11 - 08 - 2014, 06:00 PM | رقم المشاركة : ( 5031 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
إنّ العلامة التي تشير إلى أنّك بدأت تعرف الله
هي رغبتك في أن تزداد معرفة له. جان لافرانس 1- أتريد أن تعرف إن كنت تسير في طريق معرفة الله؟ اسأل المصلّين الكبار في الكتاب المقدّس، وارض بأن تعيش أنت أيضا خبرتهم الطويلة. فموسى تأمل الله الذي لا يُسبر كماله من خلال العلّيقة المضطرمة. انّه أفسح للّه في المجال بأن يجعله أليفا، فأصبح صديق الله الحميم وأليفه: وكان الربّ يكلّم موسى وجها إلى وجه، كما يكلّم المرء صاحبه ( خروج 33/ 11 ) 2- لقد بلغ موسى، إذا، درجة سامية من معرفة الله الذي كشف له عن اسمه، أي عمق كيانه الخاص. إنّه صديق الله. ولكن لاحظ أنّ موسى يسأل الله المزيد عن معرفته. اقرأ بانتباه وصمت هذه الصلاة التي رفعها موسى، وتبنّ أنت أيضا الطلب الثلاثي الذي وجّهه إلى الله: " عرّفني طريقك، لكي أنال حظوة في عينيك... أرني مجدك" ( خروج 33/ 12- 23 ) 3- فالعلامة على أنك بدأت تعرف الله ليست الأفكار الجميلة التي تصوغها عنه، ولا المتعة التي تجنيها من الصلاة، بل الشوق المضطرم إلى المزيد من معرفته. فما كنت لترغب في الله لو لم تعرف من هو. ولو لم يكن الله فيك، لما استطعت أن تشعر بغيابه. ففي حفرة الشوق ينكشف حضور الله. إنّه حضور في الغياب. 4- إنّ الله سرّ ينكشف لك شيئا فشيئا. وبقدر ما تمضي بعيدا في معرفة الله، بمقدار ذلك، ستلاحظ أنّ السرّ يبقى ويشتدّ كثافة، وبمقدار ذلك يزداد أيضا شوقك إلى المزيد من معرفته: " إن كان هناك من رغبة، وإن كان موضوع الرغبة هو حقا، النور، فالرغبة في النور تلد النور ". 5- أتريد أن تعرف ما نوع حياة الصلاة لديك؟ ابدأ بالسؤال ما نوع أشواقك ورغباتك. يقول القديس بولس: " إنّ الذين يسلكون سبيل الروح ينزعون إلى ما هو للروح" ( روم 8/5). فكلما غزاك روح الله، كانت رغباتك بحسب هذا الروح. ولكن يجب أن تكون هذه الأشواق فعّالة، وتبلغ التحقيق الفعلي، مهما كان جزئيا. فاطرح على نفسك هذا السؤال: " هل أنا عطشان إلى الله؟ هل إنّ قلبي وجسمي يصرخان إليه؟". إن معرفة الله الحقّة لا يمكن التعبير عنها. فإن الله لا يعبّر عنه: " يا رب اجعلني أشتاق إليك". وشدّة شوقك إلى الله هي العلامة على نوعية محبتك. فهل تشعر بالحنين إلى الصلاة؟ 6- ويستجيب الله رغبة موسى بإدخاله إلى سرّه شيئا فشيئا. ولتحقيق ذلك، يجب على موسى أن يمرّ عبر موت جذري: " أما وجهي فلا تستطيع أن تراه، لأنه لا يراني إنسان ويعيش" ( خروج 33/20). إنك الآن، تعرف الله كما " في مرآة"، وبعدئذ ستعرفه وجها لوجه، كما يعرفك هو، وذلك حينما تكون قد رضيت بالموت. فلا تستطيع أن تتخيّل ما ستراه غدا. 7- أما الآن فعليك أن ترضى بالبقاء في نقرة الصخرة، تكتنفك أحلك الظلمات، وتظلّلك يد إله. وإذ ذاك، مثل موسى، سترى الله من خلف، أي من علامات حضوره. فسيمرّ الله، حينئذ، وعليك أن تناديه صارخا: " الربّ، الربّ، اله رحيم رؤوف، طويل الأناة كثير المراحم والوفاء" ( خروج 34/6). وكلّ مرّة يظهر الله لك، فهو يتجلّى بصورة الرحمة الشاملة. 8- ثم لاحظ ما فعله موسى عند عبور الله. لقد خرّ على ركبتيه إلى الأرض ساجدا وضاعف في تواضعه ( خروج 24/8). لأن مفعول المحبّة هو السجود، وهو الإتضاع. وإذ تدّفقت صلاة موسى بالتشفّع قائلا: " إن حظيت في عينيك يا ربّ، سار الربّ، إذا، فيما بيننا. ( خروج 34/9). انك ستعرف حقيقة تأملك من خلال تواضع حياتك كلّها واهتمامك بخدمة إخوتك والتشفّع لهم. ومثل موسى، لن تستطيع أن تكون شفيعا ووسيطا إلا بمقدار ألفتك مع الله.فاطلب إلى الروح القدس أن ينحت منك نفسا عامرة بالرغبات |
||||
11 - 08 - 2014, 06:03 PM | رقم المشاركة : ( 5032 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الوحدة مع الذات الخوري اميل هاني الرياضة الروحية للنفس كالرياضة البدنية للجسد، ضرورية جدا بحيث تساعد الانسان على التقويم حيث الاعوجاج، تشحيل بعض الشوائب وتحسين الفضائل والعمل عليها. هي وقت لإعادة قراءة الحياة على ضوء الكتاب المقدس ولمراجعة الحياة بما فيها من سيئات وحسنات. هي وقت لفحص الضمير وللمكوث والجلوس مع المسيح. هي وقت لتجديد المقاصد. هي وقت للعودة الى الذات. هي وقت للراحة لكن في الربّ، هي يوم للرب، حيث يستريح الانسان من تعبه اليومي، ويتكىء رأسه على قلب الرب ليستريح فيه. على حدّ قول القديس أغسطينوس:"خلقتنا لك يا رب وقلبنا لا يزال قلقاً مضطرباً إلى أن يستقر فيك." لذلك علينا في هذا الوقت القصير المعطى لنا أن نستفيد قدر المستطاع من خلال الصمت، والصلاة والتأمل، والمرافقة. الموضوع: (الوحدة مع الذات) الإنسان مكوّن من جسد واحد وروح واحدة وهذا ما يكوّن ذات كلّ إنسان. والدعوات التي تدعو الى وحدة الانسان مع نفسه هي متعددة. في البدء قال سقراط:"إعرف نفسك"، قبل أن يسعى الانسان الى الوحدة مع ذاته عليه أن يعرف ذاته خير معرفة. عليه أن يعرف مكونات ذاته المتعددة: الناحية العاطفية، الناحية الانسانية، الناحية الروحية، الناحية العلائقية، الناحية الاجتماعية، الناحية السيكولوجية، الناحية الوطنية، الناحية الباطنية الداخلية،... وإنه مكوّن من جميع هذه المكوّنات التي تشكل ذاته الفريدة. وهنا تكمن المشكلة عندما يضيع التوازن بين كل هذه العناصر أو عندما يقوى عنصر على آخر أو على حسابه بحيث ينمّي الانسان ويطوّر ناحية من هذه النواحي ويهمل الاخرى. إذًا الدعوة موجهة لكلّ انسان الى أن يسافر الى أعمق مكان في ذاته ليبحث عن الكنوز المدفونة، لأنه إذا اعتقد وجود الكنوز خارج ذاته فإنه يسافر بعيدًا الى الخارج فلا يجد شيئاً. في قلب كلّ واحد منّا. حيث الدفء هناك يكون الكنز فلا جدوى من البحث عبثاً خارج قلبك. لأنّ حسب متى الانجيلي:"حيث يكون كنزك هناك يكون قلبك".(متى 16: 21)، لئلا نقع فيما يقوله بولس الرسول عن النزاع بين ما نريد فعله وما لا نريد حين يقول:"الخير الذي أريده لا أفعله، والشرّ الذي لا أريده، إيّاه أفعل". مما يدلنا على الصراع الدائم بين ما في داخلنا وما في خارجنا من هنا ضروة الوحدة مع الذات، بتوحيد كلّ الطاقات، والهموم، والأفراح، والأحزان، والأشواق،... لكي تكون النفس والقلب في وحدة تمكّن الجسد من التعبير الصادق عما يدور في داخله ليس على العكس، فيُرغم على فعل ما لا يريده. لذلك نحن أمام مسيرة الى الذات. اسئلة حلقات الحوار هل فكرت يوماً أن في داخلك كل هذه العناصر وهي تدعوك في الكثير من الأحيان الى أن تكون في غربة عن ذاتك؟ هل تشعر اليوم فعلاً أنّك بحاجة الى الوحدة مع ذاتك؟ كيف؟ لماذا؟ قلنا أن الوحدة مع الذات بحاجة الى مسيرة. ارسم كما تتصور نقاط هذه المسيرة. هل هي ضرورية أم لا؟ ولماذا؟ الخلاصة: الانتباه في السعي الى معرفة الذات من السقوط في الأنا" أي أن يسعى الانسان الى تحقيق كيانه معتبرًا نفسه المرجع لذلك، وهنا تكمن الخطيئة وهي الكبرياء ومن جهة أخرى أن يرفض الانسان أن يحدد موقعه أمام الله وأمام الآخرين، والإحتباس في الأنا، هنا نقع في مرواغة القلب الذي يضع خيره في غير ما هو أساسي. وكل منّا يتكون من رغبات ملتبسة ومخاوف، وبحث عن أنفسنا وميول غير موجّهة توجيهاً صحيحاً، وافكار متقلبة غير ثابتة. وهنا تلعب الحرية دورها إذ تشعر بالثقل والضغط وتسلك بالانسان في طرق ملتوية ومنحرفة. نعود بالكلام حول المسيرة نحو الذات والتي تساعد على وحدة هذه الذات وتوحيد جهودها في سبيل خير الانسان. في البداية على الانسان أن يعي ذاته وكل ما في داخله وكل ما يمكنه أن يزعزع عملية الوحدة وأن يسعى إلى تخطي كل ما يعرقل هذه العملية. أن لا يتنكر الانسان لتاريخه الشخصي بكل أبعاده وأن لا يتنكَّر لتاريخ الله معه، على سبيل المثال الشعب اليهودي الذي في كل مرة كان يتنكر لعهد الله، فينقض عهد الله معه ويبتعد عنه وفي كل مرة كان الله يذكره بكل ما فعله معه. (الأمانة للتاريخ). أن يبحث الانسان عن الجوهري، الداخلي والتخلّي عن الخارجي والمظاهر, بمسيرة صادقة الى العمق. أن لا يهرب الانسان من ذاته، بسبب خوفه من الجلوس مع ذاته. أن يواجه الفراغ الذي في داخله ويسعى الى الملء، الذي هو من الرب. أن يستعين بمن يمكنه أن يرشده لبلوغ الميناء الذي يقصده بدون التوقف عند العواصف والأمواج والصعوبات التي تحاول عرقلة هذه المسيرة. الايمان أنه سيجد الكنز الذي يسعى للبحث عنه وأنه يستحق العناء. أن يحب نفسه وينفتح على نفسه كي يستطيع أن يحب الآخر وينفتح عليه. هناك موت في حياة الانسان عن القشور القاسية، العادات، الأقنعة، لكي يستطيع أن يولد ولادة جديدة. أن يصبر لتحقيق الهدف وبلوغ الكنز. أن يكون لكل شخص مرافق (مرشد روحي) اختبر هذا العبور بخبرة ومعرفة انسانية. يبيّن للمسافر هدف السفر وأهميته يساعده على تمييز صوت الحق حتى يتبعه و لا يضلّ، يساعده عند مفترق الطرقات على اختيار الطريق الصحيح، وهو يؤكد له أنّ الطريق غير مسدود. أن يعي الانسان أهمية العزلة ليتمكن من معرفة ذاته. وأهمية الصمت والاصغاء والتأمل بالطبيعة، بالمخلوقات وبكلمة الله. وفي خلاصة الكلام، نقول أن كلّ عناصر هذه المسيرة غير ممكنة التحقيق خارجاً عن علاقتي وانفتاحي على قلب الله، هو الذي ينير مسيرتي هو الذي يجعلني انساناً بكلّ معنى الكلمة، هو الذي يجعلني أتوق الى الألوهة والقداسة، هو الذي ينير زوايا ذاتي المظلمة ويضعني على الطريق الصحيح، ويجعلني أتخطى خوفي وترددي لأختبر هذا التحوّل من انسان مشتت، تتجاذبني الأفكار والمشاعر، والعادات، والعواطف، ... الى انسان يعيش في وحدة مع ذاته بحيث يبطن ويظهر الشيء عينه دونما تفرقة بين الداخل والخارج يصبح وحدة متناغمة تتدوزن على أوتار وحي روح الله الذي يرشد ويجدد ويطهّر ويوحّد، لأن هذه الوحدة التي نختبرها مع ذاتنا ومع الآخرين إنما هي مستمدة من هذه الوحدة مع الله بواسطة جسد ودم يسوع المسيح الذي يحوّلنا بتناولنا جسده الى جسده السري، الكنيسة الذي هو رأسها ونحن أعضاؤها |
