![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 52321 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() القديس يوحنا وغايناس Gainas أدخل الإمبراطور ثيؤدوسيوس عددًا كبيرًا من القوط إلى الجيش، وكان من بينهم غايناس، الذي اِرتقى في الرتب، وكان مهتمًا بشئون أبناء جنسه، الذين لم يكن عددهم قليلًا في العاصمة. فصار غايناس أحد زعماء السياسة، لا ينافسه أحد غير أتروبيوس، فدبر مكيدة عسكرية يغتصب بها مركزه، سجلها لنا المؤرخ سوزومين بشيءٍ من التفصيل(57). فقد أرسل إلى أهل بلدة -القوط- أن يزحفوا على المقاطعات الرومانية، وأشار إلى أحد أقربائه تيربنجيلس Tirbingilus القائد لعدد ضخم من الجنود في فيريجية بآسيا الصغرى أن يقوم بعصيان مسلح. أما هو فتظاهر أمام الإمبراطور بأن ينطلق ليخمد نار الثورة والعصيان في فيريجية، وإذ جمع شمل عدد كبير من البرابرة انقلب مهاجمًا الأراضي الرومانية. أدرك الإمبراطور الخطر الذي يلحق بالدولة. فإن غايناس يحمل سلطات قوية، ويجمع شملًا داخل الدولة، ويعرف كل أسرار الدولة وضعفاتها، فأرسل إليه يطلب التفاهم معه ومراضاته. طلب غايناس تسليم اثنين من مستشيري الإمبراطور هما ساتيرنينوس Saturninus وأوريليان Aurlian الذين حسبهما معاديان له. وإذ سُلما له عفا عنهما، بعد ذلك أقيم مجلس صلح بينه وبين الإمبراطور بجوار خلقدونية، في موضع الصلاة الذي وضع فيه الشهيدة أوفيميه. في هذا المجلس أقسم الاثنان أن يعيشا بروح الصداقة، عندئذ ألقى غايناس سلاحه أمام الإمبراطور، واستعد أن يذهب إلى القسطنطينية بعدما أصدر الإمبراطور أمرًا بتعينه قائدًا عامًا للمشاة وسلاح الفرسان، فنال بذلك أكثر بكثير مما كان يتوقعه له أحد. طلب غايناس قتل أتروبيوس ليتخلص منه، فهرب إلى الكاتدرائية، لكنه ما أن خرج منها حتى ألقى القبض عليه وأُعدم بخلقدونية... كان غايناس مثل أكثر القوط في ذلك الحين أريوسيًا، فشجع الأريوسيين، الذين أخذوا يجتمعون ليلًا أجواقًا ينشدون الترانيم الأريوسية. أما القديس يوحنا فلم يقف مكتوف الأيدي، لكنه استطاع ببلاغته وروحانيته أن ينظم على الفور تسابيح وترانيم أرثوذكسية تعلن لاهوت السيد المسيح في أسلوب روحي عذب، بها يحيون الليالي. لكن هذا الأمر أدى إلى اشتباكات بين الفريقين كانت تصل أحيانًا إلى سفك الدماء(58). اهتم أيضًا القديس يوحنا بالقوط الأرثوذكس، فرسم لهم كاهنًا منهم. يصلي معهم بلغتهم. إذ وجد غايناس أن البطريرك لم يشتبك مع الأريوسيين في مجادلات ومناقشات، إنما في إيجابية صنع التسابيح الإيمانية الروحية يسند بها شعبه وازدادت رعايته للقوطيين، ظن أنه يستطيع -مع احترامه العميق للبطريرك- أن يستغل نفوذه فيطلب إحدى الكنائس الأرثوذكسية يصلي فيها غايناس وجماعته الأريوسيين. وفعلًا فاتح الإمبراطور في الأمر، وإذ كان يخشاه وافقه على طلبه، وأرسل إلى البطريرك يخبره بالأمر، مذكرًا إياه بسطوة غايناس، كما ألمح له عن المؤامرة التي سبق