منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 27 - 08 - 2014, 03:22 PM   رقم المشاركة : ( 5541 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,935

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

كلام الله في حياة الكنيسة ورسالتها
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


هذا هو موضوع الجمعيَّة العامّة لسينودُس الأساقفة الكاثوليك الثاني عشر الذي سيُعقد في روما من 5 إلى 26 تشرين الأوّل 2008 برئاسة قداسة البابا بندكتُس السادس عشر.

نقرأ في الفصل الرابع من الرسالة إلى العبرانيّين: "إنّ كلام الله حيّ ناجع، أمضى من كلّ سيف ذي حدّين، ينفذ إلى ما بين النَفْس والروح، وما بين الأوصال والمخاخ، وبوُسعه أن يحكم على خواطر القلب وأفكاره" (4/12).

هذه الآية تعطينا الصفات المميّزة لكلام الله:

1- كلام الله حيّ: "فإنّكم وُلدتم ولادةً ثانية، لا من زرع فاسد، بل من زرع غير فاسد، من كلمة الله الحيَّة الباقية، لأنّ "كلّ بَشَر كالعشب وكلّ مجد له كزهر العشب: العشب ييبس والزهر يسقط، وأمّا كلمة الله فتبقى للأبد". هذه هي كلمة الله التي بُشِّرتم بها" (1بطرس 1/23-25).

المسيح الكلمة هو "الحيّ" (رؤيا 1/18)، وعنده كلام الحياة الأبديَّة (راجع يوحنّا 6/68)، و"فيه كانت الحياة" (يوحنّا 1/4)، "ولكي تكون الحياة للناس، وتكون لهم بوفرة" (يوحنّا 10/10).

2- كلام الله ناجع فاعل: ليس كلام الله نظريّات ومبادئ، بل هو عمل واقعيّ. ولذلك نقول إنّ كلمة الله "صار بَشَراً فسكن بيننا" (يوحنّا 1/14). ومن ثمار حضوره بيننا خلاص النَفْس والجسد وإعادة الشِركة بين الإنسان وخالقه وبين الناس أنفسهم. ويتمّ كلّ ذلك من خلال الكنيسة والأسرار، وبخاصّة سرّ الإفخارستيّا.

3- كلام الله قاطع نافذ: لا يقبل المساومة، بل يدلّ بوضوح على الطريق الذي يجب سلوكه بوساطة الوصايا وخلاصتها في محبّة الله ومحبّة القريب. فهو دعوة مستمرّة للتوبة والمصالحة والتجدّد بفعل الروح القُدُس.


 
قديم 27 - 08 - 2014, 03:23 PM   رقم المشاركة : ( 5542 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,935

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

كلام الله صار "كلمة" وظهر بيننا

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

"ذاك الذي كان منذ البدء، ذاك الذي سمعناه، ذاك الذي رأيناه بعينينا، ذاك الذي تأمّلناه ولمسته يدانا من كلمة الحياة. لأنّ الحياة ظهرت فرأينا ونشهد ونبشّركم بتلك الحياة الأبديَّة التي كانت لدى الآب فتجلّت لنا. ذاك الذي رأيناه وسمعناه نبشّركم به أنتم أيضاً لتكون لكم أيضاً مشاركة معنا، ومشاركتنا هي مشاركة للآب ولابنه يسوع المسيح. وإنّنا نكتب إليكم بذلك ليكون فرحنا تامّاً" (1يوحنّا 1/1-4).

1- "في البدء كان الكلمة" (يوحنّا 1/1): إنّ علاقة الله مع الإنسان، وإن كانت تُختصَر بفعل محبّة، إلاّ أنّها بدأت بكلمة: "قال الله"، "كلّم الله"، "كلام الله"، "كلمة الله".

كما جاء في الرسالة إلى العبرانيّين: "إنّ الله بعدما كلّم الآباء قديماً بالأنبياء مرّاتٍ كثيرة بوجوه كثيرة، كلّمنا في آخِر الأيّام هذه بابنٍ جعله وارثاً لكلّ شيء وبه أنشأ العالَمين. هو شعاع مجده وصورة جوهره. يحفظ كلّ شيء بقوّة كلمته" (1/1-3). وهذا ما نسمّيه بالوحي أي "أنّ الله كشف ذاته وسرّ كِيانه للإنسان ودعاه للخلاص".

2- منذ البدء كان الإنسان يسمع ويتكلّم مع الله: لم يأتِ كلام الله في الفراغ وإنّما جاء موجَّهاً إلى الإنسان دون سائر المخلوقات. وكان على الإنسان أن يُجيب بالقول والفعل، أي أن يتكلّم مع الله وأن يتصرّف في حياته بحسب قوله تعالى.

جميل أن يُدعى الإنسان "كليم الله" كما دُعي موسى في العهد القديم.

3- كلام الله تجسّد في كلمة هي شخص يسوع المسيح، ابنه الأزليّ. فكان فيه كمال الوحـي والكشف النهائيّ عن سرّ الله ومخطّطه الخلاصيّ. يقول القدِّيس برنردُس: "مع تجسّد الكلمة ظهر المسيح مركزاً ومحوراً لجميع الكتب المقدَّسة. كلام الله الذي كان يُسمع في العهد القديم أصبح مرئيّاً في المسيح".

4- كلام الله يرافق تاريخ البَشَريَّة: لا بل يصبح تاريخ البَشَر. كلام الله حاضر في جميع مراحل حياة الإنسانيَّة التي نالت الوحي. فأصبح الكائن الأزليّ "عمّانوئيل" أي "الله معنا". وبذلك طُبعت حياة الإنسان بخاتم إلهيّ إن مشافهةً وإن كتابةً. وهذا الخاتم جاء محفوراً في قلب كلّ إنسان وهو الضمير، أو محفوراً على حجر أي مكتوباً في ألواح ليكون معلَناً ومعلوماً بوضوح لدى البَشَر. لقد أصبح كلام الله في المسيح إنجيلاً، أي البُشرى السارّة.

5- كلام الله يشبه مقطوعة سِمفونيَّة: في كشفه وإعلانه، وتدوينه، وتداوله، والحفاظ عليه ونشره وطباعته... لقد ساهم في تحقيقه الآباء والأنبياء والرُسُل، ووجد كماله في يسوع المسيح خاتمة هذه المعزوفة الكُبرى التي قادها الله الآب بنَفَس روحه القُدُس، ولا يزال يقودها بالرغم من الأصوات الموسيقيَّة الشاذّة التي تصدر عنّا نحن البَشَر.
(من أجمل اللوحات، التي شاهدتها في أثناء زيارتي معرضاً للرسومات الحديثة، لوحة تمثّل يدَي قائد أوركسترا مرتفعتين في السماء وتحمل إحداهما عصا القيادة التي تضبط الإيقاعات، وتحت اللوحة كُتبت هذه العبارة: "الله يُدير السِمفونيَّة الكونيَّة"!).


6- مريم العذراء مثال لنا في تقبّل كلام الله: منذ بشارة الملاك لها في الناصرة راحت مريم تستقبل كلام الله بالإيمان وتتأمّله في قلبها وتحفظه وتعيشه (لوقا 1/38 و2/19 و51، أعمال 17/11). فهي أُمّ الكنيسة ومثال لها في الاستماع إلى الكتب المقدَّسة والتأمّل فيها، وبخاصّة أنّها "وَلَدت الكلمة" وأخذت الأناجيل من ينبوعها. فهي "تعظّم الله"، "وآمنت بأنّ ما قيل لها من الربّ سيتمّ" (لوقا 1/45). ولذلك ستطوّبها جميع الأجيال. ولم تكتفِ مريم بحفظ الكلمة، بل حوّلتها إلى عمل. فنراها تخدم نسيبتها أليصابات وتتشفّع في عرس قانا الجليل.