||||
11 - 08 - 2014, 06:04 PM | رقم المشاركة : ( 5033 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
التي لكَ مما لكَ
"فإنّه منعمٌ على غير الشاكرين والأشرار" (لو 6: 35). كل ما يعطيه الله نعمة لا أَجْرٌ. النعمة مجّانية. ليس أحدٌ مستحقاً. الله يعطي لا لأنّنا مستحقّون بل لأنّه صالح. وعلامة صلاحه أنّه "يُشرق شمسه على الأشرار والصالحين ويَمطُرُ على الأبرار والظالمين" (مت 5: 45). ليس الفضل لمَن يشاء ولا لمَن يسعى بل "لله الذي يرحم" (رو 9: 16). نحن نسعى لا لتكون لنا المكافأة. هذه شيمة النفعيِّين. ليس عند الله شيء يعطينا إيّاه. يعطينا نفسه. نسعى ليكون لنا المسيح. بغير كلام، نسعى لأنّنا نطلب أن نُحِبّ. في مقابل إعطاء يسوع ذاته لنا: "خذوا كلوا، هذا هو جسدي، اشربوا منه كلّكم، هذا هو دمي..."، لا شيء نعطيه. نعطي ذواتنا. "أعطني قلبك يا بنيّ. "إذاً يسوع معلِّمنا أن نعطي ذواتنا له، لله، بالحبّ. "تعلّموا منّي...". ومحبّة الله تظهر، بخاصة، في الخاطئ. في غير الشاكرين والأشرار. الله يحبّهم رغم كل شيء. لا يحبّ جحودهم ولا شرّهم. هذه مسألة تقع في خانة العلاج. الخاطئ مريض والخطيئة مرض. الخاطئ بحاجة إلى عناية لا إلى إعراض. وأول العناية أن تحبّ الخاطئ رغم كل شيء. لا بالكلام بل في القلب. هذه معركتك. أن تقوى على نفسك. على كل فكر يُقصي أخاك عنك. ليست مشكلة في العالم إلاّ وتنبع من ههنا: موقفك من أخيك في العمق! تؤاخيه في الحقّ في كل حال. المشكلة ليست في أخيك. ما تعانيه من جهته يعانيه أخوك من جهتك أنت أيضاً. لا تبحث عن العلاج في أخيك. لن تتوصّل إلى نتيجة. اعرف نفسك وعالج نفسك تجدْ أخاك أحلى لأنّ نفسك تكون أنقى. الجمال ليس فيه بل فيك وأنت تضفي به عليك من فيض قلبك. هكذا الحال بالنسبة لأخيك من جهتك. فقط إن فعلت ذلك يمكنك لا أن تنفع نفسك فقط بل أخاك أيضاً، إذا ما أراد أن ينتفع. الإصلاح قدوة. قدّم نفسك برهاناً، بكلام ومن دون كلام. يسوع قدّم نفسه قدوة. بلا خطيئة كان في تعامله والناس. لكنّه قال في آن: "إن أراد أحد أن يتبعني...". هذا رهن بإرادة كل واحد منا. الخلاص لا يُفرَض. يؤخذ أو لا يؤخذ. المهم أن يكون ما يراه أخوك فيك أميناً لله، مطابقاً لله قدر طاقتك. الكلام أحياناً لا ينفع. الإنسان قد يسمع لكنّه، على نحو غير منظور، يقيس الكلام على واقع المتكلِّم. لذا الكلام ينفع إذا كنت على قامة الكلام وإلا فالكلام في فيك يدينك ويشكِّل لأخيك معثرة. من هنا قول آبائنا: لا تعلِّم ما لست تعمله. أقلّه لا تعلِّم ما لا تخوض فيه. لقد بتنا في التجسّد. ليس يسوع كلمة الله وحسب بل الكلمة المتجسِّد أيضاً. كل ما قاله فعله وما فعله كان على ما قاله. ما لم يتركّز سعينا في تجسيد ما نعرف ولو اعترفنا بتجسّد الكلمة بالأقوال نكون قد أنكرناه بالأفعال. لذا لا نمتدّ صوب الأشرار وحسب بل ننعم على الجاحدين أيضاً لا لسبب إلاّ لأنّ يسوع فعل كذلك. الجدّة أن نصير على مثال آدم الجديد. وقال أيضاً: "أحسنوا وأقرضوا وأنتم لا ترجون شيئاً" (لو 6: 35). لا نحسن فقط ونحن لا نطلب شيئاً، بالأحرى لا نرجو شيئاً. المحبّة مبادِرَة لكنّها لا تطلب ما لنفسها. طالما أنت تؤمِّل النفس ولو بالقليل ففي إحسانك هوى. الإحسان عطاء حرّ من كل غاية شخصية. طبعاً إذا حسبت أنّ لديك شيئاً تعطيه امتلأتَ، والحال هذه، كبرياء. مُنطلقك أنك فقير وليس لك شيء. تعطي من عند ربّك. هذا لا تكتفي بالكلام لتعبِّر عنه. تعبِّر عنه بالتواري. تهرب ممن يشكرونك أو يمدحونك. والفكر عينه، إذا خطر ببالك، تقاومه وتدحضه بتذكير نفسك أنّك تراب ورماد، بردّ المجد لله. وقد يلحّ الفكر عليك فتلحّ أنت في التواضع بإزاء ربّك. دودةٌ أنا لا إنسان. تسترحم حتى على الفكر إذا راودك وكأنّك اقترفت فعلةَ شناعة. تحسب أنّ الفكر النجس ما كان ليراودك لو كنت على نقاوة. تأبى إلاّ أن تبقى وتراً مشدوداً حتى يعطيك العليّ نصرة لا على خطاياك فقط بل على أوهانك التي لولاها ما كنت لتهتز لكل فكر ناشز غريب. فقط حين تبلغ اللاهوى وتصبح كل أفكار الهوى فيك كأنّها السِقْط ترتاح نفسك. حتى عند ذاك لا تحطّ الرحال بل تبقى في الصحو ولا تحسب نِعَم الله عليك تحصيل حاصل. لا مهادنة حتى يلقيك الجهاد في القبر. "أخرج من الحبس نفسي لكي أشكر اسمك". إن تُحسِنْ تدركْ أنّه ليس لأخيك ما يعطيك لأنّك إنْ أحسنت بالله مَنّ عليك ربّك بالكلّ. قد تأخذ من أخيك القليل أو الكثير لكنّك تأخذه حرّاً لأنّك لا تأخذه لنفسك. تأخذ كَمِن الله لتعطي مَن يشير الله به عليك. وأنت تأخذ القليل القليل لنفسك لتتّقي التجربة أنّك بتّ فوق الناس. تأخذ لتتّضع. فيما عدا ذلك تمرّ بك العطايا إن تعاطيتها وكأنّها بك عابرةُ سبيل حتى تكون للناس بالناس بركة من عند أبي الأنوار. المهم في كل حال أن يكون هو الألف والياء، أن يصدر كل شيء منه، أن يُرَدّ إليه، وأن يُعمَل الكلُّ باسمه. تبارك اسمه إلى الدهر |
||||
11 - 08 - 2014, 06:05 PM | رقم المشاركة : ( 5034 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
السيف نحن لا نعرف الله قاتولاً. الله محبّة. كل قَتْلٍ ليس منه. القتل من الذي قال عنه يسوع إنّه القتّال أي إبليس. وإبليس القتّال أيضاً هو الكذّاب وأبو الكذّاب. إذاً هو يدفع الناس إلى القتل وينسب القتل إلى الله كَذِباً ليشوِّه صورة الله ويبلبل الناس. الإله الذي يعبد الذين ينسبون القتل إلى الله لأي سبب هو إله الحرب. وهذا لا وجود له. هذا صنم. والصنم صنعة شهوات الناس. فحين يعبدون إله الحرب فإنما يؤلّهون شهواتهم ويقدّسون أنانياتهم، الفردية والجماعية معاً. عبادة الأصنام، الحجرية والفكرية سواء بسواء، هي، بحسب سفر الحكمة، "أصل كل شرّ وعلّته وغايته" (حك 14: 27). السيف، في العهد القديم، كان إسقاطاً بشرياً على الله لأنّ قلوب الناس كانت قاسية. لا يفهمون إلاّ لغة السيف. كيف تُخرج شعباً من ظلمته إلى نور الحياة؟ أفرغ الله نفسه، تدبيراً، وسكن في ظلمة الناس رغم أنّ الظلمة لم تدركه (يو 1: 5). هناك، في ظلمتهم، بثّهم نوره. ظنّوه حليفاً لهم وإلهاً لظلمتهم. لولا ذلك ما كانوا قبلوه. نسبوا القتل إليه وحروبهم. صار إلهاً لهم، في عيونهم، ينصرهم على أعدائهم. أفرغ نفسه بمعنى أنّه تركهم يتعاملون معه على هذا النحو. ولِمَ رضي بذلك؟ لأنّه كان ينظر، بحكمة سامية، إلى المرامي التي كانت ستتحقّق فيهم، إلى ملء الزمن، إلى تمام مشروع الخلاص بيسوع المسيح. وما كان قصده سوى ترويضهم على حفظ الشريعة. "لا تقتل"، قال لهم في وصاياه العشر بالمطلق، فكيف يكون هو قاتولاً؟ بأنبيائه، لقساوتهم، قال فيهم كلمته: "بسطتُ يديّ طول النهار إلى شعب متمرّد سائر في طريق غير صالح وراء أفكاره" (إش 65: 2). لكنّه، في آن، يُبين مقاصده ويدفعهم إلى الفرح. لذا قال: "هاءنذا خالقٌ سمواتٍ جديدةً وأرضاً جديدةً فلا تُذكَر الأولى ولا تخطر على بال. بل افرحوا وابتهجوا إلى الأبد في ما أنا خالق... الذئب والحمل يرعيان معاً... لا يُؤذون ولا يُهلِكون في كل جبل قدسي قال الربّ" (إش 65: 17 ? 18، 25). و"لما جاء ملء الزمان أرسل الله ابنه مولوداً تحت الناموس ليفتدي الذين تحت الناموس لننال التبنّي" (غلا 4:4). بعضهم قبلوه. "كل الذين قبلوه أعطاهم سلطاناً أن يصيروا أولاد الله أي المؤمنون باسمه" (يو 1: 12) وبعضهم لم يقبله. هؤلاء هم الذين تمسّكوا بعبادة إله الحرب. وقد صلبوه بعدما استبان وديعاً متواضعاً. خاب ظنّهم. لم يكن ممكناً أن يكون هذا، في نظرهم، مسيحَ الربّ المنتظر أن ينصرهم على شعوب الأرض مع أنّ أشعياء النبيّ قد سبق فرسم لهم ملامحه: "لا صورة له ولا جمال فننظر إليه ولا منظر فنشتهيه. محتقرٌ ومخذولٌ من الناس رجلُ أوجاع ومختبِر الحَزَن... محتقَر فلم نعتدّ به..." (إش 53). إله الحرب فيهم، صنمهم، هو الذي قتله كلام يسوع في السيف واضح صريح: "كل الذين يأخذون السيف بالسيف يهلكون". لا نهاية للغة السيف إلا الفناء. العنف لا يعالَج بالعنف. الشرّ لا يواجَه بالشرّ بل بالخير. رُبَّ قائل يعترض: لكن يسوع أوصى تلاميذه حين كان مزمعاً أن يُسْلَم إلى الصلب: "مَن له كيس فليأخذه ومزود كذلك. ومَن ليس له فليبع ثوبه ويشترِ سيفاً. لأنّي أقول لكم إنّه ينبغي أن يتمّ فيّ أيضاً هذا المكتوب وأُحصي مع أثمة..." (لو 22: 36 ? 37). لهذا الكلام غير معنى. "وأُحصي مع أثمة" هي من إشعياء النبيّ، الإصحاح 53، في كلامه على عبد يهوه. النبوّة، إذاً، تتحقّق، ولكن لا شكلاً. ما يريده يسوع هو أن يَظهر مع تلاميذه كأنّه رئيس عصابة. لماذا؟ لأنّه أراد أن يثبِّت اليهود في ضلالهم لقسوة قلوبهم بعدما نبذوه. مَن يصرّ على الخطيئة يضربه الربّ الإله بالعمى وهو القائل بإشعياء النبيّ: "أعمى عيونهم وأغلظ قلوبهم لئلا يبصروا بعيونهم ويشعروا بقلوبهم ويرجعوا فأشفيهم" (يو 12: 40). إذاً يسوع هنا يسلمهم للضلال حتى تترسّخ قناعتهم بأنّه ليس هو المسيح بل رجل عصابة. ولكن لمَن يشاء أن يسمع ولكي نفهم حقيقة موقفه من السيف قال لبطرس بعدما استلّه وضرب به عبد رئيس الكهنة فقطع أذنه اليمنى: "ردّ سيفك إلى مكانه لأن كل الذين يأخذون السيف بالسيف يهلكون" (مت 26: 52). على أنّ للذين يحملون اسم المسيح سلاحاً كاملاً يقاومون به في اليوم الشرّير (أف 6). أولاً عدوّنا إبليس. الناس الذين يتخلّقون بأخلاق إبليس هم أدوات له. هم سيوف والضارب بهم هو إبليس. لذا لا نواجه السيف بالسيف بل الضاربَ بالسيف نواجهه بلباس الله الكامل. قوّتنا من عند الربّ صانع السماء والأرض. لذلك قيل: "تقوَّوا في الربّ وفي شدّة قوّته. البسوا سلاح الله الكامل لكي تقدروا أن تقاوموا ضدّ مكايد إبليس. فإنّ مصارعتنا ليست مع لحم ودم بل مع... أجناد الشرّ الروحيّة" (أف 6: 10 ? 12). وسلاح الله الكامل غير سلاح البشر. اولاً نمنطق أحقاءنا بالحقّ. ثانياً نلبس درع البرّ. ثالثاً نحتذي استعداد إنجيل السلام. رابعاً نحمل فوق الكل ترس الإيمان الذي به نقدر أن نطفئ جميع سهام الشرّير الملتهبة. خامساً نتّخذ خوذة الخلاص وسيف الروح الذي هو كلمة الله. كل هذا نتسلّح به ونسهر مصلّين بكل صلاة كلَّ وقت في الروح ونواظب في الطلبة لأجل جميع القدّيسين. هذا الكلام نقوله فيما يشتدّ العنف ويتعاظم القتل ويتنامى التنكيل بالعباد باسم الحقّ وباسم الله في كل مكان. الناس يتساقطون كأوراق الخريف. أتظنون أنّ هناك خرافاً وذئاباً في العالم والمعركة هي معركة السيف لأجل الحقّ؟ هذا غير صحيح. الصراع هو بين ذئاب وذئاب. والمعركة هي بين باطل وباطل. إبليس يلهو بالناس إفناء لهم. والناس، لحقدهم وعنف شهواتهم، يقدّمون أنفسهم وبعضَهم بعضاً وقوداً للشيطان. لكلٍ آلهةٌ وآلاتُ حربٍ والنتيجة واحدة هي الخراب. الدموع ملء الأرض، لذلك نتشوّف إلى الوقت الذي سيمسح الله فيه كل دمعة والموت لا يكون في ما بعد ولا يكون حزن ولا صراخ ولا وجع في ما بعد (رؤ 21). "أيّها الربّ يسوع تعالَ". الأرشمندريت توما (بيطار) رئيس دير القدّيس سلوان الآثوسي . دوما |
||||
11 - 08 - 2014, 06:07 PM | رقم المشاركة : ( 5035 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
عائدة من الموت تتكلّم الأرشمندريت توما (بيطار) رئيس دير القدّيس سلوان الآثوسي - دوما أما الشهادة التي قرأتها مؤخّراً فكانت مختلفة. هذه أحسست، في الأعماق، بأنّها كشف إلهي بمعنى الكلمة، وأنّها تتميّز ببُعدها عن العاطفيّة الرخيصة. خبرة فائقة وشهادة مرموقة ومعاينة تدفع النفس إلى إعادة النظر في تقييم ذاتها! صاحبة الشهادة اسمها غلوريا بولو من بوغوتا في كولومبيا. طبيبة أسنان متزوّجة ولها ولدان. شهادتها الأولى أدلت بها، فيما يبدو، منذ سنوات قليلة، وكانت مقابلةً جرت عبر راديو ماريا (كولومبيا). هاكم بعض ما جاء في المقابلة: خلال شهر أيّار من العام 1995 م توجّهت غلوريا، سيراً على القدمين، برفقة ابن أختها، إلى مكتبة الجامعة الوطنيّة في بوغوتا (كولومبيا). في الطريق إلى هناك كان الطقس ممطراً بعنف وكانا معاً يحتميان بمظلّة صغيرة. فجأة ضربتهما صاعقة! ابن أختها مات لتوِّه. الطبيب الذي عاينه، لتحديد سبب الوفاة، قال: دخل التيّار إلى داخل بدنه عبر ميدالية للطفل يسوع كان يلبسها على صدره فأحرق القلب والأحشاء وخرج من الرجلين. لم يبدُ عليه من الخارج أيّ أثر للحريق. أما هي، غلوريا، فاحترقت من الداخل والخارج معاً على نحو مروِّع. اختفى ثدياها وعظام صدرها واحترق لحمها. ساقاها صارا كقطعة الفحم. معدتها احترقت. كبدها تفحّم. كليتاها احترقتا وكذلك رئتاها. وخرج التيّار من رجلها اليمنى. توقّف قلبها. بقي بدنها ينتفض ساعتين ونصف الساعة قبل أن يبدأ سعي الأطباء حثيثاً لاستردادها. ماتت وخرجت روحها من بدنها. لكنّها، برحمة الله، عادت إلى الحياة، وجرت، على مدى سنوات، إعادة بناء جسدها. وها هي اليوم حيّة تُرزَق، تخبر بما جرى لها وبما عاينته واختبرته خلال فترة موتها. ثمّة قول يردّده بعض الناس عندما تُطلعهم على ما يقوله القدّيسون في شأن الحياة بعد الموت: "ما حدا مات ورجع تيخبِّر!" ولكنْ، هذه غلوريا ماتت وعادت وخبّرت! فمَن له أذنان للسمع فليسمع ما قالته! غلوريا كاثوليكيّة بالاسم. لا عرفت الكثلكة ولا عاشت كاثوليكيّة. ومع ذلك ما أدلت به ينتمي إلى عمق الخبرة المسيحيّة الجامعة وإلى الحياة الروحيّة المستمددة من الإنجيل. عاينتْ في لحظة كلّ الراقدين من أقاربها ومعارفها وعانقتهم. إذ ذاك أدركت أنّها انخدعت لما قبلتْ، في وقت من الأوقات، في حياتها، عقيدة التقمّص ودافعت عنها. لما كانت ممدّدة البدن ممزّقة، محروقة، على حمّالة المستشفى كانت ترى كلّ الذين أحاطوا بها. لكنّها لم ترَهم كما بالعين المجرّدة. كانت تراهم كمِنْ داخل نفوسهم. ترى أفكارَهم ومشاعرَهم كما يعاين الأحياء المحسوسات بعين الجسد. مما قالته إنّها سمعت صوت زوجها الداخلي وعاينت ألمه في العمق. كان يدعوها إلى العودة إكراماً لولديها. وعاينت أيضاً جسدها مشوّهاً. فلما تمكّن الأطباء، أخيراً، من إنعاشها عادت ودخلت جسدها. وقد أشارت إلى موضع معيّن من الرأس قالت إنّها دخلت منه بعنف على أثر صدمة كهربائيّة عُرِّضتْ لها. إذ ذاك أخذت تشعر بالوجع وآلام الحريق. لكنّها عادت وخرجت من بدنها، من جديد، بعدما جرى تخديرها. فإذا بها ترى الشياطين تأتي إليها عبر جدران غرفة العمليات لأنّها كانت أُجرتَهم بسبب الخطايا التي ارتكبتها. ليست هناك خطيئة بلا ثمن، وأُجرة الخطيئة تسلُّط الشياطين على الإنسان. شعرت بالهلع! فجأة تذكّرت أنّها سمعت، في مرحلة الدراسة الجامعية، أحدَ الكهنة يقول: "ليس هناك جحيم ولا هناك شياطين". هذا أثّر كثيراً في نظرتها إلى الأمور وأَبْعَدَها عن الكنيسة ولم يعد هناك، بالنسبة إليها، ما يُسمّى خطيئة. اعتبرت أنّ كلّ الناس سيذهبون إلى الفردوس وأنّ الشياطين اخترعهم الكهنة ليتحكّموا بالناس. وانتهى بها المطاف أنّها صارت تَعتبر الإنسان من نتاج التطوّر وأنّ الله غير موجود. كلّ هذه الذكريات جعلتْها تشعر بالأسى العميق وكم أنّها كانت مضلَّلة! وإذ حاولت أن تهرب من الشياطين مذعورة وجدت نفسها تقفز في الهواء الخفيف. ثمّ أخذت تنحدر في قنوات متّجهة إلى أسفل وأخذ النور يخفت حتى بلغتْ ظلمةً قالت إنّ أشدّ الظلمات حِلكةً على الأرض هي كنصف النهار قياساً بالظلمة التي خبرَتْها. أخيراً بلغت فوهة الجحيم الذي لا قرار له. هناك شعرت بأنّ ميزة هذه الظلمة كانت أنّ مَن يقيم فيها لا يشعر ولا بشيء من محبّة الله. الظلمة كانت مؤشِّراً على غياب محبّة الله. وهناك أيضاً اشتمّتْ رائحة نتن رهيبة وشعرت بأنّ تلك الظلمة كانت تُحدِثُ في النفس ألماً ورعباً وخزياً رهيباً. في تلك اللحظة بدا لها كأنّ هناك مَن يشدّها إلى أسفل ليلقيها في فوهة الجحيم. هذا جعلها في ألم وذعر هائلَين. أخذت تصيح وتستَنجد وأدركت أنّه كان هناك، حواليها، آلاف آلاف الناس، ومعظمهم من الشبّان. بَلَغتها أصوات صرير الأسنان والصيحات المروِّعة والأنين الذي هزّها حتى الأعماق. وذكرت غلوريا أنّها بعدما عادت إلى الحياة بقيت سنوات لمّا تقدرْ فيها أن تستوعب ما سمعتْه وتبكي. أدركت أنّ الذين ينتحرون في لحظة هناك ينتهون. ما كان لها أشدّ هولاً من كلّ ما خبرته أنّ الله غائب ولا طاقة لأحد على الإحساس به في ذلك الموضع. بإزاء هذا الإحساس المضني الذي انتاب غلوريا أخذت تصيح من الهلع. "مَن ارتكب هذا الخطأ؟" "أنا، عملياً، قدّيسة! لم أسرق في حياتي ولا قتلت أحداً وأعطيت الفقير طعاماً وعاينت وعالجت أسنان المحتاجين بالمجّان". "ماذا أعمل هنا؟" "ذهبت إلى الكنيسة في الآحاد. ولو اعتبرت نفسي ملحدة لم أتغيّب عن الكنيسة سوى خمس مرّات في حياتي". "أنا كاثوليكيّة!" "أنا كاثوليكيّة!" "أخرجوني من ههنا!" فجأة سمعتُ صوتاً لطيفاً، كان ينضح بالحبّ والسلام. والمخلوقات التي كانت من حولي تبعثرت، فجأة، مذعورة لأنّها لا تطيق المحبّة. شعرتُني بسلام! وإذا بالصوت العذب يناديني: "حسناً! إذا كنتِ كاثوليكيّة فقولي لي ما هي وصايا الله؟". لم تكن تعرفها. فقط تذكّرتْ وصيّة واحدة طالما ردّدتها أمّها التقيّة: "أحبّ الربّ إلهك من كلّ قلبك وقريبك كنفسك". "حسناً!" هل أحببتِهم؟ فقالت: "نعم، نعم، نعم!" وعندما سمعتْ الصوت يقول لها: "كلا!" شعرتْ بالصاعقة تضربها كَمِن جديد! "كلا، لم تحبِّي ربّك فوق كلّ شيء ولا أحببتِ قريبك كنفسك! أنت خلقتِ إلهاً على صورة حياتكِ في لحظات حاجاتكِ اليائسة! كنتِ تركعين أمامه عندما كنتِ فقيرة، عندما كانت عائلتكِ في وضع اجتماعي متواضع، عندما أردتِ أن تذهبي إلى الجامعة! في ذلك الحين كنتِ تصلّين كلّ يوم وتركعين لفترات طويلة، لساعات، تتوسّلين إلى ربّك، مصلّية وسائلة إيّاه أن يخرجك من الفقر ويسمح لكِ بأن تنالي درجة جامعية لتصيري شخصاً معتبَراً. كلّما كنتِ في عوز واحتجتِ إلى مال كنتِ تتلين المسبحة. "أرجوك يا ربّ! ابعث لي ببعض المال!" تلك كانت علاقتكِ بربّك!" هذا كلّه رأته غلوريا في كتاب حياتها ولم يكن بإمكانها أن تدافع عن نفسها لأنّ الوقائع كانت صارخة! هكذا كانت بالفعل إذاً. عندما نالت شهادة جامعية وصار اسمها معروفاً صَغُر الربّ في عينها. لم تعرف في حياتها معنى الشكر. ودائماً ما كانت جاحدة! "بالإضافة إلى ذلك جعلتِ ربّك في مرتبة دنيّة. حتى النجوم وثقتِ بها أكثر منه. أُخذتِ بالتنجيم وادّعيتِ أنّ الأبراج تسيِّر حياتك! تبعتِ كلّ اعتقادات العالم الباطلة! آمنتِ بالتقمّص! ونسيتِ النعمة الإلهيّة وأنّ ربّك افتداكِ بدمه!" على هذا امتحنوني في الوصايا العشر. أبانوا لي أنّي كنت أعبد الله وأُحبّه بالكلام بينما في الواقع كنت أعبد الشيطان. باللسان الذي كنت أُبارك الله كنت أنتقد الجميع. كنت أتصرّف وكأنّي قدّيسة وأنا ممتلئة حسداً وجحوداً. حتى أبي وأمّي كانا حقيرَين في عينيّ، وأمّي كنت أستحي بها لأنّها بسيطة وفقيرة. وأبانوا لي أيّ نوع من الزوجة كنت: دائمةَ التذمّر! لم يكن شيء يعجبني. ولا كنت محبّة رؤوفة بالناس. "لم تهتمّي ولا مرّة بمؤاساة المرضى ولا رأفتِ بالأيتام والأطفال المتألّمين". كان قلبها من حجر. كنتُ أحياناً أشتري بعض المواد الغذائيّة للمحتاجين ولكن ليس لأنّي أحببتهم بل تجميلاً لصورتي، لكي يقول الناس فيّ حسناً ولكي أتحكّم في تصرّفاتهم. كنتُ أستلذّ مديح الناس لي. "إلهُكِ كان المال. وقد أُدنتِ بسبب حبّك للمال". كنت أكذب كثيراً. لأنّ الشيطان هو الكذّاب فقد كنت أنا ابنته! الكذب كان سهلاً عليّ ونافعاً لي! لم يكن الكذب يزعج ضميري. حتى كنت أحلف كذباً. أقول لأمّي: "إذا كنتُ كاذبة فلتنزل بي صاعقة!" أخيراً، بالفعل، نزلت بي الصاعقة وقتلتني!" في شأن حياة الصلاة وحفظي لها قال لي الصوت كيف أنّي كنت أخصّص كلّ يوم أربع أو خمس ساعات من وقتي للعناية بجسدي، رياضة ومسّاجات وما سوى ذلك، ولا أجد عشر دقائق لأصلّي صلاة قلبيّة لربّي. جسدي كان صنمي! عندما كانت أمّي تدعوني للذهاب إلى الكنيسة كنت أتبرّم وأقول لها: "ولكن الله في كلّ مكان! لماذا عليّ أن أذهب إلى هناك؟" كنت أقول ذلك لأنّه يناسبني وكنتُ منشغلة بأموري الخاصة وجسدي ولا وقت لي لله! لم يكن الله يهمّني! كنت مستعبدةً لجسدي ونسيت أنّ لي روحاً! وها قد تمزّق جسدي واحترق! أوّاه! الأسرار الكنسيّة لم أكن أبالي بها. الاعتراف بالخطايا كنت أسخر منه لكي أبقى مرتاحة في أوساخ نفسي. وكنت أدّعي أنّي أنقى من هؤلاء الكهنة الذين يقبلون الاعترافات. كذلك سخرت من القول إنّ السرّ مبارَك. كنت أقول للآخرين: هل بإمكانكم أن تتصوّروا أنّ الله موجود في قطعة خبز؟! ثمّ كان خيراً للكهنة ليجعلوا القربانة أكثر جاذبية أن يمرغوا على الخبز بعض الكراميل ليصير طيِّب المذاق!!! ثمّ انتقاد الكهنة والسخرية بهم وإشاعة الأخبار المشينة في شأنهم كان لديّ سهلاً لأنّه كان تقليداً عائلياً! أما أبي وأمّي فصحيح أنّي كنت أدفع عنهما الفواتير ولكن لم أكن أحترمهما بل كنت أُحرِّكهما كما يحلو لي وأُسمعهما كلاماً غير لائق. أمّي، في نظري، كانت جاهلة ساذجة وأبي كان يحبّ النساء ويسكر ويدخِّن. كان يُهين أمّي بكلامه عن عشيقاته وكنت أكرهه وأكره أمّي لأنّي كنت أعتبرها بلا كرامة وأدعوها إلى الطلاق من أبي. كانت أمّي تبكي وتصلّي وأنا كنت أسخر منها. كانت تقول لي: كيف أُطلِّق أباكم وعندي سبعة أولاد؟! كيف أحرمكم من أبيكم؟ أبوكم عنده خصال عديدة جيّدة، فهو إنسان لا يأكل مال أحد ويتعب في التحصيل ليؤمّن للعائلة معيشتها. ثمّ لو طلّقتُه فمَن الذي سيصلّي له ليتوب ويخلص؟! كلّ هذا لم يكن يعنيني، أنا، غلوريا، في شيء. لذلك صرت متمرّدة أدافع عن الإجهاض والمساكنة والطلاق وأدعو إلى معاملة الناس على أساس العين بالعين والسن بالسن. كم من الناس أفسدتُ بآرائي؟! قلت للصوت: ولكنّي لم أقتل أحداً في حياتي! فتبيّن لي، في كتاب حياتي، أنّي كنت على خطأ. رأيت كيف أنّ فتاة في الرابعة عشرة أجهضت بسببي. فقد علّمتها هي وغيرها كيف يكنّ على الموضة وكيف يتألّقن ويستعملن أجسادهن للغواية وكيف يكشفن مفاتنهن وكيف يستعملن موانع الحمل. وإذا لم تنجح أساليب منع الحمل لدى إحداهن كنت أُعطيها مالاً وأدلّها على مكان لتجهض على نحو سليم فلا يتأثّر مستقبلها بما فعلت! كانت غلوريا مقتنعة بأنّ من حقّ المرأة أن تحبل ساعة تشاء وأن تجهض ساعة تشاء لأنّ جسدها مِلكُها! كانت تقول للفتيات: "أمّهاتكن يتكلّمن على العذرة والعفّة لأنّهن رجعيات! يتكلّمن على كتاب مقدّس عمره ألفا عام. والكهنة يرفضون الحداثة في الموقف والنظرة إلى الأمور... الإجهاض هو أسوأ ما يُعمل بالطفل!" لقد رأيتُ في كتاب الحياة كيف تتكوّن الروح لحظة تلتقي النطفة البويضة. فإنّ شرارة جميلة تنقدح ونورٌ يُشعّ من شمس الله الآب. حالما يحدث الإخصاب في حشا الأمّ فإنّ حشاها يستضيء ببهاء تلك الروح. وعندما تُجرَى لامرأة عملية إجهاض فإنّ الروح تصيح وتئن ألماً حتى لو لم يكن لها عينان أو لحم. وتقول غلوريا إنّها، ساعتذاك، أدركت أنّه لم يعد لها إحساس بالخطيئة وأنّها، هي نفسها، كانت تضع في جسدها أداة لمنع الإخصاب. كلّ هذا جعلها آلة لقتل الأطفال ومنعهم من الحياة. ولكن انعكس عليها الأمر شعوراً دائماً بالمرارة وسوء المزاج والتجهّم والإحباط والكآبة. كلّ شيء، بالنسبة إليها، صار مسموحاً به! كيف يمكنها أن تقول، إذاً، إنّها لم تقتل أحداً؟! وماذا عن الناس الذين كرهتهم أو الذين لم يعجبوها أو الذين أهانتهم. "لا يموت الناس فقط بطلقة ناريّة. يكفينا أن نكرههم وأن نسيء إليهم وأن ننحسد منهم. بمثل هذه الأمور نتعاطى القتل أيضاً!" وعن الزّنىظنّت غلوريا أنّه لا أحد يمكن أن يتّهمها بأنّها عرفت غير زوجها. فاستبان لها أنّها كلّ مرّة كانت تعمل فيها على كشف لحمها وحجم ثدييها وساقيها كانت تجتذب الناس إليها وتملأهم أفكاراً دنسة وتدفعهم إلى الخطيئة. كلّ هذا معناه أنّها سقطت في الزّنى مع غير زوجها مرّات لا عدّ لها. وتبيّن لها أيضاً أنّها باسم حرّية المرأة كانت تدعو صويحباتها إلى عدم التزام الأمانة مع أزواجهن وعدم مسامحتهم إذا أخطأوا، كما كانت تشجِّع على الطلاق. كلّ هذا كان كافياً لإشاعة جوّ من الزّنى في وجدان الآخرين. وقالت غلوريا إنّها لم تسرق في حياتها. فقيل لها إنّ الطريقة التي كانت تتّبعها تفريطاً بالغذاء في بيتها وما كانت تنفقه على جسدها والموضة، كلّ هذا سرقة. ففيما كانت هي تسعى جهدَها ليكون لها قِوام أنحف وأنعم وأجمل كان العالم يرتع في المجاعة. وقيل لها أيضاً إنّها مسؤولة، بما كانت تبدِّده على نفسها، عن الفقر في بلادها. وليس هذا وحده سرقة، بل السرقة الأفظع أن تتناول الآخرين بلسانك وتجرِّح بهم. أن تسرق مال الناس، هذا بإمكانك أن تعوِّضه، ولكن أن تسرق سمعة الناس، هذا كيف تعوِّضه؟! وشعرت غلوريا بالخجل الشديد من نفسها وهي ترى حياتها في كتاب الحياة كما في فيلم. رأت ولديها يقول أحدهما للآخر: "ليت الماما لا تأتي إلى البيت سريعاً وليت عجقة السير تؤخّرها عن المجيء. إنّها مزعجة وتتذمّر كثيراً!" قالت غلوريا لنفسها: هذا ما فعلتُه بولديّ! سرقتُ أمّهما منهما كما سرقت سلام بيتي. كنت أهتمّ بأشياء كثيرة تخصّني ولا أهتمّ بهما. تركتهما للخادمة! لم أُعلّمهما لا محبّة الله ولا محبّة الناس. كنت أكتفي بالإنفاق عليهما، وإذا أردتُ أن أُعبِّر لهما عن اهتمامي بهما كنت أشتري لهما الملابس ذات الماركة المعروفة (signée)... في خضوع غلوريا لامتحان الوصايا تبيّن لها أنّ أساس كلّ الشرور التي وقعت فيها كان الطمع. حتى تصرّفاتي الصغيرة الرعناء لم تكن، في كتاب الحياة، من دون أثر سيّء في الآخرين. رأيت في كتاب حياتي كيف أنّي، ذات مرّة، أكلتُ موزاً وألقيت القشرة في الشارع غير مبالية. فإذا بي أرى إنساناً يسقط أرضاً بعدما داس القشرة وكدتُ أتسبّب بموته وأنا لا أدري! ومرّة اشتريتُ حاجياتي من محل كبير فأعطتني فتاة الصندوق ما بقي لي من مال، وكان فيه مبلغ زائد، 4500 بيزوس. لم أفطن للأمر إلاّ بعدما أقلعتُ بسيارتي باتجاه عيادتي. أردت أن أعود أدراجي لأردّ لها المال لأنّ أبي كان قد علّمني الأمانة في التعامل مع الناس. ولكن كان السير ضاغطاً جداً فأكملت سيري غير مبالية وقلت في نفسي: "هذا غباء العاملة في كلّ حال!" بعد ذلك ذهبت واعترفت لدى الكاهن بأنّي أخذت مالاً لم يكن لي حقّ فيه. على ما فعلت قال لي الصوت الذي حاكمني: ذهبتِ ولم تبالِ بما حصل بعد ذلك. ذاك المال الذي أخذتِه واعتبرتِه كلا شيء هو مبلغ زهيد بالنسبة إليكِ: فراطة! ولكنْ للفتاة التي أخطأت في حسابها معكِ كان أجرة ثلاثة أيّام عمل. لذلك رأيتُ، في كتاب الحياة، أنّ الفتاة وأولادها بقوا ثلاثة أيّام جائعين بسبب عدم اكتراثي بما حصل؟ وقال لي الصوت: "أيّ كنوز روحيّة تحملين؟!" "كنوز روحيّة ويداي فارغتان؟!" عندئذ قال لي: تلك البيوت والمكاتب التي اقتنيتها، ماذا نفعتكِ؟ حسبتِ نفسك أنّك امرأة أعمال! ماذا فعلتِ بالمواهب التي أعطيتُك؟ "مواهب، أيّ مواهب؟" قلت في نفسي! عندئذ قال لي الصوت: كان لك عمل رسولي أن تدافعي عن ملكوت المحبّة، عن ملكوت الله! "أتريدون أن تعرفوا ماذا بقي الربّ يسألني؟ بقي يسألني عن المحبّة والرحمة!" إذ ذاك كلّمني عن موتي الروحي. كنتُ حيّة ولكن ميتة. ليته كان بإمكانكم أن تعرفوا ما هو "الموت الروحي!" إنّه كأن تكره! كان بإمكاني أن أرى نفسي من الخارج تنبعث منّي رائحة طيِّبة وأنا ألبس ثياباً جميلة، ولكن من داخلي نتنة! وقال لي الصوت: موتك الروحي بدأ عندما توقّفتِ عن الإحساس بآلام الآخرين. وكنتُ دائماً أُريكِ حجمَ معاناة الناس. فلم يهمّك! لم تعودي تشعرين بشيء في قلبكِ تجاههم! الخطيئة جعلت قلبكِ قلباً من حجر! وأُقفل كتاب حياتي وشعرتُني بمرارة فظيعة. ليس لي ما أقوله. كنت أظنّ نفسي شبه قدّيسة! صرختُ واستعنتُ بالقدّيسين الذين تذكّرت أسماءهم. ولكن عبثاً! كنتُ قد أُدنْتُ. ورأيت أمّي التقيّة التي كنت أسخر منها وعلى وجهها ابتسامة جميلة. كانت هادئة ولكنّها أشارت إلى فوق. وإذا بقشور مؤلمة تسقط من عينيّ، فرأيتُ أحد مرضاي يقول لي: عندما تجدين نفسك في خطر مداهم استعيني بالربّ يسوع فإنّه افتداك بدمه ولن يتخلّى عنكِ. فأخذت أصرخ: "يا يسوع المسيح، يا ربّ، ارحمني وسامحني! أعطني فرصة ثانية!" تلك كانت أجمل لحظاتي. لستُ أجد كلاماً أصف به تلك اللحظة! لقد جاء! جاء وسحبني من الهوّة! قال لي: سوف تعودين وستكون لك فرصة ثانية! هذا ليس بسبب صلاة عائلتك لكِ، إنّه لأمر عادي أن يُصلّوا لكِ، بل بسبب توسّل أقوام غرباء عنك في اللحم والدم. هؤلاء صلّوا لكِ بحرارة وحبّ كبير. إذ ذاك أخذتُ أرى أنواراً تشعّ كانت هي صلوات الناس ومحبّتهم. رأيت الناس الذين صلّوا من أجلي. ولكن كان هناك لهبٌ أشدّ من سواه. هذا مدّني بمحبّة أكبر من غيره. حاولت أن أرى مَن يكون فقال لي الربّ: "هذا الذي ترينه هناك أحبَّكِ كثيراً ولم يعرفْك". كان ذلك إنساناً فلاّحاً فقيراً وقعتْ في يده صفحة من صحيفة اليوم السابق وكانت فيها صورة غلوريا ممزّقة ومحترقة. فتأثّر جداً وأخذ يبكي ويصلّي من أجلها ويصرّ على الربّ الإله أن يخلّصها وينذر النذور على نيّتها. "هذا هو الإنسان الذي قبلتُ شفاعته من أجلك". مثل هذا هو الحبّ الحقّ حيال الآخرين! ثمّ قال لي الربّ إنّي سأعود لأخبر بما رأيت وسمعت. ومَن يسمعكِ ولا يغيّر سيرة حياته سيكون مصيرُه صعباً جداً! وعادت غلوريا إلى الحياة وأُعيد بناء جسدها برحمة يسوع ونعمة منه لتُخبر بما جرى لها. هذه خلاصة قصّتها! فمَن له أذنان للسمع فليسمع! |
||||
11 - 08 - 2014, 06:10 PM | رقم المشاركة : ( 5036 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
لنيافة الأنبا رافائيل الغفران في المسيحية هناك مبدأ قانوني يقول: "الاعتراف سيد الأدلة"، وفي مجال المحاكم الأرضية يحكم القاضي بأقصى عقوبة على المتهم الذي أقر واعترف بجريمته، وثبت فعلاً إدانته.والسؤال هنا .. لماذا إذًا الاعتراف في الكنيسة أمام القاضي الروحي (أب الاعتراف) .. يؤدي إلى الغفران والتبرير، والخروج من ساحة المحكمة (جلسة الاعتراف) متبررًا؟ الإجابة هنا .. "لأنه قد سبق ودُفع الدين"."لأنَّ أُجرَةَ الخَطيَّةِ هي موتٌ" (رو6: 23)، "... وإنَّما عَثَرَ في واحِدَةٍ، فقد صارَ مُجرِمًا في الكُل" (يع2: 10). والخطية خطية سواء كانت كبيرة أم صغيرة، والنتيجة واحدة هي الموت .. إذًا فأنا محكوم عليَّ بالموت عدة مرات بسبب خطاياي الكثيرة والمتكررة، بل وفي كل يوم يتكرر الحكم عليَّ بالموت عدة مرات أيضَا. كيف نخلُص من هذا الكابوس؟ وكيف أنجو من هذا الموت؟ إنه الفادي المخلص المحرّر الذي سبق ودفع الدين عني وعنك وعن كل مَنْ يؤمن باسمه القدوس وخلاصه الثمين على الصليب المكرم. إن موت السيد المسيح على الصليب لم يكن له بل لنا. ولأن السيد المسيح هو الله المتجسد اللانهائي، صارت قيمة موته لا نهائية (أي كأنه صُلب ومات عددًا من المرات لا نهائيًا) .. وبالتالي صار موته رصيدًا لكل البشر، يسحبون منه عندما يتوبون ويقرون بخطاياهم أمام الأب الكاهن الذي بدوره يستحضر الغفران من المسيح بدمه الكريم المقدس، عندما يصلي التحليل على رأس المعترف.. (يكونون مُحاللين من فمي بروحك القدوس)، كوعد الكتاب: & "إنِ اعتَرَفنا بخطايانا فهو أمينٌ وعادِلٌ، حتَّى يَغفِرَ لنا خطايانا ويُطَهرَنا مِنْ كُل إثمٍ" (1يو1: 9). & "مَنْ يَكتُمُ خطاياهُ لا يَنجَحُ، ومَنْ يُقِرُّ بها ويترُكُها يُرحَمُ" (أم28: 13). لو كان السيد المسيح إنسانًا عاديًا، لكان موته الخلاصي يكفي إنسانًا واحدًا لمرة واحدة .. أما وأن المسيح هو الله بالحقيقة، لذلك فموته كاف لكل الناس مئات وآلاف المرات .. لكن بشرط الإيمان بقيمة هذا الدم الغافر والموت الفادي، الإيمان بأن السيد المسيح هو الله الحي بالحقيقة وأنه الفادي والمخلص.. ومع الإيمان أتقدم للاعتراف لوكيله المبارك أبي الكاهن "وُكلاءِ سرائرِ اللهِ" (1كو4: 1)، لأصرف منه حصتي من الغفران التي تركها لي أبي السمائي ربي يسوع المسيح، ثم نتقدم معًا للتناول من جسده ودمه الأقدسين اللذين يقال عنهما في القداس: "يعطى عنَّا خلاصًا وغفرانًا للخطايا وحياة أبدية لمَنْ يتناول منه". |
||||
11 - 08 - 2014, 06:11 PM | رقم المشاركة : ( 5037 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
صلاة يسوع الكهنوتية
في الفصل السابع عشر في السفر الرابع من أسفار الإنجيل. أي سفر يوحنا الإنجيلي. صلاةُ إن أردنا أن نتأمل فيها سنجد كثيراً من المعاني ولن ننتهي منها أبداً. لأنها من أجمل الصلوات التي يتكلم بها يسوع مع أبيه السماوي، ويدعوه "يا أبتِ". وما أجملك من كلمة ولا شيء يساويك سمواً لأن يسوع نفسه إستعملك وجَمَعَ فيكِ الأبّوة والأمومة... ولا شيء أعظم من هاتين الكلمتين المعبرتين عن وجود المحبة التي يُنهي بها يسوع هذه الصلاة. فمن خلال المحبة نصل إلى النمو، التكاثر ونملأ الأرض...(تك28:1) كما طلبَ الله من آدم وحواء منذ البدء، وكان هذا وعده لأبونا إبراهيم: "سأكثرنَّ نسلك مثل رملِ البحرِ وكنجوم السماء..." (تك17:22). صلاةٌ توضّح لنا العلاقة الحميمة جداً بين الآب والأبن وبين يسوع وتلاميذه. فقد "أتت الساعة"، وهذه الكلمة مستعملة جداً في سفر إنجيل يوحنا. من بداية السفر في عرس قانا الجليل قال يسوع لأمه لم تأتي ساعة بعد، ولكن بعد لحظات أتت ساعة يسوع وعمل ما كان يجب عليه أنّ يعمل. ولكن الساعة هنا هي ساعة المجد والألم والصلب والقيامة... الحياة الأبدية من أجل التلاميذ ومن أجل جماعة الناس الذين ليسوا من العالم المادي. "عالم الرفض" المؤسّس على الشيطان. وعندما يذكر الحياة الأبدية، يجب علينا أنّ نفرق بين الحياة والموت، فالحياة الأبدية ليست حياة الجسد بل معرفة الله والإيمان به. ويوجد علاقة وطيدة بين المعرفة والمحبة ومن هاتين يولد البنين الذين يجب عليهم أن يحافظوا عليهما. يقول يسوع: "أتممت العمل الذي وكَلَتَ إليَّ أن أعمله..." (يو4:17) أي أنه أتمم عمل الخلاص على الصليب عندما قال: "تمَّ كل شيء" (يو30:19). يتكلم النص أيضاً عن "الكلمة" وتتردد كثيراً ومنها نأخذ المكان الذي توجد فيه "كلمتك" أي يسوع المسيح نفسه "الكلمة صار بشراً، وسكن بيننا" (يو14:1). فآمن التلاميذ بهذه الكلمة المرسلة والمتجسدة في العالم، ويعتبر فعل الإيمان شرطٌ للمعرفة التي يجب أنّ يتحلَّى بها كلّ أنسان مسيحي مؤمن وخصوصاً ذلك المدعو إلى رسالة خاصة، الذي يحوّل الخبز والخمر إلى جسد ودم المسيح. "لست بعد اليوم في العالم" (يو11:17) لأنه سوف يعود إلى الآب الأزلي، لكي يرسل الروح المعزّي، المرشد والباراقليط... "وأمَّا هم فلا يزالون في العالم" (يو11:17) فاحفظهم من الشرير أيها الآب وأجعلهم يرفضون عالم الرفض والخطيئة. وأنّ يكونوا واحداً لكي يبقوا ثابتين في المحبة. التلاميذ في العالم لأن الله يحب العالم، كما هو موجود في نفس السفر "فإنَّ الله أحبَّ العالم، حتى إنَّه جادَ بابنه الوحيد لكي لا يهلِكَ كُلُّ من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية. فإنَّ الله لم يرسل ابنه ليدين العالم بل ليخلص بهِ العالم" (يو16:3-17). الخلاص ليس كالسحر بل يجب علينا أن نقول كلمة "نعم" القبول وليس الرفض. كمريم التي قالت: "أنا أمةُ الربّ، فليكن لي بحسبِ قولِكَ" (لو38:1). وكما قال الشعب الإسرائيلي في سفر الخروج: "كُلّ ما تكلم بهَ الربّ نسمعهُ ونفعله" (خر7:24). يوجد مبدئين "الخلق" و"الفوضى" فعلينا أن نختار بين الخلق والفوضى، فإذا أردنا أنّ نموت فاختيارنا هو الفوضى، وأمّا إذا اخترنا الخلق فسنحيا، كما هو موجود في سفر التثنية "إختر الحياة لتحيا" (تث15:30-20). يصلي يسوع من أجل الوحِدة، والوحِدة لا تأتي إلاّ من الله وحده مصدر ومبدأ كُلّ شيء. وهنا نرى أيضاً أنّ في جماعة يوحنا إنشقاقات.