![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 55851 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() القدّيسة مريم المصرية آية من بيِّنات محبّة الله ودرّة من خزائن حكمته ورطَبٌ إلهي في براري الخطأة اليابسة. طالما هناك مصريةٌ مريمُ عند ربّها تقدّست فخلاصه منا ولا أدنى ولو تسربلت نفوسنا بالأوحال جملة ورتعت فيها طويلاً. “ليست خطيئة بلا مغفرة”، مع الإضافة، طبعاً، “إلاّ التي بلا توبة”. هذا ما قال به إسحق السوري القدّيس. مريم المصرية كانت زانية، عاشقةَ زنىً. غادرت ذويها في الثانية عشرة. ولعت بالزنى سبعة عشر عاماً. توّبتها والدة الإله في أورشليم، في عيد رفع الصليب المحيي. سلكت في نسك ولا أشدّ ثمانية وأربعين عاماً. بلغت قامة روحية سامية. رقدت بسلام في الرب في الأول من نيسان من السنة خمسمائة واثنتين وعشرين، فيما يُظن. التقاها وعرف خبرها شيخ روحاني اسمه زوسيما. كتبها القدّيس صفرونيوس الأورشليمي. وقد وُجدت سيرتها في القانون الكبير للقدّيس أندراوس الكريتي. أغلب الظنّ أنّ مريم، في كنف والديها، كانت مسيحيّة من العارفين. الأرشمندريت توما (بيطار)، رئيس دير القدّيس سلوان الآثوسي |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 55852 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() صلاتها إلى والدة الإله، لما تابت، تضمّنت وعياً لكون مريم السيّدةَ، والدةَ الإله، التي ولدت بالجسد الإله الكلمة. كانت تعرف أنّ والدة الإله دائمةُ البتولية وأنّ الإله الذي وُلد منها إنما تجسّد ليدعو الخطأة إلى التوبة وأنّه بذل دمه المقدّس لافتداء الخطأة. الكلام الذي تفوّهت به في صلاتها إلى والدة الإله، في صدمة التوبة التي عرضت لها في أورشليم، استبان نضراً وكأن الإلهيات في قرارة نفسها كانت حيّة ولو كامنة، غير مفعّلة، في سني ضلالها. على أنّ مريم في إقبالها على الفجور كانت مميَّزة. لم تنحُ ناحية الزنى عن حاجة. لم تبع جسدها. كانت تأكل من الحسنات أو من شغل يديها. وكانت تبذل جسدها عن رغبة. وبذلُها جسدَها أطلقت فيه العنان لرغبة نفسها بلا حدود. بدت كأنّها تقتحم العالم اقتحاماً، تحاول أن تستأسره بجسدها. شغفها بالفجور جعلها تتعاطى منه ضروباً وألواناً فوق المعتاد. الأرشمندريت توما (بيطار)، رئيس دير القدّيس سلوان الآثوسي |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 55853 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() الخطيئة خدعة، عمى خارجي يحجب الرؤية عن القلب، نظّارة كذوب تجعلك ترى الوجود على غير ما هو. عاد إليها الحسّ الداخلي. إذ ذاك هالتها الحالة التي آلت إليها. فأخذت تبكي وتنتحب وتضرب صدرها وتتنهّد من أعماق قلبها. ولكن ما كانت مريم لتعود إلى نفسها من ذاتها. الربّ الإله افتقدها. الخلاص نعمة، إن اقتبلناها، ولمّا