7- كلام الله وديعة في الكنيسة والتقليد: وصل إلينا كلام الله عن طريقين:

- طريق التقليد: وهو ما حُفظ مشافهةً ثمّ دوّن كتابةً. ونجد معظم هذا الكلام الموحى به في كتابات آباء الكنيسة الأوّلين. حتّى قيل: لو فُقدت أسفار العهد الجديد لوجدناها في كتابات آباء الكنيسة.

- طريق الكتاب المقدَّس: وهي الكتب المدوّنة التي خطّها الأنبياء والكتبة والرُسُل أو تلاميذهم صوناً لما فيها من الضياع.

وهذا الكلام الإلهيّ بنوعيه، تقليداً وكتباً مقدَّسة، بقي وديعة في الكنيسة. فهي التي تحافظ عليه، وتفسّره التفسير الصحيح، وتميّز بين الأصيل والمنحول بضمانة الروح القُدُس الذي وهبها إيّاه يسوع المسيح.

وبذلك تكون لدينا ثلاث مرجعيّات: الكتاب المقدَّس، والتقليد، والسُلطة الكنسيَّة.

8- دُوّن كلام الله بإلهام الروح القُدُس: إنّ الروح القُدُس هو ضمان صحّة الكتب المقدَّسة التي دُوّنت بيد أشخاص عديدين.

فالكتب المقدَّسة معصومة من الخطأ في الموضوعات اللاهوتيَّة والدِينيَّة، وأمّا في سائر الأمور فهي تعكس إدراكات ومَلَكات العصر الذي كُتبت فيه.

يُدعى كلام الله المدوّن بالكتب المقدَّسة (صيغة الجمع) أو الكتاب المقدَّس (صيغة المفرد) تقابلهما كلمة "بيبليا" بالجمع أو "بيبل" بالمفرد.

ولعلّ الاسم الذي يُطلق على الكتاب المقدَّس باللغة الأرمنيَّة: "أسدفازاشونج" أي "نَفَسُ الله" هو خير تعبير عن فعل الروح القُدُس في إلهام الكاتب ليدوّن الحقائق الإلهيَّة.

يكتب القدِّيس بولس إلى تلميذه طيموتاوس: "فاثبُتْ أنتَ على ما تعلّمتَه وكنتَ منه على يقين. فأنتَ تعرف عمّن أخذتَه وتعلَمُ الكتب المقدَّسة منذ نعومة أظفارك، فهي قادرة على أن تجعلك حكيماً فتبلغَ الخلاص بالإيمان الذي في المسيح يسوع. فكلّ ما كُتب هو من وحي الله، يفيد في التعليم والتفنيد والتقويم والتأديب في البِرّ، ليكون رَجل الله كاملاً مُعَدّاً لكلّ عمل صالح" (2طيموتاوس 3/14-17).

9- تفسير كلام الله في الكنيسة: لمّا كان كلام الله حيّاً فهو دوماً في تفاعل مع الناس والحضارات بحسب الأزمنة والأمكنة. من هنا، كان من الضروريّ التفسير والشرح باللجوء إلى العقل والمنطق.

ثمّة حادثة هامّة وردت في كتاب أعمال الرُسُل. وهي لقاء فيلبّس مع خازن ملكة الحبش الذي كان يقرأ سِفْر النبيّ أشعيا. فقال له فيلبّس: "هل تفهم ما تقرأ؟" قال: "كيف لي ذلك، إن لم يرشدني أحد؟" (8/26-38).
ولكنّ الخطر يكمن في تفسير الكتاب المقدَّس كلّ بحسب مزاجه وقناعاته الخاصّة. وقد نقع في طرفي نقيض: فهناك التفسير الأصوليّ أي التمسّك بالحرف وكأنّ كلّ كلمة هي "مُنـزلة" من عند الله، ونحن نعلم أنّ الله لم يقحم المدارك البَشَريَّة فهناك أخطاء عِلميَّة... فليس الكتاب مُنـزلاً بل هو "مُلهم". أمّا الطرف الثاني فهو التفسير التحرّريّ، أي أن نستغلّ النصوص والآيات لدعم نظريّاتنا ومواقفنا، مثل لاهوت التحرّر، واللاهوت النسائيّ واللاهوت البسيكولوجيّ والسوسيولوجيّ...


ولمّا كان خير الأمور أوسطها فالطريق الأكثر سلامة هو الجمع بين المعنى الحرفيّ للكتاب المقدَّس والمعنى الروحيّ، وذلك بحسب توجيهات الكنيسة التي أُوتيت نِعمة الفصل بين القمح والزؤان في كلّ ما يتعلّق بالحقائق الإلهيَّة.
يقول بطرس الرسول: "واعلموا قبل كلّ شيء أنّه ما من نبوءة في الكتاب تقبل تفسيراً يأتي به أحد من عنده، إذ لم تأتِ نبوءة قـطّ بإرادة بَشَر، ولكنّ الروح القُدُس حمل بعض الناس على أن يتكلّمـوا من قِبَل الله" (2بطرس 1/20-21).


10- العهد القديم وقراءته الصحيحة قراءةً مسيحيَّة: حادثتان معبّرتان في الإنجيل:

أ- دخل يسوع مجمع الناصرة يوم السبت "وقام ليقرأ فدُفع إليه سِفْر النبيّ أشعيا ففتح السِفْر فوجد المكان المكتوب فيه: "روح الربّ عليّ، لأنّه مسحني لأُبشّر الفقراء وأرسلني لأُعلن للمأسورين تخلية سبيلهم وللعميان عودة البصر إليهم وأُفرّج عن المظلومين وأُعلن سنةَ رضاً عند الربّ". ثمّ طوى السِفْر... وقال لهم: اليوم تمّت هذه الآية بمسمعٍ منكم" (لوقا 4/14-21).

ب- يسوع يلتقي تلميذَي عِمّاوس: "فبدأ من موسى وجميع الأنبياء يفسّر لهما في جميع الكتب ما يختصّ به" (لوقا 24/27).

وفي وصاياه الأخيرة قال لتلاميذه: "ذلك كلامي الذي قلتهُ لكم إذ كنت معكم وهو أنّه يجب أن يتمّ كلّ ما كُتب في شأني، في شريعة موسى وكتب الأنبياء والمزامير" (لوقا 24/44).

ليس المطلوب إلغاء العهد القديم، بل قراءته قراءة صحيحة في ضوء العهد الجديد. كما أنّ المسيح لم يأتِ لينقض الشريعة بل ليكملها.

لقد صلّى يسوع المزامير وتعلّم الشريعة وسِيَر الأنبياء.. فلا نستطيع أن نفهم العهد الجديد من دون العودة إلى العهد القديم. ولا نستطيع أن ندرك عمق العهد القديم من دون اكتشاف سرّ المسيح فيه.

ولذلك نقول: "العهد الجديد مستتر في القديم، والعهد القديم يظهر جليّاً في الجديد".

ويؤكّد القدِّيس غريغوريوس الكبير بقوله: "ما وعد به العهد القديم أظهره العهد الجديد، وما أُعلن عنه ناقصاً، أُذيع علناً وكأنّه الحاضر. فالعهد القديم هو نبوءة العهد الجديد، وأفضل تفسير للعهد القديم هو العهد الجديد".

 
قديم 27 - 08 - 2014, 03:24 PM   رقم المشاركة : ( 5543 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,935

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

كلام الله، غذاء للروح ونُور للحياة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

أ- ثمّة محاكاة بين كلام الله الآتي من العلاء والخبز النازل من السماء:

- كلام الله خبز نتناوله على مائدة الربّ: "خذوا فكلوا"، "خُذْ (الكتاب) فابتلِعْه" (رؤيا 10/9).

- كلام الله يكرَّم على المذبح مع القربان المقدَّس.

- كلام الله جزء من الليتُرجيّا عامّة ومن الإفخارستيّا خاصّة.

- المسيح ابن الله هو الكلمة التي نزلت من السماء وهو أيضاً "الخبز النازل من السماء" (يوحنّا 6/50).

