08 - 08 - 2014, 01:23 PM | رقم المشاركة : ( 4911 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
((مريم العذراء الوسيطة للعالم بأسره)) إنّ نحن تحدثنا عن شفاعة القديسين فبأولى حجة نتحدث عن وساطة العذراء وشفاعتها في حياة المؤمنين. قال مار افرام عن مريم "إنّها بعد الوسيط، الوسيطة للعالم بأسره". لا شك في أنّ العذراء مريم هي عضو من أعضاء الكنيسة وقد حصلت على الخلاص والنعم الإلهية بفعل وساطة ابنها. ولكن المسيح الوسيط الوحيد لما مات على الصليب أوكل إليها رسالة خاصة نحو المؤمنين مثّلهم يوحنا الحبيب (يوحنا 19/25) وهي تتابع هذه الرسالة بطريقة فريدة فتصلي مع القديسين من أجل الكنيسة صلاة تُظهر فاعليتها آية قانا الجليل (يوحنا 2/3) حيث لم يرفض لها يسوع طلباً بل قدّم ساعة مجده لما عرضت عليه حاجة الناس وحيرتهم.لم تحدد الكنيسة عقيدة إيمانية شفاعة العذراء ووساطتها. ولكنها تحيا هذه الحقيقة عندما تطلب من المؤمنين أن يرفعوا الصلاة إليها. قال قداسة البابا بندكتوس الخامس عشر: "إنّ كل النعم التي شاء صانع كل خير أن يوزعها على أبناء آدم المساكين، إنّما يوزعها بتدبير من عنايته الإلهية، على يد العذراء القديسة". إنّ عمل العذراء في السماء، امتداد لعملها على الأرض. إنّها قد لعبت دوراً كبيراً في سر الفداء. وفي ذبيحة المسيح الخلاصية إذ كانت وقت صلب ابنها تمثل البشرية كلها، تمثل الكنيسة. وهذا الدور الفريد الذي لعبته العذراء جعل وساطتها تختلف عن وساطة القديسين وشفاعتهم لتشمل الكنيسة بكاملها. ويتخوف المتخوفون من أن تطغى وساطة العذراء على وساطة المسيح، الوسيط الوحيد بين الله والإنسان. أمّا المؤمن فإنّه يعرف أنّ لا مجالاً لذلك. إنّه يعرف أنّ العذراء الممتلئة نعمة تبقى تلك المخلوقة التي تنتظر من الرب كل خلاص وكل فداء. ولكنه يعرف أنّ مريم التي أعطتنا الرب، تحصل لنا بواسطة ابنها على جميع النعم التي نحتاج إليها. فلنحبها ولنطلب دوماً شفاعتها وكما تشتعل الشموع أمام صورتها يجب أن تضطرم دوماً قلوبنا بهذه النعم. صلاة: السلام عليك يا ممتلئة نعمة، الرب معك أنت سيدتنا، أنت شفيعتنا ومحاميتنا قربينا من ابنك. صلي لأجلنا نحن الخطأة الآن وفي ساعة موتنا. آمين. |
||||
08 - 08 - 2014, 01:25 PM | رقم المشاركة : ( 4912 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
((طلبة العذراء)) في القرون الوسطى بلغت عبادة العذراء ذروتها فأعطى الفن أجمل معابده والشعر أصفى أشعاره، وتألفت هذه الصلوات المعروفة مثل "السلام الملائكي والسلام عليك يا أمّ الرحمة والرأفة..." في ذلك الوقت أيضاً تنظمت طلبة العذراء فعبّرت بلغة الشعب عن كلام اللاهوتيّين والمفكرين والآباء القديسين كما فتحت المجال لعاطفة المحبة العفوية لمن حيّاها الملاك وسماها ممتلئة نعمة وأعلنتها اليصابات مباركة في النساء. نقول طلبة لا بل طلبات عديدة كانت تردد هنا وهناك فجاء من يجمعها في الجيل الثاني عشر لتكون صلاة موحّدة، طلبات عديدة في طلبة العذراء. خمسون طلبة تعظم مريم وتنشدها كأمّ الله وقديسة وبتول وسلطانة وتعطيها الأسماء العديدة المأخوذة من الكتب المقدسة ومن عبارات التقوى المسيحية. هذه الطلبة نتلوها وننشدها مراراً في حياتنا المسيحية سنتوقف على طلباتها ونتفهم معانيها فتصبح صلاتنا أكثر وعياً وغنى ونشيدنا أقرب إلى التأمل. يا مريم. يا قديسة مريم... إذا كان اسم ابنك أعذب من العسل فاسمك يملأ قلوبنا حناناً وعذوبة... مريم هو الاسم الذي يحمله الكثير من أخياتنا. يا قديسة والدة الله. هذه الصرخة التي هتف بها المؤمنون في مجمع أفسس لأنها أعظم لقب يلقبون بها أمهم وأمّ يسوع الذي هو الكلمة الإله. يا قديسة عذراء العذارى أي يا أعظم عذراء أنت أمّ وعذراء، ولدت المسيح بفعل قوة الله والروح القدس الذي حلّ عليك وظللك. يا أمّ الله. يا أمّ سيدنا يسوع المسيح، هذا ما نقوله في السلام الملائكي فنضع صورتك قرب صورة ابنك. يا أمّ النعمة الإلهيّة والنعمة هي مجمل عطايا الله الذي خلقني وقدسني والنعمة نداءات الروح في قلبي والنعمة هي يسوع المسيح. أعطينا يا عذراء يسوع النعمة وينبوع كل النعم. يا أمًّا طاهرة وأنت الخليقة الوحيدة لا خطيئة فيها في العالم طبعته الخطيئة بطابعها فصار تحت سلطان الخطيئة والشيطان. يا أمًّا عفيفة لم يلحقها غبار أي رغبة شريرة أو فكر شرير، عاشت العفة المسيحيّة فأحبت كل ما خلقه الله وغمسته بحضور الله ولهذا ندعوها يا أمًّا غير مدنسة. يا أمًّا بغير عيب. لكم افتخر يسوع بأمّ تحلّت بهذا الجمال الذي لا عيب فيه. يا أمًّا حبيبة ومحببة إلى قلبنا لأنك أمنا وبسبب كمالاتك وقداستك وعظمتك. إنك حبيبة لأنك أمّ يسوع صديقنا وحبيبنا. يا أمًّا عجيبة ونحن نعجب بمحبتك الوالدية، بشجاعتك أمام الصعوبات وبتضحياتك في خدمة البيت وقد قيل فيك "طوبى للبطن الذي حمل (المسيح) وللثديين اللذين أرضعاه". إنك عجيبة لأنك أمّ الخالق الذي يحيا منذ الأزل في حضن الآب وولد منك في ملء الزمن، في الزمن المحدد، لأنك أمّ المخلص والمسيح فَدَاك قبل أن يحبل بك في أحشاء والدتك فكنت أول المخلصين بدم ابنك وذبيحته. يا بتول. يا بتولاً حكيمة وقد ظهرت حكمتك بالنظر الثاقب والواقعية والتطلع إلى الأمور على نور الله وبهديه. يا بتولاً مكرمة والتكريم يَتَوَجْه إلى عالم السر الإلهيّ وأمام العظمة الإلهيّة كما يتوجه إلى كل من تقربوا من هذه العظمة الإلهيّة كالقديسين وخاصة العذراء. ولهذا نسميها البتول الممدوحة والمستحقة كل مديح وقد تبارى الشعراء والآباء القديسون في إنشاد مدائحها وفضائلها. إنها البتول القادرة وقدرتها تأتي من ابنها الذي لا يردّ لها طلباً. وهي البتول الحنونة التي تنحني على البشر وتعرف تعاستهم وبؤسهم وشقاءهم فتصلي من أجلنا نحن الخطأة وصلاتها لن تكون صلاةٌ عابرة بل صلاة مواظبة. إنها البتول الأمينة لربها والتي تحافظ على الأمانة لأبنائها وإن نحن خنّا محبة الرب وعهده. يا مرآة العدل، والعدل لا يعني فقط الإنصاف في المعاملات بل يعني تتميم وصايا الله والتشبه بالآب السماوي وحياة القداسة. ولقد كانت العذراء جوعاً وعطشاً إلى عالم البرارة وشوقاً ورغبة نحو الله. يا كرسي الحكمة وقد أجلستِ في حضنك يسوع الحكمة الأزلية وقدّمْتِه للعلماء والحكماء كما قدَّمْتِه للمجوس الآتين من الشرق لإكرامه. يا سبب سرورنا وقد أعطيتنا كل فرح عندما أعطيتنا المخلص الذي انتظرته الأجيال. يا إناءً روحياً والرب يخلقنا بين يديه كما الفاخوري يصوغ الإناء ليحمل نعمة الله وعطيته. فأي إناء أنت يا مريم وقد حملت المسيح في حشاك فصرتِ إناءً مكرماً وإناء العبادة الجليلة. يا وردة سرية والوردة ملكة الزهور عطرها لا يضاهى. يا أرزة لبنان والأرز خضرة دائمة وجذورٌ ثابتة. لقد قال الكتاب: "ارتفعت كالأرز في لبنان... وكغراس الورد في أريحا" (سيراخ 24\17-18). يا برج داود. يا قلعة إليها نلتجئ فنخلص من أعدائنا ونجد الدفء ونسترجع الشجاعة والإقدام في حياتنا. يا برج العاج، يا بيت الذهب وهل أثمن من الفضة والذهب والعاج لتعطي صورة عن جمال العذراء وقيمتها ليس فقط فيما يزينها من فضائل بل وفيما تمثل لأنها تابوت العهد ذلك