![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 32421 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() النبي "عوبديا" ![]() وعوبديا اسم عبري معناه "عبد يهوه" وهو نبي من بني يهوذا، من أنبياء العهد القديم الصغار، وهو كاتب رابع نبوات الأنبياء الصغار، وسفر عوبديا هو السفر الحادي والثلاثين في العهد القديم. وكان عوبديا أحد الأنبياء الصغار (عوبديا النبي الصغير)، ولم تكن هذه التسمية بسبب صغر شأن هؤلاء الأنبياء، وإنما لقصر نبواتهم المكتوبة. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 32422 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() تفسير سفر عوبديا من كتاب ارسلت لي الانبياء
![]() $ عوبديا كلمة عبرية تعنى يهوه أو المتعبد ليهوه. $ ورد ذكر هذا الإسم 12 مرة فى الكتاب المقدس. $ هو اصغر اسفار العهد القديم $ نياحة عوبديا النبى فى 15 من شهر طوبة. $ هو إبن حنانيا النبى من سبط يهوذا و تنبأ فى زمن يهوشافاط ملك يهوذا. $ قيل عنه إنه كان على رأس الخمسين رجلا اللذين أرسلهم الملك أخزيا فى المرة الثالثة إلى إيليا النبى . فجاءه بإتضاع وتضرع لئلا يهلكه مثل أولئك الأولين اللذين نزلت نار و أحرقتهم بل يتراءف عليه و ينزل معه إلى أخزيا الملك.فنزل معه النبى بأمر ملاك الرب و هنا تحقق عوبديا أن خدمة إيليا أفضل من خدمة الملوك و أن مصاحبته له تؤدى به إلى خدمة الملك السمائى. فترك خدمة الملك وتبع إيليا فحلت عليه نعمة النبوة . $ تنبأ زمانا يزيد عن عشرين سنة. $ كتب عوبديا نبواته بعد سقوط أورشليم علي يد الكلدانيين عام 587 ق. م $ تعيد له الكنيسة بتذكار نياحته في الخامس عشر من طوبه بركة صلواته تسندنا جميعاً آمين. قصة السفر : · أدوم هو عيسو. وإستخدم النبى هنا إسم أدوم لدمويتهم ضد شعب الله . وأطلق بعد ذلك كلمة ادوم على ابناء عيسو لما استولوا على ارض سعير بعد طردهم الاموريين· قد بدأت هذه العداوة القاسية بين شعب بنى إسرائيل ( يعقوب) و بنى أدوم (عيسو) بإغتصاب يعقوب البركة من إبيه إسحق بدلا من عيسو أخوه الأكبر . · و ربما تصالح الأخوان بعد ذلك لكن لم يدم هذا الصلح بين نسليهما بعد أن إنفصل الواحد عن الاّخر و هكذا توالت الصراعات بين الشعبين . ·بعد أن سقطت أورشليم فى يد البابليين تحالف الأدوميون مع البابليون فى إلحاق أكبر أذى للشعب. ·فإشترك أدوم فى نهب المدينة و سدوا الطرق أمام الهاربين و كانوا يمسكونهم أو يبيعونهم كعبيد. ·مع أن أدوم هو أخو يعقوب إلا أنهم شمتوا فى بليتهم و ساندوا أعدائهم وإشتركوا معهم فى تحطيمهم بكل الطرق. ·هذه النبوة القصيرة موجهة ضد أدوم و ملخصها كما فعلت يفعل بك . ·أدوم يمثل النفس المتشامخة الساكنة جبال الكبرياء و كان موقفهم موقف الشامت والمشترك فى تحطيم إسرائيل أخيه . إمتيازات النبوة : - تمتاز النبوة بحماستها لأنه كان يتكلم بغيرة حادة . - فى الوقت نفسه يظهر عطفه على أمته و قد جعل وجهتها التنبؤ خاصة عن أدوم . الأدوميون و سفر المزامير : ما فعله الأدوميون فى اليهود أثناء محنتهم على يد نبوخذنصر ظل اليهود يذكرونه بأسى وهم فى السبى البابلى و رتلوا فى السبى هذا المزمور : " أذكر يارب لبنى أدوم يوم أورشليم القائلين هدوا هدوا حتى أساسها " ( مز 137: 7). أدوم و إبليس : إتخد أدوم رمزا للشيطان كما أن يعقوب هو رمز للكنيسة ( شعب الله ) ![]() ![]() السيد المسيح فى السفر: النبوة تشير لخلاص الشعب ( رمزا لخلاص الكنيسة ) و تكون صهيون مركز نجاة روحية ومقدسا للرب وميراثا له ، ونارا ضد الأعداء وينتهى السفر بهذه الاّية الرائعة "ويكـــــــــون المــــــُلك للـــــــرب" فالمعنى الروحى للسفر هو خراب مملكة الشيطان ، و خراب كل أعداء الكنيسة وتأسيس ملكوت الله . فيتعبد الناس الرب يسوع فقط ( يهوه ) و هنا نجد تطابق بين إسم النبى و موضوع نبوته. ++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++ الإصحاح الأول ( نبوة عن ادوم )1 رُؤْيَا عُوبَدْيَا: هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ عَنْ أَدُومَ (سَمِعْنَا خَبَراً مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ وَأُرْسِلَ رَسُولٌ بَيْنَ الأُمَمِ: «قُومُوا وَلْنَقُمْ عَلَيْهَا لِلْحَرْبِ»): 2 «إِنِّي قَدْ جَعَلْتُكَ صَغِيراً بَيْنَ الأُمَمِ. أَنْتَ مُحْتَقَرٌ جِدّاً. 3تَكَبُّرُ قَلْبِكَ قَدْ خَدَعَكَ أَيُّهَا السَّاكِنُ فِي مَحَاجِئِ الصَّخْرِ رِفْعَةَ مَقْعَدِهِ الْقَائِلُ فِي قَلْبِهِ: مَنْ يُحْدِرُنِي إِلَى الأَرْضِ؟» 4 إِنْ كُنْتَ تَرْتَفِعُ كَالنَّسْرِ وَإِنْ كَانَ عُشُّكَ مَوْضُوعاً بَيْنَ النُّجُومِ فَمِنْ هُنَاكَ أُحْدِرُكَ يَقُولُ الرَّبُّ. 5 إِنْ أَتَاكَ سَارِقُونَ أَوْ لُصُوصُ لَيْلٍ. كَيْفَ هَلَكْتَ. أَفَلاَ يَسْرِقُونَ حَاجَتَهُمْ؟ إِنْ أَتَاكَ قَاطِفُونَ أَفَلاَ يُبْقُونَ خُصَاصَةً؟ 6 كَيْفَ فُتِّشَ عِيسُو وَفُحِصَتْ مَخَابِئُهُ؟ 7 طَرَدَكَ إِلَى التُّخُمِ كُلُّ مُعَاهِدِيكَ. خَدَعَكَ وَغَلَبَ عَلَيْكَ مُسَالِمُوكَ. أَهْلُ خُبْزِكَ وَضَعُوا شَرَكاً تَحْتَكَ. لاَ فَهْمَ فِيهِ. 8 أَلاَ أُبِيدُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ يَقُولُ الرَّبُّ الْحُكَمَاءَ مِنْ أَدُومَ وَالْفَهْمَ مِنْ جَبَلِ عِيسُو؟ 9 فَيَرْتَاعُ أَبْطَالُكَ يَا تَيْمَانُ لِيَنْقَرِضَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ جَبَلِ عِيسُو بِالْقَتْلِ. ما يسجله عوبديا هنا هو ملاحظة راّها بالروح بخصوص محاكمة أدوم بواسطة الرب نفسه ، و كأنه تسلم تقرير من قبل الرب. إذ ظن أدوم أنه فوق كل محاكمة و حسب أن سكناه فى الجبال وسط الصخور يعفيه من النزول إلى ساحة قضاء الرب. فوبخه الرب على كبرياء قلبه فليس خطية قادرة على تحطيم الإنسان مثل الكبرياء. إذ ظن الأدوميون أن سكناهم فوق المرتفعات سوف يحميهم و ظنوا إنهم أفضل من غيرهم و لكن لم يكن هذا سوى خداع فلا شئ يحمينا سوى الله . فقد حسب أدوم نفسه كالنسر إذ أقام عشه فوق الجبال ، إذ قد صار وسط النجوم لكن هذا لا يعنى أنه ليس فى متناول يد الله. لقد حمل أدوم فكر إبليس أبيه الذى فى كبريائه تشامخ قائلا " أصعد فوق مرتفعات السحاب ، أصير مثل العلى " وإذ هم يسكنون فى مقابر الصخور لكان من السهل على اللصوص سرقتهم فكانوا يدخلون ليلا لينالوا ما يطلبون منهم و أيضاّ قاطفوا العنب الذين إذ جاءوا يسرقون كل محاصيلهم و لا يتركون منها إلا القليل . فإذا كان اللصوص يستطيعون أن يصلون إليهم فهل يصعب على الله أن يدخل إلى مخابئ أدوم ليحاكمها. وإن كان اللصوص و القاطفون يتركون بقية لكم الضربة الاّتية على أدوم من الله لن تترك لهم بقية . و لقد تعاهد أدوم مع العمونيين و المؤابيين جيرانهم و لكن فى وقت بليتهم لم يقف أحد بجانبهم ، فلقد إعتمد أدوم على جيرانه و تحدى الأمم الكبيرة مثل بابل و فارس فأتى عليه هؤلاء و دمروه إذ خذله جيرانه و ذلك بالرغم من أن الأدوميون إشتهروا بالحكماء مثل أليفاز التيمانى إلا أن تفكيرهم فى حرب الأمم الكبيرة كان لا فهم فيه لأن الله سحب منهم الحكمة و الفهم . فإذا تخلى الرب عن أحد يبدو يتخبط فى مشورته كمن يتخبط فى الظلام لأن الرب هو نورنا . ظُلم أدوم لأخيه ( 10 – 16 ) : 10 مِنْ أَجْلِ ظُلْمِكَ لأَخِيكَ يَعْقُوبَ يَغْشَاكَ الْخِزْيُ وَتَنْقَرِضُ إِلَى الأَبَدِ. 