عمل الخلق. هو عمل الخلاص او الخلق الثاني والجديد. أ- الزمان محدد بعهد اغسطس قيصر على رأس الامبراطورية الرومانية، واثناء ولاية قوريناوس حاكم المنطقة الجغرافية المعروفة بسوريا. اغسطس قيصر هو الامبراطور الروماني Octavius ابن شقيق قيصر ملك روما ( 78-44 قبل المسيح) وابنه بالتبني، ولذا يحمل اسم " قيصر." اما اسم "اغسطس" فهو لقب ناله من مجلس الشيوخ سنة 27 قبل المسيح، من بعد ان كسر Antonius في معركة Actium سنة 31، ووحّد الاميراطورية الرومانية، بعد ان كانت اثنتين: الغربية بقيادة Octavius والشرقية بقيادة Antonius. دام عهد Octavius الذي اصبح اسمه اغسطس قيصر من سنة 31 قبل المسيح الى سنة 14 بعد المسيح. انه مؤسس الامبراطورية الرومانية، وحاكم العالم المعروف، فكان عهد السلام الداخلي والانماء الاقتصادي والثقافي واعادة الترميم الشامل؛ واعلن اغسطس قيصر السلام العالمي، فكرس له مجلس الشيوخ " مذبح السلام" ( Ara Pacis) سنة 13 قبل المسيح؛ وفي عهده نالت روما لقب "سيدة العالم "Caput Mundi). وهو الذي امر باحصاء المسكونة كلها بين سنة 7 و6 قبل المسيح. في هذه الاثناء ولد ابن الله انساناً وسُجل باسم " يسوع ابن يوسف من الناصرة" (يو1/45؛ لو3/23)، في دائرة نفوس الامبراطورية. بهذا القيد انتمى يسوع، ابن الله وابن مريم، الى الجنس البشري، انساناً بين الناس من سكان هذا العالم، خاضعاً للشريعة وللمؤسسات المدنية، ولكن " مخلصاً للعالم" ايضاً. وهكذا تاريخ البشر يمهّد للتدخل الالهي فيه، فينسجم مع تاريخ الخلاص. ب- المكان محدد هو بيت لحم، الملقبة بمدينة داود (لو2/4)، الى جانب اورشليم مدينة داود بامتياز، لان داود الملك استولى عليها وجعلها مجيدة. يسوع الذي ينتمي الى سلالة داود، اراد بالتدبير الخلاصي ان يكون انتماؤه وضيعاً في بيت لحم، بدلاً من الانتماء الى مجد داود الملوكي في اورشليم. فكان ان ولد في مغارة تستعمل مذوداً للبهائم، بسبب كثرة الوافدين للاحصاء، وبسبب حاجة مريم الى مكان بعيد عن الانظار لتلد ابنها. لقد وضعته في فقر المذود وحالة وضيعة للغاية، فيظهر فقر المسيح منسجماً مع فقر امه (لو1/48)، ومع فقر الرعاة الذين اعلنوه وسجدوا له، فبات الفقر يشكل غنى روحياً وخلقياً في حياة المؤمنين والكنيسة. داود نفسه الذي من بيت لحم، والابن الثامن والاصغر ليسّى، وراعي الغنم، اختاره الله ومسحه ملكاً على يد صموئيل (1صمو16/1-13). هذا الفقير الوضيع اصبح، بنعمة الله واختياره ومسحته، البطل المحبوب، وقدوس اسرائيل، والملك التيوقراطي بامتياز، والشاعر والنبي، ورمز المسيح (1042-971 قبل المسيح). هذه قيمة فقر المسيح الذي " افتقر وهو الغني ليغنينا بفقره" (2كور8/9)، ودعانا بولس الرسول لنتخلق بخلقية هذا المسيح ( فيليبي2/5-8)، بولس الرسول اكّد حقيقة تاريخية قديمة وجديدة، هي ان الله اختار جهال العالم ليخزي الاقوياء، واختار الوضيعة احسابهم في العالم والمنبوذين والذين ليسوا بشيء ليبطل المعدودين، لكي لا يفتخر بين يديه كل ذي جسد" (1كور1/27-29). ويعقوب الرسول اشترط فضيلة الفقر لدخول الملكوت: " اما اختار الله فقراء العالم، الاغنياء بالايمان، ليكونوا ورثة الملكوت الذي وعد به الله من يحبونه؟" ( يعقوب2/5). وجعل السيد المسيح هذا الشرط في رأس دستور الخلاص: " طوبى للفقراء بالروح، فان لهم ملكوت السموات" ( متى5/3). وهكذا تمت نبوءة ميخا ( سنة 700 قبل المسيح): " وانت يا بيت لحم، انك اصغر عشائر يهوذا، ولكن منك يخرج لي من يكون قائداً لشعبي واصوله قديمة، منذ ايام الازل" (ميخا5/1). ج- الاسرة محددة هي عائلة يوسف ومريم الزوجين