![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 41721 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() مبدأ خطاياهم هو محبة المجد الباطل. وهذه المحبة قادتهم إلي الحسد، فحسدوا المسيح إذ كانوا يريدون أن يكونوا وحدهم في الصورة دون أن يقف إلي جوارهم أحد، فكيف بالأكثر هذا الناصري الذي غطي علي شهرتهم وكشف رياءهم. وخطية الحسد قادتهم إلي التآمر، والتآمر قادهم إلي شهادة الزور في محاكمة المسيح. وهذا كله قادهم إلي القسوة في صلبه. وإلي تضليل الشعب كله. وموقفهم الخاطئ هذا قادهم إلي الخوف. والخوف قادهم إلي ضبط القبر وختمه، مع كسر السبت، وإشراك الناس في هذا الكسر، وخطيتهم هذه -إذ فضحتها القيامة- قادتهم إلي الرشوة والكذب والتحريض علي الكذب وتضليل الناس وعدم الإيمان. وإذا أرادوا بكل هذا أن يكبروا في أعين أنفسهم وأعين الناس، أضاعوا أنفسهم ولم يستفيدوا لا سماء ولا أرضًا.. إنهم أرض محجرة.. خطية يلفها الخوف.. كانوا يخافون المسيح حتى بعد موته.. كانوا يخافون قيامته لأنها تهدم كل ما فعلوه.. كانوا يشعرون أن المسيح علي الرغم من قتلهم له، ما يزال له عمل.. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 41722 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() إن القاتل يخاف من شبح القتيل ومن صورته.. وصدق علماء النفس عندما قالوا إن القاتل يحوم دومًا حول مكان الجريمة.. وهؤلاء أيضًا جعلوا يحومون حول مكان جريمتهم. تلاميذ المسيح نسوا قوله إنه سيقوم في اليوم الثالث أما أولئك الكهنة والشيوخ الخائفون من المسيح فلم ينسوا. قالوا لبيلاطس: تذكرنا أن ذلك المضل قد قال إني بعد ثلاثة أيام أقوم.. عجيب أنهم تذكروا هذه العبارة، ولم يتذكروا قوله "أنا والآب واحد" (يو 10: 30)، ولم يتذكروا أنه عمل أعمالًا لم يعملها أحد من قبل.. لم يتذكروا إقامته للعازر بعد موته بأربعة أيام، ولم يتذكروا منحه البصر للمولود أعمي.. تذكوا قيامته، لأن فكرة القيامة كانت تقلق أفكارهم وتزعجهم.. فارتكبوا ما ارتكبوه لكيما يتخلصوا منها. إنهم عينة تعطينا فكرة عن البذار التي وقعت علي الأرض المحجرة. وهناك عينات أخري من الأرض.. هناك بذار وقعت علي أرض فنبتت ثم خنقها الشوك، ابرز مثل لها في حوادث القيامة هو مريم المجدلية. أما عن تأثير القيامة في نفوس تلاميذ المسيح، فكان يشبه البذار التي أكلها الطير والطير بالنسبة إلي التلاميذ هو شيطان الشك الذي خطف إيمانهم وطار. كيف حدث ذلك؟ وكيف حولهم المسيح أي أرض جيدة تنبت مائة؟ وكيف رد الإيمان إلي قلوبهم وقلب المجدلية. هذا سنشرحه الآن.. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 41723 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() موقف المقريزى من اضطهاد المصريين بعد الفتح العربى لمصر
![]() أولا : 1 ـ بعد الفتح العربى لمصر لم يعرف المصريون عن الاسلام إلّا الظلم والسلب والنهب والقتل وكل الذى أرساه عمر بن الخطّاب وعمرو بن العاص، ثم جرائم ولاة بنى أمية وبنى العباس. كان طبيعيا أن يكرهوا هذا الاسلام الذى عرفوا من خلاله كل هذا الظلم .ولكن أصحاب الدين الأرضى الشيعى الفاطمى تحبّبوا اليهم وشجعوهم بالمناصب فبدأ دخولهم فى ( التشيع ) على إنه الاسلام. ثم جاء الخليفة الفاطمى الحاكم فعصف بهم فدخل مصريون آخرون فى دين الخليفة الحاكم ليرضوا الخليفة الحاكم . وبالرغبة والرهبة دخلت أجيال مصرية فى الاسلام بالمفهوم الشيعى ثم بالمفهوم الصوفى السّنى بينما ظل الاسلام الحقيقى ـــ ولا يزال ـــ غريبا مجهولا للمصريين وغيرهم ، أصبح معزولا فى آيات القرآن التى جرى تأويلها وتحريف معانيها وتهميشها وتعطيلها والصّد عنها. وبداية من العصر الفاطمي دخل كثيرون من المصريين الأقباط الاسلام ؛ وبدأ يتقلّص عدد المصريين المتمسكين بدينهم الرافضين للاسلام ، وإنقسم المصريون الى أتباع لأديان أرضية مختلفة من ( مسلمين ) :سنة وتصوف و( أقباط ) : يعاقبة وملكيين. 2 ـ وفى العصور الوسطى تسيدت الأديان الأرضية والتجارة بها الشرق المسلم والغرب الأوربى المسيحى ، فكان التعصب الدينى والمذهبى والحروب الدينية من ملامح هذه العصور الظلامية .وبهذا تسلل التعصب الى الحياة المصرية بين عوام المصريين ( المسلمين والأقباط ). صحيح إنه لم يكن بنفس الحدّة التى كان فيها التعصب خارج مصر ، وصحيح أنه كان جملة إعتراضية وحوادث إستثنائية فى تاريخ مصر طويل ، ولكنه كان موجودا وتم تسجيله فى أحداث التاريخ متأثرا بالتعصب كثقافة عامة سائدة وبالتعصّب الذى قاده الحكام ( وهم غير مصريين ) وبالتعصب الذى كان يؤجّجه فقهاء متعصبون زائرون لمصر فيرون مظاهر التسامح ونفوذ بعض أرباب الوظائف من الأقباط فيثورون ويستخدمون إسم الاسلام لحث الحاكم على إضطهاد الأقباط . بالاضافة الى تعصب قبطى مضاد مفهوم ولا يمكن تجاهله ، وكان يعبّر عن نفسه لدى القبطى إذا وصل الى سلطة تتيح له الانتقام من المسلمين فلا يتردد فى إستغلالها ، مما يثير موجة من تعصب ( المسلمين ) . وقد تكرر هذا كوارث فى العصر المملوكى . 3 ـ ولكن العامل الأساس هنا هو موقف المثقفين وقتها من فقهاء ومؤرخين . الأغلب منهم كانوا أرباب وظائف ويتنافسون مع الأقباط فى الوصول للمناصب، وقد تعلموا من الفقه السّنى والشريعة السنية فريضة التعصب ضد غير المسلم وكراهيته ، وهذا كان ينعكس على كتاباتهم كمؤرخين وكفقهاء فتنضح تعصبا ضد الأقباط واليهود المصريين يباركون إضطهادهم بل يشجعون عليه. وحتى من كان منهم متحريا للعدل كالمقريزى فقد سار على طريقة ( عمر بن الخطاب ) ، أى تحرى العدل فيما يخصّ المسلمين فقط مع إستباحة حقوق غير المسلم . ومن هنا نجد المقريزى سليط اللسان فى نقد المماليك من سلاطين وأمراء يفضح ظلمهم ويكشف فجورهم ويتعاطف مع ضحايا الظلم المسلمين،ولكنه يؤيد الظلم عندما يقع على الأقباط واليهود بل ويتشفى فيهم. والمقريزى وعمر بن الخطاب وغيرهم قد عصوا رب العزة حين أمر جل وعلا بالعدل والاحسان ونهى عن الفحشاء والمنكر والبغى والظلم ، كما عصوا أمره جلّ وعلا بمراعاة العدل مع الخصوم ![]() من أسف أن ترفع أمريكا شعار ( العدل للجميع ) وهو الذى يتفق مع تشريعات القرآن بينما بدأ الصحابة مبكرا وبعد موت خاتم النبيين فى إحلال الظلم مكان العدل فيما يعرف بالفتوحات .هى خطيئة كبرى ولكن الأفظع أنهم جعلوها شريعة إسلامية تربى عليها خلال قرون الفقهاء والمؤرخون ومنهم المقريزى . ثانيا: التدمير العام للكنائس المصرية عام 721 يقول المقريزى عن التدمير العام للكنائس المصرية فى وقت واحد عام 721 ![]() ثالثا : كارثة 658 يقول المقريزى فى الخطط ![]() ![]() رابعا : كارثة عام 682 1 ـ فى مصر حدثت كوارث بسبب التعصب من الطرفين ، ودفع الثمن الأقباط . كان الظلم المملوكى سائدا يقوم به المماليك وأعوانهم من أرباب الأعمال الادارية الديوانية والحسابية ، وتخصّص الأقباط فى الأعمال الكتابية والحسابات .