منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 05 - 08 - 2014, 12:08 PM   رقم المشاركة : ( 4741 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,860

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

كيف نقضي عام جديد؟


وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

"فاخضعوا لله.قاوموا ابليس فيهرب منكم . اقتربوا الي الله

فيقترب اليكم.نقوا أيديكم ايها الخطاة وطهروا قلوبكم يا ذوي

الرأيين".(يع8,7:4)


النصيحة الاولي:


اخضعوا لله.

اخضعوا لله دائما في حياتكم ,وفي ادق تفاصيلها قبل عمومياتها,ضع في قلبك

ان تخضع لربنا واجعلة اكلك وشربك ولباسك ودخولك وخروجك مخضعين للة,لان كل

خطية يكون ورائها تمرد علي اللة.


النصيحة الثانية:


قاوموا ابليس فيهرب منكم.

ابليس مملكتة مخيفة ومرعبة,ولة عمل كثير في الارض كلها,ولكنة امام قطعة

خشبية عليها شكل الصليب يرتعب هو ومملكتة,الشيطان ربما يكون قوي جداا وهزم

كثيرين لكنة لايقوي ابدا ايضا علي المحبة.


النصيحة الثالثة:

اقتربوا الي الله.

الاقتراب الي الله كمصدر قوة وغلبة,لذلك لا تجعل حياتك سلسلة من الفواصل بينك وبين اللة.


النصيحة الرابعة:


نقوا ايديكم ايها الخطاة.

الاقتراب الي اللة يحتاج تنقية,نق يديك,لاتمدها لتاذي من حولك او تاذي جسدك.


النصيحة الخامسة:


طهروا قلوبك.

ان محبة العالم عداوة للة,فاما ان تحمل صليبك وتذهب مع المسيح اما ان تحمل سيف وتذهب الي العالم.
 
قديم 05 - 08 - 2014, 12:12 PM   رقم المشاركة : ( 4742 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,860

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

الله قبل خلق الإنسان
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
في البدء خلق الله السماوات والأرض
1- وكانت الأرض خربة وخالية، وعلى وجه الغمر ظلمة، وروح الله يرف على وجه المياه
2- وقال الله: ليكن نور، فكان نور
3- ورأى الله النور أنه حسن. وفصل الله بين النور والظلمة
4- ودعا الله النور نهارا، والظلمة دعاها ليلا. وكان مساء وكان صباح يوما واحدا
خلق الله السماوات والأرض وكانت الأرض بدئا خربة وخالية لا نور فيها ولا عمران بل مجموعة تضاريس متداخلة بلا نظام وفيها عشوائية في التكوين .
لم يكن ممكنا التمييز بين اليابسة ومجتمعات المياه أو التمييز بين التضاريس الواضحة لمعالم الأرض البدائية ومع هذا كان روح الله يرف على وجه المياه كما يقول الكتاب .
من هنا ندخل حضرة الله من هذا الباب .
الله لا يحب الظلمة وكذلك لا يحب التخبط وعدم الترتيب .
وأقصد بهذا الله يكره الفوضى والتخبط في أي شيء فهو يحب النظام والترتيب في كل شيء فمثلا الله يحب الترتيب في العبادة وعلى هذا يعلق الرسول بولس في رسالته الأولى إلى أهل كورنثوس 14 : 40 قائلا :
وليكن كل شيء بلياقة وبحسب ترتيب .
ونرى أهمية الترتيب للعبادة في سفر اللاوين بكل فصوله فالرب رتب كل أمور العبادة وترتيب كل نوع من أنواع الذبائح وطقسه .
كذلك الله لا يرضى بعشوائية تفسير كلمته المقدسة إنها ستكون فوضى عارمة عندما يفسر الكلمة كل على هواه وعلى هذا يقول الرسول بطرس في رسالته الثانية 3 : 16
كما في الرسائل كلها أيضا، متكلما فيها عن هذه الأمور، التي فيها أشياء عسرة الفهم، يحرفها غير العلماء وغير الثابتين، كباقي الكتب أيضا، لهلاك أنفسهم .
من هذه الأمثلة يتضح أن الله يكره الفوضى ويحب الترتيب في كل شيء وصفة الترتيب يحبها الله في أبنائه المختارين ليكونوا مثالا للعالم في كل شيء .
كانت الأرض خربة وخالية وعلى وجه الغمر ظلمة .
وأيضا يحب الرب ترتيب أوقاتنا وعلى هذا يقول الرسول بولس
فَانْظُرُوا كَيْفَ تَسْلُكُونَ بِالتَّدْقِيقِ، لاَ كَجُهَلاَءَ بَلْ كَحُكَمَاءَ،
مُفْتَدِينَ الْوَقْتَ لأَنَّ الأَيَّامَ شِرِّيرَةٌ. أفسس 5 : 16
إذن مطلوب هو السلوك بتدقيق والاهتمام بالوقت لكي يكون وقتنا وأيامنا مقدسة وبحسب ما يرضي الله .
كذلك دخولنا لحضرة الله يجب أن يكون مرتبا وهذا ما راعاه الآباء القديسين حين رتبوا طقوس العبادة فهو ترتيب واجب ولائق بالإله العظيم الذي ندخل ونلتقي معه في عبادتنا الجماعية .
يجب أن تكون أمورنا بترتيب ففي الترتيب يتحقق رضا الله عنا ويقبل كل ما نقدمه له من واجب العبادة .
ونرى العكس كيف نزلت نار الرب الرب على إبني هارون عندما كهنا للرب مخترقين الترتيب المرسوم حين قدما نارا غريبة لم يأمر الرب بها فنزلت نار الرب وأحرقتهما كما ورد في سفر اللاويين 10
فلتكن أمورنا مرتبة بل ونطلب من الرب أن يعلمنا ترتيب كل شيء وهو يستجيب ويعطي لنا ما نطلب آمين .
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

مدخل إلى الله

الحلقة الثانية
الله نور
وقال الله ليكن نور فكان نور تكوين 1 :3
كانت الأرض بدئا خربة وخالية ومظلمة لا نور فيها البتة ولأن الله نور وليس فيه ظلمة كما يخبرنا الرسول يوحنا قائلا :
وَهذَا هُوَ الْخَبَرُ الَّذِي سَمِعْنَاهُ مِنْهُ وَنُخْبِرُكُمْ بِهِ: إِنَّ اللهَ نُورٌ وَلَيْسَ فِيهِ ظُلْمَةٌ الْبَتَّةَ. 1 يوحنا 1 : 5 .
ولأن الله نور ولا توجد فيه ظلمة فهو لا يطيق لا الظلمة ولا الظلام كل ما صنعه الرب صنعه في النور ولكن المعصية والخطيئة الجدية جعلت البشرية تعيش في ظلام مطبق بحيث أصبحت الأرض بعد نورانيتها الإلهية ظلاما مطبقا مرة أخرى
سفر أيوب 12:
يَتَلَمَّسُونَ فِي الظَّلاَمِ وَلَيْسَ نُورٌ، وَيُرَنِّحُهُمْ مِثْلَ السَّكْرَانِ.
هذا فعلا حال البشرية بأدق وصف لا ظلمة فقط بل يتلمسون طريق النور فلا يجدوه .
لقد عجزت البشرية أن تدرك أن الرب وحده هو النور الحقيقي بل ومصدر كل نور وخالق النور سواء الطبيعي أو الروحي كما يرتل صاحب المزامير :
سفر المزامير 27:
اَلرَّبُّ نُورِي وَخَلاَصِي، مِمَّنْ أَخَافُ؟ الرَّبُّ حِصْنُ حَيَاتِي، مِمَّنْ أَرْتَعِبُ؟
وكذلك : سفر المزامير 37:
وَيُخْرِجُ مِثْلَ النُّورِ بِرَّكَ، وَحَقَّكَ مِثْلَ الظَّهِيرَةِ.
خارج الرب كل ما نعيشه يسبح في ظلام دامس لا نور فيه ولا حياة .
يخبرنا سفر التكوين أن يوسف العفيف عاش في السجن سبع سنين لم يكن ضوء بل كانت السجون مظلمة لكن نوره الداخلي أو نور الرب الذي أشرق في قلبه جعله يصبر ليصبح سيد الأرض كلها .
دانيال النبي ألقوه في جب الأسود المظلم المليء بالوحوش لكن نور الرب لم يغب من قلبه ومنحه الطمأنينة والراحة في أقسى الظروف وليس هذا فقط بل أرسل الرب ملاكا منيرا سد أفواه الأسود الجائعة .
وبالمقابل يخبرنا الرب خبرا عظيما بقوله :
إنجيل لوقا 11:
سِرَاجُ الْجَسَدِ هُوَ الْعَيْنُ، فَمَتَى كَانَتْ عَيْنُكَ بَسِيطَةً فَجَسَدُكَ كُلُّهُ يَكُونُ نَيِّرًا، وَمَتَى كَانَتْ شِرِّيرَةً فَجَسَدُكَ يَكُونُ مُظْلِمًا.
بعد ان استنرنا بالمعمودية والمسحة المقدسة وسكن روح الله فينا لا نعود للظلمة القديمة ففيها قتل للنفس والجسد .
لقد جاء الرب يسوع للبشرية لينقذها من ظلامها ولكنه لم يأت نورا ليضيء العالم فقط بل لينيرنا من الداخل لتكون لنا فيه حياة ونور لا ظلام بعده .
إنجيل متى 4:
الشَّعْبُ الْجَالِسُ فِي ظُلْمَةٍ أَبْصَرَ نُورًا عَظِيمًا، وَالْجَالِسُونَ فِي كُورَةِ الْمَوْتِ وَظِلاَلِهِ أَشْرَقَ عَلَيْهِمْ نُورٌ».
اشرق النور بمجيء المخلص فأضاء الكون بنوره وتخلل النور أجسادنا وأرواحنا فلا يمكن أن نعود للظلمة والموت من جديد بعيدا عن الرب .
لهذا كله من يصر على ظلمته لا يقترب من الرب او بيت الرب أو مائدة الرب .
من بقي في ظلمته ولم يشرق فيه نور الرب فمصدر النور موجود حتى اليوم بلا أي سلطان للظلمة عليه .
وهذا المصدر وهو الرب يسوع لا يمكن أن يتلاشى النور منه بل إن النور هذا سيبقى المصدر الوحيد في الكون حين يرث الله الأرض وما عليها .
فهلموا تعالوا أيها المؤمنون وخذوا نورا من النور الذي لا يعروه فساد وباركوا الرب وقلوبكم تستنير بنوره الذي لا يغرب .
لن يستقبل الرب من يدخل إليه وفي قلبه نقطة من ظلام والمجال مفتوح اليوم لنغترف من هذا النور بلا حساب فتفاصيل هذا النور في كلمته المكتوبة بين أيدينا والنور موجود في الكنيسة في شركة جسده ودمه الذي إن أخذناه باستنارة من نور الروح القدس نثبت في الله ويثبت الله فينا ولاسمه المبارك كل مجد وإكرام إلى الأبد آمين
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
مدخل إلى الله
الحلقة الثالثة

