20 - 01 - 2021, 12:22 PM | رقم المشاركة : ( 32551 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
تذكار القديس يوئيل النبي 19/10 غربي (2/11 شرقي) يوئيل ابن فنوئيل هو صاحب النبوّة الثانية في ترتيب الأنبياء الاثني عشر الصغار بعد هوشه. اغلب الظن انه تنبّأ في يهوذا، وربما في أورشليم بالذات. أما متى كان ذلك فليس الرأي واحداً. البعض يقول إنه تنبّأ بعد الرجوع من سبي بابل والبعض قبله. أما أصحاب الاتجاه الأخير فيعتبرون نبوءته أنموذجا مقتضباً نحا عليه اللاحقون ووسّعوه. يوئيل، فيما يبدو، كان رجلاً مرهف الإحساس، غيوراً على ما لله، ثاقب البصيرة، بليغاً، فصيحاً، سلس التعبير، دقيقاً في وصفه للأحداث، واضحاً. موضوع نبوءته الأساس هو يوم الرب القريب ( 1 :15). وما انقطاع المياه ونكبة الجراد اللذان حلاً بالبلاد سوى من علامات مجيئه. والسبب ضلال الشعب وعزوفه عن إلهه. من هنا حث السيّد الرب شعبه عبر نبيّه يوئيل أن "ارجعوا إلي بكل قلوبكم وبالصوم والبكاء والنوح، ومزّقوا قلوبكم لا ثيابكم وارجعوا إلى الرب إلهكم لأنه رؤوف رحيم بطيء الغضب وكثير الرأفة..." ( 2: 12-13). فإن هم فعلوا أرسل لهم القمح والمسطار والزيت ورفع عنهم العار بين الأمم ( 2: 19). كيف لا والرب يغار لأرضه ويرقّ لشعبه ( 2: 18) واله إسرائيل لا يقف عند هذا الحد لأن محبته لشعبه هي بلا حدود، وما أعدّه لهم فائق، وسيمتد ليشمل كل الأمم. ومحبة الرب هي هذه: "اسكب روحي على كل بشر فيتنبأ بنوكم وبناتكم ويحلم شيوخكم أحلاماً ويرى شبابكم رؤى. وعلى العبيد أيضاً وعلى الإماء اسكب روحي في تلك الأيام وأعطي عجائب في السماء والأرض دماً وناراً وأعمدة دخان. تتحول الشمس إلى ظلمة والقمر إلى دم قبل أن يجيء يوم الرب العظيم المخوف. ويكون إن كل من يدعو باسم الرب ينجو" ( 2: 28 - 32). هذا الكلام الكبير لم يكن ليفهم إلا في نجازه، فكان تمامه في يوم العنصرة العظيم، وقد استشهد به بطرس الرسول ( أعمال2) بعدما انحدر الروح القدس على التلاميذ بشكل السن نارية، لا ووقف اليهود وسكان أورشليم متعجّبين. يبقى أن نذكر إن للعبد الرؤيوي لنبوءة يوئيل صدى في سفر رؤيا يوحنا، ليس أقله ما جاء في الإصحاح التاسع عما صنعه الملاك الخامس حين بوّق وفتح بئر الهاوية "فصعد دخان من البئر كدخان أتون عظيم فأظلمت الشمس والجو من دخان البئر، ومن الدخان خرج جراد على الأرض فأعطي سلطاناً كما لعقارب الأرض سلطان..." ففي هذا الكلام صدى صريح لما جاء في يوئيل (2) عن ذاك الجراد الرهيب. صورة أفله في انعطافه على العباد وحثّهم على التوبة ما كانت لتخرج على النحو الذي أخرجها يوئيل لو لم تعتمل محبة إلهه والصلاة إليه في قلبه ناراً ملتهبة تدعو الناس إلى توبة صدوق عزاء اله حبّه ولا أرق. |
||||
20 - 01 - 2021, 12:26 PM | رقم المشاركة : ( 32552 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
يـوئـيل مقدمة لا نعرف شيئاً عن يوئيل بن فثوئيل فيما خلا القليل الذي نستخلصه من رسالته لإسرائيل بأصحاحاتها الثلاثة. بيد أن التقليد اليهودي يضعه في أيام عزيا، الأمر الذي لا يستند إلى دليل قاطع. معنى اسم يوئيل “يهوه هو الله”، ومعنى اسم أبيه “رؤيا” أو “حكمة الله”، أو “اتسعوا”. كانت ضربة الجراد المخيفة قد غشت أرض إسرائيل، أكلت كل أخضر، وخلَّفت الجدب والمجاعة. في هذه الظروف أوحى الله إلى يوئيل أن يعمِّق في ضمائر يهوذا - فإنه تنبأ في المملكة الجنوبية وإليها - أن تلك الضربة كانت من الرب، وبسبب خطية شعبه. وبعد ذلك أخذ الروح القدس أفكاره إلى الأيام الأخيرة، فيرى من خلال الكارثة الساحقة التي ضايقتهم صورة لزمان ضيق يعقوب الذي سيحدث قبل مُلك المسيا. وهكذا صار الخراب الحاصل يومئذ موضوع رسالة نبوية بعيدة الأثر. وهذا يؤيد ما ذهبنا إليه أثناء دراستنا لنبوءة هوشع، من أن النبوءة تتعدد مراحلها التاريخية، وقد تكون لها تطبيقات كثيرة، لكن لا تقتصر أبداً على ما هو حادث في زمانها، بل تستكمل ملامحها وأغراضها في «يوم الرب» القادم. ومبدأ آخر له خطورته يشد انتباهنا هنا، من خلال الأسلوب الذي يستخدم به النبي تلك الكارثة التي كان يعاينها الشعب يومئذ، لتكون مجالاً لتدريب نفوسهم. والله يريد لشعبه أن يلمسوا يده في جميع هذه الافتقادات. وبالنسبة للمؤمن لا يوجد ما يمكن أن يُسمى محض صدفة أو أسباباً عارضة. وهوذا الرب يقول عن نفسه إنه «صانع السلام وخالق الشر»، وهو الذي يتساءل «هل تحدث بلية في مدينة والرب لم يصنعها؟» (إش7:45، عا6:3). والشر في هاتين القرينتين هو البلية؛عكس السلام والظروف الهادئة. فإذا ما كنتُ مدعواً لاجتياز ظروف كهذه فلأن الله يرى ضرورة في نفسي لهذه المعاملة التأديبية. فهو بقلبه يعمل لصالحي. إذاً فلأعترف بأعماله ولأتدرب بها. وهذا هو درس عبرانيين 12، الذي يؤكده استخدام يوئيل لضيقات يهوذا في هذه النبوءة الموجزة والقاطعة. لنتحول للتأمل في ما تنطوي عليه هذه الأصحاحات الثلاثة المثيرة من تعليم. فليت ذاك الذي وحده يفتح البصيرة بالروح القدس، يفتح عيوننا لنرى عجائب من حكمته في كلماته التي أمامنا الآن! سفر يوئيل أصحاح 1 ضربة الزحاف يتجه الحديث، أول ما يتجه، إلى شيوخ يهوذا، ليجيبوا، من حصيلة ذاكرتهم، أو أيام آبائهم التي حدّثوهم عنها، ما إذا كان قد حدث مثل هذا الافتقاد المحزن نظير ما كانت الأرض والشعب يرزحان تحت وطأته، في الأيام التي أُرسل فيها يوئيل ليعمِّق في ضمائرهم الدروس الخطيرة التي أراد لهم الله أن يتعلموها (ع1-3). «فضلة القمص أكلها الزحاف، وفضلة الزحاف أكلها الغوغاء، وفضلة الغوغاء أكلها الطيار» (ع4). هكذا كان فناء كل أخضر فناءً تاماً، حتى لَتبدو المجاعة والخراب على المُحيا. إن الأشكال المختلفة لحياة الحشرة، التي يحدّثنا عنها النبي، ليست لكائنات مختلفة، بل هي من أطوار دورة حياة الجراد، من اليرقة إلى طور الجرادة الكاملة النمو. إذاً فقد استطاعت هذه الضربة الشديدة الهول أن تبيد كل مصادر الطعام، ولا تترك خلف رَكْبها سوى مشاهد الخراب. والذي يضاعف خطورة الموقف أن ذلك كان صوت الله، وأنه كان هناك ما هو أخطر من مجرد احتمال أن ينشغل الشعب باليد التي امتدت عليهم، وينسوا أن يسمعوا لصوت الذي صنعها. هذه من أكثر الحالات التي عادة ما نمُرّ بها. فبدلاً من التدرب التقوي في الاختبار، نعطي مكاناً للشفقة والرثاء للنفس، أو للتصلب والعناد وعدم المبالاة. فإما أن نخور تحت تأديب الرب، وإما نحتقره. لكن البركة تأتي من الاستفادة في «التدرب به». وهذا ما كان النبي يخشى أن يفوته يهوذا كما فات مَن قبلهم. والنبي يدعوا السكارى محبي اللذات، المبتهجين بالخمر، لأن ينتبهوا إلى حقيقة حالتهم. لقد نزلت عليهم ضربة الله، فيتعلموا الدرس الذي أراده لهم. فإن جيشه الكبير كان وكأنه أُمّة، «قوية بلا عدد» أخربت الكرمة وقشرت التينة، فمضى عنهم مصدر متعتهم الجسدية (ع5-7). وكعروس عذراء تتنطق مسحاً، حزناً على موت خطيبها مبكراً، كان عليهم أن ينوحوا على خطاياهم التي جلبت عليهم قضاء الله. وبيته أيضاً تأثر؛ إذ كان لابد أن ابتداء القضاء يكون منه، فانقطعت التقدمة والسكيب، وتُرك الكهنة للحزن. فمتى كان شعب الله في حالة جوع، فلن يكون هناك تقدير صحيح للمسيح، ومن هنا بطُلت التقدمة. والتقدمة ترمز إلى ناسوت الرب يسوع، كما يشير السكيب إلى سكب نفسه للموت. غير أن المجاعة الروحية تغلق على إدراك ومشاعر أولئك الذين يدينون للذبيحة الكاملة بكل بركتهم. ومن هنا انعدمت عطايا الشعب الساجد (ع8،9). والأعداد من10-12 ترسم صورة واضحة لحالة الخراب التي صارت عليها الأرض. فقد ضاعت كل ثمار الحقل وذبلت الأشجار، وفارقت البهجة بني البشر. ومن هنا كان التحريض الخطير لأولئك الذين كان عملهم أن يخدموهم في ما لله «تنطقوا ونوحوا أيها الكهنة، وَلوِلوا يا خدام المذبح. أدخلوا بيتوا بالمسوح يا خُدام إلهي، لأنه قد امتنع عن بيت إلهكم التقدمة والسكيب» (ع 13). يا للأسف على مثل هذه الحالة، أوَ يفقدون الإحساس؟ إنه لأمر بغيض لدى الله الذي كان يريد أن يرى تقديراً صادقاً لمعاملاته مع شعبه. لذلك يدعو الشيوخ وسكان الأرض جميعاً أن يقدِّسوا صوماً وينادوا باعتكاف ويصرخوا معاً إلى الرب، معترفين في حضرته بخيبتهم جميعهم، حاكمين على طرقهم الشريرة (ع14). ويذكِّرهم بيوم الرب القادم، ليحفّزهم ويدفعهم إلى أن يفعلوا هكذا. وليس المعنى أن يوم الرب - الذي في مفهومه النبوي يشير إلى استعلان يسوع المسيح لافتتاح الملكوت - كان عتيداً أن يقع في زمانهم؛ ولكن حيث أن ذلك اليوم سيكون لاستعلان كل ما كان مطابقاً لفكر الله، فعليهم أن يتصرفوا حينئذ على ضوء ذلك اليوم القادم (ع15). والمسيحيون اليوم مدعوون على أساس هذا المبدأ عينه لأن يسلكوا في نور يوم المسيح، الذي فيه تُمتحن كل أعمالنا أمام كرسيه. إذاً فلتُلقِ ساعة الاستعلان ضوءها على طريقنا، حتى تكون خطواتنا مرتبة طبقاً لما يقتضيه. هذه هي نقطة ارتكاز أقوال النبي في كل السفر: أن يوم الرب قادم؛ وأنه سيكون يوم الحقائق، حين ينكشف الادعاء والرياء بالمقابلة مع الصورة الصحيحة. ويومئذ لا يثبت إلا كل ما هو من الله. ومن هنا الأهمية القصوى لتوجيه مسالكهم حتى تثبت عندما يفحصها ذاك الذي عيناه كلهيب نار. والأعداد من16-18 تُكرِّر وصف حالة خراب الأرض. فهذه آمالهم جميعها وقد خابت، والضربة وقعت على كل ما تعبوا فيه. غير أنه مهما تكن خطورة حالتهم الزمنية، فهي ليست شيئاً بالقياس إلى الموت الروحي، الذي كان انعدام حساسيتهم أقسى ملامحه وأدعاها إلى الحزن. وفي الأعداد الأخيرة من الأصحاح، يتحدث النبي كشخص مختبر. فيأخذ مكانه، إنساناً شاعراً بحالة البؤس الشامل «إليك يا رب أصرخ!»