11 يَوْمَ وَقَفْتَ مُقَابِلَهُ يَوْمَسَبَتِ الأَعَاجِمُ قُدْرَتَهُ وَدَخَلَتِ الْغُرَبَاءُ أَبْوَابَهُ وَأَلْقُوا قُرْعَةً عَلَى أُورُشَلِيمَ كُنْتَ أَنْتَ أَيْضاً كَوَاحِدٍ مِنْهُمْ. 12 وَيَجِبُ أَنْ لاَ تَنْظُرَ إِلَى يَوْمِ أَخِيكَ يَوْمَ مُصِيبَتِهِ وَلاَ تَشْمَتَ بِبَنِي يَهُوذَا يَوْمَ هَلاَكِهِمْ وَلاَ تَفْغَرَ فَمَكَ يَوْمَ الضِّيقِ 13 وَلاَ تَدْخُلَ بَابَ شَعْبِي يَوْمَ بَلِيَّتِهِمْ وَلاَ تَنْظُرَ أَنْتَ أَيْضاً إِلَى مُصِيبَتِهِ يَوْمَ بَلِيَّتِهِ وَلاَ تَمُدَّ يَداً إِلَى قُدْرَتِهِ يَوْمَ بَلِيَّتِهِ 14 وَلاَ تَقِفَ عَلَى الْمَفْرَقِ لِتَقْطَعَ مُنْفَلِتِيهِ وَلاَ تُسَلِّمَ بَقَايَاهُ يَوْمَ الضِّيقِ. 15 فَإِنَّهُ قَرِيبٌ يَوْمُ الرَّبِّ عَلَى كُلِّ الأُمَمِ. كَمَا فَعَلْتَ يُفْعَلُ بِكَ. عَمَلُكَ يَرْتَدُّ عَلَى رَأْسِكَ. 16 لأَنَّهُ كَمَا شَرِبْتُمْ عَلَى جَبَلِ قُدْسِي يَشْرَبُ جَمِيعُ الأُمَمِ دَائِماً يَشْرَبُونَ وَيَجْرَعُونَ وَيَكُونُونَ كَأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا. ولأن من لا يحب الله لا يقدر أن يحب أخاه فكلما أخطأ أدوم فى حق الله بكبرياؤه فإنه أخطأ فى حق أخيه يعقوب بظلمه له . "وذكر هنا إسم يعقوب ليذكرهم بالأخوة التى بين أدوم و يعقوب " و يذكر الرب لأدوم يوم سبى أورشليم حيث حمل الغرباء قواته و غناه إلى السبى وإقتحم الغرباء المدينة و قوة يهوذا هى شبانهم مثل دانيال و الثلاث فتية ، و بدلا من أن يقف أدوم مساندا لأخيه أو حتى موقف الحياد صار كواحد من هؤلاء الغرباء السالبين حقوق أورشليم. فكان على أدوم أن لا يشمت فى أخيه يوم ضيقه أولا لأن يعقوب أخوه ، ثانياّ لأن الدور قادم عليه هو أيضاّ . و نلاحظ هنا قول الرب " لا تدخل باب شعبى " فعلى الرغم من أن شعب إسرائيل كان تحت التأديب إلا أن الله المحب مازال يتألم لألم شعبه كما يقول العلامة أوريجانوس "حينما تنسحق نفوسنا بالضيق لا يقف الرب مواسياّ و إنما يحسب نفسه متألما فيناو معنا ". و على الرغم من أنه من قوانين الحرب عدم جواز قتل من ألقى السلاح و لكن أدوم كان يلقى القبض على الهاربين و هذا ضد قوانين أى حرب شريفة. و قد ظن الأدوميون و هم فى نشوة الإنتقام من يهوذا أن الله لن يأتى قريباّ و لكن نجد هنا تحذير لهم بأن قريب هو يوم الرب و نجد قانون إلهى عادل كما فعلت يفعل بك . فيقول القديس إمبروسيوس " إن أول عطية هى أن أعرف كيف أحزن حزناّ عميقاّ مع أولئك الذين يخطئون ، لأن هذه هى أعظم فضيلة " فيشرب جميع الأمم من كأس غضب الله كما شرب أيضا شعب الله و لكنها ستكون أكثر مرارة و ستكون كأس إفناء لهم أما شعب الله فتبقى منه بقية قد تطهرت. خلاص صهيون ( 17-21 ) : 17 وَأَمَّا جَبَلُ صِهْيَوْنَ فَتَكُونُ عَلَيْهِ نَجَاةٌ وَيَكُونُ مُقَدَّساً وَيَرِثُ بَيْتُ يَعْقُوبَ مَوَارِيثَهُمْ. 18 وَيَكُونُ بَيْتُ يَعْقُوبَ نَاراً وَبَيْتُ يُوسُفَ لَهِيباً وَبَيْتُ عِيسُو قَشّاً فَيُشْعِلُونَهُمْ وَيَأْكُلُونَهُمْ وَلاَ يَكُونُ بَاقٍ مِنْ بَيْتِ عِيسُو لأَنَّ الرَّبَّ تَكَلَّمَ. 19 وَيَرِثُ أَهْلُ الْجَنُوبِ جَبَلَ عِيسُو وَأَهْلُ السَّهْلِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ وَيَرِثُونَ بِلاَدَ أَفْرَايِمَ وَبِلاَدَ السَّامِرَةِ وَيَرِثُ بِنْيَامِينُ جِلْعَادَ. 20 وَسَبْيُ هَذَا الْجَيْشِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ يَرِثُونَ الَّذِينَ هُمْ مِنَ الْكَنْعَانِيِّينَ إِلَى صَرْفَةَ. وَسَبْيُ أُورُشَلِيمَ الَّذِينَ فِي صَفَارِدَ يَرِثُونَ مُدُنَ الْجَنُوبِ. 21 وَيَصْعَدُ مُخَلِّصُونَ عَلَى جَبَلِ صِهْيَوْنَ لِيَدِينُوا جَبَلَ عِيسُو وَيَكُونُ الْمُلْكُ لِلرَّبِّ. بعد أن تنبأ النبى بخراب أدوم يتنبأ بأخبار مفرحة عن صهيون فإن كان الله قد أدبها فهو سيرحمها فهو الذى يجرح و يعصب فعلى جبلها تكون نجاة أو خلاص. وصهيون هى الكنيسة السماوية والنار هى الروح القدس التى ستحرق بيت عيسو ( أعمال الإنسان القديم ) و يرث بيت يعقوب مواريثهم التى هى أرضهم التى رجعوا إليها بعد العودة من السبى و هى رمز لأولاد الله فى العهد الجديد الذين سيرثون الملكوت . ففى هذه الخاتمة يرث أولاد الله الأمم الشامتة بهم عند سبيهم فلا يرثون أرضهم فقط وإنما يرثون الأمم الأخرى التى حولهم. و هى صورة روحية لكنيسة العهد الجديد التى إقتنصت فى شباكها سمكاّ كثيراّ من كل الأمم و الألسنة و الشعوب لحساب عريسها ليملك على الكل. و المخلصون هم الرسل الذين كرزوا ببشارة الخلاص لكل العالم و بكلمة كرازتهم يدينوا عيسو و عيسو هو رمز للشيطان . ثم نصل إلى نهاية السفر و هى أيضاّ غاية الكتاب المقدس كله " و يكون المـــــــلك للــرب " |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 32423 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() النبي عوبديا ![]() كان من الممكن أن يُفقِد السبيُ البابلي سنة 587 ق. م. المسبيين اليهودَ إيمانَ آبائهم وأجدادهم، فيتحوّلون إلى ديانة مستعمريهم، وأن يقضي بالتالي على مؤسساتهم الدينية. ولكن ما حصل هو العكس تماماً. إذ بعد عودتهم من السبي، راح اليهود يتأملون في تراثهم القديم وطقوسهم السابقة، وبمقارنتهم اياها مع وضعهم التاريخي الحاضر، هبَّت فيهم روح دينية عارمة جعلت ايمانهم ينضج بنوع نهائي. هذه "الثورة الروحية" جعلتهم يُعيدون قراءة نصوصهم التوراتية القديمة ويكتبون، مضيفين عناصر جديدة، تاريخ هذه المؤسسات الدينية التي سوف تشكّل، بعد ذلك التاريخ، محورَ ديانة شعب اسرائيل (انه زمن تأسيس الطقوس- إذا جاز التعبير- كالسبت والاعياد... وبكلمة اخرى ولادة اليهودية كديانة). في هذه الحقبة، تأثر روح العبادة اليهودية كثيراً بنشوء هيكليات دينية جديدة وبغنى عقائدي ناجم عن قراءة جديدة للتراثات الكتابية القديمة بوحي من الوضع التاريخي الراهن، وبات المؤمنون معه مقتنعين، بأن عقاب الله الذي انذر به الأنبياء سابقاً قد تحقق (بالسبي)، وبقيت لهم المواعيد التي ينتظرون تحقيقها. 