أن دبرها لاغتصاب الحكم، سائلًا إياه أن يطفئ لهيب هذا البربري بتنازله عن إحدى كنائسه له هو وجماعته(59). لكن البطريرك يوحنا لم يكن يعرف كيف يخاف إنسانًا أو يداهنه على حساب الحق، بل بإيمان يسلك في غير مهادنة للشر، لذلك التقى بالإمبراطور يقول له: "لا تعطيه يا سيدي وعدًا، فإنه لا يُعطى القدس للكلاب(60). إني لن أسمح قط أن يطرد العابدون والمسيحيون للكلمة الإلهي ليحتل المجدفون عليه. لا تخف يا سيدي من هذا البربري. استدعينا -أنا وهو- لنتمثل بين يديك، ولتسمع ما يقال في صمتٍ، فإني أشكم لسانه، وأصده عن طلبه الخاطئ!" ابتهج الإمبراطور بالإجابة، وفي اليوم التالي دعاهما في حضرته. فبدأ غايناس يطلب تحقيق ما وعد به، لكن العظيم يوحنا أجاب أنه لا يحق للإمبراطور الذي يؤمن بإيمان مستقيم أن يتجاسر فيصنع أمرًا يخالف إيمانه. قال غايناس إن من حقه أيضًا أن يكون له موضع صلاة. أجابه العظيم يوحنا: لماذا؟ فإن كل الكنائس هي مفتوحة أمامك، ليس من يمنعك عن الصلاة أينما تميل. قال غايناس: لكنني أتبع طائفة أخرى، وأنا أسأل أن تكون لي كنيسة، فإنه يحق لي مثل هذا الطلب مقابل ما احتمله في الحرب من أجل الرومان. أجاب الأسقف: لقد أخذت مكافآت عظيمة مقابل أتعابك. فإنك الآن قائد، ترتدي ثوب الولاية! كان يليق بك أن تذكر ما كنت عليه وما صرت إليه الآن. تأمل فقرك الماضي، وغناك الحالي. أي نوع من الثياب كنت ترتدي قبلًا، وما الثوب الذي ترتديه الآن...؟ أقول، أُذكر قلة جهادك بجانب عظم المكافآت التي وُهبت لك. لا تكن جاحدًا جميل هؤلاء الذين وهبوك كرامة! بهذا أبكم معلم المسكونة غايناس، الذي خرج غاضبًا، واضعًا في قلبه أن ينتقم لنفسه من الإمبراطور والبطريرك، وإذ كان غايناس يعرف كل أسرار البلاط أرسل جنودًا يحرقونه ليلًا، لكنه وجدوا حراسًا على البلاط لم يتوقعونهم، فرجعوا مرتعبين يخبرونه بالأمر. دهش غايناس وذهب بنفسه يتحقق الآمر، فوجد ملائكة تحرس القصر، فارتعب وخاف. ومضى وقت طويل حتى خشي الروم سطوته، فعهدوا إلى قوطي آخر يدعى فلافيتا Flavita أن يقاتله... فاضطر غايناس إلى الهروب، وانتهى أمره بقتله في تراس Theace عام 401م(61). |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 52322 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() القديس يوحنا وأفدوكسيا تعلق الإمبراطور أركاديوس وزوجته أفدوكسيا بالبطريرك الجديد يوحنا إلى أبعد الحدود. وقد بلغ التجاوب أشده عندما لعبت الإمبراطورة دورًا في احتفالات الشهداء. فعندما نقل رفات بعض الشهداء حضرت بنفسها في ثيابها الرسمية، يحوطها عدد كبير من رجال البلاط واشتركت في الاحتفالات. ويبدو أنها بقيت حتى وقت متأخر من الليل، إذ وقف الأسقف عندما بدأ الفجر يلوح يعظ معبرًا عن إعجابه بالإمبراطورة وتقواها. ويرى البعض أن هذه الصداقة قد دامت في قوتها إلى وقت سقوط أتروبيوس(62) عام 366م حيث ظهرت شخصية الذهبي الفم في وساطته لدى الإمبراطور عن