منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 26 - 04 - 2021, 09:44 PM   رقم المشاركة : ( 38781 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,297,515

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

القديس أغسطينوس
  • لقد ضُربت (أيها الموت)، لقد جُرحت، لقد سقطت طريحًا، لكن جُرح ذاك الذي خلقني. يا موت، يا موت، هوذا الذي أوجدني جُرح من أجلي وبموته غلبك. بنصرة سيقولون: "أين غلبتك يا موت؟ أين شوكتك يا موت؟[2]

  • الآن عندما يقول: "الذي يؤمن بي، ليس يؤمن بي، بل بالذي أرسلني". ماذا نفهم سوى أنه ظهر كإنسانٍ للبشر بينما بقي غير منظور بكونه الله؟ ولكي لا يظن أحد أنه ليس بأكثر مما يروه فيه يشير إلى الإيمان به كمساوٍ للآب في الشخصية والرتبة... فمن يؤمن بالآب يلزمه أن يؤمن أنه أب، ومن يؤمن بالآب يؤمن أن له ابن، وبهذا فمن يؤمن بالآب يلزمه أن يؤمن بالابن[3].

  • أنتم تدعون الله أبًا، لتعرفوني إذن على الأقل كأخٍ لكم. وفي نفس الوقت أعطاهم حافزًا لقلوب الأذكياء بذكر ما اعتاد أن يقول: "لم آتِ من نفسي، هو أرسلني. أنا خرجت وأتيت من الله"... لقد جاء من عنده بكونه الله المساوي له، الابن الوحيد، كلمة الآب، جاء إلينا، لأن الكلمة صار جسدًا لكي يحل بيننا. مجيئه يشير إلى ناسوته، الذي هو سكناه، و إلى لاهوته. إنه بلاهوته ذاك الذي بناسوته يجعلنا نتقدم. لو لم يصر هكذا لكي ما نتقدم ما كنا قط نقتنيه ذاك الذي يبقى إلى الأبد[4].

  • بسبب الأمانة الزوجيّة اِستحق الاثنان أن يُلقبَّا "والديّ يسوع"، إذ كانا هكذا حسب الذهن والهدف وليس حسب الجسد. فإن كان أحدهما والده في الهدف لكن الآخر أي أُمّه كانت والدته بالجسد أيضًا، وقد دعي الاثنان أبواه حسب تواضعه لا سموُّه، حسب ضعفه (ناسوته) لا حسب لاهوته[5].

  • ينطق بولس بهذا لأنه يتحدث عن أولئك العاجزين عن أن يبصروا التعاليم السامية جدًا عن لاهوت المسيح[6].

  • لكي تعرفوا أن العريس والعروس هما واحد حسب جسد المسيح، وليس حسب لاهوته... لكي تعرفوا أن هذا الكامل هو مسيح واحد، قال بإشعياء: "وضع عمامة عليّ كعريسٍ، وكساني بالزينة كعروس" (إش ظ¦ظ،: ظ،ظ*lxx)[7].

  • مادمنا لا نستطيع بأية وسيلة أن يكون لنا هذا التطويب الذي به نؤمن ونحن لا نرى ما لم نتقبله من الروح القدس، فلسبب حسن قيل: "خير لكم أن أنطلق. فإنه إن لم أنطلق لا يأتيكم المعزي، لكن إن انطلقت أرسله إليكم" [ظ§]. هو حاضر معنا على الدوام بلاهوته، ولكن إن لم ينطلق بالجسد عنا، فإننا نرى جسمه دومًا حسب الجسد ولا نؤمن من الجانب الروحاني[8].

  • إنه يحب الابن من جهة لاهوته، إذ ولده مساويًا لنفسه. يحبه أيضًا بكونه جسدًا لأن الابن الوحيد صار إنسانًا، وبكونه الكلمة فإن جسد الكلمة هو عزيز عليه. أما بالنسبة لنا فبكوننا أعضاء في ذاك الذي يحبه، ولكي ما نصير هكذا. لقد أحبنا لهذا السبب قبل أن يخلقنا[9].

  • كمن يقول له: "وأنت تحت ظل الخطية أنا اخترتك"، وإذ تذكر نثنائيل أنه كان تحت شجرة التين حين لم يكن أحد هناك عرف لاهوته وأجاب: "أنت ابن الله، أنت ملك إسرائيل". ذاك الذي كان تحت شجرة التين لم يصر شجرة تين جافة، فقد عرف المسيح[10].

  • لكي نقتني (رؤيته) إن كنا لا نقدر بعد أن نرى الله الكلمة، لنسمع "الكلمة صار جسدًا"، ناظرين أننا نحن جسديون، فلنسمع الكلمة المتجسد. فإنه لهذا السبب جاء، ولهذا السبب حمل ضعفنا حتى يمكن أن نقبل كلمات الله القوية الحامل ضعفنا. بحق قد دُعي "اللبن"، إذ يهب لبنًا للرضع حتى يقدم وجبة الحكمة (اللحم) للناضجين[11].

  • من كان يستطيع أن يلمس الله الكلمة لو لم يكن الكلمة قد صار جسدًا وحلَّ بيننا؟! لقد أخذ الكلمة المتجسد بداية ناسوته من مريم العذراء، لكن ليست هذه هي بداية الكلمة، إذ يقول الرسول: "الذي كان من البدء"، شريك الآب في الأزلية[12].

  • قدم تشكرات للمسيح الذي صار ضعيفًا لأجلكم لأنكم ضعفاء، ولتكن رغباتكم معدة للاهوت المسيح لكي تشبع بها[13].




 
قديم 26 - 04 - 2021, 09:45 PM   رقم المشاركة : ( 38782 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,297,515

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

القديس أثناسيوس الرسولي
  • ليت الذين أنكروا فيما سبق أن المصلوب هو إله، يعترفون بضلالهم، لأن الكتب الإلهية تُلزمهم بذلك، وخاصة توما الذي لمّا رأى أثر المسامير، صرخ قائلا " ربي وإلهي"! ، فإن الإبن الذي هو الإله وربُّ المجد كان في الجسد المهان والمسمر بلا كرامة وبينما كان الجسد يتألم ويُطعن على الخشبة، ويفيض من جنبه دم وماء، كان بصفته هيكل الكلمة مملوءاً بكل ملء اللاهوت!، ولهذا السبب لمَّا رأت الشمس خالفها، يتألم في الجسد المُهان، أخفت شعاعها وأظلمت الأرض[18]

  • لهذا كان واضحًا للكل أن البشر حقًا جاهلون، لكن اللوغوس ذاته باعتباره الله الكلمة، يعرف كل شيء حتى قبل حدوثه. لأنه حينما صار إنسانًا لم يكف عن أن يكون هو الله، ولم يستنكف من أمور الإنسان بكونه هو الله، بئس هذا الفكر. بل بالأحرى، إذا هو الله، قد أخذ لذاته الجسد، وإذا هو في الجسد فإنه يؤله هذا الجسد. لأنه كما سأل أسئلة هكذا أيضًا أقام الميت، وأظهر للكل أن الذي يحيي الميت ويستدعي روحه، يعرف بالأكثر أسرار الجميع. إنه يعرف حقًا أين يرقد لعازر، ومع هذا يسأل، لأن لوغوس الله الكُلى القداسة، الذي احتمل كل شيء لأجلنا، إنما قد فعل ذلك، حتى بأخذه جهلنا، يهبنا نعمة المعرفة، معرفة أبيه الحقيقي وحده، ومعرفته أنه هو الابن المرسل لأجل خلاصنا جميعًا. فأية نعمة أعظم من هذه النعمة؟[19]
 
قديم 26 - 04 - 2021, 09:46 PM   رقم المشاركة : ( 38783 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,297,515

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

القديس أمبروسيوس
  • بالنسبة للاهوته فإن لابن الله مجده الذاتى, فإن مجد الآب والابن هما واحد. إذن فهو ليس بأقلٍ في السمو, لأن المجد واحد, ولا أقل في اللاهوت, لأن ملء اللاهوت في المسيح[20].

