18 - 08 - 2014, 05:38 PM | رقم المشاركة : ( 5311 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
إقامة لعازر والدخول إلى أورشليم الميتروبوليت إيروثيوس فلاخوس نقلها إلى العربية الأب أنطوان ملكي عندما حان زمان المسيح ليتألّم من أجل الجنس البشري، دخل أورشليم حيث استقبله اليهود الذين كانوا ينتظرونه استقبال الظافرين. هذا الاستقبال مرتبط بمعجزة إقامة لعازر الذي كان قد رقد ودُفن قبل أربعة أيام. اليهود، المحبطين من مختلف الأوضاع الاجتماعية والذين كانوا يتطلعون إلى مجيء المسيّا، ظنّوا أنّه هو القائد المنتَظر لإسرائيل. لكن ينبغي الإشارة إلى أنّ هذه التوقعات المسيانية كانت ممتزجة بالنزاعات للتحرر الوطني والحقوق القومية. إنّ إقامة لعازر ودخول المسيح الانتصاري إلى أورشليم مرتبطان بشدة، ولهذا لا نستطيع أن نفسّرهما منفصلين. بالطبع إنّهما يُحسَبان كعيدين مختلفين بين الأعياد السيدية الإثني عشر. مع هذا، سوف نعالجهما كعيد واحد. علاوة على ذلك، نحن ننظر إلى البعد الليتورجي للخدمتين، لأننا في عيد إقامة لعازر، أي السبت الذي قبل الشعانين، نرتل الطروبارية: ?أيها المسيح الإله، لما أقمت لعازر من بين الأموات قبل آلامك، حققت القيامة العامة، لذلك ونحن كالأطفال، نحمل علامات الغلبة والظفر، صارخين إليك يا غالب الموت، أوصنا في الأعالي، مبارك الآتي باسم الرب?. في كلا العيدين يُرَنَّم للمسيح ويُمَجَّد كغالب للموت. السعف التي نحملها في ذلك اليوم هي رموز للظفر والغلبة في إقامة لعاز التي هي نموذج لقيامة المسيح كما للقيامة العامة لكل الشعوب. سوف نشرح أولاً ما يتعلّق بإقامة لعازر ومن ثمّ نتكلّم عن دخول المسيح إلى أورشليم. - 1 - يورد لنا الإنجيلي يوحنا رواية إقامة لعازر (يوحنا 1:11). إنها إشارة إلى قيامة المسيح، وأيضاً نموذج للقيامة العامة والمجيء الثاني، هذا ما يعطيها معنى أكبر. يمكن تقسيم هذا النص إلى ثلاث نقاط أساسية. أولاً، رسالة المسيح إلى تلاميذه عن مرض لعازر ومن ثم إعلان موته. ثانياً، لقاء المسيح بأختي لعازر اللتين كانتا تنوحان لموت أخيهما. ثالثاً، الإقامة العجائبية للعازر. نجد الكثير من الحقائق المهمّة بين كل هذه الأحداث، كمثل أن المسيح هو القيامة، وأن الكلّ سوف يقومون في اليوم الأخير، وغيرها.. لن نتمكن من التطرق إليها كلّها بالتفصيل. النقطة هي أنّ الكنيسة تحتفل بحدث إقامة لعازر على أنّه تأكيد للقيامة العامة. لذلك ننشد في طروبارية العيد: ?أيّها المسيح الإله، لمّا أقمتَ لعازر من بين الأموات قبل آلامك، حققتَ القيامة العامة?. بهذا أكّد لنا المسيح أنّه سوف يقيم كل البشر، ليس فقط الأبرار، بل الجميع وسوف يُقَدَّمون إلى كرسي المحاكمة الرهيب الذي للمسيح. إن وجود المسيح الضابط الكل أمام القبر والموت، صوته الآمر الذي على أثره عادت نفس لعازر إلى جسده الميت، إعادة إحياء جسد لعازر الميت وحضوره حياً إلى بيته مع عائلته، كلّها نماذج لما سوف يحصل عند المجيء الثاني للمسيح. في الحقيقة، قد أنجز المسيح هذه المعجزة كإشارة ?إلى قيامة الأجساد العامة? (القديس كيرللس الإسكندري). بالطبع، هناك فارق جوهري بين قيامة لعازر وقيامة الشعوب في المجيء الثاني. فلعازر، بعد قيامته لم يكن جسده روحياً، بل قام بجسده الذي كان قبل موته، بكل المعالم التي تميزه من الفساد وقابلية الموت، وبالتالي كان بحاجة إلى الطعام وغيره من الأمور الضرورية للمحافظة على الحياة البيولوجية. يظهر هذا من أن مات مجدداً. في أي حال، عند المجيء الثاني، فالأجساد عندما تُقام، سوف تكون روحية لا حاجة لها إلى الغذاء ولا النوم ولا الطعام ولا الشراب. تظهِر لنا إقامة لعازر أن المسيح، الذي أنجز هذا العمل العظيم بألوهيته، قادر أيضاً على إقامة البشر في اليوم الذي يحدده. فهو الله القدير القوي. - 2 - كان لعازر صديقاً للمسيح، بحسب ما يظهر من الرواية الإنجيلية، وليس هو فقط بل وأختاه أيضاً. إن محادثة مريم ومرثا مع المسيح وعلاقتهما به تظهران الإلفة. لقد أرسلت أختا لعازر رسالة إلى المسيح: ?يَا سَيِّدُ، هُوَذَا الَّذِي تُحِبُّهُ مَرِيضٌ? (يوحنا 3:11). تظهر محبة المسيح لكل العائلة من الآية: ?وَكَانَ يَسُوعُ يُحِبُّ مَرْثَا وَأُخْتَهَا وَلِعَازَرَ? (يوحنا 5:11). عندما تحدّث المسيح عن موت لعازر وصفه بالحبيب، وليس حبيبه وحده بل حبيب كل التلاميذ ?لِعَازَرُ حَبِيبُنَا قَدْ نَامَ? (يوحنا 11:11). عندما لاقت مريم يسوع بدموع، بكى لألمها وللكلمات التي قالتها له. عندها قال اليهود: ?انْظُرُوا كَيْفَ كَانَ يُحِبُّهُ!? (يوحنا 36:11). بعد إقامة لعازر حضر المسيح إلى العشاء الذي أعدّوه في منزلهم (يوحنا 1:12-3). يظهر من كل هذه المقاطع أنّ المسيح أحبّ لعازر وأختيه كثيراً. يصف القديس أندراوس الكريتي لعازر بأنّه مبارَك، لأنّ المسيح، الذي هو المحبة بذاتها، قد أحبّه. وعندما يقول بأنّه ليس من عجب في أنّ المسيح أحب كثيراً المرأتين، مرتا ومريم، فهو قد أتى إلى العالم ليدعو جميع البشر إليه، وقد أحبّ بشكل خاصّ أولئك الذين قد حققوا الإدراك. هذا يعني أن مرتا ومريم، اللتين ترمزان إلى العمل وإلى معاينة الله، كما سوف نرى في مكان آخر، قد تخطتا العنصر الحسّي، وأحبتا بشكل كامل وحقيقي. وهكذا فقد كانت محبوبتين جداً عند المسيح. في البداية أعلِم المسيح من مريم ومرتا بأنّ لعازر مريض. يتحدّث القديس كيرللس الأورشليمي عن وقاحة المرض الذي تجرّأ حتّى على الناس الذين أحبهم الله. بالتأكيد، هذا طبيعي بعد عصيان الإنسان لله وارتداده عنه، لكن مع ذلك، كما يظهر في كل نصوص الكتاب المقدس والآباء، حتى القديسون الذين اتحدوا بالله كانوا يصابون بقوة المرض. إذاً، بما أن المسيح عرف بموت لعازر، كونه إلهاً، أعلن الحدث لتلاميذه: ?لِعَازَرُ حَبِيبُنَا قَدْ نَامَ? (يوحنا 11:11). لقد سمّى الموت نوماً، لأنّ، بالحقيقة، الموت المؤقّت للجسد هو نوم لا يتطلّب من المسيح، الذي هو الحياة الحقيقية، أكثر من إيماءة لينتهي. إلى هذا، يسمّي المسيح الموت نوماً، لأن المسيح لم يكن يريد أن يتلفّظ بكلمة ?الموت?، وذاك بالضبط لأنّه خلق الإنسان لعدم الفساد (القديس كيرللس الإسكندري). إن أصدقاء الله الذين يعيشون تركيبتهم الجسدية وظروفهم الخاصة في الحياة هم عرضة للفساد والموت لأنهم يلبسون أثواب جلدية. بالتأكيد، إن كرب الموت لا يتملّكهم، لأنّهم غلبوه بقوة المسيح، ولكن مع هذا فالموت هو حقيقة. إنّهم يتقبّلون من خلال صداقتهم مع المسيح بذار عدم الموت منذ الآن. بعد رقادهم العظيم يتخطّى جسدهم أيضاً قابلية فساده، لأنّ رفات أغلب القديسين لا تفسد، ولا تخضع للبلى، بل عند المجيء الثاني سوف تقوم من الفساد. - 3 - يظهر سر التدبير الإلهي أيضاً في موت لعازر وقيامته، كما في كيفية عمل طبيعتي المسيح. عندما أشرنا إلى عيد ميلاد المسيح بالجسد، فقد كان لنا أن نتحدّث عن طبيعتي المسيح، وقد حللنا بالتحديد عبارات المجمع المسكوني الرابع ?من دون تغير ولا تشوش ولا انقسام?. ?من دون تغير? تعني أن أيّاً من الطبيعتين الإلهية والبشرية لم تتغيّر ما يعني أنّه لا الطبيعة الإلهية صارت بشرية ولا البشرية خسرت صفاتها المميّزة وصارت إلهية. لم تخسر أي من الطبيعتين خاصياتها المميزة. ?من دون تشوش? تعني أنّه لم يكن هناك أي تشوش بين قوى الطبيعتين. الطبيعة الإلهية تقوم بكل الأمور الإلهية والطبيعة البشرية تقوم بكل ما هو بشري. ?من دون انقسام? تعني أن الطبيعتين لم تفترقا أبداً وعندما كان المسيح يقوم بما هو إلهي، كانت طبيعته البشرية تتبع، وعندما تعمل الطبيعة البشرية كانت الإلهية تتعاون. لكي يقدّم الآباء هذه الحقيقة، يقولون بأنّ كل طبيعة عملت ?في شركة مع الأخرى?. كيف تعمل الطبيعتان من خلال ما يبدو في حالة لعازر. كرجل، بكى المسيح لموت صديقه لعازر، لكن كإله أقامه بقوته الإلهية. سوف ننظر أيضاً إلى بعض الأوجه الأخرى لهذه الأحداث والمرتبطة بموت لعازر وقيامته. لم يتحدّث المسيح عن الموت عند إعلانه موت صديقه لعازر، بل تحدّث عن رقاد، بينما حين تحدّث لاحقاً عن موت لعازر فلم يصفه بالصديق. إنه يتحدّث عن موت لعازر لكنّه أيضاً يعبّر عن قراره الذهاب لإقامة صديقه. بحسب القديس اندراوس الكريتي، هذا ليس مجرد مثال عن التدبير، بل أيضاً دليل على الأصالة. لأن الأصالة أذعنت للصفات البشرية وكل ما يرتبط بالحواس بداعي ما قد اتُّخِذ، والتدبير اختصر الصفات الإلهية وصفات القوة الإلهية، أيضاً بداعي ما قد اتُّخِذ. وهكذا، فإن السلطة والقدرة الإلهيتين أخضعتا كل الصفات البشرية، والتدبير اختصر وقلّص الصفات الإلهية، لأن المسيح اتّخذ الطبيعة البشرية. إنّ kenosis ابن الله وكلمته هو سر عظيم. في عرض أحداث لقاء المسيح مع مريم أخت لعازر، يقول يوحنا الإنجيلي أن المسيح بكى (يوحنا 35:11). بحسب الأناجيل، يسوع بكى مرتين: الأولى أمام موت صديقه لعازر والثانية عندما كان متّجهاً إلى أورشليم (لوقا 41:19). أظهرَت دموع يسوع طبيعتَه البشرية، وأنّه بالفعل اتّخذ كامل طبيعة البشر. بهذه الطريقة يظهر المسيح ليس فقط أنّه كان إلهاً كاملاً بل أيضاً إنساناً كاملاً. بمعزل عن هذا، المسيح بكى أمام موت لعازر لرؤيته فساد الطبيعة البشرية بعد الخطيئة ودخول الموت والشكل الكريه للصورة (أندراوس الكريتي). لم يُكوَّن الإنسان ليموت، لكنّ الخطيئة أدخَلَت قابلية الموت. وحده المسيح، خالق الإنسان والنموذج الأوّل لخليقته، عرف كيف كان الإنسان عند خلقه ومدى الدناءة التي انحدر إليها بالخطيئة. ولكن حتّى عندما كان يبكي على أورشليم إذ فكّر بالأمور الآتية، فقد أظهر حنوّاً وخاصّة أنّه لم يرِد لسكانها أن يعانوا الموت بسبب ما كانوا مزمعين أن يعملوه له. لقد بكى أيضاً على تحجّر قلب أورشليم أو بالأحرى على تحجّر قلب سكانها (القديس ثيوفيلكتوس). إلى جانب البكاء، أحسّ المسيح باضطراب في مواجهة موت لعازر كما لرؤية أسى مريم. يقول القديس يوحنا الإنجيلي أنّ المسيح اضطرب، عندما رأى مريم تبكي ومعها اليهود الحاضرين ?فَلَمَّا رَآهَا يَسُوعُ تَبْكِي، وَالْيَهُودُ الَّذِينَ جَاءُوا مَعَهَا يَبْكُونَ، انْزَعَجَ بِالرُّوحِ وَاضْطَرَبَ? (يوحنا 33:11). ينبغي الانتباه كثيراً عند تفسير هذه الآية، لأنّ هنا يختبئ مرة أخرى سرّ قوة الطبيعتين في المسيح. علينا أن نقارب هذه الآية من خلال التحليل التفسيري للقديس كيرللس الإسكندري. إن سبب معاناة المسيح الإنسان هو أنّه ليس فقط إلهاً بالطبيعة، بل وإنسان أيضاً. عندما يبدأ المسيح بالتحرّك نحو ذلك الأسى الذي يجلب الدموع، هو يؤنّب جسده نوعاً ما بقوة وفعل الروح الكلي قدسه. يرتجف الجسم البشري، ينزعج وستشوّش، لأنّه لا يستطيع تحمّل حركة الألوهة المتّحدة بجسده البشري. إلى هذا، بتجسده، هَدَف المسيح إلى إماتة ضعف الجسد بقوة الروح القدس وإلى تحرير الطبيعة البشرية من فكرها الأرضي. لقد اتّخَذ المسيح الجسد الهامد والقابل للموت لكي يحرّر الإنسان من ملابسه الجلدية التي لبسها منذ عصيان آدم. وتماماً كما أنّه كان جاع وعمل كإنسان، أيضاً اختبر جلبة الأهواء. تماماً كما عملَت الأهواء غير المعابة في المسيح، لأنه كان إنساناً، أيضاً الأهواء التي لا عيب فيها، تلك التي للنفس العاقلة، أي التي تتشوّش بالذاكرة والتذكّر، كانت ناشطة لأنّه كان ذا طبيعة بشرية حقيقية. ما يثير اهتمامنا أيضاً هو أنّ المسيح سأل عن مكان وضع لعازر: ?أَيْنَ وَضَعْتُمُوهُ؟? (يوحنا 34:11). لم يطرح المسيح هذا السؤال لأنّه، كإله، لم يكن يعرف مكان دفن لعازر. إذا كان الذين يحيون بالمسيح يعرفون الكثير من الأمور قبل حدوثها لأنّ النعمة الإلهية تكشفها لهم، فكم بالحري سوف يعرف المسيح كلّ شي؟ كإله هو يعرف ليس فقط ما جرى، بل ما سوف يكون قبل أن يتحقق. لقد ادّعى المسيح أنّه لا يعرف مكان جسد لعازر الميت ليظهر فقر بشريته وعبوديتها، kenosisـه الإلهي، لكي يظهر كرهه للتبجح، وأيضاً ليدعو آخرين إلى المكان حيث سوف تتمّ المعجزة (القديس كيرللس الإسكندري). قبل معجزة إقامة لعازر صلّى المسيح إلى أبيه: ?«أَيُّهَا الآبُ، أَشْكُرُكَ لأَنَّكَ سَمِعْتَ لِي، وَأَنَا عَلِمْتُ أَنَّكَ فِي كُلِّ حِينٍ تَسْمَعُ لِي. وَلكِنْ لأَجْلِ هذَا الْجَمْعِ الْوَاقِفِ قُلْتُ، لِيُؤْمِنُوا أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي»? (يوحنا 41:11-42). بهذه الكلمات أظهر يسوع أنّّه مساوٍ لأبيه لأنّ الآب أرسله وهو يحقق المعجزات بإرادته. بالطبع ينبغي أن نلاحظ هنا وجود مجلس سابق لإعادة خلق لعازر على غرار المجلس الذي سبق خلق آدم، لكن مع وجود فرق. ففي الماضي قال الآب للابن ?لنصنعن الإنسان? والابن سمع، بينما الآن يتكلّم الابن إلى الآب الذي يسمع. وهكذا نرى تساوي الآب والابن في المشيئة والشرف (القديس غريغوريوس بالاماس). إذاً، هذه الصلاة كانت من أجل اليهود كي يفهموا أنّه أتى من الآب، وأنّه ابن الآب، وأنّ له نفس مشيئة الآب وطبيعته (القديس أندراوس الكريتي). فيما تبدو كلمات الصلاة كأنّها للجمع المحيط، فإن الكلمات التي سُمعَت، أي ?لعازر هلمّ خارجاً? لم تكن كلمات صلاة بل كلمات سيادة وسلطان. كان بإمكان المسيح أن يقيم لعازر من دون أن يناديه بصوت عالٍ، فقط بمشيئته وعن بعد. نداؤه بصوت عالٍ ?لعازر هلمّ خارجاً? (يوحنا 43:11-44) كان من أجل الجمع. هذا كان لكي يؤمن كل الحاضرين بأنّه هو الذي يدعو كل الأشياء إلى الوجود من العدم ويشكّلهم بقوته، وهذا ينبغي برهانه بواسطة كل الحواس. وهكذا، رأى اليهود لعازر في القبر بأعينهم، بأنوفهم شمّوا رائحة الموت البشعة، بلمسهم رفعوا الحجر وفكوا رباطات الجسد والكفن عن الوجه، وبآذانهم فهموا قوة المسيح وقدرته المطلقتين (القديس غريغوريوس بالاماس). يظهر من خلال كل هذه الأمور أن المسيح كان إلهاً-إنساناً، أي إلهاً كاملاً وإنساناً كاملاً، ذا طبيعتين، عملتا من دون تغيير أو تشويش أو انقسام. كما يظهر في معجزة إقامة لعازر سيادة المسيح وسلطانه، وأيضاً اتضاعه من أجل خلاص الجنس البشري. - 4 - أقام المسيح ثلاث أشخاص في أوقات مختلفة. الأول كان ابنة ياييرس، وقد تمت مباشرة بعد موتها. الثاني كان ابن أرملة نايين، وقد أقامه أثناء حمل الجثمان إلى القبر، والثالث كان لعازر وقد تمّت المعجزة في اليوم الرابع لموته. يقول الإنجيلي يوحنا: ?