منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 14 - 08 - 2014, 04:09 PM   رقم المشاركة : ( 5171 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,860

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

مجيء النعمة و توارِيها
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
مباحثة مع الشيخ في الصلاة
الميتروبوليت إيروثيوس (فلاخوس)
- أرى من الواجب أن أزيد في توضيح هذه النقطة. إنّ النساك يعرفون خبث الشيطان، ويعرفون أيضاً هزيمته وضعفه.
يعملون بالخبرة حقد الشيطان، لكننهم يعرفون أيضاً معرفة جيدة إحسان وحبّه للإنسان حباً كليّ الحلاوة. وفي هذه الحرب يتفوّق إحسان المسيح وحبّه للإنسان. فإنّ الرب يأتي إلى النفس رويداً رويداً، وكلما زاد اقترابه منها زادها نعمة وفرحاً.
فبعد كل معركة تجيء إلى النفس نعمة إلهية: فرح وسكينة وصفاء، وهي نعمة غير مدركة، يعجز البيان عن وصفها.
قال القديس غريغوريوس السينائي إنّ المبدأ الحقيقي للصلاة حرارة قلب تحرق الأهواء، وتنشىء في النفس بِشْراً فضلاً عن الفرح)). إ
ننا لنشعر بهذا جيداً، لأننا نعيش حالة لم تكن لنامن قبل، تهدأ فيها كل الأمور داخلنا ويسودها السكون. أما((صلاة يسوع)) ((يا ربي يسوع المسيح إرحمني)) فتصير تمجيداً(ذوكصولوجية) ((المجد لك يا الله)).
حينذاك نواظب بنوع أخص على ترديد إسم يسوع، لأنّ ((يسوع يكون ههنا)) (يو 11: 28).
وذكراسم يسوع بالعقل المتركز في القلب يتم برغبة شديدة وبدون جهد.
وهو في كل مرة يُذكر فيها يحلّي القلب، ونشعر برغبة ملحَّة في أن نخسر هذه الساعة الإلهية، ونحنُّ إليها غاية الحنين.
إنّ شيخي الدائم الذكر كان يقضي ست ساعات مردّداً((صلاة يسوع)) ولكنه كان يقول إنه لم يقضِ في هذه الصلاة سوى ربع الساعة...وفيها يأتي الفرح متدفّقاً كالأمواج، وحينذاك يدق القلب دقاً. وقد تكلّم كثيراً من الآباء عن وثبة القلب هذه.
- إني أذكر أيها الشيخ أنّ البار نيقوذيموس أيضاً يشرح على هذا المنوال صلاة السيدة العذراء الكلية القداسة:
((تعظّم نفسي الربّ، وتبتهج روحي بالله مخلّصي)).
فقد تذكّرتُ فعلاً في تلك اللحظة تعليم القديس نيقوذيموس حيث يقول:
((ذاك يبتهج، من يثب قلبه ويقفز ويرقص من الفرح الممتد، البالغ أقصى غايته، فهو يتحمّس بطريقة ما ولهذا يسمي الآباء الصحويون هذه البهجة رقصة القلب أو وثبته، من فعل النعمة الإلهية
ويضيف القديس نيقوذيموس قائلاً((إنّ قلبك يرقص إذا أرادت النعمة أن تفتقدك وكلما شاء الروح القدس أن يُجري فعله سرّياً داخل نفسك، خلال الصلاة الشريفة المسمّاة بالصلاة القلبية)).
وتحدّث العديد من آباء كنيستنا عن وثبة القلب ورقصه. نذكر على سبيل المثال القديس غريغوريوس بالاماس، الذي قال:
((...إنّ رقص القلب أشبه بمن يثبون بحماسة المحبة للخير، ويعتبر باسيليوس الكبير وأثناسيوس العظيم أنّ هذا هو آية النعمة)).
-أجل- قال الناسك القديس ذو الخبرة الواسعة إنّ الأمر لكذلك.
فإنّ نعمة المسيح تأتي إلى قلبنا بعد جهاد بطوليّ مرير مفعم بالألم فتضفي عليه السكينة والصفاء. لكنها لا تأتي إلى كل شخص بالطريقة عينها.
الأمر يتوقّف على تقدّم المرء روحياً، وعلى فعل الروح القدس، الذي يفعل كما يشاء ما هو موافق...((إنّ بدء النعمة يتجلّى في الصلاة للبعض بصورة متفارقة وتوزيع الروح يتمّ بطرقٍ كثيرة...ويّشاهَد ويُعرف حسبما يشاء هو))
مثال ذلك إيليا النبي. فقد أحسّ بروح عظيم قدير يبدّد الجبال، عقبه زلزال، وحفيف نسيم لطيف((وهناك كان الربّ)).
ويشرح البار غريغوريوس السينائي هذا فيقول:
((إنه يأتي كروح خوف إلى البعض، وبخاصة إلى المبتدئين، يبدّد جبال الأهواء، ويسحق القلوب المتحجّرة القاسية(يعني توبة ودموعاً يذرفها المرء بسبب حياة الخطيئة التي سبق له أن عاشها في ما انقضى من عمره) أما المتقدّمون فيأتي إليهم كزلزال يعني ابتهاجاً(وهذا هو الرقص الذي ذكرناه آنفاً)وإلهاباً محرقاً للقلب. وهو يأتي أيضاً إلى الأكثر تقدماً كنسيم لطيف((يشيع سلام نور)).
فالمبتدئون يتقبّلون بعض أفعال النعمة. أما المتقدّمون فيحظون بملء النعمة. سأقرأ لك هذه الفقرة من أقوال البار غريغوريوس:
((..على النمط الذي ظهر فيه لإيليا التسبيتي يظهر فينا أيضاً. فيأتي إلى البعض روح خوف، مُبدّداً جبال أهواء، ساحقاً صخوراً هي القلوب القاسية بحيث يجعل المرء يستمر متجمّداً من الهلع، ويمسي الجسد مائتاً. ويأتي أيضاً إلى آخرين كزلزال عنيف، يعني ابتهاجاً(وهو ما دعاه الآباء رقصاً) يُستقبل في أعماق الذات قبل كل شيء وهو غير مادي وجوهري. لأنّ ما ليس جوهر ولا كيان هو أيضاً موجود. وأخيراً يفعل الله سرياً حين يظهر بالروح في آخرين وبخاصة المتقدّمين في الصلاة كنسيم لطيف((يشيع سلام نور))، ولهذا قال الله إيليا في جبل حوريب إنّ الربّ ليس هنا أو هناك في بعض الأفعال (الإلهية) التي تُعطى للمبتدئين وحسب بل في نسيم نور، لطيف أيضاً، مبيّناً بهذا الجانبَ الكاملَ في الصلاة)). ومعنى هذا أنّ جهاد شخصي، وما نُظهر من اتضاع.
- فهل تأتي النعمة إذاً ثم تذهب من جديد؟
- أجل. إنّ النعمة تأتي وتذهب لكي تأتي من جديد، ثم تتوارى. الله يَرسل نعمته ثم يستردُّها. وفي بدء هذا الجهاد العقلي تكون المسافات التي تفصل بين استرداد النعمة وعودتها أكبر.
إلاّ أنّ المسافة تقصر بعد الرياضة لفترة طويلة. والمجاهد يعرف هذا الإفتقاد المتعدّد من جانب النعمة واختفاءاتها.
- لكن...لماذا يحدث هذا؟ وما الغاية من مجيئها ثم ذهابها؟
- تأتي النعمة لتعزية المجاهد وإسعاده. ثم تذهب لتتوفّر له إمكانية التمثل والطلب والتذلّل. أعني لكي يدرك المجاهد أنّ ما حدث هو عطية إلهية، وأننا بالتالي غير مستحقين تماماً لقبولها. وكثير من الرهبان يعرفون جيداً((لعبة النعمة)) هذه من اختباراتهم، وقد تدوم سنوات طويلة بين مجيء وذهاب.
ففي الحالة الأولى تعزّز النعمة الإلهية الراهب بمجيئها، وتفعم نفسه بتعزية إلهية، وكأنها تقول له((ها إني هنا)! وفي الحالة الثانية تذهب النعمة لكي يتمثّلها. وهذا هو العمل الأصعب. ويحتاج إلى جهد كثير وصلاة حارة لكي يتمثّل المرء النعمة التي نالها.
لأنّ ثمة حالات تلقّى فيها بعض الرهبان النعمة الإلهية ولكنهم سرعان ما رفضوها. أفلم يحدث هذا الأمر عينه للرسول بطرس؟.
فلقد تلقَّى على جبل ثابور نعمة غزيرة إلا أنه لم يكن حتى ذلك الحين جديراً بتمثُّلها. فانتهى به الحال على إنكار المسيح.
إنّ مرحلة التمثُّل هذه مرتبط بطلب مؤلم. فالمجاهد يدرك الآن أنّ النعمة موجودة(بظهورها) وهذا ما يدفعه إلى طلبها من جديد، باكياً. إنه ينتحب كطفل يفتّش عن أمه المتوارية.
((أين أنتَ، يا نوري؟
أين أنتَ يا فرحي؟
لَم تركتَني وقلبي يتألم؟
لَم تواريتَ عني ونفسي تنتحب؟
عندما جئتَ إلى نفسي أحرقتَ خطاياي.
تعالَ الآن أيضاً إلى نفسي
وأحرق خطاياي منم جديد،
خطاياي التي أخفتك عني
كما تخفي الغيومُ الشمسَ.
تعالَ إليَّ، وأبهجني بحضورك.
لَم تبطىء يا رب؟
أنت ترى أنّ نفسي تشقى مكدورة
وأني أعود إلى طلبك بعبرات
فأين تختفي؟
وكيف لا تراك نفسي
وأنت الحاضر في كل مكان.
إني لأطلبك بقلب قد أناخ عليه الألم بكلاكله.
هكذا كانت العذراء الكلية الطهارة مع يوسف
يفتشان عنك يوم كنت غلاماً فتياً. وقد أضناهما الحزن. ترى بماذا فكّرت إبَّان حزنه حين لم تعثر على ابنها الحبيب؟..))
غضب القديس سيرافيم ساروف على أحد الإخوة وحزن، ففارقته نعمة الله. فاستفدح الحرمان منها واعتبره أعظم كارثة حلَّت به وحينذاك فقط عرف عذاب آدم ونحيبه لفقده الإتصال بالله وخروجه من الفردوس.
وأقام القديس سيرافيم على صخرة لزمها ألف يوم وألف ليلة، يتضرّع طالباً النعمة الإلهية. ولم ينزل عنها إلاَّ بعد أن استعاد النعمة .
وتابع الشيخ الروحاني كلامه قائلاً:
- يتبينّ من هذا أنّ النعمة تنكفىء لكي تتيح للقلب أن يحب حباً أكثر، ويتعطّش تعطشاً أشد بعد خبر حلاوة النعمة وعرف ما يخلّفه غيابها من فراغ.
وبعد أن تذوّق أيضاً مرارة الخطيئة يعود إلى طلب النعمة من جديد، فلا يحدث ذلك عنده شعوراً بالخيبة أو نقصاً في الإيمان ويجب أن أضيف إلى هذا أنّ النعمة الغزيرة بعد أن تكتنف العقل، وتقوده إلى الجذب،
سرعان ما تفارقه(وبخاصة في البدء((لكي لا يموت)) ويكون أشبه برضيع قد أسرَف في الطعام وتقيّأه. هذا ما يقوله القديس سمعان: ((حينئذٍ بعد أن تكتنف(النعمة) العقل فجأة لوقت قصير تخطفه إياه إلى حال جذب، ثم تتركُه بسرعة- لكي لايموت- بحيث لا يفهم شيئاً مما حدث بسبب السرعة القصوى ولا يتذكّر جمالاً أبصره،
ولا يحتويه لئلا يأكل وهو رضيع غذاء الرجال الكاملين فيصاب فوراً بانهيار أو يتضرّر ويتقيَّأ فإنها(النعمة)من ذلك الحين ترشد وتقوّي وتعلّم آتية ومغادرة، فنحتاج إليها.
لكنها لا تأتي لعوننا متى أردنا نحن- فإن هذا للكاملين بل عندما نعجز وننهارتماماً فتشرق من بعيد وتجعلني أحسُّ بها في قلبي)).
إنّ لمجيء النعمة وذهابها ميزة خلاصية أيضاً. فهي تأتي قليلاً فتطهّر الإنسان من أحد الأهواءثم تذهب. ولكنها تعود من جديد لتطهّره من هوى آخر.
وتظل تعمل على هذا المنوال إلى أن يتمكّن المرء بمساعدة النعمة الإلهية المحيية من تطهير الجانب الإنفعالي في النفس وبعد جهد كثير وتضحيات عديدة تحين اللحظة التي فيها تثبت النعمة تقريباً في القلب فيغمره صفاء مستديم. وسكينة غير منقطعة، وشعور بالحلاوة أبدي.
فإنّ جبل ثابور يكون في النفس..السماءعلى الأرض... ملكوت يملأ القلب...الثالوث القدوس داخلنا...الإنسان حسب صورة الله ومثاله!...
تأملتُ في ما بلغه حب الله لنا، ذلك الحب العظيم!. لقد قرأتُ أخيراً في كتاب روحي ما يتفق وكلام الشيخ، وقد جاء فيه ما يلي:
((ما لم تختبر بنفسك أفعال الشيطان وحبائله وهجماته فإنك لن تدرك لا بل إنك لن تقْدُر إحسانات الروح المعزي التي يمنحك إياها. وما لم تعرف الروح الذي يقتل فلن تعرف الذي يُحيي. ولن تعرف المسيح معطي الحياة معرفة حقه)).
ما أعظم حب المسيح لنا! فإنه يعرف مؤامرات الشرير ويعلم كيف يستعملها للخير. فهو يستخرج من المرّ حلاوة ويحوّل حقد الشيطان إلى حبّ لله. وبهذا ندرك أنّ الشيطان، مهما فعل، فسينتهي أخيراً إلى هدم ذاته.
ولا ريب أنه يحارب الناس. أما الله فيدعه حراً لأنه شخص وهو بالتالي ذو حرية يحترمها الله، إلا أنّ الله بحبه وإحسانه للبشر يحدّ من عمل الشيطان الهدَّام.
سمعتُ ذات يوم ناسكاً يقول إنّ الله يحوّل بحبّه القليلَ من الكبرياء إلى اتضاع يجذب نعمته الإلهية. وهذا يعني أنّ المسيحي إذا تكبّر حلّ به السقوط تواً.
فإذا تقبّل النعمة الإلهية بعد السقوط تاب واتضع أكثر. وهكذا يطهّر ذاته تدريجاً من خطيئة الكبرياء الشيطانية الدنسة. وبهذا يمكننا القول من جديد إنّ الشيطان يهدم ذاته ويتلاشى.
بعد هذا وقف الشيخ وقال:
- لقد حانت ساعة صلاة المساء. فهيَّا بنا لنتلو الصلاة بالحبل المعقود( كومبو سيخني) إذهبْ إلى تلك الغرفة وصلّ مردّداً الصلاة إلى أن أدعوك لكي نستأنف الحديث. يجب ألاَّ ننسى ((صلاتنا ))الصغيرة أبداً.
دخلتُ القلاية التي أشار إليها. أصعدني إلى مكان عال جداً.
وقد أحسن صنعاً حين كفَّ عن المسير فوجدتُ الفرصة مؤاتية لي لكي أستريح. وكانت القلاية عبارةعن غرفة ضيقة جداً كسائر قلالي الجبل المقدّس(آثوس).
وكان في داخلها سرير صغير خشن مصنوع من بعض الألواح الخشبية المستندة إلى رجلين خشبيتين. وكان فوق الألواح غطاء(بطانيَّة).
وليس فيها شيء يذكّرنا بالعالم. وكان في داخل القلاية أيضاً طاولة صغيرة عليها قنديل كاز إسودّتْ بلورته، ومقعد صغير يستخدمه الراهب أثناء الصلوات الليلية المتواصلة لفترة طويلة.
وقد عُلّقتْ على الجدار أيقونة للسيد المسيح وإلى جانبها أيقونة للسيدة والدة الإله التي يحبها رهبان الجبل المقدس بنوع خاص. وهي قائدة الجبل وحاميته وسيّدته.
ولا بد أن نذكر أنّ من المتممات الضرورية للقلاية بعضَ العناكب وبخاصة في زوايا الغرفة. وأنَّى للشيخ أن يجد ساعة من الوقت يخصّصها للتنظيف الدقيق؟.
وما كدتُ أدخل القلاية وأجيل فيها نظري بسرعة حتى سقطتُ على أرضها فأحدث سقوطي دوياً. وضممتُ كفيَّ وأسندتهما إلى أرض القلاية، ووضعتُ رأسي فوقهما. وأخذتُ أردّد((صلاة يسوع))تارة بتمتمة وطوراً بقوة. وكنت أردّد ((الصلاة))كاملة، مع التشديد أحياناً على كلمة((يا ربي)) وعلى إسم يسوع أحياناً أخرى، وعلى لفظ المسيح، أو على عبارة((إرحمني )) وذلك بقصد تركيز عقلي جيّداً في ((الصلاة))...
لم أعرف كم مضى عليَّ من الوقت وأنا منطرح على أرض القلاية.
فإنّ الزمن يتوقف في هذه الساعات...كنت أتأمل في خطيئتي، وفي حضوري بين آباء قديسين متألهين، فإبكي. وقلتُ من أعماق قلبي قولاً للقديس يوحنا الذهبي الفم، الذي أساء فهمه البعض ظانين أنه أراد به أن لا يسكن الرهبان الأديرة:
((طوبى لكواكب المسكونة، لأنّ غرفتهم نقية خالية من كل ضجة، ونفسهم مُصفّاة من كل هوى، ومتحرّرة من كل مرض. وهي رقيقة، خفيفة، وأنقى بكثير من هواء عليل. أما العمل عندهم فهو ما كان لآدم في البدء قبل الخطيئة، يوم كان متسربلاً المجد ويكلّم الله بدالّة، مقيماً في ذلك المكان المفعم غبطة)).
بعد مروروقت غير قليل سمعتُ صوت المريد يخبرني أن الشيخ ينتظرني لاستئناف الحديث. فعدتُ من جديد إلى الناسك المعتزل وفي نفسي مزيج من آيات الفرح والحزن بسبب قطع صلاتي.
سألني: كيف بدا لك هذا التوقُّف.
فقلتُ: لا أستطيع أن أكلّمكم وأن أجيب على سؤالكم...(من يدري. فلعله كان يصلي من أجلي فقط إبَّان وجودي في القلاية. فحدث في نفسي من أثر ذلك ما بدا عليّ من إنسحاق).
قلتُ بعد لحظات:
- لقد أحسستُ بصفاء يهيمن على نفسي، وبشعورمن الأسى بسبب الخطيئة. وقد امتلأتُ في الوقت عينه فرحاً لأجل محبة يسوعي.
أجل إنّ يسوع يحبني حباً جماً، فوق ما كنت أظن. ويخيل إليّ أنكم تشعرون دائماً بمثل هذا، وقد يكون نتيجة افتقاد نعمة المسيح، التي تأتي بقوة بعد سنوات طويلة من الصعود إلى جبل يسوع، وبعد ترديد((الصلاة)). الحاملة الحياة، ترديداً متواصلاً.
- إنّ الأمر لكذلك. لكنّ ثمرات((الصلاة))، هي من الكثرة بحيث يتعذّر على المرء إحصاؤها كلّها. فإنّ((الصلاة)) أشبه بشجرة مثقلة بثمار في غاية من الحلاوة، والواحدة فيها خير من الأخرى.
- أعطني أنا المحروم من النعمة الإلهية بعض هذه الثمرات من ثمار((البرية الممتلئة نعمة))... ، قم من أجلي بعمل قطاف روحي، لكي أعرفها على الأقل..