  • وضع حياته لكي يمجدنا، ولكن كان سلطان لاهوته أن يضعها وأن يأخذها أيضًا... ها أنتم ترون صلاحه، أن يضعها بإرادته؛ ها أنتم ترون سلطانه أيضًا أن يأخذها[21].

  • يقولون مكتوب: "أبي أعظم مني". أيضًا مكتوب: "لم يحسب خلسة أن يكون معادلاً للَّه" (في 6:2). وأيضًا مكتوب أن اليهود أرادوا قتله، لأنه قال إنه ابن اللَّه معادلاً نفسه باللَّه (يو 18:5). مكتوب: "أنا والآب واحد" (يو 30:10). إنهم يقرأون نصًا واحدًا وليس نصوص كثيرة. إذن هل يمكن أن يكون أقل ومساوٍ في نفس الوقت لذات الطبيعة؟ لا، فإن عبارة تشير إلى لاهوته، وأخرى إلى ناسوته[22].

  • قال الرب هذا لكي تعرف أنه هو مقدس في الجسد لأجلنا، وأيضًا يقدس بفضيلة لاهوته[23].

  • المجد الذي للكلمة هو أيضًا مجد الآب. ويقول الرسول: "لكي تجثو باسم يسوع كل ركبة ممن في السماء ومن على الأرض ومن تحت الأرض، ويعترف كل إنسانٍ أن يسوع المسيح هو رب لمجد الله الآب" ( في 2: 10، 11). لذلك بخصوص لاهوته فللابن مجده، وأن مجد الآب والابن هو واحد. إنه ليس بأقل منه في السمو، لأن المجد واحد، ولا هو أقل في اللاهوت، لأن ملء اللاهوت في المسيح[24].

  • يسأل البعض: كيف يكون الابن مساويًا للآب عندما يقول أنه يحيا بالآب؟ ليت هؤلاء الذين يعترضون علينا في هذه النقطة يخبروننا أولاً ما هي حياة الابن؟ هل هي حياة ممنوحة بواسطة الآب لمن هو في حاجة إلى حياة؟ بل كيف يمكن للابن أن يكون في حاجة أن يملك حياة وهو نفسه الحياة، إذ يقول: "أنا هو الطريق والحق والحياة"؟ حقًا حياته أبدية، وسلطانه أبدي. هل وُجد وقت كانت فيه الحياة لا تملك ذاتها؟ تأملوا ما قُرأ اليوم بخصوص الرب يسوع أنه "مات لأجلنا حتى إذا سهرنا أو نمنا نحيا جميعًا معه" (1 تس 10:5). ذاك الذي موته هو حياة، ألا يكون لاهوته حياة، متطلعين إلى لاهوته أنه حياة أبدية؟[25]

  • وصف نفسه من جهة لاهوته وناسوته، فهو غني من جهة كمال لاهوته وقد صار فقيرًا لأجلنا. فمع أنه الغني والملك الأبدي، وابن الملك الأبدي، قال أنه ذهب إلى كورة بعيدة (لو 19: 12) بأخذه جسدنا، إذ سلك طريق البشر كما في رحلة غريبة، وجاء إلى هذا العالم ليعد لنفسه مملكة منا. إذن قد جاء يسوع إلى هذه الأرض ليتقبل لنفسه مملكة منا نحن الذين قيل لنا: "ملكوت الله داخلكم". عندئذ يسلم الابن مملكته للآب، وبتسليمه إياها لا يخسرها المسيح بل تنمو... نحن ملكوت المسيح وملكوت الآب، إذ قيل: "ليس أحد يأتي إلى الآب إلا بي" (يو 14: 6). عندما أكون في الطريق فأنا للمسيح، وإذ أعبر به فأنا للآب، لكن أينما وجدت فأنا خلال المسيح وتحت سلطانه[26].

  • ليس ما يفرح رب العالم امتطاؤه ظهر حيوان ما لم يحمل هذا سرًا خفيًا، وهو أن يجلس داخليًا كملكٍ يتربع علي عرشه في أعماق نفوس البشر، يجلس كفارس إلهي بقوة لاهوته يقود خطوات العقل. طوبى لمن حملوا على ظهر أرواحهم مثل هذا الفارس! حقًا طوبى لمن وضع في أفواههم لجام الكلمة الإلهية عوض النطق بالأباطيل![27]

  • هذا بالتأكيد يشير لا إلى لاهوته بل إلى جسده الذي فاض على قلوب الشعب العطشى مجرى دمه الدائم[28].

  • لأن الآب لا يفعل شيئًا إلا بممارسة قوته وحكمته، فقد صنع كل الأشياء بحكمة، كما هو مكتوب: "بحكمة صنعتً الكل" (مز 24:104)، هكذا أيضًا لا يفعل اللَّه الكلمة شيئًا بدون شركة الآب. لا يعمل بدون الآب، بدون مشيئة الآب لا يقدم نفسه للآلام كلية القداسة، ويُذبح لأجل خلاص العالم كله (يو 16:3، 17؛ عب 10:10-12). بدون إرادة الآب لا يقوم من الأموات إلى الحياة[29].

  • هذا لا يخص كمال الروح ولا جزء منه، لأنه لا يستطيع الذهن البشري أن يقتبس كمال الله ولا ينقسم الله إلى أجزاء في ذاته. إنما يسكب عطية نعمة الروح التي لعبادة الله، إذ هو أيضًا يُعبد في الحق، إذ ليس أحد يعبده إلا ذاك الذي ينسحب إلى الحق في لاهوته بحبٍ تقويٍ[30].

  • إن حسبنا لاهوتَ المسيح هو الجبل العظيم فهذا حق: "أما أملأ أنا السماوات والأرض يقول الرب؟" (إر 23: 24) فإن كان بالحق لاهوت المسيح هو الجبل العظيم، فإن تجسده يقينًا هو التل الصغير (الجبل الصغير مز 42 :6). لهذا فالمسيح هو كلاهما معًا. فهو جبل عظيم وجبل أقل! عظيم حقًا، لأنه "عظيم هو الرب وعظيمة هي قوته” (مز 147: 5). وأقل لأنه مكتوب: "تنقصه قليلاً عن الملائِكة" (مز 8 :5). لهذا يقول إشعياء: "رأيناه، لا صورةَ له ولا جمالَ" (إش 53:2lxx)، ومع أنه عظيمٌ نزلَ صائرًا أقل! وحال كونه أقلَ صارَ عظيمًا. وحال كونه عظيمًا صار أقل، لأنه "بالرغم من أنه بالطبيعة هو الله، أخلى ذاته وأخذ طبيعة عبد" (في 2 :6-7) وحال كونه أقل صار عظيمًا، لأن دانيال يقول: "أما الحجر الذي ضرب التمثال، فصار جبلاً كبيرًا، وملأَ الأرضَ كلها" (دا 2: 35). وإن كنتم تطلبون معرفة من هو ذلك الحجر، فاعرفوا أنه "الحجر الذي رفضه البناءون، هذا صار رأس الزاوية" (قابل مز 118 :22،إش 28 :16، مت 21: 42، لو 20 :17، أع 4: 11، 1 بط 2 :6-7). كان هو نفسه، مع ذلك وبالرغم من أنه ظهر صغيرًا، كان عظيمًا. ويوضح إشعياء موافقته لتلك الحقيقة لأنه يقول: "يولد لنا ولد ونُعطى ابنا الذي بدايته على كتفيه، ويُدعى الرسول المشير العظيم " (إش 9: 5 lxx).[31]
 
قديم 26 - 04 - 2021, 09:47 PM   رقم المشاركة : ( 38784 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,297,515

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

العلّامة أوريجانوس

  • العبارة: "تعرفونني وتعرفون من أين أنا" (يو ظ§: ظ¢ظ¨) خاصة بشخصه كإنسانٍ، أما العبارة "لستم تعرفونني أنا ولا أبي" [ظ،ظ©] فخاصة بلاهوته... فمن الواضح أن كلمات القوم الذين من أهل أورشليم: "هذا نعلم من أين هو" (يو ظ§: ظ¢ظ§) تشير إلى حقيقة أنه وُلد في بيت لحم (مت ظ¢: ظ،). وقد عرفوا أنه ذاك الذي أمه تُدعى مريم وأن اخوته (أبناء خالته) هم يعقوب ويوحنا وسمعان ويهوذا (مت ظ،ظ£: ظ¥ظ¥). لهذا شهد للقائلين: "هذا نعلم من أين هو" قائلاً: "تعرفونني وتعرفون من أين أنا". لكنه حينما تحدث مع الفريسيين قال: "وإن كنت أشهد لنفسي فشهادتي حق، لأني أعلم من أين أتيت وإلى أين أذهب"، إذ كان يتحدث عن طبيعته الإلهية، كشخص يتحدث عن الأساس الذي به هو بكر الخليقة (كو ظ،: ظ،ظ¥)[32].

  • أن السيّد أعلن لاهوته للذين صعدوا على الجبل العالي، أمّا للذين هم أسفل فظهر لهم في شكل العبد. إنه يسأل من يشتاق أن يتعرّف على حقيقة السيّد ويتجلّى قدامه أن يرتفع مع يسوع خلال الأناجيل المقدّسة على جبل الحكمة خلال العمل والقول[33]

  • تأمَّل الرسل الله الكلمة لا بكونهم قد أبصروا المسيح المخلِّص المتجسّد، بل رأوا الله الكلمة (هنا لا يقصد انفصال المسيح إلى شخصين إنما يؤكِّد التزامنا إدراك حقيقة المخلِّص المتجسّد وبالطبع الرؤية هى رؤية إيمانية). لو كانت رؤيّة المسيح بالجسد (مجردًا) يعني رؤيّة الله الكلمة، لكان هذا يعني أن بيلاطس الذي أسلم يسوع قد رأى الكلمة، وكذا يهوذا الذي أسلمه وكل الذين صرخوا: "أصلبه أصلبه". هذا الفكر بعيدًا عنه تمامًا، إذ لا يستطيع غير المؤمن أن يرى كلمة الله. رؤيّة الله الكلمة أوضحها المخلِّص بقوله: "الذي رآني فقد رأى الآب"[34].

  • صمت زكريَّا هو صمت الأنبياء عند شعب إسرائيل، فلا يتكلَّم الله بعد مع اليهود بينما جاء الله الكلمة الذي من البدء. لقد صار معنا المسيح الذي لا يصمت، لكنه صامت حتى يومنا هذا بالنسبة لليهود[35].

  • إن كان ليس هو إله أموات بل أحياء ، وكما أنه هو إله إبراهيم واسحق ويعقوب فهو إله بقية الأنبياء، والأنبياء هم أحياء، إذ حفظ هؤلاء كلمة ابن الله عندما جاءت كلمة الله إلى هوشع وإلى إرميا وإلى إشعياء. فإنه ليست كلمة الله جاءت إلى أي واحدٍ منهم سوى ذاك الذي من البدء مع الله، ابنه، الله الكلمة.[36]
 
قديم 26 - 04 - 2021, 09:47 PM   رقم المشاركة : ( 38785 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,297,515

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

القديس يوحنا ذهبي الفم
  • وإن سألت: لِمَ ذهب المسيح إلى الجليل؟ أجبتك: لم يمضِ عن خوفٍ، لكنه مضى لينزع حسدهم، لأنه كان قادرًا أن يضبطهم إذا أتوا إليه، إلا أنه لم يرد أن يعمل هكذا دائمًا حتى لا يُنكر تدبير تجسده، فلو أنه أمسك به كثيرًا واختفي لشك الكثيرون في أمره (كإنسان)، لهذا السبب كان يدبر أكثر أفعاله أقرب إلي تدبير البشر. وإذ رغب في أن يؤمنوا به أنه الله، كان يريدهم أن يؤمنوا أنه الله وقد حمل جسدًا، لذلك حتى بعد قيامته قال لتلاميذه: "جسوني وانظروا، فإن الروح ليس له لحم وعظام كما ترون لي" (لو 24: 39). ولهذا السبب أيضا انتهر بطرس عندما قال: "حاشاك، لا يكون لك هذا" (مت 16: 22). هكذا كان هذا الأمر موضوع اهتمامه. فإن هذا ليس بالأمر البسيط بالنسبة لتعاليم الكنيسة، بل يمثل نقطة رئيسية في الخلاص المقدم لنا. فيه كل الأمور تتحقق بنجاح، إذ بهذا انحلت رباطات الموت ودخلت ربوات البركات إلى حياتنا. هكذا أراد علي وجه الخصوص أن نؤمن بالتدبير (التجسد) كمصدر وينبوع بركات لا حصر لها لنا. ومع هذا بينما كان مهتمًا بناسوته لم يسمح باحتجاب لاهوته[37].

  • ليس فقط بإعطاء جسم المريض قوة، بل وبطريق آخر قد منحه برهانًا قويًا علي لاهوته، فبقوله: "لا تخطئ أيضًا" أظهر له أنه يعرف كل معاصيه القديمة، وبهذا يمكن أن يقتني إيمانه في المستقبل[38].

  • هذه ليست أقوال لاهوته لكنها أقوال طبيعته الإنسانية التي لا تشاء أن تموت، وتتمسك بهذه الحياة الحاضرة، موضحًا بذلك أنه لم يكن خارج الآلام الإنسانية، لأنه كما أن الجوع ليس زللاً ولا النوم، فكذلك ولا الارتياح إلى الحياة الحاضرة زلل، وللسيد المسيح جسد نقي من الخطايا، وليس جسد متخلص من الضرورات الطبيعية، لذا اقتضت الحكمة أن يكون له جسد.