أتروبيوس، في الوقت الذي كانت فيه مُرّة النفس تجاه أتروبيوس وتود الخلاص منه. كما تلألأت بالأكثر شخصيته في وقفته الجريئة أمام غايناس القوطي! هذا ولم يخل الجو من بعض النسوة الشريفات المهذارات اللواتي كن يحطن الإمبراطورة، وقد أحسسن بهجوم الذهبي الفم عليهن، فقمن بدور خطير في الوشاية به لديها. وإذ قُتل غايناس القوطي الذي سبق فأطاح برأس أتروبيوس خلا الجو تمامًا لأفدوكسيا لتلعب دورها المنفرد على مسرح الإمبراطورية الرومانية الشرقية. لقد تكشفت حقيقتها بوضوح وظهر خبثها وطمعها في تدبير أمور الرعية، فأذاقتهم من المظالم أضعاف ما فعله بهم أتروبيوس. وإذ ضج الشعب لم يجد له ملجأ غير الأب البطريرك، يستغيثون به منها ليتدخل في أمورهم، الأمر الذي دفع به إلى الاحتكاك بها والدخول معها في سلسلة من الآلام. سجل لنا التاريخ بعض تصرفات القديس معها، فقد قيل أن بولاسيوس والى الإسكندرية كان قد ظلم أرملة واختلس منها خمسمائة دينار، وإذ اِعتزل منصبه وقطن القسطنطينية جاءت الأرملة تشكوه لدى البطريرك، بعدما لجأت إلى القضاء كما لجأت إلى الإمبراطورة التي ألزمته بدفع ستة وثلاثين دينارًا فقط. ترقب البطريرك دخول بولاسيوس الكاتدرائية واحتجزه حتى يدفع مال الأرملة، فأرسلت الإمبراطورة تطلب إطلاق سراحه فرفض. ولما احتدم غضبها وأرسلت جندًا يخرجونه بالقوة وجدوا ملاكًا مرعبًا، الأمر الذي أرعب الإمبراطورة، فدفعت المال للأرملة ليطلق سراح بولاسيوس. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 52323 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() الله قاضي الأرامل تطلع إلى القلب الأبوي للبطريرك، فألزمها بالدفع للأرملة. وإن كانت بلا شك قد حملت في قلبها ضيقًا تجاه البطريرك. أما ما أشعل قلبها بنار الضغينة تجاهه فهو أنه أرسل إليها يرجوها أن ترد حقلًا اغتصبته من أرملة ظلمًا، فلم تجبه بشيءٍ. عاد فأرسل إليها رسلًا فازدادت تصلفًا. وفي يوم عيد الصليب كانت الإمبراطورة قادمة إلى الكنيسة يسبقها الإمبراطور مع حاشيته، فأمر البطريرك بغلق الباب في وجهها. وإذ بلغت باب الكنيسة بموكبها العظيم احتدت جدًا وأخذت تقذف البطريرك بأقسى الشتائم، ثم أمرت الحرس بكسر الباب بالقوة. وما أن رفع أحد الجنود يده بسلاحه حتى يبست في الحال. فارتعب الحاضرون وامتلأت أفدوكسيا خوفًا، وعادت إلى القصر ترعد وتزبد وتهدد! وإذ انتهى الأب من الصلاة خرج ليمسح يد الجندي بماء مقدس بعدما اعترف بخطئه، فعادت يده سليمة أمام الشعب! أما أفدوكسيا فانتظرت زوجها توغر صدره أن ينتقم لها من البطريرك ويعمل ما في وسعه لاستبعاده من العاصمة. وبقيت أفدوكسيا تغلي في قلبها، حتى وجدت في مشكلة "الإخوة الطوال" فرصة لتحقق مآربها. لكن سبق مشكلة "الإخوة الطوال" موقفها المملوء تذللًا عام 401م في نزع الخصومة بين الأب البطريرك والأسقف سفريان المقيم بالبلاط والمعجبة به ليدفع بها إلى التمرد من جهة البطريرك. على أي الأحوال