طوبى للمؤمن إذا تغذّى بكلام الله، كما يقول عاموس النبيّ: "ستأتي أيّام أقول أنا السيّد الربّ، أُرسل فيها الجوع على الأرض، لا الجوع إلى الخبز ولا العطش إلى الماء بل إلى استماع كلمة الربّ" (8/11).

وإنّنا لنجد كتباً عديدة ظهرت في الآونة الأخيرة حول التأمّل في نصوص الكتاب المقدَّس، وقد حملت العناوين التالية: "الغذاء اليوميّ"، "غذاء الروح"، "خبز الحياة"...

ولعلّ بطرس الرسول يعبّر في رسالته الأُولى خير تعبير عن هذا الغذاء بقوله: "وارغبوا كالأطفال الرضّع في اللبن الحليب الصافي، لبن كلمة الله، لتنموا بها من أجل الخلاص، إذا كنتم قد ذقتم كيف أنّ الربّ طيّب" (2/2-3).

ب- "كلمتك مصباح لخُطاي، ونُور لسبيلي" (مزمور 119/105).

هذه الآية من المزامير تشير بوضوح إلى أنّ كلمة الله "نُور وهدى".

إنّ الربّ الذي أعطانا الحياة، يريد أن ينير بكلمته دروب المؤمنين في معارج حياتهم فيرشدهم ويعزّيهم، في عملهم وفي راحتهم، في أفراحهم وفي أحزانهم، في بيوتهم العائليَّة وفي مجتمعاتهم الوطنيَّة، ليكونوا دائماً مستعدّين لأن يردّوا على مَن يطلب منهم دليل ما هم عليه من الرجاء (راجع 1بطرس 3/15).

وفي تأكيد ما ذهبنا إليه نجد قول السيّد المسيح: "أنا نُور العالَم مَن يتبعني لا يمشِ في الظلام بل يكون له نُور الحياة" (يوحنّا 8/12).

ج- بين مطالعة الكتاب المقدَّس والصلاة.

يدعو قداسة البابا بندكتُس السادس عشر شبيبة اليوم كي يكونوا أكثر معرفة بالكتاب المقدَّس ويحفظوه في متناول أيديهم ليصبح "بوصلة" توجّه طريقهم.

ويذكّر قداسته الجميع بأنّ مطالعة الكتاب المقدَّس المستمرّة، والمصحوبة بالصلاة، تحقّق الحِوار الدائم مع الله. فبالمطالعة نسمع الله الذي يكلّمنا، وبالصلاة، نجيبه بانفتاح القلب الواثق.

كلّنا مدعوّون لمطالعة شخصيَّة ويوميَّة للكتاب المقدَّس، وهذا ما يسمّى بالقراءة الربّيَّة LECTIO DIVINA. يقول القدِّيس قِبريانُس: "ثابرْ على الصلاة والقراءة الربّيَّة. فعندما تصلّي، تتكلّم إلى الله، وعندما تقرأ فهو الله الذي يتكلّم إليك".

والقراءة الربّيَّة، بالرغم من تنوّع أساليبها، يمكن تلخيصها في أربع كلمات أو أربع فترات:
- القراءة - LECTIO. مطالعة النصّ وفهم الكلمات.


- التأمّل - MEDITATIO. ما يوحيه إليّ النصّ في حياتي.

- المناجاة - ORATIO. صلاة وابتهالات.

- المقاصد - CONTEMPLATIO. اتّخاذ قرارات الحياة في ضوء القراءة الكتابيَّة والصلاة.

ليس من السهل أن ندخل في "قالب" الكتاب المقدَّس، ولكن مع الثبات والمثابرة لا بدّ أن نكتشف هذا الكنـز الثمين، لأنّ مَن يجهل الكتب المقدَّسة يجهل أيضاً يسوع المسيح.

 
قديم 28 - 08 - 2014, 02:00 PM   رقم المشاركة : ( 5544 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,935