  • هذا (الكلمة) هو جوهر إلهي حاصل في أقنوم بارز من أبيه خالٍ من انقسام عارض. وحتى لا تظن أن لاهوت الابن أدنى، وضع للحال الدلائل المُعرفة للاهوته فقال: "وكان الكلمة الله"[39].
 
قديم 26 - 04 - 2021, 09:48 PM   رقم المشاركة : ( 38786 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,297,515

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

القديس باسيليوس الكبير
  • يعلق على تعبير "شريف الجنس"، قائلاً: [إنه شريف ليس فقط من جهة لاهوته، وإنما من جهة ناسوته أيضًا بكونه من نسل داود حسب الجسد[41].

  • يرى القدِّيس باسيليوس الكبير أن العلاقة التي قاومها الهراطقة هي "حقيقة تجسُّد المسيح" فالبعض قالوا أنه جسد سماوي منكرين حقيقة التجسُّد وذلك كالغنوسيِّين[42]، والبعض قال أنه جسد موجود قبل كل الدهور، وآخرون قالوا أن المسيح بدأ وجوده من مريم، أي أنكروا لاهوته[43].

  • أعطاهم علامة لكن ليست من السماء، لأنهم لم يكونوا يستحقّون رؤيتها، إنّما من أعماق الجحيم، أعنى علامة تجسّده ولاهوته وآلامه وتمجيده بقيامته بعد دخوله إلى الجحيم ليحرّر الذين ماتوا على رجاء[44].

  • نرى الكتاب المقدس لا يقدم لنا الرب تحت اسم واحد، ولا تحت الأسماء المنوطة بلاهوته فقط، أو الدالة على عظمته، بل تارة يستعمل ميزات الطبيعة (خواصه الأقنومية)، فيعرف أن يقول: "الاسم الذي يفوق جميع الأسماء" (في 2: 9)، اسم الابن، والابن الحقيقي، والله الابن الوحيد، وقوة الله وحكمته وكلمته. وتارة، بالنظر إلى كثرة سبل وصول النعمة إلينا التي بصلاحه يمنحها لطالبيه حسب حكمته الكثيرة الأوصاف، يدعوه الكتاب المقدس بنعوت أخرى كثيرة، فهو يسميه تارة الراعي، وتارة الملك، ثم الطبيب، فالعريس والطريق والباب والينبوع والخبز والفأس والصخرة. هذه التسميات لا تدل على الطبيعة، كما قلت، بل على تعدد مظاهر النشاط الذي يبذله، رحمة منه بكل فرد من خليقته، وتلبية لحاجة كل من يسأله[45].
 
قديم 26 - 04 - 2021, 09:49 PM   رقم المشاركة : ( 38787 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,297,515

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

القديس كيرلس الأورشليمي
  • يُدعى "الحمل" (يو 29:1؛ إش 7:53، 8؛ أع 32:8) لا كغير عاقلٍ، بل لأن بدمه الثمين يطهر العالم من خطاياه، ويقف صامتًا أمام جازيه. هذا الحمل دُعي مرة بـ "الراعي" إذ يقول: "أنا هو الراعي الصالح" (لو 11:10) هو حمل من جهة ناسوته، وراعٍ بالحب المترفق الذي للاهوته. هل تريد أن تعرف حملان عاقلة؟! اسمع المخلص يقول للرسل: "ها أنا أرسلكم كحملانٍ بين ذئابٍ" (مت 10: 10، 16)[46].
 
قديم 26 - 04 - 2021, 09:50 PM   رقم المشاركة : ( 38788 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,297,515

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

القديس كيرلس الكبير
  • سينزل من السماء في أواخر الدهور، لا بطريقة غامضة أو سرية وإنما في مجد لاهوته، بكونه "ساكنًا في نورٍ لا يُدنى منه". هذا أعلنه بقوله أن مجيئه سيأتي كالبرق. حقًا لقد وُلد في الجسد من امرأة ليحقق التدبير لأجلنا، ولهذا السبب أخلى ذاته، وصار فقيرًا، ولم يظهر نفسه في مجد اللاهوت. لقد حمل التواضع من أجل الوقت نفسه ولتحقيق التدبير. أما بعد القيامة من الأموات إذ صعد إلى السماوات وجلس مع الله الآب، فإنه ينزل ثانية لكن ليس بدون مجده، ولا في تواضع الناسوت، وإنما في عظمة الآب تحرسه صحبة الملائكة الذين يقفون أمامه بكونه إله الكل ورب الجميع. أنه سيأتي كالبرق وليس سريًا[47].

  • إننا لا نقول أن المعمدان انحطَّ مقامه في الوقت الذي زاد فيه مجد المسيح بأن التفَّ حوله عدد كبير من الناس، ولكن يُراد بنقص يوحنا وزيادة المسيح أن يوحنا كان إنسانًا فلابد من أن يصل إلى درجة ما بعدها من مزيد، أما المسيح فهو إله متأنِّس فلا حد لنموُّه ولا نهاية لعظمته ولذلك يقول المعمدان: "ينبغي أن ذلك يزيد وأنِّي أنا أنقص". إن كل من وقف في مستوى واحد ينقص، وذلك بالنسبة لمن لا يقف أمامه عائق عن النمو والتقدُّم، وحتى يُثبِت المعمدان أنه على حق في قوله هذا أشار إلى لاهوت المسيح، وبرهن لهم أنه لابد من أن يفوق جميع الناس، إذ قال: "الذي يأتي من فوق هو فوق الجميع والذي من الأرض هو أرضي ومن الأرض يتكلَّم" (يو 3: 31). من الذي أتى من فوق، ومن ذا الذي يفوق جميع الناس؟ من الواضح هو كلمة الله المتجسِّد، هو مثال الآب ومساوٍ له في الجوهر، ونظرًا لمحبَّته شاء فنزل وتواضع ليصير مثلنا. فالمسيح إذن يفوق كل من في الأرض، ولما كان المعمدان أحد سكان الأرض، ويتَّفق معهم في الإنسانيّة، لزم أن يفوقه المسيح الإله.[48]

  • أرجو أيضًا أن تلاحظوا قوة جسده المقدس إذا ما مسّ أحدًا، فان هذه القوة تقضي على مختلف الأسقام والأمراض، وتهزم الشيطان وأعوانه، وتشفى جماهير الناس في لحظة من الزمن. ومع أن المسيح كان في قدرته أن يجري معجزات بكلمة منه، بمجرد إشارة تصدر عنه، إلا أنه وضع يديه على المرضى ليعلمنا أن الجسد المقدس الذي اتخذه هيكلاً له كان به قوة الكلمة الإلهي. فليربطنا الله الكلمة به، ولنرتبط نحن معه بشركة جسد المسيح السرية، فيمكن للنفس أن تُشفي من أمراضها وتقوى على هجمات الشياطين وعدائها[49].

  • حسب قول النبي, هو نفسه حمل خطايانا وقد أحصي معنا بين الآثمة (إش 12,4:53؛ كو 14:2) حتى يبررنا بنفسه, ممزقًا الصك الذي كان ضدنا، مسِّمرًا إياه في صليبه, كما قال الكتاب المقدس. وإذ هو بالطبيعة قدوس لأنه الله, وما في البشرية كلها هو شركة الروح القدس الذي يعينهم ويسندهم ويقدسهم, إلا أنه لأجلنا تقدَّس بالروح القدس، لكن ما من أحد آخر قدسَّه بل بالحري هو بذاته يقدس جسده الذاتي[50].