، ذاك وحده ملجأه إذا ما «جداول المياه قد جفت والنار أكلت مراعي البرية». سفر يوئيل أصحاح 2 وعد انسكاب الروح ندخل بهذا الأصحاح الثاني في أحداث يوم الرب القادم الخطيرة المثيرة. وهو يوم لا يأتي إلا بعد اختطاف الكنيسة إلى السماء، إذ يعود الله ويتعامل مع إسرائيل كأمة، ويتمم جميع ما تكلم به الأنبياء. وأنا أكتب لست أنسى أن الجزء الأخير من هذا الأصحاح هو الذي أقتبسه الرسول بطرس ليفسِّر إظهارات الروح العجيبة في يوم الخمسين. غير أننا سنرى ونحن نتقدم في دراستنا أن هذا الجزء من الأصحاح الذي أمامنا ينطبق بصورة أكبر على انسكاب عتيد قادم. صحيح أن انسكاب يوم الخمسين كان مثله في النوع، وهو على قياس ما إتماماً أوّلياً له، بحيث أمكن لبطرس أن يقول «هـذا ما قيل بيوئيل النبي». غير أن النبوءة لم تكن قد استنفذت أهدافها عندئذ كما نتبين من الدراسة الواعية لسفر يوئيل جملة. وتشبيه البوق، الذي جاء ذكره مرتين (ع1،15)، يرتبط بما جاء في سفر العدد والأصحاح العاشر. فهناك نقرأ عن «بوقين من فضة» يُستعملان لهدف مزدوج: يضربون بهما هتافاً للتحذير والإنذار، ثم يضربون ولا يهتفون لاستدعاء الجماعة إلى حضرة الرب. أولهما للقتال، والآخر يستحضرهم لتعليمهم. ونفس الشيء هنا. ففي الأعداد من 1-14 نسمع هتاف بوق الإنذار لتحذير الشعب من الأحداث المخيفة العتيدة أن تقع في يوم الرب، الذي يقول النبي إنه قريب. أحداث من الخطورة حتى لم تكن ضربة الجراد التي عانوا منها إلا صورة باهتة لما هو مُختزَن للأرض ولشعب يهوذا إلى ذلك اليوم. وفي الأعداد من 15 وحتى نهاية الأصحاح، نسمع صوت البوق داعياً الشعب للاجتماع، وهنا نقرأ عن تعليم الشعب تفصيلاً فيما يتعلق بالبركة التي تعقب الأحكام المتنبأ عنها. في الجزء الأول يوصف يوم الرب بأنه «يوم ظلام وقتام، يوم غيم وضباب، مثل الفجر ممتداً على الجبال». وكما أن أقسى الساعات ظلمةً هي التي تسبق الفجر، هكذا تكون الحال قبل طلوع النهار الألفي، إذ يجتاز العالم عموماً، ويهوذا خاصة، أشد فترات الضيق ظلاماً. والآلة الرئيسية للتأديب بالنسبة ليهوذا هي «شعب كثير وقوي» مشبَّه بجراد مخرِّب. ذلك هو أشوري الأيام الأخيرة، ملك الشمال المرعب الذي سوف يكتسح أرض فلسطين قبيل الظهور المجيد، ظهور شمس البر. فمثل نار آكلة سوف يكتسح الأرض، وبلا رحمة يُتلف. فما كان قدامه كجنة يتركه خلفه قفراً (ع2،3). كخيل قوية تركض إلى ساحة الوغى، ومثل مركبات على رؤوس الجبال، يثبون كما من جبل إلى جبل، ومن قمة إلى أخرى، في مذبحة لا تقاوَم، كلهيب آكل يلحس كل ما يعترض طريقه. وفي فزع الهروب «كل الوجوه تجمع سواداً» سعياً مجنوناً للإفلات من أخبار النقمة (ع4-6). وفي الأعداد من 7-9 يرسم النبي صورة ناطقة لتقدم الجيش المنظَم المتدرِّب، لا يعرفون إلا أوامر قوادهم، ولاشيء يحوّلهم عن طريقهم، فيدخلون إلى حيث تختبئ ضحاياهم، ويقهرون كل صعوبة في طريق تقدمهم بقوة نارية. إن العدد العاشر له، بلا ريب، طابع رمزي في الرؤيا النبوية. فإن الصعود والهبوط والتحركات القتالية في يوم غضب الله هذا سوف تكون من العنف بحيث تشبه زلزلة الأرض ورجفة السماء؛ تظلم الشمس، وكذلك القمر. أما النجوم فتبدو وكأنها مُحيت من مكانها في الجو المعتم. تماماً كما نرى في رؤيا 6 في الاضطرابات التي تحدث تحت الختم السادس، حيث ينقلب رأساً على عقب كل ما يحسبه الناس ثابتاً. والمقصود هنا، ليس خراب العالم المادي، بل الأدبي والروحي، وسقوط السلطات السياسية. ويترتب على هذا خطاب موجَّة لضمير يهوذا، حيث يدعوهم الرب للرجوع إليه بقلوبهم ومعهم الثمار التي تليق بالتوبة. فهو يطلب الحقيقة لا الرياء الظاهري الخارجي، ومن هنا يقول «مزقوا قلوبكم لا ثيابكم»، مؤكِّداً لهم عطفه الحاني ونعمته التي لا تفشل، إن هم تحولوا إليه بعزم القلب. فحتى وإن كان السيل قد قطر بالفعل قطراته الأولى، فمن يستطيع أن يجزم بأن الله لا يمكن أن يرجع عن غضبه ويأتي بالبركة. ولو كانت الساعة متأخرة، ولو بدا أن الوقت قد فات، فإن عطفه ورحمته لا يزالان نحوهم، حتى يعينهم ويرحمهم من مزيد من الأحزان، وأن يبقي بيته وخدمة بيته في وسطهم (ع12-14). والنداء الآخر في ع15. فبدلاً من هتاف البوق يأتي الأمر «اضربوا بالبوق في صهيون. قدسوا صوماً. نادوا باعتكاف». فقد أراد الله أن يجمع شعبه في حضرته، ليعلّمهم طرقه ويهدي أقدامهم في طريق مستوية، لو أن لهم قلباً لصنع مشيئته. والدعوة صادرة لكل الطبقات، من الشيوخ إلى الأولاد. والكهنة وخدام الرب مدعوون لأن يبكوا بين الرواق والمذبح، صارخين لذاك الذي أمام بيته يقفون، ليشفق على شعبه ولا يسلِّم ميراثه للعار. إن وقفة الكهنة بين رواق الهيكل ومذبح النحاس خارجاً لها دلالتها الواضحة، إذ تتحدث عن الاقتراب إلى الله على الأساس الذي يتحدث عنه المذبح، أي شخص الرب يسوع المسيح وعمله. فباسمه، وحسب عمله الكامل، وبفضله، يستطيع القديس العاثر أن يندم «إن أخطأ أحد فلنا شفيع عند الآب، يسوع المسيح البار». وعلى هذا الأساس يطلب من الكهنة أن يأخذوا مكانهم على جانب المذبح من ناحية الهيكل، ممثلين للشعب الذي، وإن كان في حالة الفشل، لكن لا يزال هو الشعب الذي افتداه الرب (ع16،17). ولو كان فيهم قلب يتجاوب مع نداء الله للانسحاق وإدانة الذات، لرجع عنهم المنتقم، ولنهض الرب في قدرته كالمنقذ، وحوّل الدينونة واستبدل بها البركة والبهجة. ولا ننسَ أنه في الأيام الأخيرة سوف تأخذ تلك البقية، التي ستُحفظ للملكوت، ذلك المركز عينة. وحينئذ تتم كل المواعيد المترتبة على التوبة. إن الملك الشمالي سوف يهلك، وتفنى قوته التي سيُغِير عليهم بها، حينما يطرده الرب إلى أرض ناشفة ومقفرة، ويتحطم كل عدو، وتستعلن ذراع الرب (ع18-20). وواضح أنه على ضوء هذه التوبة القومية، تترتب مواعيد التعزية التي تملأ بقية الأصحاح. فللأرض أن تبتهج بسبب العظائم التي يجريها الرب، حتى أقل الكائنات في الخليقة سوف تشارك في بركات تجديد الأرض. تلك هي فترة حرية مجد أولاد الله التي تنتظرها كل الخليقة التي تئن وتتمخض (رو8 ). إن الخليقة لا تشارك في حرية النعمة الحاضرة، لكن المجد سيشمل الكل. حينئذ الوحوش التي كانت يوماً ما ضارية مفترسة «لا يسوؤن ولا يفسدون» في كل جبل القدس، بل «يسكن الذئب مع الخروف .... وصبي صغير يسوقها». وكذلك تُرفع اللعنة عن المملكة النباتية، فمراعي البرية تتفتح عن جمال وخضرة، والتينة والكرمة - كناية عن الأشجار المثمرة - تعطيان بفيض (ع22). ولكي تسترد أرض كنعان خصوبتها، بل وتزيد عما كانته قديماً، سوف يعطي الرب المطر المبكر والمتأخر، وبغزارة. إنها لَحقيقة معروفة جيداً أن إله إسرائيل سبق فأعطاهم قبساً من إتمام هذه النبوة حرفياً. ولكن لقرون طويلة منع المطر المتأخر عن فلسطين، وإذا بالأرض التي كانت يوماً جنة الشرق قد أصبحت جرداء عقيمة، بالكاد تكفي سكانها المشرذمين. ولكن في الآونة الأخيرة عاد المطر المتأخر على قياس محدود، فابتدأت تزدهر الزراعة وتثمر الكروم، وعادت أشجار الزيتون والتين تطرح سقاطها. وكأن الله يُحسن إلى العالم بوجه عام وإلى شعبه القديم - الذي بدأ بالفعل عودة محدودة إلى أرض آبائه - بوجه خاص، ليعطي الدليل على أن عينه على الأرض التي اختارها لنفسه، ووعد بها إبراهيم إلى الأبد، والتي سكن فيها ابنه الوحيد في أيام اتضاعه، بل والتي فيها صُلب، والتي ضمت بين جانبيها قبره، وهي أيضاً الأرض عينها التي سوف تمسَّها قدماه المجيدتان حين ينزل ليأخذ سلطانه وملكوته. وطوال ملك المسيح الألفي (رؤ6:20) سوف تكون تلك البلاد جنة المسكونة بأسرها، يباركها المطر في أوانه، وتكون من الخصب بحيث «تُملأ البيادر حنطة وتفيض حياض المعاصر خمراً وزيتاً» (ع23،24). ويومئذ تُنسى أزمنة الضيق والخراب، لأنه قال «أعوِّض لكم عن السنين التي أكلها الجراد، الغوغاء والطيار والقمص، جيشي العظيم الذي أرسلته عليكم» (ع25). ما أعجبه تعبيراً: الجيش العظيم الذي أرسلته! أثناء الافتقاد المُشار إليه في ص1، كانوا عُرضة لأن يذكروا فقط ضربة الجراد وينسوا من أرسله. فيؤكد لهم أن هذا الجراد كان جيشه، الذي وجّهه ضد الأرض لتأديب شعبه. ولكن في يوم الرب القادم سوف يعوِّض عن خسائر الماضي تعويضاً سخياً. يومئذ سيأكلون بوفرة دون أن يختبروا