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

السيد‏ ‏المسيح‏
‏أعاد‏ ‏للإنسان‏ ‏كرامته


وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
فمن‏
‏خلال‏ ‏تجسد‏ ‏السيد‏ ‏المسيح‏ ‏وموته‏ ‏وقيامته‏ ‏نلنا‏ ‏عطايا‏ ‏كثيرة‏ ‏منها‏:‏
الملك‏
‏هو‏ ‏الله‏ ‏الآب‏, ‏والابن‏ ‏الوحيد‏ ‏هو‏ ‏رب‏ ‏المجد‏, ‏والفنان‏ ‏الملهم‏ ‏هو‏
‏الروح‏ ‏القدس‏, ‏والخادم‏ ‏الذي‏ ‏شوه‏ ‏الصورة‏ ‏هو‏ ‏عدو‏ ‏الخير‏, ‏وعودة‏ ‏الابن‏
‏الوحيد‏ ‏إشارة‏ ‏إلي‏ ‏التجسد‏, ‏وترميم‏ ‏الصورة‏ ‏دون‏ ‏تمزيقها‏ ‏علامة‏ ‏رغبة‏
‏الله‏ ‏في‏ ‏تجديد‏ ‏الصورة‏ ‏الإلهية‏ ‏في‏ ‏آدم‏, ‏إماتته‏ ‏وخلق‏ ‏آدم‏ ‏آخر‏
‏غيره‏.‏
وهكذا‏
‏عبر‏ ‏لنا‏ ‏القديس‏ ‏أثناسيوس‏ ‏عن‏ ‏تجديد‏ ‏الصورة‏ ‏الإلهية‏ ‏فينا‏, ‏وما‏ ‏استلزمه‏
‏ذلك‏ ‏من‏ ‏تجسد‏ ‏وفداء‏, ‏وموت‏ ‏وقيامة‏.‏
نعم‏..
‏سنرث‏ ‏سماء‏ ‏جديدة‏, ‏وأرضا‏ ‏روحانية‏ ‏عتيدة‏, ‏يملك‏ ‏فيها‏ ‏البر‏!.‏
إن‏
‏الإنسان‏ ‏لن‏ ‏يكون‏ ‏شريكا‏ ‏في‏ ‏الطبيعة‏ ‏الإلهية‏, ‏فالله‏ ‏يظل‏ ‏هو‏ ‏الله‏,
‏والإنسان‏ ‏يظل‏ ‏إنسانا‏, ‏ولكن‏ ‏المؤمن‏ ‏بالمسيح‏ ‏سيكون‏ ‏شريكا‏ ‏لله‏, ‏أي‏
‏في‏ ‏العشرة‏ ‏الحياة‏ ‏والعمل‏ ‏والملكوت‏, ‏إذ‏ ‏يتنازل‏ ‏الله‏ ‏ويضمه‏ ‏إلي‏
‏حضرته‏, ‏ويسكنه‏ ‏في‏ ‏ملكوته‏, ‏بعد‏ ‏أن‏ ‏جعله‏ ‏هيكلا‏ ‏لسكني‏ ‏الروح‏ ‏القدس‏
‏1-
عادت‏ ‏إلينا‏ ‏الصورة‏ ‏الإلهية‏: ‏وفي‏ ‏هذا‏ ‏يحدثنا‏ ‏العظيم‏ ‏أثناسيوس‏ ‏عن‏
‏ذلك‏ ‏الملك‏ ‏القدير‏, ‏صاحب‏ ‏الابن‏ ‏الوحيد‏, ‏الذي‏ ‏طلب‏ ‏من‏ ‏الفنان‏ ‏الملهم‏
‏أن‏ ‏يرسم‏ ‏صورة‏ ‏لابنه‏ ‏المحبوب‏, ‏يتذكره‏ ‏بها‏ ‏في‏ ‏غيابه‏. ‏فرسم‏ ‏الفنان‏
‏صورة‏ ‏ممتازة‏ ‏للابن‏ ‏الوحيد‏, ‏تحمل‏ ‏ملامحه‏ ‏تماما‏. ‏ثم‏ ‏جاء‏ ‏أحد‏ ‏الخدم‏
‏في‏ ‏القصر‏, ‏وشوه‏ ‏الصورة‏, ‏وأزال‏ ‏ملامح‏ ‏الوجه‏. ‏فطلب‏ ‏الملك‏ ‏من‏ ‏الفنان‏
‏أن‏ ‏يعيد‏ ‏الصورة‏ ‏إلي‏ ‏أصلها‏. ‏فطلب‏ ‏الفنان‏ ‏من‏ ‏الملك‏ ‏عودة‏ ‏الابن‏
‏الوحيد‏ ‏مرة‏ ‏ثانية‏, ‏ليتمكن‏ ‏من‏ ‏رسم‏ ‏الصورة‏. ‏ولما‏ ‏جاء‏ ‏الابن‏ ‏الوحيد‏,
‏اقترح‏ ‏الفنان‏ ‏علي‏ ‏الملك‏ ‏أن‏ ‏يمزق‏ ‏الصورة‏ ‏القديمة‏, ‏ويرسم‏ ‏له‏ ‏صورة‏
‏جديدة‏ ‏تماما‏. ‏لكن‏ ‏الملك‏ ‏رفض‏ ‏طالبا‏ ‏ترميم‏ ‏الصورة‏ ‏القديمة‏, ‏لما‏
‏تحمله‏ ‏من‏ ‏ذكريات‏ ‏في‏ ‏قلبه‏, ‏وقد‏ ‏كان‏. ‏تم‏ ‏ترميم‏ ‏الصورة‏ ‏فعادت‏ ‏كما‏
‏كانت‏ ‏تماما‏.
‏‏2-
‏تخلصنا‏ ‏من‏ ‏سلطان‏ ‏الخطيئة‏: ‏فصرنا‏ ‏بالقيامة‏ ‏نهتف‏: ‏إذ‏ ‏قد‏ ‏تبررنا‏
‏بالإيمان‏, ‏لنا‏ ‏سلام‏ ‏مع‏ ‏الله‏, ‏بربنا‏ ‏يسوع‏ ‏المسيح‏ (‏رو‏5:1).. ‏نحن‏
‏الذين‏ ‏متنا‏ ‏عن‏ ‏الخطية‏, ‏كيف‏ ‏نعيش‏ ‏بعد‏ ‏فيها‏.. ‏إن‏ ‏إنسانا‏ ‏العتيق‏
‏قد‏ ‏صلب‏ ‏معه‏ (‏بالمعمودية‏), ‏ليبطل‏ ‏جسد‏ ‏الخطية‏ ‏كي‏ ‏لا‏ ‏نعود‏ ‏نستبعد‏
‏أيضا‏ ‏للخطية‏, ‏لأن‏ ‏الذي‏ ‏مات‏ ‏قد‏ ‏تبرأ‏ ‏من‏ ‏الخطية‏, ‏ولكن‏ ‏أحياء‏ ‏لله‏
‏بالمسيح‏ ‏يسوع‏ ‏ربنا‏. ‏إذن‏, ‏لا‏ ‏تملكن‏ ‏الخطية‏ ‏في‏ ‏جسدكم‏ ‏المائت‏, ‏لكي‏
‏تطيعوها‏ ‏في‏ ‏شهواتها‏, ‏ولا‏ ‏تقدموا‏ ‏أعضاءكم‏ ‏آلات‏ ‏إثم‏ ‏للخطية‏ ‏بل‏ ‏قدموا‏
‏ذواتكم‏ ‏لله‏ ‏كأحياء‏ ‏من‏ ‏الأموات‏ ‏وأعضاءكم‏ ‏آلات‏ ‏بر‏ ‏لله‏ (‏رو‏6:11-13).
‏‏3-
رجعنا‏ ‏بالقيامة‏ ‏إلي‏ ‏الفردوس‏: ‏ليس‏ ‏إلي‏ ‏جنة‏ ‏عدن‏, ‏في‏ ‏أرض‏ ‏العراق‏,
‏التي‏ ‏زالت‏ ‏بالطوفان‏, ‏ولكن‏ ‏إلي‏ ‏العضوية‏ ‏المقدسة‏ ‏في‏ ‏جسد‏ ‏المسيح‏:
‏الكنيسة‏, ‏وإلي‏ ‏شركة‏ ‏حية‏ ‏مع‏ ‏الله‏ ‏وملائكته‏ ‏وقديسيه‏, ‏وإذ‏ ‏انشق‏ ‏حجاب‏
‏الهيكل‏, ‏انفتح‏ ‏قدس‏ ‏الأقداس‏, ‏ودخلنا‏ ‏إلي‏ ‏شركة‏ ‏السمائيين‏. ‏فكلمة‏ ‏هيكل‏
=
piervei = ‏المكان‏ ‏الذي‏ ‏صار‏ ‏سماء‏.. ‏وهكذا‏ ‏صارت‏ ‏الإفخارستيا‏ ‏خبزا‏
‏سمائيا‏, ‏يهب‏ ‏حياة‏ ‏للعالم‏, ‏وصارت‏ ‏الكنيسة‏ ‏بيتا‏ ‏للملائكة‏, ‏حيث‏ ‏التسيح‏
‏الدائم‏, ‏وصار‏ ‏الإنسان‏ ‏ابنا‏ ‏لله‏, ‏ووريثا‏ ‏للملكوت‏ ‏العتيد‏.
‏‏4-
‏وبالقيامة‏ ‏تتجدد‏ ‏الطبيعة‏ ‏مرة‏ ‏أخري‏: ‏وذلك‏ ‏حينما‏ ‏نصل‏ ‏إلي‏ ‏السموات‏
‏الجديدة‏ ‏والأرض‏ ‏الجديدة‏, ‏لأن‏ ‏السماء‏ ‏الأولي‏ ‏والأرض‏ ‏الأولي‏ ‏مضتا‏,
‏والبحر‏ ‏لا‏ ‏يوجد‏ ‏فيما‏ ‏بعد‏ (‏رؤ‏21:1), ‏وقد‏ ‏رأي‏ ‏يوحنا‏ ‏المدينة‏ ‏المقدسة‏,
‏أورشليم‏ ‏الجديدة‏, ‏نازلة‏ ‏من‏ ‏السماء‏, ‏من‏ ‏عند‏ ‏الله‏ ‏مهيأة‏ ‏كعروس‏ ‏مزينة‏
‏لرجلها‏.. ‏هوذا‏ ‏مسكن‏ ‏الله‏ ‏مع‏ ‏الناس‏, ‏وهو‏ ‏سيسكن‏ ‏معهم‏, ‏وهم‏ ‏يكونون‏
‏له‏ ‏شعبا‏, ‏والله‏ ‏نفسه‏ ‏يكون‏ ‏معهم‏ ‏إلها‏ ‏لهم‏ (‏رؤ‏3, 21:2).. ‏كما‏ ‏استمع‏
‏إلي‏ ‏صوت‏ ‏الرب‏: ‏ها‏ ‏أنا‏ ‏أصنع‏ ‏كل‏ ‏شئ‏ ‏جديدا‏.. (‏رؤ‏21:5).. ‏لأن‏ ‏انتظار‏
‏الخليقة‏ ‏يتوقع‏ ‏استعلان‏ ‏أبناء‏ ‏الله‏, ‏إذ‏ ‏أخضعت‏ ‏الخليقة‏ ‏للبطل‏.. ‏لأن‏
‏الخليقة‏ ‏نفسها‏ ‏أيضا‏ ‏ستعتق‏ ‏من‏ ‏عبودية‏ ‏الفساد‏ ‏إلي‏ ‏حرية‏ ‏مجد‏ ‏أولاد‏
‏الله‏.. (‏رو‏8:19-21).
‏‏5-
‏وسقط‏ ‏الشيطان‏ ‏الذي‏ ‏أذل‏ ‏الإنسان‏: ‏إذ‏ ‏رآه‏ ‏الرب‏ ‏ساقطا‏ ‏مثل‏ ‏البرق‏
‏من‏ ‏السماء‏ (‏لو‏10:18), ‏معطيا‏ ‏وعدا‏ ‏لنا‏: ‏قاوموا‏ ‏إبليس‏ ‏فيهرب‏ ‏منكم‏
(‏يع‏4:7), ‏وإله‏ ‏السلام‏ ‏سيسحق‏ ‏الشيطان‏ ‏تحت‏ ‏أرجلكم‏ ‏سريعا‏ (‏رو‏16:20).
‏ولم‏ ‏يعد‏ ‏في‏ ‏مقدور‏ ‏الشيطان‏ ‏أن‏ ‏يفرض‏ ‏نفسه‏ ‏علي‏ ‏الإنسان‏, ‏بل‏ ‏هو‏
‏يعرض‏ ‏مجرد‏ ‏عرض‏, ‏صورا‏ ‏من‏ ‏الخطيئة‏ ‏والفساد‏, ‏وللإنسان‏ ‏سلطان‏ ‏في‏ ‏المسيح‏
‏أن‏ ‏يطرده‏ ‏قائلا‏:
‏اذهب‏ ‏عني‏ ‏يا‏ ‏شيطان‏ (‏مت‏16:23), ‏مستمدا‏ ‏القوة‏ ‏ممن‏
‏سحق‏ ‏الشيطان‏ ‏تماما‏, ‏وأشهره‏ ‏جهارا‏.. ‏الرب‏ ‏يسوع‏.
‏‏6-
‏وانهزم‏ ‏الموت‏ ‏إلي‏ ‏الأبد‏.. ‏إذ‏ ‏صار‏ ‏الإنسان‏ ‏ابنا‏ ‏له‏, ‏وريثا‏ ‏للملكوت‏,
‏وصار‏ ‏الموت‏ ‏الجسدي‏ ‏معبرا‏ ‏إلي‏ ‏الخلود‏, ‏وطريقا‏ ‏إلي‏ ‏الأبدية‏ ‏السعيدة‏,
‏ولهذا‏ ‏أحب‏ ‏القديسون‏ ‏الموت‏, ‏وسعوا‏ ‏إليه‏ ‏واشتهوه‏ ‏اشتهاء‏, ‏لي‏ ‏اشتهاء‏
‏أن‏ ‏انطلق‏ ‏وأكون‏ ‏مع‏ ‏المسيح‏ (‏في‏1:23)!! ‏وبعد‏ ‏أن‏ ‏كان‏ ‏الموت‏ ‏علامة‏
‏انهزام‏ ‏للبشرية‏, ‏جاء‏ ‏رب‏ ‏الحياة‏ ‏مانحا‏ ‏الخلود‏ ‏للبشر‏.
‏‏7-
واتحد‏ ‏الإنسان‏ ‏بالله‏: ‏صائرين‏ ‏بالفداء‏ ‏والقيامة‏ ‏شركاء‏ ‏الطبيعة‏ ‏الإلهية‏
(2‏بط‏1:4), ‏بمعني‏ ‏أنه‏ ‏صار‏ ‏ابنا‏ ‏لله‏, ‏بالتبني‏ ‏وليس‏ ‏بالطبيعة‏.‏
 