  • هنا ( ينبغي أن أكون فيما لأبي ) يشير المسيح إلى أبيه الحقيقي ويكشف عن ألوهيَّته[51].

  • "قد نزلت من السماء"، أي صرت إنسانًا حسب مسرة الله الآب الصالحة، ورفضت أن أنخرط في أعمال غير موافقة لمشيئة الله، حتى أحقق لهم – أولئك الذين يؤمنون بي – الحياة الأبدية والقيامة من الأموات، محطمًا قوة الموت. واحتمل التحقير من اليهود والشتائم والسب والإهانات والجلدات والبصق، والأدهى من ذلك شهادة الزور، وآخر الكل الموت. ستفهمون لماذا لم يكن المسيح مخلصنا يريد الآلام التي على الصليب، ومع ذلك أرادها لأجلنا، ولأجل مسرة الله الآب الصالحة، لأنه حين كان على وشك الخروج للآلام أيضًا، جعل حديثه إلى الله (الآب) قائلاً ما قاله في صيغة صلاة: "يا أبتاه إن أمكن فلتعبر عني هذه الكأس، ولكن ليس كما أريد أنا، بل كما تريد أنت" (مت ظ¢ظ¦: ظ£ظ©). لأنه وهو الله الكلمة، غير المائت، وغير الفاسد، والحياة ذاتها بالطبيعة، لم يقدر أن يرتعب أمام الموت. وإني أعتقد إن ذلك واضح للجميع، إذ وهو له أن يرتعد أمام الموت حين كان على مشارفه، لكن يُظهر أنه بالحقيقة إنسان... باتحاد الطبيعة البشرية بالكلمة أُعيدت إلى ما يليق بالله من إقدامٍ، واستعيدت إلى غرض شريف، أعني أن الطبيعة البشرية لم تصنع ما يبدو صالحًا لإرادتها الذاتية بل بالأحرى تتبع القصد الإلهي، مهيأة على الفور للركض إلى مهما يدعوها إليه ناموس خالقها. أرأيتم كيف أن المسيح لم يكن يريد الموت بسبب الجسد، ولا هوان التألم، ومع هذا أراده، حتى يتمم مقاصد مسرة الآب الصالحة لأجل العالم أجمع، أي حياة وخلاص الجميع.[52]

  • بدأ الله الآب يعطي الروح من جديد، وكان المسيح أول من قبل الروح كباكورة الطبيعة المتجددة، لأن يوحنا شهد قائلاً: "إني قد رأيت الروح نازلاً من السماء فاستقر عليه" (يو ظ،: ظ£ظ¢)... لم يقبل المسيح الروح لأجل نفسه، بل بالأحرى لأجلنا نحن فيه، لأن كل الصالحات تفيض أيضًا فينا بواسطته. لأنه إذ حاد جدنا آدم بالخديعة فسقط في العصيان والخطية لم يحفظ نعمة الروح. وهكذا فقدت فيه الطبيعة البشرية كلها الخير المُعطى لها من الله، لهذا يلزم أن الله الكلمة غير المتغير يصير إنسانًا حتى إذا ما نال كإنسان يمكنه أن يحفظ الصلاح في طبيعتنا على الدوام. ودليلنا في تفسير هذه الأسرار هو المرتل الإلهي نفسه، إذ يقول للابن: "أحببت البرّ وأبغضت الإثم، من أجل ذلك مسحك الله إلهك بدهن الابتهاج أكثر من رفقائك" (مز ظ¤ظ¥: ظ§).[53]

  • ذاق الموت في جسده من أجل كل إنسان، هذا الذي كان يمكن أن يحتمل الموت دون أن يفقد كونه الحياة. لهذا مع كونه قد قيل أنه تألم في جسده إلا أنه لم يقبل الألم في طبيعة لاهوته بل في جسده القابل للألم[54].

  • دعي نفسه "الشجرة الخضراء" (العود الرطب)، التي تحمل أوراقًا وثمارًا وزهورًا، أما ثماره فهي تعاليمه ونصائحه وإعلان قوة لاهوته في معجزاته الإلهية التي لا يُنطق بها... فقد أقام موتى إلى الحياة، وطهّر برّص، وشفى عميان، وغير ذلك من الأعمال التي مارسها تثير فينا الحمد الكلي الكمال. مع أن هذه هي أعماله فقد أدانه الرومان أو بالأحرى بيلاطس، الذي أصدر ضده حكمًا ظالمًا، وأنزل عليه استهزاءات قاسية. لهذا يقول إن كان القواد الرومان قد صبّوا علىّ مثل هذه الأمور مع أنهم رأوني مزينًا بمجدٍ عظيمٍ كهذا فماذا يفعلون بإسرائيل وقد أدركوا أنه جاف بلا ثمر؟! فإنهم لا يجدون في الإسرائيليين أمرًا عجيبًا يستحق الكرامة أو الرحمة، لذا سيحرقونهم بالنار دون رحمة، ويمارسون ضدهم قسوة عنيفة[55].

  • لم يقل صار في الجسد بل صار جسدًا، لكي يوضح الاتحاد. ونحن لا نقول إن الله الكلمة الذي من الآب قد تحول إلى طبيعة الجسد، أو أن التجسد تحول إلى الكلمة... لكن بطريقة لا يُنطق بها وتفوق الفهم البشري اتحد الكلمة بجسده الخاص، وإذ ضمه كله إلى نفسه... قد طرد الفساد من طبيعتنا وأزاح أيضًا الموت الذي ساد من القديم بسبب الخطية. لذلك فإن كل من يأكل من الجسد المقدس الذي للمسيح فله الحياة الأبدية، لأن الجسد له في ذاته الكلمة الذي هو للحياة بالطبيعة. لهذا يقول: "وأنا أقيمه في اليوم الأخير". وبدلاً من القول "جسدي يقيمه" أي يقيم كل من يأكل جسدي، قد وضع الضمير "أنا" في عبارة "أنا أقيمه"، لا كأنه شيء آخر غير جسده الخاص به، لأنه بعد الاتحاد لا يمكن أبدًا أن ينقسم إلى اثنين. لهذا يقول: "أنا الله صرت فيه، من خلال جسدي الخاص نفسه، أي إنني سأقيم في اليوم الأخير ذاك الذي يأكل جسدي. لأنه كان من المستحيل حقًا أن الذي هو الحياة بالطبيعة ألا يقهر الفساد بشكلٍ أكيدٍ، وألا يسود على الموت.[56]

