30 - 06 - 2014, 02:09 PM | رقم المشاركة : ( 31 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب حتمية التجسد الإلهي
الأوطاخية ثانيًا - الأوطاخية: كان أوطيخا (378-454 م.) راهبًا مسنًا، ورئيسًا لدير بالقرب من القسطنطينية، وكان عالمًا وطبيبًا، وكان من المؤيدين جدًا للبابا كيرلس الكبير، وخصمًا شديدًا للنسطورية التي نادت بطبيعتين وأقنومين وشخصين منفصلين في السيد المسيح. وتمسك أوطيخا بعبارة القديس كيرلس السكندري: "طبيعة واحدة متجسدة لله الكلمة μία φύσις τοῦ θεοῦ λόγου σεσαρκωμένη" ولكن في خضم صراعه مع النسطورية ومغالاته في الدفاع عن الأرثوذكسية سقط في بدعة إنكار ناسوت المسيح، فقال إن جسد المسيح لم يكن جسدًا حقيقيًا من لحم ودم وعظام مثل جسدنا، بل هو جسد خيالي، وقد مرَّ في أحشاء العذراء مريم مثل مرور الماء من القناة، وشبه هذا الجسد الخيالي بنقطة الخل التي تلقى في المحيط فتتلاشى فيه تمامًا، فالطبيعة البشرية في نظر أوطيخا قد أُبتلعت تمامًا وتلاشت في الطبيعة اللاهوتية، وقام أوطيخا بحذف كلمة " متجسدة " من عبارة القديس كيرلس، وأخذ يعلم بطبيعة واحدة لله الكلمة قاصدًا بهذا طبيعة وحيدة أي الطبيعة الإلهية فقط. وغفل أوطيخا أقوال الإنجيل التي تظهر ناسوت المسيح مثل "والكلمة صار جسدًا" (يو 1: 14) وقول السيد المسيح "أنظروا يديّ ورجليَّ إني أنا هو. جسوني وانظروا فإن الروح ليس له لحم وعظام كما ترون لي" (لو 24: 39) وقال بولس الرسول "فإذ قد تشارك الأولاد في اللحم والدم اشترك هو أيضًا كذلك فيهما" (عب 2: 14).. ولو كان جسد المسيح جسد خيالي فكيف جاع (مت 4: 1)؟ وكيف عطش (يو 4:7)؟ وكيف نام (مر 4: 38)؟ وكيف تألم؟ وكيف صار عرقه يتصبب كقطرات دم نازلة على الأرض (لو 22: 44)؟ وكيف خرج من جنبه دم وماء عندما ُطعِن بالحربة (يو 19: 34)؟ وكيف مات (مت 27: 50)؟ وكيف دُفِن (مر 15: 46)؟ ولو كان هذا الجسد خيالي فكيف حدث الفداء الذي يستحيل أن يحدث بدون سفك دم (لا 17: 11، عب 9: 22)؟ ويرد القديس ساويرس على الأوطاخيين في تعليقه على قول بولس الرسول مولودًا من إمرأة قائلًا "هذه الكلمة {من امرأة} تبين أن عمانوئيل وُلِد في الجسد من جوهر العذراء. لم يقل {بامرأة} حتى لا يعطي فرصة لذوي الأفكار الرديئة أن يسموا ميلاده عبور بطريقة رمزية، ويؤكدوا انه عبر في قناة ومثل البرق. كذلك نفهم انه كان هناك حبل تام ، لكي نبين أن التجسد حقيقي وليس وهمًا، وبينما هما هناك {تمت أيامها لتلد} (لو 2: 6)" (1). وفي الختام نؤكد أن جسد السيد المسيح لم ينزل من السماء، وليس هو جسدًا خياليًا. إنما هو جسد حقيقي أُخِذ من لحم ودم العذراء مريم بفعل الروح القدس، وهذا ما تذكرنا به الكنيسة في كل قداس إذ يصرخ الآب الكاهن في سر الاعتراف قائلًا "آمين آمين آمين. أؤمن أؤمن أؤمن. أن هذا هو الجسد المحيي الذي لابنك الوحيد، ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح. آخذه من سيدتنا كلنا والدة الإله القديسة مريم، وجعله واحدًا مع لاهوته بغير اختلاط ولا امتزاج ولا تغيير... إلخ". |
||||
30 - 06 - 2014, 02:10 PM | رقم المشاركة : ( 32 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب حتمية التجسد الإلهي
هل جسد السيد المسيح مخلوق؟ ج : أرجوك يا صديقي أن لا تتسرع في الإجابة.. تريث قليلًا حتى ترى وتسمع رأي الكنيسة والآباء والعقل، ولنتساءل معًا: ما معنى المخلوق؟ معنى المخلوق أن له بداءة ونشأة، أي إن الشيء المخلوق وُجِد في زمن معين، وقبل أن يوجد لم يكن له أي وجود، وكل شيء في الكون كله ينطبق عليه هذا الوصف، ولذلك فالكون كله وكل ما فيه هو مخلوق، حتى الملائكة الأطهار هم مخلوقين، ولنعقِب السؤال السابق بسؤال آخر: من هو غير المخلوق؟ غير المخلوق واحد فقط هو الله الأزلي الكائن قبل الدهور والمقصود هنا اللاهوت فقط لا غير، ونأتي للسؤال الثالث: هل جسد المسيح أزلي مثله مثل اللاهوت؟ كلاَّ.. جسد المسيح ليس أزليًا لكنه وجد في لحظة معينة من الزمن، وهي لحظة بشارة رئيس الملائكة الجليل جبرائيل للسيدة العذراء، وقبول العذراء البشارة وحلول الروح القدس عليها، فمن هذه اللحظة بدأ يتكون جسد المسيح وقبل هذه اللحظة لم يكن هناك أي وجود لهذا الجسد المقدس.. فهو لم يكن في السماء وعبر في أحشاء البتول كما قال بعض الهراطقة، ولا قبل لحظة التكوين بشهور ولا بأسابيع ولا بأيام ولا بدقائق ولا بثوان كان لهذا الجسد المقدس وجود.. ومادام هذا الجسد قد وجد في لحظة معينة فهو ينطبق عليه وصف مخلوق.. وأيضًا نقول أن هذا الجسد مأخوذ من السيدة العذراء، والعذراء مريم مخلوقة، فما أُخذ منها أعني الجسد فهو مخلوق، وما لم يؤخذ منها أعني اللاهوت هو الخالق الأزلي غير المخلوق . وقد يطرأ على الذهن تساءل خاطئ وهو: هل هذا الجسد المخلوق عندما اتحد بالخالق الأزلي تحوَّل عن طبيعته وأصبح أزليًا؟ معنى الأزلي انه ليس له بداية، وقد اتفقنا أن جسد المسيح له بداية، فكيف أصبح بعد الإتحاد ليس له بداية؟ !!.. هذا ضد العقل والمنطق والتفكير السليم، وأيضًا نقول أن الإتحاد لم يلغِ صفات أحدى الطبيعتين كما سنرى فيما بعد، ويقول البابا أثناسيوس الرسولي " أنتم تقولون بأن الناسوت صار غير مخلوق بسبب إتحاده بالواحد غير المخلوق ، ولكن خطأكم هذا سوف يظهر إنه متناقض مع نفسه.. لقد تم إتحاد الناسوت بلاهوت الله الكلمة في أحشاء القديسة مريم، عندما نزل الكلمة من السماء. أي إن الناسوت لم يكن له وجود قبل نزول الكلمة وتجسده.. فإذا قيل أن الناسوت "غير مخلوق" بسب إتحاده بالكلمة غير المخلوق، فكيف نمت القامة، ولماذا لم نره إنسانًا كاملًا وتامًا منذ الإتحاد؟ فالذي ينمو ليس إلاَّ مخلوقًا، والإدعاء بأن الذي ينمو في القامة (الناسوت) غير مخلوق كفر وتجديف.. كيف أمكنكم أن تتصوَّروا أن الجسد غير مخلوق؟ وإذا تغيرت طبيعة مخلوقة وصارت غير مخلوقة، ألا يعني هذا أنه يجب أن تصبح غير منظورة، بل تصبح أيضًا عديمة الموت، ليس فقط بعد القيامة، بل تصبح غير قابلة للموت بالمرة؟ فإن صح تصوُّركم فكيف يمكن أن نقول أن الرب مات مادام قد تغيَّر ناسوته وصار غير مخلوق عندما ظهر على الأرض؟.. بل كيف أمكن لمسه..؟" (1) إن السبب في رفض البعض للقول بأن جسد المسيح مخلوق هو الحساسية المفرطة ضد البدعة الأريوسية، ولكن يا أحبائي من ناحية أخرى لو قلنا أن جسد المسيح غير مخلوق فمعنى هذا انه لم يشابهنا في كل شئ، لأن جسده لم يتخذه من نفس عجينة البشرية. |
||||
30 - 06 - 2014, 02:12 PM | رقم المشاركة : ( 33 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب حتمية التجسد الإلهي
جسد المسيح في أقوال الآباء ولماذا كل هذا الانزعاج والآباء قد أوضحوا لنا الحقيقة كاملة، فهيا إلى حديقة الآباء لنتذوق ثمارها الحلوة: القديس أثناسيوس: قال "لأنهم (الهراطقة) يطلقون على جسد المسيح أوصافًا مثل "غير مخلوق" و"سمائي" وأحيانًا يقولون أن الجسد "من ذات جوهر اللاهوت".. لكن كل ما قالوه ليس إلاَّ سفسطة فارغة وآراء عاطلة.. من أي مصدر أخذتم البشارة التي تجعلكم تقولون أن الجسد "غير مخلوق" ألا يجعلكم هذا تتخيلون أمرين لا ثالث لهما ! أما إن لاهوت الكلمة قد تحوَّل إلى جسد، وإما أنكم تعتقدون بأن تدبير الآلام والموت والقيامة خيال لم يحدث، وهذان التصوران كلاهما خطأ، لأن جوهر الثالوث هو وحده غير المخلوق، والأبدي، وغير المتألم، وغير المتغيّر. أما المسيح حسب الجسد (رو 9:5) فقد وُلِد من الناس الذين قيل عنهم " أخوته " بل تغيَّر بقيامته فصار بعد قيامته " باكورة الراقدين" (كو 1: 18).. فكيف تسمون الناسوت الذي تغيَّر من الموت إلى الحياة "غير مخلوق"؟... عندما تصفون الجسد المتغيّر المكوَّن من عظام ودماء ونفس إنسانية، أي كل مكونات أجسادنا. والذي صار ظاهرًا ومحسوسًا مثل أجسادنا، عندما يصفون كل هذا بأنه "غير مخلوق" تسقطون سقوطًا شنيعًا في خطأين: أولهما أنكم تفترضون أن الآلام التي احتملها هي مجرد خيال، وهذا تجديف المانويين، وأنكم تعتبرون أن اللاهوت له طبيعة ظاهرة محسوسة، رغم انه جوهر غير مخلوق.. وهذا التصوُّر الأخير يضعكم مع الذين يتصوَّرون أن الله كائن في شكل بشري جسداني، فما هو اختلافكم عن هؤلاء، مادام لكم نفس الاعتقاد؟" (1). القديس كيرلس الكبير: قال عن السيد المسيح "هو هو واحد مع أبيه، جسده كله مخلوق بلا خطية، في بطن العذراء كطبيعة واحدة لاهوتية غير مدركة، وهي التي ولدته بالجسد.. هو أيضًا الذي شرب اللبن من ثدي العذراء، وهو أيضًا الإله بلا تغيير لعلوه