نعاندْ، خلُصنا بها. مريم استبانت مأخوذة بنزوة شيطانية جامحة. كانت مضلَّلة. في العمق كانت سكرى، غير واعية. الخطيئة تُسكر. والسُكْر يأسر. يخدع الإرادة ويوهنها. لذا كانت الحاجة إلى النعمة المخلِّصة المجدِّدة. ترأفوا بالخطأة. من أجلهم تجسّد ابن الله. عرف حالَ الضعف الشديد التي هم فيها. جاءهم مجيراً وهم الصارخون إليه أبداً: “فقير أنا وفي الشقاء منذ حداثتي”. “لا تصرف وجهك عن عبدك فإنّي حزين. انظر إلى نفسي وخلّصها”. “اللهم بادر إلى معونتي، يا ربّ أسرع إلى إغاثتي”. ليس الخاطئ مَن يستحقّ الإدانة بل الخطيئة. لذا أرسل الله “ابنه في شبه جسد الخطيئة ولأجل الخطيئة دان الخطيئة في الجسد” (رو 8: 3). مريم عشقت الخطيئة بكلّيتها، حتى الثمالة. كانت إناء كاملاً لإبليس. عبّت الخطيئة إلى ملئها. الأرشمندريت توما (بيطار)، رئيس دير القدّيس سلوان الآثوسي |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 55854 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() فلما ثابت إلى رشدها أضحت كلّية في توبتها، كاملة في استيعاب رحمة ربّها. عبّت رضى ربّها إلى الملء. أفرغت نفسها وعشقته إلى الذروة. كل خاطئ طاقة قداسة هائلة بنعمة المعمودية المبثوثة فيه. القدّيسون الكبار هم الخطأة الكبار متى استيقظوا. “استيقظ أيّها النائم ليضيء لك المسيح”! يا ليتنا أجمعين، وكلّنا خاطئ، نعي أنّه كلّما نأى أحدنا عن ربّه كلّما كان ربّه إليه أدنى. الحبّ يجعلك إلى الموجوع أدنى. لا يغادرك ربُّك البتّة. أنت تغادره كل يوم. أما هو فيعرف أن ينتظرك. يأتيك ولو من ثقب الإبرة. أنت لا تحتاج إلى أعمال صالحة كثيرة ليأتي ربّك إليك. تحتاج إلى صرخة، ولكن من الأعماق. والربّ الإله يسمع صوت الذين لا صوت لهم. “اذكرني يا ربّ متى أتيت في ملكوتك”. “اليوم تكون معي في الفردوس”. بالقليل وبالكثير يريدك ربّك أن تخلص. المهم ألا تيأس. المهم أن تصحو. الابن الشاطر عاد إلى أبيه بأسمال، برائحة الخنازير، فألبسه أبوه الحلّة الأولى وجعل خاتماً في إصبعه وذبح له العجل المسمّن. اليوم هو الأحد الأخير من الصوم الكبير، أحد القدّيسة مريم المصرية، لتبقى على الرجاء. لا تحتاج إلى الكثير لتدخل إلى فرح ربّك، لتكون لك بطاقة دعوة إلى قيامة السيّد. دمعة تكفيك! حسرة في القلب! تنهّد من الأعماق! المهم ألا تبقى خارجاً. دونك الأبواب مشرّعة وسيّدك في انتظارك! لن يبدأ الحفل من دونك. كلّهم في انتظارك! ألم تسمع ما قاله سيّدك “إنّه يكون في السماء فرح بخاطئ واحد يتوب أكثر من تسعة وتسعين لا يحتاجون إلى توبة”! تعالَ يا أُخيَّ لأنّه لن تكون لي قيامة حقّ من دونك، قال السيّد! الأرشمندريت توما (بيطار)، رئيس دير القدّيس سلوان الآثوسي |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 55855 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() مَن صلب الرّبّ يسوع؟ نصّيًّا، اليهود والرّومان. اليهود خطّطوا والرّومان نفّذوا. ماذا كانت دوافعهم؟ رسميًّا، وظاهريًّا، دافعُهم كان العصبيّة. شخصيًّا، تراوح هذا الدّافع بين الحسد والخوف!. القوميّة اليهوديّة كانت في خطر!. يسوع استبان تهديدًا لليهود كأمّة، كقوم، كشعب، كتاريخ، كمملكة داود المؤمّلة استعادتُها في كلّ عظمتها، بالمسيّا الآتي!. الرّؤية اليهوديّة التّراثيّة، نظرةُ شعبٍ إلى نفسه، طموحاته، طبيعة علاقته بيهوه، كداعم له في شؤون الأرض، كناصر له على سائر الأمم، حُلمه، كفاحه، كلّ هذا، وما يمتّ إليه بصلة، بدا، في شخص يسوع المسيح، في الحلّة الّتي جاء فيها، عرضة للإطاحة!. أنت بإزاء إنسان(!)، معلِّم، معروف أصلُه(!)، لكنّه، غير عاديّ، في آن!. لا يردّ قادمًا إليه: يهوديّ، سامريّ، أمميّ… لا فضل ليهوديّ، لديه، على ما عداه، إلاّ بالإيمان والتّقى!. لا يجد غضاضة في تقديم قائد مئة أمميّ على إسرائيل برمّتها!. ولا يعظّم إيمان أحد من بني جنسه كما يعظِّم إيمان امرأة كنعانيّة أمميّة!. ولا يكشف لاهوته وهوّيّته ليهوديّ كما يكشفه لامرأة سامريّة!. ثمّ، هذا إنسان لا يبالي بمملكة من هذا الدّهر كما يُبالون!. بعدما أطعم الجموع، وأرادوا أن يجعلوه ملكًا عليهم، ماذا فعل؟ عبر في وسطهم، تلافيًا لجماحهم، ومضى!. قال بوضوح: مملكتي ليست من هذا العالم!. إذًا يحسب نفسه ملكًا؟ أجل، لكنّه ينادي بمملكة من نوع جديد: ملكوت السّموات، على حدّ تعبيره!. لا يؤسّس لهذه المملكة، الّتي هي قريبة الظّهور، على أساس القوّة، بل على أساس التّوبة، كما قال!. وينادي بها لا لليهود وحدهم بل لكلّ الأمم!. اذهبوا، تلمذوا كلّ الأمم؛ قال!. العصبيّة اليهوديّة، والعصبيّة، بعامّة، لا تغريه في شيء!. أكثر من ذلك، العصبيّة، عنده، فتّاكة، عائق أساسيّ بين الإنسان وربّه!. يعلِّم أنّ أعداء الإنسان أهل بيته!. في هذا السّياق، هو جاء ليفرِّق لا ليجمع!. طبعًا، هو لا يشاء أن ينقض الوصيّة أن “أكرم أباك وأمّك”!. ما يطعن به هو العصبيّة العائليّة، والقبليّة، والطّائفيّة، والقوميّة… لا تقوم القربى، عنده، على أساس علاقة الدّمّ، أو باعتبار الرّباط العرقيّ بين النّاس!. كلّ برسم القربى. لكن هذه لا تؤخذ بالوراثة. كلّ يصنع أقرباءه بنفسه. قريبي مَن يصنع إليّ الرّحمة، وأنا أتّخذ لنفسي أقرباء برحمتي إيّاهم!. لذا كانت الوصيّة العظمى الثّانية: أحبّ قريبك كنفسك!. وكان على كلّ مؤمن بالرّبّ يسوع أن يقرِّب الغريب عنه ويحبّ عدوّه!. على هذا، اعتبر رئيس الكهنة أنّه خير أن يموت واحد عن الأمّة من أن تهلك الأمّة كلّها!. وإذ كان الشّعور العصبيّ محتدًّا، في صفوف الجموع، صرخوا: دمه علينا وعلى أولادنا!. نجح رؤساء الكهنة والكتبة والفرّيسيّون في تأليب الرّأي العامّ اليهوديّ على يسوع، بعدما كانوا قد أقرّوا