  • "لأنك أن اعترفت بفمك بالرب يسوع، وآمنت بقلبك أن الله أقامه من الأموات، خلصت" (رو 10: 9). لقد وضح سّر المسيح في هذه الكلمات بطريقة رائعة. أول كل شيء من واجبنا أن نعترف بأن الابن المولود من الله الآب، الابن الوحيد الذي من جوهره، الله الكلمة، هو رب الكل، ليس كمن نال الربوبية من الخارج بل تُنسب له بكونه الرب بالحق بالطبيعة، كما الآب أيضا. ثانيًا يليق بنا أن نؤمن بأن الله أقامه من الأموات، بمعنى أنه إذ صار إنسانًا تألَّم في الجسد من أجلنا وقام من الأموات، لذلك كما قلت الابن هو الرب... هو وحده الرب بالطبيعة بكونه الله الكلمة فوق كل خليقة. هذا ما يعلمنا إيَّاه الحكيم بولس، قائلاً: "لأنه وإن وُجد ما يُسمى آلهة سواء كان في السماء أو علي الأرض كما يوجد آلهة كثيرون وأرباب كثيرة، لكن لنا إله واحد الآب الذي منه جميع الأشياء ونحن له، ورب واحد يسوع المسيح الذي به جميع الأشياء ونحن به" (1 كو 8: 5-6)... من يعترف بالمسيح أمام الناس أنه الله الرب، يعترف به أمام ملائكة الله ولكن أين؟ وكيف؟ واضح أنه في ذلك الوقت عندما ينزل من السماء في مجد أبيه مع الملائكة القدِّيسين في نهاية هذا العالم، حيث يكلل المعترفين به الحقيقيين الذين لهم الإيمان الأصيل غير المتردد... هناك تتلألأ جماعة الشهداء القدِّيسين الذين احتملوا الجهاد حتى بذل الدم، وقد كرموّا المسيح بصبرهم، ولم ينكروا المخلِّص، ولم يكن مجده غير معروف لديهم، بل وقدَّموا ولاءهم له. مثل هؤلاء يمدحهم الملائكة القدِّيسون الذين يمجدون المسيح مخلِّص الكل من أجل الكرامات التي يهبها لقدِّيسيه والتي يستحقونها. هذا ما يعلنه المرتل: "تخبر السماوات بعدله (ببره)، لأن الله هو الديان" (مز 50: 6). هذا هو نصيب المعترفين به. أما البقيَّة التي جحدته واستهانت به فستنكر، عندما يقول لهم كما سبق فقيل بأحد الأنبياء قديمًا: "كما فعلت يُفعل بَك، عملك يرتد علي رأسك" (عو 15). وينكرهم بهذه الكلمات: "لا أعرفكم... تباعدوا عنى يا جميع فاعلي الظلم" (لو 13: 27). من هم هؤلاء الذين يُنكرون؟ أولاً، الذين عندما يسقطون تحت ضغط الاضطهاد وتحل بهم ضيقة ينكرون الإيمان، هؤلاء يفقدون الرجاء كلية من جذوره، فلا توجد كلمات بشريَّة يمكن أن تعبر عن ذلك إذ ينالون غضبًا ودينونة ونارًا لا تُطفأ. بنفس الطريقة الذين يتبعون هرطقة والذين يعلّمون بها، هذه الهرطقة تنكره كأن يتجاسر البعض فيقول أن كلمة الله، الابن الوحيد، ليس هو الله بالطبيعة والحق[57].

  • نفهم الإنسان هنا ( لوقا 16-21 ) يشير لله الآب... هو خالق المسكونة، وأب المجد، قد أعد عشاءً عظيمًا، أي وليمة للعالم كله تكريمًا للمسيح. في الأيام الأخيرة للعالم، أي أيامنا هذه قام الابن لأجلنا، فيها أيضًا احتمل الموت من أجلنا وسلم جسده مأكلاً، بكونه الخبز النازل من السماء، يعطي حياة للعالم. نحو المساء أيضًا، علي ضوء السراج كان الحمل يُقدَّم ذبيحة حسب شريعة موسى، لهذا فالدعوة التي قدَّمها المسيح دُعيت عشاءً. بعد ذلك، من هو الذي أُرسل، والذي قيل عنه أنه عبد؟ ربَّما يقصد المسيح نفسه، فمع كونه بالطبيعة هو الله الكلمة، ابن الله الآب... لكنه أخلى نفسه وأخذ شكل العبد. بكونه إله من إله فهو رب الكل، لكن يمكن تسميته عبدًا من جهة ناسوته. ومع أنه أخذ شكل العبد كما قلت فهو رب بكونه الله. متى أُرسل؟ عند العشاء، فإن ابن الله الآب الوحيد لم ينزل من السماء ويصير في شكلنا في بداية هذا العالم، بل بالحري عندما أراد الكلي القدرة نفسه ذلك في الأزمنة الأخيرة كما سبق فقلت. وما هي طبيعة الدعوة؟ "تعالوا، لأن كل شيء قد أعد"، لأن الله الآب يُعد لسكان الأرض في المسيح المواهب التي تُعطى للعالم خلاله، من غفران للخطايا، وغسل الأدناس، وشركة الروح القدس، والتبني المجيد كأبناء، وملكوت السماوات. دعا المسيح إسرائيل لهذه البركات بوصايا الإنجيل قبل الآخرين كلهم. ففي موضع يقول بصوت المرتل: "قد أقمت ملكًا بواسطته -أي بالله الآب -علي صهيون جبل قدسي لأخبر بوصايا الرب" (راجع مز 2: 6-7). مرة أخري قيل: "لم أُرسل إلا إلى خراف بيت إسرائيل الضالة" (مت 15: 24). هل كان تصميمهم هذا لصالحهم؟ هل أُعجبوا بلطف ذاك الذي أمرهم وعمل ذاك الذي جاء ليخدمهم بالدعوة؟ بلى، إذ "ابتدأ الجميع برأي واحد يستعفون"، بمعنى أنهم بدون تأجيل استعفوا عن قبول الدعوة... ها أنت تدرك كيف لم يستطيعوا أن يدركوا الأمور الروحيَّة بتسليم أنفسهم للأمور الزمنيَّة فصاروا كمن هم بلا إحساس، إذ غلبتهم محبَّة الجسد صاروا بعيدين عن القداسة، طامعين، شغوفين نحو الغنى. طلبوا الأمور الدنيا ولم يعطوا أقل اهتمام للرجاء فيما يخزنه الله فوق. فإن اقتناء مباهج الفردوس لهو أفضل من الحقول الأرضية؛ وجمع ثمار البرّ أفضل من الثمار الزمنيَّة التي نبتغيها من نير الثيران، إذ كُتب: "ازرعوا لأنفسكم بالبّر، اجمعوا ثمر الحياة كحصاد كرم السنة" (راجع هو 10: 12). ألم يكن من واجبهم عوض أن ينجبوا أولادًا حسب الجسد أن يكون لكم الثمر الروحي؟ لأن الأولين يخضعون للموت والفساد، أما الآخرون فيسكنون أبديًا كقدِّيسين[58].