أي نوع من العوز. وفي نفس الوقت سيكون شخص الذي فداهم منذ القديم غرض تسبيحهم وشكرهم التعبدي. وإذ يسكت في محبته، لن يخزوا بعد، لأنه سيكون في وسطهم، وله ولاء قلوبهم، فلا يعودون يستبدلون به أصنام الماضي (ع26،27). ثم يقول «ويكون بعد ذلك (أي بعد أن يعود يهوذا إلى أرضه، وتدخل الأمة في مجموعها في البركة) أني أسكب روحي على كل بشر، فيتنبأ بنوكم وبناتكم ويحلم شيوخكم أحلاماً ويرى شبابكم رؤى. وعلى العبيد أيضاً وعلى الإماء أسكب روحي في تلك الأيام. وأُعطي عجائب في السماء والأرض، دماً وناراً وأعمدة دخان. تتحول الشمس إلى ظلمة والقمر إلى دم قبل أن يجيء يوم الرب العظيم المخوف. ويكون أن كل من يدعو باسم الرب ينجو. لأنه في جبل صهيون وفي أورشليم تكون نجاة، كما قال الرب. وبين الباقين من يدعوه الرب (أي البقية التي يدعوها الرب)» (ع28-32). لقد أوردت هذا الفصل الهام كاملاً حتى يكون أمامنا بجملته، فلا تفوتنا كلمة أو عبارة فيه. ليس لأنه فصلاً أو فقرة معزولة عن بقية السفر، فالترتيب الإلهي كامل ومتقن، بحيث أن الفصل جاء في مكانه الصحيح في منظومة أحداث يوم الرب التي أعلنها النبي. وواضح أن هذا جميعه لا يتم قبل أن يسترد شعب إسرائيل مكانه في أرضهم، وحينئذ سيمد الله بركته إلى ما وراءهم، فيسكب روحه «على كل بشر»، فاتحاً الطريق لإدخال الشعوب الناجية في امتيازات الملكوت الألفي المجيدة. والشيوخ والشباب سوف يُمسحون بمسحة الروح، فيستنيرون ويحلمون أحلاماً ويرون رؤى ويتنبأون، ولن يكون هذا قاصراً على الذكور، فالبنات والإماء لهن نصيبهن سواء بسواء. لكن لاحظ أن عجائب العددين 30،31 سوف تحدث قبل أن يجيء يوم الرب. ثم يمتد الخلاص إلى جميع الأمم الذين لم يسمعوا الإنجيل مطلقاً في تدبير النعمة الحاضر. حينئذ يكون «كل من يدعو باسم الرب ينجو». ولماذا؟ «لأنه في جبل صهيون وفي أورشليم تكون نجاة»، أي أن إسرائيل الراجع سيكون مركز البركة للأرض كلها. وهذا يختلف عن الكرازة بإنجيل نعمة الله في يومنا الحاضر، إذ أن جبل صهيون وأورشليم ليسا الآن مستودع البركة للأمم، بل العكس صحيح. ولكن بعد اختطاف الكنيسة، جسد المسيح، لتكون مع الرب كل حين، وبعد أن يرجع الله ويجمع إليه اليهود، ويجعلهم وسيلة الخلاص للأمم الوثنية، سوف تتم نبوءة يوئيل بحذافيرها. هذا هو المعنى الوحيد الواضح لكل قارئ واعٍ للفقرة التي أمامنا. ولكن هذا يثير تساؤلاً بشأن استخدام الرسول بطرس لهذه الأقوال في يوم الخمسين. فهل نظن أن بطرس أساء التطبيق؟ أم أن القارئين - بوجه عام - هم الذين أساءوا فهم استخدامه لتلك الأقوال؟ إنني على يقين من أن الاحتمال الأخير هو الصحيح. لاحظ أن بطرس لا يقول “هذا هو إتمام النبوءة”؛ فكل ما في الأمر أنه وجد في أقوال يوئيل هذه تفسيراً أو تعليلاً لوقائع ذلك اليوم المعجزية، فيعلن «بل هذا ما». وبعبارة أخرى هو لم يدمج الحادثين معاً، ولو كان قد ربط بين القوة فيهما معاً. فإن ما حدث في يوم الخمسين هو نفس الشيء الذي يقول يوئيل إنه سيحدث عندما يجيء يوم الرب. أما أن اليوم الذي نتكلم عنه لم يأتِ بعد، فتلك نقطة يعرفها بطرس جيداً، وقد أعلنها بوضوح في موضع أخر(2بط10:3). بيد أن ذات القوة، قوة الروح القدس التي كانت عاملة في ذلك اليوم سوف تعمل في مستهل الملكوت فيما بعد. إذاً فلا تناقض على الإطلاق، ولا هناك سوء تطبيق. فإن يوم الخمسين هو عيِّنة لما تنبأ به يوئيل، والرسول بطرس يستخدمه كمثال فقط، وليس إعلاناً عن إتمامه في يوم الخمسين. وفي تصريحه الذي يسجله في رسالته الثانية 20:1 ما يحول بيننا وبين الافتراض الخاطئ بأن بطرس قصد أن يأخذ الأعداد الأخيرة من يوئيل2 من مناسبتها، ويطبقها قصراً على افتتاح التدبير المسيحي. وإذ نأخذ عبارات يوئيل في مناسبتها الكاملة، نرى أنها تشير أصلاً إلى ابتداء الملكوت لا الكنيسة. غير أن القوة ذاتها التي ستعمل في اليوم القادم، ظهرت في يوم الخمسين، يوم كان يكرز بطرس كرازته الخالدة. سفر يوئيل أصحاح 3 وادي القضاء يستطرد النبي ولا تزال أمام عينيه مناظر الأحداث التي سوف تلمع في يوم الرب، فيكشف بأكثر تفصيل الحقائق الخاصة بذلك الموسم الذي طال انتظاره، موسم قوة الرب. ويجب أن نلاحظ أن عبارة «اليوم» أو «ذلك اليوم» التي ترد كثيراً بالارتباط بظهور الملكوت لا تشير إلى يوم حرفي، أي أربع وعشرين ساعة. فإن يوم الرب طبقاً لما هو مشار إليه في رسالة 2 بطرس 10:3، يشمل الفترة من الضيقة العظيمة حتى زوال السماء والأرض، والتي بعدها يأتي يوم الله أو يوم الأبدية. والكتاب المقدس يذكر أربعة أيام تدبيرية. فيومنا هو «يوم بشر» (1كو3:4). والظهور أمام كرسي المسيح هو في « يوم المسيح» (في6:1،10). ويأتي بعد ذلك «يوم الرب» الذي هو كل الفترة التي في خلالها يأخذ الرب مكانه وحقوقه في الأرض، التي مرة كان فيها مرفوضاً. ثم «يوم الله» أي الحالة الأبدية، ويذكر مرة واحدة في 2بطرس12:3. فواضح إذاً أنه إلى هذا «اليوم» الثالث العظيم، يشير الأصحاح الذي أمامنا، والذي يتناوله العدد الأول منه. «لأنه هوذا في تلك الأيام وفي ذلك الوقت، عندما أرد سبي يهوذا وأورشليم، أجمع كل الأمم وأنزلهم إلى وادي يهوشافاط، وأحاكمهم هناك على شعبي وميراثي إسرائيل الذين بدَّدوهم بين الأمم وقسموا أرضي» (ع1،2). إن المشهد الذي رسمه سيدنا بنفسه في متى 13:25-46 يتفق مع هذا المشهد. فقد وصف سيدنا بوضوح مجيء ابن الإنسان في مجده ليجلس على كرسي مجده، وهناك يدين الأمم الأحياء. ومن المعروف أن هذا المشهد القضائي يختلف كثيراً عن الدينونة الأخيرة أمام العرش العظيم الأبيض في رؤيا20. ففي سفر الرؤيا يُدان الأشرار الأموات ويطرحون في بحيرة النار، أما الأموات الأبرار فإنهم يكونون قد أقيموا بالمجد قبل هذا الوقت بألف سنة. أما دينونة الخراف والجداء فقد تُسمى، من الجهة الأخرى، محكمة تقف أمامها الأمم الأحياء على الأرض عندما ينزل المسيح ليأخذ المملكة. فهي إذاً سابقة للملك الألفي، على حين أن دينونة العرش العظيم الأبيض لاحقة له. وفي متى 25 يُجازى الخراف مجازة حسنة بسبب معاملتهم لإخوة المسيح، أي البقية اليهودية. أما الجداء فدينونتهم ترجع إلى عدم مبالاتهم بأولئك الإخوة، بل وقسوتهم أحياناً. وهذه الدينونة المميزة هي التي يضعها أمامنا الآن النبي يوئيل. فابن الإنسان سيقيم عرشه في وادي يهوشافاط. أما أين يقع هذا الوادي فهذا ما يصعب تحديده، إذ أن هذه هي المرة الوحيدة التي يُذكر فيها. لكن الشيء الذي نعرفه جيداً أنه يوجد وادٍ عميق خارج أورشليم يحمل الآن هذه التسمية، وهو يفصل المدينة المقدسة عن جبل الزيتون. على أنه من المحتمل أن هذا الوادي قد تسمى بهذا الاسم رجوعاً إلى هذه النبوة، لكن ليس هذا معناه أنه كان يسمى بهذا الاسم يوم تكلم يوئيل، ولا حتى بعد ذلك بعده أجيال أو قرون، إذ أنه لم يكن قد تسمى هكذا حتى القرن الرابع الميلادي. أما إذا أخذنا اسم «يهوشافاط» على اعتبار أنه لفظ عبري غير مترجم حينئذ يتضح كل شيء. وإذ ذاك فلنا أن نقرأه هكذا “وادي قضاء يهوه”. هناك سيجلس الرب ليدين الأمم الذين ضايقوا وبددوا شعبه وباعوهم للاستعباد وابتهجوا بعارهم. لا ريب في أن الله نفسه هو الذي سمح لهم أن يضطهدوا إسرائيل لتأديبهم، بيد أن هذا لا يقلل من جريمة مضطهديهم. من أجل ذلك فإن صور وصيدون، مع جميع الذين ساهموا في إذلال اليهود، سوف يجازون بحسب أعمالهم (ع8:3). لا شك في أن الناحية الخاصة التي يقصد أن يبرزها متى 25 هي معاملة شهود البقية الهاربين من وجه اضطهاد ضد المسيح المرير. إذاً فخدمة أولئك الشهود، وتزويدهم بحاجات الحياة الضرورية، معناه عملياً الإقرار بحقوق المسيح الحقيقي، في حين أن عدم المبالاة بهم معناها الرضاء عن سيادة النبي الكذاب. ومن ثم فأولئك الخراف سيمضون إلى حياة أبدية، إذ كانت أعمالهم برهاناً على الولادة الجديدة. وهكذا نجد أمامنا في العهد الجديد تفصيلات لم يشأ الله أن يعلنها بفم يوئيل، على أن ارتباط المشهدين واضحاً. يؤيد هذا، نداء الأعداد من 9-17. فليسمع أبطال الأمم صوت الهتاف، وليصعدوا على أرض عمانوئيل. وإذ يحوّلون أدوات السلم إلى أسلحة حربية، يصعدون في جيوش عارمة ليحاصروا أورشليم كما في زكريا14 ورؤيا19. ويومئذ سيكتسحون الأرض، وتزول كل معونة بشرية لبقية إسرائيل الذين يتمسكون بالرب. ومن هنا يصرخون في ساعة ضيقهم الشديد «إلى هناك أنزل يا رب أبطالك». فإذ يعلمون أن الساعة قد دقت ليأخذ القديسون المملكة، يتحولون إلى السماء في شدتهم، طالبين أن ينزل إلى هناك مسيحهم - الذي مرة رفضوه - مع ركبه المجيد. وجواب صلاتهم نجده في ذلك المحارب الراكب على الفرس الأبيض ومعه أجناد السماء كما هو مدون في رؤيا19، وذلك ليجري دينونة على جيوش الأمم المسلحة. لكن هذا ليس الكل. فهناك محاكمة أخرى يدعى إليها جميع الأمم «تنهض وتصعد الأمم إلى وادي يهوشافاط لأني هناك أجلس لأحاكِم جميع الأمم من كل ناحية» (ع12). وهذا مرتبط مع «حصيد الأرض» في رؤيا14:14-16. «أرسلوا