29 - 08 - 2014, 02:55 PM | رقم المشاركة : ( 5631 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
دخول السيّد إلى الهيكل - تقدمة يسوع إلى الهيكل يأتي هذا في سياق انفراد القديس لوقا بذكر أحداث عدة حصلت قبل لا يذكر، دون غيره من الإنجيليين، ختانة الرب عند تمام يومه الثامن في آية وحيدة (لو ٢: ٢١ ). ويندرج الحدثان ضمن إطار تشديد لوقا على طاعة مريم ويوسف والطفل يسوع الشريعة. تحتفل الكنيسة بدخول الرب إلى الهيكل حسب تسلسل الأحداث الزمني يوماً على ولادة الطفل الإله. لقد كان إتمام هذه الشريعة واجباً بحسب اليهودية كما يقول الانجيلي: "ولما تمت أيام تطهيرها(أي تطهير مريم) حسب شريعة موسى صعدوا به إلى أورشليم ليقدّموه للرب" ( ٢:٢٢). وقد أمر الرب أن يكون مترافقاً مع تقديم ذبيحة كما قيل في ناموس الرب "زوج يمام أو فرخي حمام" (لو ٢:٢٤). إن تكريس كل ذكر بكراً لله هو التذكار الدائم للعبور القديم الذي أتمه العبرانيون من العبودية في مصر إلى الحرية في أرض كنعان. وتفسير الأمر يعود إلى خلفيته التاريخية. فقد أنزل ملاك الرب عقاباً هائلا بالمصريين قضى بموت كل بكر من كل عائلة. لذا، وفداء عن أبكار العبرانيين، قامت كل عائلة بذبح حمل عمره سنة واحدة ورش دمه على باب البيت لكي، إذا ما مرَّ الملاك، يحفظ ذلك البيت. وعندما أعطى الله موسى الارشادات بخصوص الفصح (العبور)، أمره بأن يكرّس كل ذكر بكراً لله كتذكار لهذا العبور، على أن يقدّم عوضاً عنه حيوانات هي أبكار بطون أمهاتها عربون شكر الله على ما صنع (راجع سفر الخروج ١٣:١٣-١١). إن الكنيسة تعطي المغزى العميق لهذا الحدث في صلاة سَحَر العيد عندما تقول: "إن المولود من الآب قبل كل الدهور، قد ظهر بكراً من فتاة عذراء، ماداً يديه إلى آدم". فابن مريم البكر، الذي فتح المستودع البتولي لوالدة الإله الدائمة البتولية، يقدَّم حسب ما تأمر به الشريعة، وهو واضع الشريعة. هذا الأمر العجيب يثير الدهش في ضمير الكنيسة التي تتعجب قائلة: "اقبل يا سمعان من سبق موسى فرآه في سيناء، تحت الغمام، واضعاً الشريعة، صائراً طفلا، خاضعاً للشريعة. هذا هو الناطق بالشريعة، هذا هو المرموز إليه بالأنبياء، الذي تجسّد من أجلنا وخّلص الإنسان، فله نسجد" (من صلاة غروب العيد). أما مركز سمعان في الحدث، فتشرحه الأيقونة التي تضعه مقابلاً للعذراء ويوسف، فيما يسوع يمتد ليصل في ذاته العهدين: القديم ممّثلاً بسمعان والجديد ممّثلاً بمريم ويوسف. هو العهدان بمعنى كامل فيما سمعان يمّثل توق العهد القديم إلى الفجر الذي يظهر النور البازغ من شمس العدل، المسيح الرب. سمعان هنا هو كموسى يعاين الرب وجهاً لوجه. إلا أن موسى رآه في الغمام واضطر إلى حجب وجهه من بهاء نوره، فيما سمعان أخذ الرب الإله في ذراعيه. لهذا، هناك تقليد يسمّي هذا العيد "اللقاء المقدس" الذي فيه كل منا مدعو إلى لقاء ابن الله. إن سمعان الشيخ رأى بالروح ما سيحدث نتيجة لبزوغ هذا الفجر. فالذين استمروا على عماهم لم يستطيعوا قبول المسيح المخّلص، والذين "أبصروا" هذا ارتفعوا إلى مصاف المختارين الذين خلصوا بالإيمان به. هذا الانقاسم أدى بابن الله إلى الصلب وجعل نبوءة الشيخ لمريم تتحقق: "وقال لمريم أمه: إن هذا وُضع لسقوط وقيام كثيرين في اسرائيل ولعلامة تقاوَم. وأنتِ أيضاً يجوز في نفسك سيف، لُتعَلن أفكار من قلوب كثيرة" (لو ٢:٣٥-٣٤). وهناك تقليد في الكنيسة يقول إن دور سمعان النبوي لم يكتمل أثناء حياته فنقل بشارته إلى المسجونين في الجحيم ليخبرهم بالخلاص العتيد أن يستعلن: "أنا ذاهب، صرخ سمعان، لأزف خبر البشارة إلى آدم وحواء القابعين في الجحيم" (من صلاة السَحَر). أما حنَّة "النبية" فهي كسمعان معاينة للنور الإلهي وشاهدة على قيامته العتيدة. لذا يقول لوقا عنها إنها "وقفت تسبّح الرب وتكّلمت عنه مع جميع : المنتظرين فداء في أورشليم" (لو ٢:٣٨ )، تماماً كما فعلت مريم المجدلية وحاملات الطيب. أما يوسف خطيب البتول، فنراه يقدّم زوجَي حمام كما أمر سفر اللاويين ( ١٢: ٦-٨) وهما في تفسير الكنيسة يمثلان جماعة العبرانيين والأمم الذين أصبحوا واحداً في المسيح. وعدم تقديم يوسف ومريم حملاً عمره سنة إلى الهيكل سببه فقرهما ولكن أيضاً كون يسوع هو الحمل الذي سيّذبح فداءً وخلاصاً للمؤمنين. هو حمل نقي بريء من العيب وفي الوقت ذاته الكاهن الأعظم الذي سيتقبّل الذبيحة. هو، كما نقول في الصلاة التي يتلوها الكاهن أثناء التسبيح الشاروبيمي "المقرِّب والمقرَّب، القابل والموزَّع" وهو، كما نرنم في سبت النور "يوافي ليُذبح ويُدفع طعاماً للمؤمنين". كل من يعاين مجد الرب في ضميره وقلبه وحياته يكون مستحقاً ليطلق زفرات سمعان الشيخ: "الآن أطلق عبدك أيها السيد، لأن عينيّ أبصرتا خلاصك الذي أعددته أمام كل الشعوب". اقوال للعلامة اوريجانّس: في دخول السيد الى الهيكل احد اشهر الكتاب المسيحيين في العصور كافة. ولد في الاسكندرية عام 185، واستشهد على عهد الامبراطور داقيوس عام 253 في مدينة صور. له عدد كبير من المؤلفات في مختلف المواضيع اللاهوتية والروحية، ويعتبر من مؤسسي المدرسة الاسكندرية. هذه الاقوال هي مقتطفات من تفسيره لإنجيل لوقا. تأملوا الاحداث التي هيأت سمعان لأن يستحق أن يحمل ابن الله. كان اولاً قد أكد له الروح القدس انه لا يرى الموت حتى يعاين مسيح الرب. ثم جاء الى الهيكل، ليس على سبيل الصدفة او العادة بل مدفوعا بروح الله. "إن جميع الذين ينقادون لروح الله هم ابناء الله". وانت ايضا اذا أردت أن تحمل المسيح وتضمّّه الى صدرك ثم تخرج من السجن، اجتهد أن يكون الروح مرشدك وقائدا لك للدخول الى هيكل الرب. فاجتهد اذاً من كل قلبك بأن تتبع الروح لتنقاد الى هيكل الله. انت الآن في هيكل الرب يسوع، أعني في كنيسته، هذا الهيكل المبني من حجارة حية (1 بطرس 2: 5). تستطيع أن تكون في هيكل الرب، عندما تؤهلك بصورة خاصة حياتك وسلوكك لأن تحمل اسم الكنيسة. طالما انني ما زلت لا أحمل المسيح ولا أضمُّه بين ذراعي، فأنا سجين وعاجز عن الإفلات من قيودي. هل نريد أن ندخل الملكوت؟ فلنحمل يسوع بين يدينا ونضمَّه بذراعينا ونشدَّه الى قلبنا، اذ ذاك نستطيع، وقلبنا مفعم فرحا، أن نمضي حيث نشاء. |
