![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 47401 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() القديسة مريم والهروب الى مصر وحياة المنفى والغربة تكلّم الـملاك مع يوسف فى حلم ليوجه له أمراً غريبـا أنـه الرحيـل والهروب إلى مصر قائلاً له:"قم وخذ الصبي وأمه وإهرب إلى أرض مصر وكن هناك حتى أقول لك فإن هيرودس مزمع أن يطلب الصبي ليهلكـه فقام وأخذ الصبي وأمه ليلاً وإنصرف إلى مصر"(متى13:2).وكان الرحيـل حسب أمـر الرب. لقد أمر الرب ابرام فى القديم أن يترك أهله وعشيرتـه، وها هو يطلب الآن من مريم ويوسف أن يتركا الأهل والعشيرة الى أرض غريبـة ووثنيـة. لابد من التضحيـة إذن ولا بد من حياة الكمال من فضيلة التجرد ولا بد من حمايـة الطفل. وسار يوسف ومريم الى الطريق الـمؤديـة الى مصر. بعد ذلك وجه الملاك أمراً ليوسف بالعودة قال له:"قم وخذ الصبي وأمـه وإذهب إلى أرض إسرائيل لأنـه مات الذين كانوا يطلبون نفس الصبي فقام وأخذ الصبي وأمـه وجاء الى أرض إسرائيل"(متى20:2-21). ولنتأمل فى مشاعر تلك الأم القديسة وما سمعته من قبل فها قد بدأ فيها حياة الألم عند العذراء حسب نبؤة سمعان الشيخ لها فى الهيكل:"وأنتِ سيجوز سيف فى نفسِك"(لوقا35:2).وبعد قضاء حوالي ثلاث سنوات فى أرض الغربة جاء قول الملاك ليوسف فأطاعت وأكدت ايمانها فالإيمان هو "الوثوق بما نرجوه وتصديق ما لا نراه"(عبرانيين1:11). وتذكرت النبوة القائلة "من مصر دعوت إبني"(هوشع1:11)، وتذكرت أيضاً ان رحلتهم فيها تشابه ما بين 40 يوم عبور ارض سيناء وعبور بنى اسرائيل الى ارض الميعاد فى 40 سنة. تأمّلوا الحزن الشديد الذي شعرت به مريم عندما اضطرت أن تهرب مع القديس يوسف فجاة في الليل لحماية طفلها الحبيب من أمر الذبح الذي أصدره هيرودس. أي كرب هذا الذي عانته، كم هو شديد الحرمان الذي قاسته في هذه الرحلة الطويلة، وأيّة آلام تلك التي تحملتّها في أرض الغربة. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 47402 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() القديسة مريم وفقدان الطفل الإلهي في الهيكل "وكان ابواه يذهبان كل سنة الى اورشليم في عيد الفصح. ولما كانت له اثنتا عشرة سنة صعدوا الى اورشليم كعادة العيد.وبعدما اكملوا الايام بقي عند رجوعهما الصبي يسوع في اورشليم ويوسف وامه لم يعلما. واذ ظناه بين الرفقة ذهبا مسيرة يوم وكانا يطلبانه بين الاقرباء والمعارف. ولما لم يجداه رجعا الى اورشليم يطلبانه. وبعد ثلاثة ايام وجداه في الهيكل جالسا في وسط المعلمين يسمعهم ويسألهم.وكل الذين سمعوه بهتوا من فهمه واجوبته. فلما ابصراه اندهشا.وقالت له امه يا بنيّ لماذا فعلت بنا هكذا.هوذا ابوك وانا كنا نطلبك معذبين. فقال لهما لماذا كنتما تطلبانني ألم تعلما انه ينبغي ان اكون فيما لأبي. فلم يفهما الكلام الذي قاله لهما. ثم نزل معهما وجاء الى الناصرة وكان خاضعا لهما.وكانت امه تحفظ جميع هذه الأمور في قلبها.