المنجل لأن الحصيد قد نضج». وليس الأمم فقط هم الذين سيدانون، وتفرز بينهم الحنطة عن التبن، بل إن الفريق المرتد من أمة إسرائيل والذي سيعترف بحقوق لضد المسيح المجدف، سوف يطرحون في معصرة غضب الله كعنب قد نضج (رؤ17:14-20). وهكذا نقرأ «هلموا دوسوا لأنه قد امتلأت المعصرة، فاضت الحياض لأن شرِّهم كثير» (ع13). أما العدد الرابع عشر ففيه تصوير مؤثر لهذا المشهد الخطير. وهو عدد طالما أُسيء فهمه. «جماهير جماهير في وادي القضاء، لأن يوم الرب قريب في وادي القضاء». هو يوم حيثيات القاضي، يوم النطق بالحكم وليس اليوم الذي يُدعى فيه الناس ليقرروا موقفهم بالنسبة للمسيح. فإن وادي يهوشافاط سيكون كبيدر كبير يجلس فيه المذري الإلهي ليفرز من يشاركونه ملكوته عمن يمضون إلى العقاب الأبدي. ويومئذ يخبو كل نور مخلوق، ويعدُّ ظلاماً أمام مجد المصلوب (ع15)! ذاك الذي سيُستعلَن كرب الجنود ويزمجر من صهيون، ومن أورشليم يعطي صوته، مقلِّباً ومحطماً كل نظم الحضارة في الأرض، وكل السلطات السياسية، وكل ادعاء ديني. فإن الرب وحده سيكون ملجأ شعبه وقوة إسرائيل في ذلك اليوم (ع16). هكذا يُفتتح ملكوت ابن الإنسان الذي طال انتظاره، ويعرف كل إسرائيل أن الرب إلههم يسكن في صهيون جبل قدسه. وحينئذ تنتهي فترة دوس الأمم لأورشليم بعد أن دامت زمناً طويلاً، ويكمل إثمها فتصبح من كل وجه «المدينة المقدسة» التي لن تُداس فيما بعد بأقدام الغرباء الأعاجم. والأعداد الأربعة الأخيرة تصف ذلك العصر المجيد، غير أن خراب مصر الذي يتكلم عنه هنا ليس خراباً نهائياً كما نتعلم من فصول أخرى. «ويكون في ذلك اليوم أن الجبال تقطر عصيراً، والتلال تفيض لبناً، وجميع ينابيع يهوذا تفيض ماء، ومن بيت الرب يخرج ينبوع ويسقي وادي السنط (وادي شطيم)» (ع18). هذا مشهد الوفرة والحياة، وإليه يضيف حزقيال تفصيلات أخرى في ص47 من نبوءته. وعندئذ تُعلن الدينونة على مصر وأدوم من أجل معاملتهم الماضية لشعب يهوذا. أما أدوم فسوف تُمحى إلى الأبد كأمة، الأمر الذي يعلنه عوبديا النبي. أما مصر فإنها سترجع بعدما تُعاقَب عن خطاياها (إش18:19-25). إن زمان ضيق يهوذا سيأتي بثمر نفيس، إذ يردهم الرب ردّاً كاملاً ويباركهم. وهكذا «يهوذا تُسكَن إلى الأبد وأورشليم إلى دور فدور»، إذ تكون قد اغتسلت من كل دنسها، وأصبحت طاهرة في عيني ذاك الذي يسكن بينهم في قلعته المختارة صهيون. «وأًبرئ (أغسل) دمهم الذي لم أُبرئه، والرب يسكن في صهيون» (ع21). ولعله لم يكن من الضروري أن نحاول تفسير هذا العدد بأكثر تفصيل لولا ما ذاع بيننا في هذه الأيام من تفسير مغلوط، يؤيده قوم من رجال الدين العصريين المدعين، الذين يضللون البسطاء ويفسدون أذهان السلماء مستندين إلى هذا العدد. والتعليم الخاطئ الذي نشير إليه يدّعي أن بقية منتقاة من هذا الدهر، سيُبرَّأ دمهم من كل النجاسات التي تُفضي إلى الموت الطبيعي، وإذ ذاك سيحصلون على الخلود في الجسد. مع أن القرينة الكتابية توضح جلياً أن أقوال هذا العدد تشير إلى تبرئة أو غسل يهوذا الحرفي من أدناس دم أعدائهم الذي تدنسوا به خلال أهوال الضيقة العظيمة. ومن ثم يصيرون قدساً الرب. ولو عدنا إلى إشعياء4:4 لانجلى لنا الموضوع بوضوح أكثر. فالله يتكلم بلسان إشعياء عن نفس الزمان المجيد «إذا غسل السيد قذر بنات صهيون ونقّى دم أورشليم من وسطها بروح القضاء وبروح الإحراق». وفي مراثي14:4 يوصف الأنبياء والكهنة كمن تاهوا كعُمي في الشوارع، «وتلطخوا بالدم، حتى لم يستطع أحد أن يمس ملابسهم» وهكذا، إذ كان لهم دور في قتل البار، صار إسرائيل كله مُدَنساً، ولكن في ذلك اليوم سوف يُبرَّأ أو يُغسل ذلك الدم، وحينئذ يستطيع الله أن يسكن في وسطهم. وهناك فصول كتابية أخرى يمكن الاستشهاد بها، ولكن تكفي هذه لإيضاح حقيقة المقصود من هذا العدد. * * * * بهذا ينتهي وحي يوئيل. لقد حمل سامعيه وقرائه إلى يوم استعلان مجد المسيا، وهو المجد الذي لا تستطيع النبوءة أن تتجاوزه، باعتبار ارتباط النبوءة بالأرض. ولكننا في أسرار العهد الجديد فقط نجد بعضاً من الأشياء التي أعدّها الله للذين يحبونه، الذين يشاركونه في راحته الأبدية، بعدما تنتهي دورات الزمن، عندما لا يكون زمان بعد |
||||
20 - 01 - 2021, 02:55 PM | رقم المشاركة : ( 32553 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
أبنى الغالى .. بنتي الغالية أطمئوا فكل ما يحدث أنا عالم به وصمتي لاجلكم لأني أرتب اموركم لتسير حسب مشيئتي فتشددوا العوض قادم وستنسوا وجعكم ولا تعدودا تتذكروا الشدة |
||||
20 - 01 - 2021, 03:52 PM | رقم المشاركة : ( 32554 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
القديس أنطونيوس الكبير
وُلد هذا القدِّيس العظيم في مدينة كوما في صعيد مصر نحو السنة 251. وَقد كتب سيرته القدِّيس أثناسيوس بطريرك الاسكندريِّة معاصره، قال: "وُلد أنطونيوس في مصر من أبوَين مسيحيَّين تقيَّين. توفي والداه تاركَين له أختاً دونه سِنًّا، فكان لها الأخ الشفيق المحبّ. سمع يوماً كلام الإنجيل المقَّدس: "إن كنت تريد أن تكون كاملاً فاذهب وَبِعْ كلَّ شيءٍ لكَ وأَعطِه للمساكين فيكون لك كنزٌ في السماء وتعال اتبعني" (متَّى 19: 21). فكان لهذه الآية وقعُها العميق في قلبه، فمضى فَبَاع ما يملك، تاركاً لشقيقته نصيبها، ووزَّع ما خصَّه على الكنائس والفقراء. واعتزل الدنيا. وأخذ يزور النسَّاك، صارفاً أكثر أوقاته بالصلاة والتأمُّل ومطالعة الأسفار المقدَّسة. فَحَسَدَه الشيطان وأخذ يجرِّبه. أمَّا أنطونيوس فكان ينتصر على هذه التجارب بالصوم والصلاة والتأمُّل. ولم يكن يقتات بسوى الخبز والملح وقليل من الماء. وبالرغم من انتصاراته على التجارب، لم يكن الشيطان لينفكَّ عن منازلته. وانفرد في الصحراء ودخل قبراً قديماً أقام فيه أشهراً. وما زال الشيطان يهاجمه بِصُوَرٍ حيوانيَّةٍ مُرعِبَةٍ، لكنَّه كان يقاومها بمعونة الله. وفي هذا العراك الهائل أشرق في ذلك الكهف نورٌ سماويٌّ وظهر الربُّ يسوع. فصرخ أنطونيوس: "أين كنت يا سيِّدي؟" فأجابه الربُّ: "كنتُ هنا، يا أنطونيوس، أشاهد جهادك". ثمَّ توغَّل في صميم الصحراء، واستأنف حياة التأمُّل ومناجاة الخالق مدَّة عشرين سنة، إلى أن عرف الناس بمقرِّه فأخذوا يأتونه من كلِّ صوب. وطلب الكثيرون منهم أن يَقبَلَهم في عداد تلاميذه، فأجاب طلبهم ونزل معهم إلى ضفاف النيل، حيث أنشأ لهم أديرة عديدة. وَكَثُرَ عدد الرهبان جدًّا وانتشر عبير الفضائل المسيحيَّة في تلك البراري. وكان أنطونيوس يزور الأديار ويثبِّت الرهبان في دعوتهم. ومن أقواله المأثورة: "يا بنيَّ لا تهمل ذكر الأبدية؛ قل لنفسك في كلِّ صباح أنَّك ربَّما لا تعيش الى المساء، وعند المساء أنَّك ربَّما لا ترى نور النهار. قاوم التجربة بشجاعةٍ، إنَّ الشيطان ضعيف أمام الصوم والصلاة وإشارة الصليب". وفي السنة 311 ثار الاضطهاد بشدَّة على المسيحيِّين، فهبَّت نار الغيرة في قلب أنطونيوس فَسَارَ إلى الإسكندريَّة يشدِّد عزائم الشهداء ويرافق المسيحيِّين الى المحاكم ويشجِّعهم على الثبات في الإيمان. ولَمَّا خمدت نار الاضطهاد، عاد إلى صومعته يتابع حياته النسكيَّة. وَمَنَّ الله عليه بموهبة شفاء الأمراض وطرد الشياطين، فتقاطر الناس إليه أفواجاً فخاف من روح الكبرياء، فهرب الى برِّية تيبايس العليا. وبعد أن عثر رهبانه عليه زار أدياره وحثَّ الرؤساء والرهبان على مواصلة السير في طريق الكمال، وعاد إلى خلوته. ثمَّ زار القدِّيس بولا أوَّل النسَّاك كما ذكرنا في ترجمة هذا القدِّيس. وفي السنة 325، ازدادت هرطقة الأريوسيِّين تفشيًّا في الإسكندريَّة، فدعاه القدِّيس أثناسيوس إليها فلبَّى أنطونيوس الدعوة، رُغمَ كِبر سنِّه، فخرجت المدينة لاستقباله. فأخذ يحذرَّهم من الهرطقة الأريوسيَّة، ويبَّين لهم أنَّ المسيح إلهٌ حَقٌّ وإنسانٌ حَقٌّ. ثمَّ عاد إلى جبله. وكانت له المنزلة الكبرى لدى العظماء والملوك، لا سيَّما الملك قسطنطين الكبير الذي كتب إليه يطلب صلاته وشفاعته. وفي المرحلة الأخيرة من حياته، زار أديرة رهبانه مُحَرِّضاً الجميع على الثبات في طريق الكمال. ورقد بسلامٍ في 17 كانون الثاني سنة 356 وله من العمر مئة وخمس سنين. من تركته الروحيَّة سبع رسائل شهيرة كان قد وجَّهها إلى بعض أديرة المشرق. وقد نقلت من القبطيَّة إلى اليونانيَّة واللاتينيَّة وطبعت مندمجة بين تآليف الأباء. وحسبنا أن نذكر المناسك والنسَّاك الكثر الذين اقتدوا به مُتَّخذين طريقته في لبنان. وما وادي قاديشا ودير مار أنطونيوس – قزحيَّا التاريخيّ الشهير بمعجزاته في طرد الشياطين إلاَّ دليل على ما لهذا القدِّيس من الشفاعة لدى الله ومن الثقة والكرامة في قلوب اللبنانيِّين. والرهبانيَّات المارونيَّات الثلاث أبت إِلا أن تُدعَى باسمه المبارك منذ نشأتها وأن تتبع طريقته النسكيَّة. ولذلك حقّ له أن يدعى "كوكب البرية" ومجد الحياة الرهبانيَّة وشفيع الجماعات والأفراد في كلِّ مكان وزمان. صلاته معنا. آمين. |