سفر التكوين 2: 7
وَجَبَلَ الرَّبُّ الإِلهُ آدَمَ تُرَابًا مِنَ الأَرْضِ، وَنَفَخَ فِي أَنْفِهِ نَسَمَةَ حَيَاةٍ.فَصَارَ آدَمُ نَفْسًا حَيَّةً.
منذ البدء الله هو مصدر الحياة وهو معطيها لكل حي على الأرض والسماء وفي المياه . إنجيل يوحنا 1: 4
فِيهِ كَانَتِ الْحَيَاةُ، وَالْحَيَاةُ كَانَتْ نُورَ النَّاسِ،
أي في المسيح كانت الحياة فالمسيح حياتنا بعد أن عرفنا أنه النور الحقيقي إنه الطريق والحق والحياة فإن دخلنا حضرة الله بترتيب والنور فينا من نوره المقدس فعلينا الدخول نحوه ونحن نقدم له حياتنا كلها نقدم له ما نأكل ونشرب ليباركه ونقدم له ما نلبس متذكرين أنه من ستر عرينا نقدم له مالنا وأولادنا فهو من أعطى نقدم له فرحنا وحزننا بل وآلامنا فهو المُقَدس والمعزي والشافي نقدم له الكل فهو الكل لا نخطط للمستقبل فهو الذي يرتب ويخطط لحياتنا في كل مراحلها .
نقدم له كل شيء ولا نُبقي لنا أي شيء سننال نعمة وبركة وحياة هانئة بقربه له المجد . لقد قدم القدماء باكورة حصادهم وغلاتهم وعشورهم لكن لم يقدموا حياتهم ولم ينتبهوا أن الرب يريد رحمة لا ذبيحة فكان عملهم ناقصا . 21) إنجيل يوحنا 3: 16
لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ.
في هذه الآية يتلخص حب الله للبشر بأوضح بيان فهو لم يبخل حتى بأعز ما لديه وهو ابنه الوحيد لكي تكون لنا فيه حياة أفنبخل عليه بتقديم حياتنا إليه بأيدينا وبرضانا هو سيقبلها ولكنه سيجعلها حياة مثمرة نقية طاهرة . رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية 6: 22
وَأَمَّا الآنَ إِذْ أُعْتِقْتُمْ مِنَ الْخَطِيَّةِ، وَصِرْتُمْ عَبِيدًا للهِ، فَلَكُمْ ثَمَرُكُمْ لِلْقَدَاسَةِ، وَالنِّهَايَةُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ.
إذن يا إخوتي فمن محبة الرب لنا أعتقنا من الخطيئة وأزال فسادنا الذي نلناه من آدم فنحن في نظره قديسون ولنا به حياة أبدية . أي حب هذا قد أعطانا رب الحياة إنه حب لا متناهي نهايته حياة وبدايته قداسة وطهارة . رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية 6: 23
لأَنَّ أُجْرَةَ الْخَطِيَّةِ هِيَ مَوْتٌ، وَأَمَّا هِبَةُ اللهِ فَهِيَ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا.
ما أجمل الحياة مع الله تحرير من الخطيئة وأجرتها القاسية والمميتة وحياة طاهرة في المسيح والنهاية حياة أبدية . رسالة بولس الرسول إلى أهل فيلبي 1: 21
لأَنَّ لِيَ الْحَيَاةَ هِيَ الْمَسِيحُ وَالْمَوْتُ هُوَ رِبْحٌ.
حين نحيا مع المسيح وفي المسيح حتى الموت الذي يُرعب غير المؤمن لا نخافه بل نستعجله لنكون مع معطي الحياة له المجد . رسالة يوحنا الرسول الأولى 1: 1
اَلَّذِي كَانَ مِنَ الْبَدْءِ، الَّذِي سَمِعْنَاهُ، الَّذِي رَأَيْنَاهُ بِعُيُونِنَا، الَّذِي شَاهَدْنَاهُ، وَلَمَسَتْهُ أَيْدِينَا، مِنْ جِهَةِ كَلِمَةِ الْحَيَاةِ
كلمة الحياة هي مع المسيح فقط ولالا يمكن أن تكون مع غيره فهو الحياة وكلامه ماء صاف عذب يعطيه مجانا لمن يطلبه بإيمان . سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي 21: 27
وَلَنْ يَدْخُلَهَا شَيْءٌ دَنِسٌ وَلاَ مَا يَصْنَعُ رَجِسًا وَكَذِبًا، إِّلاَّ الْمَكْتُوبِينَ فِي سِفْرِ حَيَاةِ الْخَرُوفِ.
الخطيئة هي مصدر كل نجاسة ونتيجتها موت فطوبى لمن يطلب الغفران ويحيا في المسيح ويستر دم الصليب خطاياه ويمحوها بمحبة المصلوب فقد نال الطهارة واستحق تسجيل اسمه في سفر الحياة .
لنعش حياة الطهارة مع المسيح ففيه الحياة والنعمة والبركة وتزداد محبتنا له ومحبته لنا كلما التصقنا بكنيستنا الرسولية وتزودنا بشركة جسده ودمه الأزلية والمقدسة نثبت فيه ويثبت فينا ويقيمنا من الموت لنحيا الحياة الأبدية معه في مدينة الله والرب يمنحكم حياة باسمه وتنالوا به الحياة الحياة الأبدية آمين .
 
قديم 05 - 08 - 2014, 12:17 PM   رقم المشاركة : ( 4743 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,860

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

الراقدون

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

أفما نجيرهم وننفع ذواتنا؟!

الموت طريق كل حيّ. بعد قيامة المسيح المهمّ الإيمانُ به والتوبة إليه. هذا عمل الأحياء في الجسد. "كل مَن كان حيّاً وآمن بي فلن يرى الموت إلى الأبد" (يو 11: 26).


الموتى فئتان: فئة الذين استكملوا توبتهم على الأرض وفئة الذين لم يستكملوها أو لم تكن لهم توبة بالمرّة. الإنسان يؤخذ، بالموت، في الحالة التي يكون فيها. إذا مات في الخطيئة ولو كانت له أعمال صالحة في حياته فإنّه يموت محروماً من نعمة الله.

الذاهب إلى المدينة ولو تعب كثيراً فإنّه إن لم يدخل إلى داخل المدينة تذهب أتعابه أدراج الرياح. الأتعاب تُحسب إذا ثبت المرء في التوبة إلى المنتهى لا إذا لم يثبت. لذلك التوبة هنا عمل دائم، حتى اللحظة الأخيرة من حياتنا في الجسد. التوبة سعيُ كلِّ لحظةٍ، أن يكون ذهنُ الإنسان إلى الله في كل حين.

لا تكون التوبة في اللحظة الأخيرة من حياتنا ههنا لأننا لا نعرف متى تكون هذه اللحظة ولا ما إذا كنّا سنكون آنذاك في وضع داخلي يسمح لنا بأن نتوب إلى الله. قد يقسو القلب إلى حدّ لا يعود المرء معه راغباً أو سائلاً أو مبالياً بالتوبة.

بالعكس التوبة هي التي تجعل الإنسان حسّاساً للتوبة أكثر، وعدم التوبة يخلق ويرسّخ حالةَ لامبالاةٍ بالتوبة في النفس. المرء، إذ ذاك، لا يعود يتحرّك إلى التوبة إلاّ من جرّاء ألم كبير وقد لا يتحرّك صوبها بالمرّة لأنّ الاسترسال في الخطيئة قد يفضي إلى وهنٍ في النفس وعنادٍ في الخطيئة بحيث لا يرغب الإنسان، فيما بعد، في أن يتغيّر ولو كان مُدْرِكاً أن ما هو فيه لا يُجدي نفعاً.

فقط لأنّ في العناد في الخطيئة لذّة مرضيّة وإثباتاً منحرِفاً للذات. "أنا حرّ في حياتي وأفعل ما أريد!" هذا فعل "الأنا" في النفس الممتلئة من ذاتها، في المدى الأخير. ألوهة العدم! قد يصرّ الإنسان على رفض الله إلى النهاية. هذا عند الناس، أما عند الله فالأمر أكبر من معرفتنا وليس بإمكاننا أن نبني على القناعة أنّ الله سيخلّص الجميع بطرق هو يعرفها. مذهب الخلاص للجميع في كل حال، في النهاية، أو ما يعرف بالـ apokatastasis، ليس مقبولاً في الكنيسة.


لنعد إلى موضوعنا الأساس.

الإنسان إذا رقد على الخطيئة يكون محروماً من نعمة الله فيما الذي يرتحل من ههنا تائباً هذا تعزّيه النعمة. فمَن كانت له النعمة يكون في صِلَةٍ، في عِشرة مع الله. هذا بإمكانه أن يتعاطى الصلاة. هذا يكون قدّيساً، من حيث إنّه ليس عند الله سوى قدّيسين، وتكون قامته الروحيّة بمقدار نعمة الله فيه.

هناك مَن تكون صلاته أفعل، وهناك مَن تكون صلاته أقلّ فعالية. الذين صاروا هناك، ولهم نعمة، يُصلّون لأجلنا والذين هم هنا يصلّون لأجل الذين هم هناك، الذين لا طاقة لهم على الصلاة لأنّه لا نعمة لهم. مَن هم هنا ومَن هم هناك كلّهم في وصال، في المسيح، كلّهم برسم الانتماء إلى الكنيسة، جسدِ المسيح. الذين هم هنا ينمون بصلاة الذين هم هناك والذين هم هناك ينمون بصلاة الذين هم هنا.