واما يسوع فكان يتقدم في الحكمة والقامة والنعمة عند الله والناس"( لوقا2 :41-52). كم كان حزن مريم كأم مفزعا عندما اكتشفت أنّها أضاعت ابنها الحبيب. عادت مريم مع القديس يوسف إلى أورشليم وبحثا عنه طيلة ثلاثة أيام حتّى وجداه في الهيكل. هنا نجد أن يوسف ومريم كانا "معذَّبين"، لا لإِعتقادهما أن الصبي قد فُقد أو مات، فلم يكن ممكنًا لمريم أن تشك هكذا، وهو الذي حُبل به من الروح القدس، وبشَّر به الملاك، وسجد له الرعاة، وحمله سمعان، ولا يمكن أن تنتاب نفس يوسف هذا الفكر، وهو الذي أمره الملاك أن يأخذ الطفل ويهرب به إلى مصر وسمع هذه الكلمات: "لا تخف أن تأخذ مريم امرأتك لأن الذي حُبل به فيها من الروح القدس" (متى 1: 20). لا يمكن أن يخَف يوسف على الطفل وهو متيقِّن أنه الله (الكلمة)، إذن فعذاب الأبوين وسؤالهما له مغزى آخر، فلقد بحثا عن يسوع وذُهلا لمجرَّد التفكير أنه ابتعد عنهما، أو تركهما وذهب إلى موضع آخر. أن من يكون مع يسوع قد يفقد صوابه لمجرد إبتعاده ولو لبرهة. فحزن مريم وعذابه لأنها لم ترى يسوع طفلها ثلاث أيام متصلة وكأن الله يعد تلك الأم لتلك الأيام الثلاث التى سيبقى فيها يسوع فى القبر. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 47403 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() القديسة مريم وموت القديس يوسف لقد مات يعقوب بن اسحق بفرح القلب بعدما رأى وجه ابنه يوسف "فقال اسرائيل ليوسف دعنى اموت الآن بعدما رأيت وجهك لأنّك بعد باقِ" (تكوين30:46)، وسمعان الشيخ قد ماتا بعد ان حمل على ذراعيه مخلص العالم"الآن تُطلق عبدك ايها الرب على حسب قولك بسلام.فإن عيني قد ابصرتا خلاصك"(لو29:2). فما كان أشد فرح قلب القديس يوسف فى الساعات الأخيرة من حياتـه فها هو يسوع قدوس الله عن يمينه ومريم عروسه على يساره وهما ينظران اليه ويشكرانه على ما تحمله من شتى الأتعاب والأحزان لأجلهما ففاضت روح يوسف بهدوء بين ايدي يسوع ومريم. وهذا إنعام كبير جعله شفيع الميتة الصالحة فلقد كان موته فى حضور يسوع ومريم وهو موت يرجوه كل مسيحي. اما متى مات القديس يوسف فغير معلوم تماما لكن من المؤكد انه مات قبل ان يبدأ يسوع خدمته العلنية وهو فى سن الثلاثين"ولما ابتدأ يسوع كان له نحو ثلاثين سنة"(لوقا33:3). أما مريم فها هى تفقد شريك اختاره الله ليحمل معها مسؤولية العناية بالطفل الإلهي ورسالته. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 47404 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() القديسة مريم وبدء رسالـة يسوع قبل بدء يسوع حياتـه العلنيـة "كان لـه نحو ثلاثين سنة"(لوقا23:3)، ذهب إلـى الأردن وهناك أعلن الآب السماوي انـه "الإبن الحبيب" وحلّ الروح القدس عليـه على هيئة حمامـة (لوقا22:3)،وبعد هذا قصد يسوع إلـى البريـّة حيث صام أربعين يوما (لوقا1:4-13)،ثم عاد الى الجليل. بعد أعجوبـة عُرس قانـا الجليل والتى فيهـا صنع يسوع أولـى عجائبـه الزمنيـة (يوحنا1:2-11)، يذكر لنـا القديس يوحنا الإنجيلي:"وبعد هذا انحدر الى كفر ناحوم هو وأمـه واخوتـه وتلاميذه ولبثوا هناك أيامـا غير كثيرة"(يوحنا12:2)، ثم بعد هذا ترك يسوع كفر ناحوم وذهب الى أورشليم "وكان فصح اليهود قد قرب فصعد يسوع الى أورشليم"(يوحنا13:2)، ومن الـمرّجح ان مريم العذراء قد رافقت إبنهـا فى هذه الزيارة فهى تعودت ان تذهب الى اورشليم بمناسبة العيد "وكان أبواه يذهبان الى اورشليم كل سنة فى عيد الفصح"(لوقا41:2). وهنا فى أورشليم يظهر يسوع للـمرة الأولـى كـمرسل من الله يتفقد الهيكل وطرد الباعة والصيارفة "لا تجعلوا من بيت أبي بيت تجارة"(يوحنا16:2). وفى فترة العيد "آمن باسمه كثير من الناس لـما رأوا الآيات التى أتـى بهـا". وبعد هذه الأيام غادرت مريم أورشليم وتركت يسوع يتابع