كانت الأحداث في الفترة الأخيرة قبل نفي القديس، تعمل معًا من كل جانب لتدفع إلى التوتر الشديد بين الإمبراطورة والبطريرك. وتدخل به إلى عمق الآلام، ليكمل بقية غربته يتنقى في أتون التجارب ويتزكى، شاهدًا للرب بآلامه وكارزًا بحياته! |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 52324 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() القديس يوحنا وسفريان أسقف جبالة إن كانت ضيقة يوحنا الذهبي الفم قد وصمت تاريخ البابا ثاوفيلس السكندري، فإن الأب سفريان أسقف جبالة بسوريا Severian of Gabala ربما قام بدور أخطر وأبلغ أثرًا، خاصة أنه كان مقيمًا بالبلاط وعلى علاقة وثيقة بالإمبراطورة. يذكر لنا المؤرخان سقراط وسوزومين(63) أن سبب مجيء هذا الأب إلى القسطنطينية هو حب المال، فقد رأى أن الأب أنتيخوس أسقف Ptolemais بفينيقية قد زار القسطنطينية وكان يعظ بها ثم عاد إلى كرسيه يحمل مالًا كثيرًا(64)، لكن الاحتمال الأكبر أن هذا مجرد اتهام وصم به هذا الأب نتيجة أخطائه المتكررة في حق الكنيسة، بتدبيره المكائد لاستبعاد القديس يوحنا الذهبي الفم عن كرسيه، لكن ما يمكن قوله إن "الذات البشرية" هي سرّ بقائه في القسطنطينية تاركًا كرسيه، فمن أجل الكرامة البشرية، كان يحتفظ بصداقته مع الإمبراطورة والإمبراطور. قال عنه جيناديوس: [كان سيفريان (سيفريانوس) Severianus أسقف كنيسة جبالة متعلمًا في الكتب المقدسة، واعظًا عجيبًا، لهذا كثيرًا ما كان يدعوه الأسقف يوحنا والإمبراطور أركاديوس للوعظ بالقسطنطينية. لقد قرأت له "تفسير الرسالة إلى أهل غلاطية"، كما قرأت له "عن العماد وعيد الغطاس" عملًا صغيرًا جذابًا للغاية. وقد مات في عهد ثيؤدوسيوس ابنه بالمعمودية(65).] يقول عنه(66) Quastcn أنه يمثل أهمية خاصة كمفسرٍ اِتبع طريقة مدرسة إنطاكية دون أن يحيد عنها. كان مدافعًا عن الإيمان النيقوي ضد الهراطقة واليهود، لكن تنقصه الأصالة، مملوء كراهية. كان ساذجًا في فهمه للعالم، غير علمي، لا يتردد في تفسير حتى القصائد الشعرية الخاصة بالعهد القديم في أكثر تعبيراتها المجازية تفسيرًا حرفيًا، مستخدمًا إياها كمصدر للعلم الطبيعي. ارتبط بصداقة قوية مع القديس يوحنا الذهبي الفم، حتى أنه في يناير سنة 401م إذ اضطر القديس يوحنا للسفر إلى أفسس ليوفق بين الطرفين المتعارضين في شأن ترشيح رئيس أساقفة أفسس، كما عقد بها مجمعًا حرم فيه ست أساقفة سيموا بالسيمونية (67)، ترك أمر الوعظ في القسطنطينية لصديقة سفريان المقيم بالبلاط. في أثناء غياب الأب البطريرك يوحنا ساءت العلاقات بين سفريان والشماس صرابيون الذي أوكل له البطريرك تدبير إدارة الإيبارشية. بلغ الاحتداد أشده، إذ رأى صرابيون في الأسقف أنه يحاول التفوق على أسقفه يوحنا ليأخذ شعبيته في الوعظ، وربما حسد الأسقف سفريان صرابيون الشماس لأنه قد أوكل إليه تدبير كل شئون الأبروشية. فلما عاد الأب البطريرك إلى القسطنطينية، اشتكى له الأسقف سفريان