لذا، بالنسبة للراقدين، يرتحل ذهننا، بخاصة، صوب الذين هم في الشقاء هناك لأنّهم ليسوا في النعمة. هؤلاء علينا، طالما نحن مقيمون ههنا، أن نحببهم بالأكثر. بلى نحن الذين هنا نساهم في خلاص الذين هم هناك، وبامتدادنا صوبهم نصنع خلاصنا أيضاً.

خلاصنا مرتبط بسعينا إلى خلاص الآخرين، الأحياء والأموات. نسأل الله لهم ونعمل من أجلهم. ننفعهم بقدر ما يوجَدون مقتبلين لما نؤدّيه عنهم أو ما نقوم به "على نيّتهم".


محبّتنا لهم لها ثلاث ترجمات أساسية:

+ نصلّي من أجلهم. نصلّي شخصياً ونصلّي مع الجماعة. شخصياً كلّما صلّينا نذكر الأموات. نذكرهم بالأسماء. نسأل لهم الرحمة برأفة، بحنان، من الأعماق، كقطعة منا "لأننا بعضنا أعضاء بعض" (أف 4: 25). نسأل من أجل غفران خطاياهم. صلاة القدّيس بائيسيوس الكبير من أجل التلميذ الذي قضى في الزنى انقبلت وغُفرت خطاياه وصار في الراحة.

ونصلّي، أيضاً، من أجل الراقدين، جماعياً. ليس عبثاً ذِكرُ الكنيسة، في كل خدمة يومية، للراقدين، وكذا في السبوت وفي سبتَي ما قبل مرفع اللحم والعنصرة بخاصة. تذكرهم الكنيسة بعامة وتذكرهم بالأسماء.

سأل قوم القدّيس الذهبي الفم، مرّة، أن يصلّي من أجلهم فقال: "مبارك!" لكنّه أردف: "صلاة الكنيسة أعظم!".

+ الترجمة الثانية لمحبّتنا للراقدين تتمثّل في تقديم القرابين "على نيّتهم". هذه تنفع الراقدين منفعة جزيلة. تعزّز انتماءهم إلى جسد المسيح.

امرأة روسية رقد زوجها. جاءها في الحلم ثلاث مرّات متتالية وسألها، في كل مرّة، روبلَين. الروبل هو العملة الروسية. لم تفهم. استجارت بصديقة لها. قالت: "قدّمي على نيّته قدّاساً إلهياً". ذهبت إلى الكاهن وطلبت أن تقام خدمة الذبيحة الإلهية على نيّة زوجها. سألته إذا ما كان عليها أن تعطيه بعض المال مقابل ذلك. فأجاب: بلى! فسألته عن المتعارَف عليه، فقال لها: "أدّي روبلين!!!".

كذلك في بعض الكنائس عادة إقامة أربعين قدّاساً على نيّة الراقدين. هذه، في الاعتقاد، قد تغفر الخطايا وتجعل الراقدين في الراحة.

+ الترجمة الثالثة لمحبّتنا للراقدين هي في القيام بأعمال محبّة على نيّتهم. هذه قد يكون القيام بها على أساس دوري، مرّة في السنة، مثلاً. وفيها يُخصَّص مبلغ من المال يُوزَّع على الفقراء وعلى الكنائس والأديرة. وقد يُصار إلى الاهتمام بالمرضى أو بالتلاميذ الفقراء أو بالعجزة أو بالأيتام أو حتى إلى المساهمة في بناء الكنائس والأديرة على نيّة الراقدين.

هذه أعمال تُحسب وكأن الراقدين هم الذين يتمّونها. طالما العمل عمل محبّة فإنّه نافع للراقدين وقد يكون نافعاً جداً، لا سيما والقول الإلهي هو ان "المحبّة تستر كل الذنوب" (أم 10: 12).


لا شيء يفصل ما بين الأحياء والأموات في المسيح لأنّ الله ليس إله أموات بل إله أحياء (مت 22: 32). لذلك فيما نستشفع بالقدّيسين مستعينين بهم على تجارب العمر ومستنزلين على ذواتنا والعالم مراحم الله، نسترحمه من أجل الذين سبقونا، لا سيما الذين عاشوا وماتوا في شقاء الخطيئة. الراقدون أمانة.

القابعون منهم في الظلمة وظلال الموت هم في الضعف والفقر الروحي بحيث يَسْتَجْدُون محبّتنا... كل يوم. الذين هنا لا يعرفون ما هناك، ولو عرفوا لتغيّروا. والذين هناك بعدما عرفوا ما هناك يستجيرون بنا ويستحثّوننا، من خلال كل ما نعرفه عنهم، على أن نكون غير ما كانوا هم عليه، لكي لا نأتي نحن أيضاً إلى "موضع العذاب" (لو 16: 28) الذي هم فيه.


أفما نجيرهم وننفع ذواتنا؟!
 
قديم 05 - 08 - 2014, 12:19 PM   رقم المشاركة : ( 4744 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,860

