![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 41 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() شُبهات وهميَّة حول إنجيل يوحنا وللرد نقول: (1) يستشهد المعترض بكلام الذين لا يؤمنون بالوحي، وينقل جزءاً من كلام المفسرين ويحذف باقيه. فعلى سبيل المثال قال هورن: »جميع المسيحيين على اختلافهم وتشعّبهم يتمسكون بإنجيل يوحنا، ويعتقدون أنه وحي إلهي. والأدلة على صحته داخلية وخارجية، فالأدلة الداخلية هي أنه ورد فيه أن الذي كتبه كان شاهد عيان للحوادث المذكورة، وشاهد العيان لا يحتاج إلى برهان، وعليه فلا يمكن أن يكون أحد المسيحيين كتب هذا الإنجيل بعد يوحنا. أما البرهان الخارجي فهو شهادة قدماء أئمة الدين المسيحي المتصلة من الخَلَف إلى السَّلَف، فتكلم عن هذا الإنجيل أكليمندس وبرنابا، وتكلم عنه أغناطيوس أسقف أنطاكية الذي كان تلميذاً للرسول يوحنا أربع مرات. وتمسّك به يوستين الشهيد وتاتيان وكنائس ويانة وليون وإيريناوس وأثيناغوروس وثاوفيلس أسقف أنطاكية وأكليمندس الإسكندري وترتليان وأمونيوس وأوريجانوس ويوسابيوس وأبيفانيوس وأغسطينوس وفم الذهب. وبالاختصار سلّمه الأئمة من جيل إلى آخر. وقيل إن طائفة الألوجيان (في القرن الثاني) رفضت هذا الإنجيل ورسائل يوحنا، ولكن لم نعرف عن هذه الطائفة شيئاً يُعتمد عليه، فإن إيريناوس ويوسابيوس وغيرهما من المؤلفين الذين كانوا قبلهما لم يأتوا لهم بذكر. (2) كان هذا الإنجيل متداولاً في عصر يوحنا كما هو، ولم يشك أحد من المسيحيين الأولين في صحته. (3) عبارات يوحنا 21 ولغته تشابه عبارات هذا الإنجيل. وقد راجع كريسباخ أكثر من ثمانين نسخة من النسخ القديمة، فرأى أنها مثل النسخة المتداولة بيننا. فترك المعترض جميع هذه البراهين. قال المعترض:»لم يشر إيريناوس إلى إنجيل يوحنا مع أنه كان تلميذ بوليكاربوس الذي كان تلميذاً ليوحنا«. وللرد نقول: بل تكلم إيريناوس عن هذا الإنجيل، فقال: »لما كان قصد يوحنا دحض بدع وضلالات سرنثوس والنقولاويين، كتب إنجيله بوحي إلهي، فأوضح فيه وحدانية الله الذي خلق جميع الأشياء بكلمته، وفنّد أقوال من قال إنه يوجد أربعة آلهة: خالق للعالم، وأبو الرب، وابن الخالق، والمسيح. وقال إيريناوس إن يوحنا تلميذ ربنا قال: »وأما هذه فقد كُتبت لتؤمنوا أن يسوع هو المسيح ابن الله، ولكي تكون لكم إذا آمنتم حياة باسمه« (يوحنا 20:31) وغاية الرسول أن يحذرنا من أصحاب البدع الكفرية الذين يشركون بالله«. وقد أثبت أغسطينوس وغيرُه كلمات إيريناوس هذه. قال المعترض:»في القرن الثاني الميلادي أنكرت فرقة الألوجيان إنجيل يوحنا وجميع كتابات يوحنا«. وللرد نقول: فرقة الألوجيان ليست من فرق المسيحيين، بل هي شيعة ابتدعت ضلالة كفرية. وكانت غاية يوحنا الرسول من كتابة هذا الإنجيل استئصال الضلالات، ولا سيما ضلالة سرنثوس، وهو يهودي تهذَّب في اسكندرية في أواخر القرن الأول، وحاول إحداث طريقة تكون جامعة لتعاليم الديانة المسيحية وضلالات أصحاب المذاهب الفكرية، فردَّ عليه الرسول يوحنا بأن المسيح هو كلمة الله، وأن الكلمة هو الله هو خالق جميع العالمين، وأن الحياة والنور ليسا روحَيْن بل هما الكلمة، وأن المسيح هو الكلمة والحياة والنور. قال المعترض:»جاء في يوحنا 1:1 »وكان الكلمة الله«. ولكن الترجمة الصحيحة هي »وكان الكلمة إلهاً« لأن الأصل اليوناني لا يحوي ألـ التعريف قبل كلمة »الله«. وهكذا يقول شهود يهوه«. وللرد نقول: عند ذكر ألـ التعريف في اللغة اليونانية يكون المقصود شخصاً بذاته. وعند عدم ذكرها يكون المقصود طبيعة الشخص أو الشيء. ولما لم ترد ألـ التعريف قبل كلمة »الله« تكون الترجمة الحرفية للآية »وكان الكلمة من طبيعة الله«. وهذا ما نتعلمه من آيات أخرى مثل قول المسيح في يوحنا 8:58 »قبل أن يكون إبراهيم أنا كائن (أي: أنا يهوه)« وقول توما للمسيح: »ربي وإلهي« (يوحنا 20:28). وقد لُقِّب المسيح بأنه الله في آيات أخرى (راجع كولوسي 1:15 و16، 2:9 وتيطس 2:13). كما ورد لقب المسيح بالله مع أداة التعريف في عبرانيين 1:8 »أما عن الابن: كرسيُّك يا ألله إلى دهر الدهور«. اعتراض على يوحنا 1:18 - رؤية الله انظر تعليقنا على تكوين 32:30 قال المعترض:»ورد في يوحنا 1:19 و20 أن اليهود أرسلوا من أورشليم كهنة ولاويين ليسألوا المعمدان: »من أنت؟« فأجاب إنه ليس المسيح. فسألوه: »إذاً ماذا؟ إيليا أنت؟« فقال: »لست أنا«. ولكن المسيح قال في متى 11:14 عن يوحنا: »فهذا هو إيليا المزمع أن يأتي«. وجاء في متى 17:10 »وسأله تلاميذه: فلماذا يقول الكتبة إن إيليا ينبغي أن يأتي أولاً؟« فأجاب يسوع: »إن إيليا يأتي أولاً ويردّ كل شيء. ولكني أقول لكم إن إيليا قد جاء ولم يعرفوه، بل عملوا به كل ما أرادوا. كذلك ابن الإنسان أيضاً سوف يتألم منهم«. حينئذ فهم التلاميذ أنه قال لهم عن يوحنا المعمدان«. وللرد نقول: انتظر اليهود تحقيق النبوَّات بالمعنى الحرفي، فكانوا يتوهّمون أن المسيح يكون ملكاً جباراً يفتح البلاد ويحررهم من نير الرومان، ويجعل منهم وزراء وولاة في مملكته. ولم يخطر ببالهم أن ملكوت المسيح ملكوت روحي يحكم فيه بالمحبة والسلام والبر. فلما رأوه وديعاً متواضعاً ازدروا به. وعلى هذا القياس توقَّعوا تحقيق نبوَّة ملاخي عن مجيء إيليا قبل مجيء المسيح حرفياً. فلما أرسل اليهود كهنة ولاويين ليسألوا يوحنا المعمدان إن كان هو إيليا الحقيقي فأجاب: لا، ولكنه لم ينكر أنه هو »إيليا« الذي تنبأ عنه النبي ملاخي، فإنه أوضح (في آية 23) أنه أتى ليمهد طريق الرب. وبقوله إنه ليس إيليا أزال أوهامهم عن إيليا، وبيَّن لهم الحقيقة، وهي أنه أتى بروح إيليا. وفي قول ملاخي: »سيأتي إيليا« شبَّه المعمدان بإيليا. والقارئ المدقق لكلمة الله يرى بينهما أوجه شبه كثيرة، فيوحنا مثل إيليا في تقشّفه وزُهده وغيرته، ومثله في شهامته في توبيخ الأمراء والوجهاء لانحرافهم عن الحق. وورد في لوقا 1:17 أنه أتى بروح إيليا وقوته، فالمسيح قال إنه إيليا، وإنه أدّى مأموريته، وهي تمهيد الطريق أمام المسيح. فلا تناقض بين قول يوحنا وقول المسيح، فيوحنا نفى أوهام اليهود من أن إيليا الحقيقي الذي صعد إلى السماء حياً سيأتي بنفسه. ولم يكن المعمدان إيليا الحقيقي، ولكنه أتى بروح إيليا. انظر تعليقنا على لوقا 1:17 قال المعترض: جاء في يوحنا 1:21 أنه بعد أن قال المعمدان إنه ليس المسيح ولا إيليا سأله شيوخ اليهود: »النبي أنت؟ فأجاب: لا«. وواضحٌ أنهم سألوه عن ثلاثة أنبياء بالتوالي: المسيح، وإيليا، والنبي. ولم يخالفهم المعمدان في ما سألوه عنه. فالنبي المشار إليه هنا لا هو إيليا ولا هو المسيح. كذلك النبي الذي تنبأ عنه موسى (تثنية 18:18) ليس هو المسيح ولا إيليا، بل نبي يأتي بعدهما«. وللرد نقول: نرجو أن يراجع القارئ تعليقنا على تثنية 18:18 بخصوص النبي الذي كتب عنه موسى. وعليه فالنبي المشار إليه في سؤال اليهود ليوحنا المعمدان هو المسيح بذاته. وسأل اليهود عن الثلاثة، مبتدئين بالأخير إلى الأول، باعتبار ترتيب زمان ظهورهم، فقالوا للمعمدان: »أأنت المسيح؟« ظناً منهم أنه ربما يكون هو، فلما قال إنه ليس المسيح سألوه إن كان هو سابقه (أي إيليا- ملاخي 4:5 ومتى 17:10 ومرقس 9:11) فقال إنه ليس إيليا الحرفي (راجع تعليقنا على يوحنا 1:19 و20). ولما لم يفهم اليهود من هو يوحنا المعمدان، إذ لم يكن المسيح ولا إيليا، حاروا في أنفسهم والتجأوا إلى رأي ارتآه بعض اليهود، وهو أن النبي الذي كتب عنه موسى هو سابق آخر للمسيح. وليس من المعقول ولا المحتمل أن يكون سؤالهم ليوحنا عن نبي يأتي بعد المسيح، خصوصاً والمسيح نفسه لم يكن قد ظهر بعد. ولهذا يلزم أن يكون سؤالهم إما عن المسيح أو أحد سابقيه، لا عن نبي يأتي بعده. انظر تعليقنا على لوقا 1:17. قال المعترض:»جاء في يوحنا 1:29 و36 قول يوحنا المعمدان إن المسيح هو حمل الله، وهذا يناقض صفته في رؤيا 5:5 أن المسيح هو الأسد الخارج من سبط يهوذا، فالأسود تلتهم الحملان«. وللرد نقول: التشبيهان يصحّان في المسيح، فهو كالحمل في نقائه ووداعته، وفي أنه الذبيحة الذي يرفع خطية العالم. وفي الوقت نفسه هو كالأسد في قوته ومُلكه. ولا تناقض بينهما، فكل تشبيه منهما ينقل لنا صورة عن المسيح، مختلفة عن الأخرى، لكنها لا تتناقض معها. نعم، كان المسيح حملاً وقت صلبه، وأسداً وقت قيامته. اعتراض على يوحنا 1:33 - عرفه أو لم يعرفه؟ انظر تعليقنا على متى 3:14 اعتراض على يوحنا 1:35-46 - دعوة التلاميذ انظر تعليقنا على متى 4:18-22 اعتراض على يوحنا 1:44 - أين سكن بطرس؟ انظر تعليقنا على مرقس 1:21 و29 قال المعترض:»ورد في إنجيل يوحنا 1:51 »الحق الحق أقول لكم، من الآن ترون السماء مفتوحة، وملائكة الله يصعدون وينزلون على ابن الإنسان«. وهذا خطأ، لأن هذا القول كان بعد معمودية المسيح، وبعد نزول الروح القدس، ولم ير أحدٌ بعدهما أن السماء انفتحت، وملائكة الله صاعدة ونازلة على المسيح«. وللرد نقول:»ترون ابن الإنسان« تعني تتأكدون. فهي لا تعني النظر بالعين، بل العلم واليقين. وقوله »السماء مفتوحة« عبارة مجازية تعني إغداق البركات (كما في مزمور 78:23-24) »وفتح مصاريع السموات وأمطر عليهم منّاً للأكل«. وأيضاً تدل على عمل معجزة لتأييد أمرٍ ما (متى 3:16). وهي تدل هنا على معجزة. وفي هذه العبارة إشارة ظاهرة إلى السُّلَّم الذي رآه يعقوب في الرؤيا، وكانت الملائكة صاعدة ونازلة عليها (تكوين 28:18). وقوله: »الملائكة صاعدة ونازلة« فالملائكة جميعهم أرواح خادمة مرسلة للخدمة لأجل العتيدين أن يرثوا الخلاص (عبرانيين 1:14). وقد تحقق قول المسيح من صعود ونزول الملائكة عليه، فقد خدمته الملائكة وقت التجربة في البريّة (مرقس 1:13) ولما كان في البستان (لوقا 22:43). بل كانت الملائكة حاضرة لما قام من الأموات، فالمسيح أوضح لنثنائيل أن الملائكة خدمته وقت تجسده، ووقت مكايد وحيل أعدائه، ووقت موته وصلبه وقيامته، مما دلّ على أنه الكلمة الأزلي. اعتراض على يوحنا 2:1 و2 - أين ذهب المسيح بعد معموديته؟ انظر تعليقنا على مرقس 1:12 و13 قال المعترض: »نقرأ في يوحنا 2:1-11 »قصة تحويل الماء إلى خمر. فهل هذا تحليلٌ لشرب الخمر؟ وهل شرب المسيح خمراً؟ ولماذا قال المسيح للعذراء مريم: »مالي ولك يا امرأة؟« أما كان يمكنه أن يقول: »مالي ولك يا أماه« احتراماً للأمومة؟«. وللرد نقول: كان شرب الخمر مقبولاً عند اليهود، وكانوا يسكبون الخمر على الذبائح (خروج 29:40)، وكانوا يدفعون عشور خمورهم لبيت الرب (تثنية 18:4). وقد مُنع شربه على النذير الذي ينذر نفسه للرب خلال فترة نذره فقط (العدد 6:3). كما مُنع على الكاهن أثناء أدائه خدمته في القدس (لاويين 10:9). على أن السُّكر بالخمر هو الذي كان ممنوعاً (إشعياء 5:11-17 و1كورنثوس 5:11 و6-10 وأفسس 5:18 و 1بطرس 4:3). وقد وُصف المسيح بأنه شرّيب خمر ومحبٌّ للعشّارين والخطاة (متى 11:19 ولوقا 7:34). ووصف بولس الخمر دواءً لتلميذه تيموثاوس كنصيحة طبية (1تيموثاوس 5:23). أما عن معجزة تحويل الماء إلى خمر، فهي أولى معجزات المسيح. وقول المسيح لأمه: »ما لي ولك يا امرأة« تعبير عبري يتوقف معناه على نبرة صوت قائله، فإذا قال التعبير بحِدَّة فهو يوبِّخ الذي يكلمه. ولا يمكن أن يكون المسيح الكامل في تصرفاته قد كلم أمه بحدَّة وهي العذراء المطوَّبة. ولا بد أنه قاله في رِقَّة، والمعنى في هذه الحالة هو: »لا تقلقي. أنتِ لا تعرفين ما سأفعله، لكن اتركي الأمر لي وسأعالجه بطريقتي. أنا سأتصرَّف«.فالمسيح قدَّم نصيحة بكل المحبة. قال المعترض:»كان كلام المسيح في كثير من الأحيان غامضاً حتى لم يفهمه معاصروه وتلاميذه، ما لم يفسره لهم بنفسه، كقوله في يوحنا 2:19-23 »انقضوا هذا الهيكل وفي ثلاثة أيام أقيمه«. وهي نبوَّة عن موته، وكذلك عدم فهم التلاميذ موت المسيح (لوقا 9:44 و45 و18:31-34)، وكذا تعبيره عن موت الصبيَّة وموت لعازر بالنوم (لوقا 8:52 و53 ويوحنا 11:11)، وكذا تحذيره لتلاميذه من خمير الفريسيين أي تعليمهم ونفاقهم (متى 16:6-12)، وكذا تشبيه تجديد القلب بولادة جديدة (يوحنا 3:3-10)، وكذا تشبيه نفسه بخبز الحياة (يوحنا 6:55)«. وللرد نقول: أقوال المسيح واضحة لمن يريد أن يفهم المعاني الروحية، فقد ورد في مرقس 4:33 و34 »وبأمثال كثيرة مثل هذه كان يكلّمهم حسبما كانوا يستطيعون أن يسمعوا، وبدون مثلٍ لم يكن يكلمهم«. فسبب عدم فهمهم ليس لصعوبة الكلام، بل لعَمَى الأفهام. (1) من أسباب عدم فهم اليهود قول المسيح عن نقض الهيكل وإقامته في ثلاثة أيام (يوحنا 2:19-23) وعجزهم أن يفهموه عندما تحدَّث عن موته (لوقا 9:44 و45 و18:31-34)، أنهم كانوا يتوقعونه ملكاً أرضياً يحررهم من الاستعمار الروماني. فلما أتى متواضعاً رفضوه، ولم يدروا أن مملكته روحية فإنه يملك على القلوب بالمحبة. ولما رأوا معجزاته وكيف كان يفتح أعين العميان ويقيم الموتى، وكانوا متأكدين أنه قادر على ملاشاة العالم في طرفة عين، رفضوا أن يفهموا الحديث عن موته، ولم يدروا أنه كان ينبغي أن يتألم. (2) النوم بمعنى الموت ورد في »لسان العرب«، فالمسيح (في لوقا 8:52 و53 ويوحنا 11:11) خاطبهم بالمتعارف عليه، ويقولون إن النوم موت قصير والموت نوم طويل. ووصف المسيح الموت بالنوم ليوضح لنا أن الموت ليس فناءً بل مجرد رقاد تعقبه القيامة. والذي ينام يستريح، ويقوم، كما قيل: »طوبى للأموات الذين يموتون في الرب، نعم يقول الروح، لكي يستريحوا من أتعابهم، وأعمالهم تتبعهم« (رؤيا 14:13). (3) أما إشارة المسيح إلى نفاق الفريسيين وتعليمهم ووصفه بالخمير (متى 16:6-12) فمفهوم عند اليهود، الذين حرَّمت شريعتهم الخمير في معظم التقدمات (خروج 34:25 ولاويين 2:11). (4) وكان حديث المسيح لليهود عن الولادة الثانية مفهوماً عندهم (يوحنا 3:3-10)، لأنه لما كان وثنيٌّ يتحوَّل إلى اليهودية كانوا يعمِّدونه معمودية المهتدين، ويعتبرون كل روابطه السابقة مقطوعة، ويحسبونه طفلاً حديث الولادة. وهذا استعارة مفهومة على مستوى قانوني.. وقد انصبَّ اهتمام اليهود على الطقوس الخارجية من الغسلات وخلافها، فنبّههم المسيح إلى هذا الخطأ وقال: »ليس ما يدخل الفم ينجس الإنسان بل ما يخرج من الفم هذا ينجس الإنسان.. وأما الأكل بأيدٍ غير مغسولة فلا ينجس الإنسان« (متى 15:11 و20). وكان يمكن لسامعي المسيح أن يفهموا ما قاله، فقد ورد في مزمور 51:10 و11 »قلباً نقياً اخلُقْ فيَّ يا الله وروحاً مستقيماً جدِّدْ في داخلي. لا تطرَحْني من قدام وجهك وروحك القدوس لا تنزِعْه مني«. وكذلك في حزقيال 36:26. (5) أما تشبيه المسيح نفسه بخبز الحياة فلأنه يعطي المؤمن حياةً أبدية، كما أن الخبز المادي يعطي حياة للجسد (انظر تعليقنا على يوحنا 6:55). اعتراض على يوحنا 3:3-10 - هل كلام المسيح غامض؟ انظر تعليقنا على يوحنا 2:19-23 قال المعترض: »جاء في يوحنا 3:13 »ليس أحدٌ صعد إلى السماء، إلا الذي نزل من السماء، ابن الإنسان الذي هو في السماء«. ولكن صعد إلى السماء أخنوخ (تكوين 5:24) وإيليا (2ملوك 2:11) وبولس (2 كورنثوس 12:2)«. وللرد نقول: السماء التي نزل منها المسيح وإليها صعد ليست هي التي صعد إليها أخنوخ وإيليا وغيرهما، فهناك: (1) سماء الطيور: وهي الجو المحيط بنا، وتحدَّث الكتاب عن طير السماء (تكوين 1:26 و7:3). فيها السحاب ومنها يسقط المطر (تكوين 8:2)، وفيها تطير الطائرات. (2) وهناك سماء أعلى من سماء الطيور، هي سماء الشمس والقمر والنجوم، أي الفلَك أو الجلَد »ودعا الله الجلَد سماءً« (تكوين 1:8). وتحدَّث الكتاب عن نجوم السماء (مرقس 13:25) التي خلقها الله في اليوم الرابع، عندما قال: »لتكن أنوار في جلد السماء لتنير على الأرض، فعمل الله النورين العظيمين .. والنجوم« (تكوين 1:14-17). وهذه هي السماء التي ستنحل وتزول في اليوم الأخير مع أرضنا (متى 5:18). وقال القديس يوحنا: »ثم رأيت سماء جديدة وأرضاً جديدة، لأن السماء الأولى والأرض الأولى مضتا، والبحر لا يوجد فيما بعد« (رؤيا 21:1). (3) السماء الثالثة هي الفردوس التي صعد إليها بولس، وقال عن نفسه »اختُطف هذا إلى السماء الثالثة. اختُطف إلى الفردوس« (2كورنثوس 12:2 و4). وهي التي قال عنها الرب للص التائب: »اليوم تكون معي في الفردوس« (لوقا 23:43). وهي التي نقل إليها الرب أرواح أبرار العهد القديم الذين انتظروا على رجاء، وإليها تصعد أرواح الأبرار الآن إلى يوم القيامة، حيث ينتقلون إلى أورشليم السمائية (رؤيا 21). (4) وأعلى من كل هذه السماوات توجد سماء السموات، التي قال عنها داود في المزمور: »سبّحيه يا سماء السموات« (مز 148:4). وهي التي قال عنها المسيح: »ليس أحد صعد إلى السماء، إلا الذي نزل من السماء، ابن الإنسان الذي هو في السماء« (يوحنا 3:13). إنها سماء عرش الله التي أمرنا المسيح ألا نحلف بها لأنها كرسي الله (متى 5:34). عن هذه السماء تساءل الحكيم: »من صعد إلى السماء ونزل؟ ما اسمه وما اسم ابنه إن عرفت؟« (أمثال 30:4). اعتراض على يوحنا 3:22-24 - متى بدأت خدمة المسيح؟ انظر تعليقنا على مرقس 1:14 قال المعترض:»في يوحنا 4:22 قال المسيح للمرأة السامرية إن »الخلاص هو من اليهود« فلماذا اختار الله أن يتجسّد من اليهود دون غيرهم من البشر؟ وألا يدل تجسّد الله من جنس خاص أنه يتحيّز لشعب خاص، مما لا يتناسب مع محبته للبشر أجمعين؟