صرابيون أنه كان يتعمد الإساءة إليه واهانته، فقد رآه ولم يقف له. وفي نفس الوقت روى صرابيون لأسقفه ما قصد سفريان في وعظه أثناء غيابه. فتألم القديس يوحنا من الأسقف سفريان، لكنه اضطر لإرضائه أن يعقد مجمعًا ينظر في شكواه، فيه عزل المجمع صرابيون أسبوعًا عن الشموسيَّة. أما سفريان فأصر على عزله المطلق، الأمر الذي أغضب الأب البطريرك جدًا وخرج من المجمع، وبقى الأمر معلقًا وظل لا يلتقي مع سفريان في أي جلسة خاصة، بل وطلب إليه بشدة أن يرجع إلى إيبارشيته، قائلًا له: [لا يليق بك أن تترك إيبارشيتك التي أؤتمنت عليها هكذا بغير رعاية، محرومة من أسقفها مدة طويلة. أسرع اهتم بكنائسك، ولا تهمل الوزنات التي وهبت لك(68).] للحال بدأ الأسقف سفريان يعد نفسه للرحيل، وإذ سمعت الإمبراطورة أفدوكسيا استدعته من سفره، وأسرعت إلى البطريرك يوحنا في كنيسة الرسل، وحملت ابنها، ولى العهد ثيؤدوسيوس الصغير، ووضعته على ركبتيه، واستحلفته به أن يصطلح مع سفريان. فرضخ يوحنا لطلبها واِصطلح معه ظاهريًا(69) اِتقاء شرٍ أعظم، لكن بلا شك لم يكن سهلًا على امرأة، هي في عينها سيدة النساء في الشرق، لا بل والمهيمنة على شئون المملكة لضعف شخصية زوجها، أن تقف مثل هذا الموقف في الكنيسة قدام الشعب. ربما كان يمكن أن تعبر هذه الأحداث بسهولة ويسر، ولا تدفع به إلى طريق الألم، وكان يمكن للملكة أن تنسى هذا الموقف إن آجلًا أو عاجلًا لكن سرّ تضخيم هذه المواقف كان نزولها إلى القاعدة الشعبية، إذ يبدو أن الأسقف سفريان قد أفصح بطريق أو بآخر بما يسيء إلى الأب البطريرك في غيابه، لذلك اضطر الذهبي الفم بعد عودته أن يتحدث مع شعبه عن ارتباطهم به قائلًا: [إن كان يليق بالجسد أن يبقى متحدًا مع الرأس هكذا تكون الكنيسة متحدة مع أسقفها، والشعب مع حاكمة. وكما أن الأغصان ثابتة في الأصل، والأنهار في ينابيعها، هكذا يرتبط الأولاد بالأب والتلاميذ بالمعلم...] انطلق يشكرهم بطريق غير مباشر عن ارتباطهم به وعدم التفاتهم لأية أقاويل أو مكائد. ولعل الشعب قد أدرك ما يقصد القديس يوحنا. ربما شعر الشعب أو قد بلغه ما حدث في المجمع المنعقد لمحاكمة الشماس صرابيون كطلب سفريان، وربما خرجت الأخبار مبالغًا فيها، الأمر الذي أثار نفوس الكثيرين، حتى أدرك القديس يوحنا أنه قد يفلت الأمر من بين يديه، فيثور الشعب ضد سفريان، ويجد نفسه في مأزق يسيء إليه، لهذا أسرع بالحديث مع شعبه عن السلام والوحدة ويهدئ نفوسهم تجاه الأسقف سفريان، فاستراحت النفوس، وظهرت علامات القبول على ملامحهم. فأكمل خطابه قائلًا: [أشكركم لموافقتكم لي على ما أقوله... إذ أذكر اسم سفريان لا أجد من يعارض، أنتم إذن تقدمون لله تقدمه سلام حقيقي! بحبكم قبلتموه! بأذرعكم المفتوحة استقبلوه، ولا تذكروا أحزان أمس. لنصل جميعًا كي يحفظ الله كنيسته في سلام غير منقطع!