الصندوق الحاوي كلام الله وعطيته والذي يرمز إلى حضور الرب. وهي باب السماء لأنها شفيعة النعم التي يغدقها الله على المؤمنين من سمائه وهي نجمة الصبح التي يعلن ظهورها عن شروق الشمس. فالعالم العائش في الظلمة والمنتظر نور المسيح قد انتعش بحضورك وانتظر مجيء المسيح نور الحق وشمس البر. ونقدم لها حاجاتنا ونطلب صلاتها ومعونتها: يا شفاء المرضى، أشفي مرضانا. يا ملجأ الخطأة صلي لأجلنا يا معزية الحزانى عزيهم بمشهد وقوفك قرب صليب المخلص تتألمين ألمه وتأخذين القوة من حضوره. يا معونة النصارى وقد خلصت الغرب المسيحي من الهجوم التركي كما خلصت شعب لبنان العائش على هذه الجبال والذي تعوّد اللجوء إلى ظلّ حمايتك. يا سلطانة. إن مريم أرفع من كلّ مخلوقات الأرض مهما سما مقامها وعظم حبها وقويت غيرتها. إنها سلطانة الملائكة وهي أقرب المخلوقات إلى الله وسلطانة الآباء ولو كانوا إبراهيم واسحق ويعقوب مع الإيمان الذي دفعهم في طريق الرب. إنها سلطانة الأنبياء الذين حملوا كلام الله لأنها حملت المسيح الكلمة. إنها سلطانة الرسل وقد رافقتهم في انطلاقتهم الرسوليّة يوم صلت معهم في العنصرة وقبلت الروح القدس. إنها سلطانة الشهداء وقد تألمت مع المسيح وحباً بالمسيح فرافقته في آلامه حتى موته على الصليب. إنها سلطانة المعترفين أي الممجدين في السماء من الملافنة وكهنة ورهبان وعلمانيين. إنها سلطانة العذارى وهي عذراء العذارى. إنها أخيراً سلطانة جميع القديسين وهي أرفعهم قداسة. يا سلطانة الوردية المقدسة كما أعلنت اسمك للفتاة لوسيا في فاطيمة وطلبت أن نصلّي لك مسبحة الوردية. يا سلطانة الحبل بلا دنس كما أعلنت عن اسمك لبرناديت في مغارة لورد. يا سلطانة الانتقال كما أعلنتْ الكنيسة أنك تعيشين صحبة ابنك في مجدٍ لا يزول. يا سلطانة السلام أبعدي الحروب والفتن، لاشي الاضطرابات وأعطينا السلام الحقيقي الذي يصالحنا مع الله ومع ضميرنا ومع القريب لا سلام الدول المبني على توازن القوى بل سلام المسيح الذي ينبع من المحبة. صلاة: يا عذراء ننظر إليك ويسوع بين يديك، التفتي إلى شقائنا وتطلعي إلى حاجات أبنائك، أعطيهم النور والعزاء واملئي قلوبهم من سلام الله ومحبته ـ آمين. |
||||
08 - 08 - 2014, 01:31 PM | رقم المشاركة : ( 4913 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
ممتلئة نعمة "السلام عليك يا ممتلئة نعمة، الرب معك". بهذه الكلمات حيّ الملاك العذراء مريم عندما بشّرها بالأمومة الإلهية. كلمات لم تسمعها أذن من قبل ولم تخطر على قلب بشر، لأنّها تعني قداسة خارقة وتنفي عن مريم كل خطيئة أصلية وفعلية. ومصدر هذه القداسة هو الله نفسه لأنّ الله أراد أن تكون أمّ ابنه بريئة من كل عيب، مرتفعة فوق الجميع. وهذه القداسة مرتبطة باستحقاقات المسيح. وهي نتيجة فداء المسيح لنا نالت ثماره العذراء مريم قبل أن يتحقق في الزمن. فإذا كانت مريم هي الهيكل المعدّ لتجسد الابن، إذا كانت مريم هي المركبة التي تحمل ابن الله وتعطيه جسداً من جسدها، فوجب أن تكون ممتلئة نعمة، ومستعدة لتلبية أوامر الله لأنّ الله معها. ولقد هتفت اليصابات لدى زيارة مريم لها: مباركة أنت في النساء مباركة ثمرة بطنك لأنّها استحقت أن تكون مسكناً لله تعالى. وعندما يملأ الله حياة مريم، لا يبقى مجال لأي فراغ في هذه الحياة. 2- النعمة ممتلئة نعمة: ما معنى هذا؟ غالباً ما نفهم النعمة كبركة من الله أو عطية عابرة يغدقها على إنسان ثم لا تلبث أن تتلاشى. لكن النعمة بمفهومها الجوهري هي حياة الله التي تغمر الإنسان وترفعه إلى مرتبة تفوق قواه الطبيعة. النعمة هي محبة الله الفياضة التي حدته إلى أن يتجسد ويفتدي الإنسان ويسكن فيه ليُعطي الإنسان سعادة يتمناها. فالله هو الذي يبدأ مغامرته بتأليه الإنسان، بعطاء حرّ منه لا يفرضه فرضاً ولا بد لنا، لكي نفهم تصرف الله هذا، من العودة إلى اختباراتنا البشرية العميقة. سنتوقف مثلاً على الحب الذي يجمع ويوجد بين شخصين. في بادئ الأمر موقف المحب هو موقف القوي والضعيف في آن معاً. أنّه قوي لأنّه يحاول جذب الآخر إليه، يستميله بأساليب متنوعة تتناسب وطبيعته وعندما تنجح المحاولة تنكشف أمام المدعو خفايا وأبعاد الحب العميقة. وإنّه ضعيف أيضاً لأنّه لا يريد أن يفرض محبته فرضاً بل يريدها أن تتغلغل في شخص المحبوب وتجذبه بجمالها الداخلي. وهناك مثل آخر يفهمنا نوعاً ما محبة الله وهو مثل الفقير الذي يطلب صدقة من الغني. وبدلاً من أن ينال الصدقة، يقبله الغني في داره وينزع ثيابه البالية ويلبسه حلّة البنين فينتقل من حالة إلى حالة ويرتفع من الذل إلى كرامة الأبناء وإلى دالة الأصدقاء. فالنعمة إذاً هي سكنى الله في الإنسان. والممتلئة نعمة هي التي جمّلها الله مسكناً له. |
||||
08 - 08 - 2014, 01:36 PM | رقم المشاركة : ( 4914 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
هذه الآية تمّت بمشاركة أمّ يسوع أيضاً. عينها ساهرة لا للانتقاد بل لتلبية حاجة تزيد من سعادة أهل البيت والمدعوين. وحينما لاحظت نفاد الخمر، تدخلت تدخلاً لطيفاً ولفتت انتباه ابنها بما لها من دالة عليه وبما عندها من شعور عميق مع العروسين في حيرتهما. وبالرغم من جواب يسوع لها، وجوابه يبدو صعباً، تبقى مريم واثقة من أن ابنها لا يرد لها طلباً يهدف إلى خدمة الإنسان. لذلك تتجه إلى الخدم حتى يأتمروا بأوامر يسوع: "مهما يأمركم به فافعلوه". وفي كلامها هذا برنامج عمل وحياة لكل مؤمن يتبع يسوع. كم من مرة لا نفهم ما يطلبه يسوع منا وما يأمرنا به فنحاول أن نتملّص منه. كم من مرة تبدو لنا الحياة معه والحلول التي يعرضها علينا صعبة التطبيق، فنتهرب متذرعين بألف حجة وحجة. ولكن كلام مريم لنا يبقى هو هو لا يتغير: "مهما يأمركم به فافعلوه". فما من إنسان واحد اهتدى بأوامره وخابت آماله. وهي المثال الحي على صحة ما تقول. إن يسوع يبدو متردداً في قبول طلب أمّه بحجة أن ساعته لم تأت بعد. وساعة يسوع هي زمن موته وقيامته. فيها يظهر مجده الإلهيّ واتحاده مع الآب وحبه للبشر. وهكذا ينتقل يسوع من الأمور المادية إلى الأمور الروحية، من الخمرة التي نفذت في العرس إلى تلك الساعة التي يعوض فيها عن نقص أهم وأعمق فيخلص البشر بذبيحته ويمنحهم الحياة. لقد فهمت مريم أن جواب يسوع لها لا يدل على أي احتقار بل ينظر إلى المستقبل، إلى ساعة تجلّيه على الصليب. خضعت مريم لسر هذه الساعة وأمرت الخدم أن يصغوا إلى توجيهات يسوع دون تردد. أن يسوع استبق الأمور ولم يرد طلب أمّه وخلق خمرة جديدة أظهر بها مجده وجعلها عربون عطايا العهد الجديد بدمه. إن مريم دلّت الناس على ابنها وفتحت لهم طرق الحياة الجديدة بإيمانها واستسلامها التام لمشيئته وبدعوتها إياهم حتى يتبعوه كما يرسم لهمالطريق. وبناء على طلب أمّه صنع يسوع أولى آياته هذه فأظهر مجده وآمن به تلاميذه. صلاة: ليكن نظرك يا مريم علينا وعلى عيالنا؛ في أفراحنا وأحزاننا كوني معنا. ساعدينا حتى نتقبل عطايا ابنك بالشكر والاستسلام التام لمشيئته القدوسة آمين. |
||||
08 - 08 - 2014, 01:36 PM | رقم المشاركة : ( 4915 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