1- رسالة عوبديا ![]() كتب عوبديا في زمن الجلاء. إنه يكتب على طريقته ويفسر تحقيق مواعيد الله، مدفوعاً بشعور وطني. وتتلخص رسالته بالكلام عن "يوم الرب" وولادة اسرائيل الجديد، انطلاقاً من حالة تاريخية خاصة في زمانه: ففي سنة 587 ق. م. استفاد الأدرميون، وهم قبيلة سامية مستقرة قي الجبال، جنوب البحر الميت، من سقوط اليهودية ليستولوا على أراضيها في الجنوب خصوصاً في حبرون (الخليل). فهب عوبديا ضدهم. ظنوا انهم بمأمن من الاجتياح (الآية 3) ولكنهم سيهبطون مهما ارتفعوا (الآية 4). قريباً يأتي "يوم الرب" (الآية 15) وستنال هذه القبيلة عقابها، فيقاصص الله المذنبين بالجرائم ويمنح الخلاص لأتقيائه (الآيات 16- 21). ليست المواعيد هنا للفرد وإنما للأمة كلها التي تستعبر من ويلاتها الماضية لتبني مجدها الحاضر. رغم شقائها، هي مقتنعة بأنها وحدها تعبد الله الحقيقي، سيد الكون، الساكن في صهيون (آية 21)، الذي به يرتفع قرن (رأس) شعبه وتنحط الأمم الأخرى، أما إذا أرادت هذه الأمم الخلاص، فعليها هي الأخرى أن تمر بالعقاب والموت. ليس يوم الرب مع عوبديا يوم قصاص الله لاسرائيل، كما مع صفنيا، ولكن يوم ثأر من باقي الأمم. مع عوبديا، أصبحت كلمة "نبوءة" مرادفة لكلمة "الموعد". 2- عوبديا والعهد الجديد ![]() عاش النبي عوبديا في زمن اشتد فيه عند الشعب شعور بقرب انتهاء الأزمنة، في وقت بان له ان تدخل الله النهائي لخلاص شعبه أمر قريب وواقع لا محالة. في مثل هذه الأجواء عينها اطلق يسوع صرخته: "لقد تمت الأزمنة واقترب ملكوت الله، فتوبوا وآمنوا بالانجيل" (مر 1/15) (انه موضوع تعليم يسوع الاساسي ويرد أكثر من ثمانين مرة على لسانه في الأناجيل الازائية). أما الجديد في تعليم يسوع فهو انه يبشر ببدء الأزمنة الاسكاتولوجية وبظهور ملكوت الله في التاريخ الحاضر لاسرائيل ولسائر الأمم. أجل تنال الأمم حصة في الخلاص الحاصل في أورشليم والمنتشر منها. وجميل ان نلاحظ كيف ان لوقا الذي يبدأ انجيله في هيكل اورشليم (لو 1/5- 25) ينهي أعمال الرسل في رومة، عاصمة الأمم والعالم الوثني (اع 28/23- 28). فلا حدود إذاً لكلام الله ولإعلان بشارة الملكوت. 3- قراءة مسيحية وحالية لنبوءة عوبديا ![]() إن نبوءة عوبديا، هي من أقصر أسفار العهد القديم. انها تعبر عن حقائق يعيشها الإنسان في أي زمان ومكان، ولذا فهي تنطبق في جوهر تعاليمها على واقع أيامنا الحاضرة. ومع أنها تتوجه إلى شعب تكبّر وتجبّر، فهي تعني الفرد أيضاً مع ما فيه من مقومات طبيعية، وما الشعب إلا جموع الأفراد، وقد يقود فرد أحياناً شعباً بكامله. لقد أثار آدوم غضب الله بتعجرفه (الآية 3) وأصبح الشعب المتكبر مذنباً وقاتلاً لأخيه عندما أنكره في شدته (آيات 10 - 14). ونحن اليوم، ألا نشهد مثلما شهد عوبديا في زمانه؟ ألا يقوم شعب على شعب ودولة على دولة؟ وليست الدولة الغازية غريبة، فأحياناً تكون دولة صديقة، جارة، شقيقة! وما نقوله على مستوى الشعوب نقوله على مستوى الأفراد. أما يقوم الإنسان على أخيه الإنسان؟ لا بل الأخ على أخيه في بيت واحد؟ ويأكل الصديق مال صديقه، والجار جاره، والشريك شريكه؟ ويبلغ بهم الصلف والتعجرف حداً لا يعودون يعرفون معه الشفقة والرحمة؟!... لكن الله "حط المقتدرين عن عروشهم ورفع المتواضعين" (لوقا 1/52). لا يدع المتكبر يسترسل في هواه والظالم يظلم إلى ما لا نهاية. في عوبديا يطبق الله على آدوم شريعة "عين بعين وسن بسن" ويعاقبه بالمثل. "فكما فعلت يُفعل بك" (آية 15) "وكما تدينون تدانون ويكال لكم بما تكيلون" يقول يسوع إلهنا له المجد (متى 7/2). "لك يوم يا ظالم" يقول المثل العامي. ذلك أن يوم الرب قريب (آية 15) وحكمه عادل على جميع البشر. لن يتأخر حتى يأتي ليدين كل واحد حسب أعماله وكل أمة حسب سياستها!. فالباطل إذاً لا يدوم. ومهما طالت محنة شعب هُضمت حقوقه، وسلبت ثرواته، وتشرّد بسبب ما حلَّ به من ويلات الغريب والقريب، فلا بد من أن يشرق عليه نور الحق فينتصر به، لأن الحق هو السلاح الأمضى، وقد شهد له المسيح نفسه (يوحنا 18/37). وتعود صهيون مكان الهيكل المقدس، المسكن المقدس، بيت العبادة وعاصمة مملكة الله القادمة على الارض (آيات 19- 21). ذلك يعني أن ما كان سيبقى، "وما بيصح إلا الصحيح" كما يقول المثل العامي الآخر "الصبر- مفتاح الفرج"، "وبثباتكم تنقذون أنفسكم" (لوقا 21/19). انه وعد الله ينطبق على حياتنا اليوم وكل يوم. وكم من أناس نالوا المواعيد وحصلوا على خلاص الههم لأنهم صبروا في المحن والضيقات... "لأن الملك للرب" (آية 21)، نغمة اسكاتولوجية، شمولية ينهي بها النبي عوبديا رسالته. الله يملك على السماوات والأرض "ولا يكون لملكه انقضاء" (لوقا 1/23). "الملك لله" نكتبها على واجهات بيوتنا ومداخلها، وبحق نفعل ذلك. يترادف "يوم الرب" وصوت الله هذا. "ليأت موتك". انها صلاة ورسالة: صلاة علمنا اياها يسوع ورسالة لتحقيق ملك الله على الارض تقع مسؤوليتها على عاتق كل مؤمن وكل من ينتظر حقا مجيء ربنا يسوع المسيح وتجلّيه في آخر الأزمنة. "تعال أما الرب يسوع" (رؤيا 22/20) "واقضِ في الأرض" واملك عليها، "لأن لك الملك والقدرة والمجد إلى أبد الدهور". |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 32424 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() رسالة عوبديا ![]() كتب عوبديا في زمن الجلاء. إنه يكتب على طريقته ويفسر تحقيق مواعيد الله، مدفوعاً بشعور وطني. وتتلخص رسالته بالكلام عن "يوم الرب" وولادة اسرائيل الجديد، انطلاقاً من حالة تاريخية خاصة في زمانه: ففي سنة 587 ق. م. استفاد الأدرميون، وهم قبيلة سامية مستقرة قي الجبال، جنوب البحر الميت، من سقوط اليهودية ليستولوا على أراضيها في الجنوب خصوصاً في حبرون (الخليل). فهب عوبديا ضدهم. ظنوا انهم بمأمن من الاجتياح (الآية 3) ولكنهم سيهبطون مهما ارتفعوا (الآية 4). قريباً يأتي "يوم الرب" (الآية 15) وستنال هذه القبيلة عقابها، فيقاصص الله المذنبين بالجرائم ويمنح الخلاص لأتقيائه (الآيات 16- 21). ليست المواعيد هنا للفرد وإنما للأمة كلها التي تستعبر من ويلاتها الماضية لتبني مجدها الحاضر. رغم شقائها، هي مقتنعة بأنها وحدها تعبد الله الحقيقي، سيد الكون، الساكن في صهيون (آية 21)، الذي به يرتفع قرن (رأس) شعبه وتنحط الأمم الأخرى، أما إذا أرادت هذه الأمم الخلاص، فعليها هي الأخرى أن تمر بالعقاب والموت. ليس يوم الرب مع عوبديا يوم قصاص الله لاسرائيل، كما مع صفنيا، ولكن يوم ثأر من باقي الأمم. مع عوبديا، أصبحت كلمة "نبوءة" مرادفة لكلمة "الموعد". |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 32425 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() عوبديا والعهد الجديد