بأنّ كلّ النّاس يتبعونه!. الّذين صرخوا لدى بيلاطس: اصلبه، اصلبه؛ ليس مستبعدًا أنّ قسمًا كبيرًا منهم سبق له، قبل أيّام، أن هتف للرّبّ يسوع: هوشعنا في الأعالي، مبارَك الآتي باسم الرّبّ!. للمشاعر القوميّة وقْع سِحريّ في الجماهير، بغضّ النّظر عن القناعات الشّخصيّة!. عرف رؤساء الكهنة، ومَن إليهم، كيف يحرّكون العصبيّة في الصّدور ويوظّفونها لصالحهم!. أعداء الأمس تلاقت مصالحهم فتحالفوا، فيما بينهم، على يسوع!. الصّدِّقيّون، الفرّيسيّون، الهيرودوسيّون… وبإزاء المصلحة القوميّة العليا(!)، تُعلَّق الخلافات إلى إشعار آخر، ويتحابّ النّاس مظهَرًا… إلى حين، طبعًا!. الباطنيّة، في التّعاطي، تبلغ الذّروة!. ولمّا كانت الوسيلة، لا سيّما في أمر بالغ الخطورة، كهذا الأمر، تبرّر الغاية، فقد ضغط اليهود الرّومان عن طريق التّظاهر الصّاخب أمام دار الولاية، وبإطلاق الشّعارات الكاذبة الّتي تُحرج الرّومان!. فجأة، اليهود، كارهو الرّومان، والرومان الحذرون من اليهود، اتّفقوا على يسوع!. اليهود أوهموا الرّومان أنّهم موالون لهم، والولاء قضيّتُهم!. قالوا: ليس لنا مَلك غير قيصر!. والرّومان لم يصدّقوهم، ولكنْ!…. لذا، بيلاطس، حفظًا للمصلحة العليا للدّولة(!)، بعدما غسل يديه وقال: أنا بريء من دم هذا الصّدّيق، تنازل عن دولة القانون، ودفع يسوع ليُصلَب، نزولاً عند رغبة الجماهير!. هو قال: لست أجد فيه علّة للموت، ومع ذلك دفعه للموت، حفظًا للنّظام، لئلاّ يصير شغْبٌ في الشّعب!. العصبيّات، بكلّ أشكالها، عصبُ السّياسة الدّوليّة!. ما حصل ليسوع حاصل كلّ يوم في العالم!. الوجوهُ ممسوحة ممسوخة!. لذا، الأشخاص يتغيّرون لكنّ الرّوح باقية إيّاها!. أما يكفي قول تشرشل، ذات يوم، دليلاً، أنّه لا أصدقاء لنا بل مصالح؟!. الرّوح العصبيّة تفرض سلوكًا خاصًّا، شئت أم أبيت، وإلاّ لا تعمل في السّياسة!. إنسانيّة الإنسان تمسي نسبيّة، تصحّ، في الممارسة، على قوم دون سواهم!. لذا لا تعود إنسانيّةُ الإنسان إنسانيّةً، إلاّ لدى قلّة، هنا أو هناك!. تستحيل، بمعنى، إنسانيّات عصبيّة!. ما همّ، والحال هذه، مَن صَلَب يسوع، الّذي هو الكلمة والحقّ، طالما الوجوه، عمليًّا، ممسوحة، والرّوح العصبيّة المستبدّة بالنّفوس واحدة!. ما دامت كلمة الحقّ مصلوبة، فيسوع مصلوب… في كلّ إنسان!. ثمّ العصبيّة نتاج السّقوط!. بابل، الأزمة، لا تزال قائمة!. توقُ النّاس هو لأن يكونوا شعبًا واحدًا ولجميعهم لغة واحدة (تكوين 10)!. اللّعنة كانت أنّهم تفرّقوا على وجه الأرض كلّها!. المثال ما عاد ممكنًا أن يتحقَّق، في أذهانهم، إلاّ بابتلاع بعضهم البعض، أو بإفناء بعضهم البعض!. في كلّ حال، البرج باق، في الوجدان، المبتغى؛ والقصد أن “لا يتفرّقوا على وجه الأرض كلّها”!. إذًا خلودُ العصبيّة!. خلود السّقوطّ!. أن يكون إلى الأبد!. في الاتّحاد