حياة يسوع في الناصرة قبل وجوده في الهيكل حياة العائلة المقدسة هي حياة عمل وصلاة. مريم تعمل في البيت ويوسف في النجارة. وينتقل يسوع بين الاثنين بعد أن يكون قد حفظ من الكتاب المقدس ما يلقنونه إياه في مجمع البلدة. علاوة على ذلك تسهر مريم على صحة ابنها وعلى تربيته وفقاً لقواعد السلوك والآداب ويعلمه يوسف وصايا الله ويشرح له معنى الأعياد والممارسات والتقوية التي نصّ عليها الكتاب. هذه الحياة في الناصرة يمكننا أن نسميها سنوات تربية يسوع. لقد اهتم به والداه ليجعلاه ينمو ويترعرع ويتسامى في الحكمة والقامة والحظوة عند الله والناس (لوقا 2\51-52). فيوسف ومريم هما مثال للوالدين في تربية أولادهم بروح الله. 2- تربية المسيحي. التربية خدمة للولد والمجتمع. فمن فقد اهتمامه بأولاده، أو من ظن أن أولاده صفحة بيضاء يطبعها بشخصيته ورغائبه عدّ أنانياً. فللولد شخصيته، وعلى المربّين الحقيقيين أن يكرسوا جهودهم في خدمة هذه الحياة الجديدة لتنمو بحرية ويوجهوها التوجيه السليم الذي يشذب الشذوذ ويصحح الاعوجاج وينمّي المواهب وفي طليعتها الإيمان والمحبة. فإذا عبق جو العائلة بالمحبة لله وللقريب، تشرّب الولد هذه الروح وتنشقها دون عناء وقدّرها حق قدرها واحترم القيم التي يعيشها أهله أمامه فتكون لهعوناً ثميناً لينمو نمواً صحيحاً متكاملاً. والكنيسة تعلمنا أن العيلة هي المدرسة الأولى للفضائل الاجتماعية التي لا غني عنها لأي مجتمع وبنوع أخص في العائلة المسيحية الغنية بنعمة الزواج ومتطلباته. يجب أن يتلقن الأولاد منذ نعومة أظفارهم أن يمجدوا الله ويكرموه وأن يحبوا القريب. في العائلة يختبرون الكنيسة والمجتمع الإنساني الصحيح كما يدخلون بواسطة العائلة في الجماعة البشرية وفي شعب الله. صلاة: لقد كنت يا مريم رفيقة يسوع خلال حياته في الناصرة. فتكوّنت شخصيته تحت نظرك وساعدته على أن ينمو ويترعرع ويمتلئ حكمة. رافقي الآباء والأمهات ليعرفوا دورهم في بناء شعب الله ويدركوا الإلزام الخطير الملقى عليهم في تربية أولادهم بالقول والمثل آمين. |
||||
08 - 08 - 2014, 01:41 PM | رقم المشاركة : ( 4916 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
فكر بولس الاب انطونيوس نقول: أنَّ المسيحي هو ابن آدم بحكم ولادته، ويولد ولادة جديدة في المسيح بايمانه . لذلك يحتفظ المسيحي بعلاقة دائمة مع ىدم الأول وآدم الجديد(الآخر) وإن اختلفت طبيعة هذه العلاقة ، وعلى المسيحي أن يبقى آمين لإصله ولا يتذرع بخطيئة الانسان الأول لتبرئة نفسه بل يدرك أنه هو نفسه آدم بما فيه من ضعف وخطيئة ومن واجبه أن يخلع هذا الانسان العتيق ليلبس يسوع المسيح الانسان الجديد. وفي النهاية ، هذا الجدول يوضح لنا ما قلناه عن آدم الإنسان الأوّل وآدم المسيح الإنسان الجديد مقابلة بين النصّين رو 5/12-21 يقابل بولس المسيحَ المخلِّص بالمخلَّصين العديدين الذين هم كثيرين الذين هم "جميع" البشر (آ 18). (بطاعة واحد تبرّر الكثيرون5/9) 5/19 فيُنسب عمل التبرير إلى المسيح5 : 6 "مات المسيح عن الأثمة". في 5: 8 "مات المسيح من أجلنا. التضامن الذي أراده الله بين المسيح والبشرية أش52/3-53-12 يدلّ على مجمل الذين نعموا بالعمل الخلاصي الذي قام به عبد الله المتألّم استعمل أربع مرات (52: 14، 15؛ 53: 11، 12) كثيرين، الكثيرين (لا أقلّية، ضئيلة). "الجميع" معنيّون بهذا التحرّر أش 53: 6 "إنّ عبدي البارّ يبرّر الكثيرين يرتبط عمل التبرير بمبادرة الآب في عبد الله المتألِّم الانسان آدم الأول المسيح آدم الثاني 1- به دخلت الخطيئة العالمَ (تدبير الخطيئة) 2- به كان الموت 3- إنساننا العتيق 4- دشّن عهد حكم الخطيئة والموت 5- مولود من الجسد قابل للفناء 6- مولود من رجل وامرأة ومنه صرنا أبناء الجسد- أبناء الموت ? أبناء الزمن أبناء اللعنة والغضب مقيَّدين بقيود الخطئية 7- به انفصلت البشريّة عن ينبوع الحبّ 8- به انتهت حقبة من حقبات علاقة الله بالانسان بطرده من الفردوس 9- بخطيئته صار ظلاماً 10- به صارت المعصية والهلاك والموت 1- به حلَّت النعمة على البشر (تدبير النعمة) 2- فيه كانت الحياة 3- إنساننا الجديد 4- دشّن عهد حكم الحياة والنعمة 5- مولود من الروح غير قابل للفناء 6- مولود من الآب وبه صرنا أبناء الروح- أبناء القيامة-أبناء الأبد-أبناء البركة والمحبّة ?حلنّا من رباطات خطايانا 7- فيه ترتبط البشريّة بينبوع الحبّ 8- معه بدأت الحقبة الجديدة لمجيء ملكوت الله بشكل نهائي في سّره الفصحي. 9- بنعمته يعطينا نورًا 10- به صارت الطاعة والتبرير والحياة |
||||
08 - 08 - 2014, 01:41 PM | رقم المشاركة : ( 4917 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
المجامع كعيادات لطبّ النفس - 1
الأب يوحنا رومانيدس نقلها إلى العربية الأب أفرام كرياكوس علينا أن نكون أصحاب رؤية واضحة للإطار الذي رأت فيه الكنيسة والدولة مساهمةَ "الأنبياء" في معالجة مرض الشخصية البشرية وكمالها في سبيل فهم رسالة المجامعSynods ، وفهم السبب الذي دعا الإمبراطورية الرومانية إلى ضمّ هذه المجامع إلى قوانينها وإدراجها في قوانين الدولة. لا الكنيسة ولا الدولة اختصرت رسالة الكنيسة على الخلاص بمجرّد غفران الخطايا من أجل الدخول إلى السماء بعد الموت. هذا وكأنه يعني أن الأطباء يغفرون ضعفَ مرضاهم من أجل شفائهم بعد الموت. الكنيسة والدولة معاً كانتا تعلمان جيّداً أن غفران الخطايا كان بدايةَ الشفاء من مرض الإنسانية في السعي إلى السعادة. عملية الشفاء لا بدّ أن تعبر مرحلة التطّهر (تطّهر القلب) (purification) ومرحلة استنارة القلب (illumination) وتنتهي بحالة التمجّد (glorification). هذا يحدو بنا ليس فقط إلى التهيئة للحياة بعد الموت بل وأيضاً إلى تحوّل المجتمع هنا والآن من الأنانية والفردية المركزّة على الأنا المحبّة اللاأنانية التي لا تطلب شيئاً لذاتها. أ - السماء والجحيم سوف يرى كلُّ واحد مجد الله في المسيح وسوف يصل إلى درجة الكمال التي اختارها وعمل من أجلها. تبعاً للقدّيس بولس ولإنجيل يوحنا، يقول الآباء أن الذين لم يروا المسيح القائم في المجد في هذه الحياة إما في مرآة جزئياً عن طريق الصلاة المستمرة في القلب، وإما وجهاً لوجه في حالة المجد، سوف يرون وجهه كنارٍ أبدية محرقة وظلمة خارجية في الحياة التالية. إن مجدَ المسيح غيرَ المخلوق الذي عنده بالطبيعة من الآب، هو السماء للذين شفوا المحبة الأنانية وإستبدلوها بالمحبة اللاأنانية وهو في الوقت نفسه الجحيم للذين رفضوا مثل هذا العلاج واختاروا البقاءَ بلا شفاء في تعلّقهم بذاتهم (هكذا يتحدّث القديس افرام السرياني مرات عديدة عن المحبة اللاأنانية ? الشفاء). الوضوح في هذا الموضوع ليس فقط في الكتابُ وعند الآباء، بل وأيضاً في الأيقونات الأرثوذكسية حول الدينونة: النورَ الذهبي نفسه، الذي هو نور المجد، الذي يُحيط بالمسيح وبأصدقائه يُصبح أحمرَ عندما ينزل الحكم بالمحكوم عليهم. هذا هو مجد المسيح أو حبّه الذي يطّهر خطايا الجميع لكنه لا يمجّد الجميع. الناس كلّهم سوف يُقادون عن طريق الروح القدس إلى الحقيقة كلها التي تتمّ في رؤية المسيح في المجد، لكن لن يُمجّدوا كلّهم. "الذين