![]() عاش النبي عوبديا في زمن اشتد فيه عند الشعب شعور بقرب انتهاء الأزمنة، في وقت بان له ان تدخل الله النهائي لخلاص شعبه أمر قريب وواقع لا محالة. في مثل هذه الأجواء عينها اطلق يسوع صرخته: "لقد تمت الأزمنة واقترب ملكوت الله، فتوبوا وآمنوا بالانجيل" (مر 1/15) (انه موضوع تعليم يسوع الاساسي ويرد أكثر من ثمانين مرة على لسانه في الأناجيل الازائية). أما الجديد في تعليم يسوع فهو انه يبشر ببدء الأزمنة الاسكاتولوجية وبظهور ملكوت الله في التاريخ الحاضر لاسرائيل ولسائر الأمم. أجل تنال الأمم حصة في الخلاص الحاصل في أورشليم والمنتشر منها. وجميل ان نلاحظ كيف ان لوقا الذي يبدأ انجيله في هيكل اورشليم (لو 1/5- 25) ينهي أعمال الرسل في رومة، عاصمة الأمم والعالم الوثني (اع 28/23- 28). فلا حدود إذاً لكلام الله ولإعلان بشارة الملكوت. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 32426 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() قراءة مسيحية وحالية لنبوءة عوبديا
![]() إن نبوءة عوبديا، هي من أقصر أسفار العهد القديم. انها تعبر عن حقائق يعيشها الإنسان في أي زمان ومكان، ولذا فهي تنطبق في جوهر تعاليمها على واقع أيامنا الحاضرة. ومع أنها تتوجه إلى شعب تكبّر وتجبّر، فهي تعني الفرد أيضاً مع ما فيه من مقومات طبيعية، وما الشعب إلا جموع الأفراد، وقد يقود فرد أحياناً شعباً بكامله. لقد أثار آدوم غضب الله بتعجرفه (الآية 3) وأصبح الشعب المتكبر مذنباً وقاتلاً لأخيه عندما أنكره في شدته (آيات 10 - 14). ونحن اليوم، ألا نشهد مثلما شهد عوبديا في زمانه؟ ألا يقوم شعب على شعب ودولة على دولة؟ وليست الدولة الغازية غريبة، فأحياناً تكون دولة صديقة، جارة، شقيقة! وما نقوله على مستوى الشعوب نقوله على مستوى الأفراد. أما يقوم الإنسان على أخيه الإنسان؟ لا بل الأخ على أخيه في بيت واحد؟ ويأكل الصديق مال صديقه، والجار جاره، والشريك شريكه؟ ويبلغ بهم الصلف والتعجرف حداً لا يعودون يعرفون معه الشفقة والرحمة؟!... لكن الله "حط المقتدرين عن عروشهم ورفع المتواضعين" (لوقا 1/52). لا يدع المتكبر يسترسل في هواه والظالم يظلم إلى ما لا نهاية. في عوبديا يطبق الله على آدوم شريعة "عين بعين وسن بسن" ويعاقبه بالمثل. "فكما فعلت يُفعل بك" (آية 15) "وكما تدينون تدانون ويكال لكم بما تكيلون" يقول يسوع إلهنا له المجد (متى 7/2). "لك يوم يا ظالم" يقول المثل العامي. ذلك أن يوم الرب قريب (آية 15) وحكمه عادل على جميع البشر. لن يتأخر حتى يأتي ليدين كل واحد حسب أعماله وكل أمة حسب سياستها!. فالباطل إذاً لا يدوم. ومهما طالت محنة شعب هُضمت حقوقه، وسلبت ثرواته، وتشرّد بسبب ما حلَّ به من ويلات الغريب والقريب، فلا بد من أن يشرق عليه نور الحق فينتصر به، لأن الحق هو السلاح الأمضى، وقد شهد له المسيح نفسه (يوحنا 18/37). وتعود صهيون مكان الهيكل المقدس، المسكن المقدس، بيت العبادة وعاصمة مملكة الله القادمة على الارض (آيات 19- 21). ذلك يعني أن ما كان سيبقى، "وما بيصح إلا الصحيح" كما يقول المثل العامي الآخر "الصبر- مفتاح الفرج"، "وبثباتكم تنقذون أنفسكم" (لوقا 21/19). انه وعد الله ينطبق على حياتنا اليوم وكل يوم. وكم من أناس نالوا المواعيد وحصلوا على خلاص الههم لأنهم صبروا في المحن والضيقات... "لأن الملك للرب" (آية 21)، نغمة اسكاتولوجية، شمولية ينهي بها النبي عوبديا رسالته. الله يملك على السماوات والأرض "ولا يكون لملكه انقضاء" (لوقا 1/23). "الملك لله" نكتبها على واجهات بيوتنا ومداخلها، وبحق نفعل ذلك. يترادف "يوم الرب" وصوت الله هذا. "ليأت موتك". انها صلاة ورسالة: صلاة علمنا اياها يسوع ورسالة لتحقيق ملك الله على الارض تقع مسؤوليتها على عاتق كل مؤمن وكل من ينتظر حقا مجيء ربنا يسوع المسيح وتجلّيه في آخر الأزمنة. "تعال أما الرب يسوع" (رؤيا 22/20) "واقضِ في الأرض" واملك عليها، "لأن لك الملك والقدرة والمجد إلى أبد الدهور". |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 32427 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() قراءة مسيحية وحالية لنبوءة عوبديا ![]() إن نبوءة عوبديا، هي من أقصر أسفار العهد القديم. انها تعبر عن حقائق يعيشها الإنسان في أي زمان ومكان، ولذا فهي تنطبق في جوهر تعاليمها على واقع أيامنا الحاضرة. ومع أنها تتوجه إلى شعب تكبّر وتجبّر، فهي تعني الفرد أيضاً مع ما فيه من مقومات طبيعية، وما الشعب إلا جموع الأفراد، وقد يقود فرد أحياناً شعباً بكامله. لقد أثار آدوم غضب الله بتعجرفه (الآية 3) وأصبح الشعب المتكبر مذنباً وقاتلاً لأخيه عندما أنكره في شدته (آيات 10 - 14). ونحن اليوم، ألا نشهد مثلما شهد عوبديا في زمانه؟ ألا يقوم شعب على شعب ودولة على دولة؟ وليست الدولة الغازية غريبة، فأحياناً تكون دولة صديقة، جارة، شقيقة! وما نقوله على مستوى الشعوب نقوله على مستوى الأفراد. أما يقوم الإنسان على أخيه الإنسان؟ لا بل الأخ على أخيه في بيت واحد؟ ويأكل الصديق مال صديقه، والجار جاره، والشريك شريكه؟ ويبلغ بهم الصلف والتعجرف حداً لا يعودون يعرفون معه الشفقة والرحمة؟!... لكن الله "حط المقتدرين عن عروشهم ورفع المتواضعين" (لوقا 1/52). لا يدع المتكبر يسترسل في هواه والظالم يظلم إلى ما لا نهاية. في عوبديا يطبق الله على آدوم شريعة "عين بعين وسن بسن" ويعاقبه بالمثل. "فكما فعلت يُفعل بك" (آية 15) "وكما تدينون تدانون ويكال لكم بما تكيلون" يقول يسوع إلهنا له المجد (متى 7/2). "لك يوم يا ظالم" يقول المثل العامي. ذلك أن يوم الرب قريب (آية 15) وحكمه عادل على جميع البشر. لن يتأخر حتى يأتي ليدين كل واحد حسب أعماله وكل أمة حسب سياستها!. فالباطل إذاً لا يدوم. ومهما طالت محنة شعب هُضمت حقوقه، وسلبت ثرواته، وتشرّد بسبب ما حلَّ به من ويلات الغريب والقريب، فلا بد من أن يشرق عليه نور الحق فينتصر به، لأن الحق هو السلاح الأمضى، وقد شهد له المسيح نفسه (يوحنا 18/37). وتعود صهيون مكان الهيكل المقدس، المسكن المقدس، بيت العبادة وعاصمة مملكة الله القادمة على الارض (آيات 19- 21). ذلك يعني أن ما كان سيبقى، "وما بيصح إلا الصحيح" كما يقول المثل العامي الآخر "الصبر- مفتاح الفرج"، "وبثباتكم تنقذون أنفسكم" (لوقا 21/19). انه وعد الله ينطبق على حياتنا اليوم وكل يوم. وكم من أناس نالوا المواعيد وحصلوا على خلاص الههم لأنهم صبروا في المحن والضيقات... "لأن الملك للرب" (آية 21)، نغمة اسكاتولوجية، شمولية ينهي بها النبي عوبديا رسالته. الله يملك على السماوات والأرض "ولا يكون لملكه انقضاء" (لوقا 1/23). "الملك لله" نكتبها على واجهات بيوتنا ومداخلها، وبحق نفعل ذلك. يترادف "يوم الرب" وصوت الله هذا. "ليأت موتك". انها صلاة ورسالة: صلاة علمنا اياها يسوع ورسالة لتحقيق ملك الله على الارض تقع مسؤوليتها على