قديم 28 - 08 - 2014, 02:04 PM   رقم المشاركة : ( 5545 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,935

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

ما هو الفساد ؟
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


هناك دون شك مجموعة طرق لتحديد الفساد، أكثرها انتشاراً على المستوى العالمي التعريف التالي الذي "تعتمده منظمة الشفافية الدولية"(3): «الفساد هو عيب ينال من سلطة عامَّة أو خاصَّة يجعلها تسعى لتحقيق مصالحها الشخصيَّة». وهذا التعريف يعني خصوصاً الفساد السلبي أو الإيجابي الذي يقع فيه موظفون في مؤسسات عامَّة أو أصحاب المنشآت الخاصة.

هناك تعريف آخر تعتمده "إدارة التنمية والتعاون" (DDC): الفساد هو ما يقوم به أشخاص عهدت إليهم مهمَّات عامَّة أو خاصَّة عندما يتخلون عن واجباتهم بهدف الحصول على مكاسب لا تحقُّ لهم من أي نوعيَّة كانت. فيما يكتفي عالم الاقتصاد والأخلاقيات "بيتر أورليخ" بالتحديد المختصر التالي: الفساد هو استغلال الخير العام من أجل مصالح خاصَّة.

أمَّا المفكِّر العربي "عزمي بشارة"، فيحدده كما يلي:(4)

يصم المعنى الدارج على ألسن العرب بالفساد الاستفادة الشخصية من التعامل مع الشأن العام بحكم الوظيفة أو الموقع، وذلك بإدخال اعتبارات ليست ذات علاقة، ولا تمت للشأن العام بصلة بل قد تضر به. وبكلمات غير دارجة غياب الفصل بين الحيز العام والحيز الخاص، وبين المال العام والمال الخاص. وتقوم الإدارة الحديثة لشؤون الدول والمجتمعات على افتراض أن القرار العقلاني بالشأن العام يتخذ على أساس الصالح العام، وان الفرد، مهما عظم شأنه وعلا مركزه وكثرت صلاحياته، لا يمثل ولا يجسد بشخصه أو بمزاجه أو بجيبه المصلحة العامة، وانه إذا كان على رأس عمل عام، فإنه يحمل صفتين صفة خاصة وصفة عامة. ومهما كانت هذه الصفات متنافرة أو ومتداخلة إلى أن يصبح شأن الخاص شأناً عاماً، إذ قد يشعر المجتمع بأن من حقه معرفة تفاصيل صحة الشخصية العامة وميولها وما إلى ذلك، إلا انه يبقى هنالك فصل بين الصالح العام وصالحه الخاص، أو صالح أسرته، أو أصدقائه، أو أقربائه.

ويتابع توصيف حالة الفساد، خصوصاً عندما تنتشر وتستشري في مجتمع ما:

ينتشر.. قانون الفساد من القمة إلى القاعدة، مثل الخيط الناظم لحبات متناثرة من المصالح المتناثرة التي لا تؤسس لصالح عام أو لبناء أمَّة، حتى يكاد الفساد يصبح نمط إنتاج قائم بذاته. الراتب هو دخل البؤساء وحدهم. وهو في حالة الفساد مجرد بقشيش يضاف إلى الدخل الحقيقي الناجم عن استغلال الصلاحية أو الوظيفة أو السطوة أو القوة أو علاقات القرابة والنسب. والفساد هو عملياً عملية إعادة توزيع "أكثر عدالة" للدخل. ولكن إعادة التوزيع هذه تتم بدَوس المواطن وسحقه، أي بتحويل حقوق يستحقها المواطن إلى رهائن تحرر مقابل فدية. وتدفع الفدية مقابل الحقوق ذاتها، أو مقابل النجاعة وعدم التأجيل، أو مقابل التخلي عن "تطليع الروح" وهو اختصاص قائم بذاته. أو يتم التأثير على قرارات هيئات مقابل المال، أو يتم استغلال النفوذ السياسي لتسهيل التراخيص والمعاملات مقابل نسبة مئوية، أو لإعاقتها وعرقلتها بدون مقابل، ولو كانت عرقلتها ضد الصالح العام.

لا شكَّ في أنَّ الفساد هو أحد أكبر العوائق التي تقف في وجه التنمية، فهو يجعل وسائلها تفقد الجزء الأكبر من فعاليتها. الفساد ينخر روح العدالة في المجتمع، يُنهك الفعاليات الديموقراطيَّة ويعزِّز الطغيان، يجعل الأغنياء يزدادون غنى والفقراء يزدادون فقراً.