  • يعلق القديس كيرلس الكبير على تعبير "شريف الجنس"، بالقول: مجال هذا المثل إنما يمثل في اختصار عصب التدبير الذي قُدم لأجلنا، أي سرّ المسيح من بدايته حتى نهايته. الله الكلمة صار إنسانًا، ومع كونه قد صار في شبه جسد الخطية لذا دُعيَ عبدًا (في 2: 7) لكنه وُلد حرًا "شريف الجنس" (لو 19: 12)، إذ ولد من الآب ميلادًا غير منطوق به. نعم، إنه الله الذي يعلو الكل في الطبيعة والمجد، يسمو علينا بل وعلى كل الخليقة بكماله الذي لا يُقارن. إنه شريف الجنس بكونه ابن الله، حمل هذا اللقب ليس مثلنا من قبيل صلاح الله وحبه للبشر، وإنما لأن هذا يخصه بالطبيعة، كمولود من الآب، عالِ فوق كل خليقة. إذن عندما صار الكلمة الذي هو صورة الآب والمساوي له مثلنا إنسانًا "أطاع حتى الموت موت الصليب، لذلك رفعه الله أيضًا وأعطاه اسما فوق كل اسم، لكي تجثو باسم يسوع كل ركبة ممن في السماء ومن على الأرض ومن تحت الأرض، ويعترف كل لسان أن يسوع المسيح هو رب المجد الله الآب" (في 2: 8-11)... بالتأكيد الابن هو الله بالطبيعة فكيف أعطاه الآب ذاك الاسم الذي فوق كل اسم؟ نقول أنه عندما صار جسدًا، أي عندما صار إنسانًا مثلنا أخذ اسم العبد، وقبل فقرنا ومذلتنا، وبعد تتميم سرّ تدبير التجسد رُفع إلى المجد الذي له بالطبيعة وليس كأمر غريب عنه لم يعتد عليه، ولا كأمر خارج عنه مقدم إليه من الغير، إنما نال المجد الذي له خاصًا به. ففي حديثه مع الآب السماوي يقول: "مجدني أنت أيها الآب عند ذاتك بالمجد الذي كان لي عندك قبل كون العالم" (يو 17: 5). كان يرتدي مجد اللاهوت بكونه الكائن قبل الدهور قبل العوالم، بكونه الإله المولود من الله؛ وعندما صار إنسانًا كما قلت لم يحدث فيه تغيير ولا تبديل بل بقى كما هو عليه على الدوام بكونه المولود من الآب، مثله في كل شيء. إنه "صورة جوهره" (عب 1: 3)، يحق له كل ما للآب بكونه واحدًا معه في الجوهر، مساوٍ له في عدم التغيير، مثله في كل شيء[59].

  • وبعد ختان المسيح انتظرت مريم يوم تطهيرها، وعند تمام الأربعين يومًا من الميلاد حملت أورشليم السيِّد المسيح، الله الكلمة، الذي يجلس عن يمين الآب. وهناك مثَّل في الحضرة الإلهيّة على صورة إنسان كما نمثل نحن، وطبقًا للناموس اُعتبِر بكرًا، فقد اعترف الناموس حتى قبل تجسّد الفادي بمركز البكر الممتاز فكان يُعتبر مقدَّسًا ويُكرَّس لله ويقدِّم ذبيحة للعزَّة الإلهيّة. حقًا ما أعظم وأعجب سرّ الخلاص والفداء: "يا لعمق غِنى الله وحكمته وعلمه" (رو 11: 33). إن الذي في حضن الآب، ذلك الابن القدِّوس الذي يشارك الآب في العرش السمائي والذي به خُلقت الأشياء بأسرها، يخضع لما تتطلَّبه الطبيعة البشريّة، ويقدَّم الذبيحة لأبيه الإله العظيم، وهو الذي تعبده الخليقة طُرًا، وتمجّده مع أبيه السماوي كل حين! " (مز 25: 16) [60].

  • يقول يوحنا ذلك ثانية للدلالة على ضعفه وجهله "أنا أعمِّدكم بماء ولكن هو سيعمِّدكم بالروح القدس ونار" (لو 3: 16)، وهذا برهان جليل على أُلوهيّة المسيح، لأنه من خاصيَّات يسوع الذي يفوق الكل قوَّته على منح الناس الروح القدس حتى أن كل من يقبله يتمتَّع بالطبيعة الإلهيَّة، ولكن لاحظوا أن هذه القوّة في يسوع المسيح لم يمنحها ولم يرسلها أحد بل هي له وفيه، وخاصة به، إذ ورد "يعمِّدكم بالروح القدس". فالله الكلمة المتأنِّس هو ثمرة الله الآب، فلا يعترض أحد بأن الذي يُعمِّد بالروح القدس هو الله الكلمة، وليس ذاك الذي أتى من ذُرِّيَّة داود، فلم يشاء أن يقسِم المسيح ابنين، فقد وصف الكتاب المقدَّس هؤلاء الناس بأنهم: "حيوانات ومعتزلون بأنفسهم ولا روح لهم" (يه 19). وما معنى ذلك كله؟ يجب أن نؤكِّد تمام التأكيد غيرَ مكتَرثين بنقض أو اِعتراض بأن الله الكلمة يَمنح الروح القدس الذي له، لكل من كان جديرًا بهذه الهِبة. وحتى لما تأنَّس الله الكلمة وهبنا الروح القدس، لأنه ابن الله الوحيد الذي صار جسدًا، فهو والآب واحد بطريقة لا يًدركها العقل ولا يحدَّها الوصل، يقول المعمدان "لست أهلاً أن أحلْ سِيور حذائه" ثم يعطف على ذلك قوله "هو سيعمِّدكم بالروح القدس ونار"، فمن الواضح أنه كانت هناك قدمان للبس الحذاء،غير مرتبطة بالجملة السابقة، وما معنى القدمان قبل وبعد التجسد؟ ولا يمكن للإنسان العاقل أن يفترض أن المسيح كان يلبس قبل تجسُّده حذاء فلم يحدث ذلك إلا عند تجسُّده، ولما كان المسيح بتجسُّده لم يكُف عن أن يكون إلهًا، وجب أن يعمل أعمالاً تليق بأُلوهيَّته، فأعطى الروح القدس لكل الذين آمنوا، لأنه هو واحد وشخص واحد وفي الوقت نفسه إله وإنسان أيضًا[61].