||||
20 - 01 - 2021, 03:56 PM | رقم المشاركة : ( 32555 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
حكاية القديسة دميانة أميرة الشهيدات "فى يوم عيدها فى مثل هذا اليوم استشهدت القديسة دميانة، وكانت هذه العذراء العفيفة المجاهدة ابنة مرقس والى البرلس والزعفران ووادى السيسبان، وكانت وحيدة لأبويها ولما كان عمرها سنة واحدة أخذها أبوها إلى الكنيسة بدير الميمة، وقدم النذور والشموع والقرابين ليبارك الله فيها ويحفظها له". أنه لما بلغت من العمر 15 سنة أراد أن يزوجها فرفضت وأعلمته أنها قد نذرت نفسها عروسا للسيد المسيح، ولن تتزوج بل سوف تصير راهبة، وإذ رأت أن والدها قد سر بذلك طلبت منه أيضا أن يبنى لها مسكنا منفردا تتعبد فى هى وصاحباتها فأجاب سؤالها. بنى لها المسكن الذى أرادته، فسكنت فيه مع أربعين عذراء، كن يقضين أغلب أوقاتهن فى مطالعة الكتاب المقدس والعبادة الحارة، وبعد زمن أرسل دقلديانوس الملك الرومانى، وأحضر مرقس والد القديسة دميانة وأمره أن يسجد للأوثان، فامتنع أولا غير أنه بعد أن لاطفه الملك، انصاع لأمره وسجد للأوثان، وترك خالق الأكوان ولما عاد مرقس إلى مقر ولايته، وعلمت القديسة بما عمله والدها، أسرعت إليه ودخلت بدون سلام أو تحية وقالت له : ما هذا الذى سمعته عنك؟ كنت أود أن يأتينى خبر موتك، من أن أسمع عنك أنك تركت عنك الإله الذى جبلك من العدم إلى الوجود، وسجدت لمصنوعات الأيدى. وذكرت أعلم أنك إن لم ترجع عما أنت عليه الآن، ولم تترك عبادة الأحجار، فلست بوالدى ولا أنا ابنتك، ثم تركته وخرجت، فتأثر مرقس من كلام ابنته وبكى بكاء مرا، وأسرع إلى دقلديانوس واعترف بالسيد المسيح. ولما عجز الملك عن إقناعه بالوعد والوعيد أمر فقطعوا رأسه، وإذ علم دقلديانوس أن الذى حول مرقس عن عبادة الأوثان هى دميانة ابنته، أرسل إليها أميرا وأمره أن يلاطفها أولا، وأن لم تطعه يقطع رأسها. فذهب إليها الأمير ومعه مئة جندى وآلات العذاب، ولما وصل إلى قصرها دخل إليها وقال لها : "أنا رسول من قبل دقلديانوس الملك، جئت أدعوك بناءً على أمره أن تسجدى لآلهته، لينعم لك بما تريدين". فصاحت به القديسة دميانة قائلة : "شجب الله الرسول ومن أرسله، أما تستحون أن تسموا الأحجار الأخشاب آلهة، وهى لا يسكنها إلا شياطين ليس إله فى السماء وعلى الأرض إلا إله واحد الأب والابن والروح القدس، والخالق الأزلى الأبدى مالئ كل مكان، عالم الأسرار قبل كونها، وهو الذى يطرحكم فى الجحيم حيث العذاب الدائم، أما أنا فإنى عبدة سيدى ومخلصى يسوع المسيح وأبيه الصالح والروح القدس الثالوث الأقدس، به اعترف، وعليه أتوكل، وباسمه أموت، وبه أحيا إلى الأبد. وغضب الأمير وأمر أن توضع بين هنبازين وبتولى 4 جنود عصرها فجرى دمها على الأرض، وكانت العذارى واقفات يبكين عليها، ولما أودعوها السجن ظهر لها ملاك الرب ومس جسدها بأجنحته النورانية، فشفيت من جميع جراحاتها. وقد تفنن الأمير فى تعذيب القديسة دميانة، تارة بتمزيق لحمها وتارة بوضعها فى شحم وزيت مغلى، وفى كل ذلك كان الرب يقيمها سالمة، ولما رأى الأمير أن جميع محاولاته قد فشلت أمام ثبات هذه العذراء الطاهرة، أمر بقطع رأسها هى وجميع من معها من العذارى العفيفات، فنلن جميعهن إكليل الشهادة. |
||||
20 - 01 - 2021, 03:58 PM | رقم المشاركة : ( 32556 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
القديسة دميانة
نشأتها وُلدت من أبوين مسيحيين في أواخر القرن الثالث، كان أبوها مرقس واليًا على البرلس والزعفران بوادي السيسبان. إذ بلغت العام الأول من عمرها تعمدت في دير الميمة جنوب مدينة الزعفران، وأقام والدها مأدبة فاخرة للفقراء والمحتاجين لمدة ثلاثة أيام، بعد فترة توفت والدتها. أمير يطلب يدها تقدم أحد الأمراء إلى والدها يطلب يدها، وكانت معروفة بتقواها ومحبتها للعبادة مع جمالها وغناها وأدبها. عرض الوالد الأمر عليها، فأجابته: "لماذا تريد زواجي وأنا أود أن أعيش معك؟ هل تريدني أن أتركك؟" تعجب والدها لإجابتها هذه، فأرجأ الحديث عن الزواج. لاحظ على ابنته أنها أحبت الكتاب المقدس وارتوت به، وكانت تلجأ إلى حجرتها الخاصة تسكب الدموع الغزيرة أمام الله، كما لاحظ تعلقها الشديد بالكنيسة مع كثرة أصوامها وصلواتها، وحضور كثير من الفتيات صديقاتها إليها يقضين وقتهن معها في حياة نسكية تتسم بكثرة الصلوات مع التسابيح المستمرة. بناء قصر لها كشفت عن عزمها على حياة البتولية في سن الثامنة عشر، فرحب والدها بهذا الاتجاه؛ ولتحقيق هذه الرغبة بنى لها قصرًا في جهة الزعفران بناءً على طلبها، لتنفرد فيه للعبادة، واجتمع حولها أربعون من العذارى اللواتي نذرن البتولية. فرحت دميانة لمحبة والدها لها التي فاقت المحبة العاطفية المجردة، إذ قدم ابنته الوحيدة ذبيحة حب لله. عاشت مع صاحباتها حياة نُسكية . امتزج الصوم بالصلاة مع التسبيح . سقوط والدها أثناء الاضطهاد الذي أثاره دقلديانوس ضعف أبوها مرقس وبخر للأوثان. فما أن سمعت دميانة هذا الخبر حتى خرجت من عزلتها لتقابل والدها. طلبت دميانة من صديقاتها العذارى أن يصمن ويُصلين لأجل خلاص والدها حتى يرجع عن ضلاله. التقت القديسة بوالدها، وفي شجاعةٍ وبحزمٍ قالت له: "كنت أود أن أسمع خبر موتك عن أن تترك الإله الحقيقي". كما قالت له: "اعلم يا والدي أنك إذا تماديت في هذا الطغيان لست أعرفك وسأكون بريئة منك هنا وأمام عرش الديان حيث لا يكون لك نصيب في الميراث الأبدي الذي أعده الله لمحبيه وحافظي عهده". صارت تبكته بمرارة عن جحده لمسيحه مهما كانت الظروف. وسألته ألا يخاف الموت، بل يخاف من يُهلك النفس والجسد معًا، وألا يجامل الإمبراطور على حساب إيمانه وأبديته. مع حزمها وصراحتها الكاملة كانت دموعها تنهار بلا توقف، وهي تقول له: "إن أصررت على جحدك للإله الحقيقي، فأنت لست بأبي ولا أنا ابنتك!" . قيام مرقس من السقوط ألّهبت هذه الكلمات والدموع قلب مرقس، فبكى بكاءً مرًا وندم على ما ارتكبه. في توبة صادقة بروح التواضع المملوء رجاءً قال لها: "مباركة هي هذه الساعة التي رأيتك فيها يا ابنتي. فقد انتشلتيني من الهوة العميقة التي ترديت فيها. وتجددت حياتي استعدادًا لملاقاة ربى العظيم الذي أؤمن أنه يقبلني إليه". وبروح الرجاء شكر الله الذي أيقظ قلبه قائلاً: "أشكرك يا إلهي لأنك نزعت ظلمة الكفر عن قلبي. الفخ انكسر ونحن نجونا..." فتركها للوقت وذهب إلى إنطاكية لمقابلة دقلديانوس وجهر أمامه بالإيمان، وندم عما أتاه من تبخير للأصنام. تعجّب الإمبراطور لتحوّل هذا الوالي المتسم بالطاعة، والذي ترك إيمانه وبخر للأوثان أنه يجاهر بإيمانه بكل قوة. وبخ مرقس الإمبراطور على جحده الإيمان، وحثه على الرجوع إلى الإيمان الحيّ. لم يتسرع الإمبراطور في معاقبته بل استخدم محاولات كثيرة لجذبه إليه، وإذ لم يتراجع مرقس ثارت ثائرة الإمبراطور وأمر بقطع رأسه. وكان ذلك في الخامس من أبيب، في عيد الرسل. انتشر الخبر في كل الولاية وتهلل قلب ابنته القديسة دميانة، فقد نجا والدها من الهلاك الأبدي ليُشارك مسيحه أمجاده. وفي نفس الوقت حزن الإمبراطور على مرقس، إذ كان موضع اعتزازه وتقديره. بعد أيام علم دقلديانوس أن ابنته دميانة هي السبب في رجوع مرقس إلى الإيمان المسيحي، فأرسل إليها بعض الجنود، ومعهم آلات التعذيب، للانتقام منها ومن العذارى اللواتي يعشن معها. شاهدت القديسة الجند قد عسكروا حول القصر وأعدوا آلات التعذيب، فجمعت العذارى وأعلنت أن الإمبراطور قد أعد كل شيء ليُرعبهم، لكن وقت الإكليل قد حضر، فمن أرادت التمتع به فلِتنتظر، وأما الخائفة فلتهرب من الباب الخلفي. فلم يوجد بينهن عذراء واحدة تخشى الموت. بفرحٍ قُلن أنهم متمسكات بمسيحهن ولن يهربن. التقى القائد بالقديسة وأخبرها بأن الإمبراطور يدعوها للسجود للآلهة ويقدم لها كنوزًا ويُقيمها أميرة . أما هي فأجابته: "أما تستحي أن تدعو الأصنام آلهة، فليس إله سوى رب السماء والأرض. وأنا ومن معي مستعدات أن نموت من أجل اسمه". اغتاظ القائد وأمر أربعة جنود بوضعها داخل الهنبازين لكي تُعصر. وكانت العذارى يبكين وهنّ ينظرن إليها تُعصر. أُلقيت في السجن وهي أشبه بميتة، فحضر رئيس الملائكة ميخائيل في منتصف الليل ومسح كل جراحاتها. في الصباح دخل الجند السجن لينقلوا خبر موتها للقائد، فكانت دهشتهم أنهم لم يجدوا أثرًا للجراحات في جسمها. أعلنوا ذلك للقائد، فثار جدًا وهو يقول: "دميانة ساحرة! لابد من إبطال سحرها!" إذ رأتها الجماهير صرخوا قائلين: "إننا نؤمن بإله دميانة"، وأمر القائد بقتلهم. ازداد القائد حنقًا ووضع في قلبه أن ينتقم منها بمضاعفة العذابات، حاسبًا أنها قد ضلَّلت الكثيرين. أمر بتمشيط جسمها بأمشاط حديدية، وتدليكه بالخل والجير، أما هي فكانت متهللة. إذ حسبت نفسها غير أهلٍ لمشاركة المسيح آلامه. أُلقيت في السجن، وفي اليوم الثاني ذهب القائد بنفسه إلى السجن حاسبًا أنه سيجدها جثة هامدة، لكنه