 
قديم 14 - 08 - 2014, 04:11 PM   رقم المشاركة : ( 5172 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,860

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

تدبير الخلاص فى العهد القديم
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
من يشوع إلى صموئيل النبى
أولاً : لماذا الحروب؟
ـ كانت الحروب فى هذه الفترة هى الطريقة الوحيدة التى يؤمن بها العالم بأن إله هذا الشعب إله حقيقى وقوى ( هذا بخلاف الحروب التى طلب الله من شعبه فيها إبادة الشعوب التى تعبد الشيطان بصورة صريحة ) .
ـ وكانت الشعوب التى تؤمن بقوة إله إسرائيل تترك الشعب يعبر من أرضها ويكون قد أعلن ضمنياً عن إيمانه بإله إسرائيل أما الشعوب التى لاتزال ترى إن آلهتها اقوى تدخل فى حروب مع إسرائيل مثل الأموريين والفلسطينيين فتنهزم وتظهر ضعف آلهتهم لذلك قال الرب ليشوع " لكى تعلم جميع شعوب الأرض يد الرب أنها قوية لكى تخافوا الرب إلهكم كل الأيام " ( يش 24:4 ) .
ثانياً : دور الشعب فى الإعلان عن الله فى هذه المرحلة .
ـ كان هدف الله من شعبه أن يعلن عنه وسط الشعوب كلها من خلال احتكاكه بهم فيعرف العالم أن إله إسرائيل :
هو أقوى الآلهة فيخافونه .
هو أغنى الآلهة فيقتربون منه
هو أحكم الآلهة فيطلبون كلماته فيعرفون الحق والخلاص ويتعلمون طرق الرب ...

ونجد هذا عندما قالت راحاب للجاسوسين:
"«عَلِمْتُ أَنَّ الرَّبَّ قَدْ أَعْطَاكُمُ الأَرْضَ, وَأَنَّ رُعْبَكُمْ قَدْ وَقَعَ عَلَيْنَا, وَأَنَّ جَمِيعَ سُكَّانِ الأَرْضِ ذَابُوا مِنْ أَجْلِكُمْ. لأَنَّنَا قَدْ سَمِعْنَا كَيْفَ يَبَّسَ الرَّبُّ مِيَاهَ بَحْرِ سُوفَ قُدَّامَكُمْ عِنْدَ خُرُوجِكُمْ مِنْ مِصْرَ, وَمَا عَمِلْتُمُوهُ بِمَلِكَيِ الأَمُورِيِّينَ اللَّذَيْنِ فِي عَبْرِ الأُرْدُنِّ: سِيحُونَ وَعُوجَ, اللَّذَيْنِ حَرَّمْتُمُوهُمَا. سَمِعْنَا فَذَابَتْ قُلُوبُنَا وَلَمْ تَبْقَ بَعْدُ رُوحٌ فِي إِنْسَانٍ بِسَبَبِكُمْ, لأَنَّ الرَّبَّ إِلَهَكُمْ هُوَ اللهُ فِي السَّمَاءِ مِنْ فَوْقُ وَعَلَى الأَرْضِ مِنْ تَحْتُ »" ( يش 9:2-11) ؛ وأعلنت راحاب إيمانها وجاء من نسلها السيد المسيح (مت 5:1) .
ثالثاً : ترويض الشعب ليصلح لحمل الرسالة:
ـ ودخل الشعب الأرض وقسمها يشوع على كل الأسباط ... ولم يسر الشعب وفق خطة تدبير الخلاص بل ترك الله وشابه الشعوب الأخرى .
ـ ومن أجل الوعود والعهود التى أخذها الشعب من فم الله بدأ الله يتعامل معهم بطريقة أخرى وهى : ترويض الشعب ليصلح لحمل الرسالة .
ـ وكانت فترة القضاة من أسوأ فترات حياة الشعب مع الله كان كل إنسان يعمل ما يحسن فى عينيه ( قض 24:21 ) فتركهم الله للقتل والاستعباد لكى ترى كل شعوب الأرض أنه حينما يترك شعب الله إلههم يصبحون بلا قوة
"وَإِنْ نَسِيتَ الرَّبَّ إِلهَكَ وَذَهَبْتَ وَرَاءَ آلِهَةٍ أُخْرَى وَعَبَدْتَهَا وَسَجَدْتَ لهَا أُشْهِدُ عَليْكُمُ اليَوْمَ أَنَّكُمْ تَبِيدُونَ لا مَحَالةَكَالشُّعُوبِ الذِينَ يُبِيدُهُمُ الرَّبُّ مِنْ أَمَامِكُمْ كَذَلِكَ تَبِيدُونَ لأَجْلِ أَنَّكُمْ لمْ تَسْمَعُوا لِقَوْلِ الرَّبِّ إِلهِكُمْ " ( تث 8: 19) .
ـ وصارت هذه الفترة على منوال واحد ... يترك الشعب الله فيستعبدوا ثم يتوبوا فينقذهم ثم يخونوا من جديد ... وهكذا .
ـ وقد أصبح الشعب يعرف الله فى الحروب فقط والتوبة سطحية ورموز العهد مع الله لا تزال موجودة ولكنها بلا فائدة .
رابعاً : أفراد يحملون الرسالة .
ـ ووسط هذا الارتداد نرى أشخاص حملوا الرسالة بصورة فردية فى الإعلان عن إله إسرائيل للشعوب الأجنبية مثالاً لذلك راعوث .
خامساً : أرض كنعان .
ـ سكن الشعب فى أرض كنعان هو رمز لسكنى الإنسانية فى ملكوت الله وبهذا تكون أرض الموعد هى الأرض التى يسكن فيها الله مع شعبه ليصير الملكوت الرمزى حالة معاشة على مستوى الحقيقة الكائنة فى الرمز إذ أن أرض الموعد التى يسكن فيها مع شعبه فى العهد القديم صارت هى الكنيسة فى العهد الجديد وفى الأبدية وفى السماء وهذه كانت صورة الله فى الملكوت الرمزى .
ختام
ـ ظل الحال هكذا فترة 250 سنة إلى أن جاء صموئيل النبى الذى وجد فيه إمكانية العمل الخلاصى فعمل به لتنظيم وتطهير المملكة ورسم الصورة الواضحة للعلاقة مع الله إلا أن الشعب كان ضعيف الرؤية فطالبوا صموئيل أن يكون لهم ملك مثل باقى الشعوب غير مدركين بأن لهم ملك هو الله نفسه وهو سر قوتهم وتفردهم وسط العالم معتقدين أن سر ضعفهم أنهم بلا ملك وليس أنهم تركوا الله (1صم 7:8-9 ).