فَلَمَّا أَتَى يَسُوعُ وَجَدَ أَنَّهُ قَدْ صَارَ لَهُ أَرْبَعَةُ أَيَّامٍ فِي الْقَبْرِ.? (يوحنا 17:11). وعندما أمرهم لاحقاً بإزاحة الحجر عن القبر حيث كان لعازر مدفوناً، قالت أخته مرثا: ?«يَاسَيِّدُ، قَدْ أَنْتَنَ لأَنَّ لَهُ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ»? (يوحنا 39:11). لا تشير هذه المقاطع فقط إلى أنّه قد مضى أربعة أيام على خروج نفسه من جسده، بل أيضاً إلى أنّ جسده قد بدأ يتحلّل. ومع هذا، فإن المسيح بقوّته، لم يكتفِ بإعطاء الأمر لنفسه للعودة بل أيضاً شفى الجسد وجدّده. إذاً، في الحقيقة لدينا إصلاح وتجديد لأن التحلّل الذي بدأ قد شُفي. إن لإقامة لعازر بعد أربعة أيام من موته أسبابها إذ إن المسيح لم يقُم بأي عمل من دون سبب وهدف. أشار الآباء في تعليقاتهم على هذه الأحداث إلى الأسباب الرئيسية من دون أن يظهروا وكأنّهم استنفذوا الموضوع. أولاً كان ينبغي أن يؤمن اليهود بأنّ القادر على إقامة ميت لأربعة أيام قادر على إقامة نفسه بعد ثلاثة أيام (القديس أندراوس الكريتي). ثم أنّه مع مرور الوقت من يوم الوفاة تزداد قوة المسيح عجباً (القديس أندراوس الكريتي). إلى هذا، بما أنّ تحلل الجسد قد بدأ، فإن إظهار المعجزة سوف يكون أكثر إدهاشاً لأن المسيح يكون قد كبح اندفاع البلى (القديس أندراوس الكريتي). وبما أن إقامة لعازر هي مقدمة للقيامة العامة، أقام المسيح لعازر في اليوم الرابع لكي يؤكّد القيامة العامة بكل العناصر الأربعة التي تشكّل جسد الإنسان (القديس كيرللس الإسكندري). يظهر من كل هذه الأشياء أن المسيح يشير بهذه الطريقة إلى قيامة الأجساد. إن الذي استطاع أن يقيم جسد لعازر المنتن المائت قبل أربعة أيام، قادر على إقامة أناس انحلّت أجسادهم بعد خروج نفوسهم. إلى هذا، تُدعى قيامة الأجساد الآتية إعادة ولادة وتجديد لأنها موضوع خليقة جديدة، ليس أنه سوف يكون للأجساد هيئة آخرى، بل فيما سوف تكون على الهيئة نفسها سوف تتخلّص من الفناء والفساد لأنّها سوف تكون أجساداً روحية. - 5 - يأتي بموازاة ما سبق تفسير القديس اندراوس الكريتي للآية ?لعازر هلمّ خارجاً? (يوحنا 43:11) حيث يركّز الحدَث في نقطتين. أولاً: بأن المسيح بهذا الكلام أمر لعازر أن يقوم ليظهر كيف ستكون القيامة العامة وكيف سوف تُعطى الحياة لكل هيئة ?بطرفة عين?. أنّ لعازر بدأ بالحراك وخرج من القبر، هذا تماماً ما سوف يحدث لكل الناس في المجيء الثاني. إن الذي قال ?ليكُن نور? فكان نور، يأمر ?هلمّ خارجاً?. وبالحقيقة، حسب ما بقول القديس أندراوس، نلاحظ أن أموراً غريبة جرَت للعازر: جسده اكتسب قوة فيما كانت كل وظائفه متوقفة. من ثمّ نرى أنّ التنفّس بدأ من منخريه، راحت عروقه تمتلئ بالدم، عاد صوته إلى بلعومه، بدأت الكلمات لتملأ أذنيه، استعادت عيناه القدرة على النظر، بدأ السير بطريقة طبيعية، وبالإجمال عاد الجسد لينتظم ويعمل بشكل نظامي، ذلك لأن النفس عادَت. ثانياً: بهذا الأمر طلب من صديقه لعازر أن يقوم ليرى كل الأمور الغريبة والمتناقضة ظاهرياً التي سوف تتمّ في أورشليم في تلك الأيام. يظهِر الحدث يسوع متكلماً إلى لعازر بصفة المخاطَب قائلاً له أنّ عليه أن يقوم لكي يراه يُصلب مع اللصين، يشرب الخلّ والعلقم، يُطعَن في جنبه بالسيف، يُعَذّب تحت نور الشمس وفي نصف النهار، والليل يخفي الشمس واليهود يجدفون واللص ينطق بأمور الله. إذاً كان ضرورياً تأكيد القيامة العامة في لعازر، كما كان ينبغي شهادة الأحداث البغيضة التي سوف تجري في أورشليم. الأموات الذين أقيموا كانوا ليؤكّدوا عقوق الإنسان وشرّه. ومع أنّ المسيح أقام لعازر أي أنّه أتمّ الأمور الأكثر أهمية، فهو قد أمر بأن يحلّ رباطه، كون لعازر كان مربوط اليدين والرجلين برباطات بيض فيما وجهه ملفوف بكفن على طريقة دفن الأموات في تلك الأيام. أمر المسيح كان واضحاً: ?حُلُّوهُ وَدَعُوهُ يَذْهَبْ? (يوحنا 44:11). لم يكن هذا الحدث بلا سبب ولا هدف. بهذا العمل جعل المسيح اليهود الحاضرين شهوداً على الحدث. وبهذه الطريقة تأكّدوا هم بأنفسهم من خلال البرهان الذي بين يديهم بأنّ ما جرى لم يكن خيالاً. كان على اليهود أن يحلّوه وان يتركوه يمشي بنفسه، حتى يستوعب الكل أن الجثة السابقة، الفاسدة بالواقع، لم تكن بحاجة إلى إمساكها باليد لأنها أعطت حياة جديدة (القديس أندراوس الكريتي). تشير عبارة ?حلوه ودعوه يذهب? إلى نجاة الإنسان من فساد الخطيئة عند القيامة العامة. من خلال الخطيئة غُطّي وجهنا بشكل ما بغطاء العار وكُبِّلنا بشباك الموت. عند الجيء الثاني، سوف تقوم أجسادنا وسوف نتحرّك متحررين من الفساد والشرور. وهكذا فإن كلمة النبي ملاخي سوف تتحقق: ?وَلَكُمْ أَيُّهَا الْمُتَّقُونَ اسْمِي تُشْرِقُ شَمْسُ الْبِرِّ وَالشِّفَاءُ فِي أَجْنِحَتِهَا، فَتَخْرُجُونَ وَتَنْشَأُونَ كَعُجُولِ الصِّيرَةِ.? (ملاخي 2:4). إذاً، هذه الكلمات عن يسوع تعني قيامة البشر العامة حين يتخلّصون من الفساد والموت (القديس كيرللس الإسكندري). أبعد من هذا، يكشف المسيح هنا قدرة السلطان الإلهي، وأيضاً القدرة البشرية، حتى تصبح كل الأشياء إلهية-بشرية. أقام المسيح لعازر بقوة ألوهيته، لكن كان ينبغي بالبشر أن يحلّوه، وكان ينبغي بلعازر أن يمشي. لا يأخذ الله مكان الإنسان، لكنه يقوم بما يعجز الإنسان عن القيام به، فيما ينبغي بالإنسان أن يكون سريع الاستجابة لقوة الله. إذا لم تتبع غيرتنا القيامةَ الروحيةَ التي تتمّ من خلال أسرار الكنيسة التي هي بحد ذاتها من عطايا المسيح، فإن نعمة المسيح سوف تخفيها الأهواء وسوف يموت الإنسان مجدداً. - 6 - أعطى آباء الكنيسة أيضاً تفسيراً مجازياً لحدث إقامة لعازر والأمور المرتبطة به. بحسب هذا التفسير، لعازر هو النوس الممات بالخطيئة. أختا لعازر، مرتا ومريم، هما العمل والمعاينة. عندما يهمد نوس الإنسان، يمضي العمل (مرتا) للقاء المسيح والطلب منه أن يأتي ليلتقي نوسها الميت، والمعاينة (مريم) التي كانت قبلاً جالسة في المنزل، تتبعها وهكذا تأتي إلى المسيح وتنوح أمامه. يقيم المسيح النوس الميت للإنسان، ومن ثمّ هناك عشاء عظيم، حيث لعازر الذي كان ميتاً (النوس) هو أحد رفاق المسيح، فيما مرتا (العمل) تخدم هذا العشاء ومريم (المعاينة) تمسح رجلَي المسيح بزيت كثير الثمن (يوحنا 1:12-3). هذا يعني أنّ قبل قيامة النوس الميت، يقترب العمل من المسيح أولاً ومن ثم المعاينة، بينما بعد قيامة النوس الميت، فالعمل يخدم المسيح بينما تعبّر المعاينة عن المحبة والشركة معه من خلال قوى عطرة متعددة. يقول القديس غريغوريوس بالاماس، مكرراً كلمات القديس مكسيموس المعترف، بأن النوس الذي ابتعد عن الله يصبح إمّا وحشاً بريّاً مملوءاً من الأهواء أو شيطاناً معروفاً بغطرسته. ويقول القديس كيرللس الإسكندري أنّه عندما يموت نوس الإنسان علينا أن نقترب من المسيح بالاعتراف وبجسدنا المادي ونفسنا المتواضعة لنلتمسه، كما فعلت مريم ومرتا. عندها يعطي المسيح أمره لصلابة القلب كي ترتفع من القبر وينادي بصوت عظيم بوق الإنجيل ليخرج من ارتباكات العالم ويحلّ رباطات الخطيئة حتى نتمكن من الحركة بقوة نحو الفضيلة. في عرض تفسيري آخر، يخبرنا القديس كيرللس الإسكندري أن مرتا هي الفضيلة العملية بنما مريم هي معاينة الله التي تتبع العمل. بالعمل والمعاينة نظهر بشكل أكثر كمالاً محبتنا للمسيح. هناك أيضاً أناس يرون أن هاتين الأختين كما إشارة إلى الكتاب المقدس، مرتا هي مثال للعهد القديم الذي يخدم المسيح، بينما مريم هي مثال لتعليم الإنجيل. وعلى المنوال نفسه، هناك العديد الذين يرون أن مرتا تعني مجمع اليهود الذي يريد أن يخدم المسيح بالأعمال الجسدية، بينما مريم هي مثال للأمميين الذين في الكنيسة الذين يجلبون التقدمات الروحية والإيمان العطِر إلى الله ويتقدّسون ببركة جسد الكنيسة من خلال الشركة السرية. كثيرون من الآباء القديسين يقدمون هذا التفسير المجازي لحدَث إقامة لعازر. سوف أذكر هنا فقط القديس نيكيتا ستيثاتوس الذي يوافق مع ما يقوله القديس كيرللس الإسكندري. في أي حال، هناك طروبارية تشير إلى هذا الحدث وهي تُنشَد يوم الجمعة قبل الشعانين وتقول: ?هلمّ نسارع في أن نوجّه للمسيح ابتهالاً مقرنين العمل والثاوريا معاً لكي يحي عقلنا الكيت كلعازر آخر وينهضه بحضوره الرهيب ونقدم له سعف العدل هاتفين نحوه مبارك أنت أيها الآتي?. كما أن هناك طروبارية أخرى ننشدها يوم الأربعاء قبل الشعانين وهي تقول بوضوح أن مرتا ومريم هما الوسيطتان اللتان ينبغي أن نرسلهما إلى المسيح ليأتي ويقيم نوسنا الميت العادم الحسّ النائم في قبر الإهمال والذي لا يحسّ بخوف الله وليس فيه قوة محيية. - 7 - لقد سبق وأشرنا في البداية أن عيد إقامة لعازر مرتبط بشدة بدخول المسيح الغالب إلى أورشليم. إن إقامة لعازر هي مثال لقيامة المسيح بعد ثلاثة أيام وللقيامة العامة للجنس البشري، وفوق هذا، لقد تمّ الاستقبال الانتصاري للمسيح في أورشليم بالضبط لأن اليهود تعجبوا من هذا الحدث المذهل. يشير القديس كيرللس الاسكندري في عظته في أحد الشعانين إلى العلاقة بين هذين العيدين السيديين كما إلى الفرق بينهما. فهو يقول أن بالأمس، في سبت لعازر، احتفلت بيت عنيا، بينما اليوم في أحد الشعانين فالكنيسة كلها تبتهج بحضوره الإلهي. بالأمس وهب المسيح الحياة للعازر واليوم هو يقترب من الموت. بالأمس أقيم الذي كان مائتاً لأربعة أيام واليوم هوذا الذي سوف يقوم بعد ثلاثة أيام آتٍ إلى أورشليم. تماماً كما أن هناك وحدة بين كل أعياد السيد، يمكن إيجاد الوحدة، مع الفرق، بين بيت لحم وبيت لاعنيا، أي بين ميلاد المسيح وبيت عنيا ? أورشليم. آنذاك كانت في بيت لحم مريم وسالوما، والآن في بيت عنيا هناك مرتا ومريم. هناك نرى المسيح ملفوفاً بأقمطة، هنا نرى لعازر مكفناً برباطات بيضاء. هناك مذود، وهنا قبر. هناك هيرودس وأورشليم يهتزان لميلاد المسيح، وهنا أورشليم تتعكّر والفريسيون يحرضون الشعب عند إقامة لعازر. هناك الرعاة يتعجّبون، هنا الكهنة يسخطون. هناك الحكماء يسجدون للمسيح مقدمين الهدايا، هنا الشعب معادياً الرب يقوم ضد المسيح. هناك الأطفال الذين قتلهم هيرودس يبكون مقدمين أناشيد جنائزية، وهنا الشعب مع الأطفال في المقدمة ينشدون نشيد الظفر للمسيح. تُظهِر كل هذه الأمور جنون اليهود الذين احتجّوا عند ظهور المسيح بالجسد والآن ينشدون له المدائح عند صلبه. فعلاً حين ظهر المسيح في العالم سبّب اهتياجاً واضطراباً عظيمين. لم يستطع البشر تحمّل ظهور الله بينهم. لقد كانت البشرية مجروحة بعمق من الخطايا حتى أن حضور المسيح المتواضع جداً سبّب ألماً عميقاً، تماماً كما يفعل الجرح عندما نقترب منه ونلمسه حتى ولو للعلاج. لقد كان جرح البشرية كلها عظيماً. بسبب هذا، يقدّم المسيح نفسه بتواضع كبير ولا يرغب في أن يعطي فرصة كبيرة لجنون البشر وألمهم. فضلاً عن ذلك، هذا هو سبب أن المسيح دائماً يظهر بشكل مستور ويستتر بشكل ظاهر. وحدهم الروحيون أصحاب القلب الحسّاس يتعرّفون عليه. - 8 - بالرغم من هتافات الشعب عند أقامة لعازر وتوقعاتهم من المسيح، فإن ?المجيء الملكي? (القديس كيرللس الاسكندري) أي دخول المسيح إلى أورشليم مثل ملك، قد تمّ بتواضع عميق جداً. يرد وصف الأمور التي جرت عند دخول المسيح إلى المدينة حيث، بعد أيام قليلة، سوف يحتمل عذابات كثيرة وبالنهاية سوف يُصلَب ويقوم عند كل الإنجيليين (متى 1:21-11، مرقس 1:11-10، لوقا 28:19-41، يوحنا 12:12-16). إن دخول المسيح إلى أورشليم، كمثل كل الأحداث السيدية، تنبأ بها الأنبياء في العهد القديم. لقد تنبأ زخريا: ?اِبْتَهِجِي جِدًّا يَا ابْنَةَ صِهْيَوْنَ، اهْتِفِي يَا بِنْتَ أُورُشَلِيمَ. هُوَذَا مَلِكُكِ يَأْتِي إِلَيْكِ. هُوَ عَادِلٌ وَمَنْصُورٌ وَدِيعٌ، وَرَاكِبٌ عَلَى حِمَارٍ وَعَلَى جَحْشٍ ابْنِ أَتَانٍ. 10وَأَقْطَعُ الْمَرْكَبَةَ مِنْ أَفْرَايِمَ وَالْفَرَسَ مِنْ أُورُشَلِيمَ وَتُقْطَعُ قَوْسُ الْحَرْبِ. وَيَتَكَلَّمُ بِالسَّلاَمِ لِلأُمَمِ، وَسُلْطَانُهُ مِنَ الْبَحْرِ إِلَى الْبَحْرِ، وَمِنَ النَّهْرِ إِلَى أَقَاصِي الأَرْضِ.? (زخريا 9:9-10). إن حضور المسيح هو حضور محبة للجنس البشري وليس للدينونة العادلة ولا للعقاب. صار المسيح إنساناً وأتى إلى أورشليم بصورة خادم، كعريس وكحمل لا عيب فيه مُقَدَّماً كضحية، بتواضع عظيم كقطرة تسقط على جُزّة الصوف وبهذه الصورة المتواضعة حطّ المقتدرين عن عروشهم ورفع المتواضعين (القديس كيرللس الاسكندري). كما أنّ العريس يأتي إلى عرسه، لا بسلطان وقوة، بل بتواضع ومحبة، هكذا أيضاً أتى المسيح إلى البشر. علاوة على ذلك، لا يمكن ربط المحبة بالحكم والتسلّط. المسيح هو ملك إسرائيل الجديدة، إسرائيل نعمة الله. لكن ليس لحكمه علاقة بالمجد والمظهر العالميين. إن حكمه هو مملكة المحبة والاتضاع. لا يأتي المسيح إلى أورشليم وإلى التاريخ مثل الملوك والقادة الآخرين، إنه ليس صانع شر قاسياً مصحوباً بالحرّاس وحاملي الرماح، ولا هو يتبعه جنود نهّابون يطالبون الناس بالضرائب والأعمال والخدمات التي تؤذي وتذل. إن راية المسيح هي التواضع والفقر والضعف (القديس غريغوريوس بالاماس). المسيح هو ملك إسرائيل الجديدة، إسرائيل نعمة الله. لكن ليس لحكمه علاقة بالمجد والمظهر العالميين. إن حكمه هو مملكة المحبة والاتضاع. لا يأتي المسيح إلى أورشليم وإلى التاريخ مثل الملوك والقادة الآخرين، إنه ليس صانع شر قاسياً مصحوباً بالحرّاس وحاملي الرماح، ولا هو يتبعه جنود نهّابون يطالبون الناس بالضرائب والأعمال والخدمات التي تؤذي وتذل. إن راية المسيح هي التواضع والفقر والضعف (القديس غريغوريوس بالاماس). لم يكن اتضاع المسيح فضيلة اصطناعية خارجية، بل تعبيراً عن محبته وبساطته. إن ذاك البسيط بالطبيعة كان محبّاً ومتواضعاً في الوقت نفسه. لهذا فإن تواضع المسيح مدموجاً مع بساطته ومحبته هو في الحقيقة قوته غير المخلوقة التي تأتي من طبيعة الألوهية البسيطة. بناء على ذلك عندما يُمنَح القديسون أن يروا المسيح في مجده، فهم يؤسَرون بمحبته وتواضعه. المسيح وديع ومتواضع القلب على ما ذكر هو مرةً. عندما يصبح الإنسان مثل الحيوان، إذا استسلم بدون مقاومة لتلاميذ المسيح، يُقاد بالسلامة إلى المسيح الشافي، الذي يشفيه من كل ضعفاته، ويصير هو عرشاً لله. لذلك علينا أن نكون حيوانات عاقلة تتقدّس بالمسيح. إن تواضع المسيح، بحسب ما يعلّق الآباء، يظهر من حقيقة أنّه أتى إلى أورشليم ?