«. وللرد نقول: (1) لو لم يتّخذ الله لنفسه جسداً من اليهود، لاتَّخذه من شعب آخر. وفي هذه الحالة يكون قد تجسّد أيضاً من جنس خاص دون غيره من الأجناس، ولذلك فإن هذا الاعتراض لا مجال له إطلاقاً. كما أن الادّعاء بأن تجسُّد الله من جنس خاص لا يتناسب مع محبته للبشر أجمعين، قد دلّت الحقيقة الواقعة على عدم صدقه، لأننا إذا درسنا حياة المسيح على الأرض وجدنا أنه كان يحب الجميع على السواء. فقد شمل بإحسانه جميع الناس على اختلاف أجناسهم (لوقا 17:6). وكان يناديهم: »تعالوا إليَّ يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال (بدون استثناء) وأنا أريحكم« (متى 11:28). وقال: »لي خراف أُخر ليست من هذه الحظيرة (أي حظيرة اليهود). ينبغي أن آتي بتلك أيضاً فتسمع صوتي، وتكون رعية واحدة وراعٍ واحد« (يوحنا 10:16). ولذلك قال الوحي عنه إنه »جعل الاثنين (أي اليهود والأمم) واحداً، ونقض حائط السياج المتوسط (أي العداوة)، مبطلاً بجسده ناموس الوصايا في فرائض، لكي يخلق الاثنين في نفسه إنساناً واحداً جديداً« (أفسس 2:14 و15). وقال أيضاً: فإن فيه »ليس يوناني ويهودي، ختان وغرلة، بربري سكيثي، عبد حر« بل الجميع واحد (كولوسي 3:11). وقد أدرك هذه الحقيقة الأستاذ سافير اليهودي، فقال: »كان يسوع يهودياً، ومع ذلك كان من جنس البشر جميعاً«. وقال غيره: »المسيح هو »ابن الإنسان« وهو ليس لعصر خاص أو لجماعة خاصة، بل تخطى كل الحواجز التقليدية والاجتماعية والسياسية والجنسية، وأحب كل الناس بلا استثناء«. ولا غرابة في ذلك فقد كان »ابن الإنسان« أو »ابن الإنسانية«. (2) يسهل تنفيذ التعليم الذي أتى به المسيح على كل الناس في كل البلاد والأوقات. فمثلاً لم يأمر الناس بالصلاة في أوقات خاصة مرتبطة بساعات النهار أو الليل، ولم يحلل لهم تناول بعض الأطعمة دون الأخرى، ولم يحدِّد لهم مواعيد للمواسم والأعياد مرتبطة بأوقات الحصاد وأوجه القمر، كما كانت الحال مع اليهود الذين عاشوا في منطقة جغرافية محددة، بل أمرهم أن يصلّوا في كل حين (لوقا 18:1) وأن ما يدخل الفم لا ينجِّس الإنسان، بل ما يخرج منه، لأن من الفم تخرج أقوال الشر التي هي النجاسة (مرقس 7:15). وطلب منهم على لسان رسوله، أن تكون حياتهم كلها أعياداً روحية، تتجلى فيها القداسة والطهارة والصلة الحقيقية مع الله (1كورنثوس 5:8). ولذلك فإن تعليمه يمكن تنفيذه لا في بلاد فلسطين وحدها، بل في الجهات القطبية التي تغيب عنها الشمس نصف العام، ويغيب عنها القمر النصف الآخر، كما يمكن تنفيذه في الجهات القاحلة التي لا زرع فيها ولا حصاد. (3) طبعاً ليس هناك فضل لجنس على الآخر عند الله. وإن كان هناك فضل لأحد على الآخر عنده، فأتقى الناس أفضلهم، لأنه ليس لدى الله محاباة (غلاطية 2:6). وقد شهد الوحي بهذه الحقيقة فقال إن كل من يصنع البر في أي أمة مقبول عنده (أعمال 10:35). ولما وجد أن إبراهيم أتقى الناس الذين عاشوا في جيله، اختاره ودعاه خليلاً له (يعقوب 2:23). ثم اتّخذه وسيلة لإعلان اسمه بين الناس، ووعده بأن في نسله ستتبارك كل أمم الأرض (تكوين 12:3). ونظراً لأن الله لا يلغي ولا ينسى وعداً من وعوده مهما طال عليه الزمن، اختار من ذرية إبراهيم في الوقت الذي استحسنه، فتاة، طهَّرها واصطفاها ليتجسّد منها ويبارك في نسلها كل أمم الأرض. (4) فإذا تأملنا حياة المسيح على الأرض، وجدنا أنه وإن كان تجسّد من اليهود للسبب المذكور، إلا أنه كان متجرِّداً من الجنسية اليهودية، بل ومن الروابط العائلية التي هي من أقوى الروابط وأدقّها، فكل علاقاته كانت بين الله والناس بصفة عامة. فمثلاً عندما قيل له مرة: »أمك وإخوتك يطلبونك« أجابهم: »من أمي وإخوتي!« ثم نظر إلى المؤمنين الجالسين حوله وقال: »ها أمي وإخوتي، لأن من يصنع مشيئة الله، هو أخي وأختي وأمي« (مرقس 3:35). ولما رفعت امرأة صوتها قائلة له: »طوبى للبطن الذي حملك والثديين اللذين رضعتهما« أجابها »بل طوبى للذين يسمعون كلام الله ويحفظونه« (لوقا 11:27). ولما اعترضته السامرية: »كيف تطلب مني ماء لتشرب، وأنت يهودي وأنا امرأة سامرية، لأن اليهود لا يعاملون السامريين« (يوحنا 4:9) لم يتراجع عن الحديث معها ولم يوبخها، بل واصل حديثه معها ليخلّصها من الخطايا التي كانت غارقة فيها، ويقودها إلى حياة الطهر والعفاف. ولذلك قال الرسول: »إذاً نحن من الآن لا نعرف أحداً حسب الجسد. وإن كنا قد عرفنا المسيح حسب الجسد، لكن الآن لا نعرفه بعد (حسب الجسد). إذاً إن كان أحد (أي أحد بلا استثناء) في المسيح، فهو خليقة جديدة« (2كورنثوس 5:16 و17). قال المعترض:»أُضيفت الآيتان يوحنا 5:3 و4 في وقت لاحق. ونصُّهما: »في أورشليم عند باب الضأن بركة يقال لها بالعبرانية بيت حسدا، لها خمسة أروقة. في هذه كان مضطجعاً جمهور كثير من مرضى وعُمي وعُرج وعُسم، يتوقّعون تحريك الماء، لأن ملاكاً كان ينزل أحياناً في البِرْكة ويحرّك الماء، فمَنْ نزل أولاً بعد تحريك الماء كان يبرأ من أي مرض اعتراه«. وللرد نقول: (1) أصحاب هذا الاعتراض يقولون إن يوحنا البشير دوَّن إنجيله بعد خراب أورشليم، وكان لا بد أن تكون آثار هذه البِرْكة قد مُحيت.. ولكن لا يلزم من خراب أورشليم خراب هذه البركة، لأنه مع أن قائد جيوش تخريب أورشليم أمر بتخريب المدينة إلا أنه أذن بإبقاء بعض الأشياء لاستعمال جنوده، فحافظوا طبعاً على هذا الحمّام مع أروقته ليستظلوا فيه.. وقد سجَّل يوحنا أحداثاً تاريخية، فقد تمَّ شفاء المريض عندما كانت البِركة موجودة. ولا يهم إن كانت البِركة قد مُحيت وقت خراب أورشليم. (2) ومع هذا فلا يزال موقع هذه البِرْكة موجوداً إلى يومنا هذا، وطولها 120 قدماً وعرضها 40، وعمقها ثمانية، وفي أحد أطرافها بقايا ثلاث أو أربع قبوات هي بقايا الأروقة، ويمكن النزول إليها بواسطة درجات. قال المعترض: »قال المسيح في يوحنا 5:22 و27 إنه ديَّان العالم، بينما يقول بولس في 1كورنثوس 6:2 و3 إن القديسين سيدينون العالم. أليس في هذا تناقض؟«. وللرد نقول: هل يوجد تناقض إن ذكرنا اسم القاضي فلان، ثم ذكرنا أن القضية نظرها محلَّفون أو مساعدو المستشار؟ اعتراض على يوحنا 5:28 و29 - قيامة، أو لا قيامة؟ انظر تعليقنا على جامعة 3:19 و20 قال المعترض:»ورد في يوحنا 5:31 قول المسيح »إن كنت أشهد لنفسي فشهادتي ليست حقاً« ولكنه قال في يوحنا 8:13 و14 »فقال له الفريسيون: أنت تشهد لنفسك. شهادتك ليست حقاً. أجاب يسوع: وإن كنت أشهد لنفسي فشهادتي حق«. وللرد نقول: الكلام اللاحق لا ينافي السابق، فمعنى قوله في يوحنا 5:31: »إن كنت أشهد لنفسي فشهادتي ليست حقاً« أي لا تُقبل شرعاً، لأنها يجب أن تكون مصحوبة بشهادة شاهدين (تثنية 17:6). ولكنه يمضي فيقول إن شهادته لنفسه شهادة حق، لأن الآب شهد له (يوحنا 5:32 و37) وشهد له المعمدان (يوحنا 5:33) وشهدت له معجزاته (يوحنا 5:36) وشهدت له كتابات الأنبياء (يوحنا 5:39). ولا تناقض بين قوله في يوحنا 5:31 وقوله في يوحنا 8:14، لأن الذي يثبت صدق إرساليته مرة لا يجب أن يثبتها بعد ذلك كلما تكلم عنها. فيحقّ له أن يطلب تصديق دعواه بمجرد إعلان ذلك. قال المعترض:»قال المسيح في يوحنا 5:37 إن الآب نفسه أرسله، وهذا برهان على أن الآب أعظم من المسيح، لأن المرسِل أعظم من الرسول«. وللرد نقول: مجيء المسيح إلى العالم لا يعني أنه تحرك من مكان إلى مكان، لكنه يعني ظهوره في العالم بهيئة واضحة، لأن اللاهوت مُنَزَّه في ذاته عن التحيُّز بمكان، وعن الانتقال من مكان إلى مكان. ولم يكن مجيء الابن بإرادة الآب مستقلة عن إرادة الابن، بل كان بإرادتهما وإرادة الروح القدس معاً، فقد قال المسيح: »من عند الله خرجت« (يوحنا 16:27) أي بمحض إرادتي. وقال الرسول عنه (فيلبي 2:6 و7) »الذي إذ كان في صورة الله (أو الذي إذ كان كائناً في صورة الله)، لم يحسب خلسة أن يكون معادلاً لله، لكنه أخلى نفسه آخذاً صورة عبد«. أي أنه أخلى نفسه وأخذ صورة عبد بمحض إرادته. وعن مجيء المسيح بإرادة الآب والروح القدس معاً. قال له المجد على لسان إشعياء النبي سنة 700 ق م »والآن السيد الرب أرسلني وروحه« (إشعياء 48:16). وبسبب وحدة جوهر الأقانيم الثلاثة لا يكون إرسال الآب للابن دلالة على وجود أي تفاوت بينهما، بل بالعكس يدل على توافقهما، وتوافق الروح القدس أيضاً معهما في الاهتمام بالبشر والعطف عليهم. أما السبب في ظهور الابن (أو مجيئه) دون الأقنومين الآخرين، فيرجع إلى أنه هو الذي يعلن الله ويظهره. قال المعترض:»جاء في يوحنا 5:43 »أنا قد أتيت باسم أبي ولستم تقبلونني. إن أتى آخر باسم نفسه فذلك تقبلونه«. وهذه نبوَّة عن نبي آخر يأتي بعد المسيح يقبله الناس«. وللرد نقول: في هذه الآية يوبّخ المسيح اليهود على نقص محبتهم لله، فقد رفضوا المسيح الذي أرسله الآب وشهد له، مع أن المسيح عمل إرادة أبيه. وكانت المعجزات التي أجراها المسيح أكبر دليل على أنه جاء باسم الآب وسلطانه. ولم يكن المسيح مثل الأنبياء الكذبة الذين جاءوا باسم أنفسهم. لقد وبّخ المسيح اليهود على ذنب ارتكبوه، ولا زال الناس يرتكبونه، فقد قبل اليهود الأنبياء الكذبة. وقال المؤرخ اليهودي يوسيفوس إن الأنبياء الكذبة جذبوا اليهود للصحاري بوعد أن يروا المعجزات، ففقد البعض عقولهم، وعاقب ولاة الرومان البعض. ويحدثنا أعمال 21:28 عن النبي المصري الكاذب الذي ضلّل اليهود. وقد قبل اليهود الأنبياء الكذبة لأنهم وعدوهم بمملكة أرضية. لقد جاء الكذَبة باسم أنفسهم، قبل المسيح وبعد المسيح لم يجيئوا باسم الرب، بعكس المسيح الذي جاء من فوق باسم أبيه، ولذلك فإنه فوق الجميع. أما الباقون فمن الأرض، ومن الأرض يتكلمون (يوحنا 3:31). ويحذِّرنا المسيح من اتِّباع مثل هؤلاء الكذبة ! قال المعترض: »في الكتاب المقدس استعارات غامضة، كقول المسيح في يوحنا 6:55 »جسدي مأكل حق ودمي مشرب حق«. وللرد نقول: كلام المسيح واضح وبليغ، وقد قال في ذات الأصحاح: »أنا هو خبز الحياة« (يوحنا 6:48).فكما أن الخبز يعطي الحياة، كذلك يعطي المسيح الحياة الأبدية لكل من يؤمن به. وقد وضع المسيح قبل صلبه بعض إشارات محسوسة تشير إلى الفوائد التي منحها لنا موته، وهي الخبز والخمر. فوجه الشَّبه بين هذه العلامات وبين جسده ودمه هو: (1) كما أن الخبز هو الجوهر الضروري لحفظ الحياة الطبيعية، لأنه لا يمكن لأحد أن يعيش بدونه، فكذلك لا شيء ألزم للإنسان من المسيح، خبز الحياة النازل من السماء. فكل من أكل منه (أي آمن به) يحيا إلى الأبد. (2) كما أن الخبز يغذي الجسد ويقويه، فكذلك جسد المسيح المكسور على الصليب يغذي روح الإنسان. (3) كما أن الخبز هو الغذاء العمومي للجميع، فكذلك الخلاص الذي أوجده المسيح بموته هو للكل. (4) كما أن كل إنسان سليم يميل إلى الخبز، كذلك خبز الحياة النازل من السماء، فإن المؤمن سليم العقل يلتذّ به. (5) كما أن الخبز لا يفيد الإنسان ما لم يستعمله، كذلك لا نستفيد من الفداء العظيم ما لم نؤمن به. أما أوجه الشَّبه بين الخمر وبين دمه فهي: (1) كما أنه يلزم عصر العنب لنحصل على النبيذ، كذلك سُحق المسيح، وسال دمه لترتوي أنفسنا به وتحيا. (2) كما أن طبيعة الخمر مفرحة ومقوية، فكذلك دم المسيح مفرح ومقوٍ للنفس، فتقاوم مكائد إبليس. (3) وفي النبيذ خاصية طبية، فكذلك دم المسيح هو الدواء المناسب للخطاة. فوضع المسيح هذين العنصرين في العشاء الرباني لنخبر بموته إلى أن يجيء. وكان المسيحيون الأولون يعرفون المقصود بقول المسيح. والمسيح قال إن الكلام الذي أكلمكم به »هو روح وحياة«. اعتراض على يوحنا 7:39 - بدء عمل الروح القدس انظر تعليقنا على مزمور 51:11 ويوحنا 20:22 اعتراض على يوحنا 7:52 - لا شيء صالح من الناصرة انظر تعليقنا على متى 2:23 قال المعترض:»ما ورد في يوحنا 8:1-11 من قصة المرأة التي أُمسكت في زنا« أُضيف إلى إنجيل يوحنا في وقت لاحق. هكذا قال هورن وغيره«. وللرد نقول: قال هورن: »ارتاب البعض في صحة ما ورد بين يوحنا 7:53 و8:1-11. فقد جاء اليهود إلى المسيح بامرأة أُمسكت في زنا، وطلبوا منه أن يرجمها، فقال لهم: »من كان منكم بلا خطيئة فليرْمها أولاً بحجر«. ثم قال لها: »ولا أنا أدينك. اذهبي ولا تخطئي أيضاً«. فارتاب في صحة الحادثة فريق من المدققين لأنها لم ترِدْ في بعض النسخ القديمة، ولم يستشهد بها بعض آباء الكنيسة الذين فسَّروا إنجيل يوحنا. غير أن القصة موجودة في معظم النسخ المكتوبة بخط اليد. وقد أورد كريسباخ شواهد على صحتها من أكثر من ثمانين نسخة متداولة. فإذا لم تكن صحيحة فكيف ثبتت في هذه النسخ؟ ورأى المحققون أنها موجودة في 300 نسخة من النسخ المكتوبة بالحرف الدارج، بدون علامة أو إشارة تدل على الارتياب فيها. نعم لم توجد في أربع نسخ قديمة، غير أن هذه النسخ تنقصها بعض أوراق، ومنها الأوراق التي تشتمل على هذه القصة وغيرها. وقال إيرونيموس، الذي راجع الترجمة اللاتينية القديمة إنها موجودة في نسخ كثيرة يونانية ولاتينية. ثم أنه ليس في هذه القصة ما ينافي صفات المسيح الطاهرة، بل بالعكس إنها توافق حِلْمه ووداعته ولطفه. وقد أكد أغسطينوس صحتها، وقال إن سبب حذف البعض لها هو خشيتهم من أن يظن البعض أن المسيح تساهل مع الخاطئة وسمح لها أن تذهب بلا عقاب. ولكن واضحٌ أن المسيح أعلن أنه لم يأت ليدين العالم (يوحنا 3:17 و8:15 و12:47 ولوقا 12:14). وهذا ما فعله مع الخاطئة. ولو أنه عاقبها لكان هذا تخطياً للسلطة القضائية القائمة في وقته، الأمر الذي ينافي ما أظهره من طاعة أولياء الأمور. ويتفق قول المسيح لشيوخ اليهود: »من كان منكم بلا خطية فليرمها أولاً بحجر« يتوافق مع قول الوحي »الكل قد زاغوا معاً. فسدوا. ليس من يعمل صلاحاً. ليس ولا واحد« (مزمور 14:3 ورومية 3:12). وحسبما جاء في تثنية 17:6 كان يجب وجود شاهدين قبل رجم الزاني، يأخذ أولهما الحجر ويرمي به، إعلاناً للحاضرين ليتمموا العقاب. ولكن كل الشهود غادروا المكان لما سجَّل المسيح خطاياهم، فسقط الركن القانوني في القضية، فقال المسيح للمرأة: »ولا أنا أدينك« (يوحنا 8:11). ولو أن الركن الأخلاقي من القضية ظل باقياً، لأن الزانية الخاطئة محتاجة للتوبة، فقال المسيح لها: »اذهبي ولا تخطئي أيضاً« (يوحنا 8:11). وقد قال هورن (ج1 ص 231): »ولا أرى وجهاً للشك في صحة هذه القصة، فقد ذُكرت بكيفية طبيعية، عليها مسحة الصحة«. اعتراض على يوحنا 8:13 و14 - شهادة المسيح لنفسه انظر تعليقنا على يوحنا 5:31 قال المعترض: »جاء في يوحنا 8:17 و18 »في ناموسكم مكتوب أن شهادة رجلين حق. أنا هو الشاهد لنفسي. ويشهد لي الآب الذي أرسلني«. هذا يناقض قوله »أنا والآب واحد« (يوحنا 10:30) «. وللرد نقول: الله في المسيحية واحد ذو ثلاثة أقانيم. فالمسيح الكلمة المتجسد أقنوم متميِّز بذاته، لكنه واحد مع الآب في الجوهر. يقول المعترض: »يدعو المسيح في يوحنا 10:8 الأنبياء الذين سبقوه سُرَّاقاً ولصوصاً. ولا نظن أن المسيح قال هذا، ولا بد أن هذه الأقوال أُضيفت في وقت لاحق«. وللرد نقول: لم يقصد المسيح مطلقاً بهذه العبارة الأنبياء الذين سبقوه، بل قصد الذين لم يدخلوا من الباب، فبدأ حديثه بقوله: »إن الذي لا يدخل من الباب إلى حظيرة الخراف، بل يطلع من موضع آخر، فذاك سارق ولص« (يوحنا 10:1). أما الأنبياء فقد دخلوا من الباب، وأرسلهم الآب السماوي. والمسيح يقصد اللصوص الذين أتوا قبله بمدة بسيطة وأزاغوا شعباً، وذكرهم غمالائيل لما أُلقي القبض على رسل المسيح، وجيء بهم للمحاكمة أمام مجلس اليهود. فقال غمالائيل معلم الناموس المكرَّم عند الشعب لزملائه: »احترزوا لأنفسكم من جهة هؤلاء الناس فيما أنتم مزمعون أن تفعلوا، لأنه قبل هذه الأيام قام ثوداس، قائلاً عن نفسه إنه شيء، الذي التصق به عدد من الرجال نحو أربعمائة، الذي قُتل. وجميع الذين انقادوا إليه تبددوا وصاروا لا شيء. بعد هذا قام يهوذا الجليلي في أيام الاكتتاب وأزاغ وراءه شعباً غفيراً. فذاك أيضاً هلك، وجميع الذين انقادوا إليه تشتتوا. والآن أقول لكم تنحّوا عن هؤلاء الناس واتركوهم. لأنه إن كان هذا الرأي أو هذا العمل من الناس فسوف ينتقض. وإن كان من الله، فلا تقدرون أن تنقضوه، لئلا توجدوا محاربين لله« (أعمال 5:34-39). عن أمثال ثوداس ويهوذا الجليلي قال السيد المسيح إنهم سُرَّاق ولصوص. هؤلاء الذين أتوا قبله، وظنوا في أنفسهم أنهم شيء، وأزاغوا وراءهم شعباً غفيراً، ثم تبددوا.. ويمكن أن نضم إلى هؤلاء المعلمين الكذبة الذين أتعبوا الناس بتعاليمهم وسمّاهم المسيح بالقادة العميان، الذين أخذوا مفاتيح الملكوت، فما دخلوا، ولا جعلوا الداخلين يدخلون ( متى 23:13-15). قال المعترض:»نقرأ في يوحنا 10:11 تشبيه المسيح لنفسه بأنه الراعي الصالح، ولكننا نقرأ أنه الحمل في أعمال 8:32 ورؤيا 7:14. فكيف يكون الراعي والرعية؟«. وللرد نقول: المسيح هو حمل الله الذي يرفع خطية العالم، وقد قدَّم نفسه فدية عن كثيرين، وهو الراعي الصالح للمؤمنين به، فقال داود عنه: »الرب راعيَّ فلا يعوزني شيء« (مزمور 23:1)، فهو حمل الله وراعي رعية الله. هو الرسالة والرسول، وهو الكلمة والمتكلم. انظر تعليقنا على يوحنا 1:29. قال المعترض:»جاء في يوحنا 10:15 أن المسيح مات لأجل أحبائه وخرافه، وتكررت الفكرة نفسها في يوحنا 15:13. ولكن في رومية 5:8 و10 يقول إنه مات لأجل أعدائه«. وللرد نقول: هم قبل الإيمان به أعداؤه، ولكن عندما يؤمنون به يصبحون أحباءه. فهو مات لأجل جميع أعدائه، وحالما يقبلون خلاصه يتحوّلون إلى أصدقاء. الحب للجميع، والخلاص لمن يقبلون حبّه لهم. قال المعترض:»جاء في يوحنا 10:28-30 قول المسيح عن أتباعه: »وأنا أعطيها حياة أبدية، ولن تهلك إلى الأبد، ولا يخطفها أحد من يدي. أبي الذي أعطاني إياها هو أعظم من الكل، ولا يقدر أحد أن يخطف من يد أبي. أنا والآب واحد«. وهذا معناه أن المؤمن لا يرتد لأن الله يحفظه. ولكن رسالة العبرانيين تعلّم أن المؤمن يرتد، ففي العبرانيين 6:4-6 يقول: »لأن الذين استُنيروا مرة، وذاقوا الموهبة السماوية، وصاروا شركاء الروح القدس، وذاقوا كلمة الله الصالحة وقوات الدهر الآتي، وسقطوا، لا يمكن تجديدهم أيضاً للتوبة، إذ هم يصلبون لأنفسهم ابن الله ثانيةً ويشهّرونه . فكيف نوفّق بين الفكرتين؟ هل يهلك المؤمن ويرتد، أم هل يستحيل أن يرتد؟!«. وللرد نقول: لا يوجد تناقض. فقط نحتاج أن نعرِّف كلمة »المؤمن«. فالمؤمن الحقيقي لا يرتد أبداً والمسيح يحفظه، لكن المؤمن الظاهري هو الذي يرتدّ. والله وحده يميّز المؤمن الحقيقي من المؤمن المزيّف، كما أن الشخص يعرف نفسه، بالروح القدس الساكن فيه (رومية 8:16). في مثل الزارع (متى 13:1-23 ومرقس 4:1-20) نرى تفسير هذا كله. هناك أربعة أنواع من التربة: الطريق، وهو الخاطئ الذي رفض أن يسمع كلمة الله، فلم يذقها. وهناك الأرض المحجرة، والأرض التي ينمو فيها الشوك. وهذان النوعان من الأرض ذاقا كلمة الله التي هي البذار، ونمت فيهما، فصاروا شركاء الروح القدس. لكن الكلمة اختنقت وماتت فيهما. هذا هو الإيمان المؤقّت المزيّف المظهري! وهناك الأرض الجيدة التي قبلت البذار وجاءت بالثمر.. فالمؤمن الذي من نوع الأرض الجيدة لا يرتد ولا يهلك، والآب يحفظه. والمؤمن الذي من نوع الأرض الحجرية أو ذات الشوك يهلك. قال المعترض:»قال المسيح في يوحنا 10:30 »أنا والآب واحد«. وهذا يعني أن المسيح متوافق مع الآب، ولكنه لا يعني أنه واحد مع الآب في الجوهر، فقد قال المسيح في يوحنا 17:11 عن تلاميذه، مخاطباً الآب: »ليكونوا واحداً كما نحن«. وقصد بذلك الوحدة في المحبة والوفاق«. وللرد نقول: المُشبَّه لا يكون مثل المشبَّه به من كل الوجوه، فإذا قلنا مثلاً عن إنسان إنه أسد فليس معنى ذلك أنه أسد حقيقي، بل معناه أنه يشبه الأسد في الشجاعة. صحيح أن علاقة المسيح بالتلاميذ تشبه علاقته بالآب، لكنها ليست ذات علاقته بالآب. إنها تشبهها في بعض الأوجه فقط. وعندما قال المسيح: »أنا والآب واحد« أراد رؤساء اليهود أن يرجموه، فأجابهم: »أعمالاً كثيرة حسنة أريتكم من عند أبي، بسبب أي عمل منها ترجمونني؟