قوّة يَحسبون… لكنّها قوّة للموت لا للحياة!. مَن يأخذ بالسّيف بالسّيف يؤخذ!. هوذا بيتكم يُترك لكم خرابًا!. ومع ذلك العصبيّة مطيّة!. حاملو لوائها، الضّاربون بسيفها، لا همّ، في قرارة نفوسهم، إن كانوا مؤمنين بها أو غير مؤمنين، المهمّ أن يرفعوا شعارها! أيديولوجيّات! بروبغاندا! وكلّما أجادوا تمثيل دور الأمناء عليها، كلّما جادت عليهم الجماهير بالولاء لهم!. الإنسان بحاجة لأن يُكْذَب!. اللّعبة، عندهم، لعبة السّلطة!. لا إغراء أقوى من إغرائها في هذا الدّهر!. إنّها الألوهة الإيهاميّة!. رؤساء الكهنة والفرّيسيّون والكتبة كانوا ممثّلين بارعين، لذا نجحوا في صلب ربّ المجد!. نجحوا لدرجة أنّهم صدّقوا كذبهم واستبانوا رموز الأمّة!. في عمق نفوسهم، حيث تبقى المقاصد خفيّة، تُجلببها صدقية كذوب، في إطار القضيّة المعتبرة “مقدّسة”، أقول، في عمق نفوسهم، كانت غيرة رؤساء الكهنة والفرّيسيّين والكتبة متمحورة في غاياتهم الخاصّة!. لذا قتلوا السّيِّد حسدًا وخوفًا منه!. سلطانهم الشّخصيّ كان في خطر، إذًا الأمّة كانت في خطر!. أنا الأمّة، والأمّة أنا!. لذا في الأمّة، قلّة أرباب، تكدِّس قوّة الأرض، والكثرة الكثرة تأكل من الفتات السّاقط من موائد أربابها!. لعازَرالكونيّ مشلوحًا على باب سيّده، مقرَّحًا مجروحًا!. أمّة على أمّة!. وكلٌّ على الكلّ، في كلّ أمّة!. عالم قائم على الكذب والقتل، وكلٌّ، فيه، يطلب ما لنفسه، إلى مَن تراه ينتمي إلاّ إلى القاتل وأبي الكذّاب؟!. قلّما عاد القلب يرتحل، في الرّوح، إلى صَلْب يسوع، التّاريخ، وتَمثُّله، ولو حكيناه!. هذا ولّى أكثرُه!. القلب والذّهن باتا ينحدران، باطّراد، ممّا انحدر إلينا، مذ ذاك، من ميراث، إلى العالم!. أتُرى القوميّات المسيحيّة خير من العصبيّة اليهوديّة؟!. بل سليلتها!. أم ترى المحاسدُ والمفاسد، زالت؟!. بل لا زالت قائمة!. قطيع صغير بقي في إسرائيل، منه خرج مسيح الرّبّ، وقطيع صغير باقٍ في جماعة مؤمنين (!)، يُخرَج منها مسيح الرّبّ، كلّ يوم، فيما الكثرة تعود إلى قيئها، لتقيم في عتاقتها!. أتغيَّرت البشريّة؟!. بل لم تتغيَّر!. كأنّ الإنسان لا زال حيث كان!. لست أفهم!. لِمَ علينا، دائمًا، أن ننتظر بشريّة جديدة لا تأتي!!!. ها يطلّ الفصح، لعمري، ولسنا نلقى سوى وجوه قلّة تشعّ بنور القيامة، فيما ينصرف الأكثرون إلى احتفالاتهم الخاصّة بمناسبة العيد؛ ما يصحّ، في الحقيقة، على كلّ عيد، حتّى لو لم يكن هناك عيد!. هم يحبّون التّعييد في كلّ حال!. كأنّ الوجهة، أبدًا، هي إلى اختطاف السّيِّد ليعيدوه وثنًا، فيما يبقى السّيّدُ العيدُ مخفيًّا عن العيون في مغاور قلوب قلّة، وفي وجوه منسيّة مغيَّبَة كوجه مريم، والدة الإله، ويوسف الخطيب وسمعان الشّيخ وحنّة النّبيّة، ولو قلناها وتغنّينا بها!. ثمّة، دائمًا، مَن يطلب أن يمسخ يسوعَ، ويسوعُ يعبر