![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 49551 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() إبراهيم الحالم لقد خرج إبراهيم من أور الكلدانيين نتيجة رؤية أو حلم، ولقد عاش حياته بأكملها وهو يحلم بمملكة عظيمة وشعب أكثر من نجوم السماء كثرة، وكالرمل الذي على شاطيء البحر الذي لا يعد، بل لقد طرق هذا الحلم الأرض كلها، إذ بنسله تتبارك جميع قبائل الأرض، وعاش إبراهيم سعيداً بهذا الحلم وقد تحولت أور الكلدانيين، على ما كانت عليه من حضارة، وعظمة في ذلك التاريخ، إلى صحراء بجانب واحة حلمه، أو أصداف بجوار ماس رؤياه، أو عدم بجوار غنى المجهول الذي يلوح أمامه. ومن المحقق أن هذا الحلم هو القوة التي رفعت أبا المؤمنين، فوق كل ما لاقى في الأرض، من واقع قاس مروع بغيض، وهو القوة التي ترفع رواد الطرق في الحياة البشرية فوق كل متاعب وآلام ومعاناة،.. وهل كان من الممكن لكولمبس، أن يندفع صوب المجهول، دون أن يحلم بشاطيء آخر عظيم على الطرف الآخر من المحيط الأطلنطي، أو "لبرفورث" وهو يناضل من أجل العبيد، أو "لنوكلن" وهو يدخل الحرب الأهلية. لولا هذه الرؤيا التي يحلم فيها الإنسان بحياة أكثر حرية وجمالاً وسعادة وإشراقاً من كل ما يعاني من تعاسات في هذه الأرض!!. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 49552 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() إبراهيم المؤمن هذا الرجل المهيب الطلعة، الواسع الرؤى والأحلام،.. لم تكن أحلامه مجرد أوهام أو خيالات، تراود ذهنه، كمن يحاول الهروب من الواقع البغيض، إلى عالم خيالي، إن لم يجده صاحبه، فلا أقل من أن يتصوره، عند انفصام الشخصية، أو الإدمان على مسكر أو مخدر،.. لقد كان إبراهيم مؤمناً بالصديق الذي ظهر له، وبالرؤيا التي وضعت أمام عينيه،.. والإيمان كما عرف الكتاب هو: "الثقة بما يرجى والإيقان بأمور لا ترى"،.. وثقة إبراهيم هنا لا تتدانى أو تتراخى أو تتزعزع، بل كان إبراهيم هنا نموذجاً من أعلى النماذج التي عرفها أولاده المؤمنون على اختلاف عصورهم وأجيالهم في الأرض،.. بل لعل هذه الصفة كانت الصفة الأشهر، إذا نظرنا إليه أباً للمؤمنين، أو كما يقول دكتور فردريك ف. شانون: "لقد منح الله أبناءه من البدء هبات متنوعة وكثيرة، إذ كان موسى عبقرياً في الناموس، ويشوع في الحرب، وداود في الترنم، وأنجلو في النحت، وسافونا رولا في الإصلاح، وشكسبير في الشعر، وبيتهوفن في الموسيقى، ووبستر في الفصاحة، والكثيرين ممن ظهروا كنجوم لامعة في جلد التاريخ، كل وما أخذ من موهبة من الله، غير أن إبراهيم الكلداني كان يتميز بعطية الإيمان، إذ كان يرى غير المنظور، ويلمس غير الملوس،.. واثق الخطى وهو يدلف في رحلته العتيدة، تجاه المدينة الخالدة، مدينة الله التي لابد أن يجدها، يوماً ما وفي مكان ما بيقين لا يتزعزع".. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 49553 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() إبراهيم الجسور وإبراهيم بهذا المعنى هو نموذج قل أن يظهر له ضريب أو مثيل في الجسارة بين من يطلق عليهم "المغامرين" في هذه الأرض "أو" "الرواد".. لم يكن إبراهيم قصبة تهزها الريح، بل ذلك الإنسان الجسور، الذي تملكته فكرة، واستولت عليه عقيدة، فخرج لا يلوي على شيء،.. ومع أن الرحلة لم تكن معالمها كاملة، إذ: "خرج وهو لا يعلم إلى أين يأتي" إلا أنه كان على اليقين، أنه ذاهب في الطريق الأفضل، وإلى الهدف الأعلى والأمجد والأسمى،.. ومن ثم اندفع بأقوى قوة تدفع الإنسان صوب المجهول، وقد