انهار حين وجدها سليمة تمامًا، فقد ظهر لها رئيس الملائكة ميخائيل وشفاها. في ثورة عارمة بدأ يُعذبها بطرق كثيرة ككسر جمجمتها وقلع عينيها وسلخ جلدها، لكن حمامة بيضاء نزلت من السماء وحلّقت فوقها فصارت القديسة معافاة. كلما حاول القائد تعذيبها كان الرب يتمجد فيها. أخيرًا أمر بضربها بالسيف هي ومن معها من العذارى، فنلن جميعًا أكاليل الشهادة. وقبل أن يهوي السيف على رقبتها قالت: "إني أعترف بالسيد المسيح، وعلى اسمه أموت، وبه أحيا إلى الأبد". وكان ذلك في 13 طوبة. ما زال جسد الشهيدة دميانة في كنيستها التي شيدتها لها الملكة هيلانة أم الملك قسطنطين، والكائنة قرب بلقاس في شمال الدلتا. قام البابا الكسندروس بتدشينها في اليوم الثاني عشر من شهر بشنس. ملحق بالكنيسة دير القديسة دميانة، كما بنيت كنائس كثيرة باسمها في كل القطر المصري.. -استشهاد القديسة دميانة (13 طوبة) في مثل هذا اليوم ـاستشهدت القديسة دميانة. وكانت هذه العذراء العفيفة المجاهدة ابنة مرقس والي البرلس والزعفران ووادي السيسبان. وكانت وحيدة لأبويها. ولما كان عمرها سنة واحدة أخذها أبوها إلى الكنيسة التي بدير الميمة وقدم النذور والشموع والقرابين ليبارك الله فيها ويحفظها له. ولما بلغت من العمر خمس عشرة سنة أراد ان يزوجها فرفضت وأعلمته أنها قد نذرت نفسها عروسا للسيد المسيح. وإذ رأت ان والدها قد سر بذلك طلبت منه أيضا ان يبني لها مسكنا منفردا تتعبد في هي وصاحباتها. فأجاب سؤالها. وبنى لها المسكن الذي أرادته، فسكنت فيه مع أربعين عذراء، كن يقضين أغلب أوقاتهن في مطالعة الكتاب المقدس والعبادة الحارة. وبعد زمن أرسل دقلديانوس الملك، واحضر مرقس والد القديسة دميانة وأمره ان يسجد للأوثان. فامتنع أولا غير انه بعد أن لاطفه الملك، انصاع لأمره وسجد للأوثان. وترك خالق الأكوان ولما عاد مرقس إلى مقر ولايته، وعلمت القديسة بما عمله والدها، أسرعت إليه ودخلت بدون سلام أو تحية وقالت له: ما هذا الذي سمعته عنك ؟ كنت أود ان يأتيني خبر موتك، من أن اسمع عنك انك تركت عنك الإله الذي جبلك من العدم إلى الوجود، وسجدت لمصنوعات الأيدي. اعلم انك ان لم ترجع عما أنت عليه الآن، ولم تترك عبادة الأحجار، فلست بوالدي ولا انا ابنتك، ثم تركته وخرجت. فتأثر مرقس من كلام ابنته وبكي بكاء مرا، وأسرع إلى دقلديانوس واعترف بالسيد المسيح. ولما عجز الملك عن إقناعه بالوعد والوعيد أمر فقطعوا رأسه. وإذ علم دقلديانوس ان الذي حول مرقس عن عبادة الأوثان هي دميانة ابنته، أرسل إليها أميرا، وأمره ان يلاطفها أولا، وان لم تطعه يقطع رأسها. فذهب إليها الأمير ومعه مئة جندي وآلات العذاب. ولما وصل إلى قصرها دخل إليها وقال لها: انا رسول من قبل دقلديانوس الملك، جئت أدعوك بناء علي أمره ان تسجدي لألهته، لينعم لك بما تريدين. فصاحت به القديسة دميانة قائلة: شجب الله الرسول ومن أرسله، أما تستحون ان تسموا الأحجار الأخشاب آلهة، وهي لا يسكنها إلا شياطين. ليس اله في السماء وعلي الأرض إلا اله واحد. الاب والابن والروح القدس، الخالق الأزلي الأبدي مالئ كل مكان، عالم الأسرار قبل كونها، وهو الذي يطرحكم في الجحيم حيث العذاب الدائم، أما انا فإني عبدة سيدي ومخلصي يسوع المسيح وأبيه الصالح والروح القدس الثالوث الأقدس، به اعترف، وعليه أتوكل، وباسمه أموت، وبه أحيا إلى الأبد. فغضب الأمير وأمر ان توضع بين هنبازين وبتولي أربعة جنود عصرها فجري دمها علي الأرض. وكانت العذارى واقفات يبكين عليها. ولما أودعوها السجن ظهر لها ملاك الرب ومس جسدها بأجنحته النورانية، فشفيت من جميع جراحاتها. وقد تفنن الأمير في تعذيب القديسة ديانة، تارة بتمزيق لحمها وتارة بوضعها في شحم وزيت مغلي، وفي كل ذلك كان الرب يقيمها سالمة. ولما رأي الأمير ان جميع محاولاته قد فشلت أمام ثبات هذه العذراء الطاهرة، أمر بقطع رأسها هي وجميع من معها من العذارى العفيفات. فنلن جميعهن إكليل الشهادة. صلاتهن تكون معنا ولربنا المجد دائما ابديا امين. -تذكار تكريس كنيسة القديسة دميانة بالبرارى وظهور صليب نور (12 بشنس) في هذا اليوم نعيد بتذكار تكريس كنيسة القديسة البتول الشهيدة دميانة. هذه العذراء العفيفة المجاهدة كانت ابنة مرقس والي البرلس والزعفران ووادي السيسبان. وكانت وحيدة لأبويها ولما كان عمرها سنة واحدة أخذها أبوها إلى الكنيسة التي بدير الميمة وقدم النذور والشموع والقرابين ليبارك الله في هذه الابنة ويحفظها له. ولما بلغت من العمر خمس عشرة سنة أراد والدها أن يزوجها فرفضت وأعلمته أنها قد نذرت نفسها عروسا للسيد المسيح، وعندما رأت أن والدها قد سر من ذلك طلبت منه أيضا أن يبني لها قصرا منفردا تتعبد فيه هي وصاحباتها فأجاب سؤلها في الحال وبني لها القصر فسكنت فيه مع أربعين عذراء وكن يقضين أغلب أوقاتهن في مطالعة الكتاب المقدس والعبادة الحارة وبعد زمن أرسل دقلديانوس الملك واستحضر مرقس والد القديسة دميانة وأمره أن يسجد للأوثان فامتنع أولا غير أنه بعد أن لاطفه الملك انصاع مرقس لآمر دقلديانوس وسجد للأوثان وترك عنه خالق الأكوان. ولما عاد مرقس إلى مقر ولايته وعلمت القديسة دميانة بما عمله والدها أسرعت إليه ودخلت عليه بدون سلام أو تحية وقالت له: " ما هذا الذي سمعته عنك كنت أود أن يأتيني خبر موتك من أن أسمع عنك أنك تركت الإله الذي جبلك من العدم إلى الوجود وسجدت لمصنوعات الأيدي، ألا فاعلم أنك إذا أصررت علي ما فعلت ولم تترك عبادة الأصنام فلست بوالدي ولا أنا ابنتك " ثم أكملت كلامها له قائلة " خير لك يا آبى أن تموت شهيدا ههنا فتحيا مع السيد المسيح في السماء إلى الأبد " ثم تركته وخرجت. فتأثر الوالد من كلام ابنته وبكي بكاء مرا وأسرع في الذهاب إلى دقلديانوس واعترف بالسيد المسيح ولما عجز عن إقناعه بالوعد والوعيد أمر فقطعوا رأسه. وعلم دقلديانوس أن الذي حول مرقس عن عبادة الأوثان هي دميانة ابنته فأرسل إليها أميرا وأمره أن يلاطفها أولا فإن لم تطعه يقطع رأسها فذهب إليها الأمير ومعه مائة جندي وآلات العذاب ولما وصل إلى قصرها دخل إليها وقال لها: " أنا رسول من قبل دقلديانوس الملك جئت أدعوك بناء عن أمره أن تسجدي لإلهته لينعم عليك بما تريدين " فصاحت به القديسة دميانة قائلة: " لعن الرسول ومن أرسله أما تستحون أن تسموا الأحجار والأخشاب آلهة وهي لا يسكنها إلا شياطين ؟ ليس اله في السماء وعلي الأرض إلا اله واحد الأب والابن والروح القدس الخالق الأزلي الأبدي مالئ كل مكان، العالم بالأسرار قبل كونها وهو الذي يرميكم في الجحيم حيث العذاب الدائم أما أنا فإني أعبد سيدي ومخلصي يسوع المسيح وأبيه الصالح والروح القدس الثالوث الأقدس به أعترف وعليه أتوكل وباسمه أموت وبه أحيا إلى الأبد ". فغضب الأمير من ذلك وأمر أن توضع بين معصرتين ويتولي أربعة من الجنود عصرها فجري دمها علي الأرض وكانت العذارى واقفات يبكين عليها. ثم أودعوها السجن فظهر لها ملاك الرب ومس جسدها بأجنحته النورانية. فشفيت من جميع جراحاتها وقد تفنن الأمير في تعذيب القديسة دميانة: تارة بتمزيق لحمها وتارة بوضعها في شحم وزيت مغلي وفي كل ذلك كان الرب يقيمها سالمة. ولما رأي الأمير أن جميع حيله قد ضاعت أمام ثبات هذه العذراء الطاهرة أمر بقطع رأسها وجميع من معها من العذارى العفيفات. فنلن جميعهن إكليل الشهادة ثم ركب الأمير وسافر قاصدا إنطاكية مدينة الملك فأتي المؤمنون من البلاد وجمعوا الأجساد معا وتركوا أمرها إلى أن انقضي زمن الاضطهاد وتولي الملك الرجل البار المحب للمسيح الإمبراطور قسطنطين الكبير وأمر ببناء الكنائس وهدم هياكل الأوثان وجمع أجساد الشهداء في سائر الأماكن وبني الكنائس بأسمائهم علي نفقته ورتب الإيرادات للصرف عليها. فلما جاء ذكر القديسة العفيفة دميانة أمام الإمبراطور قسطنطين وما جري لها وكيف احتملت العذاب مدة طويلة بوادي السيسبان بالزعفران اتفق مع والدته المباركة هيلانة وقال لها " خذي أكفانا وكساوي وتوجهي إلى الزعفران وابني هناك كنيسة للقديسة الشهيدة دميانة ومن معها من الشهيدات فسافرت وتباركت منها وأتت إلى السلم وصعدت إلى القصر فوجدت جسد الشهيدة دميانة في المكان الذي كانت تجلس عليه وهي في الجسد فقبلتها ووجدت حولها في القصر أجساد الأربعين عذراء فلفتهن بأكفان قيمة ثم جمعت الصناع والمهندسين وهدمت ذلك القصر وبنت تحته قبوا متينا في الأرض ووضعت سائر الأجساد فيه ثم لفت جسد السيدة دميانة بكفن غالي القيمة وعملت لها سريرا من عاج جيد الصنع ووضعت جسد القديسة عليه ووضعت عليه ستارة من الحرير الغالي وبنت فوق القبو كنيسة بديعة بقبة واحدة صغيرة وكرسها البابا الكسندروس البطريرك (19) في يوم 12 بشنس ورسم عليها أسقفا قديسا لان أسقف الزعفران والبرلس كان قد نال إكليل الشهادة ضمن الشهداء الذين وضعوا في هذه البيعة ورسم لها كهنة وشمامسة وخداما يقومون بالصلوات ليلا ونهارا. وقال الأنبا يوأنس في ميمره " ثم هدمت في الجيل الثامن بيد أحد حكام