ويمضي، وهو ينادي: هلمّ ورائي!. لذلك النّداء باقٍ: اخرجوا من وسطهم واعتزلوا يقول الرّبّ، ولا تمسّوا نجسًا فأقبلكم، وأكون لكم أبًا وأنتم تكونون لي بنين وبنات… (2 كورنثوس 6)!. وسط الجلبة، لعازر قابع في القبر حتّى يأتي يسوع ويقيمه!. حبيبي يزمِّر بمزماره وأنا أتبعه!. الأرشمندريت توما (بيطار)، رئيس دير القدّيس سلوان الآثوسي، دوما – لبنان |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 55856 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() مَن صلب الرّبّ يسوع؟ نصّيًّا، اليهود والرّومان. اليهود خطّطوا والرّومان نفّذوا. ماذا كانت دوافعهم؟ رسميًّا، وظاهريًّا، دافعُهم كان العصبيّة. شخصيًّا، تراوح هذا الدّافع بين الحسد والخوف!. القوميّة اليهوديّة كانت في خطر!. يسوع استبان تهديدًا لليهود كأمّة، كقوم، كشعب، كتاريخ، كمملكة داود المؤمّلة استعادتُها في كلّ عظمتها، بالمسيّا الآتي!. الرّؤية اليهوديّة التّراثيّة، نظرةُ شعبٍ إلى نفسه، طموحاته، طبيعة علاقته بيهوه، كداعم له في شؤون الأرض، كناصر له على سائر الأمم، حُلمه، كفاحه، كلّ هذا، وما يمتّ إليه بصلة، بدا، في شخص يسوع المسيح، في الحلّة الّتي جاء فيها، عرضة للإطاحة!. أنت بإزاء إنسان(!)، معلِّم، معروف أصلُه(!)، لكنّه، غير عاديّ، في آن!. لا يردّ قادمًا إليه: يهوديّ، سامريّ، أمميّ… لا فضل ليهوديّ، لديه، على ما عداه، إلاّ بالإيمان والتّقى!. لا يجد غضاضة في تقديم قائد مئة أمميّ على إسرائيل برمّتها!. ولا يعظّم إيمان أحد من بني جنسه كما يعظِّم إيمان امرأة كنعانيّة أمميّة!. ولا يكشف لاهوته وهوّيّته ليهوديّ كما يكشفه لامرأة سامريّة!. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 55857 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() ثمّ، هذا إنسان لا يبالي بمملكة من هذا الدّهر كما يُبالون!. بعدما أطعم الجموع، وأرادوا أن يجعلوه ملكًا عليهم، ماذا فعل؟ عبر في وسطهم، تلافيًا لجماحهم، ومضى!. قال بوضوح: مملكتي ليست من هذا العالم!. إذًا يحسب نفسه ملكًا؟ أجل، لكنّه ينادي بمملكة من نوع جديد: ملكوت السّموات، على حدّ تعبيره!. لا يؤسّس لهذه المملكة، الّتي هي قريبة الظّهور، على أساس القوّة، بل على أساس التّوبة، كما قال!. وينادي بها لا لليهود وحدهم بل لكلّ الأمم!. اذهبوا، تلمذوا كلّ الأمم؛ قال!. العصبيّة اليهوديّة، والعصبيّة، بعامّة، لا تغريه في شيء!. أكثر من ذلك، العصبيّة، عنده، فتّاكة، عائق أساسيّ بين الإنسان وربّه!. يعلِّم أنّ أعداء الإنسان أهل بيته!. في هذا السّياق، هو جاء ليفرِّق لا ليجمع!. طبعًا، هو لا يشاء أن ينقض الوصيّة أن “أكرم أباك وأمّك”!. ما يطعن به هو العصبيّة العائليّة، والقبليّة، والطّائفيّة، والقوميّة… لا تقوم القربى، عنده، على أساس علاقة الدّمّ، أو باعتبار الرّباط العرقيّ بين النّاس!. كلّ برسم القربى. لكن هذه لا تؤخذ بالوراثة. كلّ يصنع أقرباءه بنفسه. قريبي مَن يصنع إليّ الرّحمة، وأنا أتّخذ لنفسي أقرباء برحمتي إيّاهم!. لذا كانت الوصيّة العظمى الثّانية: أحبّ قريبك كنفسك!. وكان على كلّ مؤمن بالرّبّ يسوع أن يقرِّب الغريب عنه ويحبّ عدوّه!. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 55858 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() اعتبر رئيس الكهنة أنّه خير أن يموت واحد عن الأمّة من أن تهلك الأمّة كلّها!. وإذ كان الشّعور العصبيّ محتدًّا، في صفوف الجموع، صرخوا: دمه علينا وعلى أولادنا!. نجح رؤساء الكهنة والكتبة والفرّيسيّون في تأليب الرّأي العامّ اليهوديّ على يسوع، بعدما كانوا قد أقرّوا بأنّ كلّ النّاس يتبعونه!. الّذين صرخوا لدى بيلاطس: اصلبه، اصلبه؛ ليس مستبعدًا أنّ قسمًا كبيرًا منهم سبق له، قبل أيّام، أن هتف للرّبّ يسوع: هوشعنا في الأعالي، مبارَك الآتي باسم الرّبّ!. للمشاعر القوميّة وقْع سِحريّ في الجماهير، بغضّ النّظر عن القناعات الشّخصيّة!. عرف رؤساء الكهنة، ومَن إليهم، كيف يحرّكون العصبيّة في الصّدور ويوظّفونها لصالحهم!. أعداء الأمس تلاقت مصالحهم فتحالفوا، فيما بينهم، على يسوع!. الصّدِّقيّون، الفرّيسيّون، الهيرودوسيّون… وبإزاء المصلحة القوميّة العليا(!)، تُعلَّق الخلافات إلى إشعار آخر، ويتحابّ النّاس مظهَرًا… إلى حين، طبعًا!. الباطنيّة، في التّعاطي، تبلغ الذّروة!. ولمّا كانت الوسيلة، لا سيّما في أمر بالغ الخطورة، كهذا الأمر، تبرّر الغاية، فقد ضغط اليهود الرّومان عن طريق التّظاهر الصّاخب أمام دار الولاية، وبإطلاق الشّعارات الكاذبة الّتي تُحرج الرّومان!. فجأة، اليهود، كارهو الرّومان، والرومان الحذرون من اليهود، اتّفقوا على يسوع!. اليهود أوهموا الرّومان أنّهم موالون لهم، والولاء قضيّتُهم!. قالوا: ليس لنا مَلك غير قيصر!. والرّومان لم يصدّقوهم، ولكنْ!…. لذا، بيلاطس، حفظًا للمصلحة العليا للدّولة(!)، بعدما غسل يديه وقال: أنا بريء من دم هذا الصّدّيق، تنازل عن دولة القانون، ودفع يسوع ليُصلَب، نزولاً عند رغبة الجماهير!. هو قال: لست أجد فيه علّة للموت، ومع ذلك دفعه للموت، حفظًا للنّظام، لئلاّ يصير شغْبٌ في الشّعب!. الأرشمندريت توما (بيطار)، رئيس دير القدّيس سلوان الآثوسي، دوما – لبنان |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 55859 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() العصبيّات، بكلّ أشكالها، عصبُ السّياسة الدّوليّة!. ما حصل ليسوع حاصل كلّ يوم في العالم!. الوجوهُ ممسوحة ممسوخة!. لذا، الأشخاص يتغيّرون لكنّ الرّوح باقية إيّاها!. أما يكفي قول تشرشل، ذات يوم، دليلاً، أنّه لا أصدقاء لنا بل مصالح؟!. الرّوح العصبيّة تفرض سلوكًا