برّرهم فهؤلاء مجدهم أيضاً" (رو8: 30). إن مثل لعازر في حضن إبراهيم والغني في مكان الشقاء واضح: الغني يرى ولكنه لا يشترك (لوقا 16: 19-31) إن الكنيسة لا ترسل أحداً إلى السماء أو إلى الجحيم لكنها تُهيء المؤمن لرؤية المسيح في المجد، الذي سوف يراه كلّ واحد. الله يحبّ المحكوم عليهم كما يحب قدّيسيه. يريد الكلّ أن يخلصوا (أن يشفوا) لكن ليس الكل يرضى بعلاجه. هذا يعني أن غفران الخطايا (المعمودية والمناولة... الأسرار كلّها) غيرُ كافية لرؤية المسيح في المجد. التقليد المعروف عند أنسلم Anselm والقائل بأن المخلّصين هم الذين تصالح الله معهم بالمسيح، تقليد لا تؤيّده الكنيسة الأرثوذكسية ولا توافق عليه، ولا تشاطره. عندما يفسّر القدّيس يوحنا الذهبي الفم المقطع 2كور5: 19 ("إن الله كان في المسيح مصالحاً العالم لنفسه، غيرَ حاسب لهم خطاياهم وواضعاً فينا كلمةَ المصالحة") يوضح أن الرسولَ قال: صالحوا أنفسكم مع الله (تصالحوا مع الله) ولم يقل صالحَ المسيحُ الله مع العالم (أي بالمسيح تصالح الله مع العالم) "لأن الله لا يحقد بل نحن، الله لا يحقد أبداً". في هذا الإطار فهمت الدولة رسالةَ الكنيسة الطبيّة داخل المجتمع. إذ لولاها لكانت كلّ الديانات التي تعد بالسعادة بعد الموت غير مختلفة عن بعضها البعض. ب- نافذة بولس الرسول على الكنيسة التفسير التالي مبني على التقليد الآبائي. تشكل الإصحاحات كورنثوس الأولى 12 إلى 15 النافذة الوحيدة التي يمكن من خلالها أن يتطلّع الواحد إلى حقيقة الكنيسة كجسد المسيح. العضوية في الكنيسة لها درجاتها من أجل المعالجة ومن أجل الكمال ضمن فئتين: المستنيرين والممجَّدين. أمّا أعضاء الكنيسة فهم مذكورون في 1كور12: 28 "فوضع الله أناساً في الكنيسة أوّلاً رسلاً ثانياً أنبياء ثالثاً معلّمين ثم قوات وبعد ذلك مواهب شفاء أعواناً تدابير وأنواع ألسنة". يبدأ الواحد بأن يكون مؤمناً فرداً خاصاً، يقول "آمين" في الخدمة المشتركة المسموعة. في هذه المرحلة يلتزم بتطهير قلبه تحت إرشاد أولئك الذين صاروا هياكلَ للروح القدس وأعضاء في جسد المسيح. بعد درجة التطّهر، تبدأ مرحلة الإستنارة بإنشاء موهبة (charisma) بدءً من "أنواع الألسنة" التي تأتي في آخر اللائحة في الدرجة الثامنة إلى أن يصل الواحد إلى درجة "المعلّمين" في الدرجة الثالثة. على رأس الكنيسة المحلية هناك "الأنبياء" الذين يأتون في الدرجة الثانية وهم الذين اقتبلوا إعلان "الرسل" نفسه (أفسس 5:3) في الدرجة الأولى. يشكّل الرسل والأنبياء أساسَ الكنيسة بطريقة مشابهة للأطباء في تأسيس المستشفيات. "أنواع الألسنة" هي الأساس الذي تبنى عليه المواهب كلّها. وهي تعلّق وقتياً خلال فترة التمجّد 1كور 13:8 ("المحبة لا تسقط أبداً. وأما النبؤات فستُبطل والألسنة فستنتهي والعلم فسيُبطل"). يرتّب بولس نفسه كرسول على رأس لائحة أعضاء الكنيسة الذين وضعهم الله. وهو يتمتع أيضاً بموهبة "أنواع الألسنة". يقول الرسول بولس "أشكر إلهي بأني أتكلم بألسنة أكثر من جميعكم" (1كور18:14). هذا يعني أن أنواع الألسنة تنتمي إلى درجات المواهب كلّها ضمن جسد المسيح. سؤال بولس الرسول "هل يتكلّم الكل بألسنة؟" هو إشارة إلى الأفراد العاديين الذين لا يتمتعون بعد بموهبة الألسنة والذين لم يصبحوا بعد أعضاء في جسد المسيح وهياكل للروح القدس. يعلّق القديس سمعان اللاهوتي الحديث على المقطع (1كور27:12-28) ويقول: [من أجل إظهار مَن هم الأعضاء وما هي الفروقات بينهم، قال بولس "وأما أنتم فجسد المسيح... وأنواع الألسنة"] درجات المستنيرين والممجّدين في جسد المسيح ليست درجات سلطة يختارها البشر. هي أولئك الذين هيأهم الله ووضعهم في الكنيسة من أجل التقدم إلى درجات أعلى في العلاج والكمال. عندما يدعو بولس الدرجات كلّها كي تتقدم نحو الدرجات الروحية العالية، يبرهن بوضوح أنّ على الكل أن يصبحوا أنبياء، أن يصلوا إلى المجد: "إني أريد أن جميعكم تتكلمون بألسنة ولكن بالأولى أن تتنبئوا" (1كور5:14). ج- عيادة طب النفس الكنيسة البولسية شبيهة بعيادة طبّ النفس. لكن مفهومها لمرض الشخصية البشرية أعمق من كلّ ما عرفه الطبّ الحديث. من أجل التحقق من ذلك علينا أن ننظر من خلال بولس إلى المفهوم الكتابي لما هو طبيعي عند الإنسان ولما هو غير طبيعي. الإنسان الطبيعي هو الذي أرشد إلى الحقيقة كلّها بموجب روح الحق وأيضاً أُرشد إلى رؤية المسيح في مجد أبيه (يوحنا17، أنظر إلى تفسير هذا الإصحاح عند القدّيس يوحنا الذهبي الفم). بسبب تمجيد الرسل والأنبياء في المسيح آمن الشعب بالله الذي أرسل ابنه، وكذلك صار باستطاعة الشعب هو أيضاً أن يشفيَ عن طريق المحبّة التي لا تطلب شيئاً لذاتها. الناس الذين لا يرون مجدَ الله غيرَ المخلوق ليسوا بطبيعيين "إذ الجميعُ أخطئوا وأعوزهم مجد الله" (رو23:3). بعبارة أخرى، الإنسان الوحيد الذي وُلد طبيعياً هو ربُّ المجد الذي باختياره كابد الآلام التي لا عيب فيها (الجوع، العطش، النوم، الخوف من الموت الخ...) بالرغم من كونه بالطبيعة مصدر المجد الذي يُلغي هذه الآلام كلّها. ومن جهة ثانية لا يكشف الله عن مجده لكل واحد لأنه لا يريد أن يؤذي أولئك الذين ليسوا مهيئين لمثل هذه الرؤيا. المفاجأة هي في أنبياء العهد القديم الذين رأوا الله ومع ذلك يحيون، وكذلك في طلب الشعب من موسى أن يتوسّل إلى الله لكي يحجب مجده الذي لم يستطيعوا احتماله، وكل ذلك يوضح ما قلناه سابقاً. مهمّة الكنائس الرسولية ليست في البحث عن الله نفسه طالما يبقى الله سراً بالنسبة للعقل حتى عندما يكشف عن نفسه للذين يشتركون في سرّ صليب ابنه عن طريق تمجيدهم. مهمتها الوحيدة هي معالجة أو شفاء كلّ واحد في المسيح. هذا يحصل عن طريق التطّهر واستنارة القلب والتمجّد في هذه الحياة من أجل خدمة المجتمع: "فإن كان عضو واحد يتألم فجميع الأعضاء تتألم معه. وإن كان عضوٌ واحدٌ يُكرّم فجميعُ الأعضاء تفرح معه" (1كور 26:12)، "والذين برّرهم فهؤلاء مجّدهم أيضاً" (رومية30:8). هذا يعني أن الاستنارة والتمجّد مرتبطان ببعضهما البعض من دون أن يتحدا |
||||
08 - 08 - 2014, 01:43 PM | رقم المشاركة : ( 4918 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