العرب وبني مكانها قصرا لأقامته " وكان هذا الحاكم ساحرا وقد فاضت مياه البحر المالح علي هذه البلاد إلى أن وصلت حدود كنيسة سمنود المسماة صهيون بالجانب الغرب عند القلعة القديمة وكان هذا الفيضان بسب قطع الجسر الحاجز لمياه البحر المالح. فلما وتصل الخبر بالملك حسان بن عتاهية بأن سائر البلاد في هذه المنطقة غرقت حزن جدار لان هذا الإقليم كان يدر الأموال علي الدولة من زراعة الزعفران والحشائش العطرية الغالية القيمة فأشار عليه أحد المقربين إليه من الإسرائيليين أن يحضر عنده بطريرك النصارى ويلزمه أن يرد بقوة إيمانه وصلواته الروحية كل شيء لأصله فأحضره الخليفة وطلب إليه رد هذا الفيضان عن الإقليم وعمل الجسر كما كان فأعان الله هذا البطريرك بمعاونة أحد القديسين المعروف بالتفاحي علي هذه التجربة فأقام الصلاة في بيعة سمنود السابق ذكرها بحضور الملك وخرج البطريرك رافعا الصليب بيده والشعب يقول كيرياليسون والتفاحي خلفه وللوقت ارتفع الماء إلى فوق بمقدار أربعين ذراعا وتراجع قدام الناس إلى بحري والأب البطريرك وخلفه التفاحي والكهنة والشعب والملك وعسكره إلى أن أتوا إلى الدميرتين فنزلوا هناك ونصبت الخيام لذلك وسميت الجزيرة باسمه إلى اليوم ثم ركبوا من هناك والماء يتراجع أمامهم إلى أن أتوا الزعفرانة فنصبوا الخيام للملك بجانب القصر المهدوم الذي تحته جسد القديسة دميانة وبقية الشهداء والماء يتراجع أمامهم ثم وقف البطريرك وصلي وسجد علي الأرض هو ومن معه فحصلت في تلك اللحظة أعجوبة عظيمة وآية أذهلت من رآها وذلك أنه قد هبت رياح شديدة في البحر المالح فارتفعت الأمواج وأخرجت رملا كثيرا أكواما أكواما بقدرة الله سبحانه وصار الرمل جسرا أقوي من الجسر الأول ثم هدأت الرياح كأنها لم تكن ثم عاد البطريرك وعند عودته إلى الملك استقبله وقال له " أيها البطريرك أطلب مني شيئا أعمله لك " فأجابه: " أريد منك يا مولاي أن تساعدنا في إنشاء كنيسة في هذا المكان لان فيه أجساد شهيدات قتلن أيام عبادة الأوثان لعدم سجودهن للأصنام " فأمر الملك أن ينظفوا المكان جيدا وأتي الأب البطريرك وفتح باب الدرج ونزل سرا إلى القبو فوجد أجساد الأربعين شهيدة مرصوصة بجانب السرير الذي كان جسد الشهيدة دميانة عليه. ثم أمر الملك بسرعة بناء كنيسة بقبة واحدة كرسها البطريرك في اليوم الثاني عشر من شهر بشنس وشاع خبرها في كل البلاد فتقاطر الناس إليها بالنذور. وقد كان تكريسها أولا في أيام قسطنطين وثانيا في مثل هذا اليوم وأمر الملك أن لا يزعج أحد النصارى فكان سلام في تلك الأيام في سائر مصر وبعد ذلك رجع الملك إلى قصره بمصر وكان دائما يطلب زيارة البطريرك فيحضر عنده بكل إكرام إلى انقضاء أيامه (نقلا عن ميمر الأنبا يوأنس أسقف البرلس) وأما الملك الذي كان في مصر في هذا الوقت فكان اسمه حسان بن عتاهية وكان حكمه عادلا كسليمان وكان محبا للكنائس والأساقفة والرهبان وكان يحب البابا البطريرك خائيل الأول البطريرك (46) الذي تولي الكرسي من سنة 743 إلى سنة 767 م وكان يحضر إليه ويتحدث معه في أمور المملكة. صلاة الشهيدة دميانة تكون معنا. آمين. |
||||
20 - 01 - 2021, 03:59 PM | رقم المشاركة : ( 32557 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
فيلم القديسة دميانة و الاربعين عذراء
|
||||
20 - 01 - 2021, 04:00 PM | رقم المشاركة : ( 32558 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
St Deminana فيلم القديسة دميانه
|
||||
20 - 01 - 2021, 04:03 PM | رقم المشاركة : ( 32559 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الشهيدة دميانة والأربعين عذراء الشهيدات
وُلدت من أبوين مسيحيين تقيين في أواخر القرن الثالث، كان أبوها مرقس واليًا على البرلس والزعفران بوادي السيسبان. إذ بلغت العام الأول من عمرها تعمدت في دير الميمة جنوب مدينة الزعفران، وأقام والدها مأدبة فاخرة للفقراء والمحتاجين لمدة ثلاثة أيام، بعد فترة انتقلت والدتها. تقدم أحد الأمراء إلى والدها يطلب يدها، وكانت معروفة بتقواها ومحبتها للعبادة مع جمالها وغناها وأدبها. عرض الوالد الأمر عليها، فأجابته: "لماذا تريد زواجي وأنا أود أن أعيش معك؟ هل تريدني أن أتركك؟" تعجب والدها لإجابتها هذه، فأرجأ الحديث عن الزواج. لاحظ على ابنته أنها عشقت الكتاب المقدس وارتوت به، وكانت تلجأ إلى حجرتها الخاصة تسكب دموع الحب الغزيرة أمام الله مخلصها، كما لاحظ تعلقها الشديد بالكنيسة مع كثرة أصوامها وصلواتها، وحضور كثير من الفتيات صديقاتها إليها يقضين وقتهن معها في حياة نسكية تتسم بكثرة الصلوات مع التسابيح المستمرة. في سن الثامنة عشر كشفت عن عزمها على حياة البتولية، فرحب والدها بهذا الاتجاه. ولتحقيق هذه الرغبة بنى لها قصرًا في جهة الزعفران بناءً على طلبها، لتنفرد فيه للعبادة، واجتمع حولها أربعون من العذارى اللواتي نذرن البتولية. فرحت البتول الطاهرة دميانة لمحبة والدها لها التي فاقت المحبة العاطفية المجردة، إذ قدم ابنته الوحيدة ذبيحة حب لله. عاشت القديسة مع صاحباتها حياة نُسكية رائعة. امتزج الصوم بالصلاة مع التسبيح الذي حوَّل القصر إلى سماء يُسمع فيها صوت التهليل المستمر. في أثناء الاضطهاد الذي أثاره دقلديانوس ضعف أبوها مرقس وبخر للأوثان. فما أن سمعت دميانة هذا الخبر حتى خرجت من عزلتها لتقابل والدها. طلبت القديسة دميانة من صديقاتها العذارى أن يصمن ويُصلين لأجل خلاص والدها حتى يرجع عن ضلاله. التقت القديسة بوالدها، وفي شجاعةٍ وبحزمٍ قالت له: "كنت أود أن أسمع خبر موتك عن أن تترك الإله الحقيقي". كما قالت له: "اعلم يا والدي أنك إذا تماديت في هذا الطغيان لست أعرفك وسأكون بريئة منك هنا وأمام عرش الديان حيث لا يكون لك نصيب في الميراث الأبدي الذي أعده الله لمحبيه وحافظي عهده". صارت تبكته بمرارة عن جحده لمسيحه مهما كانت الظروف. وسألته ألا يخاف الموت، بل يخاف من يُهلك النفس والجسد معًا، وألا يجامل الإمبراطور على حساب إيمانه وأبديته. مع حزمها الشديد وصراحتها الكاملة كانت دموع محبتها تنهار بلا توقف، وهي تقول له: "إن أصررت على جحدك للإله الحقيقي، فأنت لست بأبي ولا أنا ابنتك!" ألّهبت هذه الكلمات والدموع قلب مرقس، فبكى بكاءً مرًا وندم على ما ارتكبه. في توبة صادقة بروح التواضع المملوء رجاءً قال لها: "مباركة هي هذه الساعة التي رأيتك فيها يا ابنتي. فقد انتشلتيني من الهوة العميقة التي ترديت فيها. وتجددت حياتي استعدادًا لملاقاة ربى العظيم الذي أؤمن أنه يقبلني إليه". وبروح الرجاء شكر الله الذي أيقظ قلبه قائلًا: "أشكرك يا إلهي لأنك نزعت ظلمة الكفر عن قلبي. الفخ انكسر ونحن نجونا..." فتركها للوقت وذهب إلى إنطاكية لمقابلة دقلديانوس وجهر أمامه بالإيمان، وندم عما أتاه من تبخير للأصنام. تعجّب الإمبراطور لتحوّل هذا الوالي المتسم بالطاعة، والذي ترك إيمانه وبخر للأوثان أنه يجاهر بإيمانه بكل قوة. وبخ مرقس الإمبراطور على جحده الإيمان، وحثه على الرجوع إلى الإيمان الحيّ. لم يتسرع الإمبراطور في معاقبته بل استخدم محاولات كثيرة لجذبه إليه، وإذ لم يتراجع مرقس ثارت ثائرة الطاغية، وأمر بقطع رأسه. وكان ذلك في الخامس من أبيب، في عيد الرسل. انتشر الخبر في كل الولاية وتهلل قلب ابنته القديسة دميانة، فقد نجا والدها من الهلاك الأبدي ليُشارك مسيحه أمجاده. وفي نفس الوقت حزن الإمبراطور على مرقس، إذ كان موضع اعتزازه وتقديره. بعد أيام علم دقلديانوس أن ابنته دميانة هي السبب في رجوع مرقس إلى الإيمان المسيحي، فأرسل إليها بعض الجنود، ومعهم آلات التعذيب، للانتقام منها ومن العذارى اللواتي يعشن معها. شاهدت القديسة الجند قد عسكروا حول القصر وأعدوا آلات التعذيب، فجمعت العذارى وبروح النصرة أعلنت أن الإمبراطور قد أعد كل شيء ليُرعبهم، لكن وقت الإكليل قد حضر، فمن أرادت التمتع به فلِتنتظر، وأما الخائفة فلتهرب من الباب الخلفي. فلم يوجد بينهن عذراء واحدة تخشى الموت. بفرحٍ شديدٍ قُلن أنهم متمسكات بمسيحهن ولن يهربن. التقى القائد بالقديسة وأخبرها بأن الإمبراطور يدعوها للسجود للآلهة ويقدم لها كنوزًا كثيرة ويُقيمها أميرة عظيمة. أما هي فأجابته: "أما تستحي أن تدعو الأصنام آلهة، فليس إله سوى رب السماء والأرض. وأنا ومن معي مستعدات أن نموت من أجل اسمه". اغتاظ القائد وأمر أربعة جنود بوضعها داخل الهنبازين لكي تُعْصَر. وكانت العذارى يبكين وهنّ ينظرن إليها تُعصر. أُلقيت في السجن وهي أشبه بميتة، فحضر رئيس الملائكة ميخائيل في منتصف الليل ومسح كل جراحاتها. في الصباح دخل الجند السجن لينقلوا خبر موتها للقائد، فكانت دهشتهم أنهم لم يجدوا أثرًا للجراحات في جسمها. أعلنوا ذلك للقائد، فثار جدًا وهو يقول: "دميانة ساحرة! لابد من إبطال سحرها!" إذ رأتها الجماهير صرخوا قائلين: "إننا نؤمن بإله دميانة"، وأمر القائد بقتلهم. ازداد القائد حنقًا ووضع في قلبه أن ينتقم من القديسة بمضاعفة العذابات، حاسبًا أنها قد ضلَّلت الكثيرين. أمر بتمشيط جسمها بأمشاط حديدية، وتدليكه بالخل والجير، أما هي فكانت متهللة. إذ حسبت نفسها غير أهلٍ لمشاركة السيد المسيح آلامه. أُلقيت في السجن، وفي اليوم الثاني ذهب القائد بنفسه إلى السجن حاسبًا أنه سيجدها جثة هامدة، لكنه انهار حين وجدها سليمة تمامًا، فقد ظهر لها رئيس الملائكة ميخائيل وشفاها. في ثورة عارمة بدأ يُعذبها بطرق كثيرة ككسر جمجمتها وقلع عينيها وسلخ جلدها، لكن حمامة بيضاء نزلت من السماء وحلّقت فوقها فصارت القديسة معافاة. كلما حاول القائد تعذيبها كان الرب يتمجد فيها. أخيرًا أمر بضربها بالسيف هي ومن معها من العذارى، فنلن جميعًا أكاليل الشهادة. وقبل أن يهوي السيف على رقبة القديسة دميانة قالت: "إني أعترف بالسيد المسيح، وعلى اسمه أموت، وبه أحيا إلى الأبد". وكان ذلك في 13 طوبة. مازال جسد الشهيدة دميانة في كنيستها التي شيدتها لها الملكة هيلانة أم الملك قسطنطين، والكائنة قرب بلقاس في شمال الدلتا. قام البابا الكسندروس بتدشينها في اليوم الثاني عشر من شهر بشنس. ملحق بالكنيسة دير القديسة دميانة، كما بنيت كنائس كثيرة باسمها في القطر المصري. |