عاتق كل مؤمن وكل من ينتظر حقا مجيء ربنا يسوع المسيح وتجلّيه في آخر الأزمنة. "تعال أما الرب يسوع" (رؤيا 22/20) "واقضِ في الأرض" واملك عليها، "لأن لك الملك والقدرة والمجد إلى أبد الدهور". |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 32428 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() النبي عبوديا ![]() مقدمة لا يكاد المرء يعلم شيئاً عن عوبديا النبى ، سوى أنه « عابد الرب » أو « خادم الرب » على ما يفهم من معنى اسمه فى اللغة العبرانية ، فهو الإنسان الذى يعبد الرب أو يخدمه ، وسفره أصغر سفر فى العهد القديم ، على أن نبوته كانت – كما هو واضح – عن أدوم ، وتقع أرض أدوم شرقى البحر الميت على طول مائة ميل ، وعرض عشرين ميلا من أقصى جنوب البحر حتى خليج العقبة ، والأرض غير مستوية وجبلية ، ممتلئة بالشعاب والمسالك الوعرة ، فهى تشبه إلى حد كبير حياة من سكنوها من أبناء أدوم ، وأدوم هو عيسو ، وقد كان أخا يعقوب ، وكما تزاحما فى بطن أمهما ، هكذا تزاحم نسلاهما وتصارعا ، وقد كان أبناء أدوم كأبيهم ، أدنى إلى الوحشية وأقرب ، وكانوا شوكة فى جنب الإسرائيليين ، وقد ضايقوهم فى عصور متعددة ، وانتهزوا فرص هجمات الآخرين عليهم ، وتعاونوا على مضايقتهم ، … ولذلك رأى عوبديا رؤياه التى كشفها الرب له ضد الأدوميين ، ومن خلال رؤياه ستعرف – ما أمكن – على طبيعته ، ورسالته ، وما من شك بأنه ، وهو يندد بشر الأدوميين وصفاتهم القبيحة، كان يكشف فى الوقت نفسه ، عن خبيئة نفسه ، وكراهيته للخطايا التى يندد بها. ولعلنا نستطيع بذلك أن نتابعه فيما يلى: عوبديا ومحاجئ الصخر ![]() ان أدوم يعيش بين محاجئ الصخور ، وقد بنى بيوتاً منحوته فى الصخر ، ولعله وهو يبنى هذه البيوت ، كان يهنئ عبقريته التى تلوذ بالحصون التى لا يمكن اقتحامها،… كان أدوم شديد الاعتداد بعقله وذكائه وحكمته ، شأنه فى ذلك شأن كل إنسان لا يعلم أن العقل البشرى ، مهما وصل فإنه أحمق وضعيف ، إذا لم يأخذ حكمته من اللّه ، … وكان عوبديا كعبد أو خادم للّه ، يرجع فى كل ما يعمل ، إلى الحكمة السماوية النازلة من السماء ! … فى أيام الثورة الفرنسية عندما أرادوا أن يلغوا الدين والعبادة ، أقاموا معبوداً دعوه « العقل البشرى » … وكانوا يقولون إن العقل هو الإله الذى ينبغى أن نعبده ، … والعقل البشرى يحاول اليوم وهو يغزو الفضاء ، أن يصنع عشه هناك بين النجوم ، إلى الدرجة التى قال فيها « جاجارين » الروسى ، وهو يسبح فى الفضاء ، إنه بحث عن اللّه هناك ولكنه لم يره ، … وهيهات له ولأمثاله أن يروا اللّه ، لا لأن اللّه غير موجود ، فهو يملأ كل مكان ، بل لأنه هو أعمى لا يستطيع أن يبصر أو على حد قول الرسول بولس : « إذ معرفة اللّه ظاهرة فيهم لأن اللّه أظهرها لهم لأن أموره غير المنظورة ترى منذ خلق العالم مدركة بالمصنوعات قدرته السرمدية ولا هوته حتى أنهم بلا عذر . لأنهم لما عرفوا اللّه لم ليمجدوه أو يشكروه كإله بل حمقوا فى أفكارهم وأظلم قلبهم الغبى » ” رو 1 : 19 – 21 ” .. وكما قضى اللّه على جا جارين ، سيقضى على كل متحصن وراء عقله ليقول له : « وإن كان عشك موضوعاً بين النجوم فمن هناك أحدرك » … ومن المعلوم أن أدوم كان يتحصن وراء شئ آخر ، ثروته المنيعة ، والمحفوظة بكيفية يستحيل على المقتحم أو المهاجم أن يصل إليها ، وهو فى محاجئ الصخر ، وما أكثر الذين يفعلون اليوم فعل أدوم ، من أمم وجماعات وأفراد ، إذ يتحصنون وراء الثروات الخرافية التى يظنون أنها تحميهم من كدارات الحياة ، أو هجمات الأيام والأزمان ، وهم يجلسون على تلال من ذهب ، لم تعد تكفيهم الألوف أو الملايين ، بل دخلوا فيما يطلق عليه البلايين والمليارات !! .. لقد بنوا أعشاشهم فوق الريح كما يقال ، ووزعوا أموالهم كاليهود فى سائر أرجاء الأرض ، … ولكن كلمة عوبديا تلاحقهم فى كل زمان ومكان : « وإن كان عشك موضوعاً بين النجوم فمن هناك أحدرك يقول الرب » … على أن محاجئ الصخر كانت عند أدوم شيئاً آخر ، إذ كانت تمثل القوة ، … فبلاده لا يسهل اقتحامها ، على أنه من المثير والغريب فى تاريخ الجنس البشرى أن القوة المادية أو العسكرية ، والتى يبنيها الإنسان لحمايته والدفاع عنه ، تتحول آخر الأمر إلى وحش غير مروض ، ويكون صاحبها فى كثير من الأوقات أول ضحاياها ، ولعله مما يدعو إلى العجب ، أن أقوى دولتين فى العالم الآن ، وهما الولايات المتحدة وروسيا الإتحادية وما تملكان من قنابل ذرية وهيدروجينيه ، هما أكثر الدول رعباً وخوفاً من الحرب ، ومن قوتها المدمرة ، … ومهما تحصن الإنسان ، ووصل إلى النجوم ليجعلها مراكز غزو فى الفضاء ، فإن كلمة عوبديا النبى تلحقه هناك : « وإن كان عشك موضوعاً بين النجوم فمن هناك أحدرك يقول الرب » .. عوبديا وشر أدوم ![]() كان الشر القاسى لأدوم ، أنه عاش بلا إله ، فهذا هو الذى وضع فاصلا بينه وبين أخيه يعقوب ، … وقد ورث أبناؤه عنه هذه السمة ، فتحولوا عن اللّه ، واستقلوا ، وعاشوا بلا إله فى العالم ، وبنوا عظمتهم على أساس الاستقلال عن اللّه ، وعندما يبنى الإنسان عشه بعيداً عن اللّه ، فإنه يبنى الكارثة لنفسه مهما كانت عظمته بين الناس!!… ولعل دراسة التاريخ فى ذلك خير شاهد على الحقيقة ، … لقد حاول الشيطان أن يبنى عظمته على أساس الاستقلال عن اللّه : « والملائكة الذين لم يحفظوا رياستهم بل تركوا مسكنهم ، حفظهم إلى دينونة اليوم العظيم بقيود أبدية تحت الظلام » ” يهوذا 6 ” وسقط آدم وحواء فى نفس التجربة إذ أرادا أن يكونا مثل اللّه ، فطردا من جنة عدن ، ليسجل التاريخ مأساة البشر الكبرى فى كل العصور ، … لقد خدعتهما الحية بالاستقلال عن اللّه ، … ورفض المسيح التجربة عندما حاول الشيطان أن يجربه بالاستقلال : … إن خررت وسجدت لى أعطيك !! .. عندما خرج قايين من حضــــرة اللّه ، إلى أرض نـــــود أو أرض البعد ، خرج إلى التيه والضياع ، والعذاب ، الذى لاحقه الحياة كلها!!.. كانت مأساة الابن الضال القاسية ، هى بعده عن بيته ، ولم يتذوق الراحة ، حتى عاد إلى بيت أبيه ، بل ما يحمل البيت من حياة وهدوء وسلام وأمن وراحة ، وتعلم ألا يستقل عن أبيه البتة !! .. وكان أدوم آثما إلى جانب ذلك بالكبرياء التى ملأت قلبه ، كان الأدومى عملاقا فى الجسد ، متحصناً وراء ما سبقت الإشارة إليه سواء فى الذهن أو الثروة أو القوة ، ومن ثم ذكر عوبديا « تكبر قلبك » أو خطية الكبرياء والتى لحقت بالكثيرين ممن حاولوا أن يبنوا عشهم بين النجوم . وهل ننسى وصف إشعياء فى الأصحاح الرابع عشر وهو يهجو ملك بابل : « كيف باد الظالم بادت المتغطرسة … الهادية من أسفل مهتزة لك لاستقبال قدومك منهضة لك الأخيلة جميع عظماء الأرض . أقامت كل ملوك الأمم عن كراسيم كلهم يجيبون ويقولون لك أ أنت أيضاً قد ضعفت نظيرنا وصرت مثلنا . أهبط إلى الهاوية فخرك رنة أعوادك تحتك تفرش الرمة وغطاؤك الدود كيف سقطت من السماء يازهرة بنت الصبح ؟ كيف قطعت إلى الأرض ياقاهر الأمم . وأنت قلت فى قلبك أصعد إلى السموات أرفع كرسى فوق كواكب اللّه وأجلس على جبل الاجتماع فى أقاصى الشمال . أصعد فوق مرتفعات السحاب . أصير مثل العلى . لكنك انحدرت إلى الهاوية إلى أسافل الجب . الذين يرونك يتطلعون إليك يتأملون فيك . أهذا هو الرجل الذى زلزل الأرض وزعزع الممالك ؟ » ” إش 14 : 4 – 16 ” وما أكثر الذين جاءوا بعد ملك بابل لينالوا المصير نفسه ، نابليون بونابارت ، وهتلر ، وموسولينى وأمثالهم كل هؤلاء الذين بنوا عشهم ، بين النجوم ، ومن هناك أحدرهم اللّه القادر على كل شئ!! ..وكان أدوم أيضاً مصاباً بنعرة الجنس ، ولم يعد يبالى بأخيه يعقوب ، بل يناصبه العداء ، وقد فقد كل عواطف الأخوة ، … وما يزال العالم إلى اليوم يعانى ، أقسى المعاناة من التعصب الجنسى ، … كان سسل رودس يقول عن الشعب البريطانى إنه أعظم شعب فى العالم ، وها نحن إلى اليوم نرى المشكلة الروديسية بين البيض والسود، وكأنما يلوم البيض اللّه لأنه خلق أجناساً سوداء اللون ، … كان فوليتر يقول : سيأتى الوقت الذى يقال مدحاً فى الآخرين : هذا فرنسى المذاق .. وقال أحد السياسيين الأمريكيين : إن اللّه لم يصنع شيئاً أو أحداً يساوى الأمريكيين ، ولا أظن أنه سيصنع!!.. وهل هناك حماقات تؤذى البشر أكثر من هذه الحماقات !! ؟ .وقد تمكنت من أدوم عاطفة من أقبح العواطف وأثرها فى الإنسان ، وهى عاطفة الشماتة فضلا عن أنها عاطفة بغيضة جداً فى نظر اللّه إذ هى تيار أسود ملئ بالحقد والضغينة وعدم المروءة ، فهى أمر غير إنسانى وقبيح ، فمن سوء الأخلاق وضعتها وانحطاط النفس ، أن نقف من تعاسات الآخرين وعجزهم وضعفهم موقف المتشفى المبتهج بهذا العجز والألم والتعاسة والضيق ! . ولم يقف أدوم عند حدود الشماتة ، بل تعدى الأمر إلى الظلم متمشيا مع التعبير الشعبى القائل : عندما تقع البقرة تكثر السكاكين ، … وعندما حدثت المأساة لشعب اللّه، فرح أدوم ، واتهمهم بكل نقيصة وشر ، ووسع دائرة الاتهام ، وألصق بهم مالم يفعلوه ، وحملهم النتائج القاسية التى وصلوا إليها .. مع أن الخصم النبيل ولا نقول الأخ ، … هو الذى لا يضرب إنساناً ساقطاً أمامه !! .. ولا يجهز على بائس مسكين يترنح من الضربات التى تكال له !! .. لكن أدوم أكمل شره بالقساوة الباغية ، فقد تربص للضعفاء الهاربين من الغزو على مفارق الطرق ليقضى على المنفلتين ، وهم فى عمق بؤسهم وضيقتهم ، بشدة ولؤم وخسة !! .. عوبديا وخداع أدوم ![]() سقط أدوم فريسة الخداع ، ويبدو أن خداعه جاء من اتجاهين : خداع الأصدقاء ، وخداع النفس : « طردك إلى التخم كل معاهديك . خدعك وغلب عليك مسالموك . أهل خبزك وضعوا شركاً تحتك . لا فهم فيه » … ” عو 7 ” والذين يخدعون الآخرين قد يكونون مدفوعين بالخوف أو التملق أو المصلحة ، … كان نيرون صاحب صوت منكر ، ولكنه كان يعتقد أن صوته من أرخم الأصوات ، وكان يلزم الآخرين أن يسمعوا غناءه ، وكانوا يبدون إعجابهم الكبير بالصوت ، خوفاً على حياتهم من بطشه وانتقامه ، … وقد تملق الصوريون والصيداويون وهم « يلتمسون المصالحة لأن كورتهم تقتات من كورة الملك ، وفى يوم معين لبس هيرودس الحلة الملوكية وجلس على كرسى الملك ، وجعل يخاطبهم . فصرخ الشعب : هذا صوت إله لا صوت إنسان. ففى الحال ضربه ملاك الرب لأنه لم يعط المجد للّه . فصار يأكله الدود ومات .. » ” أع 12 : 20- 23 ” والإنسان متى سمح للآخرين أن يخدعوه ، فسينتهى به الأمر إلى الاتجاه الآخر ، إن يخدع نفسه بنفسه ، « تكبر قلبك قد خدعك » ” عو 3 ” .. «والقلب أخدع من كل شئ وهو نجيس من يعرفه » . ” إر 17 : 9 ” والإنسان من تاريخه الأول إلى اليوم ضحية الخداع ، .. وكما ذهب الشيطان إلى أبوينا الأولين فى جنة عدن، وبدأ معهما هناك بقصة الخداع ، فهو إلى اليوم يضلل ويخدع فى كل مكان وزمان !! .. ولعله يوحنا ويسلى الذى وعظ ذات يوم عظة رائعة عظيمة ، وما أن نزل من المنبر ، حتى استقبله أحد السامعين بالقول … « ما أروعها وأعظمها من عظة » . وإذا بالواعظ العظيم يقول : لقد قال لى غيرك ذلك !! .. وقال السامع : ومن هو !! ؟ وأجاب الواعظ : إنه الشيطان !!؟ .. قالها له قبل أن ينزل من فوق المنبر ، … وإذا كان يفعل ذلك فى أقدس الأماكن ، فكيف يكون الأمر فى أحطها وأشرها ؟!! . عوبديا وسقوط أدوم ![]() ونتعرض أخيراً لسقوط أدوم البشع ، ولعل أول مظهر من مظاهر سقوطه ، كان فى الفرصة الضائعة ، لقد أصيب أخوه يعقوب بالنكبة التى كانت تقتضى منه المسارعة إلى المعونة ، لا الوقوف موقف المتفرج ، أو الإجهاز على بقايا المنفلتين . وما أكثر ما يقف الناس على الطريق فى موكب الحياة ، موقف أدوم القديم : « يوم وقفت مقابله يوم سبت الأعاجم قدرته ودخلت الغرباء أبوابه وألقوا قرعة على أورشليم كنت أنت أيضاً كواحد منهم . ويجب أن لا تنظر إلى يوم أخيك يوم مصيبته ولا تشمت ببنى يهوذا يوم هلاكهم ولا تغفر فمك يوم الضيق. ولا تدخل باب شعبى يوم بليهم . ولا تنظر أنت أيضاً إلى مصيبة يوم بليته ولا تمد يداً إلى قدرته يوم بليته . ولا تقف على المفرق لتقطع منفلتيه ولا تسلم بقاياه يوم الضيق » … ” عو 11 – 14 ” وما أكثر ما يفعل الناس هكذا وهم مشغولون بأنانيتهم وكبرياء قلوبهم .. فى أسطورة وثنية قديمة ، أن واحداً من الرؤساء القدامى حفر بئراً ، وأمر بألا يشرب منها أحد غيره وغير عائلته ، وكانت النتيجة أن البئر لم تعط ماء ، فطلب العرافين الذين قالوا له إن البئر لا يمكن أن تعطى ماء إلا إذا شارك الشعب فى الانتفاع بها ، فما كان منه ، مدفوعاً بأنانيته ، إلا أن يصدر قراراً بأن يشرب الشعب منها فى الليل ، وهو وبيته يشربون منها فى النهار ،… وحدث أن البئر فاضت بالماء عند غروب الشمس ، وظلت طوال الليل تعطى ماء ، وفى الصباح جفت ، وعندئذ علم أن المشاركة الصحيحة هى أن يشرب هو والشعب فى وقت واحد ، … وفاضت البئر عندئذ ليلا ونهاراً .. إن الحياة فى حقيقتها هى الإيثار لا الاستئثار وهى الخدمة الباذلة المضحية ، وليست الأنانية أو الوصولية أو النفعية التى يعيشها ملايين الناس على الأرض !! .. فى ساحة إحدى الكنائس عبارة مكتوبة : « ما أعطيه أملكه وما أحفظه أفقده » ، .. لقد زمجر عاموس – فيما ذكرنا عند التعرض لشخصيته – لحياة الأنانية التى تنسى آلام الآخرين : « ويل للمستريحين فى صهيون .. أنتم الذين تبعدون يوم البلية وتقربون مقعد الظلم ، المضطجعون على أسرة من العاج والمتمددون على فرشهم والآكلون خرافاً من الغنم وعجولا من وسط الصيرة ، الهاذرون مع صوت الرباب ، المخترعون لأنفسهم آلات الغناء كداود ، الشاربون من كؤوس الخمر والذين يدهنون بأفضل الأدهان ولا يغتمون على انسحاق