لإلهنا كل مجد وكرامة من الآن وإلى الأبد ، آمين.
 
قديم 14 - 08 - 2014, 04:12 PM   رقم المشاركة : ( 5173 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,860

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

معجزة شفاء الرجل المولود أعمى (الأكمه)


وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

مقدمة
كان يسوع يسير مع تلاميذه في الطريق فصادف رجلاً أكمه (مولود أعمى), فسأله تلاميذه:" من أخطأ أهو أم أبواه حتى وُلد أعمى؟" . أجاب يسوع " لا هذا أخطأ ولا أبواه, وُلد أعمى ليتمجد الله فيه". وطلى يسوع عيني الأعمى بالطين وأرسله إلى بركة سلوام ليغسل عينيه. فذهب وغسلهما فعاد بصيراً.
فالجيران شكّوا في أمره ثم تأكدوا أنه هو الأعمى وقد شُفي. والفريسيون حققوا معه ومع والديه ثمَّ طردوه من الهيكل. ويسوع رآه في الهيكل وسأله هل يؤمن به, فعبّر الأعمى عن إيمانه بيسوع.
إن لهذه المعجزة مكانة خاصة بين معجزات يسوع لأنها تطرح أربعة أسئلة بالغة الأهمية وهي: ما سبب الألم في حياتنا ؟
هل معجزات يسوع صحيحة أم وهميّة ؟
من هو يسوع لمن لا يعرفه على حقيقته ؟
لماذا معظم البشرية لا تؤمن بيسوع ؟
نعالج هذه الأسئلة واحداً بعد واحد


السؤال الأول : ما سبب الألم في حياتنا؟
سأل التلاميذ يسوع:" من أخطأ؟ أهذا أم والداه؟" كان التلاميذ يعتقدون كسائر الناس في أيّامهم أن كل مصيبة تحلّ بالإنسان إنما هي عقاب الخطيئة التي ارتكبها أو سيرتكبها. ولذلك فإن جميع أصحاب العاهات خطأة يتحمّلون عقاب خطاياهم. إن سبب الألم في نظرهم هو الخطيئة أو بالأحرى عقاب الخطيئة. هكذا كان أصحاب أيّوب يعتقدون. فلما رأوا أن المصائب قد حلّت به أكدوا له أنه رجل خاطئ يتظاهر بالتقوى ولذلك عاقبه الله وأنزل به هذه المصائب الشديدة في أمواله وأولاده السبعة وجسمه. فاحتج أيوب على تفكير أصدقائه, ولكنه لم يقدّم الجواب الصحيح عن ألمه.
ونتيجة لهذا التفكير إن من لا يخطأ لا ينزل به الألم. عندما نسمع جواب التلاميذ وجواب أصحاب أيوب نتساءل: هل هو صحيح؟ وما مقدار الصحة فيه ؟
إن لدينا ثلاثة أجوبة عن هذا السؤال : جواب الخبرة اليومية, وجواب الكتاب المقدس, وجواب حكمة الله السريّة, وإليكم هذه الأجوبة باختصار. جواب الخبرة اليوميَة: إن الخبرة اليومية تقول إن للألم أسباباً كثيرة غير عقاب الخطيئة, ومن أبرزها الموت والمرض والفقر وكوارث الطبيعة والحروب والاضطهادات والوراثة الطبيعية المشوّهة والإخفاق في العمل وسوء التربية واختلاف الطباع وفقدان السلام في الأسرة والتعديات الظالمة، وغير ذلك من الأسباب الظاهرة والخفية المادية والمعنوية التي لايُحصى عددها لكثرتها. كل هذه الأسباب تُحدث الألم في أجساد الناس ونفوسهم، وهم في كثير من الأحيان أبرياء وضعفاء لا يستطيعون التغلّب عليها والتخلّص منها.
جواب الكتاب المقدس: إن الكتاب المقدس قد تطرّق عدة مرات إلى الحديث عن الألم وبيّن بعض أسبابه. وإليكم أهم هذه الأسباب:
- الشر المتغلغل في قلب الإنسان: إن الشر دفع قايين إلى أن يقتل أخاه هابيل ظلماً, وقد ظهر هذا الشر على شكل حسد أسود قتّال حمله على ارتكاب الجريمة.
- عقاب الخطايا المرتكبة بكثرة: لقد ارتكب الناس في أيام نوح الخطايا الكثيرة فعاقبهم الله بالطوفان وأحرق سكان سدوم وعمورة بالنار والكبريت.
- مقاومة الديانة اليهودية: قاومت هذه الديانة انتشار الدين المسيحي الناشئ وحملت اليهود على رجم اسطفانس واضطهاد بولس الرسول اضطهاداً شديداً.
- حِقْد رؤساء اليهود على يسوع: اضمروا في نفوسهم عليه حقداً أسود فقادوه إلى الوالي الروماني وهيّجوا عليه الشعب وتمكنوا من قتله على الصليب.
- طاعة يسوع لإرادة الله الآب: قَبِلَ يسوع الألم بكل رضى طاعة لإرادة أبيه السماوي لكي يكفّر عن خطايا البشر ويفتح لهم أبواب السعادة الأبدية.
إن هذه الفكرة واردة في الإنجيل ورسائل القديسين بطرس وبولس ويوحنا مرات كثيرة بأساليب متعددة, وقد عبّر عنها بولس الرسول بكل وضوح فكتب:" فمع أن يسوع في صورة الله لم يَعدّ مساواته لله غنيمة, بل تجرّد من ذاته متخذاً صورة العبد وصار على مثال البشر وظهر في هيئة إنسان فوضع نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب".(فيلبي 2/6-8).
- تحقيق مجد الله على الأرض: هكذا وُلد هذا الشاب الأعمى محروم البصر ليصَنع له يسوع معجزة تفتح عينيه فيتمجد بها الله أمام الناس.
جواب حكمة الله السرية: هناك حوادث مؤلمة لم يأتِ الكتاب المقدس على ذكرها ولا تستطيع الخبرة البشرية أن تفسرها. وإليكم مثالاً عنها: أسرة مكونة من أب وأم وأربعة أطفال. الأب عامل نشيط, تقي, محب لأسرته. أصابته يوماً في محل عمله شرارة كهربائية قوية فقتلته فوراً. فأصبحت المرأة أرملة والأطفال أيتاماً وحلَّ الشقاء بهذه الأسرة. فالسؤال الذي نطرحه: كيف سمح الله بأن يُقتل هذا الرجل المعيل لأسرته؟ ليس لدينا جواب عنه. إن هذا الحادث المؤلـم يبقى سراً من أسرار حكمة الله لا يُدركه العقل البشري، ولا جواب له ولا تفسير.
وفي بعض الأحيان، وهذا نادر جداً، يكشف الله لنا عن سر حكمته. وإليكم في هذا المجال حادثاً من حياة القديسة ريتا. تزوجت ريتا شاباً عنيف الطباع شرس الأخلاق عذّبها عذاباً شديداً فأنجبت منه ولدين. وصلّت ريتا كثيراً وتحمّلت كثيراً فقبل الله صلاتها فتغيرت طباع زوجها وامتنع عن ارتكاب المعاصي والتعديات على الآخرين. وبعد موته لاحظت ريتا أن ولديها اللذين بدءا يكبران كانت لهما طباع أبيهما وشراسة أخلاقه وميله إلى ارتكاب الخطايا فصلّت إلى الله وقالت: "يا إلهي خذهما وهما لا يزالان صغيرين لكي لا يكبرا ويهينا اسمك بارتكاب المعاصي" وسمع الله صلاتها فمات الصبي الأول بمرض مجهول. وبعد مدة مات الآخر بالمرض نفسه.هذه حالة نادرة ظهرت فيها حكمة الله بوضوح وهي أن الله قبل صلاة أمهما ليمنع عنهما ارتكاب الخطيئة ويخلّص نفسيهما قبل أن يستسلما إلى الشر المؤدي إلى الهلاك.
ولكن الألم يبقى في كثير من الأحيان سراً لا نعرف سببه, ولا نتوصل إلى إدراك هدفه. ومن ناحية أخرى إننا نؤمن بأن الله أبٌ حنون حكيم, يحب أبناءه ويعتني بهم ولا ينساهم. قال الله في هذا الموضوع: "هل تنسى الأم رضيعها فلا ترحم ابن بطنها؟ لكن لو أن الأمهات ينسين فأنا لا أنساك" (أشعيا 49/15). إن الله لم يشأ أن يطلعنا على كل أسرار حكمته. فليكن اسمه مباركاً حتى في وسط أشد الآلام هولاً.


السؤال الثاني: هل معجزات يسوع صحيحة أم وهمية؟
رأى يسوع الأعمى فطلى عينيه بالطين ليمنع عنه كل رؤية ممكنة وأمره بأن يغسلهما في بركة سلوام, فغسلهما وأبصر. بعدما حدثت هذه المعجزة جرى في شأنها تحقيق من قبل الجيران والمعارف وتحقيقان من قبل الفريسيين فأثبتت هذه التحقيقات الثلاثة أن المعجزة صحيحة لا أثر فيها للغش أو الخداع أو الوهم. وإليكم تفصيل هذه التحقيقات الثلاثة.


تحقيق الجيران والمعارف :
كان الجيران والمعارف يرونه أعمى يجلس ويتسوّل. فلما عاد إليهم وهو يبصر عرفه بعضهم وشك في هويته بعضهم الآخر. وظنوا أنهم يرون شاباً آخر يشبهه. فأكد لهم أنه هو الشاب الأعمى الذي كان يرونه يتسوّل. وسرد عليهم كيف ذهب إلى بركة سلوام وغسل عينيه المطليتين بالطين وشفي من عماه. فلما كانت المعجزة فريدة من نوعها وقد حدثت يوم السبت أرتأى الجيران والمعارف أن يعلموا بها الفريسيين ليطّلعوا عليها ويبدوا رأيهم فيها.
تحقيق الفريسيين الأول :
جرى هذا التحقيق مع الشاب الأعمى أولاً ثم مع والديه, سأله الفريسيون كيف أبصر فسرد عليهم باختصار قصة شفائه. فلم يصدقوا كلامه بل كانوا مقتنعين أن عماه كان حيلة قد لجأ إليها ليتسوّل ويربح المال من دون أن يقوم بعمل متعب.
وأرادوا أن يتحققوا من واقع عماه فاستدعوا والديه وسألوهما عن وضع ولدهما. فأقرّ الوالدان بكل بساطة وصدق أن ولدهما قد وُلد أعمى وأنه كان يتسوّل ليربح معيشته ولكنهما لايعرفان شيئاً عن أمر شفائه.


تحقيق الفريسيين الثاني :
ولما لم يصل الفريسيون مع الوالدين إلى نتيجة ترضيهم قاموا بتحقيق ثان مع الأعمى نفسه. قالوا له: "نحن نعلم أن هذا الرجل خاطئ لأنه يخالف شريعة راحة يوم السبت. أما أنت فإذا كنت أعمى فقل لنا كيف أبصرت؟" فأجابهم:"لقد كنت أعمى وقد شفاني رجل لم أكن أعرفه. إن هذا الرجل لا يمكن أن يكون خاطئاً كما تقولون لأن الله لا يؤيّد الخطيئة والخطأة."
فامتعضوا من جوابه وقالوا له : "أنت إنسان جاهل وقد ولدت في الخطايا وتريد أن تعلمنا؟" وطردوه من المجمع. لاحظوا سوء نية الفريسيين: المعجزة أمر واقع حقيقي واضح ومع ذلك رفضوا أن يقبلوه، هذا مفعول الحقد.
الحقد أعمى قلوبهم فرفضوا الإيمان بقدرة يسوع، مع أن التحقيقات الثلاثة قد بيّنت أن المعجزة التي صنعها يسوع لم تكن عملاً من أعمال السحر، ولا ضرباً من ضروب الخداع و الوهم، بل كانت معجزة حقيقية ثابتة صنعها يسوع فشفى بها الأعمى وبرهن على قدرته الإلهية.
لقد ألّح يوحنا الإنجيلي في سرد هذه المعجزة على ذكر تفاصيل التحقيقات الثلاثة ليؤكد لنا أنها معجزة صحيحة صنعها يسوع الإله القادر على أكبر العاهات سوءاً، وأن كل معجزاته ثابتة وحقيقية على مثال هذه الأعجوبة.


