02 - 09 - 2014, 03:38 PM | رقم المشاركة : ( 5691 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
نظام المحبة في مدينة البشر القديس أغسطينوس St. Augustine ١١السلام في الحياة الأرضية إٍنّ السلامَ خيرٌ عظيمٌ لا مثيل له في الأمور الأرضيّة والزمنيّة؛ ولا أعذب منه على الحفظ ولا أشهى على القبول ولا أفضل من وجوده. وإذا توقّفتُ بضع هنيهات على هذا الموضوع أرجو ألاّ أثقّل على القرّاء. السلام مهمٌّ جدًّا بالنسبة إلى خواتم المدينة التي أتكلّم عنها؛ وعذوبته تجعله أحبَّ إلى الجميع. ١٢ السلام: طموح عام وفي الواقع أدعو إلى التأمّل معي في الأمور البشريّة وفي طبيعة الإنسان، أيَّا تكن النقطة التي منها ننطلق؛ إذ ذاك نعترف بأنّه ما من إنسانٍ إلاّ ويريد أن يشعر بالفرح؛ وما من إنسان إلاّ ويريد السلام. [...] ١٣ السلام نِظام هادئ ويعني سلام الجسم انتظامًا بين أعضائه؛ وسلام النفس غير العاقلة راحة منتظمة بين شهواتها؛ وسلام النفس العاقلة توافق بين المعرفة والعمل؛ وسلام النفس والجسد يقوم على تنظيم الصحّة والحياة في الكائن الحيّ تنظيمًا حسنًا. ويعني سلام الإنسان مع الله طاعة في الإيمان تحت رعاية الشريعة الأدبيّة. والسلام بين الناس يقوم على توافق منظَّم والسلام البيتيّ يقوم ما بين أهل البيت على نوع من التعاقد وتنظيم الإدارة والطاعة؛ والسلام في المجتمع يتحقّق بواسطة التعاون والخضوع لسلطة منظّمة؛ وسلام المدينة السماويّة هو نظام وتوافق في جماعة الله وتبادل فرح مشترك بالله. والسلام في كلّ شيء هو نظام هادئ؛ والنظام هو قبول الكلّ بما يضع كلّ إنسان في محلّه وإن تباينت الأمور أو توافقت. والتعساء لا يمكنهم أن يكونوا بسلام لأنّ النظام الهادئ لا يعرف القلق وهو بحاجة إليه؛ ولكونهم يستحقّون ما هم عليه من شقاء لا يستطيعون أن يكونوا خارج النظام؛ وصحيح أنّهم ما انضمّوا إلى جماعة الطوباويّين لكنّ شريعة النظام تفصلهم عنهم ويبقيهم وضعهم الخالي من كلّ قلق واضطراب على شيء من التوافق مع محيطهم. وينعمون بشيء من الهدوء في نظامهم، ولهم، تاليًا، ظلّ من السلام؛ لكنّهم تعساء، وإن كانوا لا يتألّمون من التردّد؛ وليسوا في مكانٍ آمنٍ لا عذاب فيه؛ وقد يزدادون ألمًا لولا السلام الذي تؤمّنه لهم الشريعة التي ترعى النظام الطبيعيّ. ولكن بما أنّهم يتألّمون فحيثما يتألّمون، لا صفاء في السلام؛ وحيث لا ألم خارق ولا مجال لأن تنحلّ طبيعتهم فسلامهم باقٍ لهم. ومن ثمّ، بما أنّه لا حياة بلا ألم، ولا ألم بلا حياة، هكذا يمكن أن يكون سلام بلا حرب دون أن تكون حرب بلا نوعٍ من السلام، لا لأنّ الحرب هي حرب، بل لأنّ لها مَن يصنعها على مسرح؛ أناس؟ وطبائع لا تكون، أو لا يسعها أن تكون وتستمرّ، بنوعٍ معيّن من السلام. هناك طبيعة لا شرَّ فيها؛ وقد لا يمكن للشرّ أن يعرف إليها طريقًا؛ ولكن، أن تكون طبيعة بلا خير البتّة، فهذا أمر مستحيل. وإنّ طبيعة الشيطان نفسه، لكونها طبيعة، ليست شرًّا؛ بل الفساد يجعلها شرّيرة. ولهذا فإنّه لم يبقَ في الحقيقة ولا إستطاع أن يهرب من قضاء الحقيقة؛ لم يثبت في هدوء النظام، لكنّه لم يستطع أن يهرب من حكم الحقيقة؛ لم يثبت في النظام لكنّه لم يستطع الهروب من قدرة المنظّم الأسمى. إنّ الله خيرٌ بطبيعته؛ ولا يخفيه عن عدل الله الذي يأمر به في العقاب؛ ولا يطالب الله بالخير، بحدّ ذاته، لأنّه خالق هذا الخير؛ إنّما يلاحق الشرّ الذي يعمله الشيطان لأنّه لا ينزع منه ما جمّل به طبيعته بل ينزع منه شيئًا ويترك له شيئًا آخر لكي يبقى ويتألّم بسبب ما انتزع منه، وهذا الألم يشهد للخير الذي فقده وللخير الذي بقي له؛ إذا لم يبقَ له خيرٌ ما، فهل يتألّم لخيرٍ فقده؟ إنّ الخاطئ يزداد سوءًا إن فرح بخسارة العدالة؛ والمحكوم إن لم يربح شيئًا من عذاباته، يتألّم، على الأقلّ، من فقدان خلاصه. وبما أنّ العدالة والخلاص هما كلاهما خير؛ وأنّ خسارة الخير هي بالأخصّ موضوع ألم وليست موضوع فرح (هذا إن لم يكن تعويض في الأفضل وعدالة النفس أفضل من صحّة الجسد)؛ بكلّ تأكيد إنّ حزن الأثيم في عذاباته أفضل من فرحه في الخطيئة. وعليه، كما أنّ فرح التخلّي عن الخير يؤكّد شرّ الإرادة في الخطيئة هكذا فإنّ الألم من الخير المفقود في العذاب يشهد لصلاح الطبيعة؛ لأنّ الذي يرثي لسلام طبيعته الضائعة لا يرثي لخسارتها من خلال بعض بقايا السلام الذي يعيد إليه طبيعته الصديقة؛ على أنّه، بحقّ، ينوح الظالمون والأثمّة في العذاب الأخير، وفي قلب العذابات يبكون على خسارة الخىرت الطبيعيّة: يشعرون باستقامة العدالة التي تنزعها منهم بعد أن احتقروا الصلاح غير المحدود الذي أعطاهم إيّاها الله الخالق الكلّيّ العدالة للطبائع كلّها، الذي أقام الجنس البشريّ فوق الأرض ليكون أجمل ما فيها؛ وَهَبَ الناس خيورًا ملائمة للحياة الحاضرة؛ وهبهم السلام الزمنيّ، أي الذي تقدر أن تحقَقه طبيعتنا الصائرة إلى الموت، السلام في الحفاظ على الجنس كاملاً وموحّدًا. كلّ ما هو ضروري للبقاء ولاستعادة هذا السلام؛ فالعناصر مثلاً التي تلائم وتناسب حواسّنا كالنور المرئيّ والهواء الصالح للتنفّس والمياه الصالحة للشرب وما يُستخدم للغذاء والكساء. ولراحة الجسد وزينته؛ تحت هذا الشرط العادل الذي يعمل به كلّ إنسان ويستعمل تلك الخيور استعمالاً حسنًا ينال ما هو أعظم منها وأفضل، مثلاً، السلام الأبديّ والمجد أو الكرامة تجاوبًا مع السلام في الحياة الأبديّة حيث يفرح الإنسان بالله وبالقريب في الله، في حين أنّ مَن يسيء استعمال تلك الخيور يخسرها ولا ينال الخيور الأخرى. ١٤ السلام في المحبّة على هذا النحو فإنّ استعمال في الأرض يرتبط بمصلحة السلام الأرضيّ في مدينة الأرض وفي المدينة السماويّة لمصلحة السلام الأبديّ. ولهذا لو كنّا حيوانات عخماء لكنّا نتوق فقط إلى ما يتجاوب مع الأعضاء في الجسد ومع راحة شهواتنا ونكتفي بما يرضي الجسد ويرفّه اللذّة بحيث يكون سلام الجسد في خدمة سلام النفس. وفي الواقع، إن لم يكن الجسد في سلام اضطرب سلام النفس غير العاقلة لعدم تأمين الراحة لما يشتهيه الجسد؛ بَيد أنّ سلام الاثنين معًا ينفع السلام. المشترك بين النفس والجسد الذي يؤلَّف نوعًا من التجانس بين الحياة والصحّة. وكما أنّ الحيوانات تهرب من الألم لتُظهر محبّتها لسلام الجسد، وتسعى إلى اللذّة إشباعًا لشهواتها فتظهر محبّتها لسلام النفس وهكذا فحين تهرب من الموت تشهد حقًّا لمحبّتها للسلام الذي يوحّد بين النفس والجسد. ولكن بما أنّ الإنسان نفسٌ عاقلة فالذي يشترك فيه مع الحيوان يُخضعه لسلام النفس العاقلة لينتقل من التأمّل الباطنيّ إلى العمل الذي تحدّده النفس فيقيم إذ ذاك في نفسه اتّفاقًا متجانسًا بين المعرفة والعمل، يؤمّن للنفس العاقلة سلامها؛ وصولاً إلى ذلك السلام، وحصولاً على علمٍ ما مفيد، وتوصّلاً إلى تنظيم حياته وأخلاقه استنادًا إلى ذلك العلم، عليه ألاّ يستسلم إلى الألم المرهق والرغبة المزعجة وينحلّ بالموت؛ وخوفًا من ضعف العقل البشريّ ومن أن توقعه شهوة المعرفة في ضلال هدّام يحتاج إلى تعليم إلهيّ يثبَته في الحقيقة وإلى معونة إلهيّة لكي يطيع بحرّيّة. وبما أنّه في هذا الجسد الصائر إلى الموت، وطالما لا يزال مقيمًا فيه، يسافر، متغرّبًا عن الربّ، بالإيمان، لا بالعيان. وانطلاقًا من تلك الحالة، فكلّ سلام للجسد أم للروح أم لكليهما معًا يتعلّق بسلام الإنسان الصائر إلى الموت مع الله الأزليّ ليجعل طاعته على مستوى الإيمان ثحت الشريعة الأبديّة. وبقدر ما نتعلّم من الله هاتين الوصيّتين الأساسيّتين: محبّة الله ومحبّة القريب حيث نجد ثلاثة تنصبّ عليهم محبّتنا: الله وذاتنا والقريب بحيث إنّه في محبّته الله لا يغلط لا في محبّة ذاته فينتج عن ذلك دعم مصلحة أخويّة أنّ عليه أن يحمل ذلك الأخ الذي يجب عليه أن يحبّه كنفسه ِلى أن يحبّ الله. وواجب المحبّة هذا يقوم به أيضًا تجاه امرأته وأولاده وذوي قرباه وعلى قدر المستطاع تجاه كلّ الناس كما ينتظر من قريبه أيضًا أن يقوم به تجاهه؛ إذ ذاك يكون حقًّا على سلام مع كلّ إنسان؛ السلام البشريّ هو الاتّفاق في النظام الذي لا يسمع لأحد بأن يؤذي الآخر؛ وتاليًا بأن يكون نافعًا لمَن استطاع إليه سبيلاً. واجب الإنسان الأوّل هو أن يعمل لخير ذويه لأنّ نظام الطبيعة والمجتمع يسهّل له الدخول إلى ذويه للسهر على تلك المصلحة. وعليه يقول الرسول:«إن كان أحد لا يعتني بذويه ولا سيّما بأهل بيته فقد الإيمان وهو شرّ من كافر» (١طيم ٥/٨) فينتج عن ذلك السلام المنزليّ أي التوافق المنتظم بين السلطة والخضوع على مستوى أهل البيت. السلطة هي لمَن يقوم بخدمة الآخرين: إنّها للزوج على زوجته وللوالدين على الأولاد وللأرباب على الخدم. الطاعة واجب على مَن يجب السهر عليهم: الزوجة تطيع زوجها والأ ولاد يطيعون والديهم والخدّام معلّميهم. أمّا في البيت البارّ الذي يحيا بالإيمان ولا يزال يعيش بعيدًا عن المدينة السماويّة فهؤلاء أنفسهم الذين يأمرون هم الخدّام لمأموريهم. لأنّهم يأمرون بشهوة التسلّط بل بحكم التضحية، لا بكبر مَن يريد أن يكون سيّدًا بل بواجب الرعاية ١٧ السلام الأرضيّ والسماويّ بيد أنّ عائلة البشر الذين لا يحيون بالإيمان تتبع سلامًا أرضيًّا صرفًا تجاه خيور الحياة الزمنيّة ومنافعها. أمّا العائلة البشريّة التي تحيا بايمان فتنتظر، بخلاف الأولى، الخيرات العتيدة التي تعِدوها بها الأبديّة وتستعمل، خيور الأرض الزمنيّة، لا، لتؤخذ في شركها وتتحوّل عن الهدف الذي إليه تتوق، أي الله، بل لتجد فيه سندًا؛ وبدلاً من أن تثقل على الجسد الصائر إلى الموت وترهقه، تخفّف عنه. ونرى أنّ استعمال الأشياء الضروريّة في الحياة الصائرة إلى الموت مشترك بين المؤمنين وغير المؤمنين، تشارك فيها هذه العائلة وتلك؛ إنّما لكلّ منهما هدف؛ وعلى هذا النحو فمدينة الأرض التي لا تعيش بالإيمان تطمح إلى السلام الأرضيّ وذاك هو الهدف الذي يرسمه التوحيد بين السلطة والطاعة لدى المواطنين ليلاقي بين الإرادات البشريّة في ما يختصّ بمصالح هذه الحياه البشريّة. لكنّ المدينة السماويّة أو بالأحرى هذا الجزء منها الذي يسير على هذه الأرض ويحيا بالإيمان لا يستعمل السلام إلاّ عند الضرورة. وطالما أنّها تطيل، في مدينة السماء، حياة الأسر في مسيرتها الأرضيّة وحيث نالت الوعد بالفداء والهبة الروحيّة عربونًا لذلك، وبما أنّها تخضع للقوانين الأرضيّة التي تهتمّ بالمصالح الزمنيّة فإنّها تطيع دون تردّد؛ وبما أنّهما تشتركان في المصير عينه الذي يقود إلى الموت ترغبان في فهم صريح لهذا المصير الذي تنتظرانه؛ وأمّا مدينة الأرض التي نعِمَت ببعض حكماء وقد شجبتهم الكلمة الإلهيّة لكونهم اعتقدوا بضرورة تأمين رعاية عدد كبير من الآلهة للبشريّة استنادًا إلى تقديراتهم أو إلى خزعبلات الشياطين؛ وللآلهة المذكورين عدّة وظائف: منهم مَن يهتمّ بالجسد وآخرون بالنفس؛ واحد على الرأس في الجسد وآخر على العنق وإلى ما هنالك؛ وفي النفس واحد يهتمّ بالعقل والآخر بالعلم؛ هذا بالغضب وذلك بالحبّ؛ أمّا فيما يختصّ بحاجات الحياة فهذا يرعى القطعان وذاك يهتمّ بالحنطة، هذا بالكرمة وذلك بالزيتونة؛ هذا بالأحراج وذاك بالثروات؛ هذا بالسباحة وذاك بالحرب والنصر؛ هذا بالزواج وذلك بالولادة والإخصاب إلخ? في حين أنّ المدينة السماويّة التي لا تعترف إلاّ بإله واحد تحتفظ، بكلّ تقوى، بالإكرام والعبادة لذاك الإله. وهذه العبادة تسمّى باليونانيّة λατρεια لأنّها به وحده تليق؛ ولقد حدث أنّها لم تستطع أن تدخل مع مدينة الأرض بشراكة في الشريعة الدينيّة ونشأت بينهما خلافات ومخاصمات في هذا المجال، فضلاً عن الكراهية التي أعلنها ضدّ المدينة السماويّة أولئك الذين يعلنون آراءَ مضادّةً لها؛ وثبتت المدينة السماويّة ضدّ هجمات المضطهدين التي لم تتوقّف بمساعدة الرهبة التي تشيعها مجموعة المؤمنين، فضلاً عن النعمة الإلهيّة التى تعضدها وتصدّ عنف الأعداء عنها. وهكذا، طوال مسيرتها على هذه الأرض فإنّ المدينة السماويّة تجنّد مواطنين من كلّ الشعوب وتجمع بالرغم من تنوّع اللغات مجتمعًا على سفَرٍ مثلها، ولا همّ عندها، مهما تباينت الأخلاق والقوانين والمؤسّسات وكلّ ما يساعد على الحصول على السلام الأرضيّ والاحتفاظ به؛ لا تحذف منه شيئًا ولا تهدم شيئًا. ماذا أقول؟ إنّها تحتفظ بكلّ شيء وتتبعه؛ بالرغم من التناقضات التي فيه، وبحسب تنوّع الشعوب، يتوق إلى غاية واحدة، السلام، على هذه الأرض، إذا ترك للديانة، الحرّيّة في تعليم عبادة الإله الواحد الحقّ. ومن ثمّ، فإنّ مدينة السماء تستخدم، في مسيرتها على الأرض، سلام الأرض؛ وفيما يختصّ بمصالح الطبيعة الصائرة إلى الموت وطالما أنّ التقوى سليمة والدين يسمع فإنّها تحمي وتشجّع الاتّحاد بين الإرادات البشريّة موجّهةً سلامَ الأرض إلى السلام السماويّ، السلام الحقيقيّ، الوحيد الذي تستطيع أن تفيد منه، الوحيد الذي يمكن للخليقة العاقلة أن تسمّيه سلامًا: وهو نظام وتوافق تام في التمتّع بالله، أي تمتّع الكلّ المتبادل بالله. هنالك، لا مجال، للحياة الصائرة إلى الموت؛ بل حيويّة كاملة وثابتة؛ ولن يعود مجال لجسد حيوانيّ يرهق النفس بثقله الآئل إلى الفساد؛ بل جسد روحانيّ لا ينقصه شيء، خاضع في كلّ أجزائه للإرادة. وإذ تسير بالإيمان، تملك، ها هنا، هذا السلام وتحيا بالإيمان مع البرارة عندما توجّه إلى ذلك السلام كلّ عمل خير تقوم به، تجاه الله والقريب، لأنّ حياة المدينة حياة اجتماعيّة. الترجمة العربية للخورأسقف يوحنا الحُلو، دار المشرق، بيروت |
||||
02 - 09 - 2014, 03:40 PM | رقم المشاركة : ( 5692 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
المحبة الفعلية الكاملة - القديس سمعان اللاهوتي أيها الإخوة والآباء إن من يتظاهر بالفضيلة فيما يضلل ويفسد كثيرين هو بالحقيقة بائس ومدان وممقوت من الله والناس. بالمقابل، بديهي أن الخالي من الهوى فيما يتظاهر ببعضه من أجل خلاص ومنفعة الكثيرين هو مستحق للمديح ومبارك كما يعلمنا الآباء القدماء. لعب الشيطان دور الحية والمرشد، وفي ظهوره حسناً ونافعاً جلب الموت وخسّر الإنسان الله وكل ثمار الجنة، وأظهر نفسه كقاتل وعدو لله. لهذا إن من يتظاهر بالشر فيما يردد كلمات بارعة لكي يعرف ما يحقق الشر من خلال الذين يظهرون الفضيلة والطاعة ولكي يعيد الأشرار إلى الندامة والخلاص والاعتراف بخطاياهم، هو بالحقيقة متمثل بالمسيح[1] ومسار عامل لله ومنقذ للناس. لكن هذا العمل هو فقط لأصحاب الحس غير المتأثر بهذا الجو أو بحس العالم وأشيائه، الذين لا تتأثر أفكارهم بالمرئيات بل قد ارتفعت عن مستوى الجسد. أتكلم عن مساوي للملائكة، المتحدين كلياً بالله، الذين امتلكوا المسيح كلياً في نفوسهم بالفعل وبالاختبار وبالإدراك وبالمعرفة وبالمعاينة. إن التنصت أو التجسس على أعمال قريبنا أو أقواله هو شر أكيد خاصةً إذا كان بهدف انتقاده أو تشويه سمعته أو إفشاء ما رأينا عندما تسنح الفرصة. بالمقابل هذا ليس مرذولاً إذا كان لتصحيح قريبنا بالنصح والحكمة والروية وللصلاة من أجله بدموع وبنفس منسحقة. بالحقيقة، لقد رأيت رجلاً اجتهد ألاّ يفوته شيء مما يقول أو يفعل رفاقه. لم يفعل ذلك ليضرهم إنما لينصحهم ويحذرهم من الأفكار والأفعال الشريرة، وذلك بتحريك أحدهم بالكلمة والآخر بالهدايا أو بطرق أخرى. بالفعل، لقد كنت أراه في بعض الأوقات يندب أحدهم أو يتأوه على آخر. أحياناً كان يلطم وجهه أو صدره من أجل شخصٍ ما معتبراً نفسه أخطأ عن الآخر وينظر إلى نفسه كأنه الخاطئ ويعترف إلى الله مرتمياً لديه بحزنٍ جارح. وقد رأيت فرح أحدهم عظيماً لنجاح المجاهدين إذ كان يستحسن تقدمهم وكأنه هو مَن سوف يكافأ عنهم لفضيلتهم ومجهودهم. أما لأولئك الذين سقطوا في كلمة أو عمل فكان يندب وكأنه فعلاً مسؤولاً عن هذه الأشياء وعليه أن يقدم حساباً عنهم ويتحمل الجزاء. لقد رأيت أيضاً رجلاً آخراً مندفعاً ومملؤً رغبةً بخلاص إخوته حتى أنه كان يتوسل إلى الله، محب الإنسان، بكل نفسه وبدموع ساخنة، إما أن يخلص إخوته أو أن يدان معهم. موقفه كان مثل موقف موسى أو حتى مثل موقف الرب نفسه، إذ أنه لم يرضَ أن يخلص وحده. ولأنه كان مربوطاً بهم روحياً بالمحبة المقدسة في الروح القدس، لم يُرد أن يدخل مملكة السماوات إذا كان هذا الدخول يعني الافتراق عنهم. يا للرباط المقدس! يا للقدرة التي لا توصف! يا للنفس ذات الأفكار السماوية أو بالأحرى المحمولة من الله والمكَمَلة بمحبة الله والقريب. إذاً مَن لم يصل بعد إلى هذا الحب ولم يرَ أياً من ملامحه في نفسه ولا أحس بحضوره، لم يزل مرتبطاً بالأرضيات راسخاً فيها. كلا، الأحرى أن طبيعته هي أن يخفي نفسه كالفأر الأعمى في جوف الأرض لأنه أعمى مثله ولكن قادر فقط على سماع المتكلمين على الأرض. أي سوء حظ هو أن الذين ولِدوا من الله وأصبحوا خالدين و?شركاء الدعوة السماوية?[2] و?ورثة الله ووارثون مع المسيح?[3] وسيرتهم ?هي في السماوات?[4]، لم يتوصلوا بعد إلى إدراك عظمة هذه النعم. نحن بلا إحساس كالحديد الملقى في النار أو كجلد الحيوان الميت الذي لا يحس عندما يُغَمس في الصبغة القرمزية. إن هذا هو موقفنا مع أننا في وسط بركات الله العظيمة ونعترف أننا لا نحس بها في داخلنا. وهكذا فنحن نتباهى وكأننا مخَلَّصون ومحسوبون بين القديسين، وندّعي ونزخرف أنفسنا بقداسة مصطنعة كأولئك الذين يقضون حياتهم في التعاسة كموءَدين في قاعة الموسيقى أو المسرح. نحن كالمهرجين والمومسات الذين ليس لهم جمال طبيعي و بغباء يفكرون أن يجملوا أنفسهم بمستحضرات وألوان إصطناعية. كم هي مختلفة هيئة القديسين المولودين من فوق[5]. عندما يأتي طفل من رحم أمه، يحس الهواء لاشعورياً ويندفع عفوياً نحو البكاء. فعلينا أن نعلم أن أتي المولود من فوق من هذا العالم كما من رحم مظلم، فهو يدخل في الضوء الفكري السماوي وبينما هي يحدق به بإمعان يمتلئ بفرح لا يوصَف. وبينما يفكر طبيعياً بالظلمة التي وُلِد منها، يذرف دموعاً بلا تعب. هكذا يبدأ المرء أن يُحسَب بين المسيحيين. أما الذين لم يلجوا معرفة هذا الجمال ومعاينته، الذين لم يلتمسوها بصبر عظيم وتأوهات ودموع لكي يتنقوا ويصلوا إليها، كيف لهم أن يُدعوا مسيحيين؟ إنهم ليسوا مسيحيين بالحقيقة! إن كان ?المولود من الجسد جسد هو والمولود من الروح هو روح?[6]، فإن لم يفتكر المولود بالجسد ولم يؤمن بأن على الإنسان أن يولد بالروح أو أن يسعى إلى ذلك، كيف له أن يصبح روحانياً ويحسب نفسه بين الروحانيين؟ قد يدخل خلسةً كالذي يرتدي ملابس فاحشة، ولكن ما أن ينضم إلى القديسين لابسي ثياب العرس في العيد الملوكي، حتى يُلقى خارجاً مغلول اليدين والرجلين. فهو ليس ابناً للنور[7] بل من لحم ودم[8] وسوف يُرسَل إلى النار الأبدية ?المعدة لإبليس وملائكته?[9]. من تلقّى السلطان ليصبح ابناً لله[10] ووارثاً لملكوت السماوات والبركات الأبدية، الذي تعلم بشتى الطرق ما هي الأعمال والوصايا التي يجب أن ينشأ عليها إلى هذا المجد والكرامة، ومن ثم احتقر كل هذه الأمور وفضل الفانيات والأرضيات مختاراً الحياة القذرة ومفتكراً أن المجد العابر أفضل من الأبدي، كيف لن يُفصَل بعدل عن كل المؤمنين ويُدان مع الخائنين ومع الشيطان نفسه؟ لهذا أرجوكم جميعاً، أيها الإخوة والآباء، أن تجاهدوا ما دام زمان ولم نزل بين الأحياء. إسعوا لتصبحوا أبناءً لله وتُحسَبوا بين أبناء النور، لأن من هذا تأتي الولادة من فوق. ?لا تحبوا العالم ولا الأشياء التي في العالم?[11]، لا تحبوا الجسد والشهوات التي تنبع منه. ابتعدوا عن كل شهوة رديئة وطمع[12] حتى عن أبسط مظاهرها وأدواتها. بإمكاننا أن نفعل ذلك إذا حفظنا في ذهننا عظمة ذلك المجد والفرح والسرور التي سوف نحصل عليها في الدهر الآتي. قولوا لي، هل من شيء، في السماء أو الأرض، أعظم من أن نكون أبناءً لله وورثة له ووارثون مع المسيح[13]؟ لا شيء إطلاقاً! وإذ نفضل الأشياء الأرضية والأشياء التي بيدنا ولا نسعى إلى الخيرات ?الموضوعة لنا فوق?[14 ولا نفسح مجالاً لها بشوق، نؤمن إثباتاً أكيداً للذين ينظرون إلينا بأننا ضحايا مرض عدم الإيمان كما هو مكتوب : "كيف تقدرون أن تؤمنوا وأنتم تقبلون مجداً بعضكم من بعض. والمجد الذي من الإله الواحد لستم تقبلونه"؟[15] هكذا، إذ أصبحنا عبيداً للشهوة فنحن مسمرين بالأرض وما عليها ونرفض أن ننظر إلى السماوات وإلى الله. إذ ننخدع بحماقة النفس لا نطيع وصاياه ونتخلى عن تبنيه لنا كأبناء. أخبروني هل من أحمق أكثر ممَن يتخلى عن طاعة الله ولا يسعى للوصول إلى بنوّته؟ لدى المؤمن بوجود الله أفكار عظيمة عنه. فهو يعرف أن الله هو السيد الوحيد، الخالق، ورب الأشياء جميعاً، وأنه لا يموت، أبدي، لا ينتهي، لا يُوصَف، لا يندثر ولا نهاية لملكه. كيف يتردد بوضع نفسه حتى الموت لمحبته لله، لكي يستحق على الأقل أن يكون أحد خدامه الحقيقيين الواقفين إلى جانبه إن لم نقل ابنه ووريثه؟ كل من يجاهد ليحفظ وصايا الله يصبح ابناً لله وابناً مولوداً من فوق ومعروفاً لدى الجميع كمؤمن حق ومسيحي. ولكن إن أهملنا هذه الوصايا وعصينا قوانينه التي سوف يثبتها عندما يأتي ثانية وهذه المرة بقوة ومجد عظيم[16]، سوف نظهر أنفسنا من خلال أعمالنا كغير مؤمنين من جهة الإيمان، وكمؤمنين شفوياً فقط من جهة عدم الإيمان. لا تنخدعوا: بدون أعمال لا ينفعنا الإيمان لوحده لأنه ميت [17]. الأموات لن يكونوا مشاركين في الحياة إلا إذا سعوا إليها أولاً بتطبيق الوصايا. كما ينمو الثمر العصاري، كذلك بتطبيقنا الوصايا تنمو في داخلنا المحبة، الرحمة، الشفقة على الجار، اللطف، التواضع، احتمال التجارب، العفة ونقاوة القلب التي من خلالها نستحق رؤية الله وبها نُمنَح وجود الروح القدس واستنارته. هذا هو الحضور الذي يهب الولادة من فوق ويحوّلنا أبناءً لله. إنه يلبسنا المسيح ويضيء مصابيحنا. يظهرنا أبناءً للنور ويحرر نفوسنا من الظلام ويجعلنا هنا والآن شركاء مدركين للحياة الأبدية. لا نتكلن إذاً على هذه أو تلك من الممارسات أو الفضائل كالصيام والسهرانيات أو النوم على الأرض وسواها من الإماتات فيما نحن نستخف بتطبيق وصايا الرب وكأن الخلاص ممكن بواحدة دون الأخرى. إنه لمستحيل، مستحيل! فلتحثكم العذارى الخمس الحمقى مع أولئك الذين صنعوا قوات كثيرة بإسم المسيح وبالرغم من هذا، لأنهم لم يملكوا في داخلهم محبة ونعمة الروح القدس فقد سمعوا الرب يقول لهم: ?إذهبوا عني يا عمال الظلم لأني لست أعلم من أين أنتم?[18]. ليس أولئك فقط بل كثيرون معهم، رجال عمّدهم الرسل القديسون والقديسون الذين أتوا بعدهم، ولكنهم لم يُوجدوا مستحقين لنعمة الروح القدس لكثرة شرورهم. لم يُظهروا حياة مستحقة لـِ?الدعوة التي دُعوا بها?[19] ولم يصبحوا أبناءً لله بل على العكس بقوا لحماً ودماً بدون أن يؤمنوا بأن الروح موجود أو أن يسعوا إليه أو يتوقعوا الحصول عليه. من أجل ذلك، هكذا أشخاص لن يكونوا أسياداً لشهوات الجسد أو انفعالات النفس ولن يتمكنوا من إظهار أي نبل في الفضيلة لأنه كما قال السيد: ?لأنكم بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئاً?[20] وهكذا أتوسل إليكم أيها الآباء والإخوة لنحاول بكل قوانا أن نصبح، الآن وهنا، شركاء عطية الروح القدس حتى نحصل على البركات الحالية والمستقبلية بنعمة ورأفة ربنا يسوع المسيح له المجد إلى الأبد، أمين. |