جولاتـه التبشيريـة فى مدن اليهوديـة وقراهـا، امـا مريم فمن الـمحتمل انهـا عادت الى الناصرة موطنها الأول وعاشت فيهـا، على الرغم مما ذكره متى الإنجيلي "ولما سمع يسوع ان يوحنا قد ُسلم انصرف الى الجليل وترك الناصرة وجاء فسكن فى كفر ناحوم التى على شاطئ البحر فى تخوم زبولون ونفتالي"(متى12:4-14) ويذكر ايضا فى موضع آخر "فركب السفينة وإجتاز العبـر وأتى الى مدينته فى كفر ناحوم" (متى1:9)، وهذا لا يؤكد إذا ما كانت مريم كانت تعيش مع يسوع فى كفر ناحوم أم انها كانت تقيم فى الناصرة حيث قد تركته لرسالتـه التى جاء من أجلهـا للعالـم. وكانت تلتقى بيسوع فى فترات قصيرة للغايـة فكان اللقاء والإفتراق صعب ومؤلـم على الأم، ولكن كانت القديسة مريم تقبل فى أستسلام لـمشيئة اللـه. وهذه اللقاءات تمت فى أعياد الفصح فى أورشليم (ثلاث أعياد مرّت فى حياة يسوع العلنيـة)، وفى كل مرّة كان يـمر يسوع فى الناصرة أو بجوارهـا، وعندما ذهبت مع الأقرباء محاولـة منعهم "فخرجوا ليمسكوه لأنهم قالوا انه شارد العقل"(مرقس21:3).وبدأت أخبار يسوع وأخبار العجائب تتناقل وتعاليـمه تنتشر "وسار بعد ذلك فى كل مدينة وقريـة ينادي ويبشر بـملكوت الله ومعه الإثناعشر(لوقا1:8). فكان يسوع يعلّم "كـمن لـه سلطان وليس كالكتبة والفريسيين"(متى28:7)، وكانت الجموع فى بلدته تتعجب قائلة:"من أين له هذه الحكمة والقوات. أليس هذا إبن النجّار"(متى54:13). كانت تعاليـم يسوع تعاليـم بسيطة فى كلمات بسيطة لهذا نفذت الى القلوب.ووصل يسوع فى جولاتـه التبشيرية الى الناصرة حيث موطنه الذى عاش فيـه وعـمل،والقديسة مريم كانت مقيمة فيهـا و"أتى الناصرة حيث نشأ" (لوقا16:4-30)، وفى مجمع الناصرة أعلن يسوع صراحـة أنـه الـمسيح الـمنتظر بعد أن قرأ نص اشعيا النبي الذى يتنبأ عن الـمسيّا،فقال لهـم: "اليوم تـم هذا الـمكتوب فى مسامعكم". ولكن كان هجوم أهل الناصرة عليـه شديد :"أليس هذا إبن يوسف" و "اصنع ههنا كل شيئ سمعنا انه جرى فى كفر ناحوم"، وتعجّب يسوع من عدم إيمانهم حتى ان الكتاب الـمقدس يذكر "غير انه وضع يديه على مرضى قليلين فشفاهم"(مرقس5:6)وإمتلأ أهل الناصرة من الغضب "فقاموا وأخرجوه خارج الـمدينة وإقتادوه إلى قمة الجبل الذى كانت مدينتهم مبنية عليه ليطرحوه عنهـا"(لوقا28:4). وذكر هذه الواقعة بهذه التفاصيل من القديس لوقا الإنجيلي يؤكد مرة أخرى أن مريم العذراء كانت حاضرة فى مجمع الناصرة ورأت ما حدث وذكرتهـا كأحد شهود العيـان. ويـا للأم الـمسكينة فقد شهدت كل هذا وبكت من قلة الإيمان ومن غلاظة القلوب وعلى شعب لا يبغى الخلاص والتوبـة، وعلى إخوة يريدون التخلص من أخوهم وها هو سيف آخر ينغمس فى قلب الأم. وتـمر الأيام وقبل عيد الفصح فى السنة الثالثة لخدمة يسوع العلنيـة، سمعت العذراء مريـم عن إقامـة لعازر من بين الأموات وهياج رؤساء الهيكل ضده حتى أن يسوع أقام بالقرب من أورشليم. وقبل الفصح أيضاً أتى يسوع الى بيت عنيـا وأخبر تلاميذه بـما سيحدث لـه حتى يجنبهم ضعف الإيمان. وفى أحد الشعانين أراد يسوع زيارة أورشليم وإنتشر خبر مجيئه فإهتزت الـمدينة كلهـا وصرخت الجماهير "هوشعنا إبن داود" و"مبارك الآتـى بإسم الرب"، وربـما قد شهدت مريم العذراء هذا الإستقبال الرهيب لإبنهـا فهى كعادتهـا تذهب للعيد كل عام. وأمضت مريم الأيام الأخيرة مع يسوع وحضرت العشاء الأخيـر فى العليّة ورأت الإسخريوطي خارجـاً ليلاً ليتتم ما قد إتفق عليـه مع رؤساء الهيكل. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 47405 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() القديسة مريم وصراخ فى بستان الزيتون تروي لنا الأناجيل أنّ يسوع خرج من علّيّة صهيون ليلة الخميس المقدس بعد العشاء الأخير ومضى إلى جبل الزيتون حيث كان يعتاد الذهاب إلى ضَيْعَة تدعى جَثْسَيْمَانِي (متى 26: 36; مرقس 14: 32). ولما بلغ هناك ترك تلاميذه في مغارة (متى 26: 38) وقال لهم: " أمكثوا ههنا ريثما أمضي وأصلّي هناك" (لو 22: 41 ) واصطحب معه بطرس ويعقوب ويوحنا وتنحى جانبا في البستان وقال لهم: " أمكثوا هنا واسهروا معي". ثمّ ابتعد عنهم مقدار رمية حجر أي حوالي 30 مترا وبقي هناك يصلّي وحيدا ويتأمل سرّ عذاباته. ولما حانت الساعة عاد إلى تلاميذه لأن يهوذا الاسخريوطي أوشك على الوصول. بالتأكيد ان مريم الأم أحست بالألم الذى عاناه ابنها الحبيب عند جبل الزيتون عندما توسل لأبيه السماوي ان يعبر عنه، إن شاء، كأس الآلام القادمة. وأحست بتوسلات إبنها وصلاته ثلاثة مرات فى البستان والتى فيها إكتئب وحزن حتى صار عرقه كقطرات دم نازلة على الأرض وحتى اللحظات الأخيرة من آلامه وموته. وانغرس فى نفسها الحزن والمرارة عندما سمعت ان وليدها صرخ بلسانه: "نفسي حزينة حتى الموت". وشعرت بكل الخوف ، والحزن والألم الذي عاناه ابنها قبل العذاب على الصليب، من خيانة يهوذا الأسخريوطي، ذاك التلميذ الذى خصّه بأمانة الصندوق. وعندما أُلقي القبض عليه من قبل أناس جاءوا بمصابيح ومشاعل وأسلحة وسقطوا أرضاً عندما أجابهم "أنا هو". وتـم القبض على يسوع فى بستان الزيتون ليلة الخميس وحوكم وأديـن ووقف شهود زور ضده وفى فجر الجمعة يأخذونـه الى بيلاطس ثم هيرودس ثم بيلاطس مرة أخرى ويُسلّم يسوع للـموت ويُطلق باراباس. وأقتيد يسوع الى الصلب وسار فى أروقة أورشليم، هذه الأروقـة التى شهدت تعاليمه وعجائبه وشهدت أيضاً هتاف الشعب "أنت ملك اسرائيل". |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 47406 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() القديسة مريم فى طريق الجلجثـة تعالوا أيّها الخاطئون، تعالوا وأنظروا إن كان يمكنكم تحمّل مشهد محزن كهذا. هذه الأم الرقيقة والمُحبة تلتقي ابنها الحبيب وسط أولئك الذين يجرّونه إلى ميتة قاسية. تأملوا أيّها الأحباء الحزن الكبير عندما التقت أعينهما، حزن الأم القديسة وهي تنظر إلى ابنها. في طريقِ الجلجثة سار السيّد والجنودُ تسعى كي تُخلي الطريق، إذ تزاحمَ الجميع ليَرَوْ كيف يُكافئُ من صنع المعجزات. كان ينزِفُ الحبيب بعد أن ضُرب بسياطٍ وبتاجِ الشوكِ ملّكوه وبصُراخ الهازئين وبحكم موت العارِ لكي يكرّموه. في طريقِ الجلجثة، سارَ الحبيب، سارَ طوعاً وأختياراً للصليب مثلَ شاةٍ ساقوه للذبحِ وكانت مريم واقفة بين الجموع وبقربها يوحنا وبعض النسوة.بالأمس لم يغمض لها جفن، إذ كان ابنها يسوع في أيدي أعدائه. ها هو بيلاطس يقف فيغسل يديه من دم ابنها ويعلن تنازلاً لرغبة الجماهير المطالبة بقتله "ليصلب" وعندما رنَّ في أذنيها قرار الحكم جاز في قلبها سيف الحزن عميقاً، ورفعت عينيها إلى السماء، واستسلمت لمشيئة الآب السماوي دون أيّ تذمرّ، وصلّت لتوبة أعداء ابنها.