ومجده، وتسجد له المجوس كالإله، وتمجده الملائكة، وتأتي إليه المجوس بالقرابين كالإله" (2). وقال أيضًا "غير ممكن أن يتغير شيء من المخلوقات إلى طبيعة اللاهوت، لأن الجسد مخلوق والكلمة غير مخلوق" (3). القديس باسيليوس أسقف قيسارية: قال "ويجب أن تقال هذه المعاني على ناسوت المخلص أنه خُلِق، وليس على لاهوته"(4). وقال أيضًا "ولما رأى الابن أن الخطية قد كثرت، تنازل وسكن في العذراء مريم بمثال لا ينطق به، ولا يبحث عنه، وصار فيها تسعة أشهر، وأخذ منها جسدًا تامًا، وبناه هو فيها بإرادته ومشيئة أبيه" (5). القديس غريغوريوس أسقف نيصص: قال "المسيح غير مخلوق (اللاهوت) ومخلوق (الناسوت) اجتمعتا في موضع واحد معًا، أما الغير مخلوق، فنقول لأجله أنه أزلي قبل كل الدهور، وانه دائم إلى الأبد، وهو خالق كل شيء كائن، فإما المخلوق (الناسوت) فهو المشاركة التي صار فيها مع جسد تواضعنا بالتدبير (التجسد)" (6). وقال أيضًا " جوهر واحد ليس أثنين، لم ينقل لاهوته الخالق فيجعله مخلوقًا، ولا نقل المخلوق فجعله غير مخلوق، هو هو واحد ليس أثنين" (1). القديس بوليدس أسقف روما: قال "لا نجعل اللاهوت مخلوقًا ولا عبدًا، لأنه غير مخلوق، ولا نجعل أيضًا الجسد غير مخلوق.. بالفعل نوافق ونعترف به باتفاق واحد، إن الجسد هو من العذراء مريم، وإن اللاهوت من السماء، وإن الجسد مخلوق من البطن، واللاهوت غير مخلوق في خاصته بل هو موجود في كل حين" (2). وقال أيضًا "هكذا نعترف بالمخلوق بإتحاد الخالق لما اجتمع بالمخلوق، طبيعة واحدة قائمة ثابتة من الجهتين" (3). ولعل يا صديقي مازال أحد يتساءل: أليس القول بأن جسد المسيح مخلوق يتعارض مع ما جاء في قانون الإيمان الذي يقول " مولود غير مخلوق"؟ فنجيبه بهدوء شديد قائلين إن قانون الإيمان يحدثنا عن طبيعتي المسيح، فتكلم أولًا عن لاهوت المسيح قائلًا "نؤمن برب واحد يسوع المسيح، ابن الله الوحيد، المولود من الآب قبل كل الدهور، نور من نور، إله حق من إله حق، مولود غير مخلوق، مساوٍ للآب في الجوهر، الذي به كان كل شيء " فهذا ينطبق على اللاهوت الأزلي المولود من الآب والمساو له ولا ينطبق على الناسوت، لذلك يكمل قانون الإيمان قائلًا " هذا الذي من أجلنا نحن البشر ومن أجل خلاصنا، نزل من السماء وتجسد من الروح القدس ومن مريم العذراء. تأنس .. " فالذي نزل من السماء هو اللاهوت وليس الناسوت، واتخذ جسدًا من مريم العذراء، والروح القدس هو الذي هيأ أو أنشأ أو خلق هذا الجسد المقدس للإبن الكلمة. ولكن لنحذر في التعبير، فقولنا أن "جسد المسيح مخلوق" فهذا قول أرثوذكسي صحيح. أما القول بأن "المسيح مخلوق" فهو هرطقة أريوسية في منتهى الخطورة يجرّمها الكتاب والآباء يحرمون من يقول بها. وورد في مجلة الكرازة الغراء عدد يناير وفبراير 1967 سؤال من أحد الآباء يقول فيه "ما معنى قول قانون الإيمان {إله حق من إله حق، مولود غير مخلوق} وهل تنطبق هذه العبارة على المسيح أم على لاهوته أم على ناسوته"؟ وأجاب القمص باخوم المحرقي (نيافة المتنيح الأنبا غريغوريوس أسقف البحث العلمي)، قائلًا " أن المسيح له المجد مولود غير مخلوق أولًا من حيث لاهوته. على أنه لما كان لاهوته متحدًا بناسوته إتحادًا تامًا فما يقال على اللاهوت قبل التجسد يقال على مخلصنا وفادينا يسوع المسيح من غير تفريق بين لاهوته وناسوته. حيث أن فيه أتحد اللاهوت بالناسوت، إتحادًا كاملًا من غير اختلاط ولا امتزاج ولا تغيير.. إن السياق السابق واللاحق لعبارة "مولود غير مخلوق" يقتضي أن يكون معناها منصبًا على الله الكلمة، الأقنوم الثاني قبل التجسد، من حيث لاهوته الأزلي الكائن قبل كل الوجود، وقبل كل الدهور. وفي هذا التوطيد رد مباشر على البدعة الأريوسية والأريوسيين ومن يذهب مذهبهم من إنكار أزلية المسيح ووجود السابق على التجسد منذ الأزل من أمثال شهود يهوه وهم الأريوسية الجديدة. وبديهي أن تعبير "مولود" مقصود به لا الميلاد الزمني من الروح القدس ومريم العذراء، وإنما المقصود به أولًا الميلاد الأزلي حيث أن الله الكلمة هو الابن والابن الوحيد لله الآب.. وأما قوله "غير مخلوق" فهو رد مباشر على أريوس الذي زعم إن الله قد خلق المسيح، وأنكر بذلك لا أزلية الابن فقط بل أنكر عقيدة الثالوث أيضًا، وأراد أن يجعل من المسيح مخلوقًا مثل سائر الناس.. الأمر الذي رفضه آباء مجمع نيقية في شدة وحزم لأنه يخالف نصوص الكتب المقدسة وتعليم الرسل المستقرة بالتقليد في الكنيسة المقدسة. وهنا نجيب على سؤال آخر: هل جسد المسيح مخلوق؟ أقول نعم إن الجسد من حيث هو جسد، مخلوق، وقد تكوَّن بالروح القدس من مريم العذراء، ومن دمها ولحمها.. "فلذلك عند دخوله العالم ذبيحة وتقدمة لم تشأ لكنك هيأت لي جسدًا" (عب 10: 5). (أنظر يو 1: 14، عب 2: 14، 5: 7، 1 بط 2: 24). ومع ذلك بعد التجسد لا نجرؤ على أن نفصل بين ناسوت المسيح ولاهوته، لأنهما منذ التجسد قد اتحدا بغير افتراق ولا انفصال. ولا يجوز بتاتًا أن نميز أو نفصل بين الناسوت واللاهوت أو نفرق بينهما. وإذا فصلنا بين خصائص الناسوت وخصائص اللاهوت، فنفصل بين الخصائص فصلًا ذهنيًا فقط لا فصلًا واقعيًا، لأنه في الواقع لم يعد في الإمكان أن نفصل بينهما بعد الإتحاد، لأنه إتحاد كامل لا يقبل الانفصال أو الافتراق" (1). تذكَّر + السيد المسيح = إله كامل + إنسان كامل (في إتحاد طبيعي إقنومي) + طبيعة السيد المسيح = طبيعة إلهية + طبيعة ناسوتية جوهر اللاهوت جسد بشري + روح بشرية + من البدع والهرطقات التي ثارت بشأن طبيعة المسيح:
|
||||
30 - 06 - 2014, 02:13 PM | رقم المشاركة : ( 34 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب حتمية التجسد الإلهي
السيد المسيح
|
||||
30 - 06 - 2014, 02:14 PM | رقم المشاركة : ( 35 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب حتمية التجسد الإلهي
متى تم الإتحاد بين الطبيعة اللاهوتية والطبيعة الناسوتية؟ ج : أدعى الأبيونيون أن مريم العذراء ولدت يسوع الإنسان، فهو مجرد إنسان لا غير، وسار يسوع في وصايا الله حتى بلغ الثلاثين من عمره، وفي الثلاثين أثناء عماده من يوحنا نزل عليه المسيح (اللاهوت) فدُعي يسوع المسيح، وظل يخدم ويعلم ويرشد الشعب ويصنع معجزات حتى تعرض للصلب، ففارقه المسيح وصعد إلى السماء، وتأسئ الله على يسوع الذي يقاد للموت وهو برئ فأسقط شبهه على آخر، ورفع يسوع إلى السماء، وكذلك قال شهود يهوه بأن الإتحاد تم وقت العماد.. فمتى تم الإتحاد هل في بطن العذراء أو بعد ولادة الطفل أو في وقت العماد؟ لقد تم الإتحاد في اللحظة التي بشر فيها رئيس الملائكة الجليل جبرائيل العذراء مريم، وقبلت هي البشارة قائلة " هوذا أنا أمة الرب" (لو 1: 28) فحلَّ عليها الروح القدس، ففي هذه اللحظة بدأ الإتحاد، فلم تمر لحظة واحدة على بداية تكوين الناسوت وكان اللاهوت منفصلًا عنه، ولم ينتظر اللاهوت حتى تكوَّن الجنين، ولم ينتظر حتى وُلِد الطفل من بطن العذراء، ولا انتظر حتى وقت العماد ثم اتحد به.. إن الناسوت وُجِد في الإتحاد باللاهوت، وكأن اللاهوت كان منتظرًا فاتحًا أحضانه لاستقبال الناسوت منذ اللحظة الأولى لتكوينه لكيما يتحد به. ولهذا دعت الكنيسة العذراء مريم بمعمل الإتحاد لأن في أحشائها تم إتحاد اللاهوت بالناسوت، فنصلي في التسبحة قائلين " السلام لمعمل الإتحاد، غير المفترق الذي للطبائع، التي أتت معًا إلى موضع واحد، بغير اختلاط" (ثاؤطوكية الأربعاء) ولأن السيدة العذراء حملت في أحشائها جمر اللاهوت لذلك تشبهها الكنيسة بالعليقة، وتدور ثاؤطوكية الخميس كلها حول هذا المعنى، ومن أجل هذا صرخت أليصابات عند لقائها بالعذراء مريم قائلة " من أين لي هذا أن تأتي أم ربي إلىَّ" (لو 1: 43). ويقول القديس يعقوب السروجي "مضت مريم لتنظر حقيقة الأمر.. اعتنت بالكلام وأخذت طريقها إلى أليصابات لتنظر هناك الدهش العظيم.. التقى الصباح والمساء ليقبّلا بعضهما !! الصبية الصباح حبلى بشمس البر، وأليصابات المساء حاملة كوكب النور.. أتى الصباح ليسلم على المساء صاحبه، وتحرك المساء لينظر الصباح ويقبّله.. فاض الروح القدس من ابن الله، وحلَّ في الكاروز (يوحنا) وهو في بطن أمه، لأن سلام مريم كان هنا موضع الكاهن، وأليصابات صارت كمثل حضن المعمودية، وابن الله أرسل الروح من أزليته وعمَّد الطفل (يوحنا) بالروح القدس.." (1) ولأن السيدة العذراء ولدت الله الكلمة المتأنس، لذلك فإنها ولدته بدون زرع بشر، وبدون ألم "قبل أن يأخذها الطلق ولدت.