||||
02 - 09 - 2014, 03:44 PM | رقم المشاركة : ( 5693 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
بالمحبة لا بالخوف تصير ابنا لا عبداً القديس أغسطينوس عن الحكمة كلامنا, لا عن حكمة هذا العالم التي هي جهالة عند الله, بل عما هي حقا بنظره حكمة, الله هو كمال الحكمة, وحكمة الانسان عبادة الله. وتناقش الناس في الحكمة فقالوا انها علم الامور البشرية والالهية, بيد ان الكثيرين لم يسعوا اليها الا كسبا لمديح الناس لهم, وارادوها في حياتهم علما لا خلقا تأمر به الحكمة, فنالوا مجدا بشريا زائلا وعجزوا عن البلوغ الي نور الله, وما طلبوا الحكمة, مع انهم تظاهروا بالبحث عنها, ولو بحثوا عنها حقا لعاشوا وفقا لمبادئها, لكنهم شاؤوا التبجح بأقوالها فكانوا كلما ازدادوا بها تبجحا كلما ازدادوا عنها بعدا. اما الكتاب المقدس فانه يعلمهم انهم لن ينالوا مبتغاهم الا اذا رعوا ما كانوا يهملون يا بني ان رغبت في الحكمة فاحفظ الوصايا فيهبها لك الرب(سي 1: 33) ومن ذا الذي يحفظ البر ان لم يخف الرب القائل في موضع آخر ان من لا يتقي الله لا يدرك البر (اع 10 : 35), وبالتالي فان كان الرب لا يهب الحكمة سوي لمن يحفظ البر فمن لا يتقي الرب لا يتبرر, ثم يضيف راس الحكمة مخافة الله (سي 1: 16). وحين يتكلم اشعيا النبي عن مواهب الروح السبع يبدأ بالحكمة وينتهي بمخافة الله, منحدرا الينا ليعلمنا كيف نصعد اليه, بدأ حيث يجب عليك ان تصل, ثم وصل حيث يجب ان تبدأ, قائلا وَيَحِلُّ عَلَيْهِ رُوحُ الرَّبِّ رُوحُ الْحِكْمَةِ وَالْفَهْمِ رُوحُ الْمَشُورَةِ وَالْقُوَّةِ رُوحُ الْمَعْرِفَةِ وَمَخَافَةِ الرَّبِّ. (اش 11: 2). وكما ان النبي انحدر من الحكمة الي التقوي, معلما بقوة, عليك ان تصعد تدريجيا وبدون استكبار من التقوي الي الحكمة. المتواضع يتقي الله, وقلبه ينسحق بدموع التوبة والاعتراف, لا تخف البقاء في هذا القعر لان الله رتب في القلب المنسحق المتواضع الذي يرضي عنه مراقي اليه. وانحدر اشعيا علي سلم العلم من الحكمة الي تقوي الله ليحثك علي القيام باعمالك, لقد انحدر من مقرالسلام الابدي الي وادي الحزن الزمني كيلا تبقي حزينا باكيا متنهدا في توبتك, بل لتصعد من ذلك الوادي الي الجبل الروحي الي اورشليم المدينة المقدسة الابدية, وتفرح فرحا ابديا. وحين نصحك بالتزام الحكمة نورا للعقل, اضاف العقل ردا علي سائليه, بأن طريق الحكمة العقل, وطريق العقل المشورة, وطريق المشورة القوة, وطريق القوة المعرفة, وطريق المعرفة تقوي الله, وطريق تقوي الله مخافته, تتجه الطريق صاعدا من المخافة الي الحكمة لان راس الحكمة مخافة الله (سي 1: 16), من وادي الدموع الي جبل السلام. فاجعل التواضع والتقوي رأس حكمتك. اللهم في اري البداية, فلم اقنط من النهاية ؟ وفي الخوف, انما مخافتك رأس الحكمة, لقد بدأت أخاف, فعلي ان اصلح نفسي, واحذر اعدائي (اي خطاياي), وابدأ حياة باطنية, وأميت اعضائي علي هذه الأرض, مخافتك تجرح النفس, كما يجرح مبضع الطبيب جسم المريض, لينزع منه ما فسد فيه, فيبدو مثخنا جراحا, ويفوق ألم جرح يُداوي ألم جرح مهمل, ويعرف الانسان دواءه فيحزن حزنا يفوق حزنه علي الم يتلوه شفاء, املأ قلبي من مخافتك, ووجهه الي محبتك, واجعله ينسي أثر جرح مبضعك, لانك طبيب لا يُخلف جرحه اثرا, فليكن الخوف في, قبل ان تنقي المحبة الكاملة الخوف عني, اني لأومن وادرك اني سائرا بعيدا عنك, في جسمي هذا الفاسد الذي يثقل علي, بقدر ما ادنو من الوطن اصبو اليه بضعف الخوف في, خوف المسافرين قوي, وخوف القريبين ضعيف, والذين بلغوا غايتهم لا يخافون, اني اخاف ممن يقتلون الجسد, وبخاصة ممن يمكنه ان يلقي النفس والجسد في جهنم. الخوف نوعان: خوف سافل وخوف نقي, احدهما يخشي ان يفقد البر والآخر يخشي العقاب, الخوف السافل هو خوف من يخشي الاحتراق مع الشيطان, والخوف النقي هو خوف من يخشي عدم مرضاة الله, واين العظمة في ان يخشي الانسان العقاب ؟ تلك حالة العبد الخاطئ واللص الشرس, لا عظمة في ان يخشي الانسان العقاب, انما العظمة في ان يحب البر, وكل من يحب البر لا يخشي العقاب بل يخشي فقدان البر. اللص يخشي العقاب انما لا يخشي الاثم, انه لا يسرق حين لا يستطيع ان يسرق مع انه سارق !يسطو الذئب علي حظيرة الخراف ويحاول أن يدخل يدخل ويقتل ويفترس, وبما ان الرعاة يسهرون, والكلاب تنبح, فلا يستطيع ان يخطف او يقتل, انما يخرج ذئبا كما جاء ذئبا, ألأنه لم يستطع ان يسرق نعجة نقول ?جاء ذئبا وعاد نعجة ؟ لقد جاء ذئبا محتدما غاضبا, وعاد ذئبا مرتجفا فزعا, ومع ذلك فهو ذئب, غاضبا كان ام خائفا, لا خطف الفريسة ولا تخلي عن خبثه. ان كانت تلك هي حالك, فانك تفكر بالا يعذبك البر. الفرق بين خوفك وخوف اللص, هو ان اللص يخشي قوانين البشر فيسرق املا في ان يخدعها, وانت تخشي شرائع وعقاب من لا يسعك ان تخدعه, هب انك استطعت ان تغش الا تغش. المحبة لا تنتزع منك الشهوة انما الخوف وحده يكبتها, ان من قيده الخوف يظل ذئبا, تحول انت الي نعجة, ذاك صنعه الرب ببر منه لا منك, فان كان لك برك فاخش العقاب ولا تحب البر !!! اني اطرح عليك سؤالا, تفحص سؤالي المدوي, واجعل لك من نفسك سؤالا صامتا, لك اقول:ان لم يرك الله حيث تعمل فهل تعمل اذا لم يكن يوم الدين من يقنعك بانك عملت شرا تأمل نفسك بنفسك اذ لا يسعك ان تجيب علي كل ما اقول, تأمل نفسك, أتفعل ان فعلت كان ذلك خوفا من العقاب وليس حبا بالبر, ولم تكن علي شئ من المحبة, لانك تخاف كعبد, انه الخوف من الشر وليس الحب للخير. وبرغم ذلك يجب عليك ان تخاف خوفا يؤدي بك الي المحبة, ان خوفك هذا يجعلك تخاف من جهنم ويمنعك عن الخطيئة ويغمرك من كل جانب, ولا يدع فكرك الباطني الحر يريد الخطيئة, وبالتالي فالخوف هو كالحارس والمعلم في الشريعة, التي كان حرفها يهدده قبل ان تنجده النعمة, فليحفظك هذا الخوف من السوء, ولتدخل المحبة قلبك, اذ بقدر ما تكون فيه بقدر ذلك يخرج منه الخوف. وطالما ان الخوف يحفظك من السوء, فالمحبة تستأصل ما فيك من رغبة في الاثم, ولو استطعت ان تعمل دون ان يطول العقاب. عانق المحبة وادخل فيها, اقبلها تفاديا للخطأ, كف عن الخطيئة واقبل المحبة واحي حياة صالحة, ومتي دخلت في المحبة بدأ الخوف يخرج, وكلما ازددت ولوجا في المحبة ازداد الخوف تراجعا, ومتي دخلت بكليتك تلاشي الخوف الْمَحَبَّةُ الْكَامِلَةُ تَطْرَحُ الْخَوْفَ إِلَى خَارِجٍ (1يو 4: 18) للمحبة خوف نقي خاص بها يثبت الي جيل الاجيال. الرجل الصالح ولو استطاع ان يحفظ قول الله لما احزن عيني ابيه القائل له ?اراك حين تخطأ فلن اعاقبك انما لست ارضي بك والرجل الصالح يخشي ان يغيظ محبوبه بمعزل عن صرامة القاضي, لانه لو احب الآب حقا كما يحبه الآب لاعترف به ربا ولما عصا له امرا. هناك اناسا يخشون ان يعملوا شرا عن ضعف جسدي او نفسي وليس حبا بالخير, بل خوفا من ان يدينهم الناس, فيكفون عن شر الاعمال دون عاطل الافكار. اذا فكرت بامثالها وان لم تأت شرا ضد احد, تسئ كثيرا الي نفسك, وباثمك هذا تهلك نفسك. انت لا تؤذي الناس لانك جبان, لكن الله الذي يري خطيئتك يعاقبك علي افكارك. ان من لا يستطيع اللحم ان يحجب عنه ارادتنا , يري ما تريد, وبالتالي اذا كان قلبك لا يخشي سوي العقاب ثم سنحت لك الفرصة لارتكاب الخطيئة فلا تصير اذ ذاك خاطئا, بل يماط اللثام عما فيك من خطأ لتدرك ان ما خفي منك موجود, ولا لتعرف ان ما هو طبيعي قد انكشف. الارادة الاثيمة تحيا في العمل الذي لا يرجي عليه غقاب, اما حين تتأكد بأن العقاب ملازم للخطأ فهي تحيي في الخفاء وتود لو يسمح لها بان تعمل علي هواها. وتكتئب لانها لا تتسامح مع نفسها بما يحرمه الله, وهي لا تتمتع روحيا بما له من خير, بل تخشي جسديا الشر الذي يهددها به, وان كنت تخشي الله بسبب ما ينتظرك من عقاب فلست تحب من تخشاه هكذا, وعبثا تدعي التغلب علي الخطيئة ان كنت تكف عنها خوفا من العقاب, ان خفت من جهنم فلست تكره الخطيئة بل الاحتراق في جهنم, اما ان كرهت الخطيئة كرهت معها جهنم, أحب الله الصالح واخش عدله, ان احببت خفت من ان تغيظ المحب والمحبوب, واين تجد خوفا نقيا يفوق ما فيك يا من لا تفكر بامور الدنيا بل بما هو للرب وبما يرضيه ؟ ان لم يكن فيك حب فاحذر الهلاك, اما ان كنت تحب فاخش ان تغيظ بحبك. بالمحبة لا بالخوف تصير ابنا لا عبدا. ان ثابرت علي عمل الخير خوفا من الهلاك فلست من ابناء الله, حتي م تخشي العقاب ؟ الخوف عبد والمحبة حرة طليقة, والخوف هو عبد للمحبة, لا تدع الشيطان يسيطر علي قلبك برغم ان الخوف سباق في الدخول اليه ليحتفظ بمركز للمحبة, سيدته, التي سوف تدخل. اعمل خوفا من العقاب ان تعسر عليك ان تعمل حبا بالبر, لان السيدة سوف تأتي وسوف ينسحب العبد, لأن الْمَحَبَّةُ الْكَامِلَةُ تَطْرَحُ الْخَوْفَ إِلَى خَارِجٍ(1 يو 4: 18) ربي, تحاشيت الشر فصلحت نفسي, وراحت تتوق الي الخير فنشأ في الخوف النقي, انا ما ابتعدت عن الشر خوفا من جهنم وابليسها, بل خوفا من ان تبتعد انت عني, ليس خوفي من ابليس وجهنم خوفا نقيا, لانه لم يصدر عن حب لك, بل عن خوف من العقاب, وحين خفت ان تتخلي عني عانقتك وتمنيت ان استمتع بك. نفسي تلطخت بالاثم ولكنها تصبح جميلة اذا احبتك, الخوف النقي يعيد الي النفس جمالها, انت, يارب, دائم الجمال, لا قبح فيك ولا تغيير, لقد احببتنا يا دائم الجمال, حين كنا قبحا وفسادا, لقد احببتنا لا لتبعد عنك كل قبيح, بل لكي تغيره وتجعل منه انسانا جميلا, وكيف اصبح جميلا؟ الا متي احببتك يا دائم الجمال. كلما تعاظم فيً حبك عظم جمالي, لان محبتك جمال لنفسي. ربي اني لا اشبع من الحديث عن محبتك, وبقدر ما انا تائق اليها ارجو ان تنمو وتثبت في, وتطرد عنها الخوف ليستمر الخوف النقي الي جيل الاجيال, اني احتمل العالم وضيقاته وشكوكه وتجاربه. ربي ساعدني كيلا ابتعد عن الطريق, واجعلني استمسك بك, عن محبة, فلا اترك اعضاء مسيحك ولا اكفر بالايمان بل اتمجد بحضرتك, بايمان اثبت فيك الآن, ثم اتمتع بك, وجها لوجه, وقد اخذت مواهب الروح القدس عربونا علي ذلك. |
||||
02 - 09 - 2014, 04:02 PM | رقم المشاركة : ( 5694 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