البتولين، من الناصرة وكلاهما من سلالة داود. هذه العائلة تسجلت في الاحصاء المدني العام، مع كل ما للابوة والامومة من مفاعيل على حياة يسوع ورسالته. شخص الابن الاله يتأنس آخذاً جسداً من مريم، وبالتالي هي ام هذا الشخص في طبيعته البشرية، وتدعى ام الاله " Theotokos"، كما اعلنها مجمع افسس ( سنة 431). فالامومة تشمل الشخص بكامله، ولا تقتصر على الجسد، ولا على الطبيعة البشرية وحدها. لقد حبلت مريم بشخص هو ابن الله، الواحد مع الآب في الجوهر. انها في الحقيقة ام الله المتأنس، الذي غذته بحليبها وسكبت في قلبه حبها وحنانها وقيمها، وربّته وتعهدته وشاركته في رسالة الفداء (انظر كرامة المرأة،4). يوسف زوج مريم، الذي لم يولد المسيح من زرعه بل بقوة الروح القدس، هو ايضاً ابو يسوع في الشريعة مع كامل حقوق الابوة، وقد اختاره الله لذلك. زواج يوسف بمريم ( متى1/16؛ لو1/27) هو المرتكز القانوني لابوته ليسوع. مريم نفسها تسمي يوسف ابا يسوع (لو2/48). لقد اقيم يوسف، بقرار من الارادة الالهية، حارس ابن الله واباً في نظر الناس. فكان كلمة الله خاضعاً ليوسف خضوعاً متواضعاً، يطيعه ويؤدي له كل الواجبات التي يجب على الابناء ان يؤدوها لوالديهم (البابا يوحنا بولس الثاني: حارس الفادي،8). |
||||
03 - 09 - 2014, 03:30 PM | رقم المشاركة : ( 5748 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
نداءات الميلاد مع حدث ميلاد الكلمة الالهي انطلقت نداءات: أ-" نور مجد الرب اشرق في قلب الليل". الطفل الالهي في المذود يشع في ظلمة الليل، لكي يشع في القلوب والعقول وفي ظلمات العالم الروحية والاجتماعية والثقافية والسياسية. فيسوع المولود هو " ضياء مجد الله وصورة جوهره " ( عبرا1/3)، وسيقول عن نفسه: " انا نور العالم، من يتبعني لا يمشي في الظلام، بل يجد نور الحياة" (يو8/12). انه النور بشخصه وكلامه ومثله. في ظلمة الألم والفقر والظلم واليأس والضياع والاستضعاف، ظلمات يلفها الصمت الذي يسدّ الآفاق، اشرق المسيح كلمةًَ لكل من هو في ظلمة. فهو محط الانتظارات " انه الكلمة الخارجة من الصمت" (القديس اغناطيوس الانطاكي). كلمة خلاص يعلنها الله بالملاك: " ابشركم بفرح عظيم يكون للعالم كله، لقد ولد لكم اليوم المخلص، وهو المسيح الرب!" انه "الدنح" اي ظهور الله للعيان. في كل ظلمة ليل من حياتنا يظهر الله. في صمت التأمل والانتظار يظهر الله؟ الصمت باب الشفاء، " فعالم اليوم مريض من الضجيج" (Kierkegaard). تنبأ كاتب سفر الحكمة قبل ميلاد المسيح بثلاثين سنة: " بينما كان صمت هادىء يخيّم على كل شيء، وكان الليل في منتصف سيره السريع، وثبتْ كلمتك القديرة من السماء، من العروش الملكية، كالمحارب العنيف في وسط الارض الملعونة" ( حكمة 18/14-15). انها الكلمة التي صارت بشراً (يو1/14). انها كلمة الانجيل، انجيل الخلاص. انها كلمة السلام والرجاء، كما انشد الملائكة: المجد لله في العلى، وعلى الارض السلام، والرجاء الصالح لبني البشر". المسيح مجدنا، المسيح سلامنا، المسيح رجاؤنا! ينشد الناس في الميلاد الاغنية الالمانية Stille Nacht للشاعر Gruber: " ايها الليل الصامت! الكل يصمت، فقط زوجان تقيان يسهران. وانت ايها الطفل اللطيف والحبيب تنام في هذا السلام السماوي". في الصمت نسمع الله يتكلم. انه حاجة من حاجات يومنا. ب- " اسرع الرعاة الى بيت لحم ليروا الكلمة... ولما رأوا اخبروا بالكلمة. والذين سمعوا تعجبوا من الكلمة... وعاد الرعاة يسبحون الله ويهللون" ( لو2/15-20). الرعاة الفقراء، الصامتون، البعيدون عن ضجيج المدينة، الساهرون على ماشيتهم سمعوا الكلمة ورأوا نورها. فاسرعوا الى بيت لحم. لقد رأوا واخبروا وسبّحوا. قاموا باول ليتورجيا في العهد الجديد: حول الكلمة الالهي، يسوع المسيح الاله والانسان، بحضور يوسف ومريم. جماعة الرعاة ترى الطفل وتؤمن بالمخلص، تخبر بالكلمة وتشهد لها بالاعمال، تسبّح الله وتعود الى حقل العمل بفرح ورجاء. ليتورجيا المغارة في بيت لحم تتواصل في ليتورجيا القداس في كنائسنا. جميلة مغارة الميلاد قرب المذبح وبتواصل معه. |