  • هل كان المسيح في حاجة إلى العماد المقدَّس؟ وأية فائدة تعود عليه من ممارسة هذه الفريضة؟ فالمسيح كلمة الله، قدُّوس من قدُّوس كما يصفه السيرافيم في مختلف التسبيحات (إش 3: 6)، وكما يصفه الناموس في كل موضع، ويتَّفق جمهور الأنبياء مع موسى في هذا الصدد. وما الذي نستفيده نحن من العماد المقدَّس؟ لا شك محو خطايانا، ولكن لم يكن شيء من هذا في المسيح، فقد ورد: "الذي لم يفعل خطيَّة ولا وُجد في فمِه مكْر" (1 بط 2: 22)، "قدُّوس بلا شرْ ولا دنَس قد اِنفصل عن الخطاة وصار أعلى من السماوات" (عب 7: 26). ولكن رُبَّ سائل ضعُف إيمانه يقول: هل اعتمد الله الكلمة وهل كان المسيح في حاجة إلى موهبة الروح القدس؟ كلاَّ لم يكن شيء من ذلك. ما اعتمد المسيح إلا لتعليمنا بأن الإنسان الذي من ذرِّيّة داود وهو المتَّحد بالله الابن عُمد وقبِل الروح القدس. فلماذا تقسِمون غير المقسُوم إلى ابنين وتقولون أنه عُمد في سن الثلاثين فأصبح مقدَّسًا. ألم يكن المسيح مقدَّسًا حتى بلغ الثلاثين من عمره؟ من هو الذي يرضى بقولكم هذا، وأنتم تُلبِسون الحق بالباطل، وتزيِّفون العقيدة بالزيغ والريب إذ يوجد "رب واحد يسوع المسيح" (1 كو 8: 6)، ولذلك نُعلن على رؤوس الأشهاد: إنه لم ينفصل من روحه لمَّا اِعتمد[62]، لأن الروح القدس وإن كان ينبثق من الله الآب فإنه يخُص أيضًا الله الابن، إذ "من مِلئِه نحن جميعًا أخذنا" (يو 1: 16). بل وكثيرًا ما سُميَ الروح القدس روح المسيح، مع أنه منبثق من الله الآب على حد قول الرسول بولس: "فالذين هم في الجسد لا يستطيعون أن يُرضوا الله، وأما أنتم فلستم في الجسد بل في الروح، إن كان روح الله ساكنًا فيكم... يهب الروح القدس لكل من كان جديرًا به، إذ قال: "بما أنكم أبناء الله أرسل الله روح ابنه إلى قلوبكم صارخًا يا أبَا الآب" (راجع غل 4: 6)، فبالرغم من أن الروح القدس ينبثق من الله الآب، فإن المسيح الكلمة ابن الله الوحيد الذي يشترك مع الآب في العظمة والسلطان لأنه بطبيعته ابن حقيقي يرسل الروح القدس إلى الخليقة ويهبه لكل من كان جديرًا به، إذ قال: "حقًا كل ما للآب هو لي" (16: 15)...
  • كان من الضروري إذن أن الله الكلمة وقد أفرغ نفسه بتواضعه بأن يتَّخذ صورتنا ويكون شبهنا، فهو بِكرُنا في كل شيء، ومثالُنا الذي نحتذي به في كل أمر، وعليه فلكي يعلِّمنا قيمة العماد وما فيه من نعمة وقوّة بدأ بنفسه وتعمَّد، ولما تعمَّد صلَّى، لنتعلَّم يا أحبائي أن الصلاة ضروريّة، فيصلِّي كل حين من أصبح جديرًا بنعمة العِماد المقدَّس. ويصف الإنجيلي السماء بأنها اِنفتحت كما لو كانت مُغلقة، فإن المسيح يقول: "مِن الآن ترون السماء مفتوحة وملائكة الله يصعدون وينزِلون على ابن الإنسان" (يو 1: 51)، لأن طغمة الملائكة في السماء، وبني الإنسان على الأرض يظلِّلهم جميعًا علَم واحد، ويخضعون لراعٍٍ واحد هو السيِّد المسيح. اِنفتحت السماء فاقترب الإنسان من الملائكة المقدَّسين. نزل الروح القدس إشعارًا منه بأنه وُجدت خليقته ثانية. حلّ أولاً على المسيح الذي قبِل الروح القدس لا من أجل نفسه بل من أجلنا نحن البشر، لأننا به وفيه ننال نعمة فوق نعمة. فترون أن المسيح حبًا في خلاصنا وفدائنا أخذ صورتنا، وفي هذه الصورة إخلاء ما بعده إخلاء للطبيعة الإلهيّة، وكيف يمكن أن يكون فقيرًا إن لم ينزل إلى درجة فقرنا وعوْزنا، وكيف كان يمكن أن يُخلي نفسه إذا لم يقبل اِحتمال الطبيعة البشريّة؟! والآن وقد أخذْنا المسيح مثلْنا الأعلى فلِنقترب إلى نعمة العماد الأقدس، وبذلك نجرُؤ على الصلاة بجِدٍ وحرارة، ونرفع أيدينا المقدَّسة إلى الله الآب، فيفتح لنا كُوَى السماوات
 
قديم 26 - 04 - 2021, 09:51 PM   رقم المشاركة : ( 38789 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,297,515

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

القديس غريغوريوس النيسي

  • نعم داود النبي أيضًا، حسب تفسير العظيم بطرس إذ تطلع إليه قال: "لا تترك نفسي في الهاوية، ولا تدع قدوسك يرى فسادًا" (مز 16: 10؛ أع 2: 27، 31). فإن لاهوته - قبل تجسده وعندما تجسد وبعد آلامه - غير قابل للتغير كما هو، بكونه في كل الأوقات كما كان بالطبيعة وسيبقى كما هو إلى الأبد. لكنه إذ أخذ الطبيعة البشرية كمل اللاهوت التدبير لصالحنا بنزع النفس إلى حين من الجسم، ولكنه بدون إن ينفصل اللاهوت عن إحداهما، هذان (النفس والجسم) اللذان كانا مرة متحدين، وإذ يضم العنصرين مرة أخرى اللذين انفصلا يعطى لكل الطبيعة البشرية بداية جديدة ومثالاً لما سيحدث في القيامة من الأموات، بأن يحمل كل الفاسدين عدم الفساد، وكل المائتين عدم الموت[64].

  • "علاوة على هذا فإنه ليس في نية الرسول أن يقدم لنا وجود الابن الوحيد الذي هو قبل الدهور، وإنما يتحدث بوضوح لا عن جوهر الله الكلمة ذاته الذي هو من البدء مع الآب، وإنما عن ذاك الذي أخلى ذاته وأخذ شكل العبد، وصار في الهيئة مطابقًا جسد تواضعنا (في 3: 31)، وصُلب عن ضعف. مرة أخرى يقول: "معروف لكل شخص حتى الذي على مستوى أقل في استخدام عقله في معاني كلمات الرسول أنه لا يضع أمامنا الوجود الإلهي، بل يستخدم تعبيرات تخص التجسد، إذ يقول: "جعله الله ربًا ومسيحًا"، يسوع هذا الذي صلبتموه، مركزًا على الكلمة التي تثبت أنه بشري ويراه الكل[65].
 
قديم 26 - 04 - 2021, 09:51 PM   رقم المشاركة : ( 38790 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,297,515

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

البابا غريغوريوس الكبير
  • ذاك الذي رغب أن يُشوي بأتعاب آلامه في بشريته يقوتنا بخبز لاهوته، إذا يقول: "أنا هو الخبز الحي النازل من السماء" (يو 6: 51). وهكذا أكل سمكًا مشويًا مع خبز لكي يظهر لنا بهذا الطعام أنه حمل آلامه في بشريته، وقدم لنا طعامًا بلاهوته[66].

  • تكريم الابن فيه تكريم للآب، إنه لا يُنقص من لاهوته[67].

  • نعم داود النبي أيضًا، حسب تفسير العظيم بطرس إذ تطلع إليه قال: "لا تترك نفسي في الهاوية، ولا تدع قدوسك يرى فسادًا" (مز 16: 10؛ أع 2: 27، 31). فإن لاهوته - قبل تجسده وعندما تجسد وبعد آلامه - غير قابل للتغير كما هو، بكونه في كل الأوقات كما كان بالطبيعة وسيبقى كما هو إلى الأبد. لكنه إذ أخذ الطبيعة البشرية كمل اللاهوت التدبير لصالحنا بنزع النفس إلى حين من الجسم، ولكنه بدون إن ينفصل اللاهوت عن إحداهما، هذان (النفس والجسم) اللذان كانا مرة متحدين، وإذ يضم العنصرين مرة أخرى اللذين انفصلا يعطى لكل الطبيعة البشرية بداية جديدة ومثالاً لما سيحدث في القيامة من الأموات، بأن يحمل كل الفاسدين عدم الفساد، وكل المائتين عدم الموت[68].
 
موضوع مغلق

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:26 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025