« فأجابوه: »لسنا نرجمك لأجل عمل حسن، بل لأجل تجديف. فإنك وأنت إنسان تجعل نفسك إلهاً«. وبسبب هذه الشهادة عن نفسه طلبوا أن يقتلوه (يوحنا 10:31-39). وعندما قال له فيلبس: »يا سيد أرِنا الآب وكفانا« أجابه: »الذي رآني فقد رأى الآب. فكيف تقول أنت أرنا الآب؟ ألست تؤمن أني في الآب والآب فيَّ؟« (يوحنا 14:9 و10). ومن هذا يتضح لنا أنه لا يقصد بوحدته مع الآب مجرد التوافق معه، بل وحدته معه في الجوهر أو الذاتية. أما الوحدة التي أراد المسيح أن تكون بين تلاميذه، فهي الوحدانية في الروح (أفسس 4:3) لأنهم جميعاً سُقوا روحاً واحداً (1كورنثوس 12:13)، وعليهم أن يفتكروا فكراً واحداً (فيلبي 2:2) وأن يعيشوا معاً كشخص واحد في المحبة والوفاق. اعتراض على يوحنا 10:34 - أنكم آلهة انظر تعليقنا على مزمور 82:6 قال المعترض:»ورد في يوحنا 11:49-52 »فقال لهم واحد منهم، وهو قيافا، كان رئيساً للكهنة في تلك السنة: أنتم لستم تعرفون شيئاً، ولا تفكرون أنه خيرٌ لنا أن يموت إنسانٌ واحد عن الشعب ولا تهلك الأمة كلها. ولم يقُل هذا من نفسه، بل إذ كان رئيساً للكهنة في تلك السنة تنبأ أن يسوع مزمعٌ أن يموت عن الأمة، وليس عن الأمة فقط، بل ليجمع أبناء الله المتفرقين إلى واحد«. وهنا ثلاثة أخطاء: (1) هذا الكلام يعني أن رئيس كهنة اليهود نبي. (2) قوله »يموت عن الأمة« يعني أن يكون موت المسيح كفارة عن اليهود فقط لا عن العالم، وهو خلاف ما يزعمه المسيحيون. (3) كيف يعتبر يوحنا قيافا نبياً وهو الذي كان رئيس الكهنة حين أسر المسيح وأفتى بقتله ورضي بضربه كما في متى 26:57-67«. وللرد نقول: عندما قال قيافا إن المسيح يجب أن يموت عن الشعب ولا تهلك الأمة كلها، كان يعلن فتوى سياسية صادقة وبعيدة النظر، فقد رأى شعبه يلتفُّ حول المسيح صانع المعجزات، فأدرك ببصيرته السياسية أن الرومان سينزعجون ولا بد يهاجمون الأمة كلها. فكان موت المسيح خيراً من هلاك الشعب كله.. وقد حلَّل يوحنا كلمات قيافا بمعنى أن الله يحوّل شر الأشرار إلى خير، فقد تنبأ قيافا سياسياً بما أراده الله روحياً. وهو كرئيس كهنة نطق دون أن يقصد بما أراده الله أن يتم، وجعل الله لكلماته معنى غير الذي قصده، وهو أن موت المسيح يفدي العالم.. لم يكن قيافا نبياً حقيقياً، ولم يلهمه الله أن يتنبأ، وهو نفسه لم يعرف أن ما قاله نبوَّة، لكن البشير يوحنا أطلق على ما قاله قيافا »نبوَّة« لأن ما قاله تحقق بقصد الله وتعيينه. اعتراض على يوحنا 12:1 - رحلات المسيح انظر تعليقنا على متى 19 و21 اعتراض على يوحنا 12:3-8 - قارورة الطيب انظر تعليقنا على متى 26:7-13 اعتراض على يوحنا 12:12-19 - أتان واحد أم أتانان؟ انظر تعليقنا على متى 21:2 قال المعترض:»كيف يقول المسيح: »وأنا إن ارتفعت عن الأرض أجذب إليَّ الجميع« (يوحنا 12:32) مع أن ملايين البشر يرفضونه أو يقفون منه موقفاً مائعاً، أو لم تصلهم رسالة عنه بعد؟«. وللرد نقول: المقصود من قوله »الجميع« جميع من يقبلون خلاص المسيح من كل الأمم وفي كل العصور. وقد جاء قول المسيح هذا جواباً على طلب اليونانيين أن يروه بسبب سرورهم من تعليمه (يوحنا 12:20). فأعلن المسيح أنه سيجذب إليه كل من يقبل جاذبية محبته، لا لأنه معلم صالح أو قدوة حسنة فقط، بل لأنه الفادي الذي يرتفع على الصليب. وعلى هذا فإن جاذبية محبة المسيح الذي مات لأجل أحبائه هي التي تشدّنا إليه. وهو كحبة الحنطة التي دُفنت وقامت وأتت بثمر كثير.. على أننا نؤمن أنه في اليوم الأخير ستجثو كل ركبة للمسيح (فيلبي 2:10) اعتراض على يوحنا 13:21-27 - واحد منكم يسلمني انظر متى 26:21-25 اعتراض على يوحنا 13:27 - متى دخل الشيطان يهوذا؟ انظر تعليقنا على لوقا 22:3 و4 و7 قال المعترض:»جاء في يوحنا 14:16 و17 و26 »وأنا أطلب من الآب فيعطيكم معزياً آخر، ليمكث معكم إلى الأبد، روح الحق الذي لا يستطيع العالم أن يقبله، لأنه لا يراه ولا يعرفه. أما أنتم فتعرفونه، لأنه ماكث معكم ويكون فيكم.. وأما المعزي، الروح القدس، الذي سيرسله الآب باسمي فهو يعلّمكم كل شيء، ويذكركم بكل ما قلتُه لكم« فمن هو هذا المعزّي؟«. وللرد نقول: (1) »المعزي« وفي اليونانية »بارقليط« تعني »المؤيِّد« أو »الوكيل«. وهما لقبان لا يصح إسنادهما إلى مخلوق، لأنهما من ألقاب الله. (2) لم تُستعمل كلمة البارقليط »المعزّي« في أسفار العهد الجديد إلا للدلالة على الروح القدس (يوحنا 14:16 و17:26 و15:26 و16:13). وجاءت أيضاً للتلميح إلى المسيح (يوحنا 14:16 و1يوحنا 2:1). (3) لا يمكن أن يكون البارقليط (حسبما ورد في هذه الآيات) إنساناً ذا روح وجسد، بل هو روح محض غير منظور، روح الحق الذي عندما قال المسيح عنه إنه يأتي، كان (أي الروح) حينئذ ماكثاً مع التلاميذ، ويكون فيهم أي داخلهم (يوحنا 14:17 و16:14). (4) إن الذي يرسل »البارقليط« هو المسيح (يوحنا 15:26 و16:17). (5) عمل الروح القدس أن يبكت على الخطية، وجوهر الخطية عدم الإيمان بالمسيح (يوحنا 16:9). (6) قيل عن الروح القدس إنه متى جاء يمجد المسيح ولا يمجد نفسه، لأنه يأخذ مما للمسيح ويخبرنا (يوحنا 16:14 و15). (7) قيل عن البارقليط إنه سيسكن في قلوب المسيحيين الحقيقيين (يوحنا 16:14 قابل 1كورنثوس 6:19 ورومية 8:9). (8) وعد المسيح أن الروح القدس يجب أن ينزل من السماء على التلاميذ بعد صعوده بأيام قليلة (يوحنا 14:26) وأمرهم أن لا يباشروا خدماتهم كرسل حتى يحل عليهم الروح القدس (متى 28:19 و20 وأعمال 1:25). وبناءً على أمره مكثوا في أورشليم إلى أن تم هذا الوعد (انظر لوقا 24:49 وأعمال 1:4 و8 و2:1-36). فهل نظن أنه طالب تلاميذه بالانتظار، دون أن يمارسوا أي عمل حتى يجيء نبيٌّ بعده؟ هذا محال.. فالنبوَّة هنا تشير إلى ما حدث يوم الخمسين بعد صعود المسيح بأيام قليلة (انظر أعمال 2). ومن بعد ذلك الوقت نال رسل المسيح قوة فائقة وحكمة واسعة وجالوا يكرزون بالإنجيل في الأرض كلها. قال المعترض:»قال المسيح في يوحنا 14:28 »أبي أعظم منّي«. ولكن قال بولس في فيلبي 2:6 »لم يحسب خلسة أن يكون معادلاً لله« فيقول الكتاب إن المسيح معادل لله، ويقول أيضاً إنه دون الآب. وهذا تناقض!«. وللرد نقول: لا تزعج هذه التهمة الباطلة مؤمناً له إلمام بالكتاب. فالأسفار المقدسة تُري جلياً اتفاق هذين القولين، لأن للمسيح طبيعتين، طبيعة إلهية وطبيعة إنسانية، فهو المعادل للآب، حسب القول: »الكلمة صار جسداً وحلَّ بيننا، ورأينا مجده، مجداً كما لوحيدٍ من الآب، مملوءاً نعمة وحقاً« (يوحنا 1:14). أما الطبيعة الإنسانية فيه فيُقال عنها: »يوجد إله واحد ووسيط واحد بين الله والناس: الإنسان يسوع المسيح«. (1تيموثاوس 2:5). وعندما نأتي بهاتين الآيتين إلى نور الكتاب البهي الساطع لا نرى أثراً للتناقض بينهما. إذاً لم يقصد المسيح أن الآب أعظم منه في الطبيعة، فإن كليهما متساويان، لكنه قصد أنه أعظم منه في الحال التي تكلم فيها بهذا الكلام، وهي حال اتّضاعه وآلامه بسبب أنه فادي الخطاة. وفي هذه الحال يقول يوحنا: »الكلمة صار جسداً« (يوحنا 1:14) ويقول بولس إنه »أخلى نفسه آخذاً صورة عبد« (فيلبي 2:7). ويقول مفسرو المسيحية إن الآب أرسل الابن ليقدم للبشر كل وسائل الخلاص، فكان أعظم من الابن في الوظيفة. لكن هذه العظمة الوظيفية مؤقَّتة (راجع فيلبي 2:9-11). وقد قال المسيح للتلاميذ في ذات المكان الذي اقتبس المعترض منه: »لو كنتم تحبونني لكنتم تفرحون لأني قلت أمضي إلى الآب، لأن أبي أعظم مني«. فكان على التلاميذ أن يفرحوا بذهابه عنهم، لأنه بذلك يرجع (بعد اتضاعه كعبد مدة 33 سنة) إلى حال العظمة والمجد التي كانت له مع الآب. وعند رجوعه يحل الروح القدس على التلاميذ ويبدأ التبشير بالمسيح بنجاح عظيم (يوحنا 16:7-10). لا تناقض هنا، فما قيل في يوحنا قيل أيضاً في فيلبي وصفاً لتواضع المسيح المؤقت الذي يهدف إلى أداء مهمة معينة. قال المعترض: »جاء في يوحنا 14:30 قول المسيح »لا أتكلم أيضاً معكم كثيراً لأن رئيس هذا العالم يأتي وليس له فيّ شيء« فمن هو »رئيس هذا العالم«؟«. وللرد نقول: يظهر من سياق الكلام والقرينة أن المسيح لم يقصد برئيس العالم هنا نبياً ولا رسولاً. بل قصد إبليس، بدليل قوله »ليس له فيَّ شيء« فإن هذه العبارة لا تشير إلى حبيبٍ مُوالٍ كشأن النبي إلى زميله النبي، بل إلى عدوٍّ مقاوم يبغض المسيح، قال المسيح عنه: »الآن دينونة هذا العالم. الآن يُطرح رئيس هذا العالم خارجاً« (يوحنا 12:31) وقال الرسول بولس: »الذين فيهم إله هذا الدهر قد أعمى أذهان غير المؤمنين لئلا تضيء لهم إنارة إنجيل مجد المسيح« (2كورنثوس 4:4) ودُعي إبليس: »رئيس سلطان الهواء، الروح الذي يعمل الآن في أبناء المعصية« (أفسس 2:2 و6:11 و12). قال المعترض:»جاء في يوحنا 15:15 قول المسيح لتلاميذه: »أعلمتُكم بكل ما سمعته من أبي«. ولكنه يقول لهم في 16:12 »إن لي أموراً كثيرة أيضاً لأقول لكم، ولكن لا تستطيعون أن تحتملوا الآن«. وللرد نقول: قصد المسيح بقوله: »كل ما سمعته من أبي« ما يجب أن يُقال للتلاميذ في ذلك الوقت بالذات. أما قوله »لي أمور كثيرة أيضاً فالمقصود بها أن هناك أموراً كثيرة سيعلّمها لهم بعد قيامته، يلقِّنها لهم الروح القدس (قارن لوقا 24:27 وأعمال 1:8). قال المعترض:»قال المسيح في يوحنا 15:26 إن الروح القدس ينبثق من الآب. وهذا يعني أن الآب كان موجوداً قبل الروح القدس، وهذا يناقض القول إن الروح القدس هو الأقنوم الثالث في اللاهوت، كما يناقض القول إنه واحد مع الآب في الأزلية«. وللرد نقول: انبثاق الروح القدس من الآب لا يعني أنه منفصل عنه أو صادر منه، لأن الآية الخاصة بانبثاق الروح القدس تقول: »روح الحق الذي من عند الآب ينبثق« . وشتان بين الانبثاق من الآب والانبثاق من عند الآب. فالروح القدس موجود مع الآب، ثم انبثق أو خرج (أو بالأحرى ظهر) من عنده من تلقاء ذاته. ولا يُقصد بالعبارة »من عند الآب« مكان ما، لأن اللاهوت منزَّه عن المكان والزمان، بل يُقصد بها التعبير باللغة التي نفهمها، على أن الروح القدس أقنوم خاص، وأنه كان مع الآب قبل حلوله على المؤمنين. ولذلك نرى أن العبارة »من عند الآب« هي بعينها التي استُعملت في آيةٍ أخرى للدلالة على وجود أقنوم الابن مع الآب قبل ظهوره في العالم، فقد قال المسيح: »خرجتُ (أو ظهرت) من عند الآب« (يوحنا 16:28 و17:8). ونلاحظ أن الفعل »ينبثق« مبني للمعلوم وليس للمجهول، وهذا دليل آخر على أن الآب لم يُخرج الروح القدس من ذاته، بل أن الروح القدس هو الذي خرج أو ظهر من تلقاء ذاته. وهذا يبرهن أنه لم يكن جزءاً من الآب، وأخرجه الآب من ذاته، بل أنه كان معه أزلاً. فإذا رجعنا إلى اللغة الإنكليزية مثلاً، وجدنا أنها لا تعبر عن »من عند« في هذه الآية بـ (Out Of) مثلاً. التي تدل على الانتقال من الداخل إلى الخارج، بل يعبر عنها بـ (From) أي »من عنده«. وهذا دليل على أن الروح القدس ليس منبثقاً من الآب بمعنى أنه خارج من ذاته، بل بمعنى أنه خارج (أو ظاهر) من عنده، الأمر الذي يدل على أنه كان بأقنوميته معه، قبل حلوله على المؤمنين. انظر تعليقنا على يوحنا 17:3 اعتراض على يوحنا 16:33 - في العالم سيكون لكم ضيق انظر تعليقنا على مزمور 112:1-3 قال المعترض:»قال المسيح في يوحنا 17:3 »هذه هي الحياة الأبدية: أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك، ويسوع المسيح الذي أرسلته«. وهذا يعني أن المسيح ليس هو الله«. وللرد نقول: خاطب المسيح الآب بقوله: »أنت الإله الحقيقي وحدك« ليس بوصفه ابن الله، بل بوصفه ابن الإنسان. وقوله هذا هو عين الصدق والصواب، لأنه ليس هناك إلا إله واحد، وهو الله أو اللاهوت. والله أو اللاهوت لا يُدرَك في ذاته بل يُدرك في تعيُّنه، وتعيّنه هو الآب والابن والروح القدس. ونظراً لأن اللاهوت واحد ووحيد ولا يتجزّأ أو يتفكك على الإطلاق، فكل أقنوم من الأقانيم (إن جاز هذا التعبير) قائم بكل ملء اللاهوت، وإذاً فكل منهم هو الإله الحقيقي. فالآب هو الإله الحقيقي، والابن هو الإله الحقيقي، والروح القدس هو الإله الحقيقي، وكلهم الإله الحقيقي. ولذلك أعلن الكتاب المقدس أن الآب هو الله، والابن هو الله، والروح القدس هو الله. وخاطب المسيح الآب »الإله الحقيقي« بالمفارقة مع »الإله الخيالي« أو »الله المحاط بالغموض والإبهام« الذي كان في عقول اليهود وعقول الفلاسفة الذين كانوا يقولون إنهم يؤمنون بالله. لأن الذي لا يعرف الله كالآب الذي يحب المؤمنين به كما يحب الآب أبناءه، يظل الله بالنسبة له كائناً خيالياً محاطاً بالغموض والإبهام. ومما يدل على وحدة الأقانيم في اللاهوت، وعدم وجود أي تمايز بين أحدهم والآخر من جهته، أن المسيح أعلن أن الحياة الأبدية ليست متوقِّفة على معرفة الآب على انفراد، بل على معرفته بالارتباط مع معرفته هو (أي معرفة المسيح) . فقد قال: »وهذه هي الحياة الأبدية، أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته«. وهذا ما يتفق مع الحقائق الإلهية الخاصة بوحدة الابن مع الآب في اللاهوت، لأن الحياة الأبدية هي في معرفة الله، ولا يمكن معرفة الله إلا في المسيح »لأن الله الذي قال أن يشرق نور من ظلمة، هو الذي أشرق في قلوبنا، لإنارة معرفة مجد الله في وجه يسوع المسيح« (2كورنثوس 4:6). وقد تبدو هذه الحقيقة ضد العقل، لكنها في الواقع ليست ضده، بل أسمى من إدراكه، إذ أنها تتفق مع خصائص ذات الله. لأن وحدانيته جامعة، وجامعيتها أقانيم. والأقانيم وإن كان أحدهم غير الآخر إلا أنهم واحد في اللاهوت، واللاهوت لا يتجزأ أو يتفكك على الإطلاق. إن الحياة الأبدية هي بمعرفة الله، لأنه مصدر الحياة، بل هو الحياة عينها. ولما كان الله هو الآب والابن والروح القدس، فقد أعلن الوحي أن الآب هو الحياة الأبدية (1يوحنا 5:20). وأن الابن هو الحياة الأبدية (1يوحنا 1:2) وأن الروح القدس هو روح الحياة (رومية 8:2). ولا يعني إرسال الآب للابن أن الآب أفضل من الابن، بل معناه اتحاده معه في العطف على البشر. وكل ما في الأمر أن »الابن« لكونه المعلِن للاهوت منذ الأزل، هو وحده الذي يقوم بإعلانه للبشر. قال المعترض: »قال المسيح في يوحنا 17:9 »من أجلهم أنا أسأل. لست أسأل من أجل العالم، بل من أجل الذين أعطيتني، لأنهم لك«. وهذا يعني أنه ليس شفيع العالم، مع أن 1يوحنا 2:1 و2 يقول: »إن أخطأ أحد فلنا شفيع عند الآب، يسوع المسيح البار، وهو كفارة.. لخطايا كل العالم«. وللرد نقول: المسيح شفيع العالم، وهو مخلِّص الجميع. ولكنه في يوحنا 17 كان يصلي صلاة خاصة، ففي آيات 1-5 صلى لأجل خدمته، وفي 6-19 صلى لأجل تلاميذه، وفي آيات 20-26 صلى لأجل المؤمنين به في كل عصر. اعتراض على يوحنا 18:2-8 - رجعوا إلى الوراء وسقطوا انظر تعليقنا على متى 26:48-50 اعتراضات على يوحنا 18:16 و17 - إنكار بطرس انظر تعليقنا على متى 26:69-75 اعتراض على يوحنا 19:14 - موعد الظلمة انظر تعليقنا على مرقس 15:25 اعتراض على يوحنا 19:16 و17 - سمعان حمل صليبه انظر تعليقنا على لوقا 23:26 اعتراض على يوحنا 19:19 - عنوان الصليب انظر تعليقنا على متى 27:37 اعتراض على يوحنا 19:28-30 - ماذا شرب المسيح؟ انظر تعليقنا على متى 27:34 اعتراضات على يوحنا 20:1-18 - قصة القيامة انظر تعليقنا على متى 28:1-15 قال المعترض:»يدل قول المسيح لتلاميذه: »إني أصعد إلى أبي وأبيكم وإلهي وإلهكم« (يوحنا 20:17) وقوله: »إلهي إلهي، لماذا تركتني؟« (متى 27:46) أنه كان واحداً من البشر لا أكثر ولا أقل«. وللرد نقول: المسيح هو أحد أقانيم اللاهوت، لكن بتجسّده من جنسنا أصبحت له طبيعتان كاملتان، هما اللاهوت والناسوت. هاتان الطبيعتان متحدتان كل الاتحاد. فمن حيث اللاهوت كان ولا يزال وسيظل إلى الأبد هو الله بعينه. فمكتوب أنه فيه »يحل كل ملء اللاهوت جسدياً« (كولوسي 2:9). وأنه »الكائن على الكل إلهاً مباركاً إلى الأبد« (رومية 9:5). أما من حيث الناسوت فكان كأحد الناس، ولذلك كان يدعو الله من هذه الناحية أباً وإلهاً له. لكنه كان خالياً من الخطية خلواً تاماً، الأمر الذي لا يتوافر في أي إنسان. وتُثبت القرينة صدق هذه الحقيقة، فإذا رجعنا إلى يوحنا 20:17 وجدنا المسيح يقول إن الله أبوه وإلهه، بمناسبة إعلانه عن عودته إليه، بعد إتمام مهمة الفداء التي جاء للعالم للقيام بها لأجلنا، بوصفه ابن الإنسان. وإذا رجعنا إلى متى 27:46 وجدنا المسيح يدعو الله إلهاً له، عندما كان معلَّقاً على الصليب كفارة عن الإنسان. وكان قد سمح أن يُعلَّق عليه لهذا الغرض بوصفه »ابن الإنسان«. كما أن قوله بعد ذلك لله: »لماذا تركتني؟