راكباً على جحش?. يكتب القديس يوحنا الإنجيلي: ?وَوَجَدَ يَسُوعُ جَحْشًا فَجَلَسَ عَلَيْهِ? (يوحنا 14:12). القديس الإنجيلي متى يقول أن التلاميذ أحضروا جحشاً وأتاناً إلى المسيح ?وَأَتَيَا بِالأَتَانِ وَالْجَحْشِ، وَوَضَعَا عَلَيْهِمَا ثِيَابَهُمَا فَجَلَسَ عَلَيْهِمَا.? (متى 7:21). يقول الإنجيلي لوقا أن المسيح ركب على الأتان وليس على الجحش. لا يوجد أي تضاد بين الإنجيليين، كما يشرح القديس ثيوفيلاكتوس. المسيح دخل إلى أورشليم راكباً على أتان جحش. أحضر التلاميذ الأتان إلى المسيح، لكن أمه تبعتهم. عندما يقول الإنجيلي متّى أن المسيح ركب عليهما، فهو لا يعني أن المسيح جلس على الحيوانين في الوقت نفسه مقدماً شرحين لهذا الأمر. أولاً، أنّه ركب عليهما يعني أنّه جلس على كلا الحيوانين، فينبغي تفسيرها على أنه ركب على الجحش أولاً ومن ثم على الأتان، ما يرمز إلى أنّه ارتاح أولاً على الهيكل اليهودي ومن ثم على الأمم الآتين من الوثنيين. لهذا العمل رمزيته، بحسب ما يشرح مفسرو نصوص الإنجيل. يقول إفثيميوس زيفاغنوس أن المسيح ركب على الأتان الذي هو مثال لشعوب الأمم، وعلى الحمار الذي هو رمز للشعب اليهودي. هذا يعني أنّه منذ أن أُعلِن المسيح للأمم وارتاح فيهم، فإن اليهود سوف يتبعون سوف يجدون بدورهم الإيمان المسيحي. إذا اعتبرنا أن كلا الجحش والأتان يشيران إلى الأمم، فإن ركوب المسيح على الحمار يعني أنّه أتى ليبدد تجوال الوثنية غير العقلي، وركوبه على الجحش يعني أنّه أتى ليكبح النزوة غير العاقلة التي كانت عند الوثنيين نحو الكفر. إذ ليس هناك ما هو أكثر لاعقلانية من الكفر ولا أحد أكثر فسقاً وتمرداً من الوثنيين الذن يعبدون الأوثان الجامدة (القديس نيقوديموس الأثوسي). هذا الحدث أيضاً تناولته نبوءة في العهد القديم. البطريرك يعقوب، مشيراً إلى ابنه يهوذا الذي منه انحدر المسيح، ومتنبئاً عن تجسد ابن الله وكلمته، قال من بين جملة أمور: ?رَابِطًا بِالْكَرْمَةِ جَحْشَهُ، وَبِالْجَفْنَةِ ابْنَ أَتَانِهِ، غَسَلَ بِالْخَمْرِ لِبَاسَهُ، وَبِدَمِ الْعِنَبِ ثَوْبَهُ.? (تكوين 11:49). يظهر في هذه النبوءة أن المسيح هو الكرمة وتلاميذه هم الجفنة، أيّ ما يسمّى بالمقصّ الذي به يُجرَح غصن الكرمة حول الخشب ويُثبَّت جيداً، الذي به ربط المسيح إلى نفسه أتان الجحش أي إسرائيل الجديدة التي من الأمم (القديس غريغوريوس بالاماس). بكلام آخر، التلاميذ الذي هم أغصان كرمة المسيح جذبوا الأمم إلى إيمان المسيح ووحدوهم مع الكرمة الحقيقية التي هي المسيح نفسه. بحسب الأناجيل الإزائية (متى ومرقس ولوقا)، لقد ارسل المسيح تلاميذه إلى القرية المقابلة حيث يجدون ?جحشاً مربوطاً وأتاناً معها? وأخبرهم أن يفكّوا الحيوانين ويحضروهما إليه. في تفسير هذا الحدث، يقول القديس أثناسيوس الكبير، أن القرية المقابلة هي العالم الأرضي، لأن الحياة السماوية هي مدينة، أي الفردوس الذي منه سقط آدم بالخطيئة. لا يستطيع أحد غير المسيح أن يقودنا إلى هذا المكان الذي منه طُردنا. الجحش والأتان هما كل البشرية. الأتان هو آدم الذي ربطه الشيطان بمكره. الحمار، السلوك غير الطاهر، هو الأمم الذين يلوثون أنفسهم بالأوثان ويلطّخون أنفسهم بالدم النجس. أرسل المسيح تلاميذه إلى كل البشرية ليقودوا اليهود والأمم إليه وإلى الكنيسة التي تنشأ وتتكوّن من اليهود والأمم. إن حلّ هذين الحيوانين المحددين والناس الذين يشير إليهم الحيوانان هو قضية رجال عظماء، ليس بالعظمة المادية، بل بالإيمان والمحبة والعدل والحكمة والشجاعة والفضيلة. هؤلاء هم الرسل الذين أرسلهم إلى العالم ليبشّروا ويشكّلوا كنيسة المسيح. إن تلاميذ المسيح، الرسل، حلّوا كل الأمم من الظلام الذي هو جهل الله، ومن الضياع ومن الخطيئة التي هي العبودية لما هو غريب، ومن قوة ظلام رئيس هذا الدهر وقادوهم إلى الرب صانعهم وخالقهم. واليوم يجلس المسيح عليهم ويهديهم (تيطس أسقف بوسترون). قال المسيح لتلاميذه، عندما أرسلهم ليحلّوا الأتان، أنّهم إذا التقوا برجل يسألهم عما يفعلون فعليهم أن يجيبوا بأن المسيح يريد الأتان. في الحقيقة، عندما حلّوا الأتان، قال لهم بعض الحضور: ?فَقَالَ لَهُمَا قَوْمٌ مِنَ الْقِيَامِ هُنَاكَ:«مَاذَا تَفْعَلاَنِ، تَحُلاََّنِ الْجَحْشَ؟» 6فَقَالاَ لَهُمْ كَمَا أَوْصَى يَسُوعُ. فَتَرَكُوهُمَا.? (مرقس 5:11-6). يظهر هذا العمل قوة المسيح السيادية، لأنه يوجّه العالم، ولا يستطيع أحد أن يقف في وجه إرادته. ليس فقط أن كل شيء قد خُلق به، بل أيضاً كل شيء محكوم بقوته غير المخلوقة. إذا فكّرنا، بحسب تفسير الآباء، بأن الأتان هو البشرية التي حُلَّت من رباطات الخطيئة، فإن الحاضرين هم السلطات الذين، في مجمل الأحوال، لا يستطيعون أن يقاوموا أمر المسيح. ولكن القديس أثناسيوس الكبير يشرح أنّهم يركضون مباشرة إلى رئيسهم أي الشيطان ويخبرونه بكل ما يجري. عندها، ينعقد مباشرة مجلس وتتكوّن ?كنيسة من المتأذّين? ضد المسيح. فيقولون للشيطان بأن شيئاً يجب أن يتمّ، لأن الأتان اقتيد إلى معلمه، ولم يعد ملكه وليس له عليه أي سلطان. يتأمّل الشيطان ملياً في ماذا يفعل، وهكذا يحض الفريسيين والكتبة على الشروع بقتل المسيح. لكن البائسين لا يعلمون أن موت المسيح يمنحنا عدم الموت وأن نزوله الخاص إلى الجحيم يقرّب صعودنا إلى الملكوت. - 10 - يتّجه الملك داود النبي إلى الله ويقول: ?صِرْتُ كَبَهِيمٍ عِنْدَكَ. وَلكِنِّي دَائِمًا مَعَكَ. أَمْسَكْتَ بِيَدِي الْيُمْنَى. بِرَأْيِكَ تَهْدِينِي، وَبَعْدُ إِلَى مَجْدٍ تَأْخُذُنِي.? (مزمور 22:72-24). هنا يعبّر داود عن اقتناعه بأنّه يضع نفسه في تصرّف الله، لأن ثقته كاملة بأنّه سوف يقوده في أفضل الطرق. يكيّف القديس أندراوس الكريتي هذا المقطع من المزامير على الحالة التي ندرسها الآن، أي كما أنّ الأتان من دون مقاومة تبع التلاميذ الذين حلّوه وقادوه إلى المسيح، كذلك الإنسان عليه أن يصبح حيواناً وديعاً مثل الأتان في بساطة إرادته. على الإنسان أن يخضع نفسه من دون مقاومة إلى الذي تسلّم الإرشاد الروحي بالمسيح، وبهذا صار أتان المسيح محرراً من كل لاعقلانية بهيمية. فمن ثم لن يذعن لضغط التجارب، ولن ترهقه الأهواء غير العاقلة، بل يكون أتاناً للمسيح سائراً على غلاف من المآثر العملية محمولاً فوق لذّات الجسد دائساً على الانتفاخ الفارغ للمجد الباطل، وهكذا سوف يصبح ?مركبة تحمل عرش الشاروبيم?. إن الذي ابتعد عن المسيح يصير متوحشاً، لأنه يصير مُلكاً للأهواء غير العاقلة وسبل الجسد ويخضع نفسه لأهواء الإنسان القديم. لكنّه عندما يكتسب تواضعاً كمثل المسيح وينبذ الاعقلانية، يصير عندها مركبة للمسيح. هذا هو تفسير آية المزامير ?صِرْتُ كَبَهِيمٍ عِنْدَكَ.? يعلّم القديس أثناسيوس الكبير أن كلاّ منا هو مثل الأتان المقيّد برباطات الخطيئة. لذلك علينا أن نسأل المسيح أن يرسل تلاميذه ليحلّوا القيود. الأول مربوط بحب المال، الثاني متورط في الدعارة، الآخر مربوط بالشراب، وغيره مستقوٍ بالتفاهة، واحد غير عادل، وآخر يستولي على خيرات جاره وخيرات الفقير، وآخر يقبض رُباً، وبالإجمال كلّنا سقطنا بظلمنا. لهذا السبب كلنا نحتاج شفاء بالمسيح المخلّص ?ونحتاج أن يرسل تلاميذه إلينا ويحلّنا من رباطات الشيطان?. عندما يصبح الإنسان مثل الحيوان، إذا استسلم بدون مقاومة لتلاميذ المسيح، يُقاد بالسلامة إلى المسيح الشافي، الذي يشفيه من كل ضعفاته، ويصير هو عرشاً لله. لذلك علينا أن نكون حيوانات عاقلة تتقدّس بالمسيح. - 11 - يظهر دخول المسيح الاحتفالي الانتصاري إلى أورشليم وابتهاج اليهود في أنهم فرشوا ثيابهم أمام المسيح ليمرّ عليها. هذا كان عادة في دخول الملوك والقواد المنتصرين. يظهر في الأناجيل أن فرش الثياب تمّ بطريقتين. أولاً، الرسل فرشوا ثيابهم على الأتان الذي جلس عليه المسيح، ومن ثم بعض اليهود فرشوا ثيابهم على الأرض حيث سوف يمر الأتان الحامل المسيح. ?فَأَتَيَا بِالْجَحْشِ إِلَى يَسُوعَ، وَأَلْقَيَا عَلَيْهِ ثِيَابَهُمَا فَجَلَسَ عَلَيْهِ. وَكَثِيرُونَ فَرَشُوا ثِيَابَهُمْ فِي الطَّرِيقِ. وَآخَرُونَ قَطَعُوا أَغْصَانًا مِنَ الشَّجَرِ وَفَرَشُوهَا فِي الطَّرِيقِ.? (مرقس 7:11-8). الأتان هي فضائل الرسل التي جلس عليها المسيح. بحسب القديس ثيوفيلاكتوس، هذا يعني أنّه إذا لم تتجمّل نفس الإنسان بالفضائل الرسولية، لا تستطيع أن تحمل الله. الحياة الرسولية هي شرط مسبَق لمجيء المسيح إلى قلب الإنسان وسكناه فيه. وجوب أن نفرش ثيابنا ليس سوى أن نخضع جسدنا ورغباتنا للروح، لأن فقط بهذه الطريقة نحن نُمنَح أن نسجد لآلام المسيح ولقيامته المجيدة (القديس غريغوريوس بالاماس). |
||||
18 - 08 - 2014, 05:42 PM | رقم المشاركة : ( 5312 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
خطورة الحياة المترفة القديس اكليمندس السكندري أما النِساء الأكثر تهذيباً يربون الطيور الهندية والطاواويس المديانية. يبقونها على أرائكهم بينما هم يضطجعون، ويلعبون مع هذه الحيوانات ذوات المناقير، ويسلون أنفسهم بهذه المخلوقات غير الجميلة، التي تتصرف مثل آلهة الغابات الإغريقية. يشترون (الحيوانات الأليفة) بثمن باهظ، ويفتخرون بهذه الحيوانات أكثر مما يفتخرون بأزواجهن. يزجرون الأرملة المتعقلة، مع أنها أكثر أهمية للغاية من جروهم المستورد (من ميليتيا). يهملون الرجل المسن الصالح، الأفضل شكلاً ? بحسب ما أرى ? من أي حيوان مُشترى. لا يقتربوا حتى من أي طفل يتيم، بالرغم من أنهم يطعمون ببغاواتهم ودجاجاتهم البرية بأياديهم الخاصة. بل والأسوأ من ذلك، يُهملون الأطفال المولدين لهم حتى الأذى، ومع ذلك يُغدقون العناية بذرية الطيور التي لهم. يضعون الحيوانات غير العاقلة في منزلة وقيمة أعلى من البشر العاقلين، بالرغم من واجبهم هو توقير أولئك الرجال الذين يعززون ضبط النفس، الذين هم أكثر وسامة ? على ما أعتقد ? من قرودهم، وقادرين على الكلام بمقاطع أكثر بلاغة من عصافيرهم المغردة (عندليبهم). أن الكتاب المقدس يقول لنا: ?بِمَا أَنَّكُمْ فَعَلْتُمُوهُ بِأَحَدِ إِخْوَتِي هؤُلاَءِ الأَصَاغِرِ، فَبِي فَعَلْتُمْ? (مت 25: 40). ومع هذا يفضل هؤلاء النساء الحماقة أكثر من ضبط النفس، إذ أنهم يحولون كل معيشتهم إلى حجارة:لآلئ وزمرد من الهند. في الحقيقة هم يلقون بأموالهم بعيداً، ويهدرونها في الأصباغ التي تبهت، وعلى العبيد التي تشترى بالمال، فهم مثل الدجاج المتخم ينبشون في مزابل الحياة. لقد قيل ?الفقر يذل الإنسان?، يقصد هنا فقر البخيل، الذي يجعل من الغني فقيراً في الكرم، كما لو أنهم لم يمتلكوا شيئاً لكي يعطوا. |
||||
18 - 08 - 2014, 05:44 PM | رقم المشاركة : ( 5313 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
من شاول الملك إلى فترة السبى مقدمة أولاً : استعلان الله ( شاول ـ سليمان ) . 1- استعلان الله وسط العالم بالقوة .ثانياً : إنقاذ الله للتدبير ( من رحبعام إلى السبى ) . 1- الانغماس فى تكتلات الأمم السياسية والدينية .مقدمة ـ عندما يقدم لنا الكتاب المقدس تاريخاً فهو لا يقصد أن يعرض أحداثاً مجردة خاصة بأمة أو بأشخاص وإنما بأمور تخص ملكوت الله فى الأرض وسط شعبه وكان غرض الله فى هذه الفترة أن يملك على قلوب أولاده ويطيعونه بحفظ الوصية فتبقى مملكته إلى الأبد . وعندما فشل هؤلاء الملوك الذى أقيموا على شعبه فى أن يحققوا ما كان مطلوباً منهم أرسل أبنه ملكاً يجلس على كرسى داود إلى الأبد ويقيم من المؤمنين به ملوكاً جدداً يتمتعون بالاشتراك فى مجده . أولاً : استعلان الله ( شاول ـ داود ـ سليمان ) : ـ بعد أن رفض الشعب أن يكون الله ملكاً عليهم ... اختاروا شاول ملكاً ... ولكن شاول كاد أن يحول المملكة إلى صورة من ممالك الأمم الوثنية لذلك تدخل الله وطلب من صموئيل أن يمسح داود ملكاً ليكمل تدبير الخلاص المطلوب من هذه المرحلة وهى . 1- استعلان الله وسط العالم بالقوة: ـ الإعلان عن قوة وغنى وحكمة إله إسرائيل وسط الأمم : ـ الله يعطى شعبه القوة فأصبحت لإسرائيل السلطة والسيادة على كل المنطقة بفضل انتصارات داود " ففعل داود كما أمره الله وضربوا محلة الفلسطينيين من جبعون إلى جازر وخرج اسم داود الى جميع الأراضى وجعل الرب هيبته على جميع الأمم " ( 1أخ 16:14-17 ) . 2- استعلان الله وسط شعبه بالعبادة : أ ـ الله هو الأول فى المملكة * تنظيم العبادة على يد صموئيل وداود . * انتظام الشعب فى العبادة والتسبيح . * انتظام الذبائح اليومية والأعياد والمواسم . ب ـ ثبات وجود الله وسط شعبه ( الهيكل ) . ج ـ الله يعطى شعبه الغنى والحكمة : فى عهد سليمان عرف العالم كله إله إسرائيل الذى أعطى شعبه غنى وحكمة لا تضارعها حكمة أخرى فى العالم (1مل 23:10-29) ثانياً : إنقاذ الله للتدبير ( من رحبعام إلى السبى ) : مظاهر هذه الفترة : 1- الانغماس فى تكتلات الأمم السياسية والدينية : أ ـ إنكار لقوة الله ولذلك نجد فى رسالة أرميا النبى 40 % منها تحذير من الاختلاط أو التحالف مع الشعوب .