وكانت العادة سكوت المسلمين عن ظلم المماليك وظلم أعوانهم الذين يتأسّون بأسيادهم المماليك فى الظلم والتجبّر على الناس. يختلف الحال لو كان ذلك الموظف قبطيا صاحب نفوذ ويتسلط به على المسلمين شأن رفاقه من الموظفين ـ هنا تحدث الكارثة . وهذا ما حدث عام 682 . 2 ـ يقول المقريزى ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() أسلمَ الكافرونَ بالسيفِ قهرًا وإذا ما خلوا فهُم مُجرمونا سلِموا مِن رواحِ مال وروحٍ فهم سالِمون لا مُسلمونا .) 5 ـ رابعا : كارثة عام 700 : وتكررت نفس المأساة ، وبطلها وزير زائر أتى من المغرب ، ففوجىء بنفوذ الكتبة الأقباط ، فأخذ يثير عليهم المماليك حتى حدثت المأساة. ننقل الرواية عن المقريزى آملين أن يتفهم القارىء أسلوبه، يقول : ( وفي أخريات شهر رجب سنة سبعمائة قدم وزير متملك المغرب إلى القاهرة حاجًا ، وصار يركب إلى الموكب السلطانيّ وبيوت الأمراء ، فبينما هو ذات يوم بسوق الخيل تحت القلعة إذا هو برجل راكب على فرس وعليه عمامة بيضاء وفرجية مصقولة وجماعة يمشون في ركابه وهم يسألونه ويتضرّعون إليه ويقبلون رجليه، وهو معرض عنهم وينهرهم ويصيح بغلمانه أن يطردوهم عنه. فقال له بعضهم : "يا مولاي الشيخ بحياة ولدك النشو تنظر في حالنا " ،فلم يزده ذلك إلاّ عتوًّا وتحامقًا . فرقّ المغربيّ لهم ، وهمّ بمخاطبته في أمرهم ، فقيل له:" وأنه مع ذلك نصراني" ، فغضب لذلك ،وكاد أن يبطش به ،ثم كف عنه ، وطلع إلى القلعة ، وجلس مع الأمير سلار نائب السلطان والأمير بيبرس الجاشنكير، وأخذ يحادثهم بما رآه ، وهو يبكي رحمة للمسلمين بما نالهم من قسوة النصارى ، ثم وعظ الأمراء وحذرهم نقمة الله وتسليط عدوّهم عليهم ( بسبب ) من تمكين النصارى من ركوب الخيل وتسلطهم على المسلمين وإذلالهم إياهم وأن الواجب إلزامهم الصَغَار ( أى التحقير ) وحملهم على العهد الذي كتبه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه، فمالوا إلى قوله ، وطلبوا بطرك النصارى وكبراءهم ، وديّان اليهود(أى الحبر الأكبر ) ، فجمعت نصارى كنيسة المعلقة ونصارى دير البغل ونحوهم ، وحضر كبراء اليهود والنصارى ، وقد حضر القضاة الأربعة ، وناظروا النصارى واليهود . فأذعنوا إلى التزام العهد العمريّ . وألزم بطرك النصارى طائفته النصارى بلبس العمائم الزرق وشد الزنار في أوساطهم ومنعهم من ركوب الخيل والبغال والتزام الصّغار ( أى التحقير )، وحرّم عليهم مخالفة ذلك أو شيء منه ، وأنه بريء من النصرانية إن خالف. ثم اتبعه ديّان اليهود بأن أوقع الكلمة على من خالف من اليهود ما شرط عليه من لبس العمائم الصفر والتزام العهد العمريّ وكتب بذلك عدّة نسخ سيرت إلى الأعمال . فقام المغربيّ في هدم الكنائس ، فلم يمكنه قاضي القضاة تقيّ الدين محمد بن دقيق العيد من دْلك ، وكتب خطه بأنه لا يجوز أن يهدم من الكنائس إلاّ ما استجد بناؤه، فغلقت عدّة كنائس بالقاهرة ومصر مدّة أيام. فسعى بعض أعيان النصارى في فتح كنيسة حتى فتحها ، فثارت العامة ووقفوا للنائب والأمراء واستغاثوا بأن النصارى قد فتحوا الكنائس بغير إذن ، وفيهم جماعة تكبروا عن لبس العمائم الزرق واحتمى كثير منهم بالأمراء . فنودي في القاهرة ومصر أن يلبس النصارى بأجمعهم العمائم الزرق ويلبس اليهود بأسرهم العمائم الصفر ومن لم يفعل ذلك نُهب ماله وحُلّ دمه. ومنعوا جميعًا من الخدمة في ديوان السلطان ودواوين الأمراء حتى يُسلموا ، فتسلطت الغوغاء عليهم ، وتتبعوهم ، فمن رأوه بعْير الزيّ الذي رسم به ضربوه بالنعال وصفعوا عنقه حتى يكاد يهلك ، ومن مرّ بهم وقد ركب ولا يثني رجله ألقوه عن دابته وأوجعوه ضربًا،فاختفي كثير منهم.وألجأت الضرورة عدة من أعيانهم إلى إظهار الإسلام أنفة من لبس الأزرق وركوب الحمير.) ويختم المقريزى الرواية بقوله: ( وقد أكثر شعراء العصر في ذكر تغيير زيّ أهل الذمّة ، فقال علاء الدين علي بن مظفر الوداعي: لقد ألزمَ الكُفارُ شاشاتَ ذلة تزيدُهُم من لعنةِ اللَّهِ تشويشا فقلتُ لهم ما ألبسوكُم عمائمًا ولكنهم قد ألزموكُم براطيشا وقال شمس الدين الطيبي: تعجبوا للنصارى واليهودِ معًا والسامريينَ لما عُمموا الخرقا كأنما باتَ بالأصباغِ منسهلًا نسرُ السماء فأضحى فوقهم زَرَقا ) وتدخل ملك برشلونة الاسبانى : ( فبعث ملك برشلونة في سنة ثلاث وسبعمائة هدية جليلة زائدة عن عادته عمّ بها جميع أرباب الوظائف من الأمراء مع ما خص به السلطان وكتب يسأل في فتح الكنائس فاتفق الرأي على فتح كنيسة حارة زويلة لليعاقبة وفتح كنيسة البندقانيين من القاهرة ..) ولم يلبث أن عاد الحال لما كان عليه ، أى عودة الكتبة الأقباط الى نفوذهم المستمد من الظلم المملوكى بما يؤدى الى حنق العوام والفقهاء فتتكرر الكارثة . 6 ـ خامسا : كارثة عام 755 : بعد الكارثة السابقة بنصف قرن تقريبا كان الشارع المسلم قد تشبع أكثر بالتعصّب السنى وخصوصا أن عاد الأقباط الى مناصبهم ، وتناسى الناس ( هوجة ) السلطان الأشرف خليل السابقة، ولكن بذرة التعصب الكامنة كان قد أنبتت ثمرات خبيثة أشعلت كارثة عام 755 . يقول المقريزى ![]() ![]() أخيرا 1 ـ يضيق الصدر عن التعليق . ولكن التوقف مع ما سجّله المقريزى مهم جدا ، لأن العوام إذا جرى تعبئتها بالتعصب فهو هلاك للوطن . حقيقة الأمر إننا نشهد إرهاصات فى مصر الآن لاستعادة نفس الكوارث .. فنحن لم نتوقف مع المقريزى وتعصبه عبثا أو للتسلية .. ولكن للتنبيه على خطورة ثقافة التعصب لدى مثقفين ليبراليين كالمقريزى .. تراهم يهاجمون الظلم والظالم طالما كان المظلوم مسلما ، فإن كان المظلوم غير مسلم باركوا ظلمه وشجعوا الظالمين على مزيد من الظلم له لأنّ هذا المظلوم عندهم كافر وليس على ملتهم . 2 ـ موعدنا فى الحلقة الأخيرة مع ثقافة الكيل بمكيالين لدى المثقفين المسلمين فى تعاملهم مع الأقباط من المقريزى الى عصرنا البائس . |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 41724 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() موقف المقريزى من اضطهاد المصريين بعد الفتح العربى لمصر 1