« يدل على أنه لم ينطق به كابن الله، لأنه من هذه الناحية واحد مع الآب والروح القدس في اللاهوت، ولا انفصال له عنهما على الإطلاق. لكن هناك حالة واحدة يصح أن يُترك فيها من الله، وهي حالة وجوده كابن الإنسان للقيام بالتكفير عن الناس، لأن المكفِّر يجب أن يضع نفسه موضع الذين يكفِّر عنهم من كل الوجوه، حتى تكون كفارته حقيقية وقانونية. ولما كان كل الناس خطاة، ويستحقون الترك من الله إلى الأبد، سمح المسيح أن يُعتبر أثيماً، وأن يُترك من الله عوضاً عنهم، وأن يحتمل كل ما يستحقونه من قصاص، حتى يصيروا أبراراً، ولهم حق الاقتراب من الله، والتمتع به، إن هم قبلوا كفارته، وسلّموا حياتهم له تسليماً كاملاً. قال المعترض:»جاء في يوحنا 20:22 »ولما قال هذا نفخ وقال لهم: اقبلوا الروح القدس«. وهذا يناقض ما جاء في أعمال 2:1 و4 »ولما حضر يوم الخمسين كان الجميع معاً بنفس واحدة، وامتلأ الجميع من الروح القدس وابتدأوا يتكلمون بألسنة أخرى، كما أعطاهم الروح أن ينطقوا«. وللرد نقول: الذي يرى تناقضاً بين هذين القولين يُظهِر افتقاره العظيم إلى النظر الروحي، فقبل الصلب وعد المسيح تلاميذه أن يرسل إليهم الروح القدس (يوحنا 14:15-17) وبعد القيامة نفخ فيهم ليقبلوا الروح القدس (يوحنا 20:22). ثم تحقق وعده عندما انسكب الروح القدس يوم الخمسين بطريقة خاصة، ومنذ ذلك الحين سكن في قلوب جميع المؤمنين الحقيقيين في كل العصور. فيمكننا إذاً أن نقول إن كل مسيحي حقيقي فيه الروح القدس. وقد صدق من قال إنه في تاريخ الكنيسة لم ينسكب الروح القدس إلا مرة واحدة، في بدء تاريخها. ولكن هذا ليس معناه أن الروح القدس لم يكن في العالم ولم يكن عاملاً في قلوب شعب الله القديم قبل يوم الخمسين. ونجد في الكتاب المقدس إعلانات تدريجية عن عمله، ففي العهد القديم كان يحل على من شاء أن يحل عليه، ولم يكن هذا متوقِّفاً على حالة الإنسان، فقد حل مثلاً على شاول أول ملوك إسرائيل (1صموئيل 10:6)، وعلى بلعام النبي الكذاب الذي نطق بنبوَّة من عند الرب رغم إرادته (عدد 24:15 و16). ثم إن يوحنا المعمدان وُلد من بطن أمه مملوءاً من الروح القدس (لوقا 1:15). وتمّت كل أعمال الرسل السابقة ليوم الخمسين بقوة الروح القدس فيهم. وعلّم المسيح تلاميذه أثناء وجوده معهم على الأرض أنه يمكن نوال الروح القدس بالصلاة إلى الآب، ووعدهم أن يطلب من الآب فيعطيهم المعزّي. وأمرهم أن لا يبدأوا خدمتهم إلى أن يحل عليهم الروح القدس وعلى مجموع المؤمنين. وبعد يوم الخمسين، وفي الفترة التي فيها كانت الكرازة بالإنجيل لليهود فقط، كان الروح القدس يُعطَى لمن يؤمن منهم عن طريق وضع اليد فقط. ولما فتح بطرس باب الملكوت للأمم كان الروح القدس يُعطى بلا تأخير لكل من يؤمن، ولم يلزم للحصول عليه إلا الإيمان. ولا يخفى أن كل مؤمن حقيقي هو مولود من الروح، ومختوم بالروح وساكن فيه الروح، جاعلاً إياه هيكلاً للروح. فالعهد الجديد يفرِّق بين نوال الروح القدس، الأمر الذي يتم مبدئياً لكل المؤمنين، وبين الامتلاء من الروح الذي هو امتياز وواجب كل مؤمن. فالمؤمن يتعمَّد بالروح مرة، ولكنه يمتلئ منه مراراً. فلا تناقض إذاً بين إعطاء المسيح الروح القدس للتلاميذ قبل صعوده، وبين حلول الروح القدس عليهم في يوم الخمسين. قال المعترض:»يعترف الإنجيل بعدم كماله، كما جاء في يوحنا 20:30 »وآيات أُخر كثيرة صنع يسوع قدام تلاميذه لم تُكتَب في هذا الكتاب« وجاء في يوحنا 21:25 »وأشياء أُخر كثيرة صنعها يسوع، إن كُتبت واحدة واحدة فلستُ أظن أن العالم نفسه يسع الكتب المكتوبة«. وللرد نقول: تقول هاتان الآيتان إن بعض معجزات المسيح لم تُكتب في إنجيل يوحنا، وإن ما فعله المسيح لا تكفيه المجلدات ليُسجَّل كله، لأن المسيح قام بمعجزات كثيرة جداً. ولكن ما أورده البشير كافٍ لتؤمنوا أن يسوع هو المسيح ابن الله، ولكي تكون لكم إذا آمنتم حياة باسمه« (يوحنا 20:31). انظر تعليقنا على مرقس 7:32. اعتراض على يوحنا 21:17 - معرفة المسيح المطلقة انظر تعليقنا على مرقس 13:32 قال المعترض:»لم يثبت بالسند الكامل أن الإنجيل المنسوب إلى يوحنا من تأليفه، فإن يوحنا 21:24 يقول »هذا هو التلميذ الذي يشهد بهذا وكتب هذا، ونعلم أن شهادته حق« فانتقل في هذه الآية من الحديث بصيغة الغائب إلى الحديث بصيغة المتكلم، فيكون أن الكاتب شخصٌ آخر غير يوحنا، وأن الكاتب الحقيقي وجد شيئاً من كتابات يوحنا، فنقل عنه بزيادة ونقصان«. وللرد نقول: انتقال المؤلف من الغائب إلى المتكلم هو من أساليب الكلام الفصيح ويُسمَّى »الالتفات« وهو الانتقال من ضمير المتكلم إلى ضمير الغائب. قال السكاكي: »أما ذلك فله فوائد، منها تطرية الكلام، وصيانة السمع عن الضجر والملال، لما جُبلت عليه النفوس من حب التنقّلات والسآمة من الاستمرار على منوال واحد«. فيوحنا الإنجيلي ختم إنجيله بأن تكلم عن نفسه بصيغة الغائب بأن قال: »هذا هو التلميذ الذي يشهد بهذا وكتب هذا«. ثم أكد كلامه بقوله: »ونعلم أن شهادته حق«. اعتراض على يوحنا 21:25 - مبالغة؟ |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 42 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() الفصل الثاني - شبهات وهميَّة حول سفر أعمال الرسل
شبهات وهميَّة حول أعمال الرسل وللرد نقول: لا تناقض مطلقاً، فإن سفر الأعمال لا يقول إن عدد المؤمنين كان 120 فقط، ولكنه يقول إن 120 مؤمناً كانوا حاضرين اجتماعاً ذات يوم في أورشليم. أما الخمسمائة فقد التقوا في الجليل (متى 28:7) حيث قام المسيح بالكثير من المعجزات، وحيث كان كثيرون مؤمنين به.. فهل إن قلت إني التقيت بمئة وعشرين شخصاً في دمشق، والتقيت بخمسمائة شخص في القاهرة أكون صاحب قول متناقض؟! اعتراض على أعمال 1:18 - كيف مات يهوذا انظر تعليقنا على متى 27:3 و5 اعتراض على أعمال 2:1-4 - متى انسكب الروح القدس انظر تعليقنا على يوحنا 20:22 قال المعترض:»جاء في أعمال 2:16-21 اقتباس من يوئيل 2:28-32، وذلك في عظة الرسول بطرس يوم الخمسين. ولكن هناك أمور وردت في نبوَّة يوئيل لم تتحقق في يوم الخمسين، مثل »وأُعطي عجائب في السماء والأرض: دماً وناراً وأعمدة دخان. تتحوَّل الشمس إلى ظلمة والقمر إلى دم«. وللرد نقول: ما أراده بطرس باقتباسه من نبوَّة يوئيل أن يقول إن بعض هذه النبوَّة قد تحقق يوم الخمسين، وهو سكب روح الله على كل بشر، وهذا لأول مرة في تاريخ البشر. كما أن بقية النبوَّة بدأ يتحقق أيضاً، فإن الله الذي كلَّم الآباء بالأنبياء قديماً قد تكلم في الأيام الأخيرة في المسيح كلمته المتجسد، »شاهداً الله معهم بآيات وعجائب وقوات متنوعة ومواهب الروح القدس« (عبرانيين 1:1 و2 و2:4). وستتحقق العجائب في السماء والأرض قبل أن يجيء يوم الرب العظيم، وهو يوم مجيء المسيح ثانية (متى 24). قال المعترض:»جاء في عظة بطرس يوم الخمسين أن المسيح »رجل« (أعمال 2:22). وهذا يعني أنه ليس الله«. وللرد نقول: المسيح إله كامل وإنسان كامل. هو ابن الله وابن الإنسان. قال عنه بطرس إنه رجل لأنه ابن الإنسان. ولأنه الله قال عنه الرسول بولس: »الكائن على الكل إلهاً مباركاً إلى الأبد« (رومية 9:5) وإنه الله الظاهر في الجسد (1تيموثاوس 3:16). قال المعترض:»تختلف أربع آيات من أعمال 2:25-28 مع أربع آيات من مزمور 16:8-11، فسفر الأعمال يقول: »لأن داود يقول فيه كنت أرى الرب أمامي في كل حين، إنه عن يميني لكي لا أتزعزع. لذلك سُرّ قلبي وتهلل لساني. حتى جسدي أيضاً سيسكن على رجاء. لأنك لن تترك نفسي في الهاوية، ولا تدع قدوسك يرى فساداً. عرَّفتني سبُل الحياة، وستملأني سروراً مع وجهك«. بينما يقول مزمور 16 »جعلتُ الرب أمامي في كل حين لأنه عن يميني فلا أتزعزع. لذلك فرح قلبي وابتهجت روحي. جسدي أيضاً يسكن مطمئناً، لأنك لن تترك نفسي في الهاوية. لن تدع تقيَّك يرى فساداً. تعرّفني سبُل الحياة. أمامك شِبع سرور في يمينك نعم إلى الأبد«. وللرد نقول: نُقل مزمور 16 من العبرية إلى اليونانية في »الترجمة السبعينية« وهي الترجمة التي اقتبس منها سفر الأعمال. أما مزمور 16 فقد نقله المترجم من العبرية إلى العربية مباشرة، وهو ما جاء اقتباسه في المزامير. ولا خلاف في المعنى مطلقاً، كما يتضح لمن يقرأ النصَّين. انظر تعليقنا على أعمال 15:16 و17. قال المعترض:»ورد في أعمال 7:14 »فأرسل يوسف واستدعى أباه يعقوب وجميع عشيرته، 75 نفساً«. وهذه العبارة تدل على أن يوسف وابنيه (الذين كانوا في مصر قبل الاستدعاء) لا يدخلون في عدد 75. ولكن جاء في التكوين 46:27 »جميع نفوس بيت يعقوب التي جاءت إلى مصر سبعون«. وهذا تناقض«. وللرد نقول: كان يجب على المعترض أن يذكر آيتي التكوين 46:26 و27 ليظهر المعنى، ونصها: »جميع النفوس ليعقوب التي أتت إلى مصر الخارجة من صلبه، ما عدا نساء بني يعقوب، جميع النفوس 66 نفساً. وابنا يوسف اللذان وُلدا في مصر نفسان. جميع نفوس بيت يعقوب التي جاءت إلى مصر سبعون«. أما هؤلاء الستة والستون فهم: 12 أولاد يعقوب (11 ولداً وابنة)، 4 أولاد رأوبين، 6 أولاد شمعون، 3 أولاد لاوي، 5 أولاد يهوذا الثلاثة وحفيداه، 4 أولاد يساكر، 3 أولاد زبولون، 7 أولاد جاد، 7 أولاد أشير وابنته وحفيداه، ابنٌ واحد لدان، 4 أولاد نفتالي، 10 أولاد بنيامين. فالمجموع 66.. والآية تقول إنهم 66. فإذا أضفنا إليهم ابني يوسف اللذين وُلدا له في مصر مع يوسف ويعقوب يكون المجموع 70. وقد استثنى سفر التكوين من ذلك نساء بني يعقوب. أما في أعمال الرسل فيقول: »فأرسل يوسف واستدعى أباه يعقوب وجميع عشيرته، 75 نفساً«. دون أن يدرج يوسف ولا ابناه ولا زوجته في هذا العدد، لأنهم كانوا موجودين في مصر، فيكون عدد الذين استدعاهم 66 نفساً بإخراج يعقوب من هذا العدد، لأنه مذكور على حدته، في قوله »استدعى أباه يعقوب وجميع عشيرته«.. أما باقي العشيرة فهي زوجات بنيه، وعددهن تسع، لأن زوجة يهوذا كانت قد تُوفِّيت (تكوين 38:12) وكذلك امرأة شمعون. فالمجموع 75. ففي سفر التكوين قال: »ما عدا نساء يعقوب«. وفي أعمال الرسل قال: »يعقوب وبنوه وجميع عشيرته«. فعبارة الأعمال شرحت وأوضحت عبارة سفر التكوين. فلا مجال للقول بوجود خطأ.. ولو ذكر المعترض آيتي 26 و27 معاً لأوضحتا الحقيقة. اعتراض على أعمال 7:15 و16 - أين دُفن يعقوب؟ انظر تعليقنا على تكوين 50:13 قال المعترض:»ورد في أعمال 8:37 قول فيلبس للوزير الحبشي بشأن معموديته:» إن كنت تؤمن من كل قلبك يجوز« فقال الوزير: »أنا أومن أن يسوع المسيح هو ابن الله«. وقال كريسباخ وشولز إن قوله »آمنت أن يسوع المسيح هو ابن الله« أُضيفت إلى النص في تاريخ لاحق«. وللرد نقول: (1) عبارة الوزير ثابتة في النسخ المعتبرة. (2) من الأدلة الداخلية على صحتها أن سياق الكلام يستلزم وجودها، فإنه لما أوضح فيلبس للوزير طريق الخلاص، وأن المسيح هو مخلِّص العالم، وأوضح له حالة المسيح في اتضاعه وارتفاعه، تأكد أنه المسيح، وبالنتيجة أنه ابن الله الحي أو الكلمة الأزلي الذي صار جسداً. وبدون هذا الاعتراف لم يكن ممكناً لفيلبس أن يعمد الوزير. قال المعترض:»جاء في أعمال 9:5 و6 قول شاول الطرسوسي: »من أنت يا سيد؟ فقال الرب: أنا يسوع الذي أنت تضطهده. صعبٌ عليك أن ترفس مناخس«. فقال وهو مرتعد ومتحيّر: »يا رب، ماذا تريد أن أفعل؟« فقال له الرب: »قم وادخل المدينة فيُقال لك ماذا ينبغي أن تفعل«. وقال كريسباخ وشولز إن القول »صعبٌ عليك أن ترفس مناخس« أُضيف إلى النص في تاريخ لاحق«. وللرد نقول: التعبير »يرفس مناخس« تعبير يوناني عن مقاومة الآلهة، وربما كان معروفاً في الدوائر اليهودية من الأمثال التي يستخدمها الأمم. وهو ثابت في النسخ اللاتينية والعربية والحبشية والأرمنية. وورد مرة أخرى في أعمال 26:14 لما كان بولس الرسول يروي اختباره للملك أغريباس، فقال: »سمعتُ صوتاً يكلمني.. صعبٌ عليك أن ترفس مناخس«. ومعناها أن الإصرار على العناد يؤذي صاحبه، كالحيوان الجامح الذي يقاوم صاحبه، فيأخذ في رفس المناخس، فلا يضرّ إلا نفسه. وكل من يقاوم خالقه ويتمادى في العناد يضر نفسه. قال المعترض:»وردت قصة اهتداء الرسول بولس للمسيحية في ثلاثة مواضع من سفر الأعمال، بينها اختلافات في موعد ومكان تكليف بولس بالكرازة للأمم. ففي أعمال 9:6 جاء قول الرب لشاول الطرسوسي: »قم وادخل المدينة فيُقال لك ماذا ينبغي أن تفعل«. وقال بولس في أعمال 22:10 »فقال لي الرب: قُم واذهب إلى دمشق وهناك يُقال لك عن جميع ما ترتَّب لك أن تفعل«. ولكن ورد في أعمال 26:16 قول بولس إن الرب أمره: »قُمْ وقف على رجليك، لأني لهذا ظهرتُ لك، لأنتخبك خادماً وشاهداً بما رأيتَ«. فيُعلم من أعمال 9 و22 أن الرسول سيعرف ما سيفعله بعد دخوله المدينة، ولكن يظهر من أعمال 26 أنه سيعرف ما سيفعله فوراً«. وللرد نقول: في أعمال 9 يروي البشير لوقا قصة اهتداء شاول بالتتابع الواقعي للأحداث المتعلِّقة باهتداء بولس ووقت تكليفه بالخدمة بين الأمم. وفي أعمال 22 يورد القصة كما رواها بولس لليهود بتفصيل أكبر، ويضيف رؤياه التأكيدية التي رآها في أورشليم بعد اهتدائه بنحو ثلاث سنوات. أما أعمال 26 فيسجِّل خطاب الرسول بولس أمام الملك أغريباس، الذي شرح فيه رسالته باختصار، فلم يذكر التوقيت. علاوة على أن الأحداث كانت تبدو لبولس حدَثاً واحداً متَّصلاً. قال المعترض:»جاء في أعمال 9:7 »أما الرجال المسافرون معه فوقفوا صامتين، يسمعون الصوت ولا ينظرون أحداً«. ولكنه يقول في أعمال 22:9 »الذين معي نظروا النور وارتعبوا، ولكنهم لم يسمعوا الصوت الذي كلَّمني«. أما أعمال 26 فلا يذكر أن الرجال سمعوا أو لم يسمعوا«. وللرد نقول: الحديث في أعمال 9 عن مجرد السمع، أي وصول الصوت إلى الأذن. أما في أعمال 22 فالحديث عن فهم معنى ما سمعوه. لقد سمعوا، ولكنهم لم يفهموا، كما حدث في يوحنا 12:28 و29 عندما طلب المسيح: »أيها الآب مجِّد اسمك. فجاء صوتٌ من السماء: مجَّدت وأمجد أيضاً. فالجمع الذي كان واقفاً وسمع، قال: قد حدث رعدٌ. وآخرون قالوا: قد كلَّمه ملاك«. لقد سمعوا، ولكنهم لم يفهموا. وهذا ما جرى عندما رأى شاول الطرسوسي النور السماوي.. أما في أصحاح 26 فالأمر (كما ذكرنا في تعليقنا على أعمال 9:7) أن بولس كان يحدِّث الملك أغريباس، ليبرئ نفسه من اتهامات اليهود، ويدعو الملك للإيمان، فأوجز في ما قال، ولم يورد تفصيلات. لهذا أغفل ذكر أن مرافقيه سمعوا صوت من كلَّمه، ولكنهم لم يفهموا ما سمعوه. قال المعترض:»ورد في أعمال 10:6 قول الملاك لكرنيليوس عن الرسول بطرس »إنه نازل عند سمعان رجل دباغ، بيته عند البحر. هو يقول لك ماذا ينبغي أن تفعل«. فقال كريسباخ وشولز إن قوله »وهو يقول لك ماذا ينبغي أن تفعل« أُضيفت إلى النص في ما بعد«. وللرد نقول: هذه العبارة واردة في النسخ المعتبرة. ولو أنها حُذفت لجاء المعنى ناقصاً، وكأن الملاك يقول: »استدْعِ سمعان النازل في البيت الفلاني« دون أن يذكر هدف استدعائه. اعتراض على أعمال 13:39 - هل تُغفر كل خطية؟ انظر تعليقنا على متى 12:31 و32 قال المعترض: »الذي يقرأ أعمال 15 يجد أن رسل المسيحية لم يروا بعضهم بعضاً أصحاب وحي، كما يظهر هذا من مباحثتهم في مجمع أورشليم، فهناك قاوم بولسُ لبطرسَ. ولم يعتقد المسيحيون الأولون أنهم معصومون من الخطأ، لأنهم اعترضوا أحياناً على أفعالهم، كما في (أعمال 11:2 و3 و21:20-24). كما أن الرسول بولس قاوم الرسول بطرس مواجهة كما في غلاطية 2:11«. وللرد نقول: الذي يقرأ أعمال 15 يتَّضح له أن كل رسول كان يعتقد في الآخر أنه مؤيَّد بالروح القدس، فلا ينطق إلا عن لسان الله. ولما عُقد مجمع في أورشليم أخبر برنابا وبولس باقي الرسل والمشايخ بما صنعه الله من الآيات والعجائب في الأمم بواسطتهما، وبمقاومة اليهود لهم وتشديدهم على الاختتان، فأعلن الرسل: »رأى الروح القدس ونحن أن لا نضع عليكم ثقلاً« (أعمال 15:28). وهذا يوضح أنهم كانوا في غاية الاتفاق، ولم يحكموا في شيء إلا بوحي الروح القدس.. وقد شهد الرسول بطرس أن كلام الرسول بولس وحيٌ إلهي، وأن الله آتاه الحكمة الإلهية (2بطرس 3:15 و16). وأمر المسيح، الكلمة الأزلي، تلاميذه: »اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم.. وعلّموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به. وها أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر« (متى 28:19 و20) وقال لهم: »ستنالون قوة متى حلّ الروح القدس عليكم، وتكونون لي شهوداً في أورشليم وفي كل اليهودية والسامرة وإلى أقصى الأرض« (أعمال 1:8). وقد حلّ عليهم الروح القدس يوم الخمسين فتكلموا بلغات شتى، وعمل الله على أيديهم معجزات باهرة. والمسيح ذاته الكلمة الأزلي نفخ وقال لهم: »اقبلوا الروح القدس« فقبلوه (يوحنا 20:22). وقال لهم: »ومتى ساقوكم ليسلّموكم، فلا تعتنوا من قبل بما تتكلمون ولا تهتموا، بل مهما أعطيتكم في تلك الساعة فبذلك تكلَّموا، لأنْ لستم أنتم المتكلمين، بل الروح القدس« (مرقس 13:9-11). وقال لهم: »لأني أنا أعطيكم فماً وحكمة لا يقدر جميع معانديكم أن يقاوموها أو يناقضوها« (لوقا 21:51). فالمسيح وشحهم بالروح القدس ليؤهلهم للعمل العظيم وهو هداية الأنفس. وقال بولس الرسول: »إنه بإعلان (أي بوحي إلهي) عرّفني بالسر.. حيثما تقرأون (كتابتي) تقدرون أن تفهموا درايتي بسر المسيح ... الذي في أجيال أُخر لم يُعرَّف به بنو البشر كما قد أُعلن الآن لرسله القديسين وأنبيائه بالروح« (أفسس 3:3-5). فالرسول يشهد أن الرسل لا يتكلمون إلا بوحي إلهي. وقال في 2كورنثوس 13:3 »المسيح المتكلم فيَّ« وقال في 1تسالونيكي 2:13 »إذ تسلَّمتم منا كلمة خبرٍ من الله قبلتموها لا ككلمة أناس، بل كما هي بالحقيقة، ككلمة الله« وقال في 1كورنثوس 2:13 »التي نتكلم بها أيضاً، لا بأقوال تعلّمها حكمة إنسانية، بل بما يعلِّمه الروح القدس«. أما عن مقاومة الرسول بولس للرسول بطرس (غلاطية 2:11) فنقول: كان بطرس الرسول يعاشر الأمم الذين بلا كتاب لهدايتهم إلى الحق، فعنّفه اليهود لأنهم كانوا يعتقدون أن الأمم نجسون، وما دروا أن الله لا يسرّ بموت الخاطئ بل يريد له الهداية. فلما رأى بطرس إنكار اليهود عليه معاشرة الأمم امتنع عن معاشرتهم، علّهم يؤمنون بالمسيح الذي تنبأ به أنبياؤهم، ومتى ارتفعوا إلى هذه الدرجة أوضح لهم أن الله لا ينظر إلى الأكل والشرب، فإنه خلق الجوف للطعام والطعام للجوف. غير أن بولس عاتبه على مراعاة اليهود، مع أن الواجب هو إظهار حق الله مرة واحدة. فلو كان كتاب الله تلفيقاً بشرياً، لما ذكر إنكار بطرس لسيده، ولا مقاومة بولس لبطرس، فإن الحكمة البشرية تتستّر على هذه الأمور. غير أن الله هو إله الحق فيخبر بالحق لأنه هو مصدره. ولو كان بين الرسل تواطؤ على غش العالم، لانكشف في هذه الحالة التي حصل فيها هذا الاختلاف الفكري، فبطرس الرسول أبلغ المسيحيين أن الله فتح أبواب كنيسته للأمم واليهود على حدٍّ سواء، وأزال الحجاب الفاصل بينهم وبين شعبه، وأن كل أمة تتّقيه وتؤمن بالمسيح هي مقبولة عنده (أعمال 10:35). وبعد ذلك راعى اليهود، وهذا خطأ، والخطأ جائز في حقهم، ولكنهم معصومون في إعلان الوحي فقط. قال المعترض: »في أعمال 15:1-5 نسخ الرسل شريعة الختان، ثم شدد بولس الرسول في نَسْخها كما في غلاطية 5:3-6 و6:15، مع أنه يتَّضح من العهد القديم أن الختان حكم أبدي في شريعة إبراهيم كما في تكوين 17 ولذا بقي هذا الحكم في أولاد إسماعيل وإسحاق، وبقي في شريعة موسى كما في لاويين 12:3. والمسيح خُتن كما في لوقا 2:21«. وللرد نقول: كان الختان علامة العهد الذي عقده الله مع إبراهيم، كما قيل في تكوين 17:10 و11 »يُختتن منكم كل ذكر، فيكون علامة عهدٍ بيني وبينكم«. وقد وضعه الله ليكون علامةً يمتاز بها بنو إسرائيل عن غيرهم من الشعوب المحيطة بهم. وهو يدل على ضرورة التجديد، والقطع مع آدم الأول نائبنا، والتطعيم في المسيح آدم الثاني والاغتسال بدمه الذي يطهِّر من كل خطية (رومية 2:28 و29). أما اختتان المسيح فكان ضرورياً لأنه تمم كل البر وحفظ كل الشريعة، لأنه كان طاهراً قدوساً بلا عيب، وكان مثال الطهارة والبر والطاعة والتواضع والمحبة والوداعة وكل الفضائل. ولم يلغِ الرسل أمر الختان، لكنهم دحضوا قول من علَّم أن الخلاص بالاختتان، فقد ورد في أعمال 15:1 »وانحدر قوم من اليهودية وجعلوا يعلّمون الإخوة أنه: إن لم تختتنوا حسب عادة موسى لا يمكنكم أن تخلُصوا«. فقولهم هذا باطل، لأن الخلاص هو بالإيمان بالمسيح. والغاية من الختان هو أن يكون علامة العهد بين الله وشعبه