في أن محبة الله تعلو كل محبة للقديس مار افرام السرياني المريدون بالحقيقة أنيدفعوا أنفسهم إلي الرب من أجل الموعدالمنتظر ويحاربون المعاند الخبيثالمحارب كل نفس بكل نوع حرباً متلوناً، سبيل كل من يتخذ قبل كل شئٍ أمانة حقيقية ليستطيع أنيطفئ بِها كل سهام الخبيث المحمية فلما يريد المعاند أن يحلاختيار النية ويجذبرجاء الرب ومحبته يقاتل النفس بأشياء مختلفة، إما أنه يجتلب إلي النفس داخل أحزاناً بروح الخبث أويزرع أفكاراًخبيثة وباطلة غير واجبة دنسة ويحرك ذكر الخطايا السالفةويقنع النفس أن تفضي بنيتها إلي الرخاوة كأنه غير ممكن أن تنالخلاصاً إلي أن يدنىالنفس إلي عدم الرجاء كأنَها هي الفاعلة في القلب فواحش الأفكار المضلةالخبيثة. وأن ليس روح غريب يخترع الخطيئة باطناً ويزرعها فيه بل هي تنشئ الرذيلة فلا تؤثر أن تعرف أنالنفس موجودة مع روح العالم الغريب من اللـه روح الخديعة ليقتادها إليعدم الرجاء أويلقي عليها أوجاع الجسد ويجعلها تعير الناس وتغمهم، فإن بدأ الخبيث أنيحارب النفس بِهذه الأشياء فلا يجنح الإنسان من التوكل علي اللـه بل فليلصق بالمسيح وحده المتحنن والقادر أن يشفي أمراضالنفس وليحبه دائماً ويدرس بذكره مفتكراً في هذا، أنني إنابتعدت من اللـهورجعت عن سيرة النسك المستقيمة إلي أين أذهب سوى إلي الهلاك، وأدفع نفسيإلي العدو الغاش. فمن أجل هذا وإن أخطر الخبيث لكل واحد من الأخوة كل يوموبارزة بربواتسيوف وسهام محمية وآلام الرذيلة والأفكار الخبيثة الغير واجبة ليرخيه ويرده من طريق العدل ويسحبه إلي قطعالرجاء بِهذا المقدارسبيله أن يهرب بالحري إلي اللـه ويتوكل علية. فإنه هكذا يؤثر أن يختبر النفوس المتجهة إليه ليعرف بتحقيق أنَها قد أبغضت كل شئ وأحبت اللـه وحده وإنْها قد تكبدت شروراً كثيرة من قبل الرذيلة وأحبت أنتقترب إلياللـه وتكمل مشيئته، وأقتنت شوقاً إليه أكثر واستهانت بربوات ميتات وأحبتهوحده واشتهت أن ترثه. وأن كافة حرصها وتوجعها طول أيامها احتسبته كشئ حقير لايعادل شيئاً منالأشياء المرجوة لأن ألف سنة من هذا الدهر في العالم الآتي الغير بالي مقدارها مثل هذاالقياس، كمايملك الإنسان حبة واحدة من كافة رمل البحر هكذا دهر الصديقين وملكوتالسموات أمر لا يعبر ولا توصف معرفته. نظير ذلك الأنفس الوانية تجاهد بتفهم وتصبر بمثل هذا الرجاء على كل حزن ماسكة بتحقيق رجاءالرب فلا تخزى بلتنال الحياة الأبدية والحقيقية وتوجد مختبرة في المحن، كما يقال: من يفصلنا من محبة اللـه أَغم، أَم ضيق، أم اضطهاد، أم جوع، أم عطب، أم سيف، وتوابعه. وأيضاً الحزن يصنع صبراً، والصبرتدرباً، والتدربرجاء، والرب يقول بصبركم تقتنون أنفسكم، وأيضاً من يصبر إلي الغاية يخلص. إن صبر الإنسان علي الأحزان المجلوبة الآتية عليه منالخبيث برجاءٍوطول أناة وبشهامة تجعله متمكناً متوطداً وتوضحه موعباً خبرة ودربة، تفطنفيما أقوله: إن أقاموك وحدك علي كافة الأرض ملكاً وقدموا لك سائركنوز المسكونةولم أقول هذا إن تملكت وحدك ومسكت المسكونة منذ خلق جنس الناس وإلي انقضاءالدهر، أتراك كيف تختار الرئاسة الكاذبة المنحلة علي الحياة المحقة التي لا تعبر الأبدية حياة ملكالسموات التي مملكتهالا انقضاء لها ولا تغيير. من الواضح أنك إن ميزت تمييزاً مستقيماً ستقول حاشا لي أن أبدل ملكوت السموات بالملك الباليالزائل كما قالالرب: ماذا ينفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه، أم ماذا يعطي الإنسان فدية عن نفسه، إن كافة العالموملكه وأموالهوشرفه أكرم منه النفس وحدها وأوقر شرفاً ليس أنْها أكرم من مملكة الناس فقط بل لأن اللـه لم يسر بواحدة من براياهأن تشاركهوتتحد بطبيعة روحه لا بالسماء ولا بالشمس ولا بالقمر ولا بالنجوم ولابالبحر ولاببرية أخرى من المرئيات إلا بالإنسان وحدة الذي أحبه أكثر من جميعها. فإن كانت برايا العالم الجسيمة والمكرمة والغنى أوالمملكة الأرضيةنفسها إذا أتخذنا رأياً صائباً لا نختار أن نستبدلها بملك الحياة الأبدي والسماوي، فماذا نقول عن شهوة ما من شهوات هذاالعالم أو بشرف باطل أو بفائدة قبيحة، فمن إذاً يحب شيئاً من هذاالعالم يفيدهويقايض به ملكوت السموات، لأن الشئ الذي يحبه الإنسان هو إلهه كما قيل لماأنغلب أحد يعود إليه. فيحتاج بالحقيقة من يشتهي الحياة الأبدية ويتمنى ملكوتالسموات أن يكونأعلى من أمور هذا العالم كلها وأعظم قدراً ويرفض كافة الحدود العالمية وكل الشرف الأرضي ويفلت منقيود الهيوليكلها ويحب مجد المسيح السمائي ولا يمزج بتلك المحبة شيئاً آخر ولا يحبشيئاً من أشياء هذا الدهر أو من أمور هذا العمر. لأن المحبة الحقيقية التي تحب بِها اللـه تقطع كسيف ذيحدين كل محبةأخرى للعالم وتمزق كل رباط هيولي ولا يستطيع شئ من الظاهرات أن يمسك تلك النفس لا لذةولا شرف ولا ثروةولا رباط محبة بشرية ولا شئ من أمور الهيولي بل النفس التي تحب اللـه وحدهلا تحب معه شيئاً آخر من أشياء هذا العالم لكن محبتها كلها متعلقة بمشيئتهوحده مرتبطة به وتظفر وتغلب كل محبة ترابية هيولانية، محبة الروح سيف ذىحدين، المحبة التي كالسيف تقطع كل توجع وظن هيولي وتعلو ظافرة علي كافةالحدود الأرضية وتلتصق باللـه وتفعل مشيئاته، فجهادات عظيمة وأوجاع شديدةموجودة في المواعيد الجسيمة مواعيد الحياة الدائمة، الإنسان يحتاج أن يدفع نفسه إلي الرب بجملته كما كتب أن يحب اللـه بكلالقلب والطاقةوالقوة ويتعلق به بكافة مشيئته ويصلب ذاته بالنفس والجسم في كافة وصاياهالمقدسة بغير انقطاع ليستطيع أن ينال الحياة الأبدية الموعود بِها للمحبينللـه والمريدين أن يؤهلوا للملك الدهري. فإن كان في تحصيل الملك الأرضي الزائل البالي أعراقجزيلة وأوجاعواحراص غير نافعة ليمكن الذين يشتهونه أن يفوزوا به ويحصلوا في كرامة وشرف الرياضة الزائلة، فكم بالحرييجب عليك أن تتوجعوتحرص وتجتهد بكافة النشاط من أجل الملك الأبدي الغير بالٍ والفاقد التألموتحتمل كل شئ لترث مثل جسامة هذا المجد الذي لا يبلى. وربما يستبين عندك واجباً إنك تحتاج مثل وفور هذه الأوجاع لتقتني لك الأمور الزائلة الأرضية والأمجادالبالية، أتؤملأن تملك مع المسيح إلي أبد الدهر ملكاً لا يشيخ ولا تشاء أن تتوجع وتجاهدفي هذا الزمان القصير الذي تعيشه علي الأرض لتملك باللـه في الدهر كله. فأنا أعتقد أن من له عقل يسير جداً يستوضح عنده ويظهر في تمييزه أن واجباً علي الإنسان أن يجاهدفي هذا الزمانالقصير ويجتهد ويحاضر لينال الإكليل والغلبة إلي الأبد وذلك أفضل من أنيتراخى في هذا الزمان اليسير متصرفاً في اللذات الأرضية فيشتمله الهزءوالخزي إلي الأبد. فإن أشتغل الإنسان بالأفعال الصالحة وأستسار بالأمور المنطوق بِها من الكتب المقدسة تَهتف بهوتمدحه وتبجله كافةالأقوال والكتب والفرائض وكتب الحكماء من خارج وكافة الألسن تشهد للمكمل مافي الكتب فعلا والذي يقاوم شهواته الرديئة عند اللـه فيلسوف حقيقي لأن المتزين بكلام الحكمة والمفتخر بِهاوما بذل شهواتهيحسب بالكلية غير حكيم وأحمق لأنه لم يفحص عنه بآلام يسيرة فلا يحتاج أنيدفع الإنسان ذاته إلي اللـه بأقوال كثيرة بل يصغي إليه بفعل الحق ويستسير ويتصرف بالوصايا المستفادة من الكتبالإلهية والعمل بِهاالآن كافة أقوال الكتب الإلهية والأقوال العالمية إنما تتكلم عن الأعمالالصالحة الفاضلة والسيرة الممدوحة النفيسة فها كافة الناس يتحدثون بفضلكوينشدون ذكرك لتصرفك في أفعال الفضيلة الممدوحة من الكافة. فلنحرص أن نتصرف في وصايا الرب في كل وقت إذ نحن مؤملونأن نأخذميراثاً من الخيرات المزمعة ومنتظرون شركة الروح دائماً لكي ما نقدس النفس والجسمههنا ونكمل كافةالوصايا بمساعدة الروح ونصير مستحقين للمسيح وأبناء الآب السمائي بشركةروحه ووارثي الإله وناظري المسيح في الميراث ونؤهل للخيرات المؤبدة متنعمينبالمسيح. آمـين. |
||||
02 - 09 - 2014, 04:03 PM | رقم المشاركة : ( 5695 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
المـحـبـة - بقلم القمص ميخائيل جرجس صليب
عندما أتى ناموسى ليجرب المسيح قائلاً "يا معلم أية وصية هى العظمى فى الناموس فقال له يسوع تحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل فكرك. هذه هى الوصية الأولى والعظمى. والثانية مثلها تحب قريبك كنفسك. بهاتين الوصيتين يتعلق الناموس كله والأنبياء"(1). إذن فالمحبة هى أعظم الوصايا كلها .. محبة الله أولاً، ثم محبة القريب .. لذلك إن أردت أن تنفذ هذه الوصية اتبع التدريبات الآتية : 1- افحص ذاتك جيداً .. هل تحب الله من كل قلبك ؟ ومن كل نفسك ؟ ومن كل فكرك ؟ أم هناك محبات أخرى داخل القلب .. مثل محبة العالم، أو محبة المال .. والقديس يوحنا الرسول يقول "لا تحبوا العالم ولا الأشياء التى فى العالم إن أحب أحد العالم فليست فيه محبة الآب لأن كل ما فى العالم شهوة الجسد وشهوة العيون وتعظم المعيشة"(2). ويقول القديس بولس الرسول عن محبة المال "لأن محبة المال أصل لكل الشرور الذى إذ ابتغاه قوم ضلوا عن الإيمان وطعنوا أنفسهم بأوجاع كثيرة"(3). 2- والمحبة درجات وتحتاج إلى تدريب إلى أن تصل إلى قمتها وهى محبة الأعداء، لذلك يقول القديس بولس لأهل تسالونيكى "والرب ينميكم ويزيدكم فى المحبة بعضكم لبعض وللجميع كما نحن أيضاً لكم"(4). 3- لذلك فالقديس يوحنا ذهبى الفم(5) وضع تسع درجات للمحبة حتى نصل إلى محبة الأعداء فى تفسيره للآية التى تقول "سمعتم أنه قيل تحب قريبك وتبغض عدوك أما أنا فأقـول لكم. أحبوا أعدائكم باركوا لاعنيكم أحسـنوا إلى مبغضيكم ...."(6). أولاً : ألا تبدأ بالظلم. الثانية : إذ ظُلمنا فلا نواجه الظلم بظلم أكثر. الثالثة : لا ننتقم لأنفسنا بل نحتفظ بهدوئنا. الرابعة : أن نحتمل ظلم الآخرين لنا. الخامسة : أن نكون أكثر تسامحاً مع أصحاب الرغبات الشريرة. السادسة : ألا نكره الذين فعلوا معنا الشر. السابعة : أن نحب الجميع. الثامنة : أن نعمل معهم الخير. التاسعة : أن نحب الأعداء. 4- لقد أعطى المسيح له المجد لتلاميذه مثالاً فى المحبة، وأوصاهم أن ينفذوه قائلاً لهم "هذه هى وصيتى أن تحبوا بعضكم كما أحببتكم ليس لأحد حب أعظم من أنه يضع أحد نفسه لأجل أحبائه "(7). وفعلاً بذل المسيح نفسه على الصليب فداء عن العالم كله(8). 5- لذلك يوصى الرسول بولس المتزوجين ? فى رسالته لأهل أفسس- قائلاً "أيها الرجال أحبـوا نسـاءكم كما أحب المسـيح أيضاً الكنيسة واسـلم نفسه لأجلها"(9).. أى محبة بذل وتضحية. 6- إن الحب يجب أن يكون عملياً مع الجميع.. وقد أعطانا رب المجد مثلاً فى الحب العملى بين الأصدقاء فقال "من منكم يكون له صديق ويمضى إليه نصف الليل ويقول له يا صديق إقرضنى ثلاثة أرغفة، لأن صديقاً لى جاءنى من سفر وليس لى ما أقدم له. فيجيب ذلك من داخل ويقول لا تزعجنى الباب مغلق الآن وأولادى معى فى الفراش لا أقـدر أن أقوم وأعطيك أقول لكم وإن كان لا يقوم ويعطيه لكونه صديقه فإنه من أجل لجاجته يقوم ويعطيه قدر ما يحتاج"(10). 7- وقد ذكر بولس الرسول صفات المحبة فقال "المحبة تتأنى وترفق. المحبة لا تحسد. المحبة لا تتفاخر ولا تنتفخ ولا تقبح ولا تطلب ما لنفسها ولا تحتد وترجو كل شئ وتثبر على كل شئ. المحبة لا تسقط أبداً"(11). أى أن الإنسان المحب لا يغضب ولا يحسد ولا يتفاخر ولا يتكبر ولا يشتم، بل طويل البال صبور وله رجاء فى المسيح يسوع. 8- ثم ذكر شروط المحبة فقال "المحبة فلتكن بلا رياء"(12)، وصادقة "صادقين فى المحبة"(13)، "ومتأسسون فى المحبة"(14)، "لنكون قديسين وبلا لوم قدامه فى المحبة"(15)، "لتصر كل أموركم فى محبة"(16)،"بالمحبة اخدموا بعضكم بعضاً"(17). 9- ثم يقول أيضاً "إسلكوا فى المحبة، كما أحبنا المسيح أيضاً وأسلم نفسه لأجلنا قرباناً وذبيحة لله رائحة طيبة"(18)، ويقول أيضاً "ولنلاحظ بعضنا بعضاً للتحريض على المحبة والأعمال الحسنة"(19). 10- وأخيراً يقول عن المحبة "البسوا المحبة التى هى رباط الكمال"(19). ويقول سليمان الحكيم "والمحبة تستر كل الذنوب"(20)، "لأن المحبة قوية كالموت"(21). لذلك يجب ألا تكون بفتور حيث وجه رب المجد رسالته إلى ملاك كنيسة أفسس قائلاً له "عندى عليك أنك تركت محبتك الأولى فاذكر من أين سقطت وتب واعمل الأعمال الأولى"(22). (1)- (مت 22: 35- 40). (2)- (1يو2: 15، 16). (3)- (1تى 6: 10). (4)- (1تس3: 12). (5)- تفسير إنجيل متى للقديس يوحنا ذهبى الفم. (6)- (مت5: 43). (7)- (يو15: 12، 13). (8)- (يو19: 30). (9)- (أف5: 25). (10)- (لو11: 5- 8). (11)- (1كو13: 4- 8). (12)- (رو12: 9). (13)- (أف 4: 15). (14)- (أف3: 18). (15)- (أف 1: 4). (16)- (1كو16: 14). (17)- (أف5: 2). (18)- (كو3: 14). (19)-(عب10: 24). (20)- (أم 10: 12). (21)- (نش8: 6). (22)- (رؤ2: 4، 5). |
||||
02 - 09 - 2014, 04:04 PM | رقم المشاركة : ( 5696 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