تنتشر ظاهرة الفساد في العالم بأسره، بدرجات متفاوتة دون شك، لكن باتساع يكاد لا يحتمل استثناء. بالطبع يمكن ملاحظة ظاهرة الفساد بشكل أكثر وضوحاً في البلدان النامية أو التي تمرُّ بمرحلة انتقاليَّة، إلاَّ أنَّ كبريات الشركات والمؤسسات العالميَّة كثيراً ما تكون متورطة في جانب من ظاهرة الفساد ومشاركة فيها بشكل فعَّال أو متواط.

ولا يمكن الحديث عن محاربة الفساد، يؤكد عزمي بشارة، «وبالتالي عن نمو اقتصادي اجتماعي ولا يجوز التشدق بالديموقراطية والحريات من دون تطبيق سيادة القانون والمساواة أمام القانون والفصل بين الحيز العام والخاص. ويطرح بحق السؤال: هل في الإمكان تطبيق ذلك كله من دون رقابة سلطة لسلطة، ومن دون حرية إعلام واستقلال القضاء؟..»(5)

لهذا السبب تتكوَّن أكثر فأكثر القناعة بأنَّ مشاركة المجتمع الأهلي ومؤسساته المدنيَّة والدينيَّة على السواء، في التوعية والجهود المبذولة، لهو أمر لا غنى عنه من أجل الوصول إلى تعامل مع الظاهرة يتَّسم بالجديَّة. وهذا ما سنحاول المساهمة به مهتمين بشكل خاص بدراسة الجانب الأخلاقي والموقف الديني والروحي المنسجم معه.(6)

 
قديم 28 - 08 - 2014, 02:05 PM   رقم المشاركة : ( 5546 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,935

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

أشكال الفساد وملامحه العامَّة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

يميِّز الدارسون عادة بين نوعين أو مستويين للفساد:

- فساد الفقر وهو ما يسمى عادة "بالفساد الأصغر" (petite corruption; petty corruption) وهو ظاهرة يولِّدها الفقر، خصوصاً عندما تكون الأجور منخفضة إلى حد كبير أو يجري التأخُّر في دفعها، أو لا تؤمَّن الحاجات الأساسيَّة للعيش الكريم. آنذاك يبدأ الناس بالبحث عن مصادر إضافيَّة للدخل، غالباً ما تكون ناجمة عن استغلال صلاحيات وظائفهم لتحقيق منافع شخصيَّة ماديَّة أو معنويَّة.

- فساد السلطة وهو ما يدعى عادة "بالفساد الأكبر" (grande corruption; grand corruption) وينبع عادة من رغبة سلطة ما في الحفاظ على امتيازاتها والحصول على مكاسب اقتصاديَّة من خلالها. وكثيراً ما تشترك به شركات كبرى وجهات رسميَّة. ويدعى أيضاً فساد المكاسب وفساد التسريع، والمقصود مجمل الطرق التي تؤدِّي للحصول على مال أو خدمات، ما كان بالإمكان دون ذلك الحصول عليها، إذ كان ينبغي تسديد تكاليف إداريَّة أكبر بكثير ممَّا جرى دفعه في الواقع، أو التقيُّد بمهل نظاميَّة محدَّدة.

ويمكننا عموماً رؤية ملامح الفساد في التصرفات التالية: البحث غير المشروع عن مكاسب شخصيَّة أو لا حقَّ لنا فيها؛ الأنشطة التي تتَّسم بالسريَّة أو بنقص في الشفافيَّة؛ الاستخدام غير المجدي للوسائل الاقتصاديَّة؛ المساومات على المناصب وتفضيل الأقارب وانتشار المحسوبيات؛ الإخلال باتفاقات موثقة ومعتمدة شرعاً؛ الاستهتار بالقيم الأخلاقيَّة والأعراف العامَّة؛ انتهاك حقوق مشروعة والاستخفاف بقيم الحق والعدالة..

يختلف الفساد إذاً اختلافاً بيِّناً عن تصرُّفات مثل تقديم الهدايا أو ما يمكن أن يعتبر من ضمن الأجر (الإكراميات) أو بدل الخدمات. لكنَّ هذه العناصر كثيراً ما تختلط وتصير دافعاً لتبرير الفساد ضمن ما صار يدعى "بثقافة الهدية". الهدايا الحقيقيَّة تتَّصف بالعلنيَّة، لا تقدَّم سراً، ولا تتصل بما يقدَّم عوضاً عنها في إطار من المساومة أو الابتزاز.. وفي كلِّ حال، لا يمكن أن نعتبر هدية تلك المبالغ الضخمة التي تقدَّم في سبيل إبرام الصفقات أو الفوز بالمناقصات وما يشبه ذلك..

إنَّ أبرز أشكال الفساد وأكثرها شيوعاً هي، دون شك، الدفعات المتعددة الأشكال التي تقدَّم للموظفين مثل الشرطة ورجال الجمارك وجباة الخدمات العامة، وهذه الدفعات غالباً ما تشكل جزءاً أساسياً، ولو سرياً، من الدخل الثابت لهؤلاء الموظفين. لهذا يعكس هذا الشكل من الفساد في أغلب الأحيان الحالة الماديَّة الكارثيَّة التي يبلغ إليها المستخدمون من جراء تدنِّي مستوى دخلهم وضغط التضخُّم المالي عليهم. وهناك إذن علاقة جد وثيقة وأكيدة بين اتساع مدى انتشار الفساد في بلد ما وعلو مستوياته وبين انخفاض مستوى رواتب الموظفين وأجور المستخدمين في المؤسسات العامَّة. ففي إطار معيشي يشبه ما وصفنا يصعب جداً عدم الخلط بين "دفعات تحت الطاولة" وبين الأجر الشرعي الذي يستحقه العامل أو بدل الخدمات المناسب لعمله.
 
قديم 28 - 08 - 2014, 02:06 PM   رقم المشاركة : ( 5547 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,935

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

القيم الأخلاقيَّة الأساسيَّة التي يهددها الفساد
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




العدالة : عادلٌ هو ما يساهم في ردم الهوَّة بين الأغنياء والفقراء. وعادل هو ما يخدم على الوجه الأفضل مصالح الأكثر ضعفاً. الفساد الأكبر يضاعف من امتيازات الأقوياء ويعمِّق بالتالي الهوَّة بين الفقراء والأغنياء.

المساواة : وتعني تمتُّع الجميع بالحقوق ذاتها بما في ذلك الأشخاص الأكثر ضعفاً أو فقراً في المجتمع. والفساد يُصيب في أغلب الأحيان بالضرر حقوق الناس الأكثر ضعفاً الذين لا يمتلكون الوسائل التي تمكنهم من تقديم الرشاوى، أو الذين لا تحترم حقوقهم من قبل القضاة الفاسدين.

الحقيقة : أحد دوافع الفساد يبقى الخوف من الحقيقة، وهذا ما يؤدي غالباً إلى غياب دولة القانون وإلى العنف.

الحرية: يخلق الفساد شبكة متماسكة من الارتباطات المتبادلة والضغوط الممارسة على الأشخاص، وهذا ما يعيق التعبير الشرعي عن الحرية السياسيَّة القائمة على احترام حقوق وواجبات المواطنين وحقوق الإنسان.

العمل : يجعل الفساد السرقة تحلُّ محل النشاط الاقتصادي الشريف، ويعرقل اتساق قوانين السوق والمنافسة البناءة، وهذا ما يضيِّق من مساحة سوق العمل ويقلِّل من فرصه.

المشاركة : يرتكز الفساد على نقص الشفافيَّة، وهذا ما يتعارض مع إمكانيَّة الرقابة الديموقراطيَّة ومشاركة الرأي العام فيها. فالمشاركة في آليات صنع القرار تفترض إحاطة حقيقيَّة بالمعلومات اللازمة لذلك.