قبل أن يأتي عليها المخاض ولدت ذكرًا" (أش 66: 7) وبسبب إتحاد اللاهوت بالناسوت ولدت العذراء ابنها وبكوريتها مختومة "فقال لي الرب هذا الباب يكون مغلقًا لا يُفتَح ولا يدخل منه إنسان لأن الرب إله إسرائيل قد دخل فيه فيكون مغلقًا" (حز 44: 2) وفي التسبحة نقول "وبعدما ولدته، بقيت عذراء، بتسابيح وبركات نعظمك" (ثاؤطوكية الأحد) وفي قسمة عيد الميلاد يصلي الآب الكاهن قائلًا "الكائن في حضنه الأبوي كل حين آتى وحلَّ في الحشا البتولي غير الدنس. ولدته وهي عذراء وبكارتها مختومة" وبسبب الإتحاد دُعيت العذراء مريم والدة الإله "ثيؤطوكوس". وقال أغناطيوس زكا الأول في مؤتمر القدس سنة 1959 والذي عُقِد من أجل وحدة الكنائس " غير انه لا اللاهوت وُجِد في أحشاء العذراء قبل وجود الناسوت فيها، ولا الناسوت وُجِد قبل اللاهوت. بل كلاهما وجدا معًا في لحظة واحدة فاتحدا إتحادًا ذاتيًا طبيعيًا جوهريًا اقنوميًا بدون اختلاط ولا امتزاج ولا استحالة، بسر لا يُدرك، وولدته العذراء بعد تسعة أشهر وهي بتول ، فصار الكلمة جسدًا (يو 1: 14) ودُعي عمانوئيل الذي تفسيره الله معنا (مت 1: 23)" (1) ويقول نيافة الأنبا بيشوي مطران دمياط وسكرتير المجمع المقدَّس " كلمة الله اتحد بالناسوت في لحظة تكون الجنين التي تسمى بالانجليزية From the very moment of incaration كمثل حد السيف، أي في زمن قيمته صفر تم التجسد الإلهي. تكوَّن الجنين واتحد اللاهوت بالناسوت، وهذا يحل مشكلة كبيرة لمن يقولون إننا نؤله الإنسان. نحن نؤمن بإله تجسد وليس بإنسان تأله، فيسوع ليس إنسانًا صار إلهًا، لكننا نقول أن كلمة الله الذي ظهر في الجسد.. إذًا فقد تم إتحاد اللاهوت بالناسوت منذ اللحظة الأولى للتجسد، لكنني أفضل أن أقول {اتحد اللاهوت بالناسوت في التجسد} وأفضل تعبير هو أن نقول {لقد وُجِد الناسوت في الإتحاد} أي أن الناسوت وُجِد داخل عملية الإتحاد. أو أن حدوث الإتحاد كان في أثناء تكوُّن الناسوت من العذراء بدون وجود فاصل زمني بينهما، بمعنى أنه حدث في لحظة الإتحاد نفسها" (2). |
||||
30 - 06 - 2014, 02:26 PM | رقم المشاركة : ( 36 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب حتمية التجسد الإلهي
كيف تم الإتحاد بين الطبيعة اللاهوتية وبين الطبيعة الناسوتية؟
ج: لقد اتحدت الطبيعة اللاهوتية مع الطبيعة الناسوتية: أولا - بدون اختلاط ولا امتزاج ولا تغيِيّر. ثانيًا - بدون افتراق ولا انفصال. ثالثًا- إتحاد طبيعي أقنومي. |
||||
30 - 06 - 2014, 02:27 PM | رقم المشاركة : ( 37 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب حتمية التجسد الإلهي
الإتحاد بين الطبيعتين بدون اختلاط ولا امتزاج ولا تغيِيّر لقد اتحدت الطبيعة اللاهوتية مع الطبيعة البشرية إتحادًا كاملًا بدون اختلاط مثل اختلاط المواد معًا، وبدون امتزاج مثل امتزاج السوائل، وبدون تغيّير فالطبيعة اللاهوتية لم تتحوَّل إلى طبيعة بشرية، ولا الطبيعة البشرية تحوَّلت إلى طبيعة لاهوتية، ولم تذب الطبيعة البشرية في اللاهوت مثلما تذوب نقطة الخل في المحيط وتتلاشى كقول أوطيخا Eutyches. إنما احتفظت كل طبيعة بخصائصها حتى بعد الإتحاد بسر يفوق الإدراك، فاللاهوت ظل لاهوتًا بكل صفاته وخصائصه والناسوت ظل ناسوتًا بكل صفاته وخصائصه، وأقرب مثل لهذا نضعه أمام أعيننا هو في أنفسنا، فكل إنسان منا تتحد روحه بجسده..بكل جسده وليس بجزء من جسده، وكل خلية في الجسد هي خلية حيَّة، ومع ذلك تظل الروح روحًا والجسد جسدًا، ولم يتحوَّل أو يتغيَّر أحدهما للآخر، فالإنسان لن يصير روحًا مجردة مثل الملائكة ولن يصير جسدًا مجردًا مثل الحيوانات. قال البابا أثناسيوس " نؤمن بمسيح واحد وأقنوم واحد مؤلف من جوهرين قد اجتمعا في واحد بلا اختلاط ولا تحوُّل ولا تغيِيّر ولا فساد ولا انقطاع، ولا تجُّرد اللاهوت من الناسوت، ولا للناسوت من اللاهوت. مسيح واحد، الفاعل آيات اللاهوت مع ناسوته، والمحتمل الألم الناسوت مع لاهوته، بلا فرقة كيانية أبدًا ولا خروج لأقنومه عن توحيد أبدًا" (1). وقال القديس كيرلس الكبير في الرسالة الثالثة لنسطور "ونحن نقول أيضًا أن الجسد لم يتحوَّل إلى طبيعة اللاهوت، ولا طبيعة كلمة الله التي تفوق التعبير تغيرت إلى طبيعة الجسد، لأنه (اللاهوت) بصورة مطلقة هو غير قابل للتبدُّل أو