![]() أولا : 1 ـ من أعظم مؤرخى مصر فى العصور الوسطى تقي الدين المقريزى (766-845هـ) الذى عاش فى القرن التاسع الهجرى ، وهو واسطة العقد فى المدرسة التاريخية المصرية فى العصر المملوكى.كتب المقريزى في التاريخ العام العربى والاسلامى والتاريخ المصرى بالإضافة إلى المؤلفات المتخصصة في شتى نواحى الحياة والحضارة المصرية والمعارف المصرية. 2 ـ كتاباته التاريخية تنقسم الى نوعين حسب المادة التاريخية : تاريخ ينقل فيه عن السابقين ، وهذا فى كتبه التى لخّص فيها تاريخ مصر والمسلمين قبل عصره، وهو فى هذا النقل كان يركز على الأحداث الكبرى أو المقصود تأريخها ، دون ان يقع فى إغراء التفاصيل أو الروايات المتعارضة أو المتداخلة أو الضعيفة. أى كانت له منهجية فى إختيار الرواية الصحيحة والرواية الأصلية للحدث ، وهى ميزة يدركها الباحث التاريخى فى المادة التاريخية للعصور الوسطى. فى تأريخه لعصره كان المقريزى ينقل من واقع المشاهدة والرؤيا العينية ، وكان له مراسلوه الذين يبعثون له بأخبار الشام والحجاز. فى نفس الوقت لم يعش المقريزى فى برج عاجى بعيدا عن المجتمع القاهرى فى مصر ،إذ شغل بضع وظائف كان منها وظيفة الحسبة ، أو المحتسب الذى يدور فى الأسواق ويراقب الأسعار و يراعى الأمن فى الشوارع ، وكانت وظيفة الحسبة تتضمن السلطات الثلاث مجتمعة ، فالمحتسب يفتش عن الجناة ، ويحكم عليهم ويقيم العقاب بنفسه. فهو البوليس وهو القاضى وهو أيضا الجلاد. على أن هذه الوظيفة أثرت معلومات المقريزى الاقتصادية والاجتماعية وجعلت أخبار الأسعار وأحوال الشارع المصرى وطوائف المصريين الاجتماعية وعاداتهم ومعاناتهم تحتل مكانة هامة فى صفحات موسوعته (السلوك) ، وفى الخطط المقريزية، وهو فى هذا التأريخ الاجتماعى والعمرانى سابق لعصره ، وأقول ـ بجرأة ـ على مستوى العالم ، إذ أن تقدم المدرسة التاريخية المملوكية لم تعرفه أوربا فى ذلك الوقت. 3 ـ وثمة ناحية أخرى تميز بها المقريزى فى تاريخه الذى كان فيه شاهدا على عصره ، هى تعليقاته اللاذعة ونقده الساخر وهجومه القاسى على الظلم المملوكى والظالمين من الحكام وأتباعهم من الشيوخ. وكان هذا النقد يأتى فى تعليقه على الأحداث الجارية ، أو فى ترجمته لمن مات من الظالمين. وهى جرأة تحسب له وتشكر له.واعتقد انه كان متسقا فى مواقفه الشخصية بدليل أنه لم يستمر فى وظيفة الحسبة أو غيرها بل كان أحيانا يبادر بالاستقالة، اى أن له موقف من الظلم تجلى فى حياته العملية وفى كتاباته أيضا. 4 ـ غزارة معلوماته عن الشارع المصرى وإحتكاكه بالناس وآلامهم كان تعويضا مناسبا عن نقص هام فى كتابات المقريزى التاريخية المعاصرة لوقته. لم يكن لديه علم بخبايا السياسة المملوكية الجارية فى عصره وبما كان يجرى من مؤامرات وصراعات سياسية فى القلعة مركز الحكم المملوكى ، ولم تصل اليه وثائق كان بعضها فى يد كاتب السر أو سكرتير السلطان ومدير مكتبه ومستشاره بلغة عصرنا ( هيكل كان كاتب السر لعبد الناصر ، و أسامة الباز هو كاتب السر لحسنى مبارك بمفهوم العصر المملوكى). بعض المؤرخين الذين كانوا أقل حرفية من المقريزى وأقل شهرة منه كانوا أحيانا مطلعين على بعض هذه الوثائق ورصعوا بها تاريخهم ، وبعضهم كان تأتيه الأخبار المنتقاة من كاتب السر، ترى هذا فى موسوعة صبح الأعشى للقلقشندى والمادة التاريخية التى كتبها المؤرخ المملوكى الأصل أبو المحاسن (إبن تغرى بردى ) الذى كان أبوه أمير مملوكيا مشهورا ووثيق الصلة بصانعى السياسة المملوكية وخلفيات الصراع بين مراكز القوى فى ذلك الحكم العسكرى القائم أصلا على التآمر ومكائد القصور. وحتى المؤرخ المتواضع الامكانات القاضى على بن داود الجوهرى الصيرفى ( ابن الصيرفى ) كان وثيق الصلة بكاتب السر إبن مزهر الأنصارى فى عصر السلطان قايتباى ، فنقل الكثير من خبايا الأحداث فى كتابه ( إنباء الهصر بأبناء العصر ). 5 ـ ومع هذا ، يظل المقريزى أفضلهم جميعا فى ثقافته الموسوعية وفى تنوع إنتاجه وغزارته وفى أسلوبه وفى حرفيته التاريخية وفى موقفه الأخلاقى الشجاع من الظلم وفى إنحيازه للرجل العادى الصانع الحقيقى للأحداث والمكتوى بنارها. 6 ـ ولكن تظل للمقريزى بعض سقطات تؤكد أن لكل جواد كبوة وكبوات. وهذا طبيعى فى كل عمل إنسانى ، فكل منا يلحقه النقص ويعجز عن بلوغ الكمال. واساس الخطأ الذى وقع فيه المقريزى والذى نقع فيه جميعا هو تسلط الهوى وغلبة الأيدلوجيا والفكرة المسبقة وسيطرتها على الكاتب. وحين يصاب المؤرخ بهذا المرض ـ وهذا ما يحدث كثيرا ـ فإن الشك لا يلحق فقط بمدى تقييمه الشخصى للأحداث وتعليقه عليها ولكن أيضا فى ترجيحه للروايات ومدى موضوعيته فى إختيارها أو فى ( إنتقائها). 7 ـ كان هوى المقريزى شيعيا فاطميا، تجلى هذا صراحة فى كتابه الصغير (فضل آل البيت)، كما تجلى صراحة وضمنا فى دفاعه بالحق والباطل عن الفاطميين بين سطور تأريخه لهم فى ( إتعاظ الحنفا بذكر الأئمة الفاطميين الخلفا ) وتحيزه واضح فى العنوان. وقد إنتقى المقريزى من تاريخ المؤرخ المصرى ( المسبحى ) ما يوافق هواه. ، وإن حاول المقريزى فى ( الخطط ) أن يكون محايدا فجاء ببعض عقائد الفاطيين الشيعية وأقر بتطرفها وغلوها. المهم أن المقريزى جانبه الصواب فى تحيزه للفاطميين فى معظم ما كتب عنهم ، وفيما تجاهله من تاريخهم. هذا فى الوقت الذى بلغ فيه القمة فى نقدة للصوفية أصحاب السلطان فى عصره ، بل ونقده المرّ للسلاطين والأمراء المماليك. 8 ـ ثمة ناحية أخرى سقط فيها المقريزى سقوطا هائلا، هى تعصبه الشديد ضد الأقباط ، فمع انه روى بأمانة بعض الظلم الذى تعرضوا له إلا أنه لم يذرف دمعة على آلامهم ، بينما كان شديد الحساسية لأى مظالم يتعرض لها المصريون المسلمون.والمقريزى هنا ابن عصره، ومن الإجحاف ان نفرض عليه ثقافة عصرنا فى حقوق المواطنة وحقوق الانسان، فهذا لم يكن معروفا فى العصور الوسطى حيث اندمجت المواطنة والجنسية فى الدين ، وكانت الأقليات الدينية فى الشرق والغرب متهمة ومضطهدة ومغبونة.ونتوقف مع إضطهاد المصريين بعد الفتح العربى الذى حمل إسم الاسلام زورا وبهتانا فى عهد عمر ومن جاء بعده . وننقل معلوماتنا من الخطط المقريزية حيث سجّل معاناة المصريين ( الأقباط ) دون أدنى تعاطف معهم ، على غير عادته فى انتقاد الظلم والظالمين ، والسبب أن المقريزى كان يعبّر عما تركّز فى عقليته من حق ( العرب المسلمين ) فى غزو غيرهم و الاستطالة عليهم . 