- مع العلم أن يوحنا كتب إنجيله إلى جماعة موجودة في أسيا الصغرى-. "ليكونوا واحداً" (يو11:17) هذا هو الذي يريده يسوع من التلاميذ، قبل أنّ يستودعهم ليكمّل مشيئة الآب في الآلام والموت والقيامة التي افتدت البشرية وكلَّ واحد منّا على مدى الزَّمن. الوحدة تطلُّبٌ ينطلقُ من دوافع أساسيّة إلى حدّ أنّ البابا يوحنا بولس الثاني كتب في رسالته ليكونوا واحداً: "أنّ نؤمن بالمسيح يعني أنّ نريدَ الوحِدة، وأنّ نريد الوحِدة يعني أنّ نريدَ الكنيسة، وأنّ نريدَ الكنيسة يعني أنّ نريدَ موهبة النعمة التي تلبّي قصدَ الآب منذ الأزل" (رقم9). ويقول البابا يوحنا الثالث والعشرون عند إفتتاح المجمع الفاتيكاني الثاني: "المسيح الربّ أنشأ كنيسةً واحدة لا غير. ومع ذلك فإنّ جماعات مسيحية عديدة تدَّعي في النّاس أنّها الوارثةُ الحقيقية ليسوع المسيح. إنّهم يعترفون جميعاً بأنّهم تلاميذ الربّ، ولكنّهم يقفون مواقفَ متبانية، وينهجون طُرقاً مختلفة، كما لو كان المسيحُ نفسهُ قد تجزّأ. واليقينُ أنّ مثلَ هذا التفتّت يتعارضُ صراحةً مع إرادة المسيح، وهو للعالم حجر عثرة، وعقبةٌ في طريق أقدس الغايات، أي الدعوة بالإنجيل في الخليقة كلّها" (قرار في الحركة المسكونية، 1). فالأمر الأهم هو أنّ نطلب من الربّ يسوع أنّ يمنحُنا جميعاً تسبيحهُ بصوتٍ واحد. "كرسهم بالحق إنّ كلمة حقّ" (يو17:17) الحق هو الكلمة نفسها أيّ يسوع المسيح إبن الله الحي. والتكريس الذي يطلبه يسوع هو التقديس نفسه أي أن يكونوا مقدَّسين لكي يُعِدوا للربّ شعباً مقدساً ومملكة من الكهنة. والكلام الذي قاله يسوع يجب علينا أنّ نقرأه ونفهمه ونتأمله ونترجمه إلى واقع حياتنا اليومية، لكي نستطيع أنّ ندخل نحن "الكنيسة" في العلاقة الثالوثية المفتوحة ولدخول جميع البشر فيها. ويطلب يسوع أنّ يكونوا موّحدين في المحبة الكاملة الموجودة والمعاشة في الثالوث الأقدس، إذ قال: "أريد أن يكونوا معي حيث أكون" (يو24:17) هذا ما يطلبه يسوع من الآب السماوي أن نكونَ في الملكوت السماوي المُعَدَّ للذين يؤمنون به ويحبونَ الآخرين في حياتهم الأرضية. فلنتضرع إلى الربّ يسوع دائماً، أنّ يمنحنا نعمهُ اللازمة في هذا العيد المقدس، لكي تكون فينا المحبة ونملك معه إلى الأبد |
||||
11 - 08 - 2014, 06:13 PM | رقم المشاركة : ( 5038 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الكنيسة الأب إفرام كرياكوس في الجبل المقدس 1- الكنيسة شعب الله يصبح خروفاً ناطقاً في رعيته المقدسة تماماً كما يطلب خادم الأسرار من الله: "أتحِده في رعية مورثك، اغرسْه غرسة حقة، في كنيستك المقدسة الجامعة الرسولية". عن طريق المعمودية المقدسة يولد الإنسان من جديد ويصبح عضواً في جسد واحد، مقدّس جامع ورسولي هو جسد الكنيسة، هو جسد المسيح المقدّس. في يوم العنصرة، المستمعون للرسول بطرس تقبّلوا بفرح توصيته وحثّه على التوبة وعلى المعمودية. اعتمدوا إذاً وأضافوا في ذلك اليوم على جماعة المؤمنين ثلاثة آلاف شخص جديد: "فقبِلوا كلامَه بفرح واعتمدوا وانضمّ في ذلك اليوم نحو ثلاثة آلاف نفس. وكانوا يواظبون على تعليم الرسل والشركة وكسر الخبز والصلوات. وصار خوف في كلّ نفس وكانت آيات وعجائب كثيرة تُجرى على أيدي الرسل وجميع الذين آمنوا كانوا معاً وكان عندهم كلّ شيء مشتركاً. والأملاك والمقتنيات كانوا يبيعونها ويقسمونها بين الجميع كما يكون لكلّ واحد احتياج. وكانوا كلّ يوم يواظبون في الهيكل بنفس واحدة. وإذ هم يكسرون الخبز في البيوت كانوا يتناولون الطعام بابتهاج وبساطة قلب، مسبّحين الله، ولهم نعمة لدى جميع الشعب وكان الرب كلّ يوم يضمّ إلى الكنيسة الذين يخلصون" (أعمال2: 41 ? 47). بعد المعمودية المقدسة والمناولة الإلهية ينتمي المؤمن إلى شعب الله. القديس غريغوريوس النيصّي يحثّ غير المعمّدين بهذه الأقوال: اتّحدْ بشعبِ الله السري. سبّحْ معنا كما يسبّح السرافيم ذوات الستة أجنحة مع المسيحيين الأتقياء. إرغبْ في تناول الطعام الذي يقوّي النفس أي جسد الرب القدّوس. تذوّق الشراب الذي يبهج القلب أي دم الربّ القدوس: إنك كموعوظ توجد خارج الكنيسة، خارج الفردوس، أمّا الآن عن طريق المعمودية المقدّسة يفتح الباب لكي تدخل إلى الفردوس الذي منه خرجت بعد السقوط" [1] عن طريق المعمودية المقدسة تدخل إلى الكنيسة التي هي الفردوس الجديد، فردوس المحبة الإلهية. وداخل الكنيسة المؤمنون كلّهم يؤلفون جسداً واحداً، وروحاً واحداً، كما دُعينا في رجاء واحد لدعوتنا ربٌ واحدٌ، إيمان واحد، معمودية واحدة. يسأل القديس يوحنا الذهبي الفم: ماذا يعني بجسدٍ واحد؟ فيجيب: "الجسد الواحد هو المؤمنون كلّهم معاً المنتشرون في المسكونة كلّها، الذين يعيشون اليوم والذين عاشوا والذين سوف يعيشون في المستقبل". جسد الرب القدّوس هذا هو كنيستنا المقدّسة تجتمع معاً وتمجّد الله. عن طريق الليتورجيا الإلهية يتراءى لنا سرّ جسد المسيح وينكشف. القديس يوحنا الذهبي الفم في شرحه للمقطع: "فإننا نحن الكثيرين خبزٌ واحدٌ جسدٌ واحدٌ" (1كور10: 17) يكتب ما يلي: ما هو هذا الجسد الذي نتناوله؟ هو جسد المسيح، لا أجساداً كثيرة بل جسداً واحداً." عن طريق المعمودية المقدّسة نصبح جسداً واحداً مع شعب الله المقدّس. عن طريق الليتورجيا الإلهية، شعب الله هذا يبتهل إلى الرب ويمجّده. إن الكاهن الذي يقدّم العبادة غير الدموية هو ممثل شعب الله، يتكلّم باسمه. لذلك يقول ساعة التقديس الشريفة: شعبك وكنيستك يبتهلان إليك (قداس يعقوب أخي الرب). في الليتورجيا الإلهية لا أحد يصلّي فردياً من أجل نفسه. الكنيسة كلّها تقدّم القرابين المكرّمة. لذلك الليتورجية ليست خاصةً أو فرديةً، وكلمة "ليتورجية" تعني "عمل الشعب". شعب الله المنتشر في كلّ المسكونة يشترك في الذبيحة المقدّسة. هناك مع المسيح، مع والدة الإله، مع القديسين وجميع القوات السماوية، شعب الله يمجّد محبة الله ويبتهل إليه من أجل الإستمرار في مسيرته نحو الملكوت. 2- الكنيسة بيت الرب الكنيسة هي مجموعة المؤمنين بالرب يسوع المسيح، الذين يعترفون به ربّاً ومخلّصاً، وقد اعتمدوا على اسم الثالوث القدّوس. ولكن الكنيسة هي أيضاً المكان الذي فيه يجتمع شعب الله ويمجّد الرب ويقدّم العبادة غير الدموية، خدمة سر الشكر الإلهي. القديس جرمانوس بطريرك القسطنطينية يجمع بين معنيي كلمة كنيسة ويعطي التحديد التالي: "الكنيسة هي هيكل الله، مكانٌ مقدسٌ، مكانٌ للصلاة اجتماع شعب الله، جسد المسيح واسمه، عروس المسيح التي تدعو الشعوب إلى التوبة والصلاة... الكنيسة هي سماء على الارض فيها يسكن الله السماوي ويتحرّك... الكنيسة هي بيت إلهي. هي مكان تقدّم فيه ذبيحة المسيح السرّية (أي الجلجلة الرهيبة)... وهي مغارة بيت لحم المقدّسة. هي قبر الربّ الكليّ القداسة ومائدة العشاء السري المغذية للنفس والمحيية". الهيكل المسيحي الأول هو المكان الذي أقام فيه يسوع المسيح العشاء السري. هو العلّية حيث هيّأ تلاميذ الرب العشاء الفصحي. هناك سلّم المسيح لتلاميذه سرّ الشكر الإلهي، هناك كلّمهم عن سرّ محبته غير المحدودة، هناك ظهر للأحد عشر بعد قيامته. هناك، بعد صعود المسيح كانت العذراء الكليّة القداسة مع التلاميذ يواظبون معاً على الصلاة والتضرّع. هناك في عليّة المدينة المقدّسة كانت والدة الإله الفائقة القداسة مع التلاميذ عند حلول عيد العنصرة... فظهرت ألسنة من نار موزّعة ومالئة الكلّ بالروح القدس". هذا الهيكل المسيحي الأول يدعوه القديس يوحنا الدمشقي أمّ الكنائس المنتشرة في كلّ المسكونة. في الزمن الرسولي كان سرّ الشكر الإلهي يُقام في بيوت المسيحيين مرتّبة بشكل مواقف يسمّيها بولس الرسول: "الكنائس التي في البيوت". وابتداءً من القرن الثاني بدأ إنشاء الأبنية المخصصة لعبادة الله. في زمن الاضطهادات المكان الذي فيه يجتمع المسيحيون لعبادة الله هو الدياميس (Catacombes) التي كانت في القديم مقابر المسيحيين. عندما بدأت الاضطهادات على الكنيسة أصبحت الدياميس أمكنة العبادة اليومية. وفي تلك الأيام كان المؤمنون يشعرون أنّ الهيكل هو المرفأ الأمين الروحي الذي يسود فيه سلام الله. بيت الله يقول القديس الذهبي الفم : "هو أساس الفضيلة ومدرسة للحياة الروحية. ليس فقط في ساعة الاجتماع حين يُتلى الكتاب المقدّس ويُعطى التعليم الروحي ويجتمع الآباء المحترمون بل وأيضاً خلال الوقت المتبقّي. دُسْ عتبة الهيكل المقدّس فتطرح للحال الاهتمامات الدنيوية. اعبرْ إلى مدخل الهيكل المقدس فتحيط بك نسمة روحية. هذا الهدوء يقودك إلى التخشّع ويعلّم الحياة الروحية. يصلح الفكر ولا يدعك تتذكر الحاضرات بل ينقلك من الأرض إلى السماء. إن كان الربح إلى هذه الدرجة كبيراً بدون اجتماع المؤمنين، بمجرّد حضورنا إلى الهيكل، فكم بالأحرى تكون الفائدة أكبر عندما يتكلم الأنبياء، عندما يكرز الرسل بالإنجيل البشارة السارة، عندما يحضر المسيح فيما بين المؤمنين، عندما يتقبّل الآب السماوي الأسرار المتممة، عندما يمنح الروح القدس بهجته الخاصة فكم يخسر الغائبون؟" هذا السلام الذي يؤمّنه بيت الله للذين يرتادونه، يودّ القديس يوحنا الذهبي الفم أن يتمتع به المؤمنون كلّهم. يقول: "كما هي الموانىء في المحيط هكذا أسّس الله الهياكل وسط المدن. هكذا يلتجىء إليها المؤمنون هاربين من دوخان الاهتمامات الدنيوية [2] إلى الهيكل حيث يجدون الهدوء السامي. لأنّ هنا في الهيكل لا يوجد خوف، لا هيجان للأمواج، ولا هجمات من اللصوص... لأنّ الهيكل هو مرفأ معتَق من كلّ ذلك. هو مرفأ روحي للنفوس. أنتم تشهدون على كلّ ذلك. لأنّه إن فتح أحد ضمير مكسوف يجد فيه راحة كبيرة لأن الغضب لا يزعجه ولا التعالي بنفسه ولا الرغبة تلهبه ولا الحسد يشوّهه، ولا شغف المجد الباطل يفسده. هذه الوحوش كلّها خضعت لأنّ سماع الكتب المقدسة مثل ترانيم إلهية تدخل بالسماع إلى النفس وترقّد هذه الأهواء اللاعاقلة الحيوانية". الهيكل هو المكان المقدس حيث يعيش كل مؤمن حضور الله. "بعد تتميم تدشين هيكل ما، يقول القديس كاباسيلاس، نعتقد أنه لا يعود هذا البيت فارغاً من الله بل يحوي في داخله السيّد" يسكن في داخله سيد البيت. ل ذلك بعد تلاوة خدمة التدشين لا نعود "نسمي الهيكل بيتاً فقط بل مقدّساً لأنه تقدّس من الآب القدوس والابن الكليّ القداسة والروح القدس فأصبح بيتاً للثالوث القدوس" (القديس سمعان التسالونيكي). الهيكل المقدس هو فردوس حضور المسيح: أيّ مرفأ يشابه مثل هذا الهيكل؟ أيّ فردوس يشابه مثل هذا التجمّع للمؤمنين؟ هنا لا يوجد شيطان يهاجمنا، بل المسيح الذي يدخلنا إلى أسراره" (القديس يوحنا الذهبي الفم). عندما ندخل إلى الهيكل يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: "ندخل إلى بلاط السماوات ونمشي على أرض تشرق نوراً". المذبح المقدس هو ينبوع يفيض موهبة المحبة الإلهية. "إن أسرار الكنيسة والمذبح المقدّس يثيران فينا التخشّع والخوف. فاض من الفردوس ينبوعٌ انسكب أنهاراً حسية. من المائدة المقدّسة يفيض نبع ينسكب أنهاراً روحية. وبالقرب من هذا المعين نبتت أشجار تصل إلى السماء، أشجار عندها دائماً ثمر ناضر لا يذبل. كلّ من يحترق من اللهيب فليقترب من هذا النبع ويتندّى... بما أن هذا الينبوع أصله في السماء". في كل ليتورجية إلهية تبتهل كنيستنا المقدسة من أجل الذين يدخلون إلى الهيكل "بإيمان وورع وخوف الله"، لأنه كما يلاحظ القديس يوحنا الذهبي الفم، عندما يدخل الواحد إلى قصر الملك الأرضي ينتبه إلى مسيرته، إلى نظرته وإلى تصرّفه كلّه، فكيف يمكن له عندما يدخل إلى قصر الملك السماوي أن يضحك وأن يستهزئ؟ وبينما نستلهم في الهيكل بخوراً حسياً لا نطهّره من الدنس العقلي ، لأننا لا ندنّس الهيكل كثيراً جداً إلا عندما نتكلم فيه عن الأرباح المالية... يتابع القديس أننا في الهيكل يجب أن نكون أجواقاً ملائكية، أن نجعل الكنيسة سماءً، أن لا نعرف إلا الصلوات والسماع بصوت". إن صلاة المؤمنين تقدّس المكان وتحوّل المصلّي إلى هيكل لله الحيّ. "أرأيت، يقول القديس يوحنا، كم هي قوة الصلاة؟ إنها تجعل من الناس هياكل للمسيح... ذاك الذي لا تحويه السماوات يدخل إلى نفس الذي يعيش في وسط الصلاة". الإنسان الذي يدخل إلى بيت الله يشترك بخوف الله بأسرار الكنيسة، يتقدّس ويصبح هيكلاً حاملاً المسيح. يصبح واحداً مع الكنيسة المقدسة "الكنيسة ما هي إلا بيتٌ بنته نفوسنا" كما يكتب بولس الرسول: "الذي فيه كلّ البناء مركّباً معاً ينمو هيكلاً مقدساً في الرب الذي فيه أنتم أيضاً مبنيون معاً مسكناً لله في الروح" (أفسس2: 20-21). الهيكل المقدّس هو قطعة من السماء على الأرض لذاك هو موجّه نحو الشرق لكي نتطلّع إلى الملكوت. إن المؤمنين يسيرون دائماً إلى فوق إلى أورشليم السماوية. هناك حيث الهيكل وبيت المؤمنين هناك هو الله "ولم أرَ فيها هيكلاً لأن الرب الله القادر على كل شيء هو والخروف هيكلها" (رؤيا21: 22). خلاصة مع القديس سمعان اللاهوتي الحديث، كل مؤمن يتوجه إلى الرب يسوع المسيح: عندما اتخذت جسداً أعطيتنا روحك الإلهي وأصبحنا بيت داود واحداً، كلنا معاً بخاصيتك، بقربك... أي كلنا بعد أن جمعتنا أصبحنا بيتاً واحداً كلنا أقرباء أخوتك كلنا. وكيف لا يرهب الواحد من العجب ولا يرتعد. الذي يتعلّم كل ذلك ويدركه أنك معنا الآن وإلى الدهر وتجعل من كلّ واحد بيتاً وتسكن فيه فتصير بيتاً للجميع ونسكن فيك. 1- حاشية عن المعمودية أو الصلاة: يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: "أن الإنسان داخل الفردوس كان يتمتع بالتكلم مع الله، وكان يبتهج لأنه يستطيع أن يتوجّه بجرأة أي بدالة نحو الرب، الملائكة كانوا يرتعدون أمام الله، الشاروبيم والسارافيم لم يكونوا يتجرؤون أن يتوجهوا إليه. أما الإنسان فكان يتعاطى معه كمثل الصديق مع صديقه". الشركة هذه للإنسان مع الله، تتم بواسطة الصلاة. وهي تتواصل ما دام الإنسان يحب الله ويطيع مشيئته المقدسة. 2- يجب أن تعود الرعية إلى مركزها الأول ودورها الأصيل ألا وهو واحة الهدوء والصلاة والسلام والمحبة وسط العالم. الرعية ليست فقط للنشاطات وللخدمات وللقداس فقط. بل هي محجة المؤمن (قطعة من الملكوت على الأرض) في وسط العالم. |
||||
11 - 08 - 2014, 06:41 PM | رقم المشاركة : ( 5039 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الخوف والمخافة كثيراً ما نعتقد الخوف و المخافه هما شيئ واحد لاكنهما كلمتين اذاً يوجد فرق. الخوف هو معروف انك تخاف من المستقبل لربما من الموت او انا عملت جريمه في حق فلاً من البشر او انا خالفت اشارة المرور سوف اوعاقب. لااعرف في الشرق الاوسط بل في بلاد الغرب توجد كاميراة في الطريق ان تجاوزة السرعة القانونية تاتيك المخالفة الى حد باب البيت مع الشكر و انت ملزم ان تدفع المخالفة. من الممكن انت تعلم عدد الغرامات و المخالفات التي ارتكبته بحق القانون الارضي. لاكن هل تعلم عدد المخالفات التي ارتكبته بحق الرب الاله العضيم هل تعلم عدد الوصايا التي انت كسرتها . اخي العزيز تعال و انضر ما يقول رب الارباب و ملك الملوك في سفر اشعياء 55: 1-2 أَيُّهَا الْعِطَاشُ جَمِيعاً هَلُمُّوا إِلَى الْمِيَاهِ وَالَّذِي لَيْسَ لَهُ فِضَّةٌ تَعَالُوا اشْتَرُوا وَكُلُوا. هَلُمُّوا اشْتَرُوا بِلاَ فِضَّةٍ وَبِلاَ ثَمَنٍ خَمْراً وَلَبَناً. لِمَاذَا تَزِنُونَ فِضَّةً لِغَيْرِ خُبْزٍ وَتَعَبَكُمْ لِغَيْرِ شَبَعٍ؟ اسْتَمِعُوا لِي اسْتِمَاعاً وَكُلُوا الطَّيِّبَ وَلْتَتَلَذَّذْ بِالدَّسَمِ أَنْفُسُكُمْ. هل يوجد اله احن و ارحم من الرب يسوع رغم الخطايا و المخالفات الكثيرة لاكن يقول في متى 11: 28 تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ الْمُتْعَبِينَ وَالثَّقِيلِي الأَحْمَالِ ، وَأَنَا أُرِيحُكُمْ. اِحْمِلُوا نِيرِي عَلَيْكُمْ وَتَعَلَّمُوا مِنِّي ، لأَنِّي وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ الْقَلْبِ فَتَجِدُوا رَاحَةً لِنُفُوسِكُم المخافة المخافه هيه الاحترام للاب السمواي لا الخوف و الرعب من الرب لاكن انا اكن كل الاحترام و الحب للرب لذالكه لا اعمل خطية. في المزمور 119: 11 خبأت كلامك في قلبي لكيلا أخطئ إليك كلما اناحافض الوصي وعامل بلوصية واعرف الرب يسوع هذه هي المخافه كيف اعرف مخافة الاب السماوي مكتوب في سفر الامثال كيف اعرف الاب السماوي و التقرب اليهي امثال 2: 1-11 يَا ابْنِي إِنْ قَبِلْتَ كَلاَمِي وَخَبَّأْتَ وَصَايَايَ عِنْدَكَ حَتَّى تُمِيلَ أُذْنَكَ إِلَى الْحِكْمَةِ وَتُعَطِّفَ قَلْبَكَ عَلَى الْفَهْمِ إِنْ دَعَوْتَ الْمَعْرِفَةَ وَرَفَعْتَ صَوْتَكَ إِلَى الْفَهْمِ إِنْ طَلَبْتَهَا كَالْفِضَّةِ وَبَحَثْتَ عَنْهَا كَالْكُنُوزِ فَحِينَئِذٍ تَفْهَمُ مَخَافَةَ الرَّبِّ وَتَجِدُ مَعْرِفَةَ اللَّهِ. لأَنَّ الرَّبَّ يُعْطِي حِكْمَةً. مِنْ فَمِهِ الْمَعْرِفَةُ وَالْفَهْمُ. يَذْخَرُ مَعُونَةً لِلْمُسْتَقِيمِينَ. هُوَ مِجَنٌّ لِلسَّالِكِينَ بِالْكَمَالِ لِنَصْرِ مَسَالِكِ الْحَقِّ وَحِفْظِ طَرِيقِ أَتْقِيَائِهِ. حِينَئِذٍ تَفْهَمُ الْعَدْلَ وَالْحَقَّ وَالاِسْتِقَامَةَ: كُلَّ سَبِيلٍ صَالِحٍ. إِذَا دَخَلَتِ الْحِكْمَةُ قَلْبَكَ وَلَذَّتِ الْمَعْرِفَةُ لِنَفْسِكَ فَالْعَقْلُ يَحْفَظُكَ وَالْفَهْمُ يَنْصُرُكَ هذا هو الاله الحقيقي الرحيم الحنان صابر عليك وهو واقف على باب قلبك و يقرع ان سمعت يقول ادخل و اتعشا معك يا اخي العزيز الوقت مقصر جداً جداَ افتح اذنيك و انضر حوليك هو قادم الرب على الابواب.اذا كنت تقول كيف اسمع الرب الاله العظيم لتكن اول طلبه هي ان تعرف الاله الحقيق و ان يعلن لك شخصه الكريم و بعد ذالك اقراء و قارن و حكم عقلك الاب السماوي وضع فيك ضمير و هو يرشدك الى الطريق الصحيح لاكن عليك ان تسئل من كل قلبك و فكرك و نفسك هو امين و عادل لن يخذلك مهما كان لونك شكلك شخصك مهما كانت خطاياك هو يعرف جبلتنا و يعرف عملناها بجهل القديس بولص كان شاهد على قتل استيفانوس اول شهيد في المسيحيه و رما كثير من المسيحين في السجون لاكن الاب السماوي ذكرهو برحمته الان هو الوقت المطلوب اليوم ان سمعتم صوته فلا تقسوا قلوبكم الاب الحنان بيحبك هو بذل نفسهو من اجلك للرب كل الكرامه و المجد من الان و الى الابد |
||||
11 - 08 - 2014, 06:42 PM | رقم المشاركة : ( 5040 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
عروس الروح، الإناء المقدس، كرامة حواء في ملء إنسانيتها