وكان الله يرفض ذلك للأسباب الأتية : ب ـ تقليل لمكانة يهوه لأنه إذا تحالف يهوذا مع مصر مثلاً ... ففيها يتساوى إله إسرائيل مع آلهة مصر وربما من أجل قوة مصر كدولة تكون آلهة مصر أولاً ثم إله إسرائيل حسب القسم . 2- فشل الملوك فى تحقيق خطة تدبير الخلاص : هذه الفترة تتسم بالملوك الذين رفضوا الحياة مع الله وصار الشعب معهم فتم تشتيتهم ودخلوا مرحلة السبى . 3- انفصال مملكة إسرائيل عن مملكة يهوذا والله يحافظ على يهوذا : انقسام المملكة تم فى عهد رحبعام ابن سليمان الملك وذلك بسبب أن أبيه سليمان الحكيم كان قد وقع فى عدة مشاكل وهى : أ- فرض ضرائب جديدة على الشعب أكثر مما كان فى عهد أبيه داود الذى كان عهده ممتلئ حروب وصراعات وإذ ركز سليمان على البناء والعمارة أراد أن يكون له بلد عظيم ، فنراه يبنى بيوت وفراديس حتى أنه ذكر ذلك بنفسه " بنيت لنفسى بيوتاً ، غرست لنفسى كروماً ، عملت لنفسى جنات وفراديس " ( جا 5:2 ) . وهذه المبانى كلفته الكثير ، لهذا اتجه إلى فرض الضرائب على الأغنياء والنبلاء ، والأشراف القادرين على دفعها . ب- أما الفقراء ففرض عليهم العمل بالسخرة ، فابتدأ يحضر الأخشاب من لبنان ، ويحفر الترع ، ويقيم الجسور ، ويمد المياه من الخارج ... فعمل أعمالاً عظيمة فى البناء ، ويكفى بناء الهيكل الذى استمر 46 سنة ، وهو آية فى الفن والعمارة .... لكنه ثقل على الشعب كثيراً وخاصة الطبقات الكادحة . ج- مال عن الوصية وتزوج نساء غريبات فقال عن نفسه " كل ما اشتهته عيناى لم امسكه عنهما " ( جا 10:2 ) . د- لكنه عاد فى توبته يقول : " باطل الأباطيل الكل باطل " ( جا 2:1 ) لكنه بلا شك عاش فى غنى فاشح وانفصل عن الشعب ، وبدأ الشعب يتضايق منه .... هـ كسره للوصية .... فالرب وضع أمامه عدة أمور أن سار على طريق أبيه ، لكنه لم يسر .... . و- تفتت المملكة . كيف ؟ فى أيام شيوع نذكر أنه خُدع من الجبعونيين ، فحلف لهم أن يبقوا فى وسطهم ، ولما أكتشف أمرهم ، أخبره الرب أنه سيذوق مرارة سكناهم فى وسط الشعب ، لأنه لم يرجع إلى الرب بل اعتد بنفسه بعد انتصاراته ... وسكن الجبعونيين فى وسط الأسباط، وامتدوا بين الأسباط ، فنتج عن ذلك تباعد الأسباط عن بعض وتداخلت تلك القبائل التى بدأت تعطل ترابط الأسباط مع بعضها ، وهى تشبه الثعالب الصغيرة المفسدة للكروم ( نش 15:2 ) وفقدت المملكة الاتحاد الكامل ، خاصة أن هذه القبائل : الكنعانيين ، والحثيين ، والحويين ، والفرزيين ، والجرجاشيين ، والأموريين ، واليبوسيين ( يش 10:3 ) . قد تكاثرت بكثرة من أيام يشوع إلى صموئيل ... ولهذا كان الرب يأمر بثلاثة أمور للشعب وهى * أن لا يختلطوا بالشعوب الغريبة . * أن يحرموا ( يقتلوا ) كل المدن التى يمتلكوها . * أن لا يتحالفوا مع الشعوب الأجنبية . وكانت هذه الأمور الثلاثة السبب الرئيسى فى انقسام المملكة ، رغم أن البعض ـ من مدارس النقد الكتابى ـ يجد فى أمر الرب بتحريم كل أحد فى الأرض التى يدخلوها ، موطن نقد فى العهد القديم ، بل أنهم أدعوا أن إله العهد القديم هو إله قاسى ، ودموى ، يأمر بالقتل حتى الأطفال ... وبهذا رفضوا العهد القديم . لكن فى الحقيقة كان الرب يأمر بتحريم المدن بكاملها ، لأنها كانت شعوب وثنية ، متعبة ، تمثل الشيطان إذا أعطى له مكان سيقوى ، ويلتفت ليمزقك ، فلابد أن تنتهى منه . ونحن نرى أنهم لما تركوا جزء من الجبعونيين ، كونوا قبيلة عظيمة بدأت تضايق اليهود ، وهكذا فى باقى القبائل ، كانت تظهر قوتها فى لحظات ضعف اليهود . وكان ذلك رمز للإنسان أنه لابد أن يقتلع بذور الفكر الشرير من قلبه ، وينتهى منه تماماً حتى يستطيع أن يدخل كنعان ويكون له صلة بالله ، ويتحد به . بالإضافة لأن الرب يعرف مدى الضعف الروحى للشعب اليهودى ، وكيف ينقاد بسهولة للخطية ، خشى عليهم من اختلاطهم بالشعوب الوثنية خاصة أن العبادة الوثنية كانت قائمة على شقين هما : * كثرة الذبائح للأوثان . * الزنا : حتى أن الشعب الخارج من أرض مصر ، قيل عنه أنه أكل وشرب ثم قام للعب ، ويقصد بها الزنا أو الخطية . ولما تأخر موسى النبى على الجبل ضغط الشعب على هارون ليعمل له عجلاً يقول عنه أنه الإله الذى أخرجهم من أرض مصر . وكان الزنا من طقوس العبادة نفسها ، فى كل هذا كان الشعب اليهودى ينظر إلى العبادات الوثنية بكل متعها فيفعل مثلها ويترك عبادة الله . 4- الله يبقى على ميراثه : انفصال مملكة إسرائيل عن مملكة يهوذا ومع ذلك رفض الله أن تحارب يهوذا إسرائيل أخوتهم (1مل 24:12 ) حتى لا يضيع كل الميراث وتنتهى رسالة الشعب لأن المملكة الشمالية تحولت سريعاً نحو آلهة العالم لذلك أراد الله أن يفصل أورشليم عن هذا التأثير السريع حتى لا تضيع البقية الباقية من الشعب وسط هذا المد القوى من الآلهة الغريبة . 5- المملكة الشمالية تذوب فى الأمم : تأثير عبادة الفراعنة على يربعام إذ نجد العجل الذهبى هو العجل أبيس أحد آلهة المصريين ... وطرد اللاويين والكهنة الساكنين فى مملكة إسرائيل . 6- دور الأنبياء : الله يرسل لهم أنبياء ليرجعوهم عن الضلال مثل ( ياهو بن حنانى ? إيليا ? إليشع ? ميخا بن بمله ? هوشع ? يونان ? عاموس ? ميخا المورشتى ) . 7- سر وجود شعب الله : وصارت هناك عبادة توفيقية بين إله إسرائيل وآلهة الأمم وهذا هو سر عداء اليهود للسامرة فقد أصبحت الأرض مملكة جديدة غريبة ليست هى شعب الله ولا هم أبناء يعقوب .كان لابد أن يعرف العالم أن سر وجود هذا الشعب فى الأرض هو رسالتهم للإعلان عن الله فإذا تركوا الله كان لابد أن يرى العالم كله انكسارهم وإلا كانوا سيشكون فى قوة ومجد إله إسرائيل .. وتم سبيهم على يد أشور 722 ق.م بسقوط السامرة أدخل الأشوريين غرباء من بلاد أخرى فامتلأت السامرة بعبادة الآلهة الغريبة لهؤلاء الشعوب الغريبة . العقيدة عن السامريين : ولأن السامريين انفصلوا عن اليهود والعبادة فى أورشليم ، أصبحوا لا يؤمنون إلا بأسفار موسى الخمسة فقط ، وأهملوا أسفار الأنبياء والأسفار التاريخية ، وزعموا أن الكتاب المقدس الذى بين أيديهم (التوراة) لم يكتبه موسى النبى وإنما أحد أحفاده . وهم أيضاً لا يؤمنون بقيامة الأجساد ، وإن كانوا يعتقدون فى الملائكة والخلود ولكن ليس بالقيامة العامة . وفئة الصدوقيين التى وردت فى العهد الجديد هم أيضاً لا يؤمنوا لا بالقيامة ولا بالملائكة متأثرين بأهل السامرة والسامريون يعتقدون بإله واحد هو يهوه ومشرع واحد هو موسى ، وكتاب مقدس واحد هو التوراة ، وموضع مقدس واحد هو جرزيم ، كما يعتقدوا فى أن المسيا الذى سيأتى هو من سبط يوسف ( واحد من أسباطهم ) وهو الذى سيعيد الوحدة لإسرائيل . وكان اليهود لا ينطقون اسم يهوه ، إنما يستعيضوا عنه بكلمة السيد ( أدوناى ) وحتى الآن لا يعرف النطق الصحيح لكلمة يهوه أما السامريين فكانوا يستخدمون هذا الاسم بجسارة فى القسم ، فكانوا موضع نقد اليهود فى ذلك وبما أن الأعياد اليهودية كانت مكتوبة بالتفصيل فى سفر اللاويين الذى يؤمن به مملكة الشمال ، فكانوا يشتركوا فى أعياد : ( الفصح ـ الكفارة ـ المظال ) ولكن على جبل جرزين ، أما باقى الأعياد فلا يحتفلوا بها . ولما عادوا من السبى ، وكانوا قد اختلطوا بالأجناس الغريبة ، كانت معابدهم على جرزين أنهدمت فبنوا لهم مرتفعات وكانوا يقدموا عليها فى عيد الفصح سبعة حملان ويسلخونها وينظفون أحشائها ويأكلونها . 8- دخول عبادات الآلهة الغريبة : وذلك بطريقة رسمية من خلال ارتباط الملوك بهذه الآلهة 9- الزواج بأجنبيات : 10- الاهتمام بالأرض والسياسة العالمية كمملكه وسط الأمم : مما جعل العلاقة العائلية مع الله ملوثة وبهذا دخلت الآلهة الغريبة فى نسيج الحياة الشخصية لشعب الله . * فلم يشعر الملوك أنهم مملكة خاصة لله . * بل التمسوا سلطانهم من التحالفات السياسية وليس الله هو الذى يحميهم . 11- ضياع الارتباط بالله : * رسمياً : من خلال الملوك .ارتبط الشعب نفسياً وروحياً بالأوثان فتملك الشيطان على مملكة الله على النحو التالى : * عائلياً : من خلال الزواج بالأجنبيات . * شخصياً : من خلال الارتباط بالشهوة . 12- ضياع معنى رموز الخلاص : * الأرض : التى كانت ترمز إلى ملكوت الله لهم ضاعت .التى كانت تعطى القوة الإلهية للشعب وهى الهيكل ? المملكة ? الأرض ? كلمة الله . * الهيكل : رمز وجود الله أنهدم . * المملكة : التى ترمز لغنى وعطايا الله لشعبه انتهت . * كلمة الله : لم يتمسكوا بها وسط الشر والاحباط . لإلهنا كل مجد وكرامة من الآن وإلى الأبد ، آمين. |
||||
18 - 08 - 2014, 05:45 PM | رقم المشاركة : ( 5314 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
كيف نقرأ الأناجيل؟ كلّنا يقرأ الإنجيل في مناسبات عديدة وبأساليب مختلفة ولأسباب متعدّدة. فهذا يقرأ من باب العادة أو الواجب أو الدرس? وذاك يقرأ للبحث عن تعزية روحيَّة أو راحة نَفْسيَّة? وتلك تقرأ لتجد لحياتها هدياً ونُوراً? ولكن، هل نفهم ما نقرأ؟ كيف نستطيع أن نُدرك معنى الكتابِ المقدَّس الحقيقيَّ بعامّة، ومعنى الأناجيل بخاصّة؟ هذا هو السؤال الأهمّ لفهم أيّ نصّ من الكتاب المقدَّس، وقد اندمج فيه كلام الله بكلام البَشَر، وتفرُّد الحدث التاريخيّ بمصداقيَّة الكلمة الأزليَّة التي تتعدّى التاريخ. فكلمة الله هي من الماضي ولكنّها تواكب الحاضر وتقود نحو المستقبل. هذا الموضوع ليس حديثاً، فقد احتاج المؤمنون دوماً إلى تفسير الأسفار المقدَّسة وشرح ما جاء فيها. نُشير إلى الأمثلة التالية: - أعمال الرسل (8/26-40)، خازن ملكة الحبشة يقرأ سفر أشعيا (56/3-7)، ويسأل فيليبُّس: "مَن يعني النبيّ بهذا الكلام؟". - إنجيل لوقا (24/13) يسوع المسيح "يُفسِّر" لتلميذَي عِمّاوس في جميع الكُتُب وما يختصّ به. - لوقا (24/45) "حينئذٍ فَتحَ أذهانَهم ليفهموا الكُتُب". - رسالة بطرس الثانية (1/20) "واعلموا قبل كلّ شيء أنّه ما من نبوءة في الكتاب تقبل تفسيراً يأتي به أحد من عنده". - ويقول بطرس في رسائل بولس: "وقد ورد فيها أمور غامضة يحرّفها الذين لا علمَ عندهم ولا ثبات، كما يفعلون في سائر الكُتُب، وإنّما يفعلون ذلك لهلاكهم" (2بط 3/16). إنّ المشكلة قديمة، ولكنّها أصبحت أكثر تعقيداً مع مرور الزمن. فيجب وضع الكُتُب في الإطار الزمنيّ والبيئيّ القديم الذي دُوّنت فيه، ودراسة النصوص في ضوء معطيات العلوم الإنسانيَّة الحديثة. وأصبحت المشكلة أيضاً أكثر إلحاحاً، نظراً إلى عودة الكتاب المقدَّس إلى الصدارة في العلوم اللاهوتيَّة والحياة الليتُرجيَّة والروحيَّة. (راجع التفسير البيبليّ في الكنيسة، وثيقة اللجنة البيبليَّة الحَبريَّة - لبنان، 1995) نقسم دراستنا إلى ثلاثة أقسام: 1- تيّارات التفسير وأنواعها. 2- الكتاب المقدَّس ومعانيه المختلفة. 3- التأويل والتأوين. القسم الأوّل: تيّارات التفسير وأنواعها ثمّة أساليب ومدارس لتفسير الكتاب المقدَّس نذكر منها: أ- الطريقة التاريخيَّة النقديَّة - تعود بالنصوص إلى الأزمنة التي كُتبت فيها، وتفسّرها بمفهوم البيئة التي نشأت فيها. - تبحث عن مصادر النصوص وتُقارنها مع سائر الحضارات مستعينةً بعلوم الآثار. - تدرس النصوص بحسب مبادئ النقد الأدبيّ في شرح الكتابات القديمة، من حيث الشكل والمبنى. خطر هذه الطريقة أنّها قد تولي الكلام البَشَريّ الأولويَّة، فلا توحي كثيراً بكَون الكتاب المقدَّس هو كلام الله. ب- الطرائق الحديثة في تحليل النصوص - التحليل الخطابيّ البلاغيّ: يُشير إلى سُلطة الخطيب وفحوى الخطاب وردّة فعل المستمعين. يُبرز أهمّيَّة الإقناع والتأثير في الآخَرين. - التحليل الروائيّ الإخباريّ: يشرح البُنية الروائيَّة. ومن خلال الرواية يؤكِّد الشهادة. - التحليل اللغويّ السيمائيّ: يهتمّ بفقه اللغة، ويبحث عن المعطيات المنطقيَّة التي تربط بين الآيات والنصوص، ويسعى، من خلالها، لفهم فكرة الكاتب. إنّ حدود هذه الطرائق تكمن في الخطر الأدبيّ الذي يجعلنا أسيرين للنصوص.. نهتمّ بها أكثر من اهتمامنا بالرسالة التي تأتينا من خلالها. ج- طريقة الاستناد إلى التقليد تستند هذه الطريقة في تفسير النصوص: - إلى التقاليد اليهوديَّة المعاصرة لنشأة النصوص. - إلى وحدة الأسفار في الكتاب المقدَّس. فترفض قراءة النصّ بمعزل عن سائر النصوص السابقة واللاحقة. تقرأ هذه الطريقة الكتاب المقدَّس في ماضيه وتُهمل تأوينه في عالَم اليوم. د- طرائق تأخذ بمنحى العلوم الإنسانيَّة بما أنّ كلام الله تأصّل في البَشَريَّة، تسعى هذه المدرسة إلى تفسير هذا الكلام بحسب حدود النَفْس البَشَريَّة. وقد ظهرت تيّارات عديدة في هذا المجال نذكر منها: 1- تيّار النظرة الاجتماعيَّة: يشرح النصوص في ضوء العلاقات الإنسانيَّة في المجتمع، ويبحث في العادات الشعبيَّة والمؤسَّسات الاجتماعيَّة. 2- تيّار النظرة الثقافيَّة: يدرس النصّ من خلال النظرة إلى الواقع الحضاريّ الإنسانيّ الذي ظهرتْ فيه ( الفنّ - الأساطير - العائلة - الرقّ - الطقوس - التنجيم...). 3- تيّار النظرة النَفْسانيَّة: يُطبِّق مبادئ علم النَفْس على الشخصيّات والأحداث الواردة في الكتاب المقدَّس. يُوجِّه الانتباه إلى أطباع الناس وعقدهم النَفْسيَّة ومواقفهم البَشَريَّة? تُهمِل هذه الطرائق، أحياناً، النظرة الروحيَّة إلى الكتاب المقدَّس. ه?- طرائق التفسير وفق الأحداث المعاصرة لمّا كان تفسير الكتاب مرتبطاً بذهنيَّة القارئ ومشكلات عصره فقد نشأ تيّار يشرح الكتاب المقدَّس ويُحلِّل نصوصه انطلاقاً من معاناة الناس في عالَم اليوم. نذكر على سبيل المثال: 1- لاهوت التحرُّر: الإنجيل هو كتاب الفقراء. الله هو إله الفقراء ومنه الخلاص. ثورة على التملُّك. 2- تحرُّر المرأة: الإنجيل يرفع شأن المرأة ويعطيها دَوراً مميّزاً. الله أب وأُمّ في آنٍ واحد، أي يجب التحدّث عن أُمومة الله لا عن أُبوّته وحسب. ووصل التطرّف إلى وضع صلاة تبدأ: "يا أُمّنا التي في السماء..."