للتغيُّر.. حينما كان منظورًا، وكان لا يزال طفلًا مُقمطًا، وكان في حِضن العذراء التي حملته ، فانه كان يملأ كل الخليقة كإله" (1). وقال مطوليفن أسقف روما "وإن قلنا أن الوحيد ابن الله تجسد وصار إنسانًا، فمن أجل هذا القول ليس هو مختلطًا كما اعتقد أولئك، ولا استحالت طبيعة الكلمة إلى الجسد، ولا طبيعة الجسد تغيرَّت إلى خاصية الكلمة" (2). وقال القديس غريغوريوس الناطق بالإلهيات "وهو الله الكلمة من قَبْل تجسده، ومِن بعد أن تجسد، وولدته العذراء هو هو. هذا الواحد لن تنتقل طبيعة لاهوته إلى طبيعة ناسوته، ولا طبيعة ناسوته إلى طبيعة لاهوته، بل هو أقنوم واحد ولدته العذراء، طبيعة واحدة سجد له المجوس" (3). |
||||
30 - 06 - 2014, 02:28 PM | رقم المشاركة : ( 38 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب حتمية التجسد الإلهي
الإتحاد بين الطبيعتين بدون افتراق ولا انفصال بعد الإتحاد لم يفترق ولم ينفصل اللاهوت عن الناسوت قط، وهذا ما يعلنه الأب الكاهن في صلاة الاعتراف "بالحقيقة أُؤمن أن لاهوته لم يفارق ناسوته لحظة واحدة ولا طرفة عين" وإذا تساءل أحد قائلًا: إذًا كيف مات المسيح على الصليب؟.. ألم يفارق لاهوته ناسوته عند موته؟ .. نقول له قط لم يحدث هذا، فاللاهوت لم يفارق الناسوت قط، ولكن الذي حدث أن النفس البشرية فارقت الجسد البشري بينما ظل اللاهوت متحدًا بكل من الجسد والروح البشرية، فالروح البشرية المتحدة باللاهوت نزلت إلى الجحيم عقب الموت وأطلقت الأسرى، ولو كانت روح عادية غير متحدة باللاهوت ما استطاعت أن تحرّر نفسها من سجن الجحيم، ولكن لأنها متحدة باللاهوت لذلك أنارت الجحيم وأطلقت كل الذين ماتوا على الرجاء، وكذلك الجسد المتحد باللاهوت ظل في القبر إلى لحظة القيامة دون أن يعاين أي نوع من الفساد، وفي لحظة القيامة وحَّد اللاهوت النفس مع الجسد وقام المسيح منتصرًا ظافرًا. ويمكن تشبيه ما حدث على الصليب بقطعة من الورق وقد وضعناها في الزيت فتشربت تمامًا منه، ثم شققنا الورقة نصفين، فمن الطبيعي أن الزيت لم يفارق أي نصف من نصفي الورقة، فالورقة تشير للناسوت، والزيت يشير لللاهوت، وتشرب الورقة بالزيت يشير لإتحاد اللاهوت بالناسوت (جسد + روح بشرية) وشق الورقة إلى نصفين يشير إلى مفارقة الروح البشرية للجسد البشري، ولكن اللاهوت (الزيت) لم يفارق إحداهما. وفي القسمة السريانية يصلي الأب الكاهن قائلًا "هكذا بالحقيقة تألم كلمة الله بالجسد وذُبِح وانحنى بالصليب، وانفصلت نفسه عن جسده. إذ لاهوته لم ينفصل قط لا من نفسه ولا من جسده". وقال الأنبا مرقس أسقف البهنسا في القرن العاشر "إنما موت المسيح كله بمفارقة نفسه لجسده فقط، لكن لاهوته لم يفارق أحدهما (النفس والجسد) طرفة عين ولمح البصر، فكان اللاهوت ملازمًا الجسد على الصليب وفي القبر، كما انه كان ملازمًا النفس حال نزولها إلى عالم الأرواح البررة" (1) ويقول البابا كيرلس الكبير في رسالته إلى سوقيس الأسقف "أن الطبيعتين اتحدتا، ومن بعد الإتحاد لا نفرق الطبائع عن بعضها ولا نقسم الواحد الغير منقسم ونجعله ابنين، بل نعتقد انه ابن واحد مثلما قال آباؤنا أن الكلمة المتجسد طبيعة واحدة" (2). وقال البابا ديسقوروس في رسالته من المنفى "أما نحن فإننا نعترف بأن لاهوته لم يفارق ناسوته طرفة عين، ونعترف بأنه عند نزوله من السماء دخل إلى بطن العذراء موحّدًا بين لاهوته وناسوته وحدة لا افتراق فيها" (3). وقال القديس غريغوريوس العجائبي "لسنا نفصل بين اللاهوت والناسوت، لكنه واحد هو هو، وأنا أحرم الذين يسجدون لكلمة الله دون جسده" (1). |
||||
30 - 06 - 2014, 02:29 PM | رقم المشاركة : ( 39 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب حتمية التجسد الإلهي