||||
20 - 01 - 2021, 04:08 PM | رقم المشاركة : ( 32560 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
في عيد القديسة دميانة تعرف على مؤسسة أكبر دير للراهبات وللقديسة الشهيدة دميانة مكانة مهمة في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية ؛فكثير من الكنائس مبنية على اسمها ؛كما تسمي كثير من الأمهات بناتها باسم دميانة وذلك تبركا بهذا الاسم ؛أما عن القديسة دميانة نفسها ؛فهي شهيدة مصرية عاشت في القرن الرابع الميلادي ؛ولدت من أبوين مسيحيين في نهاية القرن الثالث الميلادي ؛ وكان أبوها يدعي مرقس وكان واليا على منطقتي البرلس والزعفران ؛وذات ليلة تقدم أحد الأمراء يطلب خطبتها ؛فعرض والدها الأمر عليها فكان ردها: "لماذا تريد زواجي وأنا أود أن أعيش معك ؟ هل تريدني أن أتركك ؟ " فأرجأ والدها الحديث عن زواجها ؛ولكنه لاحظ تعلقها الشديد بالكنيسة ومواظبتها الدائمة على الأصوام والصلوات ؛ كما لاحظ تردد كثير من الفتيات العذارى على بيتها وقضاء الوقت معها في الصلاة والتسبيح. وفي سن الثامنة عشرة كشفت لوالدها عن رغبتها في حياة البتولية "التكريس للرب مع عدم الزواج " فرحب والدها بهذا الاتجاه ؛ وبني لها قصرا في منطقة الزعفران للتعبد للرب فيه مع أربعين عذراء نذرن نفسهن للبتولية ؛ وفي وسط هذه الأجواء اندلع الاضطهاد الذي أثاره الإمبراطور دقلديانوس ؛فضعف والدها أمام تهديدات الوالي الوثني وقام بالتبخير والسجود للأوثان ؛ وعندما سمعت دميانة بهذه الأمر غضبت غضبا شديدا جدا وخرجت من قصرها لمقابلة والدها ؛وعندما قابلته قالت له " كنت أود أن أسمع خبر موتك عن أن تترك عبادة الله الحقيقي " وطلبت منه أن يعود لإيمانه المسيحي ولا يخاف الموت بل يخاف من القادر على إهلاك النفس والجسد كليهما في جهنم ؛وألا يجامل الإمبراطورعلي حساب إيمانه. ثم قالت له في حدة "إن أصررت على جحدك للإله الحقيقي ؛فأنت لست أبي ولا أنا أبنتك " فألهبت هذه الكلمات قلب والدها ؛فبكي بكاءا مرا وندم على فعلته ؛ثم قرر أن يتوجه إلى إنطاكية "نواحي سوريا حاليا " لمقابلة دقلديانوس وجهر أمامه بالإيمان المسيحي ؛فتعجب دقلديانوس جدا من سر هذا التحول السريع ؛وحاول إغراءه بكل الطرق للرجوع عن هدفه ؛فلما رأي إصراره وقوة إيمانه قرر قطع رأسه وكان ذلك في يوم 5 أبيب "12 يوليو حسب القويم الميلادي ". وعندما وصل الخبر إلى مصر ؛فرحت دميانة جدا لنجاة والدها من الهلاك الأبدي ونواله أكليل الشهادة. أما دقلديانوس فعندما علم أن سر تحول قلب مرقس الوالي ورجوعه إلى الإيمان المسيحي هو ابنته دميانة ؛استشاط غضبا ؛فأرسل بعض الجنود إليها ومعهم آلات التعذيب المختلفة ؛وعندما شاهدت دميانة الجنود وقد ألتفوا حول القصر ؛جمعت العذاري حولها ؛ونبهتهن إلى الخطر المحدق بهن ؛ثم قالت لهن "من تريد أن تثبت وتنال أكليل الشهادة فلتبقي ؛أما الخائفات منكن تستطيع أن تهرب من الباب الخلفي" ؛فأعلن جميعا عدم خوفهن ولن يهربن. ثم التقي قائد الجنود بدميانة ؛وقال لها إن الإمبراطور يدعوها للسجود للآلهة ؛وحاول إغراءها بالعديد من الكنوز والهدايا ؛بل وأكثر من هذا وعدها أنه سوف يقيمها أميرة عظيمة. أما هي فأجابته " أما تستحي أن تدعي الأصنام آلهة ؛ فليس إله إلا الله خالق السماء والأرض ؛وأنا ومن معي من العذاري مستعدات أن نموت من أجله ".فأغتاظ القائد جدا وأمر أربعة جنود بوضعها داخل الهمبازين "أحدي آلات التعذيب في ذلك الوقت " وكانت بقية العذاري يبكين وهن يراها تتعذب ؛ثم أخرجوها من الهمبازين وهي شبه ميتة ؛وألقوها في السجن. ولكن ملاك الرب جاءها داخل السجن ومسح كل جراحاتها وفي الصباح فوجئ الجنود بأن دميانة مازالت حية ؛بل وأكثر من هذا لا يوجد أي أثر للجراحات في جسدها ؛ فجن جنون القائد واتهمها بالقيام بأعمال السحر ؛أما الجموع المتراصة فعندما شاهدت ما حدث صرخوا جميعا بلسان واحد " ألا لعنة عليك أيها الظالم ؛أعلم أننا جميعا مسيحيين وها نحن نجاهر بإيماننا على رؤوس الأشهاد ؛ ولا نخشي عذابا ولا عقابا ؛وليس لنا إله إلا إله القديسة العفيفة دميانة " فلما سمع القائد ذلك أمر بقطع رؤوسهم جميعا بحد السيف فنالوا أكليل الشهادة ؛ثم التفت إلى القديسة دميانة وطلب من الجنود أن يذوقوها جميع أنواع العذابات ؛ فمرت القديسة بسلسة متصلة من العذابات ؛ولكن في كل مرة كان يأتي ملاك الرب ليشفيها ويقويها ؛وأخيرا عندما يأس القائد من قوة احتمالها ؛أمر بقطع رأسها هي وكل من معها من الأربعين عذراء ؛فنلن جميعا أكليل الاشتشهاد وكان ذلك يوم 13 طوبة حسب التقويم القبطي "الموافق 21 يناير حسب التقويم الميلادي. أما احتفالية 12 بشنس "20 مايو" فهوتذكار تكريس الكنيسة التي على أسمها في مدينة بلقاس على يد الملكة هيلانة ؛وقصة بناء هذه الكنيسة هي أنه بعد نهاية عصر الاضطهاد ؛جاء الملك قسنطنطين "وهو أول إمبراطور مسيحي ". وكانت له أم قديسة تدعى "هيلانة " فعندما سمعت الملكة هيلانة بقصة الشهيدة دميانة والأربعين عذراء الذين معها ؛ أخذت كمية كبيرة من الاكفان معها ؛وتوجهت إلى القصر المدفون فيه القديسة مع الأربعين عذراء ؛ وعندما دخلت إلى القصر وجدت جثمان القديسة دميانة موضوعا فوق أحد السرائر بالقصر ؛فقبلته وتباركت به ؛كما تباركت بأجساد الأربعين عذراء معها ؛ثم لفتهن جميعا بأكفان فاخرة ؛وأمرت أمهر المهندسين والصناع أن يهدموا القصر ويبنوا مكانه كنيسة كبيرة على أسم الشهيدة دميانة ؛ أما القديسة دميانة فقد كفنتها بكفن غال الثمن جدا من الكتان ؛وصنعت لها سرير من العاج ووضعت فيه جسدها الطاهر ؛وزينته بالستائر الحريرية الجميلة. ثم دعت البابا الكسندروس بطريرك الكنيسة القبطية في ذلك الوقت "وهو البطريرك رقم 19 في سلسلة بطاركة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية " فقام بتدشين الكنيسة في يوم 12 بشنس. وتقع هذه الكنيسة على مسافة نحو 12 كم شمال بلقاس. ولقد ذكر هذا الدير العلامة المقريزي في موسوعته ؛غير أنه ذكر أن الدير على اسم بوجرج "لعله يقصد مارجرجس ". كما ذكرها الرحالة الفرنسي فانسليب في كتابه الهام "تقرير الحالة الحاضرة 1671م "فقال عنه " وفي 21 إلى 25 مايو ؛يحتفل بعيد جميانة دميانة ؛وهو دير شهير يقع بالقرب من دمياط ؛وأثناء هذه الأيام الخمسة ؛يتوجه إليه جميع الأقباط والأحباش ؛ومن عاداتهم في هذه الأيام أن تظهر في تلك الكنيسة السيدة العذراء للعيان وسوف يكون لنا عودة إلى رؤية فانسليب لطيف السيدة العذراء عند الحديث عن الاحتفالات الشعبية " كما ذكرها أيضا الرحالة الفرنسي "كلود سيكار" وذلك في الرحلة الرابعة التي قام بها إلى المنصورة والست دميانة ؛وكان ذلك عام 1714م ؛ حيث قال عنها " ومن بلقاس إلى الست دميانة حيث ظهر في الوادي كنيسة قديمة بها 22 قبة بيضاء تبدو من منظرها كحصن أو قصر ويقع مولد الست دميانة في شهر مايو ". أما عن الاحتفالات الشعبية التي تقام بهذا الدير ففي خلال هذه الفترة تقام احتفالات كبرى في منطقة البراري ببلقاس ؛حيث تنصب الخيام حول الكنيسة الأثرية ؛ويؤم هذا المكان سنويا الألوف من المصريين مسلمين ومسيحيين؛ حيث يكرمها المسلمون أيضا. ويتداول زوار الدير – مسلمين وأقباطا – قصة ظهور طيف القديسة دميانة خلال عيدها ؛ ولعل من ضمن المؤرخين الأجانب الذين ذكروا هذا الظهور كان الرحالة الفرنسي "فانسليب " حيث قام بزيارة الدير في يوم 17 مايو 1672م وقال في مذكراته " ويعتقد المصريون مسلمين وأقباطا أن القديسة دميانة صاحبة البيعة تظهر في قبتها مدة ثلاثة أيام وأن الخيالات التي تتحرك في القبة هي حقيقية وليست انعكاسات ضوئية لأن الشبابيك التي يمكن أن تدخل منها هذه الأضواء هي قايمة في الجهة البحرية للكنيسة ولا يدخل منها ضوء الشمس بالمرة |
||||