||||
29 - 08 - 2014, 02:56 PM | رقم المشاركة : ( 5632 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
عيد تقدمة يسوع المسيح إلى الهيكل وعيد شمعون الشيخ 25 وَكَانَ رَجُلٌ فِي أُورُشَلِيمَ اسْمُهُ سِمْعَانُ، وَهَذَا الرَّجُلُ كَانَ بَارًّا تَقِيًّا يَنْتَظِرُ تَعْزِيَةَ إِسْرَائِيلَ، وَالرُّوحُ الْقُدُسُ كَانَ عَلَيْهِ. 26 وَكَانَ قَدْ أُوحِيَ إِلَيْهِ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ أَنَّهُ لاَ يَرَى الْمَوْتَ قَبْلَ أَنْ يَرَى مَسِيحَ الرَّبِّ. 27 فَأَتَى بِالرُّوحِ إِلَى الْهَيْكَلِ. وَعِنْدَمَا دَخَلَ بِالصَّبِيِّ يَسُوعَ أَبَوَاهُ، لِيَصْنَعَا لَهُ حَسَبَ عَادَةِ النَّامُوسِ، 28 أَخَذَهُ عَلَى ذِرَاعَيْهِ وَبَارَكَ اللهَ وَقَالَ: 29 «الآنَ تُطْلِقُ عَبْدَكَ يَا سَيِّدُ حَسَبَ قَوْلِكَ بِسَلاَمٍ، 30 لأَنَّ عَيْنَيَّ قَدْ أَبْصَرَتَا خَلاَصَكَ، 31 الَّذِي أَعْدَدْتَهُ قُدَّامَ وَجْهِ جَمِيعِ الشُّعُوبِ. 32 نُورَ إِعْلاَنٍ لِلأُمَمِ، وَمَجْدًا لِشَعْبِكَ إِسْرَائِيلَ». 33 وَكَانَ يُوسُفُ وَأُمُّهُ يَتَعَجَّبَانِ مِمَّا قِيلَ فِيهِ. 34 وَبَارَكَهُمَا سِمْعَانُ، وَقَالَ لِمَرْيَمَ أُمِّهِ:«هَا إِنَّ هذَا قَدْ وُضِعَ لِسُقُوطِ وَقِيَامِ كَثِيرِينَ فِي إِسْرَائِيلَ، وَلِعَلاَمَةٍ تُقَاوَمُ. 35 وَأَنْتِ أَيْضًا يَجُوزُ فِي نَفْسِكِ سَيْفٌ، لِتُعْلَنَ أَفْكَارٌ مِنْ قُلُوبٍ كَثِيرَةٍ».( لوقا2 ). شمعون الشيخ هو الكاهن الشيخ شمعون الذي عاش فوق العمر الطبيعي للإنسان ، وذلك مكافأة له من الرب لبرارته وصدقه وتقواه وإيمانه ، فأعطاه الرب أن يعيش طويلاً ، حتى يعاين بأم العين(( المسيح المنتظر ))الذي ترقبت مجيئه الأجيال والعصور وكان ذات يوم في الهيكل ، كما يخبرنا الإنجيلي لوقا ، فإذا بأم شابة ، تحمل رضيعاً بهي المنظر عمره ثمانية ايام وهي في ختام أيام تطهيرها ، وإلى جانبها رجل كهل هو يوسف النجار الذي من الناصرة.جاؤوا لتقديم الرضيع للرب (( كما هو مكتوب في ناموس الرب أن كل ذكرٍ فاتح رحم يدعى قدوساً للرب ، ولكي يقدموا ذبيحة كما قيل في ناموس الرب زوج يمام أو فرخي حمام ( لوقا 2- 22 ) ولأن روح الرب كانت على سمعان ... وكان قد أُوحي إليه بالروح القدس، أنه لا يرى الموت قبل أن يرى مسيح الرب ، أتى بالروح إلى الهيكل ، وعندما دخل بالصبي يسوع أبواه ليصنعا له حسب عادة الناموس أخذه على ذراعيه وبارك الله وقال : الآن تطلق عبدك يا سيد حسب قولك بسلام لأن عيني قد أبصرتا خلاصك الذي أعددته قدام وجه جميع الشعوب نور إعلان ٍ للأمم ومجداً لشعبك ... وباركهما سمعان وقال لمريم أمه أن هذا قد وضع لسقوط وقيام كثيرين )( لوقا 2 ? 25 ? 34 ) . إنه يلتمس بصوت عال من الرضيع الذي على ذراعيه أن يأذن له بمغادرة هذه الدنيا التي سئم طول سنواتها فكان أن مات في ذات اليوم واستراح |
||||
29 - 08 - 2014, 02:57 PM | رقم المشاركة : ( 5633 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
مار مارون الناسك
- لسنا نملك سوى النزر القليل من المعلومات عن حياة هذا الرّاهب العظيم وعن نشأته. وحده المؤرّخ الكبير تاودور يطّوس، أسقف قورش في القرن الخامس، أعطانا بعض التفاصيل عن سيرة الرّاهب مارون في كتابه الرّهباني " Histoir Religieuse " الذي وضعه حوالي سنة 440 ميلاديّة ويدعى أيضاً تاريخ أحبّاء الله ، إلّا أنّه لم يذكر تاريخ مولده ولا تاريخ وفاته،مكتفياً بالقول عنه أنّه ولد في القرن الرّابع ،وأنّه كفّر بنفسه، على مثال الكثيرين من الرّهبان،وهجر العالم إلى شمالي سوريا،آنذاك. - مار مارون الآرامي السوري: ناسك قدّيس انطلق من قرية أكدة قرب الحدود السوريّة مع تركيا التي كانت تدعى (كيتا)من حضن معلّمه الشّهير (زابينا) إلى بلدة (نيارا) القريبة من (اعزاز) حيث تنسّك مع صديقه داميانوس في كوخ على بيدرها, وصولاً إلى (كفر نبو) منطلق حضوره وتبشيره وانقضاضه على التّماثيل الوثنيّة وبناء كنيسته وصولاً إلى مدفنه في (براد). تنسّك في قورش قرب حلب في شمال سوريا. ينتسب إليه المسيحيّون الموارنة. بني ديراً باسمه على نهر العاصي قرب قلعة المضيق في سوريا. يروى أن 350 من أتباعه قتلوا لرفضهم مقولة الطبيعة الواحدة في المسيح. دمرّ ديره الإمبراطور يوستينيان الثاني سنة 694 للسبب نفسه - مار يوحنّا مارون (اول بطريرك ماروني من تلاميذة مار مارون) اضطُّر مار يوحنا مارون وتلاميذه إلى الهجرة إلى لبنان بسبب الإضطهاد الذي ألحقتهم به الجيوش الرومانيّة والإسلاميّة. فانتقل إثر ذلك الكرسي البطريركي إلى كفرحي البترون حيث شُيِّد دير (ريش مرو ومعناه رأس مارون) لتوضع فيه جمجمة مار مارون فيما بعد - لقد شغف الرّاهب مارون بالسيّد المسيح، وقرّر التسلّق إلى سلّم الكمال. فصعد إلى قمّة جبل من جبال أبرشيّة قوروش،وسكن أنقاض هيكل للأصنام ، محوّلاً إيّاه إلى بيت صلاة وتضرّع قاضياً فيه حياة نسكيّة أشدّ قساوة من حياة باقي إخوانه الرّهبان وما لبثت شهرته أن اجتذبت جميع أولئك المتعطّشين إلى الكمال المسيحي، فلحقوا به، مقتفين خطاه لأنّهم رأوا فيه المثال الحي والمرشد الروحي الخبير، مشاطرينه العزلة والمنسك وقد تخرّج من مدرسته النسكيّة تلاميذ كثيرون - مار يوحنّا مارون هو راهب من دير مار مارون وأسقف البترون وجبل لبنان. انتُخب أوّل بطريرك على الكنيسة المارونيّة خلال النصف الثّاني من القرن السّابع بعد المسيح (حوالي 686 م) عندما أصبح الكرسي الإنطاكي شاغراً. وهو أوّل بطريرك ماروني على إنطاكية والثّالث والستّون بعد القديس بطرس الذي أسّس الكرسي الإنطاكي في القرن الأوّل بعد المسيح. فبهذا العمل كانت بداية تنظيم وبناء الكنيسة المارونيّة على الصّعيد الكنسي والوطني والإجتماعي. - مات القديس مارون في أوائل