9 ـ نتوقف فى هذا الفصل عن النوعية الأولى من الظلم الذى أحدثه العرب الفاتحون بالمصريين من عصر عمر بن الخطاب الى نهاية الدولة الأموية . هو إضطهاد كان مبعثه الشراهة للمال وإدمان السّلب والنهب ، وقد كان عادة أصيلة فى العرب ، ولكن تمّ تقنينها لاستنزاف موارد مصر وثرائها ، وكانت مشهورة بهذا الثراء ، فشرهت نفوس الصحابة الى التهام هذه الثروة وتبعهم الأمويون . وفى سبيل إلتهام أكبر قدر من الثروة المصرية إرتكب عمر بن الخطاب ومن جاء بعده الخطيئة الكبرى بالتغيير العملى لشرع الله جل وعلا ، بداية فى الاعتداء على أمم لم تعتد على العرب المسلمين ، ثم فرض الجزية عليهم ، وإستنزاف أموالهم بالضرائب الباهظة ، أو ( الخراج ) واستعمال العسف فى تحصيلها . ونعطى التفاصيل مما قاله المقريزى فى الخطط المقريزية مع التوقف معها بالنقاش وبالتحليل. ثانيا :ـ فرض الجزية على المصريين بعد الفتح ظلما وعدوانا : 1 ــ الآية القرآنية الوحيدة التى تحدثت عن الجزية تقول ï´؟قَاتِلُواْ الّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الاَخِرِ وَلاَ يُحَرّمُونَ مَا حَرّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقّ مِنَ الّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتّىَ يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَï´¾ (التوبة 29). وتشريعات القرآن لها درجات ثلاث، أوامر تشريعية تحكمها قواعد تشريعية تهدف إلى مقاصد تشريعية، فالأوامر التشريعية مثل (قاتلوا) أو (انفروا) تحكمها القواعد التشريعية التى تجعل أوامر القتال لا تكون إلا فى إطار الدفاع عن النفس ورد الاعتداء بمثله دون زيادة أو نقصان (البقرة 190، 194). ثم يكون الهدف النهائى للقتال فى الإسلام أو فى سبيل الله هو منع الفتنة فى الدين، والفتنة هى الاضطهاد الدينى أو إكراه الناس على تغيير عقائدهم، فالمقصد التشريعى من القتال فى سبيل الله أن تختفى الفتنة والإكراه وأن يكون الناس أحراراً فى اعتناق ما يريدون حسبما شاء الله تعالى حين خلفهم أحراراً، وجعل مرجعهم إليهم يوم القيامة ليحاسبهم على ما اختاروه بمحض إرادتهم وذلك معنى قوله تعالى فى الأمر بقتال المشركين العرب الذين يضطهدون مخالفيهم فى الدين ï´؟وَقَاتِلُوهُمْ حَتّىَ لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدّينُ للّهِ فَإِنِ انْتَهَواْ فَلاَ عُدْوَانَ إِلاّ عَلَى الظّالِمِينَï´¾(البقرة 193). (واقرأ أيضاً آية 39 فى سورة الأنفال.) إذن لابد أن نفهم تشريعات القرآن الكريم فى الأوامر والقواعد والمقاصد حتى نعرف أن المقصودين بالقتال فى آية ï´؟قَاتِلُواْ الّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الاَخِرِï´¾ هم أولئك المعتدون من أهل الكتاب و لا يمكن أن تمتد الى غيرهم من المسالمين الذين لم يعتدوا على دولة المسلمين ، لأنه لا مجال فى الإسلام لاعتداء على أحد وإنما لرد الاعتداء بمثله فقط.. والآية تتحدث عن دولة أو مجتمع عدوانى انعدم فيه الإيمان بمعنى الأمن وبمعنى الاعتقاد السليم، وهو يتجاوز حدوده إلى حدود المسلمين ليعتدى عليهم وحينئذ فلابد من القتال لرد الاعتداء بمثله، وبعد تحقيق النصر وطرده إلى دياره يجب إرغامه على دفع الجزية- وليس على دخول الإسلام- وهى غرامة حربية كالشأن فى عقوبة المعتدى، والذى يأخذ به المجتمع البشرى حتى الآن فى المعاهدات التى يعقدها المنتصر مع المهزوم خصوصاً إذا كان معتدياً مثل ما حدث مع ألمانيا بعد الحربين العالميتين وما حدث مع العراق بعد غزو الكويت. 2 ـ وإذا طبقنا الآية الكريمة التى تتحدث عن فرض الجزية وجدناها تنطبق على الروم البيزنطيين، وقد ذكر التاريخ أنهم الذين بدءوا الاعتداء على الدولة الإسلامية فى عصر النبى (صلى الله عليه وسلام) وحرضوا ضدها القبائل العربية النصرانية مما أدى إلى غزوات مؤتة وتبوك. والتاريخ يذكر أن البيزنطيين كانوا يدفعون الجزية للمسلمين بعد الهزيمة، وأنه كان يحدث العكس فيدفع المسلمون الجزية للبيزنطيين كما حدث مع معاوية حين دفع لهم جزية قدرها مائة ألف دينار سنوياً أثناء انشغاله بالحرب مع (على).. وكان الروم البيزنطيين يدفعون الجزية للمسلمين فى العصر العباسى الأول، فأصبح المسلمون فى العصر العباسى الثانى يدفعون الجزية للبيزنطيين.. وهكذا تبادل الفريقان المواقع كل حسب قوته. 3 ــ وكان من المنتظر أن يدفع البيزنطيون الجزية لعمرو بن العاص بعد أن هزمهم وأجلاهم عن مصر.. ولكن حدث العكس. إذ دفعها المصريون الذين تحالفوا مع عمرو ضد البيزنطيين. حسبما نعرف من ( خطط المقريزى)، وهو يصف المصريين بأنهم (النصارى والقبط والأقباط ) تبعا لدينهم السائد وقتها.يشير المقريزى بين السطور إلى مساعدة المصريين للعرب الفاتحين ضد الروم. ومنذ أن دخل عمرو بجيشه إلى سيناء متوجهاً إلى مصر أرسل أسقف الإسكندرية أمراً إلى المصريين بأن يعاونوا العرب ويتنبأ بزوال دولة الروم،فاستجاب له المصريون . وحين نزل عمرو على أسوار مدينة الفرما كان المصريون أعواناً له يمدونه بالمعلومات والمؤن. وهم الذين ساعدوا عمرو فى فتح الإسكندرية بعد حصارها الشديد. وظلوا شهرين يمدّون العرب بالأطعمة والمؤن ويجمعون لهم الأخبار، والقائم على حراسة أبواب الإسكندرية كان مصريا ، وهو الذى فتح أبوابها للعرب فاقتحموها. 4 ـ والمنتظر بعد هذا أن يحفظ عمرو الجميل للمصريين الذين ساعدوا جيشه الضئيل على فتح بلدهم ، ولكن كافأهم عمرو بالتى هى أسوأ . فالذى حدث أن المقوقس- الوالى الرومى- هو الذى أقنع عمرو بأن يدفع المصريون الجزية بدلاً من الروم المهزومين . وقد كان المصريون يدفعون الجزية للروم حسب المعتاد فى العصور الوسطى ، فتعلم العرب منهم هذا القانون الجائر وطبقوه على المصريين الذين ساعدوهم على احتلال بلادهم !! فبعد حصار بابليون الذى استمر سبعة أشهر اقتحم العرب أبواب الحصن فاضطر المقوقس للتفاوض على أن يدفع المصريون الجزية للعرب دينارين عن كل رجل. لأن الروم لن يقبلوا دفع الجزية ولن يقبل العرب إلا بالجزية أو الإسلام أو الحرب ، وهكذا نجا المقوقس من غرامة الجزية التى يرفض الروم دفعها، ودفعها المصريون الذين ساعدوا عمرو فى فتح بلادهم أملا فى العدل والتخلص من جور الروم فجاء العرب أكثر ظلما وجورا ، وأكثر خسّة إذ عاملوا المصريين الذين إستقبلوهم وساعدوهم فى الانتصار على الروم بظلم أبشع من ظلم الروم ، فلم يكتف عمرو بن العاص بفرض الجزية على المصريين بالطريقة الرومية بل أنه فرض عليهم إلى جانب الجزية القيام بضيافة العرب فى قراهم ثلاثة أيام. 5 ـ وبلغ عدد المصريين الذين دفعوا الجزية يومئذ ستة ملايين. وشرهت نفس عمرو للمزيد من الملايين ، فبعد أن رضى بدفع المصرى دينارين طمع فى أكثر ، ولم يجعل حدا أقصى معروفا لما يأخذه من المصريين ، يدلّ على ذلك أن المقريزى يذكر أن والى (إخنا) سأل عمراً تحديد مقدار الجزية الواجبة على أهل مدينة (إخنا) فقال له عمرو يشير إلى ركن الكنيسة ![]() 6 ـ وعمرو بن العاص كان رائداً للدولة الأموية فى شراهتها فى جمع الجزية من المصريين وغيرهم، وحتى من أسلم من الأقباط المصريين كانوا لا يعفونه من دفع الجزية، والاستثناء الوحيد من خلفاء بنى أمية كان الخليفة عمر بن عبد العزيز فى حكمه القصير ، فقد رفع الجزية عمن أسلم فكتب إليه والى مصر حيان بن شريح يخبره بتناقص الجزية بهذا القرار، فكتب إليه عمر ابن عبد العزيز يؤنبه ويقول له: ضع الجزية عمن أسلم قبح الله رأيك فإن الله إنما بعث محمداً هادياً ولم يبعثه جابياً..!! 