السؤال الثالث : من هو يسوع لمن لا يعرفه ؟
صنع يسوع هذه المعجزة ليقول "من هو" لمن لا يعرفه. الأعمى لم يكن يعرف يسوع فاطلعه يسوع على شخصيته، قال له: "أتؤمن بابن الإنسان؟" أي المسيح المنتظر؟ أجاب الشاب: "بلى، ولكن من هو لأؤمن به؟ "عندئذ كشف له يسوع حقيقته، قال له: "لقد رأيتَه وهو الذي يكلمك"، قال له: "لقد آمنت سيدي وسجد له".
وصنع يسوع هذه المعجزة ليقول للناس أجمعين من هو، إنه نور العالم، قال: "ما دمت في العالم فأنا نور العالم". فيسوع نور العالم بتعاليمه السماوية، وفضائله السامية وحياته المثالية ومحبته الشاملة وشخصيته المشعة الجذابة. فمن آمن به غمره نور هذا المعلم الإلهي ومن رفض الإيمان حُرم بهاء هذا النور وعاش في الظلام.
وقد عبّر يسوع عن هذه الفكرة بأسلوبه الخاص فقال: "جِئتُ لأُصدِرَ الحُكْمَ. والحُكمُ هو أن العُميانَ يُبصرون والذين يُبصِرون يعمون". لقد آمن الأعمى به فأبصر النور.
أما الفريسيون الذين رفضوا أن يؤمنوا به ويعرفوه على حقيقته فأضحوا عمياناً لا يبصرون نور الله ولا يستطيعون أن يسيروا في طريق الخلاص.


السؤال الرابع : لماذا معظم البشرية لا تؤمن بيسوع ما دام نور العالم ؟
لقد مضى على ظهور الدين المسيحي ألفا عام ولا تزال أكثرية البشرية لا تؤمن بيسوع مع أن يسوع قد صنع معجزات مبهرة ثابتة هدفها تمجيد الله وخير الإنسان وبرهن بها على أنه مرسل من قبل الله.
وإني أقول أكثر من ذلك، فإن الدين المسيحي تراجع في أقطار كان سائداً فيها وهو الآن يتراجع في بلدان عُرفت في الماضي بأنها مسيحية تناصر الدين المسيحي بكل قواها. لماذا هذا التراجع؟
إن الجواب عن هذا السؤال عسير و مؤلـم. يقول البعض أن الدين المسيحي صعبٌ، صعبٌ بعقائده وصعب بمطالبه الخلقية وصعب بأهدافه السامية. والإنسان ميال بطبيعته إلى السهولة. فهو يختار الدين الأسهل، ويتكيف مع هذا الدين الأسهل، ويعتبر نفسه أنه أرضى الله وضميره.
إن هذا الجواب صحيح في بعضه وغير صحيح في بعضه الآخر لأنه ينكر ما في الإنسان من نزعة تميل إلى البطولة، البطولة في التفكير، و البطولة في الأخلاق، و البطولة في السعي لإصابة أهداف سامية، بل أهداف مثالية. ولدينا مثَل ألوف الشهداء، الذين ماتوا تحت العذاب ولم ينكروا دينهم لأنهم كانوا أبطالاً.
السبب الحقيقي موجود في مثَل القمح والزؤان ( متى 13 / 24- 30) يسوع زرع القمح الجيد، والعدو أي الشيطان زرع بينه الزؤان. لقد رفض صاحب الحقل وهو الله أن يُقلَع الزؤان قبل القمح بل أراد أن ينبتا معاً إلى يوم الحصاد. عندئذ يفصل الزؤان عن القمح.


ما هو الزؤان ؟ إنه عمل الشيطان.
وهو في الواقع انقسام المسيحيين بعضهم على بعض لأسباب كثيرة، أهمها أسباب سياسية وقومية وفلسفية. لقد نسي المسيحيون خلال التاريخ أن الوحدة هي الشهادة الحقة التي تدعم انتشار الدين المسيحي في العالم. قال يسوع ذلك بصراحة : "ليكونوا واحداً ليؤمن الناس أنك أرسلتني" (يوحنا 17 / 20) ما دمنا منقسمين لا يمكن أن ينتشر الدين المسيحي انتشاراً كلياً. ولدينا شهادة المرسلين عند الوثنيين. فالوثني يسمع تبشير المرسَل الكاثوليكي ويسمع تبشير المرسَل البروتستانتي ولا يعرف أيهما يختار. فيرفض الإثنين معاً.
و الزؤان هو الحضارة المادية المسيطرة على عقول الناس. لقد رفضها يسوع بقوة. قال: "ماذا ينفع الإنسان أن يربح العالم كله ويخسر نفسه" (مرقس 8 / 36). فالحضارة المادية تبعد الإنسان عن الدين وعن كل ما له صلة بالدين وخصوصاً بالدين المسيحي.


أتكون نظرتنا إلى مستقبل المسيحية متشائمة أم متفائلة؟ الجواب يعطيه يسوع نفسه في مثل الزرع الذي ينمو من تلقاء ذاته. (مرقس 4 / 26-9 ) الزارع ينام، ولكن الزرع ينمو ولا يتوقف عن النمو. إن الله أقوى من انقساماتنا وأرفع من ميولنا المادية.

ختام الحديثين
نختم الحديثين عن المعجزات بتوجيه تربوي : كيف يجب على المربي أن يعرض قصة معجزات يسوع على الطلاب في جميع مراحل الدراسة الابتدائية والإعدادية والثانوية؟ هناك أربع قواعد ينبغي له أن يتقيد بها:


1- أن يعرض المعجزة وهو مؤمن بصحة ما جاء فيها من دون أي إشارة إلى نقد أو شك.
2-
ألاّ يكتفي بسرد قصة المعجزة بل أن يستنتج منها النتائج الروحية الحياتية والفضائل المسيحية.
3- أن يبيّن أن هدف المعجزة هو البرهان الحسي عن رسالة يسوع الإلهية وعن حنانه على المتألمين.
4- والقاعدة الرابعة، وهي أهم القواعد، أن المعجزة هي مرحلة فقط تقود الإنسان إلى الإيمان بيسوع، أي أن الإنسان يؤمن لا لأن يسوع صنع المعجزات فقط بل لأنه نور العالم ولأنه الطريق والحق والحياة. وهذا ما قلته في الحديث الأول وأعيده لما له من أهمية روحية. وبذلك تكون المعجزة وسيلة تحمل الطلاب على أن يتعلّقوا بشخص يسوع ويُعجبوا به ويحبّوه


 
قديم 14 - 08 - 2014, 04:14 PM   رقم المشاركة : ( 5174 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,860

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

لنيافة الأنبا رافائيل







في ميلاد رب المجد



وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




إن ميلاد ربنا يسوع المسيح هو حد فاصل في تاريخ البشرية... ويُعتبر أعظم حدث في مسار حياة الإنسان...



ونحن نقف أمام هذا التجسد الإلهي العظيم خاشعين وخاضعين وساجدين كمثل الرعاة والمجوس... ونتأمل في هذا الطفل الإلهي القدوس لنتعلم منه:



1- تقديس الجسد:



فحقيقة أن يتجسد الله معناها أن الجسد محترم ومقدس ومبارك في نظر الله، بدليل أنه لم يستنكف أن يتحد به ويحل فيه ويتخذه جسداً خاصاً له... ويضاف لذلك أن تجسد الله قد عظّم كرامة الجسد وقداسته...



ونحن -المسيحيين- نحترم الجسد ونقدسه كرامة لتجسد الله وإحتراماً لجسد المسيح.



2- تقدير الطفولة:



فمن ينظر إلى وجه الطفل يسوع في حضن أمه، ويتأمل مقدار البراءة والعذوبة لابد أن ينفتح قلبه لمحبة الأطفال... وقد أحبهم السيد المسيح وقدّرهم قائلاً "دعوا الأولاد يأتون إليًّ ولا تمنعوهم لأن لمثل هؤلاء ملكوت السموات" (مت 19 : 14)



وقد أعتبرهم السيد المسيح النموذج والمعيار لدخول ملكوت السموات "إن لم ترجعوا وتصيروا مثل الأولاد فلن تدخلوا ملكوت السماوات" (مت 18 : 3)، "من لا يقبل ملكوت الله مثل ولد فلن يدخله" (مر 10 : 15).





3- الرفق بالحيوان:



لقد شاء رب المجد أن يولد في مذود للحيوان... أراد أن يكون بين الذبائح فهو الذبيح الأعظم... وعندما تدخل لتزور الوليد الجديد ستسمع صوت الأبقار والأغنام والمواشي... وتجد أن نبؤة أشعياء قد تحققت "الثور يعرف قانيه والحمار معلف صاحبه أما اسرائيل فلا يعرف شعبي لا يفهم" (اش 1 : 3)



وكأنه يوجه ذهننا أننا نتعلم أيضاً من الحيوانات... فهذا نتعلم منه الصبر، وذلك الإجتهاد، وآخر نتعلم منه الوفاء... وهكذا...



4- كرامة الإنسان:



الله ارتضى أن يصير إنساناً... فالإنسان إذاً محترم ومبارك جداً... لا يوجد فرق بين جنس وآخر، أو لون وآخر، أو بين فقير وغني، أو ذي مركز مرموق وآخر في مركز بسيط... المهم هو الإنسان... لذلك يعلمنا الله في تجسده أن نُقدّر الإنسان... بِغَضّ النظر عن الرتوش الخارجية... حتى المعوق ذهنياً والمشوه... والإنسان قليل الذكاء... والآخر قليل الحيلة... يجب أن نعرف ونُقدّر ظروف كل أحد... ونتعامل مع الجميع بإحترام وتقدير وحب.



5- قبول الآخر:



لم يُستعلن الله في ميلاده للمؤمنين به فقط بل أيضاً ظهر للمجوس في شكل نجم يقودهم إلى حيث ميلاد المسيح... وكان المجوس من فئة الحكماء الفهماء العلماء... فأراد الله أيضاً أن يشارك الفقراء البسطاء فظهر للرعاة... إن الآخر مهما كانت ظروفه هو موضوع إهتمام ورعاية الله... وهذا يعلمنا أن نقبل الآخر مهما كانت ظروفه، حتى إن اختلف معنا في الدين أو المفاهيم... نحب الجميع ونتعاون مع الجميع دون الموافقة على أفكارهم إن كانت ضد تعاليم الله والإنجيل.



6- منهج المسيح في تغيير عوائد البشر:



لقد أحدث الرب يسوع تغييراً جذرياً في مفاهيم البشر وذلك دون عنف أو صياح أو قتل... لقد سلك بكل وداعة وهدوء واستطاع بقوة أن يغيّر وجه التاريخ، قيل عنه "لا يخاصم ولا يصيح ولا يسمع أحد في الشوارع صوته قصبة مرضوضة لا يقصف وفتيلة مدخنة لا يطفئ حتى يخرج الحق إلى النصرة وعلى إسمه يكون رجاء الأمم" (مت 12 :21-19)...



إنه منهج عميق يعلمنا أن نوقد شمعة بدلاً من أن نلعن الظلام، وأن نعمل عملاً إيجابياً هادئاً عميقاً بدلاً من أن نملأ الدنيا بالصخب والشكاوي والصياح.



هذا قليل من كثير نتعلمه من رب المجد في تجسده الإلهي وميلاده الطاهر.



كل عام وأنتم في ملء بركة إنجيل المسيح


 
قديم 14 - 08 - 2014, 04:16 PM   رقم المشاركة : ( 5175 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,860

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

حينما يحبّك الله يغيّرك في أعماق كيانك.

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

جان لا فرانس





1-
هل اختبرت صداقةً حقيقيّة؟ إنّ رغبتك شديدة في أن يدعوك الناس باسمك. وأنت بحاجة إلى
أن يلقاك شخصٌ آخر لكي تصبح أنت ذاتك.


ويوم تنال
نعمة مودّة حقيقية، ستتغيّر وتتحوّل في أعماق شخصك. وحينما يدخل كائن من لحم ودم إلى
حياتك، فإنه يقلبها ويوليها معنىً آخر جديداً، لأنك قد لقيت شخصاً أقبل إليك وقال لك
كلمات تتطلّب جواباً وتغيّر حياتك كلّها.


لا شكّ في
أنّ أسئلتك وصعوباتك تبقى معك، ولكنك تنظر إليها الآن بشكل آخر. وهذا ما جعل إحدى الفتيات
تقول: "
إن يُحبّ الإنسان لا ينفع شيئاً، ولكنّه أمر يغيّر كلّ شيء".