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

أهمية الصداقة
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

القديسة أنثوسا

الصديق الأمين دواء الحياة(سي 6: 16) الصديق الامين معقل حصين(سي 6: 14)
ما هو الأمر الذي لا يفعله الصديق الأصيل؟ أيّة سعادة لا يخلقها لنا؟
أيّة منفعة وأي أمان؟ قد تسمّي ألف كنز ولكن أيّاً منها لا يقارَن بصديق حقيقي. لنذكر أولاً كم من السعادة تجلب الصداقة.
الصديق وضّاء بالفرح، وهو يفيض عندما يرى صديقه. لإنّه متحد به بوحدة هي للنفس سعادة لا تُوصَف. إنّ مجرد تفكيره به يجعله مرتفعاً ومحمولاً بفكره.
أتحدث عن الأصدقاء الأصيلين المتفقين. الذين قد يختارون الموت من أجل أصدقائهم، من أجل الذين يحبونهم بحرارة.
لا تتخيّل أنك قادر على على ردّ ما أقول عن طريق وصف أولئك الذين يحبون بخفة ويجالسونك المائدة
(سي 6: 10) وليس لك بهم إلا معرفة ضئيلة. مَن عنده صديق كالذي أصف يفهم كلامي.
إنّه يصلّي لصديقه كما لنفسه. أعرف رجلاً، إذا طلب الصلاة من اشخاص قديسين، يطلبها لصديقه أولاً ثم لنفسه.
إن الصديق الحقيقيّ هو ذلك الذي تصبح الأوقات والأماكن محبوبة بسببه.
إذ، كما أن الأشياء المشعّة ترمي بلمعانها على الأماكن المجاورة، كذلك الأصدقاء يضفون نعمتهم على الأماكن التي يكونون فيها.
ونحن في أكثر الأوقات، عندما نقف في هذه الأماكن بدون أصدقائنا، ننوح ونتنهد لتذكرنا الأيام التي كنّا فيها معاً. ليس ممكناً التعبير من خلال الكلمات عن السعادة التي يسببها وجود الأصدقاء، إنما الذين اختبروها يعرفونها.
يستطيع المرء أن يطلب خدمة من صديق، ويحصل عليها بدون أي ريبة.
عندما يطلب الأصدقاء منا أي شيء نكون ممتنين لهم ونحزن عندما يبطئون بالطلب. نحن لا نملك شيئاً ليس لهم.
وغالباً، مع أننا نمقت كل الأشياء الأرضية، الا إننا بسببهم لا نرغب بالرحيل عن هذه الحياة، وهم مرغوبون عندنا أكثر من النور.
نعم، بالواقع، الصديق مرغوب أكثر من الضوء نفسه. أتحدث عن الصديق الأصيل. لا تعترض، قد نفضّل أن تُطفأ الشمس من أن نُحرَم الأصدقاء.
قد نفضّل أن نعيش في الظلام من أن نعيش بدون أصدقاء. وكيف اقول هذا؟ لأن كثيرين من الذين يرون الشمس هم في الظلام.
أما الأغنياء بالأصدقاء فلا يكونون في محنة أبداً. أتحدث عن الأصدقاء الروحيين الذين لا يضعون شيئاً فوق الصداقة. هكذا كان بولس، الذي أراد طوعياً أن يضحي بنفسه، من دون أن يُسأل واراد طوعياً ان يسقط في الجحيم من أجل إخوته (رو 9: 3).
بهذه عاطفة تتأجج المحبة. خذْ هذا مثلاً عن الصداقة. الأصدقاء يتخطون الآباء والبنين، أي الأصدقاء بحسب المسيح.
الصداقة هي أمر عظيم وعظمتها لا نتعلمها بالدرس أو بكلمات الشرح، إنما فقط بالخبرة نفسها. ذاك لأن غياب المحبة جلب الهرطقات وجعل الأمم عبّاد وثن
. إن الذي يحب لا يتمنّى أن يحكم أو أن يتسلّط، بل بالأحرى يكون أكثر امتناناً إذا تلقّى طلبات. إنّه يفضّل أن يقدّم الخدمات بدل أخذها لأنّه يحب والأخذ لا يشبع شهوته.
إنه لا يبتهج في اختبار اللطف كما في أن يكون لطيفاً لأنه يفضّل أن يحفظ صديقه على ارتباط معه بدل أن يكون مديوناً له، أو بالأحرى إنه يتمنى أن يكون مديوناً لصديقه وأن يكون صديقه الدائن.
إنه يتمنى أن يمنح الخدمات لا كَمَن يقدم خدمات بل كَمَن يفي ديناً.
عندما تُفقَد الصداقة، نحن نربك بخدماتنا الذين نخدمهم ونضخم الأمور الصغيرة. إنما عندما توجد الصداقة فنحن نكتم الخدمات ونتمنى أن نُظهِر الأمور الكبيرة كصغيرة حتى نظهر صديقنا كمديون لنا بل على العكس كدائن ونحن كمديونين.
أنا أعرف أنّ كثيرين لا يفهمون ذلك، إنّما السبب هو أنني أتحدث عن أمر سماوي. إنّه كما لو أني أتحدث عن بعض النباتات التي تنمو في الهند والتي لم يختبرها أحد.
لا تستطيع اللغة أن تظهر هذه النبتة حتى ولو استعملنا عشرات الآلاف من الكلمات.
حتى الآن، كل ما أقوله يبقى بلا جدوى لأن أحداً لا يقدر ان يصفها. هذه النبتة قد غُرسَت في الملكوت، وأغصانها محملة لا بالجواهر بل بالحياة التي لا تنتهي، الحياة الأكثر متعة من الجواهر.
ولكن عن أي نوع من المتعة أنت ترغب بالكلام؟ أهي المتعة الشائنة أم المتعة الفاضلة؟ إن حلاوة الصداقة تتخطى كل المتع الأخرى.
أنت قد تذكر حلاوة العسل، غير أن العسل قد يؤدي إلى التخمة، بينما الصديق لا يتخم طالما هو صديق. تزداد الشهوة عند إرضائها، بينما هذه المتعة لا يمكن لها أن تتركنا مشبَعين.
إن الصديق أكثر حلاوة من الحياة الحاضرة. لهذا، يتمنى كثيرون الموت بعد رحيل أصدقائهم. مع الصديق، يصبح النفي مُحتملا بينما من دونه لا يختار أحد العيش حتّى في موطنه.
حتّى الفقر يمكن احتماله مع الصديق والغنى والصحة لا يُطاقان من دونه.
أن يكون عندك صديق هو أن يكون عندك نفس أخرى. إنه الانسجام والتناغم اللذين لا يساويهما شيء. في هذا يساوي الواحد كثرة. إذ لو اتّحد إلإثنان أو عشرة، فإن كلاً منهم لا يعود واحداً بل يصبح لكل منهم قدرة العشرة وقيمتهم.
وسوف تجد الواحد في العشرة والعشرة في الواحد. إذا كان لهم عدو، فهو لا يهاجم الواحد بل العشرة، وبالتالي لا يُهزَم ولا يتراجع من الواحد بل من العشرة.
إذا وقع واحد منهم في عوز، فهو ليس مهجوراً لأنه يزدهر بجزئه الأكبر، أي بالتسعة، ويكون جزؤه الأضعف في أمان أي أن الجزء الأصغر يزهو. لكل منهم عشرون يد وعشرون عين والعدد نفسه من الأرجل, لأنه لا ينظر بعينيه الشخصيتين فقط بل بأعين الكل.
إنه لا يسير برجليه الشخصيتين فقط بل بأرجل الكل ولا يعمل بيديه فقط بل بأيدي الكل. إن له عشرة أنفس، لأنه لا يهتم لنفسه بل التسعة الآخرون يهتمون له. ولو كانوا مئة فالأمر نفسه سوف يحدث والقدرة سوف تزداد.
أنظر إلى فضيلة المحبة التي من الله!
كيف أنها تجعل شخصاً واحداً غير مقهور ومساوياً لكثيرين.
كيف يمكن للشخص الواحد أن يكون في أماكن مختلفة.
أن يكون الشخص في روما وفي بلاد فارس في آن واحد، ما تعجز الطبيعة عن عمله تعمله المحبة. إذ إن جزءً من المرء سوف يكون هناك وجزء آخر هنا.
بل بالأحرى سوف يكون كله هناك وكله هنا. وإذا كان له ألف صديق، والفان، تصوّر إلى أي ذروة ترتفع قوته. أترى كم أن المحبة هي أمر نافع؟ إنه لأمر رائع:
أن تجعل المرء ألف ضعف. إذاً السؤال هو: لمَ لا نحوز هذه القوة ونضع أنفسنا في أمان؟ إنها أفضل من كل قوة ومن كل فضيلة.
إنها أكثر من الصحة وأفضل من ضوء النهار نفسه. إنها الفرح. إلى متى نحتجز محبتنا في شخص أو اثنين؟
تعلّم من اعتبار العكس. لنفرض أن شخصاً ما لا اصدقاء له، هذا غاية الجهل
يقول الأحمق لا صديق لي(سي 20: 17). ما هو نوع الحياة التي يحياها هذا الشخص؟ حتى ولو كان عنده غنى مضاعفاً ألف مرة، ولو كام يعيش في الوفرة والرفاهية ويمتلك أضعافاً من الأشياء الجيدة،
فهو محروم بالمطلق وعارٍ. ولكن مع الأصدقاء الأمر مختلف.
حتى ولو كانوا فقراء فمعهم أكثر من الأغنياء. ما لا يجازف امرء بقوله لنفسه، فإن صديقه يقوله له. وما لا يستطيع تأمينه لنفسه، فيستطيع تأمين أكثر منه من خلال الآخرين.
وهكذا يكون الصديق لنا سبباً لكل سعادة وفرح. لأنه من المستحيل أن يُصاب مرء ما بأذى وهو محاطٌ بكثرة من الحراس.
حتى حراس الإمبراطور الشخصيون ليسوا حريصين كما الأصدقاء. فأولئك يحرسون بالخوف من النظام أما هؤلاء فبالمحبة.
المحبة أكثر إلزاماً من الخوف. بالواقع، قد يخشى الملك حراسه أما الصديق فيثق بأصدقائه أكثر من نفسه وبسببهم لا يخشى المتآمرين عليه.
إذاً لندبّر هذه السلعة لأنفسنا: الفقير حتى يتعزّى عن فقره، والغني حتى تصبح ثرواته في أمان، الحاكم حتى يحكم بسلام والمحكوم حتى يكون له حكامٌ صالحون.
إن الصداقة فرصة لعمل الخير ومصدر للرحمة. حتى بين الوحوش، فإن أكثرها وحشية وصعوبة مراس هي تلك التي لا تتآلف معاً.
نحن نسكن المدن وعندنا أسواق حتى نبني علاقات مع بعضنا البعض.
هذا أمر به الرسول بولس عندما حرّم قائلا
غَيْرَ تَارِكِينَ اجْتِمَاعَنَا كَمَا لِقَوْمٍ عَادَةٌ(عب 10: 25).
إذ لا شيء أسوأ من العزلة وغياب المجتمع والعلاقة مع الآخرين.
قد يتساءل البعض إذاً: ماذا عن الرهبان، وعن المتوحدين على رؤوس الجبال؟ إنهم ليسوا بدون أصدقاء. لقد نزحوا عن جلبة الأسواق ولكن عندهم الكثيرين ممَن هم على اتفاق معهم ومرتبطون ببعضهم البعض في المسيح.
وهم قد انسحبوا إلى هناك لكي يتمموا هذا الأمر. ولأن الحماسة في الأعمال تقود الكثيرين إلى النزاعات فهم قد تركوا العالم ليحصّلوا المحبة الإلهية بقوة أكبر.
قد يقول المشكك: ماذا؟ إذا كان الرجل وحيداً، كيف يكون له أصدقاء؟
أنا بالواقع أتمنى لو كان ممكناً أن نعيش كلنا معاً ولكن في الوقت نفسه أن تبقى الصداقة ثابتة. إذ ليس المكان ما يصنع الصديق ، إلى هذا، فالرهبان عندهم الكثيرون ممن يحترمونهم، ولا أحد يحترم إلاّ الذي يحب. فالرهبان يصلون لكل العالم وهذا أكبر دليل على الصداقة.
وللسبب نفسه نحن نقبّل بعضنا بعضاً في القداس. حتى نكون واحداً مع أننا كثيرون.
ونحن نصلي من أجل غير المؤمنين والموعوظين والمرضى وثمار الأرض والمسافرين في البر والبحر. لاحظ قوة المحبة في الصلوات وفي الأسرار المقدسة وفي التعليم.
إنها سبب كل الأمور الحسنة. إذا التزمنا بهذه الوصايا مع الانتباه اللازم فسوف نقدر على تدبير الأمور الحاضرة جيداً ونحصل على الملكوت.
 
قديم 05 - 08 - 2014, 12:22 PM   رقم المشاركة : ( 4745 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,860

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

حياة الفضيلة
بين الهدف والوسيلة
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
قداسة البابا شنوده الثالث
كلنا تقريباً نتفق فى الأهداف أو الأغراض، ما دام الهدف سليماً وخيِّراً. ولكننا نختلف فى الوسائل المؤدِّية إلى الهدف ... فما هى أسباب إختلاف الوسائل إذن؟ سببها إختلاف الفكر والعقل. كل مِنَّا له فكره الخاص، ونظرته الخاصة إلى الأمور. كذلك تختلف الأفكار بدرجة الذكاء، وبالتالي في الحُكم على الأمور. كما يختلف الناس أيضاً فى الطِّباع وفى نوع النفسية. كما يختلفون من جهة البيئة المحيطة بكل منهم ومدى تأثيرها عليهم ...

لذلك نجد إناساً طيبين، ويريدون الخير، ومع ذلك فوسائلهم مختلفة. كل واحد له منهجه الخاص فى الوصول إلى الغرض.

أحياناً يوجد تنوّع، وأحياناً يوجد إختلاف وخلاف ... والتنوع شيء طبيعي.
ولكن الإختلاف كثيراً ما يتسبب فى إنقسام وصراعات. ورُبَّما يتحوَّل من الموضوعية إلى خلاف شخصي. ورُبَّما إلى خصام وإلى عداوة.

مثال لذلك موضوع الاصلاح: كلنا نحب أن تنصلح الأمور. ولكن يختلف الأسلوب،
فإنسان يرى أن الاصلاح يأتي عن طريق الحكمة والتفكير والتفاهم. وآخر أسلوبه فى الإصلاح هو العنف. عن طريق النقد الشديد والمنشورات والتجريح والتشهير. ويقول إن المخطئين
لا يصلحهم إلا اتخاذ الشدّة معهم. وآخر يقول: تنصلح الأمور بالصبر وطول الآناة، وآخر يقول: نُصلِّي ونصوم، واللَّه يتدخَّل ويصلح كل شيء.

لذلك إن اشتركت مع أحد فى عمل ما، أو من أجل خير ما، لا يكفى أن يكون مشتركاً
معك فى الهدف والغرض. إنما ينبغي أن يكون أيضاً مُشتركاً معك فى الوسيلة وأسلوب العمل. لئلاً تكون طريقته فى تنفيذ الغرض المشترك غير طريقتك. فتختلفان معاً، أو يُسبِّب لك مشاكل باعتباركما شريكان فى عمل واحد.

الخطير فى مسألة الوسيلة هو المبدأ الميكاڤلي. وكان ميكاڤلي يقول: الغاية تُبرِّر الوسيلة. فيظنه البعض أن الهدف الطيب يُبرِّر الوسيلة الخاطئة!!