||||
03 - 09 - 2014, 03:31 PM | رقم المشاركة : ( 5749 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
ليتورجيا الميلاد ليتورجيا الميلاد، ككل ليتورجيا، وقفة تأمل: يوسف، المؤتمن على " السّر المكتوم في الله منذ الدهور" ( افسس3/9)، يتأمل في هذا السّر الذي بدأ يتحقق امام عينيه، سرّ مجيء ابن الله الى العالم، بما فيه من تجرّد وتحرير للعالم، ومن فقر يغني كل انسان ينفتح بالافتقار من الذات الى غنى المسيح. ويتأمل يوسف، كمستمع، في ما اخبر رعاة بيت لحم ( لو2/15-16) وما رواه مجوس المشرق ( متى2/11). مريم، الصامتة المتأملة، " تحفظ في قلبها كل هذه الكلمات". تسجد لمن ولدت، وهي " ام خالقها"، وتستقي الحياة من الذي وضعته انساناً، وهي "ابنة ولدها" (البابا يوحنا بولس الثاني، ام الفادي،10). تتأمل في وجه من هو ثمرة بطنها، ثمرة حب الله للبشر وحب مريم له، باسم البشرية جمعاء. ما من ولد يولد لولا تبادل الحب بين والديه. بكلمة " نعم، انا امة الرب" اعطت مريم كل حبها لله، بعد ان سبق وسكبه في قلبها بالروح القدس، فأصبح الكلمة بشراً. تأملت هذا المولود منها الذي يحقق الوعد الذي قطعه الله قديماً للبشر في اعقاب خطيئة آدم وحواء. فها " نسل المرأة" يسحق رأس الحية، وينتزع الخطيئة التي القت بثقلها على تاريخ الانسان على هذه الارض ( تك3/15) ( ام الفادي،11). في ليتورجيا القداس، مريم الحاضرة قرب مائدة الكلمة وجسد الرب ودمه، تقودنا الى عمق هذا التأمل وتعيننا على عيش ما نتأمل فيه. وفي تلاوة مسبحة الوردية، مريم تكشف لنا وجه ابنها يسوع الذي يشع منه الفرح والنور، والذي يفتدي ويغفر، ويقيم الانسان من الموت ويشركه بمجد السماء. الرعاة المنذهلون، يرون ويخبرون، و" يقدمون حملاً وضيعاً لحمل الفصح، بكراً للبكر، وذبيحاً للذبيح" (القديس افرام). وراحوا يهللون لمن رأوا فيه " راعي الرعاة". مجوس الشرق يسيرون على هدي النجم الى من هو شمس الكون، على هدي العلم الى من هو الحكمة الالهية، من قراءة علامات الازمنة انتقلوا الى عمق الايمان، وهم من الشعب الوثني، فسجدوا له وقدموا الهدايا رموزاً: الذهب لملك الملوك، والبخور للكاهن الازلي، والمر حنوطاً للفادي الالهي الذي يموت من اجل بشرية جديدة. ليتورجيا القداس تأوين للتجسد والفداء، وينبوع ثمارها الروحية والاجتماعية. |
||||
03 - 09 - 2014, 03:32 PM | رقم المشاركة : ( 5750 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
تبادل عجيب بالميلاد تمّ التبادل العجيب: الاله المتجسد يهبنا الوهيته، ونحن بشخص مريم ويوسف نبادله بشريتنا. الارض وهبته مغارة وهو بادلها كنيسة ومائدة خلاص. الامبراطورية قدمت له شعباً محصياً وارضاً موحَّدة وسلاماً شاملاً، وهو بادلها مملكة سماوية تعطي ممالك الارض سيادة الحق وكرامة العدل وقدسية الانسان. الرعاة هدوه حملاً من ماشيتهم، وهو بادلنا ذاته حملاً فصحياً. المجوس هدوه رموزاً، وهو بادلنا النبوءة والكهنوت والملوكية. اما قمة التبادل فهي ان " الاله صار انساناً ليؤله الانسان" (القديس امبروسيوس) ولهذا نهتف ونقول: " ولد المسيح، هللويا!". |
||||