القديم، وإشارة إلى طهارة القلب والنية. وقد قال الرسول بولس في رومية 2:28 و29 »لأن اليهودي في الظاهر ليس هو يهودياً، ولا الختان الظاهر في اللحم ختاناً. بل اليهودي في الخفاء هو اليهودي، وختان القلب بالروح لا بالكتاب هو الختان، الذي مدحه ليس من الناس بل من الله«. وأوضح في رسالته إلى غلاطية أن الله لا يبالي بالأمور الخارجية، بل بالإيمان العامل بالمحبة، وتجديد القلب من الدنس والشر. فإن الختان والغرلة والأمور الخارجية لا تفيد شيئاً في أمر الخلاص. أما في العهد الجديد فقد حلَّت فريضة المعمودية محل فريضة الختان، وصارت المعمودية علامة خارجية على وجود نعمة داخلية، فالختان يشير إلى خلع الخطايا، والمعمودية تشير إلى غسلنا بدم المسيح، وتطعيمنا فيه، وختم فوائد عهد النعمة، الذي هو غفران الخطايا بدم المسيح، وتجديد القلب بروحه، والتبنّي في عائلته، والقيامة للحياة الأبدية. ومعناها أيضاً الختم على تعهدنا أن نكون للرب، وهي علامة فاصلة بين شعب الله وغيره من الشعوب. والحكمة في استعمال الماء في المعمودية هي: (1) الماء يطهرّ من الأقذار، ودم المسيح يطهر قلوبنا من أعمال ميتة. (2) الماء يروي ظمأ العطشان، ودم المسيح يشفي الغليل. (3) الماء يطفئ النار، ودم المسيح يطفئ لهيب غضب الله، ويطفئ نار شهوتنا التي تحاربنا. (4) الماء يليّن الأرض الصلبة، ودم المسيح يليّن القلب القاسي. (5) الماء ضروري للحياة، وبدون دم المسيح وروحه يهلك الخاطئ. (6) الماء بلا ثمن، ودم المسيح وروحه مقدَّمان للجميع مجاناً. (7) مع أن الماء ضروري لكل إنسان إلا أنه لا يفيد شيئاً ما لم يشربه، ودم المسيح لا يفيد الإنسان ما لم يؤمن به. قال المعترض:»الآيتان في أعمال 15:16 و17 حيث يقول: »سأرجع بعد هذا وأبني أيضاً خيمة داود الساقطة، وأبني أيضاً ردمها، وأقيمها ثانية، لكي يطلب الباقون من الناس الرب، وجميع الأمم الذين دُعي اسمي عليهم، يقول الرب الصانع هذا كله«.. وهما تختلفان عن قول عاموس 9:11 و12 »في ذلك اليوم أُقيم مظلّة داود الساقطة وأحصّن شقوقها وأقيم ردمها وأبنيها كأيام الدهر، لكي يرثوا بقية أدوم وجميع الأمم الذين دُعي اسمي عليهم، يقول الرب الصانع هذا«. وللرد نقول: ليس في معاني هذين النصَّين اختلاف. وقد اقتبس الرسل هذه الآيات من الترجمة السبعينية وهي ترجمة التوراة من العبرانية إلى اليونانية، بينما نقل المترجم عاموس 9:11 و12 من العبرية إلى العربية مباشرة. فإذا وجد تنوع في العبارة كان ذلك من الترجمة، ولكن المعنى واحد. وزد على هذا جواز النقل بالمعنى، ولاسيما لمن خصَّهم الله بالوحي وقوة المعجزات، فكلامهم حجة في العبادات. انظر تعليقنا على أعمال 2:25-28. قال المعترض:»جاء في أعمال 15:20 أن مجمع أورشليم أمر بالامتناع عن نجاسات الأصنام، والزنا، والمخنوق، والدم. فهل هذا يعني أن نقل الدم لإنقاذ المرضى حرام؟« وللرد نقول: ينصبُّ المنع في قرارات مجمع أورشليم على أكل الدم أو شربه، كما جاء في تكوين 9:3 و4، ولاويين 17:10-12. ونقل الدم لإنقاذ المرضى ليس أكلاً وشُرباً، لأن الأكل والشرب في التوراة يعنيان التناول عن طريق الفم مروراً بالجهاز الهضمي. قال المعترض:»في أعمال 15:24 و28 و29 نسخ الرسل التوراة إلا أكل اللحم المذبوح للأصنام، والدم، والمخنوق، والزنا«. وللرد نقول: ورد في آية 24 أنه ظهر بين المسيحيين من قالوا إن الخلاص بالأعمال الخارجية، كالاختتان والشريعة الطقسية التي كانت رمزاً لذبيحة المسيح. فألهم الروح القدس الرسل أن يقرروا أن الاتكال على الأمور الخارجية باطل، وأنه متى أتى المرموز إليه تم الغرض المقصود من الرمز. فالذي يحاول أن يحفظ الذبائح الطقسية بعد مجيء الفادي الذي كانت ترمز إليه، يكون مثل إنسان رجع إلى حفظ الأبجدية بعد أن طالع العلوم. فلذا قال الرسول إن الخلاص ليس بالاختتان ولا بالناموس الطقسي، بل بالإيمان بالمسيح. ثم حضَّهم على الامتناع عما ذُبح للأصنام وعن الدم والمخنوق والزنا. راجع تعليقنا على أعمال 15:15. قال المعترض:»جاء في أعمال 20:9 أن أفتيخوس سقط من الطبقة الثالثة إلى أسفل، وحُمل ميتاً. ولكن جاء في آية 10 أن بولس قال عنه إن نفسه فيه«. وللرد نقول: وقع أفتيخوس ومات، فنزل بولس واحتضنه وضمَّه إلى صدره (آية 10) فعادت نفسه إليه. آية 9 تتحدث عن موته، وآية 10 تتحدث عنه بعد أن عادت له الحياة. قال المعترض:»من أعمال 21:20-24 يتضح أن المسيحيين الأولين لم يكونوا يؤمنون أن الرسل معصومون من الخطأ، لأنهم في بعض الأوقات اعترضوا على أفعالهم، كما اعترض المؤمنون بالمسيحية من أصلٍ يهودي على الرسول بولس الذي أهمل فريضة الختان«. وللرد نقول: اعتقد أئمة المسيحيين أن ما كتبه الرسل وحي إلهي، يتعبدون بتلاوته، ويستشهدون به في مناظراتهم، ويؤيدون به معتقداتهم. فلو لم يعتقدوا أنه وحي إلهي لما جعلوه الحكم الفصل. أما ما ورد في أعمال 21:20-24 فإننا نرى فيه بولس الرسول ينفي عن نفسه التهم الكاذبة التي رماه بها اليهود من أنه رفض شريعة موسى. وبنصيحة من الرسول يعقوب ساعد أربعة رجال أن يتمموا عهود نذرهم، تتميماً لأوامر الشريعة الموسوية في سفر العدد 6:13، بهدف أن يوضح لليهود أنه مؤمن بشريعة موسى التي كانت طقوسها وفرائضها تشير إلى المسيح، وأن المسيح أتى ليكمل الناموس لا لينقضه. فبولس الرسول تصرف بغاية الحكمة، ونفى كل العثرات المانعة لليهود عن الإيمان. انظر تعليقنا على أعمال 11:2 و3. اعتراض على أعمال 21:24 - لماذا حافظ بولس على الناموس؟ انظر تعليقنا على أعمال 15:1-5 اعتراض على أعمال 22:9 - هل سمعوا الصوت؟ انظر تعليقنا على أعمال 9:7 اعتراض على أعمال 22:10 - متى عرف بولس مسؤوليته؟ انظر تعليقنا على أعمال 9:6 و7 قال المعترض:»في أعمال 23:3 أخطأ بولس لما وبّخ رئيس الكهنة وقال له: »سيضربك الله أيها الحائط المبيَّض« كما أنه كذب لما قال إنه لم يعرف أنه رئيس الكهنة (آية 5)«. وللرد نقول: لم يخطئ بولس في شيء، فإنه لم يسحب كلامه، بل أن رئيس الكهنة حنانيا هذا كان يستحق زجر الرسول بولس له، لأنه أمر بضربه مع أنه لم يفعل شيئاً يستوجب الضرب. فكلام بولس يدل على نزاهته وبراءته. وقوله: »سيضربك الله« ليس هو من قبيل اللعن، بل هو إعلان على أنه لن ينجو من انتقام الله. وقد تحقق ما قاله بولس، فإن حنانيا قُتل مع أخيه حزقيا. أما قول بولس »لم أعرف أيها الإخوة أنه رئيس الكهنة« فقول صادق، بسبب ضعف بصر بولس. انظر تعليقنا على متى 10:19 و20 اعتراض على أعمال 26:14 - هل سقطوا؟ انظر تعليقنا على أعمال 9:6 و7 قال المعترض:»جاء في أعمال 26:23 »إن يؤلَّم المسيح يكن هو أول قيامة الأموات«. ولكنه لم يكن أول من قام، فقد أقام من الموت ثلاثة أشخاص: ابنة يايرس (مرقس 5)، وابن أرملة نايين (لوقا 7)، ولعازر (يوحنا 11). ويقول 1كورنثوس 15:20-23 »قد قام المسيح من الأموات وصار باكورة الراقدين.. لأنه كما في آدم يموت الجميع، هكذا في المسيح سيُحيا الجميع. ولكن كل واحد في رتبته المسيح باكورة، ثم الذين للمسيح في مجيئه«. وورد في كولوسي 1:18 »الذي هو البداءة، بكرٌ من الأموات« وفي رؤيا 1:5 »يسوع المسيح الشاهد الأمين البكر من الأموات«. وهذه الأقوال تنفي قيام ميت من الأموات قبل المسيح، وإلا لا يكون المسيح أول القائمين وباكورتهم«. وللرد نقول: وصف المسيح بأنه »أول قيامة الأموات« و»بكر من الأموات« و»باكورة الراقدين« لا يعني أنه أول من قام من الموت، بل أنه أعظمهم، فقد مات وقام ولا يعود يذوق الموت بعد، وجلس عن يمين العظمة في الأعالي، وسيأتي في مجده ليدين الأحياء والأموات. إنه أعظمهم، وليس أولهم. أما الذين أقامهم من الموت فذاقوا الموت بعد ذلك، وماتوا كباقي الناس بعد أن عاشوا عدة سنين. ولكن متى أتى يوم البعث فلن يذوقوا الموت وتكمل سعادتهم، ويتم بذلك نعيمهم الدائم. ولم يكن البكر دائماً هو الابن الأكبر، بل الابن الأعظم الذي ينال نصيب اثنين. فيعقوب أبو الأسباط اعتبر أفرايم بن يوسف (وهو الصغير) الابن البكر (تكوين 48:14) واعتبر منسى بكر يوسف ابنه، الابن الثاني، مع أن منسى كان أول أبناء يوسف. قال المعترض:»جاء في أعمال 27:22 وعد الله لبولس أن لا تكون خسارة نفس واحدة من ركاب السفينة، ولكن بولس قال في أعمال 27:31 إنه إن لم يبقَ البحارة في السفينة فإنهم لا ينجون. وهذا يناقض وعد الله«. وللرد نقول: وعد الله بالنجاة يشمل وسيلة النجاة، وهي وجود البحارة في السفينة. فإذا انتفت الوسيلة انتفت النجاة. ووجود البحارة يحقِّق الوعد الإلهي بواسطتهم. |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 43 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() الفصل الثالث - شبهات وهميَّة حول رسائل الرسول بولس
شبهات وهميَّة حول رسالة رومية وللرد نقول: الآيات الست هذه لم تسقط كما ادَّعى المعترض، وإنما وضعها بعض المترجمين بعد الآية الثالثة من مزمور 14، وجاءت في الترجمة السبعينية التي عنها أخذت الفولجاتا. وقد أخذ الرسول بولس نصَّه اليوناني من السبعينية. وهناك آيات كتابية أخرى تقول نفس الكلمات مثل ما ورد في مزمور 5:9 و140:3 و10:7 وإشعياء 59:7 و8 ومزمور 36:1. قال المعترض: »جاء في رومية 3:10 »ليس بار ولا واحد« وهذا وصفٌ لكل الناس في كل زمن. ولكن جاء في رومية 7:8 »بدون الناموس الخطية ميتة« مما يعني أن الذين عاشوا قبل نزول الناموس أبرار«. وللرد نقول: الناس في كل عصر ومصر خطاؤون، ولكنهم لا يشعرون أنهم كذلك، لعدم وجود شريعة توضح الخير والشر. فالخطية موجودة دائماً، إلا أنها لم تظهر كشرٍّ عظيم إلا بعد أن نهانا الناموس عنها، كما يقول: »لم أعرف الخطية إلا بالناموس، فإنني لم أعرف الشهوة لو لم يقُل الناموس: لا تشتهِ« (رومية 7:7 و8). ونزول الشريعة جعل الناس يفكرون في كسرها، لأن »الخطية وهي متَّخذة فرصة بالوصية أنشأت فيَّ كل شهوة« (رومية 7:8). قال المعترض:»جاء في رومية 3:28 »إذاً نحسب أن الإنسان يتبرَّر بالإيمان بدون أعمال الناموس«. ولكن الرسول يعقوب يناقض قول الرسول بولس هذا، فيقول في يعقوب 2:24 »ترون إذاً أنه بالأعمال يتبرر الإنسان لا بالإيمان وحده«. وللرد نقول: يظن كثيرون أن بولس ويعقوب يناقض أحدهما الآخر في قضية مغفرة الخطايا، لأن بولس يقول إن الإنسان يتبرر بالإيمان بدون أعمال، بينما يعلِّم يعقوب أن الإنسان يتبرر بالإيمان والأعمال معاً. ولكن على القارئ أن يقرأ كل ما كتبه بولس عن التبرير، فيرى أنه لا يناقض أحدهما الآخر، بل كلاهما يعلّم حقاً واحداً، ولكن موضوع حديثهما في الآيتين المقتبسَتين هنا ليس واحداً. فبولس يتكلم عن التبرير أمام الله بغفران الخطايا، أما يعقوب فيتكلم عن التبرير أمام الناس بالعمل الصالح. بولس يستعمل كلمة »تبرير« للدلالة على عمل الله الذي به تُغفر خطايا الإنسان على أثر إيمانه بالمسيح وقبوله إياه مخلِّصاً، أما يعقوب فيستعمل كلمة »تبرير« للدلالة على البر العملي الذي وصل إليه المؤمن بواسطة الإيمان. وهذا لا دَخْل له مطلقاً بالخلاص. إن التبرير أمام الله هو اعتبار الإنسان باراً أمامه على أثر قبوله النعمة المجانية المقدَّمة له. وهذا بالإيمان لا غير. وبعد أن يقبل الإنسان نعمة الله في المسيح لا يمكن أن يكون قد عمل بعد عملاً يُشار إليه كأساس لتبريره. أما التبرير الذي يتكلم عنه يعقوب فيشمل الإيمان بالفادي، والحياة الصالحة التي تتبع هذا الإيمان. ولا غبار على قول يعقوب إن الإيمان الذي لا يكون مقترناً بحياة التقوى إيمان ميت. فنرى إذاً أنه لا تناقض البتة بين كلام الرسولين في قضية التبرير، فكلاهما يعلّم عن حق واحد. أحدهما يشير إلى وجهٍ من هذا الحق، وهو التبرير أمام الله، والثاني يشير إلى وجهٍ آخر، وهو التبرير أمام الناس. فبولس ينهى عن الاعتماد على الأعمال الصالحة للقبول أمام الله، بينما يعقوب يحرّض على الأعمال الصالحة كبرهانٍ على الإيمان. نقرأ في أفسس 2:8 »لأنكم بالنعمة مخلَّصون بالإيمان، وذلك ليس منكم، هو عطية الله. ليس من أعمالٍ كيلا يفتخر أحد. لأننا نحن عمله، مخلوقين في المسيح يسوع لأعمالٍ صالحة قد سبق الله فأعدَّها لكي نسلك فيها«. قال المعترض:»جاء في رومية 5:12 »كأنما بإنسان واحد دخلت الخطية إلى العالم، وبالخطية الموت. وهكذا اجتاز الموت إلى جميع الناس، إذ أخطأ الجميع«. ولكن جاء في رومية 5:14 »ملك الموت من آدم إلى موسى، وذلك على الذين لم يخطئوا على شبه تعدي آدم«. فإن لم يكونوا قد أخطأوا كما أخطأ آدم، فلماذا يعاقبهم بالعقاب الذي حلَّ بآدم؟.. وهل من العدل أن يعاقب الله البشر بسبب خطية آدم؟«. وللرد نقول: هناك نوعان من الناس لا يحل بهم العقاب الذي حلَّ بآدم، هما الأطفال، والذين أخطأوا سهواً بغير تعمُّد. فقد قيل: »قبل أن يعرف الصبي أن يرفض الشر ويختار الخير« (إشعياء 7:15)، وقال المسيح: »لو كنتم عمياناً لم تكن لكم خطية« (يوحنا 9:41) وقال بولس في رومية 5:19 إنه بإطاعة الواحد الذي هو المسيح سيُجعَل الكثيرون أبراراً، بمن فيهم الأطفال. ويعتبر الكتاب المقدس أن الكل مخطئون في آدم نائبهم الأول، ولكن موت المسيح لأجل البشر رفع هذه اللعنة عن البشر جميعاً »لأنه كما بمعصية الإنسان الواحد جُعل الكثيرون خطاة، هكذا ببرٍّ واحدٍ (الذي هو بر المسيح) صارت الهبة إلى جميع الناس لتبرير الحياة، لأنه كما بمعصية الإنسان الواحد جُعِل الكثيرون خطاة، هكذا أيضاً بإطاعة الواحد سيُجعَل الكثيرون أبراراً« (رومية 5:18 و19). ولذلك يُعتَبر الذين لم يخطئوا على شبه تعدي آدم (من آدم إلى موسى- أي قبل نزول شريعة موسى) مخطئون في نائبهم الأول، ولأنهم كسروا ناموس الله الواضح في الطبيعة، بالرغم من أن شريعة موسى لم تكن قد أُعطيت بعد. ولكن رومية 5 يعلِّمنا أن الخطية خاطئة جداً، وأنه بسببها يأتي غضب الله على أبناء المعصية، لكن رحمة الله الواسعة تعطيهم فرصة الخلاص بكفارة المسيح إن هم قبلوا هذه الكفارة. قال المعترض:»جاء في رومية 8:26 »الروح أيضاً يعين ضعفاتنا، لأننا لسنا نعلم ما نصلي لأجله كما ينبغي، ولكن الروح نفسه يشفع فينا بأنّات لا يُنطَق بها«. ولكن 1تيموثاوس 2:5 يقول: »لأنه يوجد إله واحد ووسيط واحد بين الله والناس: الإنسان يسوع المسيح«. وللرد نقول: شفاعة الروح القدس فينا معناها واضح من أول الآية، وهو أن الروح يعين ضعفاتنا، فهو يشفع لا بالصلاة لأجلنا، بل في صلواتنا وضعفاتنا، فيحرك في قلوبنا الشوق لنُرضي الله ونتشبَّه بالمسيح. شفاعة الروح القدس فينا هي هنا على الأرض، لكن شفاعة المسيح فينا هي في السماء. قال المعترض:»جاء في رومية 9:17 »لأنه يقول الكتاب لفرعون: إني لهذا بعينه أقمتُك، لكي أُظهر فيك قوتي، ولكي يُنادَى باسمي في كل الأرض«. ويقول الخروج 4:21 و7:3 إن الله قسَّى قلب فرعون. فلماذا يعاقب الله فرعون؟«. وللرد نقول: علم الله العليم أن فرعون سيقسّي قلبه ويرفض أن يطيع أمره ويطلق بني إسرائيل أحراراً، وقال لموسى في خروج 3:19 »ولكني أعلم أن ملك مصر لا يدعكم تمضون، ولا بيدٍ قوية«. فترك الرب فرعون لقساوة قلبه، وحقَّق بتلك القساوة مقاصده الصالحة. وفي قساوة قلبه قال فرعون: »من هو الرب حتى أسمع لقوله فأُطلق إسرائيل؟ لا أعرف الرب، وإسرائيل لا أطلقه« (خروج 5:2). وقد اقتبس بولس في رومية 9:17 ما قاله الرب بعد تصرفات فرعون الظالمة، وهو من خروج 9:16 »ولكن لأجل هذا أقمتك، لكي أُريك قوتي، ولكي يُخبَر باسمي في كل الأرض« وبعد ذلك ضربه بالضربة السابعة، وهي البَرَد. فرعون إذاً مسؤول مسؤولية كاملة عن أفعاله، ولكن الله حوَّل قساوة قلب فرعون لتحقيق مقاصده، كما قال يوسف لإخوته: »أنتم قصدتم لي شراً، أما الله فقصد به خيراً، لكي يفعل كما اليوم، ليحيي شعباً كثيراً« (تكوين 50:20). قال المعترض:»جاء في رومية 9:20 و21 »ألعلَّ الجبلة تقول لجابلها: لماذا صنعتني هكذا؟ أم ليس للخزّاف سلطان على الطين أن يصنع من كتلة واحدة إناءً للكرامة وآخر للهوان؟«. فما هو ذنب الإنسان الذي يصنع منه الفخاري إناءً للهوان؟«. وللرد نقول: نعم، إن للفخاري سلطاناً على الطين أن يصنع منه ما يشاء، إناءً للكرامة، أو إناءً للهوان. وليس للطينة أن تقول: لماذا صنعتني هكذا؟ فإن هذا من أعمال السيادة. ولكن الفخاري أيضاً حكيم وعادل. فمع كامل حريته وسلطانه، إلا أنه ينظر بحكمة إلى قطعة الطين. فإن رآها جيدة وناعمة وليّنة، جعل منها آنية للكرامة، لأن صفاتها تؤهلها لذلك، فمن غير المعقول أن تقع طينة رائعة في يد فخاري حكيم، فيصنع منها إناءً للهوان، وإلا أساء التصرُّف. أما إذا كانت الطينة خشنة ورديئة، ولا تصلح إناءً للكرامة، فإن الفخاري (بما يناسب حالتها) سيجعلها إناءً للهوان. وهو على قدر الإمكان يحاول أن يصنع من كل الطين الذي أمامه أواني للكرامة، بقدر ما تساعده صفات الطين على ذلك.. الأمر إذاً وقبل كل شيء، يتوقف على حالة الطينة ومدى صلاحيتها، مع اعترافنا بسلطان الفخاري وحريته، ومع ذكرنا لعدله وحكمته. ولذلك قال الرب: »هوذا كالطين بيد الفخاري، أنتم هكذا بيدي يا بيت إسرائيل. تارة أتكلم على أمة وعلى مملكة بالقَلْع والهدم والهلاك. فترجع عن شرّها تلك الأمة التي تكلمت عليها، فأندم على الشر الذي قصدت أن أصنعه بها. وتارة أتكلم على أمة وعلى مملكة بالبناء والغَرْس، فتفعل الشر في عينيَّ ولا تسمع لصوتي، فأندم على الخير الذي قلت إني أحسن إليها به« (إرميا 18:6-10). إذاً بإمكان الطينة أن تصلح مصيرها. ويذكرنا هذا بمثل الزارع الذي خرج ليزرع (متى 13:3-8) فالزارع هو نفس الزارع، والبذار هي نفس البذار، وهو يريد للكل إنباتاً. ولكن النتيجة تكون حسب طبيعة الأرض التي سقطت عليها البذار. إن الزارع لم يجهِّز بذاراً لتجف أو لتحترق، أو لتختنق بالشوك، أو ليأكلها الطير. ولكن طبيعة الأرض هي التي تحكمت في الأمر. قال المعترض:»جاء في رومية 12:20 »إن جاع عدوّك فأطعمه، وإن عطش فاسقِه«. وهذا تعبير عظيم عن المحبة، ولكن بقية الآية تعبِّر عن البغضة للعدو، إذ تقول: »لأنك إن فعلت هذا تجمع جمر نار على رأسه«. وللرد نقول: على المسيحي أن يُظهر الرقة لعدوّه. ونتيجةً لفعل هذا الواجب المقدس يثور ضمير عدوّه على الفعل السيّئ الذي فعله مع شخص صالح جازى الشر بالإحسان. والعمل الصالح يحرق قلب المسيء. فليس الهدف من العمل الصالح الإساءة للعدو، لكن نتيجة العمل الصالح إيقاظ ضمير العدو. قال المعترض:»جاء في رومية 14:14 »إني عالم ومتيقّن في الرب يسوع أن ليس شيئاً نجساً بذاته، إلا مَن يحسب شيئاً نجساً، فله هو نجس«. فيكون أن هذه الآية نسخت كل ما حرَّمته شريعة موسى من الحيوانات الكثيرة«. وكذلك نسختها تيطس 1:15 »كل شيء طاهر للطاهرين، وأما للنجسين وغير المؤمنين فليس شيء طاهراً، بل قد تنجس ذهنهم أيضاً وضميرهم«. وكذلك نسختها 1تيموثاوس 4:4 »لأن كل خليقة الله جيدة، ولا يُرفض شيء إذا أُخذ مع الشكر، لأنه يُقدَّس بكلمة الله والصلاة«. وللرد نقول: كان في روما بعض مؤمنين موسوسين، أو كما قال الرسول »ضعاف الإيمان«. فهؤلاء تمسكوا بالقشور وتركوا جوهر الدين، فحرَّموا بعض الأطعمة، حتى قال لهم الرسول في رومية 14:2 »وأما ضعيف الإيمان فيأكل بقولاً«. ولكنه أوضح في رومية 14:17 أن ملكوت الله ليس أكلاً وشرباً، بل هو بر وسلام وفرح في الروح القدس. وأمر بوجوب احتمال الضعفاء، وأن لا نضع للأخ مصدمة أو معثرة. ثم أوضح أن الموسوَس يحسب كل شيء نجساً، مع أن الأشياء هي في حدّ ذاتها طاهرة. ثم قال في رومية 14:15 »فإن كان أخوك بسبب طعامك يُحزَن، فلست تسلك بعد حسب المحبة. لا تُهلِك بطعامك ذلك الذي مات المسيح لأجله«، ثم قال في الآية 21 »حسن أن لا تأكل لحماً ولا تشرب خمراً ولا شيئاً يصطدم به أخوك أو يعثر أو يضعف«. فيظهر من هذا أن غاية الرسول توثيق المحبة بين المسيحيين، وحثّهم على احتمال الضعفاء ومراعاة إحساساتهم وعدم تعييرهم، فإن ضعيف الإيمان ربما يتشكك في ذات الحيوانات الطاهرة. ولذا أمره بولس الرسول ليقتصر على أكل البقول. وعلى كل حال فلا ناسخ ولا منسوخ. وعبارة الرسول في تيطس تشير إلى البِدع، فإنه قال في آية 14 (أي قبل الآية التي أتى بها المعترض): »لا تُصْغوا إلى خرافات يهودية ووصايا أناسٍ مرتدّين عن الحق«. ثم قال: »كل شيء طاهر« فلم ينسخ شريعة موسى، بل حذّر المؤمنين من الخرافات وبدع المرتدّين عن الحق. وقصد الرسول من 1تيموثاوس 4:4 أن يرد على أصحاب البِدع، فإنه قال قبلها (آية 1-3) »ولكن الروح يقول صريحاً إنّه في الأزمنة الأخيرة يرتدّ قومٌ عن الإيمان، تابعين أرواحاً مضلَّة وتعاليم شياطين، في رياء أقوالٍ كاذبة، موسومة ضمائرهم، مانعين عن الزواج، وآمِرين أن يُمتنَع عن أطعمة قد خلقها الله لتُتناوَل بالشكر من المؤمنين وعارفي الحق . ثم قال لأن كل خليقة الله جيدة«. |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 44 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() شبهات وهميَّة حول رسالتي كورنثوس وللرد نقول: لم يقف بولس ضد المعمودية، فهو نفسه قد تعمَّد بالماء (أعمال 9:18 و22:16)، وعلَّم في رسائله بضرورة المعمودية (رومية 6:3 و4 وكولوسي 2:12)، ويقول إنه عمَّد بالماء كريسبس وغايس وبيت استفانوس (1كورنثوس 1:14 و16)، كما عمَّد سجان فيلبي وأهل بيته (أعمال 16:31-33). ولكن الذي قاومه بولس كان تعليم البعض بأن المعمودية إحدى شروط الخلاص، لأن الخلاص يكون بالإيمان بدم المسيح وحده والثقة في أخبار الإنجيل المفرحة (رومية 1:16). قال المعترض:»ورد في 1كورنثوس 2:9 »بل كما هو مكتوب: ما لم ترَ عين، ولم تسمع أذن، ولم يخطر على بال إنسان، ما أعده الله للذين يحبونه«. وهي مقتبسة من إشعياء 64:4 »ومنذ الأزل لم يسمعوا ولم يصغوا. لم تر عينٌ إلهاً غيرك يصنع لمن ينتظره«. ونسب مفسرو المسيحية هذا التحريف إلى إشعياء«. وللرد نقول: لم ينسب مفسّر مسيحي هذا »التحريف« إلى إشعياء، وإنما قالوا إن الرسول بولس اقتبس من إشعياء بالمعنى. والاقتباس ثلاثة أقسام: مقبول، ومُباح، ومردود. فالأول ما كان في الخُطب والمواعظ والعهود. والثاني ما كان في القول والرسائل والقصص. والثالث على نوعين: أحدهما ما نسبه الله إلى نفسه، والآخر تَضْمين آية في معنى هزل.. فإن كان مسموحاً للأدباء أن يقتبسوا بالمعنى، أفلا يجوز للأنبياء الكرام أن يستشهدوا بأقوال بعضهم بعضاً، وهم أعرف من غيرهم بمعاني أقوال الوحي؟ قال المعترض:»اقتبس الرسول بولس في 1كورنثوس 3:19 قول أليفاز التيماني لأيوب »الآخذ الحكماء بمكرهم«. فكيف يقتبسه وقد قال الله لأليفاز: »حمي غضبي عليك وعلى صاحبَيْك، لأنكم لم تقولوا فيَّ الصواب، كعبدي أيوب« (أيوب 42:7). فإن كان الله قد غضب على أقوال أليفاز وصاحبيه، فكيف يقتبسها بولس الرسول باعتبارها وحياً؟«. وللرد نقول: لم يقُل الله إن كل ما قاله أليفاز لأيوب يثير غضبه، بل قال إن غضبه ثار على أليفاز وصاحبيه لأنهم اتَّهموا أيوب بأن خطاياه هي سبب بلاويه. وما أكثر عبارات أليفاز الصحيحة، ومنها »المُنزل مطراً على وجه الأرض، والمرسل المياه على البراري« (أيوب 5:10). اعتراض على 1كورنثوس 6:2 و3 - من يدين العالم؟ انظر تعليقنا على يوحنا 5:22 و27 قال المعترض: »يقول 1كورنثوس 6:10 إن سكيرين لا يرثون ملكوت الله، ولكن بولس ينصح تلميذه تيموثاوس (1تيموثاوس 5:23) أن يشرب خمراً. أليس هذا تناقضاً؟«. وللرد نقول: انظر تعليقنا على 1تيموثاوس 5:23 قال المعترض:»جاء في 1كورنثوس 6:12 »كل الأشياء تحل لي، لكن ليس كل الأشياء توافق. كل الأشياء تحل لي، لكن لا يتسلّط عليّ شيء«. وهذا يعني أن كل شيء مباح ما دام يرضي الضمير؟«. وللرد نقول: نرجو أن نضيف إلى هذه آيةً تقول: »كل الأشياء تحلّ لي، ولكن ليس كل الأشياء تبني« (1كورنثوس 10:23). وهذه القواعد الثلاث تشترك في أساسها وهو أن المسيحي حرّ، ما دام في المسيح، وما دام الروح القدس فيه، فتكون كل الأشياء طاهرة له (رومية 14:20) على شرط أن يمتنع عما يضرّه أو يضرّ غيره، وعلى شرط أن لا يصبح عبداً تتسلَّط عليه طبيعته الجسدية أو عاداته أو شهواته، وعلى شرط أن يمارس فقط ما يبني حياته وحياة غيره روحياً ونفسياً وعاطفياً واجتماعياً وجسدياً. قال المعترض: »جاء في 1كورنثوس 6:13 »الأطعمة للجوف، والجوف للأطعمة، والله سيبيد هذا وتلك«. فإن كان الله سيبيد الجسد، فكيف يعلِّم أن الجسد سيقوم من الموت عند مجيء المسيح ثانيةً، ويقول في 1كورنثوس 15:13 »فإن لم تكن قيامة أموات فلا يكون المسيح قد قام«؟«. وللرد نقول: لا بد أن يقوم ذات الجسد الذي دُفن في القبر، كما قام المسيح من قبره وتركه فارغاً، واحتفظ جسده بآثار المسامير واحتفظ جنبه بطعنة الحربة (يوحنا 20:27). أما قول بولس إن الله سيبيد هذا الجسد وتلك الأطعمة فيشير إلى طبيعة الموت والدفن، لا إلى طبيعة القيامة، بدليل القرينة المحيطة بقوله »الله سيبيد هذا وتلك«. أما طبيعة الجسد الذي سيقوم فهي لا تحتاج إلى طعام ولا شراب ولا زواج. قال المعترض:»جاء في 1كورنثوس 7:8 »ولكن أقول لغير المتزوجين وللأرامل إنه حسن لهم إذا لبثوا كما أنا«. ومعروف أن بولس الرسول لم يكن متزوجاً. فكيف نوفّق بين رأي بولس الرسول وأوامر الرب بالزواج في التكوين 2:18؟ ثم أن كلمات بولس في 1كورنثوس 7:10 تعطي انطباعاً أنه يوافق على الطلاق«. وللرد نقول: من المؤسف أن هذا الأصحاح أُسيء تفسيره، حتى قال البعض إن بولس ضد الزواج وإنه يحتقر المرأة. وهذا ليس صحيحاً، فإنه ذكر أن الذين يمتنعون عن الزواج هم شياطين (1تيموثاوس 4:1-3). ولكن يجب أن نذكر أن الرسول كتب هذا الأصحاح ليجاوب على أسئلة محدَّدة عن حالة خاصة في كورنثوس، ولم يكن يكتب عن الزواج عموماً (راجع آية 26 مثلاً). وليس معنى هذا أن كل ما قاله الرسول هنا مُلزِمٌ لكل موقف في كل مكان في كل زمن. والرسول يبدأ الأصحاح بقوله: »أما من جهة الأمور التي كتبتم لي عنها، فحسنٌ للرجل أن لا يمسّ امرأة« ولم يقُل »يجب أن الرجل«. وهو يسرع بالقول: »ولكن بسبب الزنا ليكن لكل واحد امرأته، وليكن لكل واحدة رجلها«. والرسول يقول إنه بسبب الاضطهادات الشديدة الواقعة على المؤمنين يحلُّ لهم أن لا يتزوّجوا، ولو أن لكل إنسان حق الزواج، وأن شريعة الزواج تقيّد كلاًّ من الرجل والمرأة حتى لا يحقّ لأحدهما أن ينفصل عن الثاني إلا انفصالاً مؤقتاً (آيات 1-5). وقد أوضح الرسول أن ما يقوله عن الزواج هو نصيحة وليس أمراً (آيات 6-9) وأن الطلاق محرَّم (آيتا 10 و11) وأنه إن كان أحد الزوجين مؤمناً والآخر غير مؤمن، ورضي غير المؤمن أن يبقى مع شريكه المؤمن فلا يجوز الانفصال. ولكن إن رفض الطرف غير المؤمن استمرار الزواج، فإن الطرف المؤمن يمكن أن يتزوج (آيات 12-15). ويوصي الرسول المؤمنين أن يمتنعوا عن الانفصال ويتحاشوا أسبابه، لأن الإنجيل يدعونا للسلام، ولا يدعونا لتغيير الحالة الاجتماعية التي وجدنا أنفسنا عليها. والرسول هنا لا يحكم بضرورة الختان أو الغُرلة أو الحرية أو العبودية، لكنه يريدنا أن ننتبه إلى ما يجب علينا من نحو الله. وعلى هذا فلْيبْقَ كل مؤمن في الحالة الاجتماعية التي وجد نفسه فيها (آيات 16-24). ويطالب الرسول المؤمنين أن يبقوا بدون زواج بسبب الاضطهاد والضيق، ولكن الرجل الذي يزوِّج عذراءه (ابنته أو الفتاة التي يتولى أمرها) لأنه وجد أنها تكبر في العمر فإنه لا يرتكب خطأ، فليزوِّجْها، أما من لا يرى اضطراراً لتزويجها فيمكنه أن يُبقيها في بيته (آيات 25-35). على أن الزواج يجب أن يكون في الرب فقط، فالأطفال سيتبعون مثال آبائهم الذين يجب أن يكونوا مؤمنين (آيات 36-40). ومن هذا العرض السريع نرى أن الرسول بولس ليس ضد الزواج، وليس في صفّ الطلاق، لكنه ينصح أن تبقى الزوجة المؤمنة مع زوجها غير المؤمن إن رضي هو بذلك من أجل سلامة الأسرة وتربية الأولاد. ولم يُلْقِ إرهاقاً على من يتركه شريكه، إذ أن له أن يتزوج أيضاً. قال المعترض:»الذي يقرأ رسالتي كورنثوس يكتشف أن بولس يعتبر نفسه أقل من سائر الرسل. ويظهر صراحة من كلامه أنه لم يكتب بوحي الروح القدس. وكأمثلة نقتبس من الرسالتين بعض أقواله. جاء في 1كورنثوس 7:10 و12 و25 »وأما المتزوّجون فأوصيهم لا أنا بل الرب.. وأما الباقون فأقول لهم أنا لا الرب.. وأما العذارى فليس عندي أمر من الرب فيهنّ، ولكني أعطي رأياً كمن رحمه الرب أن يكون أميناً«. وجاء في 2كورنثوس 11:17 »الذي أتكلم به لست أتكلم به حسب الرب، بل كأنه في غباوة«. وجاء في 2كورنثوس 12:11 »قد صرتُ غبياً وأنتم ألزمتموني«. وللرد نقول: (1) قوله في 1كورنثوس 7:10 »المتزوّجون أوصيهم لا أنا بل الرب: أن لا تفارق المرأة رجلها«. فالمؤمنون في كورنثوس استفهموا من الرسول عن مسألة انفصال أحد الزوجين، فأخبرهم أن المسيح حكم في هذه المسألة حكماً صريحاً (كما في متى 5:32 و19:3-9 ومرقس 10:2-12 ولوقا 16:18). فليس قصد الرسول أن يفرّق ويميّز بين ما علّمه المسيح بفمه وهو على الأرض، وبين ما ألهمه الروح القدس، بل قصد أن المسيح سبق فحكم في هذه المسألة، بحيث إذا زاد شيئاً كان تحصيل حاصل. ومقتضى أمر المسيح هو أنه لا يجوز للرجل أن يترك امرأته، ولا للمرأة أن تترك زوجها. فرباط الزيجة لا ينفك إلا بزنى أحد الزوجين. وقول الرسول بولس، لا يعني (كما ادّعى الكفرة) أن بولس كان لا يرى نفسه ملهَماً. وقد وردت آيات كثيرة قال فيها إن الله هو الذي كان ينطق عن لسانه وأوحى إليه بأسرار المسيح. (2) أما قوله في 1كورنثوس 7:12 »وأما الباقون فأقول لهم أنا لا الرب: إن كان أخٌ له امرأة غير مؤمنة وهي ترضى أن تسكن معه فلا يتركها«. فقوله »أنا لا الرب« معناه أن المسيح لم يتكلم في مسألة معاشرة المرأة الغير مؤمنة للمؤمن، ولم يُدوَّن شيء بخصوصها في الكتب الإلهية قبل الآن. أما في مسألة الطلاق التي تقدَّم ذكرها فقد سبق أن حكم فيها المسيح، ودُوِّنت أحكامه في الأناجيل. أما مسألة إذا كان أحد الزوجين غير مؤمن، فتكلم فيها الرسول بولس بصفة أنه من الرسل الذين لا يتكلمون إلا بإلهام الروح القدس، وبرهان ذلك قوله في آية 40 إن كلامه صادر عن روح الله، فلا يُعقل أنه يعارض نفسه بنفسه، بأن يقول إن كلامه وحي وغير وحي في آنٍ واحد. وقِس على ذلك في آية 25 »وأما العذارى فليس عندي أمر من الرب فيهنّ، ولكني أعطي رأياً كمن رحمه الرب أن يكون أميناً«. فقوله »ليس عندي أمر من الرب« يعني أنه لم يرد أمرٌ صريح في كتاب الله بخصوص هذه المسألة. ولكنه قال فيها كلام رجلٍ أمين افتداه المسيح برحمته ونعمته. أما قوله في آية 40 »أظن أني أنا أيضاً عندي روح الله« فالكلمة اليونانية المترجمة »أظن« تفيد اليقين، إذ لا يجوز أن يكون مرتاباً في أن روح الله هو الذي كان ينطق على لسانه، فكيف يكون مرتاباً وهو يسنّ قوانين يسير بموجبها المؤمنون؟ وإنما قال بالظن وأراد اليقين، تواضعاً منه. (3) أما قوله في 1كورنثوس 7:25 »وأما العذارى فليس عندي أمرٌ من الرب فيهنّ، ولكني أعطي رأياً كمن رحمه الرب أن يكون أميناً« فقد ظن البعض أنه يفيد أن بولس ينكر أنه كتب هذا الفصل بالوحي. ولكن يجب أن لا ننسى أن الرسول ليس غرضه هنا أن يثبت أو ينفي كونه يتكلم بالوحي، فقوله هذا لا يفيد أنه تكلم هنا بغير قيادة الوحي. فالوحي معناه أن الكاتب يتلقَّى إرشاداً من الله، أو كما يقول بطرس عن كتبة الأسفار إنهم كانوا مسوقين من الله (2بطرس 1:21). ولا يخفى أن رسائل بولس تتضمن مواضيع شتى لم يُشِر إليها المسيح، وهذا مطابق لكلام المسيح نفسه (يوحنا 16:12 و13) فرسائل بولس تضع أمامنا تعاليم الإنجيل الجوهرية الخاصة بالكنيسة، وتتضمن أيضاً كثيراً من الحوادث التاريخية، وتصوّر لنا عواطف الرسول نفسه وإحساساته. وتتضمن أيضاً إشارات مخصوصة وتحيات أخوية، كما وردت بها أيضاً نصائح طبية، وطلب خدمات خاصة. ولا يمكن أن يُقال إن كل ما كتبه بولس متساوٍ في أهميته روحياً. ولكن هذا لا ينفي أن كله لازم ومفيد لنا، وكله أيضاً موحى به من الله، وكانت مشيئته أن يكتب بولس كما كتب. إن ما كتبه بولس في 1كورنثوس 7:25 فهو رأيه الشخصي، وهو في الوقت نفسه من وحي الروح القدس إليه، فكتب بهذا الأسلوب عينه. وكانت مشيئة الله أن يعطي في هذه القضية المطروحة أمامنا تعليماً للكنيسة لا في صيغة الأمر، بل في أسلوب نصيحة على لسان الرسول لكنيسة كورنثوس، كمبدأ لمن شاء اتِّباعه. وعند قراءة 1كورنثوس 7 يجب أن نتذكر الضيق الذي كان واقعاً على تلك الكنيسة (انظر 1كورنثوس 4:26) فلا نستغرب ورود كلام الروح القدس للكورنثيين في أسلوب النصيحة مع تركه الحرية لهم في تلك القضية بسبب ذلك الضيق. وعليه لا يمكن الادّعاء بأن تصريحات بولس في هذا الفصل تنفي أنه كان موحَى إليه في ما كتبه. (4) أما قوله في 2كورنثوس 11:17 »الذي أتكلم به لست أتكلم به بحسب الرب، بل كأنه في غباوة، في جسارة الافتخار هذه«. فيعني أنه التزم أن يخرج عن مثال الرب الذي كان قدوةً كاملة في التواضع والوداعة، لتبرئة نفسه من افتراء أعدائه. ومع ذلك فكلامه ليس مخالفاً لمثال المسيح، لأنه لم تكن غايته الافتخار، بل تأييد الحق. (5) أما قوله في 2كورنثوس 12:11 فيقصد بولس أن الافتخار ليس من صفات العاقل الحليم. ولكن لما كانت الضرورات تبيح المحظورات، فقد افتخر بولس بنفسه، لأن بعض أعدائه في كورنثوس حاولوا صدّ المؤمنين عن الحق، فأخبرهم الرسول أن الله هو الذي أعلن له الوحي الإلهي، وأنه قاسى الضيقات والاضطهادات والشدائد حباً في المسيح، وأنه صنع بينهم آيات وعجائب وقوات، وأنه رسول. وقال لهم في آية 6 »إن أردتُ أن أفتخر لا أكون غبياً« لأن المقصود دحض افتراء المفترين وتثبيت المؤمنين في الحق. فكيف لا يرى نفسه مُلهَماً في كل وقت، وهو يقول: »إني فعلتُ الآيات والمعجزات ولست أقل من أعظم الرسل«؟ قال المعترض:»جاء في 1كورنثوس 7:14 »لأن الرجل غير المؤمن مقدس في المرأة، والمرأة غير المؤمنة مقدسة في الرجل. وإلا فأولادكم نجسون. وأما الآن فهم مقدسون« ولكن جاء في أفسس 2:3 »الذين نحن أيضاً جميعاً تصرَّفنا قبلاً بينهم في شهوات جسدنا، عاملين مشيئات الجسد والأفكار، وكنّا بالطبيعة أبناء الغضب كالباقين أيضاً«. وما جاء في أفسس 2:3 يعني أن كل الناس خطاة بالطبيعة، وهو ما يعلّمه كل الكتاب المقدس (قارن مزمور 51:5 وتكوين 8:21 ويوحنا 3:6). فما هو إذاً معنى قول بولس في 1كورنثوس 7:14 إن أولاد المؤمن أو المؤمنة مقدَّسون؟«. وللرد نقول: الحديث في هذا الأصحاح ليس عن الحالة الشخصية للأولاد، بل عن العلاقة بينهم ووالديهم. فيقول: »الرجل غير المؤمن مقدَّس في المرأة«. ولا يمكن أن يفهم عاقل من هذه العبارة أن غير المؤمن إذا كانت له امرأة مؤمنة يصبح قديساً. ولكن المعنى المقصود هو أن اختلاط الزوجة المؤمنة بالرجل غير المؤمن ليس نجساً. على أن غير المؤمن هو في ذاته نجس أمام الله. ولكن هذه الحقيقة لا تؤدي إلى فك أو ملاشاة الروابط العائلية. فكل ما يمارسه المؤمن بحسب مشيئة الله وفي نور قداسته هو مقدس (قارن 1تيموثاوس 4:4 و5). أولاد المؤمنين إذاً مقدَّسون لوالديهم، حتى لو كان أحد الوالدين غير مؤمن. وعلينا أن نتذكر أن هذه القضية كانت مهمة جداً في ذلك العصر، فعند بداية الكرازة بالإنجيل كان يحدث أن تقبل الإيمان امرأة ويظل زوجها وثنياً، أو يؤمن الزوج وتبقى المرأة وثنية. وهذا أدّى إلى البحث في هذه القضية. ولم يقصد الرسول في هذا الأصحاح أن يبرر زواج المؤمنين بغير المؤمنات وبالعكس. بل يجب أن يتزوج المؤمن بمؤمنة (انظر 1كورنثوس 7:39). ولكن الكلام هنا هو عن زواجٍ تمّ قبل الإيمان. ولذا قال لهم إن هذه الرابطة الزوجية لا تنجّسهم أمام الله، كما أن أولادهم أيضاً لم يكونوا نجسين بسبب ذلك الزواج. وعليه فالقرينة تثبت أن كلام بولس في 1كورنثوس 7:14 لا ينفي هذه الحقيقة الراهنة أن كل البشر بحسب الطبيعة خطاة مولودون بالإثم. قال المعترض:»جاء في 1كورنثوس 9:20 و21 »صرتُ لليهودي كيهودي لأربح اليهود، وللذين تحت الناموس كأني تحت الناموس لأربح الذين تحت الناموس، وللذين بلا ناموس كأني بلا ناموس، مع أني لست بلا ناموس، بل تحت ناموس المسيح، لأربح الذين بلا ناموس«. أليس هذا هو اللف والدوران وعدم الثبوت على المبدأ؟«. وللرد نقول: لقد أنكر الرسول نفسه واستعبدها للجميع ليربح الجميع، فجمع كل أنواع الحِلْم والتنازل عن العَرَضيات، لا الأساسيات، دون أن ينافي ضميره، بقصد عدم إغاظة سامعيه بدون داعٍ وبدون اضطرار. وافق بولسُ الناسَ على ذوقهم وعاداتهم في كل الأمور الجائزة حتى لا يهيّج غضبهم وتعصّبهم، ليرشدهم إلى الخلاص بالمسيح. راجع ما عمله لليهود الذين تحت الناموس، تجد أنه ختن تيموثاوس (أعمال 16:3)، وأخذ عهد النذير (أعمال 21:21-27)، ودعا نفسه فريسياً (أعمال 23:1-6)، وحكم عليهم باللطف ودعاهم للتوبة (أعمال 17:28-31)، ودافع عن عدم مطالبتهم بحفظ ناموس موسى (غلاطية 2:12)، وقال إن ناموس الله مكتوب على قلوب الوثنيين (رومية 2:14 و15). أما للضعفاء فقد صار كضعيف. وعظ الكلام البسيط، وقدَّم اللبن لا الطعام الدسم (1كورنثوس 3:2). وقصده أن يخلِّص على كل حال قوماً (آية 22). فهل هذا لفٌّ ودوران؟ هذه هي الحكمة التي طالبنا المسيح بها حين أرسلنا مثل حملان وسط ذئاب. فلنكن حكماء كالحيات مع الاحتفاظ ببساطة الحمام (متى 6:6). والحيات مشهورة بشدَّة احتراسها من الخطر، فعلى التلاميذ أن يماثلوها بالاحتراس وليس بالخبث. أما الحمام فإنه مشهور بالوداعة وعدم الإيذاء.. والمسيح نموذج في ذلك. كان حكيماً في إجابة أسئلة الفريسيين (متى 22:15-46)، وكان وديعاً وداعة الحمام وقت محاكمته (متى 26:63 و64). قال المعترض:»ورد في 1كورنثوس 10:8 »ولا نَزْنِ كما زنى أناسٌ منهم فسقط في يوم واحد 23 ألفاً« ولكن ورد في سفر العدد 25:9 »وكان الذين ماتوا بالوباء 24 ألفاً ففيهما اختلاف بمقدار ألف«. وللرد نقول: تكلم الرسول على الذين سقطوا في يوم واحد، وقال: »فسقط في يوم واحد 23 ألفاً«. وفي سفر العدد ذكر مجموع الذين هلكوا بسبب خطاياهم في أكثر من يوم واحد. ولو قال سفر العدد إنه مات في يوم واحد 24 ألفاً، لحصل التناقض، ولكنه بعد أن ذكر ما كان من خطايا بني إسرائيل، وغضب الله عليهم، قال »ومات 24 ألفاً«. إذاً لا يوجد تناقض لاختلاف الزمان. اعتراض على 1كورنثوس 10:11 - أواخر الدهور انظر تعليقنا على فيلبي 4:5 اعتراض على 1كورنثوس 10:13 - مصائب المؤمنين انظر تعليقنا على أمثال 16:4 قال المعترض: »ورد في 1كورنثوس 10:28 »ولكن إن قال لكم أحد: هذا مذبوح لوثن، فلا تأكلوا من أجل ذاك الذي أعلمكم، والضمير، لأن للرب الأرض وملأها«. فقوله »لأن للرب الأرض وملأها« أُضيفت في وقت لاحق، وأسقطها كريسباخ«. وللرد نقول: لما رأى كريسباخ ومن حذا حذوه أن القول »لأن للرب الأرض وملأها« موجودة أيضاً في آية 26، قال إنها زائدة. وهي ليست زائدة بل مكررة فقط، لأنها موجودة قبل هذه العبارة بآيتين ثم أنها مقتبسة من سفر التثنية 10:14 ومن مزمور 24:1. قال المعترض:»جاء في 1كورنثوس 11:5 »كل امرأة تصلي أو تتنبّأ ورأسها غير مغطى، فتشين رأسها، لأنها والمحلوقة شيء واحد بعينه«. فهل هذا يعني ارتداء الحجاب في الكنيسة؟«. وللرد نقول: يجب أن نفرِّق بين معنى أية فقرة كتابية وتطبيقها اليوم على حياتنا، فالمعنى هو ما قالته الفقرة الكتابية لأهل زمانها، أما تطبيقها فهو ما يجب أن نفعله نحن اليوم. ومعنى الآية هو أن المرأة التي تصلي وتتنبأ برأس غير مغطاة تشين رأسها، الذي هو زوجها (1كورنثوس 11:3 و7 و9)، فقد كان غطاء الرأس علامة احترام الزوج. وفي مثل تلك الحضارة يجب أن تغطي المرأة رأسها وهي تصلي، أو وهي تتنبأ. وتطبيق ما جاء في 1كورنثوس 11:5 اليوم هو ضرورة احترام الزوجة لزوجها. ولنعطِ مثلاً لمعنى الفقرة وتطبيقها، فقد أمر المسيح تلاميذه في رحلتهم التبشيرية »لا تحملوا شيئاً للطريق، لا عصاً ولا مزوداً ولا خبزاً ولا فضةً. ولا يكون للواحد ثوبان« (لوقا 9:3). فهذا أمر واضح المعنى للتلاميذ، ولكننا نطبِّق اليوم روح الأمر لا حرف الأمر. فالمفروض أن الذي يخدم الرب يعتمد عليه تماماً في سداد أعوازه. والدليل على هذا أن المسيح سأل تلاميذه بخصوص هذه الرحلة: »حين أرسلتكم بلا كيس ولا مزود ولا أحذية، هل أعوزكم شيء؟« فقالوا: »لا«. (لوقا 22:35). انظر تعليقنا على 1تيموثاوس 2:12-14. اعتراض على 1كورنثوس 14:34 - صمت النساء في الكنيسة راجع تعليقنا على 1تيموثاوس 2:12-14 اعتراض على 1كورنثوس 15:20-23 - من أول من قام من الأموات؟ انظر تعليقنا على أعمال 26:23 اعتراض على 1كورنثوس 15:24 - مُلك المسيح، هل هو أبدي؟ انظر تعليقنا مزمور 145:13 قال المعترض:»جاء في 1كورنثوس 15:28 عن المسيح إنه »سيَخْضَع للذي أخضع له الكل، كي يكون الله الكل في الكل«. وهذا يعني أن المسيح أدنى مرتبة من الله«. وللرد نقول: المسيح كابن الإنسان هو الوسيط بين الله والعالم، ولذلك قام ويقوم وسيقوم بجميع الأعمال التي تتطلب الوساطة بين الله والعالم. وعندما ينتهي العالم، وتنتهي تبعاً لذلك جميع الأعمال التي تتطلب الوساطة، لا يبقى احتياج للوساطة، فيتخلّى المسيح حينئذ عنها، ويتبوّأ فقط مركزه الأزلي الذي كان يشغله بالنسبة إلى اللاهوت قبل خلق العالم، وبذلك يكون الله (أو اللاهوت) هو الكل في الكل، أي دون أن يكون في الوجود خلائق تخالف مشيئته، وتحتاج إلى قيام أقنوم الابن بدور الوساطة فيشفع فيها أو يكفّر عنها. فيتَّضح أن خضوع الابن للآب في نهاية الدهور سيكون فقط بوصفه ابن الإنسان الوسيط بين اللاهوت والعالم. أما بوصفه الابن الأزلي، فهو والآب واحد، والكرامة التي تليق بالآب تليق به. ومما يثبت صحة ذلك أن الآية لا تقول: »كي يكون الآب الكل في الكل« بل تقول: »كي يكون الله الكل في الكل«، مما يدل على أنه لا فرق بين أقنوم وآخر في اللاهوت. اعتراض على 1كورنثوس 15:36 - لماذا قال: يا غبي؟ انظر تعليقنا على متى 5:22 قال المعترض:»ورد في 1كورنثوس 15:51 و52 »هوذا سرٌّ أقوله لكم: لا نرقد كلنا، ولكننا كلنا نتغيّر، في لحظة، في طرفة عين، عند البوق الأخير. فإنه سيُبوَّق فيُقام الأموات عديمي فساد، ونحن نتغير«. وهذه الأقوال كلها أكل عليها الدهر وشرب، وقد تكون خطأً«. وللرد نقول: أوضح الرسول بولس في هاتين الآيتين أن الله يقيم الموتى في طرفة عين بقدرته العجيبة، وأن عند مجيء المسيح ثانيةً تتغيَّر أجساد المؤمنين القابلة للفساد وتصير أجساداً مجيدة غير قابلة للفساد. انظر تعليقنا على 1تسالونيكي 4:15-17. قال المعترض:»جاء في 2كورنثوس 5:20 »لأنه (الله) جعل الذي لم يعرف خطية (المسيح) خطيةً لأجلنا، لنصير نحن برَّ الله فيه« وجاء في غلاطية 3:13 »المسيح افتدانا من لعنة الناموس إذ صار لعنةً لأجلنا، لأنه مكتوب: ملعون من عُلِّق على خشبة«. وبولس هنا يلعن المسيح ويدعوه خطية، فكيف يكون ربَّه؟«. وللرد نقول: المسيح هو البار المبارك، لكنه رضي أن يصير خطيةً لأجلنا لأن الله أرسله »في شِبه جسد الخطية« (رومية 8:3)، ووضع عليه إثم جميعنا (إشعياء 53:6)، فحمل خطية غيره، وعومل معاملة الخاطئ، وأُدين ليتبرَّر كل من يؤمن به ولا يُدان. وبهذا يعامل الله الذين يقبلون خلاص المسيح معاملة الأبرار رغم خطيتهم، لأنه حسب المسيح خطية مع أنه بريء منها. وفي الأصحاح الثالث من رسالة غلاطية يذكر الرسول بولس لعنتين، الأولى في آية 10 »ملعون من لا يثبت في جميع ما هو مكتوب في أعمال الناموس ليعمل به« وهي لعنة عمَّت الجنس البشري كله بسبب سقوطه في الخطية، فكلنا خطاؤون. أما اللعنة في آية 13 فهي اللعنة التي احتملها المسيح ليفدينا من اللعنة الأولى. فاللعنة الأولى لعنة الذنب، والثانية لعنة عقاب المسيح حتى يرفع الذنب، فصار خطيةً لأجلنا نحن الخطاة، ليصير كل من يؤمن به برَّ الله في المسيح. وهذا البر هو الذي برَّرنا المسيح به، والفداء الذي دبَّره بأن فدانا واشترانا ودفع الثمن الذي طالبت به الشريعة. واقتبس الرسول بولس جزءاً من تثنية 21:23 والذي يقول »المعلَّق ملعون من الله« ولم يورد »من الله« لأن المسيح لم يكن ملعوناً من الله حقيقة، بل عامله الله كأنه كذلك، ليوجد لنا الفداء، ولهذا قيل: »أحبنا المسيح وأسلم نفسه لأجلنا قرباناً وذبيحة لله رائحة طيبة« (أفسس 5:20). |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 45 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() شبهات وهميَّة حول رسالة غلاطية انظر تعليقنا على أعمال 11:2 و3 وأعمال 15 اعتراض على غلاطية 2:16 - هل الناموس كامل؟ انظر تعليقنا على مزمور 19:7 قال المعترض: »ورد في غلاطية 2:20 و21 »فما أحياه الآن في الجسد فإنما أحياه في الإيمان، إيمان ابن الله الذي أحبني وأسلم نفسه لأجلي. لست أُبطل نعمة الله، لأنه إن كان بالناموس برّ، فالمسيح إذاً مات بلا سبب«. وورد في غلاطية 3:10 »لأن جميع الذين هم من أعمال الناموس هم تحت لعنة، لأنه مكتوب ملعونٌ كل من لا يثبت في جميع ما هو مكتوب في كتاب الناموس ليعمل به«. وورد في غلاطية 3:23-25 »ولكن قبلما جاء الإيمان كنّا محروسين تحت الناموس، مُغلقاً علينا إلى الإيمان العتيد أن يُعلن. إذاً قد كان الناموس مؤدِّبنا إلى المسيح لكي نتبرر بالإيمان. ولكن بَعْد ما جاء الإيمان لسنا بعد تحت مؤدِّبٍ . وهذا تناقض«. وللرد نقول: لا يمكن لأحد أن يحفظ الناموس تماماً، فإن هذا مستحيل. فمعنى القتل في قوله: »لا تقتل« ليس استعمال الآلة الحادة التي يقتل بها الإنسان قريبه فقط، بل معناه أيضاً عموم الغضب، لأن الغضب يؤدي إلى القتل. ومن تعدى على أخيه بأن أساء لسمعته أو قطع معاشه أو غضب عليه كان بمنزلة القاتل. وقِسْ على ذلك باقي وصايا الله. فحوادث الدنيا اليومية ناطقة بأنه لم يخْلُ أحدٌ من الخطية. وحكم الله في كتابه أنه ملعون كل من لم يحفظ الناموس، وكل نفس تخطئ موتاً تموت. ومقتضى هذا الحكم أن كل الناس محكوم عليهم بالموت الأبدي في جهنم النار، بلا استثناء. غير أن الله تفضَّل ووضع طريقة بها يتبرر الخاطئ ويكون الله مع ذلك باراً، هي الإيمان بالرب يسوع المسيح الفادي الكريم. وقد كانت الذبائح في العهد القديم تشير إلى ذلك، فكان الناموس مؤدِّبنا (أي معلمنا) إن الخلاص بالفداء. فلو كان يمكن الخلاص بالأعمال لما لزم الحال إلى موت الفادي الكريم. فطريقة الخلاص هي الفداء بسفك دم المسيح. فالرسل والأنبياء خلصوا بالإيمان بالفادي الكريم، وكان بنو إسرائيل يقدمون الذبائح إشارة إلى ذلك. اعتراض على غلاطية 3:1 - لماذا دعاهم أغبياء؟ انظر تعليقنا على متى 5:22 اعتراض على غلاطية 3:13 - المسيح صار خطية ولعنة انظر تعليقنا على 2كورنثوس 5:20 قال المعترض:»جاء في غلاطية 3:17 »إن الناموس الذي صار بعد أربعمئة وثلاثين سنة لا ينسَخ عهداً قد سبق فتمكَّن من الله نحو المسيح«. وهذا يعني أن بين عهد الله لإبراهيم وشريعة موسى كان 430 سنة. ولكن وعد الله لإبراهيم في تكوين 12:1-3 كان نحو عام 2000ق م، وإعطاء الشريعة لموسى كان عام 1450 ق م، فيكون بولس قد أخطأ في الحساب نحو مئة سنة«. وللرد نقول: لا يشير الرسول بولس إلى عهد الله لإبراهيم، بل إلى تأكيد العهد ليعقوب، ويقول: »عهداً قد سبق فتمكَّن«. وقد تمكن العهد ليعقوب في تكوين 46، نحو عام 1877 ق م. ولما كان الخروج قد جرى نحو عام 1447 ق م (قارن 1ملوك 6:1)، تكون المدة 430 عاماً بالضبط. قال المعترض:»جاء في غلاطية 4:4 أن الله أرسل ابنه مولوداً من امرأة، فهل تتفق ولادة الله من امرأة مع قداسته؟« وللرد نقول: خلق الله المرأة كما خلق الرجل. وبما أن الله طاهر ولا يصدر عن الطاهر إلا كل طهارة، إذاً فلا نجاسة في المرأة أو الرجل من حيث تكوينهما الجسدي الذي خلقهما الله عليه. فضلاً عن ذلك، فإن الله كان قد تدخّل بصفة خاصة في ولادة المسيح من العذراء، بأن حلَّ عليها بروحه وظلّلها بقوته (لوقا 1:35) فلا مكان لهذا الاعتراض. انظر تعليقنا على 1تيموثاوس 2:11-14. اعتراض على غلاطية 4:10 و11 - هل نُقض الناموس؟ انظر تعليقنا على متى 5:17-19 قال المعترض: »جاء في غلاطية 4:24 »لأن هاتين هما العهدان: أحدهما من جبل سيناء، الوالد للعبودية« وهذا يعني أن الناموس الموسوي ناموس عبودية. لكن جاء في يعقوب 1:25 أنه ناموس الحرية«. وللرد نقول: ناموس الحرية في رسالة يعقوب هو ناموس المسيح وشريعة الموعظة على الجبل، لأنه يمنحنا الولادة الجديدة التي تسهّل علينا الطاعة. أما ناموس موسى فقد قال عنه الرسول بطرس إنه نير »لم يستطع آباؤنا ولا نحن أن نحمله« (أعمال 15:10). اعتراض على غلاطية 5:3-6 - هل الناموس أبدي؟ انظر تعليقنا على أعمال 15:1-5 قال المعترض:»جاء في غلاطية 6:2 »احملوا بعضكم أثقال بعض« لكنه يمضي فيقول في آية 5 »كل واحد سيحمل حمل نفسه«. وللرد نقول: واضح جداً أن غلاطية 6:2 تعني أن يكون المؤمنون متحابّين متعاونين، يساعدون بعضهم بعضاً وقت الضيق، بينما تعني الآية الثانية أن كل مؤمن مسئول عن عمله أمام الله، وسيعطي حساباً لله عن نفسه. قال المعترض: »جاء في غلاطية 6:7 إن الله لا يُشمخ عليه، لكن في لوقا 22:63 نجد أن المسيح شُمخ عليه. وهذا يعني أنه ليس الله«. وللرد نقول: الفعلان الواردان في الاقتباسين فعلان مختلفان، ولهما معنيان مختلفان، فالفعل في غلاطية هو الشموخ، أما في لوقا فهو الاستهزاء. والمعنى في الآيتين يكمل أحدهما الآخر، فقد يشمخ إنسان على الله فيعاقبه الله، لأن ما يزرعه الإنسان إياه يحصد أيضاً. قد يجدف إنسان على الله ويكفر به، فيعاقبه الله. »قال الجاهل في قلبه: ليس إله« (مزمور 14:1) »الساكن في السماء يتكلم عليهم بغضبه ويرجفهم بغيظه« (مزمور 2:5). قال المعترض: »جاء في غلاطية 6:10 »فإذاً حسبما لنا فرصة فلنعمل الخير للجميع ولا سيما لأهل الإيمان«. ولكن هذا يناقضه ما جاء في رسالة يوحنا الثانية 10 و11 »إن كان أحد يأتيكم ولا يجيء بهذا التعليم فلا تقبلوه في البيت ولا تقولوا له سلام. لأن من يسلِّم عليه يشترك في أعماله الشريرة«.. وللرد نقول: لا يمكن اتهام بولس ويوحنا بالتناقض في هذين الفصلين، فبولس يحثّ المؤمنين على الإحسان إلى الجميع، بينما يوحنا يحذّرهم من أن يقبلوا في بيوتهم أو يسلِّموا على من لا يعلّم تعليم المسيح. فقد يظن البعض أن بولس محبّ وصفوح وأن يوحنا قاسي القلب. غير أن الرسولين يتكلمان هنا عن قضيتين مختلفتين. فبولس يقصد في كلامه الإحسان إلى من كان محتاجاً. أما يوحنا فيقصد الموقف الذي يجب أن يتَّخذه المؤمن من المعلمين الكذبة.. ولكي يسهل علينا فهم غرض يوحنا يجب أن نتذكر أنه كان في ذلك العصر معلّمون كذبة كثيرون يزعجون الكنيسة، ويسعون أن يُدخِلوا فيها هرطقات كثيرة عن شخص الرب. فهل كان يحق لمن يؤمن بألوهية المسيح أن يجعل بيته مقرّاً لمن كان غرضه هدم هذا التعليم الجوهري الثمين؟ كلا، بل من كان صادقاً ومخلصاً ومحباً للمسيح لا يمكنه أن يؤيّد الذي ينشر تعاليم مضلَّة عن شخص الرب. فهل يمكنك أن تطلب بركة الرب على من يقاوم الحق وينصر الباطل؟ كلاَّ، بل من فعل هذا كان هو نفسه منكراً للحق ومقاوماً له. ولا يفوتنا أن يوحنا كان معروفاً بأنه رسول المحبة، ولذا لا يخطر على بالنا مطلقاً أنه كان يقصد إيقاع الأذى بالمعلمين الكذبة أو منع إغاثتهم إذا كانوا متضايقين أو معتازين، ولكنه يحذّر قرّاء رسالته بكل شدة من الاشتراك في شر أولئك المضلين الكذبة. ولذا أوصاهم أن لا يقبلوهم في بيوتهم لئلا يشتركوا معهم في ضلالهم. وبالإجمال المبدأ المؤسس على هذين الفصلين هو: أحبّوا الجميع حتى الأعداء، ولكن لا تشتركوا معهم في الشر، ولا تؤيّدوهم في نشر الضلال«. اعتراض على غلاطية 6:15 - هل التبرير بالناموس؟ |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 46 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() شبهات وهميَّة حول رسالة أفسس قال المعترض:»جاء في أفسس 1:17 »يعطيكم إله ربنا يسوع المسيح أبو المجد روح الحكمة والإعلان في معرفته«. ولكن جاء في 1تيموثاوس 3:16 »عظيم هو سر التقوى: الله ظهر في الجسد«. فالآية الأولى تنفي ألوهية المسيح، بينما تؤيدها الثانية!«.وللرد نقول: التعبير »إله ربنا يسوع المسيح« يعني الإله الذي أرسل المسيح، والذي أتى المسيح ليعمل مشيئته، والذي صعد المسيح إليه. وهو إله »الابن المتجسد« الفادي الذي جاء أرضنا ليموت من أجل خطايانا، وليقوم لأجل تبريرنا. وهو وصفٌ يؤيد قول المسيح على الصليب: »إلهي، إلهي، لماذا تركتني؟« (متى 27:46)، ويطابق قوله بعد القيامة: »إني أصعد إلى أبي وأبيكم وإلهي وإلهكم« (يوحنا 20:17). (ولم يقُل »أصعد إلى أبينا وإلهنا« بسبب اختلاف علاقة المسيح بالله عن علاقة التلاميذ به).. ولئلا يخطر ببال أحد أن التعبير »إله ربنا يسوع المسيح« يُنقِص من لاهوت المسيح أضاف الرسول لقب »ربنا« إلى المسيح.. وتحمل عبارة »إله ربنا يسوع المسيح« معنى آخر هو أن الله الذي نعبده هو الذي أعلنه المسيح وأظهره لنا، وقد قال المسيح: »الذي رآني فقد رأى الآب« (يوحنا 14:9). فألوهية المسيح واضحة في الآيتين، كما أن إنسانيته واضحة فيهما معاً. اعتراض على أفسس 2:3 - هل الكل خطاة؟ انظر تعليقنا على 1كورنثوس 7:14 قال المعترض:»ورد في أفسس 2:15 و20 »ونقض (المسيح).. العداوة، مبطلاً بجسده ناموس الوصايا في فرائض، لكي يخلق الاثنين في نفسه إنساناً واحداً جديداً صانعاً سلاماً.. مبنيّين على أساس الرسل والأنبياء، ويسوع المسيح نفسه حجر الزاوية«. ولكن وردت آيات في العبرانيين تقول إن الناموس قد نُسخ وتغيَّر واضمحل، منها عبرانيين 7:12 »لأنه إن تغيَّر الكهنوت، فبالضرورة يصير تغيُّرٌ للناموس أيضاً«. فالشريعة رُفعت قطعاً بالنسبة لأحكام الذبائح والطهارة. ومنها عبرانيين 8:7 و13 »فإنه لو كان ذلك الأول بلا عيب لما طُلب موضعٌ لثانٍ.. فإذْ قال »جديداً« عتَّق الأول. وأما ما عَتَق وشاخ فهو قريبٌ من الاضمحلال«. ومنها عبرانيين 10:9 و10 »ثم قال: هأنذا أجيء لأفعل مشيئتك يا الله. ينزع الأول لكي يثبّت الثاني. فبهذه المشيئة نحن مقدَّسون بتقديم جسد يسوع المسيح مرةً واحدة«. وللرد نقول: قال المسيح في متى 5:17 و18 »لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء. ما جئت لأنقض بل لأكمل. فإني الحق أقول لكم: إلى أن تزول السماء والأرض لا يزول حرف واحد أو نقطة واحدة من الناموس حتى يكون الكل«. فالمسيح أتى وقدَّم نفسه ذبيحة عن خطايانا، ونقض العداوة التي كانت بين الخاطئ وبين خالقه، ووفى حق العدل الإلهي بدمه. وكانت الذبائح والملكوت ترمز إليه. وبما أن المرموز إليه أتى، تمَّ الغرض المقصود من الرموز، فكانت هذه الرموز بمنزلة نبوات محسوسة عن المسيح، وتمّت هذه النبوات. ولم تكن هذه الذبائح كافية في حد ذاتها للخلاص إلا بالنظر إلى إشارتها للمسيح، فكانت ضعيفة في حدّ ذاتها قوية بالنظر إلى المسيح، وممهِّدةً لمجيئه. ولو كانت كافية لما أتى المسيح. وقد أعدت هذه الذبائح والكهنوت والفرائض الطقسية عقول بني إسرائيل لقبول المسيح، فأفهمتهم أن الخلاص هو بسفك الدم، وأن هذه الذبائح تشير إلى ذبيحة الفادي الكريم. وهكذا هيَّأ الله بني إسرائيل بالذبائح والفرائض الطقسية لقبول المسيح وملكوته، وهذا هو معنى قول الرسول إن الناموس هو مؤدِّبنا إلى المسيح (غلاطية 3:24). يعني أن الناموس هيأهم وعلّمهم نحو 1500 سنة أن الخلاص بسفك الدم، وأن دم المسيح يطهر من كل خطية. قال المعترض:»جاء في أفسس 2:19 »فلستم بعد غرباء ونُزُلاً، بل رعيّة مع القديسين وأهل بيت الله«. ولكن جاء في عبرانيين 11:13 أن المؤمنين أقرّوا أنهم غرباء ونزلاء على الأرض، كما جاء في 1بطرس 2:11 »أننا غرباء ونزلاء«. وللرد نقول: المؤمنون بالنسبة للعالم الحاضر غرباء ونزلاء، فالأرض ليست مقامهم الدائم. إنهم مجرد عابرين. أما مقامهم الروحي وسط عائلة الإيمان فهو دائم ومستمر. لقد تبنَّاهم الآب السماوي في المسيح، وأعطاهم سلطاناً أن يصيروا أولاد الله، أي المؤمنون باسمه (يوحنا 1:12). قال المعترض:»جاء في أفسس 4:26 »اغضبوا ولا تخطئوا«. ولكن جاء في نفس الرسالة 4:31 »ليُرفَع من بينكم كل مرارة وسخط وغضب وصياح وتجديف مع كل خُبث«. وهذا تناقض، لأنه يطالب بالغضب وينهى عنه«. وللرد نقول: الغضب انفعال طبيعي، يمكن أن يكون لازماً كما غضب المسيح على الباعة والصيارفة في الهيكل (متى 21:12 و13)، وكما نظر حوله إلى شيوخ اليهود بغضب حزيناً على غلاظة قلوبهم (مرقس 3:5). ولكن الغضب يمكن أن يكون خاطئاً يُفقِد الغاضب اتِّزانه، فيصيح ويجدِّف. ويدعونا الرسول للغضب المقدس العامر بالغيرة للخير، بحيث نحترس من الخطأ. أما الغضب والصياح والتجديف والخبث فمنهيٌّ عنه. |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 47 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() شبهات وهميَّة حول رسالة فيلبي انظر تعليقنا على يوحنا 14:28 اعتراض على فيلبي 3:11 و12 و15 - هل يمكن أن نكون كاملين؟ انظر تعليقنا على متى 5:48 اعتراض على فيلبي 4:4 - هل نطوِّب الفرحين أم الحزانى؟ انظر تعليقنا على متى 5:4 قال المعترض:»ورد في فيلبي 4:5 »الرب قريب« وورد في 1كورنثوس 10:11 »فهذه الأمور جميعاً أصابتهم مثالاً، وكُتبت لإنذارنا نحن الذين انتهت إلينا أواخر الدهور«. وهذا تناقض«. وللرد نقول: معنى قوله »الرب قريب« هو أنه يعرف كل شيء عن أفعال البشر وأقوالهم، واطلاعه على أحوالهم لقرب مكانه منهم، وهو قريب من كل من يدعوه. أما القول: »انتهت إلينا أواخر الدهور« فمعناه أننا أواخر بالنسبة إلى بني إسرائيل، وقد دوَّن الوحي تاريخهم وما حصل لهم لنتعلم ونتحذَّر فنتمسَّك بالحق. |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 48 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() شبهات وهميَّة حول رسالة كولوسي وللرد نقول: تقول الآيتان 15 و16 من كولوسي 1 عن المسيح إنه »بكر كل خليقة، فإنه فيه خُلق الكل، ما في السماوات وما على الأرض«. ومن هذا يتضح أن سبب تلقيب المسيح »بكر كل خليقة« لا يعود إلى أنه أول شخص خلقه الله، كما يقول المعترض، بل لأن كل الخليقة خُلقت فيه. وكلمة »بكر« هنا، لا تُستعمل بالمعنى الحرفي، بل بالمعنى المجازي. والمعنى المجازي للبكورية هو الرياسة أو الأفضلية أو الأولوية. فقد وردت كلمة »بكر« في الكتاب المقدس بمعنى »رئيس« أو »أول«، لأن شريعة موسى أعطت الرياسة للبكر، وقال الله عن داود النبي: »وأنا أيضاً أجعله بكراً أعلى من ملوك الأرض« (مزمور 89:27) مع أن داود كان الابن الثامن لأبيه، ولم يكن أول من ملك على بني إسرائيل، وكان بالنسبة إلى الملوك المعاصرين له من أصغرهم سناً. فضلاً عن ذلك فإن كلمة »بكر« هذه استُعملت في موضع آخر عن »المسيح« نفسه، بمعنى رئيس. فقد قال الله عنه: »ليكون بكراً بين إخوة كثيرين« (رومية 8:29). ويُقصد بالإخوة هنا المؤمنون الحقيقيون بالمسيح، ويُعتبر المسيح بكراً بينهم أو رئيساً لهم، بوصفه ابن الإنسان الذي مجَّد الله على الأرض وتمم مشيئته، مثالاً لما يجب أن يعملوه. ويُعتَبرون إخوته لأنهم آمنوا به إيماناً حقيقياً والتصقوا به التصاقاً روحياً، وعقدوا النية على السير وراءه. ولذلك لا غرابة إذا كان المسيح قد دُعي »بكر كل خليقة« بمعنى أنه رئيسها وسيدها، لأنه هو الذي أبدعها وأنشأها. واليهود أيضاً يعرفون أن البكورية تعني الرياسة أو السيادة، وأنها عندما تُسند إلى الله يُراد بها السيادة المطلقة والرياسة العامة. فقد ورد في التلمود اليهودي: »الله القدوس يُدعى بكر العالم، للدلالة على سلطته على كل الكائنات«. فإذا أضفنا إلى ذلك أن كلمة »بكر« عندما يُشار بها إلى المسيح، لا تسبقها أبداً كلمة »ابن«، فلا يُقال عنه أبداً إنه »الابن البكر«، ولا يُشار البتة إلى المسيح كمخلوق أو منبثق من الله، لا يبقى مجال للشك في أن المراد ببكورية المسيح، ليس ولادته قبل غيره، بل رياسته. اعتراض على كولوسي 1:18 - المسيح هو البداءة انظر تعليقنا على رؤيا 2:8 اعتراض على كولوسي 1:18 - من أول من قام من الأموات؟ انظر تعليقنا على أعمال 26:23 قال المعترض: »جاء في كولوسي 1:24 قول الرسول بولس »أكمِّل نقائص شدائد المسيح في جسمي لأجل جسده الذي هو الكنيسة«. ولكن المسيح قال على الصليب »قد أُكمل« (يوحنا 19:30). فكيف يكمل بولس نقائص شدائد المسيح.«. وللرد نقول: أكمل المسيح على صليبه كل ما نحتاجه لفدائنا وخلاصنا، وقال للآب: »العمل الذي أعطيتني لأعمل قد أكملته« (يوحنا 17:4). و»بقربان واحد أكمل إلى الأبد المقدَّسين« (عبرانيين 10:14). ولكن هناك شدائد من نوع آخر، هي شدائد نشر الرسالة والكرازة بها وخدمة الرب والبشر، وهي التي قال عنها المسيح لحنانيا عن الطرسوسي: »هذا لي إناء مختار ليحمل اسمي أمام أمم وملوك وبني إسرائي، لأني سأريه كم ينبغي أن يتألم من أجل اسمي« (أعمال 9:15 و16). هذه هي الشدائد التي سيكملها الرسول بولس وسائر المؤمنين، إذ يتألمون من أجل نشر رسالة الخلاص بالمسيح المصلوب المقام »لأنه قد وُهِب لكم لأجل المسيح، لا أن تؤمنوا به فقط، بل أيضاً أن تتألموا لأجله« (فيلبي 1:29). قال المعترض:»جاء في كولوسي 2:16 و17 »فلا يحكم عليكم أحد في أكل أو شرب، أو من جهة عيد أو هلال أو سبت، التي هي ظل الأمور العتيدة. أما الجسد فللمسيح«. وهذا القول ينسخ شريعة موسى في حفظ يوم السبت وعدم العمل فيه، كما جاء في أصحاحات عديدة من التوراة، منها تكوين 2:3 وخروج 20:8-11 و34:31 و19:3 ولاويين 23 وتثنية 5:12-15 وإرميا 17 وإشعياء 56 و58 ونحميا 9 وحزقيال 20. وكاد اليهود يرجمون المسيح لعدم تعظيم السبت (يوحنا 5:16 و9:16)«. وللرد نقول: لما خلق الله آدم أفرز يوماً من كل سبعة أيام لعبادته والتأمل في مراحمه، وعمل الخير، والراحة من أشغال هذه الدنيا. فالله يطلب من الإنسان سُبْع وقته. ومعنى »السبت« الراحة. فمعنى الوصية السابعة هو أن نعطي سُبْع وقتنا لله. فلم يقل »اذكر اليوم السابع لتقدسه« بل قال »اذكر يوم السبت لتقدسه«. وكذلك لم يقل الكتاب إن الرب بارك اليوم السابع، بل قال إن الرب بارك يوم السبت وقدسه. فاليوم الذي خصصه الله لعبادته يُسمى »يوم السبت« بمعنى »الراحة«. ويسمى »السبت المقدس« لأنه مخصّص للعبادة. ومما يدل على أن معنى السبت هو الراحة أن الله أمر بأن »تَسْبُت الأرض« أي »ترتاح« (لاويين 25:2-7) فكان اليهودي يزرع أرضه ويستغلها ست سنوات، وأما السنة السابعة فتكون للأرض سبت عطلة للرب، يتمتع بها العبيد والفقراء فيستغلّونها. وفي لاويين 26:34 »تَسْبِت الأرض وتستوفي سبوتها«. وقد تخصَّص يوم السبت هذا بيوم قيامة المسيح من بين الأموات، لأن قيامة المسيح هي أعظم حادثة فيها تمّ الفداء العظيم. والحقيقة هي أن الأعمال الضرورية جائزة بل واجبة في السبت، ولاسيما أعمال الرحمة. وقد علَّم المسيح وجوب أعمال الرحمة، فقال: »أيُّ إنسان منكم يكون له خروف واحد، فإن سقط هذا في السبت في حفرة، أفما يمسكه ويقيمه؟ فالإنسان كم هو أفضل من الخروف؟ إذاً يحل فعل الخير في السبوت«. ثم شفى الإنسان الذي يده يابسة (متى 12:10-13) وكثيراً ما عمل المسيح المعجزات يوم السبت، لأن غاية السبت هي عمل الخير. وينتج من هذا أن المسيح ورسله لم ينسخوا السبت، لكنهم استبدلوا الأحد بالسبت بعد أن قام المسيح يوم الأحد. وما زال المسيحيون يسمّون يوم الأحد يوم السبت (أي الراحة). غير أنهم يخصّصونه بكلمة المسيحي فيقولون »السبت المسيحي«. أما ما دفع الرسول بولس أن يقول لأهل كولوسي: »فلا يحكم عليكم أحد في أكل أو شرب، أو من جهة عيد أو هلال أو سبت« فهو ظهور أناس تمسّكوا بالقشور وتركوا جوهر الدين، ظانين أن الدين يقوم بالأكل والشرب، أو المحافظة على الطقوس الخارجية، وتركوا الرحمة والحق والمحبة والإيمان بيسوع المسيح. فأوضح لهم الرسول هذه الحقائق. ولم يقل الرسول »يوم السبت« بل قال »سبت« يعني أيام البطالة التي يبتدعها أصحاب البدع. أما يوم السبت فهو باق. قال المعترض:»ذكر الرسول بولس في كولوسي 4:16 رسالة من لاودكية، طلب من أهل كولوسي أن يقرأوها. ولكننا لا نجد لها اليوم أثراً«. وللرد نقول: (1) يقول كثيرون من المفسرين إن الرسالة من لاودكية هي نفسها رسالة أفسس، لأن رسالة أفسس رسالة دورية غير مخصصة لكنيسة أفسس وحدها، بل لكل كنائس آسيا الصغرى. والدليل على هذا أنه لو كانت رسالة أفسس مخصصة لكنيسة أفسس لذكر الرسول فيها أسماء كثيرين من المؤمنين، وكان قد قضى ثلاث سنوات في أفسس وتعرَّف على الكثيرين منهم (أعمال 20:31). كولوسي 4:16 لا تقول »رسالة لاودكية« أو »الرسالة إلى لاودكية« بل »الرسالة التي من لاودكية«. (2) لا بد أن الرسول بولس كتب رسائل شخصية لأصدقائه، ليست من الوحي، ولهذا لم تُحفظ في الكتاب المقدس. وقد قال البشير لوقا إن كثيرين كتبوا سيرة المسيح، ولكن كتاباتهم الاجتهادية لم تكن وحياً (لوقا 1:1)، وقال الرسول يوحنا إن الكثير من أخبار المعجزات لم يُدوَّن (يوحنا 20:30 و21:25). ولو أن الله شاء أن هذه الرسالة تُحفظ ككتابة وحي لحفظها، فهو يوحي ويحفظ كل ما يوحي به. |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 49 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() شبهات وهميَّة حول رسالتي تسالونيكي وللرد نقول: معنى هذه الآيات واضح، فهي تقول إن المسيح سيأتي ثانية قاضياً عادلاً للأحياء والأموات، وسيتم هذا بالخطوات التالية: (1) ينزل المسيح من السماء بقوته وعظمته ومجده إلى عالمنا هذا. (2) ويأمر بقيامة الأموات. (3) ثم يكرر رئيس الملائكة هذا الأمر بأن يأمر الأموات بالقيام للدينونة. (4) وعندما يقوم الأموات في المسيح يدوي صوت البوق علامة اجتماع الجميع حول عرش المسيح. وكان بنو إسرائيل يهتفون بالبوق عندما يريدون حشد الجماهير، فاستُعير ذلك لما سيحدث في اليوم الأخير. (5) عندما يُقام الأموات في المسيح تتغيَّر أجسادهم الفاسدة وتصير مجيدة مثل جسد المسيح المجيد. (6) المؤمنون الذين يكونون على قيد الحياة يوم مجيء المسيح ثانيةً تتغيّر أجسادهم وتصير غير قابلة للفناء، ويُخْطَفون مع الذين يقومون من الموت ليلاقوا المسيح في الهواء. (7) بعد هذا تُفتح الأسفار وتتم الدينونة. (9) كل مؤمن »غسل ثيابه وبيَّضها بدم المسيح« يُدخَل إلى النعيم الدائم، ويتمتع في حضرة الرب إلى الأبد. وقد تحدَّث الرسول بولس عن نفسه ضمن المؤمنين الأحياء عند مجيء المسيح ثانيةً، وهذه صيغة تؤكد إيمانه وثقته بهذه الأمور الآتية. وكانت شهوة قلبه أن يأتي المسيح سريعاً فينطلق إلى المجد معه. ويعيش كل مسيحي حقيقي في حالة انتظار وشوق لمجيء المسيح ثانية، ولو أنه يعلم أن لا أحد يعرف يوم المجيء بالضبط، كما قال المسيح (متى 24:42). اعتراض على 1تسالونيكي 5:17 - هل الصلاة بلا انقطاع؟ انظر تعليقنا على متى 6:7 و8 اعتراض على 2تسالونيكي 2:8 - إبادة الأثيم انظر تعليقنا على لوقا 9:54-56 اعتراض على 2تسالونيكي 2:9 - معجزات الشيطان انظر تعليقنا على متى 24:24 اعتراض على 2تسالونيكي 2:11 و12 - هل الله منشئ الشر؟ انظر تعليقنا على التثنية 32:4 و1تيموثاوس 2:3 و4 اعتراض على 2تسالونيكي 3:12 - نشتغل، أو لا نشتغل؟ انظر تعليقنا على متى 6:31-34 |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 50 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() شبهات وهميَّة حول رسالتي تيموثاوس ورسالة تيطس وللرد نقول: كان الواجب على المعترض أن ينتبه إلى الآية السابقة لما اقتبسه من رسالة 2تسالونيكي، فهي تقول: »لأنهم لم يقبلوا محبة الحق حتى يخلُصوا، ولأجل هذا سيرسل إليهم الله عمل الضلال«. إن الله يريد خلاص جميع الناس، ولهذا أرسل الأنبياء والرسل لهدايتهم، فمن أصرّ على العناد أسلمه لقساوة قلبه. وقد أرسل موسى إلى فرعون المرة بعد الأخرى، فخالف وعاند، فأسلمه الله لقساوة قلبه. اعتراض على 1تيموثاوس 2:5 - هل المسيح هو الشفيع الوحيد؟ انظر تعليقنا على رومية 8:26 قال المعترض:»جاء في 1تيموثاوس 2:11-14 »لتتعلَّم المرأة بسكوت في كل خضوع. ولكن لست آذن للمرأة أن تعلِّم ولا تتسلَّط على الرجل، بل تكون في سكوت، لأن آدم جُبل أولاً ثم حواء، وآدم لم يُغوَ ولكن المرأة أُغويت، فحصلت في التعدّي«. أليس في هذا إنقاصٌ لقيمة المرأة؟«. وللرد نقول: لا ينقص الوحي الإلهي مكانة المرأة، فقد خلق الله الرجل والمرأة على صورته (تكوين 1:27) وهذا يعني أنهما متساويان في طبيعتهما. وهما متساويان في الفداء وبركاته، كما قيل »ليس ذكرٌ وأنثى، لأنكم جميعاً واحد في المسيح« (غلاطية 3:28). وهما متساويان في عطايا الروح القدس ومواهبه »وعلى عبيدي أيضاً وإمائي أسكب من روحي في تلك الأيام فيتنبأون« (يوئيل 2:29 وأعمال 2:18). وقد استخدم الله النساء، كما الرجال، في خدمات قيادية، فمريم النبية، أخت هارون وموسى، قادت التسبيح (خروج 15:20)، وكانت دبورة قاضية (قضاة 4:4)، وخَلْدة وحنة نبيتين (2أخبار 34:22 ولوقا 2:36)، ودعا النبي إشعياء زوجته »نبية« (إشعياء 8:3)، وكانت بريسكلا أستاذة لكلمة الرب بكل تدقيق (أعمال 18:26) وفيبي شماسة (رومية 16:1)، واشتركت النساء في كل الخدمات، فساعدن المسيح من أموالهنَّ (لوقا 8:3)، وكان ظهوره الأول بعد قيامته للنساء وهنَّ راجعات من زيارة القبر، وأرسلهنَّ كارزات لتلاميذه (مرقس 16:1-7). كما كان ظهوره الثاني لمريم المجدلية عند القبر، وأرسلها كارزة لتلاميذه (يوحنا 20:11-18) وكان ظهوره الثالث لبطرس الرسول (1كورنثوس 15:5)! وعندما طالب الرسول بولس النساء بالسكوت في الكنيسة لم يقصد أن يمحو خدمتهن، فقد طالبهنَّ بتغطية الرأس عند التنبؤ والصلاة (1كورنثوس 11:5). بل من أجل النظام العام. وكان قد طالب الرجال بالصمت في الكنيسة إن لم يجد المتكلم بألسنة مترجماً، أو إن كان أحدٌ وقف ليتكلم، فلا يتكلم اثنان في وقت واحد (1كورنثوس 14:28 و30). وعندما نقرأ الأسماء التي ذكرها بولس في رسائله نجد أسماء الكثيرات، ومنهن فيبي التي حملت رسالته إلى روما (رومية 16:1). وقد قصد الرسول أن تكون المرأة خاضعة لزوجها، »ولا تتسلَّط على الرجل« (1تيموثاوس 2:12) »بل يخضعن كما يقول الناموس« (1كورنثوس 14:34). كما أن الرجال يخضعون للمسيح، فإن »رأس كل رجل هو المسيح« (1كورنثوس 11:3). وكان المسيح حال تواضعه خاضعاً للآب (فيلبي 2:5-8). فليس في الخضوع إنقاصاً لقيمة الخاضع، لكنه التنظيم لتكميل كل بر. وخضوع المرأة للرجل لا ينقص مكانتها، فهي خُلقت بعد آدم، لكنها لم تُخلَق من قدمه فيدوسها، ولا من رأسه فتسود عليه، بل من ضلعه لتكون قريبة من قلبه (تكوين 2:19-25). وعندما أرسل الله ابنه إلى العالم أرسله مولوداً من امرأة هي العذراء مريم (غلاطية 4:4)، كما أن كل الرجال يبدأون أجنَّة في الأرحام، ويولدون في رعاية الأمهات. وتخلُص المرأة بولادة الأولاد، بمعنى أن الله حوَّل متاعب الولادة إلى بركة وخير. و»نسل المرأة« هو المسيح المخلِّص. اعتراض على 1تيموثاوس 4:4 - هل نُسخت شريعة موسى؟ انظر تعليقنا على رومية 14:14 قال المعترض: »جاء في 1تيموثاوس 5:23 قول بولس لتيموثاوس: »استعمل خمراً قليلاً من أجل معدتك وأسقامك الكثيرة«. وهذا ليس من الدين في شيء. ومعروفٌ أن الرسل إذا تكلموا أو كتبوا في أمر الدين يحفظهم الإلهام. ولكنهم يكتبون بمقتضى عقولهم بغير الإلهام في الحالات العامة. ونصيحة بولس لتيموثاوس بخصوص الخمر ليست من الإلهام في شيء«. وللرد نقول: (1) قال الرسول بولس وهو يكتب لتيموثاوس: »كل الكتاب هو موحى به من الله« (2تيموثاوس 3:16). وكل ما يوحي الله به لأنبيائه صحيح ومفيد، ويصح أن يُطلق عليه قوله لما خلق العالم: »ورأى الله ذلك أنه حسن« (تكوين 1:21). وقبل الآية التي اقتبسها المعترض كتب الرسول بولس لتيموثاوس يقول: »أناشدك أمام الله والرب يسوع المسيح والملائكة المختارين أن تحفظ هذا. لا تضع يداً على أحدٍ بالعَجَلة. احفظ نفسك طاهراً. لا تكن في ما بعد شرَّاب ماء، بل استعمل خمراً قليلاً من أجل معدتك وأسقامك الكثيرة«. لأن الله يريد أن ينتبه الناس إلى صحتهم، ولا سيما أتقياؤه، فقد كانت حياة تيموثاوس مهمة لأعضاء كنيسة أفسس الذين كان يشرف على سلامتهم الروحية. فإذا تمكن المرض منه لا يقدر أن يعظ المؤمنين ولا أن يثبتهم في الإيمان. (2) أوضح الرسول بولس بنصيحته لتيموثاوس جواز استعمال الخمر للدواء، فالمادة في ذاتها ليست شراً، لكن استعمالها يجعل منها ضارة أو نافعة. ولا يخفى أنه يجوز تعاطي السم بنسب معينة للعلاج، وكذلك الخمر. فالإكثار منه يضر، والقليل منه يُستعمل كدواء متى رأى الطبيب ذلك. قال المعترض:»جاء في 2تيموثاوس 1:10 أن المسيح أبطل الموت، وأنار الحياة والخلود بواسطة الإنجيل. ولكن العبرانيين 9:27 تقول إنه وُضع للناس أن يموتوا«. وللرد نقول: المسيح أبطل الموت بمعنى أنه كسر شوكته وأزال رعبه، فلم يعُد الجبار ملك الأهوال، بل صار للمؤمن ملاكاً رقيقاً ينقله من عالم الغربة إلى بيته الأبدي في السماء. فالموت الجسدي موجود، ولكنه ليس موتاً بل انتقال. ثم سيجيء وقت يتوقف فيه الموت عن العمل نهائياً عند مجيء المسيح ثانية. راجع تعليقنا على تكوين 2:17. قال المعترض:»في 2تيموثاوس 4:13 قال بولس لتيموثاوس »الرداء الذي تركته في ترواس عند كاربس، أحضره متى جئت، والكتب أيضاً ولا سيما الرقوق« وقال في 2تيموثاوس 4:20 »أرستس بقي في كورنثوس، وأما تروفيمس فتركتُه في ميليتس مريضاً«. وكتب إلى فليمون (آية 22) »أعدِدْ لي أيضاً منزلاً لأني أرجو أنني بصلواتكم سأُوهب لكم«. فكيف تكون هذه الكتابات الشخصية وحياً وإلهاماً؟«. وللرد نقول: ورود هذه العبارات في الرسائل البولسية برهان على صدق مشاعر كاتبها، وعلى أحواله الزمنية، فهو قد ترك الدنيا وأمجادها، وآثر أن يقاسي الأتعاب والشدائد ومرارة الفقر حباً في المسيح (اقرأ 2كورنثوس 11:23-27). وقد سجَّل الروح القدس في الوحي هذه الآيات للتعبير عما قاساه الرسول بولس من الضيق، وعما اشتهر به من المحبة والإيمان الحي، ليكون قدوة ومثالاً للشهداء الذين ماتوا عن الإيمان المسيحي. أما »الكتب« التي طلبها فهي التي كتبها بإلهام الروح القدس، و»الرق« هو التوراة. فإنه لما رأى بعين النبوَّة أن وقت انتقاله من العالم قد اقترب، رغب أن يترك هذه الآثار الثمينة لاستعمال الكنيسة، وذلك لاهتمامه بالإيمان. اعتراض على تيطس 1:15 - هل نُسخت شريعة موسى؟ انظر تعليقنا على رومية 14:14. |
||||
![]() |
![]() |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
سفر أستير هو خاتمة كل الأسفار التاريخية |
مقدمة الأسفار التاريخية |
ماهي أسفار العهد الجديد (الأسفار التاريخية)؟ |
ماهي الأسفار التاريخية؟ |
هل تحتاج الأسفار التاريخية إلى إلهام؟ |