"الغضب بركـــان مخفــــي" والقدّيس بولس بيدعينا لنبعِّدْ عنّا كلّ غضب وحقد (قولوسي ٣/ ٨). ولكن بنفس الوقت بيخبِّرنا القدّيس مرقس بالفصل5 الآية 3، إنّو يسوع ثارِتْ ثورة غضبو لمّا شاف البيّاعين، فطردُنْ من ساحة الهيكل. قولك شو هالتناقض ؟! الغضب موجود للخير وللشرّ، متل النار بيشتعل، يمكن يبني العالم ويمكن يهدمو ... أيمتى بيكون غضبنا للخير ؟ وأيمتى بيصير للشرّ، وبالتالي بيتسمَّى خطيّة ؟ في ٣ شروط لازم تتواجَد مع بعضها- بحسب القدّيس توما الأكويني- حتّى يكون الغضب قوّة بخدمة الخير : ١. السبب العادل : بيكون الغضب شرعي لمّا ما بيكون العمل عادل. ٢. النيّة الطيّبة : هدف اللي عم يغضب لازم يكون العدالة ومش الإنتقام مثلاً. ٣. ردّة الفعل المعتدلة : مثلاً عملت حادث بسيط بالسيّارة، بس ردّة فعلك كانت جنونيّة، مع إنّو القصّة ما بتحرز هالقدّ. بيصير الغضب خطيّة لمّا ما بيكون عادل، أو بيكون هدفو الإنتقام، ولمّا بيكون مبالَغْ فيه. شو هيّي الأسباب الحقيقيّة للغضب ؟ ما بيوقَع الإنسان عفويًّا بالغضب، لازم يحسّ إنّو في حدا عم بيهاجمو أو عمْ بيقاومو، من هيك بيهاجِمْ. السبب الأوَّل للغضب هوّي الآخَرْ وإختلافو عَنّا. غضبنا هوّي إنعكاس ليأسنا، ومواقف الغضب بتجي من يلّلي منحبُّنْ أكتَر. وهيك مرّات كتيرة غضبنا بيشبه بركان مخفي بينفجر فجأة، وبيئذي محبّتنا لقرايبنا أو لصديقنا أو لشريك حياتنا أو لأهلنا، وَلَوْ من دون قصد. وبيبلِّش ينتقل الغضب مِنْ المسؤول بالشغل للبَيْ، ومن البَيْ للأمّ، ومن الأمّ للولاد، ومن الولاد للمدرسة، وهيك مندخل بدائرة عنف ما بتنتهي. ما ننسى إنّو مواقف الغضب ممكن تنطلق من الغضب ع الذات أو من الذات، للغضب على الآخَر، وممكن تمتدّ للغضب على ألله لمّا ما بيسمع صلواتنا، ولا بيلبّي رغباتنا، ومواقف الغضب هيدي ممكن توصِّلنا إنّو نجدِّف على ألله. شو هيّي مظاهر الغضب وشو ممكن يولِّد بحياتنا ؟ الغضب المكبوت هوّي من أخطر أنواع الغضب، وممكن يظهر بعدم الإكتراث للشخص مصدر الغضب، أو كمان بالحَرَدْ، أو بمواقف النقد المتواصل. الخطر الأكبر هوّي لمّا ما منعود نقبل نسمع أيَّ شي منيح عن الشخص اللي غضبانين مِنّو. الغضب بيولِّد عدّة خطايا : خطايا القلب : بيصير عِنّا أحكام داخليّة، 3/4 كلماتنا الداخليّة (اللي منقولها بقلبنا) هيّي أحكام. خطايا الكلام : الغضب بيودّي للنميمة. والنمّام بيقتل 3 أشخاص : الشخص اللي عم بينمّ عليه، نفسو، والشخص اللي عم بينمّ قدّامو. وهيك بيهدم الغضب الخير العام. خطايا الفعل : بيبلِّش من الخلاف، للعنف، وحتّى للجريمة. الشرّير بإرشادو للشرّير المتدرِّب عن أفضل الطرق لربح النفوس، بيكتب لو رسالة بيقلّو فيا : "إملأ قلب الشخص بالحقد، ودعْهُ يبقى مكبوتًا في حقده لوقت طويل. إختَرْ له إهانة مهمّة على لسان أحدهم، واجعله يشعر بإنّه مظلوم، وضَعْ حواليه أناسٌ يؤكّدون له أنّها المرّة الأولى التي يشعر فيها بالظلم والإهانة. إجعله يتلقّى ضربةً تلوَ الأخرى، فيشعر كم العالم شرّير، واجعله يتلهّى بمشاركة آلامه مع آخرين، ظنًّا منه أنَّ الكلام يزيل التوتُّر. لا تَخَفْ إنْ توجَّهَ إلى الصلاة، فهو لن يستطيع ذلك لأنَّ قلبَهُ مليءٌ بالحقد، ولن يستطيع التركيز لأنّه ما زال يصلّي من أجل مَنْ أغضبه، أكثر من اهتمامه بالتوبة ومراجعة أفعاله. وعندما ييأس، سيأتي الله لنجدته. فاجعله يكره نفسه مشكِّكًا : كيف يمكن أن يحبَّ الله شخصًا ظالمًا وغضوبًا مثلي؟ وهكذا تكون قد قطعتَ الطريقَ على توبته، فهنيئًا لك ...". كيف منداوي خطيّة الغضب ؟ تأمَّل بهالوصفة إذا كانت بتناسبك ... - تراجَعْ بسّ ما تهرب... ما تحكي طالما إنتَ غاضب، غيِّر جوّ بدَلْ ما تضرب أو تصرخ، ولكن ما تتجنَّب الشخص اللي جرحَكْ، لأنّو إذا ما تفاهمتوا أو تصالحتوا رح يبقى الصراع مخفي، والألم رح ينكبَتْ ورح ينفجر عند أوَّل فرصة. - حِطّْ حالَكْ بموقَع الآخَر... اسألْ حالَكْ إذا اللي عملو هالشخص معك كان مقصود أو صدفة أو ضعف أو ... - اصبُرْ... ارفُضْ البغض، مارس فضايل الصبر والوداعة. - ابْعُدْ عن فكرة الكمال وكون متواضع... لازم نتخلّى عن فكرة إنّا كاملين، وعن إرادتنا بالسيطرة على كلّ الأمور، ورفضنا للمجازفة، للمغامرة أو للإختلاف المشروع. - ابْعُدْ عن المسبِّبات... نظِّم جسمك بالراحة، بالإعتدال بتناول القهوة، الكحول... وبالصمت، لأنّو الفوضى بتخلّي الإنسان عدواني. - المغفرة والشفاء... إذا كان غضبنا أقوى مِنّا ومَنّو أبدًا معتدل ومتواتَر، لازم نفتِّش عن الصدمة النفسيّة اللي صايرة معنا بالماضي، ونفهم إنّو الشخص اللي عم بيسبِّب لنا الغضب هلَّق، مَنّو إلاّ مناسبة تتظهر آلامنا الماضية يلّلي ما تخطّيناها بالمغفرة. " ليكن بعضكم لبعض ملاطفًا مشفقًا، وليصفح بعضكم عن بعض كما صفح الله عنكم في المسيح " أفسس ٤/ ٣٢ عن كتاب "الخطايا الرئيسيّة السبع" |
||||
08 - 08 - 2014, 01:44 PM | رقم المشاركة : ( 4919 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
بمن نكرز - وبمن نعلِّم؟
وإلى مَن نقود أطفالنا وشبابنا؟ يسوع وحده + «أنت أبرع جمالاً من بني البشر، انسكبت النعمة على شفتيك» (مز 45: 2). لكي نفهم المسيحية، لابد أن نفهم المسيح، ولكي نفهم المسيح لابد أن نتأمل حياته وكلامه وندخل إلى أعماقه، فنؤمن به ونثبت فيه وهو فينا. الشائع بين الجميع هو أن المسيحية دين من من بين أديان العالم. ولكننا إذا قرأنا الكلمات الأولى من رسالة العبرانيين، لوجدنا أن المسيحية هي روح الله في هيكل الإنسانية(1)، هي الله مُعلِناً نفسه في ابنه الذي نزل ليحيا وسط البشر: «الله بعدما كلَّم الآباء بالأنبياء قديماً، بأنواع وطُرُق كثيرة؛ كلَّمنا في هذه الأيام الأخيرة في ابنه» (عب 1: 1و2). فأديان ما قبل المسيحية بلغت إلى معرفة شيء أو أشياء عن الله، لكنها لم تبلغ إلى الله نفسه، إلى أن أعلن الله نفسه بنفسه (أي في ابنه)؛ ولما أتى المسيح أشبع جوع الإنسان إلى معرفة الله بأكثر مما كان يتوق إليه الإنسان، إذ أعطاه نعمة الاتحاد به. فالمسيحية هي الله مُعلِناً نفسه في ابنه يسوع المسيح، ليس فقط كنوع من تعريف نفسه للبشر، بل وأيضاً معطياً وواهباً نفسه للبشرية: «هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد، لكي لا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية» (يو 3: 16). وعلى قدر ما تنجح المسيحية في شخص دُعاتها ومؤمنيها في تقديم المسيح للعالم كهبة الله للبشرية، بقدر ما تتحقق غاية محبة الله للعالم وتكمل غايتها التي أرادها الآب. ولكن بقدر ما تنطوى المسيحية في أشخاص دُعاتها ومؤمنيها تحت فكرة المسيحية كدين من بين أديان العالم، بقدر ما تندرج تحت قوانين علم الأديان كما يحكمها علم مقارنة الأديان Comparative Religion. وهنا لابد أن نتوقَّع أن نصل إلى ما تنبَّأ به أحد المفكرين العالميين (صموئيل هانتينجتون) من حتمية الصراع بين الحضارات والأديان. على أننا من هذه المقدمة نستطيع أن ننتقل لكي نبيِّن فكر المسيح وأوائل الرسل في رؤيتهم: رؤية المسيح لرسالته، ورؤية الرسل لرسالة المسيح. ومن هذا الفكر نقرِّر آداب السلوك تجاه أصحاب الأديان الأخرى. المسيح مع الأمميين: في بداية رسالة المسيح بعد معموديته يلتقي المسيح مع أحد رجال الجيش الروماني، وهو من الأمميين (أي من غير اليهود)، بل ومن المحتلين للأُمة اليهودية: + «ولما دخل يسوع كفرناحوم، جاء إليه قائد مئة يطلب إليه ويقول: يا سيِّد، غلامي مطروح في البيت مفلوجاً مُتعذِّباً جداً. فقال له يسوع: أنا آتي وأشفيه. فأجاب قائد المئة وقال: يا سيِّد، لستُ مستحقاً أن تدخل تحت سقفي، لكن قُل كلمة فقط فيبرأ غلامي... فلما سمع يسوع تعجَّب، وقال للذين يتبعون: الحق أقول لكم، لم أجد ولا في إسرائيل إيماناً بمقدار هذا... ثم قال يسوع لقائد المئة: اذهب، وكما آمنتَ ليكن لكَ. فبرأ غلامه في تلك الساعة» (مت 8: 5-13). - ويلفت نظرنا هنا أن المسيح عرض على قائد المئة: «أنا آتي وأشفيه»، أي يزوره في بيته، متخطِّياً تقاليد اليهود بتحريم دخول اليهودي بيت أي إنسان أممي لئلا يتنجَّس. لكن المسيح