7 ــ وظلت الجزية نقطة سوداء فى تاريخ الولاة الأمويين والعباسيين يدفعها من بقى على دينه من المصريين إلى نهاية العصر المملوكى سنة 921/1517، وجاء الفتح العثمانى ففرض جزية على المصريين جميعاً مسلمين ومسيحيين، وظلت الخزانة المصرية تدفعها لتركيا بصورة عادية حتى تنبه لها عبد الناصر وألغاها..!! ثالثا : عمرو بن العاص يسلب كنوز المصريين بالقتل والارهاب 1 ـ وشرهت نفس عمرو لكنوز الآثار المصرية وذهبها المدفون وما يتم الكشف عنه ، يقول المقريزى أن عمراً أعلن لأهل مصر: أن من كتمنى كنزاً عنده فقدرت عليه قتلته!!. ونشر عمرو عيونه تتحسّس وتتجسّس عن من لديه كنوز فرعونية . ويذكر المقريزى أن عمرو بن العاص جاءته إخبارية بأن مصريا من الصعيد اسمه بطرس لديه كنز فرعونى، فحبسه عمرو واستجوبه فأصر الرجل على الإنكار، وعلم عمرو بذكائه مكان الكنز فاستولى عليه وقتل المصرى وعلق رأسه على باب المسجد، ليرهب المصريين ، فارتعبوا ،ومن كان منهم عنده كنز أسرع بتسليمه إلى عمرو. ويذكر المقريزى أن عمراً اعتقل مصريا آخر اتهمه بممالاة الروم واستجوبه ، وكانت التهمة ملفقة وبهدف إبتزاز الرجل المسكين ، بدليل أن عمرو بن العاص أطلق سراح الرجل بعد أن حصل منه على أكثر من خمسين أردباً من الذهب..!!.نكرّر ( 50 إردبا من الذهب .!!)..وهذا من رجل واحد فقط .. 2 ـ ومن مجموع هذه المصادرات تضخمت ثروة عمرو الشخصية من هذا السلب والنّهب . وحين حضرته الوفاة استحضر أمواله فكانت (140) أردباً من الذهب، وقال لولديه: من يأخذ هذا المال؟ فأبى ولداه أخذه وقالا له: حتى ترد إلى كل ذى حق حقه. ومات عمرو واستولى الخليفة معاويةعلى كل تلك الأموال التى خلفها عمرو فى ميراثه وقال: نحن نأخذه بما فيه .. أى بما فيه من ظلم وسحت..!! 3 ـ ومع ذلك فإن عمرو بن العاص هو أفضل من حكم مصر وأكثرهم رفقاً بالمصريين بالمقارنة بغيره.. والثابت أنه لم يكن مسرفاً فى سفك الدماء كما فعل غيره من الولاة كما أنه كان حسن السياسة فى جباية الخراج والجزية، فلم يرهق المصريين، وكان يجمع الجزية 12 مليون دينار، فأصبح الوالى بعده عبد الله بن أبى سرح يجمعها 14 مليون دينار فى خلافة عثمان وبتوجيهاته . رابعا : تطرف الأمويين فى إستنزاف المصريين وفى قتلهم ظهر هذا التطرف بإقتران السلب والنهب بالقتل والتعذيب وقطع الأطراف والإذلال ، وأرهاب المصريين بتعذيب وإذلال رهبانهم وبطركهم وقياداتهم الدينية ، وهم الذين ساعدوا العرب من قبل فى فتح بلادهم وهزيمة الروم. وننقل فقرات مما ذكره المقريزى وهو يؤرخ لبطاركة مصر بعد الفتح العربى . 1 ـ يقول المقريزى فى الخطط عن البطرك الاسكندروس الذى استمر فى منصبه حوالى ربع قرن ![]() 2 وتعصب المقريزى يظهر فى قوله عن(المصريين) ![]() ![]() 3 ـ ثم يورد المقريزى بعض التفصيلات ، فيقول ( وكان عبد اللّه بن الحبحاب متولي الخراج قد زاد على القبط قيراطًا في كلّ دينار فانتقض عليه عامّة الحوف الشرقيّ من القبط فحاربهم المسلمون وقتلوا منهْم عدّة وافرة في سنة سبع ومائة.).أى إن والى الخراج هو الذى زاد الخراج أى الضرائب ـ وهو غير الجزية ـ فثار المصريون فيما يعرف الآن بمحافظة الشرقية أو الحوف الشرقى ، فأخمد الأمويون ثروتهم وقتلوا منهم (عدّة وافرة ) عام 107 هجرية . 4 ـ ( واشتدّ أيضًا أسامة بن زيد التنوخيّ متولي الخراج على النصارى ( أى المصريين ) ، وأوقع بهم ، وأخذ أموالهم ، ووسم أيدي الرهبان بحلقة حديد فيها اسم الراهب واسم ديره وتاريخه، فكل من وجده بغير وسم قطع يده. وكتب إلى الأعمال بأن من وجد من النصارى وليس معه منشور أن يؤخذ منه عشرة دنانير . ثم كبس الديارات ( أى الأديرة ) وقبض على عدّة من الرهبان بغير وسم فضرب أعناق بعضهم وضرب باقيهم حتى ماتوا تحت الضرب . ثم هدمت الكنائس وكسرت الصلبان ومحيت التماثيل وكسرت الأصنام بأجمعها، وكانت كثيرة ، في سنة أربع ومائة ، والخليفة يومئذٍ يزيد بن عبد الملك ). ولأنّ مهمة متولّى الخراج هى سلب أموال المصريين بما يملأ خزائن الأمويين ويشبع نهنهم للمال السّحت فقد أعطى الخلفاء الأمويون متولى خراج مصر سلطة مطلقة عسكرية وقضائية وسياسية ؛ فهو الذى يقدّر الضرائب ، وهو الذى يقوم بجمعها ، وهو الذى يعاقب بما شاء من عقوبة ذلك الذى يعجز عن دفع المطلوب منه ، أى له مطلق الحرية فى توقيع أقصى العقوبة بلا رادع ، ومعه الجيش العربى ( لا أقول الاسلامى ) يقتل به الفلاحين المصرين العاجزين عن دفع الضرائب . وواضح أن هذا الموظف السادى(أسامة بن زيد التنوخيّ متولي الخراج ) قد أستغلّ سلطته فى معاقبة الرهبان المساكين وإذلالهم بوسمهم بأن يفرض علي كل منهم وضع حلقة حديدية فى يده مدوّن فيها إسمه ومحل إقامته ، ويقطع يد من يضبط منهم بدون هذه الحلقة. ثم كان يغير على الأديرة يمارس ساديته ، فيعتقل من يشاء من الرهبان ، ومن يجده منهم لا يضع فى يده تلك الحلقة الحديدية يضرب عنقه أو يقتله تحت العذاب . ثم يهدم الكنائس ويكسر الصلبان والتماثيل ، ويحظر تنقل المصريين فى بلادهم ، فمن يسافر منهم بغير تصريح يدفع غرامة قدرها عشرة دنانير . 5 ـ ورسم الخليفة هشام بإزالة بعض الظلم ، ولكن لم ينفّذها الوالى حنظلة بن صفوان الذى بالغ فى الضرائب وقام بإحصاء المصريين وبهائمهم إحتقارا لهم ، بل ووسم المصريين كما فعل الوالى السابق بالرهبان ، وعوقب من لا يحمل الوسم فى يده بقطع يده . يقول المقريزى ![]() 6 ـ وبسبب هذا الظلم المتطرف نشبت ثورات الفلاحين المصريين فى الدلتا والصعيد فتم إخمادها بكل قسوة . يقول المقريزى : ( انتقض القبط ( أى ثار المصريون ) بالصعيد وحاربوا العمال ( أى جباة الضرائب ) في سنة إحدى وعشرين فحوربوا وقُتل كثير منهم) ، ( ثم خرج بجنس ( قائد مصرى ) بسمنود وحارب وقُتل في الحرب وقُتل معه قبط كثير في سنة اثنتين وثلاثين ومات ). 