! تخرج هذه النظريّات عن القراءة الموضوعيَّة للنصوص في معظم الأحايين. و- القراءة الأصوليَّة للكتاب المقدَّس عادت هذه الطريقة إلى الانتشار في بعض البدع والشيع. وتدعو إليها بعض الكنائس والجماعات المسيحيَّة المتطرّفة أو الرجعيَّة. يُنادي هذا التيّار بحرفيَّة الوحي والإلهام. فكلّ كلمة من الكتاب المقدَّس هي من فم الله حرفيّاً ولذلك، فهي معصومة من الخطأ. ويجب فهم النصوص كما هي من دون دراسة نقديَّة. وترفض هذه الطريقة دَور المؤلِّف البَشَريّ في تحرير الكتاب المقدَّس. هذه القراءة مقبولة من حيث تأكيد الإلهام وعصمة الله، ولكنّها تبتعد عن منطق التجسّد. لا بل تستغلّ أحياناً بعض المعطيات الكتابيَّة القديمة لمآرب خاصّة. نخلص إلى القول: إنّ الطرائق في تفسير الكتاب المقدَّس كثيرة. ولكنّ المهمّ أن تقودنا هذه الأساليب الدراسيَّة إلى المعنى الصحيح. ثمّة بُعد روحيّ يجب أن نصل إليه. فلكلّ الأساليب فائدتها وحدودها، والمهمّ أن تُسخَّر جميعها للكشف عن المعنى الحقيقيّ للنصّ الكتابيّ. القسم الثاني: الكتاب المقدَّس ومعانيه المختلفة نكتشف من خلال تفسيرنا للكتاب المقدَّس بعامّة، وللأناجيل بخاصّة، أنّه قد يحمل معانيَ كثيرة، ولكنّها، علىكثرتها، تُشير إلى حقيقة واحدة: أ- المعنى الحرفيّ هو أساس النصّ ومنطلق الكلام. لا نستطيع أن نفهم كلام الله إن لم نفهم المعنى الحرفيّ - والمعنى الحرفيّ يختلف عن القراءة الأصوليَّة، أي الفهم الحرفيّ الجامد المُنـزل شكلاً ومضموناً - بل نستعين بكلّ الأساليب العِلميَّة المتداولة للوصول إلى ما يريد النصّ أن يقوله لنا في شكله. ب- المعنى الروحيّ نصل إلى هذا المعنى من خلال مطالعتنا للكتاب المقدَّس في ضوء قيامة المسيح وفي غمار الروح القُدُس. وهكذا شأن قراءة الكُتُب التي تمّت في شخص يسوع المسيح. وفي هذا المضمار تدخل أوجه التشابه والمقارنة والمحاكاة التي نجدها في الكتاب المقدَّس، مثل: آدم والمسيح (روم 5/14)، الطوفان والمعموديَّة (1بط3/20)، مريم وحوّاء... ج- المعنى الكامل نفهم بذلك معنى النصّ العميق الذي يريده الله وقد جاءت فيه الحقيقة من دون أن يفهمها كاتبها. ونكتشف هذا المعنى في وقت لاحق في ضوء الوحي الذي تمّ بيسوع المسيح. نذكر، على سبيل المثال، ما جاء في كلام النبيّ أشعيا (7/14): "ها إنّ الصبيَّة تحبل وتلد?". ربّما، لم يكن النبيّ يُدرك بعد هذا الكلام! فجاء متّى البشير ليعطيه معناه الكامل. فالفتاة التي تحدّث عنها أشعيا على نحو مبهم، هي، في الحقيقة، مريم العذراء أُمّ المسيح المنتظَر (متّى 1/23). القسم الثالث: التأويل والتأوين إنّ فهم الكتاب المقدَّس ليس عِلماً مغلقاً على ذاته. إنّما يجب أن يتحوّل فينا إلى حياة، وأن يقول لنا شيئاً في عالَمنا الحاليّ وأن يدعونا إلى فِعل إيمان. فالتأويل يساعدنا في الكشف عن المعنى. ولكي لا يكون فهمنا للكتاب المقدَّس فهماً شخصيّاً مغلقاً مزاجيّاً يجب أن تكون مطالعتنا له في حضرة الروح القُدُس، ولكن ضمن الإطار التالي: 1- في إطار تعاليم الكتاب نَفْسه في عهدَيه: القديم والجديد. 2- في إطار التقاليد الكنسيَّة وتعاليم الآباء. 3- في إطار سُلطة الكنيسة المحافظة على الأمانة. "إنّ مهمّة التفسير تفسيراً صحيحاً لكلمة الله المكتوبة والمتناقَلة في التقليد، قد أُسندت في الكنيسة إلى سُلطتها التعليميَّة الحيَّة وحدها، وهي تمارس سُلطانها باسم يسوع المسيح. غير أنّ هذه السُلطة التعليميَّة لا تعلو كلمة الله، بل تخدمها ولا تعلّم إلاّ ما تسلّمته من التعاليم. فإنّها بتكليف من الله، وبعون من الروح القُدُس، تُصغي بخشوع إلى هذه الكلمة، وترعاها باحترام، وتُفسّرها بأمانة. ومن هذه الوديعة الواحدة لحقائق الإيمان تستقي كلّ ما تعتبره موجباً للإيمان لأنّه من وحي الله. فمن الواضح، إذاً، أنّ التقليد المقدَّس والسُلطة التعليميَّة في الكنيسة بتدبير من الله عظيمِ الحكمة، هي وثيقة الارتباط والتلازم في ما بينها، حتّى إنّ واحداً من هذه الثلاثة لا يستقرّ بدون الباقي، بل تعمل كلّها، وكلّ واحد على طريقته، وبدفع من الروح القُدُس الواحد وتُسهم إسهاماً فعّالاً في خلاص النفوس?" (المجمع الفاتيكانيّ الثاني، دستور عقائديّ في الوحي الإلهيّ،10) أمّا التأوين فهو التطبيق العمليّ والواقعيّ والحياتيّ لكلمة الله في عالَم اليوم. ولذلك يجب أن نقرأ أحداث حياتنا في ضوء الأناجيل ونقرأ الإنجيل في ضوء حياتنا اليوميَّة. وهذا لا يعني أن نُلبِس الكتاب المقدَّس نظريّاتنا ومبادئنا ونُشوِّه فيه المعنى لمآرب خاصّة. فقد ظهرت بدع وشيع وتيّارات عبر تاريخ الكنيسة "تاجرت بكلام الله" (2قور 2/17، 2قور 11/13). الخـاتمة كلّ قراءة في الأناجيل هي لقاء مع الربّ يسوع. كما قال: "الكلام الذي كلّمتكم به روحٌ وحياة" (يو 6/63). لا يزال كلام يسوع بُشرى خلاص، تدعونا للتحرّر من الخطيئة والتعلّق بالمسيح الحيّ لنتحوّل إلى شهود للمحبّة. مع صاحب المزامير نُرتّل ونحن نستمع إلى الإنجيل: "كلمتك مصباح لخُطاي ونُور لسبيلي". لا يكفي أن نقرأ الأناجيل وسائر الكُتُب المقدَّسة، وأن نُدرك معناها ونفهم فحواها، وأن نكتشف ما يطلبه منّا السيّد المسيح الآن.. وإنّما الأهمّ من ذلك أن نعيش بحسب هذه المتطلّبات. فكلّ قراءة لا تنتهي بتغيير داخليّ ولا تُقرِّبنا من المسيح على نحو أشدّ تبقى ناقصة. هذا ما نسمّيه: القراءة الروحيَّة أو القراءة الربّيَّة. ولها قواعدها التي تختلف بين مدرسة ومدرسة. ويمكن تلخيصها في هذا الجدول المبسَّط: 1 القراءة (LECTIO) الذهن الإصغاء 2 التأمّل (MEDITATIO) القلب التذوّق 3 العمل (ACTIO) الإرادة الاهتداء يتمّ ذلك كلّه في جوّ من الصلاة (ORATIO) : "تكلّمْ يا ربّ فإنّ عبدك يسمع". أختم حديثي بتأمّلات نشرها إنزو بيانكي Enzo Bianchi في مقال عنوانه "أقرأُ البيبليا مصغياً إلى الكلمة" يُحاكي ما كتبه بولس الرسول في نشيد المحبّة (1قور 13/1-13): "لو تعلّمتُ آيات الكتاب المقدَّس غيباً وذكرتُها في كلّ مناسبة ولم تكن لي المحبّة فما أنا إلاّ نحاس يطنّ وصنج يرنّ. ولو تعلّمتُ قراءة الكتاب المقدَّس بحسب الفنون الأدبيَّة والتقاليد التاريخيَّة والأساليب الإنشائيَّة ولم يكن لي الإيمان، فما أنا بشيء. ولو استطعتُ أن أستخدم جميع الوسائل الحديثة في تفسير الكُتُب المقدَّسة بحسب البيئة والثقافة والظروف التي نشأتْ فيها ولم يكن فيّ الروح القُدُس، فما يُجديني ذلك نفعاً. الحرف يقتل وأمّا الروح فيُحيي. العِلم والألفاظ تزول وأمّا الكلمة فهي التي تبقى إلى الأبد. عندما نقرأ الكتاب المقدَّس قراءة روحيَّة علينا أن نُصغي إلى الكلمة بإيمان، وأن نفهمها بالروح القُدُس، وأن نسعى بالمحبّة لملاقاةٍ شخصيَّةٍ مع الربّ يسوع |
||||
18 - 08 - 2014, 05:48 PM | رقم المشاركة : ( 5315 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
وعود الله لمحبيه في العام الجديد
عَزُّوا عَزُّوا شَعْبِي يَقُولُ إِلَهُكُمْ (اش40: 1) هُوَذَا السَّيِّدُ الرَّبُّ بِقُوَّةٍ يَأْتِي وَذِرَاعُهُ تَحْكُمُ لَهُ. هُوَذَا أُجْرَتُهُ مَعَهُ وَعُمْلَتُهُ قُدَّامَهُ. كَرَاعٍ يَرْعَى قَطِيعَهُ. بِذِرَاعِهِ يَجْمَعُ الْحُمْلاَنَ وَفِي حِضْنِهِ يَحْمِلُهَا وَيَقُودُ الْمُرْضِعَاتِ (اش40: 10، 11) يُعْطِي الْمُعْيِيَ قُدْرَةً وَلِعَدِيمِ الْقُوَّةِ يُكَثِّرُ شِدَّةً. اَلْغِلْمَانُ يُعْيُونَ وَيَتْعَبُونَ وَالْفِتْيَانُ يَتَعَثَّرُونَ تَعَثُّراً وَأَمَّا مُنْتَظِرُو الرَّبِّ فَيُجَدِّدُونَ قُوَّةً. يَرْفَعُونَ أَجْنِحَةً كَالنُّسُورِ. يَرْكُضُونَ وَلاَ يَتْعَبُونَ يَمْشُونَ وَلاَ يُعْيُونَ(اش40: 29-31) لَّذِي أَمْسَكْتُهُ مِنْ أَطْرَافِ الأَرْضِ وَمِنْ أَقْطَارِهَا دَعَوْتُهُ وَقُلْتُ لَكَ: «أَنْتَ عَبْدِي. اخْتَرْتُكَ وَلَمْ أَرْفُضْكَ. لاَ تَخَفْ لأَنِّي مَعَكَ. لاَ تَتَلَفَّتْ لأَنِّي إِلَهُكَ. قَدْ أَيَّدْتُكَ وَأَعَنْتُكَ وَعَضَدْتُكَ بِيَمِينِ بِرِّي (اش41: 9-10) لأَنِّي أَنَا الرَّبُّ إِلَهُكَ الْمُمْسِكُ بِيَمِينِكَ الْقَائِلُ لَكَ: لاَ تَخَفْ. أَنَا أُعِينُكَ (اش41: 13) أَفْتَحُ عَلَى الْهِضَابِ أَنْهَارا ًوَفِي وَسَطِ الْبِقَاعِ يَنَابِيعَ. أَجْعَلُ الْقَفْرَ أَجَمَةَ مَاءٍ وَالأَرْضَ الْيَابِسَةَ مَفَاجِرَ مِيَاهٍ (اش41: 18) أَنَا الرَّبَّ قَدْ دَعَوْتُكَ بِالْبِرِّ فَأُمْسِكُ بِيَدِكَ وَأَحْفَظُكَ وَأَجْعَلُكَ عَهْداً لِلشَّعْبِ وَنُورا ًلِلأُمَمِ. لِتَفْتَحَ عُيُونَ الْعُمْيِ لِتُخْرِجَ مِنَ الْحَبْسِ الْمَأْسُورِينَ مِنْ بَيْتِ السِّجْنِ الْجَالِسِينَ فِي الظُّلْمَةِ (اش42: 6-7) وَالآنَ هَكَذَا يَقُولُ الرَّبُّ خَالِقُكَ يَا يَعْقُوبُ وَجَابِلُكَ يَا إِسْرَائِيلُ: «لاَ تَخَفْ لأَنِّي فَدَيْتُكَ. دَعَوْتُكَ بِاسْمِكَ. أَنْتَ لِي. إِذَا اجْتَزْتَ فِي الْمِيَاهِ فَأَنَا مَعَكَ وَفِي الأَنْهَارِ فَلاَ تَغْمُرُكَ. إِذَا مَشَيْتَ فِي النَّارِ فَلاَ تُلْذَعُ وَاللَّهِيبُ لاَ يُحْرِقُكَ. لأَنِّي أَنَا الرَّبُّ إِلَهُكَ قُدُّوسُ إِسْرَائِيلَ مُخَلِّصُكَ. جَعَلْتُ مِصْرَ فِدْيَتَكَ كُوشَ وَسَبَا عِوَضَكَ (اش43: 1-3) أَنَا أَنَا هُوَ الْمَاحِي ذُنُوبَكَ لأَجْلِ نَفْسِي وَخَطَايَاكَ لاَ أَذْكُرُهَا (اش43: 25) قَدْ مَحَوْتُ كَغَيْمٍ ذُنُوبَكَ وَكَسَحَابَةٍ خَطَايَاكَ. ارْجِعْ إِلَيَّ لأَنِّي فَدَيْتُكَ (اش44: 22) أَنَا أَسِيرُ قُدَّامَكَ وَالْهِضَابَ أُمَهِّدُ. أُكَسِّرُ مِصْرَاعَيِ النُّحَاسِ وَمَغَالِيقَ الْحَدِيدِ أَقْصِفُ (اش45: 2) وَمَفْدِيُّو الرَّبِّ يَرْجِعُونَ وَيَأْتُونَ إِلَى صِهْيَوْنَ بِالتَّرَنُّمِ وَعَلَى رُؤُوسِهِمْ فَرَحٌ أَبَدِيٌّ. ابْتِهَاجٌ وَفَرَحٌ يُدْرِكَانِهِمْ. يَهْرُبُ الْحُزْنُ وَالتَّنَهُّدُ (اش51: 11) اُطْلُبُوا الرَّبَّ مَا دَامَ يُوجَدُ. ادْعُوهُ وَهُوَ قَرِيبٌ (اش55: 6) |
||||
21 - 08 - 2014, 01:57 PM | رقم المشاركة : ( 5316 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
شخصية المسيح لا بد للباحث في المسيحية، أن يقف أمام عدد من القضايا الخطيرة. ولعل أخطرها لاهوت المسيح. وأعني بكلمة لاهوت المسيح، إيمان المسيحيين بأن يسوع الذي وُلد من مريم العذراء في فلسطين. وعاش على أرضنا ردحاً من الزمن هو ابن الله، والله الابن. قد يبدو هذا الاعتقاد صعباً للإنسان الطبيعي، إلا أن الصعوبة لا تضير المسيحية في شيء من جهة كونها دين الوحدانية الصحيحة. لأن اعتقاد المسيحيين بوجود ثلاثة أقانيم في ذات الله الواحد الأحد، لا يستلزم وجود سابق ولاحق، ولا أكبر وأصغر، أو ما شابه ذلك. بل أن الله واحد، وإنما أعلن لنا ذاته بهذه الأسماء، لكي يظهر ترتيب عمل الفداء. وقبل أن ننطلق في التأمل في لاهوت المسيح، ينبغي أن نقف قليلاً أمام الإعلانات المعروفة في الكتاب المقدس عن بنوة المسيح: أولاً: إعلانات الآب -A- قال ملاك الله لمريم العذارء: «َهَا أَنْتِ سَتَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ٱبْناً وَتُسَمِّينَهُ يَسُوعَ» (لوقا 1: 31) وحين وُلد يسوع تمت النبوة القائلة في إشعياء النبي: «هُوَذَا ٱلْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ٱبْناً، وَيَدْعُونَ ٱسْمَهُ عِمَّانُوئِيلَ (ٱلَّذِي تَفْسِيرُهُ: اَللّٰهُ مَعَنَا)» (إشعياء 7: 14 ومتى 1: 23). -B- «فَلَمَّا ٱعْتَمَدَ يَسُوعُ صَعِدَ لِلْوَقْتِ مِنَ ٱلْمَاءِ، وَإِذَا ٱلسَّمَاوَاتُ قَدِ ٱنْفَتَحَتْ لَهُ، فَرَأَى رُوحَ ٱللّٰهِ نَازِلاً مِثْلَ حَمَامَةٍ وَآتِياً عَلَيْهِ، وَصَوْتٌ مِنَ ٱلسَّمَاوَاتِ قَائِلاً: هٰذَا هُوَ ٱبْنِي ٱلْحَبِيبُ ٱلَّذِي بِهِ سُرِرْتُ» (متى 2: 16 و17). -C- فيما كان يسوع مع ثلاثة من تلاميذه على جبل حرمون، تكلم مع موسى وإيليا: «وَفِيمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ إِذَا سَحَابَةٌ نَيِّرَةٌ ظَلَّلَتْهُمْ، وَصَوْتٌ مِنَ ٱلسَّحَابَةِ قَائِلاً: «هٰذَا هُوَ ٱبْنِي ٱلْحَبِيبُ ٱلَّذِي بِهِ سُرِرْتُ. لَهُ ٱسْمَعُوا». وَلَمَّا سَمِعَ ٱلتَّلاَمِيذُ سَقَطُوا عَلَى وُجُوهِهِمْ وَخَافُوا جِدّاً. فَجَاءَ يَسُوعُ وَلَمَسَهُمْ وَقَالَ: «قُومُوا وَلاَ تَخَافُوا». فَرَفَعُوا أَعْيُنَهُمْ وَلَمْ يَرَوْا أَحَداً إِلاَّ يَسُوعَ وَحْدَهُ» (متى 17: 3-8). ثانياً: إعلانات الابن -A- في أحد أمثاله قال يسوع: «أَنَا ٱلْكَرْمَةُ ٱلْحَقِيقِيَّةُ وَأَبِي ٱلْكَرَّامُ... وَأَنْتُمُ ٱلأَغْصَانُ» (يوحنا 15: 1 و5). وقال في إحدى عظاته: «خِرَافِي تَسْمَعُ صَوْتِي، وَأَنَا أَعْرِفُهَا فَتَتْبَعُنِي. وَأَنَا أُعْطِيهَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً، وَلَنْ تَهْلِكَ إِلَى ٱلأَبَدِ، وَلاَ يَخْطَفُهَا أَحَدٌ مِنْ يَدِي» (يوحنا 10: 27 و28). -B- وقال في خطابه الوداعي: «أَنِّي مَاضٍ إِلَى أَبِي. وَمَهْمَا سَأَلْتُمْ بِٱسْمِي فَذٰلِكَ أَفْعَلُهُ لِيَتَمَجَّدَ ٱلآبُ بِٱلٱبْنِ» (يوحنا 14: 12 و13). -C- حين افتخر اليهود أمام يسوع بكون موسى أعطاهم المن في البرية قال لهم: «ٱلْحَقَّ ٱلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَيْسَ مُوسَى أَعْطَاكُمُ ٱلْخُبْزَ مِنَ ٱلسَّمَاءِ، بَلْ أَبِي يُعْطِيكُمُ ٱلْخُبْزَ ٱلْحَقِيقِيَّ مِنَ ٱلسَّمَاءِ» (يوحنا 6: 32). -D- «لأَنَّهُ كَمَا أَنَّ ٱلآبَ لَهُ حَيَاةٌ فِي ذَاتِهِ، كَذٰلِكَ أَعْطَى ٱلٱبْنَ أَيْضاً أَنْ تَكُونَ لَهُ حَيَاةٌ فِي ذَاتِهِ» (يوحنا 5: 26). -E- «ٱلْحَقَّ ٱلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لاَ يَقْدِرُ ٱلٱبْنُ أَنْ يَعْمَلَ مِنْ نَفْسِهِ شَيْئاً إِلاَّ مَا يَنْظُرُ ٱلآبَ يَعْمَلُ. لأَنْ مَهْمَا عَمِلَ ذَاكَ فَهٰذَا يَعْمَلُهُ ٱلٱبْنُ كَذٰلِكَ. لأَنَّ ٱلآبَ يُحِبُّ ٱلٱبْنَ وَيُرِيهِ جَمِيعَ مَا هُوَ يَعْمَلُهُ، وَسَيُرِيهِ أَعْمَالاً أَعْظَمَ مِنْ هٰذِهِ لِتَتَعَجَّبُوا أَنْتُمْ. لأَنَّهُ كَمَا أَنَّ ٱلآبَ يُقِيمُ ٱلأَمْوَاتَ وَيُحْيِي، كَذٰلِكَ ٱلٱبْنُ أَيْضاً يُحْيِي مَنْ يَشَاءُ. لأَنَّ ٱلآبَ لاَ يَدِينُ أَحَداً، بَلْ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ٱلدَّيْنُونَةِ لِلٱبْنِ، لِكَيْ يُكْرِمَ ٱلْجَمِيعُ ٱلٱبْنَ كَمَا يُكْرِمُونَ ٱلآبَ. مَنْ لاَ يُكْرِمُ ٱلٱبْنَ لاَ يُكْرِمُ ٱلآبَ ٱلَّذِي أَرْسَلَهُ» (يوحنا 5: 19-23). -F- «اَلْحَقَّ ٱلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ تَأْتِي سَاعَةٌ وَهِيَ ٱلآنَ، حِينَ يَسْمَعُ ٱلأَمْوَاتُ صَوْتَ ٱبْنِ ٱللّٰهِ، وَٱلسَّامِعُونَ يَحْيَوْنَ» (يوحنا 5: 25). -G- «ٱلْحَقَّ ٱلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَعْمَلُ ٱلْخَطِيَّةَ هُوَ عَبْدٌ لِلْخَطِيَّةِ. وَٱلْعَبْدُ لاَ يَبْقَى فِي ٱلْبَيْتِ إِلَى ٱلأَبَدِ، أَمَّا ٱلٱبْنُ فَيَبْقَى إِلَى ٱلأَبَدِ. فَإِنْ حَرَّرَكُمْ ٱلٱبْنُ فَبِٱلْحَقِيقَةِ تَكُونُونَ أَحْرَاراً» (يوحنا 8: 34-36). -H- «كُلُّ شَيْءٍ قَدْ دُفِعَ إِلَيَّ مِنْ أَبِي، وَلَيْسَ أَحَدٌ يَعْرِفُ ٱلٱبْنَ إِلاَّ ٱلآبُ، وَلاَ أَحَدٌ يَعْرِفُ ٱلآبَ إِلاَّ ٱلٱبْنُ وَمَنْ أَرَادَ ٱلٱبْنُ أَنْ يُعْلِنَ لَهُ. تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ ٱلْمُتْعَبِينَ وَٱلثَّقِيلِي ٱلأَحْمَالِ، وَأَنَا أُرِيحُكُمْ» (متى 11: 27 و28). فحين نتأمل هذا الإعلان بعمق يظهر لنا أنه لا إنسان عادي ولا نبي، ولا رسول، ولا ملاك، ولا رئيس ملائكة يستطيع أن يدرك سر شخص يسوع المسيح العجيب. فالمسيح أعلن أن طبيعته غير محدودة، حتى أنه لا يقدر أحد أن يدركه سوى الآب. ولو كان المسيح مجرد إنسان لاستحال عليه أن يقول هذا القول. وكذلك هذا الإعلان يعلمنا أن من وظيفة المسيح باعتبار كونه الكلمة الأزلي أن يعلن الآب للبشر. قد تبدو هذه الإعلانات كلغز صعب الفهم. ولكن الروح القدس ألهم يوحنا البشير لكي يوضحها لنا في سلسلة من الآيات، أبرزها: «اَللّٰهُ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ قَطُّ. اَلٱبْنُ ٱلْوَحِيدُ ٱلَّذِي هُوَ فِي حِضْنِ ٱلآبِ هُوَ خَبَّرَ» (يوحنا 1: 18). هذه الآية تؤكد لنا أن أحداً من الناس أو الملائكة لم ير الله أو يعرفه المعرفة التي تجعله يلم بصفاته الإلهية. وإنما يستطيع أن يعلن ما أعلن له بالوحي أو الرؤيا. فموسى وغيره من الأنبياء، لم يروا الله. وما معلناتهم الروحية إلا ما تلقوه من الأقنوم الثاني الذي هو ابن الله يسوع المسيح. فهو الكلمة الذي كان «فِي ٱلْبَدْءِ عِنْدَ ٱللّٰهِ، وَكَانَ ٱلْكَلِمَةُ ٱللّٰهَ» (يوحنا 1: 1) وهو يعرف أفكار الله المثلث الأقانيم ومقاصده من تلقاء نفسه، لأنه هو «ٱللّٰهُ ظَهَرَ فِي ٱلْجَسَدِ» (1تيموثاوس 3:16). حين قال لتلاميذه: «أنا والآب واحد من رآني فقد رأى ا لآب - أنا في الآب والآب فيّ» كان يؤكد لهم الوحد بينه وبين الآب. أن أنه والآب واحد في الجوهر والمجد والمقام والقوة والمشيئة والقصد. وكذلك نجد في هذه الإعلانات ما ينفي ضلالة سباليوس القديمة، التي تزعم أن ليس في اللاهوت سوى أقنوم واحد. وكذلك تلاشي بدعة أريوس القائلة : أن الابن دون الآب في الرتبة والمقام. ثالثاً: شهادة الأنبياء -A- جاء في سفر الأمثال: «مَنْ صَعِدَ إِلَى ٱلسَّمَاوَاتِ وَنَزَلَ؟ مَنْ جَمَعَ ٱلرِّيحَ فِي حُفْنَتَيْهِ؟ مَنْ صَرَّ ٱلْمِيَاهَ فِي ثَوْبٍ؟ مَنْ ثَبَّتَ جَمِيعَ أَطْرَافِ ٱلأَرْضِ؟ مَا ٱسْمُهُ وَمَا ٱسْمُ ٱبْنِهِ إِنْ عَرَفْتَ؟ كُلُّ كَلِمَةٍ مِنَ ٱللّٰهِ نَقِيَّةٌ. تُرْسٌ هُوَ لِلْمُحْتَمِينَ بِهِ» (أمثال 30: 4 و5). -B- «كُنْتُ أَرَى فِي رُؤَى ٱللَّيْلِ وَإِذَا مَعَ سُحُبِ ٱلسَّمَاءِ مِثْلُ ٱبْنِ إِنْسَانٍ أَتَى وَجَاءَ إِلَى ٱلْقَدِيمِ ٱلأَيَّامِ، فَقَرَّبُوهُ قُدَّامَهُ. فَأُعْطِيَ سُلْطَاناً وَمَجْداً وَمَلَكُوتاً لِتَتَعَبَّدَ لَهُ كُلُّ ٱلشُّعُوبِ وَٱلأُمَمِ وَٱلأَلْسِنَةِ. سُلْطَانُهُ سُلْطَانٌ أَبَدِيٌّ مَا لَنْ يَزُولَ، وَمَلَكُوتُهُ مَا لاَ يَنْقَرِضُ» (دانيال 7: 13 و14). -C- قال البني العظيم يوحنا المعمدان لتلاميذه: «أَنْتُمْ أَنْفُسُكُمْ تَشْهَدُونَ لِي أَنِّي قُلْتُ: لَسْتُ أَنَا ٱلْمَسِيحَ بَلْ إِنِّي مُرْسَلٌ أَمَامَهُ. مَنْ لَهُ ٱلْعَرُوسُ فَهُوَ ٱلْعَرِيسُ، وَأَمَّا صَدِيقُ ٱلْعَرِيسِ ٱلَّذِي يَقِفُ وَيَسْمَعُهُ فَيَفْرَحُ فَرَحاً مِنْ أَجْلِ صَوْتِ ٱلْعَرِيسِ. إِذاً فَرَحِي هٰذَا قَدْ كَمَلَ. يَنْبَغِي أَنَّ ذٰلِكَ يَزِيدُ وَأَنِّي أَنَا أَنْقُصُ. اَلَّذِي يَأْتِي مِنْ فَوْقُ هُوَ فَوْقَ ٱلْجَمِيعِ، وَٱلَّذِي مِنَ ٱلأَرْضِ هُوَ أَرْضِيٌّ، وَمِنَ ٱلأَرْضِ يَتَكَلَّمُ. اَلَّذِي يَأْتِي مِنَ ٱلسَّمَاءِ هُوَ فَوْقَ ٱلْجَمِيعِ، وَمَا رَآهُ وَسَمِعَهُ بِهِ يَشْهَدُ، وَشَهَادَتُهُ لَيْسَ أَحَدٌ يَقْبَلُهَا. وَمَنْ قَبِلَ شَهَادَتَهُ فَقَدْ خَتَمَ أَنَّ ٱللّٰهَ صَادِقٌ، لأَنَّ ٱلَّذِي أَرْسَلَهُ ٱللّٰهُ يَتَكَلَّمُ بِكَلاَمِ ٱللّٰهِ. لأَنَّهُ لَيْسَ بِكَيْلٍ يُعْطِي ٱللّٰهُ ٱلرُّوحَ. اَلآبُ يُحِبُّ ٱلٱبْنَ وَقَدْ دَفَعَ كُلَّ شَيْءٍ فِي يَدِهِ. اَلَّذِي يُؤْمِنُ بِٱلٱبْنِ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَٱلَّذِي لاَ يُؤْمِنُ بِٱلٱبْنِ لَنْ يَرَى حَيَاةً بَلْ يَمْكُثُ عَلَيْهِ غَضَبُ ٱللّٰهِ» (يوحنا 3: 28-36). بعد الاستشهاد بهذه الآيات يجدر بي أن أذكر لك أن المسيح دُعي ابن الله في الكتاب المقدس باعتبار كونه الأقنوم الثاني لله. ولهذا يجب أن تعلم أن لفظة أب ولفظة ابن بالنسبة للعقيدة المسيحية، بعيدتان كل البعد عن المعنى المتداول في الأبوة والبنوة البشيرتين. وقد سُمي الابن في الكتاب المقدس بالكلمة، وصورة الله غير المنظور وبهاء مجد الآب ورسم جوهره وعمانوئيل الذي تفسيره الله معنا. وكل هذه الألقاب توضح مضمون لفظة ابن. وفي تعبير آخر، كما أن الكلمة توضح الفكر وتعلن ما هو عند العقل، هكذا كلمة الله المتجسد أعلن الله وأوضح فكر الله للبشر. وكما أن الرسم يمثل الهيئة هكذا المسيح يمثل الله. وكما أن ضوء الشمس يبين بهاءها وهو من جوهرها، هكذا المسيح بهاء مجد الله يبين أمجاد اللاهوت الروحية، ولكن مستورة في الجسد حتى نستطيع أن نحتملها. فبناء على ما تقدم، نعلم أن الابن هو العامل في إعلان اللاهوت. كما أنه الواسطة لإعلان الله لوجدان الإنسان بطريقة محسوسة. وكذلك الروح القدس، الأقنوم الثالث لله، وهو الواسطة لإعلان الله لضمير الإنسان، حتى أننا لا نقدر أن ندرك كنه الإعلان الخارجي، بدون فعل الروح القدس الداخلي، الذي يرشدنا ويغنينا لإدراك أسرار الإعلانات الإلهية. «وَلَيْسَ أَحَدٌ يَقْدِرُ أَنْ يَقُولَ: يَسُوعُ رَبٌّ إِلاَّ بِٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ» (1كورنثوس 12: 3). |
||||
21 - 08 - 2014, 02:03 PM | رقم المشاركة : ( 5317 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
ان تحيا الحياة المسيحية معناها اتباع المسيح المسيحية هي تحديد موقفنا تجاه المسيح من خلال دراستنا آية {هنَذَا وَاقِفٌ عَلَى الْبَابِ وَأَقْرَعُ. إِنْ سَمِعَ أَحَدٌ صَوْتِي وَفَتَحَ الْبَابَ، أَدْخُلُ إِلَيْهِ وَأَتَعَشَّى مَعَهُ وَهُوَ مَعِي.} (رؤيا 20:3). درسنا أن المسيح هو الزائر الذي يجب أن يسكن البيت و هو واقف على باب قلبك وحياتك ومازال يقرع. في هذه الحلقة سوف نحاول أن نعرف ماذا يريد هذا الزائر أن يفعل إن فتحنا له الباب. ( 1 ) ماذا يريد أن يفعل؟ إنه يطلب الدخول. لهذا يقف على الباب، لا على النافذة. ولا يكتفي بالنظر إلى الداخل، لأنه يستطيع ذلك دائماً وفي أي وقت يشاء. لكنه يطلب منا أكثر من إشارة رضى، وعلينا أن نقرر فتح الباب له وندعوه لكي يدخل. قد يصعب علينا تصديق القول أنه يبغي الدخول، لكنها حقيقة واقعة. إن هذا عينه ما يريده. ذاك الذي لا يسكن في هياكل مصنوعة بالأيادي والذي لا تسعه السماوات ولا سماء السماوات، يرضى أن ينحني لكي يدخل الكوخ الحقير في قلوبنا الخاطئة. * ولكن لماذا يريد الدخول؟ لقد رأينا، فيما سبق، الأسباب لذلك؛ لأنه يريد أن يكون مخلصاً ورباً لنا. فقد مات لكي يكون مخلصنا. فإذا ما قبلناه، فسوف يمارس فوائد موته لنا شخصياً. وسرعان ما يدخل البيت أي حياتنا وقلوبنا حتى يبدأ عمله الأول بتنظيفه وتجديده وتزيينه وتأثيثه. أو بعبارة أخرى، سوف يطهرنا ويغفر لنا ويمحو كل ما علمناه في الماضي. وأيضاً فإنه يعدنا بأن يتعشى معنا، ويسمح لنا بأن نتعشى معه. ولعل العبارة تتضمن معنى الفرح الذي لا ينطق به، فرح الشركة معه. فلا يقتصر على بذل نفسه لأجلنا، وإنما يريدنا أن نعطيه نفوسنا. كنا غرباء فأصبحنا أحباء، كان بيننا باباً مغلقاً، أما الآن فإننا نجلس على المائدة الواحدة معاً. وسيدخل أيضاً رباً وسيداً، ويصبح بيتنا تحت إدارته وسيادته، ويتولى هو ضبطه وتنظيمه، ولا معنى إطلاقاً لفتح الباب ما لم نكن مستعدين لقبوله. وحالما تطأ رجله أرض البيت، ويدخل من العتبة، علينا أن نضع في يده كل المفاتيح، ليتسنى له الدخول إلى كل غرفة في البيت، ولا نبقي لأنفسنا غرفاً سرية بعيدةً عنه. كتب إلي مرة شاب مثقف يقول: {بدلاً من تسليم يسوع مجموعة كبيرة من المفاتيح المختلفة ليفتح بها الغرف الكثيرة في بيت نفسي فقد أعطيته مفتاحاً واحداً يفتح جميع الأبواب}. علينا إذاً أن نتوب توبة حقيقية، منصرفين عن كل شيء غير مرضٍ أمامه. ولا أقصد أن نحسن أنفسنا قبل أن ندعوه ليدخل، ولكن بالعكس. فلأننا لا نقدر أن نغفر لأنفسنا أو نحسن أنفسنا، نحن أشد ما نكون في حاجة لكي يأتي ويدخل إلينا، على أن يظهر استعدادنا الكلي لكل ما يجريه من تغييرات وتنظيم فينا بعد أن يدخل. فلا نقاومه بل نخضع تماماً بلا قيد أو شرط لسيادة الرب يسوع المسيح، ولن يكون في مقدورنا أن نملي شروطاً، فماذا يعني هذا؟ لا أجيب بتفاصيل. ولكن من حيث المبدأ، يعني العزم التام لترك الشر واتباع المسيح. * فهل تتردد؟ وهل تقول ليس من المعقول أن تخضع للمسيح خضوعاً أعمى؟ بالتأكيد لا أقول هذا. لكن الأمر أكثر معقولية من الزواج الذي فيه يضع كّلاً من الزوج والزوجة نفسه تحت تصرف الآخر دون قيد أو شرط، ودون أن يعلما ما يخبئه لهما المستقبل، ولكن يحب أحدهما الآخر ويثق كل منهما بالآخر، فيتعاهدان كلاهما: {بأن يعيشا معاً في السراء والضراء، في الغنى والفقر، في الصحة والمرض، تربطهما المحبة حتى يفصلهما الموت}. فإن وثق البشر بالبشر، ألا نثق نحن بابن الله؟ وأنه من الأكثر معقولية أن يسلم الإنسان نفسه إلى المسيح ابن الله، من أن يسلمها إلى أنبل البشر وأشرفهم، فالمسيح لا يخون العهد ولا يحنث بالوعد، ولا يستغل ثقتك به. ( 2 ) ماذا يجب أن نفعل نحن؟ الانطلاقة هي بأن نسمع صوته؛ إذ إنه من المحزن أن نصم عنه آذاننا وأن نغفل همساته الدائمة لنا. قد نسمع صوته تارة في وخزات الضمير وطوراً في مناحي التفكير. وقد نسمع صوته إذا أصابتنا هزيمة أدبية، أو اعترانا جوع روحي شديد أو مرض أو آلام أو خوف أو غيرها. ويمكن أن نصغي إلى دعوته عن طريق صديق أو واعظ أو كتاب. وإذا سمعنا فلننصت ونصغ {مَنْ لَهُ أُذُنَانِ لِلسَّمْعِ فَلْيَسْمَعْ.} كما قال الرب يسوع. علينا أيضاً أن نقوم ونفتح الباب؛ فبعد أن سمعنا صوته، لنفتح له عندما يقرع. وما فتح الباب ليسوع المسيح سوى طريقة تصويرية لوصف موقف الإيمان به كمخلص لنا، وفعل التسليم له رباً لحياتنا. فهل أنت مسيحي؟ وأعني هل أنت مسيحي حقيقي سلم نفسه للرب تماماً ؟ أو تؤمن بقانون الإيمان أم لا، أو تحيا حياة فاضلة أم لا، مع أن هذه جميعها غاية في الأهمية، ولكن سؤالي هو: أين يقف يسوع المسيح في حياتك ؟ هل هو داخل الباب أم خارجه ؟ هذا هو السؤال الخطير المحرج. ربما تكون الآن مستعداً أن تتخذ قراراً، وتعزم عن تفكير وروية، أن تفتح الباب للمسيح، فإذا لم تكن متأكداً تماماً أنك فعلت هذا في الماضي فإني أنصحك أن تتأكد الآن، وأريد أن أشير عليك أن تختلي في مكان منفرداً لتصلي. اعترف بخطاياك واتركها. اشكر المسيح لموته من أجلك وبدلاً عنك، ثم افتح الباب واطلب منه أن يدخل إلى قلبك مخلصاً شخصياً ورباً لك، وقد تجد فائدة في تلاوة مثل هذه الصلاة: أيها الرب يسوع، أمامك اعترف أنني خاطئ، فقد أخطأت بالفكر والقول والعمل والإهمال. أنا حزين بسبب خطاياي، وها أني اتركها نادماً تائباً. أنا أؤمن أنك مت من أجلي وحملت خطاياي في جسدك، فأشكرك من أجل محبتك العظيمة. والآن ها أنا أفتح الباب، ادخل أيها الرب يسوع، ادخل مخلصاً لي لكي تطهرني، ادخل رباً وسيداً وامتلكني، وسأخدمك طول حياتي في شركة مع المسيحيين الآخرين، وأنت تزودني بالقوة. آمين. أخي وأختي إن صليت هذه الصلاة وأنت تعني ما تقول... وأنت في سكون وإتضاع تشكر المسيح الذي دخل إلى قلبك وقد وعد بذلك، ووعده صادق وقال: { إِنْ سَمِعَ أَحَدٌ صَوْتِي وَفَتَحَ الْبَابَ، أَدْخُلُ إِلَيْهِ...}. إن فعلت هذا، غض الطرف عن مشاعرك وإحساساتك واتكل على وعوده وصدقها. واشكره لأنه عند كلمته يتمم ما وعد به. |
||||
21 - 08 - 2014, 02:06 PM | رقم المشاركة : ( 5318 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