حقوق الإنسان : يمنع الفساد الأفراد من التمتُّع بحقوقهم التي تمنحهم إياها الأنظمة العامَّة، إذ يصير من المحتَّم عليهم أن يدفعوا ثمناً لذلك. وهكذا من "يملك" يستطيع الحصول على "حقه" أكثر بكثير ممن لا يملك شيئاً. وقد اعتبرت الجمعية العامة لمجلس الكنائس العالمي عام 1998 أن حماية الأفراد من أفعال الفساد هو من الحقوق الإنسانية الأوليَّة.

الخير العام : وهو ذو أولويَّة لا جدال فيها على المصالح الشخصيَّة، إلا أنَّ الفساد بكونه تحويل للسلطات العامة نحو تحقيق الفوائد الخاصَّة، إنما يضحِّي بالفائدة العامَّة في سبيل الفائدة الخاصة. إنه باختصار استنفاذ المصالح الفرديَّة للخير العام.

ماذا يبقى من مجتمع انهارت فيه كل هذه القيم؟ يختم عزمي بشارة مقاله بهذه الملاحظة:

لا أعرف عن لغة غير العربية تشترك فيها المعاني على لفظ "الفساد"، بمعنى العطب والفناء والاندثار decay، وبالمعنى الدارج على لسان الناس تذمراً من حالة الإثراء من المال العام أو الاستفادة من الموقع العام والسلطة والسطوة والقوة لغرض الإثراء أو استغلال سوء الإدارة وشراء الذمم من أجل اتخاذ قرار وغيرها من الدلالات corruption. وليس لدي شك بأن الحديث هنا ليس عن كلمتين متجانستين بلاغياً بدلالتين مختلفتين. إنه لفظ واحد تشتق دلالاته من بعضها.

 
قديم 28 - 08 - 2014, 02:06 PM   رقم المشاركة : ( 5548 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,935

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

الضمير المسيحي أمام الفساد

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

أمام ظاهرة الفساد المستشري يحتار المؤمن في تكوين موقف متوازن ومنسجم أخلاقياً: فهل تكفي الإدانة السريعة للفساد باعتباره نوعاً من أنواع السرقة، أو شكلاً من أشكال الاحتيال والنهب؟ أم هل يمكن بسهولة إيجاد الأعذار الكافية أو الأسباب المخفِّفة نظراً لسعة انتشار هذه الممارسة، أو بناءً على مبدأ اختيار "أهون الشرِّين" عندما يتعلَّق الأمر بحياة الأشخاص أو الأسر الكريمة أو مستقبل الأفراد المهني أو الاجتماعي؟ ببساطة شديدة، ماذا يفعل المسيحي عندما يجد الفساد محيطاً به من كل جانب؟ هل يمكنه أن يقبل الأمر الواقع ويعتبره طبيعياً..؟ أم هل ينخرط في اللعبة قائلاً لنفسه: "هل أنا الذي سأصلح العالم؟ لماذا لا أستفيد من الفرص المتاحة كما يفعل الآخرون؟ أم ينسحب من الحياة العامَّة ويختار طريق الهجرة؟

لا يصعب في الغالب تبرير الفساد الأصغر في الممارسة اليوميَّة أخلاقياً. فهل يمكن لأحد أن يدين موظفاً صغيراً يحاول أن يحسِّن راتبه البائس لكي يقوم بأود عائلته؟ أم هل يمكن الحكم على موظف جمارك يقبل "مغلفاً" ليسرِّع تخليص شحنة أدوية قبل أن تفسد أو تنتهي مدتها؟ إلاَّ أنَّ هذه الأنواع من الفساد الأصغر وإن كان من السهل تفهُّمها وتجنُّب الحكم على ممارسيها، فإنما ينبغي رفض تبريرها أخلاقياً بحزم ودون مواربة. فهي مثل الفساد الأكبر، وإن بمقدار أقل، تساهم في تخريب الثقة واضطراب الجماعة وتهديم الديموقراطيَّة. ومع أنه في بعض الحالات يصير من غير الممكن على المستوى الفردي تجنُّب هذا النوع من الممارسات في إطار المحافظة على الحد الأدنى من إمكانيات العيش الكريم، إلا أن ذلك لا يعني التوصُّل إلى اعتبارها شرعيَّة من وجهة النظر الأخلاقيَّة. وهنا نواجه تداخلاً معروفاً بين البنى الاجتماعيَّة غير العادلة والمسؤولية الفرديَّة عن الأفعال الشخصيَّة. وها نحن في قلب المعنى المسيحي للخطيئة والغفران، الذي يسمح لنا بتسمية الظلم وتحديده ولو لم يكن باستطاعتنا تجنبه، بدلاً من أن نسعى لتبريره أخلاقياً.

 
قديم 28 - 08 - 2014, 02:07 PM   رقم المشاركة : ( 5549 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,935

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

الفساد بحسب تعليم الكنيسة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

منذ كتُب العهد الجديد نجد موضوع الفساد حاضراً. فيوحنا المعمدان الذي كان يعلن، بحسب نبوءة أشعيا، اقتراب ملكوت السماوات وقدوم المسيح، كان يعظ بالتوبة كل من يأتي إليه لينال المعمودية.. وها هو يجيب جباة الضرائب الذين «قالوا له: يا معلِّم، ماذا نعمل؟ فقال لهم: لا تجمعوا من الضرائب أكثر ممَّا فرض لكم» (لو 3/13). وفي الاتجاه نفسه يقول للجنود: «لا تظلموا أحداً ولا تشوا بأحد، واقنعوا بأجوركم» (لو 3/14). وفي الحالتين يمكن إجمال تعليم يوحنا لهؤلاء الموظفين بأن يتجنبوا الفساد وأن يبقوا في حدود ما تتطلبه منهم واجبات وظائفهم: الواجب كل الواجب ولا شيء أكثر من الواجب. وتوبتهم بهذا المعنى تصير قائمة في تحقيق الأمانة لواجباتهم.

يسوع ذاته، ما أن اعتمد من يوحنا، حتى واجه تجربة الفساد.. إنها التجربة الثانية التي يعرضها عليه المجرِّب بعد أن أراه جميع ممالك الدنيا ومجدها: «أعطيكَ هذا كلَّه إن سجدت لي وعبدتني» (متى 4/8-10). يمكن فهم معنى هذه التجربة بإدراك يسوع العميق لما يمثلُّه المال من سطوة على حياة البشر، تجعل منه منافساً حقيقياً لسلطة الله وإرادته الخيِّرة، فنراه يصرِّح بالقول: «لا يمكن لأحد أن يعبد ربين..» (متى 6/24). إلاَّ أنَّ يسوع لم يتردَّد في مخالطة العشَّارين مع علمه بأنَّ جباية الضرائب كان ينخرها الفساد، وذلك لأنَّه كان يؤمن بقدرة الإنسان على التوبة وتغيير أسلوب حياته جذرياً، وهذا ما تؤكده دعوته لمتى (متى 9/9-13) وقبوله دعوة زكا رئيس العشارين وتوبته (لو 19/1-10).

لكنَّ الشكل الأكثر خطراً من أشكال الفساد كما يبدو، هو ذاك الذي يظهر في قلب الجماعة الكنسيَّة وينال من أمور الإيمان ذاتها. يُخبرنا كتاب أعمال الرسل بشيء من التفصيل عن أوائل ظواهر الفساد في الجماعة المسيحيَّة الناشئة، وذلك في رواية "حنانيا وسفيرة"، حيث يعلن بطرس جسامة ما ارتكبه حنانيا، لا بناء على قيمة المال الذي اختلسه، بل على موقفه من الله: «أنتَ كذبتَ على الله لا على الناس» (رسل 5/4). إنَّ الرسالة التي ينقلها لنا أعمال الرسل بشأن الفساد، وإن تمَّ التعبير عنها من خلال أسلوب روائي، لهي بالغة الأهميَّة من الوجهة الأخلاقيَّة. ويمكننا أن نستمدَّ منها القيم الأساسيَّة التي يمكن أن نبني بواسطتها ما ندعوه اليوم "أخلاق الشفافيَّة".