ولى ظهره الوطن والصحاب والأرض، ومن غير تردد أو شبهة عبر الفيافي والقفار، أو من غير لفتة هنا وهناك حتى يصل إلى الأرض التي وعد بها، مهما طال به الطريق، أو امتد به الزمن، وفي الحقيقة إن مغامرة الإيمان هي أعظم المغامرات في حياة الناس في هذه الأرض، وإذا كان الجنرال جوردون –وهو يصف انجلترا- قد قال: "إن انجلترا لم يصنعها الحكام بل صنعها المغامرون".. فإن الحقيقة أقوى وأعظم وأجل في حياة أبطال الإيمان، من الذين صنعوا التاريخ المسيحي ومدوا مملكة الله على الأرض بين الناس،.. إن رحلة إبراهيم العظيمة لا يمكن أن يصفها إلا مغامر جسور، وقد وقف أبو المؤمنين بذلك على أعلى ربوة في جسارة الإيمان وهو يتطلع إلى الأرض التي رحل إليها، والمدينة التي ما يزال أبناؤه يسعون إليها: "وهم لم ينالوا المواعيد بل من بعيد نظروها وصدقوها وحيوها وأقروا بأنهم غرباء ونزلاء في الأرض، فإن الذين يقولون مثل هذا يظهرون أنهم يطلبون وطناً فلو ذكروا ذلك الذي خرجوا منه لكان لهم فرصة للرجوع".. ولم نكن بعد ذلك نراه عجباً، وهو يدخل بغلمانه الثلاثمائة والثمانية عشرة في معركة يعجز عن مواجهتها ملوك سدوم وعمورة ومدن الدائرة، وهزموا وأسروا واستطاع إبراهيم أن يحول الهزيمة إلى النصر، وأن يسترد لوطاً ابن أخيه والأسرى والأسلاب،.. وهيهات أن يفعل هذا إلا المقدام المغوار الجسور!!.. وهذه الجسارة كما أشرنا ترجع أساساً إلى الصداقة المتمكنة بينه وبين الله القادرة على كل شيء والمساعد، والمعين!!.. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 49554 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() إبراهيم السموح النفس المتعفف ومن عاش في صداقة مع الله، ستتسع حياته أمام الصديق أو العدو، القريب أو البعيد، على حد سواء، وذلك الذي أغناه الله في كل شيء وأدرك أن ما يتمتع به، هو عطية الله أولاً وأخيراً،.. هذا الإنسان سيصرفه غنى الله عن غنى الناس، ومال الله عما يتصور الناس أنه مالهم وحقهم دون غيرهم من البشر، وهنا تحضر واقعتان، تخلى فيهما إبراهيم عن حقه، في أروع صور النفس المسحة المتعففة المترفعة الغنية،.. أما الأولى فمع ابن أخيه لوط، والثانية مع ملك سدوم، وفي كلا الحالين، وبكل المعايير المعروفة في ذلك التاريخ كان من حق إبراهيم أن يأخذ ما يريد أو ما يشاء، ففي النزاع بين ورعاة مواشي لوط ورعاة مواشي إبراهيم كان من حقه –وهو الأصل، والأكبر، والذي جاء بلوط معه- أن يختار، ولكنه اختار السماحة والتعفف، وترك للوط أفضل مراعي وأبهج المروج، في سبيل الحب، والإخاء، والسلام، والإيثار لابن أخيه. وكان مثلاً رائعاً في طرح الماديات للإبقاء على المعنويات، وفي اللقاء مع ملك سدوم، كان من حقه كمنتصر في الحرب أن يجمع كل الأسلاب،.. ولكن ملك سدوم رأى شيئاً ربما كان عنده أدعى إلى العجب، من انتصار إبراهيم على الملوك الذي حاربهم، وهو انتصار إبراهيم على نفسه أمام أسلاب في قبضة يديه، يرفضها، ويركلها بقدميه، في الوقت الذي يسيل فيه لعاب الآخرين على الفتات منها،.. وهنا ضرب مثل رائع وعجيب لغنى النفس المترفعة المتعففة،.. من الحق أنه رائع أن تتمسك بحقك، فتحافظ عليه، ولكن قد يكون أروع وأعظم أن تتخلى عن الحق للحفاظ على المعاني التي يمكن أن تقود الآخرين للتعرف على مجد الله أمام الآخرين!!.. كان الدرس الذي يريد أن يعلمه إبراهيم لملك سدوم أن الغنى والثروة والقوة والجاه والنفوذ هي عطايا يمنحها الله للإنسان الذي يستند إليه، وكما أعان الله إبراهيم في المعركة وأعطاه النصر العجيب، فإن الله وحده هو الذي يغني البشر، وهو الذي يعطي إبراهيم ثروته وغناه وكل ما يملك،.. وهو لا يرغب أن يكون مديناً لأحد بهذه الثروة، حتى ولو كان شراك نعل، لأن الله أعطاه ويعطيه كل شيء بغنى للتمتع!!.. آه هل يتعلم أبناء إبراهيم من المؤمنين كيف يكون التعفف السمح المتعالي الذي يمد أصوله إلى نهر الله الواسع العظيم الفياض دون الاتجاه إلى الناس أو انتظار عطائهم، شح هذا العطاء أو كثر!!.. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 49555 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() إبراهيم الكريم المضياف وتظهر هذه الصداقة في ضيافة من أمسى وأروع الضيافات، التي بها أضاف إبراهيم الله والملائكة وهو لا يدري،.. والصداقة مع الله تعلم دائماً الكرم،.. إذ أن الله كريم، بل هو أساس كل جود وسخاء وكرم،.. أليس هو الذي يعطي بسخاء ولا يعير؟ أليس هو الذي يمد يده في كل صباح إلى الأشرار والأخيار، وينهمر بعطاياه كالوابل، إلى الجميع من أدنى المخلوقات وأشر الخطاة إلى أعظم الناس، وأروع القديسين؟ كتب شاعر غربي يصف كرم رجل اسمه يوسف قائلاً: هذه خيمتي، يقول يوسف، لكنها ليست لي إذ هي لله، فادخل إليها وكن سالماً!! واقتسم من غير مقابل كل ما في خزنتي إذ أني أنا ملكه ذلك الذي يبني خيامنا، ويغطينا في الليل والنهار بسقفه اللامع ولم يقل قط لا لمن يطرق بابه!!.. هل سمعت عن حاتم الطائي، كواحد من أحفاد إبراهيم، وهو يوقد في الليل النار ليهتدي إليها من بعيد الضارب في الصحراء؟.. وهل سمعت أن حاتم كانت مسرته الكبرى أن يطرق داره في الليل أو النهار غريب أو ضعيف؟ قال لواحد من عبيده ذات مساء في الليل البارد القاسي: أوقد فإن الليل ليـــل قــر والريح يا غلام ريح صــر فإن أتى ضيف فأنت حر أي أنه سيعطي العبد حريته إذا طرق داره طارق في الليل القاسي الشديد البرد،.. وكان إبراهيم أبا لحاتم الطائي ولغيره، وكان النداء الإلهي وما يزال: "لا تنسوا إضافة الغرباء لأنه أضاف أناس ملائكة وهم لا يدرون". |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 49556 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() إبراهيم وصداقة الله العميقة كان إبراهيم غنياً جداً في المواشي والفضة والذهب، كان من أغنى أغنياء عصره، ولو عاش في عصرنا هذا لكان من أصحاب الملايين،.. ولكن أحداً لا يعرف إبراهيم بثروته وغناه، لقد كان إبراهيم غنياً في شيء أعظم من كل ثروة أرضية،.. كان غنياً في العلاقة بالله، والصداقة مع الله، حتى دعي خليل الله، ولعل هذه الصداقة العميقة قد ظهرت في أكثر من صورة ومظهر!!. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 49557 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() كان إبراهيم يشرب من نهر الشركة العميقة مع الله،.. لم نسمع أنه بنى بيتاً يسكن فيه، بل كان ينصب خيمته حيثما حل، وينقضها كلما ارتحل،.. ولكنه في كل مكان كان يبني مذبحه، ويقدم ذبيحته، ويقترب إلى الله العلي في خوف وخشوع وجلال،.. وفي بيت إيل بنى المذبح ودعا باسم الرب، وعند بلوطات ممرا حيث انتقل إلى هناك بنى مذبحاً للرب، وعند غرس شجر الأثل في بئر سبع دعا هناك باسم الرب الإله السرمدي،.. كان الدين عند إبراهيم ليس أكثر أو أقل من الصداقة القوية العميقة مع الله، وكان الله له الخل الوفي في السراء أو الضراء كما يقولون، وعلى حد سواء.. أجل لم يسر قط في رحلته بعيداً عن صحبة الله، ومشورة الله، ومعونة الله، وشركة الله، أو في لغة أخرى أنه لم يسر الطريق وحيداً منفرداً بل سار في معية