محبة أعدائنا و كمال الخصال من عظة ربنا يسوع المسيح على الجبل للقديس يوحنا الذهبي الفم . “سمعتُم أنه قيل تُحبُّ قريبك وتُبغضُ عدُوَّك. وأما أنا فأقول لكم: احبُّوا أعداءكُم، باركُوا لاعنيكُم، احسُنوا إلى مُبغضيكم. وصلُّوا لأجل الذين يُسيئون إليكم ويطرُدونكُم، لكي تكونوا أبناء أبيكمُ الذي في السماوات. فإنه يُشرقُ شمسهُ على الأشرار والصالحينَ، ويمطرُ على الأبرار والظالمينَ” [ع43-45] هنا يكشف الرب عن ذروة العمل الصالح، لهذا لا يعلمنا فقط أن نحتمل اللطمة، بل أن نحوِّل الخد الآخر أيضًا، ولا أن نعطي الثوب فقط، بل أن نسلِّم الرداء أيضًا، وأن نمشي ميلين مع من يسخِّرنا لنمشي معه ميلاً واحدًا، لكي نقبل في سهولة ما هو أعظم من ذلك من صعاب ومتاعب. ورُبّ قائل: ولكن ما هو المطلوب أكثر من ذلك؟ المطلوب، ألا نحسب من يفعل شرًا ضدنا بأنه عدونا، بل من يفعل ما هو أصعب. فالمسيح لم يقل: “لا تكره”، بل “أحب” ولم يقل “لا تجرح مشاعر أحد“، بل قال “احسن إليه”. وإذا فحص أحدكم أقوال الرب جيدًا، لوجد أنه أضاف شيئًا آخر أعظم بكثير مما سبق؛ فالسيد الرب لم يطلب هكذا ببساطة أن نحب الآخر بل أن نصلي لأجله، ليرفعكم إلى درجات أعلى ونضعها على قمة كل الفضائل. أجل، وما عليكم إلا أن تلاحظوها وأن تحسبونها منذ البداية. فالخطوة الأولى: ألا نبدأ نحن بالظلم. الثانية: ألا نقابل الخطأ بخطأ وألا نثأر بانتقام موازٍ. ثالثًا: ألا نعامل من يضرنا بنفس المعاملة، بل أن نهدأ تمامًا. رابعًا: أن نبذل ذواتنا لأجل من يخطئ إلينا. خامسًا: أن نعطي أكثر مما يطلب الآخر أو يعطي. سادسًا: ألا نكره من يفعل بنا شرًا. سابعًا: أن نحب هذا الآخر. ثامنًا: أن نحسن إليه أيضًا. تاسعًا: أن نصلي لأجل من يسيء إلينا. أترون سمو هذه الوصية للنفس؟ وسترون عظم مجازاتها لنا؛ إذ أنها وصية عظيمة تتطلب نفسًا متوقدة تتحلى بكل الحمية والجهاد. لهذا يعيِّن الرب لها هذه المكافأة، والتي لم تتوفر لأحد من قبل. فهو لا يتحدث هنا عن ميراث أرضي مثلما هو الحال عند الودعاء، ولا عن الراحة والرحمة، مثلما هو الحال للحزانى والرحماء. ولا يتحدث عن ملكوت السماوات، بل تكلم عن أمر أروع من هذا كله، أن نصير مثل الله. وهذه هي الحكمة المطلوبة من كل الناس، وهذا هو المطلوب منهم أن يتمثلوا به. لأن الكتاب يقول: “لتكونوا مثل أبيكم الذي في السماوات” (ترجمة حرفية). لاحظوا كيف أن الرب لم يدعَ الله أباه، لا في هذا الموضع ولا في مواضع أخرى سابقة، بل دعاه “الله” و “الملك العظيم” حين تناول وصية القسم. أما هنا، فهو يدعوه “بأبيكم” وهو يفعل ذلك حافظًا “باقي” الأمور لوقتها المناسب حين يعلمنا شيئًا منها. 5. وإذ يقترب من الشبه كثيرًا يقول: “فإنه يُشرقُ شمسهُ على الأشرارِ والصالحينَ، ويمطرُ على الأبرارِ والظالمين” [ع45] فإن الله الآب – حاشا له أن يعرف الكراهية لأحد – فيمطر خيراته على الذين يسيئون إليه، والحالة هنا لا مثيل لها أبدًا. ليس فقط بسبب الطبيعة الفائقة لخيرات الله الآب نحو الجميع، بل بسبب السمو الفائق لكرامة الله. لأنكم قد تُهانوا حقًا من خدامكم الذين تشتركون معهم في العبودية لله. لكن ماذا من الله حين يُهان من عبيده، وهم الذين يعطيهم بسخاء منافع لا حد لها. وأنتم لا تقدمون في صلواتكم إلا كلمات، أما الله فيقدم أفعالاً عظيمة وعجيبة جدًا للغاية؛ إذ يشرق شمسه وينزل مطره. ويقول لنا الآب: “ومع ذلك فإني أهبكم أيضًا أن تتشبهوا بي، بقدر ما يمكن للإنسان أن يكون مساويًا لي” فلا تكرهوا حتى من يسيء إليكم، فهو يفعل خيرًا معكم، ويهبكم كرامة عظيمة. ولا تلعنوا حتى من يلعنكم، لأنكم إن لعنتم حرمتم أنفسكم من الثمار العظيمة. وتكبدتم خسارة جسيمة، وخسرتم الجعالة العليا بسبب حماقتكم. فبعد أن تكبدتم ما هو أكثر إيلامًا لا تحتملون ما هو أقل من ذلك. ورُبّ قائل: وكيف يمكن أن يحدث هذا؟ لقد علمتم أن الله صار إنسانًا، وتنازل تنازلاً عظيمًا، وتألم كثيرًا لأجلكم، فهل لازلتم تتسائلون وتشكون في الأمر؟ وكيف يمكنكم أن تغفروا لجيرانكم آثامهم؟ ألا تسمعونه وهو على الصليب يقول: “اغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون” (لو 23: 34). ألم تسمعوا بولس الرسول يقول: “الذي ارتفع إلى يمين الله في الأعالي. الذي أيضًا يشفع فينا” (رو 8: 34). ألا ترون أنه حتى بعد الصلب والقيامة والصعود، يرسل الرسل إلى اليهود الذين صلبوه، ليمنحهم وافر وسخى بركاته (بالعشرة آلاف)، رغم أن رسله قد عانوا على أيدي اليهود أهوالاً بغير حصر (فاقت العشرة آلاف أيضًا)؟ 6. ولكن هل أساء الناس إليكم إساءة فادحة؟ كلاَّ، فما تحملتمونه أنتم لا يرقى إلى ما تحمله ربكم، الذي جُلد بالسياط على ظهره، وضُرب بالقصبة على رأسه وجسده، وبَصق عليه العبيد والخدم، واحتمل الموت، وذاق أكثر الميتات خزيًا وعارًا، بعد أن أظهر لنا نعمًا بغير حصر؟ حتى وإن أساء إليكم الناس أشد إساءة، فلهذا السبب عينه، احسنوا أنتم إليهم، ليصير إكليلكم أكثر مجدًا. ولتحرروا أخاكم من أثقل أنواع الشعور بالدونية. لأنه هكذا يفعل الأطباء، إذا لطمهم أحد المجانين وأساء إليهم بشكل يبعث على الخزي، فإنهم يشفقون عليه جدًا، ويسعون إلى إكمال علاجه، عالمين أن الإهانة صادرة منهم بسبب شدة أمراضهم. وأرجوكم أن يكون لكم نفس الفكر حينما تتعاملون مع المتآمرين ضدكم، والمسيئين إليكم، والذين يضرونكم، فإن من يتعاملون بمنتهى العنف معكم هم أكثر الناس مرضًا. فحرروهم أنتم من حالهم المؤلم وامنحوهم أن يبددوا غضبهم، وحرروهم من قيود الغضب، التي يكبلهم بها الشيطان الكريه. أجل، لأننا إن رأينا أشخاصًا بهم شياطين، نبكي لأجلهم، ولا نسعى أن نكون مثلهم فيدخلنا الشياطين. وهكذا فلنفعل مع الذين يتملكهم الغضب، لأن الهائجين غضبًا يشبهون الممسوسين بالشياطين، بل هم أقسى منهم، إذ يهتاج ضميرهم المجنون، ولهذا فإن هياجهم بلا عذر. فلا تدوسوا على الساقطين، بل بالحري ترفقوا بهم وأشفقوا عليهم. لأننا حين نري إنسانًا يتخبط من داء عضلي، وقد عميت بصيرته وانفلتت أعصابه ونسعى لطرد هذا الروح المستهتر والشرير، نمد أيدينا ونظل نعينه على جهاده. ورغم تلطيخ ثيابنا، فلا نهتم بل نسعى وراء شيء واحد فقط، هو أن نحرره من هذا الداء الثقيل. هكذا أيضًا علينا أن نفعل حيال الغضب، فنتحملهم حين يتقيأون وحين يصارعون المرض، ولا ندع المصروع يمضي حتى نخلصه من كل أثر للمرارة عنده. حينئذٍ نشعر بمنتهى الامتنان والشكر من نحوه حين يستريح، وحين يعلم كيف حررتموه من كل ما حل به من متاعب. ولكن لماذا أذكر امتنانه وشكره لكم؟ لأن الله سيكللكم بنفسه، وسيجازيكم بكرامات لا حدود لها. لأنكم حررتم أخاكم من مرضه الخطير، وهذا الأخ سيكرمكم أيضًا، ويقدر احتمالكم له ويوقره. ألم تروا النسوة حين يأتيهن المخاض، وكيف ينشبن أسنانهن فيمن حولهن، فلا يُظهر المساعدون ألمًا بل يتحملون، وحتى لو تألموا منهم يحتملون الألم ببسالة ويتعاطفون مع الذين يسحقهم الحزن وتمزقهم الآلام. عليكم أن تتفوَّقوا على هؤلاء، وتبرهنوا أنكم رجال متميزون، فإن ثمة رجالاً يظهرون أضعف عقلاً من النساء. وإن كانت الوصايا تبدو ثقيلة، فاعلموا أن المسيح قد جاء لهذه الغاية؛ أن يزرع في عقولنا وصاياه، وأن يجعلنا نافعين للأعداء وللأصدقاء. ولهذا يوصينا أن نهتم بالإخوة، مثلما قال: “إن قدمت قربانك”. ويوصينا بالأعداء – حينما يشرِّع قانونًا – بمحبتهم والصلاة لأجلهم. 7. والرب لا يحثهم على هذا فقط بواسطة المثال الذي يعرفونه عن الله، بل يحدثهم عن أمر آخر مناقض. فيقول: “لأنه إن أحببتُم الذين يحبونكُم فأيَّ أجر ِلكم؟ أليس العشَّارون أيضًا يفعلُون ذلك؟” (مت 5: 46). وهذا ما يقوله بولس الرسول أيضًا. “لم تقاوموا بعد حتى الدم مجاهدين ضد الخطية” (عب 12: 4). فإن فعلتم ذلك اتخذتم مركزكم مع الله، وإن لم تفعلوا، صرتم كالعشَّارين. فهل ترون كيف أن المسافة بين الوصايا ليست بهذا الاتساع، كالفارق بين الأشخاص؟ لهذا فلنكف عن وصف الوصايا بأنها ثقيلة، بل نهتم بالمجازاة، ونفكر فيمن نشبه، إن نحن أقمناها كما يجب وفي حينها، وفيمن نساوي إن تنحِّينا عنها. فإن كان الرب يأمرنا أن نتصالح مع أخينا، وألا نكمل عملنا حتى نزيل العداوة بيننا، فإنه لم يفرض علينا هذه الضرورة حين تحدث عن الأشخاص عمومًا، بل طالبنا بما نحن مسئولون عنه من جهتنا. وبهذا يسهل علينا الناموس. لأنه بمقدار ما قال إنهم “اضطهدوا الأنبياء الذين قبلكم” ليتحول ميلهم إلى الآخرين إلى حسن الحوار بتأثير هذه الكلمات، فإنه يأمرهم أن يحبوهم أيضًا مع احتمالهم لأفعالهم ضدهم. 8. أترون كيف يقتلع جذور الغضب وكيف ينتزع الشهوات الحسية، ومحبة الغنى والمجد الباطل، وكل ما يخص أمور هذه الحياة؟ لهذا فعل كل شيء من بدايته وها هو يفعل المزيد الآن: فالمسكين والمتواضع والحزين يفرغ نفسه من غضبه، والبار والرحيم يفرغ نفسه من شهوة الغنى، والنقي القلب يتطهر من الشهوات الشريرة. والمضطهد والمتألم بسبب الشتائم وأقوال الشر، يمارس في الحقيقة احتقارًا كاملاً لكل أمور الزمان الحاضر، ويتحرر من الكبرياء والمجد الباطل. وإذ يفرغ السيد الرب من تحرير السامع من تلك القيود، وبعد أن يمنحه استعدادًا للنزال والمعارك، فإنه ينتزع جذور شهواته بمزيد من الحزم، لأنه إذ بدأ بالغضب واستأصل أوتار الشهوة من كل جانب، بقوله “من يغضب على أخيه” و”من يدعوه يا أحمق” أو “رقًا“ فليُعاقب. ومن يقدم قربانه عليه ألا يقترب من المذبح قبل أن يزيل العداوة مع أخيه، ومن له خصم وقبل أن يدخل المحكمة، عليه أن يجعل من عدوه صديقًا. فإنه ينتقل إلى موضوع الشهوة مرة أخرى ليقول “كل من ينظر نظرة شهوانية يُعاقب كزانٍ” وكل من تغويه امرأة شهوانية أو رجل شرير أو شيء آخر، فليقطع عنه كل هؤلاء. ومن عنده زوجة شرعية لا يطلقها أبدًا، ولا ينظر إلى أخرى، فإنه بذلك يستأصل جذور الشهوات الشريرة. ثم يمنع محبة الغنى فيأمر ألا يحلف المرء أو يكذب، أو يحتفظ بثوب يطلبه منه آخر، تصادف أننا نرتديه، بل أن يعطيه الرداء أيضًا (المعطف فوق الثوب)، وأن نسعى لخدمة حاجات الناس المادية فلا نشتاق أبدًا إلى الغنى والثروة. عندئذٍ يبلغ ذروة العقل، وقمة الوصايا فيقول: “صلوا لأجل الذين يسيئون إليكم“، ليقودنا إلى قمة ضبط النفس. أن يكون الإنسان وديعًا لا يساوي أن يتلقى الركلات والضربات، وأن يكون رحيمًا، لا يعادل إعطاءه ثوبه والرداء أيضًا لمن يطلب. ويكون الإنسان بارًا لا يتساوى مع احتمال الضرر والأذى. ولا كون الإنسان صانع سلام يعادل أن يتعايش مع الآخر الذي يلطمه ويقهره. ولا كون الإنسان مضطهدًا يساوي أن يبارك مضطهديه. هل ترون كيف يقودنا الرب بالتدريج إلى قمم أعتاب السماء؟ 9. ماذا نستحق إذن، نحن الذين أوصانا أن نتمثل بالله، بينما نحن نشبه العشَّارين؟ لأنه “إن كنا نحب من يحبنا” فإننا نلعب دور العشَّارين والخطاة والوثنين. فكم وكم إن كنا حتى لا نفعل ذلك، بل نحسد إخوتنا المكرمين. فأية عقوبة لن نتعرض لها، ونحن قادرون أن نفوق الكتبة. بينما نحن أدنى من الوثنين كيف لنا إذن أن نعاين الملكوت؟ أرجوكم، كيف نطأ تلك العتبة المقدسة ونحن لم نعرف كيف نتفوق على العشَّارين، إذ أن هذا ما لمَّح إليه السيد سرًا قائلاً: “أليس العشَّارين أيضًا يفعلون ذلك”؟ وهذا ما يثير إعجابنا بتعليمه بوجه خاص، إذ يعرض في كل جزئية تلك المكافأة العظيمة جدًا في وقت الضيقة، مثل “معاينة الله” و “ميراث ملكوت السماوات” و “صيرورتنا أولاد الله” و “مماثلتنا بالله” و “نوال الرحمة” و “التعزيات” و “المجازاة العظيمة” في كل مرة يذكر فيها الضيقات الشديدة. وهو يفعل ذلك بنبرة لطيفة، ففي المقام الأول، ورواسم الجحيم، مرة واحدة وحسب، في أكثر من حالة، وفي حالات أخرى أيضًا، كان يهذب سلوكيات السامع في تحفظ، وكأنه يلقي عظته وحديثه بإثارة مشاعر الخجل لدى السامع وليس بالتهديد، حين يقول: “ألا يفعل العشَّارون ذلك؟” و”إذا فسد الملح” و “يدعى الأصغر في ملكوت السماوات“. وهناك مواضع يسحق فيها الخطية نفسها بحزم في إظهار العقوبة، تاركًا السامع يقدر مدى فداحة هذا العقاب، مثلما يقول “فقد زنى بها في قلبه” و”يجعلها تزني” و “ما زاد على ذلك فهو من الشرير”. لأن الفاهمين لا يحتاجون أن يذكرهم أحد بالعقوبة. إذ تكفي فظاعة الخطية وانعدام الصلاح. لهذا يذكر العشَّارين والأمم. واصفًا التلميذ في حالة من الخجل من هذا الصنف من الناس، وهذا ما يفعله بولس الرسول أيضًا، قائلاً: “لا تحزنوا كالباقين الذين لا رجاء لهم” (1 تس 4: 13). و “كالأمم الذين لا يعرفون الله” (1 تس 4: 5). ولكي يشير إلى ذلك لا يحتاج السيد المسيح إلى شيء فائق جدًا في قوته، بل إلى أكثر قليلاً من المعتاد، إذ يقول: “ألا يفعل الأمم ذلك” (مت 5: 47). ومع ذلك، فهو لم يوقف العظة عند هذا، بل ختمها بحديثه عن المجازاة التي يهبها لنا. وعن هذه الآمال الصالحة قائلاً: “فكونوا أنتم كاملين كما أن أباكم الذي في السماوات هو كامل” (مت 5: 48). وهو يثير في كل مكان وبوفرة اسم السماوات، بقصد أن يرفع من عقولهم بشكل كامل. والذي لا أفهمه حتى الآن لماذا كانوا هكذا ضعفاء وأغبياء. 10. فلنتفهم كل ما قيل، ولنظهر كل الحب لأعدائنا. ولنطرح عنا تلك العادة السخيفة، التي يخضع لها الذين بلا تفكير منتظرين من يقابلهم أن يبدأهم أولاً بالتحية، وليست لديهم أية غيرة نحو تلك العادة التي لها بركة كبيرة. لكنهم يتبعون ما هو سخيف. لأنه لأي سبب لا تبدأون بتحية الآخر؟ ويكون ردكم “لأنه ينتظر منا أن نفعل ذلك” كلا، فهذا عذر واهٍ وضعيف. وعليكم أنتم أن تبدأوا بمخاطبة الآخر من أجل ربح الإكليل المُعَدّ. ورُبّ قائل: كلا، فإن هذا هو ما يهدف إليه. فهل هناك أسوأ من هذه الحماقة؟ أن يقول إن هذا هو ما يهدف إليه، أن يهدف إلى نوال الإكليل كحافز لي. إنني لن أصافح مثل هذا الاقتراح، فإن كان هو الذي بدأ بتحيتك، فلن تجني شيئًا، حتى وإن بادرت أنت بالكلام وتخاطبت معه بعدها. لكن إن كنت أول من يبادر بتحيته والحديث إليه، فقد استفدت وربحت من كبريائه، وحصدت ثمارًا عظيمة وعديدة من جرَّاء امتناعه هو عن الحديث إليك. أية غباوة تلك، إن كنا نجني ثمارًا عظيمة لمجرد النطق ببضع كلمات، ولا نفعل فنفقد الربح. وعوضًا عن ذلك ندين الآخر فنقع في نفس خطيئته. لأنك إن كنت تلومه على تقصيره في تحيتك أولاً، فلماذا تفعل أنت نفس الشيء الذي تتهمه به؟ فلماذا تحاكي الشر وكأنه شيء صالح؟ ألا ترى أن الحماقة هي أن تكون لك شركة مع الشر؟ لهذا أرجوكم أن تهربوا من هذا الشر وهذا السلوك المعيب. فإن معظم الصداقات قد اتخذت هذه المسائل فتسببت في عداوات بلا حصر. لهذا السبب إذن فلنسبق الآخرين في فعل الخير، فالذين يوصيهم الرب أن يتلقوا الضربات ويقبلون السير أميالاً، ويجردون أنفسهم من ثيابهم على أيدي أعدائهم، ويحتملون كل ضيقة، لا يليق بهم أن يتورطوا في هذا الفعل الشائن؛ فيحجمون عن مخاطبة الآخرين أولاً. 11. ورُبّ قائل: لماذا نقبل الاحتقار والبصق علينا، لحظة قيامنا بهذا الإحساس نحو الآخر؟ هل تخالف الله حتى لا يحتقرك إنسان؟ وحتى إن احتقرك جار مختل عقليًا، فهل تزدري أنت بالرب الذي وهبك هذه المنافع العظيمة؟ كلاَّ. فإن كان من الخطأ أن يحتقرك نظيرك، فكم يكون أشد مرارة أن تحتقر أنت الإله الذي خلقك؟ وعلينا أن نتأمل نقطة أخرى، أنه حين يحتقرك جارك، فإنه في نفس اللحظة عينها يدبر لك فرصة نوال جائزة أعظم، لأنك تخضع لله وتسلم له ذاتك، لأنك تسمع وصاياه. فأية كرامة يعادلها هذا الأمر؟ ويا لها من أكاليل كثيرة نستحقها إذا ما قبلتُ أنا أن يزدري بي الآخرون لأجل الله عن أن يكرِّمني كل ملوك الأرض. فلا شيء يعادل هذه الكرامة. فلنسع وراء هذه الوصية مثلما أوصانا الرب بحكمة فلا نهتم بأمور الناس، بل نضبط أنفسنا في كل شيء ونوجه حياتنا نحو هذا الهدف. لأننا منذ الآن، ومنذ هذه اللحظة، سننعم بالخيرات السماوية وبالأكاليل العلوية، فنسلك كملائكة بين الناس، متجولين في الأرض كقوات ملائكية، ممتنعين عن كل شهوة، ومن كل التواء، فننال مع كل ما نلناه بركات لا ينطق بها. يعطينا أن نحصل عليها بنعمة ومحبة ربنا يسوع المسيح الذي له المجد والقوة والتسبيح مع الآب غير المخلوق والروح القدس الصالح الآن وكل أوان وإلى دهر الداهرين كلها آمين |
||||
02 - 09 - 2014, 04:06 PM | رقم المشاركة : ( 5697 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
فضيلة المحبة / خطايا ضد المحبة / الاب رمزي نعمة خطايا ضد المحبةأ- الحقد: هو الاشمئزاز من القريب وتمني الضرر له. "وكل من يبغض أخاه فهو قاتل" (1يو 3: 15) "ومن أبغض أخاه كان في الظلمة" (1يو11:2). وبالمقابل أمر يسوع بمحبة الأعداء. ومحبة الأعداء لا تعني أن نتصنّع معهم اللطف والتعاطف الزائد، لأن الشعور لا يمكن أن يختلف. المهم فقط أن نريد لهم من الخير ما يريده الله. وهذا فعل إرادة لا عاطفة، وأن نقابل شرّهم بالخير. وغير مطلوب منّا أن نظهر لعدونا ما نظهره لأقاربنا من بوادر اللطف والعطف. ولكن علينا أن نقوم بالمبادرات التي يكون غيابها علامة حقد وضغينة. وفي بيئتنا التحية حسب العادات المتّبعة هي الحد الأدنى من المصالحة. فيجب إلقاء التحيّة كل مرة يكون عدم إلقائها علامة بغض. هذا بالإضافة إلى عدم التكلّم على القريب في غيابه. وربما يجدر بنا أحياناً رغم تسامحنا الداخلي والخارجي، أن نظهر لمن أساء إلينا أنه أخطأ. وذلك من باب الإصلاح الأخوي، ومن صفات التسامح مع الأعداء: -الشمولية، أي أن يشمل كل أعدائنا وبعدد مرات الإساءة. - أن يكون فائقاً للطبيعة. - أن يكون في أقرب فرصة "لا تغرب الشمس على غضبكم" (أف16:4). ب- النفور: هو تجنّب القريب. وأسباب ذلك ربما سرعة غضبه أو عدم اتفاق أذواقنا. وعلينا ألا نتبع شعورنا الطبيعي بالنفور كيلا يؤثر على الإرادة فتصبح ضغينة. العلاج: محاولة فهم دوافع القريب وتقدير ظروفه والتصرّف معه وكأن لا شيء ينفّرنا منه. وإذا عادت المحبة يمكن إصلاحه أخوياً إذا ثبت أنه مخطئ. وكم من مرة كان النفور جليداً ذاب أمام نار الحوار. ج- الحسد: هو الحزن لنجاح القريب والفرح لفشله. وكثير ما يرافقه الاغتياب والنميمة، لأن هذه الوسيلة تنقص سمعة القريب وتهدمها وإذ ذاك يزول حزن الحسود لأنه رأى دمار عدوّه. وربما يلتجئ الحسود إلى الإيقاع بين الإخوة أي الشباك بينهم وكأنه يفرح إذ يرى الأصدقاء يتنازعون ويختلفون وزارع الزؤان قد لعنه الكتاب المقدس. د- المشاجرات: وهي نوعان: كلامية ويدوية. أسبابها: الأطماع المادية والكبرياء و الشهوة. وهذه تؤدي إلى الغضب. وأوصى الكتاب المقدس بتجنّب كل الأسباب السابقة ومقاومة الغضب: "فليكن الإنسان بطيئاً إلى الغضب" (يع 20:1). وهذه المخاصمات خطيرة لأنها تفرّق الإخوة والعائلات والأزواج. وقد فرّقت الكنيسة في الماضي أكثر من مرة. ومن نتائج المشاجرات: - فقدان السلام الداخلي والفرح. - المرافعات لدى المحاكم. وقد ندّد بها بولس الرسول: "عيب عليكم أن يخاصم بعضكم بعضاً. هلا تصبرون بالحري على الظلم وتحتملون الخسران. وإنما أنتم تظلمون وتخسرون الإخوة أنفسهم" (1كور 8:6) "إنما أقول هذا لإخجالكم، أليس فيكم حكيم ولا واحد يستطيع أن يقضي بين إخوته" (1كور 5:6). هـ- الاغتياب والافتراء: الاغتياب هو التكلّم بالشر على القريب في غيابه وفي أمور صحيحة ولكن بدون داع سوى الإساءة. النميمة والوشاية هما كالاغتياب بينما الافتراء هو التكلّم بالشر على القريب في أمور غير صحيحة. وفيها كذب وظلم. وهذه من أكبر الخطايا المتواجدة في مجتمعنا. أسبابها: الكبرياء، حب الانتقام والطمع. ويظن المغتاب والمفتري أنه يكسب لنفسه الثقة التي انتزعها من الآخرين. ومن أسبابها كذلك الظهور بمظهر العارف بكل شيء أو لتمضية الوقت والتندّر بأخبار الغير. ويعتقد البعض أن إعادة الخبر السيئ المعروف عن الآخرين ومجرد الاستماع إليه لا يعدّان إثماً. كلا فإعادته هو تأكيد له والاستماع إليه هو تشجيعه. نتائجها: (1) تحطيم سمعة القريب. (2) انتشارها بسرعة ويصعب إيقافها. وصدق القائل بأن جرح اللسان أقسى من جرح السنان. (3) يجب التعويض عن الإساءة المعنوية والمادية التي تطرأ. "كثيرون سقطوا بحد السيف، ولكنهم ليسوا الساقطين بحدّ اللسان. اجعل لكلامك ميزاناً ومعياراً ولفمك باباً ومزلاجاً" (يش 22:28، 29). من الظلم وعدم الحقيقة اتهام إنساناً بالشر استناداً إلى عمل واحد رأيناه. ومن الظلم إظهار العيوب لمن لا يحق له معرفتها. ومن أشكال الافتراء والنميمة مدح الأشخاص لذمّهم فيما بعد. وذلك يجعل الاغتياب أكثر تصديقاً. و-الظن:هو التفكير بالآخرين شراً بدون سبب كاف. يقول توما الإكويني: "الظان بالقريب سوءا كثيراً ما يعطي الآخرين نواياه السيئة" ويضيف "إننا لا نملك الشروط الثلاثة لنحكم على الغير وهي: التفويض : من فوّضني لأكون قاضياً على أخي؟ الكفاءة: الله وحده هو فاحص القلوب والكلى وهو الذي يقدر أن يكشف عن نفسية الفاعل. الموضوعية: فنحن نحكم على القريب وفقاً لعلاقتنا معه. فنخفف جرم أصدقائنا ونضاعف جرم غيرهم. والأهواء تلون العدسة التي نضعها على عيوننا عندما نحكم على القريب. التشكيك: ويقوم ذلك بأقوالنا أموراً ضد الدين والأخلاق أو بالتصرّف تصرّفاً غير مناسب خلقياً، وفي الملبس وعدم الاحتشام، أو بإهمال الوصايا واحتقارها. وقد يكون هنالك شك عندما نعمل أعمالاً صالحة في حدّ ذاتها ولكن في غير وقتها أو أمام أشخاص تفكيرهم ضعيف. وحتى الضعفاء، سريعي التشكّك، يجب مراعاة شعورهم. |
||||
02 - 09 - 2014, 04:07 PM | رقم المشاركة : ( 5698 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