فمثلاً إنسان بِاسم الغيرة المقدسة على عمل الخير، لا مانع عنده من أن يصيح وينتهر ويوبِّخ ويشتم، ورُبَّما يرفع قضايا ... ونحن نقول لمثل هذا الشخص: " إن الغيرة المُقدسة تناسبها وسيلة مقدسة ".

وبالمِثل أب يقسو جداً على ابنه حتى يُعقِّده نفسياً، ويحتج بغرض مُقدَّس هو تربية ابنه! الغرض سليم ولكن الوسيلة خاطئة. أو أب من أجل حرصه على عفاف ابنته يعاملها بشدة وقسوة حتى تهرب من بيته، وتبحث عن صدر حنون يعطف عليها ... أو زوج يحبس زوجته فى البيت ويُقيَّد كل تحركاتها وكلامها بحجة الحفاظ عليها! الوسيلة أيضاً خاطئة ... أو أُم تتدخل فى صميم الحياة الزوجية لابنتها، وعلاقة الابنه بزوجها.
وقد تتسبب فى فصلها عن زوجها. وتختفي وراء هدف مُقدِّس وهو الحرص على ابنتها وضمان راحتها.

كثيراً ما ضيّع الناس أنفسهم وعلاقتهم بالوسيلة الخاطئة: مثال ذلك شخص يسعى إلى مصالحة غيره. وهذا هدف سليم بلا شك ولكنه يرى أن الوسيلة هى العتاب. لا مانع. ولكنه فى طريقة العتاب، يُعيد الأوجاع والجروح القديمة، ويضغط عليها بأسلوب يتعب الطرف الآخر.

ويخرج من العتاب وقد ساءت العلاقة عن ذي قبل لأن وسيلة العتاب كانت خاطئة ... بعكس ذلك إنسان آخر يستطيع بالعتاب أن يكسب الموقف، بل يجعل الطرف الآخر يتفهّم الأمور ويعتذر له، ويخرجان صديقين كأن شيء لم يكن.

العتاب هو العتاب. ولكن وسيلته عند واحد مقبولة ومجدية، وعند آخر متعبة ومؤذية وتأتي بعكس المطلوب ... فواحد يُعاتب بطريقة هادئة، والآخر يُعاتب بطريقة ساخطة.
الأول يعاتب بحُب وعشم، والثانى يُعاتب بحقد وإنتقام. فواحد منهما يُريد أن يُصالح.
والآخر يُريد أن يثبت للطرف الآخر أنه مخطئ!

جماعة تدخل فى جمعية أو مؤسسة ما. وكلهم يريدون الخير لهذه المؤسَّسة. ولكنهم يختلفون فى الوسيلة أحدهم يرى أن الوسيلة هى التعاون الكامل، ولو في ذلك لون من إنكار الذات. ولكن عضواً آخر يرى أن وسيلته هى السيطرة وتدبير الأمور حسب حكمته هو.
كل واحد له طريقته. ولكن يحدث الإختلاف حينما يرى البعض أن وسيلته هى الطريق الوحيد السليم. وينتقد غيره من الوسائل أو يحاول تحطيمه.

يُمكن أن يوجد تنسيق وتكامل وتعاون بين الطُّرُق المتنوعة المُتعدِّدة الواصلة إلى غرض واحد. ولكن يحدث التصارع بين الوسائل المتناقدة.

نطرق موضوع معاملة المخطئين: كلنا نكره الخطأ، ونأخذ من أصحابه موقفاً معارضاً. هذا غرض واحد ولكن الوسائل تختلف: البعض يبعد عن المخطئين، ينعزل عنهم ولا يختلط بهم. والبعض يأخذ منهم موقف المقاومة، ويرد لهم بالمثل، ويحاسبهم على كل خطأ، ولا يترك الأخطاء تمر بسهولة أو بدون مؤاخذة. والبعض يحاول أن يصلح هؤلاء ويكسبهم، رُبَّما بالحُب والصبر،

ورُبَّما بالمواجهة والاقناع ... والمُهم أن نوصلهم إلى اللَّه وإلى الطريق السليم ونربح نفوسهم.

أحياناً تتحوَّل الوسائل إلى أهداف. فكلنا نرى أن هدفنا الروحى هو الوصول إلى اللَّه. ونرى أن من الوسائل الصلاة والصوم ... الخ، ولنأخذ الصوم مثلاً وكيف يتحوَّل عند البعض إلى هدف فى ذاته، بينما هو وسيلة نوجد بها فى فترة روحية تًساعدنا على الوصول إلى اللَّه. فنمنع أنفسنا عن كل ما نشتهيه لكى نتعوّد السيطرة على الارادة وبهذا يُمكن أن نمنعها عن الخطأ كما منعناها عن الأكل.

هل نحن نحرص فى صومنا أن يوصلنا إلى هذا الهدف الروحى؟! أمْ نحن نصوم لمُجرد الصوم بلا هدف وبلا فائدة وبلا نتيجة!

لذلك كله ينبغي أن يراجع كل إنسان هدفه. ويتحقَّق أن وسيلته توصّله إليه. يتأكد أن الهدف سليم وروحي، وأنه لم ينحرف عنه إلى هدف آخر، وأنه يستخدم الوسيلة السليمة التي تُحقِّق هدفه الروحي ...
الهدف الروحي الوحيد هو الوصول إلى ارضاء اللَّه والوصول إلى ملكوته. وما الصلاة والصوم والقراءة الروحية والتأمل والوحدة سوى وسائل توصِّل إلى هذا الهدف وكذلك الفضائل هى مُجرَّد وسائط توصِّل إلى الهدف الذي هو اللَّه ... ولكن للأسف قد تتحول هذه الوسائط كلها إلى أهداف!!
 
قديم 05 - 08 - 2014, 12:23 PM   رقم المشاركة : ( 4746 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,860

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

حول أفكار القلب

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الأب برفيريوس الرائي



"علينا في كلّ حين أن نطلب لإخوتنا بمحبّة"

ليكن عندنا الصّلاح والمحبّة في داخل نفسنا

للإنسان قوى يستطيع بطريقة ما نقلَ الخير أو الشرّ إلى محيطه. هذه الموضوعات جِدّ ْ دقيقة، وهي بحاجة إلى إنتباه كبير. علينا أن نرى أبسط الأشياء وبطريقة صالحة، كما ويجب أن لا نفكّر أبداً بالإساءة للآخرين. نظرةٌ واحدةٌ وتنهيدةٌ واحدةٌ تؤثّران على من يعيشون معنا. والغضبُ مهما قلَّ يولّد شرّاً. ليكن عندنا الصّلاح والمحبّة في داخل نفسنا. ولننقُلهما بالتالي إلى الآخرين.


ولْننتبه أن لا نَغضَب على الذين يُؤذوننا بل فلنُصلِّ فقط بمحبّة من أجلهم. ويجب ألاّ نفكّر أبداً بالإساءة إليهم وإن تمادى بعضُهُم في أذِيَّتنا ولو كان يعيش معنا، وعلى صلاتنا أن تكون دائماً وأبداً بمحبّة وأن نفكّر بالخير في كلّ آن.


ترَوْنَ كيف كان الشهيد الأول استفانوس يدعو (لراجميه) بصوتٍ عظيم: «يا رب، لا تُقمْ لهم هذه الخطيئة». (أعمال الرسل ۷: ٦۰)، وعلينا نحن أن نقتدي به.


يجب ألاّ نفكّر أبداً بأنّ الله سيُنزل بالآخر سوءاً ما، أو سيعاقبه على خطيئته. هذا الفكر يجلُب الشرّ العظيم دون أن نُدرك نحن ذلك. نغضَب مرّاتٍ كثيرة ونقول للآخر: «ألا تخاف عدالةَ الله، ألا تخاف من أن يعاقبك؟» ونقول مرةً ثانيةً: «ليس من الممكن إلاّ أن يعاقبك الله على ما فعلته». أو«يا إلهي، لا تُنزِل شرّك على ما فعله نحوي هذا الإنسان» أو «أن لا يعاني هذا الإنسان ما عانَيت».


في شتّى الحالات، يختلجُ شوقٌ في أعماقنا لأن يُعاقَب الآخر. لكن، بدل أن نعترف له بِغضبِنا من جرّاء غلطته، نُبيّن بطريقة أخرى غضبنا متظاهرين بأنّنا نرجو الله لِيَرْفق به، أمّا في الواقع فنلعنُ هذا الأخ.


وبدل أن نصلّي أحياناً نقول «لِيجازِكَ الله ولْتلقَ الشرّ منه على ما فعلتَهُ بي»، وعندها، ندعو الله مجدّداً أن يعاقِبَهُ.


وأيضاً عندما نقول، «فليكن.....، الله يرى»، إستعدادُ نفسِنا يعمل بطريقةٍ سرّيةٍ، يُؤثّر على نفس هذا الإنسان الذي يعيش معنا وهذا الأخير يعاني الشرّ.


عندما نفكّر بالسوء، تخرج من داخلنا قوةٌ ما شرّيرة وتنتقل إلى الآخر كما ينتقل الصوت بواسطة التموُّجات الأثيرية، وبالفعل يعاني هذا الأخير السوء، ويَحِلُّ أمر ما كصيبة العين عندما تكون في قلب الإنسان أفكارٌ شرّيرة للآخرين، وهذا نتيجة غضبنا الذاتي. نحن ننقل بطريقة غير منظورةٍ شرّنا. لا يسبّب الله الشرّ بل الشرّ سبَبُهُ الناس. الله لا يعاقب، بل استعدادُنا للشرّ ينتقل سرّا ً إلى نفس الآخر فيُولّد فيه الشرّ. المسيح يرفض دوماً الشرّ. وعلى العكس يدعو :


«باركوا لاعنيكم» متى ۵׃٤٤


صيبةُ العينِ قباحةٌ كبرى. وهي التأثير الشرّيرالحاصل عندما يغار أحدٌ من أحدٍ ويتمنّى متاعاً أو شخصاً يرغب به. هذا يتطلّبُ إنتباهاً كبيراً. الحسد يُولّد شراً كبيراً للآخر ومن يصيبُ بالعين لا يخطُرُ بباله وإن قليلاً بأنّه يقترف السوء. أرأيتم ما يقوله العهد القديم: «سحرُ الباطِلِ يُغشّي الخيرَ». (حكمة سليمان ٤׃١٢).