القرن الخامس على الأرجح تقدّر سنة 405 أو 423 مسيحيّة، وراح سكّان القرى المجاورة يتنازعون جثمانه ليحفظوه ذخيرة في كنيستهم، إلى أن كانت الغلبة للبلدة الأكثر عدداً والأقوى مراساً والأشدّ نفوذاً ، فشيّدت على اسمه كنيسة ضمّت جثمانه، ولم تلبث أن أصبحت مزاراً يحجّ إليه المؤمنون من كلّ حدب وصوب. وفي سنة 452 بنى الامبراطور مارسيانوس، في جوار أفاميا ، عاصمة سوريا الثّانية، ديراً كبيراً على اسم القدّيس مارون ليسكن فيه تلاميذه الكثر. فكان هذا الدّير مهد الكنيسة المارونيّة صلاة إلى القديس مارون. أيّها القدّيس يوحنّا مارون، يا من اختارك الرّب راعياً لشعبه فكرّزتَ بالإنجيل ودحضت الضلال وتفانيتَ في خدمة الكنيسة نتوسّل إليك بأن تصون فينا إيمان الآباء والأجداد وتقينا أمراض النّفس والجسد، وتقودنا إلى أرباض السّلام، حتى، إذا فارقنا هذه الفانية نتمتّع معك بمشاهدة الرّاعي الأزلي في الفردوس السّماوي آميــــن. |
||||
29 - 08 - 2014, 02:59 PM | رقم المشاركة : ( 5634 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
أبينا المعظّم القديس مارون
9 شباط تذكار أبينا المعظّم القديس مارون اشرقت أنواره على جبال قورش شمال سورية، فهدَت النفوس إلى الحق، يوم كانت البدع تعبث فساداً في تلكَ الأنحاء. أبو الطائفة المارونية ورافع لواء إيمانها وأمجادها مدى الأجيال.إن العلاّمة المؤرخ الشهير تيودوريطوس أسقف قورش في كتابه "تاريخ الرهبان والنساك" يأتي على أعمال المتنسّكين العظام وفي طليعتهم "مارون الإلهي" كما يسمّيه. "لقد زيّنَ مارون، يقول المؤرّخ، طغمة القديسين المتوشّحين باللهومارس ضروب التقشّفات والاماتات تحت جو السماء دون سقف سوى خيمة صغيرة لم يكن يستظلّها إلاّ نادراً. "وكان هناك هيكل وثنيّ قديم، فكرّسه مارون، كما يقول تيودوريطسن وخصّصة بعبادة الإله الواحد، يحيي الليالي يذكر الله واطالة الركوع والسجود والتأملات في الكمالات الإلهية، ثم ينصرف إلى الوعظ وارشاد الزائرين وتعزية المصابين."كل هذا لم يكتَفِ به مارون، يضيف المؤرّخ، بل كان يزيد عليه ما ابتكرته حكمته جمعاً لغنى الحكمة الكاملة، لأن المجاهد يوازن بين النعمة والأعمال فيكون جزاء المحارب على قياس عمله. وبما أنّ الله غني كثير الاحسان إلى قديسيه، منحه موهبة الشفاء فذاع صيته في الآفاق كلها فتقاطر إليه الناس من كل جانب. وكان جميعهم قد علموا أن ما اشتهر عنه من الفضائل والعجائب هو صحيح وبالحقيقة كانت الحمى قد خمدت من ندى بركته والابالسة قد أخذوا في الهرب والمرضى كلّهم بَرئوا بدواء واحد هو صلاة القديس، لأن الأطبّاء جعلوا لكلّ داء دواء، غير أن صلاة الأولياء هي دواء شاف من جميع الأمراض". ولم يقتصر القديس مارون على شفاء أمراض الجسد بل كان يبرئ أيضاً أمراض النفس. ويختم الأسقف الكبير بقوله:"والحاصل أن ألقديس مارون أنمى بالتهذيب جملة نباتات للحكمة السماوية وغرس لله في هذا البستان فازدهر في كل نواحي القورشية". اعتزل مارون الناسك الشهرة واختلى على قمة جبل، فشهرته أعماله التقوية وانتشر عرف قداسته.والقديس يوحنا فم الذهب ذكره في منفاه وكتب إليه تلك الرسالة النفيسة تحت عدد 36، العابقة بما كان بين الرجلين من محبة روحية واحترم وأخوّة في المسيح قال: "إلى مارون الكاهن والناسك. إنَّ رباطات المودة والصداقة التي تشدّنا إليك، تمتلك نصب عينينا كأنك لدينا، لأنّ عيون المحبّة تخرق من طبعها الابعاد ولا يضعفها طولَ الزمان. وكنّا نودُّ أن نكاتبك بكثرة لولا بعد الشقَّة وندرة المسافرين إلى نواحيكم. والآن فإنّا نهدي إليك أطيب التحيّات ونحب أن تكون على يقين من أنّنا لا نفتر من ذكرك أينما كنّا، لما لكَ في ضميرنا من المنزلة الرفيعة. فلا تضنَّ أنت أيضاً علينا بأنباء سلامتك، فان اخبار صحّتكَ تولينا، على البعد أجل سرور وتعزية في غربتنا وعزلتنا فتطيب نفسنا كثيراً اذ نعلم انّك في عافية. وجلَّ ما نسألكَ أن تصلّي إلى الله من أجلنا". في مجموعة مين للآباء اليونان مجلد 72 عمود 63. وما إن انتشرت سمعة الكاهن مارون الناسك حتى تكاثر عدد الرهبان حوله فأقامهم اولا في مناسك وصوامع على الطريقة الانفرادية، بحسب عادة تلك الايام، ثم انشأ أدياراً وسنَّ لهم قانوناً وقام يرشدهم في طريق الكمال. وتعدّدَت تلك الأديار المارونية ولا سيما في شمال سورية، حتى أنّ تيودوريطس يغتبط بوجودها في أبرشيته.وكانت وفاة مار مارون سنة 410. مات القديس مارون متنسكاً عفيفاً ولكنه لم يمت حتى رأينا أبناءه الروحيين المشرَّفين باسمه، ينتشرون الوفا تحت كل كوكب. غير انّ المارونية تركز كيانها في لبنان وفيه بسقت دوحتها وامتدّت أغصانها إلى أنحاء الدنيا. وما زال أبناؤها، مغتربين ومقيمين يستشفعون كل حين، أباهم القديس مارون صارخين إليه: باسمكَ دُعينا يا أبـانـا وعليكَ وطّدنا رجانـا كُنْ في الضيقات ملجانا واختم بالخيـر مسعانا |
||||
29 - 08 - 2014, 03:00 PM | رقم المشاركة : ( 5635 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
القديس مارون اب الطائفة المارونية ما لاح في آفاق بيعة الله كوكبٌ اشرف من مار مارون قدوة النساك الجزيل الشرف من فاقَ بالبر جمع الابرار السلف والخلف فأضحى منظراً لسكان السما ومعهم ائتلف بدا كالكوكب منذ بزوغه بين الابكار بل غدا علما لأهل الفضيلة حزب الابرار برغت في الشرق شمس كماله تنير الأبصار ضمن البيعة التي تجاهد ضد الاشرار واغتذى بالفضل من سن الصبا في حال الرضاع واقتبل الروح من ماء العماد ترسا للدفاع وصان المواهب وبر عماده بحصن الاتضاع فأغنى بيعة بناها الفادي وزادها اندفاع ترعرع بالتقى والفضل والبر لبلوغ الكمال وحاز بالقداسة قبل ان يبلغ الى سن الرجال اخذا بالبحث عما يفيده من حسن الخلال عند مولاه العزيز القويّ الفريد الجلال فهداه الروح المهدي الملا الى سبل الامان فهجر العالم ولبس الاسكيم زي الرهبان انزوى منفرداً في جبل قورش وهناك استعان بالبتول التي عبدُها الراجي بالتقوى يُصان هيكل الشيطان هناك