فضيلة المحبة ومتطلباتها الاب رمزي نعمة 3) محبة القريب هي إرادة الخيرة للقريب بسبب محبتنا لله. ويجب تمييزها عن محبة الإنسان من أجل الإنسان (Philanthropy) وهي جيدة ولكنها ليست فائقة للطبيعة وليس لها أجر واستحقاق لأنها ليست مربوطة بالله أصل كل محبة. أ- ماذا نحب في القريب؟: تقوم هذه المحبة على أن نريد للقريب ما يريده الله وأن نأبى له ما يأبى له الله. والله تعالى يريد أولاً خلاصه الروحي (راجع مثل الابن الشاطر وموقف يسوع من الخطأة والعشارين والسامرية...) وثانياً خيرهم الزمني إذ شفا الناس وأطعمهم. وعلى هذا المنوال يجب أن تكون محبتنا للقريب. ب- كيفية ممارسة تلك المحبة: يجب أن نحب القريب: -كأنفسنا أي محبة صادقة، عادلة، مستمرة، متبعين القاعدة الذهبية: "كل ما تريدون أن يفعل الناس بكم فافعلوه أنتم بهم" (متى 12:7). - كما أحبه يسوع، أي محبة لا تعرف الحدود والملل ولا تتراجع أمام التضحية والتفاني. - بالعمل، أي بممارسة أعمال الرحمة الروحية والجسدية. ج- لماذا نحب القريب؟ -بسبب الله. قال الاكويني: "إن الفعل الذي به نحب الله والفعل الذي به نحب القريب هما من نفس النوع". - بسبب التبني الإلهي: كلنا- وحتى أعداؤنا- أبناء الله. ومن المنطقي والعادل، إذا كنا نحب الآب، أن نحب أبناءه كما يحبهم هو. وإذا فدانا المسيح وتبنّانا أصبحنا كلنا إخوة (متى 8:23). - ذلك أمر من الله: "هذه وصيتي أن يحب بعضكم بعضاً كما أنا أحببتكم" (يو 12:15). - وحدة المصير: "القريب مدعو مثلنا إلى الحياة الأبدية: "الله يريد أن جميع الناس يخلصون" (1تي 4:2). - اتخاذ المسيح هوية القريب: ولذلك "إذ تخطئون إلى الأخوة إنما تخطئون إلى المسيح" (1قور 12:8). ولكي نفهم إلى أي مدى يتقمّص يسوع شخص الضعيف والفقير فلنراجع مشهد الدينونة (مت 25) وأعطى بولس تفسيراً جميلاً لعلاقتنا بالقريب إذ أننا والمسيح نشكّل جسداً واحداً سرياً غير منظور. المسيح هو الرأس ونحن الأعضاء. وعلّق أغسطينس على ذلك بقوله: "إذا أحببتم الرأس أحببتم أيضاً الأعضاء. ولا يمكن تجزئة المحبة. وإذا لم تحبوا الأعضاء فلا تحبون الرأس". د- أعمال الرحمة للقريب: أوصى يسوع بأعمال الرحمة وقد لخّصتها الكنيسة في نوعين: 1.أعمال الرحمة الجسدية وهي: إطعام الجياع، ارواء العطاش، كسوة العراة، إيواء الغرباء، عيادة المرضى، زيارة المسجونين، دفن الموتى. ونجد أساساً لهذه الأعمال في الكتاب المقدس: نقرأ على سبيل المثال في سفر تثنية الاشتراع: "إن الأرض لا تخلون من فقير ولذلك إن آمرك اليوم قائلاً: "ابسط يدك لأخيك المسكين والفقير الذي في أرضك" (11:13). وكذلك في سفر طوبيا "إن كان لك كثير فابذل كثيراً وإن كان لك القليل فاجتهد أن تبذل القليل عن نفس طيبة" (8:4-9). وقد قال يسوع في سياق مثل وكيل الظلم: "اجعلوا لكم أصدقاء بمال الظلم حتى إذا أدرككم الاضمحلال يقبلونكم في المظال الأبدية" ومال الظلم هنا يعني كل مال (على سبيل الاستعارة) لأنه كثيراً ما يستعمل في الظلم ويؤخذ في الظلم. وأهم من الآيات، الأعمال التي قام بها يسوع عندما أشبع خمسة آلاف رجل في آن واحد لئلا يخوروا في طريق العودة. واستعمل يسوع الوعد والوعيد للذين يعطون أو لا يُعطون. "اعطوا تعطوا، الكيل الذي به تكيلون يُكال لكم"(لو38:6). وتلخص هذه الأعمال بالصدقة. ومن أهم صفات الصدقة ما يلي: - حباً لله. - بشكل خفي: "لا تعلم شمالك ما تصنع يمينك" (مت 24:6). - جذرية: الأفضل تأمين عمل للفقير من إعطائه مالاً. - لمن يستحق كي لا نشجع الرذيلة والكسل. - بتواضع: "أسيادنا الفقراء"، لأنهم صورة للمسيح سيّدنا. - على قدر ما نستطيع إعطائه بعد تأمين احتياجنا إلى المأوى والمأكل والملبس وربما بعد ادخار بعض المدخرات للمستقبل. وما يزيد عن ذلك فهو الفائض. وقد ميّز اللاهوتيون نوعين من الفائض: * الفائض النسبي: ما يتبقى بعدما نكون قد أرضينا حاجاتنا الأساسية من أكل وشرب ومأوى لنا ولعائلتنا. * الفائض المطلق: ما تبقى بعد أن نكون قد أرضينا الحاجات التي تتناسب وحالتنا الاجتماعية ومكانتنا مع تأمين مستقبلنا وشيخوختنا. من أي فائض نعطي؟ في حالة البؤس العام، من الفائض النسبي. ولكن من الصعب إقناع الأغنياء بأن هذا الفائض النسبي يجب أن يتكيّف والحالة الاجتماعية العامة بما تحويه من بؤس وليس مع حاجة الأغنياء إلى الرفاهية والترف الملازمة لحالتهم. ونعمة الله هي التي تنير ضمير المستقيمي النية. ومن بين أعمال الرحمة الجسدية لزيارة الأسرى والمسجونين مكانة خاصة، إذ يتوجب علينا أن نزورهم ونساعدهم وإن كانوا أبرياء نسعى لإخلاء سبيلهم. يقول كاتب الرسالة إلى العبرانيين: "اذكروا الأسرى كأنكم مأسورون معهم" (2:13) 2.أعمال الرحمة الروحية وهي: إسداء المشورة للمرتابين، إرشاد الجهّال، نصح الخطأة، تعزية الحزانى، غفران الإساءات، احتمال المنكّدين، الصلاة لأجل الأحياء والأموات. تبدو واضحة. وهي تؤكّد على الخير الروحي أي على خلاص القريب من خلال التغلّب على ضعفه وجهله وإساءاته. وبخصوص نصح الخطأة، يقول القدّيس يعقوب: "إن الذي ردّ خاطئاً عن ضلال طريقه خلّص نفساً من الموت وستر جماً من الخطايا" (يع 20:5). 4) متطلبات المحبة أ-الرسالة:إذا كان المسيحي يحب الله فإنه يغار على مصالحه ويحاول أن يجعل الله معروفاً ومحبوباً ومطاعاً. وهذا هو جوهر رسالة العلمانيين في الكنيسة. ومن ميادين هذه الرسالة: - في الكنيسة: المساهمة في الترنيم والعزف والتربية الدينية... - في الحياة: تبشير البيئة، وأفراد كل بيئة أعرف بعقليتها وأكثر أهليةً من غيرهم لنقل الرسالة إليها (العمال للعمال، المعلّمون لزملائهم...). - في الأسرة: ويهتم كل مسيحي أن يعمل من عائلته مركز إشعاع روحي تسودها المبادئ الإنجيلية والمحبة وتقتدي بها العائلات المجاورة. وأفضل دعاية لصحة المبادئ الإنجيلية هو وجود عائلات سعيدة تطبقها. والتجربة خير برهان. - في المجال المدني: ممارسة الإنسان حقه في الانتخاب وإعطاء الأصوات لمن يستحقون. ورسالة العلماني تأخذ شكلاً فردياً بأن يعيش حياة مسيحية نزيهة في عمله وعائلته. وإما شكلاًَ جماعياً منظماً بالتعاون مع الكنيسة. وقد بارك السيد المسيح في الجماعة التي تعمل باسمه: "حيثما اجتمع اثنان باسمي فأنا أكون بينهما". وفي كل الأحوال على العلمانيين أن يعوا كل يوم أكثر بأنهم ليسوا ينتمون للكنيسة فقط، بل هم أيضاً الكنيسة. ب-الإصلاح الأخوي:وسبب الإصلاح هو حماية القريب من الشر والخطيئة والهلاك، استناداً على قول يسوع: "إن أخطأ إليك أخوك فوبخه" (مت 15:18). وإن إصلاح الشئون الروحية للقريب يضحى أكثر أهمية من خدمة المرضى بقدر ما للروح من فضل على الجسد. وإهماله أكثر خطراً من إهمال الصدقة المادية للمحتاجين. ويمتنع الناس عامة عن هذه الفريضة وهي توبيخ القريب خوفاً من إغضاب الإخوة وجرح مشاعرهم أو بادعائهم أنهم ليسوا أكمل منهم أو خوفاً من أن ينالوا رداً جارحاً منهم. وبالمقابل يجد الناس الشجاعة لانتقاد القريب في غيابه ولا يجدونها في حضوره. إلا أن ذلك لا يعني إعفاء الناس (لاسيما المسئولين عن غيرهم بحكم المرتبة) من القيام بذلك. ولا مانع، لجعل التوبيخ مقبولاً، إتباع الأساليب المناسبة كاللطف والدقة والقيام بها في الوقت المناسب. ومن صفات التوبيخ الأخوي: - تدريجي: الابتداء بالأهم. - واضحك مع ذكر الدوافع والعلاج. - في الوقت المناسب. - فائق الطبيعة: أي بسبب الخير الروحي والزمني للقريب. - بشكل منطقي: أي أن نلتزم نحن بما نقوله للقريب وألا نسقط في أخطاء أثقل: "يا مرائي أخرِج أولاً الخشبة التي في عينك ثم ترى كيف تُخرِج القذى من عين أخيك" (مت 3:7-5). ج-الوداعة: وهي تجنب الحزازات والاحتكاكات والتحديات. يعتبر العالم الوداعة ضعفاً ولكنها في الواقع فضيلة الأقوياء، الذين يسيطرون على غريزة العنف. وقال أغسطينس: لا شيء أقوى من الوداعة ولا أحب من قوتها". وهي فضيلة للأسباب التالية: - هي سبب سعادة للأشخاص الذين نعيش معهم. -تسهّل العلاقات الاجتماعية مع الآخرين. -مادام الله يحتمل سيئاتنا، فإنه من الواجب احتمال سيئات بعضنا بعضاً. -حرية القريب في أن تكون له آراء وأذواق وعادات مخالفة لنا. فيجب ألا نغضب لهذا الواقع. -لي هفواتي. فلماذا أغضب على هفوات القريب؟ -أمر يسوع بها عندما أمرنا بالتواضع: "تعلموا مني أني وديع متواضع القلب". وعندما سأله الأخوان برانرجس أن ينزل ناراً على قرية سامرية أجابهما: "لا تعلمان من أي روح أنتما". -تجنبنا الأخطاء التي تحدث بسبب الغضب. وقال الكتاب: "السكنى في أرض مقفرة خير من السكن مع امرأة فازغة شرسة" (أم 19:21)، "والطويل الأناة كثير الفطنة والقصير الصبر ينوّه بسفهه" (أم29:14). ماذا عن غضب يسوع في الهيكل؟ لم يغضب يسوع لأنه فقد أعصابه وحقد على تجّار الهيكل، بل لأن دوره التربوي تطلّب منه استعمال الشدة. والله يعاقب من يحب. ولا ننسى أن يسوع غضب مرة واحدة وكان غضبه لمجد الله وليس بالشر أن غضب عندما يكون مجد الله معرضاً للذل والامتهان. وهذه الفضيلة ضرورية للمربين والمدرسين لأن العملية التربوية تتطلّب صبراً. ولا شك في أن وداعة الرؤساء تسهّل طاعة المرؤوسين. |
||||
02 - 09 - 2014, 04:08 PM | رقم المشاركة : ( 5699 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
لا تقدر أن تدخل ملكوت السموات بدون محبة القديس غريغوريوس الكبير نقلها إلى العربية المطران أبيفانيوس زائد "فلما دخل الملك لينظر المتكئين رأى هناك رجلاً ليس عليه حلة العرس" (متى22: 11). إن رسول المحبة يقول : "لأنه هكذا أحب الله العالم حتى أنه بذل ابنه الوحيد" (يوحنا3: 16) إن ذلك إذ جاء إلى الأرض بمحبته قد عيّن هذه المحبة ذاتها لتكون حلة العرس. وعليه يجد كل منا في كنيسة المسيح أنه قد جاء إلى وليمة العرس فليحفظ نعمة المحبة حتى تكون عليه حلة العرس. إن المحبة تشتمل على وصيتين وهما محبة الله ومحبة القريب: "أحبب الرب إلهك من كل قلبك وكل نفسك وكل ذهنك وكل قدرتك وأحبب قريبك كنفسك" (مرقس12: 30و31) وقد نجد مقياساً في محبة القريب لأنه قيل أحبب قريبك كنفسك. أما محبة الله فلا حدود لها. يحب الله حقيقة من لا يبقي شيئاً لنفسه. ومحبة الله الحقة تكون في محبة الله ومحبة الصديق ومحبة العدو من أجل الله تعالى. لذلك أوصانا السيد: "أحبوا أعداءكم وأحسنوا إلى من يبغضكم" (لوقا6: 27) إن محبة كهذه تكون حقاً حلة للعرس وكل من يتكىء في العرس من دون هذه الحلة قد يطرده الملك خارجاً متى دخل. فيا أبناء كنيسة المسيح ! إننا جئنا بإيمان إلى وليمة عرس الملك السماوي. فلننتبه، ولننظر هل جئنا بحلة العرس إلى العرس. لنستعرض في ذاكرتنا أفكارنا باحتراس. لنفتش قلوبنا، ألا يوجد فيها بغض أو شر. هوذا الملك يدخل إلى وليمة العرس ويرى حالتنا ويقول بغضب لكل من لا يجده لابساً المحبة: يا صاح كيف دخلت إلى ههنا وليس عليك حلة العرس؟ قد يدعوه الملك صديقاً ويطرده وقد يقول له بوضوح: صديقي، وغير صديقي ? صديقي بالإيمان، وغير صديقي بالأعمال. فيصمت المسؤول لأن لا وقت للمرء أن يبرر نفسه يوم الدينونة حيث يعطى الجزاء عن الأعمال. عندئذٍ يقول الملك للخدام: أوثقوا يديه ورجليه واطرحوه في الظلمة البرانية هناك يكون البكاء وصرير الأسنان. حينئذٍ يحكم الضمير فتوثق أيدي وأرجل أولئك الذين لم يريدوا أن يوثقوا ذواتهم عن عمل الشر بإصلاح حياتهم. حينئذٍ يربط العقاب أولئك الذين لم يربطوا ذواتهم عن عمل الشر بل حادوا عن عمل البر. تلك الأرجل التي لم ترضَ أن تعول المريض، وتلك الأيدي التي لم تعط الحسنة للمحتاج، تربط بحكم الإرادة. وهكذا نرى أولئك الذين ربطتهم الخطيئة باختيارهم يربطون العقاب رغم اختيارهم فيوجَّه كل من أدين إلى الظلمة الأبدية ويرسل أولئك الذين سقطوا في عمى قلوبهم بإرادتهم إلى ظلام الدينونة (متى22: 11و12). أيها الإخوة الأحباء. إن المدعوين كثيرون والمختارين قليلون. قد نعلم أننا من المدعوين، لكننا لا نعلم إن كنا من المختارين فيجب على كل منا أن يرتعد ويخاف من أجل أعماله متّكلاًً على رحمة الله في كل شيء فلا يجوز لأحد أن يتكل على قوته الخاصة. إن من يقوّي اتكالنا هو الذي ارتضى أن يأخذ طبيعتنا البشرية لأجل محبته لنا هو سيدنا يسوع المسيح الذي يملك مع الآب الأزلي والروح المحيي إلى دهر الداهرين آمين. |
||||
02 - 09 - 2014, 04:09 PM | رقم المشاركة : ( 5700 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