فان كلمة الصليب عند الهالكين جهالة واما عندنا نحن المخلّصين فهي قوة الله. الصليب كوسيلة للتعذيب - لمحة تاريخية : 1- لمحة تاريخية : -------------------------------------------------------------------------- بعد الحكم بإدانة متهم والحكم عليه بالإعدام صلبًاً كان لابد أنء يُجْلَد حسب عادة الرومان حتي يسيل الدم من معظم أجزاء جسده، وعملية الجلد هذه كانت تُسْرِع بالموت وتُقلّل من سكراته. وكان عليه بعد ذلك أنْ يحمل خشبة الصليب الأفقيّة التي ستُسَمَّر عليها يداه إلي مكان الصلب وهو عادة خارج المدينة كما كان عليه أنْ يمرّ بأكبر عدد ممكن من شوارع المدينة وحواريها وطرقها الأكثر ازدحامًا ليراه أكبر عدد ممكن من الناس، كما كان يُصْلَب عادةً في مكان مرتفع وعام ليراه العامة من مسافات كافية، حتي يكون عبرة لكل من تسوّل له نفسه مخالفة القانون الروماني أو الثورة علي الإمبراطوريّة المستعمرة، وكان يتقدّم أمامه أحد الضبّاط أو الجنود يحمل لوحة مكتوب عليها التهمة الموجّهَة ضدَّه والتي تُلصَق بعد الصلب علي الصليب ليراها الجميع، وعندما كان يصل إلي ساحة الإعدام يُجَرَّد المصلوب من ملابسه وتُقَسَّم علي الجنود القائمين بعملية الصلب وتُسْتَر عَوْرَتُه فقط بقطعة من القماش ثم يوضع علي الأرض وتُسَمِّر يديه بقسوة وفظاعة بالمسامير الكبيرة والسميكة أو تُربَط بالحبال في العارضة الأفقيّة، التي كان يحملها، ثم تُرْفَع العارضة والمصلوب لتُثَبِّت بالخشبة القائمة والتي كانت مثبتة في الأرض وفي منتصفها كتلة خشبية بارزة صغيرة تُسَمَّي السرج ليستقر عليها ردفَي المصلوب ولتحفظ وزن الجسم حتى لا تُمزِّق المسامير يديه، وتُثَبِّتْ قدمَيه بمسمارٍ ضخم من خلال مشطي القدم معًا أو تُسَمِّر كل قدمٍ منفصلة (6) . ---------------------------------------------- وبعد أنْ يُعَلَّق المصلوب علي الصليب كان يُعاني آلامًا رهيبةً قاسيةً من آثار المسامير والجروح التي تأخذ في التورم والتلف إلي جانب التعرّض للحشرات المختلفة والطيور الجارحة والحيوانات المتوحّشة وغيرها، وكذلك من التعرّض للطقس الذي يكون أحيانًا شديد الحرارة وأحيانًا أخري شديد البرودة، ويُترَك وحيدًا غير قادر علي أي شئ بالمرة بما في ذلك خدمة الوظائف الجسديّة، ومما يُزيد من آلامه التعرّض للإهانة والسخرية من الذين كانوا يشاهدون عملية الصلب. وكانت الآلام الجسديّة والنفسيّة والعقليّة التي يتضمنّها هذا الموت الرهيب البطيء لا يمكن تخيّلها ولا تُوصف والتي قد يُصاب المصلوب من جرّائها بالجنون أو الصرع أو التشنّج. ويستمر المصلوب في هذا العذاب القاسي الرهيب والذي كان يعانيه ويستمر فيه علي الصليب مدّة من 36 ساعة إلي أربعة أيّام وقد إستمر بعض المصلوبين أسبوعًا. وماتوا مثل المجانين. وكانت عملية الجلد التي تتم قبل الصلب ودرجة كثافتها إلي جانب قوّة بنية الجسم والطريقة التي يُصْلَب بها المصلوب سواء كانت بتسمير يديه ورجليه أو بربطهم بالحبال هي التي تحدّد طول المدة التي يقضيها المصلوب علي الصليب. وبعد موته كان يُتْرَك جسده ليتعفَّن علي الصليب إنْ لم يُطالب أحد بدفنه. 3 - الصلب والناموس اليهودي : لم تُوجَد عقوبة الصلب في الناموس وإنما طبّقها عليهم الرومان بكثرة، حتي أصبحت معتادة عندهم. وكان الناموس ينصّ علي قتل المجدّفين رجمًا بالحجارة ثم يُعَلَّقون بعد ذلك علي شجرة كعقوبة إضافيّة دلالة علي أنَّهم كانوا مجدِّفين علي الله ومتّهمين من قِبَلَه. وكان لابد أنْ تُدْفَن الجثة في نفس اليوم حتي لا تُدَنِّس الأرض لأنَّ المُعَلَّق كان يُعْتَبَر ملعونًا، " وَإِذَا كَانَ عَلى إِنْسَانٍ خَطِيَّةٌ حَقُّهَا المَوْتُ فَقُتِل وَعَلقْتَهُ عَلى خَشَبَةٍ فَلا تَبِتْ جُثَّتُهُ عَلى الخَشَبَةِ بَل تَدْفِنُهُ فِي ذَلِكَ اليَوْمِ لأَنَّ المُعَلقَ مَلعُونٌ مِنَ اللهِ. فَلا تُنَجِّسْ أَرْضَكَ التِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ نَصِيباً» ." ( تث21/22-23 ) . القمص عـبد المسيح بسيط أبو الخير كاهن كنيسة السيدة العـذراء الأثرية بمسطرد |
||||
21 - 08 - 2014, 02:08 PM | رقم المشاركة : ( 5319 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
راحة قلبك في هذه الكبسولة أُعلَن أخيرًا ، في مؤتمر عُقد بالولايات المتحدة، عن ظهور ما يُعرف بـ الكبسولة المتعدِّدة ، التي تقي من الذبحة الصدرية بنسبة تصل إلى 80%· والكبسولة تحتوي على 7 أدوية عبارة عن: مخفضّ للدهنيات، ومخفضات لضغط الدم، وفوليك آسيد، وأسبرين· إذا تناول الشخص كبسولة واحدة يوميًا، يحيا حياة سعيدة، لا يرى فيها عناية مركزة، ولا قسطرة ، ولا .. ولا أما الحدث العلمي المنافس فهو الوجبة المتعددة التي كان يتناولها الإنسان الأول صاحب العمر الطويل، فمثلاً آدم عاش 930سنة، وشيث 912، وأنوش905، ومتوشالح أكثر المعمرين 969سنة· والوجبة المتعدّدة تتكون من السمك بأنواعه، وفواكه وخضراوات بكثرة، مع ممارسة بعض الرياضة الخفيفة كالمشي لمدة 20 دقيقة أربع مرات أسبوعيًا· ومادة البحث مستقاة من الكتاب المقدس عندما « وَأَوْصَى الرَّبُّ الإِلهُ آدَمَ قَائِلاً: «مِنْ جَمِيعِ شَجَرِ الْجَنَّةِ تَأْكُلُ أَكْلاً، » (تكوين2: 16)· أما الكبسولة المضمونة لراحة القلب والنفس والتي تجعل الإنسان أقل قلقًا، وأكثر فرحًا، وأطول عمرًا، هي الوصية الإلهية التي نجدها في رسالة الرسول بولس لمؤمني فيلبي - وهي أول بلد أوروبي يزوره الرسول - هذا محتواها: ( 1 ) « اِفْرَحُوا فِي الرَّبِّ كُلَّ حِينٍ، وَأَقُولُ أَيْضًا: افْرَحُوا. » (فيلبي4: 4) رغم الظروف المعاكسة والشدائد والضيقات والفقر والسجن (فقد كان لبولس نفسه مسجونًا في روما)، والمؤمنون من حوله أنانيون، إذ « الْجَمِيعُ يَطْلُبُونَ مَا هُوَ لأَنْفُسِهِمْ »؛ (فيلبي 2: 21 ) إلا إنه كان فَرِحًا بالرب· فالمسيح لم يترك لنا فقط سلامه، بل فرحه أيضًا يثبت فينا (يوحنا15: 11)· والفرح ينبع من شركتنا مع الآب ومع ابنه، فلا الأشياء، ولا الأحداث، ولا الأشخاص، تمنع عنا فرح الرب· قال أحد خدام الرب: "يومًا أكون في عُرس، ويومًا آخر أقف على مقربة من قبر مفتوح، وفي خدمتي تراني يومًا أربح عشرة نفوس للرب، ولكن ولفترة طويلة لا أربح أيّة نفس، تتغير الأيام وتتبدل، كتغير حالة الجو؛ ومع كل هذا ففرحي ثابت ودائم، والسر يكمن في قول المسيح «وَهَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ» تتغير الأيام كيفما تتغير، أما إلهي فلا يتغير"· ( 2 ) « لِيَكُنْ حِلْمُكُمْ مَعْرُوفًا عِنْدَ جَمِيعِ النَّاسِ. » (فيلبي4: 5) واللفظ حلم (gentleness) لا تعني الكياسة، واللطف، والسلاسة، فقط؛ بل تأتي بمعنى الخضوع والتفكير الصحيح، والاستعداد للتنازل عن أفكارنا الشخصية وحقوقنا المدنية· فالسعادة وراحة القلب في التواضع وليست في الكبرياء، في الاكتفاء وليست في الطمع، في المحبة وليست في البغضة· ( 3 ) «اَلرَّبُّ قَرِيبٌ.» (فيلبي4: 5) إنه أقرب من الأخ، فقد يطاردني أخي، ذلك الذي للشدة يولد، فأذهب إلى الرب المحب الألزق من الأخ، وأصرخ اليه: « نَجِّنِي مِنْ يَدِ أَخِي، ... لأَنِّي خَائِفٌ مِنْهُ» (تكوين32: 11)، فيسمعني وينجيني· بل هو أقرب من أبي وأمي يقول النبي داود: « أَبِي وَأُمِّي قَدْ تَرَكَانِي وَالرَّبُّ يَضُمُّنِي.» (مزمور27: 10)· بل وأقرب من الزوج لزوجته؛ فلم يعرف القانة ، الزوج، السبب الذي من أجله لم تاكل زوجته "حنة"، بل وكانت تبكي ومكتئبة القلب (1صموئيل1: 8)؛ لذا ذهبت إلى الرب وأفرغت ما بداخلها، وبعد ذلك أكلت ولم يكن وجهها بعد مغيَّرًا (1صموئيل1: 18)· فعندما تنضب وتجف ينابيع المحبة البشرية، فعلينا أن نلقي بأنفسنا في أحضان المحبة الإلهية· إن سيدي وربي قريب مني ففي مرضي يأتي ويشفيني·ومن الشر والأشرار ينقذني و يحميني ( 4 ) «لاَ تَهْتَمُّوا بِشَيْءٍ، بَلْ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِالصَّلاَةِ وَالدُّعَاءِ مَعَ الشُّكْرِ، لِتُعْلَمْ طِلْبَاتُكُمْ لَدَى اللهِ.» (فيلبي4: 6) إن المؤمن المسيحي يمكنه أن يتحرّر من كل قلق، ومن كل خوف وارتباك، وذلك عندما لا يهتم بأي شيء، بل فقط يصلي لأجل كل شيء، ويشكر على كل شيء· أما إذا ارتعب وخاف تدهورت حالته، وساءت نفسيته، كما يقول أيوب: « لأَنِّي ارْتِعَابًا ارْتَعَبْتُ فَأَتَانِي، وَالَّذِي فَزِعْتُ مِنْهُ جَاءَ عَلَيَّ » (أيوب3: 25)· فالقلق تزداد حدته وخطورته كلما نظرنا إلى أنفسنا وتحدّثنا إليها، وتحدثت هي إلينا، لذا فلنطرح أنفسنا وهمومنا عليه، فلم يَقُل الكتاب: "صِف للرب همك"، بل « أَلْقِ عَلَى الرَّبِّ هَمَّكَ فَهُوَ يَعُولُكَ. » (مزمور55: 22)، أي اتركه، ولا تأخذه معك· ويا لروعة ونتائج صلاة طرح الهموم والأثقال! ( 5 ) «وَسَلاَمُ اللهِ الَّذِي يَفُوقُ كُلَّ عَقْل، يَحْفَظُ قُلُوبَكُمْ وَأَفْكَارَكُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ.» (فيلبي4: 7) أعرف أسرة مسيحية من احدى المدن ، كانت تصلي بدموع لأجل عائلها الذي ستُجرى له عملية خطيرة في مدينة لندن، لكنه مات! فهل ضاعت الصلاة؟ حاشا، لقد تمتعوا بسلام الله العجيب الذي يحرس القلب ويقي النفس· لقد وصلهم الخبر وبعدها أستعدو للذهاب إلى الإجتماع، ... فهل ذهبوا؟ نعم ذهبوا، وكان يوم أحد، فلم يخبروا أحد، بل تماسكوا، وذهب الجميع إلى الاجتماع، وصنعوا ذكرى موت وقيامة الرب، وبعد الاجتماع أعلنوا الخبر في هدوء ورصانة· فيا لسلام الله! ( 6 ) اضبط فكرك لا يمكننا ضبط أفكارنا، وطرد الأفكار الشريرة إلا بالتفكير في شخص المسيح وعمله وصفاته، فعلينا أن نفكر في: « كُلُّ مَا هُوَ حَقٌ، (كل ماهو صادق وحقيقي وجدير بالثقة)، كُلُّ مَا هُوَ جَلِيلٌ، (أي كل ما يستحق الاحترام ومكرَّم)،كُلُّ مَا هُوَ عَادِلٌ، (أي بار أمام الله والناس)،كُلُّ مَا هُوَ طَاهِرٌ، (أي كل ما يتصف بالسمو والخُلق)، كُلُّ مَا هُوَ مُسِرٌّ، (أي جميل للنظر والسمع والتأمل فيه)، كُلُّ مَا صِيتُهُ حَسَنٌ، (أي مقبول ومُستحسَن)، إِنْ كَانَتْ فَضِيلَةٌ (أي كل رقي أدبي وخُلُقي)، وَإِنْ كَانَ مَدْحٌ، (كل ما يستحق الثناء)؛ فَفِي هذِهِ افْتَكِرُوا.» (فيلبي4: 8)· ( 7 ) عش صحيحًا إن الحياة الصحيحة لا تنتج إلا من خلال التفكير الصحيح، وقد وضع الرسول بولس نفسه كنموذج لشخص تمثل بالمسيح (1كورنثوس11: 1)، فيوصي قائلاً: «وَمَا تَعَلَّمْتُمُوهُ، وَتَسَلَّمْتُمُوهُ، وَسَمِعْتُمُوهُ، وَرَأَيْتُمُوهُ فِيَّ، فَهذَا افْعَلُوا، وَإِلهُ السَّلاَمِ يَكُونُ مَعَكُمْ.» (فيلبي4: 9)· فإذا كان سلام الله من نصيب الذي يصلّي صلاة صحيحة، فإن إله السلام هو رفيق من يعيش عيشة مقدسة وصحيحة· فيا لها من راحة للقلب وسلام للنفس، «فَمَاذَا نَقُولُ لِهَذَا؟ إِنْ كَانَ اللهُ مَعَنَا فَمَنْ عَلَيْنَا!» (رومية8: 31)! |
||||
21 - 08 - 2014, 02:10 PM | رقم المشاركة : ( 5320 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
معنى الإيمان ... أبسط تعاريف الإيمان ما كتبه الرسول بولس: «وَأَمَّا ٱلإِيمَانُ فَهُوَ ٱلثِّقَةُ بِمَا يُرْجَى وَٱلإِيقَانُ بِأُمُورٍ لاَ تُرَى... بِٱلإِيمَانِ نَفْهَمُ أَنَّ ٱلْعَالَمِينَ أُتْقِنَتْ بِكَلِمَةِ ٱللّٰهِ، حَتَّى لَمْ يَتَكَوَّنْ مَا يُرَى مِمَّا هُوَ ظَاهِرٌ... وَلٰكِنْ بِدُونِ إِيمَانٍ لاَ يُمْكِنُ إِرْضَاؤُهُ، لأَنَّهُ يَجِبُ أَنَّ ٱلَّذِي يَأْتِي إِلَى ٱللّٰهِ يُؤْمِنُ بِأَنَّهُ مَوْجُودٌ» (عبرانيين 11: 1-6) والإيمان ليس هو ضعف، كما في تصورات البعض ... . على العكس أنه قوة تذلل الصعاب، وتذكي الصبر. وخصوصاً إذا كان المؤمن مصلياً. لأن الذي يصلي بإيمان يشرك الله في شؤونه، فتصبح نواياه طاهرة وأعماله صالحة. أما الأدلة على صحة هذا التعريف للإيمان فهي: ( 1 ) إن هذا هو المعنى الحقيقي لكلمة إيمان، في كل أبواب البحث. فنؤمن بحوادث تاريخية، بناء على شهادة المؤرخين. ونؤمن بالحقائق العلمية بنا ء على شهادة العلماء. ونؤمن بخبر الخلق، والسقوط والفداء بناء على شهادة الكتب المقدسة، التي أُوحي بها من الله. ومن شهادة الوحي نؤمن بان الله أرسل ابنه يسوع المسيح كفارة لخطايانا. وكذلك نؤمن بكل ما كتبه رجال الله القديسون مسوقين من الروح القدس عن النعمة المجانية، كالتجديد والتبرير والتقديس، واتحاد المؤمنين بالمسيح. وبالقيامة والدينونة. فإن هذه كلها نقبلها بناء على شهادة الله بالوحي المكتوب. ( 2 ) في العهد الجديد نرى أن الإيمان يستند على شهادة الرب يسوع المسيح. فقد قال له المجد لنيقوديموس: «إِنَّنَا إِنَّمَا نَتَكَلَّمُ بِمَا نَعْلَمُ وَنَشْهَدُ بِمَا رَأَيْنَا» (يوحنا 3: 11). وقال يوحنا المعمدان عن المسيح: «اَلَّذِي يَأْتِي مِنْ فَوْقُ هُوَ فَوْقَ ٱلْجَمِيعِ... وَمَا رَآهُ وَسَمِعَهُ بِهِ يَشْهَدُ، وَشَهَادَتُهُ لَيْسَ أَحَدٌ يَقْبَلُهَا. وَمَنْ قَبِلَ شَهَادَتَهُ فَقَدْ خَتَمَ أَنَّ ٱللّٰهَ صَادِقٌ» (يوحنا 3: 31-33). وكذلك الرسل كانوا شهوداً، فقد عيّنهم الرب الفادي للشهادة إذ قال لهم: «وَتَكُونُونَ لِي شُهُوداً فِي أُورُشَلِيمَ وَفِي كُلِّ ٱلْيَهُودِيَّةِ وَٱلسَّامِرَةِ وَإِلَى أَقْصَى ٱلأَرْضِ» (أعمال الرسل 1: 8). في الواقع أن أعظم ما اعترض به على رسل المسيح في بلاد اليونان، أنهم لم ينادوا بتعاليمهم كقضايا تستند على البرهان العقلي. وقد أجاب بولس على هذا الاعتراض بقوله: «وَكَلاَمِي وَكِرَازَتِي لَمْ يَكُونَا بِكَلاَمِ ٱلْحِكْمَةِ ٱلإِنْسَانِيَّةِ ٱلْمُقْنِعِ، بَلْ بِبُرْهَانِ ٱلرُّوحِ وَٱلْقُوَّةِ، لِكَيْ لاَ يَكُونَ إِيمَانُكُمْ بِحِكْمَةِ ٱلنَّاسِ بَلْ بِقُوَّةِ ٱللّٰهِ. لٰكِنَّنَا نَتَكَلَّمُ بِحِكْمَةٍ بَيْنَ ٱلْكَامِلِينَ، وَلٰكِنْ بِحِكْمَةٍ لَيْسَتْ مِنْ هٰذَا ٱلدَّهْرِ، وَلاَ مِنْ عُظَمَاءِ هٰذَا ٱلدَّهْرِ، ٱلَّذِينَ يُبْطَلُونَ. بَلْ نَتَكَلَّمُ بِحِكْمَةِ ٱللّٰهِ فِي سِرٍّ: ٱلْحِكْمَةِ ٱلْمَكْتُومَةِ، ٱلَّتِي سَبَقَ ٱللّٰهُ فَعَيَّنَهَا قَبْلَ ٱلدُّهُورِ لِمَجْدِنَا، ٱلَّتِي لَمْ يَعْلَمْهَا أَحَدٌ مِنْ عُظَمَاءِ هٰذَا ٱلدَّهْرِ لأَنْ لَوْ عَرَفُوا لَمَا صَلَبُوا رَبَّ ٱلْمَجْدِ» (1كورنثوس 2: 4-8) لكأن الرسول يقول: إن الفلسفة هي الحكمة البشرية، لا تستطيع أن تبلغ القضايا العظمى بالله وبأعماله، وبالخطية والفداء بالصليب وغير ذلك من الأمور التي حسبوها جهالة فقد قالوا أن المبادئ التي نادى بها، لم تكن من حقائق العقل، بل من الإعلان. والتي يجب أن نصدقها لا بناء على مواقفها للعقل، بل بناء على سلطان الله. وأن الرسل مثل سيدهم لم يكونوا فلاسفة بل شهوداً. وأنهم لم يبرهنوا بكلام الحكمة الإنسانية، وإنما نادوا بمشورات الله. وأكدوا أن الإيمان بتعاليمهم يجب أن يكون مبنياً على شهادة الله الصادقة لا على حكمة البشر. والخلاصة أن موضوع الإيمان هو إعلان الله، وأساسه شهادة الله. فمن قبل هذه الشهادة فقد أقر بأن الله صادق. ومن رفضها يجعله كاذباً (حاشى). هذا هو تعليم الكتاب المقدس المستمر والأساس الذي يُبنى علي إيماننا. أنواع الإيمان