كرسه هيكلاً لله وهزم منه أرواح السؤ فأضحى للصلاه سكنه قليلاً يصارع ابليس الذي اضناه ثم غادره من غير مأوى ليُرضي مولاه فابتنى كوخاً صغيراً حقيراً يكابد فيه بَرداً وحراً حباً بربه كي يرضيه نابذاً عنه رونقَ الدنيا وما يُسليه آخذاً طريقاً ضيقاً مناسباً رضى باريه ولما تسامى علماً وعملاً بتلك الفضائل وظهرت حياته الملائكية بين القبائل وافى حماه من كل فج جمعٌ سائل يرجو رشداً ليستأصل من لُبّه الرذائل اليه تقاطرت جموع المؤمنين بايمان حميم عندما بلغهم أعمال برّه وطُهره العظيم فمنهم من أتى آخذاً عنه بضمير سليم منهجَ التقوى وأصحبهُ الى أخدار النعيم ومنهم من كان يطلب منه نور الإرشاد فكان يَحبوهُ وعظاً مفيداً مملؤاً سداد ومنهم من كان مُوعَباً قلبهُ شحاً وعناد فعاد منفرجاً من قِبَل نصحه الى يوم المعاد كم مشره أضحى قنوعاً عائشاً بسلام وكم من مُتوانٍ أمسى نشيطاً بالحب التام وكم من دنس جعله عفيفاً وللعفة إمام ناصحاً لمن كان سالكاً في الدجا وديجور الظلام كلًّ من أمَّه نبذ الرذائل بالقول والعمل ولم يَخِب احدٌ من طلابه فاقداً الأمل فكان يَرُدُهم الى طريق الهدى بالسرور والجذل ويُفرج القلب لذي بالنفاق والشرور اندمل لقد ضاهى الرسل في شفا المرضى وطرد الشياطين بحول صلاته وقوة يمانه بالرب المعين ظهّر الانفس من زؤان الكفر والفساد المشين ولسائليه أضحى غوثاً ومرشداً لليقين إشاعه برّه بلغت الى فم الذهب العظيم فأهدى اليه رسالةً ضمنها نار حب حميم يسأله الدعا عنه وأنه على الحب مقيم وإن كرسيّه خطفه جوراً ذوو الرأي السقيم وقد قضى نحبَهُ على هذا الحال السعيد حقاً وارتقى مالكاً راحةَ الابكار في سماء البقا ونال الاكليل المُهيّأ له أجراً مُحقا لما كابده من شديد العنا في أرض الشقا وجمع الاتقياء اغتنموا جسده كالكنز الفريد وابتنوا هيكلاً جميلاً على اسمه مقام التعييد في نواحي حماه شاطي العاصي كان التشييد واخذت تجري معونات الشفا منه وتفيد فيه اجتمعت من تلاميذه رسل أطهار واخذ السُكنى بديره السامي ثمانمائة بار يناضلون عن حق طبيعتي المسيح بتلك الأمصار ومشيئتيه خلافاً لقوم أبدوا الإنكار فابتدى إبليس يُهيّج ضدّهم المُبتدعين لأنهم كانوا بصدق الإيمان كالدرِّ الثمين وفضائلهم كان توضح برهم الامين ولم يهابوا الملوك ورؤساء البدع ألمنشقين فقام عليهم ساويرُ اللعين الباغي العنيد مناقضاً برّهم بسخط وغضب وحقد ووعيد وانتضى سيفه قاتلاً منه ثلاثمائة شهيد ثم الخمسين الذين نالوا الاكليل المجيد يا من قد سما الفضائل والفضل العال وارتقى صاعداً مراقي الطهارة فائزاً بالامال وقد ضاء كالشمس في افق السما بحسن الأعمال عندما اصطفاه المولى المُلي خادمه الكمال وعلا بفضله على أهل التُقى وذوي المفاخر ورأى التقوى لمن يحويها خيرَ المتاجر فصارَ منارةً ضاءت ما بين سبعِ المنائر في بيت الرب يجلو نورُها غشاء البصائر بمواهب الروح السبع اغتنى وأغنى العباد يوماً فيوماً بمواصلتِه الصلاة والجهاد يسهر ليله حارماً طرفه لذّة الرقاد ملازماً الصوم ليُعطي مثالاً لقمع الاجساد أنظر الى من أخذوا التلقيب باسمك عنوان واقتفوا إثرك ومعروفون بك في كل مكان شعبك وبنيك لا نُهملهم يا فخر لبنان بل زدهم بما هم به وفيه بحفظ الايمان |
||||
29 - 08 - 2014, 03:00 PM | رقم المشاركة : ( 5636 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
عيد القديس مار مارون اشرقت أنواره على جبال قورش شمال سورية، فهدَت النفوس إلى الحق، يوم كانت البدع تعبث فساداً في تلكَ الأنحاء. أبو الطائفة المارونية ورافع لواء إيمانها وأمجادها مدى الأجيال. إن العلاّمة المؤرخ الشهير تيودوريطوس أسقف قورش في كتابه "تاريخ الرهبان والنساك" يأتي على أعمال المتنسّكين العظام، وفي طليعتهم "مارون الإلهي" كما يسمّيه. "لقد زيّنَ مارون، يقول المؤرّخ، طغمة القديسين المتوشّحين بالله ومارس ضروب التقشّفات والاماتات تحت جو السماء، دون سقف سوى خيمة صغيرة لم يكن يستظلّها إلاّ نادراً. "وكان هناك هيكل وثنيّ قديم، فكرّسه مارون، كما يقول تيودوريطسن وخصّصة بعبادة الإله الواحد، يحيي الليالي يذكر الله واطالة الركوع والسجود والتأملات في الكمالات الإلهية، ثم ينصرف إلى الوعظ وارشاد الزائرين وتعزية المصابين. "كل هذا لم يكتَفِ به مارون، يضيف المؤرّخ، بل كان يزيد عليه ما ابتكرته حكمته جمعاً لغنى الحكمة الكاملة، لأن المجاهد يوازن بين النعمة والأعمال فيكون جزاء المحارب على قياس عمله. وبما أنّ الله غني كثير الاحسان إلى قديسيه، منحه موهبة الشفاء فذاع صيته في الآفاق كلها فتقاطر إليه الناس من كل جانب. وكان جميعهم قد علموا أن ما اشتهر عنه من الفضائل والعجائب هو صحيح وبالحقيقة كانت الحمى قد خمدت من ندى بركته والابالسة قد أخذوا في الهرب والمرضى كلّهم بَرئوا بدواء واحد هو صلاة القديس، لأن الأطبّاء جعلوا لكلّ داء دواء، غير أن صلاة الأولياء هي دواء شاف من جميع الأمراض". ولم يقتصر القديس مارون على شفاء أمراض الجسد بل كان يبرئ أيضاً أمراض النفس. ويختم الأسقف الكبير بقوله: "والحاصل أن ألقديس مارون أنمى بالتهذيب جملة نباتات للحكمة السماوية وغرس لله في هذا البستان فازدهر في كل نواحي القورشية". "إلى مارون الكاهن والناسك. إنَّ رباطات المودة والصداقة التي تشدّنا إليك، تمتلك نصب عينينا كأنك لدينا، لأنّ عيون المحبّة تخرق من طبعها الابعاد ولا يضعفها طولَ الزمان. وكنّا نودُّ أن نكاتبك بكثرة لولا بعد الشقَّة وندرة المسافرين إلى نواحيكم. والآن فإنّا نهدي إليك أطيب التحيّات ونحب أن تكون على يقين من أنّنا لا نفتر من ذكرك أينما كنّا، لما لكَ في ضميرنا من المنزلة الرفيعة. فلا تضنَّ أنت أيضاً علينا بأنباء سلامتك، فان اخبار صحّتكَ تولينا، على البعد أجل سرور وتعزية في غربتنا وعزلتنا فتطيب نفسنا كثيراً، اذ نعلم انّك في عافية. وجلَّ ما نسألكَ أن تصلّي إلى الله من أجلنا". (في مجموعة مين للآباء اليونان مجلد 72 عمود 63) ما انتشرت سمعة الكاهن مارون الناسك حتى تكاثر عدد الرهبان حوله فأقامهم اولا في مناسك وصوامع على الطريقة الانفرادية، بحسب عادة تلك الايام، ثم انشأ أدياراً وسنَّ لهم قانوناً وقام يرشدهم في طريق الكمال. وتعدّدَت تلك الأديار المارونية ولا سيما في شمال سورية، حتى أنّ تيودوريطس يغتبط بوجودها في أبرشيته. وكانت وفاة مار مارون سنة 410. مات القديس مارون متنسكاً عفيفاً، ولكنه لم يمت حتى رأينا أبناءه الروحيين المشرَّفين باسمه، ينتشرون الوفا تحت كل كوكب. غير انّ المارونية تركز كيانها في لبنان وفيه بسقت دوحتها وامتدّت أغصانها إلى أنحاء الدنيا. وما زال أبناؤها، مغتربين ومقيمين، يستشفعون كل حين، أباهم القديس مارون، صارخين إليه: باسمكَ دُعينا يا أبـانـا وعليكَ وطّدنا رجانـا كُنْ في الضيقات ملجانا واختم بالخيـر مسعانا. |