غير أنّ إنسان الله الذي يعترف ويتناول القربان المقدّس ويحمِلُ الصليب، لا تنالُ منه أبداً قوى الشرّ وإن تجَمْهَرَ عليه كلّ الشياطين.


" ضجيج التذمّرات لا يَخفى "


في نفوسنا مكانٌ يُدعى«مهذّب الأخلاق» «moraliste». يثور هذا المثالي ويدين من يخالف، في الوقت الذي يرتكب هو ─ومرّاتٍ كثيرة─ المخالفةَ ذاتَها. ويرمي هذا المثاليُّ دائماً المخالفات على الآخر منزِّهاً نفسه عنها. وهذا لا يريده الله.


يقول المسيح في الإنجيل:«يا من تعلِّم غيرك أما تعلِّم نفسك؟ أنت يا من تعظ أن لا يَسرِق أتسرقُ؟» (رومية۲:٢١).


من الممكن أن لا نسرق، بل نقتل، نلوم الآخر ولا نلوم ذاتنا. نقول على سيبل المثال : «كان عليك فعل هذا. ولكن لم تفعله، فجنت يداك ثمار فعْلتكَ!». في الواقع، نرغب في أن يعاني الآخر شرّاً. عندما نفكّر بالشرّ من الممكن أن يحصل حقّاً. وبطريقةٍ غير معلنةٍ وغير ظاهرة نُضعِف عند الآخر القوّة التي تولّد الصّلاح، فاعلين له الشّر. من الممكن أن نُصبح سبباً لمرضِ هذا الآخر، لخسارتهِ عملهُ، ممتلكاته......إلخ. بهذه الطريقة لا نفعل شرّاً فقط لأخينا بل لذاتنا أيضاً، لأنّنا نبتعد عن نعمة الله. نصلّي ولا تُسمع صلاتُنا. «نطلب ولا ننال». (يعقوب ٤: ٣). لماذا؟ هل فكّرْنا لحظةً بذلك؟ «لأنّنا طالبون ردياً». يجب أن نجد طريقةً نعالج بواسطتها الميول التي في داخلنا، تلك التي تُشعرنا وتدفعُنا إلى التفكير بالشرّ نحو الآخر.


من المحتمل أن يقول «أمرؤٌ سيُعاقَب فلانٌ من الله حسْبَ تصرُّفه»، معتقداً أنّ كلامه لا شرّ فيه. ومن الدقّة بمكانٍِ أن يميّز أحدٌ إذا كان في كلام المرء سوءٌ أم لا. لا يكون الأمر واضحاً. إنّه لشيءٌ خفيّ جداً ماذا تُخبّئ نفسنا وكيف يمكن أن يؤثّر هذا على أشخاص وأشياء.


عندما نقول بخوفٍ إنّ الآخر لا يعيش جيّداً? ونصلّي كي يساعدَه الله ويعطيه توبة، بهذا لا يحصل الشرّ ذاته يعني أن لا نقول وأن لا نرغب في العمق في أن يعاقبه الله على ما فعله. عندها لا نفعل للقريبِ شرّا ً أبداً بل نوفّر له الخير والصّلاح. عندما يدعو أحدٌ لقريبه، تخرج منه قوّةٌ صالحةٌ وتذهب بدورها صوبَ الأخ فتشفيه وتقوّيه وتحييه. غريبٌ كيف تذهب عنّا مثلُ هذه القوّة! في الحقيقة من يحمِل في داخله الخيرَ يُرسِل للآخرين سرّاً وبلطفٍ هذه القوّة الخيّرة. وكذلك يُرسِل نوراً يجعل حوله دائرةَ حمايةٍ ويحميه من الشرّ. عندما يكون فينا استعدادٌ صالحٌ تُجاه الآخر ونصلّي، نخدم الأخ ونساعده ليسيرَ نحو الله.


هناك حياةٌ غير منظورة، هي حياةُ النفس. وهي قويّةٌ جداً وتستطيع أن تؤثّر على الآخر وإن فصلتنا عنه الكيلومترات. ويحصَل هذا مع اللعنة، التي هي قوّةٌ تصنع الشرّ. ولكن إن صلّينا لأحد بمحبّة، ينتقل إليه الخير مهما بَعُدَت المسافة. إذاً لا يتأثّر الخير والشرّ بالمسافات. نستطيع أن نُرسِلَهما إلى مسافات لا حدودَ لها.


يَشهدُ على ذلك سليمان الحكيم: «ضجيج التذمّرات لا يَخْفَى» (حكمة سليمان ١: ۱۰). ضجيج نفسِنا يصل بشكل سرّي ويؤثّر على الآخر وإن لم نعبّر بكلمة واحدة. ومن الممكن، دون أن نتكلّم، نقلُ الخيرِ أو الشرّ إلى القريب مهما فصلتنا عنه المسافة. وما لا يُعبّر عنه له قوّةٌ أكبر من الكلام.


" يا كلّيتي القداسة، إجعليه أن يمجّدَ اسمكِ!"

سأسمِعُكُم حدثاً خاصّاً بي. كنت ذاهباً مرّة إلى ضيعتي عن طريق خلكيذا. فرأيت فيها عند محطّة القطار فتىً يقود عربةَ خيلٍ، كان يحاول أن يعبُرَ سكّة القطار. أمّا حصانه فكان يرفضُ أوامرَهُ، ممّا دفع هذا الأخير إلى شتم كليّة القداسة. حزنت كثيراً حينَها وقلتُ على الفور: «أرجوكِ يا كلّيتي القداسة أن تجعليه يمجّدُ اسمَكِ!». وبعد خمسِ دقائق انقلبتِ عربةُ الفتى رأساً على عَقِب وغطّتْهُ. وفجأة فُتِحَ برميلُ نبيذٍ حلو ٍ كانت تجرّهُ تلك العربة فاغتسل الفتى بهذا النبيذ. ارتجفَ الفتى وقد ضمّ رأسهُ بكفّيْه وبدأ يصرخ: «يا كلّيتـ.....تي.....تي القداسة، يا كلّيتـ.....تي.....تي القداسة، يا كلّيتـ.....تي.....تي القداسة!!».


كنت أنظرُ إليه من فوق.....كنت أبكي وأقولُ إلى كلّيةِ قداستنا: «يا كلّيةَ قداستي، لماذا فعلتِ به هكذا؟ قلتُ أنا أن يمجِّد اسمَكِ، ولكن بغيرِ هذه الطريقة». حزِنتُ للفتى. ندِمْتُ لأنّني سبّبتُ له المعاناة التي عاناها. كنت أعتقد أنّني قد قلت تلك الدعوةَ إلى كلّية القداسة بوداعةٍ وحسن نيّة، عندما سمعتُهُ يشتم اسمها، لكن في داخل نفسي، قد تكوَّن سرّياً -على الأرجحَ غضبٌ ما.


سأقصُّ عليكم حدثاً آخَرَ فتتعجّبون، وليست هذه الأحداث من مخيِّلتي. كلّ ما أقوله لكم هو حقيقي. إسمعوا.


في أمسية من الأمسيات، زارت سيدة ما إحدى صديقاتِها. وفي البهوِ، لفتَ نظرَها إناءٌ يابانيٌّ جميلٌ وقيِّمٌ، مُلِئَ بالأزهار، راحت تتفحَّصُهُ.


- ما أجمَلَ هذا الإناء! متى ابتَعْتِهِ؟


- جاءني به زوجي.

وفي اليوم التّالي، عند الثامنة صباحاً، وبينما كانت السيدة الزائرة تشرب القهوة مع زوجها، خطر ببالها الإناء الذي ترك عندها إنطباعاً كبيراً. وقالت له بإعجاب:


- ماذا أخبِرك عن صديقتي؟! أتاها زوجها بإناءٍ يابانيٍ رائعِ الشكلِ، متعدّد الألوان، وجماله الذي لا يوصف كان يزيِّن كلَّ البهوِ.


وفي اليوم ذاته، ذهبت هذه السيدة من جديد إلى صديقتها لعمل ما. جالت نظرها فلم تَرَ الإناء. قالت:


- ماذا فعلتِ بالإناء؟


- ماذا أقول لك، أجابتها. بينما كنت عند الثامنة صباحاً في غرفتي والهدوءُ يخيِّم في كلّ مكان، سمعت «قرقعةً»! قويّةً، فإذا بإناء الزهر قد سقط أرضاً وتكسَّر قطعاً قطعاً. هكذا حلَّ به، دون أن يلمُسَه أحدٌ، دون أن يلفَحَه الهواء ودون أن تحرِّكه يَدُ إنسان!.

في البداية،لم تنطق تلك السيدة بكلمة. ثمّ قالت:

- ماذا أقول لك.....عند الثامنة، كنّا زوجي وأنا نشرب القهوة وبإعجاب وفرحٍ وصفت له إناءَكِ. وبانفعالٍ كبيرٍ وصفته!. ماذا أقول، أتعتقدين أنَّ قوّةً شريرةً ما كسرتِ الإناء؟ من الممكن حصول ذلك فقط إذا كنت لا أحبُّك.

ولكن حصل هذا.لم تُدْرك أنَّ الشرّ كان في داخلها. هذا كان حسداً، غيرةً وصيبةَ عين. تنتقل القوّةُ الشرّيرة وإن كنّا بعيدين جداً. هذه هي الغرابة في الأسرار. لا مسافَةَ. لِذا انكسرَ إناءُ الزهر. أتذكَّر شيئاً آخَرَ كانت الغيرةُ سببَه.

كانت حماةٌ تغارُ كثيراً من كنَّتِها. كانت لا تريد أن ترى شيئاً جميلاً عليها. ابتاعت الكنَّة يوماً قطعةَ قماشٍ جميلة موشَّحة لِتخيطَها فستاناً لها، اشتعلتِ الغيرةُ في قلب الحماة لمّا رأت قطعةَ القماش. خبّأتِ الكنَّةُ قطعةَ القماش في أسفل صندوقٍ مقفلٍ تحت مجموعة من الثياب كي يحينَ زمانُ خياطتِها. حانَ وقتُ خياطة الثوب. ذهبتِ الكنَّةُ لتجلُبَ قطعةَ القماش وماذا ترى! قطعةُ القماشِ كانت إرباً إرباً، لا فائدة منها، علماً بأنَّ الصندوق كان مقفلاً بإحكام. لا حواجزَ للقوّة الشرّيرة، لا يمنعُها قفلٌ ولا تقفُ في وجهها المسافات. تستطيع القوّةُ الشرّيرة أن تُدهوِرَ سيّارةً دون عطلٍ أو سبب ما.