الله، وحمايته، وقوته، وعونه، وشدته،.. ومع أنه في مصر، وفي جرار، جرب بالخوف من فرعون وأبيمالك، من جهة سارة امرأته، لكن صديقه العظيم لم يتركه في المحنة والتجربة والضعف، بل وآزره على النحو الكريم الطيب المعروف من إله لا يصنع معنا حسب خطايانا أو يجازينا حسب آثامنا لأنه يعلم أننا تراب،.. وقد دنا منه إبراهيم وتكلم، وهو يعلم! "شرعت أكلم المولى وأنا تراب ورماد".. ومع هذا كله كانت عظمة الصداقة الإلهية تظهر في ألوانها المتعددة في حياة من دعاه الله "إبراهيم خليلي".. كانت حياة دكتور ج.ر. ميلر تتمثل في جملة واحدة "المسيح وأنا صديقان" وكل من عرف هذا القديس الكريم كان يعلم أن هذه العبارة تلخص حياته أجمل تلخيص،.. وقد كتب دكتور ميلر ذات مرة إلى صديق يقول له: "إن ما أود أن أعينك على فهمه أن تدرك أن المسيح أصدق وأفضل صديق، وأنك كمسيحي لابد أن تكون صديق المسيح، وأنك إذ تقبل حبه، وتدعه يدخل قلبك وأعماقك، لابد أن تبادله حباً بحب، فالديانة عندما نركزها في كلمة واحدة، نجدها لا تزيد عن القول: أنا والمسيح صديقان".. وليست الصلاة له، إلا بمثابة الحديث مع أرق صديق، وأحن صديق، وأحب صديق، كما يمكن أن تكلم أي صديق مخلص لك على هذه الأرض!! |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 49558 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() عندما تتحقق أنك والمسيح صديقان مرتبطان متلاقيان، فستجده معينك ومخلصك، وتضحى الصلاة أمامه لا واجباً أو عبئاً يقع عليك بل لذة ونشوة تتمتع بها، كما تمتعت الفتاة القديمة مريم عندما جلست عند قدميه، واختارت النصيب الصالح الذي لا يمكن أن ينزع منها!!..".. في كتاب "قصة حياة جندي" للورد ويلسلي، دعا هذا الكاتب الجنرال جوردون: "صديق الله" وقال عنه: "كان جوردون ينكر نفسه تماماً في كل ما يفعل، وكان يهتم فقط بما يعتقد أنه عمل الله، إذ كانت الحياة عنده سياحة المسيحي بين السنين المبكرة من رجولته، والسماء التي وصل إليها، وكان دائماً ممتلئاً بالشوق والحنين إليها،.. وكان فكره الأول في أي مشكلة تواجهه،: ماذا كان يفعل يسوع لو كان في محلي؟!!.. هذا الاعتماد الكلي على خالقه، وهذا الاتصال الروحي بمخلصه، في مجريات الحياة اليومية، هو الذي أعانه على نسيان نفسه، وعدم القلق والانشغال بما قد يأتي به الغد".. كان جوردون واحداً من أبناء إبراهيم الذي ساروا على الدرب الطويل، درب الشركة المتعبدة المتعمقة مع الله!!.. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 49559 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() والمظهر الثاني للصداقة المتعمقة بين إبراهيم والله، نراه في روح التشفع، قبل أن يشعل الله النار والكبريت في سدوم وعمورة ومدن الدائرة… وفي التشفع نرى الله والإنسان يسيران معاً، ونرى أروع صور الشركة بين الخالق والمخلوق، وبين المحب والحبيب، ولعله من اللازم أن نلاحظ أن العلاقة بين إبراهيم والله كانت تبدأ دائماً بالله، إذ أن إبراهم لم يتشفع لسدوم، إلا لأن الله كشف له مصيرها: "فقال الرب: هل أخفي عن إبراهيم ما أنا فاعله وإبراهيم يكون أمة كبيرة وقوية ويتبارك به جميع أمم الأرض لأني عرفته كي يوصي بنيه وبيته من بعده أن يحفظوا طريق الرب ليعملوا براً وعدلاً لكي يأتي الرب لإبراهيم بما تكلم به".. والله في العادة هو الذي يبدأ بالكلام، ويكشف النقاب ويسر بالحديث، لأن سر الرب لخائفيه وعهده لتعليمهم، "أعطاني السيد الرب لسان المتعلمين لأعرف أن أغيث المعيي بكلمة. يوقظ كل صباح. يوقظ لي أذناً لأسمع كالمتعلمين. السيد