(70)] وفى اليوم التالي استطاع أن يقف سفريان بين الشعب على المنبر يتحدث معهم لكي يستريح قلبهم تجاهه. حدثهم ببلاغته المعهودة عن السلام قائلًا: [اليوم، الكنيسة في سلام والهراطقة في حزن...! حملان الرب في أمان، والذئاب في هياج...! الكنيسة تشرق ببهاء السلام، الذي هو شهوتنا...! هوذا اليوم نرى السلام حالًا، السيد المسيح يحتضنا على صدره المملوء حبًا. إنه يشهد للوحدة التي تضمنا بين ذراعيها، فتجعل في الجسدين روحًا واحدًا... بالأمس، نادى أبونا -المعتبر الأول- بالسلام، في عبارات إنجيلية، واليوم هو دوري أنا! بالأمس مد يده وقابلني بكلام سلام، واليوم افتح أنا قلبي، أفتح ذراعي! أقدم نفسي للرب، ذبيحة سلام... لقد نزع الله الخصام وثبت الوئام... إني أحدثكم عن حيل إبليس الذي لا تجهلون طرقه. فقد رأى صلب إيمانكم قد حمل ثمار الأعمال الصالحة فاحترق غيظًا، وأراد أن يبدد الاتفاق ويهدم المحبة، وينزع السلام!(71)] بهذا استراح قلب الشعب، وبقى الأسقف في القسطنطينية يحمل في أعماقه حسدًا وغيرة تجاه البطريرك، إلى أن حلت ساعة التجربة، فكشف سفريان عن عداوته الخفية، حيث قام بدور رئيسي في مجمع السنديان عام 403م لمحاكمة الأب البطريرك، بل ووقف أمام الشعب يبرر قرار المجمع بحرمان بطريركهم(72). وهو المسئول الأول عن صدور القرار الإمبراطوري بنقل البطريرك من منفاه بكوكوزه Cucusus إلى بيتس Pitys حيث تنيح في الطريق بسبب قسوة معاملة الجند له. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 52325 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() القديس يوحنا ومشكلة الإخوة الطوال دخلت مشكلة الإخوة الطوال مع البابا ثاوفيلس السكندري حياة القديس يوحنا الذهبي الفم، فدفعت به دفعًا إلى عداوة البابا ثاوفيلس، استغلتها الإمبراطورة أفدوكسيا لتحقيق مآربها، ووجد فيها الأسقف سفريان وغيره من الأساقفة المضادين للبطريرك فرصتهم للتنكيل به، فدخل الذهبي الفم إلى الاستشهاد، وتشوه تاريخ البابا ثاوفيلس! لذلك وجدت نفسي ملزمًا إلا أعرض المشكلة عرضًا سريعًا، خاصة وأن أغلب المصادر التي اعتمد عليها التاريخ الكنسي في هذه المشكلة جاءت عن مؤرخين أعداء للبابا ثاوفيلس، صبوا كل غضبهم عليه من أجل ظلمه للبطريرك القديس يوحنا. لست بهذا أود تخفيف أخطاء البابا ثاوفيلس، لكنني أقول مع Quasten أستاذ التاريخ الكنسي القديم وعلم الآثار المسيحية بجامعة أمريكا الكاثوليكية بواشنطن: [على أي الأحوال، يلزمنا بكل عدل أن نذكر أن أغلب معلوماتنا قد جاءت إلينا من أعداء ثاوفيلس خاصة بالاديوس وأرنوبيوس (73) وثيؤدوريت (74) والبابا لاون الكبير(75)... أما (الأبوفثجماتا باتروم Apophthegmata Patrum)، فتؤكد سمعته الطيبة التي تمتع بها في الدوائر الرهبانية. فقد كان على علاقة ممتازة بالأبوين المشهورين" هورسيس Horsiesi وآمون الذي كان يكرمه على الدوام بكونه أباه الروحي(76).] فالمؤرخ بالاديوس عاصر المشكلة وسجلها لنا في كتابه "حوار عن القديس يوحنا" والذي يعتبر من أهم المصادر الأصلية. لكنه كان بلا شك متحيزًا، فهو