الإتحاد بين الطبيعتين إتحاد طبيعي أقنومي هل الإتحاد في السيد المسيح كان إتحادًا بين طبيعتين إحداهما إلهية والأخرى بشرية أم إن الإتحاد كان بين شخصين إحداهما إله والآخر إنسان؟ هناك نقطتان في منتهى الأهمية يجب أن نفهمهما جيدًا: أولًا : ما هو الفرق بين الطبيعة والشخص؟ باختصار شديد وبساطة كاملة نقول أن الطبيعة تعُمْ ولكن الشخص يخُصْ. مثال (1) لو سألنا: مَنْ مِنْ الملائكة يحمل طبيعة ملائكية؟ الإجابة: جميع الملائكة بلا استثناء يحملون الطبيعة الملائكية، فالطبيعة الملائكية هنا تعم جميع الملائكة. وبمعنى آخر لو سألت نفس السؤال بصيغة أخرى وقلت: مَنْ هو الملاك الذي يحمل طبيعة ملائكية؟ فستأتي الإجابة من جميع الملائكة: نحن جميعًا بلا استثناء نحمل الطبيعة الملائكية. ولكن عندما أسأل: مَنْ هو رئيس الملائكة ميخائيل؟ فلن يجيب جميع الملائكة قائلين نحن.. لماذا؟ لأني هنا أسأل عن شخص محدَّد بالذات، فلن يجيب غير ملاك واحد هو ميخائيل رئيس الملائكة الجليل. مثال (2) لو سألنا: مَنْ مِنْ البشر يحمل طبيعة بشرية؟ الإجابة: جميع البشر بلا استثناء في كل زمان ومكان على وجه البسيطة يحملون الطبيعة البشرية، فالطبيعة البشرية تعُمْ كل البشر. س : من هو الذي عاش في عصر الآباء منذ أكثر من ثلاثة آلاف عام، وكان اسمه يعقوب بن يوسف بن إبراهيم، وكان له زوجتان هما ليئة وراحيل، وأثنى عشر إبنًا... إلخ؟ ج : هو يعقوب إسرائيل شخص واحد محدَّد بالذات في العالم كله، وعلى مدى الأجيال لن نجد غيره. ثانيًا: لماذا تجسد الله؟ هل تجسد من أجل خلاص شخص وحيد معين بالذات؟.. لو كان هذا صحيحًا لصح القول بأن الله في تجسده اتخذ شخصًا بالذات لكيما يخلصه وليكن اسمه بطرس أو يعقوب أو يسوع، فمادام يسوع في نظر النساطرة انه إنسان محض فإنه بلا شك يتساوى مع يعقوب أو بطرس..ولكن الحقيقة غير ذلك، لقد تجسد الله لكيما يصنع خلاصًا عظيمًا هذا مقداره يكفي كل ذي طبيعة بشرية في كل مكان وزمان منذ آدم وإلى نهاية الأجيال، ولهذا اتخذ الله طبيعة بشرية وليس شخصًا محدَّدًا بالذات.. فلو تساءلنا: مَنْ له الخلاص بدم المسيح؟ لأجاب جميع البشر قائلين: جميعنا لنا خلاص بدم المسيح، ولو سألناهم : ولماذا جميعكم وليس شخصًا واحدًا فقط؟ لأجابوا لأن الله في تجسده لم يتخذ شخصًا معينًا واتحد به. إنما اتحد بطبيعتنا البشرية فأصبح لكل إنسان تحت السماء خلاصًا بدمه. ومن هذا المنطلق نستطيع أن ندرك أن الإتحاد في السيد المسيح كان إتحادًا بين طبيعتين، وليس بين شخصين.. لماذا؟ لأن أقنوم الكلمة هو شخص إلهي فلا يصح أن يضيف لنفسه شخصًا آخر، فيصبح مزدوج الشخصية، وحينئذ يتحوَّل الثالوث القدوس من ثلاث أشخاص هم الآب والابن والروح القدس إلى أربع أشخاص هم الآب والابن والروح القدس وشخص يسوع الإنسان، وهذا الرابوع هو ما استهجنه الآباء كما سنرى.. إن شخص أقنوم الكلمة الإلهي أضاف إلى طبيعته الإلهية طبيعة بشرية، فالإتحاد بين الطبيعتين وليس بين الشخصين الإتحاد بحسب الطبائع وليس بحسب الأشخاص.. هو إتحاد طبيعي أو بحسب الطبيعة according to nature ويسمى أيضًا الإتحاد الفزيقي. وشرح البابا كيرلس الكبير في الرسالة الرابعة لنسطور هذا الإتحاد قائلًا "نحن لا نقول أن طبيعة الكلمة تغيرت حينما صار جسدًا، وأيضًا نحن لا نقول أن الكلمة قد تغير إلى إنسان كامل من نفس وجسد. بل بالأحرى نقول أن الكلمة قد وحَّد مع نفسه أقنوميًّا جسدًا محييًا بنفس عاقلة، وصار إنسانًا بطريقة لا يمكن التعبير عنها أو إدراكها.. ونحن نقول أنه على الرغم أن الطبيعتين اللتين اجتمعتا معًا في وحدة حقيقية مختلفتان، فإنه يوجد مسيح واحد وابن واحد من الاثنين. إن اختلاف الطبائع لم يبطل بسبب الإتحاد.. الكتاب لم يقل أن الكلمة وحَّد شخصًا من البشر بنفسه، بل انه صار جسدًا، والكلمة إذ قد صار جسدًا لا يكون آخر. أنه اتخذ دمًا ولحمًا مثلنا. انه جعل جسدنا خاصًا به" (1). |
||||
30 - 06 - 2014, 02:30 PM | رقم المشاركة : ( 40 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب حتمية التجسد الإلهي
الاتحاد الأقنومي ودعى الآباء هذا الإتحاد بأنه إتحاد أقنومي لأن أقنوم الكلمة اتخذ جسدًا واتحد به " هذا الذي أخذه منك، أيتها الغير الدنسة، واتحد به، كأقنوم" (ثيؤطوكية الأحد)، فهو ليس إتحاد شخصين أحدهما شخص الكلمة والآخر شخص إنسان، لأن هذا يجعلنا نتردى في البدعة النسطورية، ويقول نيافة الأنبا بيشوي سكرتير المجمع المقدَّس أن " القديس كيرلس يرفض نقطتين: 1- إن جسد الكلمة له وجود شخص مستقل سابق للإتحاد. 