الرب فتح لي أذناً وأنا لم أعاند إلى الوراء لم أرتد".. وجيد للمؤمن أن يتعلم فن الاستماع، وفن المخاطبة،.. ومن المحقق أن الصديق المتعمق في الشركة مع الله، هو الذي يجهز أذنه ويقول: تكلم فإن عبدك سامع،.. إذ ما أكثر الذين يكلمون الله بكثيراً، دون أن ينصتوا إليه ويسمعوه،.. لكن إبراهيم كان يحسن الإنصات، ويحسن أيضاً الكلام والحديث مع سيده وخالقه ومحبه وصديقه،.. وفي التشفع من أجل سدوم وعمورة، كان إبراهيم خيراً من يونان، فمع أنه من صالح إبراهيم ونسله أن تزال مدن الدائرة من الوجود لكي لا تكون عثرة وعبءً في المستقبل على نسله العتيد أن يرث الأرض،.. إلا أنه مع ذلك تحدث إلى الله من أجل إنقاذها، وهو يكشف لنا عن روح سامية وعظيمة. وترتفع فوق كل خبث ولؤم وأثرة وأنانية، تجاه الصديق أو العدو على حد سواء، ومن أجل ذلك ألح إبراهيم بلجاجة من أجل المدن الشريرة الخاطئة، التي صعد صراخها القبيح المزعج أمام الله في السماء، والتي كان من الممكن لو عاشت أن تكون شوكاً وقاداً للشعب المختار،.. إن مبدأ الشفاعة عند إبراهيم يبدأ بالحب والحنو والصفاء ورغبة الخير لجميع الناس، مهما فكروا، ومهما أضمروا، ومهما كانت نواياهم في الحاضر أو المستقبل خيراً أو شراً على حد سواء،.. لأن ديان الأرض في أية حال من الأحوال لابد أن يصنع عدلاً!!.. ومن يحفر حفرة لابد أن يقع فيها!!.. ذلك هو القضاء العظيم لإله ساهر قدوس حي لا يعجز أو يضعف أو يموت!!.. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 49560 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() إن شفاعة الأحياء للأحياء أمر لابد منه، وحسن ومقبول عند الله: "فأطلب أول كل شيء أن تقام طلبات وصلوات وابتهالات وتشكرات لأجل جميع الناس لأجل الملوك وجميع الذين هم في منصب لكي نقضي حياة هادئة مطمئنة في كل تقوى ووقار لأن هذا حسن ومقبول لدى مخلصنا الله الذي يريد أن جميع الناس يخلصون وإلى معرفة الحق يقبلون".. ووقت هذه الشفاعة كما نلاحظ، قبل أن تمس النار المدينة، وحيث هناك فرصة أخيرة للأحياء فيها، ولا نعرف إبراهيم ينطق بكلمة واحدة، في صباح اليوم التالي وما بكر في الغد إلى المكان الذي وقف فيه أمام الرب وتطلع نحو سدوم وعمورة ونحو كل أرض الدائرة ونظر وإذا دخان الأرض يصعد كدخان الأتون!!.. ولا نعرف أن أنظاره تعلقت في أرض الخراب، إلا بابن أخيه،: "وحدث لما أخرب الله مدن الدائرة أن الله ذكر إبراهيم وأرسل لوطاً من وسط الانقلاب حين قلب المدن التي سكن فيها لوط".. وربما يعن لنا مع ذلك السؤال: هل ضاعت المدن بسبب شرها الرهيب المخيف، أم بسبب آخر هو أن إبراهيم توقف في شفاعته عند حدود العشرة الأبرار الذين كان يظن أنهم موجودون بها، دون أن يوجدوا؟.. وهل لو أنزل العدد إلى حدود ثلاثة أو أربعة أما كان من المتوقع أن تنجو المدينة من أجل الثلاثة أو الأربعة؟!! على أي حال لقد نجا لوط بفضل صلاة إبراهيم، وما أعظم وأقوى ما تفعل صلاة التشفع أمام الله من أجل الخطاة وهم أحياء!!.. أما بعد ذلك فكل صلوات القديسين على الأرض لا يمكن أن تخرج خاطئاً واحداً كما قال هو فيما بعد لواحد من أبنائه بالجسد عندما صرخ إليه: "يا أبي إبراهيم ارحمني وارسل لعازر ليبل طرف إصبعه بماء ويبرد لساني لأني معذب في هذا اللهيب. فقال إبراهيم يا بني اذكر أنك استوفيت خيراتك في حياتك وكذلك لعازر البلايا والآن هو يأتي وأنت تتعذب وفوق هذا كله بيننا وبينكم هوة عظيمة قد أثبتت حتى أن الذين يريدون العبور من ههنا إليكم لا يقدرون ولا الذين من هناك يجتازون إلينا".. |
||||