ورأت صليباً كبيراً يوضع على كتف ابنها، والجنود ينهالون عليه بالضرب واللكم، ويا لهول وقع هذا الحمل الثقيل على قلب الأم! وكأني بها تصرخ: لماذا كلّ هذا! لماذا الصليب على كتفك الناعم يا حبيبي! يا ليتني أحمله مكانك، فأنا فداك... ولكنّها تيقّنت بأنه سيعانق صليبه راضياً هادئًا وكأنه يعانق العالم بكلّ خطاياه. لقد بدأت المسيرة الصاعدة إلى القمّة، قمّة الجلجلة، إنها لا تتوانى من الصعود معه، وكأنها تحمل الصليب معه. هيّا يا إخوتي، نصعد نحن أيضاً معها وبرفقتها.لم يَغب يسوع عن نظرها لحظة، فهي تحمل معه الصليب، ومعه تسير على طريق الاستشهاد والفداء، ومعه تتلقّى الضرب واللطم، وتسمع صراخ الجماهير الهائجة، وها هو يسوع يسقط تحت الصليب الثقيل، وتحاول من بين الجموع أن تصل إلى ابنها لعلّها تساعده وتشدّده وتعانق معه مشيئة الآب السماوي.وتمكّنت مريم اختراق الجماهير واستطاعت أن تقف أمام ابنها. مسحت دموعها لأن إيمانها أقوى من حزنها، ولأن استسلامها لمشيئة الآب هي كاستسلامه هو. نظرت إليه كما نظر إليها، وفهمت أن ضرورة مشاركتها له في آلامه وصليبه هو في مخطّط الله. فشجّعها كما شجّعته، وابتسما معاً لسرّ الفداء الذي سيتمّ بعد ساعات قلائل، فتتصالح البشريّة بموت ابنها مع الخالق وتحرّر الأرواح المسجونة في مقرّ الموتى وتنطلق إلى السماء التي ستُفتح لهم من جديد بعد لحظات.الجموع تتدفّق من كلّ صوب وناحية، والطريق تصعد رويداً رويداً إلى الجبلوالصليب يزداد ثقلاً كلّما زاد تعب يسوع المنهوك القوّى. مريم تصلّي، مريم تستصرخ الآب السماوي، مريم تتحدّث في قلبها مع ابنها وربّها. ها قد اقتربتَ يا بنيّ من الجبل، تمالك نفسك، ها هي البشريّة من أول الخليقة حتّى القيامة تنتظر تحقيق الفداء، فتشدّد يا بنيّ. نعم إنهض من جديد وتابع الدرب، فالمسيرة شاقّة ولكن الثمرة شيّقة وشهيّة.بدأت نهاية حياة ابنها منذ أن خانه يهوذا وأنكره بطرس وهرب التلاميذ.قواه تخور، فقد أصبحت واهية، ولكنه لم ينبس ببنت شفة. انظروا إليه تحت الصليب، لا يصرخ ولا يتأوّه ولا يتذمّر وهو البريء، بل البراءة بالذات. هل يمكن أن ترى ابنها يقبل أشنع الآلام وترفض هى أن تتحمّل أقلّ الصعاب؟! لقد قالتها من قبل: "ليكن لي بحسب قولك" واستسلمت دوماً لمشيئة الله .يا للصوت القاسي، صوت المطرقة، وهى تدخّل المسامير في يدي ابنها على الصليب، ويا لعظمته في صمته وهو يلتصقُ بهذا الصليب الذي من أجله جاء وتجسّد. ها انها تخشعُ مع الملائكة وترفع نظرها إلى الأب السماوي وتتَّحدُ بكلّ قواها بآلامه المبرحة.أيتها الجراحات المقدسة، فأنت مزمعة أن تبقي مفتوحة في جسم الإبن الحبيب لكي تكوني ملجأً منيعاً لجميع أولئك الذين يبادرون نحوك محتمين فيك. لأنه كم وكم من البشر هم عتيدون أن يقبلوا بواسطتك غفران خطاياهم، وبك تلتهب قلوبهم بمحبة الخير الأعظم.أيتها الأشواك القاسية والمسامير والحربة الجارحة المؤلمة، كيف أمكنكِ أن تعذِّبي بهذا المقدار خالقك؟ فهوذا يسوع قد مات ليخلصك أيها العالم، فليس هو زمنك بعد الآن زمن الخوف والفزع، بل زمن الحب والمحبوب. زمن الانعطاف بالحب الحقيقي، نحو من أظهر لك حقائق حبه إياك باحتماله حباً بك هذا المقدار من الآلام الشديدة. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 47407 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() القديسة مريم عند الصليب " وكانت واقفة عند صليب يسوع مريم أمه ". ( يوحنا 19: 25 ) مريم الأم شاهدت تهتك جسد إبنها الذى بلا خطيئة نتيجة جروحات السياط والجلد وهو مربوط وعندما عرّي من ثيابه وتهكموا عليه جلاّديه. مريم الأم عاينت وشاهدت السخرية والإستهزاء والبصق والمعايرة والتهم الباطلة وشهادات الزور والحكم الظالم بموت إبنها والذى تحمله بكل صبر وإستسلام. مريم الأم رأت تلك الدموع التى سالت من عينيي إبنها والدم الذى اريق،وهو صامت وحزن قلبه العميق. مريم الأم رأت هذا الدم الذى سال من رأس إبنها الأقدس الملكي عندما انغرس فيه اكليل الشوك. مريم الأم أحسّت بالعذاب الأليم الذى عاناه إبنها عندما دًُقت المسامير فى يديه وقدميه وعُلّق على خشبة الصليب. مريم الأم أحسّت بعطش إبنها الذى لا يُحتمل ومذاق شربة الخل الممزوج بمرارة. مريم الأم سمعت صرخة وليدها على الصليب "الهى الهى لِم تركتنى". مريم الأم عاينت رحمة أبنها التى امتدت الى اللص اليمين. مريم الأم عاينت تسليم إبنها للروح الى الأب الأزلي بعد ان قال"قد أُكمل". مريم الأم رأت الدم الممزوج بالماء الذى انسكب من جنب وليدها الأقدس مريم الأم طُعنت فى قلبها عندما طُعن بالحربـة وليدها فسال فيضان النعمة والرحمة نحونـا. مريم الأم تأملت حياة إبنها الطاهرة ورحمته الحانية وموته المشين على الصليب حتى ان الطبيعة نفسها حزنت فتشققت الصخور وانشق حجاب الهيكل وتزلزلت الأرض وصارت ظلمة للقمر والشمس. ان مريم هى حقاً أم الأحزان. أنه مشهد مهيب، يسوع معلق على خشبة العار، غارق في بحر النزاع الأليم، عيناه غائصتان، شفتاه مزرقتان، وجهه مكفهر، رأسه مهدول، شعره منكوث، ركبتاه متصلبتان، جسده كله صائر جرحاً واحداً من الرأس حتى الأقدام. وهناك على مقربة من صليبه أمه مريم، وعلامات الحزن والغم لائحة على محياها، ضروب الشجون والكروب قد انقضت على فؤادها، وقد كتب لها أن تحضر موت وحيدها، وتراه يفارق الروح على أيدي جلادين شرسين قساة. إن مريم على مثال يسوع قد ذاقت علقم الاستشهاد، فالابن يضحى جسده بالموت، والأم تضحى ذاتها لمساهمة آلامه. ولأجل هذا فمريم لم تشعر فقط جسدياً كل ما تكبده يسوع في جسده، بل أن رؤيتها عذاباته قد ألمت قلبها بنوع أبلغ مما لو كانت احتملتها هي عينها، وذلك لأنها كانت تحب يسوع أكثر من نفسها، وحياة يسوع كانت أعز لديها من حياتها ذاتها. وأن نوعين من المحبة قد تقارنا وتألفا في قلب مريم نظراً إلى يسوع، وهما محبة طبيعية ومحبة فائقة الطبيعة. فبالأولى أحبته كابنها، وبالثانية أحبته كإلهها. ومن تآلف وتمازج هاتين المحبتين نجم حب واحد هذا، عظم مقداره حتى أن مريم قد أحبت يسوع غاية ما في وسع خليقة من الخلائق أن تحب. وهذه الدرجة من المحبة الفائقة الوصف لم تحزها إلا بامتياز علوي، إذ أن الآب الأزلي لما أراد أن يشركها في الزمان في الأداة الأزلي للكلمة، قد ألقى في قلبها شرارة من حبه غير المتناهي لأبنه الوحيد. ويؤكد القديس أوغسطينوس أن عذاب البنين هو نفس عذاب الأمهات، لا سيما إذا كن حاضرات لتلك العذابات. إذ لاحظ الألم الذي أصاب شموني أم المكابيين السبعة عند حضورها استشهاد بنيها فقال:" إن هذه الأم المسكينة قد قاست بمجرد نظرها عذاب كل واحد منهم". فعلى هذا النحو قد تم في مريم، إذ أن كل العذابات التي ألمت جسد يسوع قد أثرت في جسد مريم، وولجت في الوقت عينه قلبها لإتمام استشهادها بنوع أن قلب مريم أضحى كمرآة لآلام الابن. فكان يشاهد فيه المجالد والمطارق وأشوك والحبال والمسامير والصليب وباقي آلات العذاب. " ألا يا أماه بحق حنوك الوالدي أخبرينا وقولي لنا أين كنت في ذاك الحين. أهل كنت قائمة عند الصليب؟ آه كلا ثم كلا بل لنقل بالأحرى أنك كنت مسمرة فوق الصليب مع ابنك الحبيب. وبناء عليه يجدر بنا القول أن كل من كان حاضراً في الجلجلة، لمشاهدة تلك الذبيحة العظمى المقرب فيها الحمل البريء من كل عيب، لكان يرى مذبحين عظيمين: أحدهما في جسد يسوع. وثانيهما في حب مريم. ألا يا ملكتي الحنونة لماذا أراكِ مقبلة إلى الجلجلة. ألم يكن يا ترى واجباً أن يصدك عن ذلك الخزي والعار العائدان عليك، لكونك أم هذا المحصى بين الأثمة. أو لم يكن أقله لائقاً أن تمنعك عن ذلك فظاعة هذا الأثم الجسيم، وهو موت إله على أيدي خلائقه. كلا يا أم الأحزان هذا كله كان عاجزاً عن منعك للذهاب إلى الجلجلة، ليس فقط لتندبي موته، بل لتؤازريه وتشاطريه في تقدمه ذبيحة للعدل الإلهي " . وبحضور مريم آلام يسوع ومكوثها عند صليبه، قد شاءت بذلك أن تعلن جهراً أنها ليس فقط قد شعرت بمفاعيل الحزن والألم، بل هي عينها قد صادقت على صيرورة يسوع ضحية لخطايانا. فأتت خاضعة لتقربه بيدها للآب الأزلي، ولم تعرف وتصادق على آلام ابنها في ذلك الحين فقط، بل إن ذلك كان نصب عينها منذ اليوم الذي أجابت الملاك قائلة: " أنا أمة الرب فليكن لي بحسب قولك ". وبنوع أجلى منذ يوم سماعها من فم سمعان الشيخ تلك العبارة الخارقة الألباب: " ها إنه جعل لسقوط كثير من الناس، وقيام كثير منهم في إسرائيل، وآية معرضة للرفض. وأنتِ سينفذ سيف في نفسك لتنكشف الأفكار عن قلوب كثيرة ". ومن هذا القول نجد مريم قد أصبحت ملكة الأوجاع، وشبيهة بابنها في كل الظروف والأحوال. فرافقتها الشجون والكروب في كل خطوة من خطواتها. فقد علمت أن ابنها مزمع أن يموت فداء عن البشر. وقد علمت أنه سيضطهد في تعاليمه، إذ ينكر لاهوته ويُعتبر كمجدف. يُضطهد في شرفه وحكمته، إذ يحسب كأحقر الناس وأجهلهم كمجنون ومعترى من الشيطان. كسكير ومعاشر الخطأة والعشارين. يُضطهد في نفسه إذ أن أباه الأزلي لإنجاز قضاء عدله يرفض طلبته في بستان الزيتون، ويهمله للخوف والحزن. أخيراً يضطهد في جسده وحياته إذ يُعذب في كافة أعضائه المقدسة، في يديه ورجليه في وجهه ورأسه وبدنه كله، بنوع أنه يسلم الروح بين لصين على خشبة الصليب، صائراً جرحاً واحداً، ومشبعاً عاراً وهواناً. هذا ما كانت تشعر به مريم في كل ساعة ودقيقة، هذا ما كان يخرق قلبها ويمزق أحشاءها في عيشها بصحبة يسوع موضوع فرحها وحزنها، وموضوع سعادتها وعذابها. وكما أن ابن الله كان هادئاً ساكناً في حال نزاعه على الصليب، لاشتغاله في أعظم الأعمال أي فدائنا. فقد منح هذه الحالة لوالدته لكونها اشتركت معه في ذبيحته. ولذا نراها رافعة لواء النصرة على الأحزان والكروب، واقفة عند الصليب ثابتة الجنان حاصلة على ملء السكينة والهدوء، مبينة بذلك أنها بحرية وطيبة خاطر تقرب ابنها الوحيد للآب الأزلي، ليصبح ضحية انتقامه من الخطيئة وعدله. لقد اشتركت مريم مع ابنها في خلاصنا باحتمالها آلاماً روحية، وذلك بخضوعها وتسليمها إرادتها بين يدي المشيئة الإلهية، التي شاءت وحتمت أن يحل بها كل ما حل بيسوع. لقد صعدت إلى الجلجلة لتقف قرب الصليب، ليس للبكاء والحزن على موت وحيدها فقط، بل لتعلن للآب الأزلي وللبشر أنها تقدم ابنها الحبيب كفارة عن مآثم البشر، ووفاء للعدل الإلهي المهان.