الصديق الحميم للبطريرك المُفترى عليه والمُستبعد في أقاصي أرمينيا محرومًا من شعبه(77). كما كان طرفًا في القضية. إذ اُتهم في مجمع السنديان سنة 403 بالأوريجانية وحُكم عليه بالنفي. وها هو يخط عمله هذا في منفاه! وحين سجل لنا كتابه المشهور "التاريخ اللوسياكي Laus. His" حوالي عام 420م، كان العالم ساخطًا على البابا ثاوفيلس بعد نياحة البطريرك في منفاه! ولا ننسى أيضًا شغف بالاديوس نفسه بكتابات العلامة أوريجينوس، يحب من يحبها، ويزدري بمن يزدريها. فيكتب بحب حقيقي إعجابه بالإخوة الطوال (حيث كان أحدهم آمون يحفظ قرابة ستة ملايين قولًا لأوريجينوس وغيره من الآباء)، وأبيهم الروحي بامبو Pambo والقديسة ميلانية (التي درست بدقة وتروِّ ملايين السطور لأوريجينوس) ومار أوغريس... وعلى العكس إذا ما ذكر القديس جيروم يتحدث عنه في استخفاف وازدراء، كان يقول عنه: [جيروم ما... وقف في طريق (بولا Paula)... بجسده أعاق نموها وأقنعها للعمل لحسابه وأغراضه(78).] "كان جيروم قد سكن في هذا الموضع، وقد عاش معه Posidonus عدة أيام طيبة، هذا همس في أذني قائلًا: أن بولا Paula المعتنى بها والتي تنزع خسته في طريقها للموت". لهذا لم يتورع المؤرخ بالاديوس عن وصف البابا ثاوفيلس -عدو كتابات أوريجينوس والمقاوم للقديس الذهبي الفم- في أدنى صورة، إذ يقول عنه: [كان حاد الطبع، عنيفًا، جسورًا، ميالًا إلى الخصام بشدة. ما أن يحدد هدفه حتى يضربه برأسه (كالثور) مندفعًا. ليس من يقدر أن يوقفه، يأخذ قراراته في عجالة، دون تروِّ، أو وزن للأمور، وبطريقة قاطعة. يضرب أعداءه بشدة ليفرض إرادته(79).] مرة أخرى يصف نظراته الغاضبة نحو رهبانه الثائرين عليه فيقول: [كان ينظر إليهم بعين محمرتين كالدم، كالحية يلتفت من الجنب، ومن أسفل كالثور!(80)] أينما تحدث عنه ينعته بأبشع الصور، فيقول عنه: [إنه كلب مسعور(81) "فرعون، مصابًا بداء القسوة، يحطم نفسه ببناء قصور شاهقة في الخيال(82).] اِتهمه بحب المال، يحصل عليه بكل وسيلة ووسيلة، يأخذ من أموال الفقراء، ويتقرب من الشريفات يحصل منهن على ما يرغبه بطرق دنيئة(83). الحق يقال إن البابا ثاوفيلس قد خسر سمعته بعداوته للقديس يوحنا الذهبي الفم وظلمه إياه. فجاء تاريخه يحمل مبالغات كثيرة في ذمه، بينما تجاهل كثيرون -خاصة بالاديوس- أعماله العظيمة في مقاومة الوثنية واهتمامه برعاية شعبه واهتمامه الزائد ببناء الكنائس وترفقه وطول أناته مع الأوريجانيين (قبل مجمع السنديان)، وموقفه المشرف في إعادة الشركة بين إنطاكية ومصر، وإنطاكية وروما، وخطاباته المهدئة للقديس جيروم في موقفه ضد الأوريجانيين (قبل تفاقم مشكلة الإخوة الطوال)، كما تجاهل المؤرخون الكشف عن الظروف المحيطة به في تصرفاته. فالأمر يحتاج إلى دراسات جديدة غير متحيزة للتعرف على شخصيته كما يليق وفي غير تحيز، ودون الانفعال الحاد بخطئه الجسيم ضد القديس يوحنا الذهبي الفم وبعض رهبان نتريا. لسنا ندرس الآن شخصية