أوضح أن حضن الله صار يتسع للجميع (من المشارق والمغارب)، أما الذين - بحسب قوانين علم الأديان - يظنون أنهم هم وحدهم «بنو الملكوت»، فهم الذين أول مَنْ سيُطرحون خارج الملكوت ليأخذ مكانهم الذين كانوا يظنُّون أن أولئك سيُطرَدون من الملكوت. المسيح والمرأة الأُممية الكنعانية: أما الحادثة الثانية فهي مع امرأة، ومع امرأة كنعانية أُممية. والكنعانيون أعداء قدامى لليهود، لأنهم من نسل كنعان بن حام بن نوح، وقد لعنه نوح (تك 9: 18 و22-27). وقد هاجرت 11 جماعة من نسل كنعان واستوطنت فلسطين، المنطقة ما بين صور وصيدا إلى غزة في العصور الأولى للتاريخ. وكانت ديانتهم متعددة الآلهة، وكانوا مُعتَبَرين منبوذين من اليهود، لأنهم يمثلون سكان فلسطين الأصليين، الذين يُنازعهم اليهود في أرضهم، والذين كانوا يلقِّبونهم بالكلاب. + «ثم خرج يسوع من هناك وانصرف إلى نواحي صور وصيداء، وإذا امرأة كنعانية خارجة من تلك التخوم صرخت إليه قائلة: ارحمني يا سيِّد يا ابن داود. ابنتي مجنونة جداً. فلم يُجبها بكلمة. فتقدَّم تلاميذه وطلبوا إليه قائلين: اصرفها، لأنها تصيح وراءنا. فأجاب وقال: لم أُرسل إلاَّ إلى خراف بيت إسرائيل الضالة. فأتت وسجدت له قائلة: يا سيِّد أعنِّي! فأجاب وقال (مُعبِّراً عن المشاعر العدائية التي تكمن في داخل مَن هم حوله حتى يردَّ على هذه المشاعر ليس بكلامه هو بل بإيمان المرأة الكنعانية): ليس حسناً أن يؤخذ خبز البنين ويُطرح للكلاب. فقالت: نعم يا سيد، والكلاب أيضاً تأكل من الفتات الذي يسقط من مائدة أربابها. حينئذ أجاب يسوع وقال لها: يا امرأة، عظيمٌ إيمانُكِ! ليُكن لكِ ما تريدين. فشُفيت ابنتها من تلك الساعة» (مت 15: 21-28). - وأبدع ما نرى في هذه الحادثة أن المسيح لم يصدم اليهود حوله بتعليم يتعارض مع روحهم العدائية للكنعانيين، بل ترك إيمان المرأة الكنعانية الممتزج باتضاعها وانسحاقها الشديدَيْن، يعلو على تقاليد اليهود العدائية تجاه مخالفيهم في الدين، وكان هذا أبلغ درس لكل الأجيال عن حضن الآب الذي اتسع لكل أجناس البشر. القديس بولس في معبد الديانات الوثنية: فإذا انتقلنا إلى الرسل الأوائل، وأبرزهم القديس بولس الرسول، الذي وضع لنفسه مبدأ احترام واحتضان الآب في المسيح لكل أجناس البشر مهما كانت أصنافهم وأديانهم، فقال: «صرتُ للذين بلا ناموس (أي الوثنيين) كأني بلا ناموس... لأُخلِّص على كل حال قوماً» (1كو 9: 20-22)، حينما دخل معبد الديانات الوثنية، وكيف تصرَّف بأدب المسيح وتواضعه ووداعته تجاه أصنامهم ومعتقداتهم: + «فقابله قومٌ من الفلاسفة الأبيكوريين والرواقيين، وقال بعضٌ: تُرَى ماذا يريد هذا المهذار (شتيمة لم يَرُدَّ عليها بولس الرسول) أن يقول؟ وبعضٌ (يقول): إنه يَظْهَر مُنادياً بآلهة غريبة. لأنه كان يُبشِّرهم بيسوع والقيامة. فأخذوه وذهبوا به إلى أريوس باغوس (أكبر معبد وثني في أثينا القديمة) قائلين: هل يمكننا أن نعرف ما هو هذا التعليم الجديد الذي تتكلَّم به؟... فوقف بولس في وسط (معبد) أريوس باغوس وقال (تأمل، أيها القارئ، في أدب وتواضع ووداعة المسيح على فم بولس الرسول، وهو يتكلَّم عن الأديان الأخرى): أيها الرجال الأثينويُّون، أراكم من كل وجه كأنكم متديِّنون كثيراً (عجيب أن يمدح بولس الرسول عَبَدَة الأوثان في أمرٍ جميل صغير وجده فيهم)، لأنني بينما كنتُ أجتاز وأنظر إلى معبوداتكم (99 تمثالاً لآلهتهم يتعبَّدون لها)، وجدتُ أيضاً مذبحاً مكتوباً عليه: لإلهٍ مجهول. فالذي تتُّقونه وأنتم تجهلونه، هذا أنا أُنادي لكم به» (أع 17: 17-31). وطفق القديس بولس منطلقاً من هذا التمثال المجهول الاسم يتحدث عن الله خالق السموات والأرض، وعن سموِّ ورفعة الله عن أن تُعمل له هياكل مصنوعة بيد البشر، وعن جُود الله وإحسانه أنه هو الذي يُعطي الجميع حياةً وكل شيء؛ ثم تطرَّق إلى وحدة البشرية تحت سلطان الله بقوله: «وصنع من دمٍ واحد كل أُمة من الناس يسكنون على كل وجه الأرض»، وبهذه الجملة أعلن عن حضن الآب الذي يجمع كل البشرية معاً تحت سيادة الله، فلا أُمة تستعلي على أُمة، ولا عرق يسود على باقي الأعراق. وبهذا قضى على نزعة تصارُع الحضارات والتنافُس بين الأديان والتناحر بينها. ثم أنهى القديس بولس خطابه الكرازي السلامي بالكرازة بيسوع القائم من بين الأموات (اقرأ أع 17: 17-31). - وهنا نلتفت إلى ترفُّع القديس بولس وتأدُّبه مثل سيده المسيح عن الطعن في أديان الآخرين ومعتقداتـهم، أو عـن انتقاد سخافات الأساطير اليونانية بما فيها من ترهات ومخازٍٍ، حتى أنه لم يستطع أن يتورَّط في ذِكر تفاصيل مخازي الوثنيين، فامتنع قائلاً: «لأن الأمور الحادثة منهم سرّاً، ذِكْرها أيضاً قبيح» (أف 5: 12). لأن الكارز المسيحي ليس له سوى أن يكرز بالمسيح وخلاصه والنِّعَم المجانية التي أنعم بها على البشرية. وكذلك نجد القديس بولس لم يُظهِر تعالياً شخصياً على أصحاب الديانات الأخرى باعتباره من شعب الله القديم الذي ستخضع له كل شعوب الأرض حسب مفهوم العهد القديم، والذي هو من سمات وقوانين علم الأديان. فاحترام بولس الرسول للفكر البشري ولنزوع الإنسان الفطري نحو معرفة الله مع إيمانه باتساع حضن الآب السماوي لكل البشر، كل هذا فتح أمامه مجالاً وباباً متسعاً للكرازة باسم يسوع، ويسوع وحده، لمهد الحضارة القديمة وقلبها. وكانت هـذه الزيارة، وذلك الخطاب، هـو الإرهاصة الأولى لإيمان العالم الروماني/اليوناني القديم بالمسيح، ولو بعد حين. المسيحيون الأوائل يقتدون بالمسيح، ويتمثلون بالرسل في الشهادة لحضن الآب الجامع: وهكذا سلك المسيحيون الأوائل، واحتضنت الكنيسة فلاسفة الأديان الوثنية ومسحت أذهانهم بمسحة المسيح. وما زلنا نتعلَّم من أكبر أعلام المسيحية مِمَّن كانوا قبلاً فلاسفة وثنيين ثم آمنوا بالمسيح، أو اعتبروا أن فلاسفة العالم اليوناني القديم بمثابة أنبياء الأُمم فمهَّدوا لإيمان العالم الوثني بالمسيح من خلال العقل، كما مهَّد أنبياء شعب الله القديم لمجيء المسيح من خلال الوحي. القديس مقاريوس والكاهن الوثني: ومن أبدع القصص في سِيَر الآباء القديسين، حادثة مقابلة القديس مقاريوس لكاهن وثني كان آتياً من الاتجاه المقابل، فبادره بالتحية قائلاً له: فلتصحبك المعونة يا رجل النشاط. فتعجَّب الكاهن الوثني وتوقَّف سائلاً القديس مقاريوس: ما الذي رأيته فيَّ حسناً حتى تبادرني بهذه التحية؟ لأن تلميذك الراهب الذي قابلني قبلك شتمني وأهانني فأوسعتُه ضرباً؟ فتحادثا معاً في محبة، مما قرر معه الكاهن الوثني أن ينضم إلى تلاميذ القديس مقاريوس، إذ أحسَّ باتساع حضن الله ليجمع كل البشر، في شخص هذا القديس ومحبته الفيَّاضة. ليتنا، يا إخوة ويا آباءنا المجاهدين، نكرز بيسوع، ويسوع وحده، الذي أظهر محبة الآب لنا ولكل البشر، قائلاً لنا ولكل العالم: «الآب نفسه يحبكم» (يو 16: 27). وهل هناك بشارة أحقّ وحديث وكلام أثمن من هذه الحقيقة الإلهية المُفرحة النازلة إلينا من السماء على فم ابنه يسوع: أن الآب نفسه يحبنا جديرة بأن تكون موضوع عظاتنا وتعليمنا؟ |
||||
08 - 08 - 2014, 01:47 PM | رقم المشاركة : ( 4920 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