كذلك تشهد رواية "سمعان الساحر" الذي حاول أن يعرض مالاً على الرسولين بطرس ويوحنا لكي يحظى بموهبة استدعاء الروح القدس بوضع الأيدي (رسل 8/8-24)، على النموذج الأول لإحدى أكثر ممارسات الفساد التي ستعاني منها الكنيسة عبر العصور (السيمونيَّة)، والتي لم تفتأ تهدِّد نقاوة حياة الجماعة المسيحيَّة ومصداقيَّة شهادتها للإنجيل. هنا أيضاً يُعلن بطرس بعنف بارز حكماً قاطعاً يتجاوز القاعدة الأخلاقيَّة، لأنَّ الأمر يمسُّ قيمة المواهب الإلهية ذاتها: «إلى جهنَّم أنتَّ ومالك، لأنَّك ظننتَ أنَّك بالمال تحصل على هبة الله!».

لقد عرفت الجماعات المسيحيَّة عبر تاريخها الطويل أشكالاً عديدة من الفساد، بعضها يتعلَّق بالمال، وبعضها بالسلطة، وبعضها بالجنس، وبعضها بحقوق الإنسان الأساسيَّة.. واللائحة طويلة. وهذا ما جعلها شيئاً فشيئاً تكوِّن مجموعة قوانينها وتنظيماتها ومجالسها الخاصَّة، التي تسمح، من حيث المبدأ على الأقل، بالانتباه إلى حالات الفساد ومعالجتها وإصلاحها. فمن الواجبات الأولى الملقاة على عاتق المؤمنين والرعاة على حدٍّ سواء واجب اليقظة والجهد المتواصلين لكي لا تصير القوانين حبراً على ورق، أو تتحوَّل المجالس واللجان (إن وجدت) إلى نوادي.. بل يبقى في الكنيسة متَّسع للتعبير عن الرأي والاعتراض والمراجعة والتقييم والاعتراف بالخطأ.. وكلُّها تضيِّق الخناق على الفساد وتحد من انتشاره أو تناميه في الجماعة المسيحيَّة.

ولا شكَّ بأنَّ الشجاعة التي تبديها الجماعات المسيحيَّة في مواجهة ظواهر الفساد الداخليَّة، سوف تجعلها أيضاً أكثر شجاعة في التصدِّي بموقف نبوي لمظاهر الفساد في المجتمع، وعلى وجه الخصوص الفساد الأكبر، الذي يصعب في أكثر الأحيان على الأفراد التعامل معه أو حتى الإشارة إليه وانتقاده. وسنعرض في ما يلي نموذجاً معاصراً لموقف كنسي من الفساد يمكن الاقتداء به.
 
قديم 28 - 08 - 2014, 02:08 PM   رقم المشاركة : ( 5550 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,935

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

القيم الدينية الأساسيَّة التي يمكن الاستناد عليها لمقاومة الفساد
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


1- الحق أو الصدق

«أنا الطريق والحق والحياة» يقول يسوع، ويشترك التقليد المسيحي مع سواه من النظم الأحلاقيَّة أو الدينيَّة، في اعتبار الحق أو الصدق قيمة راسخة وأصيلة يفتخر المؤمن بالمحافظة عليها. فالإنسان الحق أو الصادق هو الإنسان الأمين الكامل الذي يمكن الاعتماد عليه. الله ذاته حق وصادق أمين لا يخلف بوعوده. والحق بهذا المعنى لا يعني الموقف الذي يعتنقه الإنسان فكرياً بقدر ما يشير إلى إطار من العلاقات الإنسانية المتناغمة، المستندة على الثقة والاحترام المتبادل.

والكذب هو، على العكس، ما يحطِّم هذا التناغم وتلك الثقة، ويقيم بدلاً منهما الشك بالآخرين والتنازع معهم وبالتالي اضطراب العلاقات. مع ذلك يبدو الكذب وكأنه قد تحوَّل إلى ممارسة طبيعيَّة لا نتردَّد في اللجوء إليها: نكذب لكي نجد لأنفسنا عذراً، ونكذب لكي نحصل على صفقة ما، ونكذب عندما نريد أن نتستر على نقص ما فينا أو في الآخرين.. إن اعتبار الكذب أمراً طبيعياً وتلقائياً في المعاملات الإنسانية، لا يمكنه إلا أن يشجِّع على الانخراط بسهولة أكبر في ممارسة الغش والنهب وسائر أنواع الفساد.

2- معرفة القوانين واحترامها

يخاطب الله في المسيحيَّة البشر موحياً إليهم بإرادته، والوحي الإلهي يحيل دوماً إلى ما يطلب الله من الناس أن يلتزموا به ليحافظوا على علاقتهم الوثيقة معه. وهذا ما يسمَّى عادة "الشرع الإلهي" (الوصايا العشر وشريعة المحبَّة). في العهد القديم يوحي الله بشريعته لموسى في أثناء الخروج من أرض الاستعباد، مما يجعل من هذه الشريعة أداة تحرير من العبودية، والتسلُّط، والعشوائيِّة، ومن استغلال الأقوياء للضعفاء، لا أداة تقييد أو تحديد. غاية الشريعة أن تنشئ أسلوباً جديداً متناغماً في حياة الجماعة. وهذا يتطلب أمرين: الأول أن تبقى الشريعة في خدمة الإنسان، لا أن يصبح الإنسان في خدمة الشريعة (مر 2/27)، والثاني أن يتمَّ احترام هذه الشريعة طالما هي كذلك. وهذا يفترض بدوره أن يكون القانون معروفاً من قبل الناس وموضوعاً للتفكير والمناقشة. ينطبق الأمر ذاته على القوانين المعتمدة في المجتمع، لذلك لا بدَّ للمؤمن من الاهتمام الجدي بحال القوانين والتنظيمات في بلده: هل هي بالفعل في خدمة الإنسان؟ هل تؤدي إلى تحقيق الانسجام في حياة المجتمع؟ وهل هذه القوانين معروفة ومقبولة من أعضاء المجتمع عموماً؟

3- بذل الجهد

عندما ينتشر الفساد في المجتمع تتغيَّر قيمة بذل الجهد فيه، ويصير النصابون والمحتالون والشطَّار أكثر قيمة من الشرفاء المساكين الخاسرين. وهذا الجو يدفع بالشبان على وجه الخصوص إلى التخلِّي عن طريق التربية المتطلِّب أو التمرُّن والتمرُّس الصعب باحثين عن الكسب المادي السريع والسهل الذي يعتمد في أغلب الأحيان على طرق الفساد والاحتيال.

لكنَّ التقاليد الروحيَّة المسيحيَّة تُجمع على اعتبار الطريق إلى الفضيلة طريقاً صعبة تتطلب من المؤمن جهداً حقيقياً يبذله للسلوك فيها. يتكلم الإنجيل عن "الباب الضيِّق" وعن "الصليب" الذي ينبغي على المؤمن أن يحمله لاتباع المسيح. ويبرز هنا مفهوم "الجهاد الروحي" بمعناه الإنساني الأوسع الذي يجاهد فيه المؤمن ذاته لينقيها من الرذائل والعيوب الداخلية، ويجاهد مع أصحاب الإرادة الصالحة لمواجهة انتشار الشرور وتناميها في العالم. المتديِّن إذن، لا يعتبر الحياة الدنيا مكاناً للراحة أو للهو، بل محلاً للعمل الجاد حيث العامل مستحق أجره، وهذا ما يمنح بذل الجهد قيمة خاصة.

4- الأصالة والشفافية

الله في الكتاب المقدس هو الذي يرى كل شيء ويعلم بكل شيء. فلا يمكن لأحد أن يتوارى من أمام وجه الله، كما حاول
 
موضوع مغلق

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:44 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024