فضيلة المحبة في الكتاب المقدس /الاب رمزي نعمة ليست المحبة مجرد إحدى الفضائل وعلى نفس المستوى مع رفيقتها الإيمان والرجاء. إنما هي سيّدتها على الإطلاق إذ تعطيها كمالها وغايتها واستحقاقها. بدونها لا يستحق الإيمان مكافأةً، ولا الرجاء يبلغ غايته وهي رؤية الله في السماء والتمتّع برضاه وصداقته على هذه الأرض، وبدونها أيضاً تصبح محبة القريب اسماً بدون مسمى وشعوراً أجوف قابلاً للانقلاب والتبدّل. والمحبة هي الشعور الطبيعي الذي من المفروض أن يملأ قلب الإنسان. قال كاهن رعية ارس، الأب فياني: "قبل أيام وأنا عائد إلى البيت كانت العصافير الصغيرة تطير في الأحراش. فصرت أبكي قائلاً في سرّي "لله درّك من كائنات صغيرة. خلقك الله لتغردي وها أنت تغردين. وخلق الإنسان ليحب الله وها إنه لا يحبّه". وتأتي أولوية المحبة من كونها تربطنا وتوحّدنا بالله غايتنا. أمّا الإيمان والرجاء فلا يقدران لأنهما يتواجدان أحياناً في النفس إلى جانب الخطيئة المميتة. وقد قال القدّيس أغسطينوس: "من لا يحب الله، فإنه يؤمن عبثاً ويرجو عبثاً. ولهذا أمر الرب يسوع: "أحبب الرب إلهك من كل قلبك وكل نفسك. ولا وصية أعظم منها". أولاً: المحبة في الكتاب المقدّس أ-المحبة في العهد القديم:إن اصطلاح المحبة (في العبرية- ومشتقاته)، كثير الاستعمال في العهد القديم. ويعني بصورة عامة تعلّقاً طوعياً (خيراً أو شراً) بالأشياء والأشخاص. وقد يكون الشخص امرأة، أو ابنة، أو جارة، أو سيدة. والمحبة هي الشعور الذي يكنّه الله لإسرائيل (هو1:11). هي الحبال التي يجذب شعبه بها إليه (هو4:11)، ولكنه يسحل محبته من أجل أعمالهم الشريرة. وتسود فكرة المحبة في سفر التثنية. إن اختيار الإسرائيليين كشعب الله كانت مسألة اختيار حرّ ومسألة محبة من لدن الله (تث 6:7-8). وقد قاد الله من جراء محبته الإسرائيليين خارج مصر (تث 37:4، 8:7). وسيحبهم ويباركهم ويكثرهم (تث 13:7). وبالمقابل يؤمَر الإسرائيليون في الوصايا العشر أن يحبوا الرب إلههم (حز 6:20، تث 10:5). ويؤمرون أن يحبوه بكل قلوبهم، وأرواحهم، وبكل قوتهم (تث 5:6). وعليهم أن يحبوا الله وأن يتبعوا أحكامه ووصاياه (تث 1:11). وتتناول فقرات أخرى في العهد القديم العلاقة بين المحبة والمحافظة على وصايا الله (دا 4:9، غ 15:1). يشبه الوحي نوراً، يكون ضعيفاً في البداية ثم يقوى تدريجياً ليسطع ويبهر. وهكذا كشف الله، منذ العهد القديم، عن أهمية المحبة ثم اكتملت في العهد الجديد. المحبة أزلية: "إني أحببتك حباً أبدياً" (ار 3:31). وعن حبّه لشعبه قال الله: "أتنسى المرأة مرضعها فلا ترحم ابن بطنها؟ لكن ولو أن هؤلاء نسين لا أنساك أنا" (أش 15:49). صحيح أن العهد القديم أوصى بمحبة العدو (لا 17:19)، ولكن أغلب الأحيان، كان العدو المعني هو اليهودي وليس الوثني. إنما كانت هناك وصية تحمي الغرباء: "لا تحتقر الغريب ولا تستحقه لأنك كنت غريباً في مصر" (خر 20:22) والآية الرائعة التالية: "وليكن عندكم الغريب الدخيل فيما بينكم كالأصيل منكم وكنفسك تحبه لأنكم كنتم غرباء في أرض مصر" (أخ 34:19). "وإذا عطش عدوّك فاسقه" (أم 21:25). ب-المحبة في العهد الجديد:تستعمل اللغة اليونانية ثلاث مفردات ومشتقاتها للتدليل على المحبة، وهي، "ايروس Eros"، و "فيليا Philia" و "أغابي Agape". ولا نجد الأول في العهد الجديد "ايروس"، التي تدل على الرغبة الجنسية. إلا أن الواحد يجد على كل حال كلمة "فيليا" التي تعني في اليونانية الوثنية في الأصل محبة الأصدقاء، و "أغابي" التي ربما اختيرت لتعني الفكرة المسيحية للمحبة. وتستعمل كثيراً كلمة محبة لترجمة كلمة "أغابي". وفي الأناجيل الإزائية يعلّم يسوع أن وصية الشريعة الكبرى هي محبة الله والقريب (مت 34:22-40، مر 28:12-34، لو 25:10-28). والقريب يشمل حتى ذاك الذي يشعر الإنسان بالغربة تجاهه (لو 29:10-37). وأمر يسوع أن نحب حتى أعدائنا (مت43:5-48). ويجب أن تكون محبة الله مقصورة عليه، بدون منازع (مت 24:6، لو 13:16)، ويجب أن تكون محبة التلاميذ ليسوع أعظم من محبتهم للوالدين والأطفال (مت 10-37). وبمقتضى ما قاله بولس فإن محبة الله قد أفيضت في قلوبنا بالروح القدس (روم 5:5). وقد برهن الله على محبته لنا في موت المسيح عنّا بينما كنّا لم نزل خطأة (روم 8:5). ولا توجد أية محنة، كما لا يوجد أي مخلوق يفصلنا عن محبة المسيح (روم 35:8-39). وعلى الأزواج أن يحبوا نساءهم كما أحب المسيح الكنيسة (أف 25:5). إن الأشياء جميعها تعمل معاً لصالح أولئك الذين يحبون الله (روم 28:8). وتلخص الوصايا جميعها في وصية محبة القريب كالنفس (روم 8:13-10، غل 13:5-14). ويعلّمنا بولس أن المسيحيين يعيشون في جو من المحبة- محبة الله للناس ومحبة الناس لقريبهم. وتبني المحبة المجتمع المسيحي (1كور1:8). والمحبة أساس الحياة المسيحية (أف 17:3). وتربط المحبة الفضائل جميعها معاً (كول 14:3). والمحبة هي الطريق الذي تفوق الطرق الأخرى جميعها، وهي تمتاز على العطايا جميعها التي لا قيمة لها بدونها، وهي تبقى حتى بعد زوال الإيمان والرجاء (1كور 1:13-13). والمحبة موضوع رئيسي في كتابات يوحنا. من شدة محبته تبنانا الله كأبنائه (1يو 1:13). وكان يسوع قد أظهر محبته لخاصته إلى النهاية (يو1:13). وقد ضحى بحياته من أجلهم (1يو 16:3). إن من يخلو من المحبة لا يعرف الله أبداً، لأن الله محبة (يو 8:4). وتظهر المحبة بالمحافظة على وصايا الله ويسوع (يو 15:14، 21، 23). ووصية يسوع الجديدة هي أن يحب بعضنا بعضاً (يو 34:13، 17:15)، وكما أحب الله يسوع (يو 21:14، 23). ومن جراء محبته أرسل الله ابنه إلى العالم ليكون مخلصنا. إن مَن يؤمن به تكون له الحياة الأبدية (يو 16:3-17). وبحب الواحد منّا للآخر نكون واثقين أن الله يقطن فينا وتكون محبته كاملة فينا (1يو 7:4-21). ففي هذه الكتابات إذن المحبة هي قوة متبادلة وشاملة وموحدة. ج-ماذا استجدّ في المحبة في العهد الجديد؟ - التطبيق الشخصي الذي قدّمه لنا المسيح: "بذل نفسه في سبيل العالم رغم كونه الإله الذي يجب أن نبذل له نفوسنا" (1يو 16:3). - أصبح مقياس حبنا لله وللقريب هو درجة حبّ المسيح لنا. - دمج يسوع المسيح نفسه مع القريب واتخذ هويّته بحيث أن كل إنسان (لاسيما الفقراء) هو صورة للمسيح لا بل مسيح آخر. - أصبحت المحبة ليست مجرد علامة على الديانة الجديدة بل العلامة المميزة لها، كي يميز العالم تلاميذ المسيح. - تشديدها على محبة الأعداء (مثل السامري الرحيم) على مثال محبة الآب الذي يحب الخطأة فيمطر عليهم ويعطيهم شمسه كذلك ويقوم نحوهم بخطوة المصالحة الأولى. - العدد اللامحدود من المرات الذي يجب أن نسامح به قريبنا (يو26:17). ثانياً: تعليم الكنيسة هذه أكبر الفضائل الإلهية (1كور 13:13). فبوساطتها نحب الله فوق كل شيء ومن أجله هو، ونحب قريبنا كما نحب أنفسنا من أجل محبة الله. فالمحبة هي تحقيق للوصية العظيمة في الديانة المسيحية. والمحبة، بكونها فضيلة إلهية تنطوي على حب الله من أجل ذاته، وعلى حب أنفسنا وحب الآخرين لأننا نشارك في صلاح الله. وليست المحبة بالحب النفعي (الحب الشهواني amor concupiscentiae)، بل حب الأصدقاء بعضهم لبعض (الحب، المودّة amor benevolentiae)، فهو ليس حباً أنانياً، ولكنه يستقرّ في صلاح المحبوب (الله). إن المحبة هي أصل وشكل (root and form ) سائر الفضائل الأخرى، لأن موضوعها الأخير هو الله بذاته الذي يوجه إليه النشاط الفائق للطبيعة جميعه بتأثير متواصل، كامن أو ظاهر. ومعنى المحبة الإخلاص لله والقريب وعناية الإنسان عناية حسنة بنفسه. وامتلاك المحبة معناه جعل الله مركز حياتنا والعمل بوصاياه. المحبة هي مودة الله للمخلوقات البشرية. المحبة هي الحب، وهي تستقر في الإرادة بصفتها فضيلة وفعل. وهي تُفاض وتنمو بالنعمة المؤدية إلى القداسة. وهي لا تزول عن طريق الخطيئة العرضية، إلا أن الخطيئة المميتة تضيعها. وتبقى المحبة حتى ما بعد الحياة عندما سنحب الله الذي نمتلكه. وقد ميّز الإكويني ثلاث درجات من المحبة- محبة المبتدئين الذين يسعون إلى أن يفصلوا أنفسهم عن الخطيئة، ومحبة البارعين الذين يسعون إلى أن يصلوا بأنفسهم إلى الكمال، ومحبة الكاملين المتحدين بالله بطريقة رائعة حتى في هذه الحياة. وتشمل المحبة حتى أعدائنا. وهي تجبرنا على استخدام الوسائل العادية للمحافظة على الصحة والحياة. المحبة هي الرغبة في التخلي عن أي شيء حسن مخلوق من جراء حب الله. تدفعنا المحبة إلى مساعدة أخينا وأختنا اللذين يجدان نفسيهما في حاجة روحية ودنيوية، ومن هنا، جاء واجب الإصلاح الأخوي ومساعدة المساكين. وتمنعنا المحبة من التعاون مع خطايا الآخرين، ولكنها لا تمنعنا من إتمام أعمال يسيء بعضهم استعمالها شريطة أن يتوفر لدينا سبب كاف لفعل ذلك. فالكراهية، والحسد، والكسل، والشك هي خطايا ضد المحبة. والشك هو فعل إما أن يكون شريراً أو أن يكون له مظهر الشرّ وقد يكون مناسبة لأن يرتكب شخص آخر الخطيئة. ثالثاً: التفكير اللاهوتي 1) ماهية المحبة أ- تعريف المحبة: هي فضيلة فائقة الطبيعة يفيضها الله في الإرادة بها نحب من أجل ذاته وفوق كل شيء والقريب حباً له. هي عطية إلهية لأن صداقتنا لله تفوق كل متطلبات الطبيعة البشرية وتفكيرها المحصور. فمن يدّعي أنه يصادق الله إذا لم يدعه هو نفسه ويرفعه: "محبة الله أُفيضت في قلوبنا بالروح القدس الذي وهب لنا" (رو5:5). ب- مَن نحب؟ - الله، فوق كل شيء وفوق المكافأة التي وعدنا بها. - الكنيسة التي تواصل عمل المسيح. - نحب خلاصنا الروحي: "أرغب في أن أنحلّ لأكون مع المسيح" (بولس). - خير إخوتنا الروحي ثم الزمني، والعام قبل الخاص. والأقرب إلينا هو أولى بالمعروف. 2) محبة الله يقول توما الإكويني: "المحبة هي مودة متبادلة بين الله والخليقة وصداقة حقيقية". وتتطلب الصداقة تعهداً متبادلاً على حسب إمكانيات كل طرف، لأننا لا نقدر أن نقدم لله بقدر ما يقدم لنا وإنما نقدر أن نعطيه كل إمكانياتنا (القليلة) كما أنه أعطانا كل إمكانياته (بشخص ابنه الحبيب). فالذي يجمع بيننا هي كلمة "كل" وليست كلمة إمكانيات. أ-نمو المحبة وزوالها:نعني بالمحبة أولاً الفضيلة الإلهية وليس شعور الشفقة العقيم الذي يمكن أن يشعر به الإنسان نحو الحيوانات. وتلد المحبة وتنمو فينا بفضل النعمة الإلهية. ونستطيع بأعمالنا الصالحة أن نهيئ أنفسنا لأن نستحق من رحمة الله ازدياداً في درجة محبتنا. المحبة تُقاس ليس بالكمية وعدد الأعمال وكثرتها وإنما بكثافة العمل وعمق وقته. فرُبَّ عمل محبة واحد في سبيل الله يحتوي قوة أعظم من عشرات الأعمال السطحية. وحياة قصيرة في محبة الله لأفضل من حياة طويلة فاترة. وينال الله مجداً أكثر من الذي يهدي إلى الإيمان خاطئاً واحداً يصل القداسة من الذي يهدي كثيرين يبقون فاترين. وتموت المحبة الإلهية في ضمير الإنسان، ليس بسبب خطايانا العرضية وإنما بسبب الخطايا المميتة. إنما تضعف الخطيئة العرضية قوة المحبة وتحضّر الإنسان للخطيئة المميتة وتحول دون التقدّم المطرد. وبالاعتراف تعود المحبة إلى درجتها السابقة أو أكثر. ب-أهمية المحبة:تأتي من كونها تربطنا بالله عزّ وجلّ وتجعلنا شركاء معه في المحبة المتبادلة وأبناء له. وهي العمل الخاص بالله، فالله لا يؤمن ولا يرجو إنما يحب. وعندما نحب الله والقريب من أجل الله إنما نتشبّه بالله عزّ وجلّ. قال أغسطينوس: "إذا أحببت الأرض فأنت أرضي، وإذا أحببت الله فماذا أقول لك؟ إنك إلهي". وإذا فقدت المحبة، يفقد الإيمان سبب وجوده والرجاء هدفه. فما الفائدة من أن نؤمن بالله إن لم نكن نحبّه؟ فالشياطين تؤمن أكثر منّا. وما الفائدة من أن نرجو الله ومكافأته إن لم نكن نحبه لأننا لن نحصل عليها. و"إذا كان لي الإيمان حتى أنقل الجبال ولم تكن فيّ المحبة فلست بشيء" (1كور 2:13). المحبة رباط الكمال، ويُقاس عمق وعلو الحياة الروحية بكمال المحبة. ج-درجات محبة الله: - رفض الخطيئة المميتة وقبول العرضية. -رفض الخطيئة المميتة والعرضية. -تجنّب الخطيئة والبحث عن رضى الله ولو كلّف ذلك ألماً وتضحية. وهذا معنى أن نحب الله "من كل قلبنا وكل نفسنا". وقد ميّز القديس إكلمنضس 3 طبقات من محبي الله: oمَن يتصرفون كذلك خوفاً من العقاب وهم يشبهون العبيد. oمَن يتصرفون كذلك حباً بالمكافأة وكأنهم أجراء. oمَن يحاولون إرضاء الله من أجل إرضائه وهم كالأبناء. وكلما ارتفعت المحبة في النفس نتج عنها مزيد من الفرح والاتحاد بالله والسلام الداخلي والغيرة على مصالح الله. ومحب الله يحاول أن يجعل كل الناس يحبون الله مثله. |
||||