2-
كذا الشأن حينما يلقاك الله ويوجّه إليك كلمة صداقة. ومحبّة الله هي من القوة والقدرة
بحيث تستطيع أن تردّ إليك بتولية قلبك. تذكّر النبي هوشع مع زوجته البغي ( هو
1/2).


ويتكلّم القدّيس
أوغسطينس عن حبّ الله الذي يردّ الإنسان إلى بتوليته. فالله لا يحبّك لكونك جميلاً،
بل يحبّك لكي تصبح جميلاً. وباستطاعتك أن تتغيّر، وأنت تتغيّر فعلاً، لأنّ الله لقيك
وناداك، ولأنّ حبّه غيّرك.




3-
حبّ الله لك ليس كلمة فارغة بل هي كلمة تحقّق ما تحمله في طيّاتها، إنها كلمة ناجعة
فعّالة. وكما أن اللقاء مع شخص آخر يغيّرك، فاللقاء بإله " يسوع المسيح"
يغيّرك في أعماق كيانك.


فلقد أصبح
العهد بين الله الثالوث وبينك من الشمولية والعمق والواقعيّة بحيث يستحيل من الآن فصاعداً
أن تتحدّث عنه بدون أن تتحدّث عن ذاتك.




4-
ويقول الله: إنّ بيني وبينك رباطاً لا يمكن لشيء أن يحلّه. فأنا إلهك، وأنت ابني. وسيكون
كلّ شيء مشتركاً فيما بيننا: أنا أضع أزليّتي وحياتي وقداستي، وأنت تضع حياتك اليومية
والأرضية وفقرك.


وهكذا يتّحد
وجودك بوجودي، ولن ننفصل أبداً؛ لأني إله ولن أتراجع عن عهدي مطلقاً، فيكون مصير كلّ
منّا من ثمّة مرتبطاً نوعاً ما بمصير الآخر... أجل إنّه إله إبراهيم واسحق ويعقوب،
كما هو إله كلّ فرد منّا؛ ويريد بذلك أن يُفهمنا أنه يربط حياته بحياتنا.




5-
إنّ بينك وبيني شركة في الكيان، فيها تتأصل شركة في النظرة والحبّ. وهذا العهد سيتحقّق
كاملاً في يسوع المسيح بنوع خاص. فانحدرْ، إذاً، إلى عمق قلبك لكي تميّز فيه تيّار
الحياة الثالوثية هذا، الذي يتدفّق منه، ويروي شخصك كلّه.


دع هذه الحياة
الإلهية تغزوك وتحملك إلى حضن الأب، تحت تأثير روح المسيح.




6- وتتأصّل
صلاتك بعمق في هذا اليقين من أنك حليف الله. إنها ليست إرتقاءً عموديّاً يُتيح لك البلوغ
الى الله في تمدّد لا رجاء فيه، بل هي وعيٌّ واضح وفقير، عذب،


وغالباً ما
يكون أليماً، بأنّ الله اختارك مجاناً وأراد أن يربط مصيره بمصيرك: "
لا لأنكم أكثر من جميع الشعوب لزمكم الربّ
واصطفاكم، فانما أنتم أقلّ من جميع الشعوب، بل لأجل حبّه لكم
". ( تثنية 7/7-8 )




7-
والتأمّل هو ذلك الوقت الممتاز الذي فيه تتطلّع حبّ الآب الذي يلدك للحياة البنوية.
فحرّر ابن الله الأسير في عمق كيانك، وأتح له أن يتفتّح بحرية فيك.


فلن تضطرّ من بعد
إلى البحث عن أفكار أو كلمات للتعبير عن صلاتك، إذ يكفيك أن توجد كابنٍ لله، وكيانك
نفسه سيكون صلاة



 
قديم 14 - 08 - 2014, 04:22 PM   رقم المشاركة : ( 5176 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,860

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

نيقوديموس

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الولادة
الجديدة
نيقوديموس اسم يونانيّ ومعناه المنتصر على
الشعب. فرّيسيّ وعضو في مجلس السنهدريم ومعلّم في الشريعة ووجيه من وجهاء الشعب.
تخبرنا الأناجيل عنه أنّ التقى يسوع ليلاً وكان بينهما حديث روحي. ويغيب عن الرواية
الإنجيليّة ليظهر ثانيةً مع يوسف الرامي لدفن يسوع
المصلوب.

الموقف الأوّل :
اللقاء الليلي. التقى نيقوديموس يسوع
شخصيّاً ليفصل بين الحقيقة والإشاعة. فقد سمع الكثير عن المسيح، وكان ما سمعه
متضارباً. وأراد أيضاً أن يعرف المزيد عن ملكوت الله. فكلّ ما كان يعرفه هو أنّ
الملكوت مخصّص لليهود فقط.

نيقوديموس معلّم حقّاً. ومن صفة المعلّم
الحقيقيّ أنّه لا يكفّ عن التعلّم حتّى من نجّارٍ ناصريّ. لقد اكتشف أنّ الملكوت
شخصيّ وليس لشعبٍ حصريّ. والدخول فيه يتطلّب توبةً حقيقيّة وولادةً ثانية روحانيّة.
والحال، قد يعتقد المسيحيّ أنّه يعلم كلّ شيء، لكنّه لا يزدري باقي الناس، سواء من
ملّته أو من ديانةٍ أخرى، ويرى أنّ في حياتهم الروحيّة خبرة يمكنها أن تغنيه. فالله
يحبّ جميع الناس، وروحه القدّوس يعمل في كلّ شخصٍ له إرادة صالحة. أمّا الروح القدس
الساكن في المسيحيّ فيساعده على التمييز بين الحقائق الّتي يعلنها الآخرون، ويميّز
الصالح فيها والطالح.

الموقف الثاني :
نيقوديموس يدافع عن المسيح في السنهدريم.
حين أدرك نيقوديموس أنّ يسوع هو المسيح، تكلّم بجرأةٍ وشجاعة في السنهدريم حين
هاجمه اليهود مخاطراً بسمعته ومركزه ودافع عن يسوع. «أتسمح لنا شريعتنا بأن نحكم
عليه بدون سماع دفاعه أوّلاً لمعرفة ذنبه؟» (يو 7: 51).

إنّ الله يريد أن يستعملنا لنكون له شهوداً
للحق. وقد يمسّ الله من خلالك مَن تظنّ أنّهم لن يتجاوبوا معك أبداً. وهذا لا يتمّ
إلاّ إذا سلّمت ذاتك له، وبحثت عن الحقيقة في كلّ مكان.

الموقف الثالث :
نيقوديموس يدفن يوسع. بعد موت يسوع، أحضر
نيقوديموس طيوباً، وقام بدفنه كما يليق غير خائفٍ من العواقب الناتجة عن فعلته هذه،
بينما هرب التلاميذ مع أنّهم لا يملكون منصباً يخشون فقدانه. وهذا يبيّن استمراريّة
نيقوديموس في النموّ الروحيّ وقد وصل حينا إلى الشهادة حتّى وإن كان الثمن
استشهاداً.
حين نخاف تأدية الشهادة للمسيح، نحاول أن نختلق الأعذار. ولا نريد أن
نقرّ بالسبب الحقيقيّ وهو أنّنا لا ننمو حقّاً في الروح، بل نعيش حياةً سطحيّة،
ونأمن لتقويّاتٍ لا نسمح لها بالتغلغل إلى أعماقنا، تماماً كما كان حال التلاميذ
قبل العنصرة.





وأخيراً يا صديقي: أيّ موقفٍ من هذ المواقف
الثلاثة تعيشه أو عشته، وما الّذي ينبغي عليك أن تفعله؟
 
قديم 14 - 08 - 2014, 04:27 PM   رقم المشاركة : ( 5177 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,860

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

العناية الإلهيّة

الأب سامي حلاق

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة حين نرى شقاء البشر، يبدو لنا الله صامتاً ساكناً لا يتحرّك ولا يتدخّل. فأين هي إذاً العناية الإلهيّة؟

الله أب

إن أوّل صفة نُطلقها على الله في قانون الايمان هي أنّه أب. إنه أب قبل أن يكون ضابطاً للكل أو خالقاً. وهو يضبط الكل ويخلق انطلاقاً من طبيعته الأزليّة، طبيعة الأب. والأب في جميع الثقافات هو المسؤول عن عيش الأسرة. إنّه يؤمّن لها ما تقتات به. ويصف يسوع الأب البشريّ ويقول إنّه يُعطي الهبات الحسنة لأولاده: الخبز والسمك والبيض. ولا يُعطي أبداً ما هو رديء كالحجر والحيّة والعقرب (لو11/11). فإذا كان الأب البشريّ يتصرّف على هذا النحو، ألا يتصرّف بطريقةٍ أسمى مَن تأخذ منه كلّ أبوّةٍ معناها وجوهرها؟ لهذا السبب نقول في الصلاة التّي تختصر جميع الصلوات: أبانا ... أعطنا خبزنا كفاف يومنا. وعلى هذا الأساس أيضاً، يُعلن يسوع على الملأ في عظته على الجبل: "لا تهتموا فتقولوا: ماذا نأكل؟ وماذا نشرب؟ وماذا نلبس؟ ... أبوكم السماوي يعلم أنكم تحتاجون إلى هذا كلّه ... لا يهمّكم أمر الغد، فالغد يهتّم بنفسه" (متى 6/31-34).

إنّ هذا النصّ يثير الجدل والتساؤل بمقدار ما تثيره عبارة: "مَن لطمكَ على خدّك الأيمن فاعرض له الآخر" (متى5/39). كيف لا نهتمّ للغد وآلاف الأطفال يموتون جوعاً وعشرات الآلاف يجور عليهم الزمن، فيعيشون في ظروف لا إنسانيّة، ويفعلون أبشع الشرور؟ كيف لا نهتمّ للغد ومئات الآلاف من الأُسَر تفلِسُ نتيجة التكاليف الباهظة لعلاج أحد أفرادها ...

يقول بعضهم: علينا ألاّ نفهم كلام المسيح هذا حرفيّاً. كيف نفهمه إذاً؟ فما نراه، ما نلمسه، ما نختبره واضح بيّن: إنّ الله الآب يترك الحبل على الغارب. إنّه يترك الأمور تسير على هواها، ولا يتدخّل لعمل المستحيل. صحيح أنّ الناس يكلّمونا على معجزاتٍ تحدث هنا وهناك، ولكنّها تحدث دوماً للآخرين وتُحبَسُ عناّ مع أننّا في أمسّ الحاجة إليها؟ قد يكون الله أباً، لكنّنا نشعر في محنة الألم أنّه تركنا، كما ترك البنه الوحيد يُصلَب. فما اختبره يسوع من ترك الأب يختبره كلّ إنسان، في الماضي أو في الحاضر. وخير برهانٍ على ذلك هو صراخ العبرانيّين في بلاد السبي. والمزامير تنقل لنا صدى هذا الصراخ بأمانةٍ:

"قد كان لي دمعي خبزاً نهاراً وليلاً، إذ قيل لي طول يومي: أينَ إلهكَ؟" ... أقول لله صخرتي: لماذا نسيتني. ولماذا أسير بالحداد من مضايقة العدوّ؟ عند ترضّض عظامي عيّرني مضايقيّ بقولهم لي النهار كلّه: أينّ إلهك؟" (مز 42)

الآب وشعبه

لا يكتفي الكتاب المقدّس بالكلام على العناية الأبويّة لكلّ واحد منّا، بل يتكلّم أيضاً على رعاية الله لشعبه. فحين نقرأ العهد القديم، تظهر لنا صورة إلهٍ يتحكّم بالتاريخ، فيعاقب الشعبَ ابنَه أو يخلّصه بحسب سلوك هذا الشعب. ويبدو أنّ كلّ ما يحدث يصدر من الله. الموت كما الحياة. فنبوخذنصّر الذي أتى ليدمّر أورشليم ويسبي الشعب هو مبعوث من قبل الله. وبعد 70 سنة، يجسّد قورش رحمة الأب ورعايته فيعيد اليهود إلى أرضهم. فهل تاريخنا، تاريخ البشرية، لعبة في يد الله؟

لا! فالانسان لم يفقد قطّ قدرته على ارتكاب الخطيئة أو التوبة. ومع ذلك، ما من شيءٍ يتّم بدون علم الله. ومن هذا المبدأ ينطلق الاحتجاج. احتجاج ضحايا الزلازل، واحتجاج أهل الطفل المُتألّم من المرض العُضال. كم من الناس فقدوا إيمانهم لأنهم لم يستطعوا الجمع بين فكرة الإله المحب القادر على كلّ شيء، وأحداث الحياة التّي تسقط فيها آلاف الضحايا الأبرياء؟ أيّ إلهٍ هذا، أيّ أبٍ هذا؟ يرى أبناءه المسيحيين يُذبَحون في موجات الاضطهاد ولا يفعل شيئاً؟ وإذا كانت هذه المجازر عقاباً، أيّ إثمٍ عظبمٍ ارتكبه المسيحيّون لينالوا عقاباً كهذا؟

إنّ هذه التساؤلات ليست جديدة ولا بنت اليوم أو الأمس. فكاتب سفر الجامعة يلاحظ أنّ مصير البّار والشّرير واحد. وسفر أيّوب صرخة احتجاج على ألم البار، صرخة أمام معضلة لن تجد لها حلاً إلاّ في آخر السفر. وبين الصرخة والإجابة، يقوم السفر بمسح كلّ تصّوراتنا الخاطئة عن الله. فهو أب ولكنّ أبوّته تختلف عن معرفتنا لها. إنّه محبّة لكنّ محبتّه تفوق إدراكنا.