||||
29 - 08 - 2014, 03:02 PM | رقم المشاركة : ( 5637 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الحب
تعتبر كلمة الحب، من أعظم الكلمات التي تسمعها الأذن، ويشعر بها القلب. ويرجع ذلك إلى التركيب النفسي والعاطفي الذي خلقه الـله في الإنسان، فكل إنسان بحاجة لأن يكون محبوباً وبنفس الصورة هو بحاجة أن يحب. وحينما يشعر الإنسان أنه محبوب فإنه يشعر بالقيمة الذاتية، والأهمية الشخصية، والقبول من الآخر، وجميعها قيم داخلية يحتاج كل إنسان أن يشعر بها. ودائماً ما يبحث الإنسان عن الحب وسط أهله وأصدقائه و أقاربه وزملائه. ومن المعروف أنه كلما حصل الطفل الصغير على مزيداً من الحب - بطريقة سليمة خالية من التدليل الزائد - داخل نطاق الأسرة فإنه يكون أكثر اتزاناً في حياته التالية، فسيكولوجية الإنسان تقول أن أكثر الناس بحثاً عن الحب هم من لم يحصلوا عليه. وقد يتسبب هذا في الكثير من المشكلات النفسية والعاطفية التي تؤدي إلى القلق والتوتر، والسعي الخاطئ نحو ما يظنه الشخص حباً، ومحاولة جذب الانتباه التي تصل في بعض الحالات الخطيرة إلى محاولة الانتحار. ولذا فإنه من المهم جداً أن يشعر الشاب داخل أسرته وكنيسته بالحب من الجميع، وأن لا يكون هذا الحب مكافأة على السلوك الطيب للشاب، فالشاب يحتاج أن يكون محبوباً في أوقات الضعف والسقوط أكثر من أوقات القوة والانتصار. ومن الجميل أن تشعر أنه يوجد من يحبك في كل ظروف حياتك ومهما كانت حالتك الروحية أو النفسية أو الاقتصادية، ســواء كنت قائماً أو ساقطاً فالرب يحبك ويريد أن يشددك و يقيمك. يريد أن يقدم لك جميع حاجاتك الجسدية والنفسية والفكرية والروحية ، وفي محبته لك لن تشعر بأنك محروماً من الحب. لقد أعطانا السيد المسيح هذه المحبة كما يقول الرسول بولس في رسالته إلى رومية: " لان المسيح إذ كنا بعد ضعفاء مات في الوقت المعيّن لأجل الفجار. فانه بالجهد يموت أحد لأجل بار. ربما لأجل الصالح يجسر أحد أيضاً أن يموت. ولكن الله بيّن محبته لنا لأنه ونحن بعد خطاة مات المسيح لأجلنا. فبالأولى كثيرا ونحن متبرّرون الآن بدمه نخلص به من الغضب. لأنه إن كنا ونحن أعداء قد صولحنا مع الله بموت ابنه فبالأولى كثيرا ونحن مصالحون نخلص بحياته." (رومية 5 : 6-10). ويقول القديس يوحنا: " لأنه هكذا أحب الـله حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية (يوحنا 3 : 16) ، "لأنه ليس لأحد حب أعظم من هذا أن يضع أحد نفسه لأجل أحبائه" (يو 15 : 13). ثق أيها الشاب أن الله يخاطبك في كل لحظة كما خاطب دانيال النبي في القديم قائلاً ً: "لأنك أنت محبوب" (دانيال 9 : 23). و الآن وقد علمت أنك محبوب جداً من الله فإنك تستطيع أن تقدم بعضاً من هذا الحب للمحيطين بك كما يخبرنا القديس يوحنا: "أيها الأحباء لنحب بعضنا بعضا لان المحبة هي من الله وكل من يحب فقد ولد من الله ويعرف الله" (1 يو 4 : 7). وهذه هي حاجتك الثانية في هذا الموضوع، أن تحب. فحينما تحب تشعر أكثر بأنك شخصاً ناضجاً قادراً على العطاء. ولكن ولكي يكون كلامنا محدداً وواضحاً ينبغي أن نعلم ما هو الحب؟ توجد باللغة اليونانية ثلاث كلمات مختلفة تدل على كلمة الحب التي نقوم باستعمالها، وتمثل ثلاث مستويات: 1. حب على المستوى الجسدي ، وهو ما يعرف بالحب الاستهلاكي أي محاولة إشباع الجسد على حساب الآخر، وهو ما يعرف بالشهوة الجسدية الشديدة ويسمى باليونانية erwv " إيروس" ومنه أخذت الكلمة الإنجليزية Erotic التي تعني شخصاً شهوانياً. ولم ترد هذه الكلمة مطلقاً في العهد الجديد رغم شيوع استخدامها بين اليونان في وقت كتابته. فلم يهتم الكتاب بها ، ولم يحسب لها حساباً، فهي ابعد ما تكـــون عن الحب الذي يطالبنا الله به ، أو الحب الذي نرضى به لأنفسنا أو لمحبوبنا. 2. حب على مستوى المشاعر والأحاسيس، ويشمل أحاسيس الصداقة النبيلة، والعطف والترحيب المتبادل ويسمى باليونانية filew "فيليو" ، وهو أرقى كثيراً من النوع السابق. 3. حب الأغابي agaph وهو أعمق أنواع الحب وأعلاها وأكملها، ويرتبط بالإرادة والاتجاه والثبات فهو لا يتغير بتغير الظروف المحيطة، هو حب لا ينتظر المقابل، هو حب الله لكنيسته، حب الله لك ولكل واحد، هو الحب المطلوب بين الزوج وزوجته ، بين الآباء وأولادهم، بيننا وبين إلهنا. الحب الباذل هو أن أعطي نفسي بالكلية للآخر دون انتظار المقابل عن هذا الحب، الحب الحقيقي هو ما تحدث الرسول بولس عنه في رسالة كورنثوس: " المحبة تتأنى وترفق.المحبة لا تحسد.المحبة لا تتفاخر ولا تنتفخ ولا تقبح ولا تطلب ما لنفسها ولا تحتد ولا تظن السوء ولا تفرح بالإثم بل تفرح بالحق وتحتمل كل شيء وتصدق كل شيء وترجو كل شيء وتصبر على كل شيء.المحبة لا تسقط أبدا". (1كو 13: 4-8) والآن هل اكتشفت بنفسك أن الحب الذي نراه على شاشات التليفزيون أو السينما في أغلب الأحوال ليس حباً حقيقياً، وأن كل حب لا يهتم بالآخر ولا يهدف إلى مصلحة الآخر، ولا يراعي شعور الآخر أو سمعة الآخر أو نجاح الآخر هو في الحقيقة ليس حباً. ونعود لنجيب عن السؤال: كيف اقدم الحب للآخرين؟ وللإجابة على هذا السؤال أقول لك أنه ينبغي أن تكون فالانتينو Valentine (وهو الاسم الذي يطلقه البعض دون وعي على المحبين). ولكن، هل تعرف من هو فالانتينو الذي تسمع عنه كثيراً، ويتردد اسمه مرتبطاً بالحب وعيد الحب؟ فالانتينو هو الأسقف فالانتين Bishop Valentine (ويوجد قديس آخر من الأتقياء يدعى بنفس الاسم وينسب إليه البعض العيد أيضاً) من أساقفة الأرثوذكسية الكبار وقد استشهد من أجل الإيمان بالمسيح في عهد الإمبراطور كلوديوس الثاني يوم 14 فبراير سنة 270 ميلادية. وقد اشتهر هذا الأسقف بمحبته لجميع الناس، كما اشتهر بما قدمه من أعمال الشفقة والرحمة حتى أصبح رمزاً نابضاً للحب ، في حبه لإلهه الذي استشهد من أجل الإيمان به، وفي حبه لشعبه وأخوته بما قدم من أجلهم . وحينما أراد جيلاسيس Gelasius بابا روما سنة 496م أن يصنع عيداً للحب وجد أن هذا الأسقف يمثل الحب المسيحي الصادق فحدد يوم استشهاده ليكون عيدا للحب. وما زال معمولاً بهذا العيد حتى الآن، ولكنه تحول كثيراً عن الهدف المرجو منه ، وأصبح اسم فالانتينو - للأسف - مرتبطاً كثيراً بالمعنى الاستهلاكي للحب. والآن هل نتعرف معاً على بعض المجالات التي نستطيع من خلالها أن نقدم الحب للآخرين متمثلين بذلك الشهيد الذي شهد بحياته من أجل محبته في الملك المسيح. 1. كن فالانتين، وقدم حبك في خدمة إلهك الذي مات من أجلك على عود الصليب وقام من أجلك. وفي هذا لا تحسب حساب للنفقة ، ولا تنتظر مقابل لحبك. ولكن لا تخف فهو يعطيك مائة ضعف في هذا الدهر ، وفي الدهر الآتي الحياة الأبدية (مرقس 10 : 30). 2. كن فالانتين، وقدم حبك لكنيستك بكل عقائدها وطقوسها وخدماتها و آبائها وشعبها. احرص على خدمتها دون انتظار مقابل لهذا الحب. 3. كن فالانتين، وقدم حبك لأسرتك ، الكبير والصغير، قدم الحب لكل من هو بحاجة إليه، احرص على عمل كل ما يفرح قلوبهم دون انتظار مقابل لهذا الحب. 4. كن فالانتين، وقدم حبك لمجتمعك الذي تعيش فيه ، احرص على دراستك ، تفوق ، كن عضوا صالحاً في مجتمعك، قدم الحب للجميع حتى الذين يسيئون إليك، ولا تنتظر شيئاً في مقابـل هذا الحب. 5. كن فالانتين، وقدم حبك لكل محتاج للحب ، حباً نقياً صادقاً يصل بك ومن تحب إلى قلب الله الذي أحب الجميع ، قدم حبك في خدمة المحتاجين ، المعوزين، المرضى. قدم حبك للحزانى والمتألمين والمتضايقين. ولا تنتظر شيئاً في مقابل هذا الحب. ويبقى العديد من المجالات التي يستطيع الإنسان أن يقدم الحب من خلالها ، ولعل أحد أهم هذه المجالات هو تقديم الحب للزوجة أو الزوج من خلال سر الزواج المسيحي المقدس وذلك في الوقت المناسب الذي يحدده الله لك و لا يغيب عن أذهاننا في هذا العيد مد يد العون و المساعدة للفقراء و المعوزين و المساكين المشردين أولئك الغير قادرين على رد الاحسانات المقدمة لهم حسب ما علمنا السيد المسيح له كل المجد :علينا أن لا ننتظر مقابلاً لما نعطيه أو نفعله حاسبين أنفسنا عبيداً بطالبين نفعل ما أُمرنا به فحسب . و لإلهنا المجد الدائم أبد الدهور أمين |
||||
29 - 08 - 2014, 03:03 PM | رقم المشاركة : ( 5638 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
قصة عيد فالينتين - القديس فالانتين
يعتبر عيد الحب (فالنتاين) من أعياد الرومان الوثنيين، إذ كانت الوثنية سائدة عند الرومان قبل ما يزيد على سبعة عشر قرنا. وهو تعبير في المفهوم الوثني الروماني عن الحب الإلهي. ولهذا العيد الوثني أساطير استمرت عند الرومان، وعند ورثتهم من النصارى. جاء في الموسوعات عن هذا اليوم أن الرومان كانوا يحتفلون بعيد يدعى (لوبركيليا) في 15 فبراير من كل عام، وفيه عادات وطقوس وثنية؛ حيث كانوا يقدمون القرابين لآلهتهم المزعومة، كي تحمي مراعيهم من الذئاب، وكان هذا اليوم يوافق عندهم عطلة الربيع؛ حيث كان حسابهم للشهور يختلف عن الحساب الموجود حالياً، ولكن حدث ما غير هذا اليوم ليصبح عندهم 14 فبراير في روما في القرن الثالث الميلادي. وفي تلك الآونة كان الدين النصراني في بداية نشأته، حينها كان يحكم الإمبراطورية الرومانية الإمبراطور كلايديس الثاني، الذي حرم الزواج على الجنود حتى لا يشغلهم عن خوض الحروب، لكن القديس (فالنتاين) تصدى لهذا الحكم، وكان يتم عقود الزواج سراً، ولكن سرعان ما افتضح أمره وحكم عليه بالإعدام، وفي سجنه وقع في حب ابنة السجان ، وكان هذا سراً حيث يحرم على القساوسة والرهبان في شريعة النصارى الزواج وتكوين العلاقات العاطفية، وإنما شفع له لدى النصارى ثباته على النصرانية حيث عرض عليه الإمبراطور أن يعفو عنه على أن يترك النصرانية ليعبد آلهة الرومان ويكون لديه من المقربين ويجعله صهراً له، إلا أن (فالنتاين) رفض هذا العرض وآثر النصرانية فنفذ فيه حكم الإعدام يوم 14 فبراير عام 270 ميلادي ليلة 15 فبراير عيد (لوبركيليا) ، ومن يومها أطلق عليه لقب "قديس". وبعد سنين عندما انتشرت النصرانية في أوربا وأصبح لها السيادة تغيرت عطلة الربيع، وأصبح العيد في 14 فبراير اسمه عيد القديس (فالنتاين) إحياء لذكراه لأنه فدى النصرانية بروحه وقام برعاية المحبين، وأصبح من طقوس ذلك اليوم تبادل الورود الحمراء وبطاقات بها صور (كيوبيد) الممثل بطفل له جناحان يحمل قوساً ونشاباً، وهو إله الحب لدى الرومان كانوا يعبدونه من دون الله!!وقد جاءت روايات مختلفة عن هذا اليوم وذاك الرجل، ولكنها كلها تدور حول هذه المعاني. |
||||
30 - 08 - 2014, 02:25 PM | رقم المشاركة : ( 5639 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
ما هو الإيمان