7 ـ وبلغ الظلم مداه بالتنكيل بالبطرك القائد الروحى للمصريين وإذلاله وإهانته بين مواطنيه ، فقد إعتقله الوالى الأموى وفرض عليه غرامة لا يستطيع دفعها فإضطره الى أن يسير فى أنحاء مصر ومعه أساقفته يتسوّل منهم دفع الغرامة فما إستطاعوا سدادها كلها بسبب ما هم فيه من فقر، فعاد البطرك يائسا بائسا الى ذلك الوالى وأعطاه ما جمعه ، فأفرج عنه لأن الغرض كان إذلال البطرك ، وقد حدث ، يقول المقريزى ![]() 8 ـ وسقطت الدولة الأموية بهزيمة الخليفة مروان بن محمد فى موقعة الزاب أمام الجيش العباسى . وفرّ الخليفة الأموى المهزوم بجيشه الى مصر ، وانتهز المصريون الفرصة فثاروا أملا فى التخلّص من الظلم الأموى ، ولكن الخليفة الأموى المهزوم استخدم جيشه فى التنكيل بالمصريين كما لو كان قد أراد أن يعوّض هزيمته بالانتقام منهم . يقول المقريزى ![]() 9 ـ ويقول المقريزى : (وما زال البطرك والنصارى في الحديد مع مروان إلى أن قُتل ببوصير فأفرج عنهم. ) أى ظل مروان يحتفظ بالبطرك وزعماء المصريين أسرى معه الى أن وصل جيش العباسيين وقاتل مروان وهزمه وقتله . وأفرج العباسيون عن البطرك وصحبه . 10 ـ لم ينقشع الظلم بقيام الدولة العباسية بل إستمر مما إستوجب استمرار الفلاحين المصريين فى ثوراتهم . ولكن دخل اضطهاد المصرين فى نوعية جديدة فى العصر العباسى نتوقف معها فى الحلقة القادمة. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 41725 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() القيامة تجدّد الحياة
![]() إن قيامة المسيح من بين الأموات أرجعت الحياة إلى الإنسان كما أنها صالحت الإنسان مع الله وأعادت إليه قوام العلاقة القوية والصحيحة، فيسوع قد أقام البشرية من غفوتها وارتباكها وضعفها وكرّس لها معنى حياتها كأولادٍ لله أوجدهم من محبّته. وصارت القيامة نقطة انطلاق، ومرحلة حاسمة ووُجهة سير، وعربون نعيم أبدي في حضرة الله الآب. لذا نرتل نحن فنقول: "المسيح قام من بين الأموات ووطئ الموت بالموت، ووهبَ الحياة للذين في القبور." أيّ قبور هذه؟ أليست قبورَ شرّ أليست قبور البُعد عن الله وتركه الاتّكال على الذات؛ هل يوجد أشرّ من شرِّ الانفصام عن محبة الله ومعرفته وخدمته. تحدث ابينا البطريرك ابراهيم في رسالته فقال: "لنرفع الحجر عن باب القبر". الحجر هنا رمز إلى ما يعزل من في القبر عن العودة إلى الحياة أو يحيط الإنسان بسد منيع يمنعه من التطور والتجدد والنهضة..الحجر هنا يرمز إلى الفلسفات الكاذبة التي تنكر حقيقة القيامة والحياة الأبدية كما يرمز الحجر أيضاً إلى ثقل الشهوات التي تكبّل التقدم الروحي للإنسان وتقيّد خطواته في السير عن النمو في الحياة الروحية. فكان لا بد من أن يُزاح الحجر ليتحرر الإنسان من ظلام الفكر وتمرد الشر والإلقاء بوصايا الله وشرائعه عرض الحائط بدعوة التحرر الكاذب والانفلات الأخلاقي. ومن دون نعمة الله والاتكال عليه ومن دون الإرادة الصالحة لا يمكننا أن ندحرج الحجر عن فم القبر. لنقبل المسيح القائم من الموت، فتكون لنا الحياة.. لنثق به ليمنحنا السلام الذي نبحث عنه، والقوة لكي نعيش كما يليق به وبنا كخليقة جديدة في المسيح. أعنّا أيها القائم من الموت على إزاحة الحجر عن بصيرتنا وعقلنا وضميرنا، لننهض وننطلق معك، لأنك الطريق والحق والحياة. كما أشار صاحب الغبطة ابينا البطريرك بشارة الراعي في رسالته للقيامة دحرجة الحجر فقال "إن عيد القيامة هو عيد قيامة قلوبنا من موت الخطيئة والحزن واليأس، من موت الحقد والبغض والعدواة. إن عيد القيامة إنما هو عيد ثمار الفداء والحياة الجديدة. وتسأل غبطته مع الكنيسة "كل مَن يعيشون في ظلمة القبور قبور الظلم والاستبداد والضياع، قبور الانكسار والهزيمة، قبور القتل والتعذيب والتهجير والتفجير، قبور القضاء على الآمال والحياة، قبور الفقر والجهل واللإنسانية والإهمال والاستكبار ماذا تريدون؟ ونحن ندعو هؤلاء في هذا اليوم العظيم إلى العودة إلى ضمائرهم والى يقظة الحياة التى تبني على الحق والفضيلة. في عيد القيامة تفرح الطبيعة بتفتح الزهور والبراعم وتكتسي الأرض باللون الأخضر، لون الحياة التي تدب الحياة من جديد بعد غفوٍ موقّت وهذا التجدّد الذي يكسي الأرض والإنسان لا ينفي بقاء الإنسان في جذوره فالجذور والأصول لا تتغير. إن الإنسان سقط بسبب خطيئة آدم لكن هبة الحياة التى فيه استمرّت، فجدّدها المسيح بالفداء الخلاصي. نؤكد أن الضعف، والخطأ، والتعب في المسيرة، وتغلّب الشهوة، والتعثُّر في السير وغير ذلك لا يُفقد الإنسان أصالته بل يطمسها إلى حين. فالقيامة هي لهذا: "لنزع الإنسان العتيق الفاسد بشهوات الغرور ولبس الإنسان الجديد الذي خُلِقَ على مثال الله في البرّ والقداسة" (أفسس 4/22). هذه القدرة على التجدّد الروحي هي القيامة الحقّة، هي بمعنى آخر وجود المسيح دوماً حياً في النفس رغم الانتكاسة التي قد تحصل في حياة الإنسان. إن يسوع لم يقم، مرة واحدة، ففي كل يوم، وفي كل ساعة هو يقوم في قلب المؤمن. هو يقوم في قلب الإنسان الذي يتوب عن الخطايا، والذي ينتصر على الألم، والذي يصفح للآخرين بالمحبة ويسامحهم غافراً لهم على مثال معلمه يسوع المسيح "يا أبتاه إغفر لهم". إن يسوع يقوم دائماً في قلب الإنسان الذي يعود الى صوابه ورشده وإيمانه، ويعود عن حالة البُعد والانفصال عن الله الى حضنه الأبوي. وأعظم حدث قيامة نعيشه في حياتنا هو حدث القيامة من الموت الروحي الى قيامة الحياة المتجددة في المسيح. نتمم هذا الحدث عندما نعود الى الله ونلتمس منه ان يسكن في قلبنا وينعش حياتنا بالنعمة. فرح القيامة عيد القيامة هو عيد البهجة. مع الكنيسة يهتف كل مسيحي: "أمس دُفنت معك، واليوم أنهض معك بقيامتك. أمسِ صُلبت معك، فأنت يا مخلصي مجِّدني معك في ملكوتك.""لتفرح السماوات بحق ولتبتهج الأرض، وليعيد العالم كل ما يرى وما لا يرى لأن المسيح السرور الأبدي قد قام..". لنفرح لأن المسيح قد قام بعد ألم وغلب الخطيئة وغلب الموت. ففي قيامة المسيح أصبح كل شيء جميلاً ولم يعد يضيع شيء مما نفعله أو نتحمّله مع المسيح. بالقيامة صارت المصالحة مع الله. نفرح بالقيامة مع الصدّيقين الذين كانوا يترقّبون هذا الحدث منذ فجر الخليقة، "نفرح مع العذراء مريم التي أَنْسَتْها القيامة كل ما عانته من آلام وأحزان لمشاهدة ابنها يعاني العذاب... نفرح مع النسوة حاملات الطيب القديسات اللواتي سبقن الصبح... نفرح مع الرسل القديسين الذين ذاقوا مرارة الخذلان، واعتقدوا أن رحيل المسيح هو إلى غير رجعة..نفرح مع الكنيسة، مع شعب الله المؤمن. لا توجد تعزية حقيقية لنا أو أي فرح حقيقي آخر في عالم مصيره الموت، إنما في عالم يحيا بالنعمة ونبضِ الحب. قوة المسيح تفوق بما لا يُقاس قوة الموت. ثمرة القيامة: الحياة مع المسيح تعني القيامة مع المسيح الحياة مع المسيح. "إن كنّا متنا مع المسيح نؤمن اننا سنحيا أيضاّ معه" (رومية 6/8) (2 تيمو 2/11).