كلام فارغ ولكن!

" يا بني تحمّل هذا المرض فالله يُجرّبك به ليمتحن محبتك له". " هل مات ابنكما غرقاً، لقد دعاه الله إليه". هل أفلستَ؟ إنّ الله يريد أن يُجرّدكَ من الخيرات الأرضية ليبيّن لك بطلان هذه الدنيا". " هل صليتِ بكل قواكِ كي لا تحلّ بكِ هذه المصيبة، ومع ذلك حلّت بكِ؟ لا بدّ وأنكِ لم تُحسني الصلاة". كلّنا سمعنا أقوالاً كهذه وغيرها من الجمل التّي تتكلّم على العقاب الإلهي.

إلاّ أنّ هذه العبارات تتضمّن حكمةً سليمة، حتىّ وإن تمّ التعبير عنها بطريقةٍ خاطئة. والحكمة هي أنّك لستَ وحدك في معاناتكَ. فعندما نقول لشخصٍ: لا علاقة لله بما تعانيه، يشعر بأنّه في عزلةٍ قاتلة لا تطاق. فحين يقول انسان: إنّ الله يعاقبني، يعلن بين السطور أنّ الله هنا، حاضر في ألمي، ويتعامل معي.

إنّ الكتاب المقدّس يكشف لنا سرّ هذا اللغز، إي الألم والمعاناة، من خلال الضبابيّة التي نعيشها في أفكارنا ونظرتنا الواهمة إلى الأمور، حتّى يصل بنا إلى الابن الذي يعلن عن نفسه ويقول: "أنا هو الحق". وعلى الرغم من إعلان الابن هذا، فإننا لم نبلغ الحقيقة بعدُ. صحيح أنها أعطيَت لنا بالمسيح، لكن المسيح ظلّ غامضاً بالنسبة إلينا، ولا نستطيع أن ننظر إليه" كما هو" (1يو 3/2). لذلك يقودنا الروح إلى الحق (يو 16/13).

وبانتظار أن يساعدنا الروح على اكتشاف الحقيقة، يحقّ لنا، بل لا بدّ لنا، من طرح تساؤلاتنا حول صمت الله وسكونه أمام بؤسنا وشقائنا. كيف لا يغيث الضابط الكل، الكلّي المحبة، إنساناً في حالة خطر؟ أين هو ذلك الأب الذي يعطي الخبز لا الحجر والّذي لا يجعل سائله ينتظر بل يسرع إلى إنصافه (لو 18/7-8 )؟ فالمسألة مهمّة لأنّها تخصّ علاقة الله بالتاريخ وبالعالم وبكلّ واحد منّا. وكلّ هذا ينصبّ في اللاهوت المسيحيّ تحت عنوان: "العناية الإلهية".

العناية الإلهية والخلق

إنّ العناية الإلهيّة لا تقودنا إلى البداية بل إلى البدايات التّي تصف علاقتنا بالآب. لماذا نقول: "بدايات"؟ لأنّ كلّ ما يفعله الله لأجلنا يصحِّح ويجسِّد يوماً بعد يوم العبارة البدئية التي قالها الله لكلّ واحدٍ منّا: "كن". فأبوّة الله تاريخ. ومن هنا يأتي الالتباس، لأننا لا نستطيع أن نقول أنّ ما يحصل هو من العناية الإلهيّة، أي تمّ بمشيئة الله وفعله. فالله غير مسؤول عن أيّ مسبّب للألم أو الموت. بل لنقل إنّ آلامنا وموتنا تمسّ الله. فهو ضحية، سواء لشرّ سببته آليّة عمياء أو لشرّ ناجمٍ عن فساد البشر. ومع ذلك، يظلّ مصدر الشرّ غامضاً، وكلّ محاولةٍ لشرحه تظلّ ناقصة، لكننا نؤمن بأنّ المحبّة بريئة من "سرّ الظلم". فحين ينجرح قلب انسان ينجرح قلب الله.

من جهةٍ أخرى، حين خلق الله العالم، وضع بين يديّ الإنسان كلّ شيء وقال له: "املأوا الأرض وأخضعوها" (تك 1/28). فكلّ شيءٍ يخضع إذاً لحرّيّتنا. وعناية الله تعمل بوساطة الانسان. فعلينا نحن أن نسود ونسيطر على عناصر الشّر والموت. بمعنى آخر، حين خلقنا الله، خلق إنساناً خالقاً. كلّ خير يأتي منه يمرّ من خلالنا إلى الآخرين وإلى الخليقة. وتتمّ الأمور وكأنّ الله لا يتدخّل في عالمنا، وكأنّ تدخلّه مرهون باختيارات الحريّة التي منحنا إيّاها. حين نسعى إلى العناية باختياراتنا الاجتماعيّة والعلاقيّة ... يكون الله عناية. وحين لا نسعى إلى العناية، نمنع الله من أن يكون عناية. فعلى مقولة: المحبة الأبويّة بين يديّ، ومن خلالي أراد آخر أن تكون، يمكننا الإجابة: من خلالي، هناك آخر سيعتني بكَ.

ما الذي يعطيه الله؟

لنعد إلى مسألة الأب الّذي يعطي ابنه رغيفاً أو سمكة (لو 11/9-13). هذا المثل تطبيق لصلاة الأبانا. إذا كان الأب الأرضي يعطي الخبز لا الحجر وسمكة لا حيّة ... كم بالحري يعطي الأب السماوي! ما هو هذا الكَم؟ إنّه ليس زيادة في عدد أرغفة الخبز أو كميّة السمك. فعطاء الله لا يهتمّ باحتياجاتنا المادية الدنيويّة لأن أبانا الأرضيّ هو الذي يتكفّل بذلك؛ أبانا الجسديّ وكلّ مَن يعتني بنا ومن خلالهم تأتينا عناية الآب السماوي. أما ما يعطينا أبونا السماويّ إيّاه مباشرة وبدون وسيط فهو الروح القدس. "فما أولى أباكم السماويّ بأن يمنح سائليه الرّوح القدس" (لو 11/13). بمعنى آخر، الله يعطي ذاته، لأنّ الروح القدس هو روح الله. إنّه يعطي الروح المحرّر من الشرّير؛ روح المحبّة. فالروح هو الخبز الواهب الحياة الذّي يتجدّد يوميّاً. وهو السمكة التي ترمز إلى المسيح في الإنجيل كما في زمن الكنيسة الأولى. وهو البيضة التي ترمز إلى الأصل وإلى المبدأ. فحين يعطي الله الروح يعطي نفسه بكاملها لأن الله روح. وما خلا ذلك فهو زيادة. "اطلبوا أولاً ملكوت الله وبرّه وهذا كلّه يُزاد لكم" (متى1/33).

يبيّن النصّ الذي ذكرناه من إنجيل لوقا أنّه مهما سألنا الله من أمور، فهو يجيبنا إجابة واحدة: يعطينا روحه. وبالتالي نستنتج ونقول: إنّ العناية الإلهيّة هي إعطاء الروح مراراً وتكراراً. تكراراً لأنّ هذه العطيّة هي كالمنّ، عليها أن تتكرّر بلا انقطاع. فالروح لا يمتلك نفسه، إنّه يهب ذاته في كلّ لحظة، وفي كلّ لحظة علينا أن نستقبله. الروح كالمَن، لا يمكن تخزينه كما نخزّن ممتلكاتنا، فهو للاستهلاك اليوميّ. إذا كان الأمر كذلك، لماذا نسأل الله الصحّة والعمل والنجاح ...؟

اسألوا تعطوا

" لا تكونوا في همّ أبداً، بل ارفعوا حاجاتكم إلى الله كلّما صلّيتم وابتهلتم وحمدتم" (غل 4/6). بمعنى آخر، عبّروا عما يجيش في داخلكم من مشاعر حتّى وإن كان الله يعلم ما أنتم بحاجة إليه. قولوا له ما تريدونه. إنّكم لن تخبروه أمراً جديداً، ولكنّكم بكلامكم هكذا تقرّون بأنّه مصدر كلّ خير. وما هي خلاصة ما نطلبه؟ أن نعيش، أن نعيش في حال أفضل، أن نعيش ملء الحياة. ونحن نسأل المحبّة نفسها أن تهبنا ذلك، متخلّين أمام الآب عن كلّ ما فينا من غضب وعنف وطموح وطمع وحتّى عن كلّ ما لدينا من احتياج. علينا أن نكون عراة أمام الآب. وكلّ موقف يخالف ذلك هو رياء.

ويستجيب الآب لطلباتنا فيمنحنا الروح القدس. إنّه لن يتدخّل بطريقة معجزيّة ليحرّك المقود كي نتفادى حادث سيارة. وسيستمرّ المستبّد في استبداده، ولن تختفي المجاعة ولن يزول الظلم. إلاّ أنّ المصلّي ينال روحاً بحسب احتياجه. روح يجعلنا قادرين على التعامل مع حياة طويلة أو قصيرة، صحّة أو مرض، نجاح أو إخفاق ... فعمل الروح لا يقتصر على تدبير الأمر، بل استعمال الأوضاع الكارثيّة التّي نجد أنفسنا فيها كي نعيش انطلاقاً منها محبّة أعظم، انطلاقاً من وضعنا وحالنا، بما فينا من قوّة وضعف. فالروح يُعطى لنا كي نبني أنفسنا أكثر فأكثر لنكون على صورة الله ومثاله.

فلننظر إلى المسيح القائم من بين الأموات. فقد استعمل كلّ شرّ الإنسان ووحشيّته وكبرياءه ونزواته وعماه ... ليحعل المحبّة التي تحرّرنا برّاقة. إنّه محرّرنا. حتىّ الموت أزاحه فبرزت الحياة. لم يتدخّل الآب ليوقف كارثة الصليب. بل نُبِذَ هو بأبوّته. لكنّ المحبّة أقوى من الموت، والعناية الإلهية قيامة
 
قديم 14 - 08 - 2014, 04:33 PM   رقم المشاركة : ( 5178 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,860

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

منذ ظهور المخلص ...أ ُبيد الموت!:


وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

القديس أثناثيوس الرسولي



إن كان الموت يدُاس بعلامة الصليب وبالايمان
بالمسيح
,

فواضح امام محكمة الحق أنه ليس احد آخر سوى
المسيح نفسه


هو الذى
احرز الانتصار على الموت واوهنه
.



وإن كان الموت سابقآ قويآ وبالتالى مفزعآ ,

فأنه بعد مجيئ المخلص وموت وقيامة الجسد ,صار
محتقرآ


مما يتضح
أنه قد أبُيد وغلب بواسطة المسيح نفسه الذى صعد على الصليب
.



لانه كما تشرق الشمس فى أعقاب الليل ,وبها تستنير
كل أرجاء الارض
,

ولاشيئ منها يضل مظلمآ على الاطلاق ,إذ الشمس
نشرت النور فى كل مكان وبددت الظلام
,.



هكذا بعد أن احتقر الموت ووطئ بالاقدام ,

منذ ظهور المخلص فى الجسد بخلاصه وبالموت على
الصليب


فمن
الواضح أن المخلص نفسه الذى ظهر فى الجسد و أباد الموت


هو الذى
يظُهر أيضآ فى تلاميذه كل يوم الغلبة على الموت.