حديثنا اليوم حديث على نحوٍ خاص، حديث نستلذَّهُ عن من أُظهر فيها صورة المرأة في قمة إنسانيتها حسب قصد الله الصالح !!! أنه حديث عن المرأة الغير مُصابة والمجروحة في حُريتها وغير المُهانة في إنسانيتها، والتي فيها أُعيدت كرامة حواء – بل كل إمرأة – حسب طبيعة خلقها مع الرجل على صورة الله ومثاله !!! فاليوم نقف أمام جبل الطهارة الشامخ وقوة الإيمان الحي الراسخ العامل بالمحبة الصادقة، والكرازة الصامتة التي صارت أقوى من أي كلام آخر يُقال، أنها شهادة حية تُنطق بصمت في المحبة لتُعلن قوة تدبير تعطُفات الله من نحونا نحن البشر !!!فمنذُ خطيئة حوَّاء وطاعة آدم لمشورتها وتخلية عن كونه رأساً لها فلم يقودها لطاعة الله، وبذلك أصبح كُل رَجُل وامرأة ولدوا من نسله مجروحين في حُريتهم، مولودين تحت مذلة عبودية الموت المتسلط على كل نسل آدم عبر الأجيال كلها مؤكداً عليه من جيل إلى جيل. وحينما أتى ملء الزمان أتى الله متجسداً ليُعيد إلينا بقيامته الحٌُرية في صورة مجد أعظم جداً في شخصه حتى يكون بذلك خلاصنا مضموناً. وفي مريم العذراء – محور حديثنا اليوم – لم تَعُد هذه الحرية وعداً، بل إتمام ما قد وعد به الله الإنسان بأنبيائه القديسين: فمريم صارت حواء الجديدة بها تم استعادة كيان المرأة المجروح منذ السقوط، وصارت المثال الحي لكل امرأة تدخل في عهد الحب مع الله بإيمان حي وتوبة مستمرة، وبسبب مريم العذراء القديسة المختارة أم الله الكلمة المتجسد التي جعلها الله مثالاً للمرأة الجديدة في المسيح، تستطيع كل امرأة أن تقف من جديد حُرّه أمام الله لتنطق بإيمان ورجاء حي وطاعة كاملة لسيدها الرب قائلة: [ أنا أمة الرب، ليكن لي كقولك ] (لوقا 1: 38)... لذلك فأن كل امرأة تقبل سكنى الله فيها وتطيع مشيئته تصبح بنت مريم [ حواء الجديدة ] لأنه فيها قبلت بشارة الملاك ونطقت بلسانها الحلو [ أنا أمة الرب، ليكن لي حسب ما قال وأمر به الرب ] ... فيا بنات حواء الجديدة، أنسوا تماماً إنكم كنتم بنات حواء زوجة آدم القديمة، فاليوم لأنكم آمنتم بالمسيح الرب واعتمدتم على اسم الثالوث القدوس ودخلتُم في طريق التوبة الحقيقي المُدشن بدم حمل الله رافع خطية العالم، فلم ولن تعودوا أبناء حواء القديمة التي لم تحفظ وصية الله وأغوتها الحية بثمرة المعصية وأغرت آدم زوجها وسقطت معه وكان سقوطهما عظيماً، بل صرتم بنات حواء الجديدة التي قدمت طاعتها لله باتضاع عظيم في سر التقوى فصارت عن حق أماً للبشرية الجديدة في المسيح يسوع، بل وسبب بركة عظيمة للرجل...مريم العذراء لم يضعها الله لتكون مجرد شكل أو صورة أمامنا بل لتصر أماً للبشرية الجديدة، وذلك ليس جُزافاً، أو كمجرد رمز، بل هي أماً فعلاً وعن جدارة، وذلك لأنها تركت نفسها للرب واستسلمت للدعوى بدون أن تطلب أي برهان أو دليل أو تبدي أي شك سوى سؤال بريء يدل على تعجبها الشديد [ كيف يكون لي هذا ولا أعرف رَجُل ]، ولكن حينما أكمل الملاك الدعوة ورد على السؤال وقال أن قوة العلي تُظللك والمولد منك يُدعى قدوس الله، فلم تتسائل ولم تتكلم وترد على الملاك باتضاع كاذب ليس له أصل مثلما نفعل أحياناً كثيرة وتقول لا استحق هذا، بل قالت على الفور ببساطة قلب صريح في الإيمان بخضوع تام لمشيئة الله وإرادته [ هوذا أنا أمة (عبدة) الرب ليكن لي كقولك ] ونطقت بهذا بدون أن تطلب علامة مثلما فعل زكريا عند بشارة ميلاد يوحنا المعمدان، بل بقبول سلس للغاية حتى أنها لم تتسائل ماذا سيقول الناس عني وكيف سأعيش وأدبر حالي وانا بلا رجل !!! وبذلك استسلمت بالتزام كُلي لمشيئة الله وحضوره الغير مفحوص بل ولم تسعى لفحصه أو تطلب أن ترى، فاحتضنها روح الله على الفور حتى نبتت كلمة الله في جسدها بسرّ فائق غير مفحوص من جهتنا نحن البشر، واستمرت مريم العذراء كل حين تعيش بصمت الإيمان الحي وملء قوته في المحبة الصادقة من كل قلبها في طاعة منقطعة النظير، وذلك من يوم البشارة ليوم انتقالها لحبيبها وإلهها وملكها وابنها وعريسها الشخصي يسوع، وكانت تحفظ كل هذه الأمور وتتأملها في قلبها (لوقا 2: 19)، لأن كل نطق لشخص ربنا يسوع صار لهجها وهذيذ قلبها الخاص، لذلك صارت مثال للكنيسة ولكل مؤمن حي فيها...يا إخوتي انتبهوا جداً، فمريم العذراء القديسة أعظم من الأنبياء من جهة السرّ التي نالته، هي نبيه من نوع خاص جداً بل وُمميز يختلف عن كل من سبقها بل ومن يأتي بعدها، إذ قد حملت الله في قلبها وفكرها وأحشاؤها وتممت رسالته كما هي على أكمل وأتم وجه وفي قمة الإيمان والوداعة والطاعة والشجاعة والبذل والعطاء بصمت المُحبين الذين يحفظون سرّ الحبيب، وهي تحمل صفة النبيه الأمينة جداً والمؤتمنة على سرّ الخلاص الإلهي العظيم في أحشاؤها التي تقدست جداً ونالت ما لم يناله أحدٌ قط، وقد صارت أأمن من الأنبياء على رسالة الله للخلاص، فنحن نرى أن إيمان إبراهيم أب الآباء العظيم وصل إلى حد تقدمه ابنه الوحيد اسحق، ابن الموعد، لكن الملاك أوقفه عن أن يتمم تقدمته بالموت أي بذبح اسحق ولم يجتاز محنة موت ابنه قط... أما إيمان مريم فقد ذهب إلى النهاية حتى الموت. فقد وقفت عند الصليب ترى وتنظر وتتأمل في [ الذي طعنوه ] أمام أعينها بصمت عجيب مُذهل، فهي عالمة أن هذه ساعته وقبلتها وحفظتها من يوم ميلاده [ سيجوز في نفسك سيف ]، واستسلمت كُلياً لكلمة الله بما يفوق بكثير جداً مما طُلب من الأنبياء أنفسهم على مر تاريخ شعب الله، فقد فاقت رئيس الأنبياء ورئيسهم موسى أحلم من كان على وجه الأرض، فهي صارت أحلم منه وأعظم على الإطلاق !!!وتعالوا نرى مشهد مُحير يجعلنا نتعرف على هذه الشخصية التي قلبت موازين تاريخ المرأة كلها إذ صارت لها أماً فكللتها بمجدٍ عظيم قصده الله في مريم أن يكون، لأن الله حفظ للمرأة كرامة على نحوٍ خاص جداً !!! فنحن نُلاحظ عند القيامة لا يذكر الإنجيل شيئاً عن لقاء الرب مع العذراء أمه، فلم تكن من بين الذاهبات للقبر ولا الحاملات الطيب في صباح الفصح ولم تبحث عن الحي من بين الأموات. وكل ما نعرفه أنها كانت بين الرسل والنساء اللواتي تبعن يسوع في صباح العنصرة [ يوم حلول الروح القدس ] أي في اليوم الذي تجلت فيه أمانة الله بالروح القدس إذ تحقق الوعد الذي وعد به !!! من هذا يتضح لنا أن القديسة العذراء مريم صخرة إيمان حي لم يهتز بابنها المحبوب وليس بحاجة للسعي لعلامات ظاهرة أو بحث عن المسيح، لأنها كانت تحفظ كلامه وبكل تأكيد حفظت كلمته جيداً الذي قالها [ في اليوم الثالث يقوم ].... في البشارة استحوذ على مريم العذراء أم الله الكلمة المتجسد ظل الروح القدس [ قوة العلي تُظللك ]، وفي يوم العنصرة استحوذ عليها كنار. ولم يُكتب كيف استقبلت القديسة مريم الروح القدس في تلك الساعة، ولكنها بالطبع وهي التي كانت طوال حياتها مستسلمة له بكليتها، حتى سماها الآباء [ عروس الروح ]، مُنحت في تلك الساعة موهبة خاصة لتكون أماً ومثالاً حياً للكنيسة، وأصبحت ذاكرة قلب الكنيسة التي لا تُنسى، وكُللت لتكون رأس المرأة الجديدة والممثلة عنها أمام الله في المسيح الذي هو رأس الكنيسة كلها، فالمسيح بالطبع هو الرأس الحقيقي الذي لنا جميعاً بلا استثناء رجالاً ونساء معاً، ولكن العذراء صارت هي حواء الجديدة والتي تُمثل على مستوى الفعل كل امرأة مولودة من الماء والروح في الطاعة والخضوع لمشيئة الله القدوس الحي...____مابين البشارة وحلول الروح القدس في العنصرة_____ فهل يُريد أحد أن يتعرف على المرأة وصورتها الحقيقية ويعرف من هم بنات العهد الجديد، بنات الله الحي في المسيح، أي يتعرف على البنات والسيدات المسيحيات لا شكلاً إنما فعلاً وعلى مستوى مشيئة الله وإرادته، فلينظر لإنسانيتهم المُحققة بصورة مجد خاص مُشع في أمهم العذراء القديسة مريم والتي صارت [ امرأة ملتحفة بالشمس والقمر تحت قدميها، وعلى رأسها إكليل من أثنى عشر كوكباً ] (رؤيا 12: 1) فيا كل بنت وشابة وفتاة وإمرأة افتخري بأنوثتك ومجدي شخصيتك في المثال الأعلى والأجمل، وحققي إنسانيتك في جمال البهاء والطهارة في المسيح الرب كبنت للعذراء حواء الجديدة، فأنتِ منذ قيامة يسوع لم تعودي بنت حواء زوجة آدم المجروحة حُريتها والمُهانة إنسانيتها ومُقيدة بالموت، بل افتخري لأن أمك هي العذراء القديسة التي هي مثالك الحي عَبر الدهور، فتعلمي منها واطلبي من الرب سرّ تقواها وطاعتها لتستحوذ قلبك وفكرك فتصيري إناء حي مُخصص لسكنى الله بشخصه وذاته، فيشع في إنائك القداسة والعفة والنقاوة لأجل مجد الله وحده، فتصيري جنة مغلقة، ينبوع مختوم للعريس السماوي وحده... كل سنة وانتم طيبين صيام مفرح لنا جميعاً لأنه صيام بتولي تكريسي على مستوى الداخل، لذلك علينا أن نصوم من اليوم صوم المحبين لله ومثالنا الحي هي عذراء الدهور كلها، وذلك لكي نقف بطهارة وإيمان حي، إيمان الطاعة لنُطيع كل كلمة نسمعها من فم الله الحي، وحينما نسمع من آمن بي ولو مات فسيحيا، نقول بثقة: ليكن لي كقولك أحييني... فيا أولاد الطاعة، تشبهوا بالمثال الحي الذي لنا، فصيامنا الآن هو صيام تشبيهي، أي غرضنا أننا نتشبه بالعذراء ونكون آنية تحمل مجد الرب بطاعة الإيمان في المحبة، فلنتب الآن بصدق ونؤمن بمسيح القيامة والحياة ونحيا سرّ الخلاص الذي نلناه بمعموديتنا سالكين ليس حسب أركان هذا العالم، بل حسب الدعوة التي دُعينا بها، لأن لنا دعوة مقدسة علينا أن نحققها بقبولنا إياها، لذلك حينما تكلم القديس بطرس الرسول على أننا دُعينا لأن نكون شركاء الطبيعة الإلهية، لم يكن منتظراً أن نحلل ونتفلسف وندخل في مهاترات الفكر ونتصارع على الألفاظ، بل لننطق مع العذراء كل حين قائلين: هوذا أنا عبد الرب ليكن لي كقولك آمين (وهذا هو الإيمان الحقيقي الحي) |
||||