يوسف » .. ” عا 6 : 1 – 6 ” إن الأنانية وحدها بشعة كل البشاعة ، ولكنها أكثر بشاعة عندما تكون فى مواجهة النفس والمنكوب والمتألم والمتضايق !! .. وسقط أدوم أيضاً عندما لم يدرك أن الزمن دوار ، وطوبى للرحماء لأنهم يرحمون…. فى أساطير عيسوب أن الحمار الضعيف المسكين توسل إلى زميله الحصان أن يحمل عنه بعض حمله ، وقال له إنه إن لم يفعل فالنتيجة ستكون أنه سيموت ، وسيحمل الحصان الكل ، … ولم يبال الحصان بالكلام ، فسقط الحمار تحت ثقله ومات ، ونقل صاحبهما كل حمل الحمار ووضعه على الحصان ، بل أكثر من ذلك أنه وضع عليه جثة الحمار الميت ، وقال الحصان : يا لى من أحمق ! لقد رفضت أن آخذ شيئاً من حمل الحمار ، وها أنا لا آخذ حمله فحسب ، بل أحمل جثته أيضاً !! .. لعل من أطرف ما قيل ، أن أحد المرسلين – وكان جراحاً فى مدارس بالهند رأى ذات يوم عند بابه كلباً صغيراً مكسور القدم ، فما كان منه إلا أن جبر ساقه ، وقال المرسل إن الشئ الغريب الذى حدث أنه أحس بخربشة فى اليوم التالى عند الباب وعندما فتح الباب وجد الكلب ، وقد صحب كلباً آخر صغيراً مكسور الساق ، وقد جاء به ليعالج،.. لئن صحت الرواية ، فإن الإنسان مرات كثيرة يكون أحط من الحيوان ، وأكثر أنانية،… ولعل هذا ما حد برئيس الأساقفة هو يتلى أن يقول : إذا سألتنى أن أخبرك عما يسبب الاضطراب الأكبر ، والذى يهدد بأقسى الأخطار ، فإنى أستطيع أن أقول لك إنك إذا تطلعت إلى المرآة ، هناك سترى أصدق صورة لذلك ! .. ومن المؤسف حقاً أن الناس فى كثير من أدوار الحياة تنسى أن الدنيا لا تبقى إنساناً على حال فهى ترفع المنخفض ، وتخفض المرتفع ، وهى تغنى الفقير وتفقر الغنى ، وهى تقوى الضعيف ، وتضعف القوى .. إنها الساقية التى تدور بسرعة أو ببطء ، لكنها على أية حال تدور!!… وقديماً قال أحدهم للنعمان : إن كنت تعلم يا نعمان أن يــــدى قصيرة عنك ، فالأيام تنقلـــــب وقال آخر : أحسنت ظنك بالأيام إذ حسنت ولم تخف سوء ما يأتى به الغيـر وسالمتك الليالى فاغتررت بهــــــا وعند صفو الليالى يحدث الكدر والمثير فى الأمر على الدوام ، أن الجزاء من جنس العمل : « كما فعلت يفعل بك ، عملك يرتد على رأسك . لأنه كما شربتم على جبل قدسى يشرب جميع الأمم دائماً يشربون ويجرعون ويكونون كأنهم لم يكونوا » ” عو 15 و 16 ” .. عندما قبض الإسرائيليون على أدونى بازق وقطعوا أباهم يديه ورجليه ، قال الرجل : « سبعون ملكاً مقطوعة أباهم أيديهم وأرجلهم كانو يلتقطون تحت مائدتى . كما فعلت كذلك جازانى اللّه » … ” قض 1 : 7 ” وقال جدعون ، « لزبح وصلمناع : كيف الرجال الذين قتلتماهم فى تابور ؟ فقالا مثلهم مثلك . كل واحد كصورة أولاد ملك . فقال هم اخوتى بنو أمى . حى هو الرب لو استحييتماهم لما قتلتكما » .. ” قض 8 : 18 و 19 ” ولم يدر هامان وهو يجهز الصليب المرتفع ليصلب عليه مردخاى ، أنه يجهز لنفسه المصير التعس الذى سيصل إليه !! .. كان أدوم يرى نفسه ، كما لاحظنا ، القوة والمنعة ، وهو « القائل فى قلبه من يحدرنى إلى الأرض » ( عو 3 ) لقد وضع عشه بين النجوم أو أعلى من أن تصل إليه يد بشرية ، ولكن المثل الشائع يلحقه : عبوديا ما طار طير وارتفع إلا كما طار وقع ![]() لقد فكر أدوم فى قدرة البشر وهو يلقى على نفسه السؤال : « من يحدرنى إلى الأرض » ، … ونسى أنه توجد يد أعلى من كل يد بشرية ، خالقة الكواكب والنجوم ذاتها ، … « ومن هناك أحدرك يقول الرب !! … ” عو 4 ” وحسب المقاييس البشرية ماذا ينقص أدوم وقد ارتفع بعشه فوق الزوابع والعواصف والمحن التى تتلف الكرة الأرضية ، ولكنها تغلف جوها دون أن تبلغ النجوم ، أما الذى يبلغ من المناعة ما يعلو به على الريح ، فهو آمن من ثورة الطبيعة والإنسان ، ومن غدر الزمان ، كما يحلو للمخدوع أن يتصور ولكن هذا الإنسان ، فرداً كان أو أمة ، ينسى أن المصير دائماً تحكمه اليد الإلهية العليا ، … وأن هذه اليد تسمح أن يرتفع الجبار إلى أعلى ما يتصور الخيال البشرى ، حتى يسقط سقوطاً ملحوظاً من كل البشر ، بل ومن كل التاريخ أيضاً!! .. ويكون سقوطه عظيماً !! ..كان سقوط أدوم رهيباً ، لأنه كان سقوطاً من النجوم العالية إلى الأرض أو الحضيض كما يقولون ، … وها نحن لا نعرف عن أدوم الآن شيئاً ، لقد ضاع وانتهى إلى الأبد ، وتحولت جباله وصخوره إلى مقابر رهيبة لمجده وجلاله ومتعته وتاريخه بأكمله ،.. ونحن لا نستطيع أن ننهى القصة دون أن نتعمق إلى ما هو أعظم وأكمل وأبهى ، إذ أن الدورة عادت لتصحح الوضع المقلوب ، لقد أضحى القوى ضعيفاً ، وعاد الضعيف قوياً ، وجاءت نهاية أدوم بيد يعقوب جزاءاً وفاقاً لإثمه وشره وخطيته وحقده وانتقامه ، ولذلك نقرأ : « ويكون بيت يعقوب ناراً وبيت يوسف لهيباً وبيت عيسو قشا فيشعلونهم ويأكلونهم ولا يكون باق من بيت عيسو لأن الرب تكلم » … ” عو 18 ” ونحن نسأل عن السر ، وهل هو نوع من الانتقام رد به يعقوب على عيسو فى يوم من الأيام !! .. لا نظن إذ أن الأمر أعلى وأسمى ، وليس هو مجرد صراع بين جماعات تدور بها الأيام وتلف ، بين غالب ومغلوب ، لقد أعطانا عوبديا الصورة الصحيحة الحقيقية ، إذ ختم نبوته بما يمكن أن نطلق عليه « مسك الختام » فى القول : « ويكون الملك للرب » … ” عو 21 ” وهذا يحولنا بدورنا من الأرض أو النجوم ، إلى من هو فوق الاثنين ، إلى الحاكم المطلق الأبدى الذى يضع ولا أحد يرفع ، ويرفع ولا أحد يضع !! .. ويقود التاريخ فى كل أدواره صوب النهاية المؤكدة ، التى تجعلنــــا نغنى مـــع عوبديا بكل بهجة ويقين : « ويكون الملك للرب |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 32429 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() عوبديا وشر أدوم ![]() كان الشر القاسى لأدوم ، أنه عاش بلا إله ، فهذا هو الذى وضع فاصلا بينه وبين أخيه يعقوب ، … وقد ورث أبناؤه عنه هذه السمة ، فتحولوا عن اللّه ، واستقلوا ، وعاشوا بلا إله فى العالم ، وبنوا عظمتهم على أساس الاستقلال عن اللّه ، وعندما يبنى الإنسان عشه بعيداً عن اللّه ، فإنه يبنى الكارثة لنفسه مهما كانت عظمته بين الناس!!