خاصًّا، شئت أم أبيت، وإلاّ لا تعمل في السّياسة!. إنسانيّة الإنسان تمسي نسبيّة، تصحّ، في الممارسة، على قوم دون سواهم!. لذا لا تعود إنسانيّةُ الإنسان إنسانيّةً، إلاّ لدى قلّة، هنا أو هناك!. تستحيل، بمعنى، إنسانيّات عصبيّة!. ما همّ، والحال هذه، مَن صَلَب يسوع، الّذي هو الكلمة والحقّ، طالما الوجوه، عمليًّا، ممسوحة، والرّوح العصبيّة المستبدّة بالنّفوس واحدة!. ما دامت كلمة الحقّ مصلوبة، فيسوع مصلوب… في كلّ إنسان!. الأرشمندريت توما (بيطار)، رئيس دير القدّيس سلوان الآثوسي، دوما – لبنان |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 55860 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() ثمّ العصبيّة نتاج السّقوط!. بابل، الأزمة، لا تزال قائمة!. توقُ النّاس هو لأن يكونوا شعبًا واحدًا ولجميعهم لغة واحدة (تكوين 10)!. اللّعنة كانت أنّهم تفرّقوا على وجه الأرض كلّها!. المثال ما عاد ممكنًا أن يتحقَّق، في أذهانهم، إلاّ بابتلاع بعضهم البعض، أو بإفناء بعضهم البعض!. في كلّ حال، البرج باق، في الوجدان، المبتغى؛ والقصد أن “لا يتفرّقوا على وجه الأرض كلّها”!. إذًا خلودُ العصبيّة!. خلود السّقوطّ!. أن يكون إلى الأبد!. في الاتّحاد قوّة يَحسبون… لكنّها قوّة للموت لا للحياة!. مَن يأخذ بالسّيف بالسّيف يؤخذ!. هوذا بيتكم يُترك لكم خرابًا!. ومع ذلك العصبيّة مطيّة!. حاملو لوائها، الضّاربون بسيفها، لا همّ، في قرارة نفوسهم، إن كانوا مؤمنين بها أو غير مؤمنين، المهمّ أن يرفعوا شعارها! أيديولوجيّات! بروبغاندا! وكلّما أجادوا تمثيل دور الأمناء عليها، كلّما جادت عليهم الجماهير بالولاء لهم!. الإنسان بحاجة لأن يُكْذَب!. اللّعبة، عندهم، لعبة السّلطة!. لا إغراء أقوى من إغرائها في هذا الدّهر!. إنّها الألوهة الإيهاميّة!. رؤساء الكهنة والفرّيسيّون والكتبة كانوا ممثّلين بارعين، لذا نجحوا في صلب ربّ المجد!. نجحوا لدرجة أنّهم صدّقوا كذبهم واستبانوا رموز الأمّة!. في عمق نفوسهم، حيث تبقى المقاصد خفيّة، تُجلببها صدقية كذوب، في إطار القضيّة المعتبرة “مقدّسة”، أقول، في عمق نفوسهم، كانت غيرة رؤساء الكهنة والفرّيسيّين والكتبة متمحورة في غاياتهم الخاصّة!. لذا قتلوا السّيِّد حسدًا وخوفًا منه!. سلطانهم الشّخصيّ كان في خطر، إذًا الأمّة كانت في خطر!. أنا الأمّة، والأمّة أنا!. لذا في الأمّة، قلّة أرباب، تكدِّس قوّة الأرض، والكثرة الكثرة تأكل من الفتات السّاقط من موائد أربابها!. لعازَرالكونيّ مشلوحًا على باب سيّده، مقرَّحًا مجروحًا!. أمّة على أمّة!. وكلٌّ على الكلّ، في كلّ أمّة!. عالم قائم على الكذب والقتل، وكلٌّ، فيه، يطلب ما لنفسه، إلى مَن تراه ينتمي إلاّ إلى القاتل وأبي الكذّاب؟!. الأرشمندريت توما (بيطار)، رئيس دير القدّيس سلوان الآثوسي، دوما – لبنان |
||||