للأب ليف جيلليه[1] سوف أتحدث معكم عن الإيمان. أنه موضوع من الصعب معالجته، أقصد من أية زاوية سوف نتحدث عنه إذ أنه من الممكن اعتبار المسائل الإيمانية مجرد مسائل عقائدية، أو سيكولوجية أو اجتماعية أو حتى قانونية. إذن هناك طرق لمناقشة موضوع مثل هذا. أنا أفضل الحديث عن الإيمان الذي يخبرنا الرب عنه في الكتاب المقدس. أفضل دائمًا كما تعودت، أن استمع إلى صوت الرب عن الاستماع إلى أي صوت بشري. إذن سوف أتوجه إلى كلمة الله لترشدنا عن طبيعة الإيمان. فكلمة الرب محيط كبير، لجة متسعة. يا ترى في أي جزء من الكتاب المقدس سنجد ما نبحث عنه؟ ففي العهد القديم نجد كلامًا رائعًا عن إيمان إبراهيم أب الآباء. لعلنا نستطيع أن نقول، إنه من وجهة النظر المسيحية، أن كل إيمان حي يجب أن يتمثل بالإيمان البسيط الذي كان لإبراهيم. فقد ترك كل شيء بناء على دعوة سماوية، بأمر إلهي متنازلاً عن كل شيء فخرج وهو لا يعرف إلى أين يمضي. لكنني أفضل البحث عن الإيمان بين صفحات العهد الجديد، فهناك رسائل بولس الرسول وبالأخص رسالته إلى أهل رومية موضوعها الرئيسي "الإيمان وسلام الإيمان". وان كنت لا زلت أفضل أن استقي كلمات الإيمان من فم الرب يسوع نفسه فإليه أتوجه بالسؤال "ما هو الإيمان؟" توجد في الإنجيل فقرة توضح لنا فكر الرب يسوع. "الحق أقول لكم، لم أجد ولا في إسرائيل إيمانًا بمقدار هذا". نحن إذن أمام شهادة من فم السيد نفسه. هنا قمة الإيمان، إيمان يشهد له يسوع نفسه "لم أجد إيمانًا بمقدار هذا" وحول هذه الفقرة من الإنجيل سوف يدور حديثي معكم يا أحبائي. سوف أقرأ معكم أولاً نص القديس متى البشير فصل 8 أعداد 5ـ13. {ولما دخل يسوع كفر ناحوم جاء إليه قائد مئة يطلب إليه ويقول يا سيد غلامي مطروح في البيت مفلوجًا متعذبًا جدًا. فقال له يسوع أنا آتي وأشفيه. فأجاب قائد المئة وقال يا سيد لست مستحقًا أن تدخل تحت سقفي، لكن قل كلمة فقط فيبرًا غلامي، لأني أنا أيضًا إنسان تحت سلطان لي جند تحت يدي أقول لهذا أذهب فيذهب ولآخر إئتِ فيأتي ولعبدي إفعل هذا فيفعل. فلما سمع يسوع تعجب. وقال للذين يتبعون. الحق أقول لكم لم أجد ولا في إسرائيل إيمانًا بمقدار هذا. وأقول لكم إن كثيرين سيأتون من المشارق والمغارب ويتكئون مع إبراهيم واسحق ويعقوب في ملكوت السموات. وأما بنو الملكوت فيطرحون إلى الظلمة الخارجية. هناك يكون البكاء وصرير الأسنان. ثم قال يسوع لقائد المئة أذهب وكما آمنت ليكن لك. فبرأ غلامه في تلك الساعة}. هذا النص يجب أن يوضع في مقابلة نص آخر لكي نتبين حقيقة ما يقصده الرب يسوع بالإيمان وعدم الإيمان. وهذا النص الآخر من إنجيل مرقس ص1:6ـ6. {وخرج من هناك وجاء إلى وطنه وتبعه تلاميذه. ولما كان السبت أبتدأ يعلم في المجمع. وكثيرون إذ سمعوا بهتوا قائلين من أين لهذا هذه. وما هذه الحكمة التي أعطيت له حتى تجري على يديه قوات مثل هذه. أليس هذا هو النجار ابن مريم وأخوته يعقوب ويوسف ويهوذا وسمعان أو ليست أخواته ههنا عندنا. فكانوا يعثرون به. فقال لهم يسوع ليس نبي بلا كرامة إلا في وطنه وبين أقربائه وفي بيته. ولم يقدر أن يصنع هناك ولا قوة واحدة غير أنه وضع يديه على مرضى قليلين فشفاهم. وتعجب من عدم إيمانهم وصار يطوف القرى المحيطة يعلّم}. في هذين النصين يخبرنا الإنجيل أن الرب يسوع تعجب من أمر ما: فمن ناحية تعجب يسوع من قائد المئة الروماني "فلما سمع يسوع تعجب ... الحق أقول لكم لم أجد ولا في إسرائيل إيمانًا بمقدار هذا". ومن ناحية أخرى تعجب أمام جحود أهل الناصرة "ولم يقدر أن يصنع هناك ولا قوة واحدة... وتعجب من عدم إيمانهم". يخيل إلينا أننا أمام معضلة، فمن ناحية ها هو ضابط روماني غير يهودي (هو أممي أي وثني) أي أنه لم يكن من شعب الله المختار. ومن ناحية أخرى نجد أهل الناصرة الذين يمكن أن نسميهم متديني عصرهم، فقد كان لديهم الشريعة ـ الأنبياء ـ الطقوس ـ الهيكل ـ التراث ـ التعليم، أي كل السبل التي كان يمكن أن تكفل لهم وجود سلام بينهم وبين الله. ورغم ذلك فقد تعجب يسوع من عدم إيمانهم. وله الحق في ذلك: لنتأمل الحالتين: أولاً ـ أهل الناصرة: ما الذي كان ينقصهم؟. فإذا اكتشفنا ما كان ينقصهم أمكننا على الفور أن نتبين أسباب قلة الإيمان. فمثال أهل الناصرة يكشف لنا أن الإيمان ليس هو مجرد ممارسات ولا هو اقتناع عقلي محض، ولا أنماط فكرية معينة، ولا هو إتمام فرائض بعينها. فهؤلاء القوم كانوا متدينين، لقد حضروا إلى المجمع لأنه كان يوم سبت. أي أنهم شاركوا في الطقوس وحصلوا على التعليم الأسبوعي. وفي ذلك السبت قُرئت الشريعة وبعض نصوص الأنبياء. كان لديهم عقيدة صحيحة بحسب اليهودية ولكن لم يكن لديهم الإيمان. الإيمان لا يعني الإيمان العقلي فأهل الناصرة كانوا ينتمون إلى المجمع وإلى الهيكل كما ننتمي نحن إلى الكنيسة الأرثوذكسية، ومع ذلك فقد يحدث أن الكثيرين منا نحن أيضًا لا يكون لدينا إيمان! ثانيًا ـ إذن ما هو الإيمان؟ لنرجع إلى قائد المئة فقد كان هناك ما كان ينقص أهل الناصرة الذين كان لديهم كل شيء ما عدا الأساس، ما عدا ما يعطي الإيمان معناه الحقيقي. وطبعًا لن يكون باستطاعتنا مطالبة أهل الناصرة أن يؤمنوا بأسلوب الإيمان في عصرنا: أسلوب المؤتمرات والندوات التي تبحث طبيعة الله المتجسد ونقتلها بحثًا ودراسة! فأهل الناصرة لم يؤمنوا أي لم يفتحوا قلوبهم. وبالطبع فإن قائد المئة كان يعجز عن التحدث عن الفداء وعن الله المتجسد، وربما كان قد سمع عن المسيح اليهودي رغم أن يسوع لم يكن قد اُستعلن كمسيا. إذن يا أحبائي سوف أعرّف الإيمان بهذا المفهوم الذي شرحته: انفتاح القلب. كيف ينفتح القلب على شخص لا نراه بالعين المجردة، ولكن إذا مثلنا بين يديه، وإذا ركعنا عند أقدامه نشعر بعظمة مطلقة تجعلنا نتأكد فعلاً أنه يستحق أن يسود على حياتنا حتى يصبح مالكًا لها، فنستسلم بهدوء وإطمئنان بين يديه. هذا هو الإيمان. هذا الإيمان ليس بممارسة دينية، بل هو ثقة، هو دفعة قلب. أعمدة الإيمان: فلنقترب من هذا الإيمان ونتفحصه عن قرب، فهو بناء قائم على عدة أعمدة. فلنتأمل قليلاً في تلك الأعمدة: نرجع إلى المثال الذي اخترناه وهو قائد المئة، نجد أن انفتاح القلب مؤسس أولاً على عمود هام ألا وهو: المسكنة والاتضاع: "يا سيد لست مستحقًا أن تدخل تحت سقفي". هذا إعلان بعدم الاستحقاق. إذن لا يوجد إيمان صحيح بدون اتضاع ومسكنة. فالذي يؤمن بيسوع لا يشترط أن يكون مدركًا لكل أبعاد حب يسوع الواسعة، ولكنه يحس بالفعل أن الذي يؤمن به هو بطريقة ما أعظم منه كثيرًا جدًا. وعنده ما