ويا ترى ما هي الحياة مع المسيح سوى موت الخطيئة وتثبيت النعمة في قلب الإنسان. ولكي نقوم مع المسيح علينا إذًا أن ندحرج الحجر عن باب القبر، حجر الشهوات والخطايا والفتور في الإيمان والمحبة، والطمع المفرط في حطام هذه الدنيا، والإعراض عن الخيرات الروحية التي فيها غذاء نفوسنا. وليس القبر القبر الرخامي بل القبرُ العميق الذي فيه تدفن النعمة. وقد يكون هذا القبرَ قلبُنا. وكما أن القيامة بعثت الخيرات الروحية فأُفيضت على الذين آمنوا، هكذا كل من يدحرج الحجر عن باب قلبه يُفيض المخلص خيراتِه الروحيةَ عليه.فلنهدم القبور ولنفتح القلوب ليقوم المسيح فينا. فإننا بقيامته نتقوّى ونقوم وبنعمته نتغذّى ونحيا. قيامتنا مع المسيح إن قيامتنا للمجد والسعادة هي حقيقة إيمانية (نترجّى قيامة الموت والرجاء هو تصديق ما لا يُرى) وستكون قيامتنا كقيامة المسيح كاملة، نهائية، أبدية مجيدة. وستكون لنا نهاية كل ألم، وفرحاً أبدياً في المسيح. يا له رجاء عظيماً. ولو لم يكن لنا هذا الرجاء. فنحن أشقى الناس أجمعين" (1 كور 15/19) كما يقول القديس بولس الذي يؤكّد لنا أنْ "الآن قام المسيح من بين الأموات وهو باكورة الراقدين" (1 كور 15/20). وسنقوم ممجدين لأن المسيح قام ممجداً وقيامته هي سبب قيامتنا ففي كل جسد يشترك الجسد مع الرأس في حياة واحدة. إن مات الرأس مات الجسد كله، وإن قام الرأس فجميع الأعضاء المتحدة به ستقوم معه. الإنسان الجديد مؤلف من الرأس والأعضاء في وحدة تامة، يتحتم عليها مصير واحد لأنه لا يوجد سوى مسيح واحد وقيامة واحدة، وهي قيامة المسيح الذي هو من الطبيعة البشرية المجدّدة بالمسيح تجديداً كاملاً في لحظة وطرفة عين" (1 كور 15/25) يستعيد أعضاء الجسد السرّي في القيامة أجسادهم. وكما قال بولس الرسول ان أجساد المؤمنين تكون كجسد المسيح الرأس الحقيقي والأول لهذا الجسد: "وعلى مثال السماوي يكون السماويون وكما لبسنا صورة الأرضي كذلك سنلبس صورة السماوي" (1 كور 15/48). وهذه الأجساد التي تقوم من القبر تكون غير قابلة للفساد وغير عرضة للانحلال. "إن المسيح من بعد أن أُقيم من بين الأموات لا يموت أيضاً" (رو 6/9) بل يكون الجسد روحانياً، هازئاً بغلاظة الجسد ومعفى من نواميسه الثقيلة. أجمَلَ القديس بولس قيامة الأجساد بما يلي: "الزرع بفساد والقيامة بغير فساد، الزرع بهوان والقيامة بمجد، الزرع بضعف والقيامة بقوة. يزرع جسد حيواني ويقوم جسد روحاني" (1 كور 15/42). نصلي متحدين مع سائر البطاركة والأساقفة والكنيسة جمعاء والمؤمنين وذوى الإرداة الصالحة جميعهم. من أجل هذا العالم الذي نعيش فيه، ليسكب الله رحمته على كل أبناء البشر. أن يعم السلام عالمنا المثقل بالآلام والأحزان... فيتوقف العنف والحروب والانقسامات ليتفرغ العالم إلى تنمية الحياة الإنسانية، ليجد طعاماً لكل جائع، وحياة أرقى وأفضل لكافة الشعوب... نصلي من أجل كل شهيد وشهيدة تشعل شمعة في ظلام التعصب والتطرف... نصلي من أجل مصر الوطن الحبيب ولبنان وطننا النابض بالحياة ورئيسيهما الرئيس عبد الفتاح السيسي والرئيس العماد ميشال عون مع المسؤولين كلّهم وجنود الوطن الذين جميعهم يسعون بكل إخلاص وجهد إلى بناء الوطن ونهضته. تحية واجلال للأبطال الجنود الساهرين لأجل حفظ أمن الوطن وأمانه. نلتمس هذا بشفاعة القديس انطونيوس الكبير ونحن في رعيته وعلى مذبحه ونطلب شفاعة أمنا مريم العذراء، هي الشاهدة الأمينة على قيامة المسيح وعلى محبة الله اللانهائية لمخلوقاته والتي جاءت الى مصر طلبا للأمان، نلتمس منها أن تحفظ شعبنا المصري واللبناني وكل شعوب الشرق وبلدانه في وحدته وإيمانه الثابت العميق. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 41726 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() القيامة حياة وشهادة
![]() سيظل حديثنا عن القيامة جديداً كل عام ، لأن القيامة بحد ذاتهما فعل تحديد. قيامة المسيح من الأموات هي فعلان الفعل الأول : هو فعل زمني تاريخي منظور و محقق ، بل ملموس و مسموع. السيد المسيح ارتضى أن تكون قيامته حدثاً تاريخياً منظوراً ومحققاً، فقد سبق فحدده هو زمنياً ( في ثالث يوم ) ، أي جعل قيامته حدثاً واقعاً في صميم الزمن والساعة ، ثم أكمله بظهور حقيقي ملموس .. ثم أكل معهم .. وجلس في وسطهم .. وتكلم ووبخهم… فعل القيامة الزمني هذا من الأفعال النادرة التي حددها المسيح بالأيام والساعات ، وهو لم يُحدد الميلاد مثلاً، ولكنه حدد القيامة بالضبط. والقيامة ، كونها حدثاً زمنياً فهي أمر مفيد جداً، ليس فيما يخص الإيمان ، لأننا يجب أن نؤمن بالقيامة دون برهان حسي؛ ولكن فيما يخص کل أعمال المسيح برمتها. فالقيامة أثبتت كافة معجزات المسيح الفائقة، كما أثبتت صدق بنويته الجوهرية لله و مغŒلاده البتولي من عذراء. لذلك أصبحت القيامة التي حققها المسيح ، كآخر معجزة ، هي الباب الوحيد والمفتاح السري الذي ندخل به إلى كافة أسراره ، وبالأخص سري هو التجسد والفداء ، ثم سر مجيئه الثاني للدينونة. الفعل الثاني للقيامة: هو فعل روحي سري غير منظور ولا محقق زمنياً، وهو الذي نتقبله نحن الآن بالإيمان ونعيش فيه ومن أجله. فنحن الآن بالإيمان نرفع قلوبنا إلى فوق حيث المسيح جالس عن يمين العظمة في الأعالي، فنحس بعلاقتنا الوثيقة بالمسيح ونرتبط بمصيرنا الأبدي ونستوطن عنده. فالقيامة هي مصدر حياتنا الجديدة ونور إيماننا. كما أننا نجاهد كل يوم بالحب والبذل والتفاني في خدمة الآخرين ، علغŒ أساس أن تُستعلن لنا قوة القيامة أكثر فأكثر في حياتنا لكي نعيش بالروح فوق مستوى أتعاب هذا الدهر ومطالبه، لأن هذا مضمون القيامة وقوتها، أي برجاء آخر غير رجاء هذا العالم : « إني أنا حي فأنتم ستحيون». العلاقة بين الفعلين: القيامة كفعل زمني تُحقق لنا كل مواعيد الله السابقة سواء في العهد القديم بكافة حوادثه أو العهد الجديد بكل عطائه الإلهي . فالقيامة كفعل روحي تُجسد لنا هذه الحوادث والمعطيات عينها لنعيش بها ونستمتع بقوتها الروحية المذخرة لنا فيها. والمفروض أننا نحقق القيامة ونتأكد منها عقلياً وحسياً من مصدرين : أولاً: من الكتب ، أي الأسفار المقدسة ، وهكذا فعل المسيح مع تلميذي عمواس، الذين فسَّر لهما المسيح الأمور المختصة به في جميع الكتب. ثانياً: من شهادة الذين رأوا القيامة ولمسوها. كذلك فإننا نحقق القيامة روحية : أولاً: باتصالنا بالمسيح رأساً، كعلاقة شخصية تقوم على المحبة والأمانة والطاعة:« الذي عنده وصاغŒاغŒ ويحفظها فهو الذي يحبني ، والذي يحبني يحبه أبي وأنا أحبه وأُظهر له ذاتي» . ثانيا: بتجردنا الداخلي وتغربنا من شهوة العالم وانفکاکنا من الرُّبط التي تربطنا به : « ها نحن قد تركنا كل شيء وتبعناك » . وحينئذ تسري فينا قوة القيامة و ننتقل من