لا كنيسة من دون رهبنة ! الأرشمندريت توما (بيطار) رئيس دير القدّيس سلوان الآثوسي - دوما الأولى والعظمى: "تحبّ الربّ إلهك من كلّ قلبك ومن كلّ نفسك ومن كلّ فكرك... والثانية مثلها. تحبّ قريبك كنفسك" (مت 22: 37، 39). العلاقة بين هاتين الوصيّتين جرى التعبير عنها، بخاصة، في رسالة يوحنّا الأولى. "المحبّة هي من الله" (1 يو 4: 7)، و"مَن يحبّ الله يحبّ أخاه أيضاً" (1 يو 4: 21). لذا "إن قال أحد إنّي أحبّ الله وأبغض أخاه فهو كاذب" (1 يو 4: 20). ثمّ "نحن نحبّه [أي الله] لأنّه هو أحبّنا أوّلاً" (1 يو 4: 19). من هنا أنّ المحبّة هي عطيّة من الله. الله هو البادئ والمعطي. فلأنّه أحبّنا بثّ فينا محبّته. خلق الربّ الإله الإنسان على صورته ومثاله. لذا قيل: "في هذا هي المحبّة ليس أنّنا نحن أحببنا الله بل أنّه هو أحبّنا" (1 يو 4: 10). هذه المحبّة تتكمّل فينا إن أحبّ بعضنا بعضاً (1 يو 4: 12). عمليّاً يحبّ بعضنا بعضاً بالمحبّة التي أحبّنا الله بها لأنّ المحبّة هي من الله كما قلنا. وأيضاً إن لم نحبب الله لا تسكن محبّته فينا ولا يكون بإمكاننا، تالياً، أن يحبّ بعضنا بعضاً. إذاً من محبّة الله لنا وُلدت محبّتنا لله ومن محبّتنا لله تولد محبّتنا للإخوة وبمحبّتنا للإخوة نعبِّر عن محبّتنا لله. وما دام أنّ الوصيّة هي وصيّة المحبّة فالبرّ هو السلوك في المحبّة، والخطيئة هي السلوك بخلاف المحبّة. لذا كلّ مَن كان في الخطيئة ثمّ تاب وأحبّ، هذا تُغفَر له خطاياه مهما كانت كثيرة. من هنا قول يسوع عن المرأة الخاطئة في بيت سمعان الفرّيسي: "قد غُفرت خطاياها الكثيرة لأنّها أحبّت كثيراً" (لو 7: 47). وأيضاً قيل: "المحبّة تستر كثرة من الخطايا" (1 بط 4: 9)، لا بل "المحبة تستر كلّ الذنوب" (أم 10: 12). السلوك في المحبّة هو السلوك في الكمال. لذا قيل "البسوا المحبّة التي هي رباط الكمال" (كو 3: 14). من هنا الحثّ في الموعظة على الجبل: "كونوا كاملين كما أنّ أباكم السماوي هو كامل" (مت 5: 48). هذا كلام للجميع. إمّا أن يسلك المؤمن في الكمال أو يسلك في الخطيئة فلا يعود مؤمناً. وإذا ما كانت المحبّة من الله فالخطيئة من إبليس (1 يو 3: 8). إبليس، تحديداً، هو مَن ليست فيه محبّة الله. كلّ أعمال إبليس، من جهتنا، هي لإزالة محبّة الله من قلوب الناس. "لأجل هذا أُظهر ابن الله لكي ينقض أعمال إبليس" (1 يو 3: 8). هنا يُطرح السؤال: كيف يمكن أن ينقض الله أعمال إبليس؟ بسلاحَين: الصلاة والصوم. لذا قال يسوع: "هذا الجنس [الأرواح الخبيثة] لا يمكن أن يخرج بشيء إلاّ بالصلاة والصوم" (مر 9: 29). بالصوم أو بالنسك يتحرّر الإنسان من أسباب الخطيئة أي من ربقة الأهواء عليه. والأهواء، بصورة خاصة، هي الأهواء الثمانية التي تكلّم عليها الآباء القدّيسون عن خبرة، وهي: الشراهة والزنى والبخل والغضب والحزن والكسل والعُجب والكبرياء. والسلاح الثاني الذي به ينقض الله أعمال إبليس، هو الصلاة. بالصلاة يستمدد المؤمن قوّة محبّة الله. لذا "ينبغي أن يُصلّى في كلّ حين" (لو 18: 1) وكذلك أن يُصام. الصلاة والصوم، إذاً، غرضهما، في العمق، تحقيق وصيّة المحبّة. بالنسك نستعيد النقاوة للمحبّة وبالصلاة نستعيد قوّة المحبّة. من دون صوم وصلاة مستحيل على الإنسان أن يسلك في الوصيَّتين العظميَين: محبّة الله وتالياً محبّة القريب. لذا الحياة المسيحيّة قائمة، بصورة أساسيّة، على الصوم والصلاة. الصوم والصلاة طريق الكمال. والحياة المسيحيّة نسكيّة صلاتيّة الطابع في أساسها. مَن ظنّ أنّ بإمكانه أن يفصل الصوم والصلاة عن المحبّة ويسلك، مع ذلك، في محبّة الله والإخوة كان ضالاً متوهِّماً. من دون صوم وصلاة يبقى المرء أسير أهوائه. من دون صوم وصلاة يتعاطى المرء الوصيّتين العظمَيين، إن تعاطاهما، وفقاً لأهوائه. لذا لا يكون في الحقّ بل في الكذب. يتكلّم على البرّ لكنّه يسلك في الخطيئة. ينظّر ولا يعرف التجسّد. تتحوّل المسيحيّة لديه إلى إيديولوجيّة ولا تكون حياة جديدة. يطغى عنده وصيّةَ محبّةِ الله الاتجاهُ الفكري الفلسفي ويستبدّ بوصيّة محبّة القريب الاتجاهُ الإنسانوي. شيئاً فشيئاً يُنْظَر إلى محبّة الله كتجريد وإلى محبّة القريب كالنفس كأمر غير واقعي وغير قابل للتحقيق. هذا، بمرور الزمن، يؤدّي إلى إسقاط الوصيّة والإعراض عن الله ويكرّس إقامة الإنسان في خطيئته وأهوائه. تُفرَغ الوصيّة من مضمونها الإلهي وتُفعَم من عبادة الإنسان لنفسه. تمسي الإلهيات، لدى البشر، دعامة إسميّة لوثنيّاتهم. أخيراً تُلغَى بالكامل. إذاً إمّا الصوم والصلاة وإمّا، عمليّاً، في المدى الأخير، العدميّة Nihilism. هذا ما يجعلنا ندرك لِمَ التزمت الكنيسة، برمّتها، بصورة عفويّة، النهج الرهباني التوحّدي، في كلّ أشكاله، وأكّدت المسار النسكي الصلاتي طريق الكمال الإنجيلي بامتياز وإطاراً ومرجعاً لسعي المؤمنين، كلّ المؤمنين، إلى القداسة والخلاص. أمّا لماذا لم تكن هناك أديرة منذ ما قبل القرن الرابع الميلادي فلأنّ الكنيسة كلّها كانت ملتزمة مسعى النسك والصلاة، أي، عملياً، مضمون الحياة الرهبانيّة، في إطار شهادة الدم التي فرضتها ظروف الكنيسة في القرون الثلاثة الأولى بخاصة. لذا اعتُبرت الرهبانيّة، فيما بعد، استمراراً لنهج الشهداء وتعبيراً عن التمسّك بروح الشهادة المسيحيّة، أي حياة الكمال الإنجيلي. كنيسة من دون دير ليست كنيسة بالمرّة. إمّا أن تكون الكنيسة ديراً كبيراً على غرار الكنيسة الأولى وإمّا أن تكون الحياة الرهبانيّة، هنا وثمّة، شاهداً وختماً للبُعد الأسخاتولوجي للكنيسة بامتياز. النهج الرهباني النسكي الصلاتي لا يُحكَم عليه باعتبار أنّ هناك رهباناً أخفقوا ويخفقون في حفظ الأمانة للسيرة الرهبانيّة، ولا باعتبار أنّ هناك أفراداً من عامة المؤمنين فاقوا، في سعيهم إلى الكمال الإنجيلي، رهبان الأديرة. أوّلاً يُحكم على النهج الرهباني لا باعتبار مَن أخفقوا بل باعتبار مَن نجحوا، من القدّيسَين بولس البسيط وأنطونيوس الكبير إلى القدّيس يوحنّا السلّمي إلى القدّيس إسحق السوري إلى القدّيس سمعان اللاهوتي الجديد إلى القدّيس غريغوريوس بالاماس، نزولاً إلى القدّيس سلوان الآثوسي والشيخ يوسف الهدوئي والشيخ بائيسيوس الآثوسي والأب بورفيريوس الرائي والأب صفرونيوس أسّكس وسواهم في الزمن الحديث. لم يختبر الكثيرون محبّة الله والقريب كما اختبرها وتكلّم عليها القدّيس إسحق السوري المعتزل. ولا ذاق كثيرون محبّة الأخ كما ذاقها القدّيس سلوان الآثوسي القائل بـ "أخي هو حياتي". ولا أدرك كثيرون وخبروا المحبّة كغاية الغايات في سعيهم كما عرفها القدّيس يوحنّا السلّمي. إذا كان لا بدّ من تعريف كياني بالراهب فالراهب هو مَن صام وصلّى حتى المحبّة. هذا، أوّلاً، وثانياً إذا كان هناك أفراد في الكنيسة لم ينهجوا نهج الرهبنة التراثيّة، ومع ذلك فاقوا العديد من رهبان الأديرة في سعيهم إلى القداسة، فهذا لا يحطّ من قدر الحياة الرهبانيّة بل يزيدها قيمة، لأنّ هؤلاء الأفراد كانوا في العمق، ولو على طريقتهم، نسّاكاً مصلّين عندما تصدّوا لأهوائهم وجعلوا أذهانهم في الله ومجّدوه. أليس هذان الأمران: التصدّي للأهواء وحفظ الذهن في الله، هما الصوم والصلاة؟ إذا كان رهبان الأديرة يعتمدون أشكالاً نسكيّة وأنماطاً صلاتيّة مختلفة فهذا لبلوغ غاية واحدة وهدف واحد لجميع المؤمنين: التنقّي والامتلاء من روح الله ومحبّة الله. الرهبنة ليست، في كلّ حال، في حجم الصيامات التي يتعاطاها الرهبان ولا في طول الأسهار وأعداد المطّانيّات ومقدار الصلوات فقط. الرهبانيّة، في كلّ حال، ليست في قوانين الحياة الرهبانيّة وحسب. ومع ذلك قانون الحياة الرهبانيّة مهمّ لأنّه يساعد، عن خبرة، في التصدّي للأهواء واللهج بالله. الشكل الرهباني مهمّ، ولكن لا في ذاته بل في ارتباطه بمحبّة الله، بالغرض منه. لذلك هناك، في العمق، سعي واحد مشترك بين إنسان يطلب محبّة الله ويعيش في وسط المدينة ولم يسبق له أن التزم قانوناً من القوانين الرهبانّية المعروفة، وإنسان يطلب الأمر عينه وعاش في أحد الأديرة أو في البريّة معتزلاً الناس، هذا السعي هو الخوض في سيرة الصوم والصلاة ابتغاء وجه الله، أي نوره ومحبّته. وليكن واضحاً أنّه إن سلك بعض الأفراد، هنا وثمّة، بنعمة الله، في سيرة مميّزة، خارج نطاق الرهبنة التقليديّة، وتقدّسوا وفاقوا الكثيرين فإنّ السواد الأعظم من المؤمنين، أينما كانوا، بحاجة إلى ما خبره الرهبان وعرفوه وتناقلوه وكتبوا فيه لأنّهم الخبراء في محبّة الله والقريب، وفي دقائق حياة الفضيلة ومحاربة الأهواء وحياة الصلاة ومعرفة النفس واحتيالاتها. بعضهم عاين نور الله وبلغ اللاهوى وتألّه وأضحى أيقونة لمحبّة الله. عرفوا الطريق إلى قلب الله وخبروا المخاطر والمهاوي إلى هناك. ألا يستعين المسافرون إلى وجه ربّهم بأدلاّء يعرفون وإلاّ تاهوا؟ لذا الحياة الرهبانيّة أساس وإلاّ ضاعت الكنيسة وخبط المؤمنون فيها خبط عشواء. لا يكفي أن تقرأ الإنجيل لتعرف، أنت بحاجة إلى مَن صار إنجيلاً لتتعلّم منه كيف تسلك في الإنجيل. ليس الإنجيل نظريّات بل سيرة حياة. وهذه تتعلّمها بالتلمذة ممَن عرفوها. الراهب، في التراث، هو الإنجيل المعيش، والحياة الرهبانيّة هي الطريق إلى الكمال الإنجيلي كما أبنّا. في ضوء ما تقدّم نقول إنّ مَن يتعرضون، في الكنيسة، للحياة الرهبانيّة التوحّديّة وكأنّها نمط حياة بائد، يعطِّل النهضة ولا يوافق نهج الحداثة الذي يتمنّاه البعض ممّن يميلون إلى التشديد الأحدي على الليتورجيّة ووصيّة محبّة القريب ويهتمّون، في المقابل، بإبراز أوهان بعض الرهبان والنسّاك دونما إبراز تراثي مُنصِف لأهميّة الحياة النسكيّة وبرَكاتها، كما ليجرّحوا ويطعنوا بها ويشيّعوا، في شأن الأديرة والرهبنات، مناخاً غير محبّب، إن لم يكن عدائيّاً، هؤلاء يسيئون إلى الكنيسة والتراث والإنجيل ويشوِّشون وجدان المؤمنين ويعثرون الضعفاء ويضربون الأرثوذكسيّة التاريخيّة في الصميم. أوّلاً من كثرة ما يؤكّدون محبّة القريب أحديّاً تبدو وصيّة محبّة القريب، لديهم، كأنّها قائمة في ذاتها. كما يبدو أنّهم ولو اعتبروا محبّة القريب مرتبطة بمحبّة الله فإنّ محبّة الله تستبين، في منطقهم، كأنّها تحصيل حاصل بحيث تصير وصيّة محبّة القريب هي موضوع الاهتمام الأوّل عندهم لا وصيّة محبّة الله. محبّة الله تمسي، إذ ذاك، إسميّة فيما تكون الوصيّة الأساسيّة، في تصوّرهم، عمليّاً، هي وصيّة محبّة القريب. ثانياً بسبب ميل هؤلاء إلى التركيز على وصيّة محبّة القريب يقعون، بسهولة، في العملانيّة الإنسانويّة. همّهم، لأوّل وهلة، يبدو كأنّه العمل. والعمل عندهم هو إطعام الجياع وإيواء المشرّدين وزيارة المساجين وعيادة المرضى وما إلى ذلك. وعملهم يكون، عموماً، على حساب ما لا يعتبرونه عملاً، أي، على أرض الواقع، على حساب الصوم والصلاة. هذا يجعلهم يتعاطون الصوم والصلاة على نحو مخفَّف مجوَّف. وقليلاً قليلاً يصبح الصوم والصلاة لديهم ثقيلَين ويصيران شكليَّين. بنتيجة ذلك يقعون في الشكليّة في علاقتهم بالله ويستمرّ عملهم الإنسانوي، إن استمرّ، لا بقوّة محبّة الله بل بقوّة العواطف والمشاعر البشريّة والفكر البشري. هذا يجعل وصيّة محبّة القريب تخضع، تلقاء، للأهواء البشريّة في مقاربتهم. أخيراً، يوجَدون، بعامة، وقد استبدّت بهم البرودة والكلاميّة وتحكّم بهم الجفاف حتى على صعيد تعاملهم مع القريب. يخسرون محبّة الله ومحبّة القريبّ معاً. مَن يشذّون عن هذا المسرى قلّة يصطفيها الله. هؤلاء يغتذون، لا محالة، بنسك داخلي وصلاة قلبيّة ونعمة الله. في كلّ حال، التنظير والتعميم، في شأن ما يحقّقه فرد هنا أو هناك، لجهة نقاوة المسرى والحياة المبذولة، غير جائز وغير سليم لا سيما ونمط الحياة السائدة اليوم دهري. أمثال القدّيسة ماريا سكوبتسوف قلّة نادرة وتبعث على التسآل، وكذا الأمّ غفريللا. هاتان وإن انصرفتا عن الحياة الرهبانيّة التراثيّة، وبدت الأولى بينهما كأنّها ثائرة على مبالغات وإساءات بعض النسّاك والأديرة والرهبان، والثانية كأنّها غير مؤمنة بجدوى الحياة النسكيّة في وسط عالم يعاني، أقول هاتان وإن انصرفتا عن الحياة الرهبانيّة التراثيّة فإنّه لا يُقاس عليهما ولا طاقة لأحد على تعميم نموذجهما. كذلك إن كانت ثمّة حاجة إلى أخويّات شمّاسية في الكنيسة لأداء رعائي أجدى فهذا لا يمكن أن يكون بديلاً عن الرهبنات التراثيّة، رهبنات الصوم والصلاة، ولا يجوز أن ينمو على حسابها. الرعاية وخدمة المحبّة بحاجة، ولا شكّ، إلى مكرّسين ومكرّسات، خدّاماً وكهنة وشمامسة وشمّاسات، لكنّها بحاجة، أوّلاً، إلى الرهبنات التراثيّة كمدرسة روحيّة ينشأ فيها هؤلاء المكرّسون ويرجعون إليها ويتجدّدون في كنفها لئلا ينحرفوا وينجرفوا، من حيث لا يدرون، في تيّار الإنسانويّة الدهريّة. هذا ومن الخطأ التصوّر أنّ وصيّة محبّة القريب تتجلّى، بصورة أحديّة، على صعيد ما أسمته الكنيسة "خدمة الموائد" أو "خدمة المحبّة" والتخفيف من معاناة الناس في هذا الدهر. هذه، طبعاً، مهمّة وأساسيّة جدّاً في كلّ حال. لكنّ البعد الأهم والأبرز، في وصيّة محبّة القريب، وما ينبغي أن يكون سعينا الأوّل إليه، هو أن نلتزم العالم، بالصوم والصلاة، للخبز السماوي، للخلاص، لمعرفة الله، لمحبّته، للحياة الأبديّة، للقداسة، لنور الله، للتألّه... "أن يعرفوكَ أنتَ الإله الحقيقيّ وحدك وابنكَ يسوع المسيح الذي أرسلتَه" (يو 17). بهذا المعنى جاءت صلاة القدّيس سلوان الآثوسي على هذا النحو: "أُصلّي لكَ أيّها الإله الرحيم من أجل جميع شعوب الأرض كي يعرفوك بروحكَ القدّوس". ليس اليوم، ما يبرِّر النهج العدائي الإلغائي الذي يشيِّعه المحدَثون الرعائيّون الطقوسيّون حيال الرهبان. غير صحيح أنّ الرهبنة التراثيّة هي التي تعيق النهضة في الكنيسة. الحقيقة أنّ الانصراف عن سيرة الصوم والصلاة هو ما يعيق النهضة الأصيلة. الكنيسة بحاجة إلى رهبان وإلى خدّام رعائيّين في آن. والرهبنة، شئنا أم أبينا، أساس بنيوي، في السعي إلى القداسة وحفظ الوصيّة لا للرهبان وحدهم بل لكلّ المؤمنين. هذا ما أثبته التاريخ وأبانه التراث. لذلك بالتكامل، لا بالتشكيك والطعن، تنهض الكنيسة وتزدهر. فـ "ليكن كلّ شيء للبنيان" (1 كو 14: 26)، "لمجد ذات الربّ الواحد" (2 كو 8: 19)، "مكمّلين القداسة في مخافة الله" (2 كو 7: 1) وحفظ التراث لئلا نُحزن روح الربّ! |
||||