2- أن يكون في المسيح شخصان: إله وإنسان، كل منهما له شخصية منفصلة، بهذا يكون هناك اثنان، شخصان، ومسيحان، حسب تعليم نسطور. ولكننا نؤمن بمسيح واحد ورب واحد وابن واحد.. لذلك هناك نقطة يهتم بها القديس كيرلس ويعتبرها الحد الفاصل بين النسطورية والأرثوذكسية وهي: هل الإتحاد بحسب الطبيعة وبحسب الأقنوم، أم الإتحاد بحسب البروسويون أي الشخص؟ بمعنى آخر: هل هو إتحاد أقنومي طبيعي أم إتحاد بروسوبوني؟ الإتحاد الشخصاني (البروسوبوني) هو إتحاد خارجي في المنظر والشكل والهيئة والصورة، وهو ما ينادي به نسطور. وقد قال القديس كيرلس عنه انه خدعة كبرى لا يمكن أن نقبلها، ولكن الإتحاد حقيقة هو إتحاد بحسب الأقنوم "كاث هيبوستاسين" henwsis kach hypostasin بمعنى إتحاد طبيعي enwsis physihy" (2). ويقول نيافة الأنبا بيشوي أيضًا " السيد المسيح لم يتخذ شخصًا من البشر بل اتخذ طبيعة بشرية فقط، وظل هو هو نفسه كلمة الله المتجسد. ليس هو إله وإنسان، لكنه تأنس، أخذ الطبيعة البشرية وشخصنها لنفسه لم يأخذ شخصًا لكنه هو بشخصه أصبح يجمع الطبيعة البشرية والطبيعة الإلهية في إتحاد عجيب جدًا يفوق العقل والإدراك، بأقنوم واحد هو أقنوم كلمة الله المتجسد، الجنين الذي أخذه من العذراء لم يكن محتاجًا أن يكون له شخص، لأنه اتحد به في نفس لحظة تكوينه. فلأن الكلمة هو نفسه شخص فهو غير محتاج لشخص آخر، وإلاَّ يصبح هناك شخصان، لكنه هو بشخصه اتخذ الجسد ووحَّده بطبيعته الإلهية بغير تغيّر" (1). كما يتساءل نيافة الأنبا بيشوي "س: كيف يكون المسيح إنسانًا كاملًا بدون أن يتخذ شخص إنسان في تجسده؟! أي بدون أن يأخذ من العذراء شخص إنسان. أي لا يأخذ إنسانًا من البشر ويحل فيه الكلمة. بمعنى أن يأتي بإنسان والكلمة يحل فيه من أول لحظة للتجسد، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: كيف يكون إنسانًا كاملًا بدون أن يأخذ شخص إنسان؟! هو أخذ طبيعة بشرية كاملة بجسد وروح عاقلة، وجعلها خاصة به He made our nature His own لكن الطبيعة البشرية الكاملة في شخص كلمة الله هو إنسان كامل، إنسان حقيقي وليس على سبيل المجاز.. كيف يكون إنسانًا كاملًا وهو لم يأخذ من العذراء شخص إنسان؟! وإنما أخذ طبيعة بشرية كاملة، هذه النقطة لا تختلف فيها الكنائس الخلقيدونية وغير الخلقيدونية. الإجابة على هذا السؤال: أن كلمة شخص باليوناني برسوبون = prosopon معناها: من يتجه نحو الآخر ويتعامل معه ويتبادل العلاقة، فكلمة بروس معناها "نحو" ويوجد أشخاص منفصلون في الجوهر والكينونة مثل البشر، ويوجد من هم غير منفصلين في الجوهر والكينونة مثل أقانيم الثالوث القدوس ، كل منهم هو في الآخر ويملأ الكل.. فالبرسوبون الخاص بالابن، والبروسوبون الخاص بالآب على الرغم من أنهما يحملان نفس الجوهر ونفس الطبيعة -الجوهر غير المتجزئ، وغير المنقسم- إلاَّ أن الواحد يبادل الآخر العلاقة والحب.. إذًا من هو البروسوبون؟ هو من يحمل الطبيعة بكل مقوّماتها وإمكانياتها ويتبادل العلاقة مع بروسوبا آخرين.. إذًا نقول أن البروسوبون هو حامل الطبيعة ومالكها بكل ما لها من مقومات، وفيه تقوم الطبيعة حينما توجد.. إذا شخص حمل طبيعة إلهية فهو إله، وإذا شخص حمل طبيعة إنسانية فهو إنسان، وإذا شخص حمل طبيعة ملائكية فهو ملاك، وإذا شخص محدَّد حمل الطبيعة الإلهية والإنسانية في نفس الوقت، فهو إله وإنسان في نفس الوقت، أي إله متجسد، وهذا ما حدث في التجسد الإلهي. فالسيد المسيح بشخصه الخاص وهو يحمل الطبيعة الإلهية أصلًا منذ الأزل ، حمل الطبيعة الإنسانية الكاملة في نفس شخصه هذا. لذلك يقول معلمنا بولس الرسول "يسوع المسيح هو هو أمسًا واليوم وإلى الأبد" (عب 13: 8) فأصبح مالك الطبيعة الإلهية، هو نفسه يملك الطبيعة البشرية، فهذا الشخص المالك للطبيعة، من حيث طبيعته الإلهية هو إله كامل، إله حقيقي، ومن حيث طبيعته البشرية فهو إنسان كامل، وإنسان حقيقي. نفس الشخص.. لم يضف إلى شخصه شخصًا آخر. إذًا لا يوجد هنا ضميرين للملكية، أحدهما يملك اللاهوت، والآخر يملك الناسوت، ولكنه هو هو الذي كان إلهًا منذ الأزل ولازال إلهًا إلى الأبد، صار إنسانًا في ملء الزمان. إنسانًا حقيقيًا كاملًا {كلمة الله جاء في شخصه الخاص} كما قال القديس أثناسيوس في كتابه عن التجسد، ولهذا فالإيمان السليم أن شخص المسيح هو شخص واحد وهو نفسه شخص كلمة الله الأزلي" (1). |
||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|