وما تحملته من عذابات حسية وروحية قد عقد على هامتها إكليل مشاركة يسوع في عمل الفداء البشري. لذا حق للبتول أن تتوجه نحونا مشتكية قائلة: " ألا يا أولاد آدم الأشقياء يا قساة الرقاب. ما بالكم ترتكبون الأثم كشربكم الماء. ما بالكم تصلبون ابني وتضفرون هامه الإلهي بالأشواك وتجدون بذلك ما قاسيت من الأوجاع المرة. ما بالكم تدوسون بأرجلكم تحت أنظاري دم العهد الجديد. ألا يا أولادي الذين يخطئون ناشدتكم بحق محبتي وتنهداتي أنا أمكم، بحق أوجاعي وأحزاني ألا كفوا كفوا عن تعذيبي، كفوا ولا تعودوا تلتطخوا بحمأة الأثم والخطأ. آه يا معشر المفتدين بدم الحمل المجزوز لنسمع صوت مريم العذراء الحزينة الواقفة عند الصليب، ولنصغِ إلى تنهداتها، وليحن قلبنا إلى صرخاتها الأليمة، ولنقصد من صميم القلب أن نقلع عن الخطيئة، وأن نقلع عنها باستنجاد حماها القدير . والآن علينا أن ننظرإلى التضحيتين على الجلجلة، الأولى جسد يسوع، والثانية قلب مريم، حزين مشهد هذه الأم الحبيبة وهي ترى ابنها الحبيب مصلوبا بقسوة على خشبة الصليب. وقفت عند أقدام الصليب وسمعت ابنها يعد اللص بالسماء ويغفر لأعدائه.آخر كلماته كانت مركّزة على أمه وموجّهة إلينا، هذه أمّك (أمكّم). فلنقرر دائما أن ننظر إلى مريم كونها أمّنا ونتذكر أنّها لا تخذل أبناءها أبدا.وتأمّلوا الحزن المرير الذي ملأ قلب مريم عندما أُنزل جسد حبيبها يسوع عن الصليب ووُضع بين ذراعيها. أيّتها الأم الحزينة، إنّ قلوبنا لتلين عند رؤية هذا الأسى.أكثر الأيام مأساويّة في التاريخ ينتهي ، ولم يبقَ للأم سوى مرافقة جسد ابنها إلى القبر. أيّ حزن كان حزنها وهي ترى وللمرة الأخيرة جسد ابنها الميت فيما يُدحرج الحجر الكبير ليُغلق مدخل القبر. ومريـم الأم ترى كل هذا، ترى وليدهـا "رجل أوجاع متمرساً بالعاهات محتقر ومرذول..."(اشعيا53)، وتراه يسقط تحت الصليب، وترى نسوة أورشليم يبكين،وترى سمعان القيراونـي، وترى الـمسامير تُدق ويُعلّق حبيبهـا على الصليب،وتسمع كلماتـه السبع الأخيرة،وما يطلبـه منهـا أن تكون أمـاً للحبيب وللجنس البشري كلـه "هوذا إبنكِ"(يوحنا26:19) وبقيت معـه حتى "نكّس رأسـه وأسلم الروح"(يوحنا30:19)، ثم رافقت يوسف الرامي عندما وُضع يسوع فـى القبـر. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 47408 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() مريم الأم تأملت حياة إبنها الطاهرة ورحمته الحانية وموته المشين على الصليب حتى ان الطبيعة نفسها حزنت فتشققت الصخور وانشق حجاب الهيكل وتزلزلت الأرض وصارت ظلمة للقمر والشمس. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 47409 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() ان مريم هى حقاً أم الأحزان أنه مشهد مهيب، يسوع معلق على خشبة العار، غارق في بحر النزاع الأليم، عيناه غائصتان، شفتاه مزرقتان، وجهه مكفهر، رأسه مهدول، شعره منكوث، ركبتاه متصلبتان، جسده كله صائر جرحاً واحداً من الرأس حتى الأقدام. وهناك على مقربة من صليبه أمه مريم، وعلامات الحزن والغم لائحة على محياها، ضروب الشجون والكروب قد انقضت على فؤادها، وقد كتب لها أن تحضر موت وحيدها، وتراه يفارق الروح على أيدي جلادين شرسين قساة. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 47410 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() |
||||