الإيمان على عدة أنواع، فقد يكون عقلياً، مركزه العقل. فإن كثيرين يعتقدون أن الكتاب المقدس كلام الله، ويقبلون كل تعاليمه، ولكن ذلك لا يكون إلا اعتقاد العقل. وقد يكون مركزه الضمير، الذي يشهد بصدق الحق، ويحث الإنسان على التسليم والعمل بموجبه. غير أن حث الضمير، فقد يجد مقاومة فلا نعمل بموجبه. وهذا النوع من الإيمان كالزرع، الذي ليس له أصل فيجف بعد قليل وييبس. وقد يكون الإيمان تصديق الحق، باشتراك العقل والضمير والقلب. لا سيما قبول التعاليم في المسيح وعلم الفداء. فهو يجعلنا متحدين بالمخلص وأعضاء حية في جسده. ويعطينا نصيباً من كل فوائد الفداء، ويعمل بالمحبة، ويثمر أثماراً صالحة. هذا هو الإيمان الصحيح الحي. ومن نتائج ذلك الإيمان الحي، تقدير النفس على فهم الحقائق الروحية، حتى نرى فضل الحق وجماله، وتميز معناه الروحي. وكذلك نقنع به وتثمر أثمار الإيمان، وهي القداسة. وذُكر في الكتاب المقدس أن الإيمان هو من ثمار الروح، وأنه هبة من الله (أفسس 2: 8) وأنه مؤسس على شهادة الروح القدس الذي يقود النفس إلى الإيمان الحي ويحدث تغييراً تاماً فيها. خصائص الإيمان الصحيح ( 1 ) التصديق، فهو يسلم بصدق الأسفار المقدسة، وبحقيقة الخلاص المعد لنا بالمسيح، وبصحة أنباء الكتاب المقدس بحال الإنسان الطبيعي الساقطة، وحاجته إلى المسيح. على أن هذه الخاصة التي هي عقلية في جوهرها، لا تكفي للخلاص وإنما تهدي الإنسان إلى طريق الإيمان الخلاصي. ( 2 ) الاقتناع العقلي والقلبي بموافقة عمل الفداء لاحتياج النفس الساقطة، والشكر والحمد لله. لأنه أوجد وسيلة للخلاص بالمسيح. وأعدها مجاناً بالنعمة لجنسنا الساقط. على أن الخلاص لا يتم فقط بالتصديق العقلي، أو بالاقتناع القلبي المقترن بالشكر، وإنما يقود الإنسان إلى نعم خلاصية أخرى. ( 3 ) الاتكال على المسيح، باعتبار كونه ربنا ومخلصنا. وهذا يستلزمنا الاعتراف بآثامنا، وهدم استحقاقنا وقبول المسيح مخلصا شخصياً. والتمسك به واسطة وحيدة للغفران والتكفير عن الذنب، والحياة الروحية، وفقاً للقول الرسولي: «وَلَيْسَ بِأَحَدٍ غَيْرِهِ ٱلْخَلاَصُ. لأَنْ لَيْسَ ٱسْمٌ آخَرُ تَحْتَ ٱلسَّمَاءِ، قَدْ أُعْطِيَ بَيْنَ ٱلنَّاسِ، بِهِ يَنْبَغِي أَنْ نَخْلُصَ» (أعمال الرسل 4: 12). موضوع الإيمان للإيمان موضوعان، موضوع عام يتناول المعلنات الإلهية جميعها، وموضوع خاص هو المسيح الفادي، بمعنى أن الإيمان الخلاصي معتمده الوعد الإلهي بالخلاص بالمسيح. والأدلة على أن هذا هو موضوع الإيمان الخاص كثيرة منها: ( 1 ) شهادة المسيح، فقد قال له المجد: «لأَنَّهُ لَمْ يُرْسِلِ ٱللّٰهُ ٱبْنَهُ إِلَى ٱلْعَالَمِ لِيَدِينَ ٱلْعَالَمَ، بَلْ لِيَخْلُصَ بِهِ ٱلْعَالَمُ. اَلَّذِي يُؤْمِنُ بِهِ لاَ يُدَانُ، وَٱلَّذِي لاَ يُؤْمِنُ قَدْ دِينَ، لأَنَّهُ لَمْ يُؤْمِنْ بِٱسْمِ ٱبْنِ ٱللّٰهِ ٱلْوَحِيدِ» (يوحنا 3: 17 و18). «لأَنَّ هٰذِهِ هِيَ مَشِيئَةُ ٱلَّذِي أَرْسَلَنِي: أَنَّ كُلَّ مَنْ يَرَى ٱلٱبْنَ وَيُؤْمِنُ بِهِ تَكُونُ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَأَنَا أُقِيمُهُ فِي ٱلْيَوْمِ ٱلأَخِيرِ» (يوحنا 6: 40). ( 2 ) تعليم الرسل، فقد قال الرسول بولس: «وَأَمَّا ٱلآنَ فَقَدْ ظَهَرَ بِرُّ ٱللّٰهِ بِدُونِ ٱلنَّامُوسِ، مَشْهُوداً لَهُ مِنَ ٱلنَّامُوسِ وَٱلأَنْبِيَاءِ، بِرُّ ٱللّٰهِ بِٱلإِيمَانِ بِيَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ، إِلَى كُلِّ وَعَلَى كُلِّ ٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ... مُتَبَرِّرِينَ مَجَّاناً بِنِعْمَتِهِ بِٱلْفِدَاءِ ٱلَّذِي بِيَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ، ٱلَّذِي قَدَّمَهُ ٱللّٰهُ كَفَّارَةً بِٱلإِيمَانِ بِدَمِهِ، لإِظْهَارِ بِرِّهِ، مِنْ أَجْلِ ٱلصَّفْحِ عَنِ ٱلْخَطَايَا ٱلسَّالِفَةِ بِإِمْهَالِ ٱللّٰهِ» (رومية 3: 21-25). «إِذْ نَعْلَمُ أَنَّ ٱلإِنْسَانَ لاَ يَتَبَرَّرُ بِأَعْمَالِ ٱلنَّامُوسِ، بَلْ بِإِيمَانِ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ، آمَنَّا نَحْنُ أَيْضاً بِيَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ، لِنَتَبَرَّرَ بِإِيمَانِ يَسُوعَ لاَ بِأَعْمَالِ ٱلنَّامُوسِ» (غلاطية 2: 16). فكون المسيح بذل نفسه فدية عن كثيرين، فالناس يخلصون باستحقاق بره. ولأنه قدّم نفسه ذبيحة إثم عن خطايانا صار لنا امتياز المصالحة مع الله، وبالتالي يجعلنا نظام الخلاص أن نتكل عليه ونجعله موضوعاً لإيماننا وأساساً لثقتنا. ويقيناً أن كل مؤمن حقيقي يقبل المسيح، ويتخذه مخلصاً ومنجياً من شر الخطية، ومحرراً من سلطة الشيطان. وأنه يتخذه براً وقداسة وفداء. ويعتبره إلهاً ومخلصاً. وهذا يتضمن الخضوع لكل تعاليمه، والاتكال على بره وفدائه، ووقف النفس لخدمته. وما أجمل أن نقبله كما هو مقدم لنا الى الأبد، كاهناً وملكاً، ومصدر السعادة، وموضوع العبادة. نتائج الإيمان ( 1 ) الاتحاد بالمسيح: كما هو مكتوب: «لأَنَّهُ إِنْ كُنَّا قَدْ صِرْنَا مُتَّحِدِينَ مَعَهُ بِشِبْهِ مَوْتِهِ، نَصِيرُ أَيْضاً بِقِيَامَتِهِ. عَالِمِينَ هٰذَا: أَنَّ إِنْسَانَنَا ٱلْعَتِيقَ قَدْ صُلِبَ مَعَهُ لِيُبْطَلَ جَسَدُ ٱلْخَطِيَّةِ، كَيْ لاَ نَعُودَ نُسْتَعْبَدُ أَيْضاً لِلْخَطِيَّةِ» (رومية 6: 5 و6). واتحادنا بالمسيح يكون بحلوله فينا وفقاً لقول الرسول: «لِيَحِلَّ ٱلْمَسِيحُ بِٱلإِيمَانِ فِي قُلُوبِكُمْ، وَأَنْتُمْ مُتَأَصِّلُونَ وَمُتَأَسِّسُونَ فِي ٱلْمَحَبَّةِ» (أفسس 3: 17 و18). ( 2 ) التبرير: فقد جاء في الكلمة الرسولية: «إِذاً لاَ شَيْءَ مِنَ ٱلدَّيْنُونَةِ ٱلآنَ عَلَى ٱلَّذِينَ هُمْ فِي ٱلْمَسِيحِ يَسُوعَ، ٱلسَّالِكِينَ لَيْسَ حَسَبَ ٱلْجَسَدِ بَلْ حَسَبَ ٱلرُّوحِ» (رومية 8: 1) «مَنْ سَيَشْتَكِي عَلَى مُخْتَارِي ٱللّٰهِ؟ اَللّٰهُ هُوَ ٱلَّذِي يُبَرِّرُ! مَنْ هُوَ ٱلَّذِي يَدِينُ؟ اَلْمَسِيحُ هُوَ ٱلَّذِي مَاتَ، بَلْ بِٱلْحَرِيِّ قَامَ أَيْضاً، ٱلَّذِي هُوَ أَيْضاً عَنْ يَمِينِ ٱللّٰهِ، ٱلَّذِي أَيْضاً يَشْفَعُ فِينَا» (رومية 8: 33 و34). ( 3 ) السلام: قال الرسول: «فَإِذْ قَدْ تَبَرَّرْنَا بِٱلإِيمَانِ لَنَا سَلاَمٌ مَعَ ٱللّٰهِ بِرَبِّنَا يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ، ٱلَّذِي بِهِ أَيْضاً قَدْ صَارَ لَنَا ٱلدُّخُولُ بِٱلإِيمَانِ، إِلَى هٰذِهِ ٱلنِّعْمَةِ ٱلَّتِي نَحْنُ فِيهَا مُقِيمُونَ» (رومية 5: 1 و2). فالسلام ينشأ عن المصالحة المبنية على وعد الله بأن يصفح عن كل الذين يؤمنون بالشهادة التي شهد بها الله عن ابنه ، ويسامحهم ويقبلهم ويخصلهم. والواقع أن تصديقنا هذا الوعد ونسبتنا إياه إلى أنفسنا هو تصديقنا أننا متصالحون مع الله. ( 4 ) التقديس: قيل في الكتاب أن الإيمان يعمل بالمحبة (غلاطية 5: 6) وجاء في سفر الأعمال أن الإيمان يطهر قلوبنا (أعمال الرسل 15: 9). أجل أننا بالإيمان نتبرر، يبررنا دم يسوع المسيح ويطهر قلوبنا من أعمال ميتة لنخدم الله الحي (عبرانيين 9: 14). ( 5 ) تأكيد الخلاص: فقد قال المسيح: «لأَنَّهُ هٰكَذَا أَحَبَّ ٱللّٰهُ ٱلْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ٱبْنَهُ ٱلْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ بَلْ تَكُونُ لَهُ ٱلْحَيَاةُ ٱلأَبَدِيَّةُ» (يوحنا 3: 16). راحة قلبك في هذه الكبسولة أُعلَن أخيرًا ، في مؤتمر عُقد بالولايات المتحدة، عن ظهور ما يُعرف بـ الكبسولة المتعدِّدة ، التي تقي من الذبحة الصدرية بنسبة تصل إلى 80%· والكبسولة تحتوي على 7 أدوية عبارة عن: مخفضّ للدهنيات، ومخفضات لضغط الدم، وفوليك آسيد، وأسبرين· إذا تناول الشخص كبسولة واحدة يوميًا، يحيا حياة سعيدة، لا يرى فيها عناية مركزة، ولا قسطرة ، ولا .. ولا أما الحدث العلمي المنافس فهو الوجبة المتعددة التي كان يتناولها الإنسان الأول صاحب العمر الطويل، فمثلاً آدم عاش 930سنة، وشيث 912، وأنوش905، ومتوشالح أكثر المعمرين 969سنة· والوجبة المتعدّدة تتكون من السمك بأنواعه، وفواكه وخضراوات بكثرة، مع ممارسة بعض الرياضة الخفيفة كالمشي لمدة 20 دقيقة أربع مرات أسبوعيًا· ومادة البحث مستقاة من الكتاب المقدس عندما « وَأَوْصَى الرَّبُّ الإِلهُ آدَمَ قَائِلاً: «مِنْ جَمِيعِ شَجَرِ الْجَنَّةِ تَأْكُلُ أَكْلاً، » (تكوين2: 16)· أما الكبسولة المضمونة لراحة القلب والنفس والتي تجعل الإنسان أقل قلقًا، وأكثر فرحًا، وأطول عمرًا، هي الوصية الإلهية التي نجدها في رسالة الرسول بولس لمؤمني فيلبي - وهي أول بلد أوروبي يزوره الرسول - هذا محتواها: ( 1 ) « اِفْرَحُوا فِي الرَّبِّ كُلَّ حِينٍ، وَأَقُولُ أَيْضًا: افْرَحُوا. » (فيلبي4: 4) رغم الظروف المعاكسة والشدائد والضيقات والفقر والسجن (فقد كان لبولس نفسه مسجونًا في روما)، والمؤمنون من حوله أنانيون، إذ « الْجَمِيعُ يَطْلُبُونَ مَا هُوَ لأَنْفُسِهِمْ »؛ (فيلبي 2: 21 ) إلا إنه كان فَرِحًا بالرب· فالمسيح لم يترك لنا فقط سلامه، بل فرحه أيضًا يثبت فينا (يوحنا15: 11)· والفرح ينبع من شركتنا مع الآب ومع ابنه، فلا الأشياء، ولا الأحداث، ولا الأشخاص، تمنع عنا فرح الرب· قال أحد خدام الرب: "يومًا أكون في عُرس، ويومًا آخر أقف على مقربة من قبر مفتوح، وفي خدمتي تراني يومًا أربح عشرة نفوس للرب، ولكن ولفترة طويلة لا أربح أيّة نفس، تتغير الأيام وتتبدل، كتغير حالة الجو؛ ومع كل هذا ففرحي ثابت ودائم، والسر يكمن في قول المسيح «وَهَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ» تتغير الأيام كيفما تتغير، أما إلهي فلا يتغير"· ( 2 ) « لِيَكُنْ حِلْمُكُمْ مَعْرُوفًا عِنْدَ جَمِيعِ النَّاسِ. » (فيلبي4: 5) واللفظ حلم (gentleness) لا تعني الكياسة، واللطف، والسلاسة، فقط؛ بل تأتي بمعنى الخضوع والتفكير الصحيح، والاستعداد للتنازل عن أفكارنا الشخصية وحقوقنا المدنية· فالسعادة وراحة القلب في التواضع وليست في الكبرياء، في الاكتفاء وليست في الطمع، في المحبة وليست في البغضة· ( 3 ) «اَلرَّبُّ قَرِيبٌ.» (فيلبي4: 5) إنه أقرب من الأخ، فقد يطاردني أخي، ذلك الذي للشدة يولد، فأذهب إلى الرب المحب الألزق من الأخ، وأصرخ اليه: « نَجِّنِي مِنْ يَدِ أَخِي، ... لأَنِّي خَائِفٌ مِنْهُ» (تكوين32: 11)، فيسمعني وينجيني· بل هو أقرب من أبي وأمي يقول النبي داود: « أَبِي وَأُمِّي قَدْ تَرَكَانِي وَالرَّبُّ يَضُمُّنِي.» (مزمور27: 10)· بل وأقرب من الزوج لزوجته؛ فلم يعرف القانة ، الزوج، السبب الذي من أجله لم تاكل زوجته "حنة"، بل وكانت تبكي ومكتئبة القلب (1صموئيل1: 8)؛ لذا ذهبت إلى الرب وأفرغت ما بداخلها، وبعد ذلك أكلت ولم يكن وجهها بعد مغيَّرًا (1صموئيل1: 18)· فعندما تنضب وتجف ينابيع المحبة البشرية، فعلينا أن نلقي بأنفسنا في أحضان المحبة الإلهية· إن سيدي وربي قريب مني ففي مرضي يأتي ويشفيني·ومن الشر والأشرار ينقذني و يحميني ( 4 ) «لاَ تَهْتَمُّوا بِشَيْءٍ، بَلْ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِالصَّلاَةِ وَالدُّعَاءِ مَعَ الشُّكْرِ، لِتُعْلَمْ طِلْبَاتُكُمْ لَدَى اللهِ.» (فيلبي4: 6) إن المؤمن المسيحي يمكنه أن يتحرّر من كل قلق، ومن كل خوف وارتباك، وذلك عندما لا يهتم بأي شيء، بل فقط يصلي لأجل كل شيء، ويشكر على كل شيء· أما إذا ارتعب وخاف تدهورت حالته، وساءت نفسيته، كما يقول أيوب: « لأَنِّي ارْتِعَابًا ارْتَعَبْتُ فَأَتَانِي، وَالَّذِي فَزِعْتُ مِنْهُ جَاءَ عَلَيَّ » (أيوب3: 25)· فالقلق تزداد حدته وخطورته كلما نظرنا إلى أنفسنا وتحدّثنا إليها، وتحدثت هي إلينا، لذا فلنطرح أنفسنا وهمومنا عليه، فلم يَقُل الكتاب: "صِف للرب همك"، بل « أَلْقِ عَلَى الرَّبِّ هَمَّكَ فَهُوَ يَعُولُكَ. » (مزمور55: 22)، أي اتركه، ولا تأخذه معك· ويا لروعة ونتائج صلاة طرح الهموم والأثقال! ( 5 ) «وَسَلاَمُ اللهِ الَّذِي يَفُوقُ كُلَّ عَقْل، يَحْفَظُ قُلُوبَكُمْ وَأَفْكَارَكُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ.» (فيلبي4: 7) أعرف أسرة مسيحية من احدى المدن ، كانت تصلي بدموع لأجل عائلها الذي ستُجرى له عملية خطيرة في مدينة لندن، لكنه مات! فهل ضاعت الصلاة؟ حاشا، لقد تمتعوا بسلام الله العجيب الذي يحرس القلب ويقي النفس· لقد وصلهم الخبر وبعدها أستعدو للذهاب إلى الإجتماع، ... فهل ذهبوا؟ نعم ذهبوا، وكان يوم أحد، فلم يخبروا أحد، بل تماسكوا، وذهب الجميع إلى الاجتماع، وصنعوا ذكرى موت وقيامة الرب، وبعد الاجتماع أعلنوا الخبر في هدوء ورصانة· فيا لسلام الله! ( 6 ) اضبط فكرك لا يمكننا ضبط أفكارنا، وطرد الأفكار الشريرة إلا بالتفكير في شخص المسيح وعمله وصفاته، فعلينا أن نفكر في: « كُلُّ مَا هُوَ حَقٌ، (كل ماهو صادق وحقيقي وجدير بالثقة)، كُلُّ مَا هُوَ جَلِيلٌ، (أي كل ما يستحق الاحترام ومكرَّم)،كُلُّ مَا هُوَ عَادِلٌ، (أي بار أمام الله والناس)،كُلُّ مَا هُوَ طَاهِرٌ، (أي كل ما يتصف بالسمو والخُلق)، كُلُّ مَا هُوَ مُسِرٌّ، (أي جميل للنظر والسمع والتأمل فيه)، كُلُّ مَا صِيتُهُ حَسَنٌ، (أي مقبول ومُستحسَن)، إِنْ كَانَتْ فَضِيلَةٌ (أي كل رقي أدبي وخُلُقي)، وَإِنْ كَانَ مَدْحٌ، (كل ما يستحق الثناء)؛ فَفِي هذِهِ افْتَكِرُوا.» (فيلبي4: 8)· ( 7 ) عش صحيحًا إن الحياة الصحيحة لا تنتج إلا من خلال التفكير الصحيح، وقد وضع الرسول بولس نفسه كنموذج لشخص تمثل بالمسيح (1كورنثوس11: 1)، فيوصي قائلاً: «وَمَا تَعَلَّمْتُمُوهُ، وَتَسَلَّمْتُمُوهُ، وَسَمِعْتُمُوهُ، وَرَأَيْتُمُوهُ فِيَّ، فَهذَا افْعَلُوا، وَإِلهُ السَّلاَمِ يَكُونُ مَعَكُمْ.» (فيلبي4: 9)· فإذا كان سلام الله من نصيب الذي يصلّي صلاة صحيحة، فإن إله السلام هو رفيق من يعيش عيشة مقدسة وصحيحة· فيا لها من راحة للقلب وسلام للنفس، «فَمَاذَا نَقُولُ لِهَذَا؟ إِنْ كَانَ اللهُ مَعَنَا فَمَنْ عَلَيْنَا!» (رومية8: 31)! |
||||