ينقصه هو فلا يسعه إلا أن ينحني ويجثو ويشعر أنه مسكين وصغير. إذن فكل إيمان ليست له جذور المسكنة والاتضاع والتصاغر عند قبولنا للرب (يا سيد لست أهلاً)، فلن يكون سوى إدّعاء. هذا هو حجر الزاوية في كل إيمان حقيقي. العمود الثاني الذي يستند عليه الإيمان: هو الذي يجعل الإيمان ممارسة حقه، يجعله قوة دافعة، ويكون العقل له دخل جزئي فيها، أقول العقل وليس النظريات. الإيمان ليس هو صرخة في الظلام، ليس صرخة لا ندري إلى من نوجهها. إيمان قائد المئة ربما يكون غير واضح حسب الظاهر، لأن معرفته بيسوع تكاد تكون سطحية. ولكن إيمانه في جوهره سليم ودقيق لأنه اشتمل على ممارسة واضحة وعملية: إيمان بأن يسوع لديه إمكانية شفاء غلامه. فالإيمان بالرب لا يعني فقط انفتاح القلب، بل ممارسة لها ثمارها في حياتنا وأعمالنا وفي قراراتنا. فأن أؤمن بيسوع فهذا أمر عظيم، ولكن لابد أن استثمر هذا الإيمان فأطبقه في مواقف واضحة وملموسة لأجل بنائي الروحي، هنا فقط يتحول الإيمان إلى حدث إيجابي وإلا أصبح إيمانًا مبهمًا. الإيمان ليس حدث عاطفي قد يشمل الأحاسيس، بل قوة دافعة تُدخِل الإرادة تحت طاعة يسوع لأنه ليس هناك أعظم من دخول يسوع في حياتنا وأعمالنا اليومية. ومن ناحية أخرى هناك اعتراف بقدرة الشخص الذي نؤمن به، فقاد المئة ينتظر من يسوع ما هو فوق طبيعة البشر، إذ ليس في قدرة البشر أن يشفوا إنسانًا بكلمة. يسوع شخص رائع حقًا، فريد في عظمته، تكفي كلمة واحدة من فمه الطاهر أن تتمم الشفاء. الآن نصل للعمود الثالث الذي يرتكز عليه الإيمان وهو الطاعة: لنراجع قصة قائد المئة مرة أخرى ونحدد فكر قائد المئة في عمله اليومي: إنه ضابط، يأمر من هو تحت يده، وهو أيضًا ينفذ ما يصدر إليه من أوامر. لأجل ذلك فهو لا يرى ضرورة لمجيء الرب يسوع إلى بيته "لست مستحقًا أن تدخل تحت سقفي". "ولكن كلمة واحدة منك تكفي ، ولأن الأمر صادر منك أنت، فسوف يتم كل شيء. لا داعي أن تأتي بنفسك ـ قل كلمتك وكفى". هنا نجد أنفسنا أمام المعنى العبري لكلمة "إيمان". وهي كلمة مشتقة من نفس أصل كلمة "آمين". ما الذي تعنيه كلمة آمين؟ للأسف فان هذه الكلمة فقدت معناها وحيويتها. صارت كليشيه معناه "ليكن هذا"، صارت كلمة مجردة لا معنى لها ولا تدخلنا إلى الأعماق وليست صلبة ثابتة كالصخرة، بعكس المعنى العبراني الذي يعني: هذا متفق عليه وثابت وليس محل نقاش. كلمة آمين = نعم، أو هو كذلك بالفعل ولا يمكن أن يكون أي شيء آخر. إذن كلمة "إيمان" تعني طاعة لما هو غير قابل للنقاش، تنازل إرادي لما هو ثابت ومتفق عليه، لما هو غير قابل للتغيّر. لنتأمل عن قرب ما الذي يعنيه إيمان الطاعة. سبق أن أشرت أن الإيمان ليس صرخة في الظلام لسنا ندري إلى من نوجهها. إنه قوة دافعة نحو شخص لن نعرفه المعرفة الكاملة ونحن على الأرض ورغم ذلك نثق فيه، شخص يتعدانا ويفوقنا كما يتعدى اللانهائي النهاية نفسها ويفوقها. والآن نصل إلى العمود الرابع للإيمان وهو: حضور الله: ففي الإيمان يوجد حضور وعدم حضور: بمعنى أنه عندما يكون هناك إيمان فهذا معناه أن هناك شيء ما ناقص من ناحية المعرفة. وعلى كل فإن كل فعل إيمان يلقينا في البحر الواسع، ولكن بثقة تامة من ناحيتنا، نثق أننا لن نغرق بل سوف نصل إلى الهدف والملجأ، السلام في المخلص. بين صفحات الإنجيل، نجد صيغ مختلفة حينما تكون هناك مواقف إيمان. فمثلاً عندما أقول: "أؤمن بالله" ـ فهذا معناه أن الله لا يخطئ وبالتالي فهو لن يخدعني، وعندما يتكلم أثق في كلامه حتى لو تكلم عن الأمور التي لا أستطيع أن أتحقق منها. عبارة "أؤمن بالله" تعني توجيه أشمل وأعم: هو ارتباط كياننا ـ وإرادتنا ـ وفكرنا بالكلمة الأزلي، والإعلان الإلهي، ولا يوجد إيمان خارج ذلك الارتباط. وباختصار فإن ما نتعلمه من قصة قائد المئة هو: "فقط قل كلمة" فقائد المئة يعلق حياته كلها على كلمة من كلمات يسوع (قل فقط كلمة ـ لا أطالبك بالمجيئ إلى بيتي ـ عندي ثقة تامة وكاملة بك. أثق ان كلمتك سوف تشفي غلامي ... فقط قل كلمتك هذه). هذا هو الإيمان الصحيح. إذًا استطعنا أن نجعل حياتنا متوقفة على كلمات المخلص، فإننا سوف نحيا الإيمان الأعمق. لو كانت لنا الثقة خلال حياة الإيمان الطويلة، بأن الحل إنما يأتي من هذه الكلمة البسيطة، لأصبح لدينا ذخيرة إيمانية كالتي يصفها يسوع: "بأنه لم يجد مثلها". يسوع الذي تعجب من عدم إيمان أهل الناصرة يمر وسطنا اليوم وينظر إلى كل واحد منا بنظرة تغوص إلى أعماق كياننا. ما الذي يراه فينا. هل يرى إيمان مماثل لإيمان قائد المئة أم عدم إيمان مشابهًا لأهل الناصرة. ما الذي يا ترى يمكن يتعجب منه: من إيماننا أو من عدم إيماننا؟! |
||||
30 - 08 - 2014, 02:28 PM | رقم المشاركة : ( 5640 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
أهمية الإيمان حتى في الأمور الزمنية بين غير المؤمنين ليس وحدنا نحن الذين نحمل اسم المسيح نعرف كرامة الإيمان العظيمة أن كل ما يجري في العالم – حتى ما يتم على أيدي الغرباء عن الكنيسة[1]- يحدث بإيمان[2]. فبالإيمان تُربط شرائع الزوجية بين أطراف غرباء معًا، فيصير الغريب شريكًا لغريب عنه من جهة شخصه وممتلكاته… بالإيمان تقوم الزراعة أيضًا، فمن لا يؤمن أنه ينال محصولاً لا يتحمل المشاق. بالإيمان يثق البحارة في قطعة خشب رقيقة ويستبدلون الأرض الصلبة جدًا بأمواج لا تهدأ، معتمدين على آمال غير أكيدة، حاملين معهم إيمانًا أقوى من كل مرساة. إذن بالإيمان تتم أغلب شؤون البشر فيما بينهم، ليس بيننا نحن وحدنا بل كما أقول حتى بالنسبة للذين هم من خارج… فإن كانوا لا يقبلون الأسفار المقدسة، لكنهم تعلموا هذا من ذواتهم وقبلوها بإيمان… أظهر الرسول بولس عظمة الشرف الذي يهبه لك الله بانتقالك من نظام الموعوظين إلى جماعة المؤمنين، مؤكدًا “أمين هو الله الذي به دُعيتم إلى شركة ابنه يسوع المسيح” (1 كو 1: 9). فإذ يُدعى “أمينًا Faithful”، هكذا أنت أيضًا تُدعى بنفس اللقب (أمينًا أو مؤمنًا faithful)، فتتقبل كرامة عظيمة. |
||||