عن كتاب
تجسد الكلمة للقديس
)أثناثيوس
الرسولي
(




 
قديم 14 - 08 - 2014, 04:38 PM   رقم المشاركة : ( 5179 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,860

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

?يسوع هديّة ومسؤولية?
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
لقد اقتربنا من عيد الميلاد، وبهذا القرب، قربت الاهتمامات،
الشجرة، المغارة، الزينة الخ? وبالآخر نخنق الطفل. مثل قصة الذين فرحوا
بولادة ابن لهم فعملوا له احتفال وبدأ المدعوّين الكثر بالحضور، وعندما لم
يعد هناك متسع للمعاطف في الصالة بدأوا بوضع معاطفهم على السرير وذلك فوق
الطفل، فانتهى الاحتفال واختنق الطفل? احتفال بالمولود يصبح احتفالاً
يحتفل كل واحد بنفسه يضيع المولود.
ونحن في كثير من الأوقات، عيد الميلاد عندنا هكذا. في أعياد الميلاد، نصلب يسوع ولا ننتظر الجمعة العظيمة.
يفصلنا عن عيد الميلاد أحدين. الأحد المقبل البيان ليوسف، ثم أحد النسبة وبعدها عيد الميلاد الذي يصادف هذا العام يوم أحد.
سنطرح موضوع ?يسوع هدية ومسؤولية? من خلال هذه الأناجيل الثلاثة. بيان يوسف، النسبة وميلاد يسوع.
إذا قرأنا بحسب متى، نلاحظ أن الليتورجيا قلبت النصوص.
فالنسبة تأتي في الإنجيل قبل البيان ليوسف الذي مرّ قبلها في الليتورجيا.
ولكن متى والكنيسة لم يعملوا هذا عن جهل، فكل شيء له منطقه. نقرأ أو نتأمل
أولاً في ترتيب متى، النسبة ثم بيان يوسف:
?كتاب ميلاد يسوع المسيح: ابْراهيم
وَلَدَ اسْحق واسْحق وَلَدَ يَعْقوب ويَعقوب ولَدَ يَهوذا واخوَتَه
ويَهوذا ولَدَ فارَص وزارَح مِن تامار وفارَص ولَدَ حَصْرون وحَصْرون
ولَدَ أَرام وأَرام ولَدَ عَمِّيناداب وعَمِّيناداب ولَدَ نَحْشون
ونَحْشون ولَدَ سَلْمون وسَلْمون ولَدَ بُوعَز مِن راحاب وبوعَز ولَدَ
عوبيد مِن راعوت وعُوبيد ولَدَ يَسَّى ويَسَّى ولَدَ المَلِكَ داود وداود
ولَدَ سُليمان منِ أَرمَلةِ أُورِيَّا وسُليمان وَلَدَ رَحَبْعام
ورَحَبْعام ولَدَ أَبِيَّا وأَبِيَّا ولَدَ آسا وآسا ولَدَ يوشافاط
ويوشافاط ولَدَ يورام ويورام وَلَدَ عوزِيَّا وعوزِيَّا ولَدَ يوتام
ويوتام ولَدَ آحاز وآحاز ولَدَ حِزْقِيَّا وحِزْقِيَّا ولَدَ مَنَسَّى
ومَنَسَّى ولَدَ آمون وآمون ولَدَ يوشِيَّا ويوشِيَّا ولَدَ يَكُنْيا
واخوَتَه عِندَ الجَلاءِ إلى بابِل وبَعدَ الجلاءِ إلى بابِل، يَكُنْيا
ولَدَ شأَلْتَئيل وشَأَلْتَئيل ولَدَ زَرُبَّابَل وزَرُبَّابَل ولَدَ
أبيهود وأبيهود ولَدَ أَلْياقيم وأَلْياقيم وَلَدَ عازور وعازور ولَدَ
صادوق وصادوق ولَدَ آخيم وآخيم ولَدَ أَليهود وأَليهود ولَدَ أَلِعازَر
وأَلِعازَر وَلَدَ مَتَّان ومَتَّان وَلَدَ يَعقوب ويَعْقوب ولَدَ يوسُف
زَوجَ مَريمَ الَّتي وُلِدَ مِنها يسوع وهو الَّذي يُقالُ له المسيح.
نلاحظ في هذا الإنجيل ذكر اربع نسوة: تامار، راحاب، راعوت
وبتشابع (امرأة أوريا). اربع نسوة مذكورة في سلالة يسوع إذا استثنينا
مريم. ثم يقول ?يوسف رجل مريم?.!! وفي تلك الأيام لم يكن طبيعيّاً أن
يعرّفوا الرجل بامرأته: رجل مريم!! وفي تلك الأيام ?زوجها تاج رأسها?.
ومَن هوَ: هو يوسف ابن داود. ومَن هي مريم: هي بنت الناصرة، ?التي لا يخرج
منها شيءٌ جيّد?. ومع هذا يعرّفون أن ابن داود على أنّه رجل بنت الناصرة.
هذا مهمّ جداً فلنرى إلى أينَ سنصل.
واكثر من هذا: ?ابراهيم ولد اسحق? ويعقوب ولدَ يوسف رجل مريم التي وُلِد منها
يسوع الذي يُقال له المسيح?. والصدمة الثانية أن يوسف لا علاقة له ايضاً
بالمسيح. متى يسرد نسب يوسف لا نسب مريم ثم يصل إلى أن لا علاقة له.
ملاحظة، ذكر النساء في هذا الإنجيل، يعنى أن يسوع هو ابن
الأمم ايضاً وليس فقط ابن اليهود لأن تلك النساء كنّ غريبات عن اليهود،
وليس أبداً لأنهن خاطئات، فراعوت لم تكن ابداً خاطئة بل هي فاضلة?
إذاً، كيف يسوع هو ابنُ داود وابراهيم وليس هوَ ابنُ يوسف.
نقف هنا وللنتقل إلى النص الثاني: البيان ليوسف.
مريم حامل، ويوسف رجل بار، أي يطبّق الشريعة. وما تقول
الشريعة: رجم. ويوسف يقع بحيرة وهذا يعني أنّه لا يشكّ بالزنى، وإلاّ لكان
رجمها. وعند يوسف مشكلة أخرى? لم يعد يعرف كيف يكونُ باراً. لا يجرؤ أن
يرجمها لأنّه لم يصدّق أنّها زانية ولا يجرؤ على طلاقها حسب الشريعة، لأن
الشريعة تقول إذا طلّقها، يعطيها كتاب طلاق، وهنا سيُسأل عن الصبي، او
يكذب ويقول انّه ابنه أو يقول زانية وعليه بالتالي أن يرجمها.
هذا الإنسان وُضعَ في وضع محرج، تجرّدَ من كلّ إمكاناته، ليس
المرجع وليس الوالد، لم يعد يعرف كيف يكون بارًا، فهمَّ بتركها سرّاً.
فأتى الملاك وقال له: ?يا يوسُفَ بنَ داود، لا تَخَفْ أَن تأخذَ مريم امرأَتَكَ فالمولودُ فيها إنّما هوَ مِنَ الرُّوحِ القُدُس. وسوفَ تَلِدُ ابناً فسَمِّهِ يسوع?. لمّا قال له سمّه، أي أنا أعطيكَ دور الأب.
لاحظوا كيف صار يسوع هديّة.
يسوع صار هديّة للإنسانية
لأنه في العمق ليس ابن مريم ولا يوسف، هذا بالشكل الطبيعي، الله أعطاه
لمريم، ليس لمريم أي دوربوجود يسوع في أحشائها كما أنه ليس أي دور ليوسف
لتحملّ مسؤولية الأبوّة. الله كلّفه بهذه المهمة.
أي يسوع هوَ هديّة لمريم ويوسف، واكثر من هذا، هو هديّة للبشرية.
يسوع، أتى عطيّة من الله وليس من قوّة السلالة، أتى عطيّة من
الله وفي نفس الوقت عطيّة تحقّق الوعود. الله كلّف يوسف بتحملّ مسؤوليّة
الأبوة كما كلّف مريم بمسؤولية الأمومة. وهذه الهديّة بالذات جعلت كل حياة
هذين الشخصين، يوسف ومريم، مربوطة بهذا الولد. هربوا إلى مصر، عادوا الى
الناصرة بدل ان يذهبوا الى بيت لحم وهكذا? هذا الولد ليس اية هدية للتسلية.
هذه الهديّة اسمه يسوع.
فلنرى من هوَ هذا الطفل الذي اسمه يسوع:
هوَ كلمة الله:
أي هو الكشف الحقيقي لحقيقة الله. الله الذي نتمنّاه هو غير الله الذي
كشفه لنا يسوع. الله الذي اتمنّاه هو الله القدير الجالس فوق ويرى كلّ شيء
ويعرف كل شيء وبيده كلّ شيء، وهكذا يقدر أن يحميني بعصاته التي تطال
الأرض. هذا هو الله الذي أتمنّاه. وأتمنّى أيضاً الله الذي يمهّد لي
الطريق لأؤمّن مصالحي، بعبّد لي الطريق.
الله الذي أتمنّاه أريده محارب ?خلّصنا من أعدائنا ومن
جميع مبغضينا?. هذا ما قاله زكريا في نشيده. الله أتمنّاه على صورتي، يحقد
على الذين احقد عليهم، يقتل مَن اريد قتلهم عليهم، ويخرب بيت من أريد أن
تُخرَب بيوتهم?
طبيعيّاً هذا هوَ الإله الذي اتمَنّاه وهذه الصورة في بعض
الأماكن عن الله في العهد القديم. فأتى يسوع ليقول لي. الله الذي مثل قيصر
ليس موجوداً، لا تفتش على إله مثل قيصر، اي تبرطله لتحصل على مراكَز،
تبرطله بقليل من الصلوات? توزع صورة عشر مرات ولا تعود تُحرَق ولا تغرَق?
يسوع اتي يقول لك، هذا الإله لا وجود له، الله الموجود هو
الله على شاكلة طفل بالمزود، اي الله الذي قبل ليس فقط ان يكون مسؤولا
عنّك، بل ان يصيّرك انت مسؤولا عنه، الله الذي قبل أن تضعه على ظهر حمار
وتهرب به على مصر. هذا الإله الذي أنتَ تنتظر منه أن يعمل معركة من أجلك
أتى يقول لك، انت مسؤول عنّي، هذه الهدية من الله.
واليوم وأنتَ مسؤول عن القربان الذي تتناوله. احياناً كثيرة
أفرح بالنعمة ولكن هل أقدّر على ما قد حصلت ومَن أحمل. تصوَّر إنّكَ تحمل
يسوع وتسير في الطريق وتعمل وتعيش على هواك. ما صورة الناس عنّك، أي صورة،
معقول انتَ حامل يسوع؟
إذاً يسوع كلمة الله الهديّة، هوَ يسوع كلمة الله الدعوة.
الدعوة لتعود انتَ وتصير على صورة الله، وتتحرّر من الله الذي خلقته على
صورتكَ.
تتحرر من الله الذي خلقته على صورتك لتدخل بعبادة الله الذي خلقك على صورته، وصورته تعرفها بيسوع المسيح.
الله الذي خلقته على صورتك، في النهاية مشكلة، لكن أذا انتَ
اسمك فلان وتطلب منه ان يضرب فلان آخر، وهو مثلك يضرب وساعدها الفلان
الآخر ممكن ان يطلب نفس طلبك.
الله الذي عرّفكَ عليه يسوع المسيح ليس هكذا.
هو يقول لكَ أعرف أنّكَ ستضربني لكنّي سأموت لأجلكَ، انقلبت كلّ القصّة.
وكلّ همّه ليجعلك تعمل مثله. انتبهوا أعطانا الله ابنه
هديّة، وهذه الهديّة اوسع بكثير ممّا نتصور، هذه الهدية لها وجه ثاني.
أعطانا هديّة ابنه وأعطانا بهذا الإبن، هديّة أننا نصير أبناؤه. وعندما
تكون ابن تكون شريك في المسؤولية.
انت لا تحمل ايّة مسؤولية، أنتَ حامل نفس المسؤولية التي
يحملها الإبن الوحيد يسوع المسيح. حمّلكَ يسوع المسيح الهديّة لما جعلك
ابن الله، حملّك مسؤولية الإبن.
انتَ اليوم حامل المسؤولية ذاتها التي يحملها يسوع المسيح.
مع التأكيد أنّ يسوع يعرف أنّكَ خاطئ، وليست هذه مشكلته معك،
مشكلته معك أن لا تقبل ان تكون ابن وتترك بيت الآب، لكن يبقى دائماً عنده
امل انكّ ستعود، لكن المشكلة إذا أنت قرّرت ألا تعود مثل الإبن الكبير
هناك المشكلة، وهذا هو التجديف على الروح القدس بأن ترفض أنتَ البنوّة لأن
روح الله هو الذي يصرخ فيك: ?أبّا، أيها الآب?.
إذاً، انتَ حامل مسؤولية الإبن، بمعنييَن: أنتَ تحمل مسؤولية يسوع في العالم، انتَ مسؤول عنهُمسؤول معه. لئلا يجدّف على اسمه بسببكَ. وفي نفس الوقت مسؤول مسؤولية الإبن أي كونك إبن أي
لاحظوا كم أن ابن الله يعظّم الإنسان بعمليّة التجسّد.
وهنا نصل إلى الشيء الأصعب: أنتبهوا:
سمعتم بالثالوث الأقدس، سرّ الثالوث الأقدس:
أنا إنسان وفلان إنسان آخر. هو إنسان آخر.
الآب إله! الإبن؟ إله آخر؟ انتبهوا!! مشكلة ماذا نقول؟؟؟ الفرق، انا إنسان وانتَ إنسان آخر. لما اتكلّم عن الثالوث اقول شيئاً آخر. الآب إله والإبن آخر في الألوهة.
لنوَضّح:
الآب إله، الابن إله، الروح إله.
آب، ابن وروح قدس إله واحد. لا اقدر أن أقول إله وإله آخر. لأنه إله واحد.
ومن ناحية أخرى الآب هوَ الإبن؟ الإبن هوَ آخر من حيث الألوهة!
الفكرة هي: هو إله مثل الآب وبنفس صورة الآب لكن هو آخر في البنوة لأنه ابن هوَ آخر.
أخبركم هذا لاقول لكم أين مسؤوليتنا. أن نحوّل هذه الأخرويّة
بيننا، من آخر في الاختلاف والتشرذم الى آخر في التنوّع والوحدة. لمّا ابن
الله الذي هوَ آخر في اللاهوت، وليس إله آخر، نزل على عالم الإنسان أتي
لكي كل واحد منّا، الذي هو إنسان آخر عن غيره الإنسان، ابن الله لما صار
إنسان اتي يقول سأجمع اولاد الله المشتتين إلى واحد، ليصير الآخر في
الإنسانية شبيه الآخر في الثالوث. سنمشي في هذه الطريق. وفي الزواج
المسيحي، المرأة والرجل كل منهما يبقى آخر ويصيران واحداً في المسيح. اتى
المسيح يسحق بابل ويحيي عنصرة الروح، كل واحد يقى آخر لكن ولكن يصيروا
كلهم يفهمون على بعضهم..
يسوع الذي وُلِدَ في بيت لحم أتى بالرعاة الذين هم في قعر السلم الاجتماعى والمجوس الذين هم الملوك. عمق الفرق وقمة الفرق ووحّدهم.
وحّدَ بينهم هوَ الذي يوحّد بين العمق والعلو. أي يوحّد كلّ شيء.
إذاً، انتَ صرتَ إنسان مسؤول، وفي كل مرّة تعيش حقدك ورغبتك
في الانتقام أو الغاء الآخر تصير ضدّ الوحدة. انت مسؤول عن هذه الوحدة في
الجنس البشري.
وبالتالي، انتَ مسؤول عن السلام لأنّكَ مسؤول عن وحدة الإنسان.
هذا دورك مع الابن الذي جاء ليجمع اولاد الله المشتتين إلى واحد.
وهذه الجملة قيلت في الإنجيل، قالها يوحنا بعد قيامة لعازر وربطها بالمؤامرة على يسوع.
تآمروا عليه ليقتلوه، فقال رئيس الكهنة خير ان يموت واحد عن
الأمّة، وقال يوحنّا، ليس فقط يموت عن الشعب بل ليجمع اولاد الله
المشتّنين، ربطها بالمؤامرة على يسوع، أي على الإله الذي يفكر بشكل آخر،
الإله الذي يحرّرنا من الإله الذي خلقناه ويناسب مزاجنا.
يا ليتنا اليوخم نأخذ مقصدا، ونقول للربّ:
?يا رب حررلي مزاجي وليصير بحسب روحك، لكَ المجد إلى الأبد آمين.?
اسئلة للتأمل:
1- من بعد هذا التأمل الذي عشناه معاً، ماذا أصبحت تعني لك جملة في سفر التكوين ?لنصنع الإنسان على صورتنا كمثالنا?.
2- ما معنى (على ضوء هذا التأمل) الآية 18 من الفصل الأول لإنجيل يوحنا ?الآب لم يره أحدٌ قط، الابن الوحيد الذي في حض الآب هو اخبر عنه?. أي لو لم يخبرنا يسوع عن الله لما عرفنا الله الذي خلقنا بل كنا عرفنا الذي خلقناه.
3- يوحنا 3، ?هكذا احبّ الله العالم حتى جاد بابنه الوحيد كي لا يَهلِكَ كلّ مَن يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية.? كيف في هذه الآية ترى يسوع في نفس الوقت هديّة الآب لك ومسؤوليتك؟.
والى اللقاء في ال 2006، وكل عيد وانتم بخير.
وانشالله حقيقة طفل الميلاد يرجّعنا صغاراً. والله يقوّيكم.
 