البابا ثاوفيلس، إنما نكتفي بدراسة مشكلة الإخوة الطوال معه، وموقفه من القديس يوحنا الذهبي الفم |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 52326 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() لا أعرف ما ينتظرني في الغد و لكن أثق ان الغد بيد الله لذلك فأن الفرح اصبح جزء من روحي والابتسامة لا تفارق وجهي في كل الظروف والطمأنينة تَسكُن في قلبي الى الأبد .. تصبحون على فرحة وقوة من يسوع .. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 52327 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() في الحياة علينا ان نختار بين طريقين اما الطريق مع الله او طريق آخر واكيد سيكون بدون الله ، الكثير من الناس تختار الطريق السهل والبسيط ويغرقون في ملذاتهم وشهواتهم واهوائهم ومغريات العالم ويبتعدون عن خالقهم حتى وان كانوا بالأسم هم مؤمنيين ، لكن المؤمن الحقيقي يسير في طريق الله ويواجه الصعوبات التي تعترضه والاشواك التي تُدمي اقدامه حتى الرمق الأخير في حياته ، باب الهلاك وان بدى واسع لكنه ضيق لا يؤدي الى الأبدية وباب الله وان بدى ضيق لكن إذا سرنا في طريقه سنراه واسع ورحب ويقودنا الى الأبدية , لا تسيروا في طريق لا يوجد فيها الله |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 52328 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() علي اد ما الشعور بالوحدة ساعات بيكون جميل ولازم كل واحد فينا يعيشه ودي بتبقي حاجة ايجابية طبعا علي اد ما الانسان وهو تعبان نفسيا او مخنوق او مكتئب او زعلان بيبقي نفسه يحس بألفة الناس اللي حواليه بيبقي نفسه في ناس تقوله خلاص هانقعد معاك بس مش هانتكلم .. بيبقي نفسه في ناس تقوله ماهو احنا استحالة نسيبك لوحدك مهما حاولت الانسان بيحتاج يكون لوحده علشان يعيد حسابته يفكر في مستقبله يفكر في مشاكلة بس الوحده وقت التعب النفسي والبدني بتتعب أكتر وطبعا انا قولتها كتير قبل كدة ميحسش بالألم غير صاحبه |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 52329 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() إلهي جردني من الشك وامنحني الايمان إلهي قويني علي نفسي ولا تقويني علي الناس يارب امليء قلبي بالرحمه وانزع من نفسي الطفيان يارب امنحني عينا اري بها عيوبي وخطاياي يارب لا تنصرني ظالما وانصرني مظلوما يارب اعطيني ذاكره ضعيفه لانسي من تخلي عني وخذلني اغلق باب قلبي الذي يدخله الحقد والحسد يارب افتح باب قلبي الذي يدخله التسامح والغفران يارب ساعدني علي اسعاد اكبر عدد من الناس فان القلوب السعيده مصابيح تبدد الظلام حتي صباحك المبارك امين ![]() |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 52330 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() يارب ساعدني علي اسعاد اكبر عدد من الناس فان القلوب السعيده مصابيح تبدد الظلام حتي صباحك المبارك امين ![]() |
||||