" بروحِ الله نصيرُ غيرَ قادرين على فعلِ أيّة خطيئة "

حسناً، أفهمتُم كيف أنّ أفكارَنا الشرّيرة وميلَنا نحو الشرّ تؤثِّر على الآخرين؟ لِذا علينا إيجاد طريقة نُطهّر بها عمقَ ذواتِنا من كلِّ شرّ.عندما تكون النفس مقدّسةً، يشِعُّ الخير والصّلاح، ونرسلُ بصمتٍ محبّتنا دون كلام.


من المؤكَّدِ، أنَّ هذا فيه بعض الصعوبة. تذكَّروا، هكذا كانت البداية مع بولس الرسول.كان يقول بألم: «أنا لا أعملُ الصَّلاح الذي أريده وإنَّما الشرّ الذي لا أريده فإيّاه أمارس». (رومية ۷:١٩).


وبالتالي قال: «لكنّني أرى في أعضائي ناموساً آخر يحارب الشريعة التي يريدها عقلي، ويجعلني أسيراً لناموس الخطيئة الكائن في أعضائي. فيا لي من إنسان تعيس! من يحرِّرني من جسد الموت هذا؟» (رومية ۷:٢٣-٢٤).


كان بولس ضعيفاً جدّا ً. وحينَها كان يعجِزُ عن عملِ الصَّلاح، في الوقت الذي كان يتشوَّقُ إليه وإلى عملِ الخير.


هذا ما كان يقوله في البداية. وعندما سلَّم نفسَه بهدوءٍ وتُؤَدَةٍ لمحبَّةِ الله ولعبادته، أبصرَ الله وقدَّر أشواقَهُ، فحلَّ فيه وأسكنَ النعمةَ الإلهية في قلبه. هكذا نجح في أن يعيشَ المسيح. دخلَ المسيحُ نفسُه أعماقَ بولس الذي كان يقول:


«لا أستطيع فِعْلَ الصَّلاح ولكنَّني أشتاقُ إليه»، نجح بولس بنعمة الله أن يصيرَ غيرَ قادرٍ على ارتكاب الشرّ. في البداية، كان غيرَ قادرٍ على فعلِ الخير، وعند دخول المسيح إلى قلبه صارَ غير قادرٍ على فعلِ الشرّ. نَعَمْ، كان يصرخُ قائلاً:


«لا أحيا أنا، بل المسيح يحيا فيَّ». (غلاطية ٢٠:٢).


كان يقول هذا ويعظُ به بفخرٍ وعظمة «أنّ المسيحَ في داخلي»، في الوقت الذي كان يقول في البداية : «كنت أريدُ فعل الخير ولكنَّني كنت عاجِزاً». إلى أين ذهب «إنسانِيَ التعيس....؟» رَحَلَ! النعمةُ الإلهية أنجزتْ عملَها. بدَّلتْ إنساناً تعيساً بإنسان ممتليء نعمة. كافأتْهُ النعمةُ قبل أن يُذَل.


أفهمتم؟ جميعاً نصيرُ بروح الله غيرَ قادرين على فعلِ أيّة خطيئة، غيرَ قادرين لأنَّ المسيح يعيش في أعماقنا. إذاً قادرون فقط على فعلِ الخير. وهكذا ننفصل بنعمة الله عن الشرّ ونستقرُّ في ذاتِ الله.


إذا سلَّمْنا ذواتِنا إلى روح الله، وإذا سلَّمنا ذواتِنا إلى محبَّة المسيح، يتبدَّل الكلّ، يتحوَّل الكلّ، يتغيَّر الكلّ، ويتصيَّر الكلّ. الغيظ، الغضب، الغيرة، الحسد، الحنَقْ، الإدانة، نكران الجميل، التعاسة، الكآبة، يصيرُ الكلّ محبَّةً، فرحاً، رغبةً وعشقاً إلهيّا ً وفردوساً!!!
 
قديم 05 - 08 - 2014, 12:26 PM   رقم المشاركة : ( 4747 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,860

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

الاتكال على المشيئة الإلهية
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
(تأمل للقديس سلوان الآثوسي)
إنَّ الشيء الأثمن في العالم هو معرفة الله ووعي مشيئته ولو جزئياً. إنَّ النفس التي عرفت السيد، عليها، في كل حال، أن تتكل على المشيئة الإلهية وأن تحيا أمامه في المخافة كما في الحب، وفي المخافة لأنه علينا أن نسهر لكي لا نحزن أو نغضب الله بأفكار شريرة.
... كيف ندرك أننا نحيا بدقة حسب المشيئة الالهية؟ هاكم علامة، إذا أحزنك الامتناع عن شيء ما، فهذا يعني أنك لست متكلاً بالكلية على المشيئة الالهية، رغم احساسك بأنك تعمل مشيئة الله.
أما الذي يحيا بحسب المشيئة الإلهية لا يغتمّ ولا ينهمّ لأي شيء. فإذا احتاج لأي شيء، فإنه يفضي بحاجته تلك إلى الله، واذا لم يُحصل على هذه العطية التي هو بحاجة اليها، فعليه أن يبقى، وبرغم كل شيء، هادئاً وكأنه حصل على ما يريده.
...إنَّ الذي يغتمّ لأجل نفسه لا يستطيع الاتكال على المشيئة الإلهية بحيث تلقى نفسه الراحة في الله. لكن النفس المتواضعة تتكل على المشيئة الإلهية وتحيا أمام الله برعدة وبحب، برعدة حتى لا نغضب الله في شيء في الحب لأن النفس نعرف كم يحبنا السيد.
إنَّ العمل الأهم بالنسبة للإنسان هو الاتكال على المشيئة الإلهية وتحمّل التجارب برجاء.
واذ يرى الرب ألمنا، لن يكلّفنا أبداً أكثر من طاقاتنا، واذا بانت آلامنا ثقيلة، فهذه هي العلامة أننا غير متكلين بعد على المشيئة الالهية. إن النفس التي تعرف كيف تتكل على المشيئة الإلهية تجد الراحة فيها، لأنها تدرك بالخبرة وبالكتابات المقدسة أن السيد يحبنا ويسهر على نفوسنا، محولاً كل شيء إلى حياة جديدة بنعمته، مغمورة بسلام وبحب.
إن الذي يعرف كيف يتكل على المشيئة الإلهية لا يحزن من أي شيء، حتى ولو كان مريضاً، فقيراً أو مضطهداً، لأن النفس تعرف أن السيد يهتم بنا بحنو. والروح القدس يشهد للأفعال الإلهية ويعرف الله والله "يعرفه".
أما المتكبرون فإنهم لا يطيعون ولا يريدون الاتكال على المشيئة الإلهية او الامتثال لها، لأنهم يرغبون في اتمام مشيئتهم الشخصية المضرة جداً للروح.
قال الأنبا بيمن: "إن ارادتنا تشبه حائط حلبة المصارعة المنتصب بين الله وبيننا، وهي تمنعنا من الاقتراب منه وتأمل مراحمه".
علينا أن نطلب دائماً من السيد سلام النفس حتى نتمكن ببساطة وبسهولة من إتمام وصاياه، لأن السيد يحب أولئك الذين يتشددون ويغصبون أنفسهم لعمل مشيئته، وهكذا يجدون سلاماً كبيراً في الله.
إن الذين يتممون مشيئة الله يرضون بكل شيء، لأن نعمة المسيح تفرحهم. لكن الذي يحيا في عدم الرضى دائماً والمتأفف الشاكي من المرض أو من الذي أغضبه وأحزنه، فليعرف جيداً، أنه في حالة الكبرياء تلك، قد خلع عنه نعمة الشكر لله.
حتى لو تملكتك هذه الحالة لا تفقد الجرأة، بل تقوّ وضع كل أمَلَك في الله واطلب منه عقلاً متّضعاً. وعندما يقترب منك الروح القدس المتواضع، ستبدأ بمحبته وتجد الراحة.
ان النفس المتواضعة تذكر الله دوماً وتفكر هكذا: "ان الله خلقني وتعذّب لأجلي، وهو يغفر خطاياي ويعزّيني ويغذّيني ويهتم بي، فكيف لي أن أهتم أو أخاف، حتى ولو هددني الموت؟ إن السيد الرب ينير كل نفس ألقت أحمالها وثقلها وانصاعت لمشيئته،
لأنه هو قال:
"وادعني في يوم الضيق فأنقذك وتمجدني" (مز15:49).
إن كل نفس مضطربة أو مغتمة في شيء عليها أن ترجو السيد الخلاص وهو سينيرها، خاصة في حزنها وفي الشدة، واذا لم يحصل المرء على رجائه فليرجع إلى أبيه الروحي لأن أباه أكثر اتضاعاً منه فيساعده.
 