قديم 14 - 08 - 2014, 05:05 PM   رقم المشاركة : ( 5180 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,860

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

المسيح في العهد القديم


وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


قصة نزول يعقوب وأسرته إلى أرض مصر











كانت قصة نزول يعقوب وأسرته معه إلى مصر، واستعبادهم في عبودية مُرّة بأرض مصر لمدة أربعمائة سنة، ثم عودتهم إلى أرضهم إسرائيل.. كانت هذه القصة الطويلة تحمل في طياتها رمزًا وإشارة ونبوة عما عمله السيد المسيح مع البشر بتجسده وتأنسه وفدائه العظيم الذي أتمه على الصليب.





+ خروج إسرائيل من أرض الموعد إلى أرض مصر كان إشارة إلى خروج آدم من الفردوس إلى أرض الشقاء.. لقد كان خروج آدم بسبب الأكل، وكذلك نزول إسرائيل إلى مصر كان بسبب الأكل.





+ فرعون يرمز إلى الشيطان بسبب الكبرياء والوثنية واستعباد الناس بعبودية مُرّة.. فصار إسرائيل تحت سلطان فرعون لمدة أربعمائة سنة رمزًا إلى استعباد الشيطان للناس حتى مجيء السيد المسيح المُخلِّص.. "فقال لأبرام: اعلم يقينًا أن نَسلَكَ سيكون غريبًا في أرض ليست لهم، ويُستعبدون لهم. فيذلونهم أربع مئة سنة. ثم الأُمة التي يُستعبدون لها أنا أَدينُها، وبعد ذلك يخرجون بأملاك جزيلة" (تك15: 13-14).





حقاً.. صار الإنسان غريباً في أرض ليست له، لأن موطننا الأصلي هو السماء.. واُستعبد الإنسان للخطية والظلمة والشيطان، ولنا رجاء في الله أن نخرج من هذه الأرض إلى السماء بأملاك جزيلة أي بأكاليل النصرة وثمار الروح القدس بعد حرب طويلة ضد قوات الظلمة.





+ الأربعمائة سنة ترمز إلى أربعة أحقاب طويلة مرت بها البشرية قبل مجيء المُخلِّص الرب يسوع، وهي من آدم إلى نوح، ومن نوح إلى إبراهيم، ومن إبراهيم إلى موسى، ومن موسى إلى المسيح.





+ في نهاية المدة التي حددها الله بنفسه لامتحان شعبه.. هيأ لهم مُخلصاً هو موسى النبي العظيم الذي كان رمزاً لشخص ربنا يسوع المسيح.. فأخرجهم موسى من سلطان فرعون بيد عزيزة وذراع عالية، كمثلما أخرجنا السيد المسيح من سلطان الشيطان.





+ عمل موسى معجزات عظيمة قبل إخراج الشعب من مصر، وكذلك عمل السيد المسيح معجزات باهرة قبل صلبه المقدس الذي به حررنا من عبودية إبليس.





+ كانت آخر ضربات مصر.. ضربة قتل الأبكار، مع قصة خروف الفصح الذي كان رمزاً واضحاً لموت السيد المسيح على الصليب، ثم خرج الشعب من مصر بعد ذبح الخروف، وكذلك خرجنا نحن أيضاً بالمسيح بموته على الصليب.. "لأن فصحنا أيضاً المسيح قد ذُبح لأجلنا" (1كو5: 7).





+ عندما خرج الشعب من مصر عبروا أولاً في البحر الأحمر، وكان هذا رمزاً للمعمودية التي نتحرر بها من سلطان الشيطان، ونبدأ حياة جديدة في رعوية شعب المسيح.. "فإني لست أريد أيها الإخوة أن تجهلوا أن آباءنا جميعهم كانوا تحت السحابة، وجميعهم اجتازوا في البحر. وجميعهم اعتمدوا لموسى في السحابة وفي البحر" (1كو10: 1-2).





+ بعد عبورهم البحر لم يدخلوا مباشرة إلى أرض الموعد، ولكن تاهوا في البرية لمدة أربعين سنة كانت إشارة إلى فترة الجهاد الروحي التي يقضيها الإنسان منذ معموديته حتى دخوله إلى السماء بالموت الجسدي.. مع ملاحظة أن رقم أربعين يرمز إلى جيل كامل أي إلى عمر الإنسان كله.





فنحن مطالبون أن نجاهد في برية هذه الحياة طوال العمر.. حتى ندخل إلى السماء..





+ "مَنْ يجاهد يضبط نفسه في كل شيء. أما أولئك فلكي يأخذوا إكليلاً يفنى، وأما نحن فإكليلاً لا يفنى" (1كو9: 25).


+ "جاهد جهاد الإيمان الحسن، وأمسك بالحياة الأبدية التي إليها دُعيت أيضاً، واعترفت الاعتراف الحسن أمام شهود كثيرين " (1تي6: 12).


+ "وأيضاً إن كان أحد يجاهد، لا يُكلَّل إن لم يجاهد قانونياً" (2تي2: 5).


+ "قد جاهدت الجهاد الحسن، أكملت السعي، حفظت الإيمان" (2تي4: 7)





+ كانوا في البرية يأكلون طعاماً من السماء هو المَن الذي كان رمزاً لجسد السيد المسيح الذي نغتذي به في حياتنا في هذه البرية.. "وجميعهم أكلوا طعاماً واحداً روحياً" (1كو10: 3)، "أنا هو خبز الحياة. آباؤكم أكلوا المَنَّ في البرية وماتوا. هذا هو الخبز النازل من السماء، لكي يأكل منه الإنسان ولا يموت. أنا هو الخبز الحي الذي نزل من السماء. إن أكل أحد من هذا الخبز يحيا إلى الأبد. والخبز الذي أنا أُعطي هو جسدي الذي أبذله من أجل حياة العالم" (يو6: 48-51).





+ وكانوا يشربون في البرية من الصخرة التي ضربها موسى بالعصا فخرج منها ماء.. "وجميعهم شربوا شراباً واحداً روحياً، لأنهم كانوا يشربون من صخرة روحية تابعتهم، والصخرة كانت المسيح" (1كو10: 4).





الصخرة هي المسيح، والعصا هي الصليب.. وضرب الصخرة بالعصا يرمز إلى صلب السيد المسيح وآلامه وموته، وخروج الماء يرمز إلى نهر الخلاص الذي نبع لنا من صليب المسيح.





+ في مرة أخرى عطش الشعب وتذمروا، فصرخ موسى للرب، فكان كلام الرب إليه قائلاً: "خذ العصا واجمع الجماعة أنت وهارون أخوك، وكَلِّما الصخرة أمام أعينهم أن تعطي ماءها، فتخرج لهم ماء من الصخرة وتسقي الجماعة ومواشيهم" (عد20: 8).. "العصا" هي الصليب، و"اجمع الجماعة" يعني الاجتماع الليتورجي، وهرون يمثل الكهنوت، و"كلِّما الصخرة" تعني الصلاة إلى السيد المسيح بالقداس أن يعطينا خلاصه الثمين بدمه الكريم، وفي نهاية القداس نتناول من جسد الرب ودمه (تسقي كل الجماعة)..





ففي المرة الأولى أمر الرب موسى أن يضرب الصخرة، وفي الثانية أن يكلّمها.. رمزاً إلى أن السيد المسيح مات مرة واحدة بالصليب، وبعد ذلك يسيل دمه إلينا بالصلاة وليس بتكرار الصلب.





+ استمر الشعب في البرية حتى مات موسى، ثم أدخلهم يشوع إلى أرض الموعد.. إشارة إلى أن الناموس والأنبياء لم يستطيعوا تخليص الإنسان وإدخاله إلى السماء إلا المسيح وحده يشوعنا الجديد، الذي استطاع أن يدخلنا إلى الفردوس بنعمته.. أما الناموس فقد كان "مؤدبنا إلى المسيح" (راجع غل3: 24)، "ولكن بعد ما جاء الإيمان، لسنا بعد تحت مُؤدبٍ" (غل3: 25).





+ وعند دخولهم إلى أرض الموعد عبروا نهر الأردن ليكون رمزاً جديداً للمعمودية ثم حاربوا حروباً صعبة إشارة إلى الحروب الروحية قبل أن يتمكنوا من تملك الأرض التي أعطاها إياهم الله التي هي رمز للسموات بعينها.





ترى إذاً أن فترة طويلة من تاريخ الإنسان (نحو خمسمائة عام) استخدمها الله ليكشف لنا خطته في الخلاص.. بعد السقوط والنفي، ثم عصر الأنبياء، وأخيراً مجيء المسيا المُخلِّص قبل أن نعود عودة نهائية إلى أرضنا الحقيقية التي هي ملكوت السموات
 
موضوع مغلق

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:37 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024