الموت إلى الحياة. وفي الحقيقة إن فعل القيامة الروحي ، الذي هو بحد ذاته قوة إلهية داخلية ونور أخروي وحياة أبدية وخلاص ، هو يحتاج إلى الإيمان بالقيامة كفعل زمني تم وحدث ؛ لكن هذا بحد ذاته لا يكفي : فمبدئياً، أنت تؤمن أن كلمة الله حقيقة، وبذلك تصبح القيامة كفعل زمني حقيقة أيضاً. وإلى هنا لا تكون محتاجاً أن ترى المسيح بالجسد ، أو تطلب أن تراه وتلمسه . فقد وبخ المسيح توما والتلاميذ على طلب البرهان الحسي. أما من جهة الشهود فها نحن الآن قد صار لنا شهود كثيرون من واقع الإنجيل، الذين رأوا المسيح المُقام مثل بولس الرسول الذي قدم نفسه كشاهد وآخر الكل: “ظهر لي أنا”. لكن نحن لا يكفينا تقصي الحقائق التاريخية لنؤمن بالقيامة كحدث زمني فقط لكي نأخذ قوة القيامة كفعل إلهي. إن سبب ضعف إيمان التلاميذ هو أنهم لم يدركوا بُعدها الإلهي الفائق للزمن ؛ لذلك ، وبعد أيام من قيامة الرب ، ذهب بطرس وبعض التلاميذ لصيد السمك ؛ وكأن القيامة فعل ماضي لا يختص بخلاصهم الأبدي. فالحدث الزمن لا يكفي، إذ لابد من رؤية الحدث بإحساس ما فوق الزمن، لتقبل القيامة كفعل إلهي يختص بعفران الخطايا وتجديدنا و خلقتنا السماوية وحياتنا الأبدية. الخطأ الذي وقع فيه التلاميذ هو أنهم نظروا القيامة كعمل غير مختص خلاصهم هم و بحغŒاتهم الأبدية ؛ بل مختص بالمسيح فقط، واكتفوا بأن المسيح سيأتي في ملكه ويملك فيملكون معه، وكفى، وهذا الأمر لا يضع علغŒ عاتقهم أية مسئولية، كما كانوا يعتقدون أن القيامة في أقصى مفعول لها إنما تختص بتحول ما، قد يحدث فيما بعد، وهكذا ابتعدت عنهم قوة القيامة مما أبعدوها بفكرهم عنهم كفعل إلهي للخلاص لازم و مُحتم. يا إخوة تيقظوا معي،،، القيامة كفعل إلهي مسئولية عظمى، ولن يعمل فينا هذا السر الإلهي إلا إذا فهمنا أن القيامة فعل حياة ورسالة نتقبلها الآن لنحيا بها ونبشر بها ولا ننتظرها في اليوم الأخير . کمريم و مرثاغ” وينبغي أن لا يغيب عن ذهننا قط أن المسيح وهو الإله، وهو القيامة والحياة، تألم وجُلد و شُتم و ضُرب! ونحن مدعوون مثله أن نعيش قوة القيامة تحت الألام … وأن نذوق مجد القيامة تحت ثقل کل ضروب المعاناة .. حينئذ فقط تُستعلن القيامة فينا ويتمجد المسيح!! وهل يمكن أن نُبشر بالقيامية دون أن نُبشر بالآلام ونشترك فيها؟ المسيح لم يستكره الظلم بل التصق بالآلام ، وجعلها وكأنها شيء قريب إلى نفسه ومُحبب ، بل ومکمل لحياته : « لأجل هذا أتيت إلى هذه الساعة». لذلك كلما ازدادت الآلام للسائرين في طريق الملكوت ، كلما استُعلنت قيامة المسيح لهم وفيهم وصاروا شهود صدق للمصلوب المقام . |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 41727 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() القيامة فعل زمني تاريخي منظور و محقق ، بل ملموس و مسموع. السيد المسيح ارتضى أن تكون قيامته حدثاً تاريخياً منظوراً ومحققاً، فقد سبق فحدده هو زمنياً ( في ثالث يوم ) ، أي جعل قيامته حدثاً واقعاً في صميم الزمن والساعة ، ثم أكمله بظهور حقيقي ملموس .. ثم أكل معهم .. وجلس في وسطهم .. وتكلم ووبخهم… فعل القيامة الزمني هذا من الأفعال النادرة التي حددها المسيح بالأيام والساعات ، وهو لم يُحدد الميلاد مثلاً، ولكنه حدد القيامة بالضبط. والقيامة ، كونها حدثاً زمنياً فهي أمر مفيد جداً، ليس فيما يخص الإيمان ، لأننا يجب أن نؤمن بالقيامة دون برهان حسي؛ ولكن فيما يخص کل أعمال المسيح برمتها. فالقيامة أثبتت كافة معجزات المسيح الفائقة، كما أثبتت صدق بنويته الجوهرية لله و مغŒلاده البتولي من عذراء. لذلك أصبحت القيامة التي حققها المسيح ، كآخر معجزة ، هي الباب الوحيد والمفتاح السري الذي ندخل به إلى كافة أسراره ، وبالأخص سري هو التجسد والفداء ، ثم سر مجيئه الثاني للدينونة. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 41728 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() هو فعل روحي سري غير منظور ولا محقق زمنياً، وهو الذي نتقبله نحن الآن بالإيمان ونعيش فيه ومن أجله. فنحن الآن بالإيمان نرفع قلوبنا إلى فوق حيث المسيح جالس عن يمين العظمة في الأعالي، فنحس بعلاقتنا الوثيقة بالمسيح ونرتبط بمصيرنا الأبدي ونستوطن عنده. فالقيامة هي مصدر حياتنا الجديدة ونور إيماننا. كما أننا نجاهد كل يوم بالحب والبذل والتفاني في خدمة الآخرين ، علغŒ أساس أن تُستعلن لنا قوة القيامة أكثر فأكثر في حياتنا لكي نعيش بالروح فوق مستوى أتعاب هذا الدهر ومطالبه، لأن هذا مضمون القيامة وقوتها، أي برجاء آخر غير رجاء هذا العالم : « إني أنا حي فأنتم ستحيون». العلاقة بين الفعلين: القيامة كفعل زمني تُحقق لنا كل مواعيد الله السابقة سواء في العهد القديم بكافة حوادثه أو العهد الجديد بكل عطائه الإلهي . فالقيامة كفعل روحي تُجسد لنا هذه الحوادث والمعطيات عينها لنعيش بها ونستمتع بقوتها الروحية المذخرة لنا فيها. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 41729 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() المفروض أننا نحقق القيامة ونتأكد منها عقلياً وحسياً من مصدرين : أولاً: من الكتب ، أي الأسفار المقدسة ، وهكذا فعل المسيح مع تلميذي عمواس، الذين فسَّر لهما المسيح الأمور المختصة به في جميع الكتب. ثانياً: من شهادة الذين رأوا القيامة ولمسوها. كذلك فإننا نحقق القيامة روحية : أولاً: باتصالنا بالمسيح رأساً، كعلاقة شخصية تقوم على المحبة والأمانة والطاعة:« الذي عنده وصاغŒاغŒ ويحفظها فهو الذي يحبني ، والذي يحبني يحبه أبي وأنا أحبه وأُظهر له ذاتي» . ثانيا: بتجردنا الداخلي وتغربنا من شهوة العالم وانفکاکنا من الرُّبط التي تربطنا به : « ها نحن قد تركنا كل شيء وتبعناك » . وحينئذ تسري فينا قوة القيامة و ننتقل من الموت إلى الحياة. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 41730 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() فعل القيامة الروحي ، الذي هو بحد ذاته قوة إلهية داخلية ونور أخروي وحياة أبدية وخلاص ، هو يحتاج إلى الإيمان بالقيامة كفعل زمني تم وحدث ؛ لكن هذا بحد ذاته لا يكفي : فمبدئياً، أنت تؤمن أن كلمة الله حقيقة، وبذلك تصبح القيامة كفعل زمني حقيقة أيضاً. وإلى هنا لا تكون محتاجاً أن ترى المسيح بالجسد ، أو تطلب أن تراه وتلمسه . فقد وبخ المسيح توما والتلاميذ على طلب البرهان الحسي. أما من جهة الشهود فها نحن الآن قد صار لنا شهود كثيرون من واقع الإنجيل، الذين رأوا المسيح المُقام مثل بولس الرسول الذي قدم نفسه كشاهد وآخر الكل: “ظهر لي أنا”. |
||||