قديم 05 - 08 - 2014, 12:29 PM   رقم المشاركة : ( 4748 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,860

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

لوحة عودة الابن الضال للفنان الهولندي رامبرانْت


1606-1669

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
يتوشَّح الأب بالجلال وينتصب كأنَّه الألِف في البداية. يقف وينحني انحناء القوس الذي يقوم عليه البناء.. ينحني كأنَّه الدائرة في كمالها.. لَكأنّ وجهه وجه الضرير. ذابت عيناه، أذابهما وهو يمارس أبوَّته،
يُحدِّق في الليالي الدامسة، يترقَّب رجوعاً كاد أن لا يكون، فضلاً عن دموعٍ طالما انهمرت ولم يقوَ على إخفائها.أمَّا الابن، فرقبته كرقبة مَنْ حُكِم عليه بالأشغال الشاقة . ثوبه رثّ مهلهل كأنَّه شراع المركب الغريق، تجعَّدت ثناياه بفعل الريح العاتية الشعواء.
يُسند خدَّه إلى أحشاء والده، كأنّي به الوليد في عمق بطن الأم. إنَّه يُتمِّم ولادةً كانت قبلُ ناقصة. الصوت الصامت، النابع من الأحشاء، الصوت الذي أصمَّ عنه أذنيه، أخذ يهمس الآن في مسمعه، وإنَّه لَيَسْمَع.
ارفع عينيك أنت الجاثي، الهائمَ في تعاستك والمطهَّرَ مع ذلك في الجلال... ارفع عينيك وانظر إلى هذا المحيّا، إلى الوجه القدّوس المتأمِّلَ فيك وهو يذوب ألماً ورِقّةً ومحبة. أمعنِ النظر فيه واسمعه يقول لك: "هاءنذا حَفرتُك على صفحة يديّ، فأنت ثمين في عَيْـنِي.
هاتان اليدان لم يبقَ لي سواهما، يدان فقيرتان ولهانتان، وضعتُهما كالرداء على كتفيك الهزيلتَين - فأنت تعود من بعيد- يدان منوَّرتان، ملءُ إحداهما الرِقَّة والأخرى القوّة، شأن الحب بين المرأة والرجل. إنّهما ما زالتا ترتجفان من فرط الوَلَه والسعادة بعد الألم".
أبتِ، أعود إليك يوم أخرجتني من حوض العماد، من رحم البيعة، كان كيوم أخرجتني من مياه التكوين لابساً نعمة النعيم في الجسد الحي الباقي. ثم كان، أن خرجت عنك وعليك، ونزعت ثوب الفردوس، ووشاح العماد، ورحت أتيه في كورة بعيدة حيث توَّرط الابن الشاطر الأول، أبي آدم، من ورثت منه اليتم والعري والتلف وهذه الأرض الشائكة، وهذه النفس القاحلة.
أعود إليك عارياً من كلِّ شيء سوى عاري، حتى ليخفي سكان بيتك، الملائكة والقديسون، وجههم مرتين، مرَّةً خجلاً بسبب ذنبي إليك، ومرَّةً ذهولاً لدى حبك لي. فكيف أصنع أنا بهذا وبذاك، بالذنب وبالحب؟ أين أضع وجهي؟..
أعود إليك عابراً البحر الأحمر وبريّة سينا ووادي التيه، عابراً شقاء الأرض والنفس والتاريخ، عائداً إلى ذاتي البكر الأولى التي خبأْتَ كنز مجدها تحت صورة الهوان.
أعود إليك، تغيَّر كلّ شيء فيّ حتى كدت لا أحدِّق نظري أم شحَّت رؤيتي منذ شحَّت مياه العماد ويبس العود الأخضر. يا إلهي.. أين أنت؟.. لمَ تغيّرتَ، أو بالأحرى، لمَ تركتني أتغيّر؟..
حوض عمادك لا يبرح طافحاً ألا صُبَّ منه قطرة ماء، فقد أتلفني العطش في هذا الجحيم! أرسل من روحك نسمة إلى وجهي فأنتعش من رائحة الميرون النقية فقد يبست عظامي! ردَّني إلى حيث وحين نشأنا معاً..
يا فتوّة القلب والعالم، أعود إليك من كورة الاغتراب أبحث عن الأردن، لأغتسل فيه أو في أحد روافده عساني أسمع مجدّداً صوت الارتضاء بالابن الحبيب.
 
قديم 05 - 08 - 2014, 12:30 PM   رقم المشاركة : ( 4749 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,860

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

أعود إليك




وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
تأمّل
للأب ميشيل الحايك
أبتِ، أعود إليك يوم أخرجتني من حوض العماد، من رحم البيعة، كان كيوم أخرجتني من مياه التكوين لابساً نعمة النعيم في الجسد الحي الباقي. ثم كان، أن خرجت عنك وعليك، ونزعت ثوب الفردوس،
ووشاح العماد، ورحت أتيه في كورة بعيدة حيث توَّرط الابن الشاطر الأول، أبي آدم، من ورثت منه اليتم والعري والتلف وهذه الأرض الشائكة، وهذه النفس القاحلة.
أعود إليك عارياً من كلِّ شيء سوى عاري، حتى ليخفي سكان بيتك، الملائكة والقديسون، وجههم مرتين، مرَّةً خجلاً بسبب ذنبي إليك، ومرَّةً ذهولاً لدى حبك لي. فكيف أصنع أنا بهذا وبذاك، بالذنب وبالحب؟ أين أضع وجهي؟..
وهل كان من يعرفني إن كشفت عنه لولاك؟.. أنت فضحتني لمّا اتخذت عارهُ وظهرت به على مشهد من الخليقة كلِّها.
أعود إليك عابراً البحر الأحمر وبريّة سينا ووادي التيه، عابراً شقاء الأرض والنفس والتاريخ، عائداً إلى ذاتي البكر الأولى التي خبأْتَ كنز مجدها تحت صورة الهوان.
أعود إليك، تغيَّر كلّ شيء فيك حتى كدت لا أحدِّق نظري أم شحَّت رؤيتي منذ شحَّت مياه العماد ويبس العود الأخضر. يا إلهي.. أين أنت؟.. لمَ تغيّرتَ، أو بالأحرى، لمَ تركتني أتغيّر؟..
حوض عمادك لا يبرح طافحاً ألا صُبَّ منه قطرة ماء، فقد أتلفني العطش في هذا الجحيم! أرسل من روحك نسمة إلى وجهي فأنتعش من رائحة الميرون النقية فقد يبست عظامي! ردَّني إلى حيث وحين نشأنا معاً، إذ كان المجد لله في العلى فوق رأسنا وعلى أرضنا المسرّة والرجاء الصالح لبني البشر، وهم إذّاك بنوك وأنا منهم.
يا فتوّة القلب والعالم، أعود إليك من كورة الاغتراب أبحث عن الأردن، لأغتسل فيه أو في أحد روافده عساني أسمع مجدّداً صوت الارتضاء بالابن الحبيب

 
قديم 05 - 08 - 2014, 12:32 PM   رقم المشاركة : ( 4750 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,860

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

مطالب المسيح الثلاثة للخلاص

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
لم يتوقع تلاميذ المسيح أن يكون حالهم أفضل من حال سيدهم، فالتلميذ الأمين لا يتبع معلمه فقط في الحياة بل وفي الموت. فكرة موت المسيح بالنسبة لتلاميذه لم تكن مقبولة بل وبعيدة عن أذهانهم.

فكرة المخلّص المتألم غير واردة في الفكر اليهودي ولذلك لم يفهمها التلاميذ بل حاول بطرس أن يجنّب المسيح عن الآلام:

"فأخذه بطرس إليه وابتدأ ينتهره" (مر 32:8)، والمسيح اعتبر هذه الحركة من بطرس عبارة عن حركة شيطانية لأنه ستؤدي لعدم تحقيق الهدف الذي تجسد له السيد: "فانتهر بطرس قائلاً اذهب عني يا شيطان" (مر32:8).

وعندها خاطب الشعب والتلاميذ كي لا يظنوا أن الذي يتبع المسيح سيعيش براحة وبحبوحة قائلاً: "ودعا الجمع مع التلاميذ وقال لهم من أراد أن يأتي ورائي فلينكر نفسه ويحمل صليبه ويتبعني" (مر34:8) موضحاً ماذا ينتظر الذين سيقبلون تعليمه ويتبعونه.

مطالب المسيح الثلاث:

الطلب الأول هو أن ننكر ذاتنا (مر34:8). النكران يعني التخلي عن محبة الذات وعن كل ما في هذه الحياة أي التخلي عن كل المتطلبات الجسدية وبالإضافة لها أن نكون محبي للتعب.

والتخلي عن المتطلبات البشرية يعني موت الأنا. بالنهاية نكران الذات يعني التخلي عن كثير من أمور حياتية أرضية للسير في طريق الصليب والآلام. قدرتنا على نكران ذاتنا تتحدد بمدى كرهنا للخطيئة وبمدى عمل نعمة الله فينا.

الطلب الثاني هو أن يحمل كل منا صليبه "ويحمل صليبه"، وبحمله يعني القبول بكل مصاعب الحياة وتجاربها بفرح و مجاهدين في كل لحظة لطلب نعمة الرب المنقذة، فلم يصعد أحد إلى السماء بسهولة. كل القديسين حملوا صليبهم الذي أعطاهم إياه الرب سائرين به حتى النهاية ناكرين هذه الحياة وما فيها من أجل المسيح والإنجيل وهذا ما يعني الخلاص:

"ومن يهلك نفسه من أجلي ومن أجل الإنجيل فهو يخلصها" (مر35:8).

الطلب الثالث هو أن نتبع المسيح "ويتبعني" الكثير من اللصوص صلبوا أيضاً، لذلك أراد المسيح القول لا يكفي أن نصلب ذاتنا بل يجب أن نتبعه وهذا يعني أن نطبق وصاياه ونكتسب الفضائل كارهين الخطيئة مطبقين بغيرة وصايا وناموس الرب.

واجب المسيحي:

في البداية يجب معرفة أن لا خلاص خارج صليب المسيح. وهذا ما شدد عليه بقوله: "الحق الحق أقول لكم إن لم تقع حبة الحنطة في الأرض تمت فهي تبقى وحدها. ولكن إن ماتت تأتي بثمر كثير" (يو24:12). وبقدر ما نحن متعلقين بهذا العالم بقدر ما هو صعب حمل الصليب، ولنواجه الحقيقة ونكون صريحين أغلبنا متعلّق بحب الذات وهذا العالم.

وحب الذات له أشكال كثيرة فنراه في حب المال و التعلق بملذات هذا العالم و مرض العجُب والحقد و الملذات الجسدية و التمسك بآرائنا... الخ وإذا لا نقلع جذور حب الذات صالبين أنفسنا وأهوائنا لا يمكننا أن نكون تلاميذ حقيقيين للمسيح.

القوى الشيطانية تفعل المستحيل كي نقع في حب الذات وهن نحن بحاجة لمعونة الرب، صليب المسيح سيساعدنا كي نتشدد في جهادنا. فلنبتعد عن كل ما هو متجذّر فينا ويفصلنا عن المسيح، هذا التخلي عن الذات للارتباط بالمسيح صعب جداً لكن من ورائه يأتي الخلاص، هو الطريق الضيق للكنيسة. وحتى نستطيع السير فيه علينا أن نقوى بأسرار الكنيسة فنستطيع أن نواجه أهوائنا وخطايانا.

يقول بولس الرسول: "أموت كل يوم" (1كو31:15) هو كان يموت كل يوم في العالم ليعيش قرب المسيح ونحن علينا فعل ذات الشيء كي ننال الخلاص.
 
موضوع مغلق

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:32 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024