… ولعل دراسة التاريخ فى ذلك خير شاهد على الحقيقة ، … لقد حاول الشيطان أن يبنى عظمته على أساس الاستقلال عن اللّه : « والملائكة الذين لم يحفظوا رياستهم بل تركوا مسكنهم ، حفظهم إلى دينونة اليوم العظيم بقيود أبدية تحت الظلام » ” يهوذا 6 ” وسقط آدم وحواء فى نفس التجربة إذ أرادا أن يكونا مثل اللّه ، فطردا من جنة عدن ، ليسجل التاريخ مأساة البشر الكبرى فى كل العصور ، … لقد خدعتهما الحية بالاستقلال عن اللّه ، … ورفض المسيح التجربة عندما حاول الشيطان أن يجربه بالاستقلال : … إن خررت وسجدت لى أعطيك !! .. عندما خرج قايين من حضــــرة اللّه ، إلى أرض نـــــود أو أرض البعد ، خرج إلى التيه والضياع ، والعذاب ، الذى لاحقه الحياة كلها!!.. كانت مأساة الابن الضال القاسية ، هى بعده عن بيته ، ولم يتذوق الراحة ، حتى عاد إلى بيت أبيه ، بل ما يحمل البيت من حياة وهدوء وسلام وأمن وراحة ، وتعلم ألا يستقل عن أبيه البتة !! .. وكان أدوم آثما إلى جانب ذلك بالكبرياء التى ملأت قلبه ، كان الأدومى عملاقا فى الجسد ، متحصناً وراء ما سبقت الإشارة إليه سواء فى الذهن أو الثروة أو القوة ، ومن ثم ذكر عوبديا « تكبر قلبك » أو خطية الكبرياء والتى لحقت بالكثيرين ممن حاولوا أن يبنوا عشهم بين النجوم . وهل ننسى وصف إشعياء فى الأصحاح الرابع عشر وهو يهجو ملك بابل : « كيف باد الظالم بادت المتغطرسة … الهادية من أسفل مهتزة لك لاستقبال قدومك منهضة لك الأخيلة جميع عظماء الأرض . أقامت كل ملوك الأمم عن كراسيم كلهم يجيبون ويقولون لك أ أنت أيضاً قد ضعفت نظيرنا وصرت مثلنا . أهبط إلى الهاوية فخرك رنة أعوادك تحتك تفرش الرمة وغطاؤك الدود كيف سقطت من السماء يازهرة بنت الصبح ؟ كيف قطعت إلى الأرض ياقاهر الأمم . وأنت قلت فى قلبك أصعد إلى السموات أرفع كرسى فوق كواكب اللّه وأجلس على جبل الاجتماع فى أقاصى الشمال . أصعد فوق مرتفعات السحاب . أصير مثل العلى . لكنك انحدرت إلى الهاوية إلى أسافل الجب . الذين يرونك يتطلعون إليك يتأملون فيك . أهذا هو الرجل الذى زلزل الأرض وزعزع الممالك ؟ » ” إش 14 : 4 – 16 ” وما أكثر الذين جاءوا بعد ملك بابل لينالوا المصير نفسه ، نابليون بونابارت ، وهتلر ، وموسولينى وأمثالهم كل هؤلاء الذين بنوا عشهم ، بين النجوم ، ومن هناك أحدرهم اللّه القادر على كل شئ!! ..وكان أدوم أيضاً مصاباً بنعرة الجنس ، ولم يعد يبالى بأخيه يعقوب ، بل يناصبه العداء ، وقد فقد كل عواطف الأخوة ، … وما يزال العالم إلى اليوم يعانى ، أقسى المعاناة من التعصب الجنسى ، … كان سسل رودس يقول عن الشعب البريطانى إنه أعظم شعب فى العالم ، وها نحن إلى اليوم نرى المشكلة الروديسية بين البيض والسود، وكأنما يلوم البيض اللّه لأنه خلق أجناساً سوداء اللون ، … كان فوليتر يقول : سيأتى الوقت الذى يقال مدحاً فى الآخرين : هذا فرنسى المذاق .. وقال أحد السياسيين الأمريكيين : إن اللّه لم يصنع شيئاً أو أحداً يساوى الأمريكيين ، ولا أظن أنه سيصنع!!.. وهل هناك حماقات تؤذى البشر أكثر من هذه الحماقات !! ؟ .وقد تمكنت من أدوم عاطفة من أقبح العواطف وأثرها فى الإنسان ، وهى عاطفة الشماتة فضلا عن أنها عاطفة بغيضة جداً فى نظر اللّه إذ هى تيار أسود ملئ بالحقد والضغينة وعدم المروءة ، فهى أمر غير إنسانى وقبيح ، فمن سوء الأخلاق وضعتها وانحطاط النفس ، أن نقف من تعاسات الآخرين وعجزهم وضعفهم موقف المتشفى المبتهج بهذا العجز والألم والتعاسة والضيق ! . ولم يقف أدوم عند حدود الشماتة ، بل تعدى الأمر إلى الظلم متمشيا مع التعبير الشعبى القائل : عندما تقع البقرة تكثر السكاكين ، … وعندما حدثت المأساة لشعب اللّه، فرح أدوم ، واتهمهم بكل نقيصة وشر ، ووسع دائرة الاتهام ، وألصق بهم مالم يفعلوه ، وحملهم النتائج القاسية التى وصلوا إليها .. مع أن الخصم النبيل ولا نقول الأخ ، … هو الذى لا يضرب إنساناً ساقطاً أمامه !! .. ولا يجهز على بائس مسكين يترنح من الضربات التى تكال له !! .. لكن أدوم أكمل شره بالقساوة الباغية ، فقد تربص للضعفاء الهاربين من الغزو على مفارق الطرق ليقضى على المنفلتين ، وهم فى عمق بؤسهم وضيقتهم ، بشدة ولؤم وخسة !! .. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 32430 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() عوبديا ومحاجئ الصخر
![]() ان أدوم يعيش بين محاجئ الصخور ، وقد بنى بيوتاً منحوته فى الصخر ، ولعله وهو يبنى هذه البيوت ، كان يهنئ عبقريته التى تلوذ بالحصون التى لا يمكن اقتحامها،… كان أدوم شديد الاعتداد بعقله وذكائه وحكمته ، شأنه فى ذلك شأن كل إنسان لا يعلم أن العقل البشرى ، مهما وصل فإنه أحمق وضعيف ، إذا لم يأخذ حكمته من اللّه ، … وكان عوبديا كعبد أو خادم للّه ، يرجع فى كل ما يعمل ، إلى الحكمة السماوية النازلة من السماء ! … فى أيام الثورة الفرنسية عندما أرادوا أن يلغوا الدين والعبادة ، أقاموا معبوداً دعوه « العقل البشرى » … وكانوا يقولون إن العقل هو الإله الذى ينبغى أن نعبده ، … والعقل البشرى يحاول اليوم وهو يغزو الفضاء ، أن يصنع عشه هناك بين النجوم ، إلى الدرجة التى قال فيها « جاجارين » الروسى ، وهو يسبح فى الفضاء ، إنه بحث عن اللّه هناك ولكنه لم يره ، … وهيهات له ولأمثاله أن يروا اللّه ، لا لأن اللّه غير موجود ، فهو يملأ كل مكان ، بل لأنه هو أعمى لا يستطيع أن يبصر أو على حد قول الرسول بولس : « إذ معرفة اللّه ظاهرة فيهم لأن اللّه أظهرها لهم لأن أموره غير المنظورة ترى منذ خلق العالم مدركة بالمصنوعات قدرته السرمدية ولا هوته حتى أنهم بلا عذر . لأنهم لما عرفوا اللّه لم ليمجدوه أو يشكروه كإله بل حمقوا فى أفكارهم وأظلم قلبهم الغبى » ” رو 1 : 19 – 21 ” .. وكما قضى اللّه على جا جارين ، سيقضى على كل متحصن وراء عقله ليقول له : « وإن كان عشك موضوعاً بين النجوم فمن هناك أحدرك » … ومن المعلوم أن أدوم كان يتحصن وراء شئ آخر ، ثروته المنيعة ، والمحفوظة بكيفية يستحيل على المقتحم أو المهاجم أن يصل إليها ، وهو فى محاجئ الصخر ، وما أكثر الذين يفعلون اليوم فعل أدوم ، من أمم وجماعات وأفراد ، إذ يتحصنون وراء الثروات الخرافية التى يظنون أنها تحميهم من كدارات الحياة ، أو هجمات الأيام والأزمان ، وهم يجلسون على تلال من ذهب ، لم تعد تكفيهم الألوف أو الملايين ، بل دخلوا فيما يطلق عليه البلايين والمليارات !! .. لقد بنوا أعشاشهم فوق الريح كما يقال ، ووزعوا أموالهم كاليهود فى سائر أرجاء الأرض ، … ولكن كلمة عوبديا تلاحقهم فى كل زمان ومكان : « وإن كان عشك موضوعاً بين النجوم فمن هناك أحدرك يقول الرب » … على أن محاجئ الصخر كانت عند أدوم شيئاً آخر ، إذ كانت تمثل القوة ، … فبلاده لا يسهل اقتحامها ، على أنه من المثير والغريب فى تاريخ الجنس البشرى أن القوة المادية أو العسكرية ، والتى يبنيها الإنسان لحمايته والدفاع عنه ، تتحول آخر الأمر إلى وحش غير مروض ، ويكون صاحبها فى كثير من الأوقات أول ضحاياها ، ولعله مما يدعو إلى العجب ، أن أقوى دولتين فى العالم الآن ، وهما الولايات المتحدة وروسيا الإتحادية وما تملكان من قنابل ذرية وهيدروجينيه ، هما أكثر الدول رعباً وخوفاً من الحرب ، ومن قوتها المدمرة ، … ومهما تحصن الإنسان ، ووصل إلى النجوم ليجعلها مراكز غزو فى الفضاء ، فإن كلمة عوبديا النبى تلحقه هناك : « وإن كان عشك موضوعاً بين النجوم فمن هناك أحدرك يقول الرب » .. |
||||